المسؤولية الجنائية للطبيب في التشريع المغربي والعمل القضائي. – الباحث : جرادات صهيب سمير جلال باحث في سلك الدكتوراه، في القانون الخاص في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط. اكدال.
المسؤولية الجنائية للطبيب في التشريع المغربي والعمل القضائي.
The criminal responsibility of the doctor in Moroccan legislation and judicial work.
الباحث : جرادات صهيب سمير جلال
باحث في سلك الدكتوراه، في القانون الخاص في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط. اكدال.
ملخص
تبحث هذه الدراسة في المسؤولية الجنائية للطبيب في ضوء التشريع المغربي والعمل القضائي، اعتمادا على المنهج القانوني والتحليلي والمقارن، وتدور إشكالية البحث في كون الإطار العام المنظم للمسئولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي لم يحدد طبيعة خطا الطبيب من حيث اعتبارها مقصودة أم غير مقصودة؟ وما هو نطاق المسؤولية الجنائية للأطباء في العمل القضائي؟
وحاولت الدراسة الإجابة عن الإشكالية السالفة من خل ال الحديث عن المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم غير المقصودة والجرائم المقصودة، وكذلك الحديث عن المسؤولية الجنائية للطبيب أمام القضاء وآثار المسؤولية الجنائية للطبيب.
وللدراسة أهميات عدة من بينها الوقوف على أحد اهم القضايا الماسة بجسد الانسان والمتعلقة بالأخطاء الطبية، ومن أبرز ما خلصت إليه هذه الدراسة، زيادة المخاطر والأخطاء التي يرتكبها الأطباء بإهمال أو بعدم الحيطة والحذر، ولفداحة تلك الاخطاء في بعض الاحيان، هناك ضرورة ملحة لوضع قوانين على أساسها تتم محاسبة الاطباء وكافة مقدمي الخدمات الطبية، الذين يرتكبون أخطاء طبية بإهمال.
بشكل عام، يساهم تطوير قوانين صارمة وفعالة في تعزيز سلامة المرضى وتحسين جودة الرعاية الصحية. هناك حاجة أيضًا إلى إجراءات لتدريب وتطوير الأطباء والممارسين الطبيين، بهدف زيادة الوعي بالمخاطر وتعزيز الممارسات الطبية الآمنة.
الكلمات المفتاحية: المسؤولية الجنائية، العمل القضائي، الفقه، القانون، الخطأ الطبي، الضرر، جرائم عمدية، جرائم غير عمدية، القانون المقارن، قانون العقوبات، قانون الالتزامات والعقود.
Abstact
This study examines the criminal responsibility of the doctor in the light of Moroccan legislation and judicial work, depending on the legal, analytical and comparative approach. And what is the scope of criminal responsibility of doctors in judicial work?
The study attempted to answer the aforementioned problem by talking about the doctor’s criminal responsibility for unintentional and intended crimes, as well as talking about the doctor’s criminal responsibility before the judiciary and the effects of the doctor’s criminal responsibility.
The study has many importance, including standing on one of the most important issues affecting the human body and related to medical errors, and one of the most prominent conclusions of this study is the increase in risks and errors committed by doctors with negligence or lack of caution and caution. Its basis is that doctors and all medical service providers, who negligently commit medical errors, are held accountable.
In general, the development of strict and effective laws contributes to enhancing patient safety and improving the quality of healthcare. Measures are also needed to train and develop physicians and medical practitioners, with the aim of increasing awareness of risks and promoting safe medical practices.
Keywords: criminal responsibility, judicial work, jurisprudence, law, medical error, damage, intentional crimes, unintentional crimes, comparative law, penal law, the law of obligations and contracts..
مقدمة:
لقد أثيرت المسؤولية الجنائية للأطباء منذ القدم ومازالت تثير الجدل والنقاش في مجال الفقه بشكل عام والمسائل الجنائية بشكل خاص، وكذلك على مستوى التطبيق القضائي كما كانت تعرفه الحضارات المختلفة مثل الحضارة اليونانية التي حددت أخلاقيات المهنة وقسمها المتعارف والمنسوب الى أبقراط، وأشهر ما عُرف عن هذا القسم أنه يمثل التزامًا أخلاقيًا أكثر من كونه واجب قانوني[1].
أما بالنسبة للرومان، فقد عرفوا المسئولية الطبية بشكليها المدني والجنائي، لذلك يسأل الطبيب أو الجراح مدنيًا وفقًا لقانون “أكويليا” عن الأضرار التي تسبب بها للآخرين بسبب عمله أو نتيجة له. وكذلك عن الخطأ أو الإهمال مهما كانت درجة هذا الخطأ، حيث يسأل جنائياً عن عمله وفق قانون “كور نيليا” الصادر عام 81 قبل الميلاد، بشرط أن يكون الفعل قد تم عمداً[2].
وفي نفس السياق، اهتمت جميع القوانين والأديان بالمسؤولية الجنائية للطبيب، حيث تباينت العقوبات بين التمايز والصرامة والمرونة، حتى استقرت على المساواة والعدالة في المساءلة والتوبيخ قانونيا في مختلف الأنظمة المقارنة الحديثة. وهذا دفع هذا المشرع المغربي إلى الاقتداء بنظرائه في التشريع الأنجلو ساكسوني وفي التشريعات اللاتينية، وخاصة التشريع الفرنسي.
وبالتالي، فإن وجود المسؤولية الجنائية أو عدم وجودها يتأرجح بين ما هو قانوني – والذي يتضمن نصوص تشريعية عامة وقوانين خاصة بمهنة الطب – وما هو موضوعي ويتضمن مجموعة من المبادئ المعترف بها في الإطار القضائي. مما يتطلب التدقيق في كل محاولة للتوفيق بين قناعة الطبيب في حال مخالفته للنصوص القانونية العامة والخاصة، وتبرئته إذا كان يحترم المبادئ المتفق عليها طبياً.
وفي هذا الإطار فإن التشريع الجنائي المغربي، يسند أساس المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية إلى نصوص منفصلة ينظمها التشريع المغربي في الفصول التالية: (431-432)، والذي يعتبر القانون الأم الشامل على جميع أنواع الأخطاء سواء كانت مدنية أو جنائية، ثم الفصول التالية: 451-446 و248 التي جاءت في مجملها متعلقة بالأفعال الإجرامية للطبيب: مثل القتل، الجرح العرضي، الإجهاض، إفشاء السر المهني. ثم رشوة الطبيب، وتزوير الشهادات، والحلف باليمين، ثم جريمة الامتناع عن تقديم المساعدة.
كما تستند المسؤولية الجنائية للطبيب إلى المرسوم الملكي الذي ينظم ممارسة مهن الأطباء والصيادلة وجراحي الأسنان وعلماء العقاقير لعام 1960، وكذلك القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتشغيل مؤسسات السجون. والذي يحدد في الفصل الثامن الخدمات الصحية والخدمات الصحية ومهام أطباء السجن.
وتدور إشكالية البحث في كون الإطار العام المنظم للمسئولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي لم يحدد طبيعة خطا الطبيب من حيث اعتبارها مقصودة أم غير مقصودة؟ وما هو نطاق المسؤولية الجنائية للأطباء في العمل القضائي؟
سنتناول في هذه الدراسة بالاعتماد على المنهج القانوني والمنهج التحليلي، إذا تعلق الأمر بالنصوص والأحكام والقرارات والمراسيم والظهائر سواء كانت قانونية أو قضائية، بالإضافة إلى المنهج المقارن الذي يفرض نفسه بقوة من خلال مقارنة مسؤولية الطبيب في المغرب مع التشريعات المقارنة.
ويتناول الباحث موضوع المسؤولية الجنائية للطبيب بناء على تحديد أسسها والحد من تجلياتها في التشريع الجنائي والقضائي المغربي من خلال قسمين رئيسيين، بحيث يركز الأول منه على المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم غير المقصودة والجرائم المقصودة، والثاني للحديث عن المسؤولية الجنائية للطبيب أمام القضاء وآثار المسؤولية الجنائية للطبيب.
وعليه يمكن تقسيم الدراسة على النحو التالي:
المبحث الأول: المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم العمدية وغير المقصودة.
المبحث الثاني: نطاق المسؤولية الجنائية للأطباء في العمل القضائي.
المبحث الأول: المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم العمدية وغير المقصودة.
إذا كان الهدف من ممارسة مهنة الطب هو علاج المريض، بالمعنى الواسع للعلاج، أو علاج المرض، أو التحكم في شدته، أو مجرد تخفيف آلامه، فإن القانون والواقع يتطلبان من الطبيب التعامل في مجال عمله بكل ما يتطلبه الضمير الإنساني، من النزاهة في العمل والالتزام بحسن نية، استجابة لقسم أبقراط الذي يؤديه الطبيب قبل التخرج لممارسة المهنة، ولعل أهم الجرائم التي يتحملها الطبيب جنائياً والتي ارتكبت عمدا، أي عن علم، وإرادته، وتوجيه السلوك الطبي لتحقيق النتيجة الجنائية يظل خاضعا للقواعد التقليدية المنصوص عليها في القانون الجنائي.
يستند أساس المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية في التشريع الجنائي المغربي إلى نصوص منفصلة ينظمها المشرع المغربي في الفصول التالية: (431-432) التي تضمن جميع أنواع الأخطاء الطبية. سواء على المستوى المدني أو الجنائي، ثم الفصول: 451-446 و248، فهي في مجملها أبواب تتعلق بالأفعال الإجرامية التالية للطبيب: القتل والجرح العرضي، والإجهاض، وإفشاء الأسرار المهنية، ثم رشوة الطبيب. وتزوير الشهادات، والحنث باليمين، ثم جريمة رفض تقديم المساعدة.
وبناءً على ذلك، سنحاول دراسة مسؤولية الطبيب الجنائية عن الجرائم غير المقصودة من خلال فحص عناصر المسؤولية الجنائية للطبيب (الخطأ، والضرر، والعلاقة السببية) والمسؤولية الجنائية للطبيب عن الأخطاء الطبية التي يخضع الطبيب عنها للمساءلة الجنائية. يتعلق الأمر بتشخيص خاطئ، خطأ في مرحلة العلاج أو أثناء العملية (المطلب الأول)، بينما سنتطرق إلى الجرائم التي يكون الطبيب مسؤولاً عنها جنائياً والتي يتم ارتكابها عمداً وتتعلق بها. الجرائم التقليدية والجرائم الحديثة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم غير المقصودة.
إن الحديث عن المسئولية الجنائية للطبيب عن الجرائم غير المقصودة يتعلق بتعريف عناصر هذه المسئولية (الفقرة الأولى)، والصور التي يخضع فيها الطبيب للمساءلة الجنائية وهي مرتبطة بالخطأ في التشخيص. والخطأ في مرحلة العلاج أو أثناء العملية (فقرة ثانية) من جانب الآخر.
الفقرة الأولى: عناصر المسؤولية الجنائية للطبيب.
لكي يتحمل الطبيب المسؤولية الجنائية، يجب أن تكون هناك عناصر لهذه المسؤولية الجنائية. والمتمثلة في: أولاً: الخطأ، ثانياً: الضرر، وثالثاً: العلاقة السببية.
أولاً: الخطأ:
على الرغم أن المشرع المغربي لم يعرّف الخطأ الطبي، إلا أنه يمكن استنتاج الخطأ الطبي وتحديده بما نصت عليه القواعد العامة في القانون الجنائي من الأخطاء الطبية. من خلال فحص القوانين الطبية المتعلقة بالمهنة، لم نجد معنى محددًا للخطأ الطبي.
هذا دفع بالفقه لتعريف مفهوم الخطأ الطبي، على وجه الخصوص، من خلال محاولة شمول فكرة الخطأ الطبي، حيث يرى بول مونزين Paul Monzein أنه يعتبر خطأ طبيًا: “كل عمل يقوم به الطبيب، سواء كان يأخذ شكل من الإهمال أو عدم التبصر أو عدم الاحتراز مما يدل على جهل واضح ومؤكد بواجباته “. المهنية، مع الأخذ في الاعتبار أن – الأمر الزجري أو المحاكم المدنية – لا تعاقب هذه الصورة من الخطأ إلا إذا كانت في حد ذاتها لا تتفق مع البيانات الحالية للعلوم الطبية[3].
يتجلى الخطأ الطبي في حقيقة أنه فشل في سلوك الطبيب، فهو سلوك لا يمكن أن يصدر عن طبيب موجود في نفس الظروف الخارجية التي أحاطت بالطبيب المسؤول، بمعنى آخر، هو مخالفة الطبيب للقواعد والمبادئ المتبعة في مهنة الطب[4].
إن تعريف الخطأ الطبي أمر دقيق للغاية وعسير الحل، لأن الطب مهنة نبيلة تتربع على هرم حماية ممارس المهنة بدلاً من محاسبته وسجنه، لأنه في النهاية لا يتدخل في. جسم المريض إلا بحسن النية.
وعليه سنتناول هذه الفقرة من خلال نقطتين، الأولى في إطار تحديد معيار تقدير الخطأ الطبي، والثانية تتعلق بأشكال الخطأ الطبي.
- معيار تقدير الخطأ الطبي: الخطأ الطبي مبني على معيارين أجراهما الفقه والقضاء معيار شخصي يرى أنصاره أنه يتحدد في نطاق شخص الفاعل، أي الطبيب وظروفه الخاصة، ومعيار موضوعي. ويتجسد بقياس سلوك الطبيب مع زميله مهنيا من حيث الدرجة والتخصص[5].
- المعيار الشخصي: هو معيار يهتم بتقييم ما يجب على الطبيب المخالف القيام به في الظروف التي واجهها، سواء كانت ظروفًا خارجية أو داخلية. يقوم هذا المعيار بمقارنة الخطأ الذي ارتكبه الطبيب بالسلوك العادي أو المألوف الذي يتوقع من الأطباء في ظل تلك الظروف.[6] أو في نفس ظروف العمل العادية.. إذا تبين أنه أخل بواجباته المهنية فيما كان يفعله تجاه المريض، ونتيجة لذلك فإنه يتحمل المسؤولية في نطاق المسؤولية الطبية بشكل عام والمسؤولية الجنائية عن الخطأ الطبي الذي تسبب فيه الآخرون بشكل خاص[7].
وعلى الرغم من وضوح هذا المعيار، إلا أنه وجد صعوبة في تطبيقه، حيث يتطلب ذلك دراسة شاملة لشخصية الطبيب الذي ارتكب الخطأ، وظروفه الخاصة، وحالته العقلية والاجتماعية والصحية، وكذلك الظروف المتعلقة به. جنسه وعمره، وتطبيقه سيؤدي إلى مسؤولية الطبيب الجنائية لتبني مجموعة من الاعتبارات الشخصية.
- المعيار الموضوعي: المعيار الموضوعي أقرب ما يمكن إلى المعيار الذاتي. إذا كانت أوجه التشابه بين المعيارين تتوافق مع الظروف الخارجية والداخلية للمريض وما يجب على الطبيب القيام به في الوقت المناسب، فإن المعيار الموضوعي فريد من نوعه في تقدير الخطأ الطبي من خلال سلوك الطبيب العادي بحذر واهتمام. في نفس الظروف الزمانية والمكانية وبنفس الوسائل[8]. أي أن المساءلة الجنائية للطبيب عن خطأه الطبي تستند إلى تقييمها من خلال مراعاة الظروف التي أحاطت بالطبيب العادي عندما بدأ عمله الطبي، مقاسة على أساس عمل طبيب من فئته مع متوسط الحذر.
ب: صور الخطأ الطبي: هذه الصور مقسمة حسب الترتيب المنصوص عليه في الفصلين 432 و433 من قانون العقوبات المغربي إلى أربع صور وهي:
- الافتقار إلى البصيرة: يشار إليها في التشريع العربي المقارن بمصطلح الرعونة. هو شكل من أشكال الخطأ الجنائي، يقابل عبارة “Maladresse” المذكورة في النص الفرنسي المادة 319 من القانون الجنائي الفرنسي، ويعني في الأصل غياب البراعة أو الدراية ونقص المهارة، في حين أن عبارة “عدم التبصر” تعني في الواقع الخفة والتهور[9].
إذا كان سلوك الشخص تجاه موقف معين يتطلب منه أن يكون حريصًا ومدروسًا وحذرًا من خلال تقدير نتائج ذلك السلوك، فإننا نجد الجاني في حالة من التهور عند الخطر الأول الذي يخطر بباله دون أن ندرك ذلك التقدير. على سبيل المثال، يقوم الطبيب بإجراء عملية جراحية دون مساعدة طبيب متخصص في التخدير، أو يخلط بين الأمعاء والحبل السري، أو يخطئ في التركيز على المبادئ الأساسية للتشريح، أو يتسبب في قطع الشرايين في عملية جراحية دون ربطها بالشكل الذي تقتضيه المبادئ العلمية.
- قلة الحيطة: هي صورة متقاربة ومتداخلة مع “قلة البصيرة”. والمقصود بها: حالة قيام الطبيب بعمل طبي خطير، وإدراكه لخطره، وتوقع آثاره المحتملة، دون اتخاذ الاحتياطات التي تمنع حدوث هذه الآثار، أو إذا كان ذلك إجراءً وجب القيام شخصيًا من قبل الطبيب وامتنع عن ذلك. ويظهر الخطأ في نشاط إيجابي يتسم بقلة الحذر والنظر في الحقائق[10].
- الإهمال وعدم الانتباه: يعني الإهمال أو الغفلة أن الجاني يتخذ موقفاً سلبياً ولا يأخذ واجبات الحيطة التي من شأنها أن تمنع وقوع المحصلة الجنائية، وقد يحدث الإهمال بالترك أو الامتناع. كما يمكن أن يتحقق عندما يدرك الجاني ما يترتب على سلوكه من مخاطر، ومع ذلك لا يتخذ الاحتياطات اللازمة لتفاديها. ومن الأمثلة على ذلك الطبيب الذي أشرف على علاج المرأة بعد الولادة، ورغم أن حالتها كانت خطيرة إلا أنه لم يتخذ أي إجراء مثمر لإنقاذها … مما تسبب في وفاتها بعد إصابتها بحمى النفاس[11].
- عدم الالتزام باللوائح والقوانين: يعتبر انتهاك القوانين والأنظمة شكلاً مستقلاً من أشكال الخطأ، والتحقق منه كافٍ في وجود أحد أشكال الخطأ الأخرى. في القوانين أو اللوائح أو القرارات أو الأنظمة الموضوعية التي تهدف إلى حماية الأرواح وتقليل حدوث الأعمال الخطرة التي تؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين بسبب انتهاكها، حتى لو كان الأمر لا ينطوي على إهمال أو تهور أو احتراز.
على سبيل المثال، في القانون رقم 10.94 المتعلق بممارسة الطب نجد الفصل 20 المتعلق بحالة ممارسة المهن، أو ممارسة العمل دون توافر شرط الإذن، ويعرض الطبيب إلى العقوبات التأديبية المهنية.
وكذلك ما ورد في المادة 54 من القانون ذاته، لا يجوز لأي شخص أن يكون طبيباً وطبيباً مشرفاً أو طبيباً معالجاً وطبيباً خبيراً بالنسبة لمريض واحد.
هذه بعض أشكال مخالفة الأنظمة في القانون المتعلقة بممارسة الطب وغيرها الكثير في باقي القوانين الطبية والقوانين الخاصة.
ثانيًا: الضرر والعلاقة السببية
إذا كانت العقوبة في الجرائم العمدية لا تعتمد بالضرورة على تحقيق الضرر، لأن القصد الإجرامي في هذا النوع هو الركن الأساسي لفرض العقوبة، فعلى العكس، في الجرائم غير العمدية أو المعصية، فلا مكان للعقاب. مهما كان خطأ الجراح أو الخطر الذي قد يكون. وينتج هذا الخطأ إلا إذا أدى إلى نتيجة ضارة، ولا عقاب على الشروع في هذه الجرائم التي يكون الاعتبار الأساسي فيها تحقيق النتيجة الضارة.
أ: الضرر الطبي وشروطه الفصول 432-433 من القانون الجنائي المغربي
الضرر هو الركن الثاني للمسؤولية المدنية، ولا يمكن تصور وجود المسؤولية دون ضرر، لذلك إذا كان الضرر غير موجود، فلا تقبل المطالبة بالمسؤولية. المنفعة القانونية هي لصالح المجني عليه والمتضرر من خطأ الطبيب في جريمة طبية، وللضرر شكلين: الضرر المادي الذي يصيب الإنسان في جسده، والمال، والشرف والعواطف، والضرر المعنوي – المعنوي الذي يتسبب في آلام نفسية وجسدية للإنسان، المنصوص عليها في المادتين 77 و78 من قانون الالتزامات والعقود المغربي[12].
لا يعتبر الضرر سببا للتعويض المدني والعقوبة الجنائية ما لم تتوافر الشروط التالية:
- يجب أن يكون الضرر حقيقيًا وفوريًا (كما يتضح من نص المادة 108 من القانون الجنائي المغربي والفصل 98 من قانون الالتزامات والعقود المغربي).[13]
- يجب أن يكون الضرر شخصيًا ومباشرًا (المادة 7 من قانون الإجراءات الجنائية، المادة 108 من قانون العقوبات المغربي)[14].
ب: العلاقة السببية بين الخطأ والضرر في المجال الطبي.
وكغيره من التشريعات، لم يتطرق المشرع المغربي إلى موضوع السببية، لكن الرأي السائد في الفقه كان يناقشها ضمن أركان الركن المادي للجريمة كحلقة تجمع بين طرفيها، النشاط والنتيجة، حيث أنها تشكل عنصرا من عناصر كيان مستقل في جرائم النتيجة، مع وجود دليل على وجوب الحكم بالإدانة. لا يمكن القول إن الطبيب مسؤول جنائياً ما لم تكن هناك علاقة سببية بين خطأ الطبيب والضرر. والتي تعتبر الصلة بين الفعل والنتيجة، والتي من شأنها أن تثبت أن ارتكاب الفعل هو ما أدى إلى حدوث النتيجة، وبالتالي فإن غياب العلاقة السببية يؤدي إلى غياب المسؤولية عنها.
1– معايير السببية في الجرائم الطبية.
يمكن تصنيف الاتجاهات الفقهية السائدة التي درست السببية، في حالة تعددها، إلى ثلاث اتجاهات رئيسية:
- الاتجاه السببي المناسب[15]: تتبنى هذه النظرية أن الشخص المخالف غير مسؤول عن النتيجة ما لم يكن نشاطه هو السبب القوي أو الأساسي الذي أدى إلى النتيجة ومرتبط بها بشكل مباشر.
- اتجاه السببية المناسبة أو السببية المنتجة[16]: وفقًا لهذه النظرية، يعتبر العامل الذي يؤدي عادةً إلى النتيجة فقط سببًا. أما الأسباب العرضية فلا تعتبر سبباً من الناحية القانونية. إذا تم ذلك، فإن مرض الضحية قبل النشاط الإجرامي هو سبب عرضي ليس كذلك. إنكار العلاقة السببية بين النشاط الإجرامي والنتيجة، أي أن نشاط الجاني يعتبر سببًا للنتيجة إذا كان من المحتمل أن يؤدي وفق التسلسل المألوف للأحداث في الحياة العامة.
- اتجاه المساواة أو المساواة في الأسباب: قيل لأول مرة من قبل الفقيه الألماني فون بوري في نهاية القرن التاسع عشر، وهذه النظرية تعطي الأهمية نفسها من وجهة نظر قانونية لجميع العوامل أو الأسباب التي ساهمت في ذلك لأحداث النتيجة. بمعنى أن كل من يأتي إلى نشاط ما هو من الأسباب والعوامل التي ساهمت في حدوث النتيجة، لكنه يتحمل المسؤولية الجنائية الكاملة عن النتيجة.
2-خصائص العلاقة السببية حسب التشريع.
- ضرورة أن تكون العلاقة السببية مباشرة، الفصلين 77 و78 من قانون الالتزامات والعقود المغربي[17].
- أن العلاقة السببية يجب أن تنشأ، وهذا يعني أن إثبات العلاقة السببية هو مسؤولية المدعي بناءً على متطلبات الفصل 399 من قانون الالتزامات والعقود، والتي تنص على ما يلي: “إثبات التزام المدعي”.
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية للطبيب عن الأخطاء الطبية
حيث يخضع الطبيب للمساءلة الجنائية نتيجة الخطأ في التشخيص، والخطأ في مرحلة العلاج أو أثناء العملية.
أولاً: الخطأ الطبي في التشخيص: التشخيص هو فن معرفة واكتشاف مرض معين بأبعاده المتعلقة به، وهو نشاط يمارسه جميع الأطباء بغض النظر عن تخصصاتهم المهنية، ويشمل التشخيص الإجراء الطبي الأول الذي يستخدمه الطبيب. لمواجهة المرض من أجل التعرف عليه وتوضيحه بعد إجراء الفحص. يُعرَّف التشخيص بأنه ذلك الجزء من العمل الطبي الذي يهدف إلى التعرف على المرض ووضعه في الإطار المحدد.
يجد التشخيص أساسه القانوني في التشريع المغربي، بناءً على المادة 30 من مدونة السلوك الطبي
بشكل عام، يرتكز مبدأ التزام الطبيب في مرحلة التشخيص على الحالات التالية:
1- يستجوب الطبيب إذا أخطأ بشكل واضح في التشخيص بشكل يدل على جهل واضح بأصول المهنة وتقنية الفن الطبي.
2- إذا لم يستخدم الأساليب العلمية الحديثة المتفق عليها وفي حدود توافرها وإذا كانت الحالة الصحية للمريض تسمح له بتحمل هذه الآلات.
3- إذا استخدم آلات مهجورة قد تسبب المرض.
4- إذا لم يستشر زملائه الأكثر تخصصاً في حالات استثنائية تتطلب ذلك، خاصة إذا طلب منه المريض أو أسرته ذلك.
ثانياً: الخطأ الطبي في العلاج: من أصول الفقه والقضاء أن للطبيب الحرية في اختيار طريقة العلاج التي يراها مناسبة ومصلحة المريض. يقيد ذلك مصلحة المريض وما تقتضيه اللوائح والقوانين المنظمة لمهنة الطب وكذلك تنظيم استخدام المواد السامة والمخدرة.
ثالثًا: خطأ طبي في الجراحة والتخدير: لا شك أن الجراحة قد وفرت للبشرية الكثير، لكنها تنطوي على الكثير من الخطورة، فلا يجوز البت فيها إلا بعد تفكير متأني، خاصة في حال وجودها. عملية جراحية تجرى في مكان خطير مثل جراحات القلب والكلى ونقل الأعضاء …. وغالبا ما تستخدم الجراحة لإنقاذ شخص لم ينجح العلاج غير الجراحي له، التخدير، وبفضل التخدير تمكن الجراحون من إجراء التدخلات الجراحية بقدر كبير من الثقة والتعقيد، وبغض النظر عن المدة التي استغرقتها.[18]
وفي هذا السياق فالمطلوب لدحض وسائل الإثبات في مجال الجراحة والتخدير للحيلولة دون المسئولية الجنائية عن هذا النوع من التخصص طلب عدة التزامات قبل العملية وأثناءها وبعدها:
1- يجب إجراء الفحص العام والأشعة السينية.
2-التحوط للعملية الجراحية بإحضار طبيب متخصص في التخدير للتدخل قبل الجراحة وتخدير المريض بعد فحصه، والاستمرار في مراقبته أثناء العملية والتأكد من إيقاظ المريض بعد الانتهاء من الجراحة.
3- اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة بشأن الجراحة والتخدير داخل غرفة العمليات.
4- عدم الوقوع في خطأ جسيم أثناء عملية ردم الجروح وغلقها.
5- متابعة المريض بعد العملية حتى سلامته.
المطلب الثاني: المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم العمدية
إن أهم الجرائم التي يكون الطبيب مسؤولاً عنها جنائياً والتي ترتكب عمداً أي عن علم وإرادة وتوجيه السلوك الطبي لتحقيق النتيجة الجنائية تبقى خاضعة للقواعد التقليدية المنصوص عليها في قانون العقوبات المتعلقة بالجرائم التقليدية والجرائم الحديثة.
الفقرة الأولى: المسؤولية الجنائية للطبيب عن الجرائم التقليدية
يستند أساس المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية في التشريع الجنائي المغربي إلى نصوص منفصلة ينظمها المشرع المغربي في الفصول التالية: (431-432) من القانون الجنائي، والتي تحتوي على جميع أنواع الأخطاء الطبية. سواء على المستوى المدني أو الجنائي، ثم الفصول: 451-446 و248 في مجملها فصول تتعلق بالأفعال الإجرامية التالية للطبيب: القتل، الجرح العرضي، الإجهاض، إفشاء سر مهني (أولاً) ثم رشوة الطبيب وتزوير الشهادات وشهادة الزور وجريمة الامتناع عن تقديم المساعدة (ثانياً).
أولاً: جرائم القتل والإصابات العرضية والإجهاض وإفشاء الأسرار المهنية
- جريمة القتل والإصابات العرضية: بالإشارة إلى مقتضيات القانون الجنائي المغربي، نجد أن المشرع في الفصلين (432 و433) المنظمين لجرائم القتل والجرح العرضي، لم يذكر الأطباء والجراحين بشكل مباشر، وينطبق نطاق هذين الفصلين على الجميع دون استثناء. مع قلة البصيرة وقلة الحيطة وقلة الانتباه أو الإهمال ثم عدم مراعاة الأنظمة والقوانين، يخضع وفق القانون للأحكام والقواعد التي تمت صياغتها في إطار الفصلين السابقين. ثبوت جريمة القتل الخطا او الإصابة العرضية[19]. القتل العمد فبالرغم من أن المشرع الجنائي لم يشر إلى طائفة الأطباء في الفصلين المذكورين إلى أن مقتضياتهما تنطبق عليهم في كل الحالات التي تثبت فيها جريمة القتل الخطأ أو الجرح الخطأ.
- جريمة الإجهاض: الإجهاض جريمة مقصودة تمس نظام الأسرة وحق الجنين في الحياة، وقد يواجه الطبيب بحكم طبيعة عمله مواقف تتطلب منه الخضوع للإجهاض، وهي حالات مختلفة. وقد خصها المشرع المغربي بعشرة فصول من قانون العقوبات من 449 إلى 458، وجاء المشرع المغربي بعقوبات تختلف باختلاف كل حالة إجهاض على حدة، حيث اعتبرها جنحة في الفصل 449، وشدد العقوبة عليها حسب الشروط المنصوص عليها في الفصل 450 من ذات القانون في حالة العود[20].
- إفشاء السر المهني: السر المهني الذي يشكل جوهر هذا الالتزام يقصد به كل ما يعرفه الطبيب أو يكتشفه عن المريض من أسرار تتعلق بالأخير ويفشيها للآخرين[21].
عاقب المشرع المغربي إفشاء الأسرار المهنية من الأطباء والجراحين والمشرفين الصحيين وكذلك الصيادلة والقابلات، وكذلك جميع الأشخاص المرتبطين بالنظام الطبي، والغرض من ذلك هو ضمان ثقة المرضى في الأطباء والجراحين. وحمايتهم من التشهير بأسرار أمراضهم التي يجب الوثوق بها. كما عاقب الفصل 446 من قانون العقوبات هذه الجريمة بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من ألف درهم إلى مائة وعشرين ألف درهم. لارتكاب جريمة إفشاء السر المهني، يجب أن تتحقق أربع ركائز[22]:
– الركن الأول: فعل الإفشاء.
– الركن الثاني: أن ما تم الكشف عنه سر.
– الركن الثالث: أن يكون الإفشاء من طبيب أو من في حكمه.
– الركن الرابع: النية الإجرامية.
وتعتبر جريمة إفشاء السر المهني جريمة عمدية تقوم على النية الإجرامية بعنصريها: العلم والإرادة وعلم الطبيب أن الحادث له صفة سرية، وأن هذا السر له طبيعة مهنية، وأن المريض غير راضٍ مع إفشاء هذا السر، ثم توجيه إرادته إلى فعل الإفشاء والنتيجة التي ترتبت عليه، وهي معرفة سر المريض من قبل الآخرين، ولكن هناك بعض الحالات الاستثنائية التي يجوز فيها إفشاء سر مهني، ويتعلق الأمر بالحالات التالية:
1- التبليغ عن الجرائم (طبقاً للمادة 446 ق. ج).
2- التبليغ عن أمراض ذات طبيعة اجتماعية أو معدية أو وبائية.
3- التبليغ عن أمراض المهنة وإصابات العمل: ما نصت عليه المادة 9 من الظهير الشريف تاريخ 31/5/1943 المتعلق بأمراض المهنة المعدل بالظهير الشريف الصادر في 29/9/1952.
4- التبليغ بالمواليد والوفيات: المواد 22-45-48 من الظهير الشريف الصادر في 4/9/1915 المتعلقة بنظام الأحوال المدنية الذي تم تعديله بالظهير الشريف الصادر بتاريخ 2/9/1931 والمادة 468 من قانون القانون الجنائي.
5- التبليغ عن المصابين بأمراض عقلية: طلبها المشرع المغربي بموجب المرسوم الملكي رقم 1.58.2.95 الصادر في 15 مايو 1959 المتعلق بالوقاية من الأمراض العقلية وعلاجها.
6- الشهادة أمام القضاء.
7– عمل الخبير: يلتزم بإبلاغ القاضي الذي كلفه بكل ما يراه، ولكن بشرط أن يتضمن تقريره فقط العناصر التي طلب منه إجراء خبره عليها.
8– رضا صاحب السر.
9– حالة الضرورة.
10- التأمين على الحياة.
ثانياً- تزوير الشهادات والحلف باليمين زورا، والامتناع عن تقديم المساعدة ورشوة الطبيب[23].
أشار القانون الجنائي المغربي إلى قضية تزوير الشهادات، ومسألة رفض تقديم المساعدة، وكذلك قضية رشوة الطبيب:
أ- تزوير الشهادات الطبية (المادة 364 من قانون العقوبات).
ب- شهادة زور لطبيب أو جراح (المادة 375 من قانون العقوبات).
ج- الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر، المادة 431 من قانون العقوبات
وفي المقابل فإن هناك عدد من الحالات التي يجد فيها الطبيب مبررًا للتخلي عن علاج المريض، وهي:
-يتجاهل المريض اتباع تعليمات الطبيب أو يتعمد عدم اتباعها.
-مساعدة المريض من طبيب آخر ، مخفية عن الطبيب المعالج له.
-رفض المريض دفع أتعاب الطبيب في موعدها.
– رشوة طبيب او جراح المادة 248 من قانون العقوبات.
الفقرة الثانية: الجرائم الطبية الحديثة.
كشفت السنوات القليلة الماضية عن تطور علمي كبير تجاوز قرون مضت، وهو التكنولوجيا الحيوية واستخداماتها المختلفة، خاصة وأن القضايا المتعددة التي أنتجتها التكنولوجيا الحيوية في مجال الطب الحيوي، وخاصة في مجال الجينات والهندسة الوراثية، أدت إلى طرح مشاكل كبرى التي تثير الكثير من الجدل القانوني والشرعي.
إن من ضمن الاكتشافات الأكثر إثارة هو جزيء الحمض النووي DNA وتركيبته الهيكلية، حيث دفعت النتائج المحققة والإمكانيات في مجالات التكنولوجيا الحيوية والتدخل في الجينات البشرية على جميع المستويات القانونية إلى التسرع في معالجة هذه التطورات، ووضع قواعد ملزمة في هذا المجال.؛ حتى لا يترك الحرية كاملة للعلماء والمختصين للقيام بالتجارب والبحث العلمي دون أيه قيود وقواعد ضابطة لهذه العملية
وفيما يتعلق بالمسئولية الجنائية لعمليات الاستنساخ، فهناك تباين المواقف في مختلف التشريعات الدولية، حيث حظر بعضها الاستنساخ بشكل مطلق، وأجاز البعض الآخر استنساخ الأجنة البشرية لأغراض طبية، فشرعت إنجلترا الاستنساخ البشري، في حين أن بروتوكول المجلس الأوروبي ينص على حظر الاستنساخ.[24]
أما بالنسبة للموقف في فرنسا، فقد كان أكثر وضوحًا وحزمًا في التعامل مع هذه التكنولوجيا في القانون الصادر عام 1994، وأضيفت المادة 25 من القانون 800 الصادر في 6 أغسطس 2004 فقرة جديدة إلى المادة 16/4 من القانون المدني الفرنسي، حيث تحظر تلك المادة أي تدخل يهدف إلى إنجاب طفل متطابق وراثيا مع شخص آخر حيا أو ميتا. كما كان هناك تباين في العقوبات التي نص عليها القانون الفرنسي في هذا الصدد[25][26].
على الصعيد المغربي، تدخل المشرع المغربي بموجب المرسوم رقم 1/99/208 الصادر في 13 جمادى الأول 1420 رقم 96/16 المتعلق بالتبرع وأخذ وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية والمنشور في الجريدة الرسمية في 16 سبتمبر 1999، والذي تناول الأحكام العامة والخاصة لنقل الأعضاء البشرية مع الإشارة إلى أهم الشروط التي يجب توافرها. حيث نصت في مجموعة مواد من القانون رقم 16/98 على عدت أفعال اعتبر ارتكابها جريمة اتجار بالبشر والأعضاء البشرية، ومن بين هذه الاشتراطات القانونية المنصوص عليها في الفصول من 30 إلى 47 من هذا القانون ما يلي:
الشروط الموضوعية لنقل الأعضاء البشرية.
- أن يكون الغرض من نقل أو زرع الأعضاء علاجي أو علمي.
- ضرورة شرط الرضا.
- التبرع بالمجان.
- مكان إجراء عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية، ويحدد بنص تنظيمي وفق المادة السادسة من هذا القانون.
- هوية الأحزاب.
- يتعلق بمخاطر الجراحة.
بعد استيفاء جميع الشروط التي سبق أن تطرقنا إليها في فقرتنا السابقة، حتى يتمكن الشخص من التبرع بأحد أعضائه، يجب عليه اتباع الإجراء المنصوص عليه من قبل المشرع المغربي في المادة 10 من القانون 16 / 98.
المبحث الثاني: نطاق المسؤولية الجنائية للأطباء في العمل القضائي.
إذا كان للمهنة دور مهم في تحديد الالتزامات التي تثقل كاهل الطبيب في علاقته بعملائه أو زبائنه، فإنها تلعب دورًا بارزًا في مجال المسؤولية وتحديد نطاقها، وقد حدد المشرع المغربي الجرائم التي يرتكبها الطبيب ويمكن أن تستتبع مسؤوليته الجنائية، لكنه لم ينظم هذه الجرائم في قانون موحد، بحيث نجد بعضها وارد في القانون الجنائي والبعض الآخر مبعثر في القوانين الخاصة. ربما يكون أول ما يلفت الانتباه إلى نظامنا الجنائي هو تشتت النصوص والمتطلبات الجنائية في العديد من القوانين الخاصة، بطريقة تجعل من الصعب – عمليًا – عرضها والعثور عليها بسهولة ويسر.
لذلك، كمحاولة من جانبنا لمعالجة “نطاق الجرائم الطبية للطبيب، سنتطرق في هذا الموضوع الى العمل القضائي لصور الخطأ الطبي ” في المطلب الأول. ثم ننتقل في المطلب الثاني للحديث عن آثار المسؤولية الطبية الجنائية على الطبيب
المطلب الأول: التطبيقات القضائية لصور الخطأ الطبي.
ربما يكون المرجع الرئيسي الذي يعتمد عليه في غياب تعريف دقيق لمفهوم معين في قانون معين هو الشريعة العامة لقوانين الشكل أو الموضوع، وما دمنا في حدود الجزء الموضوعي للقانون الجنائي المغربي ونحن في صدد دراسة أشكال الخطأ الطبي المستمدة من مفهوم الخطأ بشكل عام، ولاحظنا انه لم يتطرق التشريع إلى بيانه مما دفع القضاء إلى الرجوع إلى القواعد العامة. في المسؤولية الجنائية للأطباء، أسوة بسائر المهن كالمهندسين والصيادلة، لعدم وجود نصوص صريحة في هذا الجانب، مثل الفصلين 432و433 اللذين يشكلان نصًا عامًا ينطبق على الطبيب كما ينطبق على آخرون.
من أجل تسليط الضوء على أشكال الخطأ الطبي، سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين رئيسيتين، بحيث نركز في الفقرة الأولى على التطبيقات القضائية لأشكال الخطأ الطبي في القانون الجنائي المغربي، بينما سنتعامل في الفقرة الثانية مع التطبيقات القضائية لأشكال الخطأ الطبي المادي التقني.
الفقرة الأولى: التطبيقات القضائية لأشكال الخطأ الطبي في القانون الجنائي المغربي.
إن تحميل الطبيب المسؤولية عن أحد أشكال الخطأ المنصوص عليها في الفصلين 432 و433 من قانون العقوبات المغربي يتطلب من الطبيب توخي الحذر، وإلا يصبح مسؤولاً في وجه مريضه أمام محكمة الجنايات. التي لن تنحرف عن تطبيق قواعد الخطأ غير المتعمد في حال ثبوت القصد الجنائي للطبيب في عدم امتثاله والقيام بما هو ضروري، واتخاذ كافة الاحتياطات الواقعية والمادية والمهنية لدحض ما يوجهه، سواء من قبل النيابة العامة في إطار إقامة الدعوى العامة، أو من قبل ضحية عمله الطبي الجنائي أو المدني في إطار الدعوى العامة أو الدعوى المدنية التبعية وأيضًا في إطار أحكام المسؤولية المدنية أمام المحاكم المدنية[27].
لذلك سنتعامل في هذه الفقرة مع أشكال الخطأ الطبي، مثل الافتقار إلى البصيرة وعدم الحذر (أولاً)، وكذلك الإهمال وعدم مراعاة القوانين واللوائح المعمول بها (ثانيًا).
أولاً: قلة البصيرة وقلة الحيطة
- قلة البصيرة:[28] لعل أحد أهم التطبيقات القضائية الفرنسية هو ما حكمت عليه محكمة السين Seine في 25 يناير 1949 عندما أدانت “جراح” بجنحة جرح غير مشروع بسبب تهوره وإهماله، عندما قام بارتكاب جريمة. بسبب قيامه بإجراء عملية في الفخذ الأيمن للمريض بدلاً من الايسر. وبنفس المعنى، أدانت محكمة Douie في 12 نوفمبر 1952، “الجراح الذي انتهك ما كان يمارس بين الأطباء من حيث طلب المساعدة أثناء العملية الجراحية من أخصائي حاصل على دبلوم في التخدير أو على الأقل لديه خبرة طويلة في هذا الفن، واكتفى بإسناد مهمة التخدير إلى عاملة بسيطة، على الرغم من علمه أنها ليست حاصلة على دبلوم فني ” في التخدير وعديم الخبرة في التخدير مما ادى الى وفاة المريض اثناء عملية التخدير.
أما القضاء المغربي فنجد له تطبيقا بارزا للافتقار إلى البصيرة الجنائية في حكم صادر عن ابتدائية واد زم بتاريخ 07/10/2006 حيث أدانت المحكمة الطبيب المعالج، والطبيب رئيس المستوصف والممرض الرئيسي والمسؤولة عن الصيدلة.
وجاء في نص حكمها ما يلي: ” بناءً على الطبيعة الشخصية للعلاقة بين الطبيب والمريض، والتي تحكمها اعتبارات شخصية، يجب على الطبيب أن يتولى علاج المريض بنفسه ويتابع حالته بشكل منتظم”[29]. وإذا قرر الاعتماد على شخص آخر، فإنه يظل مسؤولاً تجاه مريضه ويكون مسئولاً عند تعيين آخر ليحل محله في حالة غيابه، إذا تبين أن هذا الأخير ليس لديه خبرة … ومنذ وصفه … الدواء دون عناء بمتابعة الحالة الصحية للمريض … ينص القانون على أن كل ضرر يلحق بجسم الإنسان بسبب قلة البصيرة وقلة الحذر وقلة الاهتمام والإهمال وعدم الالتزام بالأنظمة والقوانين. وهي جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات وفق ما خلص إليه الفصل 433 …. ”
- عدم الاحتياط: أما بالنسبة للتطبيقات القضائية لهذا النشاط الإيجابي كشكل من أشكال الخطأ الجنائي بالمغرب، فقد أصدرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء حكمًا جنحيًا صدر عنها في 19 فبراير 1988 “” بإدانة أحد الجراحين المتخصص في فن التوليد لعدم اتخاذ الاحتياطات حفاظا على حياة المريضة، وجاء فيه “. الضحية على الرغم من أن لديه بطاقة معلوماته الشخصية … “
ثانياً: التقصير وعدم مراعاة الأنظمة والقوانين.
- الإهمال وقلة الانتباه: [30] الإهمال وقلة الانتباه كصورة لخطأ طبي سلبي في القضاء المغربي تظهر بوضوح في مجموعة من الأحكام والقرارات، ادانت محكمة النقض في قرارها رقم 5/468 الصادر بتاريخ 27 يونيو 2012. في ملف الجنح رقم 4592/5/2012، بالمسؤولية على الطبيبة نتيجة إهمال وعدم اليقين بشأن قدرة المريضة على تحمل العلاج مما أدى إلى وفاتها. حيث يُفهم من القرار أن المطلوب منها في النقض لم تتأكد من طريقة العلاج ومدى قدرة الضحية على تحمله، لذلك وصفت لها دواء يؤدي إلى فرط الحساسية مما تسبب لها في مضاعفات صحية خطيرة ، التي كان من الممكن أن تتجنبها عند الفحص عن طريق الإسراع بإرسالها إلى طبيب متخصص ، أو إلى مستشفى إقليمي لإجراء فحص سريري للتأكد من حالتها بدلاً من تسليمها لوالديها والرضا بوصفة طبية ،وقضت محكمة النقض بأن هذا الإهمال تسبب في خطأ جنائي نتج عنه الوفاة، لأن أي خطأ جنائي يقع فيه بسبب إهماله يؤدي إلى الوفاة ويستوجب المسؤولية الجنائية [31]“.
وفي ملف آخر، باشرت محكمة النقض قرارها بموجب رقم 1795 بتاريخ 20 أبريل 2010 في الملف رقم 129/3/1/ 2008. تحميل مسئولية الجراح والمصحة نتيجة لخطأ شائع بعدم تقديم الرعاية اللازمة والإهمال عند إجراء عملية جراحية للمريض مما أدى إلى وفاة الضحية.
كما يتضح من مراجعة مزايا القرار أن المطلوب من الشخص المطلوب في الطعن إجراء عملية جراحية على المريضة على مستوى الرحم بعد ولادة مولودها الجديد، حيث إنها تعاني من أورام في الرحم أدت أثناء العملية. إلى نزيف دموي حاد مما يتطلب بطبيعة الحال توفير كمية كافية من الدم وربطها بجسم المريضة حفاظا على حياتها. ما جعل الطبيب المختص موضع استجواب هو أنه لم يقدم إمدادات دم كافية قبل إجراء العملية، بالإضافة إلى تأخر العيادة في جلب الدم من مركز نقل الدم، مما أدى إلى وفاة الضحية[32].
حيث راعت المحكمة احتمال توقع الطبيب لهذا النزيف. ولأنه كان يتابع صحة المريضة أثناء الحمل، فقد أجرى لها أيضًا فحوصات طبية بالموجات فوق الصوتية، وبالتالي كان عليه أن يعرف من هذه الفحوصات أن إزالة الأورام التي تعاني منها الضحية يمكن أن تؤدي وفقًا للأسس العلمية الراسخة في مجال الطب، لنزيف حاد.
- عدم الالتزام بالأنظمة والقوانين: كما ذكرنا أعلاه، فإن مصطلح “قوانين وأنظمة” يحمل المعني الأوسع، ولا يقتصر على الأنظمة الصادرة عن الجهات الإدارية، بل يشمل القوانين والقرارات والتعليمات الموضوعة فيها، ويجب ملاحظة أن عدم الامتثال للقرارات الوزارية أو التعاميم أو اللوائح هو انتهاك مهني لقاعدة قانونية صريحة وملزمة. وصدر بتاريخ 27 يوينو 1967 قرار وزاري بتحديد كيفيات تطبيق المرسوم الملكي رقم 554.65 الصادر في 17 ربيع الأول 1387 (26 حزيران 1967) قانوناً يقضي بالإعلان عن بعض الأمراض واتخاذ الإجراءات الوقائية لاستئصالها. ويقضي بإجبارية التصريح ببعض الأمراض الواردة على سبيل الحصر. مما يعني أن مخالفة الطبيب لهذا الأمر هي خطأ وانتهاك صريح للقانون.
الفقرة الثانية: الطلبات القضائية لصور الأخطاء الطبية المادية والفنية.
التطبيقات القضائية للخطأ الطبي، سواء كان يتعلق بالخطأ في التشخيص، أو الخطأ في العلاج، أو الخطأ في الجراحة والتخدير، أو نقل الدم، أو التحاليل البيولوجية، أو أخطاء الجراحة، أو الجراحة التجميلية، أو المركبات الصناعية، بالإضافة إلى الخطأ في كتابة الوصفة الطبية وغيرها. تعتبر كلها أخطاء تمزج بين الطبيعة الفنية للخطأ الطبي والخطأ العادي. ويجعل من الصعب فرز كل نوع على حدة.
أولاً: الأخطاء المادية: هي الأخطاء التي يخضع فيها الطبيب للمساءلة الجنائية، ويتعلق الأمر بخطأ في التشخيص، وخطأ في مرحلة العلاج أو أثناء عملية جراحية.
- : خطأ طبي في التشخيص : هناك العديد من الاحكام المتعلقة بالتشخيص الخاطئ على مستوى القضاء المقارن ونظيره المغربي، ونظراً لأن العلوم الطبية رغم تطورها إلا أنها يمكن أن تخطئ في التشخيص، فإن المحاكم نفسها مستقرّة في قراراتها على القول:” للطبيب الحرية في تشخيصه. لا يشكل التشخيص الخاطئ في حد ذاته خطأ مهنيًا” أو، بعبارة أكثر جرأة، “لا يشكل التشخيص الخاطئ خطأً”.
من أهم التطبيقات القضائية لتشخيص الأخطاء على مستوى القضاء المقارن والمغربي، أدانت محكمة “بواتييه” طبيباً اقتنع بالمعلومات الموجزة التي قدمها المريض خطياً، من أجل تحديد تشخيصه، ووصف علاج تنحيف أودى بحياتها، وبحسب تقرير الخبراء فقد تجاهل الطبيب بشكل غير مقبول مبادئ العلوم الطبية المستقرة. وفي نفس الاتجاه نص حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بسلا بتاريخ 8/8/1989، وحكم صادر عن المحكمة الإدارية بوجده بتاريخ 2005/02/03 بتحميل وزارة الصحة مسئولية الخطأ الطبي.[33]
بشكل عام، فإن مبدأ “الالتزام بممارسة الرعاية” الملزم للطبيب في مرحلة التشخيص يقوم على الحالات التالية:
– يستجوب الطبيب إذا أخطأ بشكل واضح في التشخيص يدل على جهل واضح بأصول المهنة وتقنية الفن الطبي.
– إذا لم يستخدم الأساليب العلمية الحديثة المتفق عليها لاستخدامها وفي حدود توافرها وإذا كانت الحالة الصحية للمريض تسمح له بتحمل هذه الآلات.
– إذا استخدم آلات مهجورة قد تضر بالمريض.
– إذا لم يستشر زملائه الأكثر تخصصًا، حتى لو كانت القاعدة العامة أن الطبيب غير ملزم باستشارة طبيب آخر لديه خبرة وتخصص أكثر منه، ولكن هناك حالات استثنائية تتطلب ذلك، خاصة إذا كان المريض أو أسرته تطلب منه ذلك.
- الخطأ الطبي في العلاج: من أصول القضاء والفقه أن للطبيب الحرية في اختيار طريقة العلاج التي يراها مناسبة ومصلحة المريض. ولا مانع من اتباع الطبيب لعلاج شخصي خاص به بشرط أن يكون العلاج المذكور مبنياً على أسس طبية علمية صحيحة. وعليه، فرض القضاء الفرنسي على الطبيب التزامًا بمراقبة تنفيذ تعليماته. ” واعترفت محكمة تولوز الابتدائية بمسؤولية الطبيب عن العواقب السلبية الناتجة عن عدم الامتثال لتعليماته، وأصدر الطبيب تعليمات للرجل الذي أصيب في تصادم بأخذ حقنة ضد الكزاز، ولم يأخذ المصاب حقنة ضد الكزاز لأسباب مجهولة، فأصاب بهذا المرض ثم تعافى منه، لكنه تسبب له بأضرار جسيمة منسوبة إلى الطبيب إذ لم يعط العلاج بالحقن الموصوف للمريض بنفسه، وألزمته المحكمة بدفع تعويض للمريض، بعد أن نسبت إليه عدم يقينه بنفسه من تنفيذ علاجه “[34].
في هذا الاتجاه يميل حكم محكمة واد زم الذي أشرنا إليه سابقًا. إلى أن أخطاء الطبيب في العلاج تبدأ من لحظة إصدار الوصفة حتى مرحلة تنفيذ العلاج ومتابعة المريض بالملاحظة والتعليمات والتدخل الفوري إذا اقتضت الظروف ذلك.
- خطأ طبي في الجراحة والتخدير: يسأل الطبيب عن جميع الأخطاء التي يرتكبها أثناء وبعد العملية الجراحية، وهو ما يستدل عليه بقرار مدني عام 1992 في حالة الجراح الذي سمح للمريض بمغادرة العيادة رغم اكتشافه أن هناك مضاعفات ناتجة عن تعفن الجروح للعملية ووجود السائل الرئوي[35].
وفي نفس الاتجاه، قضت المحكمة الإدارية بالرباط في 24 ديسمبر 2002، “حيث تصر المدعية في مقالها أنها دخلت مستشفى ابن سينا بالرباط بنية إجراء عملية جراحية على ورم الغدة الدرقية، لكن الطبيب المشرف، بدلاً من إجراء هذه العملية، بترت مرارتها على الرغم من أنها سليمة، مما دفع المحكمة لقبول الدعوى والحكم بالتعويض لصالح الضحية.
هذه بعض الأمثلة على التطبيقات القضائية في الطب الجراحي. ما هو موقف القضاء من التخدير؟ تجدر الإشارة هنا إلى أن القضاء الجنائي كان أول من كرّس فعلاً فكرة الفصل بين الجراح وطبيب التخدير، تطبيقاً لمبدأ “المسؤولية الشخصية والأخطاء” في القانون الجنائي.[36]
كما يتطلب من طبيب التخدير الشروط نفسها المطلوبة من الجراح، حيث يجب عليه فحص المريض واستجوابه لمعرفة حالته وعلاجاته والأعراض السابقة، أثناء البحث عن إمكانية الحساسية للعلاج. هذا ما أكدته محكمة ميتز في حكم بتاريخ 19/03/1974، جاء فيه أن “مهمة طبيب التخدير هي متابعة ومساعدة المريض الذي خضع لعملية جراحية حتى يستعيد وعيه الكامل، وأنه يعتقد أن يمكنه ترك هذه المهمة للطاقم الطبي في مرحلة حرجة هي المرحلة بين نهاية الجراحة ولحظة استيقاظه، يقوم بذلك بكل المخاطر، لأن الطاقم الطبي يمكن أن يكون مسؤولاً فقط عن العلاج الطبيعي في المستشفى ولا علاقة له بالعلاج الطبي أو الجراحي.
كما أدانت محكمة أنجيه في 11 مارس 1971 عيادة لتكليف طبيب تخدير واحد بمراقبة قسم التخدير بالكامل، مما جعل مهمته في مراقبة المرض مستحيلة بسبب العدد الكبير من التدخلات الجراحية. القضية ومنح تعويض لصالح الضحية.[37]
ثانيًا: الأخطاء الفنية: أحيانًا يكون من الصعب فصل الخطأ المادي عن الخطأ الفني، لكننا تعمدنا فصل بعض الحالات والصور في الخطأ الطبي، وذلك لتوضيح بعض أوجه الاختلاف بين الخطأين معًا – المادي والفني. – لذلك إذا كان الخطأ المادي يغلب عليه طبيعة الالتزام بتحقيق غاية، فإن الخطأ الفني يجسد أمثلة من الأخطاء في مبدأ الالتزام بتحقيق نتيجة هي التزامات الطبيب بنقل الدم، والفحوصات الطبية، والجراحة التجميلية، والأطراف الاصطناعية. والتي سنتناولها على النحو التالي:
-1خطأ طبي في نقل الدم والتحاليل الطبية: تعتبر عملية نقل الدم من أهم لحظات التدخل الجراحي وأسهل طريقة لنشر الأمراض المعدية أثناء حقن الدم. لذلك حرص المشرع على ضرورة تكريسها في قانون التبرع.
هذا ما أكده المجلس الأعلى في 26/3/1998 أثناء نظره في استئناف قدمته الدولة المغربية ضد حكم أصدرته بالرباط بأن “القائمين على مراكز نقل الدم يزودون المستشفيات العامة والعيادات الخاصة بكميات من الدم الذي يحتاجون إليه من فصائل وأنواع مختلفة كان ينبغي فحصهم قبل الشروع في هذه العملية.[38]
كما اعتبرت محكمة النقض الفرنسية “مسؤولية مدير المركز الطبي لعمليات نقل الدم عن الدم الملوث بالإيدز، والذي سمح بتداوله بين عامي 1984 و1985، مما تسبب في وفاة العديد من الضحايا وإدانتهم”. أربع سنوات سجن وغرامة قدرها خمسة ملايين فرنك [39]“.
وضمن نطاق التحليلات الطبية يتم استخدام الأشعة في تشخيص الأمراض وعلاجها، وتتحقق مسؤولية الطبيب هنا إما في حالة إهماله في التحقق من الدقة في قراءة صور الأشعة، أو عدم توفرها. يجب توفير الخبرة الفنية لدى أخصائي الأشعة، حيث تعتبر التحليلات البيولوجية دقيقة للغاية ويعتمد الالتزام البيولوجي على مبدأ تحقيق النتيجة.
-2 خطا طبي في الجراحة والتجميل.
أصبحت الجراحة التجميلية في عصرنا من الضروريات التي تستجيب لاحتياجات الإنسان، بعد أن كان الاتجاه يهدف في البداية إلى منعها، حيث أنها تنطوي على انتهاك لسلامة الجسم دون استهداف علاج عضوي للمريض. حيث أنه أصبح مهمًا جدًا خاصة في علاج التشوهات الخلقية التي قد لا يتمكن الشخص من خلالها من تلبية احتياجاته الخاصة، وبالتالي فإن الجراح في عمليات التجميل ملزم بتحقيق نتيجة إزالة التشوه الخلفي أو على الأقل التخفيف من شدته، وليس العكس.
ويظهر الواقع العملي أن الجراحة التجميلية لم تسلم من الأخطاء الطبية، حيث أصدرت محكمة النقض مؤخرًا قرارًا بإلغاء حكم صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 9 مايو 2018 في الملف رقم / 2602/2017/1820، يقر براءة طبيب وطبيبة وعيادة خاصة لارتكابهم خطأ طبي. أثناء عملية شفط الدهون، مات المريض.
حيث بررت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارها بتبرئة المطلوبين في النقض، معتبرة أنه لم يثبت للمحكمة أن أيًا من المتهمين ارتكب خطأ أو تقصيرًا، ولم يستلزم تقصيرهم تحمل المسؤولية. عن وفاة الميت مبررا حكمها على أن الحكم الابتدائي المستأنف كان صحيح. فيما حكم بإدانة المتهمين، الإعلان رداً على ذلك أنهم غير محاسبين وبعدم الاختصاص في المطالب المدنية.
واعتبرت محكمة النقض أن محكمة الاستئناف أخطأت في الحكم على تقرير الخبير الذي وافقت عليه لأنها لم تستنفد التحقيق اللازم لتوضيح ما هو غامض في الدعوى وفق مقتضيات قواعد الإثبات مع تجنب الخطأ في التقدير، إذ كان لم يناقش في ضوء الأخطاء الواردة في الفصل 432 من قانون العقوبات، وبالتالي بنت حكمها على تفسير ناقص يساوي غيابه.
قررت محكمة النقض نقض الحكم المطعون فيه وبطلانه وإحالة الدعوى إلى محكمة غير المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه. وبناءً عليه، تم إحالة الملف إلى محكمة الاستئناف بالرباط، التي استأنفت جلسات الاستماع بشأن التهم المنسوبة إلى الطبيبين، اعتبارًا من يوم 17. ديسمبر 2020[40].
بشكل عام، فإن التزام الطبيب بالنتيجة يصعب إدراكه طالما أن المبدأ العام هو التزام الأخير ببذل غاية أو رعاية، بحيث يظل المسار هو قول القضاء في ظروف وملابسات كل حالة على حدة، في تحمل المسؤولية الطبية بشكل عام والمسؤولية الجنائية بشكل خاص عن طبيب مهمل، مع مراعاة الظروف الخارجية المحيطة بخطئه.
المطلب الثاني: آثار المسؤولية الطبية الجنائية على الطبيب.
قد يرتكب الجريمة شخص واحد بمفرده بتنفيذها ماديا، لذا فهي نتيجة نشاطه الإجرامي ونتيجة إرادته، وهنا لا توجد صعوبة تذكر في تحديد المسؤولية الجنائية عن هذه الجريمة، وقد ترتكب الجريمة من قبل عدة أشخاص، لكل منهم دور يلعبه، وتختلف هذه الأدوار من حيث الأهلية ومدى مساهمتها في التحقيق في أركان الجريمة، مما يفسر الاختلاف في أحكام القانون الجنائي بخصوص تحديد الوضع القانوني لكل فئة من المجرمين الذين لهم اتفاقية جنائية أو مشاركة فيها، والعمل الطبي لا يخرج عن الإطار العام الذي أسسه المشرع في المجموعة الجنائية (الفصول 128 إلى 131 في الباب الاول في المساهمة والمشاركة في الجريمة).
وبناءً عليه، عندما يقر القضاء، في سياق الدعوى الشخصية التي تتهم الطبيب بجريمة طبية، بمسؤوليته الشخصية، فإنه يتحمل المسؤولية عن الفعل الشخصي (الفقرة الأولى)، بينما إذا أدين الطبيب كمسؤول في إطار عمل الفريق الطبي على وجه الخصوص، ثم يتم رفع المسؤولية عن تصرفات الآخرين. (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مسؤولية الطبيب عن التصرف الشخصي.
يستلزم توفر عناصر المسؤولية عن الإجراءات الشخصية التزام الشخص المسؤول عن الضرر بتعويض الطرف المتضرر عن الضرر الذي لحق به، وإذا لم يدفع هذا الشخص المسؤول التعويض عن طيب خاطر، يحق للضحية الرجوع إلى السلطة القضائية للحصول على حقوقه. كما يترتب أيضا إثارة الدعوى العمومية متى تحققت عناصر الدعوى الشخصية في الفعل الإجرامي الذي يعاقب عليه القانون.
في هذا السياق، سنناقش طبيعة مسؤولية الطبيب الشخصية (أولاً)، وبعد ذلك سنناقش الدليل في حالة المسؤولية عن العمل الطبي الشخصي (ثانيًا).
أولاً: طبيعة مسؤولية الطبيب الشخصية: إذا كان القانون يعاقب الطبيب أو الجراح على أخطائه أثناء أو بمناسبة مزاولته لمهنة الطب، فإن هذا يؤسس لمبدأ أساسي وهو أن الطبيب يجب أن يمارس عمله. العمل الطبي بنفسه، خاصة في بعض الحالات التي تتطلب فحصًا شخصيًا لحالة المريض بناءً على فحصه وحواره معه[41]، لدرجة أن بعض الفقه اعتبر أن الطبيب هو القاضي الفاحص الذي يجب عليه فحص جميع أقوال وعلامات المريض. حتى يتمكن من الكشف عن المرض بدقة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مسؤولية الجراح عن خطأه الشخصي تنبع إما من العقد المبرم بين المريض والجراح، حيث يتعهد الأخير بإجراء الجراحة بناءً على طلب مريضه ووفقًا لاتفاق صريح أو ضمني بينهما. على الفور لإنقاذ مريض أصيب في حادث مثلا دون إذن مسبق منه أو من ولي أمره أو أحد أقاربه، وتكون مسؤولية الجراح هنا تقصيرية[42].
ثم إذا ارتكب الطبيب خطأً شخصياً، فهو مسؤول شخصياً عن الضرر الناتج عنه، إذا كان الخطأ جسيمًا أو ارتكبه الطبيب عن سوء نية، أي أن كل هفوة لا تغتفر، ويمكن أن يكون كذلك. ويتحمل المسؤولية عن الأخطاء المنفصلة عن الوظيفة، وعلى أي حال، يمكن أن تقتصر مساءلة الطبيب الجنائية على ثلاث حالات هي:
1– حالة الجرائم العادية التي يرتكبها الطبيب كأي شخص ليس طبيباً.
2– حالة الجرائم التي يرتكبها الطبيب أثناء مزاولة مهنته كطبيب.
3– حالات استثنائية.
إن الضمانات القانونية للحماية الشخصية للمريض على سلامة جسمه وشخصه تحددها القواعد العامة للقانون، وكذلك القوانين المهنية الطبية، وهو مؤشر صريح على أن المشرع المغربي يعترف بالمسؤولية الجنائية الشخصية، ولا سيما إذا كان عمله – الطبيب – ينحدر إلى مراتب فعل أو تقصير يتطلب مساءلة جنائية.
وفي هذا السياق، سعى القضاء إلى إصدار مجموعة من الأحكام تسأل الأطباء عن أخطائهم الطبية وفق الفصول 432-433 من قانون العقوبات المغربي. وإلا فإنه سيواجه أشكال الخطأ الطبي المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي.
يسأل الطبيب بشكل شخصي عن التقصير في اختيار الشخص الذي يرافقه، حيث يجب أن تتم مزاولته للمهنة بصفته الشخصية كقاعدة عامة، وفي حال مخالفته لهذه الأخيرة وتكليفه بتنفيذ عمله ومهامه لشخص يحل محله، دون شرط قانوني، فهذا يقتضي مساءلته.
ثانيًا: الدليل في دعوى المسؤولية عن عمل طبي شخصي: المبدأ العام في المجال الجنائي هو أنه لا يمكن مساءلة الشخص إلا عن الأفعال الإجرامية التي يرتكبها بنفسه، ويسمى هذا المبدأ بـ “شخصية المسؤولية الجنائية”. وهذا ما نص عليه الفصل 132 من قانون الجزاء المغربي في فقرته الأولى المطابقة للفصل 1.121 من القانون الجنائي الفرنسي.
يقع عبء الإثبات في موضوع جريمة طبية تتطلب المساءلة الجنائية على عاتق المدعي بشكل عام – المريض أو الضحية للخطأ الطبي – وبما أن المسؤولية عن الدعوى الشخصية تتطلب حدوث خطأ وضرر وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر يجب على المدعي إثبات كل هذه الأمور.
الفقرة الثانية: مسئولية الطبيب عن أفعال الآخرين
المسؤولية عن فعل الغير استثناء فتحه المشرع المغربي على مصراعيه، بناء على مبدأ “شخصية المسئولية الجنائية” في الفقرة الأولى من المادة 132 من قانون العقوبات، بناء على الفقرة الأخيرة من نفس الفصل فإن الطبيب غير مسؤول فقط عن أخطاء الفريق الطبي الموضوع تحت إمرته أو الأخطاء المتبادلة. بل هي مسؤوليته، حتى الأدوات الطبية، وقت حدوث السبب، من عمل الآخرين الذين يخضعون لإشرافه وتوجيهه، إما بنفسه أو بواسطة شخص.
في هذا السياق، سنناقش مسؤولية الطبيب عن أخطاء الفريق الطبي (أولاً)، ثم نناقش مسؤولية الطبيب عن أخطاء جامعي القمامة والنفايات الطبية (ثانيًا)، ثم (ثالثًا) يتم مناقشة دور التأمين الطبي في إنشاء الحماية القانونية للمرضى.
أولاً: مسؤولية الطبيب عن أخطاء الفريق الطبي: العلاقة بين الجراح في المستشفى العام وأعضاء الفريق الطبي الذي يعمل معه علاقة غير تبعية، وبالتالي فإن الطبيب غير مسؤول جنائيا عن فعل يقوم به أحد مساعديه من الفريق الطبي ما لم يكن من الممكن نسب الخطأ للطبيب نفسه وحيدا دون غيره.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر لا يتعلق بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة العامة والخاضعة لأنظمة المستشفيات المنصوص عليها في مرسوم [43]2007، بل تشمل جميع مرافق الصحة العامة، مهما كان وضعها القانوني، ولا تكون المنشأة الصحية العامة مسؤولة بمفردها إلا إذا قامت بذلك، وتعتبر مؤسسة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري. كما هو الأمر بالنسبة لمراكز المستشفيات المستقلة – القانون رقم 37-80 المؤرخ 15 يناير 1983. إذا لم يكن لها شخصية اعتبارية مستقلة، فإن الشخص المسؤول عن ذلك هو الشخص الاعتباري العام الذي يمتلك المنشأة الصحية.
أما فيما يتعلق بطبيعة العلاقة بين الطبيب والمستشفى، كان الاتجاه هو أن استقلالية الطبيب في أداء عمله من الناحية الفنية تمنعه من التبعية لشخص آخر، إن لم يكن طبيبًا مثله، يمكنه مراقبته في مثل هذا العمل. وبناءً عليه، قضت المحكمة المدنية المصرية بشأن مسئولية إدارة مستشفى خاص، بأن “الطبيب لا يعتبر عمومًا تابعًا للمستشفى أو الجهة التي يعمل بها، إلا إذا كان مدير تلك الجهة طبيبًا مثله حتى يكون هو من اختصاصه. يمكنه مراقبة عمله “.
الطبيب الذي يكلف شخصًا لا يحمل مؤهلات طبية للقيام بعمل طبي يكون مسؤولاً عنه، إذا أخطأ في إجراء عملية جراحية، على النحو المنصوص عليه في المادة 85 من قانون الالتزامات والعقود عند تحديد مسؤولية المتابع عن الإجراءات الثانوية، لم يميز بين الطبيب والآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تسمية مسؤولية الطبيب بالمسؤولية عن تصرفات الآخرين؛ لأن الطبيب لا يسأل دائمًا عن فعل صادر عن المساعد، فهناك حالات كثيرة يُسأل فيها المساعد بدون الطبيب، ومن ذلك هناك حالتان: حالة (هيليار) وحالة (البرد)[44].
بشكل عام، فإن مسؤولية الطبيب عن تصرفات الآخرين تكاد تكون مثل معادلة رياضية متشابكة ومعقدة، بناءً على الروابط القانونية التي قد تنشأ بين الأطباء ومساعديهم، أو بين الأطباء في إطار العمل الجماعي – الفريق الطبي – أو في علاقة الطبيب بالمستشفى العام، أو في إطار عقد التأمين التعاقدي الطبي مع المستشفى الخاص (عقد طبي، عقد استشفاء).
ثانيًا: مسؤولية الطبيب عن أخطاء جامعي القمامة والنفايات الطبية:
القانون رقم 28.00 بشأن إدارة النفايات والتخلص منها هو أول [45]نص قانوني يواجه بشكل مباشر معضلة النفايات، حيث يتضمن مبادئ تشريعية وتنظيمية ومالية وقواعد وإجراءات تشكل مرجعية أساسية لإدارة ظاهرة النفايات، والتي صنفت النفايات الطبية والصيدلانية، واستلزم تطوير نظام داخلي يحدد مجموعة من الالتزامات القانونية التي تتطلب وجود وحدات مسؤولة عن إدارة النفايات، بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات الرسمية لضبط السجلات.
تنص المادة 74 في الباب الثاني بعنوان “المخالفات والعقوبات” على ما يلي: “كل من يسلم نفايات خطرة إلى شخص أو منشأة غير مرخص لها بغرض معالجتها أو تقييمها أو حرقها أو تخزينها أو التخلص منها”. يعاقب بغرامة من 10 آلاف درهم إلى مليون درهم وبحبس من شهر إلى سنة أو بإحدى هاتين العقوبتين وهو فصل صريح يشير إلى المسؤولية الجنائية للأطباء في حالة القيام بالأفعال المنصوص عليها في المادة السابقة.[46]
ثالثاً: دور التأمين الطبي في إرساء الحماية القانونية للمرضى.
نظرا لأهمية تأمين الأطباء ضد الأخطاء الطبية، فقد جعله المشرع الفرنسي إلزاميا لجميع العاملين الصحيين، وكذلك المؤسسات الصحية وجميع المنظمات العاملة في مجال العلاج والتشخيص والصحة، كما يلزمهم قانون الصحة العامة الفرنسي لعام 2002 كل ذلك للتأمين لتغطية المسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية.
وعليه نجد أن معظم الدعاوى القضائية تميل إلى الرجوع إلى الفائدة على التعويض بسبب ملاءمة مسؤوليتها عند مقارنتها بالأطباء العاملين لديها من جهة، ومن جهة أخرى، لأن التأمين الذي أبرم بها. يشمل الأضرار المختلفة الناتجة عن أخطاء في إجرائها، طالما أن العيادة قد سبق لها أن قامت بتأمين الضرر الناتج عن خطأ الطبيب المعين. ولا مجال لمناقشة مسئوليته الشخصية، لأن النتيجة المنطقية لعقد التأمين تتطلب الرجوع إليها باستبدال شركة التأمين التي تظل ملتزمة بتعويض الضرر.
ودفع ذلك القضاء المغربي للاعتراف بمسؤولية المصحة بناء على متطلبات عقد التأمين، فقد جاء في قرار المجلس الأعلى عدد 1327 بتاريخ 04/05/2005.[47]
وإذا كان كل الواقع والممارسة الطبية والفقه يسير في اتجاه تحديد مسؤولية المستشفيات والمصحات والعيادات والمستوصفات العامة للتأمين، فإن القانون 10.94 المتعلق بممارسة الطب يخلو من أي إشارة إلى ذلك. كما هو مستمد من القانون الداخلي للمستشفيات المشار إليه، وكذلك الظهير الشريف 28.00 المتعلق بمقياس النفايات والتخلص منها، وكذلك المرسوم التنفيذي رقم 2-09-139.[48]
وأكد المشرعان المغربي والفرنسي على ضرورة فصل الاعتراف بالمسؤولية عن الاعتراف بالحقائق المادية والتمييز بينهما. وهي ملك لمن يطلبها، ولا يجوز للمؤمن والمؤمن عليه الموافقة على إخفائها على حساب المصاب، والتكتم عنها أو عدم إفشاؤها يعرقل ويضلل سير العدالة، ويضلل المجني عليه. هو في النهاية الشخص الذي أصيب في الحادث.
خاتمة:
أصبحت مهنة الطب اليوم متقدمة مع تطور التكنولوجيا وظهور أمراض جديدة، مما جعل المجال الطبي اليوم متفرعا ومزدحما بالتخصصات، خاصة تلك الحساسة مثل العمليات الجراحية المعقدة، وبسبب تزايد المخاطر والأخطاء التي يقوم بها الأطباء بإهمال أو بدون حذر، وبسبب خطورة تلك الأخطاء في بعض الأحيان، هناك حاجة ملحة لتطوير قوانين تنظم الممارسة الطبية وتضع معايير لتقديم خدمات طبية آمنة وعالية الجودة. يجب أن تتضمن هذه القوانين آليات مساءلة صارمة للأطباء والممارسين الطبيين الذين يرتكبون أخطاء بسبب إهمال، من أجل ضمان سلامة المرضى وتحسين جودة الرعاية الصحية.
وما يمكن ملاحظته من خلال هذا البحث هو أن الأحكام القانونية التي تؤطر هذه المسؤولية مبعثرة ومشتتة بين القوانين. لذلك، من المستحسن أن يضع المشرع مدونة قانونية خاصة ومستقلة يتجمع فيها هذا الشتات، مما يوفر الحرية للأطباء في ممارسة واجباتهم من ناحية وضمان الحماية للمرضى من ناحية أخرى، خاصة وأن المسؤولية الجنائية تفرض رسوم على الأطباء بسبب أخطائهم المهنية نفسها الآن أكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى أن هذه القضايا تحتل نسبًا مهمة من إجمالي عدد القضايا المعروضة على المحاكم، لدرجة أن البعض يساوي عدد ضحايا الأخطاء الطبية مع عدد الضحايا. من حوادث المرور.
في نهاية هذه الدراسة، لا يسعنا إلا أن نؤكد أن المسؤولية الجنائية للأطباء عن أخطائهم المهنية أصبحت تفرض أكثر من أي وقت مضى، وتشغل قضايا هذه المسؤولية على وجه الخصوص نسبة كبيرة من إجمالي عدد القضايا المعروضة على المحاكم في بلادنا بسبب تفاقم الأخطاء الطبية والجراحية. في السنوات الأخيرة، من ناحية، وتنامي الحس المتزايد لحقوق الإنسان وثقافة حقوق الإنسان – بما في ذلك حقوق المرضى – من ناحية أخرى.
وبناء عليه فإن الباحث يوصي بالتالي:
- يجب سد الفجوة التشريعية في القضايا الطبية لتشمل مختلف القضايا الصحية بما يحمي المرضى ويعطي الأطباء حرية تطوير مهنة الطب وأساليب العلاج. مثل تحديد الخطأ الطبي، والتزامات الطبيب، والتشريعات الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، والطب التكميلي (البديل).
- ضرورة تشكيل محاكم مختصة بالأخطاء الطبية، من قضاة ذوي الخبرة والمعرفة بخصوصية العمل الطبي والطبيعة المعقدة للأخطاء الطبية.
- ضرورة إصدار قانون يحدد الالتزامات والمسؤوليات الطبية وكيفية إثبات التعويض وتحديده.
- ضرورة إعلام الأطباء بشكل منهجي ومؤسسي بالنصوص التي تنظم مهنتهم وترسم لهم الحدود التي لا يحق لهم تجاوزها.
- تنشيط أقسام مراقبة الجودة في المؤسسات الطبية والوزارات والإدارات الصحية ووضع بروتوكولات لعلاج الأمراض والمشاكل الصحية المعروفة والمتكررة.
- ضرورة تعريف الخطأ الطبي في التشريع الجنائي لمعالجة التطور الكبير في السلوك الطبي والإجراءات المتعلقة بالتشخيص والعلاج والمتابعة والوقاية.
- يجب أن توفر القوانين تدابير لتعزيز التدريب والتعليم المستمر للأطباء والممارسين الطبيين، من أجل تحسين مستوى الرعاية الصحية وتقليل حدوث الأخطاء الطبية.
باختصار، من المهم وضع قوانين صارمة تمكن الأطباء ومقدمي الخدمات الطبية الذين يرتكبون أخطاء بسبب الإهمال من أن يحاسبوا، من أجل ضمان سلامة المرضى وتحسين جودة الردع.
قائمة المراجع :
الكتب :
- نور الدين العمراني ״ شرح القسم العام من القانون الجنائي المغربي״ مطبعة سجلماسة، الطبعة الثالثة 2011 مكناس.
- خالد مصطفى فهمي، “النظام القانوني لزرع الأعضاء البشرية ومكافحة جرائم الإتجار بالأعضاء البشرية في ضوء القانون لسنة2010 والاتفاقيات الدولية والتشريعات العربية دراسة مقارنة“، دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى الإسكندرية 2012.
- سعيد منصور موفعة، الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخ البشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، الإسكندرية، دار القمة لتوزيع الكتاب ،2005.
- عبد القادر العرعاري ״ مصادر الالتزامات الكتاب الثاني المسؤولية المدنية״ مطبعة الكرامة، الطبعة الثانية الرباط 2005.
- محمد البوشواري، “الوجيز في القانون الجنائي العام المغربي ” مطبعة طوب بريس الرباط 2007.
- المختار بن أحمد عطار ״ النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي״ مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2011 الدار البيضاء.
- ابو قراط في مؤلف الدكتور منير رياض حنا ، المسؤولية الجنائية للأطباء والصيادلة، دار المطبوعات الجامعية، سنة 1989.
- محمد فائق الجوهري، المسؤولية الطبية في قانون العقوبات، دار الجوهري للطبع والنشر، 1951.
- شريف الطباخ ״ جرائم الخطأ الطبي والتعويض عنها في ضوء الفقه والقضاء״ دار الفكر الجامعي، مطبعة شركة الجلال للطباعة الطبعة الأولى 2003 الإسكندرية.
- منير رياض حنا، ״ الخطأ الطبي الجراحي في الشريعة الإسلامية والقوانين العربية والأوربية والأمريكية״ دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى الإسكندرية 2008.
- عبد الواحد العلمي ״ شرح القانون الجنائي المغربي القسم العام: دراسة في المبادئ العامة التي تحكم الجريمة، المجرم والعقوبة والتدبير الوقائي״ الطبعة الثالثة 2009.
- رضا عبد الحليم عبد المجيد ״ المسؤولية القانونية عن النفايات الطبية دراسة مقارنة بالقانون الفرنسي״ درا النهضة العربية 1999 القاهرة.
- محمد أوغريس، “جرائم المخدرات في التشريع المغربي”، دراسة مدعمة بأحدث قرارات المجلس الأعلى، سلسلة الدراسات القانونية، مطبعة دار القرويين بالدار البيضاء، الطبعة الخامسة، مارس 2011.
- محمد أوغريس : مسؤولية الطبيب في التشريع الجنائي ـ دراسة مقارنة ـ الطبعة الأولى ، الدار البيضاء 1994 .
الرسائل و الاطروحات: - سهام صبري ״ المسؤولية الجنائية للأطباء״ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2006- 2007.
- محمد حمدان ״ المسؤولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي دراسة مقارنة״ رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم الجنائية، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش السنة الجامعية 2008- 2009.
- نور الدين العمراني ״ مسؤولية الطبيب الجراح الجنائية بالمغرب״ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 1993- 1994
- محمد الهراق ״ المسؤولية الجنائية للطبيب بالمغرب״ بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس السنة الجامعية 1428- 1429هـ/2007- 2008م.
- مولاي إسماعيل أحتيتيش” المسؤولية عن فعل الغير في القانون الطبي” بحث تأهيلي لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط -أكدال -السنة الجامعية2006-2007.
- إكرام الدكي ״ المسؤولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي دراسة مقارنة״ جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2009- 2010.
- بوبكري محمادين ״ خصوصيات الخطأ في المجال الطبي״ رسالة لنيل شهادة الماستر جامعة المولى إسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس السنة الجامعية 2011- 2012.
- محمد العلاوي״ المسؤولية المدنية والجنائية للأطباء في التشريع المغربي والمقارن״ ״ بحث لنيل الإجازة في القانون الخاص، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2006-2007.
- يوسف أديب، المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية – المغرب، رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات، جامعة المولى أسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، 2011/2012.
المجلات والمقالات:
- براهيم كومغار ״ حماية البيئة بآليات الشرطة الإدارية״ Remald المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية العدد 26 ماي يونيو 2009.
- إبراهيم محمد ” المسؤولية الجنائية للطبيب” مقال منشور في مجلة القانون والاعمال، جامعة الحسن الأول، عدد 26 ديسمبر 2017.
- حكمت سوسو،”المسؤولية المدنية والجزائية للطبيب في التشريع السوري “مجلة المحاكم المغربية، عدد121 يوليوز-غشت2009 .
- محمد أوغريس، “جرائم المخدرات في التشريع المغربي”، دراسة مدعمة بأحدث قرارات المجلس الأعلى، سلسلة الدراسات القانونية، مطبعة دار القرويين بالدار البيضاء، الطبعة الخامسة، مارس 2011.
النصوص التشريعية
- ظهير شريف رقم 252- 02- 1 الصادر في 25 رجب 1423 الموافق 3 أكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم 12.01 المتعلق بالمختبرات الخاصة للتحاليل البيولوجية الطبية. -الجريدة الرسمية….
- الظهير الشريف رقم 123 – 96 – 1 صادر في 5 ربيع الآخر 1417 (21 أغسطس 1996) بتنفيذ القانون رقم 10.94 المتعلق بمزاولة الطب المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4432 بتاريخ 21 نونبر 1996 والذي غير ظهير 19 فبراير 1960 المتعلق بمزاولة مهنة الطب والصيدلة وجراحة الأسنان والعقاريين والقوابل.
- الظهير الشريف رقم 208 -99 – 1 صادر في 13 من جمادى الأولى 1420 (25 أغسطس 1999) بتنفيذ القانون رقم 16.98 المتعلق بالتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية وأخذها وزرعها ج – ر عدد 4726 بتاريخ 16 شتنبر 1999.
- ثم قانون السلوك الطبي (مدونة الواجبات المهنية للأطباء) الجريدة الرسمية رقم 121 بتاريخ 19 يونيو 1953 والتي صدرت بمقتضى قرار مقيمي بتاريخ 8 يونيو 1953.
- ظهير شريف رقم 153-06-1 صادر من شوال 1427 (22 نوفمبر 2006) بتنفيذ القانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5480-15 ذو القعدة 1427 (7 ديسمبر 2006) صحيفة 3747.
- ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
احكام وقرارات قضائية
- قرار محكمة النقض عدد 468/5 صادر بتاريخ 27 يونيو 2012، الملف الجنحي عدد 4592/5/6/2012.
- قرار محكمة النقض عدد 1795 صادر بتاريخ 20 أبريل 2010، الملف عدد 129/01/03/2008 منشور بمجلة محكمة النقض.
المواقع الالكترونية:
https://assabah.ma/511014.html/amp
[1] أبو قراط في مؤلف الدكتور منير رياض حنا ، المسؤولية الجنائية للأطباء والصيادلة، دار المطبوعات الجامعية، سنة 1989، ص194.
[2] محمد فائق الجوهري، المسؤولية الطبية في قانون العقوبات، دار الجوهري للطبع والنشر، 1951، ص19الى 20.
[3] – سهام صبري، المسؤولية الجنائية للأطباء، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2006- 2007، ص10.
[4]أشار اليه يوسف أديب، المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية – المغرب، رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات، جامعة المولى أسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، 2011/2012، ص 12.
[5] يوسف أديب، المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية – المغرب، رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات جامعة المولى أسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2011/2012، مرجع سابق، ص 10.
[6] إبراهيم محمد ” المسؤولية الجنائية للطبيب” مقال منشور في مجلة القانون والاعمال، جامعة الحسن الأول، 26 ديسمبر 2017، ص 5.
[7] – محمد أوغريس، “جرائم المخدرات في التشريع المغربي”، دراسة مدعمة بأحدث قرارات المجلس الأعلى، سلسلة الدراسات القانونية، مطبعة دار القرويين بالدار البيضاء، الطبعة الخامسة، مارس 2011، ص54.
[8] – محمد حمدان، المسؤولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم الجنائية، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، السنة الجامعية 2008- 2009، ص 21.
[9] – نور الدين العمراني، مسؤولية الطبيب الجراح الجنائية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، السنة الجامعية 1993- 1994، ص 102.
[10] أشار اليه يوسف أديب، المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية – المغرب، رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات جامعة المولى أسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2011/2012، مرجع سابق، ص146-149.
[11] – محمد الهراق ״ المسؤولية الجنائية للطبيب بالمغرب״ بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس السنة الجامعية 1428- 1429هـ/2007- 2008م. ص 108.
[12] – خالد مصطفى فهمي، “النظام القانوني لزرع الأعضاء البشرية ومكافحة جرائم الإتجار بالأعضاء البشرية في ضوء القانون لسنة2010 والاتفاقيات الدولية والتشريعات العربية دراسة مقارنة”، دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى الإسكندرية 2012. ص570.
[13] – عبد القادر العرعاري ״ مصادر الالتزامات الكتاب الثاني المسؤولية المدنية״ مطبعة الكرامة، الطبعة الثانية الرباط 2005. ص107.
[14] – نور الدين العمراني ״ مسؤولية الطبيب الجراح الجنائية بالمغرب״ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 1993- 1994، مرجع سابق، ص 182.
[15] – نور الدين العمراني ״ شرح القسم العام من القانون الجنائي المغربي״ مطبعة سجلماسة، الطبعة الثالثة 2011 مكناس. ص112.
[16] – محمد البوشواري، “الوجيز في القانون الجنائي العام المغربي “مطبعة طوب بريس الرباط 2007. ص42.
[17] – المختار بن أحمد عطار ״ النظرية العامة للالتزامات في ضوء القانون المغربي״ مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2011 الدار البيضاء. ص409.
[18] – نور الدين العمراني ״ مسؤولية الطبيب الجراح الجنائية بالمغرب״ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 1993- 1994، مرجع سابق ص 256.
[19] – محمد أوغريس، “جرائم المخدرات في التشريع المغربي“، دراسة مدعمة بأحدث قرارات المجلس الأعلى، سلسلة الدراسات القانونية، مطبعة دار القرويين بالدار البيضاء، الطبعة الخامسة، مارس 2011. ص 54.
[20] – محمد حمدان ״ المسؤولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي دراسة مقارنة״ رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم الجنائية، جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش السنة الجامعية 2008- 2009. ص 74.
[21] محمد أوغريس ، مسؤولية الطبيب في التشريع الجنائي ـ دراسة مقارنة ـ الطبعة الأولى ، الدار البيضاء 1994. ص 111.
[22] محمد أوغريس ، مسؤولية الطبيب في التشريع الجنائي ـ دراسة مقارنة ـ الطبعة الأولى ، الدار البيضاء 1994. مرجع سابق، ص من 111 إلى 117 .
[23] – محمد أوغريس : مسؤولية الطبيب في التشريع الجنائي ـ دراسة مقارنة ـ الطبعة الأولى ، الدار البيضاء 1994 .مرجع سابق ص 144 إلى 152. للمزيد راجع محمد العلاوي״ المسؤولية المدنية والجنائية للأطباء في التشريع المغربي والمقارن״ ״ بحث لنيل الإجازة في القانون الخاص، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2006-2007 ص، 46.
[24] سعيد منصور موفعة، الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخ البشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، الإسكندرية، دار القمة لتوزيع الكتاب والشريط والسي دي ،2005، ص 367 الى 370.
[25] سعيد منصور موفعة، الموسوعة الفقهية للأجنة والاستنساخ البشري من الناحية الطبية والشرعية والقانونية، الإسكندرية، دار القمة لتوزيع الكتاب والشريط والسي دي ،2005، مرجع سابق،ص371.
[27] أشار اليه يوسف أديب، المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية – المغرب، رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات جامعة المولى أسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2011/2012، مرجع سابق، ص 141-148.
[28] سهام صبري ״ المسؤولية الجنائية للأطباء״ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2006- 2007. مرجع سابق، ص 19.
[29] أشار اليه يوسف أديب، المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية – المغرب، رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات جامعة المولى أسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2011/2012، مرجع سابق، ص 141-148.
[30] – شريف الطباخ ״ جرائم الخطأ الطبي والتعويض عنها في ضوء الفقه والقضاء״ دار الفكر الجامعي، مطبعة شركة الجلال للطباعة، الطبعة الأولى الإسكندرية، 2003، ص 37.
[31] قرار محكمة النقض عدد 468/5 صادر بتاريخ 27 يونيو 2012 ، الملف الجنحي عدد 4592/5/6/2012.
[32] قرار محكمة النقض عدد 1795 صادر بتاريخ 20 أبريل 2010، الملف عدد 129/01/03/2008 منشور بمجلة محكمة النقض.
[33] – إكرام الدكي ״ المسؤولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي دراسة مقارنة״ جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2009- 2010. ص 416.
[34] – منير رياض حنا، ״ الخطأ الطبي الجراحي في الشريعة الإسلامية والقوانين العربية والأوربية والأمريكية״ دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى الإسكندرية 2008. ص 476.
[35] – بوبكري محمادين ״ خصوصيات الخطأ في المجال الطبي״ رسالة لنيل شهادة الماستر جامعة المولى إسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس السنة الجامعية 2011- 2012، ص 143.
[36] يوسف أديب، المسؤولية الجنائية للطبيب عن أخطائه المهنية – المغرب، رسالة لنيل الماستر في قانون المنازعات جامعة المولى أسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس 2011/2012، مرجع سابق، ص 171.
[38] بوبكري محمادين ״ خصوصيات الخطأ في المجال الطبي״ رسالة لنيل شهادة الماستر جامعة المولى إسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس السنة الجامعية 2011- 2012 مرجع سابق، ص، 135.
[39] – إكرام الذكي ״ المسؤولية الجنائية للطبيب في القانون المغربي دراسة مقارنة״ جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة السنة الجامعية 2009- 2010. ص 47.
[40] https://assabah.ma/511014.html/amp.
[41] – حكمت سوسو،”المسؤولية المدنية والجزائية للطبيب في التشريع السوري “مجلة المحاكم المغربية، عدد121 يوليوز-غشت2009 ص 49.
[42] – حكمت سوسو،”المسؤولية المدنية والجزائية للطبيب في التشريع السوري “مجلة المحاكم المغربية، عدد121 يوليوز-غشت2009، مرجع سابق ص 49.
[43] – منير رياض حنا، ״ الخطأ الطبي الجراحي في الشريعة الإسلامية والقوانين العربية والأوربية والأمريكية״ دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى الإسكندرية 2008. ص 127.
[44] منير رياض حنا، ״ الخطأ الطبي الجراحي في الشريعة الإسلامية والقوانين العربية والأوربية والأمريكية״ دار الفكر الجامعي الطبعة الأولى الإسكندرية 2008. مرجع سابق ص 128- 127.
[45] – براهيم كومغار ״ حماية البيئة بآليات الشرطة الإدارية״ Remald المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية العدد 26 ماي يونيو 2009. ص 165.
[46] – رضا عبد الحليم عبد المجيد ״ المسؤولية القانونية عن النفايات الطبية دراسة مقارنة بالقانون الفرنسي״ درا النهضة العربية 1999 القاهرة ص 181.
[47] – بوبكري محمادين، ״ خصوصيات الخطأ في المجال الطبي״ رسالة لنيل شهادة الماستر، جامعة المولى إسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2011- 2012، ص185.
[48] – مولاي إسماعيل أحتيتيش،” المسؤولية عن فعل الغير في القانون الطبي“، بحث تأهيلي لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط -أكدال -السنة الجامعية، 2006-2007، ص 14.