الوظيفة الرقابية لمفتشي الشغل
رشيدة أوربير
طالبة باحثة بما ستر المقاولة و القانون
بجامعة الحسن الأول
ملخص:
يعد السلم و لاستقرار الاجتماعي الغاية لأسمى التي تروم كل دولة تحقيقها لذلك عملت اغلب دول العالم على إعطاء أولوية هامة للقانون الاجتماعي نظرا لما يرتبه هذا القانون من لأثار الايجابية و التي تساهم حتما في تقدم المجتمعات و ازدهارها و لتحقيق هذه الغاية عمد المشرع على وضع جهاز مفتشية الشغل يساهم بشكل كبير في فرض تطبيق قواعد القانون داخل المؤسسات الشغلية التي تخضع لرقابته من اجل الوقوف على مدى احترام مقتضيات القانون .
ويعتبر الدور الرقابي لمفتش الشغل دعامة أساسية لإعمال أحكام القانون لاجتماعي نظرا لما تلعبه من دور وقائي استباقي لحل النزاعات بطريقة وقائية عن طريق ممارسة الوظيفة الرقابية و ذلك بزيارة مؤسسات الشغلية بكل حرية و القيام بكافة لإجراءات و الأبحاث و التحريات التي يراها ضرورية وفي حالة وجود مخالفات فانه يقوم بتحرير محاضر يعرض فيها لأفعال المادية التي تما ضبطها مع لإحالة إلى النصوص القانونية المطبقة بشأنها .
الكلمات المفتاحية : مؤسسة الشغلية،مفتشية الشغل، الرقابة، التفتيش.
Résumé:
La paix et la stabilité sociale sont l’objectif le plus élevé que chaque État cherche à atteindre. Par conséquent, la plupart des pays du monde ont travaillé pour donner une priorité importante au droit social, compte tenu des effets positifs de cette loi, qui contribuent inévitablement au progrès et à la prospérité des sociétés. Le travail contribue largement à imposer l’application des règles de droit au sein des institutions du travail soumises à son contrôle et à déterminer dans quelle mesure les exigences de la loi sont respectées.
Le rôle de contrôle de l’inspecteur du travail est considéré comme un pilier de la mise en œuvre des dispositions de la loi sociale compte tenu du rôle préventif proactif qu’il joue dans la résolution préventive des conflits en exerçant la fonction de contrôle en visitant librement les institutions du travail Et procède à toutes les procédures, recherches et investigations qu’il juge nécessaires, et en cas d’infractions, il rédige des procès-verbaux dans lesquels il présente les actes matériels qui ont été saisis en référence aux textes juridiques appliqués à leur égard.
Mots-clés : institution professionnelle ; inspection du travail; contrôler; inspection .
المقدمة :
القانون هو مجموعة من القواعد التي تنظم حياة الفرد داخل المجتمع و تحكم علاقاته بها، و قانون الشغل لا يخرج عن هذا لإطار بتنظيمه للعلاقة الرابطة بين لأجير و مشغله بقواعد تهم هذا المجال خاصة بعدم عجزت قواعد القانون المدني لحماية هذه الطبقة بل زادت معاناتها نظرا لسيادة مبدأ السلطان لإرادة الذي يؤسس للعقد شريعة المتعاقدين مما يجعل الطبقة العاملة تحت تصرف أرباب العمل سواء من خلال ساعات العمل الطويلة أو لأجور الزهيدة أو ظروف العمل القاسية و كل هذه العوامل بالإضافة إلى تأثير لأفكار الاشتراكية و ضغط الحركات العمالية دفع بالتشريعات إلى تدخل في علاقة الشغل و محاولة حماية الطبقة العاملة من استغلال أرباب العمل وذلك من خلال خلق قوانين تلاءم خصوصيات هذه العلاقة، كما انه وضع عدة أجهزة للمراقبة تطبيق أحكام القانون ، و يعتبر جهاز مفتشية الشغل أهم الأقسام التي تتكون منها مديرية الشغل التابعة لوزارة التشغيل و التكوين المهني ، و يمثل الوزارة في ميادين تفتيش الشغل و التشغيل و الضمان الاجتماعي وان مفتش الشغل يعد موظفا تابعا للوزارة كما أن اختصاصاته محددة في مدونة الشغل طبقا للمقتضيات المادة 530 التي قد خولت لمفتشي الشغل مهمة ووسائل و إمكانية للقيام بوظيفته الرقابية وكذا مراقبة مدى تطبيق المؤسسات الخاضعة لرقابته لقواعد قانون الشغل . وللإحاطة بهذا المجال و لمعرفة مرتكزا ته التي تأسست عليها مضامينه ، سنعمل على طرح إشكال رئيسي :
إلى أي حد توفق المشرع في تنظيم اختصص الهيئة الرقابية في مدونة الشغل للدور الموكول لها في سبيل تحقيق التوازن و لاستقرار في علاقة الشغل؟
و ارتباطا بإشكالية الموضوع سنحاول الاعتماد على المنهج الوصفي لتحديد الإطار القانوني المنظم للوظيفة الرقابية لجهاز تفتيش الشغل ووسائل ممارستها، تم المنهج التحليلي للوقوف على أهم الجوانب و الإشكالات التي يثيرها هذا الموضوع.
وحتى نتمكن من ضبطه و لإحاطة به قمنا بتناول الموضوع بشكل يمكننا من دراسته من كل جوانبه معتمدين على تقسيم تنائيا كالتالي :
المبحث لأول :نطاق ممارسة الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل
المبحث الثاني : أهمية جهاز مفتشية الشغل في القانون الجنائي.
المبحث لأول :نطاق ممارسة الوظيفة الرقابية لمفيش الشغل
يعتبر الدور الرقابي الاختصاص الأصلي و الأساسي لمفتش الشغل سواء على المستوى الوطني أو الدولي ،فالمقصود بالوظيفة الرقابية حسن تطبيق لأحكام المتعلقة بالشغل في المؤسسات المخاطبة بالأحكام و القواعد الشغلية، و لمزيد من الدراسة و التدقيق لابد من تحديد المقاولات الخاضعة لرقابة مفتش الشغل و تمييزها عن غيرها (المطلب الأول) و تحديد صور و تجليات المهمة الضبطية لمفتش الشغل (المطلب الثاني).
المطلب لأول :تمييز المقاولة الخاضعة لرقابة مفتيش الشغل عن غيرها
يتجلى الدور الرقابي لمفتش الشغل في رقابته الدورية و المنتظمة لمدى احترام أحكام قانون الشغل بالمؤسسات الخاضعة للرقابته و التي يشملها نطاق تطبيق مدونة الشغل دون غيرها من المؤسسات الغير الخاضعة لراقبته .
و لتحديد مجال الرقابة سنقوم بدراسة هذه المؤسسات في (الفقرة لأولى )، بينما سنخصص (الفقرة الثانية) لتطرق للمقاولات الخاضعة لرقابة الخاصة .
الفقرة لأولى :المقاولات الخاضعة لرقابة مفتش الشغل
تخضع مجموعة من المؤسسات و المقاولات لرقابة مفتش الشغل وهذه المؤسسات تشمل غالبا أنشطة اقتصادية سواء تلك المعنية بالأنشطة الصناعية و التجارية و الفلاحية و الغابوية أو المؤسسات التي تمارس نشاطا حرا أو قطاع الخدمات و يتضح ذلك من خلال المادتين 1و2 من مدونة الشغل أو المقاولات الخاضعة لرقابة مفتش الشغل تتمثل في كل المقاولات الصناعية نظرا للمخاطر التي يتعرض لها الأجراء جراء استعمالهم للآلات المتطورة و كذلك المقاولات التجارية ومقاولة الصناعة التقليدية [1] .
كما تشمل رقابة مفتش الشغل أيضا مقاولات الاستغلال الفلاحية و الغابوية و توابعها و المقاولات التابعة للدولة و الجماعات المحلية إذا كانت تكتسي طابعا صناعيا أو تجاريا آو فلاحيا [2].
لكن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن المشرع المغربي استثنى من نطاق تطبيق المدونة مجموعة من الفئات كالقطاعات التي تتميز بطابع تقليدي طبقا للمادة 4 من مدونة الشغل و بالتالي ظلت هذه الفئات مستثناة من رقابة مفتش الشغل، وذلك لصعوبة إدخال كل فئات الطبقة العاملة لهذه لرقابة نظرا لكون اغلب العاملين يشتغلون في قطاعات غير مهيكلة مما يصعب معه حصر هذه الفئات إذ نجد تمثل مساحة كبيرة من النسيج الاقتصادي المغربي و عليه تظل الحماية التي يضمنها جهاز مفتشية الشغل على لأقل غير مكفولة لفئة عريضة من العمال.
الفقرة الثانية : المقاولات الخاضعة لرقابة خاصة
فإذا كان المشرع المغربي قد حدد المقاولات الخاضعة لرقابة جهاز مفتشية الشغل فان هناك بالمقابل قطاعات أخرى تتميز برقابة خاصة و بمقتضى نصوص خاصة وعلى سبيل المثال نذكر :
أ – القطاع المنجمي
يتميز العمل بالقطاع المنجمي بجسامة المخاطر التي قد يتعرض لها أجراء هذا القطاع من حوادث الشغل و لأمراض المهنية لذلك أوكل المشرع المغربي مهمة مراقبة قواعد حفظ الصحة و السلامة إلى أعوان سماهم ب بمفوضي الأمن ” طبقا لظهير 24 ذجنبر [3] 1960 وحسب الفصل 30 من هذا الظهير فان مفوض لأمن يقوم كل شهر يناير بتوجيه تقرير عن الأعمال التي قام بها إلى المصلحة الإقليمية للمناجم بالإضافة إلى إبداء رأيه حول الإجراءات اللازمة التي يراها معقولة و مناسبة لحماية الأجراء و تبقى هذه البيانات رهن إشارة العمال قصد الاطلاع عليها.
و يتعين على مفوضي الأمن بزيارة المقالع و الاستغلالات المنجمية مرتين في الشهر تشمل مراقبة الآبار و الدهاليز و تفقد الآلات و المغاسل الموجودة بالمقالع كما يخول لمفوضي لأمن القيام بزيارات إضافية عند و جود باعت يحمل الخوف من لأضرار المرتقبة و في هذا لإطار يقوم مفوض لأمن في إطار هذه المهمة الرقابية يقومون بتحرير محاضر ذات حجية خاصة بهذه الزيارات كما هو الحال بالنسبة لمفتشي الشغل و ذلك في حالة ضبطهم لأية مخالفة و تتم إحالتها لمصلحة المناجم و النيابة العامة للمحكمة المختصة [4].
ب – تفتيش في الملاحة البحرية
يتميز العمل البحري بمكانة خاصة نظرا لطبيعة الملاحة البحرية و ظروف العمل على ظهر السفن و اعتبار لهذه الطبيعة الخاصة فان المشرع المغربي اوجد لهذه العمل تنظيما خاصا لعقود الشغل البحرية بحيث أوكل المهمة الرقابية في الميدان البحري لأطر فنية متخصصة في هذا المجال طبقا لمرسوم 4أكتوبر 1977 المعتبر بمثابة النظام لأساسي الخاص بموظفي البحرية و الذي ينص على أن هيئة الشغل في الميدان البحري تتكون من مراقبي البحرية و التجارية و مفتشين مساعدين بالبحرية و الصيد البحري و مفتشي الملاحة البحرية و التجارية و الصيد البحري [5].
و تجدر لإشارة على انه هؤلاء المفتشين لا يجب عليهم التنقل مع السفن في كل الرحالات إلا أنه يتعين عليهم القيام بزيارات دورية للميناء قصد الاطلاع على ظروف الشغل و مراقبة الوقاية[6].
و في حالة وجود مخالفات المقتضيات القانونية فان هؤلاء المفتشين يعملون على تحرير محاضر تكون لها القوة التبوتية ما لم يثبت العكس كما لهم أن يستعينوا في أداء دورهم الرقابي بخبير أو عدة خبراء يتم تعينهم من القيادة البحرية .
المطلب الثاني : صور و تجليات لمهمة الضبطية المفتش الشغل
يمارس العون المكلف بتفتيش الشغل عدة أنواع من الرقابة أهمها الرقابة القانونية و التقنية (الفقرة لأولى ) و الرقابة لإدارية (الفقرة الثانية ).
الفقرة لأولى : الرقابة القانونية و التقنية
تعتبر الرقابة القانونية من بين أهم أنواع الرقابة التي يضطلع بها مفتشو الشغل حيت من خلالها يتمكنوا من الوقوف على مدى التزام أرباب المقاولات الخاضعة لرقابتهم التشريعية و التنظيمية و التعاقدية المتعلقة بالشغل[7].
ويقوم مفتش الشغل بتطبيق لأحكام القانونية المتعلقة بشروط العمل و حماية لأجراء أتناء قيامهم بعملهم وكما انه يراقب اتفاقية الشغل الجامعية بهدف ضمان حماية كبرى و امتيازات أفضل للطبقة العاملة.
إضافة إلى المهام التقليدية الموكولة لجهاز تفتيش الشغل و المتمثلة في مهام المراقبة القانونية فان مجال مفتش الشغل قد توسع في ظل مدونة الشغل ليتجاوز محتوى النصوص القانونية الشغلية و مراقبة تطبيق ليصبح عملا تقنيا نابعا بالأساس من ميدان حفظ الصحة و السلامة و عليه فمجمل النصوص التي جاءت في هذا المضمار تتعلق بتحديد تقني خاصة فيما يتعلق بأجهزة الوقاية من الحرائق و لإنارة و التدفئة و التهوية و مدى موافقة المواد المستعملة للتركيبات القانونية التي لا تضر سلامة لأجراء أو تعريض سلامتهم للخطر[8] .
كما أن لاتفاقيات الدولية الصادرة عن منظمة العمل الدولي في هذا المجال قد أسندت لمفتش الشغل مهمة مراقبة التجهيزات و المواد و المنتجات فضلا عن أساليب لإنتاج المستعملة و مراقبة نظافة أماكن العمل مما يتطلب من مفتش الشغل أن يكون ذا معرفة تقنية تؤهله للقيام بهذه الأدوار[9].
ورغم كل هذه الضمانات إلا أن الواقع العملي أتبت بان الرقابة التقنية تعاني من مجموعة ما المعيقات كعدم تكوين مفتشي الشغل بشكل مستمر خاصة في تقنيات التواصل و المعلوميات و القانون و الصحة و السلامة مما يحتاج لضرورة ماسة لتكوينهم تكوينا غنيا و مدققا [10].
الفقرة الثانية :الرقابة الإدارية
لحماية الطبقة العاملة من كل تعسف قد يمارسه المشغل على لأجراء فان المشرع اوجب على المشغل قبل اتخاذ أي إجراء يمكن أن يكون تعسفيا ضدهم إن يشعر بذلك العون المكلف بتفتيش الشغل أو الحصول على لإذن أو الموفقة المسبقة و من أمتله ذلك نشير إلى ما نصت عليه المادة 145 من مدونة الشغل عندما أكدت على منع تشغيل أي حدت دون الثامنة عشرة أو شخصا في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاولات التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي دون إذن مكتوب يسلمه مسبقا العون المكلف بتفتيش الشغل بخصوص كل حدت على حدة و ذلك بعد استشارة و لي أمره و يحق لهذا العون أن يسحب الإذن الذي سبق له أن سلمه في هذا الشأن.
و أيضا من المهام لإدارية التي تناط بجهاز مفتشية الشغل تلك الحالة التي تواجه فيها المقاولة أو المؤسسة صعوبات اقتصادية أو تغيرت تكنولوجية تكون إعادة الهيكلة امرأ ضروريا لأمر الذي يستدعي إغلاقها أو فصل لأجراء كلا أو بعضا حيت يقوم المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو لإقليم بدور مهم حيت بعد توصله بطلب المشغل المتعلق بالفصل يجري كل التحريات التي يراها ضرورية تم يوجه الملف داخل اجل لا يتعدى شهرا من توصله بالطلب إلى أعضاء لجنة إقليمية يرأسها عامل العمالة أو لإقليم من اجل دراستها أو البت فيها داخل اجل شهرين من التوصل بالطلب[11].
وبهذا حرص المشرع المغربي على توفير ضمانات حمائية لفائدة القواعد المتعلقة بالشغل بصفة عامة و تلك المتعلقة بتشغيل لأجراء لأحداث بصفة خاصة و دعمها بجزاءات جنائية ضمانا لعدم خرقها من قبل المشغلين[12] .
المبحث الثاني : أهمية جهاز مفتشية الشغل في القانون الجنائي للشغل.
إذا كان المشرع قد أناط بمتفتشية الشغل جملة من الاختصاصات و المهام ، سواء على المستوى القانوني أو على المستوى لإداري فإن المقتضيات القانونية تخولهم مجموعة من الوسائل و لآليات التي من شانها تمكينهم من أداء الاختصاصات و المهام الموكولة لهم ، و هكذا يرخص للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل بزيارة المؤسسات الخاضعة للمراقبة (المطلب الأول)، و بإنجاز التقارير و تحرير المحاضر (المطلب الثاني).
المطلب الأول :الآليات القانونية لممارسة الدور الرقابي المفتش الشغل
لكي تمارس مفتشية الشغل الرقابة على المؤسسات بشكل يضمن معه مرور عملية التفتيش بشكل جيد و فعال منحها المشرع الحق في زيارة و الدخول بكامل الحرية إلى كل مؤسسة خاضعة للمراقبة (الفقرة الأولى) إضافة إلى إعطائه الحق في توجيه لإنذارات كمسطرة قبلية (الفقرة الثانية ).
الفقرة لأولى :زيارات المخولة لمفتش الشغل
تعتبر الزيارات التفتيشية ضمانة هامة تضمن رقابة تطبيق القانون لاجتماعي و يقصد بالزيارة التفتشية عملية انتقال المفتش داخل المؤسسات و المقاولات الخاضعة لمدونة الشغل للوقوف على مدى احترام مقتضيات قانون الشغل[13].
و يحق لمفتشية الشغل الدخول بكل حرية إلى كل مؤسسة خاضعة للمراقبة، و بدون سابق إعلام أو تحديد للوقت، فالتفتيش قد يتم نهارا وقد يتم ليلا، فهذا الإجراء يهدف أساسا إلى تمكين أعوان التفتيش من ضبط المخالفات إذا كانت المؤسسة لا تحترم أحكام مدونة الشغل وهو ما يركل ضمانة أساسية لسلطة المراقبة [14].
كما خولت المقتضيات القانونية أيضا لأعوان التفتيش الدخول فيما بين السادسة صباحا و العاشرة ليلا إلى جميع الأماكن التي يحملهم سبب وجيه على افتراض أنها خاضعة لمراقبة مفتشية الشغل، و كذلك إلى جميع الأماكن التي يعمل فيها إجراء يشتغلون في منازلهم إلا أنه و إذا كان هؤلاء الأجراء ينجزون أعمالهم في محل مسكون، فإنه لا يمكن للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل دخوله إلا باد إذن ساكنيه و إذا كانت أحكام مدونة الشغل تسمح لأعوان التفتيش، إذا كانوا يحملون الوثائق التي تثبت المهام الموكولة إليهم في أن يدخلوا بكل حرية ودون سابق إعلام لكل مؤسسة تخضع لمراقبة مفتشية الشغل فانه يجب عليهم حين قيامهم بزيارة من زيارات المراقبة أن يخبروا المشغل أو من ينوب عنه بوجود هم إلا إذا اعتبروا أن هذا لإشعار قد يضر بفعالية المراقبة [15].
الفقرة ثانية : مسطرة توجيه لإنذارات كمسطرة قبلية
إذا كانت أحكام القانون تنص على مساءلة كل مخالف لأحكام القانونية المتعلقة بالشغل و بدون سابق إنذار فإنها مع ذلك هناك بغض لاستثناءات التي يشترط فيها توجيه إنذار سابق بغية معالجة الموقف أو اتخاذ إجراءات وقائية[16].
ويمكن تعريف لإنذار القبلي بأنه تذكير الشخص الذي قام بخرق القانون بالقانون الذي تم خرقه كاستثناء من المبدأ القانوني الذي يقضي بأنه ” لا يعذر بجهله للقانون[17].
و يوجه هذا لإنذار أو لإشعار من قبل مفتش الشغل لرئيس المؤسسة بنوع المخالفة مع تنبيهه إلى اتخاذ تدابير الكفيلة لاحترام و تطبيق أحكام قانون الشغل و تصحيح وضعية المقاولة غير انه إذا لم يلقى لإنذار الذي تم توجيهه أي استجابة لدى المشغل و في حالة رفض أو إهمال فـان للعون المكلف بتفتيش الشغل القيام بتحرير محضر بشان هذه المخالفات [18].
المطلب الثاني :تحرير المحاضر الزجرية و القوة التبوتية لها
تظهر الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل عند إيجاد مخالفات لأحكام مدونة الشغل أو غيرها من المقتضيات التنظيمية حيث تنجز تقارير ومحاضر بشأنها، وبالتالي لا يمكن تفعيل المقتضيات الزجرية الخاصة بمخالفات الشغل إلا بعد تحرير هذه المحاضر و إحالتها وفق المسطرة المحددة قانونا (الفقرة لأولى ) كما أن هذه المحاضر الزجرية تتميز بقوة تبوتية والتي سنتطرق لها في (الفقرة الثانية ).
الفقرة لأولى :تحرير المحاضر الزجرية لمفتش الشغل
إذا ضبط ارتكاب المشغل لمخالفات أحكام التشريع فان عون تفتيش الشغل يقوم بتحرير محضرا بشأنها ماعدا تلك الحالات التي يتم فيها توجيه إنذار أو الملاحظات لأجل لانضباط إلى ما تم خرقه ، و بالرجوع إلى مدونة الشغل نجدها لم تعط تعريفا للمحضر غير أن هذا لا يمنع من لاستئناس بالتعريف الوارد في المادة 24من قانون المسطرة المدنية التي عرفت المحضر بأنه “وثيقة مكتوبة يحررها ضابط الشرطة القضائية أتناء ممارس مهامه و يضمنها ما عاينه و ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصاته “[19].
و من خلال هذا التعريف فان المحضر وثيقة مكتوبة يضمنها مفتش الشغل ما عاينه أتناء ممارسته مهامه من مخالفات لتشريع الشغل و التثبت من وقوع الجرائم الشغلية و جمع لأدلة و البحت عن مرتكبيها [20] .
و بذلك فهو عمل يندرج في إطار المسطرة الجنائية بخصوص ضبط الجرائم المرتكبة
ولكي يعتد بالمحضر المتضمن لمخالفة أحكام القانون الجنائي للشغل يتعين أن يكون محررا و موقعا من لدن مفتش الشغل و يتضمن بكيفية و واضحة كل المعلومات الضرورية سواء تلك المتعلقة بمرتكبي الجريمة و الوقائع الخاصة بها و أيضا اسم العون المكلف بالتفتيش الذي قام بضبط المخالفة حتى يتمكن القضاء من معرفة ملابسات كل قضية .
الفقرة الثانية :القوة التبوتية للمحاضر الزجرية لمفتش الشغل
طبقا للفصل 539من مدونة الشغل الذي ينص على انه “يقوم لأعوان المكلفين بتفتيش الشغل بمعاينة المخالفات المتعلقة بأحكام هذا القانون و المقتضيات التنظيمية الصادرة بتطبيقه
و تثبيتها في محاضر يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها”[21]
وعليه فالمشرع المغربي جعل لمحاضر تفتيش الشغل قوة تبوتية يوثق بمضمونها إلى أن يثبت عكس ما فيها ليسو بينها و بين محاضر الضابطة القضائية بخصوص الجنح
و المخالفات التي تتم معاينتها شخصيا و ذلك وفق للمادة 539من مدونة الشغل و المادة 290من ق م ج .
و للإشارة فان القوة التبوتية للمحاضر ترتبط ارتباط وثيقا بالأفعال المادية المجرمة التي تما ضبطها بصفة شخصية من طرف مفتش الشغل لا بالوقائع التي يمكن أن يستخلصها من أقوال الشهود كالأجراء مثلا التي تبقى مجرد معلومات يمكن لاستئناس بها [22].
وما ينبغي التأكيد عليه هو أن القضاء المغربي و خاصة قضاة الدرجة لأولى ذهبوا إلى لاعتداد بمحاضر مفتش الشغل عند البت في دعاوى الموضوع كما أكدوا على أن محاضر مفتش الشغل تتمتع بقوة تبوتية قاطعة لا يطعن فيه إلا بزور [23].
وإذا كان المبدأ في مدونة الشغل أن محاضر تفتيش الشغل تتمتع بقوة التبوتية اللهم إذا تبت عكس ما هو مضمن فيه و بالتالي فان للقاضي السلطة التقديرية الواسعة لتقدير الدليل المثبت العكس أو يرفضه .
خاتمة :
نافلة القول،حاولنا في هذه الدراسة على الوقوف على مدى فعالية و نجاعة الوظيفية الرقابية لمفتش الشغل من خلال البحت في نظامه القانوني مع محاولة ربطها بالواقع العملي، و خلصنا على أن مهمة السهر على تطبيق قانون الشغل ورقابته هي الوظيفة لأساسية و التقليدية لمفتش الشغل ،غير أن هذا الجهاز أصبح يضطلع بعدد كبير و متنوع من المهام و لاختصاصات الخارجة عن نطاق دوره الرقابي إذ أصبح تدخله يكاد يكون شاملا لكل جوانب الحياة القانونية و لاقتصادية و لاجتماعية وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على نجاعة وظيفته الرقابية خاصة بعد تكريس مدونة الشغل اختصاص هيئة تفتيش الشغل لمهام المصالحة في نزاعات الشغل الفردية و الجماعية .
علاوة على هذا فالمشرع المغربي لم يقف عند هذا الحد بل تعداه إلى هو ابعد حينما جعل سلطة إحالة المحاضر ضبط المخالفات على جهة المختصة احتكارية في يد المندوب الإقليمي للشغل وحتى لإدارة المركزية في بعض لأحوال دون أن يكون لمفتش الشغل محرر المحضر أي تدخل في تقرير مصير الزجري .
إلى جانب القصور التشريعي فالواقع العملي كشف إلى حد بعيد بان جهاز مفتشية الشغل يواجه عدة صعوبات تحد من دوره في هذا المجال لذلك الكل مدعو للمساهمة في النهوض بجهاز هيئة تفتيش الشغل، من خلال إعطائها المكانة التي تستحقها ورفع التهميش عنها، وتحسين وضعيتها المادية والإدارية ومدها بالوسائل والأدوات اللازمة لتسهيل عملها، وتطوير مساطر وآليات تدخلها وجعلها قادرة على استيعاب البعد الجديد لدورها في مجال الشغل ودعم الاستثمار.
لائحة المراجع
- الكتب العامة و المتخصصة
- محمد الكشبور، نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي وأفاق المستقبل ،الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، سنة 1997.
- عبد اللطيف :خالفي كتاب الوسيط في مدونة الشغل ،الجزء لأول ، طبعة 2004 .
- محمد بهير :الحماية الزجرية للأجير في التشريع المغربي، دراسة نقدية على ضوء الشغل و العمل القضائي و المقارن ، مطبعة لأمنية الرباط ، السنة2017 .
- أمينة رضوان :تشغيل القاصرين في مدونة الشغل –الواقع و لأفاق – مطبعة الأمنية –الرباط، طبعة الثانية، سنة 2016 .
- الحاج الكوري :القانون لاجتماعي المغربي، مطبعة دار السلام، طبعة الثانية، السنة 2001.
- عبد اللطيف خالفي :الوسيط في مدونة الشغل الجزء لأول – علاقات الشغل الفردية، المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش ,الطبعة لأولى سنة 2004 .
- الرسائل
- خليل عبد الله،الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – تخصص القانون و المقاولة – جامعة الحسان لأول كلية العلوم سياسية بسطات، لسنة الجامعية 2018 / 2019.
- محمد المكي :الصلح في نزاعات الشغل بين التشريع و القضاء، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص قانون لأعمال و المقاولات، جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم السياسية بالرباط ، السنة الجامعية 2008 2009/.
- زوهير مروصي :هيئة تفتيش الشغل بين مهمة الرقابة و دور المصالحة في قانون الشغل المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم السياسية مراكش،السنة الدراسية 2009/ 2010 .
- يونس عنتيد : دور مفتش الشغل في ضبط مخالفات الشغل،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – تخصص القانون و المقاولة – جامعة مولاي إسماعيل ،كلية العلوم السياسية بمكناس السنة الجامعية 2020/2021 .
- صفاء العزوري : مفتشية الشغل كهيئة إدارية متدخلة في علاقات الشغل، رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية ، تخصص قانون لأعمال جامعة محمد الخامس كلية العلوم السياسية اكدال الرباط ،السنة الجامعية 2008 / 2009 .
- القوانين
- الظهير الشريف رقم 60. 007 بشان النظام لأساسي لمستخدمي المقاولات المنجمية، بتاريخ 24دجنبير1960، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 2514، بتاريخ30 دجنبر 1960.
- من مرسوم رقم 2 . 08 . 69 الصادر في 5رجب 1429 الموافق ل 9 يوليوز 2008 ،بشان النظام الأساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل، الجريدة الرسمية عدد 5649 ،الصادر في 17 رجب 1429( 21يوليوز 2008.
- ظهير شريف رقم 255 . 02. 1 صادر في 25 رجب 1423 الموافق ل 3اكتوبر 2002 بتنفيذ القانون رقم 22- 01، المتعلق ب ق م ج المنشور في الجريدة الرسمية، عدد 5087 بتاريخ 27ذي القعدة 1423 الموافق 30 يناير 2003 .
[1] صفاء العزوزي :مفتشية الشغل كهيئة إدارية متدخلة في علاقات الشغل ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية – تخصص قانون لأعمال جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و السياسية اكدال الرباط ،السنة الجامعية 2008/2009 ،الصفحة : 3.
[2] عبد اللطيف خالفي :الوسيط في مدونة الشغل الجزء لأول – علاقات الشغل الفردية ،المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش، الطبعة لأولى سنة 2004 ،الصفحة : 104.
[3] الظهير الشريف رقم 1. 60. 07 ,بشان النظام لأساسي لمستخدمي المقاولات المنجمية ،بتاريخ 24دجنبير1960،المنشور في الجريدة الرسمية عدد 2514 ،بتاريخ 30 دجنبر 1960.
[4] صفاء العزوري : مفتشية الشغل كهيئة إدارية متدخلة في علاقات الشغل، رسالة لنيل دبلوم الماستر في العلوم القانونية ،تخصص قانون لأعمال جامعة محمد الخامس كلية العلوم السياسية اكدال الرباط ,السنة الجامعية 2008 / 2009 ،الصفحة : 10.
[5] الفصول 8 و10و12 من مرسوم أكتوبر 1977 ،بمثابة النظام لأساسي الخاص بموظفي البحرية .
[6] الحاج الكوري :القانون لاجتماعي المغربي، مطبعة دار السلام، طبعة الثانية، السنة 2001، الصفحة : 84.
[7] ننص المادة التالتة من مرسوم رقم 69. 08 . 2 الصادر في 5رجب 1429 الموافق ل 9 يوليوز 2008 ،بشان النظام الأساسي الخاص بهيئة تفتيش الشغل،الجريدة الرسمية عدد 5649 ،الصادر في 17 رجب 1429( 21يوليوز 2008) ص : 2268 على انه” يضطلع مفتش الشغل بالمهام المحددة في مدونة الشغل و لا سيما :السهر على تنفيذ المقتضيات التشريعية و التنظيمية و التعاقدية “.
[8] عبد اللطيف خالفي :حوادث الشغل و الأمراض المهنية ،المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش، طبعة 2003 ،الصفحة : 40إلى 42.
[9] و في هذا الصدد يقول لأستاذ BLAISEأن مفتش الشغل بالإضافة إلى معلوماته القانونية فانه يملك معلومات تقنية ، تساعده على معرفة مشاكل السلامة التي تظهر من إنشاء منابع جديدة للطاقة، ووسائل الشغل و الصنع التي لم تكن تستعمل سابقا.
[10] محمد بهير :الحماية الزجرية للأجير في التشريع المغربي، دراسة نقدية على ضوء الشغل و العمل القضائي و المقارن، مطبعة لأمنية الرباط، السنة 2017 الصفحة : 145.
[11] محمد طارق : مرجع سابق ص : 97.
[12] أمينة رضوان :تشغيل القاصرين في مدونة الشغل –الواقع و لأفاق – مطبعة الأمنية –الرباط طبعة الثانية ،سنة 2016 ،الصفحة :98.
[13] زوهير مروصي :هيئة تفتيش الشغل بين مهمة الرقابة و دور المصالحة في قانون الشغل المغربي ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،جامعة القاضي عياض ،كلية العلوم السياسية مراكش،السنة الدراسية 2009 2010،الصفحة : 45 .
[14] عبد اللطيف :خالفي كتاب الوسيط في مدونة الشغل ,الجزء لأول ، طبعة 2004 ،الصفحة : 142 .
[15] الفقرة الأولى من المادة 534 من مدونة الشغل .
[16] المادة 17من لاتفاقية رقم 81، المتعلقة بالعمل في الصناعة و التجارة.
[17] يونس عنتيد : دور مفتش الشغل في ضبط مخالفات الشغل، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – تخصص القانون و المقاولة – جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم السياسية بمكناس السنة الجامعية 2020/2021 ،الصفحة : 13 .
[18] خليل عبد الله، الوظيفة الرقابية لمفتش الشغل ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – تخصص القانون و المقاولة – جامعة الحسان لأول كلية العلوم سياسية بسطات، لسنة الجامعية 2018/ 2019 الصفحة : 19 .
[19] ظهير شريف رقم 1- 02- 255 صادر في 25 رجب 1423 الموافق ل 3اكتوبر 2002 ،بتنفيذ القانون رقم 22- 01 ،المتعلق ب قنون المسطرة الجنائية ، المنشور في الجريدة الرسمية ،عدد 5087 بتاريخ 27ذي القعدة 1423 الموافق 30 يناير 2003 ، الصفحة : 315
[20] محمد المكي :الصلح في نزاعات الشغل بين التشريع و القضاء،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، تخصص قانون لأعمال و المقاولات ،جامعة محمد الخامس السويسي، كلية العلوم السياسية بالرباط ، السنة الجامعية 2008 2009/، الصفحة : 112
[21] ويكون المشرع المغربي بهذا المقتضى قد سوى بين هذه المحاضر و تلك المحررة من طرف ضبط الشرطة القضائية.
[22] محمد الكشبور ، نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي وأفاق المستقبل ،”الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، سنة 1997 ، ص : 51 .
[23] جاء في إحدى حيثيات هذا الحكم ” و حيت أن المحاضر المنجزة من قبل أعوان مفتشية الشغل تعتبر لها قوة الإثبات القاطع بما عاينه موظفوها و يوثق بتحرياتهم حسب منطوق القانون و لا يطعن فيها إلا بالزور ”
- حكم صادر عن المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، تحت عدد29663 بتاريخ 2007 11 01 ، في ملف جنحي عادي 07 13263 ،حكم غير منشور .