تداعيات التجارة الدولية خلال القرن 20 والتحديات الراهنة للتعزيز حقوق الإنسان البيئية الباحث : مكروم بدر
تداعيات التجارة الدولية خلال القرن 20 والتحديات الراهنة للتعزيز حقوق الإنسان البيئية
الباحث : مكروم بدر
طالب باحث، القانون العام والعلوم السياسية، جامعة القاضي عياض (المغرب)
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

تداعيات التجارة الدولية خلال القرن 20 والتحديات الراهنة للتعزيز حقوق الإنسان البيئية
الباحث : مكروم بدر
طالب باحث، القانون العام والعلوم السياسية، جامعة القاضي عياض (المغرب)
الملخص:
إن العلاقة بين التجارة الدولية والبيئة وحقوق الإنسان مليئة بالتعقيدات، نظرا للتحديات الراهنة، خاصة وأن التجارة الدولية ثبت أنها تأثر على تغير المناخ واستنزاف الموارد الطبيعية إلى جانب تجاوز الشركات العابرة للقارات للحقوق الأساسية للعاملين، الشيء الذي استدعى دمج الأحكام البيئية والبنود الاجتماعية في اتفاقيات التبادل الحر وتنزيلها في التشريعات الوطنية للدول. فقد حان الوقت حقا للنظر إلى المشاكل البيئية من وجهة نظر أخرى مختلفة عن تلك التي اقترحها الباحثون والمختصون خلال النصف الثاني من القرن 20 والبحث عن ديناميات جديدة للتنمية الاقتصادية دون المساس بالحقوق البيئية والطبيعة المشتركة للإنسانية، وهي المقاربة المنهجية التي اعتمدناعليها في ورقتنا البحثية بتحليل النصوص التنظيمية والاتفاقيات الدولية والقراءة النقدية لسياسات وأجندات المنظمات الدولية المعنية. وحتى لو كانت منظمة التجارة العالمية تفضل الفتح اللامشروط للأسواق، فإن معظم الحكومات أصبحت، مع مطلع القرن الجديد، تشجع التنمية المستدامة. ولا تزال التجارة العالمية وحماية البيئة أمرين مهمين في ميزان العلاقات الدولية والعولمة، رغم أن السياسات البيئية الوطنية غير متماثلة لبعضها البعض، ونفس الشيء يتعلق بالسياسات التجارية للدول. وفي هذا السياق، يهدف الخطاب العام في الوقت الراهن إلى بناء تجارة أكثر استدامة واحتراما لحقوق الإنسان.
الكلمات المفتاحية: الاقتصاد الدولي المعولم؛ حقوق الإنسان البيئية؛ أهداف التنمية المستدامة؛ التجارة الدائرية والمنصفة؛
The Implications of International Trade during the 20th Century and the Current Challenges of Eco-human Rights Consolidation
MAKROUM Bader,
PHD Student – Public Law & Politic Sciences, Cadi Ayyad University (Morocco)
Abstract:
The relationship between international trade, the environment and human rights is full of complexities, given the current challenges, especially since international trade has been proven to affect climate change and the depletion of natural resources, in addition to the transnational corporations’ violation of the basic rights of workers, which necessitated the integration of environmental dispositions and social clauses into free trade agreements and their implementation in the national legislation of countries.
It is really time to look at environmental problems from a different perspective than that was proposed by researchers and specialists during the second half of the 20th century, and to search for new dynamics for economic development without compromising environmental rights and the common nature of humanity. Which is the methodological approach that we relied on in our research paper by analyzing regulatory texts and international agreements and critically reading of policies and agendas of the relevant international organizations.
Even if the WTO favors unconditional opening of markets, most governments have, at the beginning of the new century, encouraged SD. In fact, global trade and environmental protection remain important in the balance of international relations and globalization, although, national environmental policies are not identical to each other, and the same applies to the trade policies of countries. In this context, the public discussion currently aims to build a more sustainable trade that respects human rights.
Keywords: Globalized International Economy; Environmental Human Rights; Sustainable Development Goals; Circular & Fair Trade;
تمهيد
إن تخفيض الحواجز الجمركية وتسهيل العمليات المتعلقة بتحرير التجارة أدى إلى تعزيز المبادلات التجارية الدولية في سياق يتميز بانخفاض في تكاليف الإنتاج وتطوير لمجموعة من أشكال التوصيل والتوزيع، سواء الجوية أو البحرية أو البرية.
فمنذ الحرب العالمية الثانية، زاد تدفق السلع المتبادلة بين الدول بمعدل غير مسبوق، مدفوعًا باتساع رقعة العولمة وتأسيس مجموعة من المنظمات الاقتصادية ذات الطابع الدولي. يعد هذا النمو جزءا من عملية العولمة التي شملت عددا متزايدا من اللاعبين الدوليين، مما مكن من توفير السلع والخدمات وإعادة خلط وتوزيع الأوراق بين القوى التجارية على مستوى الكوكب. إلا أن هذه السيرورة حملت أيضا آثارا متعددة على حقوق الإنسان والبيئة بسبب التلوث المباشر للهواء والماء والتربة، والمرتبط بالنقل وتكثيف الإنتاج وأولويات تحقيق الأمن الغذائي للإنسان. هذا الواقع المعقد، دفع العديد من الخبراء والمختصين إلى بحث العلاقة المتبادلة بين التجارة والبيئة وحقوق الإنسان.
إن القضايا المتعلقة بالاستغلال المفرط للموارد مقابل ندرتها، والتغير المفرط للمناخ، و تنوع التكنولوجيات الحديثة للإنتاج، والحاجة إلى إطعام عدد متزايد من السكان، أصبحت الآن من بين المواضيع الأساسية لأي تفكير في المقاربات التنظيمية والفقه القانوني الدولي للبيئة، واستغلال مخرجات السياسات الدولية في هذا الخصوص من مؤتمر ستوكهولم ودعوته لخلق تنظيم مخصص للبيئة على الصعيد العالمي، مرورا بتقرير لجنة برانتلاند حول مستقبلنا المشترك الذي جاء بمفهوم التنمية المستدامة، ومؤتمر ريو دي جانيرو حول البيئة والتنمية و إعلان جوهانسبورغ واتفاق باريس لسنة 2015 وغيرها من الأحداث الرسمية الدولية.
سنحاول التركيز في هذه الورقة البحثية الموجزة على تطور قضايا وتحديات التجارة الدولية وعلاقتها بالمفاوضات البيئية المتعددة الأطراف، والتي تهدف إلى التوفيق بين الضرورات البيئية ومصالح الفاعلين التجاريين، وكذا معرفة الدور الذي يمكن أن يلعبه العلم والسياسة في هذا المجال. في هذا السياق، تتزايد الخطابات حول التجارة المستدامة والصديقة للبيئة بهدف الرفع من مستوى الوعي العالمي بالمخاطر التي يواجهها السكان والكوكب بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري واستنزاف الموارد.
أولا: التجارة الدولية في مواجهة المخاوف البيئية: من أجل باراديغم جديد؟
إن العلاقة بين التجارة الدولية والبيئة تظل معقدة ومتعددة الأوجه، فمن ناحية، يمكنها أن تحدث آثارا إيجابية، ومن ناحية أخرى، يمكن أن تؤدي أيضا إلى ضغوط سلبية، فمحاولة التوفيق والربط بين التجارة الدولية والحفاظ على البيئة يصعب قبولها من قبل بعض المختصين، مما دفع بعضهم إلى بحث التأثيرات الممكنة والمتبادلة بينهما. الشيء الذي دفع منظمة التجارة العالمية إلى الانخراط في هذه الأبحاث من أجل إيجاد مقاربة تجارية معقولة لحماية البيئة واعتمادها على الأصعدة الوطنية والمحلية.
إلا أن الدول للأعضاء ملزمة بالأخذ في الاعتبار بأن التدابير المتعلقة بالتجارة التي تهدف إلى حماية البيئة، يجب أن تستخدام بشكل تعسفي لأغراض حمائية، وممارسة قيود على المبادلات التجارية الدولية، خصوصا من طرف دول الجنوب التي تشتكي تضررها من الأثار المناخية ومن النظام الاقتصادي العالمي النيوليبرالي الغير عادل.
- المنظمة الدولية للتجارة ومقاربتها لحماية البيئة
إن تاريخ المفاوضات البيئية يتخلله مجموعة من الأحداث المهمة والمعبرة، بدء من إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) ووصولا إلى التوصل لبروتوكول كيوتو Kyoto Protocole. حيث تعكس هذه الوقائع التاريخية تطور التصورات الدولية والتمثلات العالمية للبيئة والجهود المبذولة لمعالجة هذه القضايا على نطاق عالمي[1].
هذه المفاوضات تكتسي أهمية حاسمة، خصوصا في زمن تجاوزت فيه التحديات البيئية الحدود الوطنية للدول. وفي مواجهة مشاكل مثل تغير المناخ، وتراجع التنوع البيولوجي وتدهور النظام البيئي، يعد التعاون العالمي ضروريًا لتطوير حلول فعالة ومبتكرة.
هناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي يرجع لها الفضل في تطور القانون البيئي بشكل أساسي وتكريسه شيئًا فشيئا وفي مختلف القطاعات والمستويات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية. أولاً، الاتفاقيات ذات النطاق العالمي، التي غالباً ما يتم اعتمادها خلال المؤتمرات الكبرى ويتم التوقيع عليها في إطار الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة، على سبيل المثال لا الحصر: “اتفاقية التنوع البيولوجي” و”اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ لعام 1992″.
ثم تأتي المعاهدات الإقليمية أيضا في مكانة ثانية، إذ تتميز بالتعددية والتنوع[2]. ففي أوروبا مثلا، تظل اتفاقية آرهوس Aarhus Convention بشأن الوصول إلى المعلومات ومشاركة العموم في صنع القرار وكذا الولوج إلى العدالة في القضايا والمسائل البيئية في عام 1998 طفرة نوعية في مدى انخراط الاتحاد الأوروبي كتكتل اقتصادي في مسألة العدالة البيئية والمساهمة في القضاء على الجرائم ذات الطابع البيئي.
أما في أفريقية، فقد كان الخبراء أكثر اقتناعا بأنها الأكثر تأثر بالتغيرات المناخية، حيث تعود أول اتفاقية في هذا المجال إلى سنة 1968 من خلال اتفاقية الجزائر بشأن الحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية، حيث حلت محلها اتفاقية مابوتو الأفريقية المؤرخة بتاريخ 11 يوليو – تموز 2003 بشأن الحفاظ على الطبيعة والموارد الطبيعية Maputo convention on nature and Natural resources conservation من أجل تكييفها مع المفاهيم الجديدة مثل التنمية المستدامة والتنوع الحيوي والطاقة المتجددة وغيرها.
وفي القارتين الأمريكية والأسيوية، كانت الهواجس مشتركة والأهداف جد متقاربة، إذ تعود أهم اتفاقية في القارة الأمريكية في هذا الخصوص إلى سنة 1940 عبر توقيع اتفاقية واشنطن بشأن حماية الحياة النباتية والحيوانية وجمال الطبيعة لدول أمريكا Convention of Washington. أما في قارة أسيا، فتمت المصادقة على اتفاقية الكويت الإقليمية للتعاون في حماية البيئة البحرية من التلوث لعام 1978، استجابة إلى الاتجاه العام في سبعينات القرن الماضي بخصوص حماية المحيطات من الملوثات الكيميائية، في إطار تنزيل مخرجات مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية لسنة 1972 Stockholm Conference. [3]
القارة القطبية الجنوبية تخضع لحماية خاصة في مجال حماية البيئة البشرية، حيث أنها تظل القارة الأكثر تهديدا بتأثير التغيرات المناخية وتفشي ظاهرة الكوارث الطبيعية، تظهر هذه الحماية بموجب اتفاقية لندن لحماية فقمة القارة القطبية الجنوبية لعام 1972، وبروتوكول معاهدة أنتاركتيكا بشأن حماية البيئة Protocole on environmental protection، الموقع في مدريد عام 1991.
رغم غنى هذا المزيج من الأحكام ومقتضيات المواثيق الدولية، إلا أن القضية ككل لا تخلو من تحديات سياسية واقتصادية على حد سواء، إذ أن فائدتها تعتمد، إلى حد كبير، على كيفية اعتماد وتنزيل إجراءاتها على الأصعدة الوطنية والمحلية مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجغرافية والطبيعية لكل مجال على حدى[4]. وبالتالي فإن فعالية هذه الاتفاقيات الدولية وبروتوكولاتها تتأثر دائمًا بمجموعة من العوامل، بما في ذلك التشريعات الوطنية (صياغة القوانين واعتمادها وإنفاذها من قبل السلطات المختصة)، وكذا ميكانيزمات التعاون الدولي، والانخراط المسؤول لكافة الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين، بما فيهم الشركات[5].
إن أخذ القضية البيئة بعين الاعتبار في المفاوضات التجارية، خصوصا تلك التي تشرف عليها المنظمة العالمية للتجارة، يجب أن يشكل أولوية متزايدة مع إدراك المجتمع الدولي لأهمية إيجاد التوازن بين التجارة العالمية وحماية البيئة المشتركة للإنسانية[6].
في الواقع، إن العلاقة بين التجارة الدولية والبيئة تظل معقدة ومتعددة الأوجه. فمن ناحية، يمكن للتجارة الدولية أن تحدث آثارا إيجابية على البيئة من خلال ضمان تقاسم الموارد وتعزيز التكنولوجيات النظيفة والاستفادة من أهداف التنمية المستدامة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن تؤدي أيضا إلى ضغوط سلبية على البيئة، مثل الإفراط في استغلال الموارد، والتلوث، الإضرار بالتنوع البيولوجي[7].
محاولة التوفيق والربط بين التجارة الدولية والحفاظ على البيئة يصعب قبولها من قبل بعض المختصين الاقتصاديين، الذين لم يصبحوا مهتمين بهذه العلاقة إلا في وقت متأخر من القرن 20، بقدر ما يكون عليه تأثير التدفقات التجارية على البيئة ملموسا وغير متحكم فيه، حيث أن الانبعاثات تتجاوز تلك الناجمة عن نقل البضائع والرفع من التصنيع، فإن المشاريع النظرية تسلط الضوء على ثلاث آليات رئيسية يمكن للتجارة الدولية من خلالها أن تكتسي تأثيرا سلبيا مطلقا على البيئة حسب أطروحة العالمين الاقتصاديين كوبلاند وتايلور (2004)[8]، هذه التمظهرات تتجلى في: التأثير السلمي والتأثير التركيبي والتأثير التقني[9].
- التأثير السلمي (the scale effect)، ارتقاع المبادلات التجارية بإمكانه أن يؤدي إلى الرفع الاضطراري للإنتاج، الشيء الذي من شأنه المساهمة في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تساهم في تلوث الهواء؛
- التأثير التركيبي (the composition effect)، يؤدي التحرير الفعلي للتجارة إلى تغيير وتعديل بنية المنتجات والخدمات المقدمة وفقا لخصوصيات وامتيازات الدول المعنية (comparative advantages). الشي الذي من شأنه التحفيز على نقل وسائل الإنتاج إلى الدول ذات الانبعاثات الكربونية العالية، بغض النظر عن تكاليف الإنتاج؛
- وأخيرا من الممكن أن يكون للتجارة الدولية تأثير التقني (the technical effect)، فهي قادرة على تعديل وسائل الإنتاج، من خلال توفير الوسائل التكنولوجية وخفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي المساهمة في النقص من حدة الانبعاثات.
في هذا الإطار، تهدف المفاوضات داخل دهاليز المنظمة العالمية للتجارة في سبيل تعزيز المنتوجات الصديقة للبيئة عن طريق تقليص القيود الجمركية على التقنيات الأقل تلويثا.
- قيود التجارة الدولية المفروضة على التدابير البيئية المشتركة
يمكن للمنظمة العالمية التجارة أن تلعب دوراً أكثر أهمية في المفاوضات البيئية الدولية. ففي جولة الدوحة في متم سنة 2001، على سبيل المثال، وحتى في اتفاق مراكش لسنة 1994، تفاوض أعضاء المنظمة حول جوانب متعددة للتجارة المتعلقة بالبيئة[10]، أخذا بعين الاعتبار بأن عددا كبيرا من الدول المشاركة في المفاوضات هي من دول العالم الثالث، المتضررة بشكل ملموس من التغيرات المناخية التي عرفها العقد الأخير من القرن 20. وبالتالي، فإن الأمر متروك للأعضاء لكي يأخذوا في الاعتبار التدابير المتعلقة بالتجارة التي تهدف إلى حماية البيئة، بشرط استيفاء عدة شروط لتجنب الاستخدام التعسفي لهذه التدابير لأغراض حمائية. وقد تتعلق هذه التدابير بجوانب بيئية مثل مكافحة تلوث الهواء، وحماية الحياة والصحة الإنسانية والحيوانية والنباتية، والحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة[11].
لا شك بأن النقاشات الاقتصادية حول العلاقة بين التبادلات التجارية والحماية البيئية تصاحبها العديد من المفاوضات الدولية ذات الطبيعة السياسية أو الإيديولوجية أكثر منها علمية، خصوصا فيما يتعلق بالعلاقات المتوترة بين دول الشمال والجنوب من حيث المصالح Conflict of Interests وكذا شروط المنافسة المرتبطة بها من جهة، ومسألة الحكامة الدولية، مثل ما نتج عن اتفاق باريس لسنة 2015 من مخرجات جد مهمة.
تحاول المنظمة العالمية للتجارة قدر الإمكان أن تساهم في حماية البيئة بعدة طرق، لا سيما من خلال التدابير المتعلقة بالتجارة التي سبق ذكرها[12]. كما أنها تتوفر على آلية لتسوية المنازعات يمكنها مراجعة المنازعات التجارية المتعلقة بالبيئة وإصدار قرارات ملزمة قانونيا. علاوة على ذلك، نجحت المنظمة في إنشاء لجنة للتجارة والبيئة، تم تكليفها بدراسة العلاقات الممكنة والتأثيرات المتبادلة بين التجارة والبيئة، إذ تقدم توصيات بشأن التغييرات المحتملة في الاتفاقيات التجارية التي سبق توقسعها من طرف الدول الأعضاء.
في الواقع، عدد اتفاقيات التجارة الإقليمية في تزايد مستمر، بالنظر إلى هدفها الرئيسي المتمثل في خلق الثروة وتحقيق الرخاء الاقتصادي للدول الأعضاء. هذا علاوة على أن حجم المبادلات التجارية بين دول العالم ارتفع بشكل ملحوظ مع المفاوضات التجارية متعددة اللأطراف التي سبقت إنشاء منظمة التجارة العالمية، حيث أن حجم التجارة العالمية تضاعف 7.8 مرة في الفترة من 1980 إلى 2022، بينما زاد حجم الناتج الإجمالي العالمي Global GDP 4.1 مرة[13].
في المقابل، يرافق هذا النمو الاقتصادي امتصاص حاد للموارد الطبيعية، على سبيل المثال، حالة التجارة بالمنتجات الفلاحية التي تضع منسوب المياه الجوفية في موقف صعب وجد حساس، علما بأن الزراعة تستهلك أكثر من 45% من الموارد المائية. في الواقع، إن تحسين الزراعة مطلوب بشدة عبر الاعتماد على الابتكار والبحث عن أساليب وتكنولوجيات جديدة في الإنتاج تأخذ بعين الاعتبار ترشيد استعمال الموارد والخامات، خصوصا فيما يتعلق باستهلاك المياه الجوفية، وذلك على أساس الاعتماد عن زراعة وتجارة النباتات والمنتوجات الفلاحية التي لا تستهلك الكثير من الموارد المائية.
هذه المتغيرات تؤثر على البصمة البيئية، الشيء الذي يدفع إلى اقتراح إعداد جداول تقييمات بيئية من أجل الحفاظ على التوازن بين الموارد المتاحة والطلب على استهلاك هذه الموارد نفسها، لصالح مسألة الاستدامة. فوفقاً لتقرير الكوكب الحي لسنة Living Planet Report (2018) في عدده 12 والصادر عن الجمعية العالمية لعلم الحيوان – مقرها لندن، فقد استخدمت البشرية فعليا ما يعادل كوكباً ونصف الكوكب من الموارد منذ عام 1966 إلى حدود تاريخ إصدار التقرير سنة 2018[14]. هذا المؤشر يعطي فكرة عامة على الاستغلال المجحف والحاد لموارد الكوكب من أجل الاستجابة للحاجيات الاستهلاكية لكافة سكان العالم.
أبعاد أخرى ذات طبيعة سياسية ومؤسساتية للعلاقة بين التجارة والبيئة على المستوى الدولي ترجع إلى أوجه القصور المعروفة سلفا، والتي لن يسعنا المجال لتناولها بهذه الورقة البحثية الموجزة، تتمثل في الحكامة أو الحكومة العالمية « World Government »[15] التي تتأسس على الإرادة السياسية للدول، القائمة على السيادة الوطنية بالمعنى الويستفالي « Westphalien State » للمصطلح[16]. فعلى سبيل المثال، من أجل التوفيق بين إيديولوجية منظمة التجارة العالمية من جهة، والاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف من جهة أخرى، سيكون من الضروري وضع قائمة للأولويات على المستوى الدولي، الشيء الذي يمثل شكلا من أشكال توظيف المنفعة الجماعية من أجل ترشيد تدبير الموارد العالمية على نطاق شامل، لا يخضع لمنطق الحدود السياسية والجغرافية، اعتمادا على مجموعة من المبادئ الأساسية[17].
لا شك بأن المنظمة العالمية للتجارة WTO باعتبارها فاعلا أساسيا في العلاقات الاقتصادية الدولية للقرن الحالي، وقبل الاتفاقية العامية للتعريفات الجمركية والتجارة GATT، تهدفان إلى تحرير المبادلات التجارية بين دول العالم من كافة العراقيل التي تحول دون تحرير التجارة العالمية، كما تتغيى تحقيق الكفاءة والفعالية من حيث توفير السلع والخدمات الأساسية بأقل التكاليف الممكنة، من أجل المساهمة في تحقيق الرخاء الاقتصادي وتكريس الأمن الغذائي في كل مناطق العالم. إلا أن واقع الحال البيئي والمناخي المتردي في السنوات الأخيرة للقرن العشرين فرضت تغيير بعض المبادئ المتعددة الأطراف Multilateral Principles، وتعديل بعض الأوجه المميزة للإيديولوجية النيوليبيرالية Neoliberal Ideology للمؤسسة ككل، الشيء الذي دفعها للقيام بمشاورات من مؤسسات أخرى (يتعلق الأمر بمجموعة البنك الدولي WB وصندق النقد الدولي IMF) من أجل بحث أوجه التجاذب والتنافر بين التجارة والبيئة من أجل وضع أسس علمية لنظرية أكثر استدامة[18].
من بين آثار هذه النظرية، في الواقع، حصر مسؤولية التوفيق بين البيئة والتجارة على المستويات الوطنية للدول، مع اعتماد سياسات ومعايير تعزز الاستدامة واحترام حقوق الإنسان. بالإضافة إلى توحيد الإرادة الدولية، ومواجهة الخلافات التي تنشأ بين الدول والامتيازات الجماعية والمصالح ذات طبيعة غير المتجانسة[19].
ثانيا: رهانات التوفيق والتوازن بين النمو التجاري والحماية البيئية
على الرغم من أن فرضية الدعم المتبادل بين التجارة والبيئة مثيرة للاهتمام من الناحية النظرية، إلا أنها معقدة ومثيرة للجدل من الناحية العملية والإجرائية. ولذلك فمن الضروري مواصلة دراسة هذه القضية ومناقشتها من أجل فهم أفضل لآثارها وقيودها.
لذلك سنعرض في بحثنا فكرة قاعدة البيانات التي اعتمدها البنك الدولي، والتي تعتمد على سرد معظم الاتفاقيات التجارية التي تم التوقيع عليها خلال الخمسين سنة الماضية، وبالتالي، يمكننا أن نميز ما بين الأحكام البيئية المختلفة التي تم تضمينها من ناحية، ثم نمييز درجة تطبيق هذه الأحكام أو تنفيذ مقتضياتها. لذلك فهو أكثر من مجرد إدراج بحكم القانون « de jure »، ولكن بحكم الأمر الواقع « de facto »، لهذا، فما يهمنا أكثر هو مدى تمتع هذه الأحكام بقوة القابلية للتنفيذ، باعتبار أن القضايا البيئية لطالما كانت تخضع لمجموعة من القواعد غير المقترنة بالجزاءات القانونية « Soft Law » والتي تقدم فقط توصيات لاعتماد الممارسات المسؤولة.
- من مقاربة تجارية ربحية إلى تجارة دولية أكثر استدامة وإنسانية
لا يختلف اثنان على أن التجارة نشاط اقتصادي أساسي، إن لم يكن النشاط الأكثر أهمية في المجال الاقتصادي؛ فتعزيز المبادلات التجارية الدولية يساهم في نشر الرخاء الاقتصادي وتفعيل الأمن الغذائي للإنسانية عبر توفير المواد والمنتوجات الأساسية بوفرة وبأقل تكلفة ممكنة. في الجانب الأخر، الظروف المناخية غير الملائمة من جفاف وفياضانات تحد من إمكانيات الإنتاج الزراعي، الشيء الذي يؤثر سلبا على سياسات التشغيل والأمن الغذائي[20].
ففي إطار الدراسة التي أشرفت عليها المنظمة العالمية للهجرة التابعة للأمم المتحدة بمعية البرنامج الغذائي العالمي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (IFAD) وبنك التنمية للبلدان الأمريكية (IDB)، حول العلاقة بين اللاأمن الغذائي والهجرة، والتي اعتمدت على معطيات لها علاقة بالإنتاج الفلاحي للدول التابعة لمنظمة الدول الأمريكية Organization of American States[21]، كانت النتيجة الرئيسية التي توصل بها الباحثون والخبراء المشاركون تتمثل في اعتبار غياب الأمن الغذائي العامل الثاني للهجرة من أمريكا الوسطى نحو أمريكا الشمالية، بعد عاملي الفقر والبطالة، حسب تعبير ساكنة دول مثل السالفادور وغواتيمالا والهندوراس.
خلال افتتاح المؤتمر، اعتبر السفير البرازيلي نيستور مينديز، الأمين العام المساعد التاسع لمنظمة الدول الأمريكية: ” بدون حقوق الإنسان، لا يوجد إدماج اجتماعي ولا ديمقراطية ولا مجتمع سلمي “. وأضاف: “طالما أن الملايين من مواطنينا يعانون من الجوع، وطالما أن فوائد التنمية لا تصل إلى الجميع، وطالما أن الثروة مملوكة لعدد قليل فقط، فلا يمكننا أن نضمن الطريق إلى الديمقراطية في منطقتنا”[22].
تتضمن خطة العمل للبيئة الصادرة عن مؤتمر ستوكهولم (1972) ثلاث توصيات مخصصة للعلاقة بين التجارة والبيئة (103، 104، 105) والتي تنص على أن “جميع الدول […] تتفق على عدم التذرع باهتمامها بحماية البيئة كذريعة لتطبيق سياسة تمييزية أو الحد من الوصول إلى أسواقها” (التوصية رقم 105)[23]، وهذا هو مبدأ أطروحة الدعم المتبادل بين تحرير التجارة الدولية وتحسين حماية البيئة.
إذ تم تأكيد هذا المبدأ وإعادة تجديده داخل الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة GATT وبعده عند إنشاء المنظمة العالمية للتجارة اعتبارا من سنة 1995، علاوة على ذلك، تم أيضا اعتماد هذه التوصية خلال خلال كافة المؤتمرات والاجتماعات المخصصة لتنظيم المحيط الحيوي « Biosphere Regulation ». منذ النصف الثاني لسنوات التسعينيات من القرن الماضي، أي بعد تأسيس المنظمة العالمية للتجارة[24].
خلال هذا العقد، تحولت أجندة الدبلوماسية البيئية العالمية نحو مشكلة مكافحة تغير المناخ مع إعداد الاتفاقية إطار للأمم المتحدة بشأن التغير المناخي (UNFCCC) سنة 1992، وتوقيعها سنة 1997، ودخولها حيز التنفيذ سنة 2005. هذه السيرورة السريعة من أجل تبني الاتفاقية ترسل إشارات واضحة على رغبة سياسية حقيقية للمجتمع الدولي أنذاك في اعتبار مسألة التغيرات المناخية من بين القضايا التي تحتل مكانة الأولوية، من أجل بحث إمكانية صياغة باراديغم جديد « New Paradigm » لأنماط الاقتصاد الدولي الذي لم يكن يكترث للقضايا الإيكولوجية[25].
ومع ذلك، فإن فرضية الدعم المتبادل بين التجارة والبيئة تعتبر في صفوف لخبراء والمتخصصين معقدة بعض الشيء ومثيرة للجدل، حيث أنها تفترض بأن تحرير التجارة الدولية وتحسين حماية البيئة يمكن أن يدعم كل منهما الآخر. رغم النقد اللاذع الذي وجه لمناصري هذه الأطروحة باعتبارها غير متكاملة الجوانب وغير متجانسة في أسسها ومبادئها؛ فعلى سبيل المثال، تم إجراء تحليل للأبعاد النظرية والمؤسساتية للعلاقات الممكنة بين مكافحة تغير المناخ والعولمة الاقتصادية من طرف الأكاديميين والخبراء في كلا المجالين، إضافة إلى متدخلين من عدة تخصصات أخرى لها علاقة بالموضوع، وقد طور هذا التحليل نظرة نقدية مبنية على أسس علمية مضبوطة لأطروحة الدعم المتبادل بين تحرير المبادلات التجارية ومدى القدرة على تخفيض غازات الدفيئة[26]. علاوة على ذلك، أكدت المنظمة العالمية التجارة مرارا على وجود “تآزر” « Synergy » بين التجارة الحرة والسياسة المناخية. ومع ذلك، فقد تم التشكيك في هذا، خاصة فيما يتعلق بقضية المناخ.
من ناحية أخرى، يمكن أن تتجلى هذه الأطروحة حصريا في تحليل كيفية يمكن للأحكام البيئية المضمنة في اتفاقيات التجارة الحرة والقوانين الوطنية المتعلقة بالبيئة أن تعملا معا على المساهمة في التقليل من المبادلات التجارية في السلع الملوثة للبيئة أو تلك التي تتمخض عنها نسب مرتفعة من الغازات الدفيئة. وبالتالي للقيام بذلك يجب أن نستند على التدفقات التجارية من أجل الحصول على تفاصيل أكثر دقة عن الدول المصدرة والسلع المصدرة وإلى أي وجهة، وكذا تمييز السلع الملوثة مقارنة بالسلع النظيفة أو الصديقة للبيئة « Eco-friendly goods »[27]، وذلك حسب مستوى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون CO2 emissions، في هذا السياق، يمكن الاعتماد على قاعدة بيانات أنشأها البنك الدولي سنة 2020 بالتعاون مع خبراء في مجالات سياسية مختلفة من الأوساط الأكاديمة ومن منظمات دولية أخرى، مثل مركز التجارة الدولية ITC ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OECD ومؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD ومنظمة التجارة العالمية، تحت مسمى “اتفاقية التجارة العميقة” « Deep Trade Agreements Database »[28] وتم تجديد بعض مضامينها في سنة 2024.
وبالتالي، فهي ترسم لوحة قيادة تضم 52 مجالا سياسيا مختارا (التعريفات التفضيلية، قواعد المنشأ، الاستثمار، قوانين البيئة، قواعد المنافسة الحرة، …) في 400 اتفاقية تجارة حرة موقعة بين 1958 و2023 تحت إشراف منظمة التجارة العالمية، كما تتضمن معلومات حول قابلية التنفيذ القانوني لكل مجال من مجالات السياسة سابقة الذكر، وتلتقط مجموعة البيانات هذه الهامش الواسع لمحتوى اتفاقيات التجارة التفضيلية وتتضمن أحدث نسخة من البيانات المتوفرة. للإشارة، فالنسخة الجديدة لسنة 2024 تتفرع بشكل أكثر تفصيلا في محتوى عينة فرعية من 18 مجالا الأكثر أهمية وتكرارا في اتفاقيات التجارة الحرة المعتمدة[29].
فمن أجل النقص من تجارة السلع الملوثة وأثرها السلبي، فإن الأحكام البيئية ذات قوة القابلية للتنفيذ فيما يتعلق بالسلع الملوثة تصبح أقوى وأكثر فعالية، خاصة إذا كانت هذه الأحكام البيئية في اتفاقيات التجارة مصحوبة بتشريعات وطنية تعالج القضايا البيئية ويمكن أن تشمل القوانين المتعلقة بالطاقة والبيئة وجودة الهواء والماء، وإزالة الغابات، وما إلى ذلك[30].
إشكالية أخرى تلوح في الأفق بشكل أكثر حدة، وهي كيفية مواجهة مايسمى “ملاذات التلوث” « Pollution Paradise »، حيث تقوم الشركات العابرة للحدود Transnational Companies في إطار سياساتها نقل نشاطاتها الإنتاجية على نطاق واسع عبر قارات العالم delocalization Policy من أجل الاستفادة من الامتيازات النسبية لمناطق الاستتيطان أو بموجب عقود التفويض والامتياز من الباطن subcontracting and outsourcing contracts باستخدام شبكات عالمية واسعة. وهذا ما يسمى حسب خبراء “الإغراق البيئي” « Environmental Dumping »، مما يصنع أقطابا دولية لتمركز الأنشطة الأكثر تلويثا ويؤسس لنوع من التنافس بين المشغلين والفاعلين التجاريين فيما يتعلق بتقنين التلوث العالمي وحماية البيئة العامة للكوكب. والسبيل الوحيد، لهذه دول هو تعزيز إجراءاتها الخاصة باستيراد السلع والسماح بولوج الاستثمارات الأجنبية[31]
- التوجه نحو الانتقال إلى التبادلات التجارية الدائرية والمنصفة
ينطوي هذا التحول على إعادة التفكير في كيفية إدارة الأنشطة الاقتصادية بشكل يضمن احترام حقوق الإنسان وبيئته. وبصرف النظر عن التأثير المباشر للتجارة على البيئة التي يعيش فيها الإنسان، فإن التجارة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على الإنسان، ولها آثار غير تلك التي تؤثر على بيئته.
إن إدماج حقوق الإنسان في هذا النقاش موجود في جميع مراحل المسار الاقتصادي للتجارة الحرة، بدءاً من الإنتاج إلى الاستهلاك، فالإنسان حاضر دائماً[32]. نتحدث هنا عن احترام حقوق الإنسان في جميع العمليات، وقد يشمل ذلك على سبيل المثال، خلو سلاسل القيمة الخاصة بالشركات والمعامل من مظاهر العمل القسري أو الاستغلال، ومدى تطبيق معايير عمل ملائمة، وأجور عادلة، وظروف عمل آمنة، والحق في تكوين النقابات، وغيرها من المعايير المضمونة من طرف المنظمة الدولية للعمل International Labour Standards[33].
تتطابق هذه اللوائح مع مضامين أجندة 2030 لأاهداف التنمية المستدامة 17 للأمم المتحدة Sustainable Development Goals، والتي تكتسي طابع المصداقية الشاملة بين دول العالم. نتحدث هنا على وجه الخصوص عن الهدفين الأول والثاني المتمثلين في القضاء التام على الفقر والجوع، والهدفين الخامس والعاشر المتعلق بالمساواة بين الجنسين والحد من كافة أوجه عدم المساواة في كافة مناحي الحياة ومجالاتها كالاقتصاد والتشغيل والسياسة وضمان الحقوق المتكافئة أمام القانون والمصالح الإدارية وكذا الولوج إلى المعلومات والخمات الأساسية، إضافة إلى توفير العمل اللائق للجميع وتحقيق النمو الاقتصادي (الهدف 8)، مع السعي إلى تحقيق الهدف 12، المتمثل في الاستهلاك والإنتاج المسؤولان، والهدف 13، الذي يدعو إلى توجيه الجهود نحو العمل المناخي[34].
في هذا الإطار، نسجل تداخل أهداف التنمية المستدامة مع بعضها البعض، إضافة إلى استرتيجيات عالمية أخرى للحفاظ على الطبيعة مثل الميثاق العالمي للطبيعة، وكذا الأدوار التي يمكن لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أن يلعبها في هذا السياق، والتدابير المتخذة مؤخرا لإدماج البنود البيئية والاجتماعية Environmental & Social Clause في اتفاقيات التجارة الحرة، من أجل العمل على القضاء على الحالات التي تؤدي فيها التجارة إلى انتهاكات اجتماعية وخيمة كعمالة الأطفال والأشغال الخطيرة، وغيرها[35].
علاوة على ما سبق ذكره، هناك جانب آخر يتعلق بالتبادلات التجارية التي تحترم حقوق الإنسان، ولا سيما الوصول العادل إلى الموارد التي يجب ضمانها، وهذا يعني أنه لا يجوز حرمان الشخص من حقه في الماء والغذاء الصحي باعتبارهما من الأساسيات لقيامه بأدواره وأنشطته. فغياب هذا الجانب لا يمكن أن يتجلى إلا في انعدام الأمن الغذائي سواء على مستوى القدرة الشرائية أو على مستوى مطابقتها لمعايير الصحة الحيوية والنباتية Sanitary and Phytosanitary Standards.
في هذا السياق، قد تخاطر اقتصادات الكوكب بوجود نقاط على خريطة العالم أصبحت فيها الظروف المعيشية للسكان لا تطاق، مما يؤدي إلى تدفقات الهجرة، في ظل تفشي هذه الظاهرة بفعل الكوارث الطبيعية والضغوط البيئية ُEnvironmental Disasters & Pressions. عندما لا يتمكن الناس من تلبية احتياجاتهم الغذائية بسبب الفقر والصراعات المتعلقة بنقص المياه والجفاف وتغير المناخ، فقد يضطرون إلى الهجرة للبحث عن فرص أفضل للعيش. ويمكننا تعزيز موقفنا بالدراسة التي أشرفت عليها المنظمة الدولية للهجرة IMO، والتي أكدت على أن انعدام الأمن الغذائي يعتبر السبب الرئيسي الثاني للهجرة من أمريكا الوسطى إلى أمريكا الشمالية بفعل انخفاض الإنتاجية الزراعية للأراضي نتيجة للجفاف، وكذا فقدان المحاصيل نتيجة للفياضانات[36].
من جانب أخر، لقد تغيرت الممارسات الاقتصادية الدولية كثيرا مع مطلع الألفية، خصوصا مع الانتقال من مرجعية قائمة على التضامن إلى أخرى تستند على الاتفاق from Solidarity to Conventional وتكريس رؤية مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لسنة 1964، والتي تعتمد على التجارة عوض المساعدة « Trade not Aid ». جوابا على هذه المعطيات، ونقدا لنواقص المنظومة النيوليبيرالية، تم اقتراح مجموعة من المقاربات الحديثة التي تركز أساسا على باراديغم جديد للتجارة قائم على التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، ألا وهو التجارة العادلة والمنصفة « Fair Trade ».
تمثل المبادلات التجارية ذات الطبيعة العادلة والمنصفة واحدة من الحلول الفعالة والملموسة للحد من التفاوتات المجالية بيندول الشمال والجنوب من جهة، كما أنها تمكن من إدماج عدد من جوانب المقاربة البيئية وترسيخ تطبيق أهداف التنمية المستدامة من جهة أخرى، لأنها تأخذ بعين الاعتبار التكلفة البيئية Ecologic Cost لإنتاج وتوصيل وتوزيع السلع وتدعم المنتجات الطبيعية الخالية من الأسمدة والمواد المصنعة وكذا المنتوجات النباتية والحيوانية المعدلة وراثيا GMO[37]. كما أن هذا النمط الحديث للتجارة يدمج أيضا الظروف البيئية والاجتماعية للأنتاج والتوصيل والتوزيع بعدم استعمال الأليات والوسائل الملوثة وعدم استغلال العاملية والفئات الاجتماعية الهشة، دون نسيان مسألة التعاون والشراكة بين الشمال والجنوب في استغلال الموارد الطبيعية بشكل أكثر حكامة، رغم أن قضية الموارد الطبيعية ودورها في التجارة الدولية تظل من بين المواضيع الشائكة، إذ يتسائل الخبير في قضايا البيئة وأستاذ العلاقات الدولية الحسين شكراني، إن كانت تمثل عامل صراع أم تعاون[38].
في الواقع، تمثل التجارة والبيئة وحقوق الإنسان معضلة حقيقية على مفترق طرق المختبرات العلمية والواقع المعيش، الأمر الذي يتطلب بالفعل استحضار الانتقال نحو الاقتصاد الدائري Circular Economy الذي يشمل الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الوظيفي والأداء الصناعة والبيئية Industrial ecology. كلها أنماط وأساليب لخلق الثروة الاقتصادية لكن عبر التركيز على الحد من النفايات وإعادة استخدام الموارد Reuse of Resources. إنها عملية مستمرة تتطلب مشاركة جميع أصحاب المصلحة المعنيين، بما في ذلك الحكومات والمستثمرين والشركات العابرة للقارات والمجتمع المدني[39].
إن التفاعل بين العلم والسياسة ضروري للحد من المخاطر والتحديات البيئية فيما يتعلق بالتجارة، ولكنه ليس كافيا في حد ذاته. ففي خضم السعي لتحقيق الفعالية (الصفة الأساسية التي تميز التجارة)، هناك شرط رئيسي ينبغي أن يتحقق، وهو الرغبة السياسية القوية من جانب الدول والجهات الفاعلة الدولية في التعاون بشكل صارم من خلال تعزيز المعايير واللوائح الدولية. وبالإضافة إلى إزالة الضغوط الوطنية، فإن الأولويات الاقتصادية المتباينة وتأثيرات جماعات الضغط Lobbying Groups يمكن أن تعرقل عملية صنع القرار الجماعي للأمم والشعوب[40]. إن فهم هذه التحديات أمر بالغ الأهمية لتطوير الاستراتيجيات التي تعزز التعاون وآليات المساءلة للشركات التي لا تحترم المعايير البيئية وحقوق الإنسان.
خاتمة:
في الختام، يمكننا الدفع بصعوبة اعتماد التجارة المستدامة على المستويات الوطنية، لأن التفاعلات الاقتصادية الدولية لا يمكن تجاوزها، وحتى الاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف تضع النموذج العام على نطاق عالمي، مثل الاتفاقيات البيئية المتعددة الأطراف (بروتوكول كيوتو وخطة جوهانسبرج للتنمية المستدامة وغيرها).
إلا أن التحديات المرتبطة بتكاليف الإنتاج والحواجز الجمركية وتقلب الأسعار، خاصة الأسعار المتعلقة بالمواد الغذائية والموارد الطبيعية بشكل عام، وما يقابلها من أثار على المستوى البيئي والكلفة الإيكولوجية للاستغلال غير المعقلن تظل هائلة. ونتيجة لذلك، أصبح الارتباط بين التجارة وحقوق الإنسان والمعايير الاجتماعية والبيئية عنصرا أساسيا في العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين البلدان.
تتجلى أهمية هذا العنصر بالأساس في بنود اتفاقيات التجارة الحرة المتعلقة بالاستدامة والبنود الاجتماعية التي وقع عليها الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، والتي أدرجت هذه المعايير في كل الاتفاقيات التجارية التي تم التفاوض عليها فيما بعد، منذ سنة 2006 تنزيلا لمخرجات دورة الدوحة للمفوضات متعددة الأطراف وجدول أعمال القرن 21 للأمم المتحدة بخصوص مؤتمر ريو دي جانيرو حول البيئة والتنمية.
رغم أن السياسات التجارية السابقة لا تزال قائمة، إلا أن التحفيزات المدعومة من طرف الأحزاب ذات التوجه البيئي والتي تهدف إلى دعم التنمية المستدامة من خلال التجارة يمكن أن تعزز العلامات التجارية الصديقة للبيئة والعادلة وإدراجها في لوائح ودفاتر تحملات الصفقات العمومية، في ظل توفر إرادة سياسية حقيقية.
حتى اليوم، يظل القانون البيئي والفقه البيئي الدولي غامضا إلى حد كبير، فكل دولة يمكنها تحديد وتنظيم مستوى الحماية البيئية الخاص بها على أراضيها في إطار سيادتها وسلطتها التنظيمية، مما يساهم في نهاية المطاف في فوضى على مستوى التنسيق الدولي.
المراجع:
- مراجع باللغة العربية:
- وندت، ألكسندر، النظرية الاجتماعية للسياسة الدولية، ترجمة عبد الله صالح العتيبي، الرياض (المملكة العربية السعودية)، جامعة الملك سعود، أكتوبر 2017، 601 ص.
- شكراني، الحسين، تناقضات القانون الدولي: مدخل تحليلي، مركز درااسات الوحدة العربية، بيروت (لبنان)، 2019، 352 ص.
- الموقع الرسمي للمنظمة العالمية للهجرة : (https://www.iom.int/fr/news/linsecurite-alimentaire-est-citee-comme-la-deuxieme-cause-de-migration-depuis-lamerique-centrale-vers-lamerique-du-nord-0) اطلع عليه يوم 21/03/2024 في الساعة 14:59 بتصرف.
- مراجع باللغات الأجنبية:
- ABBAS, Mehdi, « Libre-échange et changements climatiques : ‘’soutien mutuel’’ ou divergence ? », Revue Mondes en développement, 2013/2, N°162, pp.33-48,
- ABOULETHAR, Meriem, & TIHADI, Soukaina, « Développement durable et commerce équitable : Enjeux et perspectives », In Revue Internationale des sciences juridiques, économiques et sociales, Volume 2, N°2021/01, Casablanca (Maroc), 11 Novembre 2021, 15 pages.
- BEAUPRE, Daniel, CLOUTIER, Julie, GENDRON, Corinne, JIMENEZ, Amparo, MORIN, Denis, « Gestion des ressources humaines, développement durable et responsabilité sociale », In Revue internationale de psychosociologie, éditions ESKA, Volume XIV, N°02, Juin 2008, pp.77-140.
- BISAILLON, Véronique & GENDRON, Corinne, & TURCOTTE, Marie-France, « Commerce équitable comme vecteur de développement durable », In Nouvelles pratiques sociales, Volume 18, N°1, Janvier 2005, pp.73-89.
- BROWN-WEISS, Edith, « Reconciling Environment and Trade” Martinus Nijhoff Publishers, 2nd edition, USA, 2008.
- CAVANAGH, John, « Alternatives à la globalisation économique : un monde meilleur est possible », J. Mander (dir.), éditions Eco société, avril 2007, 504 pages.
- COMBOT-MADEC, Fabienne, HERVE-FOURNEREAU, Nathalie, « Commerce international et protection de l’environnement », In Revue Européenne de Droit de l’Environnement, Volume VI, N°1, Janvier 2002, pp.03-41.
- DAMIAN, Michel & GRAZ, Jean-Christophe (2001), « L’Organisation mondiale du commerce, l’environnement et la contestation écologique ». In Revue internationale des sciences sociales, N°170, 2001/4, Décembre 2001, 14 pages, pp.657-670.
- Deep Trade Agreements Database, In the World Bank official Website: (https://datatopics.worldbank.org/dta/table.html). Accessed on April 21, 2024 at 17:36.
- FRANKEL, Jeffrey A., « Environmental Effects of International Trade », HKS Faculty Research Working Paper Series RWP09-006, John F. Kennedy School of Government, Harvard University, Report presented in Stockholm (Sweden), 20 January 2009, 62 pages.
- KAM YOGO D., Emmanuel, 2018, « Manuel judiciaire de droit de l’environnement en Afrique », NDOUTOUM, Jean-Pierre (dir.), Institut de la Francophonie pour le DD, Québec (Canada), 252 pages.
- International Labour Organization Website: (https://www.ilo.org/resource/international-labour-standards-and-human-rights). Accessed on March, 24th 2024 at 19:27.
- LATOUCHE, Serge, « La décroissance », éditions Que sais-je, Broché, Paris (France), février 2019, 128 pages.
- World Trade Organization (WTO) Official Website – (Trade & Environment platform): (https://www.wto.org/english/tratop_e/envir_e/envir_e.htm). Accessed on February 8, 2024 at 19:49.
- OMC, « Rapport sur le commerce mondial 2022 : Changement climatique et commerce international », Genève (Suisse), septembre 2022.
- COPELAND, Brian & TAYLOR, Scott, « Trade, Growth and the Environment », In Journal of Economic Literature, Volume 43, N°01, March 2004, pp.7-71.
- TSAYEM DEMAZE, Moise, « Paradoxes conceptuels du développement durable et nouvelles initiatives de coopération Nord-Sud: Le Mécanisme pour un Développement Propre (MDP) », article de Colloque «’la problématique du DD 20 ans après : nouvelles lectures théoriques, innovations méthodologiques et domaines d’extension’, In Cybergeo: European Journal of Geography, Juillet 2009, 25 pages, pp1-24.
- VAN TRAN, Nguyen, « The environmental effects of trade openness in developing countries: Conflict or cooperation? », In Environmental Science and Pollution Research, Volume 27, N°16, June 2020, 14 pages, 19783–19797,
- World Wildlife Fund, « Living Planet Report (2018): Aiming Higher », Summary, GROOTEN, M. and ALMOND, R.E.A. (Eds.), WWF, Gland (Switzerland), 36 pages.
- ZUGRAVU-SOILITA, Natalia, « Croissance, commerce, IDE et leur impact sur l’environnement : Cas de l’Europe centrale et orientale et de la Communauté des Etats indépendants », Thèse de doctorat en Sciences économiques, Université Paris 1, Soutenue le 23/11/2009.
[1] – KAM YOGO D., Emmanuel, 2018, « Manuel judiciaire de droit de l’environnement en Afrique », NDOUTOUM, Jean-Pierre (dir.), Institut de la Francophonie pour le DD, Québec (Canada), 252 pages. p.132.
[2] – شكراني، الحسين، تناقضات القانون الدولي: مدخل تحليلي، مركز درااسات الوحدة العربية، بيروت (لبنان)، 2019، ص.208.
[3] – BEAUPRE, Daniel, CLOUTIER, Julie, GENDRON, Corinne, JIMENEZ, Amparo, & MORIN, Denis, « Gestion des ressources humaines, développement durable et responsabilité sociale », In Revue internationale de psychosociologie, éditions ESKA, Volume XIV, N°02, Juin 2008, pp.77-140. P.96.
[4] – VAN TRAN, Nguyen, « The environmental effects of trade openness in developing countries: Conflict or cooperation? », In Environmental Science and Pollution Research, Volume 27, N°16, June 2020, 14 pages, pp.19783–19797, P. 19791.
[5] – DAMIAN, Michel & GRAZ, Jean-Christophe, « L’Organisation mondiale du commerce, l’environnement et la contestation écologique ». In Revue internationale des sciences sociales, N°170, 2001/4, Décembre 2001, 14 pages, pp.657-670. P.661.
[6] – Op. cit. VAN TRAN, Nguyen, « The environmental effects of trade … », P. 19793.
[7] – ZUGRAVU-SOILITA, Natalia, « Croissance, commerce, IDE et leur impact sur l’environnement : Cas de l’Europe centrale et orientale et de la Communauté des Etats indépendants », Thèse de doctorat en Sciences économiques, Université Paris 1, Soutenue le 23/11/2009. P. 169.
[8] – COPELAND, Brian & TAYLOR, Scott, « Trade, Growth and the Environment », In Journal of Economic Literature, Volume 43, N°01, March 2004, pp.7-71, p.35.
[9] – World Trade Organization (WTO) Official Website – (Trade & Environment platform): (https://www.wto.org/english/tratop_e/envir_e/envir_e.htm). Accessed on February 8 2024 at 19:49.
[10] – FRANKEL, Jeffrey A., « Environmental Effects of International Trade », HKS Faculty Research Working Paper Series RWP09-006, John F. Kennedy School of Government, Harvard University, Report presented in Stockholm (Sweden), 20 January 2009, 62 pages, p.23.
[11] – World Trade Organization (WTO) Official Website – (Trade & Environment platform): (https://www.wto.org/english/tratop_e/envir_e/envir_e.htm). Accessed on February 8 2024 at 19:49.
[12] – OMC, « Rapport sur le commerce mondial 2022 : Changement climatique et commerce international », Genève (Suisse), septembre 2022, p.134.
[13] – World Wildlife Fund, « Living Planet Report (2018): Aiming Higher », Summary, GROOTEN, M. and ALMOND, R.E.A. (Eds.), WWF, Gland (Switzerland), 36 pages. P.21.
[14] – يتعلق الأمر بمفهوم انتشر خلال الثلث الأخير للقرن 20 (المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية)، تعبيرا عن منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها، خصوصا منها مجلس الأمن الدولي. وهو مفهوم يرجع للعالم السياسي الأمريكي ألكساندر ويندت Alexander Wendt (المزداد سنة 1958 بماينتز في ألمانيا الغربية أنذاك)، استعمال المفهوم له تعبير قدحي يحيل إلى الكولسة واستتغلال دهاليز السياسة وماوراء الستار,
[15] – يعبر مفهوم Westphalien State عن النظام اللامركزي العالم القائم على العلاقات المتساويةوالمتوازنة بين الدول ذات السيادة باعتبارها الجهات الوحيدة الفاعلة في العلاقات الدولية، يرجع استخدام المصطلح أول مرة نسبة لولاية وستفاليا بألمانيا حيث تم توقيع معاهدة السلام Westphalien peace and order الشهيرة بأوروبا في 24 أكتوبر 1648 بين الإمبراطوريات المتناحرة أنذاك، لتضع حدا لحرب استمرت ثلاثين سنة (1618 – 1648).
[16] – وندت، ألكسندر، النظرية الاجتماعية للسياسة الدولية، ترجمة عبد الله صالح العتيبي، الرياض (المملكة العربية السعودية)، جامعة الملك سعود، أكتوبر 2017، 601 ص. ص:64.
[17] – Op cit. DAMIAN, Michel & GRAZ, Jean-Christophe (2001), « L’Organisation mondiale du commerce, … », p.665.
[18] – COMBOT-MADEC, Fabienne, HERVE-FOURNEREAU, Nathalie, « Commerce international et protection de l’environnement », In Revue Européenne de Droit de l’Environnement, Volume VI, N°1, Janvier 2002, pp.03-41. P.34.
[19] – Op cit. DAMIAN, Michel & GRAZ, Jean-Christophe (2001), « L’Organisation mondiale du commerce, … », p.667.
[20] – منظمة الدول الأمريكية هي منظمة دولية تأسست في 1948، وتضم حاليا الأغلبية العظمى لدول القارتين الأمريكيتين الجنوبية والشمالية، أغلب أهدافها تكتسي الطابع السياسي، بحيث تتغيى الدفاع عن حقوق الإنسان وتكريس مبادى الديمقراطية وتعزيز الأمن والسلم بين الدول، كما تهدف أيضا إلى محاربة الاتجار بالبشر والمخدرات والفساد الإداري والمالي. إضافة إلى ما سبق، فالمنظمة تساهم أيضا في تشجيع الاستثمارات والمبادلات التجارية بين الدول الأعضاء.
[21] – الموقع الرسمي للمنظمة العالمية للهجرة : (https://www.iom.int/fr/news/linsecurite-alimentaire-est-citee-comme-la-deuxieme-cause-de-migration-depuis-lamerique-centrale-vers-lamerique-du-nord-0) اطلع عليه يوم 21/03/2024 في الساعة 14:59 بتصرف.
[22] – ABBAS, Mehdi, « Libre-échange et changements climatiques : ‘’soutien mutuel’’ ou divergence ? », Revue Mondes en développement, 2013/2, N°162, pp.33-48, p.33.
[23] – Op cit. DAMIAN, Michel & GRAZ, Jean-Christophe, « L’Organisation mondiale … ». P.664.
[24] – CAVANAGH, John, « Alternatives à la globalisation économique : un monde meilleur est possible », J. Mander (dir.), éditions Eco société, avril 2007, 504 pages, p.129.
[25] – Op cit. ABBAS, Mehdi, « Libre-échange et … », p.37.
[26] – Op cit. TSAYEM DEMAZE, Moise, « Paradoxes conceptuels du développement durable … », P.9.
[27] – Deep Trade Agreements Database, In the World Bank official Website: (https://datatopics.worldbank.org/dta/table.html). Accessed on April 21, 2024 at 17:36.
[28] – Op cit. Deep Trade Agreements Database.
[29] – BROWN-WEISS, Edith, « Reconciling Environment and Trade” Martinus Nijhoff Publishers, 2nd edition, USA, 2008, p.45.
[30] – Op cit. CAVANAGH, John, « Alternatives à la globalisation économique … », p.134.
[31] – LATOUCHE, Serge, « La décroissance », éditions Que sais-je, Broché, Paris (France), février 2019, 128 pages, p.64.
[32] – International Labour Organization Website: (https://www.ilo.org/resource/international-labour-standards-and-human-rights). Accessed on March, 24th 2024 at 19:27.
[33] – شكراني، الحسين، تناقضات القانون الدولي: مدخل تحليلي، ,,, ، مرجع سابق، ص 203.
[34] – BISAILLON, Véronique & GENDRON, Corinne, & TURCOTTE, Marie-France, « Commerce équitable comme vecteur de développement durable », In Nouvelles pratiques sociales, Volume 18, N°1, Janvier 2005, pp.73-89, p.78.
[35] – حسب ذكر السكان المحليون الذين يعيشون في “ممر الجفاف” « the Drought Corridor » في الدول 3 الكبرى بأمريكا الوسطى: السلفادور وغواتيمالا وهندوراس. اطلع عليه في الموقع الرسمي للمنظمة العالمية للهجرة : (https://www.iom.int/fr/news/linsecurite-alimentaire-est-citee-comme-la-deuxieme-cause-de-migration-depuis-lamerique-centrale-vers-lamerique-du-nord-0) اطلع عليه يوم 21/03/2024 في الساعة 14:59 بتصرف.
[36] – Op cit. ABOULETHAR, Meriem, & TIHADI, Soukaina, « Développement durable et … », 15 pages.
[37] – شكراني، الحسين، تناقضات القانون الدولي: مدخل تحليلي، ,,, ، مرجع سابق، 352 ص.
[38] – ABOULETHAR, Meriem, & TIHADI, Soukaina, « Développement durable et commerce équitable : Enjeux et perspectives », In Revue Internationale des sciences juridiques, économiques et sociales, Volume 2, N°2021/1, Casablanca (Maroc), 11 Novembre 2021, 15 pages, p.8.
[39] – Op cit. BROWN-WEISS, Edith, « Reconciling Environment and … », p.45.
[40] – هشام المراكشي، نوازل العقار في الفقه المالكي والعمل بأحكامها في القضاء المغربي، دراسة في 150 نازلة معززة بأزيد من 400 قرار قضائي، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2024، ص ص 52-53.





