تعليل القرارات الإدارية في ضوء العمل القضائي – اعداد الباحث : الياس المحساني
تعليل القرارات الإدارية في ضوء العمل القضائي – اعداد الباحث : الياس المحساني
خريج ماستر القانون الإداري والسياسات العمومية
من بين وظائف القضاء الإداري الأساسية ضبط العلاقة بين الإدارة العامة والمواطنين أو المرتفقين بصفة عامة. وتنقسم الدعوى التي ينظر فيها إلى دعوى تدخل في القضاء الشامل وأخرى تتعلق بقضاء الإلغاء. فهذه الأخيرة تهدف إلى الرقابة على مشروعية القرارات الإدارية، والمشروعية لها خمسة أركان: ثلاثة داخلية تتمثل في المحل، السبب، والغاية، وأخرى خارجية تتكون من ركن الاختصاص وركن الشكل.
وركن الشكل يقصد به تلك الإجراءات التي رسمها المشرع بغية إصدار قرار معين، مثل انعقاد لجنة، اتباع مسطرة، أو إصدار قرار في قالب معين. والتعليل هو شكلية لإصدار القرار، وحين ينص القانون على ذلك، يجب على الإدارة اتباع هذه الشكلية وإلا اتسم قرارها بعدم المشروعية الخارجية.
يعد القانون 03.01 من بين النصوص التي صدرت لإلزام الإدارة بتعليل قراراتها السلبية. ويعتبر هذا النص أحد دعائم تعزيز المسار الإصلاحي الذي خاضه المغرب مع بداية الألفية الثالثة، من خلال إرساء أسس إدارة مواطنة خدومة تسودها الشفافية وقيم الحداثة وخدمة الصالح العام. وقد كان هذا النص ترجمة لتوصيات المناظرة الوطنية الأولى حول الإصلاح الإداري بالمغرب.
يهدف هذا القانون إلى إلزام الإدارة العمومية بتبيان أسباب اتخاذها للقرارات السلبية في صلب القرار الإداري الصادر عنها، إذ كانت الإدارة قبل هذا القانون غير ملزمة بالتعليل إلا بمقتضى نصوص خاصة.
بعد صدور هذا القانون، اتسعت دائرة القرارات الإدارية الفردية المعنية بالتعليل وبالتالي تزايد الطعون لعيب في ركن الشكل. وأصبحت الرقابة على هذه الشكلية تكتسب مركزًا مهمًا في دائرة مشروعية القرارات الإدارية. من خلال هذا الموضوع، سنحاول الوقوف على عيب عدم التعليل في ضوء العمل القضائي.
نتناول الموضوع من خلال مبحثين على الشكل التالي:
- المبحث الأول: الإطار النظري لشكلية التعليل
- المبحث الثاني: التعليل بين الاختيارية والإجبارية
المبحث الأول: نظرية تعليل القرارات الإدارية.
يشكل تعليل القرارات الإدارية مدخلًا إصلاحيًا مهمًا في علاقة الإدارة بالمرتفق. فهذه العملية الإدارية تعد فلسفة نظرية، سواء من خلال إطارها المفاهيمي أو القانوني (المطلب الأول)، أو عبر وسائل التعليل التي تنقسم إلى قانونية وأخرى واقعية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الإطار المفاهيمي والقانوني لتعليل القرارات الإدارية.
في هذا المطلب، نتناول الإطار المفاهيمي من خلال الفقرة الأولى عبر تحديد مفهوم التعليل الفقهي والقانوني، قبل أن نركز عليه من خلال القوانين المؤطرة له في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: الإطار المفاهيمي.
يعرف التعليل اصطلاحًا بأنه بيان علة الحكم، أي بيان الوصف الذي يناط به الحكم. ولم يقم المشرع المغربي بتعريف هذه الآلية بشكل صريح، لكن فقه القانون الإداري عرفه بأنه التزام قانوني تعلن الإدارة بمقتضاه عن الأسباب القانونية والواقعية التي حملتها على إصدار القرار الإداري، وشكلت الأساس القانوني الذي بني عليه[1].
ويُقصد أيضًا بتعليل القرار الإداري، حسبما استقر عليه الفقه الإداري المعاصر، أنه إفصاح الإدارة في صلب قرارها عن الأسباب التي دعتها إلى إصداره. وبالتالي، يكون القرار معللًا إذا أفصح بشكل شكلي عن أسباب في متنه. فالتعليل يعني إلزام القانون في بعض الحالات الإدارة بضرورة تعليل قراراتها، أي بيان سبب صدور القرار. ومن ثم، فإن التعليل هو تعبير شكلي عن أسباب القرار، وهو جزء من المشروعية الخارجية للقرار.
فهو إلتزام يجب أن ينصب في قالب معين مكتوب متضمن بشكل واضح مبررات إصدار القرار، والقاضي الإداري يرفض التبريرات العامة كاعتماد لفظة “من أجل المصلحة العامة” دون تبيان هذه المصلحة، فقد جاء في حكم صادر عن إدارية وجدة ما يلي: ” وحيث أنه بالرجوع إلى القرارين الطعينين تبين للمحكمة أنهما غير معللين في صلبهما كما تنص على ذلك مقتضيات القانون 03/01، وأن اعتماد الفاظ عامة غير واضحة كلفظة المصلحة العامة والتي صرح ممثل الإدارة الحاضر بجلسة البحث أنها لا تقتصر على الخصاص في الموظفين وإنما تتجلى في كون الطاعن تحوم حوله تساؤلات وشبهات واستغلال الأشخاص المنفذ عليهم وهو ما يجعل قرار النقل ينطوي على تأديب غير صريح لم تفصح عنها الجهة مصدرة القرار في صلبه وهو ما يجعلهما معللين تعليلا ناقصا يوازي انعدامه، وبالتالي غير مشروعين ويتعين الحكم بإلغائهما[2].
كما أنه في حالة كانت هذه المبررات مدرجة في وثائق أخرى كالمحاضر، فيجب أن ترفق بالقرارّ. وهي قاعدة أقرتها الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، بحيث جاء في قرار صادر عنها ما يلي: “إن القرار الإداري بالعزل من الوظيفة ولو تعلق بعون مؤقت يعتبر قرارا إداريا فرديا سلبيا بالنسبة له، وبهذا الاعتبار يتوجب على الإدارة تعليل قرارها بهذا الشأن طبقا للمادة الأولى من القانون 03.01 تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بأن تفصح في صلبه عن الوقائع والأفعال التي كانت السبب في اتخاذه والمقتضيات القانونية المبررة للقرار الإداري بشكل واضح يمكن المخاطب بها من معرفتها بمجرد قراءتها، وإذا لم تشر إليها في صلب القرار وإنما في محضر أو وثيقة أخرى فيتوجب إثبات إرفاقها به”[3].
والغاية من تعليل القرارات الإدارية الفردية تتمثل في:
- إعطاء القاضي الحجة بأن العمل الإداري مطابق للقانون والمبادئ العامة التي تحكم الشرعية في الأعمال الإدارية.
- إلزام الإدارة بتوضيح وجهة نظرها بشكل رسمي ليس فقط حول الحل الذي اعتمدته، ولكن أيضا حول الاعتبارات التي وجهت عملها.
- تبديد الأسرار الإدارية الخفية[4].
ويدعى التعليل في التجارب المقارنة بالتسبيب وهو إجراء يتشابه مع مسطرة الإفصاح أمام القاضي في إطار التحضير للدعوى، لكن نوضح الإختلاف بين الإجراءين من خلال مايلي:
- إذا كان التعليل كإجراء شكلي في القرار الإداري، فإن طلب الإفصاح عن الأسباب خلال المسطرة القضائية يعد أحد إجراءات الدعوى القضائية يؤدي تخلفها إلى إلغاء القرار لانعدام سببه[5].
- الفرق يبدو واضحا بين التعليل في صلب القرار الإداري كإجراء شكلي يتزامن مع إصدار هذا الأخير ويترتب على تخلفه عدم مشروعية ذلك القرار لعيب الشكل. بينما طلب الإفصاح عن الأسباب خلال المسطرة الإدارية أو ما يسمى بالتعليل اللاحق، يترتب على رفضه الذي يعتبر موافقة صريحة على وقائع الطلب إلى إلغاء القرار المطعون فيه لسبب موضوعي هو عدم صحة السبب[6].
ورغم أن للتعليل فوائد وإيجابيات كثيرة، فإن بعض الفقه لم يتوانى في انتقاد إلزام الإدارة بتعليل قراراتها، بذريعة أن ذلك يثقل كاهل الإدارة ويجعلها تتماطل في عملها خاصة وأن عملية التعليل تتطلب بعض الوقت، كما يخلق صعوبات وعراقيل يصعب تجاوزها بخصوص القرارات الضمنية والغير المكتوبة، كما أن إلزامية التعليل قد تربك الإدارة وتجعلها مضطرة لذكر أسباب عامة وغير واضحة تصعب من مهمة الرقابة القضائية[7].
والمشرع أراد عبر شساعة اللائحة المتضمنة للقرارات الخاضعة للتعليل أن يضحضد أو يفند الفكرة التي تقضي بأن التعليل يشكل فقط عملية قانونية زائدة تثقل كاهل الإدارة، فهذه التقنية الشكلية هي بمثابة إجراء إشهاري لا غير، خصوصا وأن حسب قاعدة معروفة في القانون الإداري، كل قرار يجب أن يرتكز على أسباب صحيحة ومعاصرة لصدوره[8].
الفقرة الثانية: الإطار القانوني.
قبل اعتماد المغرب لقانون 01.03 المتعلق بإلزامية تعليل القرارات الإدارية لم تكن الإدارة ملزمة بهذا التعليل إلا بناء على نص خاص، وهي نصوص متناثرة حسب خصوصية كل مجال وكانت في حدود جد ضيقة، ومثاله ما نص عليه المشرع من خلال ظهير الوظيفة العمومية[9] بأنه يقع الإنذار والتوبيخ بمقرر معلل تصدره السلطة التي لها حق التأديب، وكذلك نص قانون 25.90[10] المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات من خلال المادة السابعة على وجوب صدور رفض الإذن في القيام بالتجزئة بالأسباب التي تبرره.
هذه النصوص وأخرى لم تكن تشكل سوى استثناءات ضيقة كما سبق القول، لكن المشرع المغربي حاول تجاوز هذا الفراغ التشريعي في إلزام الإدارة بتعليل قراراتها الفردية من خلال قانون 03.01 الذي صدر في 23 يوليو 2002[11]، وقد جاء في إطار الإصلاح الإداري الذي شهده المغرب في هذه الفترة.
ومضمون هذا النص حول إلزام إدارات الدولة والجماعات المحلية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المحددين في المادة الثانية من نفس القانون، وبهذا القانون يكون المغرب قد ساير التشريع الفرنسي السباق لهذه التجربة منذ سنة 1979 من خلال قانون 11 غشت 1979 بشأن تسبيب القرارات الإدارية وتحسين العلاقة بين الإدارة والأفراد.
والتعليل يشكل اليوم أحد المبادئ العامة المؤطرة لعلاقة الإدارة بالمرتفق حسب القانون رقم 55.19[12] المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية من خلال المبدأ التاسع الوارد في المادة الرابعة الذي جاء فيه “تعليل الإدارة لقراراتها السلبية بخصوص الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية وإخبار المرتفقين المعنيين بذلك بكل الوسائل الملائمة”.
المطلب الثاني: الأسباب الواقعية والقانونية
كل قرار إداري يتصور فيه القيام على أسباب إما قانونية ( الفقرة الأولى) أو واقعية (الفقرة الثانية) وكثيرة هي الحالات التي يجتمعان فيها، لكن ما يهمنا الآن هو معرفة المقصود بكل من السببين نظرا لكون القرار الإداري يجب أن تضمن في تعليلاته على الأقل واحد منهما.
الفقرة الأولى: سبب مصدره القانون
الأسباب القانونية هي الأسس القانونية التي يبنى عليها القرار وتعد شرطا ضروريا لمشروعية القرار الصادر بناء عليها،[13] والأسباب القانونية تتخذ شكل قاعدة تشريعية أو قاعدة دستورية أو مبدأ من المبادئ القانونية العامة أو قاعدة لائحية(المراسم) أو قرار إدارى أو حكم قضائي أو قاعدة عرفية[14].
جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء “…تتخذ مراقبة القضاء الإداري لركن السبب صورتين تتعلق الأولى بمراقبة الأسباب القانونية من خلال فحص مجموع القواعد القانونية التي تشكل السند القانوني للقرار الإداري، وتعتبر دليلا على التزام الإدارة بقواعد المشروعية بنصوص القانون…”[15].
وبالتالي أساس ركن السبب هنا يجد روحه من القانون مباشرة (القانون بمفهومه الواسع[16]) وفحص مشروعية القرار الإداري تعني البحث أولا في القاعدة القانونية التي تحكم موضوع هذا القرار، هل هي موجودة وشرعية وهل الإدارة محقة أم مخطئة في تفسيرها للقانون؟
الطاعن لا ينازع في وجود المادي للوقائع بل ينازع في القاعدة القانونية المطبقة، بحيث ينظر القاضي في الوصف القانوني الذي أعطته الإدارة للواقعة، هل يصلح كأساس لاتخاذ القرار الإداري أي أن القاضي يضع القاعدة القانونية المتبناة والواقعة المختارة ليتسنى له التدقيق في تطبيق القاعدة جاء في حكم صادر عن إدارية مكناس: “حيث أن محضر المفوض القضائي المدلى به كشف عن صدور القرار المطعون فيه، وأن التبرير الذي اعتمده السيد ممثل السلطة المحلية لا يرتكز على أساس قانوني سليم ويتعارض والمقتضيات القانونية الجاري بها العمل” ملف رقم 135/2011/5 بتاريخ 10 ماي 2012 جمعية اتحاد جمباز مكناس ضد والي ولاية مكناس ومن معه[17].
ويبدو من الوهلة الأولى أن الإدارة تفتقد لسلطة تقديرية بخصوص الأسباب القانونية[18]. لكن نجد في مجال التأديب مثلا أن للإدارة سلطة تقديرية في تحديد ما إذا كان الفعل الصادر عن الموظف إخلالٌ بالقواعد الوظيفة من عدمه، بالإستناد على مقتضيات قانون الوظيفة العمومية.
فالقانون كسبب للقرار الإداري يعد كسلطة إرشاد للإدارة بحيث يتحقق البنود القانونية نكون أمام قرار بني على سبب مصدره القانون، فمثلا الترقية على أساس الأقدمية والشروط التي يحددها القانون للحصول على رخصة معينة فإن القانون هو الذي يسطر أسباب القرار و تكون الإدارة ملزمة بتلك الأسباب، فالاختصاص المقيد هو الحاضر في هذه الحالات، وإذا صدر القرار الإداري في غياب سبب قانوني أصبح قرارا منعدم الأساس القانوني ويكون معرضا للإلغاء[19] ” .
والقاضي الإداري في إطار عملية فحصه للقرار الإداري يقوم بفحص الوقائع من الوجهة القانونية عن طريق المقابلة بين السبب المادي والقاعدة القانونية[20] ، بغية الوصول إلى التفسير الحقيقي الذي تقدمه الإدارة للقاعدة الشرعية، وللوقوف على الأسلوب الذي اتبعته في تطبيقها وينتهي القاضي بعد التحقق من الوجود المادي للواقعة إلى البحث عن مدى قانونيتها وهل يصح للإدارة أن تتخذها أساسا لقرارها المطعون فيه[21].
وهو ما تبنته الغرفة الإدارية في قرار صادر بقضية ديران الذي جاء في حيثياته ” حيث طلب الطاعن الاستيداع، الأمر الذي لا يمكن أن يعتبر في نظر القاضي استقالة يترتب عليها عزل الطاعن”[22]. فالاستيداع حسب مفهوم القانون هو توقف موظف بطلبه فترة معينة بسبب ظروف حددها القانون[23]، وبالتالي بناء القرار الإداري على كون ما طلبه الطاعن هو استقالة مخالف لمقتضيات القانون.
الملاحظ أنه لا توجد سوى حالات محدودة للغاية التي قرر فيها مجلس الدولة الفرنسي إلغاء القرار لعدم توافر الأسباب القانونية أو عدم كفايتها، إذ يتوافر هذا البيان كلما كان النص واردا في إشارات القرار، ولعل ذلك يفسر أن المنازعة في عدم كفاية التعليل يتعلق بعدم كفاية بيان الاعتبارات الواقعية وليست الاعتبارات القانونية[24].
فقيام حالة الواقع لا تغني عن وجود الحالة القانونية، بينما هذه الأخيرة قد تغني بذاتها لكي تكون سببا لإصدار القرار دون أن يشترط قيام حالات من الواقع، والقرار الإداري غالبا ما يقوم على حالة قانونية وأخرى واقعية.[25]
الفقرة الثانية: سبب مصدره الواقع
الأسباب الواقعية هي تلك الأسباب التي لا تستمد مظهرها من القانون وإنما من الواقع، وهذا الأخير هو الذي يؤسس لها، وهي أسباب يصعب حصرها.
لقد درج الفقه على تحديد الأسباب الواقعية بكونها أوضاع أو اضطرابات نتيجة كوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات والحرائق، أو بفعل إنساني كالفوضى والتخريب، وهو ما يدفع الإدارة المعنية التدخل لإصدار قرارات إدارية[26].
وتشكل معاينة الوقائع المادية أول مرحلة في عملية إنشاء القرار الإداري، فعندما تكون الأسباب واقعية فإن الإدارة لا تحرك مسطرة اصدار عمل قانوني ما، إلا على أساس وجود الواقعة المفترضة قيامها في هذا العمل أو ما يمكن أن يثيره، والمشرع كثيرا ما يتيح للإدارة حرية تقدير ما إذا كانت الأسباب الواقعية تبرر تدخلها بإصدار القرار الإداري أم لا، كأن يترك لها حرية تقدير حالات تهديد النظام العام والتي تفترض عليها التدخل واستخدام التدابير الضبطية[27].
ويقسم الفقه الأسباب الواقعية على النحو الآتي:
(أ) الأسباب التي تكون على شكل عمل معين: ومثالها طلب الاستقالة، فهذا الطلب يعد العمل المحدد الذي يقدمه الموظف طالبا من الإدارة من خلاله إنهاء خدمته الوظيفية والقرار الصادر بقبول أو رفض الاستقالة يستند إلى طلبها كسبب ودافع لهذا القرار.
(ب) الأسباب التى تتخذ شكل حالة معينة: مثال ذلك أن ينتشر وباء معين أو مرض بصورة مفزعة مما يهدد الصحة العامة فتدفع هذه الحالة الإدارة لاتخاذ التدابير والقرارات اللازمة للمحافظة على الصحة العامة التي تكون مهددة بالفعل أو على وشك أن تهدد.
(ج ) الأسباب التى تتخذ شكل صفة معينة: قد تتوافر هذه الصفة في شخص معين أو في شئ معين كما هي الحالة بالنسبة لمن توافرت به صفات تؤهله للتوظف في الوظيفة العامة، أو بالنسبة للأبنية القابلة الإنهيار أو بالنسبة للصفة الأثرية المتوفرة في موقع من المواقع[28].
ويطرح اشكال مدى تقيد القضاء بالأسباب المذكورة، أم يبحث عن السبب الحقيقي من خلال البحث في واقعيته؟ القضاء الإداري دائما يبسط رقابته ويتأكد من الوجود المادي للوقائع التي كانت سببا في صدور القرار، فقد جاء في أحد القرارات الصادرة عن إدارية مراكش سنة 2000 ” وحيث لئن كان رئيس المجلس البلدي قد اتخذ القرار المطعون فيه في إطار الصلاحيات المخولة له بمقتضى مرسوم 1950/05/26 المتعلق بتحديد الشروط التي تنفذ بها تلقائيا التدابير الرامية إلى استتباب الأمن وضمان سلامة المرور والصحة والمحافظة على الصحة العمومية فإنه يبقى من صلاحيات القضاء مراقبة مدى شرعية هذا القرار، وحيث في هذا الإطار، ومن أجل التأكد من صحة الأسباب المعتمدة في إصدار القرار والقول بكون الفرن أصبح آيلا للسقوط أمرت المحكمة بإجراء خبرة في الموضوع أفادت نتائجها على أن بناء الفرن رغم قدمه وحاجته إلى إصلاحات فورية، وتقويته بدعائم فإنه ليس آيلا للسقوط، ومن تم لا موجب لإفراغ المدعين منه، وحيث بناء عليه يعتبر القرار معيبا لعدم صحة الوقائع التي بني عليها ويتعين بالتالي الحكم بإلغائه …” [29]
فلكي يكون القرار الإداري شرعيا يجب أن يستند إلى وقائع صحيحة من الناحية المادية، فمثلا الإدارة لا يمكنها معاقبة موظف ما إلا بناء على وقائع مادية ثابتة، فالقرار الإداري القاضي بمعاقبة الطاعن والذي لا يرتكز على أي وجود مادي للوقائع يكون مصيره الإلغاء[30]. فكل الأسباب التي ينبي عليها القرار والتي تفتقر إلى الدقة واليقين تكون محل نقاش أمام القاضي الإداري، وهو ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بمراكش، حيث جاء في حكم لها “ليس من المستساغ توجيه تنبيه إلى استاذ بناء على مجرد شكوك حول تصرفاته حيث لا دليل على ثبوت التهم في حقه، فالقرار الإداري يجب أن يقوم على سبب يبرر إصداره يتمثل في حصول حالة واقعية أو قانونية ثابتة، أما الاستناد إلى مجرد شكوك حول تصرفات الطاعن وما نسب إليه من اتهامات خطيرة دونما بيان لمدى ثبوت الاتهامات في حقه يجعل قرار التنبيه فاقدا لركن من أركانه الأساسية وهو ركن السبب[31].
بناء على ما سبق فأثناء قيام الإدارة بعملية التعليل الكتابية يجب أن تحدد أساس قرارها هل يتعلق بأسباب قانونية أو وقعية أم هما معا، فلا يتصور أن يخرج التعليل عن نطاق هذين المحورين بل وحتى المشرع المغربي عندما رسم حدود التعليل حددها من خلال المادة الأولى من قانون 01.03 بالأسباب القانونية والواقعية.
المبحث الثاني: التعليل بين الاختيارية والإجبارية.
تقف شكلية التعليل في النظام التشريعي المغربي بين الإجبارية (المطلب الثاني) حسب ما تم تحديده بمقتضى القانون 01.03 من خلال المادة الثانية ، وبين الإختيارية (المطلب الأول) سواء فيما يخرج عن نطاق المادة السابقة الذكر أو ما استثناه القانون نفسه من عدم شموليته بإلزامية التعليل.
المطلب الأول: اختيارية تعليل القرارات الإدارية
منذ بداية ما يسمى بالمرفق العام لم تكن الإجراءات الإدارية تخضع لشكلية معينة وبالتالي نشأ الأصل في القرارات الإدارية عدم التعليل (الفقرة الأولى) ورغم إصدار قانون تعليل القرارات الإدارية بالمغرب إلا أن النص نفسه استثنى بعض المجالات من الزامية التعليل (الفقرة الثانية) ويستفاد من ذلك أن أمر التعليل أمر اختياري لها.
الفقرة الأولى: عدم التعليل أصلٌ في القرارات الإدارية
تعتبر إلزامية تعليل القرارات الإدارية أمر مستحدث في العمل الإداري فقبل هذا التعديل لم تكن الإدارة ملزمة ببيان أسس قراراتها الإدارية، الا بمقتضى نصوص خاصة كما سبق الذكر، وبالتالي كان أمر تعليل القرارات الإدارية يعود لمزاجية مصدره إن شاء أن يعلل وإن لم يشأ لم يعلل، دون أن يخضع اجراء عدم التعليل لرقابة القضاء الإداري، وهذا يبرره فكرة امتياز السلطة العامة بحيث إن القرارات الإدارية الأصل فيها المشروعية إلى أن يثبت العكس، فجاء قانون 01.03 كقانون عام يرغم الإدارات على تعليل قراراتها، ورغم أن هذا القانون في ظاهره يبدو كأنه اتى ليقطع مع فكرة عدم التعليل إلا بنص خاص، فإنه قد بين عكس ذلك من خلال حصره لمجال التعليل التي تم تعدادها في المادة 2 التي تنص على مايلي: تخضع للتعليل، مع مراعاة أحكام المادتين 3 و4 من هذا القانون، علاوة عن القرارات الإدارية التي أوجبت النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل تعليلها، القرارات الإدارية التالية :
- القرارات المرتبطة بمجال ممارسة الحريات العامة أو التي تكتسي طابع إجراء ضبطي؛
- القرارات الإدارية القاضية بإنزال عقوبة إدارية أو تأديبية؛
- القرارات الإدارية التي تقيد تسليم رخصة أو شهادة أو أي وثيقة إدارية أخرى بشروط أو تفرض أعباء غير منصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل؛
- القرارات القاضية بسحب أو إلغاء قرار منشئ لحقوق؛
- القرارات الإدارية التي تستند على تقادم أو فوات أجل أو سقوط حق؛
- القرارات التي ترفض منح امتياز يعتبر حقا للأشخاص الذين تتوافر فيهم الشروط القانونية.
وبالتالي ما يفهم من هذا التعداد هو أنه جاء على سبيل الحصر، واعتبار كل المقتضيات التي تخرج عن تلك البنود لا يتطلب فيها التعليل ولا تخضع لرقابة القضاء الإداري فيما يخص عيب الشكل في حالة لم يكن لها نص خاص يلزم بتعليلها، فقد ذهبت إدارية الدار البيضاء[32] الى اعتبار أن تعليل القرارات الإدارية في إطار مقتضيات القانون رقم 03.01 يشترط أن تكون هذه القرارات سلبية وأن تكون مندرجة ضمن اللائحة الحصرية في المادة الثانية من القانون المذكور، وعليه فإن قرار اعفاء الطاعن من مهامه الإدارية لا يخضع لشكلية التعليل، كما جاء في قرار محكمة النقض سنة 2022 ” إن قرار الإعفاء من المهام لا يدخل في زمرة القرارات الواردة في الفصل الثاني من القانون رقم 03.01 المتعلق بتعليل القرارات الإدارية”[33] .
وقد ذهب الأستاذ محمد اليعكوبي فيما يخص الفقرة المتعلقة برفض امتياز[34] إلا أن التعليل لا ينصب إلا على رفض امتياز يعتبر حقا.. أي أن القانون يميز ضمنيا بين ضرورة تعليل رفض الامتياز الذي يعتبر حقا وعدم تعليل رفض الامتياز الذي لا يشكل حقا في حين أن الحالة الثانية هي تستدعي في الحقيقة تطبيق قاعدة التعليل كضمانة حمائية للمواطن والموظف لمواجهة التعسفات والانحرافات في استعمال السلطة والرشوة وكل الاختلالات البيروقراطية[35].
إذن فالمشرع يعطي للإدارة كأصل سلطة اختيارية في تعليل قراراتها التي تقع خارج المادة 2 من قانون 01.03 تاركا لها حق تقدير الأسباب والظروف التي أدت الى اتخاذ القرار، فإذا ما لجأت الى التعليل بمحض إرادتها وعن طواعية، فإنها تكون في هذه الحالة ملزمة بمضمون ما عللت به.
الفقرة الثانية: عدم التعليل كاستثناء لإجبارية التعليل
من خلال قراءة قانون 03.01 فالمشرع وضع نظام استثنائي في المادتين الثالثة والرابعة من نفس القانون يخرج بعض القرارات الإدارية من ظل المادة الأولى والثانية ليمتعها باستثناءات نظرا لخصوصية موضوعها ملاحظاتنا حول المادتين كالتالي:
المادة الثالثة: تتعلق بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد، لكن دون تحديد وحصر مجال هذه القرارات أي نطاق المواضيع التي تعتبر في زمرة الأمن الداخلي والخارجي للبلاد.
ونرى أن عدم تحديد وحصر الإجراءات التي تتعلق بالأمن الداخلي والخارجي سيجعل الإدارة تتمادى في تبني هذا المقتضى مما قد يمس بشرعية القرارات الإدارية، لأن حدود نظام الأمن الداخلي والخارجي غير واضح.
المادة الرابعة: تهم تلك القرارات التي تتخذ في حالة الضرورة أو ظروف استثنائية التي يتعذر خلالها تعليلها، فهذه المقتضيات تفتح الباب أمام الإدارة للتمسك بهذه المقتضيات خصوصا أمام عدم تسييجها بحدود معينة على سبيل المثال ما هي حدود “مفهوم الضرورة” الوارد في المادة الرابعة؟ هذا ما يجعل الادارة من الممكن أن تتمسك بهذا المقتضى في قرارها غير معلل هذه الحالة ترتب عنها كثرة الطعون امام القضاء الاداري. لقد عرضت على القضاء الإداري دعوى تقوم بالطعن نظرا لتخلف هذه المقتضيات في القرار الصادر، وقد قضى بدعم شرعية القرار لاختلال ركن التعليل نظرا لعدم إثبات الادارة لحالة الضرورة ونذكر على سبيل المثال حكم صادر عن إدارية الدارالبيضاء: ” .. وأنه الثابت من وثائق الطعن الحالي عدم وجود أي من الحالات التي تبرر الدفع بوجود حالة الضرورة عند اتخاذ القرارات الإداري المطعون فيه مما يكون معه هذا الدفع غير مستند على أساس ويتعين رده … مما يكون معه معيبا في شكله ومتسما -تبعا لذلك- بعدم الشرعية “[36].
لكن المشرع حاول التخفيف من هذا المقتضى الأخير عبر فتح إمكانية امام اصحاب المصلحة لتقديم طلب تعليل القرارات الإدارية السلبية التي رفض تعليلها بداعي حالة استثنائية او حالة الضرورة وذلك خلال اجل 30 يوما من تاريخ التبليغ، وعلى الادارة الرد خلال أجل 15 يوما من تاريخ تبليغها.
وقد أحسن المشرع عندما استثنى من قابلية الخضوع لنظام “حالة الاستثناء” الواردة في المادة الرابعة بنذين من المادة 2 ويتعلق الأمر ب القرارات الإدارية القاضية بإنزال عقوبة إدارية او تأديبية و ايضا القرارات الإدارية التي تستند على تقادم أو فوات اجل او سقوط حق، نظرا لعدم امكانية تصور حالة الضرورة في هذين البندين.
إن عدم التعليل في هاتين المادتين حق للادارة اذ يمكن أن تتمسك به أو أن تقوم بالتعليل، فالغاية من التنصيص هذا الاستثناء هو توفير ظروف أفضل لعمل الإدارة في بعض القطاعات ذات خصوصية أو في حالات استثنائية يصعب معها القيام بالتعليل نظرا لتوفر ظروف معينة تمنع القيام بالتعليل بشكل مبدأي.
لكن ما يلاحظ أن المشرع بتبنيه الاستثناءات كأنه يعترف بشكل ضمني على أن الأصل في القرارات الإدارية هو التعليل في حين أن المادة الثانية بتنصيصها على مجموعة من المجالات التي تخضع للتعليل، فهي تقر بأن التعليل مجرد استثناء وبهذا المشرع وضع استثناء لاستثناء بغية تخفيف من حدة الاستثناءات التي أتت بها المادة الثانية.
المطلب الثاني: إجبارية تعليل القرارات الإدارية
يهدف قانون 01.03 إلى إلزام الإدارات بتعليل قراراتها. وما يحسب لهذا التشريع أنه حدد المؤسسات المعنية بهذا الإجراء ( الفقرة الأولى) وكذلك القرارات المعنية بإجبارية التعليل (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المؤسسات المعنية بالتعليل
إن الغاية من تبني المشرع المغربي لقانون تعليل القرارات الإدارية هو احداث امن اداري في علاقة المرتفق أو الموظفين بالادارة، من خلال اطلاعهم على الأسباب التي أدت إلى رفض طلباتهم أو لصدور قرارات سلبية في حقهم، وهذا ما يؤدي في النهاية الى تجنب المنازعة في القرارات السلبية التي تكون مبنية على أسس سليمة ويعطي فرصة لباقي المعنيين للإعتبار بأسباب الرفض، كما يفتح المجال أمام من صدر القرار السلبي في حقه لمراجعة الإدارة والتراجع عن قرارها في حالة كانت الأسباب على غير أساس أو اللجوء للطعن في القرار أمام القضاء الإداري لعيب في ركن السبب.
وبالتالي فالمشرع من خلال المادة الأولى جعل أمر تعليل القرار الإداري يسري على مجموعة من المؤسسات الدولة وهي إدارات الدولة والجماعات المحلية (الجماعات الترابية حاليا) وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام، وهنا نطرح تساؤل حول إن كانت هذه المؤسسات على سبيل الحصر أم المثال؟ إن الجواب على هذا السؤال يستدعي البحث حول أبسط صورة للقول إننا أمام قرار إداري وهو المتمثل في المصالح الخاصة التي عهد إليها بتسيير مرفق عام، و المشرع ألزم حتى المصالح التي عهد إليها بتسيير مرفق عام، أي حتى تلك المؤسسات التي تنتمي للقطاع الخاص عهد إليها بتدبير مرفق عام فهي ملزمة بتعليل قراراتها في حالة كان قرارها له طابع إداري، والقرار الإداري هو الذي يتم إصداره بناء على استخدام امتيازات السلطة العامة، بمعنى أن مصدره لا يستند الى مخالفة قواعد متضمنة في عقد أو علاقة تنظم الخواص، كقرار رفض تزويد بالعداد مائي فهو قرار إداري رغم أن المشرف على المرفق هي مؤسسة فوض لها تدبير هذا المرفق.
فالأمر يتعلق بالمفهوم الواسع للإدارة المعنية بالتعليل، فالفصل الأول من القانون يتكلم عن إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة والمصالح التي عهد اليها بتسيير مرفق عام، وهذه عبارات عامة تعني أن التعليل يهم كل الأشخاص الطبيعية المكلفة بالتسيير الإداري دون تمييز بين الجنسيات وكل الأشخاص المعنوية للقانون العام أو القانون الخاص[37].
وبالتالي فإن التعداد الذي اعتمده المشرع في المادة الأولى للمؤسسات المعنية بإلزامية تعليل قراراتها هو جاء في صورته الموسعة، وما يعزز هذا المقتضى هو تبني المشرع لاستثناء القرار التي تتعلق بالأمن الداخلي والخارجي للدولة من خلال المادة الثالثة من نفس القانون.
الفقرة الثانية: القرارات المعنية بالتعليل
تصدر الادارة قرارات اما بشكل صريح (أولا) تعبير فيه عن قرارها ازاء موضوع معين، أو بشكل ضمني (ثانيا) عبر عدم ردها على طلبات المرتفقين.
أولا: القرارات الصريحة.
الأصل أن تصدر القرارات الإدارية بشكل صريحة تعلن فيه عن موقفها تجاه قضية معينة، وقبل صدور قانون 01.03 لم تكن الإدارة ملزمة بالتفصيل في أسباب تبنيها لقرار معين بل يكفي أن تعبر عن موقفها إما بشكل كتابي او شفاهي، هذا ما يجعل المعني بالقرار يلجأ للإدارة في كثير من الأحيان لمطالبة الإدارة تبيان أسباب هذا القرار، من أجل المنازعة في أسبابه، لكن مع صدر قانون تعليل القرارات الإدارية، أصبحت الإدارات ملزمة بتعليل قراراتها والأسس التي بنيت عليها، في مقرر كتابي يوضح مبررات صدور القرار الإداري، وبالتالي أي قرار شفاهي يدخل في نطاق المادة الثانية من قانون 01.03 يكون غير مشروع ومصيره الإلغاء، لكن هل تبني تعليل خاطئ يجعل القرار يفتقر لركن الشكل؟ أن توجه المحاكم الإدارية في هذا الصدد لا يلزم الإدارة بأن يكون تعليلها مؤسسا للقول بتوفر ركن الشكل، فقط يجب أن يتضمن القرار تبريرات صدور القرار بغض النظر عن صحتها مما يجعل القرار مستوفي لركن الشكل وهو ما اتجهت إليه إدارية الدارالبيضاء بحث جاء في حكم لها: ” … إن عنصر الشكل يتحقق بمجرد ذكر الأسباب في صلب القرار الإداري بغض النظر عن صحتها أو عدم صحتها، وعلى العكس يتخلف عنصر الشكل ويصبح معيبا بعدم المشروعية إذا لم يتم تسبيب القرار رغم اشتراط القانون ذلك”[38].
ثانيا: القرارات الضمنية
القرار الضمني يتخذ شكلين إما الرفض وهو الأصل أو القبول وله حالات ضيقة جدا مثل عدم الرد على طلب رخصة البناء خلال الأجل القانوني يعتبر بمثابة موافقة على الطلب.
ويكون قرارا ضمنيا بالرفض في حالة عدم استجابة الإدارة لطلب مُعين فيعتبر مرور مدة معينة على عدم رد الادارة على الطلب، بمثابة قرار ضمني بالرفض، وقد جاء المشرع من خلال هذا القانون (03.01) بنظام جديد لاحتساب أجل الطعن بالإلغاء في القرارات الضمنية بالرفض، بحيث عند انصرام أجل الطعن المقرر في 60 يوما (كقاعدة عامة)، يفتح أجل جديد أمام المعني بالأمر في أجل مدته 30 يوما لتقديم طلب للإدارة من أجل تعليل قرارها فتصبح الإدارة ملزمة بالتعليل خلال أجل 15 يوما من تاريخ التوصل بالطلب، وقد رتب المشرع من خلال المادة 5 من نفس القانون تمديد أجل الطعن بالإلغاء نحو 60 يوما من تاريخ رد الإدارة .
في الختام إن الغاية من تعليل القرار الإداري السلبي هو إطلاع الأفراد والمؤسسات بأسباب صدورها وفي حالة عدم صدورها طبقا لمتطلبات قانون 01.03 فإن مصيرها يكون الإلغاء، وهذا يؤدي الى إعدام القرار الإداري واعتباره كأن لم يكن وبالتالي على الادارة تصحيح الوضع واصدار قرار جديد وفق الشكلية المطلوبة.
لائحة المراجع
- كتب:
أشرف عبد الفتاح أبو المجد محمد، موقف قاضي الإلغاء من سلطة الإدارة في تسبيب القرارات الإدارية، بدون ذكر المطبعة، 2005.
بلباقي وهيبة، علاقة التسبيب بركن السبب في القرارات الإدارية، دفاتر السياسة والقانون، العدد 18 يناير 2018.
بوجمعة بوعزاوي، القضاء الإداري المغربي، مطبعة المعارف، الجديدة، الرباط. 2018.
سامي جمال الدين، القضاء الإداري والرقابة على أعمال الإدارة، دار الجامعة الجديدة للنشر القاهرة، بدون تاريخ النشر.
عبد الواحد القريشي، دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة بالمغرب، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب،الطبعة الأولى 2011، الدارالبيضاء.
- قوانين رسمية:
ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية الجريدة الرسمية عدد 5029 بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1423 (12 أغسطس 2002) ص 2282.) .
ظهير شريف رقم 1.20.06 صادر في 11 من رجب 1441 ( 6 مارس 2020) بتنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، عدد 6866- 24 رجب 1441 ( 19 مارس 2020)).
ظهير شريف رقم 1.58.008 يحتوى على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، الجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377 ( 11 أبريل 1958)، ص 914.
ظهير شريف رقم 1.58.008 يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377 ( 11 أبريل 1958).
ظهير شريف رقم 1.92.7 صادر في 15 من ذي الحجة 1412 ( 17 يونيو 1992 ) بتنفيذ القانون رقم 25.19 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليوز 1992).
- بحوث جامعية:
امعيوة خديجة، القاضي الإداري وحماية الحقوق والحريات بالمغرب، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 2004/2005.
وديع البقالي، السلطة التقديرية للادارة بين المصلحة العامة والحقوق والحريات الفردية، اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، 2011-2012.
أحمد أزغاري، السلطة التقديرية في عملية إنشاء القرار الإداري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1984 .
- مقالات:
عبد الله إدريسي، نظرات في تعليل القرارات الإدارية شكلا ومضمونا، حصيلة قضائية وآفاق، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 6 يناير- مارس 1994.
محمد الأعرج، مدلول تعليل القرار الإداري في أحكام القضاء الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 40، سبتمبر وأكتوبر 2001.
محمد اليعكوبي، تحليل القانون المغربي المتعلق بتعليل القرارات الإدارية، منشورات المجلة المغربية، سلسلة مواضيع الساعة عدد 43 سنة 2003.
محمد قصري، إلزام الإدارة بتعليل قراراتها الإدارية ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة، مجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة، عدد 43 سنة 2003.
محمد لعرج، “تعليل القرارات الإدارية على ضوء قانون 03-01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية”، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 43 سنة 2003 .
مريم بوكوبة، انعدام أسباب القرار الإداري والرقابة القضائية عليها، مجلة حوليات جامعة الجزائر العدد 34 سنة 2020.
- مجلات:
مجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 63-62 سنة 2005.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد، 96 سنة 2011 .
مجلة قضاء محكمة النقض عدد 75 سنة 2012.
المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 64.
- مواقع الكترونية رسمية:
الموقع الالكتروني لمحكمة النقض : https://juriscassation.cspj.ma
[1] محمد لعرج “تعليل القرارات الإدارية على ضوء قانون 03-01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية”، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 43 سنة 2003 ص : 59.
[2] المحكمة الإدارية بوجدة حكم رقم 278 بتاريخ 2010/05/27 لمياء برحيلي ضد وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد، 96 سنة 2011 ص 151.
[3] القرار عدد 59 الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2011 في الملف الإداري عدد 2009/1/4/1160 (عامل إقليم العرائش / عبد الحي الجمال ومن معه) منشور مجلة قضاء محكمة النقض عدد 75 سنة 2012، ص 226.
[4] أحمد أزغاري، السلطة التقديرية في عملية إنشاء القرار الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 7 و 8 أبريل شتنبر 1994، ص 11.
[5] محمد لعرج، مرجع سابق، ص 63.
[6] محمد قصري، إلزام الإدارة بتعليل قراراتها الإدارية ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة، مجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة، عدد 43 سنة 2003، ص 175.
[7] أحمد أزغاري، السلطة التقديرية في عملية إنشاء القرار الإداري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1984 ص 13.
[8] محمد اليعكوبي، تحليل القانون المغربي المتعلق بتعليل القرارات الإدارية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 43 سنة 2003، ص 150.
[9] ظهير شريف رقم 1.58.008 يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377 ( 11 أبريل 1958).
[10] ظهير شريف رقم 1.92.7 صادر في 15 من ذي الحجة 1412 ( 17 يونيو 1992 ) بتنفيذ القانون رقم 25.19 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليوز 1992(.
[11] ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية الجريدة الرسمية عدد 5029 بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1423 (12 أغسطس 2002) ص 2282.) .
[12] ظهير شريف رقم 1.20.06 صادر في 11 من رجب 1441 ( 6 مارس 2020) بتنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، عدد 6866- 24 رجب 1441 ( 19 مارس 2020)).
[13] مريم بوكوبة، انعدام أسباب القرار الإداري والرقابة القضائية عليها، مجلة حوليات جامعة الجزائر العدد 34 سنة 2020، ص 31.
[14] أشرف عبد الفتاح أبو المجد محمد، موقف قاضي الإلغاء من سلطة الإدارة في تسبيب القرارات الإدارية، بدون ذكر المطبعة، 2005،ص38.
[15] المحكمة الإدارية بالدار البيضاء ملف رقم 130/2006 بتاريخ 18/10/2006 (غير منشور).
[16] اذا كان القانون بمفهومه الضيق مرتبط بعملية التشريع فإن القانون بمفهومه الواسع تمتد دائرته لتشمل الإتفاقيات الدولية والمقررات القضائية ومبادئ العدالة…
[17] بوجمعة بوعزاوي، القضاء الإداري المغربي، مطبعة المعارف، الجديدة، الرباط. 2018، ص71.
[18] سامي جمال الدين، القضاء الإداري والرقابة على أعمال الإدارة، دار الجامعة الجديدة للنشر القاهرة، بدون تاريخ النشر، ص101.
[19] وديع البقالي، السلطة التقديرية للادارة بين المصلحة العامة والحقوق والحريات الفردية، اطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، 2011-2012، ص 39
[20] امعيوة خديجة، القاضي الإداري وحماية الحقوق والحريات بالمغرب، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 2004/2005، ص 580.
[21] عبد الله إدريسي، نظرات في تعليل القرارات الإدارية شكلا ومضمونا، حصيلة قضائية وآفاق، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 6 يناير- مارس 1994 ص 17.
[22] قرار أوردته امعيوة خديجة، مرجع سابق، ص 580.
[23] انظر الفصل 58 من ظهير شريف رقم 1.58.008 يحتوى على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، الجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377 ( 11 أبريل 1958)، ص 914.
[24] محمد الأعرج، مدلول تعليل القرار الإداري في أحكام القضاء الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 40، سبتمبر وأكتوبر 2001، ص 70.
[25] بلباقي وهيبة، علاقة التسبيب بركن السبب في القرارات الإدارية، دفاتر السياسة والقانون، العدد 18 يناير 2018، ص3.
[26] مريم بوكوبة، مرجع سابق ، ص 31.
[27] سامي جمال الدين، القضاء الإداري والرقابة على أعمال الإدارة، مرجع سابق، ص 101.
[28] أشرف عبد الفتاح أبو المجد محمد، مرجع سابق، ص38.
[29] حكم المحكمة الإدارية بمراكش، بتاريخ 2001/5/16 ملف رقم 63/2000 حكم أورده عبد الواحد القريشي، دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة بالمغرب، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب،الطبعة الأولى 2011، الدارالبيضاء، ص: 139.
[30] امعيوة خديجة، مرجع سابق، ص 573.
[31] محكمة الإدارية بمراكش حكم عدد 263 بتاريخ 11 دجنبر 1996 غير منشور أوردته امعيوة خديجة، مرجع سابق، ص 474.
[32] المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكم عدد 717 بتاريخ 2004/12/29 عبد المالك الشطيبي ضد مكتب التكوين المهني حكم منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 63-62 سنة 2005 ص 217.
[33] القرار عدد 474 الصادر بتاريخ 14 أبريل 2022 في الملف الإداري رقم 2021/1/4/6097 (منشور بالموقع الالكتروني لمحكمة النقض https://juriscassation.cspj.ma.
[34] الفقرة الرابعة من المادة الثانية من قانون 01-03.
[35] محمد اليعكوبي، مرجع سابق، ص 157.
[36] المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء، حكم عدد 203 بتاريخ 21 مارس 2005، عبدالله الخدير ضد رئيس جهة الشاوية ورديغة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 64، ص 208.
[37] محمد اليعكوبي، مرجع سابق، ص 151.
[38] حكم صادر عن إدارية الدارالبيضاء عدد 203 بتاريخ 21 مارس 2005 عبدالله الخدير ضد رئيس جهة الشاوية ورديغة، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 64، ص 208.