مقدمـة
يعد الجهاز القضائي من الأجهزة التي أولاها المشرع بعناية خاصة، باعتبارها أساس سير الحياة بشكل عادي، وأيضا أساس للاستقرار المعاملات، وتعتبر المحاكم التجارية من الأجهزة الحديثة بالمغرب، حيث تم إحداثها لأول مرة بالمملكة بمقتضى قانون 95-53 المأمور بتنفيذه بظهير 65-97-1 بتاريخ 4 شوال 1417، موافق ل 15-5-1997 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4482 بتاريخ 15-5-1997، فما هي الظروف التي أدت إلى إحداث هذه المحاكم في هذا الوقت بالذات؟
وما هي الإشكاليات التي يعرفها هذا القانون سواء على مستوى الاختصاص أم على مستوى التنفيذ؟ وهل يستطيع هذا الجهاز الإلمام بكل القضايا المعروضة عليه مقارنة مع العدد الموجود على التراب الوطني لهذه المحاكم؟
وهل يجب الالتزام بالاختصاصات المنصوص عليها بمقتضى النصوص أم أن المحكمة لها الحق في البث في قضايا وإن لم تحدد بنصوص؟
وهل ستلبي هذه المحاكم التجارية حاجيات المستثمرين؟
فنظرا للتطور الذي يعرفه المغرب على المستوى الاقتصادي، وذلك عن طريق تشجيع الاستثمارات سواء الوطنية منها أم الأجنبية، كان لزاما عليه أن يهيئ المجال الخصب لهذه الاستثمارات، وذلك بتوفير مجموعة من القوانين وذلك بإحداث محاكم متخصصة وفعالة من شأنها أن تؤهل القضاء ليلعب دوره في التنمية ويسايرها، فالمحاكم التجارية تندرج ضمن سلسلة الإصلاحات التي همت عالم التجارة، والأعمال في السنوات الأخيرة، والتي انطلقت بداية من اتفاقية مراكش، وبتاريخ 21-9-1993 صدرت عدة قوانين منها على الخصوص قانون 89-39 بشان تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص، وقانون يتعلق بإعادة تنظيم السوق المالية، وبورصة القيم، وقانون يتعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات المطلوبة في الأشخاص المعنوية التي تدعو الجمهور للاكتتاب في أسهمها وسنداتها.
كما اهتم المشرع بنظام المحاسبة فصدر ظهير 138-91-1 بتاريخ 25-12-1992 بتنفيذ القانون 9.98 والمتعلق بقواعد المحاسبة الواجب على التجار العمل بها مع المرسوم 521-23-2 بتاريخ 30-8-1993 بتطبيق القانون 15.89 المتعلق بتنظيم مهنة الخبرة وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين، وأعاد المشرع نظرته حول نشاط المؤسسات الائتمانية ( ف 147-93-1 بتاريخ 10 محرم 1414 موافق 6 يوليوز 1993) واهتم المشرع أيضا بالاستثمارات الأجنبية ووضع قانون لإطار رقم 18.95 ) والشركات الأخرى.
وآخر إنجاز للمشرع المغربي كان إحداث المحاكم التجارية، فما هي الصعوبات والإشكاليات التي تعترض هذه المحاكم، وما هو تكوين والمسطرة المتبعة بها، هذا ما سنحاول مناقشته في هذا العرض.
الفصل الأول
تنظيم المحاكم التجارية والمسطرة المتبعة
تعتبر المحاكم التجارية من المحاكم الحديثة ولذلك فهي تتميز بطبيعة خاصة تميزها عن المحكمة ذات الولاية العامة. حيث تشمل المحاكم التجارية على هياكل تعمل على سير العمل داخلها، وذلك من خلال تقسيم المهام بين مختلف الأجهزة المتواجدة بها.
بحيث تقوم هذه الأخيرة بتهييء الجو الملائم للعمل داخل المحكمة.
وكذلك من أجل ضمان عدالة وسرعة فيما يخص هذا النوع من المحاكم، لابد من اتباع مسطرة تتلاءم والقضايا التي تعرض عليها باعتبار أن القضايا التجارية تتسم بالسرعة، إذا فما هي طبيعة هذه المحاكم، وما هو تكوينها؟ هذا ما سنتطرق إليه في ( مبحث أول) وكذلك ما هي طبيعة المسطرة المتبعة من طرف هذه المحاكم ( مبحث ثاني).
المبحث أول: طبيعة المحاكم التجارية وتكوينها
تختص المحاكم التجارية بالقضايا ذات الطابع التجاري، وقبل الحديث عن الاختصاصات الموكلة لهذه المحاكم أو التكوين التي تتميز به،ارتأينا أن نتطرق للحديث عن طبيعـة هذه المحـاكم أولا وذلك حتـى تستطيع الإلمــام بالموضـوع، وهذا ما سيكـــون فــي
( المطلب الأول) ثم نتطرق لتكوين هذه المحاكم في (مطلب ثاني).
المطلب الأول: طبيعة المحاكم التجارية
إن الحديث عن طبيعة المحاكم التجارية يستلزم تحديد العناصر التي تكون هذه الطبيعة والمتمثلة في الخصائص إن صح القول التي تتميز بها هذه المحاكم عن باقي المحاكم الأخرى، فما هي إذا هذه الخصائص؟
فقرة أولى: طبيعة المحاكم التجارية محاكم استثنائية
تتميز المحاكم التجارية بكونها محاكم استثنائية، وذلك نظرا لأن اختصاصاتها مقيدة ومحددة بنصوص القانون، أي يفهم بمفهوم المخالفة أن كل اختصاص لم يرد بشأنه نص لا يدخل صمن اختصاصاتها، وإنما في اختصاص المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة.
فقرة ثانية: المحاكم التجارية محاكم مختصة
ويقصد بالاختصاص نوع القضايا التي تبث فيها هذه المحاكم، وهي بطبيعة الحال القضايا التجارية، وليس معنى الاختصاص أن هذه المحاكم تختص في كل القضايا التجارية، بل هناك استثناء، وهذا سنتطرق إليه عندما نبحث اختصاص المحاكم التجارية في الفصل الثاني من هذا العرض.
فقرة ثالثة: المحاكم التجارية ذات طبيعة غير زجرية
تعتبر المحاكم التجارية محاكم غير زجرية، ذلك لأنه يخرج من نطاق اختصاصها القضايا الجنائية، كما أن وجود النيابة العامة بها لا يجعلها تتصف بالطابع الزجري، لأن هذا الجهاز بدوره ليس له طابع زجري، بل مدني وهذا على عكس ما عهدناه.
فقرة رابعة: المحاكم التجارية ذات تكوين أحادي
فهي محاكم ذات تكوين أحادي لأن قضائها من صنف واحد، ذلك أنهم كلهم قضاة معينون نظاميون يخضعون للنظام الأساسي لرجال القضاء[1].
المطلب الثاني: تكوين المحاكم التجارية
تنقسم المحاكم التجارية المحدثة إلى محاكم تجارية ابتدائية، وإلى محاكم تجارية استئنافية، ذلك أن التشكيل القضائي لهذه المحاكم يقوم على مبدأ القضاء الجماعي المحترف، أي أن الجلسات التي تعقدها تكون متكونة من ثلاثة قضاة ومن بينهم رئيس، وكل القضاة يخضعون للنظام الأساسي لرجال القضاء، وذلك على خلاف بعض الدول التي تأخذ بنظام القضاة المهنيين التجار المنتخبين من زملائهم، كفرنسا مثلا، وعليه سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين، نتطرق في الفقرة الأولى على الأجهزة التي تتكون منها المحاكم التجارية الابتدائية، والفقرة الثانية أجهزة المحاكم التجارية الاستئنافية.
الفقرة الأولى: تكوين المحاكم التجارية الابتدائية
تتكون المحاكم التجارية الابتدائية من عدة أجهزة وهي كالتالي:
1-جهاز الرئاسة: يمثله رئيس المحكمة التجارية، ونوابه وباقي قضاة الأحكام العاملين بالمحكمة، ويعتبر رئيس المحكمة التجارية رئيسا مباشرا لسائر القضاة العاملين بمحكمته، وتعود إليه سلطة ضبط العمل، وتسيير المصالح الداخلية للمحكمة.
2-جهاز النيابة العامة: يتكون هذا الجهاز أمام المحاكم التجارية من وكيل للملك ونائب أو عدة نواب، ولا يعني وجود النيابة العامة أمام المحاكم التجارية أنها تمارس اختصاصات زجرية، أو جنائية بل إن دورها يقتصر على الحرص على حسن تطبيق القانون، وفي هذه الحالة فإن الأشكال يثور عند عدم وجود النص وعدم الإحالة على نصوص أخرى[2].
3- الجمعية العامة: يعتبر هذا الجهاز من الأجهزة التي تهتم بما هو داخلي أكثر، وهي تتكون من جميع القضاة والمستشارين العاملين بالمحاكم التجارية، سواء كانوا ينتمون لقضاة الأحكام أو لقضاة النيابة العامة، ويحضر رئيس كتابة الضبط الجمعية ليتولى مهمة تحرير محضر الاجتماع، حيث تقوم هذه الجمعية بعقد اجتماع عادي كل سنة وذلك في الخمسة عشر يوما من شهر دجنبر، وهذا لا يمنعها من إمكانية عقد اجتماعات أخرى كلما رأى رئيس المحكمة ذلك مفيدا.
كما يقوم هذا الجهاز، أي جهاز الجمعية العامة بتحديد غرف المحكمة وتكوينها، وتعيين أيام وساعات الجلسات، وتوزيع القضايا بين مختلف الغرف، أي أنها تقوم بتدارس جميع القضايا التي تهم سير العمل داخل المحكمة.
4- قاضي التنفيذ: تعتبر مؤسسة قاضي التنفيذ من أهم التجديدات التي شملت القانون القضائي المغربي، والتي أحدثها قانون المحاكم التجارية، ويعتبر هذا الجهاز جهاز رقابي أكثر ما هو تنفيذي، حيث أن المشرع جعل مهمة قاضي التنفيذ تقتصر على مراقبة ومتابعة عمليات التنفيذ التي يجريها أعوان التنفيذ، ولم يمنحه اختصاص قاضي التنفيذ للبث في مشاكل التنفيذ، بل يبقى ذلك من اختصاص رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضيا للمستعجلات[3].
الفقرة الثانية: محاكم الاستئناف التجارية
لا يختلف تنظيم هذه المحاكم عن تنظيم محاكم الدرجة الأولى، حيث أنها تتكون من نفس الأجهزة، ولكن مع التوسيع قليلا في بعض السلطات وتتكون هذه المحاكم من:
1- جهاز الرئاسة: يمثل هذا الجهاز الرئيس الأول، ورؤساء الغرف والمستشارون، ويعتبر الرئيس الأول، رئيسا مباشرا لسائر القضاة العاملين بمحكمته، وإليه تعود سلطة ضبط العمل، وتسيير المصالح الداخلية للمحكمة، كما يقوم بالإشراف على سير العمل بالمحكمة والمراقبة والتفتيش داخل المحكمة.
2- جهاز النيابة العامة: ويتكون هذا الجهاز أمام محاكم الاستئناف التجارية من وكيل عام للملك وعدة نواب، كما أن هذا الجهاز تخلى عن دوره الذي يعرفه على مستوى المحاكم الأخرى والمتمثل في الدور الزجري[4]، وأصبح يقوم بمهمة المراقبة.
3- جهاز الجمعية العامة: تتكون الجمعية العامة من جميع القضاة والمستشارين العاملين، كما أن رئيس كتابة الضبط هو الذي يحرر محضر الاجتماع بعد حضوره، وتعقد الجمعية اجتماعا عاديا كل سنة وذلك في النصف الأول لشهر دجنبر، ولها الحق في عقد اجتماعات أخرى تحت سلطة الرئيس الأول كلما دعت الضرورة.
4- قاضي التنفيذ: لا تختلف هذه المؤسسة بالنسبة لما هي عليه في المحاكم التجارية الابتدائية، وذلك أن لها نفس المهام.
المبحث الثاني: المسطرة المطبقة أمام المحاكم التجارية
لا تختلف قواعد أحكام المحاكم التجارية عن المبادئ المسطرية العامة الواردة في ق.م.م المحال عليه بنص صريح في الفقرة 2 من (م 19) من ق.م.ت والذي ينص على أنه: "تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاق ذلك"
ومع ذلك فإن المشرع التجاري قد وضع بعض القواعد المسطرية الخاصة التي لا تناقض أو تخالف قواعد المسطرة المدنية، والهادفة أساسا إلى تسريع المسطرة القضائية وجعلها أكثر دقة وفعالية، وهي المبادئ العامة التي قام عليها قانون المحاكم التجارية.
وسنتناول الموضوع المسطري في مطلبين، قواعد المسطرة أمام المحاكم التجارية (مطلب أول) ومن ثم قواعد المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية (مطلب ثاني).
المطلب الأول: قواعد المسطرة أمام المحاكم التجارية
تبدأ إجراءات الدعوى برفعها أمام المحكمة التجارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، ثم يعين رئيس المحكمة قاضي مقرر، يحيل إليه الملف خلال 24 ساعة.
ومن بعد يوجه الاستدعاء إلى الأطراف بواسطة العون القضائي، وتبت المحكمة التجارية في النازلة وتنطق بالحكم إذا كانت القضية جاهزة، أما إذا كانت غير جاهزة للحكم فتؤجل إلى أقرب جلسة أو ترجع إلى القاضي المقرر كما أنه لا يجوز النطق بالحكم قبل تحريره كاملا، وكل ذلك سنتناوله بالتفصيل فيما يأتي:
أولا: تقديم المقال
اشترطت المادة 13 من ق.م.ت أن ترفع الدعوى بمقال مكتوب موقع عليه من محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب، وبذلك يكون المشرع قد استبعد المسطرة الشفوية أمام القضاء التجاري، وخص المحامين وحدهم باحتكار مهنة تمثيل المتقاضين أمامه.
إلا أنه يستثنى من أحكام المادة (13) الأحوال التي يرخص فيها لمن يتوفر على الكفاءة القانونية اللازمة قسط مباشرة المسطرة في المرحلة الابتدائية (أمام المحاكم التجارية) بنفسه أو بواسطة أحد الأشخاص المنصوص عليهم في المـادة (33) من ق.م.م وذلك أمام المحاكم التي لا يستقر بدائرتها القضائية عدد كاف من المحامين، وتمنح هذه الرخصة من طرف رئيس المحكمة التجارية بناء على طلب كتابي.
لا يطبق هذا الاستثناء أمام محاكم الاستئناف التجارية (م 32 من الظهير المنظم لمهنة المحاماة ل10 شتنبر 1993).
ثانيا: تعيين القاضي المقــرر
أوجبت المادة 14 تعيين القاضي المقرر داخل أجل 24 ساعة من تقييد المقال الافتتاحي، وعلى القاضي المقرر استدعاء الأطراف لأقرب جلسة يحدد تاريخها، يوجه الاستدعاء إلى الأطراف بواسطة عون قضائي ما لم تقرر المحكمة توجيهه بالطرق المنصوص عليها في المواد (37 و38 و39) من ق.م.م (م15 من ق 53.95).
ثالثا: أجــل التحقيق
تبت المحكمة التجارية في النازلة وتنطق بالحكم إذا كانت القضية جاهزة، وإلا يمكن لها أن تؤجلها إلى أقرب جلسة أو أن ترجعها إلى القاضي المقرر، وفي جميع الأحوال يتعين على القاضي المقرر أن يحيل القضية من جديد إلى الجلسة داخل أجل لا يتعدى 3 أشهر (م 16 من ق 53.95)، وتحدد المحكمة التجارية تاريخ النطق بالحكم عند وضع القضية في المداولة.
رابعا: عدم جواز النطق بالحكم قبل تحريره كاملا
تحدد المحكمة التجارية تاريخ النطق بالحكم عند وضع القضية في المداولة، ولا يسوغ النطق بالحكم قبل تحريره كاملا (م 17 من ق53.95) وغاية المشرع من هذا الإلزام واضحة إذ تهدف إلى مجابهة التأخير الحاصل في تحرير الأحكام من قبل القضاة، مما يعرقل الطعن فيها وتنفيذها، ذلك أن الملاحظ لدى المحاكم أن كثيرا من القضاة يكتفون بتدوين منطوق الحكم وتلاوته في الجلسة مؤجلين مسودته الكاملة لوقت لاحق.
المطلب الثاني: قواعد المسطرة أمام محاكم الاستئناف
وأهم ما يميز هذه المرحلة من مراحل المسطرة هو التقصير في الأجل لاستئناف الأحكام التجارية الابتدائية فقد وضعت (م18) من ق.م.ت أجلا قصيرا لاستئناف المحاكم الابتدائية أمام محاكم الاستئناف التجارية، إذ حددته ب15 يوما من تاريخ تبليغ الحكم (وفقا أيضا للإجراءات المنصوص عليها في الفصل 134 وما يليه إلى الفصل 141 من ق.م.م).
يقدم مقال الاستئناف إلى كتابة ضبط المحكمة التجارية، والذي يتعين عليها رفع مقال الاستئناف مع المستندات المرفقة الأصلية والنسخ المصادقة إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف التجارية المختصة خلال أجل أقصاه 15 يوم من تاريخ تقديم المقال الاستئنافي (أنظر م18 من ق.م.ت).
تطبق سائر الإجراءات المسطرية الجاري بها العمل لدى المحكمة التجارية (م 13 إلى 17 من ق. 53.95) أمام محكمة الاستئناف التجارية إلى جانب القواعد المقررة في (ق.م.م) ما لم ينص على خلاف ذلك، أو إذا كانت هذه القواعد متعارضة مع القواعد المعمول بها في مادة الاستئناف التجارية.
لم يتعرض القانون رقم (53.95) القاضي بإحداث المحاكم التجارية لطرق أخر من طرق الطعن العادية وغير العادية، كالتعرض، وتعرض الغير الخارج عن الخصومة والطعن بالنقض وإعادة النظر وخضوعها لقانون م.م (فقرة 2 من م 19):"كما تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية القواعد المقررة في ق5.م.م ما لم ينص على خلاف ذلك".
وقد وقع النص على خلاف ذلك في المواد 729 و730 و731 من مدونة التجارة. وذلك في حالات استثنائية نذكر منها التعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد المقررات الصادرة بشأن التسوية القضائية والتصفية القضائية وسقوط الأهلية التجارية، الذي يتم بتصريح لدى كاتب ضبط المحكمة التجارية داخل أجل 10 أيام تبدأ من تاريخ تبليغ المقرر القضائي إلى الأطراف ما لم يوجد مقتضى مخالف لذلك في قانون صعوبات المقاولة، أما بالنسبة للسنديك فابتداء من تاريخ النطق بالمقرر(م 730) من مدونة التجارة، ويقدم الطعن بالنقض داخل أجل 10 أيام تبدأ من تاريخ تبليغ القرار (م 731 من م.ت).
يخضع التعرض وتعرض الخارج عن الخصومة والنقض وإعادة النظر في القضايا الأخرى والتي لم يضع لها المشرع قواعد خاصة بها كقواعد ق.م.م.
وهكذا يخضع تعرض الغير الخارج عن الخصومة للمواد من 303 إلى 305 من ق.م.م والتعرض للمواد من 131 إلى 133، حيث يسوغ التعرض على الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة الابتدائية إذا لم تكن قابلة للاستئناف في أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ (م 130)، وكذا ضد الأحكام الغيابية الصادرة عن محاكم الاستئناف (م352).
أما النقض (مواد 353 إلى 385 من ق.م.م فيقع داخل أجل حدد في 30 يوما من يوم تبليغ الحكم إلى الشخص نفسه أو في موطنه الحقيقي (م 358 من ق.م.م) وتخضع مسطرة إعادة النظر للمواد 379 و402 إلى 410 متى كانت الأحكام لا تقبل الطعن بالتعرض والاستئناف (م 402 من ق.م.م) ويقدم الطلب داخل أجل 30 يوما تبدأ من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه (م 403 .ف2 من ق.م.م)
تنفيذ الأحكـام
خصص المشرع (م 23) من (ق53.95) لتنفيذ الأحكام، ويقوم تبعا لذلك عون التنفيذ بتبليغ الطرف المحكوم عليه بالحكم المكلف بتنفيذه، ويعذره بما قضى به الحكم أو بتعريفه بنواياه، في أجل لا يتعدى 10 أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ، ويتعين على عون التنفيذ تحرير محضر بالحجز التنفيذي أو بيان الأسباب التي حالت دون إنجازه خلال 20 يوما تبدأ من تاريخ انتهاء أجل الإعذار.
تطبق لدى المحاكم التجارية المقتضيات المتعلقة بالقواعد العامة للتنفيذ الجبري للأحكام الواردة في الباب الثالث من القسم التاسع من ق.م.م ما لم يوجد نص مخالف.
وأخيرا نقول أنه من حسنات قانون إحداث المحاكم التجارية تكليف رئيس المحكمة التجارية بتعيين قاضي مكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ (م 2 ف3 من ق 53.95) وذلك بناء على اقتراح من الجمعية العمومية.
يلاحظ أن المادة 24 من ق(53.95) أدخلت تعديلا جوهريا يواكب التطورات الجديد، وإحداث المحاكم التجارية، على المادة 10 من ق (15 يوليو 1974) المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة يضيف إلى الغرف السابقة غرفة جديدة هي الغرفة التجارية للنظر والبت في القضايا المعروضة على المجلس الأعلى في هذه المادة من أجل النقض.
المبحث الثاني: الاختصاص المحلي والقيمـي
إذا كان الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية يعد مبدئيا من النظام العام لا يمكن الاتفاق على مخالفته إلا بنص، ويحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك به، كما يجوز للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها.
فإن الاختصاص المحلي ليس كذلك، بموجب المادة 12 من قانون 95-53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية. انطلاقا من هذه المعادلة سنعمل على إبرام الإشكاليات التي تتعلق بالاختصاص المحلي في (مطلب أول) على أن تناول الاختصاص القيمي في ( مطلب ثاني) مبرزين عوامل وأسباب تعديل المادة 6 من القانون رقم 95-53، وكذا المادة 22 من نفس القانون ومدى سلامة هذا التغيير، وملائمته للمقتضيات القانونية الجارية.
المطلب الأول: الاختصاص المحلي
لقد نصت المادة 10 من قانون 95-53 القاضي بإحداث المحاكم التجارية أن الاختصاص المحلي يكون لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعي عليه.
– إذا لم يكن لهذا الأخير موطن في المغرب ولكنه يتوفر على محل إقامة به كان الاختصاص لمحكمة هذا المحل.
– إذا لم يكن للمدعي عليه موطن ولا محل إقامة بالمغرب، أمكن مقاضاته أمام محكمة موطن أو محل إقامة المدعي أو واحد منهم في حالة تعددهم.
– إذا تعدد المدعى عليهم، أمكن المدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد منهم.
– إن مقتضيات هذه المادة جاءت مطابقة تماما للفصل 27 من قانون م.م وهي عبارة عن قواعد بديهية في الاختصاص المحلي، التي جاءت لفائدة المدعي عليه أو المدين[5].
– إلا أن الجديد في قواعد الاختصاص المحلي، في قانون المحاكم التجارية هو ما أتت به المادتان 11 و12 من قانون 95-53 والتي طرحت بعض الإشكالات سنعمل على تحليلها في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: الدعاوي المتعلقة بالشركات
استثناء من أحكام الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية التي تعطي الاختصاص المحلي للمحكمة التي يوجد بها المركز الاجتماعي للشركة، فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 11 على أن الاختصاص ينعقد للمحكمة التجارية التي يوجد بها بدائرتها مقر الشركة، أو فرعها وذلك بإضافة الفرع وهناك من يحبذ لإضافة الوكالة[6] تيسيرا على المتقاضين.
إلا أن التساؤل الذي يثار هنا، هو ما المقصود بدعوى الشركات؟
هل تلك الدعاوي التي يكون موضوعها الشركة نفسها، أي فيما يتعلق بإدارتها ونشاطها، والنزاعات التي تنشأ بين أعطائها ومسيريها؟ أم المقصود تلك الدعاوي التي يرفعها الأغيار المتعاقدين مع الشركة؟
– في اعتقادنا، وكما يرى بعض الفقه[7] أن مشرع قصد التوجه الثاني، وإلا لما عدل الفقرة 13 من الفصل 28 ق.م.م، وكذلك إضافة الفرع على مقرر الشركة لتقريب القضاء من المتقاضين والذين هم الأغيار.
أما المجلس الأعلى فقد رأى عكس ذلك في إحدى قراراته[8]إلى التوجه الأول، أي أن المقصود بدعاوي الشركات هي الشركة نفسها، فيما يتعلق بإدارتها.
أما التساؤل الثاني: فيتعلق بها المقصود بمقر الشركة؟ هل هو المقر الاجتماعي للشركة الواردة في النظام الأساسي لها؟ أم المقصود هو مقر النشاط الفعلي للشركة؟
وهذا الإشكال قد أثار جدلا في فرنسا إلى أن تدخل المشرع بقانون 1985 ورجع المقر الفعلي للشركة عن المقر الاجتماعي[9].
وهناك إشكال آخر يتعلق بالمغزى الذي قصده المشرع بإضافة الفرع إلى مقر الشركة، إنه وبمفهوم النص يتجلى في تقريب القضاء من المتقاضين داخل المغرب، فإذا كانت هناك شركة تتوفر على مقر خارج المغرب وفروع داخل المغرب فإنه وبمقتضى هذا الاختصاص يسهل على المتقاضين محاكمتها داخل المغرب وبدون هذا الاختصاص. الذي أضافته المادة 11 فإنه يستوجب على المتقاضي أن يسلك الطرف الدبلوماسية.
الفقرة الثانية: الإجراءات التحفظية وصعوبات المقاولات
أولا: صعوبات المقاولة
جاء في الفقرة 2 من المادة 11، " فيما يتعلق بصعوبات المقاولة إلى المحكمة التجارية التابع لها مؤسسة التاجر الرئيسية، أو المقر الاجتماعي للشركة". بالنسبة لهذه الفقرة فإنها لا تثير أي إشكال إذ تعتبر من مستجدات قانون إحداث المحاكم التجارية، ومدونة التجارة، ذلك أن الإفلاس والتصفية القضائية كان من اختصاص النزاعات المتعلقة بالشركات، صعوبات المقاولة.
ثانيا: الإجراءات التحفظية
من المستجدات التي جاء بها قانون المحاكم التجارية أنه وضع حدا لذلك الاضطراب الذي كانت تعرفه هذه المسألة إذا أسند الاختصاص للمحكمة التي يوجد بدائرتها موضوع هذا الإجراء، وهو ما سبق إليه القضاء المستعجل الذي جعل الاختصاص المحلي في القضايا الاستعجالية للمحل الذي يثار فيه عنصر الاستعجال.
وقد كان الدافع إلى ذلك هو إعطاء الإمكانية للأطراف بإيقاع الحجز بالسرعة المطلوبة في المواد التجارية، فإذا كانت مثلا، البضاعة المراد حجزها في فاس والاختصاص للمحكمة التجارية بوجدة فمن المفروض أن يتم استصدار أمر بالحجز بمحكمة تواجد البضاعة أي المحكمة التجارية بفاس لهذا فقد أسندت المادة 11 الاختصاص مباشرة إلى المحكمة التي يوجد بدائرتها موضوع هذا الإجراء إلا أن الإشكال الذي يثار هنا يتعلق بالمكان الذي يوجد فيه موضوع الإجراءات التحفظية، فقد يكون بعيدا عن إحدى المحاكم التجارية، خصوصا وان القضاء التجاري لازال لم يشمل كافة مناطق المغرب.
لذلك جاءت مدونة التجارة منسجمة مع هذا الاختصاص للسلطة القضائية الموجودة بعين المكان ولم تجعله بالضرورة للمحاكم التجارية ومن ذلك المادتان 472-474، م ت المتعلقة بعقد النقل.
الفقرة الثالثة: حق الأطراف في الاتفاق على اختيار المحكمة المختصة ( جم 12).
جاء في المادة 12 من ق.95-53، يمكن للأطراف في جميع الأحوال أن يتفقوا كتابة على اختيار المحكمة التجارية المختصة…".
إذا كانت هذه القاعدة لا تثير أي إشكال في إطار القواعد العامة للاختصاص المحلي فإنها تطرح إشكالا هاما بعدما أكد المشرع باستثناءات للاختصاص المحلي في م 11.
هذا الإشكال يتمثل في مدى اعتبار مقتضيات المادة 11 من النظام العام ام أنه يمكن للأطراف الاتفاق على مخالفتها وتحديد المحكمة التجارية خصوصا وأن نص المادة 12 نص على جميع الأحوال، إننا لا نجاري هذا التوجه الأخير. ( مع بعض الفقه)، لماذا؟
لأن المادة هي استثناء فوق استثناء، استثناء من الفصل 28 م م الذي هو استثناء من الفصل 27 م م، ثم إنه لا يمكن أن نتصور ترك اختيار المحكمة التجارية رهن إرادة الأطراف في المساطر المتعلقة بصعوبات المقاولة التي نظمها المشرع كلية بأحكام آمرة.
المطلب الثاني: الاختصاص القيمي
إذا كان الاختصاص النوعي هو آلية تشريعية لحصر نوع معين من القضايا على محكمة معينة، فإن الاختصاص القيمي هو آلية أخرى من مهامها وضع تحديد يعتمد على المبلغ المتنازع عليه، ويحدد المحكمة المختصة في تلك المبالغ.
وعلى هذا سنعمل في هذا المطلب على إثارة أهم الاشكاليات التي طرحتها المادة السادسة من قانون 95-53 المتعلق بأحداث المحاكم التجارية. وكذلك المادة 22 من نفس القانون و ذلك على الشكل التالي.
الفقرة الأولى: مشروع المادة السادسة وإقراره
نشير بداية إلى أن نص المادة 6 من ق 95-53 قبل إقراره من طرف مجلس النواب كان ينص على ما يلي" تختص محاكم التجارة بالنظر انتهائيا في الطلبات التي لا تزيد قيمتها الأصلية عن عشرين ألف درهم. وابتدائيا مع فحص حق الاستئناف في جميع الطلبات التي تفوق قيمتها المبلغ المذكور".
وقد أثارت هذه المادة نقاشا حادا داخل لجنة العدل والتشريع، وكذا في الجلسة العامة لمجلس النواب، ومن بين القضايا التي كانت موضوع هذا الجدل.
1- ما تطرحه هذه المادة من مخاطر على مصالح بعض المتقاضين، لكون المحكمة التجارية ستبث بصفة نهائية إلى حدود 20.000 درهم دون حق الاستئناف. وفي هذا إهدار لحقوق فئة عريضة من صغار التجار.
2- كون المحاكم التجارية لن تحدث في جميع الدوائر القضائية في الوقت الراهن مما يدفع بالمتقاضين في نزاع تجاري بسيط قد لا يصل إلى 3000 درهم على التنقل مئات الكيلومترات من أجل رفع دعوى أو الرد عليها والحال أن صوائر السفر قد تستغرق مبلغ النزاع أو تزيد عليه.
وقد أدى هذا النقاش دوره الفعلي إذا أقدمت الحكومة على تعديل نص مشروع المادة الساسة وصادقت على النص النهائي الذي أصبح كالتالي، لا تختص المحاكم التجارية بالنظر ابتدائيا وانتهائيا في الطلبات التي لا تزيد قيمتها الأصلية عن تسعة آلاف درهم، وابتدائيا في جميع الطلبات التي تفوق المبلغ المذكور".
الفقرة الثانية: الإشكاليات التي آثارها تعديل المادة السادسة و22 من ق 95-53
بعد مرور ما يزيد عن خمس سنوات من إحداث المحاكم التجارية طرحت مشكلة إغراق المحاكم التجارية بملفات نزاعات تجارية بسيطة تهم صغار التجار وهذا أدى بالمحاكم التجارية إلى التأخر والتعطيل في فض النزاعات التجارية التي تتسم بالسرعة، الشيء الذي دفع بالمشرع إلى إعادة تعديل نص المادة السادسة إلى الشكل التالي.." تختص المحاكم التجارية بالنظر في الطلبات الأصلية التي تتجاوز قيمتها 20.000 ألف درهم كما تختص بالنظر في جميع الطلبات المقابلة أو طلبات المقاصة مهما كانت قيمتها". وكان ذلك بتاريخ 19/9/2002 وهو نفس التاريخ التي نسخت فيه الفقرة الأولى من المادة 22 من نفس القانون وأصبحت كالتالي " يختص رئيس المحكمة التجارية بالنظر في طلب الأمر بالأداء الذي تتجاوز قيمته 20.000 درهم والمبني على الأوراق التجارية والسندات الرسمية…".
– إذا ومن خلال مفهوم هاتين المادتين المعدلتين يظهر لنا أن هذا التعديل أيضا طرح إشكالا آخر، يتمثل في تجريد المحاكم التجارية ورئيس المحكمة التجارية من صلاحية النظر في الملفات التجارية التي تقل قيمتها عن مبلغ 20.000 درهم، وأحالها على المحاكم الابتدائية التي أصبحت تتوفر على غرف تجارية من جديد؟
وهذا يتنافى مع توجه المشرع ومع المنظومة القضائية التي انتهجت التخصيص للمواد التجارية وأحدث لأجل ذلك محاكم تجارية متخصصة على نمط عصري وهيأت له طاقات مادية وبشرية تلقت تكوينا خاصا لتكون في مستوى ما يطمح إليه التاجر المغربي، والمستثمر الأجنبي[10]. وبالتالي فإن التعديل قد سار في اتجاه معاكس تماما لمقاصد المشرع التي توخاها من فكرة التخصيص.
وهذا يعد تراجعا خطيرا من المشرع، ما دامت المحاكم الابتدائية أصبحت تقتسم مع المحاكم التجارية جزءا ليس بيسير من القضايا التجارية. هي تلك التي تقل قيمتها عن 20.000 درهم وفي نظرنا مع بعض الفقه [11] كان يكفي توسيع هياكل المحاكم التجارية بالقدر الذي تستوعب مع جميع القضايا التجارية أيا كانت قيمتها، وتوظيف الطاقات البشرية المتكونة في شعبة القانون.
خـاتمة
لقد عهد المغرب بتبنيه نظام المحاكم التجارية إلى خلق مؤسسات قضائية عصرية لكي يسود جو الثقة والطمأنينة بين التجار والمقاولات والمستثمرين سواء منهم المغاربة أو الأجانب، وذلك قصد توسيع المجال الاستثماري بالمغرب، والزيادة في تنمية البلاد، وذلك لما لقدرة القضاء أو الجهاز القضائي على فض النزاعات التجارية بسرعة وإنصاف وعدل.
فالبرغم من الهدف الذي سعى إليه المشرع، والذي يمكن في كون الجهاز القضائي قادر على أن يشارك في تنمية البلاد، إلا أنه رغم من خلق المحاكم التجارية حديثا فإنه لا يمكن الحديث أنها أداة فعالة في تحريك اقتصاد البلاد، ذلك أن المحاكم ليس من اختصاصها مراعاة مصالح خاصة للمتقاضين،وإنما تطبيق القانون بكامل التجرد والحزم. ولكن مع ذلك لا يمكن تهميش دور هذه المحاكم تماما، وإنما الإشكال الذي يواجهها هو العدد الضئيل، الذي يكون ضررا بالنسبة للتجار، ضعاف الحال منهم خصوصا والتجارة نظرا لإبعاد الهياكل المؤطرة لها، فالسرعة المطلوبة في الفصل في النزاعات التجارية لن تتحقق إذا ما أبعدنا المحاكم عن المتقاضين، بل إنه يخشى في ظل هذا الوضع أن ينقل التجار نشاطهم التجاري إلى مكان تواجد المحاكم التجارية أو تقرر المقاولات التمركز فقط في تلك الأماكن من المملكة، وبهذا سيقترب المتقاضون من القضاء التجاري لا العكس، ورغم المشاكل التي تواجه هذه المحاكم والتي تصل أحيانا إلى وجودها في حالة تبعية على مستوى الاختصاص، ونقصد بذلك جهاز النيابة العامة، إلا أنه لا يمكن الحكم على هذه التجربة أي تجربة إحداث محاكم تجارية بالفشل، ذلك أن هذا النوع من المحاكم يتطلب أطر متخصصة، وهذا هو هدف هذه المحاكم سواء محامين أو قضاة، كما أن الاجتهاد الفقهي سيعرف طفرة نوعية مهمة وإنتاجا غزيرا سيغني القضاء القانون المغربي.
قائمة المـراجع
– أستاذ طيب محمد عمر، تجربة المحاكم التجارية بعد مرور سنتين على دخولها حيز التطبيق- محكمة الدار البيضاء ، كنموذج – مجلة المحاكم العربية، عدد 84 ، سنة 2000
– ذ. الزمالك عبد الكريم، هل هناك إشكال في اختصاص المحكمة التجارية للبث في ظهير 24-5-55 ، مجلة المحامي عدد 32-33 – سنة 1998 .
– عمر ازوكار: الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية- الطبيعة/ الإشكالات، مجلة المحامي، عدد 32-33، سنة 1998.
– أحمد شكري السباعي، الوسيط في النظرية العامة والمقاولات، الجزء الرابع، طبعة 2000 .
– عبد العزيز حضري: القانون القضائي الخاص، طبعة 2002، مطبعة الجسور، وجدة.
– د. زهير برحو: النيابة العامة بالمحاكم التجارية تواجد هيكلي وغياب وظيفي، طبعة 2003- مطبعة دار السلام، الرباط.
– د. محمد المجذوبي الإدريسي، المحاكم التجارية بالمغرب، دراسة تحليلية نقدية مقارنة، الطبعة الأولى 1998، مطبعة بابل.
– عبد الكبير طبيح المحاكم التجارية الأسباب والغايات، الطبعة الأولى 2002، مطبعة دار القرويين، الدار البيضاء.
– أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر المعالجة حكم فتح مسطرة المعالجة والتسوية القضائية، الطبعة الأولى 2000، دار النشر، المعرفة الرباط، ص198.
خـاتمة
لقد عهد المغرب بتبنيه نظام المحاكم التجارية إلى خلق مؤسسات قضائية عصرية لكي يسود جو الثقة والطمأنينة بين التجار والمقاولات والمستثمرين سواء منهم المغاربة أو الأجانب، وذلك قصد توسيع المجال الاستثماري بالمغرب، والزيادة في تنمية البلاد، وذلك لما لقدرة القضاء أو الجهاز القضائي على فض النزاعات التجارية بسرعة وإنصاف وعدل.
فالبرغم من الهدف الذي سعى إليه المشرع، والذي يمكن في كون الجهاز القضائي قادر على أن يشارك في تنمية البلاد، إلا أنه رغم من خلق المحاكم التجارية حديثا فإنه لا يمكن الحديث أنها أداة فعالة في تحريك اقتصاد البلاد، ذلك أن المحاكم ليس من اختصاصها مراعاة مصالح خاصة للمتقاضين، وإنما تطبيق القانون بكامل التجرد والحزم. ولكن مع ذلك لا يمكن تهميش دور هذه المحاكم تماما، وإنما الإشكال الذي يواجهها هو العدد الضئيل، الذي يكون ضررا بالنسبة للتجار، ضعاف الحال منهم خصوصا والتجارة نظرا لإبعاد الهياكل المؤطرة لها، فالسرعة المطلوبة في الفصل في النزاعات التجارية لن تتحقق إذا ما أبعدنا المحاكم عن المتقاضين، بل إنه يخشى في ظل هذا الوضع أن ينقل التجار نشاطهم التجاري إلى مكان تواجد المحاكم التجارية أو تقرر المقاولات التمركز فقط في تلك الأماكن من المملكة، وبهذا سيقترب المتقاضون من القضاء التجاري لا العكس، ورغم المشاكل التي تواجه هذه المحاكم والتي تصل أحيانا إلى وجودها في حالة تبعية على مستوى الاختصاص، ونقصد بذلك جهاز النيابة العامة، إلا أنه لا يمكن الحكم على هذه التجربة أي تجربة إحداث محاكم تجارية بالفشل، ذلك أن هذا النوع من المحاكم يتطلب أطر متخصصة، وهذا هو هدف هذه المحاكم سواء محامين أو قضاة، كما أن الاجتهاد الفقهي سيعرف طفرة نوعية مهمة وإنتاجا غزيرا سيغني القضاء القانون المغربي.
قائمة المـراجع
– أستاذ طيب محمد عمر، تجربة المحاكم التجارية بعد مرور سنتين على دخولها حيز التطبيق- محكمة الدار البيضاء ، كنموذج – مجلة المحاكم العربية، عدد 84 ، سنة 2000
– ذ. الزمالك عبد الكريم، هل هناك إشكال في اختصاص المحكمة التجارية للبث في ظهير 24-5-55 ، مجلة المحامي عدد 32-33 – سنة 1998 .
– عمر ازوكار: الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية- الطبيعة/ الإشكالات، مجلة المحامي، عدد 32-33، سنة 1998.
– أحمد شكري السباعي، الوسيط في النظرية العامة والمقاولات، الجزء الرابع، طبعة 2000 .
– عبد العزيز حضري: القانون القضائي الخاص، طبعة 2002، مطبعة الجسور، وجدة.
– د. زهير برحو: النيابة العامة بالمحاكم التجارية تواجد هيكلي وغياب وظيفي، طبعة 2003- مطبعة دار السلام، الرباط.
– د. محمد المجذوبي الإدريسي، المحاكم التجارية بالمغرب، دراسة تحليلية نقدية مقارنة، الطبعة الأولى 1998، مطبعة بابل.
– عبد الكبير طبيح المحاكم التجارية الأسباب والغايات، الطبعة الأولى 2002، مطبعة دار القرويين، الدار البيضاء.
– أحمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر المعالجة حكم فتح مسطرة المعالجة والتسوية القضائية، الطبعة الأولى 2000، دار النشر، المعرفة الرباط، ص198.
الفهـــرس
مقدمة……………………………………………………………………………….. 1
الفصل الأول: تنظيم المحاكم التجارية والمسطرة المتبعة……………………….. 3
المبحث الأول: طبيعة المحاكم التجارية وتكوينها………………………………… 3
المطلب الأول: طبيعة المحاكم التجارية…………………………………………… 3
المطلب الثاني: تكوين المحاكم التجارية…………………………………………… 4
المبحث الثاني: المسطرة المطبقة أمام المحاكم التجارية………………………… 7
المطلب الأول: قواعد المسطرة أمام المحاكم التجارية…………………………… 7
المطلب الثاني: قواعد المسطرة أمام محاكم الاستئناف………………………….. 9
الفصل الثاني: اختصاص المحاكم التجارية………………………………………. 12
المبحث الأول: الاختصاص النوعي………………………………………………. 13
المطلب الأول: الاختصاص العام…………………………………………………. 13
المطلب الثاني: اختصاص رئيس المحكمة……………………………………….. 22
المبحث الثاني: الاختصاص المحلي والقيمي……………………………………… 28
المطلب الأول: الاختصاص المحلي………………………………………………. 28
المطلب الثاني: الاختصاص القيمي……………………………………………….. 31
المبحث الثالث: دور النيابة العامة وقاضي التنفيذ………………………………… 34
المطلب الأول: دور النيابة العامة في بعض المساطر الخاصة………………….. 35
المطلب الثاني: مؤسسة قاضي التنفيذ…………………………………………….. 40
خاتمة……………………………………………………………………………….. 45
لائحة المراجع………………………………………………………………………. 46
الفهرس……………………………………………………………………………… 47
[1] – محمد المجذوبي، المحاكم التجارية بالمغرب، طبعة 2003، ص10.
[2] – عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص طبعة 2002 مطبعة الجسور ، وجدة ص131.
[3] – عبد العزيز حضري، مرجع سابق، ص131.
[4] – عبد العزيز حضري، مرجع سابق، وجدة، ص130.
[5] – مجلة المحاكم المغربية، العدد 81، ص 103.
[6] – أحمد شكري السباعي، الوسيط في النظرية العامة في قانون التجارة والمقاولات التجارية والمدنية، الطبعة الأولى 2001، ص277.
[7] – النقيب عبد الله ادريوش – الإشكاليات التي يطرحها قانون المحاكم التجارية، مجلة المحاكم المغربية، عدد 81، ماي 2000 ، ص104.
3– قرار رقم 4731/86 بتاريخ 23-1-1991 ( قرارات المجلس الأعلى 1970-1997).
4- النقيب عبد الله ادريوش، نفس المرجع، ص105.
[10] – د. زهير برحو، النيابة العامة بالمحاكم التجارية تواجد هيكلي وغياب وظيفي، ط 2003، ص29.
[11] – د. زهير برحو، نفس المرجع، ص34.