في الواجهةمقالات قانونية

حماية مصلحة القاصر في الزواج بين النص القانوني  والتطبيق القضائي

حماية مصلحة القاصر في الزواج بين النص القانوني  والتطبيق القضائي

 

عبداللطيف الدراز                                          عدل متمرن                                                  خريج ماستر الأسرة والتوثيق كلية الحقوق فاس

 

 

مقدمة:

لم تقتصر مدونة الأسرة على الاهتمام بضبط وتنظيم العلاقات الزوجية، بل سعت جاهدة إلى الاهتمام بحقوق الأطراف الضعيفة في الأسرة، وغير القادرة على حماية نفسها ورعاية أمورها المادية والمعنوية والتربوية، ونجد على رأس هذه الفئات الطفل القاصر.

و بالرغم من أن المشرع  قد نص في أكثر ما من قانون على مصطلح القاصر، إلا أنه لم يكلف نفسه عناء إعطاء تعريف لهذا المصطلح، الأمر الذي فسح المجال للفقه والقضاء  لمحاولة تعريفه، حيث اعتبر البعض[1] أن مصطلح القاصر” يطلق في الفقه والقضاء على الأشخاص الذين أتموا الثانية عشر من العمر، ولم يبلغوا بعد سن الرشد القانوني” . فيما اعتبر البعض الأخر[2] أن القاصر هو” كل من لا يتوفر على الأهلية المدنية لإجراء التصرفات القانونية سواء أكان عديم الأهلية أو ناقصها صغير السن أو مصابا بأحد عوارض الأهلية محجرا عليه أم لا “.

وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة الأسرة نجد أن المادة 218 منها قد استعملت مصطلح القاصر وربطته بالسن حيث نصت في فقرتها الأولى  ” ينتهي الحجر عن القاصر إذا بلغ سن الرشد ما لم يحجر عليه لداع أخر من دواعي الحجر”. وهو الأمر الذي أكدت عليه المادة 233 من مدونة الأسرة حيث جاء فيها ” للنائب الشرعي الولاية على شخص القاصر وعلى أمواله إلى بلوغه سن الرشد القانوني، وعلى فاقد العقل إلى أن يرفع الحجر عنه بحكم قضائي، وتكون النيابة الشرعية على السفيه والمعتوه مقصورة على أموالهما إلى أن يرفع الحجر عنهما بحكم قضائي”.

على ضوء هاتين المادتين يتبين أن المدونة قد حسمت الجدل الفقهي بخصوص مفهوم القاصر من خلال تمييزه عن كل من السفيه وفاقد العقل ليبقى المقصود بالقاصر هو الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد، سواء أكان مميزا أم لا، وهذا يعني أن مصطلح القاصر مرادف تماما لمصطلح (الطفل) وإذا صح أن المصطلحين مترادفان فإنه يصح إطلاق كل منهما مكان الأخر،لأنه ملازم له في المعنى[3].

إن حماية القاصر في مدونة الأسرة، تقوم على مبدأ المصلحة الذي يتجلى كنزعة فطرية لدى الإنسان ومن ثم الطفل، وأن مراعاتها من واجب الآباء، إلا أنه قد تتعارض مصلحة هؤلاء مع مصلحة القاصر، فتخول إلى أشخاص آخرين، وهنا يتدخل القاضي في تقدير هذه المصلحة والتي تتغير بحسب كل حالة على حدة، فمفهوم المصلحة نسبي يتغير بتغير الزمان والمكان والحالات الخاصة.

فأمام صعوبة إعطاء مفهوم لمصلحة القاصر، وتحديد ضوابطها إذ يقول الأستاذ مارك دويني إن إعطاء تعريف لمصلحة القاصر(الطفل) صعب وتبريره في ذلك أن الأمر يتعلق بمادة في صلة ضيقة مع الحياة،والحياة مكونة من فوارق نسبية[4]. فالمشرع قد فتح المجال لقاضي الأسرة بأن يتدخل ويلتمس أفضل الحلول وأيسرها، ما دامت تتماشى مع الفكرة التي ينادي بها الجميع وهي المصلحة الفضلى للطفل، سواء من أحكام الفقه المالكي إذ تنص المادة 400 من مدونة الأسرة ” كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة يرجع فيه إلى المذهب المالكي والاجتهاد الذي يراعى فيه تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف”، أو مراعيا ما جاء في المعاهدات الدولية سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف.

لقد اعتبر الفقه الإسلامي أن المقاصد الشرعية[5] هي المعيار الذي يتم على إثره تحديد مفهوم المصلحة، حيث نجد الإمام الغزالي يعرف المصلحة بأنها ” عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو دفع مضرة، ولسنا نعني به ذلك، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة مقاصد الخلق، وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم لكنا نعني بالمصلحة المحافظة على مقصود الشرع”[6].فهي ” كل ما يشكل منفعة للقاصر،ويبعد عنه التواجد في وضعية صعبة، وفي الغالب ما يترك للقاضي مهمة تحديد ما يعتبر من المصلحة الفضلى للطفل، وذلك حسب الوضعية التي يتواجد فيها هذا الأخير”[7].

مما لا شك فيه أن مصلحة القاصر ارتبطت منذ البداية بالسلطة الأبوية، ذلك أنه في العصور البدائية كان لرب الأسرة سلطة مطلقة[8] على أفراد الجماعة تمتد إلى أرواحهم وأموالهم و أزواجهم،وهو يتولى أمر العشيرة أمام الجماعات الأخرى، فيطالب بحقوقها ويفي بعهودها وهو الذي يقضي بين الخاضعين لسلطته بما يشاء، فكلمته مطلقة نهائية لا مرد لها[9].فرب الأسرة كان هو المشرع والقاضي الذي لا معقب على أحكامه[10].

غير أنه بعدما نشأت المدينة من إتحاد القبائل المجاورة واتسع سلطانها، وتأسست أركان الدولة القديمة، نشأ نظام القضاء و أضحت الدولة هي صاحبة الحق في تقرير العقوبة و في فض الخصومات [11].

وتبعا لذلك أصبح القاضي موكول إليه مهمة تحقيق العدالة[12]، والتي من أهم أثارها على تطور القانون الاعتراف بالحقوق الناشئة عن صلة الدم،حيث تم التخلي عن السلطة المطلقة للأب، وأصبحت الحقوق معترف بها لجميع أفراد الأسرة[13]، وأضحى القاضي يحمي مصالح القاصر في حالة تعارضها مع مصالح أبويه.

وسيرا على نهج القوانين اللاتينية في حماية القاصر أسست الشريعة الإسلامية أحكامها على رعاية مصالح المكلفين ودرء المفاسد عنهم، وتحقيق أقصى الخير لهم[14]،ناظرة إلى الأطفال على أنهم العدة والمستقبل المرجو للأسرة والأمة، وقد أقسم بهم الله تعالى في كتابه العزيز( ووالد وما ولد)[15]، فالإسلام يحرص [16] على سلامة القاصر في شخصه وماله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا “[17]،  كما قال تعالى ” إن الذين يأكلون أموال اليتامى  ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا”[18].

ولما كانت مدونة الأسرة مستقاة من الفقه الإسلامي، ومسايرة للتوجه الدولي من خلال مصادقة المغرب على اتفاقية حقوق الطفل، فقد ولت اهتماما بالغا لمصلحة القاصر ،مخولة للقضاء دورا محوريا في الرقابة والإشراف على تطبيق بنودها حتى يكفل الحماية اللازمة لأفراد الأسرة عامة والأطفال القاصرين على وجه الخصوص.فالمشرع بدا في هذا القانون وكأنه يستغيث ويستنجد بالقضاء لأنه من الصعب إيجاد حلول لكل النوازل وضبطها في نصوص جاهزة، فالحالات تختلف والظروف تتغير خاصة إذا تعلق الأمر بعلاقات إنسانية واجتماعية حميمية[19].

لا غرو أن هذا الموضوع  يكتسي أهمية بالغة يتجلى جانبها النظري في أن تكريس مبدأ مصلحة القاصر في مدونة الأسرة يرتكز على التعاون بين كل من المشرع الذي يضع نصوصا قانونية عامة ومجردة يحمي من خلالها مصلحة الطفل، وبين القاضي الذي يسعى إلى تفسيرها و يفصل حسب كل حالة على حدة مراعيا في ذلك هذه المصلحة .

أما الأهمية العملية للموضوع فتتمثل في الدور الحمائي الذي يقوم به القاضي المكلف بالزواج من أجل ضمان مصلحة القاصرفي الزواج، فزواج دون سن الأهلية مرتبط بتحقق مصلحته في هذا الزواج، مسندا للقضاء في ذلك رقابة قضائية صارمة هدف من خلالها حماية شخصه من مخاطر الزواج المبكر، ومقيدا بذلك سلطة النائب الشرعي بترجيح مصلحة القاصر في حالة تعارضها مع مصلحة هذا الأخير، فكان من اللازم البحث عن  الضوابط القضائية التي يعتمدها القاضي في تطويع النص وتفسيره فيما يتماشى ومصلحة القاصر في الزواج.

من خلال هذه التوطئة البسيطة يمكننا طرح الإشكالية التالية : إلى أي مدى استطاع القاضي المكلف بالزواج من خلال السلطة الممنوحة له أن يضمن حماية حقيقية للقاصر استنادا على مبدأ المصلحة المنصوص عليها في المادتين 20و 21 من مدونة الأسرة ؟.

لما كانت الإجابة عن هذه الإشكالية تحتاج إلى المنهل السديد والمسلك القويم، فإنني أرى أن يكون المنهج التحليلي النقدي أداة للكشف عن خبايا هذا الموضوع مع استحضار المنهج المقارن كلما دعت الضرورة إلى ذلك.

وما دام أن ذلك لا يستقيم إلا في قالب منهجي بسيط، فإنني سأعالج الموضوع وفقا للتصميم التالي: أتحدث في (المطلب الأول) عن مظاهر المصلحة في تزويج القاصر، مستعرضا رقابة القضاء لرخصة تزويج القاصر في (المطلب الثاني)  .

المطلب الأول: مظاهر المصلحة في تزويج القاصر

 إذا كانت الضرورة قد فسحت المجال للإذن بزواج من لم يبلغ سن الرشد، فإن هذا الإذن مشروط بتوافر مجموعة من الضوابط القانونية يتوقف تحققها على تقدير هذه الإجازة من عدمه (الفقرة الأولى)، حيث منح المشرع للقضاء سلطة واسعة في تقدير توفر هذه الضوابط والمعايير ذات الطابع الحمائي من خلال فرض رقابة قضائية على زواج من لم يبلغ سن الرشد وذلك عن طريق آلية الإذن القضائي المسبق(القرة الثاني).

الفقرة الأولي: الوسائل القانونية لتقدير مصلحة القاصر في الزواج

حدد المشرع من خلال المادة 20من مدونة الأسرة، القواعد الموضوعية التي يتعين اعتمادها لإثبات المصلحة في تزويج القاصر واستخلاص الأسباب المبررة لذلك على سبيل الحصر، من خلال الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي، والاستعانة بخبرة  طبية أو إجراء بحث اجتماعي، ليكون المشرع بذلك قد تدارك القصور الذي كان يطبع مدونة الأحوال الشخصية الملغاة بخصوص حصرها لسلطة القاضي في منح الإذن المذكور على حالة الخوف من العنت وما يمكن أن يسببه من أمراض نفسية،وترك لقاضي الأسرة المكلف بالزواج سلطة تقديرية واسعة في تقدير مصلحة القاصر في الزواج حسب ظروف كل طلب على حدة.[20]

  • الاستماع لأبوي القاصر أو نائب الشرعي

إن القاضي عند بته في ملف زواج القاصر، فإنه لزوما يقوم بالاستماع لأبويه أو نائبه الشرعي، وهذا ما يستفاد من صياغة المادة 20 من مدونة الأسرة التي جاءت على سبيل الوجوب، والتي تنص على أنه: ” لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبرر لذلك بعد الاستماع للأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو بإجراء بحث اجتماعي”.

يدخل هذا الإجراء في نطاق وسائل الإثبات التي تساهم في تكوين  قناعة القاضي في تعليل مقرره، ذلك أنه لا بد من إجراء هذا اللقاء مع أبوي القاصر،أو نائبه الشرعي للتأكد من رغبة القاصر في الزواج ، ورغبة والديه في ذلك. فهذا الاستماع يفيد القاضي مبدئيا في تكوين صورة تقريبية حول الزواج المطلوب وأطرافه كما يساهم ولو جزئيا في بناء قناعة القاضي عن مدى نجاح هذا الزواج[21].كما أنه يمنح للقاضي صورة تقريبية عن السن الحقيقي للقاصر في حالة وجود خطأ مادي في سجلات الحالة المدنية وإدلاء القاصر بعقد ولادة يتضمن بأنه دون أهلية الزواج، وهكذا يتأتى له البحث في هذه المسألة من خلال المقارنة بين مختلف الوثائق الإدارية المدلى بها أو من خلال الاطلاع على كناش الحالة المدنية[22].

وإذا كان الاستماع للقاصر أو نائبه الشرعي عند الاقتضاء يشكل أحد الركائز الأساسية التي يعتمد  عليها قاضي الأسرة المكلف بالزواج للوقوف على هذه المصلحة[23].  فإن مدلول هذه الأخيرة يثير الكثير من اللبس حول المقصود منها، هل مصلحة القاصر أم مصلحة   وليه؟.

لا شك أنه بعد القراءة المتأنية للمادة 20 من مدونة الأسرة يتبين أن المصلحة المنشودة هي مصلحة القاصر نظرا لأن هذا الاستثناء إنما جاء أصلا لفائدة القاصر وليس وليه، فلو تبث للقاضي بأن هذا الزواج لن  يتحقق من ورائه  أية مصلحة  للقاصر، فإن  طلب ا لإذن

بالزواج سيواجه بالرفض، ولهذا فالمصلحة يجب أن تكون أكيدة وأن تكون هي الدافع الأساسي لطلب الإذن بالزواج وبالتالي منحه[24].

هذا وقد تتعارض مصلحة القاصر في الزواج مع رغبة نائبه الشرعي، الأمر الذي يدفعنا إلي التساؤل عن مدى سلطة القاضي في تقدير مصلحة القاصر؟.

فقد تطرح حالات عملية يتمسك فيها أبوي القاصر أو احدهما بموقفه الرافض لتزويج ابنهما أو بنتهما القاصر، وقد يحدث العكس حيث يتمسك أبوي القاصر في تزويجه ويتبين للقاضي عند الاستماع للقاصر عدم رغبة هذا الأخير في هذا الزواج[25].

بالرغم من أن المشرع المغربي اشترط موافقة النائب الشرعي عند تزويج القاصر الذي تحت ولايته، وذلك بعد توقيعه إلي جانبه على طلب الإذن بالزواج والاستماع إليه خلال جلسة البحث الاجتماعي من أجل استخلاص المصلحة والأسباب المبررة لمنح الإذن. فإنه لم يجعل هذا الشرط لازما، بحيث يترتب على مجرد موافقة النائب الشرعي على زواج من هو تحث ولايته ضرورة منح الإذن،وإنما جعل هذا الشرط متوقفا على تحقق مصلحة القاصر،وهوما يبرر أهمية الرقابة القضائية على صلاحيات النائب الشرعي في مجال تزويج من تحت ولايته من قاصرين.

ففي الحالة التي يمتنع فيها النائب الشرعي عن تزويج القاصر الذي يوجد تحت ولايته، فإنه يمكن لهذا الأخير أن يتقدم بطلبه مباشرة إلي القاضي المكلف بالزواج الذي يتعين عليه أن يبت فيه وفق الإجراءات المنصوص عليها في المادة 20من مدونة الأسرة[26]. وذلك إما بترجيح رأي النائب الشرعي إذا وجدت مبررات مشروعة للامتناع أو بترجيح رأي القاصر الراغب في الزواج إذا رأى مصلحته في ذلك[27]، من خلال مراعاة مبدأ المصلحة وحالة الضرورة والاستثناء للموافقة على الطلب أو رفضه دون الاكتراث بحجج الطرف  المعارض وأسباب اعتراضه[28].

تجدر الإشارة إلى أن الواقع العملي لأقسام قضاء الأسرة، خاصة قسمي قضاء الأسرة بفاس و تاونات يتجهان في تقديرهما للمصلحة إلى تغليب موقف القاصر،فبمجرد ما تظهر على القاصر خلال جلسة البحث علامات عدم الرضا عن الزواج، يقرر القاضي رفض طلب الإذن  المقدم من طرف النائب الشرعي للقاصر.

ونعتقد أن هذا التوجه القضائي جدير بالتأييد، وله ما يبرره ذلك أنه لا يمكن أن نتصور إذن بزواج تغيب فيه رغبة وإرادة أحد أطرافه، لاسيما أن المادة 4 من مدونة الأسرة أكدت في معرض تعريفها للزواج، على أنه :”ميثاق تراض وترابط…”،كما أنه لا يمكن تصور حصول مصلحة في الزواج خارج إرادة الطرف المرغوب تزويجه مهما كانت حجج ودوافع النائب الشرعي وراء طلبه، وإلا سيكون مآل الزواج الطلاق وبالتالي عرضة القاصر للضياع والتشرد.

  • الاستعانة بالخبرة الطبية

تعد الخبرة إجراء تحقيق أو استشارة فنية تقوم بها المحكمة عن طريق أهل الاختصاص،وذلك للبت في كل المسائل التي يستلزم الفصل فيها أمورا علمية أو فنية لا تستطيع المحكمة الإلمام بها.[29]

فهي تعتبر من المستجدات الهامة التي أتى بها المشرع، وجعلها وسيلة تمكن القاضي من تكوين قناعته فيما يخص منح الإذن بزواج القاصر من عدمه، فهي تمكنه من التأكد من نضج القاصر وأهليته الجسدية، الشيء الذي يساعده في اتخاذ ما يراه مناسبا على ضوء ما تأكد له من وجود المصلحة أو انتفائها.

فمن خلال الخبرة الطبية يتأكد القاضي من قابلية القاصر للزواج، ومن المعلوم أن إجراء الخبرة مسألة فنية، يحيل القاضي بشأنها إلي خبير محلف، حيث يرجع الحسم فيها إلى ذوي الاختصاص من الأطباء[30].

ويرى الأستاذ محمد الشتوي أنه يتعين على الخبير إجراء الفحوصات السريرية اللازمة والتي ينجز على ضوئها تقريرا مفصلا يحدد فيه بدقة ووضوح المعطيات التي اعتمدها والخلاصة التي توصل إليها بشأن الحالة المعروضة عليه[31].

غير أن التساؤل الذي يطرح إلى أي حد يمكن اعتبار تقرير الخبير مقيدا لسلطة قاضي الأسرة المكلف بالزواج في منح الإذن بزواج القاصر؟

مما لا شك فيه أن قناعة القاضي تبقى هي الأساس في منح الإذن، وبالتالي فإن تقرير الخبير لا يلزمه في شيء وإنما هو مجرد إمكانية منحها المشرع للقاضي ليستأنس بها في تكوين قناعته ليس إلا، كما أن الفصل 66 من قانون المسطرة المدنية يجعل القاضي غير ملزم بتقرير الخبير.

ففعلا أن تقرير الخبير الذي يؤكد عدم قدرة القاصر على الزواج يكون من -الصعب أو من غير المقبول-استبعاده من طرف القاضي وعدم الأخذ به، إلا أنه بالرغم من ذلك تبقى السلطة التقديرية للقضاء في هذا المجال جد واسعة حيث يمكن للقاضي رفض طلب زواج القاصر الذي أثبتت الخبرة الطبية قدرته على الزواج كما لو كان صغيرا مثلا[32].

ففي مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتاونات والذي جاء فيه “بناءا على الطلب المسجل لدى كتابة ضبط هذه المحكمة والمؤداة عنه الرسوم القضائية بتاريخ 4/11/2015 والذي تقدم به ولي القاصر المسماة… والمزدادة بتاريخ 03/0298/19 يعرض من خلاله أنها ترغب في الزواج وقادرة على ذلك، ملتمسا الإذن لها بالزواج  من خاطبها السيد…وبناءا على إدراج الملف بجلسة 5/11/2015 حضر الولي القانوني أب القاصر السيد…وحضرت أمها…وصرحت المعنية بالأمر أنها بالغة البلوغ الشرعي، وقادرة على الزواج وتحمل مسؤوليته وأكد الجميع رغبتهم في إتمام هذا الزواج لما فيه مصلحتها وتحصينها فقررت المحكمة إجراء خبرة طبية على القاصر لجلسة يومه.

وضمنت بالملف مستنتجات النيابة العامة الكتابية الرامية إلي تطبيق القانون مع مراعاة مصلحة القاصر وكذا الخبرة الطبية التي مفادها أن القاصر بالغة وليس بها أي مرض معدي وبذلك فهي قادرة على الزواج والإنجاب كما تبين أنها حامل من ستة أشهر، فتقرر اعتبار القضية جاهزة وتم حجزها للتأمل قصد النطق بالحكم لجلسة يومه، فتقرر رفض الطلب وتحميل وليها الصائر[33].

يتضح من خلال المقرر أعلاه أن الخبرة الطبية قد أثبتت أن القاصر قادرة على الزواج و الإنجاب، إلا أن القاضي رفض الإذن لها بالزواج نظرا لكونها حامل،ولم يبين الأسباب التي اعتمدها والمبررات التي تجعل الحمل سببا في رفض الإذن خاصة وان هناك محاكم تمنح الإذن في هذه الحالة ومن ذلك قسم قضاء الأسرة بالدار البيضاء[34].

إن هذا التوجه القضائي الذي سلكته المحكمة الابتدائية بتاونات من شانه أن يساهم في عيش القاصر مع خليلها خارج  القانون، وبالتالي فتح باب اللجوء إلى ثبوت الزوجية،على خلاف منحها الإذن حيث ستتزوج بطريقة شرعية وتكون لها أثار ايجابية سواء على الزوجين والأبناء.

وفي المقابل قد تكون نتيجة الخبرة الطبية في صالح القاصر، ويتم بناء على ذلك قبول طلب الإذن بالزواج، ورد في مقرر قضائي بتزويج قاصر عن المحكمة الابتدائية بتاونات “…بناءا على الطلب المقدم من طرف القاصر المزداد بتاريخ 18/09/2000 والموقع من طرف النائب الشرعي والدتها السيدة… والذي تلتمس فيه الإذن لها بالزواج بالمسمى…موضحا بأنها بالغة البلوغ الشرعي وقادرة على تحميل مسؤولية الزواج.

وبناءا على تصريح أبوي القاصر…وبناء على الخبرة الطبية المؤرخة في 06/07/2017 المنجزة من طرف الخبير الطبيب. ..الذي مفادها أن القاصر بالغ وقادرة على الزواج والإنجاب وتحمل مسؤوليته.

وحيث أن المعنية بالأمر مولودة بتاريخ 18/09/2000 حسب عقد ولادتها، وبناء على مستنتجات النيابة العامة الرامية  إلى تطبيق القانون.

وحيث أنه استنادا إلى ما ذكر، فإن المعنية بالأمر تعتبر مؤهلة للزواج وقادرة تحمل أعبائه.

و حيث أن مصلحة القاصر في هذا الزواج تتمثل في تحصينه وحمايته والتعاون على شؤون الحياة الزوجية.

وبناءا على مقتضيات المادتين 20 و21 من مدونة الأسرة…تقرر الإذن بزواج المسماة…وتحميل وليها الصائر[35].

كما جاء في مقرر بزواج من لم يبلغ سن الزواج عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بفاس، “بناء على الطلب المقدم من طرف القاصرة…المزدادة بتاريخ 29/10/2000 الموقع من طرفها ومن طرف وليها القانوني والدها…الذي تلتمس فيه الإذن لها بالزواج قبل بلوغها سن الرشد القانوني موضحة أنها بالغة البلوغ الشرعي وقادرة على تحمل مسؤولية الزواج…وبناء على الخبرة الطبية المنجزة من طرف الطبيب الخبير… التي مفادها أن القاصرة في صحة جيدة تظهر عليها جميع علامات البلوغ وقادرة على الزواج وتحمل أعبائه وأنها خالية من الحمل.

وبناءا على مستنتجات النيابة العامة الرامية الى على تطبيق القانون.

وحيث إنه إسناد إلي ما ذكر فإن المعنية بالأمر تعتبر مؤهلة للزواج وقادرة على تحمل أعبائه. وحيثإن مصلحة القاصرة في هذا الزواج تتمثل في تحصينها وحمايتها والتعاون على شؤون الحياة الزوجية، وحيث أن القاصرة بالغة البلوغ الشرعي تظهر عليها جميع علامات الرشد التي تخولها تحمل أعباء الزواج كما تؤكده الخبرة وفي زواجها تحصين لها.

وبناءا على مقتضيات المادتين 20 و21 من مدونة الأسرة.

نقرر الإذن للقاصرة…بالزواج وتحميل الولي القانوني للقاصرة الصائر”[36].

يتبين من المقررات أعلاه أن القاضي قد اعتمد على الخبرة الطبية في إصداره لمقرر الإذن بزواج القاصر،غير أنه في بعض الحالات إذا اتضح للقاضي أن القاصر موضوع طلب الإذن بالزواج قد اقترب من سن الأهلية أي أنه تجاوز سن 16 ففي هذه الحالة وحسب ما جرى به العمل القضائي بالمحكمة الابتدائية بفاس، غالبا ما يتم الاستغناء عن إجراء الخبرة الطبية في هذه الحالة ويكتفي بمعاينة القاصر والاستماع إليه لمعرفة موقفه من هذا الزواج ليتم البت في طلب الإذن بالزواج[37].

ونعتقد أن هذا التوجه القضائي الذي سارت فيه المحكمة الابتدائية بفاس جدير بالتأييد، ذلك أنه إذا كان القاصر في سن السابعة عشرة حيث يكون من المتيسر أن يلاحظ عليه القاضي مخايل الرشد من الناحية الجسمانية، ويبقى عليه فقط التأكد من قدرته على تحمل الالتزامات وتبعات الزواج وهو ما يمكن التأكد منه من خلال إجراء البحث الاجتماعي.

  • الاستعانة بإجراء بحث اجتماعي

إن إجراء البحث الاجتماعي من الأمور المستجدة في مدونة الأسرة،[38] وهو إجراء من شأنه أن يساعد القاضي على معرفة مدى استعداد القاصر لإنجاح الزواج، وبالتالي تحمل المسؤوليات المترتبة عنه، ومن ثم فهو يوضح مدى فهم القاصر لمقاصد الزواج، كما أن هذا البحث يستعين به القاضي للتعرف على الحالة  المادية والمعنوية لعائلة القاصر والبحث عن وسطه الاجتماعي، وكذا عن مستواه الأخلاقي، ويفيد هذا الجانب من الأبحاث القاضي في استخلاص مدى استعداد القاصر وحرصه على الالتزام باحترام الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين وقدرته على تربية أبنائه تربية حسنة[39].

جاء في مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتاونات “بناء على الطلب المسجل لدى كتابة ضبط هذه المحكمة والمؤداة عنه الرسوم القضائية بتاريخ 29/105/201 والذي تقدم به ولي أمر القاصر المسماة…المزدادة بتاريخ 7/02/2000يعرض من خلاله أنها ترغب في الزواج وقادرة على ذلك.،ملتمسا الإذن لها بالزواج من خاطبها السيد…وبناء على إدراج الملف بجلسة 29/10/2015 تخلف عنها أب القاصر وحضرت أمها السيدة…وصرحت المعنية بالأمر أنها بالغة البلوغ الشرعي، وقادرة على الزواج وتحمل مسؤوليته، وأكد الجميع رغبتهم في إتمام هذا الزواج لما فيه مصلحتها وتحصينها وألفي بالملف مستنتجات النيابة العامة الكتابية الرامية إلي رفض الطلب وإدراج الملتمس ضمن وثائق الملف والإشهاد بذلك في محضر الجلسة. فتقرر اعتبار القضية جاهزة وتم حجزها للتأمل قصد النطق بالحكم لجلسة يومه.

بعد التأمل وطبقا للقانون. حيث يهدف الطلب إلى الإذن بالزواج من خاطبها المذكور أعلاه، وحيث بالاطلاع على رسم الولادة…وحيث اقتنعت المحكمة من خلال البحث المجرى في النازلة عدم وجود الأسباب والمبررات التي تقتضي الإذن لها بالزواج لا سيما أنها في سن لا يسمح لها بادراك مسؤولية هذا الزواج وتحمل أعبائه. ومن ثم صدور الرضى من جانبها بشأن ذلك.وعليه تكون مصلحتها في هذا الزواج غير واضحة. ويبقى معه الطلب غير مبرر ويتعين التصريح برفضه. وتحمل وليها الصائر”[40].

يتضح من خلال المقرر أعلاه أن القاضي أصدر أمره برفض طلب إذن بزواج قاصر بناء على البحث الاجتماعي الذي أجراه بنفسه، وليس من طرف أي جهة أخرى[41]. وفي هذه الحالة يفترض في القاضي أن يكون قد استفاد من تكوين خاص يؤهله لأن يتقلد أدوار عالم الاجتماع وعالم النفس، حتى يتوغل في نفسية القاصر ويرى مدى استيعابه للمسؤوليات التي يلقيها الزواج على المقبل عليه، ويكون قراره يتماشى مع ما يحقق مصلحة القاصر وحقوقه[42].

تجدر الإشارة أن الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي يتقاطع مع البحث الاجتماعي في كونهما وسيلتين تمكنان القاضي من تكوين قناعته عن طريق المعاينة والاستماع مباشرة للمعني بالأمر، غير أن الاختلاف يكمن في أن الأول ينصب على أبوي القاصر أو نائبه الشرعي في حين أن الثاني ينصب على القاصر نفسه، كما أن الإجراء الأول هو إجباري في حين أن البحث الاجتماعي ما هو إلا إجراء اختباري يخضع لسلطة قاضي الأسرة المكلف بالزواج.

الفقرةالثانية: الضوابط القضائية لتقدير مصلحة القاصر في الزواج

إن اعتراف المشرع للقاضي  بالسلطة التقديرية في تطبيقه لمقتضيات مدونة الأسرة لا يعني تخويله سلطة مطلقة في ذلك، فقد ألزمه المشرع بمباشرتها ضمن حدودها القانونية، ووضع لها مجموعة من الضوابط – يمارسها على هديها- كي لا يضل السبيل وتتحول سلطته إلى نوع من الاستبداد يستحيل أن ينعم الأطراف في ظله بحماية حقيقية.

ويقصد بالضابط في هذا المجال، مختلف المعايير التي يتوسل بها القاضي في تقدير طبيعة الحل الأنسب الذي يطبقه على الواقع المطروح أمامه، وهي معايير متصلة بالواقعة المرتكبة وبأطراف النزاع، وهي تهدف الوصول إلى قياس سليم على نحو يدنيه من العدالة[43].

وارتباطا بموضوع بحثنا سنحاول التركيز فقط على ضابط السن، ثم ضابط الاغتصاب وضابط الفقر.

  • ضابط السن

لم يحدد المشرع سنا معينا يمكن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج مراعاته عند منحه الإذن بزواج القاصر، وهو ما جعل العمل  القضائي الأسري يختلف في تطبيقاته، بحيث يختلف السن الأدنى الذي لا يمكن  للقاضي النزول عنه عند منحه للإذن، ولعل ذلك راجع بالأساس إلى عدة عوامل منها اختلاف عادات المنطقة التي يعيش بها القاصر ومناخها وغيرها من العوامل الأخرى.

فإذا كان المستقر عليه على صعيد قسم قضاء الأسرة بالدار البيضاء أن القاضي لا يمنح الإذن بزواج القاصر الذي لم يبلغ عمره 17 سنة،[44] فإن الحال على صعيد أقسام أخرى مثل قسمي قضاء الأسرة بفاس وتاونات،[45] إذ يجعل 16 سنة كحد أدنى لمنح الإذن بزواج القاص،بل إننا نجد بعض أقسام قضاء الأسرة من تمنح الأذن  بالزواج للقاصر الذي لم يبلغ 16  سنة.

فما يلاحظ من خلال الواقع العملي أنه بمجرد كون القاصر لم يبلغ سنا معينا – تختلف حسب المحاكم بالمغرب- فإن قاضي الأسرة المكلف بالزواج لا يأمر بإجراء بحث أو خبرة طبية، ولا يسمع للأطراف المعنية، وإنما يكون رفض منح الإذن هو المآل[46].

في هذا الصدد أصدرت محكمة الاستئناف بطنجة قرارا أيدت من خلاله الحكم المستأنف الذي قضى برفض طلب الإذن بزواج قاصرة تبلغ من العمر أربع عشرة سنة معللة قرارها بمايلي”…حيث أن الشهود لم يبينوا بوضوح ما هو السبب الداعي إلى تزويج البنت،…مكتفيا

بالقول أنها محتاجة إلى تزويجها، كما يخشى عليها من العنت، وهذه الشهادة غير كافية لتبرير الطلب، كما أن الشهادة الطبية، وكذا التقرير الطبي وإن كان من صالح البنت، نرى خلاف ما يهدف إليه الطلب لكون البنت لازالت في سن مبكرة 14 ستة، وأن مصلحتها تقتضي عدم الزج بها في مشاكل الحياة الزوجية حتى يكتمل نضجها وأن الإسراع في تزويجها قد يؤدي بها إلى ما لا يحمد عقباه…”[47]

يتضح من القرار أعلاه أن ضابط السن، وان لم ينص عليه المشرع في المادة 20 من مدونة الأسرة يبقى من الضوابط التي يعتمدها القاضي المكلف بالزواج لتبرير مقرره الرامي إلى الاستجابة أو رفض طلب الإذن بزواج القاصر، غير أن هذا الضابط ليس قارا وإنما يختلف من مقرر إلى أخر،فقد تقضى مصلحة القاصر منح الإذن بزواجه وإن كان يبلغ من العمر 14 سنة نظرا لوجود ظروف أقوى تفرض هذا الزواج كالحالة التي تتعرض فيها الفتاة القاصر للاغتصاب[48].

  • ضابط الاغتصاب

تعتبر حالات الاغتصاب من الحالات التي تراعى فيها الوضعية الاجتماعية والأسرية للضحية، الأمر الذي يدفع بالقاضي المكلف بالزواج إلى إصدار إذنه بقبول طلب زواج القاصر مرجحا فيها مصلحة على مصلحة أخرى.

وفي هذا الصدد أصدرت محكمة الاستئناف بمراكش قرارا ألغت بموجبه مقرر قاضي الأسرة المكلف بالزواج القاضي برفض طلب العارضة بعلة أن هذه الأخيرة من مواليد 24/06/1991 وهو ما يجعلها غير متوفرة على النضج الكافي والوعي اللازم لمعرفة الحقوق والواجبات التي يرتبها عقد الزواج ويجعل زواجها معرضا في أية لحظة للفشل…إضافة إلى أن الغاية من طلبها هو إضفاء الشرعية على جريمة الاغتصاب التي ذهبت ضحيتها، ولأن وضعيتها القانونية وفق قانون الحالة المدنية غير منتظم بعدم ذكر والدها، ولقد عللت محكمة الاستئناف قرارها بإلغاء المقرر الابتدائي أعلاه بقولها “…وحيث أن الثابت من وضعية الطالبة…في شخص وليها أمها…في نازلة الحال أنها من مواليد 14/06/1991. وغير ذات أب بإقرارها وإقرار وليتها…وحسب الشهادتين الطبيتين… التي تبين بأنها مطيقة للوطء وأنها بمعية والدتها تقدمتا لقاضي الأسرة المكلف بالزواج بطلب الإذن بزواجها بالزوج (ب.ع). المولود سنة 1975 العامل بالخارج لسابق علاقتها المفصلة بمحضر البحث التمهيدي بمصلحة الشرطة القضائية…كان على المحكمة مراعاة وضعيتها أعلاه، والإذن لها بالزواج لا برفضه له لهاتين العلتين…وأنه حتى على فرض وجود ضرر لهذه الأنثى في زواجها المبكر فإنه في بقائها بدونه وهي على ما عليه من وضعية…ضرر، وانه متى تزاحم ضرران فان الأولى الأخذ بالأخف منهما، ولا شك أن الإذن بالزواج هو الأخف من الحرمان منه…[49]

يتبين من القرار أعلاه أن مصلحة القاصر تتداخل فيها اعتبارات اجتماعية ويبقى دور القاضي في تقدير هذه المصلحة على درجة كبيرة من الأهمية، عن طريق معالجة الوضع بترجيح مصلحة على مصلحة.

والرأي فيما نعتقد أن التجوه الذي سلكته محكمة الاستئناف في القرار أعلاه غير سليم،ذلك أن فكرة الأخذ بأخف الضررين لا يخدم مصلحة القاصر في هذه الحالة،خاصة إذا علمنا أن مثل هذا الزواج لن يكون الهدف منه بناء أسرة متحابة بقدر ما سيكون، زواجا صوريا ،وشكليا فيه شيء من الإكراه وينقصه الرضى الحقيقي للزوجين،ويهدف إلى استفادة المعتدي من العقوبة المقررة قانونا.

  • ضابط الفقر.

من الضوابط القضائية التي يعتمدها القاضي المكلف بالزواج في إصدار الإذن بالزواج دون السن القانوني نجد ذلك المتعلق بالفقر،عندما يقتنع القاضي بأن زواج القاصر قد يضمن  له عيشة أفضل، كما لو كانت طالبة الإذن فقيرة مقبلة على الزواج برجل غني وكفئ لها، وفي هذا الصدد جاء في مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بفاس”…وبناء على تصريح أبوي القاصرة المذكورة…وزوجته…الذي مفاده أنهما يرغبان في تزويجهما خوفا عليها من الضياع ولانحراف. وبناءا على الخبرة الطبية المؤرخة في 14/03/2008…والتي مفادها أنها قادرة على الزواج…وحيث أن المعني بالأمر مولود بتاريخ 19/05/1992…وحيث تبين من خلال التحريات المنجزة أن خاطبها كفئ  لها وأن زواجها منه فيه مصلحتها وسدادها…مما يتعين معه قبول الطلب والإذن بزواج المسماة…[50].

يتبين من المقرر أعلاه أن أبوي القاصر تقدما أمام السيد قاضي الأسرة المكلف بالزواج بطلب يهدفان من خلاله أنهما يرغبان في تزويج بنتهما بعلة أن خاطبها كفئ لها،في هذا الصدد أكدت رئيسة المحكمة الابتدائية بالبيضاء أنالآباء يضطرون إلى تزويج ابنتهم من رجل ميسور أو شخص يعيش في المجال الحضري ويعتقدون أن في ذلك فرصة لا يمكن التفريط فيها[51].

والرأي فيما نعتقد أن استحضار القاضي لهذا الضابط عند إصداره  للإذن بالزواج لمن هم دون السن القانوني فيه من الايجابيات التي لا يمكن إنكارها خاصة إذا كانت الفتاة قد اقتربت من سن الرشد فهو من شانه أن يحد من بعض المشاكل كلجوء الفتاة إلى الاشتغال بالمنازل لإعانة أسرتها الفقيرة، ولا يخفى على احد ما تعانيه فئة كبيرة من الفتيات العاملات بالبيوت من سوء المعاملة قد تصل إلى اعتداءات جسمية ،وفي هذه الحالة يكون الزواج  أصلح لها ويكون بيتها أولى باشتغالها فيه والقيام على شؤونه.

 

المطلب الثاني: رقابة القضاء لرخصة تزويج القاصر

إذا كان المشرع المغربي قد قنن زواج القاصر وأحاطه بمجموعة من الشروط، فإنه في حالة  مخالفة هذه الشروط لم يتعرض إلى المسألة ، إلا في حالة استعمال طرق احتيالية من أجل الحصول على الإذن بالزواج، مما دفعنا إلى التساؤل عن عقد الزواج الذي يتم بين قاصرين دون أن تتوافر فيه هذه الشروط؟ (الفقرة الأولى). وإلى أي مدى استطاع القضاء أن يتعامل مع القضايا التي يتم فيها التحايل من أجل الحصول على هذا الإذن؟ (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مصير عقد زواج القاصر الغير المستوفي لشروطه

لم يتعرض المشرع المغربي لحالة اختلال عقد زواج القاصر للشروط التي يتطلبها القانون اللهم في حالة استعمال طرق احتيالية من أجل الحصول على الإذن بالزواج، وبالرجوع إلى المذهب المالكي، فالصغير إذا تزوج بغير إذن وليه، فلهذا الأخير فسخ هذا الزواج، لأن زواج القاصر متوقف على إذن وليه[52]. جاء في شرح ميارة الفاسي في تحفة الحكام سئل ابن القاسم “فان تزوج الصغير بغير إذن أبيه وأجازه الأب أيجوز قال نعم إذا كان على وجه النظر له وان فرق الولي بينهما لم يكن على الصبي من الصداق شيء، وان كان مثله يقوى على الجماع”[53].

كما أن العاقد إذا لم يكن كامل الأهلية، فان عقد زواجه يكون غير نافذ لأنه ليست للعاقد ولاية الإنشاء،إذ يشترط في النفاذ،[54] أن يكون العاقد عاقلا بالغا، فإذا كان ناقص الأهلية فعقده موقوف.[55]

وإذا كانت المدونة تعتبر موافقة النائب الشرعي شرطا من شروط صحة زواج القاصر،[56] فإنه يبقى مولى الحق في إمضاء زواج من لم يبلغ سن الرشد أورده،[57] فإن أمضاء صح الزواج وإن رده لم يصح هذا الزواج، غير أن المشرع المغربي أقر قاعدة رفع الأمر إلى المحكمة إذا ما ظل القاصر مصرا على رأيه في إبرام عقد الزواج، وهو لا يزال دون سن الرشد القانوني، وقياسا على ذلك يمكن للقضاء التدخل في الحالات التي يتم فيها هذا الزواج دون توافر شرط موافقة الولي أو النائب الشرعي ليحكم برد الزواج أو إمضائه حسب ما يراه في مصلحة القاصر.

ونعتقد أنه أمام الإجراءات التي أصبح يخضع لها الزواج سيصبح من الصعب وجود حالات زواج لا تخضع للشروط القانونية المطلوبة، إلا ما كان منها يدخل في حالة الاستثناء، ذلك أنه لوحظ في الواقع العملي أن الراغبين في الزواج تعاملوا مع المقتضيات السالفة الذكر خلافا لإرادة المشرع، فمن دون سن الثامنة عشرة والذين رفض القاضي الإذن لهم بالزواج استعاضوا عن العقد باعتمادهم المادة 16 من مدونة الأسرة المتعلقة بثبوت الزوجية، مما ترتب عنهأن عدد أحكام ثبوت الزوجية فاقت عدد الزواج، فأصبح بالتالي الأصل هو الاستثناء[58]، وهذه الأخيرة حدد لها المشرع المغربي مدة معينة لسماع دعاوى الزوجية فيها[59].

لقد تضاربت أراء الفقه الحديث حول تخلف شرط السن المنصوص عليه في المدونة، فالدكتور أحمد الخمليشي يرى أن شرط السن من شروط صحة عقد الزواج، والإخلال بهذا الشرط عند العقد يؤدي إلى فساد العقد، ويفسخ قبل الدخول وبعده، وفيه المسمى من الصداق بعد الدخول،و يقع هذا الفسخ بطلاق قياسا على العقد المختلف في فساده وما ينجم عنه من آثار. غير أنه في نفس الوقت انتقد فكرة مآل عقد الزواج الذي يبرم دون سن الرشد إلى الفسخ، اذ يتساءل لما الغاية من فسخ الزواج وإن طال عليه الأمد، وازداد الأولاد لعلة أن الزوجة والزوج لم يكونا بالغين لسن الرشد؟. ويرى أنه إذا كان لا بد من تقرير الفسخ فينبغي أن يكون مشروطا بإثارته قبل الدخول أو في فترة معقولة بعد بلوغ الزوج المعني بالأمر السن القانوني للزواج، باعتبار أن هذه السن تتحقق في الأهلية التي تمكن من قبول أو رفض الزواج[60].

أما الأستاذ علال الفاسي فذهب إلى استحسان توافر شرط السن غير أنه لا يبطل نفس العقد شرعا، لأنه لا يعتبر ركنا ولا شرط صحة بل هو شرط نفاذ العقد، مما يوقف العقد عن التنفيذ، لكن لا يبطله ولا يعرضه للإلغاء، ويترتب على هذا أنه إذا ما وقع إيجاب وقبول من ولي الأم وحصل إنجاب أولاد بعد بلوغ الزوجين، فيتعين على المحكمة الحكم بثبوث النسب، لأن الزواج وقع باستحسان ولي الأمر[61].

وفي نفس الاتجاه يرى الدكتور عبد العزيز الفيلالي أنه لا يفسخ عقد الزواج في حالة وقوعه قبل بلوغ السن المحدد قانونا، وإنما يوقف البناء بين الزوجين حتى يبلغ السن المذكور[62].

وإذا كانت مدونة الأحوال الشخصية الملغاة لم تتضمن أية إشارة لمصير عقد الزواج، وهو نفس الأمر الذي  سارت في اتجاهه مدونة الأسرة، إلا أن هذه الأخيرة تضمنت مقتضيات يمكن العمل بها فقط في حالة ما إذا  تعلق الأمر بالتحايل أو التدليس على الطرف الأخركإيهامه مثلا بأنه راشد، إذ تنص المادة 63 من مدونة الأسرة على أنه:  “للمدلس عليه من الزوجين بوقائع كان التدليس بها هو الدافع إلى قبول الزواج أن يطلب فسخ الزواج  قبل البناء، وبعده خلال أجل لا يتعدى شهرين من تاريخ العلم بالتدليس مع حقه بطلب التعويض“.

وعليه فإذا ما أوهم أحد الزوجين الأخر بأنه راشد، كان للطرف الأخر الحق في طلب فسخ هذا الزواج سواء قبل البناء أو بعده على أن يكون ذلك داخل شهرين من تاريخ العلم بالتدليس الذي حل.

والمشرع الفرنسي رغم أنه اعتبر عدم توفر سن الزواج يؤدي إلي بطلان الزواج بطلانا مطلقا، إلا أنه استثنى حالتين يصحح فيهما وهما: إذا مرت ستة أشهر على بلوغ الفتى سن الزواج، وإذا ظهر حمل بالزوجة التي لا تتوفر على السن القانوني[63] والمشرع المغربي، وفي محاولة منه للقضاء على إمكانية زواج من دون سن الرشد القانوني بدون أن تتوافر فيه الشروط المطلوبة قانونا خاصة شرط السن  والإذن بالزواج لمن دونه، نص من جهة على أنه يوجه ملخص من عقد الزواج إلى ضابط الحالة المدنية، محل ولادة الزوجين، فإن لم يكن للزوجين أو لأحدهما، محل ولادة بالمغرب، يوجه الملخص إلى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، وأنه على ضابط الحالة المدنية تضمين الملخص بهامش رسم ولادة الزوجين وذلك لأجل الحد من ظاهرة التحايل الإداري عند إبرام عقد الزواج ،ومن جهة ثانية نص على جزاء جنائي لمن يلجأ إلى استعمال طرق احتيالية في الحصول على الإذن بالزواج.

الفقرة الثانية: جزاء التحايل على القانون للحصول على الإذن بزواج القاصر

جعلت مدونة الأسرة المغربية من التدليس[64] عيبا من عيوب الإرادة يمكن للطرف المتضرر منه الحق في المطالبة بفسخ عقد الزواج[65] بخلاف بعد التجارب القانونية المقارنة كالقانون المدني الفرنسي،الذي لم يذكر التدليس ضمن أسباب إبطال الزواج، مقتصرا على الغلط والإكراه، ويبرر أغلب الفقه الفرنسي ذلك، بكون إقحام التدليس ضمن عيوب الإرادة في الزواج، سيجعل أغلب الزيجات معرضة للإبطال بالنظر إلى خصوصية عقد الزواج الذي يلجأ فيه الطرفان عادة إلى نوع من التحايل[66].

وبالرجوع إلى مدونة الأسرة اعتبر المشرع المغربي التدليس في الحصول على الإذن المنصوص عليه في البند الخامس من المادة 65 من المدونة أو التملص منه تطبق على فاعله والمشاركين معه أحكام الفصل 366 من القانوني الجنائي بطلب من المتضرر، ومن الحالات التي تستلزم الحصول على هذا الإذن حالة الزواج دون سن الأهلية.

ويكون بذلك قد تدارك النقص الذي كان يعتري مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في عدم ترتيب أي جزاء عند مخالفة الحد الأدنى لسن الزواج ففرض عقوبة على كل تحايل على مقتضيات الإذن في الزواج[67].

جاء تقرير المشرع للجزاء الجنائي عند مخالفة الحد الأدنى لسن الزواج حماية للأطفال القاصرين من إساءة استعمال وليهم القانوني لرخصة تزويجهم دون بلوغ السن القانوني عن طريق استعمال وسائل الاحتيال والتدليس لإخفاء سنهم الحقيقي، وللحد من التلاعب عن التصريح بالولادة، ألزم الراغب في الزواج الإدلاء بنسخة من رسم الولادة يشير فيه ضابط الحالة المدنية إلى تاريخ هذه النسخة ومن أجل الزواج، ومن أجل ذلك يكون قد منع العمل بنسخ عقود الولادة التي تنسخ من دفاتر الحالة المدنية أو من عقود قديمة تحت مسؤولية طالبها، وبهذا يكون المشرع قد ربط الزواج بالتسجيل في الحالة المدنية مما لم يعد معه ممكنا السماح بقبول الشواهد المسلمة من ضابط الحالة المدنية والمبنية على تصريح أشخاص من الأقارب أو الجيران في الحالات التي يكون فيها الفتى أو الفتاة غير مسجلين في سجلات الحالة المدنية[68].

ويرى الأستاذ عبد المجيد غميجة أن ضابط السن تتضافر فيه عوامل تتعلق بالحماية من الزواج المبكر، والاحتياط لمسألة الرضى من جانب الفتاة بصفة خاصة، تكتنف الزواج دون السن القانوني إن تم.عواملتساهم في استقرار الزواج والحفاظ على مصير الأولاد الناجمين عنه، لذلك فهو يعتقد أنه يجب إتخاد حل مرن بخصوص مسألة تخلف شرط السن، غير أنه يتعين في نفس الوقت التشديد على التثبت من عوامل السن لدى الشباب المقبلين على الزواج والفتيات خاصة، رغم صعوبة ذلك أمام عدم تعميم نظام الحالة المدنية وأمام لجوء بعض الآباء إلى طلب تغيير تواريخ ازدياد بناتهم توصلا إلى إمكان تزويجهن[69].

ونعتقد على غرار الأستاذ غميجة، أنه يجب أن يكون القاضي حذرا في التأكد من بلوغ المقبلين على الزواج من هم دون سن الرشد القانوني خاصة بالنسبة للفتاة، ذلك أن الوضع الاجتماعي في هذا العصر يدعو كلا من الفتى والفتاة إلى التزود بسلاح المعرفة والعلم في ميدان الحياة، وعلى الفتاة ألا تلج بين الزوجية وهي ما تزال في طور التكوين والتهذيب.

وفي المقابل على القضاء التعامل بمرونة مع حالات زواج القاصرين دون سن الرشد التي تعرض عليه، ذلك أن لقضاة الموضوع كامل الحرية في تقديم المشاكل المطروحة على أنظارهم لذا عليهم أن يكونوا جديرين بالحرص على التصرف فيها بما يلائم مقاصد الشريعة ومصالح الناس.

ولعل مراعاة هذه المصلحة هي ما جعلت القضاء المغربي يتضارب على مستوى مواقفه ففي الوقت الذي تجد فيه حكما صادرا عن المحكمة الابتدائية لمدينة الناظور[70]يقرر بحتمية فسخ عقد الزواج قبل البناء وبعده بالطلاق إذا ثبت خلل في صلب عقد النكاح. نجد أن محكمة الاستئنافبوجدة،[71] قررت إلغاء الحكم بعلة أن الزواج تم بموافقة الولي والمدونة تقرر صحة الزواج الذي يتم بموافقته قبل سن الرشد القانوني.

تجدر الإشارة إلى أن التحايل في الحصول على الإذن بزواج القاصر لا يقتصر فقط على التدليس في الحصول على بعض الوثائق، وإنما يأخذ صورا متعددة منها الحالة التي يرفض فيها القاضي منح الإذن بزواج  من هم دون سن الأهلية فيستعيضون عن العقد باعتمادهم المادة 16 من مدونة الأسرة.

يتبين مما سبق أن المشرع المغربي جاء باستثناء خول من خلاله للقاضي المكلف بالزواج أن يأذن بزواج دون سن الأهلية بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، مستعينا بمجموعة من الوسائل القانونية كما أقر جزاءا جنائيا في الحالة التي يلجأ فيها أحد طرفي عقد الزواج أو وليهما القانوني إلى استعمال وسائل الاحتيال والتدليس قصد الحصول على الإذن بالزواج دون سن الأهلية، تصل العقوبة إلى سنتين حبسا وغرامة تصل إلى ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين، بالإضافة إلى ذلك يمكن للمدلس عليه من الزوجين الحصول على تعويض مدني طبقا لأحكام المسؤولية التقصيرية، تحدده المحكمة في إطار سلطتها التقديرية، كما يمكن له طلب فسخ عقد الزواج في حالة إبرامه نتيجة تدليس الطرف الأخر[72].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة 

من خلال هذه الدراسة المتواضعة، تبين أن مصلحة القاصر في الزواج من خلال  مدونة الأسرة ترتكز على التعاون بين كل من المشرع الذي يضع نصوص قانونية عامة ومجردة و بين القاضي الذي يفسرها وفق  ما يحقق مصلحة للقاصر .

فعلى امتداد صفحات هذا البحث توصلنا إلى النتائج التالية:

  • بالرغم من أن المشرع سن معايير واضحة ليستعين بها القاضي المكلف بالزواج لمنح الإذن بزواج القاصر من عدمه تبقى معايير غير كافية، الأمر الذي دفع بالقضاء إلى إيجاد ضوابط قضائية تتماشى وحماية مصلحة القاصر في الزواج.
  • لم يحدد المشرع سنا معينا يمكن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج مراعاته عند منح الإذن بزواج القاصر، وهو ما جعل العمل القضائي يختلف في تطبيقاته فالقاضي الذي يساير الحداثة يتشدد في منح الإذن بزواج دون سن الأهلية مستقيا مببراته من الاتفاقيات الدولية فهو غالبا ما يرفع من السن، في حين أن القاضي الذي يميل إلى تطبيق الفقه الإسلامي يذهب في اتجاه اعتماد سن أدنى لمنح الإذن بزواج القاصر.
  • إن التحايل في الحصول على الإذن بزواج القاصر لا يقتصر فقط على التدليس في الحصول على بعض الوثائق،وإنما يأخذ صورا متعددة منها الحالة التي يرفض فيها القاضي منح الإذن بزواج من هم دون سن الأهلية، فيستعيضون عن العقد باعتماد المادة 16 من مدونة الأسرة.

كما خرجنا بالاقتراحات التالية:

  • على القضاء أن يجتهد أكثر في إيجاد ضوابط قضائية جديدة، كلما لاحظ أنها تخدم مصلحة القاصر خاصة في حالة منح أو رفض الإذن بزواج القاصر لاختلاف الظروف والحالات من منطقة إلى أخرى ومن قاصر إلى آخر.
  • إلغاء المادة 16 من مدونة الأسرة مادامت تعد طريقا للتحايل يعتمدها الذين تم رفض طلباتهم للإذن لهم بالزواج.

 

 

[1]  أحمد شكري السباعي، ” نظرية بطلان العقود و إبطاله في قانون الالتزامات والعقود “، المطبعة المثالية الرباط، الطبعة الأولى، سنة 1971 ص 238 .

[2]  أحمد الخمليشي، ” التعليق على قانون الأحوال الشخصية، الجزء الثاني أثار الولادة والأهلية والنيابة القانونية “، مطبعة المعارف الجديدة، 1994ص 324.

[3]  يقول الزركشي في أصوله” إن المترادفات يصح إطلاق كل منهما مكان الأخر،لأنه لازم لمعنى المترادفين، ولا خلاف في هذا”. أنظر بدر الدين محمد بن بهادر بن عبدالله الزركشي، ” البحر المحيط في أصول الفقه “، الجزء الأول، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 2000 طبعة خاصة بمناسبة الاحتفال بمرور 20 عاما على إتفاقية حقوق الطفل، ص 1.

[4]  بن عصمان نسرين إيناس،” مصلحة القاصر في قانون الأسرة الجزائري”، مذكرة لنيل شهادة الماجيستر، كلية الحقوق ، جامعة أبي بكر بلقايد تلمسان، السنة الجامعية 2008/2009، ص 7.

[5] محمد سعيد رمضان البوطي،” ضوابط المصلحة في الشريعة الاسلامية”، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1988 ص 115.

[6]   المستصفي 1، 286 أشار إليه حسين حامد حسان ” نظرية المصلحة في الفقه الاسلامي”، مكتبة المتنبي، القاهرة، دون ذكر الطبعة، سنة 1981 ص 6 .

[7]  أديبة بواضيل،” المصلحة الفضلى للطفل في الروابط الخاصة “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، فاس السنة الجامعية 2005/2006، ص 3.

[8]  إن سلطان الأب في الأسرة وإن كان مطلقا إلا أنه لم يكن تحكميا، فهو لا يستند في سلطانه المطلق على حق الأقوى، و إنما يستند على العقيدة المستقرة في قرار النفوس وهي التي كانت تحدد سلطانه، فكان للوالد الحق مثلا في إقصاء الابن من أسرته ولكنه كان يعلم جيدا أنه إن فعل ذلك تعرضت أرواح الأسلاف إلى خطر التشتت والنسيان. للمزيد من التوضيح، أنظر عبدالسلام الترمانيني ” محاضرات في تاريخ القانون “، كلية الحقوق جامعة حلب، الطبعة الأولى سنة 1964 ص 29.

[9]  زهدي يكن، ” تاريخ القانون”، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 1969 بيروت، لبنان ص 59.

[10]  منذر الفضل” تاريخ القانون”، السلسلة الثقافية، دار ئاراس للطباعة والنشر الطبعة الثانية، سنة 2005 ص 23.

[11]  عبدالسلام الترمانيني ، مرجع سابق ص 46.

[12]   تعني العدالة ضرورة التسوية في الحكم على الحالات المتساوية، وضرورة اختلاف الحكم في الحالات غير المتساوية، كما أن العدالة تقتضي الأخذ بأقرب الحلول إلى الاعتبارات الإنسانية إذا تعددت الحلول لموضوع واحد، كما يجب مراعاة الظروف الشخصية التي ساهمت في وجود حالة معينة عند الحكم عليها.وتلعب فكرة العدالة دورا فعالا في إصدار الأحكام القضائية لاتصافها بالمرونة، ولذلك يقوم القاضي في عدة حالات بمراعاة قواعد العدالة في تطبيقه لنصوص القانون. للمزيد من التوضيح أنظر: عبد الرحيم السليماني،” محاضرات في المدخل لدراسة القانون لطلبة السداسية الأولى “،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سيدي محمد بن عبدالله فاس، السنة الجامعية 2012/2011 ص 60.

[13]  عبدالسلام الترمانيني، مرجع سابق ص 51.

[14]  عمرو لمزرع ” المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية “، مطبعة أنفو- برانت،12 شارع القادسية – الليدو- فاس، الطبعة الثانية 2014 ص 84.

[15]  سورة البلد الآية 3.

[16]  عمرو لمزرع، ” غمز العيون في أحكام الزواج وانحلاله “، مطبعة أنفو- برانت 12، شارع القادسية – الليدو- فاس دون ذكر الطبعة، ص 110.

[17]  رواه البخاري.

[18]  الآية 10 من سورة النساء.

[19]  – زهور الحر، ” دور القضاء في تفعيل مقتضيات قانون الأسرة” ،الأيام الدراسية حول مدونة الأسرة، سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، شتنبر2004 ،ص 112.

[20]– محمد الصدوقي،رشيدعدي، “حماية مصلحة القاصر في مدونة الأسرة على ضوء العمل القضائي” ،بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، فترةالتدريب2008/2010، ص9 .

[21]– سعيد النقوب، ” زواج القاصر في النظام القانوني المغربي”، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر الطفولة وقضاء الأحداث، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، ، السنة الجامعية 20090/201، ص 43-44.

[22]– محمد الشتوي، ” الاجراتءات الإدارية والقضائية لتوثيق الزواج”، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2004، ص147.

[23]– أمين عبد الله، “حدود سلطة القضاء في المادة الأسرية-كتاب الزواج-،” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2008/2009، ص 10.

[24]– محمد الكشبور، ” شرح مدونة الأسرة “، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2006ص170.

[25]– محمد الصدوقي، رشيد عدي، مرجع سابق، ص 14.

[26]– دليل عملي لمدونة الأسرة، وزارة العدل جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الشروح والدلائل، العدد الأول، سنة 4200، ص29.

[27]– إدريس الفاخوري، “قانون الأسرة المغربي”، الجزء الأول، أحكام الزواج، مطبعة الجسور، وجدة الطبعة الأولى، سنة 2005، ص 70.

[28]– العرابي المتقي، “زواج القاصر بين القاعدة والاستثناء“، برنامج الحلقة الدراسية الجهوية المنظمة لفائدة قضاة الأسرةبتطوان،  أيام 5 و6 و7 و8 شتنبر 2005، بالمعهد العالي للقضاء، ص 6.

[29]– محمد الأزهر، ” الدعوى المدنية “، المسطرة المدنية، دون ذكر المطبعة، الطبعة الثانية 2014، المحمدية، ص 327.

[30]– أمين عبد الله، مرجع سابق، ص 15.

[31]– محمد الشتوي، مرجع سابق، ص 148.

[32]– مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بفاس، رقم 723/2017، ملف رقم 141/1616/2017، صادر بتاريخ 9/08/2017 (غير منشور).

[33]– مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتاونات، عدد 497، في ملف رقم 510/1616/2015، بتاريخ 5/11/2015 (غير منشور).

[34]– سمية عيدون، ” القواعد الاستثنائية الواردة في الأسرة الزواج نموذجا مدونة – دراسة مقارنة-“، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة عبدالمالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

طنجة ، السنة الجامعية2007/2008، ص 29.

[35]– مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتاونات، عدد 264 تحت رقم 250/1616/2017، بتاريخ 2017/8/7 (غير منشور).

[36]– مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بفاس، رقم 725/2017 ، ملف رقم 616/1616/2017، بتاريخ 9/8/2017 (غير منشور).

[37]– محمد المصدوقي، رشيد عدي، مرجع سابق، ص 12.

[38]– نوال خلوف،” زواج القاصر دراسة فقهية قانونية واجتماعية “، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص،جامعة سيدي محمد بن عبدالله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، السنة الجامعية 2012/2013، ص31.

[39]– عبدالله أمين، مرجع سابق، ص 13.

[40]– مقرر رفض زواج قاصر أمر عدد 488، رقم الملف 505/1616/2015، صادر بتاريخ 29/10/2015، عن المحكمة الابتدائية بتاونات ( غير منشور).

[41]– بإمكان القاضي القيام بإجراء البحث بنفسه ويحرر به محضرا بواسطة أعوان كاتبة الضبط، أو يصدر أمرا تمهيديا بإجراء البحث المذكور إلي جهة أخرى كالمساعدات الاجتماعيات المتخصصات في انجاز هذه البحوث أو من طرف السلطة المحلية…

[42]– إيمان البراق،” قانون الأسرة بين طموح المشرع وصعوبات الواقع العملي”، كتاب الزواج، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة 2001/2009 ص 50-51.

[43]– رشيد حماد،” سلطة القاضي التقديرية في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة“، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2006/2007، ص 110.

[44]– مقرر صادر عن قسم قضاء الأسرة بالدار البيضاء، رقم 420 بتاريخ 4/01/2009، في ملف عدد 22/9، ذكره عبد الله أمين ، مرجع سابق، ص 27.

[45]–  هذا ما توصلنا إليه من خلال اطلاعنا على مجموعة من مقررات الإذن بزواج دون سن الأهلية بكل من  قسمي قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بتاونات  وفاس.

[46]– أمين عبدالله، مرجع سابق، ص 27.

[47]– قرار محكمة الاستئناف رقم 401/5/2007، ملف رقم 64/5/7، بتاريخ 9/6/2005، منشور “بالعمل القضائي الأسري، إدريس الفاخوري“، الجزء الأول، الزواج ، مطبعة الأمنية الرباط الطبعة الأولى 2009، ص 35.

[48]– هذا القرار يساير التوجه الداعي إلى رفض زواج الصغار لما يكتنف  هذا الزواج من سلبيات، للمزيد من التوضيح يراجع الحسين بلحساني، ” تعديل مدونة الأسرة بين الثوابت الشرعية ومتطلبات الحداثة”، أعمال ندوة مستجدات مدونة الأسرة بجامعة محمد الخامس السويسي، الرباط ، نونبر 2005، ص 26.

[49]– قرار محكمة الاستئناف بمراكش رقم 452، صادر بتاريخ 10/04/2005، في الملف رقم 998/8/5، منشور بمجلة الملف العدد ،11 أكتوبر 2007، ص250 إلى 253.

[50]– مقرر رقم 200، صادر بتاريخ 1/4/2008، في ملف رقم 230، ذكره رشيد رحماني في رسالته لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، “مركز القاصر في مدونة الأسرة من خلال كتابي- الزواج وانحلال ميثاق الزوجية-“، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية  طنجة، السنة الجامعية 2007/2008، ص 17.

[51]– زهور الحر، ” زواج الفتاة القاصرة بين النص التشريعي والواقع العملي“، مقال ضمن أعمال ندوة زواج المغتصبة والقاصرة بين النصوص القانونية والواقع العملي، إعداد وتنسيق إدريس بالمحجوب، سلسلة ندوات محكمة الاستئناف بالرباط، العدد الخامس، مطبعة الأمنية بالرباط، سنة 2012 ص27.

[52]– محمد ابن معجوز، “أحكام الأسرة بين الشريعة الإسلامية، وفق مدونة الأحوال الشخصية“، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1994، ص 54.

– محمد ابن أحمد ميارة الفاسي، “شرح ميارة على تحفة الحكام“، الجزء الأول، دار الفكر، ص 164و165.[53]

[54]– آسية بنعلي،”مركز القاصر في مدونة الأسرة من خلال كتابي الأهلية والنيابة الشرعية “، دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية  طنجة، دون ذكر السنة، ص 34.

[55]– محمد أبو زهرة “الأحوال الشخصية “، دار الفكر العربي، القاهرة، الطبعة الثالثة 1957، ص 58 وما بعدها.

[56]– تنص المادة 21 من مدونة الأسرة:”… زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي…”

[57]– عبد الكريم شهبون، ” شرح مدونة الأحوال الشخصية المغربية “،  الجزء الأول، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، الطبعة الثانية 7198، ص 66.

[58]– هذا ما دفع برئيس المحكمة الابتدائية بالرماني إلى مراسلة سيد وزير العدل يعرض عليه الإشكالات العملية التي أفرزها تطبيق المادة 20 من مدونة الأسرة، موضحا من خلالها أن الواقع خلف عدة حالات من شأنها أن تفقدها الغاية من تشريعها إذ يعمد الآباء إلى تزويج أبنائهما القصر بدون الحصول على إذن القاضي ثم يتقدمون بعد ذلك إلى المحكمة للمطالبة إما بالإذن بالزواج والحال أن الدخول قد تم بين الزوجين، وإما طلب ثبوت الزوجية طبقا للمادة16  من المدونة، وقد ازداد عدد هذه الملفات بشكل واضح…مقترحا تعديل للمادة 16 كالأتى وذلك بإضافة فقرة أخرى “لا يؤذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليها في المادة 19 أعلاه إذا تم الدخول”، رشيد مشقاقة، سلسلة محكمة الرماني العدد6،سنة 2006، ص 525-526.

[59]– عدلت هذه الفقرة بموجب القانون 102-15.

[60]– أحمد الخمليشي،” التعليق على قانون الأحوال الشخصية“، مطبعة المعارف الجديدة 1994، الجزء الأول، ص182.

[61]– علال الفاسي،” التقريب“، شرح مدونة الأحوال الشخصية الكتابان الأول والثاني، مطبعة الرسالة، الرباط 2000، ص 123.

[62]-عبدالعزيز الفيلالي، “الزواج في التشريع المغربي“، دون ذكر المطبعة، الطبعة الثانية1969،أورده رشيد رحماني، مرجع سابق، ص 55.

[63]– آسية بنعلي، مرجع سابق، ص 37.

[64]– يعرف التدليس بأنه : ” استعمال الحيل والخداع لإيقاع المتعاقد في غلط يحمله على التعاقد بحيث لو لا هذه الوسائل الاحتيالية أو الخداع لما قام هذا المتعاقد بإبرام العقد“، الطيب الفيصلي، ” النظرية العامة للالتزام “، الجزء الأول، الطبعة الثانية، مطبعة النجاح الجديدة، ص 43.

[65]– ادريس الفاخوري، “قانون الأسرة المغربي“، الجزء الأول ،مرجع سابق، ص 61.

[66]– ولفاةبلبكاي،”أهلية القاصر في مدونة الأسرة، الزواج والطلاق نموذجا“، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية وجدة،السنة الجامعية 2014/2015، ص 109.

[67]– يتمثل هذا الجزاء في عقوبة سالية للحرية من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين فقط ما لم يكن الفعل أشد.

[68]– محمد الشتوي، مرجع سابق، ص 139.

[69]– عبد المجيد غميجة، ” موقف المجلس الأعلى من ثنائية القانون والفقه في مسائل الأحوال الشخصية “، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراة، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، السنة الجامعية 1999- 2000، ص 174و173.

[70]– المحكمة الابتدائة، بالناظور، ملف عدد 4066،بتاريخ 05/10/1976،أشارت إليه  ولفاةبلبكاي، في أطروحتها لنيل الدكتوراة، مرجع سابق، ص 112.

[71]– حكم محكمة الإستئنافبوجدة، عدد 688، ملف عدد 77- 402،بتاريخ 09/05/،1988أوردته ولفاةبلبكاي، مرجع سابق، ص 112.

[72]– محمد الكشبور، ” الواضح في شرح مدونة الاسرة “، الجزء الأول، ط 3، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء سنة 2015، ص 415.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى