وجهات النظر

حوالة العقد

لقد ظهرت حوالة العقد كوسيلة قانونية إستجابة للأوضاع المستجدة التي ترتبت عن التطور الإقتصادي الهائل في العصر الحديث ، فحوالة العقد ذات منشأ فقهي لم تستأنس بها النصوص القانونية إلا حديثا ، حيث ظهرت لنا في الحياة العملية حوالة عقد الكراء و حوالة عقد الوكالة و حوالة عقد الإئتمان الإيجاري و إن كانت تحمل عدة تسميات ( التولية ،التخلي، التنازل ،التداول… ).

و إدا كانت بعض التشريعات قد نظمت حوالة العقد فإن التشريع المغربي خلا من هدا التنظيم لحوالة العقد غير أن ذلك لايمنع من القول بوجود بعض الملامح التشريعية لحوالة العقد في بعض العقود الخاصة و يمكن تعريف حولة العقد بأنها تصرف بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين و يسمى محيلامركزه العقدي في عقد لم تستنفد أداءاته ( عقد جاري ) [1] إلى شخص من الأغيار يسمى المحال له في مواجهة المتعاقد الأخر ( المحال عليه ) [2] .

و لحوالة العقد أهمية ثلاثية ، أهمية نظرية تتجلى في طرح مفهوم جديد للمركز العقدي بعيدا عن تقديس مبدأ الروح الشخصية في الإلتزام من جهة وبعيدا عن النظرة التفكيكية لعناصر العقد من جهة أخرى ، و أهمية تقنية تبرز من خلال احتفاظها للعقد بهويته، وتمكن من النظر إليه ككيان مستقلا بغض النظر عن أطرافه فعملية انتقال العقد من شخص إلى اخر لاتسلب العقد شيئا من جهة ومن جهة أخرى انتقال بعض الأثار العقدية ذات الطبيعة الحاصة مع انتقال العقد التي يولدها هدا الاخير و التي تدعى الحقوق الإرادية لعلة اتصالها بالعقد ذاته لا بالإلتزام .

و أخيرا أهمية عملية تثمثل في الإستقرار و المرونة التي تضفيها على العقد و المعاملات الناتجة عنه فحوالة العقد على خلاف إنهاء العقد الأصلي و إبرام عقد جديد أدات مرنة تتمثل مرونتها في توقي المتعاقد المحال عليه مراحل تكوين العقد من مفاوضات ومعاينة لذمة و صفات المتعافد الجديد و شكليات تمام العقد و اشتراطات جديدة للضماناتا و ما ينجم عن هده المرحلة من الجزاءات و المسؤوليات .

ومن هنا يبقى الجدل قائما في شأن تحديد المفهوم الحقيقي لحوالة العقد فهل ينظر إليه كما ينظر للإلتزام أم ينظر إليه نظرة حدودية ؟ ثم في حالة إنعقاد العقد بين طرفيه هل هذا يشكل قانون ملزم لمنشئيه أم تصرفا خارقا لمبدأ الأثر النسبي للعقود ؟ و أخيرا هل يمكن القول بأن حوالة العقد ماهي إلا خرق للقوة الملزمة للعقد أم أنها تعد تطبيقا لهدا المبدأ؟

للإجابة على هاته الإشكاليات إرتأينا تقسيم موضوعنا إلى مبحثين :

المبحث الأول : حوالة العقد ثم المبحث الثاني : الفرضيات التطبيقية الخاصة لنظرية حوالة العقد

 

المبحث الأول :  حوالة العقد

 

نرى أنه يجب الحديث عن المراحل المختلفة التى مر منها عقد الحوالة و ذلك من أجل الحفاظ على مسار تصاعدي لحيثيات العقد بالإضافة إلى دراسة طبيعة حوالة العقد و الصراع بين الإتجاه الاحادي ( مطلب الأول ) ثم تمييزها عن عدة أنظمة مشابهة لها ( مطلب الثاني )

 

المطلب الأول : مفهوم حوالة العقد .

 

أصبحت حوالة العقد من المفاهيم التي فرضت نفسها على الساحة القانونية إلا أنه يبقى هناك جدل قائم حول تحديد المفهوم الحقيقي للعقد الذي ينعكس على تحديد طبيعة الحوالة ذاتها ثم هناك مفهوم العقد كرابطة شخصية بين دائن و مدين لا يمكن أن تنفك دون أن تنقضي و هذا يضعنا أمام صعوبة في تقبل حوالة العقد و إذا كانت هذه الحوالة تصرف قانوني فإن هذا يدفعنا إلى التسائل حول علاقة مبدأ القوة الملزمة للعقد بمدأ سلطان الإرادة هل هي علاقة تكامل أم تضاد ؟ .

 

الفقرة الاولى : تطور مفهوم حوالة العقد .

 

كان القانون الروماني يعتبر الإلتزام رابطة شخصية بين دائن و مدين لا إنفكاك فيها دون أن تنقضي (أولا) إلا أنه مع مرور الوقت أصبح يتداعى أمام التسليم بإمكانية نقل الإلتزام أو التنازل عنه، و ترجم ذلك بحوالة الحق و حوالة الدين ( ثانيا ) الشيء الذي أدى إلى البحث عن صيغ قانونية على ضوئها يتم نقل العقد بشقيه السلبي و الإيجابي في ان واحد (ثالتا) .

 

أولا : استحالة الإنتقال .

 

دافع الرومان عن مبدأ الرابطة الوثقى ين الإلتزام و منشئيه إلى أن صار لديهم مبدأ قدوسا [3]   و استبعدو الغير في هده الرابطة سواء من حيث الوجه الإيجابي أو السلبي عن طريق حوالة الحق أو عن طريق حوالة الدين. ويجد هذا المبدأ أساسه في عنصرين وهما:

 

–                   عنصر شخصية الالتزام ويقصد به رابطة شخصية تدوم بدوام اطرافها وتزول بزوالهم وتقوم هذه الرابطة على امرين ثقة الدائن بالمدين أي ان الدافع الذي يجعل الدائن يتعاقد مع المدين هو سبب شخصي ومبني على الثقة و تعهد المدين للدائن.

–                   عنصر شكلية الالتزام وكان عند الرومان لابد من اتباع شكليات محددة تستمر لصيغة القائمين بها عند نشوء الالتزام، ثم ضرورة القيام بشكليات جديدة لاتؤدي الى نقل الالتزام، ولكن نشوء التزام جديد بصفات وخصائص جديدة.

يرى بعض الفقه الفرنسي ان الدافع الى تمسك الرومان بهذا المبدأ لايعود لما سبق ذكره وانما الدافع الذي يحول دون الخلافة الخاصة في الالتزام هو عدم وجود وسيلة او تقنية قانونية كفيلة بتحقيق هذا الانتقال.

 

ثانيا:امكانية انتقال الالتزام.

 

ان التراجع الذي عرفه مبدأ شخصانية الالتزام فسح المجال للتفرقة بين الشخص الملتزم وعنصر الالتزام. لذلك اصبح بالامكان القول بان هناك وسيلة تسمح بنقل الالتزام بواسطة التنازل عنه وهذا التنازل قد يطال الحق او الدين ومن تم جاء التسليم بحوالة العقد الذي كانت تمارس في شكل الوكالة والتي اصبحت تبرز بدون نص، ثم بروز العنصر المادي في الالتزام الشيء الذي ادى الى تغيير النظرة في الالتزام وبالتالي الى ظهور حوالة العقد التي تبنتها العديد من التشريعات والتي من بينها التشريع المغربي. وعكس ذلك نجده في حوالة الدين الذي لم يلقى نفس الاعتراف والتنظيم الذي عرفته حوالة العقد[4] الا ان بعض التشريعات الاخرى و من بينها الالماني ندى بانتقال الدين من المدين الى اخر و هذا الراي لم يجد صداه على الساحة الفقهية والقضائية الفرنسية.

 

ثالثا:ظهور حوالة العقد .

 

ظهرت الملامح الاولى لفكرة حوالة العقد و حوالة الدين في رحاب الدراسات الالمانية[5] ثم انتقلت الى الاوساط الفقهية في كل من ايطاليا والبرتغال ولم تظهر في فرنسا الا في اوساط القرن العشرين، نتيجة لتناميها كفكرة بفعل القيمة المالية والمزايا التي صار العقد يحضى بها ، اما على مستوى الساحة العربية فتكاد تخلو تماما من أية دراسة في الموضوع[6]، ونجد أن جل التشريعات الا البعض منها احجمت عن بلورة تقنين عام لحوالة العقد والسبب يكمن في انها نظرت فقط الى الوجه الذي يجعل من العقد اداة طبيعية للإلتزام، والالتزام هو وسيلة لتحطيم الدرع العنيد لا الانعزالية القانونية.

 

الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية لحوالة العقد.

 

هناك قسمين حول الطبيعة القانونية لحوالة العقد، القسم الاول اخذ بنظرية تجزئةحوالة العقد اما الثاني اخذ بنظرية وحدة حوالة العقد.

 

أولا: نظرية تجزئة حوالة العقد.

 

في غياب قواعد عامة تنظم حوالة العقد فانه لا جدوى من اللجوء الى القواعد الموجودة في هذا المجال بحيث لانجد سوى احكام حوالة الحق، وبالتالي هي التي تطبق على حوالة العقد لذلك لابد من تجزئة العقد إلى حقوق والتزامات وبالتالي فان حوالة العقد لا تعدو من ان تكون حوالة حق و حوالة دين في وقت واحد.

ولاتكون حوالة العقد نافذة قبله الا اذا قبلها او أعلن بها في الحالة التي تتم دون حاجة إلى رضا المدين إلا إنها لا تكون نافذة في حق الدائن الا اذا اقرها ، بذلك يتضح ان دور المحال عليه ليس الا انضمام إلى اتفاق موجود وصحيح و هي نظرية سائدة في ألمانيا و سويسرا.

ثانيا: نظرية حوالة الحق.

 

ظهرت في التقنين الايطالي و البرتغالي ويؤيدها غالبية الفقه في فرنسا كما ان هناك اتجاه فقهي في المانيا يؤيد هذه النظرية وتقدي هذه النظرية بان حوالة العقد عبارة عن نقل للرابطة العقدية باعتبارها وحدة متكاملة وترتكز على اساسين، اساس شخصي واخر موضوعي، فمن ناحية يرتكز هذا التحليل على قصد المتعاقدين اللذين لم تتجه إرادتهما إلى فصل الجانب الاجابي للعقد عن الجانب السلبي ومن ناحية ثانية ان محل حوالة العقد ليس هو المجموع الحسابي للحقوق والديون انما التنازل عن المركز القانوني او صفة المتعاقد.

وحاول بعض الفقه انتقادها الا ان هذا الانتقاد في غير محله لانها لم تعد تهمل العقد على اعتبار رابطة شخصية بدليل اشتراطها رضاء المحال عليه[7].

 

 

أهمية الاختلاف بين النظريتين :

تكمن اهمية الاختلاف بين النظريتين من حيث الاثر وشروط حوالة العقد في كل منهما.

                                               – شروط حوالة العق :

تشترط نظرية حوالة العقد رضاء الاطراف التلاثة و هو ليس مجرد شرط لنفاذ الحوالة وانما هو شرط ضروري لانعقاد الحوالة، وان جزءنا العقد فانه يمكن القول عند تخلف رضاء المحال عليه فان الحقوق تم انتقالها دون الديون.

-اثار الحوالة :

من اثار حوالة العقد براءة ذمة المحيل وهذا يعني بطبيعة الحال براءة ذمته من الالتزامات نتيجة رضاء المحال عليه بحوالة العقد او لنص القانون الذي ينظم التنازل. اما نظرية التجزئة فالاصل هو انتقال الحقوق دون الالتزامات وان كان انتقالها لا يبرئ ذمته في مواجهة المحال عليه.

 

الفقرة الثالثة: حوالة العقد وسلطان الارادة.

 

ان العقد في حالة انعقادة يكون شريعة المتعاقدين كما ينص على ذلك الفصل 230 م ق.ل.ع. ولايجب التنكر لسلطانه ونلاحظ ان المحيل يترك مكانه للغير وهذا يشكل نوعا من اللبس يخصوص مواءمة حوالة العقد لسلطان العقد الداخلي( أولا)، والعقد لايكون ملزما فيه الا الاطراف المتعاقدة وهو لا ينفع ولا يضر الغير الا في الحالات المذكورة في الفصل 228 من ق.ل.ع. واذا اسقطنا هذا المبدأ على الحوالة فانه يطرح اشكالا بخصوص ملائمة حوالة العقد لسلطان العقد الخارجي، بالنظر الى المركز المحال عليه بالنسبة للمحال له ( ثانيا ).

 

– أولا: حوالة العقد والسلطان الداخلي للعقد

 

إن التصرف الذي يجريه المحيل هناك اختلاف فقهي فيه، هل يشكل خرقا لمبدأ القوة الملزمة للعقد ام لا يعدو ان يكون سوى تطبيق لهذا المبدأ؟.

فهناك اتجاه ذهب مع فكرة خرق الحوالة لمبدأ القوة الملزمة للعقد و بنو اتجاههم من جهة على التعصب لمبدأ الرضائية ومن جهة اخرى لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين فنجد ان المادة 1134 من القانون المدني الفرنسي

 

 

تمنع على الطرفين اواحدهما التنحي او التدييق عن الرابطة العقدية أي يمنع على أي طرف من المتعاقدين ان ينقل الى احد الاغيار صفته التعاقدية فان هو فعل فانه يكون قد اصاب العقد في قوته وجرده من سلطانه[8].      

اما بخصوص المعطى الثاني بكون الحوالة تطبيقا للقوة الملزمة للعقد يرى جانب اخر من الفقه ان المحرك للعقد ليس الاشخاص وبالتالي تغييرهم لا يمس العقد، وانما نية وارادة الاطراف وهذه الارادة تستمر حتى ولو تم تغيير مراكز العقد لان هذه الارادة  هي ما يعبر عنها بالقوة الملزمة للعقد وهكذا فالحوالة وفق هذا الاتجاه جاءت لتساير القوة الملزمة للعقد لا لخرقها.

يذهب مصطفى مالك في نفس الاتجاه القائل بان حوالة العقد تطبيقا لمبدأ القوة الملزمة.

 

ثانيا : حوالة العقد والسلطان الخارجي للعقد.

 

 كما اشرنا سابقا بان الاتفاقات لا تلزم الا الاطراف المتعاقدة ولا تنفع ولا تضر الا في الحالات المنصوص عليها قانونا ، هل يمكن القول بان المحيل عندما يحيل مركزه العقدي الى الغير قد يكون خرق او تنكر لمبدأ الاثر النسبي للعقد وعلى أي اساس يتم تحديد طبيعة المحال عليه في عقد الحوالة المبرم بين المحيل والمحال له ؟ هل هو رضا ذو طابع انشائي ام تقديري؟

جوابا عن التساؤل يرى بعض الفقه المغربي ان حوالة العقد لا تشكل خرقا لمبدأ الاثر النسبي للعقد الذي يجد اساسه في التركيز على صفة المحال عليه وهل باعتباره غير ام طرفا في عقد الحوالة؟ ذهب هذا الاتجاه لتحديد صفة المحال عليه بمرحلتين: مرحلة اولى يكون فيها رضاه مفترضا ومرحلة ثانية مكملة لرضا تترجم على ارض الواقع باقراره للحوالة[9].

وللأخد بهذا المعطى القائم على تجزئة رضا المحال عليه يدفعنا الى التساؤل حول طبيعة رضا هذا الاخير  ، ان معرفة رضا هذا الاخير تختلف باختلاف الزوايا حيث ذهب اتجاه من الفقه في تحليله لطبيعة هذا الرضا من خلال النظر الى عقد الحوالة من زاوية اطرافه وباعتباره ثلاثي الاطراف امكن بقول رضا المحال عليه يشكل شرط وجود وانشاء في حوالة العقد بحيث لا يكون له اثر الا ان تتم الموافقة عليه الا انه عيب على هذا الاتجاه لكونه تم تضييق في نطاق الرضا على نحو جعله حبيس المفهوم الانشائي لتكوين العقود.

 

 

 

 

 

المطلب الثاني : تصنيفات حوالة العقد وتمييزها عن بعض النظم المشابهة لها:

 

بعد ان تم التطرق الى مفهوم حوالة العقد في المطلب الاول سنحاول في هذا المطلب التطرق الى تصنيفاتها( فقرة اولى) ثم تمييزها عن بعض النظم المشابهة لها ( فقرة ثانية).

        

فقرة اولى: تصنيف حوالة العقد :

 

 يمكن تصنيف حوالة العقد بحسب الزاوية التي ينظر له منها فقد يتم تصنيف حوالة العقد بالنظر الى مصدرها( اولا) او الى ذاتها( ثانيا) او الى اثارها( ثالثا) او الى محلها ( رابعا).

 

اولا : تصنيف حوالة العقد بالنظر الى مصدرها :

 

حوالة العقد من خلال هذا التصنيف اما حوالة عقد جبرية او حوالة عقد اتفاقية، فالبنسبة الى الاولى تنقسم هي الاخرى الى حوالة قانونية وحوالة قضائية فالنسبة للحوالة القانونية فتجد مصدرها المباشر في القانون الذي يفرضها على الاطراف بمعنى انه هو المطبق بقوة سلطانه لذلك نجد ان رضا المحال عليه ليس شرطا ضروريا في هذه الحوالة ومن امثلة ذلك ما جاءت به المادة 1743 من القانون المدني الفرنسي حيث نجد ان مالك العقار الجديد يلتزم بعقود الكراء المبرمة بواسطة المالك القديم اذ بهذه الحوالة سيصبح هو المكري في هذه العقود.

اما بالنسبة للحوالة القضائية فهي عملية استثنائية خرج المشرع بمقتضاها عن المبادئ العقدية الثابتة كمبدأ حرية التعاقد ومبدأ القوة الملزمة للعقد ومبدأ الاثر النسبي ونجد اساسها في المادة 106 من مدومة التجارة والتي توخى منها المشرع ايجاد آليات كفيلة بمعالجة الصعوبات التي تعيشها المقاولة وضمانات استمرارها والتي حدد محالها القائم بها وحصرها في عقود الائتمان الايجاري وعقد الكراء وعقود التزويد بالسلع والخدمات والقائم بها هو القاضي حيث يجريها بموجب الحكم الحاصر لمخطط التفويت وهي لعلة جعلها بيد القضاء اصطلح عليها بالحوالة القضائية[10]، اما بخصوص الحوالة الاتفاقية فالمقصود بها الحوالة التامة بارادة الاطراف وقد تكون هي الاخرى تابعة للتصرف في شيء معين او تنعقد مستقلة في أي تصرف .

 

ثانيا : حوالة العقد بالنظر إلى الذاتية :

 

في هذا التصنيف لا تخلو حوالة العقد من صورتين اما ان تكون تابعة لتصرف معين فتسمى بحوالة العقد التابعة واما ان تنعقد باستقلال عن أي تصرف فيطلق عليها حوالة العقد المستقلة فالبنسبة للحوالة التابعة تكون حينما يتم اجراؤها تبعا للتصرف في مال معين وهي نوعان: حوالة تابعة وجد بها نص قانوني وهي التي تمت معالجتها في الحوالة القانونية أي انها قانونية أي ان القانون مصدرها وتابعة بمجرد تبعيتها لتصرف قانوني ثم حوالة قانونية لم يوجد بشأنها نص قانوني فتخضع للقواعد العامة وقد حاول الفقه ان يجد تأصيلا لها لما تكون مرتبطة بشيء او مال معين فقد كان من نتيجة هذه المحاولة ان ظهرت العديد من النظريات التي فرقت في انتقال العقود المنشئة للحقوق والعقود المنشئة للديون[11].

اما الحوالة المستقلة فتعد كذلك اذا تبين انها غير تابعة لاي تصرف قانوني اما بمحض ارادت الاطراف او بارادت القانون.

 

ثالثا : حوالة العقد بالنظر إلى آثارها :

 

في هذا التصنيف قد تؤدي حوالة العقد الى براءة الدمة وفي احبان اخرى لا ترتب هذا الاثر وفي هذه الحالة يوجد لدى المحال عليه مدينان المحيل والمحال له ولذلك في الحالة الاولى تسمى الحوالة بحوالة العقد التامة او الابرائية اما  في الحالة الثانية تسمى بحوالة العقد الناقصة او التنازل الجمعي او الضمني [12].

 

رابعا :حوالة العقد بالنظر الى محلها :

 

 في هذا التصنيف قد يتعلق الامر بحوالة عقد لعقد ملزم لجانبيين حيث يشمل التنازل عن الحقوق والالتزامات الاستثنائية في هذا العقد في آن واحد وقد يكون موضوع او محل حوالة العقد ملزم لجانب واحد بحيث يقتصر اما على حوالة الحق او حوالة الدين حسبما اذا كانت حوالة العقد من جانب الدائن ام من جانب المدين.

 

 

 

 

الفقرة الثانية :  تمييز حوالة العقد عن بعض الانظمة المشابهة لها:

 

بعد عرض مختلف تصنيفات حوالة العقد سوف نحاول تمييزها عن بعض الانظمة المشابهة لها كالتعاقد من الباطن ( اولا) ثم الاشتراط لمصلحة الغير( ثانيا) واخيرا عند التجديد ( ثالثا).

 

اولا: حوالة العقد والتعاقد من الباطن :

 

كما هو معروف  ان هناك تفرقة بين الكراء من الباطن والوكالة من الباطن والشركة من الباطن وكذا حوالة عفد كراء وحوالة عقد الشركة ووجود هذه التفرقة راجع الى الاشتقاق اللغوي في اللغة الفرنسية حيث ان كلمة substituer تشير في الاذهان الى التعاقد من الباطن اكثر من حوالة العقد ويعتبر ذلك سبب في وضع تفرقة بين النظاميين وبالتالي فلابد من الاطلاع على مواقف كل من الفقه التقليدي والحديث :

 

أ / موقف الفقه التقليدي :

 

استند بعض الفقهاء على هذه التفرقة الدقيقة على نص المادة1717 مدني فرنسي" على ان للمستأجر حق التأجير من الباطن كما انه له ان يتنازل عن ايجاره " فمن خلال هذه المادة فقد ميزو بين الكراء من الباطن وحوالة عقد الكراء خاصة ان الكراء من الباطن وحوالة عقد الكراء ليس لهما نفس المحل غير انه لم يأخذ بهذه التفرقة في العمل حيث ان هناك عقود

في حقيقتها حوالة عقد الكراء كييفت على انها كراء من الباطن و العكس صحيح وفي الواقع لم يكن هناك في القانون الفرنسي القديم فرق بين حوالة العقد والتعاقد من الباطن من حيث طبيعة العمل نفسه وانما كان الفرق موجودا من حيث الدرجة [13].

 

 

 

 

 

 

ب / موقف الفقه الحديث:

 

 يذهب هذا الفقه الى تحليل نظاميين انطلاقا من الحقوق والالتزامات ويقيم التفرقة بينهما على اساس محل كل منهما فأحدهما حوالة الحق والاخر عبارة عن ايجار او تأجير للحق في الايجار او جزء منه وبالتالي فكل واحد منهما يخضع لنظام قانوني مختلف عن الاخر فالاول يخضع لنظام حوالة العقد والثاني يخضع لنظام الايجار سواء من حيث انعقادهما او اثباتهما واثارهما.

 

ج / المعيار المقترح للتفرقة:

 

فالبنسبة لحوالة العقد نجد ان هناك تنازل عن الصفة التعاقدية او المركز العقدي في رابطة عقدية موجودة من قبل فيترتب عن دلك ان تنشئ علاقة مباشرة ومتبادلة فيما بين المحال عليه والمحال له اما فيما يخص المتعاقدين من الباطن فان احد الاطراف مقاول او مستأجر يتعاقد مع الغير ( المقاول من الباطن او المستأجر من الباطن) لينشئ علاقة جديدة موازية للعلاقة القانونية السابقة لا تختلف معها ولا تندمج فيها وتنحصر هذه العلاقة الجديدة فيما بين المتعاقدين [14] .

 

ثانيا : حوالة العقد والاشتراط لمصلحة الغير:

 

يتضح من خلال هذين النظاميين ان هناك تشابه بين حوالة العقد والاشتراط لمصلحة الغير حيث نجد في الاولى حلول المحال له بدل المحيل وفي الثانية حلول المستفيد بدل المشترط غير ان هذا التشابه هو تشابه ظاهري اذ ان هناك فرق بينهما وهذا ما يتجسد في النقاط التالية:

–                   ان الاشتراط لمصلحة الغير يكسب حقوقا دون ان يحمل الغير بالتزامات ولا يوجد شيء من ذلك في حوالة العقد حيث ان المحال له يحل بدل المحيل فيما له من حقوق وما عليه من التزامات في نفس الوقت.

–                   ان الاشتراط لمصلحة الغير يعطي للمستفيد حقا مباشرا في مواجهة المتعاهد دون ان يمر بدمة المشترط وليس هناك  شيء من هذا القبيل في حوالة العقد حيث ان المحيل ينقل ما في ذمته من حق الى متنازل له الى جانب ماعليه من التزامات .

 

 

 

–                   – في الاشتراط لمصلحة الغير ينشأ للمستفيد حقا مباشرا قبل المتعاهد بتنفيذ الاشتراط بينما في حوالة العقد المحال له لا يكتسب أي حق الا بتعاقده هو شخصيا او من ينوب عنه .

–                   ان الاشتراط لمصلحة الغير يكسب حقا ذاتيا جديدا بينما في حوالة العقد لا تكسب المحال له الا ما هو ثابت في العقد .

 

ثالثا : حوالة العقد والتجديد:

 

 التجديد حسب الفصل 347 ق . ل .ع  "هو انقضاء التزام في مقايل انشاء التزام جديد يحل محله والتجديد لا يفترض بل يجب التصريح بالرغبة في اجرائه "، وبالتالي فان ابرز نقطة يلتقي فيها مع حوالة العقد في كونهما يعرفان تغييرا في كل من المدين والدائن ورغم هذا التشابه فان هناك فرق بينهما يكمن في كون التتجديد يترتب عليه انقضاء الالتزام الأصلي و ينشئ مكانه التزاما جديدا بتغيير الدائن او المدين بينما في حوالة العقد فانها عبارة عن حلول المحال له محل المحيل في نفس الرابطة القانونية الموجودة من قبل وبما نشأ عنها من التزامات وحقوق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: الفرضيات التطبيقية الخاصة لنظرية حوالة العقد:

 

بعد ان تطرقنا الى طبيعة حوالة العقد وعن اهم تصنيفاتها سنحاول استكمال دراسة وجه اخر لحوالة العقد والذي يتجسد في كيفية إعمال حوالة العقد بشأن بعض العقود المدنية التي ينظمها القانون المغربي  حيث نشير الى ان المشرع المغربي لم ينظم حوالة العقد تنظيما عاما غير ان ذلك لا ينفي بوجود بعض تطبيقات هذه النظرية على مستوى بعض العقود حيث سنتطرق لحوالة العقد في اطار عقد الكراء ( مطلب اول) وحوالة عقد الوكالة ( مطلب ثاني ).

 

المطلب الاول : حوالة عقد الكراء :

 

 يعد الكراء من اهم الروابط القانوينة بين شخصيين ( المكري والمكتري) والتي تتأثر الى حد بعيد بمختلف الاوضاع السائدة في المجتمع مما يستدعي الدقة في وضع القواعد التي تضبط هذه العلاقة المستمرة وتبين حقوق كل من الطرفيين وواجباته [15]، ومن البديهي دراسة حوالة عقد الكراء انطلاقا من قانون الالتزامات والعقود ( فقرة اولى) وفي نطاق بعض القوانين الخاصة، خاصة قانون الاكرية السكنية والمهنية ( فقرة ثانية).

 

الفقرة الاولى: حوالة عقد الكراء في اطار ق . ل . ع :

 

 حوالة العقد عقد ينقل المكتري ( المحيل) بمقتضاه مركزه العقدي الناشئ من عقد الكراء او ينقل بموجبه ما ينشأ عن هذا الكراء من حقوق والتزامات الى الغير( المحال له ) في مواجهة المكري ( المحال عليه) [16].

السؤال الذي يطرح نفسه هل حوالة عقد الكراء هي حوالة الحق والتي نظمها المشرع المغربي في اطار قانون الالتزامات والعقود ؟ وماهي المعايير التي على اساسها يمكن تكييف مدة الحوالة بأنها حوالة عقد بالرجوع

 

الى اهم فصول قانون الالتزامات والعقود 668،673،670،191،189،195 سنحاول تكييف حوالة عقد الكراء حيث انه من الواضح انطلاقا من الفصل 668 ق.ل.ع ان المشرع خول للمكتري امكانية التنازل عن مركزه العقدي ( عقد الكراء ) وليس حق الكراء وبالتالي قبول المشرع فكرة العقد كمحل العقد للحوالة كما نجد المشرع يميز جيدا بين الكراء كعقد وبين الكراء بوصفه حق يكمن في الوجيبة الكرائية وذلك من خلال الفص 196 ق.ل.ع[17] . وبالرجوع الى الفصل 673 فهذا المقتضى يتبث ان المتازل عنه لا يتجسد في الحق وحده وانما يسعه الى الدين ايضا وبالتالي فلا مناص من ان يتم حلول المتنازل له محل المتنازل في الالتزامات بواسطة تقنيات قانونية بديلة كالانابة او التجديد او الاشتراط لمصلحة الغير [18] حيث نستنتج من تحليل الفصل السابق ان المشرع يأخد بالنظرية التفكيكية طالما انه يجعل محل التنازل عن الكراء هو الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد  الكراء غير ان هذه النظرية التفكيكية تقف في وجهها مجموعة من المعوقات منها ان اعتبار حوالة الكراء مجرد حوالة حق تنظاف اليها حوالة الدين وماهو الا تكييف تقني يزيد من ثقل الاجراءات اللازمة لحوالة العقد ثم ان اعتبار حوالة الكراء مجرد حوالة حق تنضاف اليها تقنية من التقنيات البديلة كما انها حسب الفصل 670ق.ل.ع ان التقنية اللازمة لنقل الالتزامات ليست حوالة الدين يؤدي فضلا عن كونه عبئا تكوينيا الى نتائج تعاكس تلك التي ترتبها الحوالة كزوال التأمينات الضامنة للدين وعدم التمسك بالدفوع طالما ان اثر هذه التأمينات هو اثر منشئ وليس اثر ناقلا.

كما ان رابطة الالتزام التي صرف المشرع محل التنازل عن الكراء ليس بمقدورها ان تجد حلا لمسألة نقل الحقوق الادارية مثل حق الابطال وحق الانهاء لعلة ان هذه الحقوق لصيقة بالمركز القانوني للمركز العقدي ولا تكون لصيقة بالمركز الالتزامي وذلك نجد له مثلا في الفصل 689 ق.ل.ع " ادا ابرم الكراء من غير ان تحدد له مدة ساغ لكل من عاقديه ان يفسخه  … " فحق الانهاء المقرر لفائدة المتنازل عن عقد الكراء لا يتم نقله الى المتنازل له لان محل التنازل هو رابطة الالتزام وحق الانهاء انما يلتصق بالعقد لا بهذه الرابطة الناشئة عن العقد وهو ما قد يؤدي الى نتيجة يتناقض فيها قصد المشرع والكامن في كون العقد بالنسبة للمكتري له عقدا مؤبدا ما دام يعدم حق الانهاء، ان الفصل بين العقد ودين يقتضي انتقال الحق في مواجهة المحال له بالحق دائنه المباشر بدلا من المحيل ( فصل 195) بينما الدين لا يتم انتقاله بالنسبة للمحال عليه الا بعد موافقة هذا الاخير انتقاله غير ان التساؤل الذي يطرح نفسه على ضوء الفصل 670 و 673 ق.ل.ع  ماهي التقنية الكفيلة بتحقيق نقل الالتزامات المكتري المتنازل الى عهدة المتنازل له هل تكون حوالة الدين ام

 

تقنية بديلة متوفرة ( الانابة ، التجديد ، الاشتراط لمصلحة الغير) في الفصل 670 ق.ل.ع  لا يوجد مايدل على التقنية المقصودة هي حوالة الدين كما ان مصطلح الحلول الوارد في الفصل 673 ق.ل.ع   جاء شاملا ليحتوي في حكمه كافة التقنية التي يتم احلال شخص مكان آخر في رابطة الالتزام، من هذا يرى بعض الفقه انه من الافضل العمل وفق احدى التقنيات مادام المشرع لم ينظم حوالة الدين لكن التساؤل يخص مدى اعتماد تلك التقنيات البديلة وخصوصا انها تنظم فقط جانب الحوالة السلبي بينما ينظم الايجابي لحوالة الحق؟ اذا قلنا ان اعتماد احداث تلك التقنيات كفيل بدفعنا الى الخروج بالعلاقة التالية المكتري ينيب المكتري الجديد او يشترط عليه ( متعاهد) للوفاء لدى المكري او لمصلحته.

 فالمكري حسب هذه العلاقة انما ان يرتضي عقد الانابة او الاشتراط واما ان لا يرتضيه، ففي حالة ارتضائه يمكن تكييف الوضع على اننا امام انابة تجديدية او التجديد بتغيير المدين [19] او اما اشتراط لمصلحة الغير. فاذا كانت براءة دمة المكتري قد تتم بشكل ضمني من المكري [20] فان ابراء دمة المدين في الانابة التجديدية [21] لا تتم الا اذا صرح بها الدائن وقصد بها تنازله عن كل حق في الرجوع على المدين وهي نتيجة تدل على ان تقنية الانابة التجديدية او التجديد بتغيير المدين غير مقصودة في نطاق الفصل 670ق.ل.ع  كما ان جوهر الاشتراط لمصلحة الغير يقوم على ان ينتفع المنتفع من حق مباشر وجديد والحال ان حق المكري المنتفع دين المكتري ليس الا حق سابق وليس بحق جديد في ذمة المكري وهكذا يمكن القول ان التقنية المقصودة في اطار الفصل 673 ق.ل.ع  هي حوالة الدين بناءا على عبارة الحلول الواردة في هذا الفصل لكن كيف يمكن التوفيق بين اعتبرا التقنية المقصودة في حوالة الدين وبين ما ورد في الفقرة الاولى من الفصل 670 ق.ل.ع  بالرجوع الى الفصل 670 فان التنازل عن الكراء يقع قبل القبول الصريح او الضمني للمكري تنازلا داخليا يستمر خلاله المكتري ملتزما امام المكري ولا يمكن ابراء ذمته امام هذا الاخير الا اذا قبل صراحة او ضمنا هذا التنازل حيث يبقى المكتري داخل تلك الفترة ضامنا لما تنازل به للمتنازل له وضامنا للالتزامات الناشئة عن العقد.

يخلص جانب من الفقه المغربي [22] ان مجرد التنازل عن الكراء لا ينشئ رابطة بين المتنازل له والمكري كما قد يفهم من مطلع الفصل 670ق.ل.ع  الذي جعل المكتري ضامنا لمدين اصلي ( متنازل له ) ومبقيا عليه مدينا اصليا لان هذا الفهم يعارض الاثر الناقل للتنازل اذ كيف ينتقل الدين الاصلي الى المتنازل له مع بقاء صفة المدين الاصلي لصيقة بالمكتري؟ فالسبب يعود بالاساس الى التزام الناشئ عن التنازل وليس

 

الالتزام الناشئ عن عقد الكراء فعبارة لا يبقى ملتزم الورادة في الفصل 670 ق.ل.ع  تشمل فقط الالتزامات الكرائية دون الالتزام بضمان.

 

 الفقرة الثاينة :حوالة عقد الكراء في اطار قانون الاكرية السكنية والمهنية:

 

 استعمل المشرع مصطلح التخلي عوض الحوالة في الفصل 19 من قانون رقم 79.6 لسبب بسيط حيث لا زالت نظرته للحوالة نظرة قاصرة على حوالة الحق فقط فالملاحظ من هذا الفصل ان المشرع قلب القاعدة العامة لنظام حوالة عقد الكراء المعمول بها في نطاق الفصل 668ق.ل.ع  الى استثناء في نطاق الفصل 19 المذكور ورد حكم الاستثناء في اطار الفصل 668 الى اصل الفصل 19 حيث يكون للمكتري في المحلات السكنية والمهنية الحق في حوالة مركزه العقدي الى شخص من الاغيار بشرط موافقة المكري ، نجد المشرع في الفصل 20 من قانون رقم 79.6 حكما يقضي بما يلي : " يستدعى المكري ليشارك في العقد ادا لم يكن التخلي عن الكراء او توليته ممنوعا طبقا لمقتضيات الفصل السابق ولتحقيق ذلك يخبر المكتري المكري حسب الكيفيات المنصوص عليها 37،38،39 من قانون المسطرة المدنية او برسالة مضمونة مع الاشعار بالتوصل بنيته التخلي عن الكراء او توليته لغيره اذا طلب منا وضع عنوان لهذا الفصل فان انسب كلمة هي المشاركة حيث الهذف منه ينحصر في دعوة المكري للمشاركة في التخلي عن عقد الكراء ولتحقيق تلك المشاركة يجب ان يبلغ وفق شكليات معينة اما اذا رفض المشاركة يصرف النظر عنها فالغاية من ذلك من اجل التفاعل مع العلاقة الجديدة التي تربط المكتري بالغير فالمكري عند عدم تلبية طلب المشاركة من جهة وعدم اعتراضه على الحوالة دليل على قبوله مبدئيا للحوالة الا انه متردد في قبول شخص المتعاقد الجديد ( المحال له ) [23] فيرى انه من الافضل عدم المشاركة مفضلا تطبيق القواعد العامة لان ذلك في نظره الانسب لضمان مستحقاته الكرائية .

 

 

 

 

 

 

 

المطلب الثاني: حوالة الوكالة :

 

يثار التساؤل حول الوصف القانوني لعملية استبدال الوكيل هل تعتبر حوالة وكالة ام وكالة من الباطن؟

ان استعمال عبارة تحت اليد في الفصلين 900 و 901 تفيد ان التصرف يتم بشكل باطني بين الوكيل والغير كما انه يمكن للموكل ان يرفع دعوة مباشرة في مواجهة نائب الوكيل وهي تلك الدعوة التي يتدخل القانون ليمنحها في العقود الفرعية ضد المتعاقد الفرعي لفائدة المتعاقد الاصلي فحسب اتجاه مصطفى مالك ان الوكالة من الباطن تصرف غير متصور في نطاق عقد الوكالة والتصرف المتصور فيها اما نيابة او حوالة عقد [24] ؟ فمتى تكون امكانية الاستبدال (اولا) ومتى لا يرخص بالاستبدال( ثانيا)؟

 

فقرة اولى : الترخيص بامكانية الاستبدال :

 

 يمكن للوكيل ان يتصرف بصفته وكيل او ان يتصرف بصفته متعاقدا دا مركز عقدي في عقد الوكالة فاذا هو وكل الغير متصرف بصفته وكيلا فانه بوصفه نائبا يعقد التوكيل باسم ولحساب موكله تنفيذا لعقد الوكالة الاولى المعقودين الموكل والوكيل وبالتالي لا يكون قد عقد وكالة من الباطن لعلة انه يشترط في من يعقد عقدا فرعيا ان يعقده باسمه ولحسابه والوكيل حين وكل غير ولم يكن باسم ولحساب هذا الاخير انطلاقا من ان الوكالة التي على الوكيل ابرامها ليست الا محلا لعقد الوكالة الاولى اذن له من الموكل القيام بها وبالتالي انعدام وجود وكالة من الباطن كما ان بنية المشرع ذهب معناها في استعمال كلمة تحت اليد الى استبدال شخص مكان شخص في الرابطة القانونية فنخلص الا ان التصرف الذي يوكل به الوكيل غيره بصفته وكيلا لا يكيف وكالة من الباطن وانما يكيف نيابة اتفاقية وان الرابطة المباشرة المنصوص عليها في الفصل 902 لا تنشئ دعوة مباشرة بالمفهوم الذي يكون لها في العقود الفرعية ولكن تكون ناجحة عن اعمال قواعد النيابة الاتفاقية اما في حالة اذا قام الوكيل بإحلال الغير بديلا في مركزه العقدي الناشئ اذ هنا يتصرف الوكيل بصفته متعاقدا في عقد الوكالة وبالتالي فان الترخيص المعهود به الى الوكيل يشكل رضاء لحوالة الوكالة الى الغير وهذا الرضى اذا عبر عنه بداية من الموكل فان التعبير لا يخرج عن احد الامرين اما قبوله او رفضه وفي حالة الموافقة على الشخص المحال له تنعقد الحوالة وتكون رابطة مباشرة بين الموكل والغير اما اذا لم يعين الموكل شخص الغير بان رضائه المقدم لم يؤدي سوى وظيفته كونه قبولا لمبدأ الحوالة مع انه لم يستنفذ وظيفته كونه قبولا بالمحال له اما الرابطة المباشرة التي يقضي بنشوئها الفصل 102 ق.ل.ع  هي فرضية تصرف الوكيل بصفته متعاقدا أي في فرضية حوالة عقد الوكالة فانها تجد تبريرا لها في رابطة اصيلة نشأت بين الموكل والغير بمقتضى حوالة العقد لتلزم كل منهما.

 

فقرة ثانية : عدم الترخيص بامكانية الاستبدال :

 

 من خلال الفصل 900 من ق.ل.ع  يتضح لنا بانه منع الوكيل من احلال الغير بديلا له وبالتالي يمنع الوكيل بصفته وكيلا من سلطة النيابة وكدا بمنعه من امكانية حوالة الوكالة باعتباره متعاقدا وفي حالة احلال الغير بالرغم المانع اضحى التصرف باطلا ويبقى الوكيل وحده الملتزم في مواجهة الموكل.

 

 

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                              

 

 


[1] – العقد الجاري : ه العقد الذي لازال في طور التنفيد أو العقد الذي أبرم ولم تستنفد أثاره بعد أو العقد الذي لم يتم فسخه بحكم المحكمة .

 

[2] – مصطفى مالك  حوالة العقد دراسة مقارتة مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الأولى2008 ص 8-10 .

 

[3] – مصطفى مالك- مرجع سابق ص 28 –

 

[4] – مصطفى مالك –مرجع سابق ص 30 .

 

[5] – يعد أول من اهتم بحوالة العقد في ألمانيا و الذي أرجع بنائها القانوني إلى حوالة حق و مواصلة الدين هو BAHR في مؤلفه الإشتراط لمصلحة الغير.

 

[6] – بأستثناء دراسة مصطفى مالك " حوالة العقد" و دراسة تبيل إبراهيم سعد " التنازل عن العقد " .

 

[7] – نبيل إبراهيم سعد –مرجع سابق – مطبعة المعا ريف الإسكندرية 1985

 

[8] – مصطفى مالك – مرجع سابق- ص 224

 

[9] – مصطفى مالك – مرجع سابق- ص 245

 

[10] – مصطفى مالك – مرجع سابق- ص 46

 

[11] – مصطفى مالك – مرجع سابق- ص 61 و مايليها .

 

[12] – نبيل إبراهيم سعد – مرجع سابق – ص 12 .

 

[13] – نبيل إبراهيم سعد مرجع سابق ص 82 .

 

[14] – نبيل إبراهيم سعد مرجع سابق ص 84 .

 

[15] – عبد الرزاق السنهوري الوسيط في شرح القانون المدني الجديد الإيجار و العارية ، المجلد السادس ص 26.

 

 

[16] – مصطفى مالك مرجع سابق . ص 388.

 

 

[17] – فصل 196  ق ل ع " حوالة عقود الكراء أو الأكرية المتعلقة بالعقارات و غيرها من الأشياء القابلة للرهن الرسمي أو حوالة الإرادات الدورية المرتبة عليها عندما تقرر لفترة تزيد على سنة لا يكون لها أثر بالنسبة للغير إلا إدا وردت في محرر ثابت التاريخ"

 

[18] – مصطفى مالك – مرجع سابق – ص 391.

 

[19]  –  الفصل 350 ق ل ع .

 

[20]  – الفصل 673 ق.ل.ع .

 

[21] – الفصل 352 ق.ل.ع .

 

[22] – مصطفى مالك مرجع سابق ص 397.

 

[23] – مصطفى مالك – مرجع سابق – ص 401 .

 

[24] – مصطفى مالك – مرجغ سابق – ص 405.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى