دعوى رفع السقوط في مساطر صعوبات المقاولة – عمر اسضار
دعوى رفع السقوط في مساطر صعوبات المقاولة
باحث بماستر المنازعات و المهن القانونية كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ابن زهر أكادير
ملخص
قد تمر المقاولة بصعوبات تصل بها الى مرحلة التوقف عن الدفع اي عجزها عن مجابهة خصومها بأصولها، فتفتح في وجهها اما مسطرة التسوية اذا تبين ان وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه، مما يستتبع اعتماد مخطط الاستمرارية او التفويت او التصفية القضائية اما ابتداء ام مآلا اذا تبين ان وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة.
وعندما تفتح أحد هذه المساطر لابد أن يصرح الدائنين بديونهم تحت طائلة السقوط لكن وتلطيفا من المشرع، منح للدائنين الذين سقطت ديونهم، أداة قانونية تتمثل في دعوى رفع السقوط لتفادي ضياع حقوقهم، و يقصد بهذه الدعوى، أداة قانونية او سلطة الالتجاء الى القاضي المنتدب، حددها القانون للدائنين الذين لم يصرحوا بدينهم داخل الأجل القانوني المحدد في المادة 720،من مدونة التجارة، لكن من أجل قبول هذه الدعوى لابد من توفر شرطين أولا أن يرفعها الدائن داخل الأجل القانوني و ثانيا اثبات أن السبب عدم التصريح لا يعود للدائن.
مقدمة
قد تمر المقاولة بصعوبات تصل بها الى مرحلة التوقف عن الدفع اي عجزها عن مجابهة خصومها بأصولها، فتفتح في وجهها اما مسطرة التسوية اذا تبين ان وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه، مما يستتبع اعتماد مخطط الاستمرارية او التفويت او التصفية القضائية اما ابتداء ام مآلا اذا تبين ان وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه، وفق ما نصت عليه المادة 583[1] من القانون رقم 73.17[2].
وتفتح احدى هاتين المسطرتين اما بناء على طلب من المدين[3] او الدائن بمقال افتتاحي او بطلب من النيابة العامة او رئيس المحكمة، او المحكمة تلقائيا[4] وبصدور الحكم المومأ اليه اعلاه يجب اشهاره في السجل التجاري المحلي والمركزي وفي صحيفة مخولة لها نشر الاعلانات القانونية، ونشره في الجريدة الرسمية داخل اجل ثمانية ايام من تاريخ صدوره مع تعليقه في اللوحة المعدة لهذا الغرض بالمحكمة المصدرة للحكم فور النطق به، وذلك لتمكين ذوي المصلحة من ان يكونوا على علم به سواء تعلق الامر بالدائنين او المقاولة او الاغيار[5] ، وبشكل خاص تتمثل أهمية عملية نشر واشهار الحكم القاضي بفتح المسطرة بشكل واسع في مجال التصريح بالديون حيث يسهل على السنديك مهمة اعداد الحل الذي يراه مناسبا ويقترحه على المحكمة بعد ان يكون على بينة من مبلغ خصومها من جهة، ومن جهة أخرى حتى لا يواجه الدائنون بسقوط ديونهم نتيجة عدم التصريح بها لدى السنديك وفق الأجل المقرر لذلك.
وتلطيفا من المشرع، منح للدائنين الذين سقطت ديونهم، أداة قانونية تتمثل في دعوى رفع السقوط لتفادي ضياع حقوقهم، بتقدير منه ان عدم القيام بإجراء التصريح داخل الأجل قد لا يعزى الى تقاعس الدائنين او اهمالهم، وبالتالي استرجاع حقهم في الحصول على ديونهم عن طريق هذه الاداة القانونية طبعا اذا رفع عنهم السقوط بأمر من القاضي المنتدب.
إذا كانت غاية المشرع من وضع آلية دعوى رفع السقوط في إطار نظام صعوبات المقاولة هي تحقيق الحماية للدائنين الذين لم يصرحوا بديونهم داخل الأجل القانوني حتى لا يتعرضوا لضياع وسقوط حقوقهم، فما مدى توفق المشرع في حماية الدائنين من جزاء السقوط من خلال دعوى رفع السقوط؟، وبعبارة أخرى ما مدى فعالية دعوى رفع السقوط في ظل نظام قانوني يفضل استمرارية المقاولة على استيفاء الدائنين لديونهم؟
تقتضي الضوابط المنهجية كما هي متعارف عليها، وضع تصميم يبين الهندسة العامة التي يمكن من خلالها ان نقارب الموضوع، ووفق ما تقدم معنا وتبعا لإشكالية الموضوع، يستوجب لإحاطة بكافة جوانبها تناول الموضوع وفق التقسيم التالي :
المبحث الاول : التنظيم القانوني لدعوى رفع السقوط
المبحث الثاني: اثار دعوى رفع السقوط
المبحث الاول: التنظيم القانوني لدعوى رفع السقوط
رتب المشرع جزاء السقوط في مواجهة الدائنين الذين نشأت ديونهم قبل صدور حكم بفتح احدى مساطر المعالجة باستثناء الأجراء، في الحالة التي يتقاعسون عن التصريح بديونهم داخل الأجل القانوني المقرر طبقا للمادة 720[6] من م.ت على اعتبار ان اجل التصريح بالديون هو اجل سقوط وليس اجل تقادم، وبذلك لا يمكن وقفه او قطعه، ويتعرض من ثبت في حقه للسقوط، الذي يطال الديون التي لم يتم التصريح بها الى السنديك داخل الاجل القانوني[7].
وعليه سنتناول هذا المبحث من خلال مطلبين نخصص الاول منه للحديث عن مفهوم دعوى رفع السقوط وشروطها، وفي الثاني سنتناول فيه اجراءات دعوى رفع السقوط.
المطلب الاول : مفهوم دعوى رفع السقوط وشروطها
قبل أن نتناول شروط دعوى رفع السقوط في (الفقرة الثانية) لابد من الوقوف على مفهومها في ( الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى : مفهوم دعوى رفع السقوط
بالرجوع الى مقتضيات المادة 723 من مدونة التجارة التي تنص على ما يلي ” عند عدم التصريح داخل الآجال المحددة في المادة 720 أعلاه، لا يقبل الدائنون في التوزيعات والمبالغ التي لم توزع إلا إذا رفع القاضي المنتدب عنهم هذا السقوط عندما يثبتون أن سبب عدم التصريح لا يعود إليهم. وفي هذه الحالة، لا يمكنهم المشاركة إلا في تقسيم التوزيعات الموالية لتاريخ طلبهم.
يلاحظ ان المشرع لم يعرف دعوى رفع السقوط، وعليه يمكن ان نستشف مدلولها من خلال ربط هذه المادة بالنظرية العامة للدعوى، فدعوى رفع السقوط اذن هي أداة قانونية او سلطة الالتجاء الى القاضي المنتدب، حددها القانون للدائنين الذين لم يصرحوا بدينهم داخل الأجل القانوني المحدد في المادة 720،من م.ت لرفعها داخل اجل سنة اما ابتداء من تاريخ اشعارهم متى كانوا من فئة الحاملين لضمانات او عقد ائتمان تجاري تم شهرهما، او الدائنين المدرجين بالقائمة المرفقة بطلب فتح المسطرة المقدم من طرف رئيس المقاولة، واما من تاريخ نشر مقرر فتح المسطرة بالجريدة الرسمية بالنسبة لباقي الدائنين، اذا اثبتوا ان سبب عدم التصريح بالدين لا يعود اليهم[8] وذلك من اجل الحصول على امر من القاضي المنتدب يقضي برفع السقوط عن الديون وتبعا يأمر السنديك بتسجيله في قائمة الديون.
الفقرة الثانية : شروط دعوى رفع السقوط
لا يخرج الامر القضائي الذي يصدره القاضي المنتدب في اطار طلب رفع السقوط عن احدى الحالات، فهو اما ان يقبل الطلب ويرفع السقوط، او رفض الطلب، او عدم قبول الطلب، غير ان قراراته تتوقف على مدى استيفاء الطلب للشروط المطلوبة
يتعين على القاضي المنتدب ان يتأكد قبل ان يصدر امره في دعوى رفع السقوط من تقديم طلب بشأنها داخل الأجل القانوني (1 ) ومن طبيعة سبب عدم التصريح كونه لا يعود للدائن ذاته ( 2 )
1: تقديم طلب رفع السقوط داخل الأجل
بالاستناد الى المادة 723 من القانون 73.17، فيجب تقديم طلب رفع السقوط الى القاضي المنتدب داخل اجل سنة تحت طائلة عدم قبولها، لان رفعها خارج اجل سنة يجعل مآل الدعوى هو عدم القبول وليس رفض الطلب[9]، بمعنى ان المحكمة لا تضع يدها على الدعوى لمناقشة اسباب لرفع السقوط.
ويعتبر هذا الأجل أجلا للسقوط وليس اجل التقادم، لأنه لا يخضع لقواعد الوقف والانقطاع، بل اكثر من ذلك تثيره المحكمة تلقائيا دون انتظار اثارته من له مصلحة في ذلك، وهذا خلاف لقواعد التقادم.
ويلاحظ بخصوص المادة المذكورة انها ميزت على مستوى انطلاق اجل السنة بين فئتين فقط من الدائنين، وذلك على خلاف مقتضيات المادة 720 المتعلقة بمسطرة التصريح بالديون حيث ميزت بين خمس فئات من الدائنين، وبالتالي فإن بدأ اجل السنة يتوقف على اشعار الدائنين فقط الحاملين لضمانات او عقد ائتمان ايجاري تم شهرهما، وعلى الدائنين المدرجين بالقائمة المرفقة بطلب فتح المسطرة المقدم من طرف رئيس المقاولة، اما باقي الدائنين الاخرين، فينطلق اجل السنة المذكور بالنسبة لهم ابتداء من تاريخ نشر مقرر فتح المسطرة بالجريدة الرسمية، وهذا يشمل بمفهوم المخالفة، الدائنين المدرجين بالقائمة التي يسلمها رئيس المقاولة للسنديك في حالة فتح المسطرة تلقائيا من طرف المحكمة، او بناء على طلب احد الدائنين او النيابة العامة او رئيس المحكمة الابتدائية التجارية، وكذا المعروفين لدى السنديك، وكذا الدائنين المتخليين عن مواصلة عقودهم، وباقي الدائنين الذين لا يندرجون في اي فئة من الفئات السابقة[10].
هذا ناهيك عن ان ذات المادة لم تميز ايضا انطلاق اجل السنة بين الدائنين القاطنين داخل التراب الوطني وخارجه بمعنى المشرع سوى في الاجل بالنسبة للدائنين بغض النظر عن موطنهم او محل اقامتهم.
2: اثبات ان عدم تصريح راجع الى سبب خارجي
ينبغي الاشارة ابتداء ان نظر القاضي المنتدب بمدى اعتبار سبب عدم التصريح الدائنون بديونهم داخل الأجل جدي ومبرر او العكس، رهين بتقديم الدعوى داخل السنة، حيث اذا قدمت خارج هذا الاجل فيتعين عليه التصريح بعدم قبولها دون حاجة الى البحث في السبب الذي حال دون التصريح بالديون لدى السنديك داخل الاجل المقرر في مسطرة التصريح بالديون،
والملاحظ ان المشرع من خلال المادة 723 استوجب على الدائن اقامة الدليل على ان سبب عدم تصريحه بدينه لا يعود اليه، دون ان يحدده بدقة ولا طبيعة الاسباب التي يمكن التذرع بها من حيث كونه مثلا يدخل ضمن حالات التي تعدم المسؤولية مما يستتبع ان امر تقديره متروكا لسلطة قاضي المنتدب.
وبناء عليه سنعالج هذه الفقرة من خلال ما تواتر عليه العمل القضائي للحكم بقبول الدعوى ذات الاسباب المبررة لرفع السقوط ( أ )، او رفض الطلب المستند على مبررات غير جدية ( ب )
أ: الاسباب المبررة لرفع السقوط
سنعالج في هذا الإطار عدة أسباب مبررة لرفع السقوط كالتالي:
القوة القاهرة
تعتبر القوة القاهرة امر غير متوقع الحصول وغير ممكن تفاديه ولم يكن للمدين يدا فيها، فاذا كان الفعل الضار ناشئ عن قوة القاهرة او حادث فجائي ما كانت هناك مسؤولية[11].
وتطبيقا لأحكام القوة القاهرة التي تعدم المسؤولية عموما، ذأب القضاء التجاري الى قبول الاسباب المرتبطة بالقوة القاهرة، ونورد هنا قرار عن مجلس الاعلى – محكمة النقض حاليا – يستشف منه بمفهوم المخالفة ان القوة القاهرة تنهض كسبب يعتد به لرفع السقوط دون المرض ومما جاء في حيثياته ما يلي ” … وحسب الثابت من الشهادة الطبية المسلمة له من الطبيب المعالج ملتمسا الحكم برفع حالة السقوط لكون عدم التصريح لا يعود إليه استندا لمقتضيات المادة 690 من مدونة التجارة أصدر القاضي المنتدب أمرا بتاريخ 30 أكتوبر 2002 قضى برفض الطلب أيدته المحكمة الاستئنافية التجارية بمقتضى قرارها المطعون فيه.
حيث ينعى الطاعنون على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني ونقصان التعليل بدعوى أنه اعتبر في إحدى حيثياته أن رفع حالة السقوط التي يمكن للطاعن بصفته دائما الاستفادة منها هي تلك التي تكون خارج إرادته مجسدا ذلك في حالة القوة القاهرة … وأن رفع حالة السقوط التي يمكن للدائن أن يستفيد منها هي تلك التي تكون خارج
إرادته ولسبب لا يعود له كالقوة القاهرة”[12].
فعل الغير كسبب مبرر لرفع السقوط
ان نشر تسمية المقاولة في الجريدة الرسمية بغير اسمها الوارد في السجل التجاري يعتبر من الاسباب التي لا تعود للدائن.
وفي هذا الصدد اعتبر القضاء المغربي فعل الغير من قبيل السبب الأجنبي الذي يمكن الأخذ به كمبرر موضوعي لرفع السقوط، إذ اعتبرت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في أحد قراراتها ” … إن الشركة المدينة أدلت بشهادة من السجل التجاري الذي يظهر بجلاء أن العارضة دائنة مرتهنة وأنه من جهة ثانية فإن الشركة المدينة تدعى مكتبة مطبعة بيرفيكط بينما الإعلان الوارد بالجريدة الرسمية يفيد أن المدينة هي شركة مكتبة الإتقان وشتان بين التسميتين، إذ العارضة لم يكن في علمها أن مكتبة مطبعة بيرفيكط هي شركة مكتبة الإتقان، وبذلك يكون الإعلان الذي ورد بالجريدة الرسمية هو إعلان ناقص ومبتور لا ينطبق على الهوية الكاملة للشركة المدينة.
…وحيث إنه وعلى فرض كون المستأنفة أصبح دينها عاديا لعقد الامتياز جراء عدم تجديد تقييده يكون النشر بالجريدة الرسمية للشركة المستأنف عليها تحت تسمية الجارية غير مطابقة لتسميتها النظامية من قبيل السبب الأجنبي الذي حال دون تصريح الدائنة بدينها داخل الأجل القانوني مما يستتبع بالتالي رفع السقوط عنها طبقا لمقتضيات المادة 690 من م ت “.[13]
ب : الاسباب غير المقبولة
ان الاخذ بحرفية الشرط القاضي بان يكون سبب عدم التصريح لا يعود للدائن من شانه ان يجعل القضاء متشددا في اعتماد المبرر لرفع السقوط،
ونورد في هذا الصدد بعض القرارات الرافضة للأخذ بالدفوعات التالية
حالة المرض
اعتبر المجلس الأعلى بمقتضى قرار صادر عنه بتاريخ 2004/02/04 أن المحكمة التي عللت قرارها بأن إصابة الدائن بمرض أثناء الفترة المشار إليها بالمادة 687 من م ت لا تعتبر سببا يبرر رفع السقوط طالما أن المشرع فتح الباب للدائن لتقديم التصريح بالدين بواسطة عون أو وكيل من اختياره خاصة وأن المستأنف لم يدل بأي تقرير طبي يؤكد على أن حالته الصحية وصلت لدرجة منعته من إنابة غيره للقيام بالإجراء المذكور كفقدان الوعي مثلا « تكون قد عللت وعن صواب ما ذهبت له في قرارها من استبعاد حالة السقوط وتأييد أمر القاضي المنتدب القاضي برفض الطلب المتعلق بذلك وبينت الأساس القانوني المعتمد من طرفها والمطبق قانونا على النازلة[14].
عدم الاطلاع على الجريدة الرسمية
اعتبر المجلس الأعلى بمقتضى قرار صادر عنه بتاريخ 2007/5/23 أنه إن كانت الغاية من نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية هو إشهاره حتى يتسنى للدائنين العلم به والتصريح بديونهم داخل أجل شهرين من تاريخه – أي النشر – فإنه لا يعتبر التذرع بعدم الاطلاع على الجريدة الرسمية أو كون المدين لم يدرج الدائن ضمن لائحة الدائنين سببا يخرج عن إرادة الدائن يبرر رفع السقوط عن دينه[15].
السفر خارج أرض الوطن لسبب أو لأخر
في هذا الإطار جاء في قرار لمحكمة النقض بتاريخ 28/12/2017 و المحكمة المطعون في قرارها التي ردت الأسباب المتمسك بها من لدن الطالب لتبرير طلبه الرامي لرفع السقوط عن دينه بما أورده من …في حين موضوع الدعوى هو رفع السقوط عن الدين الذي تم التصريح به خارج الأجل القانوني و أن المستأنف عليه دفع بأنه كان يتردد باستمرار بين الإقامة بالمغرب وإقامته بالديار الكندية مما تعذر عليه مواكبة إجراءات مسطرة التسوية القضائية، في حين أن السفر لايعد سببا قانونيا يجعل الدائن يستفيد من عدم التصريح بدينه في الأجل القانوني “[16]
الجهل باللغة العربية أو التوفر على صفة الدائن الأجنبي
ان الجهل باللغة العربية أو التوفر على صفة الدائن الأجنبي أو التواجد خارج أرض الوطن لا تقوم كأسباب لرفع السقوط ما دامت الجريدة الرسمية تصدر أيضا باللغة الفرنسية و أن المشرع لم يميز بين الدائن المغربي و الدائن الأجنبي وإنما يتعين على كل دائن فاته أجل التصريح بدينه أن يثبت أن السبب في ذلك لا يعود اليه، هذا ما استقرت عليه محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء.[17]
المطلب الثاني: اجراءات دعوى رفع السقوط
مادامت دعوى رفع السقوط كباقي الدعاوي القضائية فإنه يتعين على الدائن طالب رفع السقوط أن يتقيد بمجموعة من الشكليات ( الفقرة الأولى) في رفع طلبه الى الجهة المختصة للبث فيه ( الفقرة الثانية)
الفقرة الاولى: شكلية دعوى رفع السقوط
لقد نظم المشرع المغربي دعوى رفع السقوط بشكل مقتضب، حيث لم تحدد المادة 723 من م.ت، إجراءات محددة لإقامة هذه الدعوى، إلا أن ذلك لم يمنع القضاء المغربي من رسم الطريق أمام الدائن طالب رفع السقوط، حيث ألزمه بالتقيد بمقتضيات ق.م.م[18].
وهذا ما أكده قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء حيث اعتبرت ان المقال المتعلق بدعوى رفع السقوط يجب أن تحترم فيه مقتضيات الفصل 32 من ق.م.م.[19]
وعليه، فباعتبار طلب رفع السقوط المقدم أمام القاضي المنتدب من قبيل الطلبات القضائية، فإنه يخضع لما تخضع إليه هده الأخيرة، من شروط، فانطلاقا من مقتضيات الفصلين 31و 32 من ق.م.م فإن الدعوى تقدم إما بمقال مكتوب أو بتصريح شفوي يدلى به المدعي إلى كاتب الضبط لدى المحكمة المختصة الذي يتولى تحرير محضر بذلك ويقعه عليه المدعي.
كما أن مقدم المقال الافتتاحي للدعوى يجب أن يضمن فيه البيانات الضرورية و المحددة في المادة 32 من ق.م.م أي كل ما يتعلق بالتعريف بالمدعي و المدعى عليه، وغيرها من البيانات التي استلزم المشرع توفرها في مقال الدعاوى.
وتأسيسا على ما سبق، إذا كانت صفة المدعى في هذه الدعوى لا تثير إشكالا مادام ان الأمر يخص شخص واحد و هو الدائن الذي أغفل أو تهاون في التصريح بدينه داخل الأجل القانوني مما ترتب عليه سقوط حقه في المشاركة في التوزيعات السابقة، فإن صفة المدعى عليه تثير بعض الإشكالات، فهل يرفع هذا الطلب في مواجهة المدين أم يجب أن يرفع في مواجهة السنديك.
يذهب بعض الفقه[20]،إلى أن طلب رفع السقوط يرفع في مواجهة السنديك باعتباره المختص في تلقي التصريحات بالديون و السهر على تحقيقها وإجراء التوزيعات، بالتالي تبقى له الصفة في توجيه الدعوى ضده كمدعي عليه.
ويعاب على هذا الجانب من الفقه، في قوله بتوجيه طلب رفع السقوط ضد السنديك، لم يميز بين الحالة التي يكون فيها السنديك هو المسير الوحيد للمقاولة أي في حالة غل يد المدين عن تسير أموال المقاولة و التصرف فيها، و بين الحالة التي يتعلق الأمر بمسطرة التسوية القضائية التي يكون فيها للسنديك إحدى الأدوار الثلاث وهي: المسير الوحيد للمقاولة أو مساعد لرئيس المقاولة في التسيير أو مراقبة لعمليات التسيير.
غير أن القضاء المغربي ذهب إلى عدم ضرورة إدخال السنديك كطرف عند تقديم طلب رفع السقوط، حيث جاء في حيثيات قرار صادر عن محكمة الاستئناف بمراكش ما يلي ” خلافا لما بالوسيلة الأولى فإنه ليس ضمن مقتضيات الكتاب الخامس من م.ت ما يوجب إدخال السنديك كطرف عند تقديم طلب رفع السقوط طالما أن المقاولة قد فتحت في حقها مسطرة التسوية القضائية و ليس التصفية القضائية وبتالي يبقى ما تمسكت به المستأنفة في هذا الخصوص غير مرتكز ويتعين رده.[21]
الفقرة الثانية: الاختصاص بشأن دعوى رفع السقوط
جاء في المادة 723 من م.ت “عند عدم التصريح داخل الآجال المحددة في المادة 720 أعاله، لا يقبل الدائنون في التوزيعات والمبالغ التي لـم توزع إلا إذا رفع القاضي المنتدب عنهم هذا السقوط…”
وعليه، يعتبر البث في طلبات رفع السقوط اختصاصا حصريا للقاضي المنتدب، و بالتالي لا يجوز تقديمها أمام المحكمة تحت طائلة عدم القبول.[22]
ويبت القاضي المنتدب بمقتضى أوامر قضائية تخضع لجميع الأحكام العامة التي تسري على عموم المقررات القضائية في قانون م.م، بجانب المقتضيات الخاصة المنصوص عليا في إطار م.ت، والتي تفرضها طبيعة مساطر صعوبات المقاولة.
وبالتالي، فالقاضي المنتدب وهو بصدد البث في طلب رفع السقوط عليه أن يحترم الضوابط المسطرية،[23] ويثير احترام مبدأ التواجهية باعتبار أحد هذه الضوابط نقاشا فقهيا، حيت يذهب جانب من الفقه الى اعتبار أن تعميم نظام الاستدعاء وعقد جلسات حضورية سوف يسيء إلى المسطرة التي تتطلب الإسراع في الإجراءات، أما الجانب الأخر يرى بأنه يجب التمييز بين المجال الولائي و المجال النزاعي، حيث يجب احترام مبدأ التواجهية في المجال النزاعي، و الذي تدخل في نطاقه دعوى رفع السقوط.[24]
أما على مستوى القضاء المغربي، فقد ذهب إلى تعميم مبدأ التواجهية على جميع الطلبات المرفوعة إلى القاضي المنتدب، ففي قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء[25] ذهب إلى مايلي” وحيث إن البت في غيبة أجهزة المسطرة ودون إدخالهم في الدعوى من شأنه المساس بحق الدفاع و بالسير العادي للمسطرة،”
وتأسيسا على ما سبق، فالطبيعة النزاعية لدعوى رفع السقوط تفرض على القاضي المنتدب احترام المبادئ الاجرائية، التي تقوم عليها أية منازعة قضائية، من قبيل مبدأ الحضورية و مبدأ التواجهية كإحدى الضمانات الأساسية لممارسة حق الدفاع.[26]
و يكون الأمر القضائي الصادر عن القاضي المنتدب في هذا الصدد قابلا للطعن فيه بالاستئناف أمام محكمة الاستئناف المختصة وذلك داخل أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ بالنسبة لباقي الأطراف ومن تاريخ صدوره بالنسبة للسنديك، كما يكون قرار محكمة الاستئناف قابلا للطعن فيه بالنقض داخل أجل عشرة أيام من تبليغ القرار، وذلك وفقا للمادتين 672 و 766 من م.ت.
المبحث الثاني: الآثار المترتبة على تقديم دعوى رفع السقوط.
إن القاضي المنتدب وبعد تقديم الطلب إليه يجري بحثه من خلال مناقشة رسمية يحضرها كل من الدائن والسنديك، كما قد يستدعي كذلك المدين عند الاقتضاء، ينظر من خلالها في مدي صحة المسطرة وجدية الأسباب التي يستند اليها الدائن لتبرير عدم تصريحه بديونه داخل الأجل القانوني، يبت القاضي المنتدب بعد ذلك إما بقبول رفع السقوط، غير أنه ولو تم ذلك فإن الدائن لا يعفى من التصريح بالدين وتبرأ ذمة المقاولة، بل أكثر من ذلك فإن الكفلاء سواء متضامنين من عدمه يستفيدون من نفس الأثر. بالتالي سنعمل على تجزيئ مبحثنا هذا إلى مطلبين، نخصص (الأول) لوضعية الدين عند قبول رفع السقوط، ثم بعد ذلك الحديث عن وضعية الدين عند رفض رفع السقوط (المطلب الثاني).
المطلب الأول: وضعية الدين عند قبول رفع السقوط
إن القاضي المنتدب كما بقت الإشارة الى ذلك، قد يقتنع بمبررات المدين فيصدر امره بقبول رفع السقوط، غير أن هذا القبول تبقى آثاره محدودة (الفقرة الأولى)، كما ان الدائن في هذه الحالة لا يعفى من التصريح بدينه.
الفقرة الأولى: نسبية أثر قبول رفع السقوط
باستقرائنا للمادة 720 من مدونة التجارة، يتبين لنا مدى الأهمية التي قدمها المشرع لمسطرة التصريح بالديون من خلال تحديده لآجال، يمكن اعتبارها صارمة لما تمس به من حقوق، بالتالي رتب المشرع المغربي على عدم احترام هذه الآجال للتصريح بالديون، عدم قبول الدائنين المتقاعسين في التوزيعات والمبالغ التي لم توزع إلا إذا رفع عنهم هذا السقوط، نزولا عند مقتضيات المادة 723.[27]
يتضح من خلال هذه المادة المسطرة أعلاه نسبية أثر رفع السقوط، ذلك ان الدائن الذي استطاع اقناع القاضي المنتدب بالمبرر الذي منعة من التصريح بدينه، لا يشارك مع غيره من الدائنين إلا في تقسيم التوزيعات التالية لتاريخ طلبه، أما تلك التي أجربت قبل طلبه فإنه لا يستفيد منها، بمعنى آخر رفع السقوط لا يكون له أثر رجعي.[28]
إن الدائن الذي تقاعس اذن عن التصريح بدينه داخل الاجل المحددة له، وقدم دعوى من طلبا لرفع السقوط عن دينه وتم قبول طلبه من طرف القاضي المنتدب، لا يستفيد مع ذلك من التوزيعات التي تمت قبل طلبه، وإن كانت هذه العبارة هي الأخرى تثير اشكالا من حيث صياغة نص الفقرة الأخيرة من المادة 723 من مدونة التجارة التي جاء فيها:”…التوزيعات الموالية لتاريخ طلبهم”.
فهل الأمر يتعلق بتاريخ تقديم الطلب من طرف الدائن؟، أم تاريخ بت القاضي المنتدب في طلبه بالقبول؟
فلو اعتبرنا أن الأمر ينصرف إلى الفرضية الأولى، كان ذلك بمثابة حسنة، باعتبار أنه يمكن أن تقع توزيعات بين تاريخ تقديم الطلب وتاريخ بت القاضي المنتدب في الطلب.
أما في حالة العكس، فإن الامر لا يغدو سوى إجحافا في حق الدائن الذي قد يحرم من التوزيعات التي قد تتم بين تاريخ تقديم الطلب وتاريخ بت القاضي المنتدب فيه.
إن النص لا يسعفنا في فك هذا الإشكال، وصفوة القول أن الصائب هو الفرضية الأولى، وفي هذا الإطار يرى الأستاذ “محمد الكبيري”[29] أن الأمر يتعلق بتاريخ تقديم الطلب وليس تاريخ الاستجابة له، لأن تقديم الطلب هو الذي يعبر عن رغبة الدائن الذي فاته أجل التصريح، في المشاركة في توزيعات المبالغ والحصول على دينه في إطار المسطرة الجماعية، والقول بغير ذلك يؤدي إلى الإجحاف بحقوق الدائنين.
الفقرة الثانية: عدم الإعفاء من التصريح بالدين وتحقيقه
لقد اثير سابقا نقاش حول مدى إلزامية الدائن المرفوع عنه السقوط بالتصريح بديونه، على جانب مدى أحقية القاضي المنتدب في الاعفاء من التصريح من عدمه. وفي هذا الإطار هناك من الفقه[30] من اخذ بالاتجاه الأول واعتبر أن من حق القاضي المنتدب إعفاء الدائن من التصريح بدينه إلى السنديك في امره القاضي بقبول رفع السقوط.
وفي مقابل ذلك، من الفقه[31] من اخذ بالرأي الثاني واعتبر أن الاستجابة لطلب رفع السقوط، لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يعفي الدائن من التصريح بدينه إلى السنديك.
إننا بدورنا، نؤيد هذا الاتجاه الأخير ونعتبره توجها صائبا، باعتبار أن المشرع المغربي بدوره من خلال الفقرة الرابعة من المادة 723 من م. التجارة جاء صريحا، بتنصيصه على ما يلي:” يفتح المقرر القاضي برفع السقوط أجلا جديدا للتصريح بالدين لا يتعدى ثلاثين يوما من تاريخ تبليغ المقرر بالموطن الحقيقي أو المختار للدائن”.
إضافة إلى ما سبق، تأتي مرحلة تحقيق الدين التي تنقسم الى مرحلة (إدارية) تحت اشراف السنديك الذي ينجزها داخل أجل أقصاه (ستة أشهر)، من تاريخ صدور حكم فتح المسطرة طبقا للمادة 727.[32] ويعد السنديك قائمة بالديون يسلمها للقاضي المنتدب الذي يباشر بدوره مسطرة تحقيق الدين (التحقيق القضائي)، ليقرر في الأخير قبول الدين من عدمه.
وخلاصة القول أن القاضي المنتدب هو الذي يقرر بناء على اقتراحات السنديك قبول الدين أو رفضه أو يعاين إما وجود دعوى جارية أو منازعة لا تدخل في اختصاصه، وعندما يتعلق الأمر بدين عمومي وفق المادة الثانية من القانون رقم 15.97[33] بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، ولم يصدر بشأنه سند تنفيذي، أمكن للقاضي المنتدب قبوله بصفة احتياطية إلى حين الإدلاء بالسند.
المطلب الثاني: حالة رفض دعوى رفع السقوط
إذا كان بإمكان القاضي المنتدب اصدار امره بقبول رفع السقوط عندما يتبين له من حجج ومبررات الدائن، أنه فعلا يستحق رفع جزاء السقوط عن دينه، إلا أنه بالمقابل، قد يظهر له الامر على خلاف ذلك، فيصدر أمره برفض رفع السقوط، الأمر الذي يؤدي إلى انقضاء الدين وبالتالي براءة ذمة المقاولة (الفقرة الأولى)، وبالتبعية لذلك يطرح السؤال، حول وضعية الكفلاء والمتضامنين من جراء السقوط (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: انقضاء الدين وبراءة ذمة المقاولة
إن سقوط الدين كجزاء لعدم التصريح به داخل الاجل القانوني وعدم تقديم الدعوى لرفع السقوط عنه، أو ثم تقديمها ورفض القاضي المنتدب رفع السقوط، يؤدي إلى انقضاء الدين الذي يقع على ذمة المقاولة (المدين)، وذلك نزولا عند مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 723[34]من مدونة التجارة.
والملاحظ أن الصياغة التي جاءت بها الفقرة المشار إليها أعلاه معيبة شيئا ما، ذلك أن المشرع لم يوضح بدقة المغزى من هذا المقتضى، حيث أنه ليس ممارسة دعوى رفع السقوط هي التي ستقي الدائن من انقضاء الدين، فلو كان الأمر كذلك فإنه سوف يخفف من هول جزاء رفض هذه الدعوى، وإنما عدم الاستجابة لطلب رفع السقوط هي التي تؤدي إلى انقضاء الدين، فالصحيح اذن هو انقضاء الديون التي لم يصرح بها ورفض بشأنها طلب رفع السقوط.[35]
وفي علاقة بما سبق، جاء في حيثيات قرار صادر عن المجلس الاعلى سابقا (محكمة النقض) ما يلي: “… تنقضي الديون التي لم يصرح بها ولم تكن موضوع دعوى رامية إلى رفع السقوط…”[36]
ونفس النهج سارت عليه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرار صادر عنها بتاريخ 29/09/2006 بين شركة sadvel وشركة internetional حينما رفض السنديك التصريح المقدم من طرف شركة sadvel المستأنفة للحكم الابتدائي على أساس أنه تم خارج الآجال القانوني المحدد للتصريح بالديون، وبالتالي سقوط الدين بالنسبة لها.[37]
الفقرة الثانية: وضعية الكفيل والمتضامن
يعتبر الكفيل بمثابة الضامن لأداء الدين، عند عجز المدين الأصلي عن أدائه، فالتزام الكفيل هو التزام تبعي، تابع لالتزام أصلي.
لقد كان الخلاف حادا حول وضعية الكفيل في مساطر صعوبات المقاولة، قبل صدور القانون رقم 73.17، ونسخ مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة، لغياب مقتضيات قانونية مؤطرة لوضعية الكفلاء، مما كان يحتم الرجوع دائما على الفصل 1150[38] و 1151 من ق.ل.ع، بحيث يستخلص منهما أن انقضاء الدين التبعي ومن تم سقوط الدين وانقضاء الكفالة بصفة تبعية.[39]
أما في إطار القانون 73.17 فقد خصص المشرع المغربي بابا مستقلا عنونه ب «الكفلاء”، انطلاقا من المادة 695 إلى 698.
فبمفهوم المخالفة للفقرة الأخيرة من المادة 695 التي جاء فيها ما يلي:” لا يمكن الرجوع على الكفلاء إلا بالنسبة للديون المصرح بها”، نستخلص بأن الديون المصرح بها فقط هي التي يمكن الرجوع بها إلى الكفلاء، وبالتبعية لذلك فإن سقوط دين المدين الأصلي يستتبعه براءة ذمة الكفلاء.
أما بخصوص التضامن بين المدينين فهو مفترض نزولا عند مقتضيات المادة [40]335 من مدونة التجارة. في حين انه على العكس من ذلك في الديون المدنية، على ما نص عليه المشرع المغربي بمقتضى الفصل 164[41] من ق.ل.ع.
انطلاقا مما سبق، فإن التوجه والمنطق يسير في اتجاه أن دين المدين المتضامن لا ينقضي بل يبقى من حق الدائن الرجوع عليه، لاستخلاص دينه، لذلك فإن سقوط دين المدين الأصلي يستتبعه براءة ذمة الكفلاء، دون المدينين المتضامنين الذين لا تسقط ديونهم بالتالي يبقى للدائن حق الرجوع عليهم.
حاولنا من خلال تناول موضوع دعوى رفع السقوط ملامسة مجموعة من الإشكالات التي تضرحها هذه الدعوى في سياق سير مساطر صعوبات المقاولة، وحاولنا على امتداد محطات هذه الدراسة وضع اليد على مكامن القوة و مكامن الضعف في تنظيم المشرع لها ، وكيف عمل على التوفيق بين مصلحة المقاولة وهي أولى بالحماية ومصلحة الدائنين والأغيار.
وتأسيسا على ما سبق، نورد مجموعة من الملاحظات وقفنا عندها أتناء مقاربتنا للموضوع، ولعل أبرزها، معالجة المشرع لأحكام دعوى رفع السقوط في نقاط متفرقة من القانون73.17 الذي نسخ الكتاب الخامس من مدونة التجارة، وغامضة أحيانا.
إضافة إلى غياب تنظيم دقيق لبعض الجوانب الاجرائية لهذه الدعوى والتي اما أن المشرع لم يحددها أصلا كإجراءات تقديمها واما أنه حددها بشكل مقتضب وغير دقيق مما يخلق نوعا من اللبس في ذهن المستفيد من هذه الدعوى.
وعليه نورد بعض المقترحات على اعتبار أن الغاية من أي بحث قانوني ليس فقط التأصيل و التحليل و المناقشة، بل الوصول الى استنتاجات يأتي من خلالها اقتراح حلول وبدائل اعتمادا على ما قدمه الفقه و القضاء كحلول للإشكالات المطروحة.
من هذا المنطلق نقترح وضع مسطرة مبسطة لممارسة دعوى رفع السقوط، كما ندعوا القضاء الى التعامل مع أسباب المبررة لرفع السقوط بنوع من اليسر لتحقيق أهداف المرجوة من مسطرة رفع السقوط، ناهيك عن وجوب اعادة النظر في المبرر الموضوعي الذي حدده المشرع بتحديده واعطاء أمتله عنها.
- الكتب
- خديجة مضي، الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة، الطبعة غير مذكورة، سنة 2022
- عبد الرحيم شميعة، شرح احكام نظام صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17، مطبعة سجلماسة مكناس، الطبعة 2018.
- علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مطبعة المعارف الجديدة-الرباط، الطبعة الثالثة، سنة 2019
- ابراهيم احطاب، قانون المسطرة المدنية في شروح، مطبعة عالم الاقتصاد، الطبعة الاولى، سنة 2022، اكادير
- طاق عزوز، المختصر في المسؤولية المدنية، مطبعة الاقتصاد-اكادير، طبعة 2021
- عبد الرحيم السلماني: القضاء التجاري بالمغرب و مساطر معالجة صعوبات المقاولة دراسة نقدية ومقارنة، الطبعة الأولى 2008
- احمد شكري السباعي: الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثالث
- الرسائل و الأضاريح
- ليلى رافع. الأثر القانوني لعدم التصريح بالديون على الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص نقشت في جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش سنة 2011-2012
- محمد الكبيري، المركز القانوني للدائنين اثناء تحديد خصوم المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة، رسالة لنيل ماستر في قانون الاعمال جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، 2010-2011.
- مليكة عفيف: وضعية الدائنين في إطار نظام صعوبات المقاولة، تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، 2002/2003.
- المقالات
- محمد أبو الحسين: وضعية كفلاء المدين في حالة تفويت المقاولة في إطار التسوية القضائية، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، دجنبر 2000.
- جواد الذهبي: الجوانب الإجرائية للاسترداد في مساطر معالجة صعوبات المقاولة المجلة المغربية للدراسات القانونية و القضائية، العدد 4 شتنبر 2010
- الأحكام و القرارات
- قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 146 المؤرخ في 04-02-2004 في الملف التجاري عدد 2003/2/3/878، منشور بالمجلة المغربية للقانون الأعمال والمقاولات العدد 5 السنة 2005
- قرار المجلس الأعلى رقم 2/146 بتاريخ 2004/02/04 في الملف التجاري رقم 2003/2/3/878. منشور بمجلة المحاكم المغربية ، عدد 108
- قرار المجلس الأعلى رقم 1/600 بتاريخ 2007/5/23 في الملف التجاري رقم 2006/1/3/1010. اورده عمر أزوكار ، في مؤلف قضاء محكمة النقض في مساطر التسوية والتصفية القضائية، مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء، سنة 2014
- [1] قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء القرار رقم 529/2002 الصادر بتاريخ 01/03/2002 في الملف رقم 2865/2001/11 منشور بالبوابة القانونية و القضائية لوزارة العدل عدالة.
- قرار رقم 2634/2000، صادر بتاريخ 08/12/20001 ملف عدد 2443/2000/11 منشور بمجلة سلسلة القانون و الممارسة القضائية، العدد 05/2005
- قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء عدد 140/2001 بتاريخ 9/1/2001 أوردته الباحثة حياة حجي نظام الضمانات وقانون صعوبات المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية
- قرار رقم 1327 صادر بتاريخ 14/12/2010 ملف عدد 1428/6/08 اوردته ليلى رافع
- قرار رقم 34/26/2006 مجلة المحاكم المغربية لقانون الأعمال و المقاولات مساطر صعوبات المقاولة بين القانون و العمل القضائي، العدد5 2005
- القوانين
- القانون رقم 73.17، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1439 (19 ابريل 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439 (23 ابريل 2018
- القانون رقم 53.95 المحدث للمحاكم التجارية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.97.65 صادر في 4 شوال 1417 (12 فبراير 1997)، الجريدة الرسمية عدد 4482 بتاريخ 8 محرم 1418 (15 ماي 1997)
- القانون 15.97 بمتابه مدونة تحصيل الديون العمومية الذي تم تنقيده بظهير شريف رقم 1.00.175 صادر في 28 من محرم 1421 (3ماي 2000)
[1] -تنص المادة 583 على ما يلي ” تقضي المحكمة بالتسوية القضائية اذا تبين لها ان وضعية المقاولة ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه، وإلا فتقضي بالتصفية القضائية”.
[2] القانون رقم 73.17، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.26 بتاريخ 2 شعبان 1439 (19 ابريل 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 6 شعبان 1439 (23 ابريل 2018)، ص 2345.
[3] المادة 576 تقول بأنه ” يجب على رئيس المقاولة ان يطلب فتح مسطرة التسوية في اجل اقصاه 30 يوما من تاريخ توقف المقاولة عن الدفع”.
[4] المادة 578 ” يمكن فتح المسطرة بمقال افتتاحي للدعوى لأحد الدائنين كيفما كانت طبيعة دينه. يمكن للمحكمة أيضا أن تضع يدها على المسطرة إما تلقائيا أو بطلب من النيابة العامة، أو من رئيس المحكمة في إطار ما تقوله له الوقاية الخارجية من اختصاصات”.
[5] خديجة مضي، الوجيز في مساطر صعوبات المقاولة، الطبعة غير مذكورة، سنة 2022، ص 141.
[6] : تنص المادة 720 على انه ” يجب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين ابتداء من:
– تاريخ الإشعار المنصوص عليه في المادة السابقة بالنسبة للدائنين المدرجين بالقائمة وكذا المعروفين لدى السنديك.
– تاريخ الإشعار المنصوص عليه في المادة السابقة بالنسبة للدائنين الحاملين
لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم إشهارهما.
– تاريخ نشر المقرر القاضي بفتح المسطرة بالجريدة الرسمية بالنسبة لباقي الدائنين.
ويمدد هذا الأجل بشهرين بالنسبة إلى الدائنين القاطنين خارج تراب المملكة المغربية. فيما يخص المتعاقد المشار إليه في المادة 588 ينتهي أجل التصريح خمسة عشر يوما بعد تاريخ الحصول على التخلي عن مواصلة العقد، إذا كان هذا التاريخ لاحقا لتاريخ الأجل المنصوص عليه في الفقرة الأولى”.
[7] : عبد الرحيم شميعة، شرح احكام نظام صعوبات المقاولة في ضوء القانون 73.17، مطبعة سجلماسة مكناس، الطبعة 2018، ص 228.
[8] : علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مطبعة المعارف الجديدة-الرباط، الطبعة الثالثة، سنة 2019، ص 330.
[9] : عبدالرحيم شميعة مرجع سابق ص 233.
[10] : علال فالي مرجع سابق ص 332.
[11] : طاق عزوز، المختصر في المسؤولية المدنية، مطبعة الاقتصاد-اكادير، طبعة 2021، ص 77.
: [12] قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 146 المؤرخ في 04-02-2004 في الملف التجاري عدد 2003/2/3/878، منشور بالمجلة المغربية للقانون الأعمال والمقاولات العدد 5 السنة 2005، ص 106.
[13] : قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، رقم 2007/4487 بتاريخ 2007/10/04 في الملف رقم 11/2006/2447. غير منشور اورده علال فلالي في الهامش ص 337.
[14] : قرار المجلس الأعلى رقم 2/146 بتاريخ 2004/02/04 في الملف التجاري رقم 2003/2/3/878. منشور بمجلة المحاكم المغربية ، عدد 108 ، ص 96.
[15] : قرار المجلس الأعلى رقم 1/600 بتاريخ 2007/5/23 في الملف التجاري رقم 2006/1/3/1010. اورده عمر أزوكار ، في مؤلف قضاء محكمة النقض في مساطر التسوية والتصفية القضائية، مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء، سنة 2014 ص. 303.
[16] قرار محكمة النقض رقم 1/544 بتاريخ 28/12/2017 في الملف رقم 1934/3/1/2017 غير منشور أشير إليه عند علال الفالي م.س.ص340
[17] قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء القرار رقم 529/2002 الصادر بتاريخ 01/03/2002 في الملف رقم 2865/2001/11 منشور بالبوابة القانونية و القضائية لوزارة العدل عدالة.
[18] ليلى رافع. الأثر القانوني لعدم التصريح بالديون على الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص نقشت في جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية مراكش سنة 2011-2012 ص 74
[19] قرار رقم 2634/2000، صادر بتاريخ 08/12/20001 ملف عدد 2443/2000/11 منشور بمجلة سلسلة القانون و الممارسة القضائية، العدد 05/2005 ص 161 وما بعدها.
[20] ليلى رافع. م.س. ص76
[21] قرار رقم 1327 صادر بتاريخ 14/12/2010 ملف عدد 1428/6/08 اوردته ليلى رافع م.س.ص 76
[22] علال فالي مساطر معالجة صعوبات المقاولة. مطبعة المعارف الجديدة الطبعة الثالثة 2019 ص 334
[23] جواد الذهبي: الجوانب الإجرائية للاسترداد في مساطر معالجة صعوبات المقاولة المجلة المغربية للدراسات القانونية و القضائية، العدد 4 شتنبر 2010 ص 141
[24] ليلى رافع، م.س ص 78
[25] قرار رقم 34/26/2006 مجلة المحاكم المغربية لقانون الأعمال و المقاولات مساطر صعوبات المقاولة بين القانون و العمل القضائي، العدد5 2005 ص 164
[26] عبد الرحيم السلماني: القضاء التجاري بالمغرب و مساطر معالجة صعوبات المقاولة دراسة نقدية ومقارنة، الطبعة الأولى 2008 ص 46
[27] – جاء فيها ما يلي:” عند عدم التصريح داخل الآجال المحددة في المادة 720 أعلاه، لا يقبل الدائنون في التوزيعات والمبالغ التي لم توزع إلا إذا رفع القاضي المنتدب عنهم هذا السقوط عندما يثبتون أن سبب عدم التصريح لا يعود إليهم. وفي هذه الحالة، لا يمكنهم المشاركة إلا في تقسيم التوزيعات الموالية لتاريخ طلبهم”.
[28] -Abdeljlil el hamouni: droit des difficulté de l’entreprise، la prévention des difficultés، le redressement judiciaire، la liquidation judiciaire, 2éme édition 2005، P: 117، Pr :45-2
[29] – محمد الكبيري، المركز القانوني للدائنين اثناء تحديد خصوم المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة، رسالة لنيل ماستر في قانون الاعمال جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، 2010-2011، ص104.
[30] – احمد شكري السباعي: الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها، الجزء الثالث، ص212-213.
[31] – مليكة عفيف: وضعية الدائنين في إطار نظام صعوبات المقاولة، تقرير لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، عين الشق، الدار البيضاء، 2002/2003، ص57.
[32] – جاء فيها ما يلي: ” يعد السنديك داخل أجل أقصاه ستة أشهر ابتداء من صدور حكم فتح المسطرة، بعد مطالبة رئيس المقاولة بإبداء ملاحظاته على التوالي مع استلام التصريحات بالديون، قائمة بالديون المصرح بها مع اقتراحاته بالقبول أو الرفض أو الإحالة على المحكمة. ويسلم السنديك القائمة إلى القاضي المنتدب”.
[33] – القانون 15.97 بمتابه مدونة تحصيل الديون العمومية الذي تم تنقيده بظهير شريف رقم 1.00.175 صادر في 28 من محرم 1421 (3ماي 2000)
[34] -جاء فيها ما يلي:”… تنقضي الديون التي لم يصرح بها ولم تكن موضوع دعوى رامية إلى رفع السقوط أو التي انقضى أجل التصريح بها طبقا للفقرة الرابعة أعلاه”.
[35] -ليلى رافع، م.س، ص114.
[36] – قرار صادر عن المجلس الاعلى، عدد 485 والمؤرخ في 12/06/2002 في ملف تجاري عدد 01/1407، منشور بمجلة قضاة المجلس الاعلى، ص134.
[37] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، تحت رقم 06/4501 بتاريخ 29/09/2002، اورده طارق البختي،” التصريح بالديون في اطار قانون صعوبات المقاولة”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الاعمال والمقاولات، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-السويسي-الرباط، جامعة محمد الخامس، ص75
[38] – جاء فيه أن:” كل الأسباب التي يترتب عليها بطلان الالتزام الأصلي أو انقضاؤه يترتب عليها انتهاء الكفالة”.
[39] – محمد أبو الحسين: وضعية كفلاء المدين في حالة تفويت المقاولة في إطار التسوية القضائية، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، عدد1، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، دجنبر 2000، ص44.
[40] – جاء فيها أنه:” يفترض التضامن في الالتزامات التجارية”.
[41] – ينص على ما يلي:” التضامن بين المدينين لا يفترض، ويلزم أن ينتج صراحة عن السند المنشئ للالتزام أو من القانون، أو أن يكون النتيجة الحتمية لطبيعة المعاملة”.