محسن الندوي
رئيس المركز المغربي للابحاث والدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية
بلغة لا تخلو من جرأة وشجاعة اعترف الخطاب الملكي في الدورة الافتتاحية التشريعية المغربية يوم الجمعة 13/10/2017 بالرباط بأن " أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية ، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية."
لقد قلتها في عدة مناسبات علمية وبحثية ان المغرب يسير بدون بوصلة استراتيجية وهو ما اسميه "مشروع دولة" وورؤيتي الاستراتيجية هذه موثقة في العدد 7 من مجلة شؤون استراتيجية 2012 حيث كنت انذاك مشاركا في مائدة مستديرة بمؤسسة علال الفاسي بالرباط وقلت:
ان الاوان لضرورة انعقاد لقاء او مناظرة وطنية من النخبة المغربية من اساتذة جامعيين ومفكرين واقتصاديين وسياسيين (وليس سياسويين فالسياسويون لا تعنيهم هذه المناظرة لان المناظرة تخص الصالح العام وهم بفكرون في المصلحة الخاصة) …..وذلك من اجل اختيار "مشروع الدولة" قبل الحديث عن اي اصلاح للتعليم او غيره وقبل الحديث عن اي مخططات قطاعية….
وضرورة على هذه النخبة الاجابة عن التساؤل التالي : ما هي الدولة التي نريد بالمغرب ؟ هل نريد دولة فلاحية ام صناعية ام سياحية ام خدمات ..
اولا – وبناء على اختيارنا لمشروع الدولة التي نريد . آانذاك ننتقل الى وضع سياسات عمومية مبنية على رؤية مشروع الدولة التي اخترناه و من ثم بلورة الاصلاحات وتغيير مناهج التعليم وفق مشروع الدولة التي اخترناه.
فمثلا اذا اخترنا مشروع الدولة الصناعية اذن ينبغي ان تتتغير المناهج التعليمية لتتوافق مع الرؤية الصناعية والمشاريع الصناعية والتخصصات التعليمية الصناعية وعلى ارض الواقع اعطاء الاولوية للمعامل والمصانع وتشجيع الطاقات الشابة في التخصصات العلمية وفقا لمشروع الدولة الصناعية وهكذا …. بحيث تكون المدخلات التعليمية في المجالات الصناعية بالاساس(مع عدم اغفال المجالات التعليمية الاخرى بنسبة مائوية اقل) وتكون المخرجات في ايجاد الشغل متوافقة مع المدخلات.
اي تكوين الشباب وتعليمه في التخصصات الصناعية + توفير المصانع والمعامل في التخصصات التعليمية التي تم تدريس الشباب بها او التكوين فيها = التشغيل وفرص العمل
ثانيا – يجب على الحكومات المتعاقبة ان تسير وفقا لمشروع الدولة التي اخترناه
ويشترط على كل حكومة منبثقة من الانتخابات ان تقدم برنامجها امام البرلمان وفقا لمشروع الدولة ولا يمكن ان تتجاوزه او تحيد عنه.
كما بنبغي ان تاتي كل حكومة وتكمل المشاريع من حيث انتهت الحكومة السابقة في مشروع دولة وحيد وموحد ومتوافق بشأنه.فلامجال لكي تلغي حكومة مشاريع الحكومة السابقة او تبدا في تنفيذ مشاريع جديدة لان مشروع الدولة واحد و موحد فالحرية لكل حكومة في وضع الاليات المختلفة في التنفيذ لكن الهدف واضح مسبقا في مشروع الدولة.
ثالثا – مادمنا لم نحدد بعد مشروع الدولة التي نريد فلايمكن التقدم بهذا البلد الى مصاف الدول المتقدمة.
وقد ضربت مثالا لماليزبا الذين اختاروا مشروع الدولة الصناعية في 1985 وبعد عشر سنوات بات ماليزيا من عشر الدول الصناعية بالعالم.