في الواجهةمقالات قانونية

ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية: الأسباب والحلول الباحث : شريف أضاضي

 

ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية: الأسباب والحلول
The phenomenon of not updating real estate fees: causes and solutions
الباحث : شريف أضاضي
باحث بسلك الدكتوراه – جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس
Charif ADADI
phD Researcher- Fés

ملخص:
هناك مجموعة من الأسباب القانونية والواقعية التي تؤثر سلباً في إشهار الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقارات المحفظة وتشل حركة الرسوم العقارية في تسهيل عملية التداول بين المتعاملين العقاريين.
وعدم تحيين الرسوم العقارية ينعكس بشكل أساسي على الواقع القانوني والاقتصادي والاجتماعي للمتعاملين العقاريين، ويعطل أية عملية تنموية واستثمارية إلى غاية تخليص الرسم العقاري من الركود وتحيين وضعيته القانونية.
فتحديد الأسباب تعد بمثابة مدخل أولي للبحث عن الحلول الكفيلة لتحيين السجلات العقارية وجعل وضعيتها القانونية متطابقة مع حالتها الواقعية.

Summary:
There are a number of legal and factual reasons that negatively affect the announcement of real estates rights related to registred properties and paralyze the movement of real estate charges by facilitating the negotiation process between real estate brokers.
The lack of updating real estate fees primarily affects the legal, economic and social reality of real estate agents and hinders any development or investment process until the real estate fee is cleard from of stagnation and their legal status is updated.
Identifying the causes serves as an intial entry point for searching for solutions capable of updating real estate records and aligning their legal status with their actual condition.

مقدمة
إن تحفيظ العقار وإعطاءه رسماً نهائياً يعبر عن حالته المادية والقانونية، لا يؤدي إلى تعطيل حركته وشلها، بل الغرض من ذلك هو تسهيل تداوله بخلق شعور الأمان والاطمئنان والثقة لدى المتعاملين معه ، لهذا حصر المشرع المغربي على مواكبة تحيين الرسوم العقارية ونقلها من الجمود إلى الحركة من خلال وجوب إخضاع العقارات المحفظة التي أسست لها رسوم عقارية لإجراءات التقييد أو التقييد الاحتياطي أو التشطيب، حيث يصبح إشهار كل التصرفات القانونية والمادية المتعلقة بها أو بمالكها، وكذلك كل تغيير أو إبطال أو انقضاء واجباً، ومن ثم يصبح الحق الذي يتم تقييده موجوداً وثابتاً، أما الحق الذي لا يقعُ تقييده فيظلُ متأرجحاً بين العدم والوجود إلى أن يتم تقييده فيصبح نتيجة لذلك محتجاً به في مواجهة الكافة .
ومسألة تحديد مفهوم الرسوم العقارية غير المحينة قد تقاربت في مجملها وإن كانت قد عرفت تنوعاً من حيث المبنى والمعنى، فإذا كان أحدهم يعتبرها رسوماً عقارية لا تتطابق وضعيتها القانونية الحقيقية والواقعية للعقار نظراً لغياب تحيين للسجل العقاري أو استحالة القيام بذلك بتدخل عادي من طرف إدارة المحافظة العقارية التي تمسك السجلات العقارية، فإن مدلول الرسم العقاري غير المحين يعني عند الأخر “هو كل رسم عقاري يقتضي إدخال التعديلات عليه بوسيلة قضائية لحفظ الحقوق الشرعية لأصحابها وهو ما يفترض عدم وجود تنازع أصلي فيه، وتأسيساً عليه يكون الرسم العقار المجمد هو كل الرسوم العقارية مبدئياً عدا الرسوم التي لا تستدعي تدخلاً قضائياً لرفع صعوبات التقييد في خصوصها لأنها محينة ليس بعمل قضائي بل بعمل قانوني ”
إن المشرع المغربي قد عمل على تنظيم مقتضيات تحيين الرسوم العقارية بمجموعة من النصوص القانونية لعل أهمها ما تضمنه القسم الثاني من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 حيث يتعلق هذا القسم الثاني بإشهار الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقارات المحفظة وتقييدها في السجل العقاري بدءً من الفصل 65 إلى الفصل 103، إضافة إلى المرسوم رقم 2.13.18 الصادر في 16 من رمضان 1435 (14 يوليو 2014) في شأن إجراءات التحفيظ العقاري ، وكذا بعض الفصول من القرار الوزيري الصادر في 20 من رجب 1333 (3 يونيو 1915) بشأن تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري والقرار الوزيري المؤرخ في 21 من رجب 1333 (4 يونيو 1915) المنظم لمصلحة المحافظة العقارية، وفي بعض جوانبه بعض فصول القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية ، وغيرها من النصوص القانونية ذات الإرتباط بموضوع عدم ملاءمة الرسوم العقارية للقانون والواقع.
ومشكل عدم تحيين الرسوم العقارية ليس بحديث العهد، وإنما ولد مع سن ظهير التحفيظ العقاري، وهو ما جعله محل أشغال لجنة الإصلاح العقارية المنعقدة سنة 1937، كما قامت مصالح المحافظة العقارية آنذاك بإجراء تجربة ميدانية لحل هذا المشكل في محافظتي الرباط والدار البيضاء بمنطقتين محددتين بهما، حيث تم التوصل إلى نتائج لا بأس بها وذلك بمساعدة السلطات المعنية .
وتجدر الإشارة إلى أن المعالجة المعلوماتية لمعطيات السجل العقاري قد كشفت أن نسبة تتراوح بين 30 في المئة و 40 في المئة من الرسوم العقارية غير المحينة ، كما أنه جاء في بحث أقيم بمنطقة الغرب في إطار السجل الوطني العقاري أن 50 في المئة من الرسوم العقارية لا تعكس الحالة الحقيقية للقطع التي تم إحصائها، نظراً لعدم تقييد مختلف عقود التفويت .
وإذا كانت إشكالية عدم ملاءمة الرسوم العقارية لحقيقتها القانونية والواقعية قد تبدو بسيطة من الناحية النظرية مادام المشرّع المغربي قد ألزم إشهار الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقارات المحفظة وتقييدها في السجل العقاري، بجعل بيانات الوضعية المادية والقانونية والتحملات للرسم العقاري مطابقة لحقيقة الواقع، فإن طلبات التقييد المعطلة في الواقع العملي تَنُمُ عن انتشار ظاهرة الرسوم العقارية غير المحينة خاصة في ظل تطور نسبة عدد الرسوم العقارية التي يتم إنجازها وانخفاض نسبة التقييدات بالسجلات العقارية التي يتم إيداعها.
من خلال ما تقدم يظهر بأن دراسة وتحليل أسباب عدم تحيين الرسوم العقارية والحلول الكفيلة للحد منها يكتسي أهمية كبيرة سواء على المستوى النظري أو العملي.
فعلى المستوى النظري نجد بأن شكلية إشهار الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقارات المحفظة، والتي تُلْزم الأطراف باتباع إجراء محددة لتحقيق علنية التصرفات القانونية أصبحت غير قادرة على توفير عنصري الأمان والثقة في المعاملات العقارية التي تؤسس بناءً على ما هو مُقيد بالرسم العقاري بسبب ما آلت إليه الرسوم العقارية من وضعية لا تعكس حقيقتها القانونية والواقعية.
أما الأهمية العملية فغالباً ما تنشأ منازعات بين عدة أطراف لها نفس الحق العيني العقاري على نفس الرسم العقاري تعذر عليهم تقييد حقوقهم، فساهموا في شل حركة الرسوم العقارية وتجميدها بخلق سلسلة من التصرفات القانونية والوقائع المادية خارجة عن نطاق ما هو مدون بالرسم العقاري يفتقدُ إلى أهم مبادئ نظام التحفيظ العقاري المتمثل في العلنية والإشهار.
انطلاقاً من المعطيات الواردة أعلاه، فإن موضوع “ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية: الأسباب والحلول” يثير الإشكالية المحورية التالية:
إلى أي مدى ساهمت مختلف العوامل القانونية والواقعية في تكريس ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية المحورية مجموعة من الإشكالات الفرعية، نتساءل من خلالها عن: – ما هي أهم الأسباب الحقيقية التي أدت إلى عدم تحيين الرسوم العقارية؟
– ما هي الوسائل الكفيلة للحد من ظاهرة جمود الرسوم العقارية وتحيينها؟
ومن أجل معالجة هذه الإشكالية نقترح التصميم التالي:
المبحث الأول: أسباب عدم تحيين الرسوم العقارية
المبحث الثاني: الحلول الكفيلة لتحيين الرسوم العقارية

المبحث الأول: أسباب عدم تحيين الرسوم العقارية
لئن تعددت الأسباب التي ساهمت في شل حركة الرسوم العقارية، فإن تلك القانونية تعدُ الأكثر تكريساً لظاهرة الرسوم العقارية الجامدة، لذلك سنتعرف على مظاهر القصور التي تعتري القوانين العقارية العامة (المطلب الأول)، قبل اكتشاف مظاهر القصور التي تعتري القوانين العقارية الخاصة (المطلب الثاني).
المطلب الأول: مظاهر القصور في القوانين العقارية العامة
من بين أهم النقط المؤثرة والمنتجة لحالة عدم تحيين الرسوم العقارية، والتي لم يعالجها المشرع المغربي في ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 بنوع من الوضوح، نخص بالذكر: آجال التقييد بالرسوم العقارية (الفقرة الأولى)، وانتقال الحقوق عن طريق الإرث والوصية (الفقرة الثانية)، وقسمة العقار جزئياً (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: آجال التقييد بالرسوم العقارية
لقد أقر المشرع المغربي مبدأ إجبارية التقييد بالنسبة لكل الوقائع الإرادية والاتفاقات التعاقدية الناشئة بين الأحياء والرامية إلى تأسيس حق عيني عقاري، لكنه في نفس الوقت لم يحدد في الأصل أي أجل قانوني يفرض على أصحاب الحقوق للقيام بهذا التقييد خلاله طبقاً لما هو وارد في النص الأصلي للفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري – وبمعنى آخر فإن أصحاب الحقوق الخاضعة للتقييد لم يكونوا مقييدين في البداية بمدة محددة يجبرون فيها على إجراء تقييد حقوقهم، وكثيرهم الأشخاص الذين اعتمدوا على هذه السلبية للتماطل عن تقييد حقوقهم في بعض الحالات ، مما حث المشرع على التدخل لإضافة الفصل 65 مكرر بواسطة مرسوم بمثابة قانون رقم 08.68 الصادر بتاريخ 10 جمادى الأول 1388 (5 أغسطس 1968) وذلك من أجل إلزام المتعاملين العقارين وجبرهم على تقييد حقوقهم داخل أجل يتراوح بين ستة أشهر إلى تسعة أشهر تحت طائلة غرامة مالية توازي مبلغ التقييد ثلاث مرات.
ولا شك أن هذا التعديل الأخير لا يخدم إطلاقاً مسألة تحيين الرسوم العقارية وتخليصها من وضعية الجمود نظراً لأن أجل ثمانية عشرة شهراً للقيام بالتقييد هو أجل طويل ويغيب عنه الطابع الإلزامي، هذا ما دفع المشرع إلى إعادة النظر في أجل التقييد وطريقة فرض الغرامة حيث تم تحديد أجل التقييد في الفصل 65 مكرر من ظهير 12 غشت 1913 كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 في مدة ثلاثة أشهر وإذا لم يطلب التقييد بالرسم العقاري ولم تؤدى رسوم المحافظة العقارية داخل هذا الأجل تطبق غرامة تساوي 5 في المائة من مبلغ الرسوم المستحقة عن الشهر الأول الذي يلي تاريخ انقضاء الأجل و 0.5 في المائة عن كل شهر أو جزء من الشهر الموالي.
إن المشرع المغربي تطرق إلى أجل القيد في إطار مقتضيات الفصل 65 مكرر من ظهير التحفيظ العقاري المشار إليه أعلاه في إطار ما يعرف بغرامة التأخير ليتضح بأن الأجل المنصوص عليه في هذا النص هو أجل مفروض من أجل تفادي غرامة التأخير وليس أجل سقوط أو انقضاء الحق في القيد بالسجلات العقارية، ذلك أن عدم احترامه لم ولن يكلف المعني بالأمر إلا مجرد غرامة أي رسوم تقييد إضافية .
إضافة إلى أن القضاء المغربي يسير في اتجاه أن التقييد بالرسوم العقارية لا يخضع لأجل معين كمبدأ عام وهو حق مستمر في الزمن ولا يطاله التقادم، وهو ما أكدت عليه محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 5 ماي 1951 جاء فيه ما يلي: “إن القانون العقاري لم يفرض أي أجل على المشترين لحقوق عينية عقارية لكي ينجزو تقييدها وأن المحافظ لا يمكنه أن يرفض تقييد عقد طلب منه بكيفية قانونية ونظامية مهما كان تاريخ هذا العقد” .
ونعتقد بأن رسوم التقييد الإضافية الناتجة عن غرامات التأخير الزهيدة تؤدي إلى تزايد مشكل جمود الرسوم العقارية وتماطل المتعاملين العقارين في تحيين سجلاتهم العقارية، لذلك حبذا لو أن المشرع المغربي إضافة إلى إعتماده إجبارية التقييد يتعين أن يواكبها بأجال قانونية صارمة تؤدي إلى غرامة قاسية في حالة التأخير وإلى سقوط الحق في حالة التماطل غير المبرر.
الفقرة الثانية: انتقال الحقوق عن طريق الإرث والوصية
بقراءة متأنية لمضمون الفصول 65 و 66 و 67 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 نلاحظ بأنها تركز على التصرفات المبنية على سلطان الإرادة والاتفاقات التعاقدية الناشئة بين الأحياء ولم تتم الإشارة في هذه المقتضيات إلى إشهار بواسطة تقييد التركات والوصايا التي تعتمد كل منهما على واقعة الوفاة.
ولئن كان المشرع المغربي قد أفرد فصلاً خاصاً لتقييد التركات والوصايا وهو الفصل 82 من ظهير 12 غشت 1913 في صيغته القديمة، فإنه لم يجبر الورثة على تقييد التركة في اسمهم، ويتجلى عدم الإجبار هذا من خلال العبارة الأولى الواردة في الفصل 82 “إذا رغت الورثة…”، كما أنه لم يرتب أي أثر مسقط على عدم التقييد كما هو واضح من الفصل 65 مكرر أما التركات فقد سكت عنها، ويحمل هذه السكوت على عدم تقييد الورثة بأجل معين .
وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 82 من نفس الظهير المومأ إليه أعلاه بعد التعديل نجدهُ يُؤكد أنه لتقييد الحقوق العينية العقارية المترتبة على الإرث، يجب على الورثة أوالموصى لهم أن يقدموا للمحافظ طلباً للتقييد مدعماً بكل الوثائق المبينة لانتقال الملكية، فمن خلال هذا النص يبدو أنه ليس هناك أي إلزام لتقييد الحقوق الإرثية وإنما الإلزام ينصب على ضرورة الإدلاء بالوثائق لكل من أراد الاستفادة من تقييد هذه الحقوق، لأن المبدأ المتعارف عليه فقهاً أن الحقوق الإرثية تنتقل بفعل الوفاة بعد سداد الديْن وأداء الوصايا .
ونجد قضاء محكمة النقض في القرار عدد 419-3 الصادر بتاريخ 24 شتنبر2013 يؤكد على أن: “الحق الموروث على العقار المحفظ لا يتوقف انتقاله إلى الورثة على تقييده بالرسم العقاري، ومن ثم تثبت صفة التداعي فيه للورثة قبل إجراء التقييد، بدليل أن التصرفات الناشئة بين الأحياء هي التي يجب أن تشهر طبقاً للفصل 65 من قانون التحفيظ العقاري “.
وهذا يعني، أنه في ظل عدم اتخاذ الورثة مبادرة اختيارية لتقييد حقوقهم الإرثية سيظل الرسم العقاري جامداً في اسم مورثهم الذي انتقل إلى عالم الأموات، الأمر الذي يثير إشكاليات في حالة تفويت أحد الورثة لحقه المشاع أو بيع جميع الحقوق الإرثية المشاعة لفائدة شخص أخر، وهذا الأخير يبيعُ حقه لطرف أخر، فإذا علم المشتري الأخير بوضيعة العقار المحفظ وأراد تقييد حقه بالرسم العقاري، سيجدُ وضعاً معقداً ناتجاً عن عدم احترام مبدأ تسلسل التقييدات، فهل سيظطر إلى رفع الدعوى في مواجهة الورثة الذين سيدفعون بانعدام الصفة؟ أم سيتم رفع الدعوى في مواجهة الهالك المتوفى ويكون مصيرها عدم القبول؟ أم سيباشر إجراءات دعوى إتمام البيع مع إدخال الورثة؟ علماً بأن جميع هذه الإجراءات تستغرق وقتاً طويلاً في البحث وتكلفة في المصاريف، كان في وسع المشرع المغربي تفاديها لو أنه تبنى الموقف الإيجابي الذي سلكه نظيره التونسي من خلال مقتضيات الفصل 373 من مدونة الحقوق العينية التونسية التي جاء فيها ما يلي: “… ولا يجوز للورثة أو الموصى لهم إجراء أي تصرف قانوني في حق عيني مشمول بالتركة أو الوصية حسب الحال قبل تقييد انتقال الملكية بالوفاة”.
الفقرة الثالثة: قسمة العقار جزئياً
للشياع سلبيات تنتجُ عنها مشاكل كثيرة، تعصف بما ينبغي أن يسود بين الشركاء من تآلف وتفاهم، ولو في إطار المصلحة المشتركة لاختيار أحسن الوسائل لاستغلال المال الشائع إضافة إلى تقييد حرية كل شريك في استغلال ما يملكه كما يشاء، مما يؤدي إلى إهماله وتقصير أهله في المحافظة عليه، الأمر الذي يكون له أثر وخيم على مردوديته .
لهذا خول المشرع المغربي للشريك الحق في طلب قسمة العقار حتى لا يجبر أحد على البقاء في الشياع، وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الأثر عملاً بأحكام المادة 27 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
وبالنسبة لأهم أنواع القسمة، فيمكن القول أن هذه الأخيرة تتخذ أصناف حسب مصدرها، طبيعتها، آثارها، وشموليتها ، لكن ما يهمنا في هذا المقام هو القسمة العقارية التي تتم إما بالتراضي وإما بحكم قضائي.
فالقسمة الرضائية هي التي تتم بناءً على اتفاق جميع الشركاء في شكل محرر رسمي أو محرر عرفي ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامٍ مقبول لدى محكمة النقض طبقاً لأحكام المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية مستوفياً لكافة شروط وأركان التعاقد من أهلية كاملة وتراضٍ صحيح خالٍ من العيوب وعدم مخالفة الضوابط والقوانين الجاري بها العمل في تقسيم العقارات مع ما يستوجب بعد ذلك من إجراء تقييد القسمة متى كان العقار محفظاً.
أما القسمة القضائية فهي التي تتم بموجب حكم قضائي بناءً على طلب أحد الشركاء عندما يتعنتُ أحد المتقاسمين أو بعضهم في إجراء قسمة رضائية أو في حالة كان أحد الشركاء المتقاسمين قاصراً أو غائبأً.
والقسمة العقارية المنصبة على العقار المحفظ سواء كانت رضائية أو قضائية وجب إشهارها بواسطة تقييد بالرسم العقاري المعني طبقاً لمقتضيات الفصل 65 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07، لكن في الواقع غالباً ما يتقدم الأطراف المتقاسمين بطلبات لتقييد حقوقهم المفرزة التي آلت إليهم جراء القسمة على فترات زمنية متفرقة، بل قد يتقدم أحدهم أو بعضهم بطلب التقييد بينما يرجئ أخرون طلب التقييد، مما يتسبب في رسوم عقارية محينة ورسوم عقارية جامدة، وتجسيداً لحالتها في الواقع العملي، لنفترض بأن السيد عمر والسيد زيد يمتلكان مناصفة بينهما الرسم العقار (أ) والرسم العقاري (ب) فتقدم السيد عمر بطلب تقييد عقد القسمة الذي خرج بموجبه بالرسم العقاري (أ) بينما السيد زيد الذي آلت إليه ملكية الرسم العقاري (ب) بموجب نفس العقد لم يودع طلب تقييده لدى المحافظ على الأملاك العقارية، فإذا قام المحافظ بتقييد الطلب المقدم إليه سيصبح الرسم العقاري (أ) في اسم السيد عمر بينما الرسم العقاري (ب) سيظل على الشياع مناصفة بين السيد عمر والسيد زيد، مما ينتج عنه رسم عقاري غير معبر عن الوضعية الواقعية للعقار.
أمام هذه الوضعية القانونية الشاذة التي تسبب إشكالية عدم تحيين الرسوم العقارية، وترتب آثار وخيمة على نظام التحفيظ العقاري، تدخل المحافظ العام في إطار إختصاصه الأصيل المتعلق بتوحيد الرأي الإداري بواسطة الدورية عدد 271 المؤرخة في 12 ماي 1976 عالج من خلالها هذا الإشكال المثار، وذلك بإجازته للمحافظين على الأملاك العقارية إمكانية التقييد الجزئي للقسمة شريطة إدراج تقييد هامشي بالرسوم العقارية المرتبطة بعقد القسمة المودع والتي لم تقدم بشأنها طلبات للتقيد، مضمنها مجرد تنبيه كافة العموم بأن الرسم العقاري المعني لم يعد بمقتضاه السيد فلان مالكاً لأي حق يذكر، كما أن المحافظ العام تبنى نفس الموقف بموجب المذكرة عدد 677 المؤرخة في 30 أبريل 1980، وأكد على نفس التوجه بناءً على الدورية عدد 306 المؤرخة في بتاريخ 2 نونبر 1987 عندما تمت استشارته في شأن إمكانية تقييد قسمة بشكل جزئي متعلقة بعقار واحد في حالة معارضة التقييد الكلي للقسمة من طرف أحد المالكين على الشياع المتقاسمين، فكان جوابه: إجازة التقييد الجزئي للقسمة إعمالاً للدورية عدد 271 السابقة الذكر، مُعللا موقفه بضرورة ضمان تحيين الرسوم العقارية موضوع طلبات التقييد الجزئية المودعة.
إلا أن مؤسسة المحافظ العام قد تراجعت عن موقفها السابق الداعم للتقييد الجزئي للقسمة بموجب الدورية عدد 356 المؤرخة في 21 سبتمبر 2006 مبرراً موقفه بأن: التقييد الجزئي للقسمة يخالف إرادة الأطراف أو الغاية من الحكم القضائي الصادر بالقسمة، كما أنه لايستند إلى أي أساس قانوني ولا يرقى إلى مرتبة التقييد المؤسس للحق العيني أو الناقل له.
ليتضح لنا بشكل جلي أن الدافع الأساسي لنشوء حالة من الرسوم العقارية غير المحينة هو محاولة المحافظ العام الالتزام بالضرورة القانونية المتجلية في وجوبية احترام مضمون عقد القسمة الرضائية المحررة في عقد أساسه الالتزامات المتبادلة إعمالا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين كما نص على ذلك الفصل 230 من ظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بقانون الالتزامات والعقود .
ولقد ترتب عن رفض التقييد الجزئي للقسمة نشوء حالات عديدة لرسوم عقارية غير محينة نتيجة رفض المحافظين تقييد عقود القسمة المودعة لديهم في إطار طلبات تقييد مقدمة من أحد المتقاسمين دون باقي الأطراف إما سبب ظروف خاصة أو بسبب منازعتهم لطالب القسمة الذي بادر إلى إقامة دعوى الخروج من الشياع، الأمر الذي شكل صعوبة قانونية تحول دون تقييد وإشهار الحقوق المفرزة الناجمة عن القسمة ، مما دفع بالمحافظ العام إلى مراجعة موقفه الأخير بشكل جزئي بناءً على الدورية عدد 394 تحت رقم 9373 المؤرخة في 05 أغسطس 2013 التي أجاز بموجبها الإستجابة لطلبات التقييد الجزئي للقسمة القضائية بعلة: أن طلبات التقييد الجزئي للقسمة تستند إلى أحكام قضائية نهائية كاشفة لحق المتقاسم صدرت على إثر دعوى ترفع حتى وإن عارض أحد الشركاء، وأن هذه الأحكام غالباً ما تكون مرفقة بمحضر التنفيذ بالإضافة إلى تقرير الخبرة وتصميم منجز من طرف خبير تبين القطعة التي اختص بها المتقاسمون … مع ضرورة التنصيص في بيان التقييد على أن المتقاسم المستفيد لم يعد مالكاً بالعقار موضوع القسمة … كما يتعين عليكم عند مباشرة التقييد الجزئي المشار إليه التشطيب على المستفيد من القسمة بواسطة تقييد بالرسوم العقارية التي لم يعد مالكاً مقيداً بها…”.
بينما حافظ على موقفه السابق الرافض للتقييد الجزئي لطلبات القسمة الاتفاقية لأن مصدرها هو إرادة الأطراف التي تتوافق على إنشاء إلتزامات تعاقدية متبادلة فيما بينهم، تخضع لمقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود، مما يجعل مقتضيات الدورية عدد 356 المشار إليها أعلاه تبقى سارية المفعول بالنسبة لطلبات تقييد هذه القسمة.
المطلب الثاني: مظاهر القصور في القوانين العقارية الخاصة
تساهم بعض القوانين العقارية الخاصة في ظاهرة جمود الرسوم العقارية وعدم مطابقة حقيقتها القانونية لحقيقتها الواقعية، ومن أهمها: الظهير الشريف المتعلق بضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض كما وقع تغييره وتتميمه (الفقرة الأولى) والقانون رقم 34.94 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية (الفقرة الثانية) والقانون رقم 25.09 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: ضم الأراضي الفلاحية
لما كانت الغاية الأساسية من عملية ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض هو تحسين أساليب استغلالها بجمع وإعادة ترتيب القطع المبعثرة أو المجزأة أو التي لها شكل منتظم لتتكون منها أملاك موحدة الأطراف أو أملاك محتوية على قطع أرضية كبيرة منسجمة الشكل ومضموم بعضها إلى بعض تساعد على الولوج إلى ريها وصرف المياه منها وبوجه عام تكون صالحة للاستفادة من التحسينات العقارية الممكن إدخالها عليها، كان منطقياً أن يأتي الظهير الشريف رقم 1.69.25 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) بمثابة ميثاق للاستثمارات الفلاحية ليحد من تجزيئ وتفتيت الملكية العقارية المشمولة بعمليات ضم الأراضي الفلاحية بالمجال القروي.
إذا كان القانون يسن قواعد ملزمة يتعين على المخاطبين بها التقيد بها واحترامها، على غرار ما نص عليه في الفصل الرابع من ظهير ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض من أن جميع العمليات العقارية ذات المصدر الإرادي تصير ممنوعة بمجرد نشر إعلان بإيداع البيان والتصميم التجزيئيين للقطع الأرضية موضوع عملية الضم من قبل المحافظ العقاري لدى السلطة المحلية بالجريدة الرسمية، وإلى غاية نشر مرسوم المصادقة على مشروع الضم بنفس الجريدة، فإن هذه القواعد النظرية الصرفة لا تكون دائماً محصنة من المخالفة والخرق من قبل المعنيين بها، ولا تحظى من قبلهم في الغالب الأعم بواجب الاحترام، خاصةً في زمن أصبحت سمته البارزة نزوح الأفراد نحو مخالفة القوانين المقيدة لإرادتهم التعاقدية للقيام بالعمليات التي ترتئيها إرادتهم على حقوق ملكيتهم العقارية .
وإذا كان أحد الباحثين يرى بأن تشجيع التحفيظ الجماعي في إطار عملية الضم يمكن أن يساهم في تحيين العديد من الرسوم العقارية الجامدة للعقارات المحفظة الخاضعة لعمليات الضم، وذلك لأن المشرع ألزم من خلال مقتضيات ظهير ضم الأراضي الفلاحية ل 25 يوليوز 1962 أرباب العقارات المحفظة بتقديم الرسوم العقارية لعقاراتهم بغية مطابقتها مع تصاميم الضم التي أصبحت للهياكل بعد إجراء عملية الضم، فإن هذا الطرح سرعان ما يتبدد أمام ما أظهره الواقع من مساهمة غير مباشرة لهذا القانون في تجميد الرسوم العقارية، وتفسير ذلك أن المادة 4 مكرر من ظهير 25 يوليوز 1969 تمنع تحت طائلة البطلان، جميع الاتفاقات الإرادية بالمجان أو بعوض والتي من شأنها التفويت الكلي أو الجزئي أو مبادلة أو قسمة الأراضي الواقعة بدائرة ضم الأرضي، في الفترة بين النشر بالجريدة الرسمية لإعلان الإيداع لدى السلطة المحلية للائحة والتصميم التجزيئيين وإلى غاية نشر مرسوم المصادقة على مشروع الضم .
ولا ريب أن هذه الفترة قد تأخد زمناً قانونياً قد يطول بسبب عدم نجاعة مسطرة الضم وتعقد إجراءاتها أحياناً، مما يدفع بالكثير من أرباب الملاك إلى إبرام تصرفات قانونية ومعاملات عقارية مستتيرة لا تظهر في بيانات الرسوم العقارية خلال فترة المنع، لأن المحافظ على الأملاك العقارية سيرفض تقييد هذه التفويتات بالسجل العقاري عند التحقق من الوثائق المقدمة إليه .
وأمام لجوء العديد من أرباب المالكين لرسوم عقارية في قطاع الضم إلى إبرام تصرفات قانونية في الخفاء تعطل مبدئياً آثار العقد خلال فترة المنع المنصوص عليها في الفصل 4 مكرر من ظهير 25 يوليوز 1969 كما وقع تغييره وتتميمه، عمد بعض المحافظين إلى قبول تقييد تلك التصرفات الإرادية الممنوعة شريطة إشفاعها بعقود ملحقة لها يتم إنشاؤها عقب صدور مرسوم المصادقة على الضم بعلة تحيين وضعية تلك الرسوم العقارية وعدم تركها جامدة لا تعكس حقيقة وضعيتها الواقعية، الأمر الذي آثار حفيظة المحافظ العام فوجه إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية والرهون المذكرة رقم 08691 بتاريخ 08 غشت 2009 للعدول عن هذا التصرف لأنه مخالف للقانون، ومذكراً إياهم في هذه المسألة بقرار المجلس الأعلى للقضاء تحت عدد 1264 بتاريخ 29 مارس 2000 يؤيد قرار محكمة الاستئناف بمكناس رقم 3230 الصادر بتاريخ 10/10/1996 المؤيد للحكم رقم 05 الصادر عن ابتدائية مكناس بتاريخ 08/01/1996 والذي قضى ببطلان العقد المنشئ خلافاً لمقتضيات الفصل 4 مكرر وكذا بطلان العقد الملحق به مع أمر السيد المحافظ على الأملاك العقارية بالتشطيب على التقييدات التي دونها بناءً عليهما بالرسم العقاري المعني، وهذا ما أكد عليه المجلس الأعلى سابقاً – محكمة النقض حالياً – عندما قضى ببطلان عقود البيع المنجزة خلافاً لمقتضيات الفصل 4 مكرر من ظهير 25 يوليوز 1969 .
وترتيباً عليه، وبعد المصادقة على مشروع الضم، وبعد التحايل على القانون لإنجاز تصرفات قانونية مستتيرة تقع تحت طائلة المنع القانوني عند إشهارها يكون العقار قد انتقل بموجب هذه التصرفات الخفية إلى ملاك متعددين، دون أن تكون الوضعية القانونية للرسوم العقارية تعكس حقيقتها الواقعية.
الفقرة الثانية: القانون رقم 34.94 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية
لقد سن المشرع المغربي مقتضيات قانونية تهدف إلى حماية الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية من تفتيت وتقسيم الملكية العقارية بعد صيانتها وتجهيزها من طرف الدولة.
ولما كان الأصل أنه يمكن لمالك العقار التصرف في حقوقه العينية العقارية دون أي قيد أوشرط، ولما كانت القاعدة المقررة قانوناً وفقهاً وقضاءً أنه لا يجبر أحد على البقاء في الشياع، ويمكن لكل شريك أن يطلب القسمة متى شاء وكل شرط يخالف ذلك يكون باطلاً، فإن هناك استثناء، على هذا الأصل، وعلى هذه القاعدة، يتمثل في إجبارية البقاء على الشياع متى كانت قسمة الرسم العقاري المشاع في دوائر الري يؤدي إلى إحداث تقسيمات تقل مساحتها عن خمسة هكتارات.
إذا كانت غاية المشرع المغربي من سنه للقانون رقم 34.94 هو الحد من ظاهرة التقسيم العشوائي للملكية العقارية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية بهدف الترشيد والتدبير المعقلن لقطاع الأراضي الفلاحية المنتجة، فإن هذا يتنافى والقاعدة العامة التي تجيز القسمة ولا تجبر أحد الشركاء على البقاء في الشياع عملاً بأحكام المادة 27 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
إضافة إلى أن تزاحم حقوق أكثر من مالك على العقار المشاع من شأنه أن يؤدي إلى نزاع أو خلاف بين الشركاء فيما يتعلق بمباشرة كل شريك سلطانه واستيفائه لحقوقه في العين المشتركة تصرفاً واستعمالاً واستغلالاً ، كما أن الاستثمار العقاري في الميدان الفلاحي لم يكن في يوم من الأيام رهين بتوفر مساحات شاسعة بقدر ما لهم إرتباط باعتماد أساليب التكنولوجيا الحديثة التي تتماشى مع خصوصة كل منطقة، فضلاً عن كون الملكيات الواقعة في هذه الدوائر في معظمها ملكيات صغيرة الحجم، وبالتالي فإن تطبيق منع قسمتها إلى قطع تقل عن المساحة الدنيا المحددة سوف يتسبب في تجميد المعاملات العقارية داخل هذه الدوائر مما قد يساعد في تعميق ظاهرة المعاملات غير المصرح بها وخلق صناعة عقارية غير مطابقة للواقع، أو على توسيع نظام الملكية الشائعة للعقارات، مع ما يترتب عن ذلك من نزاعات وصعوبات في التدبير وواقع سلبي على الاستثمار .
كل الصعوبات المتواجدة في القانون رقم 34.94 التي تمنع قسمة العقارات الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية، والآثار السلبية التي قد تتولد عن حالة الشياع، أدت إلى جمود في المعاملات العقارية والاتفاقات التعاقدية بشأن هذه العقارات، وتسببت في عدم تحيين العقارات المحفظة الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية، كما أن تعذر تقييد التصرفات العقارية التي لا تستجيب لمقتضيات القانون رقم 34.94 جعل واقع تلك الرسوم العقارية لا تعكس حقيقتها على أرض الواقع، مع وجود نزاعات عقارية بين المتعاقدين أحياناً بشأن عقود تم توثيقها سراً في الخفاء لم يقع إشهارها بسبب عدم انسجامها مع القانون رقم 34.94.
الفقرة الثالثة: القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم
العقارات
لقد أكد المشرع المغربي في المادتين 18 و 22 من القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات على أن إحداث التجزئات العقارية مشروط بالحصول على إذن إداري سابق، لا يمكن منحه للمجزئ إلا كان مشروع تجزئته ينص على إحترام مجموعة من أشغال التجهيزات الأساسية المحددة في القانون، وغيرها من التجهيزات الجماعية والمنشآت ذات المصلحة العامة، وتكون جميع هذه الأشغال بعد انتهائها محل تسلم مؤقت وتسلم نهائي.
كما أقر ضمانة قانونية مهمة تتمثل في أنه لا يجوز للعدول والموثقين والمحافظين على الأملاك العقارية ومأموري إدارة التسجيل والجهات المخول لها الإشهاد على صحة الإمضاءات أن يحرروا أو يتلقوا أو يسجلوا أو يشهدوا على صحة إمضاءات العقود المتعلقة بعملية من عمليات البيع أو القسمة المشار إليها في المادة 58 من نفس القانون المشار إليه أعلاه ما لم يكن مصحوباً بالإذن المنصوص عليه في نفس المادة أو بشهادة من رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية تثبت أن العملية لا تدخل في نطاق تطبيق هذا القانون.
وترتيباً عليه، يلزم المجزء عند إيداع طلب تقييد محضر التجزئة العقارية أن يدلي بالوثائق التالية :
• رخصة التجزية مسلمة من طرف رئيس الجماعة الحضرية أو القروية المعنية بالأمر.
• ملف تقني ينجز من طرف مهندس مساح طبوغرافي ينتمي إلى القطاع الخاص مسجل بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين ومصادقاً عليه من طرف مصلحة المسح العقاري المختصة طبقاً لقتضيات المادة 17 من المرسوم الصادر في 14 يوليو 2014 في شأن إجراءات التحفيظ العقاري.
• محضر تحديد التجزئة موقع من طرف المهندس المساح الطبوغرافي المذكور وصاحب التجزئة ومصادق عليه من طرف مصلحة المسح العقاري المختصة.
• كناش التحملات موقع من طرف صاحب التجزئة والسلطة البلدية وباقي الإدارات المتدخلة.
• محضر التسليم المؤقت مسلم من طرف لجنة التسليم التابعة للجماعة.
• تصميم التجزئة مصادق عليه حامل لعبارة غير قابل للتغيير.
• طلب تقييد التجزئة وتأسيس رسوم عقارية لكل بقعة على حدة.
• الإدلاء بنظير الرسم العقاري عند الإقتضاء.
والإشكال الذي يطرح أنه كثيراً ما يتعذر على المعني بالأمر الحصول على هذه الوثائق والرخص من السلطة المحلية أو غيرها مما يدفع بالمجزئين وغيرهم إلى التقاعس عن متابعة إجراءات التقسيم والتقييد، مما يؤدي إلى خلق مشكل عدم تحيين الرسوم العقارية ويدخل عدداً كبيراً من العقارات في دوامة الجمود، ويعطل بالتالي دورها في مسار التنمية .
وأحياناً أخرى قد يتم تنفيذ التجزئة بموجب رخصة مسلمة من قبل الجهات المختصة، لكن دون أن تكون هذه الرخص مؤسسة من الناحية القانونية، لكونها لم تراعي ولم تتقيد بالتأشيرات الواجبة، والرأي الملزم لبعض الإدارات المعنية، مما يجعل بعض المناطق تطغى عليها التقسيمات والتجزئات السرية، بل إن هذه المخالفات تصبح في بعض المدن هي الأصل، في حين تظل التجزئات والتقسيمات القانونية هي الاستثناء .
وبناءً عليه، فإن المالكين الجدد لهذه القطع الأرضية في هذه التجزئات غير المحينة وضعيتها القانونية لا يمكنهم تقييد حقوقهم بالمحافظة العقارية لأن المجزئ لم يقم بإيداع الوثائق القانونية اللازمة قد إستخراج كل قطعة أرضية من الرسم العقاري الأم لتأسيس رسوم عقارية خاصة بكل قطعة، الأمر الذي يؤدي إلى جمود في الرسم العقاري الأم الذي لم تعد بياناته القانونية والمادية تعكس حقيقة القطع الأرضية المتواجدة في الواقع، وهذا ما تنشأ عنه حالات قانونية معقدة، تجعلنا غير قادرين على تتبع مختلف المالكين الذين تعاقبوا على نفس القطعة الأرضية موضوع التجزئة غير المحينة بالمحافظة العقارية.
ونشير إلى أن هناك أسباب واقعية ساهمت في تكريس ظاهرة عدم تحيين العقارات المحفظة، وأهمها المظاهر السلبية لتعدد جهات توثيق التصرفات العقارية وعدم ضمان فعالية الرسم العدلي والمحرر الثابت التاريخ في إشهارالحق العيني بالرسم العقاري.
المبحث الثاني: الحلول الكفيلة لتحيين الرسوم العقارية
إن تحديد أسباب ظاهرة عدم تحيين السجلات العقارية لا يمكن أن يكون بالأمر الاعتباطي بل هو قنطرة عبور نحو إيجاد حلول تمحو حالة الجمود التي وجدت ولا زالت متواصلة ، لذلك لا بد من البحث عن الحلول القانونية لتحيين الرسوم العقارية (المطلب الأول) مع إبراز الحلول التنظيمية التي من شأنها أن تساهم في تحيين الرسم العقاري (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الحلول القانونية لتحيين الرسوم العقارية
نظراً لأهمية الرسوم العقارية في تحريك التنمية الاقتصادية وخلق المشاريع الاجتماعية وتشجيع المعاملات العقارية، فإن هناك بعض الحلول القانونية التي من الممكن اعتمادها لتدارك وحل إشكالية عدم تحيين السجلات العقارية، والتي تتمثل أساساً في اعتماد فرض آجال قانونية صارمة لتقييد الحقوق العينية العقارية (الفقرة الأولى) ثم إجبار العدول والمحامين بتصفية المعاملات العقارية (الفقرة الثانية) ومنح المحافظ سلطة تقديرية لقبول بعض طلبات تحيين الرسوم العقارية (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: فرض أجال قانونية صارمة لتقييد الحقوق العينية العقارية
لقد كان من المنطقي أن يقابل المشرع تقرير إجبارية القيد في السجلات العقارية كما جاء التنصيص عليها بموجب مقتضيات الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري، بتحديد آجالاً واضحة تلزم كل خاضع لها باحترامها تحت طائلة سقوط حقه في ذلك .
إن فرض آجال قانونية صارمة من شأنها جعل أصحاب الحقوق العينية العقارية يبادرون إلى تحيين الرسم العقاري عن طريق تقييد حقوقهم بالسجلات العقارية بشكل استعجالي مادام يعلمون يقيناً أن عدم التزامهم بالأجل المفروض قانوناً سيؤدي لا محالة إلى رفض طلب تقييدهم من طرف المحافظ على الأملاك العقارية بعلة عدم إيداع طلباتهم داخل الأجل، ولا يبقى لهم في حالة رفض طلبهم سوى سلوك مساطر قضائية من أجل استصدار أحكام ترخص لهم بتقييد الحق العيني العقاري وذلك بعد إجراء بحث قضائي وإداري مسبق عن سبب التماطل غير المبرر في تحيين الرسم العقاري.
فالحق العيني العقاري الذي لم يبادر المستفيد منه إلى تقييده بالرسم العقاري يظل حقاً متأرجحاً بين الوجود والعدم، كما أن التماطل في تحيينه في الوقت المناسب قد يصبح تقييده فيما بعد غير ممكن، لذا نعتقد بأن تحديد أجل إلزامي للتقييد في ستين يوماً أسوة بعملية إشهار مطلب التحفيظ مع فرض غرامة مالية تصاعدية بدءً من خمسة في المئة من مبلغ الرسوم المستحقة عن كل شهر تأخير يلي تاريخ انقضاء أجل ستين يوماً و 1.5 في المئة عن كل شهر أو جزء من الشهر الموالي، مع إعطاء أجل قانوني كافي يؤدي إلى إسقاط الحق في حالة عدم التقييد به، من شأنها أن تساهم في تحيين الرسوم العقارية وملاءمة معطياتها القانونية مع المعطيات الواقعية.
الفقرة الثانية: إجبار العدول والمحامين بتصفية المعاملات العقارية
إن الطابع الاختياري لعملية تكليف أحد العدلين من طرف أحد المتعاقدين للقيام بإجراءات التقييد لدى المحافظة العقارية جعل الوثيقة العدلية لا تساهم في تحيين الرسوم العقارية ولا تقوم بنفس الدور الذي تقوم به نفس الوثيقة العصرية، حيث لا يوجد مقتضى قانوني يلزم العدول بالقيام بإجراءت الإشهار والتقييد بالسجلات العقارية، وبذلك فقد تبقى الوثيقة بيد حائزها ولا تضمن بالسجلات العقارية وبالتالي تظل الرسوم العقارية بدون تحيين مما قد يتسبب في خلق معيقات شائكة أحياناً قد يستحيل حلها على الأقل من خلال الوضع القانوني القائم .
كما أن عدم إلزام المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض والمخول لهم إبرام المحررات الثابتة التاريخ للقيام بإجراءات التقييد بالرسوم العقارية، جعل تلك العقود التي يحررونها حبسية أطراف العقد دون أن تجد لها صدى في تحيين الرسم العقاري.
فإلزام العدول والمحامون المخلول لهم إنجاز المحررات الثابتة التاريخ بإجراءات القيد بالسجلات العقارية تحت طائلة مسؤوليتهم الشخصية عن الفعل الإجرائي وعن محتوى العقود التي يحررورنها أسوة بالموثقين سيؤدي حتماً إلى تقييد الحق كما دعت الضرورة لذلك، مما سيترتب عنه لا محالة احترام مبدأ تسلسل التقييدات وتحيين الرسوم العقارية وبالتالي إنشاء سجلات عقارية أمينة تعكس الحالة الراهنة للعقار والحقوق المتعلقة به .
وترتيباً عليه، يعد إجبار أحد العدول منجزي الوثيقة العدلية والمحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض الذي أبرم المحررالثابت التاريخ للقيام بإجراءات تقييد الحقوق العقارية الواجبة الإشهار من الحلول القانونية الكفيلة بتحيين الرسم العقاري وتخليصه من حالة الجمود وملاءمة الوضعية القانونية للسجلات العقارية مع وضعيتها الواقعية، وبالتالي تصبح الوثيقة العدلية والمحرر الثابت التاريخ يحقق فعالية تحيين الرسوم العقارية ويساهم في التصدي لظاهرة جمود الرسوم العقارية أسوة بالدور الفعال الذي تلعبه العقود التوثيقية المنجزة من طرف الموثقين.
الفقرة الثالثة: إعطاء المحافظ سلطة تقديرية لقبول بعض طلبات تحيين الرسوم العقارية
يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بدور مهم وفعال في إنجاز عملية إشهار الحقوق العينية العقارية وتقييدها بالرسم العقاري بيانات موجزة ومؤرخة وممضي عليها من طرفه، لهذا تعتبر عملية التقييد عملية إدارية تتم تحت إشراف المحافظ العقاري ومسؤوليته، وتعد من المهام التشريعية التي حددها له القانون.
فالمحافظ العقاري بالمغرب يتلقى العقود والوثائق، لا لكي يرتبها ويصنفها، كما يفعل محافظو الرهون الرسمية في فرنسا، بل ليحللها، ثم يستخلص منها ما يجب تقييده ببيانات موجزة على مسؤوليته، وهي التي تنتج الآثار الحقوقية للسجل العقاري وترتب الأولوية بين الحقوق المثبتة على العقار الواحد ، وبالتالي يكون المحافظ العقاري المسؤول الأول على تقييد الحقوق العينية العقارية بالرسوم العقارية ومطابقة السجلات وتحيينها حتى تكون حقيتها القانونية ملاءمة مع وضعيتها الواقعية.
إن قوة المحافظ العقاري في تحيين الرسوم العقارية تستمد أساساً من قوة نظام السجل العقاري، لأن هذه السجلات العقارية تظل جامدة في ربائدها إذا لم يكن هناك محافظ عقاري يسهر على تحيينها وحركتها باستمرار طبقاً للقانون.
لكن هذه القوة سرعان ما تتحول إلى ضعف نتيجة التشدد المهول في المسؤولية الشخصية للمحافظ على الأملاك العقارية انطلاقاً من مقتضيات الفصول 72 و 74 و 97 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07، وتؤثر بشكل سلبي في اتخاذ قرارات إدارية برفض طلبات التقييد بناء على أسباب غير منتجة لأي ضرر لحقوق جميع الأطراف المعنية بالرسم العقاري لو أن التقييد قد تم إنجازه، كأحيانا عدم التطابق بين الوثائق المدلى بها لطلب التقييد حيث قد نجد إسم البائع مثلاً في العقد أحمد عيسى بن موحى وبين ما هو مضمن بالرسم العقاي حيث نجد احمد عيسى ابن موحا أو تاريخ ازدياد المالك المقيد بالرسم العقاري حيث نجد في العقد 1/1/1950 في حين ما هو مقيد بالرسم العقاري 1950 علماً أنه نفس رقم بطاقة التعريف الوطنية في العقد والرسم العقاري، وتارةً أخرى نجد في العقد اسم زوجة البائع مليكة الرحماني في حين بيانات الرسم العقاري المليكة رحماني … وأحيانا أخرى في مشتملات الملك حيث نجد في العقد (أرض معدة للبناء) في حين بيانات مشتملات الرسم العقاري (أرض عارية في طور البناء) … فالتشدد في مثل هذه الحالات وغيرها نتيجة الترهيب القانوني التي تثيرها مقتضيات المسؤولية الشخصية للمحافظ تؤدي إلى رفض التقييد وتحيين السجلات العقارية وجمود في وضعية الرسم العقاري إلى حين الادلاء بالوثائق التي توجب المطابقة الحرفية لما هو موجود بالعقد مع ما هو مقيد بالرسم العقاري.
لذلك نعتقد أن التضييق ما أمكن من المسؤولية الشخصية للمحافظ العقاري واعتبارها مبدئياً نفس مسؤولية الموظفين العموميين طبقاً للفصل 80 من قانون الالتزامات والعقود، مع اعطائه سلطة تقديرية لقبول طلبات تحيين التقييد بالسجلات العقارية حسب وضعية وملابسات كل حالة على حدة من شأنه أن يكون سبباً فعالاً في الحيلولة دون جمود السجلات العقارية وملاءمة تحيينها بما يعكس الوضعية القانونية والواقعية للرسم العقاري.
كما أن منح المحافظ على الأملاك العقارية سلطة ملاحظة ما قد يستجد من تغييرات قانونية ومادية على وضعية الرسوم العقارية، والتدخل لدى المعنيين بالأمر قصد إثبات تلك التغييرات وذلك في كل مناسبة تتحاح له مع مده بالوسائل المادية والضرورية للقيام بهذه المأمورية ، سيساهم إلى حد كبير في تحيين سجلات الرسوم العقارية وتيويمها.
المطلب الثاني: الحلول التنظيمية لتحيين الرسوم العقارية
لا شك أن الحلول القانونية وحدها غير كفيلة بمجابهة المرض العضال الذي ينخر في جسد الرسوم العقارية ويصيبها بالجمود ما لم يتم تعزيزها بحلول تدبيرية يتم من خلالها تخطي مجموعة من العقبات التي تقف حجرة عثرة أمام عدم تحيين الرسوم العقارية، وهذه الحلول التنظيمية منها ما له علاقة بالتوعية بأهمية تقييد الحقوق بالسجلات العقارية (الفقرة الأولى) ومنها ما له ارتباط بالتنسيق بين مختلف الإدارات المتدخلة في ميدان العقار (الفقرة الثانية) ومنها ما يرجع إلى الإقتداء بالتجربة التونسية في حل أزمة الرسوم العقارية المجمدة (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: التوعية بأهمية تقييد الحقوق بالسجلات العقارية
تعد حملات التوعية والتحسيس ضمانة فعالة لتحقيق نتائج جيدة وتغيير المواقف السلبية لدى المتعاملين العقاريين وحثهم على تحيين الرسوم العقارية بشكل استعجالي بمجرد تحرير العقود أو إحداث أي وقائع مادية بشأن الرسم العقاري.
فاستغلال وسائل الإعلام المختلفة لإطلاق إعلانات وإشهارات تعرف المواطنين بأهمية التحفيظ والتقييد بالسجلات العقارية ودعوتهم إلى إيداع جميع العقود المتبقاة لديهم قصد تقييدها بالسجلات العقارية، وكذا عقد ندوات بتنسيق مع المحيط الخارجي سواء الكليات أو مع المنعشين العقاريين أو مع قطاع التوثيق والمحاكم والمحاماة، مع سن حوافز بأشكال مختلفة من شأنها أن تدفع بالمتعاملين إلى تحيين رسومهم العقارية كما حدث خلال سنوات 1991 – 1992 – 2001، عندما تم الإعفاء من رسوم الذعيرة .
كما أن التعامل من خلال الثورة الرقمية ساعد في زيادة وعي الأفراد بضرورة إدماج التكنولوجيا في الإدارات العمومية وذلك لتسهيل القيام بالعمليات الإدارية إضافة إلى توفير الوقت والجهد والتكاليف فضلاً عن الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في حماية الملكية العقارية والحرص على الأمن والاستقرار العقاريين .
وإذا كانت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية تتوخى من خلال المرسوم رقم 2.18.2181 المؤرخ في 2 ربيع الآخر (10 ديسمبر 2018) المتعلق بتحديد شروط وكيفيات التدبير الإلكتروني لعمليت التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة بها كما وقع تغييره وتتميمه ، تحقيق عدة أهداف، تتجلى أساساً في تبسيط المساطر وضمان المزيد من الشفافية في تلقي ومعالجة مختلف القضايا التي ترد على مصالحها، ثم تعزيز الضمانات الرامية إلى حماية حق الملكية العقارية وكذا تقليص آجال معالجة الطلبات والإجراءات، بالإضافة إلى الرفع من جودة الخدمات وتقريبها من المرتفقين ، فإن هذه الخدمات الإلكترونية التي تقدمها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية تبقى فئة عريضة من المجتمع المغربي لا يعلمون بحقيقتها كمستجد مهم في نظام التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة به، كما أن هناك فئة أخرى من المتعاملين العقاريين أغلبهم فلاحين في المجال القروي يجهلون الكتابة والقراءة فبالأحرى أن يطلعوا على ما تنشره الجريدة الرسمية من قوانين في مجال التشريع العقاري، لذلك فمن الواجب القيام بحملات للتوعية والتحسيس والإشهار الواسع عبر مختلف مؤسسات الإعلام من أجل التعريف بالمزايا المتعددة للخدمات الإلكترونية التي تقدمها المحافظة العقارية، وهذا ما من شأنه أن يحفز بشكل فعال في حث المتعاملين العقاريين على إيداع عقودهم وطلباتهم قصد التقييد بالسجلات العقارية، وبالتالي المساهمة في تخليص الرسوم العقارية من الجمود وتحيين وضعيتها القانونية بما يتلاءم مع حقيقتها الواقعية.
الفقرة الثانية: التنسيق بين مختلف الإدارات المتدخلة في ميدان العقار
 التنسيق بين مصلحة المحافظة العقارية ومصلحة التسجيل والتمبر
يعتبر التنسيق الإداري بين مصلحة المحافظة العقارية ومصلحة التسجيل والتمبر عاملاً أساسياً في تحقيق التحيين الاستعجالي للرسوم العقارية، حيث أنه سيساهم في تنظيم وتوجيه جميع العقود الاتفاقية المبرمة بشأن العقارات المحفظة قصد دراستها وتقييدها بالسجلات العقارية.
لذلك فإن قيام مصلحة التسجيل والتمبر بإرسال جميع التصرفات والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض بعد استيفاء واجباتها القانونية إلى مصلحة المحافظة العقارية من أجل دراستها وتقييدها من شأنه أن يلعب دوراً فعالاً في تحيين الرسوم العقارية.
ونشير بأن محافظي الرهون بفرنسا والذين هم في نفس الوقت رؤساء مصالح التسجيل يستخلصون في آنٍ واحد حقوق التسجيل على انتقال الملكية وواجبات الإشهار العقاري وهو ما يدعى بالشكلية الواحدة رغم أن فرنسا تأخذ بنظام الشهر العيني .
 التنسيق بين مصلحة المحافظة العقارية ومكتب الحالة المدنية وقاضي التوثيق
إن الانسجام في تدبير تقييد التركات والوصايا بين مصلحة المحافظة العقارية ومكتب الحالة المدنية وقاضي التوثيق من شأنه أن يسرع في وثيرة إشهار تلك الحقوق الإرثية بالسجلات العقارية، فمثلاً عند وفاة الشخص يصرح الورثة بهذه الوفاة، وبعد تلقي ضابط الحالة المدنية لهذا التصريح يقوم بإعداد شهادة الوفاة ويسلم نظيراً منها إلى قاضي التوثيق ليكلف هذا الأخير عدلين بإنجاز رسم الإراثة، ثم يرسل نسخة منها قصد تقييدها بالرسم العقاري .
 التنسيق بين مصلحة المحافظة العقارية والوكالات الحضرية والمكتب الوطني للكهرباء
وغيرها من المصالح التي تعتمد على شهادة الملكية
إن التنسيق بين مصلحة المحافظة العقارية مع مختلف هذه الإدرات عند إبداء رأيها وتقديم أي خدمة تتعلق بعقار محفظ وإلزامها لطالب الإجراء أو من ينوب عنه الإدلاء بشهادة الملكية حديثة مسلمة من طرف المحافظة العقارية من شأنه أن يساهم في تحيين الرسم العقاري، لأنه عند معاينتها وملاحظتها أن العقار المحفظ موضوع طلب الخدمة لا تعكس وضعيته القانونية المثبتة في شهادة الملكية وضعيته على أرض الواقع سترجئ الاستجابة لطلبه إلى غاية تحيين سجله العقاري بالمحافظة العقارية.
وبذلك سياسهم بلا شك تعميم اشتراط شهادة الملكية لدى مختلف المصالح والإدارات عندما يتعلق الأمر بعقار محفظ أو في طور التحفيظ إلى إعطاء نتائج مهمة في مسألة تحديث الرسوم العقارية .
الفقرة الثالثة: الإقتداء بالتجربة التونسية في حل أزمة الرسوم العقارية المجمدة
رغم أن التشريع العقاري التونسي يقوم على مبدأ التقييد القضائي، إلا أن إشكالية الرسوم المجمدة جاءت مشابهة إلى حدٍ ما مع إشكالية عدم تحيين الرسوم العقارية التي أفرزها النظام العقاري المغربي، ورغم اختلاف الأسباب لهذه الوضعية القانونية، نجد أن نفس الاستشكال نشأ في كلتا النظامين والمتمثل في بروز رسوم عقارية أهم ما يطبعها هو حالة الجمود الناجم عنه إخراج العقار من دائرة التعامل واستبعاده بصورة آلية من تطبيق مبادئ مسك السجل العقاري وبالتالي فقدان المصداقية المرجوة، وهذا يعني أن المحافظ العقاري في ظل التزام المراقبة الملقاة على عاتقه سيجد نفسه عاجزاً عن تطبيق مبدأ التسلسل ومراقبة مدى احترامه بالسجلات التي يمسكها، فأي عملية تجري على العقار موضوع الرسم العقاري المجمد هي عملية مرفوضة فهذا الرسم العقاري هو في حكم المعدوم .
وأمام تفاقم ظاهرة الرسوم العقارية المجمدة وانتشارها بشكل لافت للانتباه بادر المشرع العقاري التونسي إلى اتخاذ جملة من الإصلاحات، كان أولها إعادة هيكلة إدارة الملكية العقارية بموجب المرسوم عدد 4 لسنة 1964 المؤرخ في فيفري 1964 المتعلق بتنقيح القانون العقاري وإعادة تنظيم دفتر خانة للأملاك العقارية الذي جاء بإجراءات جديدة ووضع جملة من المبادئ، منها تمكين المحكمة العقارية من النظر في الحالة الواقعية والقانونية لغرض تحيين الرسوم العقارية من خلال التنصيص على ما طرأ على العقار من انتقالات، أيضاً تمكين رئيس المحكمة العقارية من جملة من الصلاحيات تجاوزاً للصعوبات التي تنشأ بعد إقامة الرسوم العقارية والنظر في مطالب الإصلاح في صورة امتناع حافظ الملكية العقارية من تدارك السهو أو إصلاح الغلط الذي تسرب إلى رسوم الملكية ، إلا أن هذا التوجه الإصلاحي لم يمثل حلاً جذرياً ولم يكن كافياً لرفع الجمود عن الرسوم العقارية، بل كان محل نقد من قبل رجال القانون بمناسبة الاحتفال بمئوية القانون العقاري .
لهذا سلك المشرع التونسي محاولة أخرى بموجب القانون عدد 39 المؤرخ في 27 أفريل 1992 المتعلق بتحيين الرسوم العقارية وتخليصها من الجمود والذي تم بمقتضاه استبعاد المحكمة العقارية كفاعل أساسي في عملية التحيين وإحداث لجان جهوية للتحيين ودوائر الرسوم المجمدة، ثم تدخل المشرع مرة أخرى بعد ثلاث سنوات بموجب القانون عدد 10 لسنة 1995 المؤرخ في 10 جانفي 1995 ليقر إمكانية مراجعة الأحكام العقارية وفق إجراءات محددة مع إقرار الطعن في قرارات حافظ الملكية أمام المحكمة العقارية.
ثم ما لبث أن تدخل المشرع التونسي بموجب القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 المتعلق بتحيين الرسوم العقارية والذي كان بمقتضاه للمشرع أن يحدث هيئتين قضائيتين، اصطلح على تسمية الأولى “قاضي السجل العقاري” والثانية “دائرة الرسوم المجمدة” حيث وزع بيهما الإختصاص النوعي فيما يتعلق بالبت في طلبات التحيين المقدمة من طرف كل ذي مصلحة ، وصولاً إلى القانون عدد 67 المؤرخ في 12 أوت 2009 المتعلق بتنقيح أحكام القانون عدد 34 لسنة 2001 المؤرخ في 10 أفريل 2001 والذي تم بموجبه الحد من اختصاص المحكمة العقارية وتوطيد إمكانية الطعن بالاستئناف في أحكام التحيين، فضلاً عن تكريس مبدأ وجوبية إنابة محامٍ سواء في ميدان التقييد الاختياري طبقاً لأحكام الفصل 319 من مجلة الحقوق العينية أو عملاً بالفصل 4 من قانون التحيين.
ونعتقد بأن الإنكباب بالدراسة والتحليل للتجربة التونسية باعتبارها من بين أنظمة الإشهار العيني المشابهة في المرجعية للنظام العقاري المغربي من شأنها أن تساهم في الحد من ظاهرة جمود الرسوم العقارية وتحيين وضعيتها القانونية لتكون ملاءمة لوضعيتها الواقعية هذا من جهة، ومن جهة أخرى تعد الخبرات والمساعي الإيجابية التي راكمها التشريع التونسي في إطار تعاطيه مع أزمة جمود الرسوم العقارية جديرة بالإقتداء والإتباع لكن في إطار مقاربتها وفق منهجية التشريع العقاري المغربي وخصوصيات الأسباب المنتجة لهذه الوضعية القانونية.
خاتمة
من خلال ما تقدم يظهر لنا بأن ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية لم يحظى باهتمام بليغ من طرف الفقه والباحثين، كما أن المشرع لم يواكبه بمقتضيات تشريعية تدفع بالمتعاملين العقاريين إلى تحيين سجلاتهم العقارية، رغم ما لهذا الموضوع من تأثير بليغ على مبادئ السجل العيني وإستقرار المعاملات العقارية.
كما اتضح لنا بأن مجاهدة الأسباب القانونية والواقعية التي كرست ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية ليست بالأمر المستحيل للقضاء عليها وإرجاع الثقة والمصداقية لنظام السجل العيني العقاري، لأن ترك ظاهرة عدم تحيين الرسوم العقارية في التمادي من شأنه أن يمس بالملكية العقارية باعتباره حقاً مقدساَ.
وفي الأخير لا يسعنا إلا أن ننادي بتبني الإقتراحات التالية:
• إجبار العدول والمحامون على تصفية المعاملات العقارية التي ينجزونها إلى غاية تقييدها بالرسوم العقارية وتمكين الزبون المتعامل معهم من شهادة الإيداع التي تتبث بأن العملية قد تم تقييدها بالرسم العقاري .
• التقليص من الزمن القانوني لإنجاز التقييد بالسجلات العقارية مع الرفع من غرامة التأخير وزيادة الذعائر في حالة التماطل غير المبرر تحت طائلة سقوط تقييد الحق.
• التنسيق بين مختلف الإدارات المتدخلة في ميدان العقار المحفظ مع وجوب إشتراط شهادة الملكية حديثة تكون وضعيتها القانونية ملاءمة مع حقيقتها الواقعية.
• الإقتداء بالتجربة التونسية وإخراج مشروع قانون تيويم الرسوم العقارية إلى حيز الوجود بعد تحيينه.
• اللجوء إلى القضاء العقاري المتخصص للبت في طلبات التقييد للحالات المستعصية بعد إجراء بحث إداري وقضائي مسبق.
لائحة المراجع
المراجع باللغة العربية
 أحمد المريني، “الهياكل العقارية الفلاحية بالمغرب”، مقال منشور بمجلة الاستثمار والعقار، يونيو 2003.
 أزكري بشرى، “الملكية الشائعة – دراسة مقارنة -“، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – تخصص القانون المدني والأعمال، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – طنجة، السنة الجامعية: 2009-2010.
 آيت بلا عبد اللطيف، “تيويم الرسوم العقارية”، مقال منشور بمجلة التحفيظ العقاري، مجلة جمعية المحافظين والمراقبين على الملكية العقارية، العدد الثالث، 3 يناير 1991.
 الحبيب شوارق وعبد الله إدومجود، “تحيين الرسوم العقارية”، ندوة ثمانون سنة من التحفيظ العقاري حصيلة وآفاق 1913/1993، المنعقدة بالرباط 22/23 نونبر 1993.
 خديجة حمزة، “التدبير الإلكتروني لإجراءات التحفيظ العقاري الواقع والآفاق”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص – ماستر القانون العقاري والعقود، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة سدي محمد بن عبد الله – فاس، السنة الجامعية: 2020-2021.
 دليل عملي لزبناء المحافظة العقارية، الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، مديرية المحافظة العقارية، طبعة 2023.
 سنية النوالي، “الرسم العقاري من الجمود إلى التحيين”، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 41، أبريل 2022.
 طارق دخيسي، “تحيين الرسوم العقارية وأثره على التنمية” رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، شعبة القانون الخاص سلك الماستر في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانوني والاقتصادية والاجتماعية – وجدة – ، السنة الجامعية: 2007-2008.
 عبد العالي دقوقي، “التنظيم القانوني للحق العيني في ضوء مدونة الحقوق العينية – حق الملكية والضمانات العينية في ضوء الاجتهاد القضائي والفقهي”، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى: 1442هـ / 2021م، ص: 133-138.
 عبد العالي دقوقي، “نظام التحفبظ العقارب بالمغرب بين النظرية والتطبيق – دراسة في الاجتهاد القضائي والإداري”، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى: 1444 ه- 2020م.
 عبد الكريم شهبون، “الشافي في شرح مدونة الحقوق العينية الجديدة وفق القانون رقم 39.08″، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الثالثة 1439- 2018.
 علي كحوان، “التحيين العقاري وأثره على المفعول المنشئ للترسيم” دار إسهامات في أدبيات المؤسسة.
 مبروك عمر، “المنافسة في السوق العقارية بالمغرب”، منشورات المعهد الوطني للتهيئة والتعمير، الطبعة الأولى: 2015.
 محمد ابن الحاج السلمي، “المحررات العرفية بين الاستمرارية والزوال”، مجلة جمعية المحافظين على الملكية العقارية، عدد خاص 1988.
 محمد ابن الحاج السلمي، “دور الوثيقة العدلية ونظام التحفيظ العقاري”، مجلة السماط، تصدر عن المجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط، مطبعة كانبرانت – الرباط، العدد الأول 2009.
 محمد الحياني، “أضواء على مؤسسة الحالة المدنية وعلاقتها بإدارة المحلفظة العقارية”، مجلة التحفيظ العقاري، العدد الثالث، 3يناير 1991.
 محمد الكشبور، “القسمة القضائية في القانون المغربي”، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الأولى: 1416-1996.
 محمد بلحاج الفحصي، “التقييد والتشطيب بالرسوم العقارية – مع ملحق لأهم القرارات القضائية (غير المنشورة)”، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، الطبعة الثانية: 2019.
 محمد خيري، “العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي من خلال القانون الجديد رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري – المساطر الإدارية والقضائية للتحفيظ”، دار نشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط، طبعة 2014.
 محمد زخوني،”ضم الأراضي الفلاحية بعد إصلاح الهياكل العقارية ومتطلبات التنمية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول – وجدة، السنة الجامعية: 2044-2005.
 منير الفرشيشي، “محاضرات في القانون العقاري التونسي – إجراءات مطالب التسجي والتحيين – في النظام القانوني للتجزئة العقارية – الطعن في أحكام المحكمة العقارية”، منشورات مجمع الأطرش للكتاب المختص، طبعة ثانية مزيدة ومنقحة، تونس 2013.
 يزيد زمور، “المراقبة القضائية للتصرفات الواردة على الأراضي الخاضعة لتشريعات الاستثمار الفلاحي”، سلسلة فقه القضاء العقاري، مستجدات القوانين العقارية على ضوء الاجتهاد القضائي، منشورات مجلة العلوم القانونية، العدد الثاني، 2015.
 يوسف الغوناجي، “القيد بالسجلات العقارية بين جدلية التنزيل وإكراهات التفعيل – مقاربة تأصيلية قانونية في ضوء مستجدات العمل القضائي والفقهي والممارسة الميدانية / نحو تأسيس نظرية عامة”، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط، الطبعة الأولى 2022.
المراجع باللغة الفرنسية
 Med Kamel CHARAFEDDINE, « Les droits des tiers et les actes translatif de la propriété immobilières », C.E.R.P. Tunis 1993.
 Agence Nationale de la Conservation Foncière, du Cadastre et de la Cartoghraphie, Direction de la Conservation Foncière « l’immatriculation foncière en 300 questions-reponces – Contrôle des inscritions sur les livres fonciers », 2009.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى