قراءة في أهم مستجدات مشروع القانون 57-18 القاضي بتغير وتتميم القانون 15-77 المتعلق بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك.
قراءة في أهم مستجدات مشروع القانون 57-18 القاضي بتغير وتتميم القانون 15-77 المتعلق بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك.
إعداد: عمر بوسالم باحث في القانون.
تعتبر البيئة من ضمن أهم الأولويات التي حضيت باهتمام مشرعي كل دول العالم وسنت لأجلها الكثير من القوانين والمغرب على غرار باقي البلدان، ووعيا منه بأهمية البيئة والمحافظة عليها من المخاطر التي تترتب عن استعمال الأكياس البلاستيكية. عملت وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مع جميع الجهات المعنية بالموضوع في إطار مقاربة تشاركية على تعزيز المنظومة القانونية المغربية، وذلك بإصدار القانون 15-77 في 10 دجنبر 2015 القاضي بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك والذي دخل حيز التنفيد بتاريخ 6 يوليوز 2016 والذي تم بمقتضاه نسخ وتعويض القانون رقم 22-10 المتعلق باستعمال الأكياس واللفيفات من البلاستيك القابل للتحلل أو القابل للتحلل بيولوجيا والأحكام المعتمدة لتنفيذها.
وبعد مرور ما يقارب ثلاثة سنوات من تنزيل مقتضيات القانون 15-77 القاضي بمنع صنع الأكياس من مادة البلاستيك، والذي ساهم بشكل كبير في الحد من ظاهرة الأكياس البلاستيكية،
حيث أسفرت المعطيات المنجزة من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ إلى غاية 09 دجنبر2018 على إجراء 4621 عملية مراقبة منجزة من طرف وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي و 739.850 عملية مراقبة على مستوى السوق الوطني منجزة من طرف وزارة الداخلية، كما تمت معاينة 63 مخالفة متعلقة بالمراقبة الصناعية و 4389 جنحة متعلقة بمراقبة السوق تمت إحالتها على الجهات القضائية المختصة، بالإضافة إلى حجز حوالي 821 طن من الأكياس البلاستيكية الممنوعة على مستوى التصنيع والتجارة و 107 طن من الأكياس البلاستيكية الممنوعة على مستوى المعابر الحدودية و تم الحكم في 757 قضية مع مبلغ غرامات وصل إلى 5 مليون درهم.
وبناء على ما أفرزت عنه الممارسة العملية من خلال تطبيق مقتضيات القانون المذكور التي أبانت عن عدة ثغرات التي شابت الصيغة الحالية مما دفع المشرع المغربي إلى تعزيز وتجويد مقتضيات القانون 15-77 وذلك بسن ترسانة قانونية قوية ومرنة في أفق بلوغ النجاعة المنشودة والأهداف المتوخاة، ولهذه الغاية تم إعداد مشروع قانون يقضي بتغيير القانون 15-77 مستحضرا من خلاله المشرع مقتضيات قانونية جديدة أكثر نجاعة وأكثر فعالية، حيث تمت إضافة 18 مادة جديدة وتعديل 9 مواد تهم تجويد الصياغة وتدقيق المصطلحات مع إضافة فقرات جديدة وذلك لملائمتها مع باقي المواد الجديدة ليصبح مجموع مواد المشروع 33 مادة بخلاف الصيغة الحالية التي تتضمن 15 مادة .
فما هي أهم التعديلات المدخلة على القانون 15-77 ؟
للإجابة عن هذا السؤال سنحاول إبراز بشكل مختصر أهم المستجدات التي أتى بها مشروع القانون وتتجلي أساسا في:
- نطاق المنع والاستثناءات.
عمل المشرع من خلال مشروع القانون 15-77 على تمديد نطاق المنع وإدراج مقتضيات جديدة تتعلق بمواد أولية تكون موجهة لصناعة الأكياس البلاستيكية الممنوعة، نخص هنا بالذكر المواد الأولية البلاستيكية كما جاء تعريفها في المادة الأولى والمواد المتأثية من تدوير البلاستيك لغرض صنع الأكياس البلاستيكية الممنوعة، حيث يعتبر حيازة هذه المواد جنحة يعاقب عليها بغرامة تتراوح من من 200.000 إلى 1.000.000 درهم كل شخص يحوز هذه الأخيرة لغرض صنع الأكياس الممنوعة.
كما تم منع المصنعين والمستوردين للأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الصناعي أن يزود بهذه الأكياس غير الأشخاص الذين يستعملونها للأغراض الموجهة إليها تحت طائلة غرامة مالية تتراوح من 100.000 إلى 1.000.000 درهم. والهدف من هذا المنع هو محاربة بعض السلوكات التي أسفرت عنها التجربة العملية والتي تتجلى في ظاهرة إساءة حسن استعمال القانون من طرف بعض المصنيعين عن طريق استغلال ثغرات القانون، وهذه وصمة لا تصفوا منها القوانين الوضعية بصفة عامة.
- التزامات المصنعين.
حاول المشرع من خلال مشروع القانون على استحضار الحكامة الجيدة عن طريق سن مقتضيات جديدة تروم إلى إلزام كل مستورد للمواد الأولية البلاستيكية وكل وحدة لتدوير البلاستيك أو تصنيع أو استيراد أو تصدير الأكياس البلاستيكية أن تودع لدى الإدارة المعنبة تصريحا قصد إخبارها بنشاطها مع إقرار عقوبة مالية في حالة عدم التصريح، كما سوف يحدد نموذج هذا التصريح والشروط الواجب احترامها عن طريق نص تنظيمي.
كما تم التنصيص في مشروع القانون على ضرورة التوفر على سجل ورقي، يضمن فيه المعلومات المتعلقة بنشاط الوحدات المذكورة تحت طائلة غرامة مالية في حالة الإخلال بهذا الالتزام وذلك بغية تحديد وتوضيح وتسهيل عمليات المراقبة من أجل ضبط وتتبع نشاط المصنع وكذا تسهيل مهام المراقبين.
- توسيع صلاحيات المراقبين المخول لهم صفة ضباط الشرطة القضائية.
من البديهي أن نظام المراقبة والتفتيش يعد من بين أهم الوسائل التي يعتمدها القانون 15-77 لضبط مخالفات لهذا الأخير أمام استفحال ظاهرة البلاستيك الممنوعة وانتشارها بالأسواق التي تهدد الطابع البيئي والإنساني مما يتطلب معه أجهزة رقابية واضحة المعالم من حيث الصلاحيات والمهام المنوطة بها طبقا لمقتضيات هذا القانون، حيث يهدف مشروع القانون الجديد إلى تعزيز الحكامة في مجال المراقبة وزجر المخالفات وتجاوز الفراغ الذي يشوب الصيغة الحالية والمتمثل في غياب مقتضيات قانونية دقيقة تهم مسطرة التفتيش والحجز، إذ كثيرا ما تعوق هذه الأجهزة عراقيل وصعوبات تشل مهامها، مما أدى إلى جذب انتباه المشرع عن طريق إيجاد الصيغة القانونية المناسبة لتحديد مهام ومسؤوليات المهنين التقنين المتدخلين في مجال المراقبة وذلك بغية الحد من التزايد المستمر للمخالفات.
وقد توخى المشرع بلوغ هذه الغاية عن طريق سن مجموعة من المقتضيات القانونية الجديدة، تهدف إلى منح المراقبين صلاحيات واسعة وتمكينهم من وسائل فعالة لأداء مهامهم حتى يتسنى لهم التدخل بشكل ناجع وفعال بغية وضع حد للمخالفات والسهر على تنزيل مقتضيات القانون السالف الذكر، وذلك بإلزام الأشخاص الخاضعين للمراقبة بتسهيل مهام المراقببين أثناء القيام بعمليات المراقبة والبحث والتفتيش والحجز وتحرير المحاضر طبقا للتشريع الجاري به العمل تحت طائلة عقوبة مالية تتراوح من 5.000 إلى 50.000 درهم لكل من ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في عرقلة عمليات البحث أو المعاينة للمخالفات المنصوص عليها في مشروع القانون، كما تم تمكينهم خلال عمليات المراقبة الولوج إلى جميع الأماكن المخصصة لتصنيع أو تخزين أو بيع الأكياس البلاستيكية ووسائل النقل المعدة لهذا الغرض، وأن يطلبوا الاطلاع على السجلات والفاتورات وغيرها من الوثائق الضرورية وأخذ نسخ منها قصد إثبات المخالفة طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، أيضا حجز الأكياس البلاستيكية الممنوعة، والمواد الأولية البلاستيكية و اللفائف البلاستيكية والمواد المتأتية من تدوير البلاستيك والآلات والمعدات التي استعملت في ارتكاب المخالفة أو التي كانت ستستعمل في ارتكابها حيث أن الصيغة الحالية لم تتطرق بأي شكل من الأشكال إلى المسطرة والشروط الواجب اتباعها في الجانب المتعلق بالحجز كذلك تم التنصيص على إمكانية المراقبين أخذ العينات اللازمة من الأكياس المشكوك في سلامتها القانونية قصد إجراء التحاليل الضرورية لإثبات المخالفة .
- توسيع نطاق العقوبات.
عمل المشرع على إدراج وتعديل مقتضيات قانونية تهدف إلى توسيع مجال العقوبات ورفع المنسوب الردعي والزجري عند مخالفة أحكام مشروع القانون، حيث تم منح الوالي أو العامل بناء على طلب من الإدارة المعنية، إمكانية إغلاق المؤسسة التي تقوم بتصنيع الأكياس البلاستيكية الممنوعة المنصوص عليها في البند 4 من المادة 1 بصفة مؤقتة ولمدة لا تتجاوز 6 أشهر وذلك انسجاما مع مقتضيات المرسوم 2.17.618 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6738 والذي هو بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري.
كذلك تم تمديد حالة العود من 6 أشهر المنصوص عليها في الصيغة الحالية إلى خمس سنوات في مشروع القانون الجديد، حيث كان من الأفضل ولو أنه نص خاص حصرها في 4 سنوات ابتداء من يوم ارتكاب الجريمة تماشيا مع مقتضيات المادة 5 من قانون المسطرة الجنائية كما تم تعديله وتتميمه حيث أن الجنحة تتقادم بمضي أربع سنوات.
كما تم إضافة مادة جديدة تهدف إلى مصادرة الأكياس البلاستيكية والمواد موضوع المخالفة وإتلافها على نفقة المخالف كذلك المعدات التي تم استخدامها لارتكاب المخالفة أو التي كانت موجهة لارتكابها وكذا إغلاق المؤسسة التي استعملت في ارتكاب المخالفة.
كما عمد المشرع على عدم تمتيع المخالفين للأحكام مشروع القانون الجديد بظروف التخفيف حيث تم استثناء تطبيق مقتضيات المادة 146 من مجموعة القانون الجنائي والتي تمنح بموجبها للمحكمة إمكانية النزول عن الحد الأدنى المقرر في القانون.
وتكمن الغاية المرجوة من مشروع القانون الجديد في تكريس الهدف الذي توخاه المشرع منذ الوهلة الأولى عند إصداره لهذا القانون القاضي بمحاربة الأكياس البلاستكية وعدم استمراريتها، حرصا منه على السلامة الفعلية لصحة المواطن والبيئة وتكريس مبدأ سيادة القانون.