قراءة في المذكرة الإخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول أهم مؤشرات جودة الشغل
قراءة في المذكرة الإخبارية للمندوبية السامية للتخطيط حول
أهم مؤشرات جودة الشغل خلال سنة 2016
مصطفى الفوركي
دكتور في الحقوق
مدير مجلة القانون والأعمال
أصدرت المندوبية السامية للتخطيط في الآونة الأخيرة مذكرة إخبارية حول أهم مؤشرات جودة الشغل خلال السنة المنصرمة ( 2016 ) لتدق ناقوس الخطر حول مجموعة من المقتضيات و المؤشرات المتعلقة بشريحة مهمة من المجتمع المغربي و هي الطبقة الشغيلة .
عالجت المذكرة خمسة محاور مهمة ابتداءا من عدم وجود فرض الشغل لعدد كبير من شباب المغرب إضافة الى عدم توفرهم على شواهد دراسية او شواهد تكوين حيث تبلغ نسبة الشباب ما بين سن 15 و 24 سنة 25% لايشتغلون نهائيا ولا يتوفرون على شواهد دراسية ولا يتابعون أي تكوين وقد قدرت المندوبية السامية للتخطيط عدد الشباب مابين سن 15 و 24 سنة بحوالي 6.740.000 شاب حيث 1.685.000 منهم لا يشتغلون ولا يتابعون أي تكوين دراسي ولا مهني, هذا الرقم جد كبير سيشكل حتما مشكل على مستوى هرم الشباب في المغرب لان أساس تقدم أي دولة يعتمد على الثروة الشبابية والطاقات الكامنة فيها لاجل الدفع بعجلة التنمية فهذه الأرقام جد سلبية مما قد ينتج عنها تفاقم الجريمة و ادمان شريحة مهمة من الشباب للممنوعات والانخراط في الاعمال الغير مشروعة نظرا لغياب فرص الشغل لاجل تكوين الاسرة ومحاربة عزوف الشباب عن الزواج وإنتاج مجتمع مسؤول و منتج .
أما بالنسبة للمحور الثاني الذي تناولته المذكرة فيتجلى في ضعف تأهيل اليد العاملة وضعف جودة الشغل , فمن أصل 10.642.000 شخص نشيط ومشتغل , بالغ من العمر 15 سنة وما فوق ف 64.5% من هذا العدد لا يتوفرون على أي شهادة مدرسية أو شهادة من أحد معاهد التكوين المهني , كما يقتصر عمل هذه الشريحة المهمة من الشباب على الاعمال التي تعتمد على الجهد العضلي والبدني كالفلاحة و القطاع الغابوي والصيد البحري بنسبة 82.5% من حجم الاجراء المشتغلين في هذا القطاع أي ان في 17.5% ممن يشتغل في القطاع الفلاح و الغابوي و الصيد البحري يتوفر على شهادة مدرسية أو تكوين مهني أما بالنسبة لقطاع البناء و الاشغال العمومية فان ما يزيد عن 64.5% ممن يشتغلون في هذا القطاع لا يتوفرون على شهادة مدرسية او تكوين مما يجعل هذه القطاعات جامدة ولا تتحسن بصورة كبيرة لقلت الكفاءة التي ستساهم في تطوير طريقة العمل و ابتكار أساليب جديدة وبالتالي تنمية هذه القطاعات , اما بالنسبة للقطاع الصناعي فنجد أكثر من 50.3% من الأشخاص العاملين في هذا المجال لا يتوفرون على الشواهد العلمية زد عليها قطاع الخدمات حيث اقرت المندوبية السامية للتخطيط على أن 41.5% من عدد المشتغلين في هذا القطاع لا يتوفرون على شواهد دراسية أو شهادات التكوين مما يفرض على المشغل اجراء تكوينات مستمرة لفائدة عدد مهم من الاجراء لاجل ادخالهم الى سوق الشغل واكتسابهم للحد الأدنى من المعرفة و الخبرة المهنية لاجل الاشتغال في المقاولة بالشكل الصحيح , لان هدف المقاولة هو الربح فلاي مكن تصور أرباح في ظل ضعف تكوين الاجراء مما ينتج عنه منتوج يفتقد الى للجودة مما يعرضه لعدم التداول نظرا لحجم التنافسية في السوق الوطنية والعالمية مما يؤدي سيؤثر سلبا على المقاولات الوطنية في ظل هذه التنافسية من الأسواق الخارجية , لذلك يقوم ارباب العمل باجراء دورات تكوينية لفائدة الاجراء سواء الملتحقين الجدد او الذين اشتغلوا مدة معينة في المقاولة لاجل الرقي بطريقة العمل ومحاولة اكتساب مهارات جديدة قد تساهم في إنجاح المقاولة والدفع بعجلتها الى الامام حيث صرح عدد كبير من الاجراء ان مشغلهم قد تحمل تكاليف التكوين خلال 12 شهر الأخيرة مما يبعث على نوع من الارتياح نظرا لاهتمام المشغلين بالتكوينات المستمرة لاجل تطوير مهارات الاجراء مما سيساهم حتما في تطوير المقاولة وطريقة العمل بها
أما بالنسبة للمحور الثالث المتعلق بالاساليب الهشة للإدماج في سوق الشغل فنجد عدد كبير من الاجراء يشتغلون لكن لا يتم أداء اجرتهم بنسبة 20.5% من الحجم الإجمالي للشغل على المستوى الوطني حيث صرحت المندوبية السامية للخطيط على ان 91.2% من العمال في المجال القروي لا يحصلون على الاجر الكامل من الشغل الذي يقومون به مما ينتج لنا مشاكل بين طرفي العلاقة الشغلية الاجير و المشغل نتجت عنه كثرة الملفات في المحاكم المغربية أغلبيتها تتمحور حول الطرد التعسفي للاجير و كذا عدم أداء الأجرة مما يثقل كاهل القضاء الاجتماعي المغربي وكثرة الدعاوى تؤدي حتما الى بطئ صدور الاحكام مما يؤدي الى نوع من سوء العدالة , قد ينتج عنها زعزعة الاستقرار الاقتصادي لدى هذه الطبقة الشغيلة وحصد نتائج سلبية على مستوى نمط عيش الأسر المتضررة في هذا المجال
اما المحور الرابع الذي اقتصرت عليه المذكرة فتجلى في ضعف تنظيم حماية العاملين , حيث أشارة الى ان مايقرب ثلثي العاملين لايتوفرون على عقد عمل ينظم علاقاتهم مع مشغلهم , فنسجل رقما كبير جدا يبلغ نسبته 89.7% في قطاع البناء والأشغال العمومية لا يتوفرون على عقود العمل ناهيك الى الضعف المهول في حجم المنخرطين في المجال النقابي حيث نجد فقط 3.4% من عدد الأجراء في المغرب ينخرطون في العمل النقابي أو المنظمات المهنية أي ان نسبة 96.6% من النشيطين المشتغلين غير منخرطين في اية نقابة او منظمة مهنية , لكن المشكل الكبير المسجل هو أن 78.4% من مجموع النشيطين المشتغلين على المستوى الوطني لا يتوفرون على تغطية صحية وهذا اشكال عميق في المنظومة الشغلية في المغرب حيث أن مجموعة من ارباب العمل لايصرحون بالعدد الصحيح من الاجراء المشتغلين عندهم لاجل التملص من دفع مستحقات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومصاريف الانخراط في بارمج التغطية الصحية بالنسبة للاجراء , مما يعرض طبقة كبيرة من الاجراء الى الحرمان من ابسط الحقوق وهي التغطية الصحية
وفي الأخير عرجت المذكرة الى المحور الخامس الذي تعلق بوضع تصور حول النشيطين المشتغلين ودراسة أوضاعهم الاجتماعية حيث بينت الدراسة ان حوالي نشيط مشتغل من بين خمسة مشتغلين غير راض بتاتا على عمله وعبر بطريقة صريحة عن رغبته في تغيير شغله وتبلغ نسبة هذه الفئة 35.1% من مجموع المشتغلين بقطاع البناء والأشغال العمومية حيث تمثلت الدوافع الأساسية المصرح بها في الحصول على شغل يوفر مدخول أكبر بالنسبة ل 71% والعمل في ظروف أكثر ملائمة بالنسبة ل 9.4% والرغبة في مزاولة شغل أكثر استقرار بالنسبة ل 5.1% و التوفر على شغل يتلاءم أكثر مع التكوين المحصل عليه بالنسبة ل 5.2% كما انتهت الدراسة الى ان 3.5% من المشتغلين عبروا عن عدم استطاعتهم التوفيق بين حياتهم الخاصة وحياتهم المهنية رغم كل الجهود المبذولة و 16.1% من المشتغلين يستطيعون التوفيق بين حياتهم الشخصية و المهنية بصعوبة كبيرة نظرا للكم الهائل من الضغوطات العملية و العائلية وتبقى نسبة 30.2% فقط هي القادرة على التوفيق بين العمل و الحياة الشخصية بصعوبة