في الواجهةمقالات قانونية

 دور الجماعات الترابية في تعزيز المنظومة الصحية بالمغرب –  د. عصام أزمي

                            دور الجماعات الترابية في تعزيز المنظومة الصحية بالمغرب

 د. عصام أزمي                     باحث في القانون العام

                          

إن الجماعات الترابية للمملكة المغربية هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية، وهي أشخاص معنوية خاضعة للقانون العام، تُسَيِرُ شؤونها بكيفية ديمقراطية، ويقوم رؤساء مجالسها بتنفيذ مداولات هذه المجالس ومقرراتها. وللجماعات الترابية اختصاصات ذاتية واختصاصات مشتركة مع الدولة. ينص الفصل 31 من الدستور المغربي، على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة من الحق في: العلاج والعناية الصحية، والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وتساهم الجماعات الترابية إلى جانب الدولة في تحقيق الأهداف الصحية، من خلال القيام بأعمال احترازية لحفظ الصحة ومكافحة الأمراض والأوبئة.

تناط بالجماعة داخل دائرتها الترابية مهام تقديم خدمات القرب للمواطنات والمواطنين في إطار الاختصاصات المسندة إليها بموجب القانون التنظيمي للجماعات الترابية، وذلك بتنظيمها وتنسيقها وتتبعها. حيث تقوم الجماعة بإحداث وتدبير المرافق والتجهيزات العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب، ومن بينها: حفظ الصحة، ونقل المرضى والجرحى، وتنظيف الطرقات وجمع النفايات المنزلية، وتمارس الجماعات اختصاصات مشتركة بينها وبين الدولة في عدة مجالات من بينها صيانة المؤسسات الصحية الواقعة في النفوذ الترابي للجماعة.

يتم تقطيع التراب الوطني إلى مجالات ترابية صحية، تُقَدَمُ فيها الخدمات للساكنة من قِبل واحدة أو أكثر من المؤسسات الصحية، ويرتكز تحديد المجالات الترابية الصحية على التقسيم الإداري للمملكة، ويمكن تتميم هذا التحديد بتقسيم خاص يَضعه وزير الصحة، لضبط المجالات الترابية الصحية الأكثر نجاعة للعمل الصحي. حيث تتكون المجالات الترابية الصحية من: الدوائر الصحية، والعمالات والأقاليم الصحية، والجهات الصحية، والمجالات الترابية الصحية المشتركة بين عدة جهات .ويتبين وجود تفاوت جهوي في توزيع المؤسسات الصحية بالمغرب، حيث يبلغ عدد المراكز الصحية الحضرية من المستويين 1 و2 في جهة الدار البيضاء-سطات 162 مركز صحي، في حين لا يتجاوز عدد هذه المراكز الصحية في 5 جهات مجتمعة وهي: درعة-تافيلالت، وسوس-ماسة، وكلميم-واد نون، والعيون-الساقية الحمراء، والداخلة-وادي الذهب 123 مركز صحي حضري، رغم أن ساكنة جهة الدار البيضاء-سطات تبلغ 4,58 مليون نسمة، بينما تبلغ ساكنة هذه الجهات الخمس 5,23 مليون نسمة.

وفي هذا السياق، عمِلت وزارة الصحة على توقيع عدة اتفاقيات للشراكة مع الجماعات الترابية، لإعداد مخططات تنموية مندمجة ومستدامة، تراعي مبادئ التخطيط الاستراتيجي، ويتعلق الأمر ب: 18 اتفاقية إطار تتعلق بتنفيذ البرامج التنموية، منها ما تم الانتهاء من أشغالها، وحققت النتائج المرجوة منها، ومنها ما زالت مشاريع قيد التنفيذ، وتهم 85 اتفاقية شراكة مع الجماعات الترابية وباقي الفاعليين المحليين من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وجمعيات المجتمع المدني ومؤسسات عمومية. مكنت من إنجاز 396 مشروعاً صحياً، وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز وتأهيل الشبكة الاستشفائية، ودعم شبكة المؤسسات الطبية الاجتماعية العمومية، وتنظيم وتطوير الشبكة المندمجة للعلاجات الطبية الاستعجالية، ومواصلة تنمية الخدمات الطبية، وتعزيز شبكة مؤسسات الرعاية الصحية الأولية وتحسين التغطية الصحية المتنقلة بالعالم القروي.

تعتبر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية فرصة لتعزيز التنسيق بين الجماعات الترابية والقطاعات الحكومية، حيث تمكن هذا المشروع الملكي من تعبئة مختلف الكفاءات والموارد من أجل محاربة الفقر في إطار منظم ومنسق، كما التزمت كل الأطراف الموقعة على هذه الاتفاقيات برصد اعتمادات مالية تناهز 2,86 مليار درهم، موزعة على الشكل الآتي: وزارة الصحة بنسبة %55، والجماعات الترابية بنسبة %32، وباقي المتدخلين بمساهمة %13، لكن أهم الاكراهات والصعوبات التي اعترضت إنجاز المشاريع الصحية المبرمجة في الآجال المحددة هي: تجاوز الاعتمادات المالية الأولية المقترحة لكل المشاريع وعدم تصفية أو توفير الأوعية العقارية وعدم برمجة الاعتمادات المالية للشركاء أو بطء في تعبئتها.

 

 

 

المراجع:

  • ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية، عدد 5964 مكرر، بتاريخ 30 يوليوز
  • ظهير شريف رقم 1.11.83 صادر في 29 من رجب 1432 (2 يوليوز 2011)، بتنفيذ القانون الإطار رقم

34-09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، الجريدة الرسمية، عدد 5962، بتاريخ 21 يوليوز 2011.

  • مرسوم رقم 2.14.562 صادر في 7 من شوال 1436 (24 يوليوز 2015)، بتطبيق القانون إطار رقم 34-09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات، فيما يخص تنظيم عرض العلاجات والخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العلاجات، الجريدة الرسمية، عدد 6388، بتاريخ 20 غشت 2015.
  • ظهير شريف رقم 1.15.83 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 111-14 المتعلق بالجهات، الجريدة الرسمية، عدد 6380، بتاريخ 23 يوليوز 2015.
  • ظهير شريف رقم 1.15.84 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112-14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الجريدة الرسمية، عدد 6380، بتاريخ 23 يوليوز 2015.
  • ظهير شريف رقم 1.15.85 صادر في 20 من رمضان 1436 (7 يوليوز 2015) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113-14 المتعلق بالجماعات، الجريدة الرسمية، عدد 6380، بتاريخ 23 يوليوز 2015.
  • وزارة الصحة، تقرير حول التعاون مع الجماعات الترابية حتى متم سنة 2017، مديرية التخطيط والموارد المالية، المغرب، 2018.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى