في الواجهةمقالات قانونية

هناء بوكطوب : تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد على العلاقات الكرائية المتعلقة بالمجال السكني والمهني

 

هناء بوكطوب : طالبة باحثة في سلك ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة

تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد على العلاقات الكرائية المتعلقة بالمجال السكني والمهني

بعد صدور  القانون رقم 12.67  المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني،  الذي جاء، للانسجام مع البرنامج الحكومي في مجالات السكنى والتعمير وسياسة المدينة ، ووضع إطار جديد لتحقيق الاندماج الحضري والاجتماعي لهذه البرامج، كما يرمي هذا القانون إلى دعم مبدأ الاستقرار القانوني في العلاقات الكرائية  وإعادة التوازن للعلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري .
وقد جاء هذا القانون بعدة مقتضيات جديدة استطاعت في مجملها الإجابة عن إشكاليات تثار في الواقع العملي دون أن نجد لها نصا قانونيا واضحا، باستثناء ما يقوم به القضاء من اجتهاد قد يتضارب بين محكمة وأخرى.

ولعل هذا التضارب سيظهر مستقبلا , خصوصا مع  الظروف التي تعيشها بلادنا حاليا والمتمثلة في جائحة كورونا و آثارها على المواطنين وأخص بالذكر المكري والمكتري في الكراء السكني والمهني والذي ينظمه قانون 67.12 .

فبعد أخذ الدولة المغربية بالتدابير الاحترازية  لمواجهة الوضع الاستثنائي المتعلق بظهور فيروس كورونا كوفيد- 19وقيامها باتخاذ مجموعة من الاجراءات الصحية والاجتماعية والاقتصادية , أدت إلى تقييد حرية التنقل في الاماكن العمومية , كمقدمة لإقرار حالة الطوارئ الصحية , الرامية إلى الحيلولة دون ظهور بؤر للفيروس ناتجة عن التجمع والتنقل البشريين [1]، كل هذه الإجراءات أدت بتوقيف مجموعة من الأنشطة المهنية والتجارية , وهذا ما سيوقف دخل مجموعة من المواطنين الذين لهم التزامات كرائية بحيث لن يستطيعوا تأدية الوجيبة الكرائية بسبب الأزمة المالية التي يعانون منها نظرا لتوقفهم المفاجئ عن العمل.

كل هذه الأسباب ستؤدي بالمكتري إلى التماطل عن أداء الوجيبة الكرائية على اعتبار هذه الأخيرة التزاما ملقى على عاتقه والمتمثل في الوفاء بأجرة الكراء كما نص على ذلك الفصل 663 من ق,ل,ع , وفي حالة إخلاله بهذا الالتزام , فإن المؤيد القانوني المترتب عن ذلك هو فسخ الكراء وفقا للفصل 692 من ق.ل.ع .[2]

وإذا كانت القاعدة العامة تقضي بأن المدين يصبح في حالة المطل بمجرد حلول الأجل المقرر في السند المنشئ للالتزام تطبيقا للفقرة الأولى من الفصل 255 من ق.ل.ع , فأن جمهور الفقه والقضاء المغربي ذهب إلى أن هذا الوصف لا ينطبق على المكتري بالنظر لقسوة هذه القاعدة عليه[3]  , وقد ذهب القانون 67.12 مخالفا للمقتضيات العامة , ذلك أن عنصر التماطل المؤدي إلى الفسخ لا يثبت بمجرد عدم أداء واجبات الكراء التي حل أجلها بل لا بد من توجيه إنذار بالأداء للمعني بالأمر وتوصله به وتحديد أجل لهذا الأداء حتى يمكن للمحكمة ترتيب الآثار عن التماطل في حال ثبوته” على اعتبار أن الكراء مطلوب لا محمول .

 وبالنظر للظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا خلال هذه الفترة, وإذا ربطنا هذه الوقائع بمصير المكتري الذي توقف عن العمل وليس له أي مورد آخر , مع افتراض غياب روح التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع ,  وأن كل التوقعات المتعلقة بحصر هذا الوباء في مدة معينة لا يجدي نفعا لأننا نتحدث فقط عن فرضيات لا أقل ولا أكثر .

ولنكون أكثر واقعية ونجيب بشكل موضوعي عن هذا الاشكال , نرى أن على القانون أن يكون أكثر مرونة في هذه الظروف،  فكما أن هناك قاعدة هناك استثناء ,في مقابل ذلك , فإن المكري ينبغي عليه أن يكون أكثر رأفة ,  ويمنح للمكتري مهلة طويلة لتسديد السومة الكرائية ولما لا إعفاءه من السداد .

في جميع الأحوال ، يبقى التساؤل مثارا حول  مصير المكتري في هذه الحالة ، وهل سيستطيع القضاء إيجاد حل وسط يرضي طرفي عقد الكراء(مكري والمكتري) , مع العلم أن المكتري لا يكون دائما الحلقة الأضعف في هذه العلاقة ؟  و إلى أين ستؤول تلك العلاقات الكرائية السكنية غير المنظمة بمقتضى عقد ؟

ستبقى هذه الأسئلة قائمة إلى أن يجيب عنها أو عن بعضها القضاء الذي سيجد بدون شك نفسه أمام تحديات كبرى فرضتها عليه هذه الظروف الاستثنائية وعليه التعامل معها ومواجهتها مع ما يعنيه ذلك من صعوبة في الكثير من الحالات.

 

 

[1] – المرسوم الملكي رقم 554_65 بتاريخ 17 ربيع الاول 1387(26يونيو 1967) بمثابة قانون متعلق بوجوب التصريح ببعض الأمراض واتختذ تدابير وقائية للقضاء على هذه الامراض .الجريدة الرسمية عدد 2853 بتاريخ 5 يوليو 1967 .

[2] – عبد الرحمان الشرقاوي”قانون العقود الخاصة, قد الكراء”الطبعة الخامسة 2018, مطبعة المعارف الجديدة الرباط , ص 178.

[3] – عبد الرحمان الشرقاوي, م س , ص 178 , 179 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى