” تأثير جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي “
بقلم الأستاذة أمينة رضوان
باحثة في العلوم القانونية
يعرّف الاقتصاد بمفهومه البسيط على أنه “العلم الذي يهتم بالأنشطة و العمليات ذات العلاقة باستغلال الموارد المتوفرة في مجتمع ما لغايات خلق سلع أساسية ذات قيمة و توزيعها بين أفراد المجتمع” ، و بهذا فإن مفهوم الاقتصاد يشير إلى الاستغلال الأمثل لكل ما يمتلكه مجتمع ما من موارد محدودة من خلال مجموعة من الأنشطة و العمليات، بالاعتماد على العوامل الرئيسية للاقتصاد، و المتمثلة في الأرض و العمل و الرأسمال و المشروع، و يمكن وصف النشاط بأنه اقتصادي في حالة توفر هذه العناصر مجتمعة (1)
و الاقتصاد العالمي هو “التبادل الدولي للسلع و الخدمات التي يعبّر عنها بوحدات الحساب النقدية أو الاموال”(2) كما يدخل ضمن هذا الاقتصاد جميع الصناعات التي تستورد وتصدّر من و إلى مختلف الدول.
وقد عرف العالم انتشار جائحة الكورونا الذي ظهرت بوادرها أواخر سنة 2019 بمدينة ووهان الصينية و التي أخذت في التوسع و التفشي في مختلف أقطار المعمور، الشيء الذي حذا بحكومات مختلف الدول إلى اتخاذ اجراءات صارمة و تدابير احترازية خوفا من تفشي العدوى بين أفرادها و مكونات مجتمعها، فمن إغلاق المدارس و منع التجمعات و تعليق جلسات المحاكم إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية بتعميم حالة الحظر بكل ما يستتبعه من منع الجولان و التنقل و إغلاق الرحلات البرية والجوية و ما نحو ذلك. و هذا كله إن كان في مجمله يعبر عن رغبة الدول في الحفاظ على أفرادها و ضمان سلامتهم الجسدية فإنه لا محال له وقع سلبي على الاقتصاد العالمي، باعتبار أن هذه الاجراءات و التدابير شملت مختلف الدول.
وقد دخل الاقتصاد العالمي مرحلة الركود بسبب تفشي جائحة كورونا، وفي هذا الإطار توقعت منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية تدني الاقتصاد في هذه السنة إلى 1،5 في المائة و هو معدل قابل للانخفاض إذا ما استمرت الجائحة (3).
وهكذا تراجعت أسعار النفط مع انتشار جائحة الكورونا، و هذا راجع إلى طبيعة السوق المالي العالمي الذي لا يتحمل الخوف و الشك و يشتغل بمنطق “نبيع الآن و نطرح الأسئلة فيما بعد” ، و قد أدى تراجع سعر النفط إلى هز الثقة في الأسواق المالية العالمية، و في هذا صرّح البنك المركزي الأمريكي بأن الوضع الحالي قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية مشابهة لتلك التي وقعت سنة 2008 (4)
كما لم يسلم قطاع الطيران أو ما يسمى بالنقل الجوي من تأثير تداعيات هذا الوباء الخطير، و قد تجلى ذلك في إلغاء شركات الخطوط الجوية لرحلاتها، مما ترتب عنه قيام هذه الشركات بسلوكيات تجاه أجرائها تبلور بين التوقيف إلى الفصل من العمل إلى تقديم إجازات طوعية غير مدفوعة الأجر إلى خفض الأجر للأطر العاملة بها.
وقد حثّت ثلاث أكبر تحالفات لشركات الطيران العالمية و هي “وان وولد” و “سكاي تيم” وستار الأنيسا” الحكومات إلى تقييم جميع الوسائل الممكنة لمساعدة شركات الطيران.
كما حذّرت الرابطة الدولية للنقل الجوي “أياتا” إلى أن خسائر شركات الطيران حول العالم قد تصل إلى 113 مليار دولار كإحدى تبعات تفشي فيروس كورونا (5) .
و كان لانتشار جائحة كورونا الأثر السيء على قطاع السياحة، و هذا جاء بشكل تراتبي نتيجة حالة الطوارئ الصحية التي أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية بكون فيروس كورونا يشكل وباء عالميا ، مما استلزم إلغاء الرحلات بمختلف أنواعها سواء منها الجوية أو البحرية أو البرية و أيضا إغلاق الفنادق و المعالم السياحية.
ونشير في هذا الصدد أن عددا من دول المعمور تعتمد في اقتصادها بالدرجة الأولى على انتاجها الداخلي وعلى السياحة بأكثر من 12 في المائة من الناتج العالمي السنوي.
وفي ارتباط مع ذلك نذكر تأثر قطاع الصناعة بهذه الجائحة، حيث تعيش مجموعة دول على تصدير آلياتها و منتوجاتها الصناعية، و هو ما أصبح غير متاح في الظروف الحالية بفعل إغلاق المصانع و الشركات و المؤسسات التجارية.
وقد تأثر أيضا مجال الاستثمار بهذا الوضع خاصة الاستثمار الأجنبي، الذي يشكل قطب الاقتصاد العالمي، كما ترتب عن الوضع انهيار أسواق البورصة العالمية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، و هذا كله أدى إلى الانكماش الاقتصادي العالمي.
(2) https://ar.wikipedia.org/wiki
(3) https://www.alhurra.com/business
(5) https://arabic.cnn.com/business