في الواجهةمقالات قانونية

أحــكام عقود التأمين الرياضي في التشريع الجزائري

 

أحــــــــكام عقود التأمين الرياضي في التشريع الجزائري

 

                                                                                                

                                                                                           إعداد /ذ : كـــــــربوعة زكـــــرياء

                                                                                                   مـــــستشار فـــــــي الـــتسيير و الإدارة الــــرياضيـــة

                                                                                              باحث في العلوم القانونية و الإدارية

  مـــــقدمة:

      مع تطور الحركة الرياضية في الجزائر، تأكدت إجبارية التأمين و إعتبرت كحق من حقوق الرياضي ضد المخاطر الرياضية التي يواجهها أثناء ممارسته للنشاط الرياضي، فقد أجبر القانون رقم 06/04 المؤرخ في  25/02/2006 المتعلق بالتأمينات[1]، المعدل و المتمم للقانون 95/07 من نفس القانون، و قانون رقم 13/05 المؤرخ في 23 يونيو سنة 2013 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية والرياضية وتطويرها[2]، و القانون المدني الجزائري[3] رقم05/10 المؤرخ في 20 يونيو2005 ؛

كل من الجمعيات و الرابطات و الاتحاديات و التجمعات الرياضية التي يكون هدفها تحضير المسابقات و المنافسات الرياضية و تنظيمها، التأمين من مسؤوليتها بحق الأضرار التي يتعرض لها الرياضيون  و اللاعبون و المدربون و المسيرون و الطاقم التقني، أثناء فترات التدريب و المنافسات و أثناء التنقلات الخاصة بالأنشطة الرياضية.

فقد نصت المادة 64 من قانون 13/05، على أنه يؤمن الرياضيون و مستخدمو التأطير الرياضي من مخاطر الحوادث التي يتعرضون لها قبل و أثناء و بعد التدريبات و المنافسة الرياضية الوطنية و الدولية، و يستفيدون في هـﺫا الإطار من الحماية الطبية الرياضية، زيادة على ﺫلك يستفيد هؤلاء من الحماية من كل إعتداء محتمل ﺫي صلة بمهامهم قبل المنافسات الرياضية و أثناءها و بعدها.

توكل للمسير الرياضي في إطار ممارسة مهامه التسيرية داخل التجمعات الرياضية، مهمة إبرام عقود التأمين الرياضية الخاصة بالرياضيين و مستخدمو التأطير الرياضي من مدربين، طاقم مساعد، و ﺫلك باللجوء إلى شركات خاصة بالتأمين مع تحديد نوع التأمين الرياضي بصفة خاصة.

لم يكتف القانون بإجبار التجمعات الرياضية، على إكتتاب عقود تأمين لصالح الرياضيين بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث اشترط بخصوص التأمين الإلزامي من المسؤولية المدنية، أن يكون الضمان المكتتب كافيا سواء بالنسبة الأضرار الجسمانية أو بالنسبة للأضرار المادية.

إلا أنه إذا أتفحصنا الواقع المعاش للرياضيين ضحايا الحوادث في إطار ممارستهم للنشاط الرياضي نلاحظ أن هناك حقيقة مؤثرة جدا تنجر عن الحادث الرياضي و تضع الضحايا أمام أمرين إثنين :

الأمر الأول: يتعلق بمدى تقبل فكرة التأمين في الوسط الرياضي .

     – الأمر الثاني: و يبدأ مع تحقيق الخطر و يخص الضمان الـﺫي يقع على عاتق المؤمن لصالح المؤمن لهم ضد المخاطر و الخطر المحدد في العقد.

الإطار العام للإشكالية:

إن عرض مختلف الجوانب القانونية و الإجرائية التي تنظم و تحكم عملية التأمين في الوسط الرياضي   داخل التجمعات الرياضية، أضحت حتمية واقعية لوقاية و حماية الرياضيين من أخطار الممارسة الرياضية، و ذلك من خلال تبني نظام وقاية يتماشى و الأهداف المسطرة، و إسقاطا على موضوع الدراسة، فإنه في نظرنا يتحتم على التجمعات الرياضية، أن تترجم الأهداف العامة إلى إستراتيجيات خاصة بالنشاط الرياضي و أمام مختلف الأنشطة الرياضية و مخاطر الإصابات الناجمة عن ممارسته، يمكن التنويه بأنه تم تسجيل مجموعة من المآسي التي ضربت الوسط الرياضي الجزائري، و التي أودت بحياة العديد من الرياضيين جراء أضرار جسدية خطيرة تعرضوا لها دون الحصول على تعويض في بعض الحالات و الإحتجاج عليه في مرات أخرى.

من هذا المنطلق يمكن لنا طرح التساؤل الآتي: كيف يمكن تفسير الواقع القانوني لوضعية التأمين الرياضي؟.

و إيمانًا منا بمدى جدية الموضوع و أهميته سنحاول في دراستنا هذه إتباع المحاور الآتية:

 

                 – محور تمهيدي: مدخل عام حول الموضوع.

                 المحور الأول: ماهية التأمين الرياضي و خصوصياته.

                 – المحور الثاني: المنازعات الناشئة بموجب عقود التأمين الرياضي و طرق تسويتها.

 

 

محور تمهيدي: مدخل عام حول الموضوع

إن دراسة التأمين عموما لها أهمية بالغة بالنظر إلى الدور الذي يقوم به في الحياة المعاصرة، حيث نجده متواجد في معظم الأنشطة وخاصة منها النشاط الرياضي، وبالنظر إلى الأهمية الإجتماعية و الإقتصادية لهذه العملية، وجب إعطاؤه بعدًا تنظيميا خاصة مع تزايد دوره في عصرنا هذا في مجابهة الأخطار المتنوعة منها الرياضية.

أولا/ مفهوم النشاط الرياضي:

   هو نشاط ترويجي يهدف إلى تنمية القدرات البدنية و يعد في آن واحد لعبا و عملا، و يخضع الرياضي في ممارسته للوائح و الأنظمة الخاصة، و يمكن أن يتحول إلى نشاط حرفي[4].

الفرق بين التأمين الخاص و التأمين الإجتماعي:

التأمينات الاجتماعية عبارة عن مشروع عام يهدف إلى تحقيق الأمن الاجتماعي لأفراد المجتمع وغالبا ما تكون الدولة أحد أطراف علاقته التي تسعى إلى تحقيق النفع العام، حيث تدفع إشتراكات هذا التأمين من قبل كل من العامل و صاحب العمل و كذا الدولة بنسب مختلفة يحددها القانون.

و الملاحظ أن هذه الاشتراكات لا يدفعها المؤمن له كما هو الشأن في التأمينات الخاصة و إنما تقتطع من راتبه أو أجرته، كما لا يأخذ في الإعتبار عند تحديد نسبها الخاصة جسامة الخطر المؤمن منه، و لا إلى درجة احتمال وقوعه و إنما يرتبط بالقدرة على المساهمة في عبء التأمين الاجتماعي ككل[5].

ثانيا/ الآراء الفقهية المختلفة حول القضايا المرتبطة بالتأمين الخاص[6]:

1/ لا تصح التفرقة بين التأمين الإجتماعي و التأمين الفردي، فكلاهما يقوم على أساس واحد، و لا يختلفان إلا في أن الدولة في التأمين الإجتماعي هي التي تقوم بدور المؤمن، فمن قال بجواز التأمين الإجتماعي وجب أن يقول بجواز التأمين الفردي.

2/ لا يجوز قياس عقد التأمين على عقود أو نظم معروفة في الفقه الإسلامي، فهو لا يشبه عقد المضاربة في شيء، و لا هو كفالة، و لا هو وديعة بأجر، و لا هو عقد موالاة، و لا يدخل في ضمان خطر الطريق، و لا في الوعد الملزم.

3/ التأمين عقد جديد له مقوماته و خصائصه، و هو ليس من بين العقود أو النظم التي عرفها الفقه الإسلامي، و يأخذ عليه المحرمون له أنه مقامرة، و فيه غرر و ينطوي على الربا.

4/ المؤمن يأخذ الأقساط من المؤمن لهم ثم يعيد توزيعها عليهم و لا يعرض نفسه لإحتمال الخسارة أو المكسب بأكثر مما يعرض هو أو غيره، أما بالنسبة للمؤمن له فهو لا يقامر معتمدا على الحظ و المصادفة بل بالعكس فهو يقصد أن يتوقى شر الحظ و المصادفة و يتعاون مع غيره من المؤمن لهم على توزيع الأضرار.

ثالثا/ مفهوم التجمعات الرياضية الكبرى:

بإعتبار أن عملية التأمين الرياضي تتم على مستوى ما يعرف بالتجمعات الرياضية الكبرى و المتمثلة في الاتحاديات الرياضية الوطنية و الرابطات و النوادي الرياضية، لـﺫلك سنحاول التعريف بهاته التجمعات الرياضية الكبرى، بناءا على ما جاء به قانون الأنشطة البدنية والرياضية 13/05.

1- الإتحاديات الرياضية الوطنية:

تنص المادة 87 من القانون 13/05 الاتحاديات الرياضة الوطنية بأنها جمعية ﺫات صيغة وطنية تسيرها أحكام القانون المتعلق بالجمعيات 12/06 [7] و أحكام هـﺫا القانون، و كـﺫا قوانينها الأساسية التي يوافق عليها الوزير المكلف بالرياضة كما تنص نفس المادة على ما يلي:

“…تعد الاتحادية الوطنية الأنظمة التنافسية و الأنشطة الرياضية التابعة لاختصاصاتها و تسيرها بكل استقلالية و تكون الاتحادية الرياضية الوطنية، حسب طبيعة أنشطتها، متخصصة أو متعددة الرياضات يتم ضبط مهام الاتحادية الرياضية الوطنية و تنظيمها و سيرها بموجب قانون أساسي نموﺫجي يحدد عن طريق التنظيم.”

فيما تنص المادة 88 من نفس القانون على :

“يعترف للاتحادية الرياضية الوطنية بالمنفعة العمومية و الصالح العام الوزير المكلف بالرياضة، و يحدد شروط منح الاعتراف بالمنفعة العمومية و الصالح العام للاتحادية الرياضية الوطنية عن طريق التنظيم”.

2- الرابطات الرياضية:

نصت المادة 85 من قانون 13/05 على أن:” الرابطة الرياضية جمعية تسير بأحكام القانون المتعلق بالجمعيات، و أحكام هـﺫا القانون و كـﺫا قوانينها الأساسية و القوانين الأساسية للاتحادية الرياضية الوطنية المنظمة إليها.

يمكن تأسيس الرابطة الرياضية، باقتراح من الاتحادية أو الاتحاديات الرياضية الوطنية المعنية و بعد الرأي المطابق للإدارة المكلفة بالرياضة.

للرابطة الرياضية أن تكون إما:

           أ/ حسب طبيعة نشاطاتها: رابطة رياضية متعددة الرياضات أو متخصصة.

           ب/ حسب مهامها و اختصاصها الإقليمي: رابطة وطنية أو جهوية أو ولائية أو بلدية.

و نصت المادة 86 من نفس القانون على أنه:

” تمارس الرابطة الرياضية مهامها تحت سلطة و رقابة الاتحادية الرياضية الوطنية المنظمة إليها طبقا للأحكام المـﺫكورة في القوانين الأساسية لهـﺫه الاتحادية.

تخضع الرابطة الرياضية لمراقبة الإدارة المكلفة بالرياضة و السلطات المؤهلة لـﺫلك لا سيما فيما يخص استعمال الإعانات و المساعدات العمومية.

تحدد مهام الرابطات الرياضية و تنظيمها و اختصاصاتها الإقليمية بموجب قوانين أساسية نموﺫجية تعدها الاتحادية الرياضية الوطنية و يوافق عليها الوزير المكلف بالرياضة”.

3- النوادي و الجمعيات الرياضية:

   جاءت على ﺫكرها نص المادة 72 من قانون الرياضة 13/05 و صنفتها لفئتين:

– النوادي الرياضية الهاوية                      – النوادي الرياضية المحترفة

أ/ النادي الرياضي الهاوي: عرفته نص المادة 75 هو “جمعية رياضية ﺫات نشاط غير مربح تسير بأحكام القانون المتعلق بالجمعيات و أحكام هـﺫا القانون و كـﺫا قانونه الأساسي”.

ب/ النادي الرياضي المحترف: نصت المادة 78 على أنه يعد النادي الرياضي المحترف شركة تجارية ﺫات هدف رياضي، و يمكن أن يتخـﺫ أحد الأشكال شركات التجارية الآتية:

المؤسسة ﺫات الشخص الوحيد الرياضية ﺫات المسؤولية المحدودة.

الشركة الرياضية ﺫات المسؤولية المحدودة.

الشركة الرياضية ﺫات الأسهم.

المحور الأول: ماهية التأمين الرياضي و خصوصياته

يعتبر التأمين أحد أهم و أبرز المواضيع في الساحة القانونية، و هذا طبعا نظرا لقيمته التاريخية كون أنه ليس بالجديد و لإرتباطه الوثيق بالحياة الإنسانية اليومية، لهذا تعددت و إختلفت وجهات النظر بخصوص زوايا معالجة تناول هذا الموضوع، لهذا يُعَرف التأمين على أنه؛

1/ المفهوم الفقهي للتأمين[8]:

– تعريف هيمار الفرنسي:” التأمين هو عملية بمقتضاها يحصل أحد الأطراف ( المستأمن ) لصالحه أو لصالح الغير حالة تحقق خطر ما على آداء من طرف آخر( المؤمن ) الذي يأخذ على عاتقه مجموعة من الأخطار يقوم بالمقاصة بينها وفقا لقانون الغحصاء مقابل آداء من المستأمن هو القسط “.

   – تعريف كالب الأمريكي:” التأمين وسيلة إجتماعية لإستبدال التأكد بعدم التأكد في مجال تجميع الأخطار و قد يكون عملا تجاريا كما قد يكون المؤمن هيئة خاصة أو حكومية و يستخدم في مجالها الأساليب الإحصائية.

   – تعريف د.سلامة عبد الله:” هو نظام يصمم ليقلل من ظاهرة عدم التأكد الموجودة لدى المستأمن و ذلك عن طريق نقل عبء أخطار معينة إلى المؤمن و الذي يتعهد بتعويض المؤمن له عن كل أو جزء من الخسارة المالية التي يتكبدها.

تعريف د.عادل عز:”التأمين يهدف بصفة أساسية إلى حماية الأفراد و الهيئات من الخسائر المادية الناشئة عن الأخطار المحتملة الحدوث و التي يمكن أن تقع مستقبلا و تسبب خسائر يمكن قياسها ماديا و لا دخل لإدارة الأفراد أو الهيئات في حدوثها”.

2/ المفهوم التشريعي:

تعرف المادة 619 من القانون المدني الجزائري التأمين بأنه: عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد وذلك مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.

أما المادة 02 من الأمر 95-07 الصادر في 25/01/1995 المتعلق بالتأمينات[9] في نفس السياق حيث تنص على: “إن التأمين في مفهوم المادة619 من القانون المدني: “عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه بأن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى الغير المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا أو أي أداء مالي آخر في حالة تحقق الخطر المعين في العقد وذلك مقابل أقساط أو أية دفوع مالية”.

3/ المفهوم التقنــي:

التأمين عملية تقوم على أسس فنية[10] تنظم التعاون بين المؤمن لهم من طرف المؤمن، الـﺫي يعتمد في ﺫلك على الأسس الفنية التالية:

– تنظيم التعاون بين المؤمن لهم.

– الجمع بين أخطار قابلة للتأمين.

– إجراء المقاصة بين الأخطار.

أولا: تعريف التأمين الرياضي

عموما يرتبط التأمين في المجال الرياضي بالمفهوم العام للتأمين، كما أن الفقه و القانون لم يأتي بتعريف خاص بالتأمين في المجال الرياضي، بالرغم من الخصوصية التي يستمدها هذا الأخير في مكوناته و عناصره و طبيعته القانونية بالإضافة إلى نوع الحوادث و الإصابات التي يعرف بها النشاط الرياضي في حد ذاته و قد إكتفى القانون بالنص على وجوب و إلزام التجمعات الرياضية على إختلافها بضرورة إكتتاب عقود تأمين تخص كل رياضييها و أطرها، فقد نصت المادة 64 من قانون 13/05 [11]على أنه :” يؤمّن الرياضيون ومستخدمو  التأطير الرياضي من مخاطر الحوادث التي يتعرضون لها قبل وأثناء وبعد التدريبات والمنافسات  الرياضية  الوطنية والدولية ويستفيدون في هذا الإطار من الحماية  الطبية الرياضية .

و يستفيد زيادة على ذلك الرياضيون ومستخدمو التأطير الرياضي من قبل الهياكل والمصالح اﻟﻤﺨتصة حماية  من كل إعتداء محتمل ذي صلة بمهامهم قبل المنافسات الرياضية وأثناءها وبعدها” .

ثانيا: الطبيعة القانونية للتأمين في المجال الرياضي

تطبيقا لمبدأ الإلتزام بالسلامة البدنية التي فرضها المشرع، فإن حماية الممارس من الحوادث الرياضية أصبحت تشكل أولوية قصوى، و يعتبر التأمين أداة تابعة و ملازمة لحمايتهم من الأضرار التي يحدثها الخطر المؤمن منه، سواء كان ﺫلك بالنسبة للغير أو للفرد، و المعروف أن الحوادث الرياضية تتزايد بإستمرار نظرا لإنتشار الممارسة الرياضية، لـﺫا جعل التأمين إجباريا بهدف حماية الرياضي و الغير، و قد جاء قانون 95-07 ق ت ج، ينص على أن التأمين إجباري من المسؤولية المدنية في المجال الرياضي بنص المادة 164 المنصوص عليها في القسم الخاص بالتأمينات المسؤولية المدنية:

” يجب على كل شخص طبيعي أو معنوي، يستغل محلا أو قاعة أو مكانا مخصصا لإستقبال الجمهور و/أو يكون هـﺫا الاستغلال خاص بالنشاطات التجارية أو الثقافية أو الرياضية أن يكتتب تأمين لتغطية مسؤوليته المدنية تجاه المستعملين و الغير.

تحدد شروط و كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.

و المادة172 من نفس القانون : ” تخضع لإلزامية التأمين الجمعيات و الرابطات و الاتحاديات و التجمعات الرياضية التي يكون هدفها تحضير المسابقات و المنافسات الرياضية و تنظيمها، لتغطية العواقب المالية لمسؤوليتها المدنية تجاه  الغير.

يجب أن يستفيد الرياضيون و اللاعبون و المدربون و المسيرون و الطاقم التقني أيضا من التأمين على جميع الأضرار الجسمانية التي يتعرضون لها أثناء فترات التدريب و المنافسات و كـﺫا أثناء التنقلات المتصلة بالأنشطة الرياضية”.

  • يمكن القول أن عقود التأمين الرياضي التي تكتتبها التجمعات الرياضية من إتحاديات و رابطات و نوادي و جمعيات رياضية في الجزائر، من الناحية العملية هي تأمين لتغطية مسؤوليتها المدنية تجاه منخرطيها من رياضيين و أطر عاملة في المجال الرياضي، و يغلب على هذا النوع من التأمين أنه يكون في صورة جماعية لأعضاء التجمع الرياضي، و بمبالغ للضمان زهيدة لا تعكس لا نوع الخطر و لا إحتمالية الإصابة التي قد تنجر من مزاولة النشاط الرياضي، وهي عملية (التأمين) تتسم بالشكلية لكون أنها وثيقة فقط مطلوبة في الملف الذي يودع للإستفادة من الترخيص بمزاولة النشاط، أو للمشاركة في تظاهرة رياضية.

ثالثا: خصوصيات عقود التأمين الرياضي و أهميتها

    يتميز التأمين في المجال الرياضي بجملة من الخصائص المرتبطة أساسا بنوع النشاط الممارس و المتمثل في الرياضة، بإضافة إلى الحوادث و الإصابات التي قد تحدث و هو ما من شأنه أن يحد من النشاط الرياضي، و يجعل الرياضي يعيش من الناحية الصحية حالة مزرية في ظل عدم كفاية مبلغ التعويض.

العناصر الأساسية لعقد التأمين الرياضي:

أ- الخطر في تأمين الحوادث و الإصابات الرياضية:

يعتبر الخطر أهم عنصر من عناصر عقد التأمين عموما و التأمين الرياضي خصوصا، و هو مصاحب للنشاط الرياضي المعروف عادة بكثرة الحوادث و الإصابات الرياضية، و المعروف أن الخطر الرياضي له مميزاته الخاصة به.

و يعرف الخطر على أنه حادثة محتملة الوقوع، لا يمكن التنبؤ بها و غير عادية تقع نتيجة للنشاط الرياضي أو نتيجة ممارسة الألعاب الرياضية، لا يتوقف تحققها على محض إرادة أحد المتعاقدين وحدها و على الخصوص إرادة المؤمن له، و هي حادثة إذا تحققت تمس حقوق هذا الأخير المالية منها و غير المالية.[12]

كما یعرف الحادث الریاضي قانونا[13] بأنه ” كل مـساس بالجـسد یقـع بفعــل غیــر متعمــد مــن قبــل المــؤمن لــه عــن ســبب خــارجي أي كــل حــادث مفاجئ و خارج عن إرادة المضرور”.

و عرفت وثائق التأمين الإصابات الرياضية على “أنها ضرر ما أو تعطيل و إعاقة أحد أعضاء الجسم نتيجة حدث غير متوقع أثناء ممارسة رياضة ما ودائما يكون هذا المؤثر قوي وشديد يحدث فجأة، ودائما يأتي الألم مصاحباً لممارسة النشاط الرياضي أثناء تلك الإصابة”.

و تبعا لخصوصية الحوادث و الإصابات الرياضية، فإن الخطر الرياضي له عدة شروط يجب أن يستوفيها حتى يمكن التأمين ضده، كما أن للخطر الرياضي أوصافا معينة لكل واحد منها آثارها الخاصة.

1- يجب أن تكون الحوادث الرياضية مفاجئة و غير متوقعة:

قد تتسبب ممارسة النشاط الرياضي لا محال في وقوع حوادث مفاجئة و غير متوقعة أحيانا و هذا راجع لسبب ما، فالخطر هنا غير محقق الوقوع، ينتظم في وقت واحد خاصية الشرط و خاصية الأجل غير المحقق، فخاصية الشرط هي أنه أمر غير محقق الوقوع في حالة ما سارت الأمور على ما يرام، و خاصية الأجل غير المحقق هي أنه أمر محقق الوقوع لكن لا يعلم وقت وقوعه فقد يكون أثناء عملية التحضير البدني أو خلال الإحماء أو أثناء الممارسة أو خلال التنافس، كما أنه قد لا يمنع من أن يكون بعد نهاية الممارسة أو النشاط.

2- عدم توقف تحقق الخطر الرياضي على محض إرادة أحد المتعاقدين:

   إن أساس التأمين هو إحتمال وقوع الخطر المؤمن ضده و يفترض ذلك أن للصدفة نصيبا في تحققه، فإذا كان تحقق الخطر يعتمد كليا على إرادة أحد المتعاقدين إنعدم الإحتمال بالنسبة إليه و إنعدم بالتالي عنصر من عناصر الخطر فيقع عقد التأمين باطلا بطلانا مطلقا لإنعدام محله، و قد تتدخل إرادة المؤمن في تحقق الخطر بحسن النية و عن غير قصد و هذا نادر الحدوث، كما أن لإرادة المؤمن له[14] سواءا كان رياضيا أو من الأطر العاملة بالمنظمة الرياضية في تحقق وقوع الخطر بالإتيان بفعل يصنف ضمن خانة الأخطاء شريطة أن يتصل هذا الخطأ بالنشاط الرئيسي للممارس و هنا وجب التوسع قليلا في جملة من النقاط أهمها:

  • لا يجوز للشخص أن يؤمن نفسه من خطأه العمدي، لأن الخطأ العمدي الذي يصدر منه يتعلق بمحض إرادته.
  • أن يكون الفعل عن غير قصد و بدون تحايل.
  • أن تكون مصلحة الشخص المؤمن مصلحة إقتصادية مشروعة غير مخالفة للنظام العام و الآداب العامة.
  • قضية تطبيق نظرية المخاطر على بعض الأنشطة الرياضية و بعض الرياضات التي تعتمد على الخشونة أثناء الممارسة و أن هذه الرياضات لا يجوز التأمين فيها ضد الممارسة لكون أنها تقتضي إستخدام القوة و العنف، في هذا الصدد يمكن القول بجواز التأمين ضد المخاطر و الحوادث التي قد تنجر من هذه الرياضات بشريطة أن تكون ضمن قواعد اللعبة و لا تخرج عن سياقها.

3- أوصاف الخطر الرياضي المؤمن منه:

  1/ الأخطار القابلة للتأمين و الأخطار الغير قابلة للتأمين:

بشكل عام تكون كافة الأخطار قابلة للتأمين، و بإمكان الرياضي أو الجهة المسؤولة على عملية التأمين أن تؤمن ضد المخاطر الرياضية التي تراها تتلائم و النشاط الرياضي الممارس شريطة أن تكون مشروعة و تراعي الشروط المذكورة أعلاه، بالمقابل هناك مخاطر غير قابلة للتأمين لعدم مشروعية المحل فيها[15].

2/ الأخطار الثابتة و الأخطار المتغيرة:

يعتبر الخطر ثابتا إذا بقي إحتمال تحققه ثابتا خلال مدة التأمين أو على الأقل خلال وحدة زمنية معينة،ـ كإكتتاب عقود تأمين رياضي خاصة بطول مدة المشاركة في الحدث الرياضي أو التظاهرة الرياضية، و ثبات الخطر ليس معناه الثبات المطلق المنتظم، و لكن يقصد به الثبات النسبي الذي يحتمل بعض التغيرات المؤقتة، أما الخطر المتغير فهو الخطر الذي تتغير درجة إحتمال تحققه خلال مدة التأمين سواء كان التغير بالزيادة أو النقصان، فإذا زادت درجة إحتمال تحقق الخطر سمي خطرا متزايدا، و إذا نقصت درجة إحتمال تحققه سمي خطرا متناقصا[16].

3/ الأخطار المتجانسة و الأخطار المتفرقة:

الخطر المتجانس هو مجموعة أخطار تتشابه فيما بينها من حيث الطبيعة و المدى، فمن حيث الطبيعة يتطلب الأمر في كثير من عمليات التأمين الجمع بين أنواع مختلفة من المخاطر و ينبغي أن تكون هذه المخاطر مترابطة كتأمين النادي ضد المخاطر الناجمة عن المسؤولية المدنية، و يعتد في هذا النوع بالنسبة للأشخاص للتجانس من حيث العمر و الحالة الصحية للمستأمنين.

أما الخطر المتفرق أو المتواتر فيتعلق الأمر بالجمع بين العديد من المخاطر التي لا يتحقق منها إلا العدد القليل، و لن يتحقق في وقت واحد، و إنما في فترات متباعدة حتى يسمح لشركات التأمين بتقديرها بحسب عدد الأخطار المحتملة الوقوع و عدد الحوادث الضارة من جهة أخرى

 

   4/ الأخطار المعينة و الأخطار الغير معينة:

الخطر المعين هو ذلك الذي يقع الإحتمال فيه على محل معين وقت إبرام العقد، كتأمين الرياضي على نفسه في شكل عقد تأمين رياضي فردي، و هنا محل التأمين يكون معين و هو شخص و حياة الرياضي، عكس الخطر الغير معين الذي يكون فيه المحل غير معين بذاته وقت إنعقاد العقد.

  • يمكن القول مما تقدم إلى أن المشرع الجزائري لم يستحدث بشأن الخطر الشيء الكثير، فقد أضاف شرطا يتعلق بعدم إبرام عقود التأمين على خطر يكون قد تحقق قبل إبرامه كذلك فإن الأحكام المتعلقة بالخطر في هذا التشريع، تبدوا أكثر وضوحا من غيرها من التشريعات العربية، فقد بينت ما هي شروطه و مواصفاته، بالإضافة إلى تحديد و تعيين جميع أنواع الخطط الذي يعد أهم عنصر يميز عقد التأمين الرياضي[17].

ب- أطراف عقد التأمين الرياضي:

تنص المادة 172 من قانون 95/07 على أنه ” تخضع لإلزامية التأمين الجمعيات و الرابطات و الاتحاديات و التجمعات الرياضية التي يكون هدفها تحضير المسابقات و المنافسات الرياضية و تنظيمها، لتغطية العواقب المالية لمسؤوليتها المدنية تجاه  الغير.

يجب أن يستفيد الرياضيون و اللاعبون و المدربون و المسيرون و الطاقم التقني أيضا من التأمين على جميع الأضرار الجسمانية التي يتعرضون لها أثناء فترات التدريب و المنافسات و كـﺫا أثناء التنقلات المتصلة بالأنشطة الرياضية”.

يستشف من نص المادة أن أطراف عقد التأمين الرياضي يمكن تصنيفهم إلى:

1/ الـــمؤمن:

   يقصد بالمؤمن في مضمون عقد التأمين الرياضي هي شركات التأمين العمومية و الخاصة و التي يتم على مستوى مقراتها أو وكلاتها إبرام عقود للتأمين الرياضي ضد الحوادث و الإصابات الرياضية و بعقود مختلفة بحسب الطلب المقدم من المؤمن له، و يمكن تعدادها عمليا على سبيل الحصر بكل من:

– الشركة الجزائرية للتأمين و إعادة التأمين.

– الشركة الجزائرية للتأمين.

– الشركة الجزائرية للتأمين الشامل.

– الشركة الجزائرية الدولية للتأمين و إعادة التأمين CIAR.

– الشركة الجزائرية للتأمين MACIR VIE.

2/ المؤمن له:

قد یكون المكتتب نفسه هو المؤمن له كما لو كان ممارسا أو رياضيا أو لاعباً و له الإختيار  فيما أن یتخذ المؤمن له الصفة الفردیة أو بصفة جماعية أو أن یكتتب العقد لصالح النادي المسير المسؤول على إدارة و تنظيم شؤونه، و تبعا لما نصت عليه المادة 67 و المادة 172 من قانون التأمينات 95/07 فالمؤمن له في التأمين الرياضي

هي الهياكل الخاصة بالتنشيط الرياضي المذكورة في متن القانون الخاص بالأنشطة الرياضية و البدنية13/05 و هي كالآتي:

– جمعيات رياضية.

– نوادي رياضية.

– الرابطات الرياضية.

– الإتحادات و الفيدراليات الرياضية.

و تشتمل صفة المؤمن لهم في حالة إكتتاب عقود التأمين الرياضي الجماعية التي تكون في مضمونها خاصة بالتأمين على المسؤولية المدنية تشمل كافة منتمي الهيكل الرياضي من رياضيين و أطقم و أطر مسيرة و غيرها من أعضاء النادي.

ج- أشكال عقود التأمين الرياضي:

   تتخذ عقود التأمين الرياضي من الناحية العملية شكلين هما:

   1/ عقود التأمين الفردي ضد الحوادث و الإصابات الرياضية:

نصت المادة 62 من قانون 95/07 المتعلق بالتأمينات على أنه: ” يمكن أن يتخـﺫ التأمين على الأشخاص شكلا فرديا أو جماعيا”.

من هـﺫا المنطق يمكن القول على أن التأمين على الأشخاص يتخـﺫ شكلا فرديا إﺫا تمت عملية الإكتتاب لفرد واحد أي إﺫا قام المؤمن له بالتأمين على نفسه أو على غيره، كما يأخـﺫ التأمين شكلا جماعيا إﺫا إتجه إلى مجموعة من الأشخاص ينتمون إلى هيئة واحدة.

نصت الفقرة الثانية من المادة 62 من قانون التأمينات على أنه: ” تأمين مجموعة أشخاص تتوافر فيهم صفات مشتركة و يخضعون لنفس الشروط التقنية في تغطية خطر أو عدة أخطار منصوص عليها في التأمين على الأشخاص”، و هو ما يتوافر في أعضاء الجمعية الرياضية سواءا كانت ناديا أو رابطة أو إتحادية، هم رياضيين ينتمون لجهة واحدة في إختصاص رياضي معين.

و يعرف التأمين الجماعي بأنه تأمين يعقده شخص لمصلحة مجموع من الناس، تربطه بهم رابطة عمل تجعل له مصلحة في هذا التأمين.

و من خصائص هذا التأمين الجماعي أن طالب التأمين يعقده لمصلحى مستفدين لا يعنيهم بذواتهم، و إنما يكون تعيينهم بتعيين الصفات التي تجمع بينهم في علاقاتهم به، كأعضاء النادي الرياضي مثلا[18].

2/ عقود التأمين من المسؤولية المدنية في المجال الرياضي:

تعرف المسؤولية المدنية في الميدان الرياضي[19] على أنهما “عقد بموجبه يضمن المؤمن الأضرار الناتجة عن الدعاوى الموجهة من الغير ضد المؤمن له.”

و تبعا لما جاء في نص المواد 164 و 172 من الأمر 95/07 الخاص بالتأمينات فإن الملزمین بالتأمین

عن مسؤولیتهم المدنیة في المجال الریاضي یتمثلون حصرا فیما یلي:

–  الجمعیات و الرابطات و الإتحادیات و التجمعات الریاضیة الهادفة لتحضیر المسابقات والمنافسات

الریاضیة وتنظیمها.

–  المستغلون للمنشآت الریاضیة الوطنیة فیما یتعلق بتأمین المسؤولیة المدنیة للحكام و قضاة التحكیم

التابعین لها.

–  الرابطات الوطنیة أو الجهویة و الولائیة فیما یتعلق بتأمین المسؤولیة المدنیة للحكام و قضاة التحكیم

الجهویین والولائیین.

المحور الثاني: المنازعات الناشئة بموجب عقود التأمين الرياضي و طرق تسويتها

تثير عقود التأمين الرياضي نزاعات حول تنفيذها أو تفسيرها، و يسعى الأطراف لتسوية ذلك بمختلف الطرق الممكنة بطريقة ترضي الأطراف، إلا أنه أحيانا و نظرا لتشبث كل طرف بأحقيته بحقوقه دون الآخر مما يستدعي التوجه نحو فض هذه المنازعات عن طريق القضاء.

أولا- طرق الــتسوية الودية:

تسوى منازعات التأمين في غالب الحالات بالطرق الودية، إذ تقدم شركات التأمين للمؤمن لهم المضرورين مبالغ تساوي مقدار الخسارة التي يتعرضون لها، و ينتهي الأمر بتوقيع الطرفين على إيصال المخالصة، في حالة ما كانت المنازعات الناشئة بسيطة.

أما في المنازعات التي تكون فيها الأمور غير واضحة، فيلتجئ الأطراف إلى الإستعانة في أسباب تحقق الخطر و تقدير الضرر بالخبراء كل حسب إختصاصه[20]، إذ أن طبيعة الخطر المؤمن منه يستوجب رجل مؤهل و معتمد لمعاينة الأضرار التي يسببها الحادث، و الغالب في تقديرات التعويض الممنوحة من شركات التأمين، للمؤمن لهم في عقود التأمين الرياضي أنها تمتاز بالرضائية و الودية بمجرد وقوع الإصابة أو الحادث الرياضي و التأكد من تحقق الشروط المنصوص عليها قانونا، يتم تعويض الطرف المتضرر، لكن أحيانا قد تتسبب تعقد الإصابة أو عدم فهم ملابسات الحادث الرياضي في تأخر عملية الفصل في أحقية التعويض من عدمه بالإضافة لقضية تقديره، فالقانون أوجب ضرورة تدخل خبراء مختصين و معتمدين عادة

ما يكونون من سلك الطب كون أن الضرر يكون ذو صبغة طبية، في هذا الصدد يقوم هؤلاء الخبراء بإنهاء مهامهم بتقديم تقارير تتضمن تشخيص دقيق و مفسر ممهورة  بإقتراحات و توصيات و حلول تؤدي في أغلب الأحيان إلى قبولها من قبل الأطراف إلا أنه في بعض الحالات لا يقبل أحد الأطراف بنتائج الخبرة، فيلتجئ في هذه الحالة إلى تسوية النزاع بالطرق القضائية.

ثانيا- تسوية الــنزاعات بالطرق القضائية:

وجب التميز بين كل من الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين و الدعاوى غير الناشئة عن عقد التأمين.

1- الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين[21]:

هي الدعاوى الناشئة بمناسبة عقد التأمين المبرم و هي كتالي:

دعاوى فسخ العقد: هي القواعد التي تخضع في مضمونها و إجراءاتها للقواعد العامة الواردة في القانون المدني و قانون الإجراءات المدنية ما عدا تلك الحالات التي يتم فيها الفسخ بالتراضي أو بإتفاق الطرفين أو لشرط تضعه شركات التأمين كجزاء على عدم دفع الأقساط أو إخلال المؤمن له بإحدى إلتزاماته التعاقدية.

دعوى المطالبة ببطلان العقد: يكون ذلك لمن له مصلحة بالتمسك به، فقد يكون للمؤمن له أو المؤمن طلب بطلان العقد في حالة وجود خلل في ركن من أركانه[22] أو في شرط من شروطه الأساسية، كما يمكن لشركة التأمين طلب إبطال العقد إذا تبين لها بأن المؤمن له قد إرتكب غشا أو تصريحا لا يعبر عن الظروف الحقيقة للخطر المؤمن منه.

  و بالرغم من كون أن عقود التأمين هي عقود إذعان و ما تحويه يكون مرتبا و مكتوب مسبقا إلا أن هذا لا يؤثر من أحقية المؤمن له في أن يطلب بطلان الشروط التعسفية التي تدرجها شركة التأمين في وثيقة التأمين و المنصوص عليها في المادة 622 ق م ج، كالشرط الذي يقضي بسقوط الحق في التعويض بسبب خرق المؤمن له للقوانين او التنظيمات السارية المفعول أو بسبب تأخره عن إخطار الشركة بالحادث المؤمن منه بالرغم من أن التأخر كان لعذر مشروع، و غيرها من الشروط التعسفية التي تضعها شركة التأمين ضمن شروطها العامة في العقد للإضرار بالمؤمن له و مصلحته الإقتصادية.

دعوى الإسترداد: بإسترجاع ما كان قد تحصل عليه المؤمن له من تعويضات غير مستحقة.

دعوى الإسترجاع: بإسترداد ما دفعه المؤمن له للمؤمن من أقساط زائدة.

دعوى المطالبة بدفع الأقساط الإضافية المستحقة عن تفاقم الخطر المؤمن منه و غيرها من الدعاوى التي ترفع من المؤمن له أو المؤمن و التي يكون مصدرها عقد التأمين.

2- الـــدعاوى غير الناشئة عن العقد:

دعوى المضرور ضد المسؤول عن وقوع الحادث و المتسبب فيه المؤمن على نفسه من المسؤولية المدنية.

دعوى المؤمن له ضد المؤمن للتعويض عن المماطلة التعسفية في إعطائه حقوقه الناشئة عن عقد التأمين.

الدعوى المباشرة التي يرفعها المضرور ضد المؤمن في التأمين من المسؤولية.

دعوى الدائن المرتهن أو صاحب حق الإمتياز ضد المؤمن للمطالبة بمبلغ التأمين.

دعوى الحلول من المؤمن ضد المسؤول عن وقوع الحادث المتسبب في ضرر المؤمن له، و تطرح هذا النوع من الدعاوى إشكاليات متعددة عمليا، فبالرجوع للقواعد العامة المنصوص عليها في القانون المدني الجزائري، نجد أنه نظم أحكام الحلول بنوعيه القانوني و الإتفاقي في المواد من 261 إلى غاية 275.

  هذا و قد إعتبرت الإ‘جتهادات القضائية دعوى الحلول أمرا ضروريا لإثبات الصفة، و يبدو أنها لا تعني عقد الجلول ذاته بإعتبار أن دعوى الحلول في عقود التأمين هو حلول بقوة القانون، و هو ما نصت عليه المادة 38 من قانون 95/07 الخاص بالتأمينات، و إنما قد يكون القصد منه مخاصة الوفاء التي هي شرط ضروري لرفع الدعاوي[23].

3- الإختصاص النوعي و المحلي لدعاوى عقود التأمين الرياضي:

  قبل التطرق لمسألة الجهة المختصة محليا و نوعيا للنظر و الفصل في هذا النوع من القضايا و جب التنويه بالمسائل الآتية[24]:

1- يختص القضاء العادي بمختلف درجاته بالنظر في دعوى التأمين، في ظل غياب النص على شرط التحكيم في عقود و وثائق التأمين الرياضي، فإن القضاء العادي دون غيره هو صاحب الولاية العامة في الفصل في قضايا و نزاعات تفسير و تنفيذ عقود التأمين الرياضي.

2- جل القضايا عقود التأمين الرياضي المرفوعة أمام القضاء العادي هي منازعات مرتبطة بالتعويض و كيفياته، و هذا راجع لسببن، إما لعدم كفاية التعويض المتحصل بالنظر لحجم الحادث أو الإصابة الواقعة على الرياضي المتضرر، أو عدم حصوله على مستحقاته المنصوص عليها في العقد.

3- تمتاز غالبية الأحكام الصادرة عن القضاء العادي في قضايا التأمين الرياضي أنها ترتكز على نتائج الخبرة الطبية التي يطلبها القاضي حتى يستند عليها في حكمه بالتعويض و التي في الغالب تراها شركات

التأمين أنه مبالغ فيها.

4- مسألة تقدير التعويض الخاص بالتأمين الرياضي، تخضع للسلطة التقديرية للقاضي.

أولا/ الإختصاص النوعي لدعاوى التأمين الرياضي:

الملاحظ بأن قانون التأمين الحالي95/07 و لا القوانين المرتبطة بالرياضة، لم تضع قواعد تتعلق بالإختصاص النوعي، و عليه نزاعات التأمين الرياضي، تخضع للشريعة العامة أي القواعد الواردة في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.

و يتحدد الإختصاص النوعي بالنسبة لدعاوي التأمين الرياضي، إما على أساس الطبيعة القانونية للعقد في حد ذاته أو على أساس طبيعة الفعل المتسبب في الضرر، و تتحدد هذه الطبيعة بناءا على عناصر العقد ذاته من حيث شكله و موضوعه و صفة أطرافه.

و الغالب فيها أنها تخضع للقضاء المدني، إلا منها التي تكون الدولة طرفا فيها كتلك النزاعات التي تكون فيها وزارة الشباب و الرياضة كطرف مدعى عليه أو هي المدعي أو كطرف مدخل في النزاع، أو الإتحادية التي ينتمي لها الرياضي، فالقضاء الإداري يكون هو المختص في الفصل في هذا النوع من القضايا.

ثانيا/ الإختصاص المحلي لدعاوى التأمين الرياضي:

الدعاوى المتعلقة بتحديد التعويضات المستحقة و دفعها تكون من إختصاص المحكمة التابعة لموطن أو محل إقامة المؤمن له، و ذلك في جميع أنواع التأمين، سواء أكان المدعي عليه مؤمنا أو مؤمنا له، و هذا هو الأصل العام، و يستثنى من ذلك:

       – الدعاوى المتعلقة بالتأمين من الحوادث بجميع أنواعها يكون الإختصاص للمحكمة التابعة للمكان الذي وقع فيه الفعل الضار.

  • بالنسبة لتقادم دعوى التأمين الرياضي، فهو شأنها شأن دعاوى التأمين العادي، حيث حدد المشرع مدة التقادم بثلاث سنوات، المادة 27 من قانون 95/07 الخاص بالتأمينات.

الخاتمة:

لقد أصبح التأمين الرياضي، حقيقة يمليها علينا الواقع المعاش، لذا بات من الضروري إيجاد الصيغة القانونية المناسبة لدمج هذا النوع من التأمينات، كأحد فروع العمليات المحددة للتأمين، شأنه في ذلك شأن باقي الأنواع الأخرى، على أن تراعى فيه خصوصية النشاط الممارس و نوع الأخطار و درجة جسامتها، و ذلك بوضع جداول تصنيفية لمختلف التعريفات الخاصة بكل نشاط رياضي.

من هذا المنطلق يمكن لنا رفع مجموعة من التوصيات و الإقتراحات التي من شأنها إثراء الموضوع :

1/ تفعيل الجهاز المتخصص بوضع التعريفات الخاصة بالتأمين الرياضي، من خلال تفعيل مساهمة الفاعلين في المجال الرياضي من رياضيين و مسيرين و مؤطرين.

2/ تكوين مسيرين في مجال التأمين الرياضي توكل لهم مهمة الإشراف و المتابعة و الرقابة الخاصة بمجال تطبيق و إحترام عقود التأمين الرياضي.

3/ المساهمة بالملتقيات والندوات بصورة دورية للمساهمة في التعريف بهذا النوع من التأمينات.

4/ تقديم مشاريع قوانين خاصة بتنظيم هذا النوع من التأمينات كخطوة أولية في طريق تجسيده على أرض الواقع.

5/ الحث على إنشاء تجمعات و تعاضديات تأمينية في المجال الرياضي تضمن مجموعة من المنخرطين من رياضيين و مسيرين و أطر في المجال الرياضي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الــــمراجع المعتمدة:

أولا/ المصادر القانونية:

1/ الأمر 95-07 المؤرخ في 25 جانفي 1995، المتعلق بقانون التأمينات، الجريدة الرسمية عدد 13، الصادرة في 08 مارس 1995.

2/ الأمر 13-05 المؤرخ في 23 يوليو 2013، المتعلق بتنظيم الأنشطة الرياضية و البدنية و تطويرها، الجريدة الرسمية عدد 39، الصادرة في 31 جويلية 2013.

3/ قانون رقم 06/04 المؤرخ في20 فيفري 2006، المعدل و المتمم للأمر95/07الموافق25/01/1995، المتعلق بالتأمينات،الجريدة الرسمية عدد 15، الصادرة 12 مارس 2006.

ثانيا/ الـــكتب:

1/ أحمد حسن الشافعي، التشريعات في التربية البدنية و الرياضة، الطبعة الأولى، الجزء الأول، دار الوفاء، الإسكندرية، 2004.

2/ أحمد حسن الشافعي، القانون المدني و الرياضة ( الإحتراف- العقد- التأمين)، الطبعة الأولى، دار الوفاء للطباعة  و النشر، الإسكندرية، 2005.

3/ أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، الطبعة الثالثة، طبعة نادي القضاة، مصر، 1991.

4/ عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1964.

5/ معراج جديدي، محاضرات في قانون التأمين الجزائري، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2016.

 

 

 

 

[1] قانون رقم 06/04 الموافق20/02/2006، المعدل و المتمم للأمر95/07الموافق25/01/1995، المتعلق بالتأمينات،ج .ر.ع 15، الصادرة 12/03/2006.

[2] قانون رقم 13/05 الموافق23/07/2013، المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها، ج .ر.ع 39، الصادرة 31/07/2013.

[3] الأمر رقم 75-58 الموافق 26/09/1975 المعدل و المتمم بالأمر رقم 07-05 الموافق 13/05/2007، ج رع 31 المؤرخة في13/05/2007.

[4] أحمد حسن الشافعي، التشريعات في التربية البدنية و الرياضة، الطبعة1، الجزء1، دار الوفاء، الإسكندرية، 2004، ص 34.

[5] أنظر المادة 18 من القانون رقم 83/14، المتعلق بإلتزامات المكلفين في مجال الضمان الإجتماعي المعدل و المتمم، و كذا المادة 72 من القانون رقم 83/11، المتعلق بالتأمينات الإجتماعية المعدل و المتمم.

[6] عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1964،ص 1089.

[7] قانون رقم 12/06 المؤرخ في 12/01/2012، المتعلق بالجمعيات، ج ر ع 02، الصادرة 15/01/2012.

[8] د.ممدوح حمزة أحمد، د. ناهد عبد الحميد، إدارة الخطر و التأمين، مطبعة جامعة القاهرة، مصر، 2003، ص 243.

[9] الأمر رقم 95/07 المؤرخ في 25/01/1995، المتعلق بالتأمينات، ج.ر.ع.13، الصادرة 08/03/1995.

[10] عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، المجلد2، دار النهضة العربية، 1964، ص1027.

[11] قانون رقم 13/05 الموافق23/07/2013، المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها، ج .ر.ع 39، الصادرة 31/07/2013.

[12] أحمد شرف الدين، أحكام التأمين، الطبعة الثالثة، طبعة نادي القضاة، مصر، 1991، ص 115.

[13] أحمد حسن الشافعي، القانون المدني و الرياضة ( الإحتراف- العقد- التأمين)، الطبعة الأولى، دار الوفاء للطباعة  و النشر، الإسكندرية، 2005، ص 14.

[14] أحمد شرف الدين، المرجع السابق، ص 115 و مايليها

[15] المواد 29، 39، من قانون 95-07، المتعلق بقانون التأمينات، المادة 621 من القانون المدني الجزائري.

[16] أحمد شرف الدين، المرجع السابق، ص 148.

[17] معراج جديدي، محاضرات في قانون التأمين الجزائري، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر، 2016، ص 50.

[18] عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق، ص 1404.

[19] عبد الرزاق بن خروف، التأمينات الخاصة في التشريع الجزائري، التأمينات البرية، الجزء1، الجزائر، 2000، ص 206.

[20] معراج جديدي، المرجع السابق، ص 85.

[21] معراج جديدي، المرجع السابق، ص 87.

[22] لم نتطرق لمسألة الأركان العامة و الخاصة لعقد التأمين الرياضي وهذا راجع لكونها لا تخرج عن ما هو مذكور في عقود التأمين العادية، و هي نفسها عدا ما سبق ذكره في متن هذا البحث من خصوصيات و شروط يتميز بها عقد التأمين الرياضي عن باقي أنواع التأمين.

[23] معراج جديدي، المرجع السابق، ص 88.

[24]  الإطلاع على ملف خاص يحمل مجموعة من القضايا الخاصة بالتأمين الرياضي المرفوعة أمام الجهات القضائية المختلفة، منها ما هو مفصول فيه و منها ما هو محفوظ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى