في الواجهةمقالات قانونية

حدود مواكبة القضاء الزجري للسياسة الجنائية في مجال التكفل بالنساء ضحايا العنف الزوجي على ضوء القانون 103.13 بشأن محاربة العنف ضد النساء –

 

حدود مواكبة القضاء الزجري للسياسة الجنائية في مجال التكفل بالنساء ضحايا العنف الزوجي

  • على ضوء القانون 103.13 بشأن محاربة العنف ضد النساء –

سفيان شاوش

طالب باحث بسلك ماستر العدالة الجنائية والعلوم الجنائية بكلية الحقوق بفاس –الفوج 11-

خريج ماستر قضاء الأسرة بكلية الشريعة بفاس

 

لقد عملت المملكة المغربية على ملاءمة قوانينها مع التوجه العالمي، فقامت بتبني مجموعة من الاستراتيجيات الوطنية ابتداء من سنة 2002، والتي تستمد مرجعيتها من الوثيقة الأممية التي تتضمن الاستراتيجيات النموذجية والتدابير العملية للقضاء على العنف ضد المرأة في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية، المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قراراها عدد 86/52 المؤرخ في دجنبر 1997، حيث تضمنت هذه الوثيقة مجموعة من الإجراءات العملية الملزمة للدول والتي يتعين مباشرتها لتطوير المنظومة القانونية في مجال الحماية والتكفل بالنساء ضحايا العنف، وتطوير قدرات كافة المتدخلين في أجهزة البحث والتحري وباقي مكونات المؤسسة القضائية.

وأبرز ما أفرزته هذه الاستراتيجيات المتعاقبة هو العمل على الارتقاء بمستوى التكفل بالنساء ضحايا العنف، سعيا نحو إرساء منظور جديد يتوخى توفير تكفل حقيقي لهذه الفئة، في سبيل تحقيق هذه الغاية، فقد أحدثت وزارة العدل بكافة محاكم المملكة خلايا للتكفل بالنساء ضحايا العنف منذ سنة 2004، أعقبها خلق لجان محلية وجهوية بصفتها آليات للتنسيق بين جميع المتدخلين الحكوميين وغير الحكوميين.

وبالرغم من كل هذه الجهود، ظلت المرأة المغربية تعاني من مظاهر التمييز، الذي يعتبر العنف من أبرز تجلياته، خاصة العنف الزوجي، بحيث أنه دائما ما يتصدر الإحصائيات الرسمية المتعلقة برصد ظاهرة العنف ضد النساء.

في هذ الصدد، بدأت تتضح الحاجة إلى مقاربة قانونية التي لا تقل أهمية عن مجموع  المقاربات الضرورية الأخرى، فتم إصدار قانون جديد رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء[1]،الذي حاول من خلال مقتضياته الاهتمام بمحاربة العنف ضد النساء بأبعاده الوقائية والزجرية والحمائية، ثم التكفلية.

وبالرغم من الحيز الضيق الذي أخذه البعد التكفلي من القانون أعلاه، إلا أنه قنن خلايا التكفل ووضعها في إطارها القانوني والمؤسساتي، فضلا عن إحداثه لأول مرة لجنة وطنية للتكفل كآلية للتنسيق، ليعقبه المرسوم التطبيقي الصادر بتاريخ 10 أبريل 2019[2]، الذي حدد بدقة تأليف جميع الخلايا وحدد كيفيات عمل اللجنة الوطنية.

فمسار التكفل القضائي بالنساء ضحايا العنف عموما لا يمكن أن يكتمل ويحقق أهدافه، إلا باكتمال مراحله الثلاث؛ المرحلة الأولى تتعلق بالبحث التمهيدي التي تضم الاستقبال والاستماع وأجرأة الشكاية، مرورا بالمحاكمة، ثم التنفيذ.

وتعد المحاكمة أهم مرحلة في مسار التكفل، إذ بعد اتخاذ قرار المتابعة من طرف النيابة العامة، يبدأ دور القضاء الزجري، بحيث يقوم بدور جوهري في إطار ما يمكن أن يتخذه من تدابير وأحكام، بما يضمن تكريس مناهضة العنف ضد النساء.

إذ من المسلم به أن النصوص القانونية إذا لم يتم تطبيقها تطبيقا سليما وفق روح التشريع، فإنها تظل مجرد نصوص محفوظة في الكتب القانونية، لذلك فإن الأجهزة المنوطة بها مهمة السهر على تطبيق القانون تعتبر مسؤولة مسؤولية كاملة في الحد من انتشار الجريمة أو سببا غير مباشر في استشرائها[3]، وتعتبر قضايا العنف ضد النساء في حاجة أكثر لتدخل الجهاز القضائي، ليقوم بدوره في ضمان الحفاظ على كرامتهن عن طريق مجموعة من التدابير والإجراءات، كما أن منطوق أحكامه في مثل هذه القضايا، تعطي إذا ما كانت إيجابية؛ إشارة قوية على تتبع ومواكبة السلطة القضائية لتوجهات السياسة الجنائية، التي تعتبر قضايا العنف ضد النساء في مقدمة أولوياتها.

من هنا تتضح إشكالية الموضوع المركزية، التي تتعلق أساسا بمدى نجاعة الجهاز القضائي خلال مرحلة المحاكمة في حماية النساء ضحايا العنف عموما، والزوجات المعنفات على وجه الخصوص، وحدود قدرته على مواكبة السياسة الجنائية في تطويق هذه الظاهرة المستفحلة، في سياق يتسم بدخول قانون جديد لمحاربة العنف ضد النساء.

للإجابة عن هذه الإشكالية ارتأيت تناول الموضوع من خلال المحاور الآتية:

المحور الأول: الضمانات الحمائية المقررة للنساء ضحايا العنف خلال مرحلة المحاكمة على ضوء قانون محاربة العنف ضد النساء

المحور الثاني: المحور الثاني: الدور القضائي في التكفل بالنساء ضحايا العنف الزوجي خلال مرحلة المحاكمة

 

 

 

 

 

 

 

 

المحور الأول: الضمانات الحمائية المقررة للنساء ضحايا العنف خلال مرحلة المحاكمة على ضوء قانون محاربة العنف ضد النساء

بعد التكفل بالنساء المعنفات في مراحله الأولى من استقبال واستماع، وفي حالة اقتناع النيابة العامة بمتابعة المشتكى به، يأتي دور الجهاز القضائي المختص في استئناف مسار التكفل في إطار محاكمة عادلة، يحاول من خلالها خلق التوازن المطلوب بين إنصاف المعنفة، وصيانة حقوق دفاع المتهم.

ويرشدنا الدليل العملي للتكفل القضائي بالنساء ضحايا العنف إلى الضمانات الأساسية التي يجب أن تستفيد منها الضحية (الفقرة الأولى) فضلا عن مجموعة من التدابير المهمة؛  جاء بها قانون محاربة العنف ضد النساء (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الضمانات  الحمائية النموذجية  الواردة بالدليل العملي
  • تمكين المشتكية من مساعدة محامي في إطار المساعدة القضائية في حالة عوزها للدفاع عن حقوقها؛
  • إتاحة الفرصة للمشتكية للإدلاء بكافة الحجج والأدلة بما في ذلك القرائن البسيطة التي تثبت ادعاءاتها اتجاه المعتدي؛
  • إشعارها بحقوقها المدنية المرتبطة بالاعتداء الذي كانت ضحية له؛
  • الاستماع إلى الشهود ومواجهة المتهم بتصريحاتهم وشهاداتهم؛
  • الحرص على عدم تأخير القضية إلا إذا كان ذلك ضروريا ولآجال قريبة تحترم الحدود الدنيا للآجال القانونية؛
  • الحرص على تكليف الضابطة القضائية كلما لزم الأمر ذلك – تحت إشراف النيابة العامة- بالسهر على التبليغ سواء تعلق الأمر باستدعاء الأطراف أو الشهود حتى تكون القضية جاهزة للبت في أقرب الآجال؛
  • إجراء الخبرات الطبية إذا اقتضى الأمر ذلك؛
  • تقدير العقوبة ينبغي أن يراعي ظروف الطرفين الاجتماعية ومدى إمكانية استعداد المعنف للالتزام بعدم معاودة ممارسة العنف؛
  • تقدير العقوبة في حالة العنف الزوجي، بشكل يراعي وجود أبناء بين الطرفين، أو توافر حالة العود في حق الزوج، او استعماله السلاح، أو كون الضحية حاملا أو معاقة أو تعاني من مرض مزمن، وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشرع جعل من خلال قانون محاربة العنف ضد النساء العنف الممارس على المرأة بسبب جنسها سببا لتشديد العقوبات؛
  • تقدير التعويض عن الضرر على أساس حجم الضرر اللاحق بالضحية وأبنائها من جراء الاعتداء، وكذا الجانب المتعلق بالضرر الحاصل بحرمانها من نفقتها هي وأبنائها طيلة أمد النزاع والمصاريف التي تكبدتها؛
  • تفعيل مقتضيات المادة 392 من قانون المسطرة الجنائية[4]، المتعلقة بالتنفيذ المعجل في الشق المتعلق بالمطالب المدنية.[5]
الفقرة الثانية: التدابير الحمائية الواردة بقانون محاربة العنف ضد النساء بين النص والممارسة القضائية

علاوة على الضمانات الواردة بالدليل العملي للتكفل القضائي بالنساء ضحايا العنف، تنبغي الإشارة في البداية إلى أن قانون محاربة العنف ضد النساء جاء بمستجدات مسطرية غاية في الأهمية؛ على مستوى ممارسة الدعوى المدنية التابعة، و عقد الجلسات، فضلا عن  إقراره لمجموعة من التدابير الحمائية الفورية التي يجب أن  تتخذ في قضايا العنف ضد النساء، ومنهن الزوجة المعنفة.

بخصوص ممارسة الدعوى المدنية التابعة للمطالبة بالتعويض، تم تقييد حق الجمعيات التي تعنى بمناهضة العنف ضد النساء أن تنتصب طرفا مدنيا، بشرط الحصول على إذن كتابي من الضحية.[6]

ونظرا لخصوصية قضايا العنف ضد النساء تم التنصيص على إمكانية عقد جلسات سرية بطلب من الضحية،  خروجا عن مبدأ علنية الجلسات، وذلك إذا تعلق الأمر بعنف أو اعتداء جنسي ضد امرأة أو قاصر.[7]

وفي سبيل فرض الحماية اللازمة للمرأة المعنفة، ارتأى المشرع من خلال قانون محاربة العنف ضد النساء؛ التنصيص على مجموعة من  التدابير الحمائية[8]، أوكلها للجهاز القضائي، الذي يمكن أن يتخذ إحداها بصفة فورية كلما اقتضى الأمر ذلك، همت في مجملها العنف الزوجي، فضلا عن إمكانية اتخاذ تدابير منع الاتصال بالضحية او الاقتراب منها في جميع مراحل الخصومة القضائية.

أولا: تدابير الحماية الفورية

  • إنذار المعتدي بعدم الاعتداء في حال التهديد بارتكاب العنف، مع تعهده بعدم الاعتداء؛
  • إرجاع المحضون مع حاضنته إلى السكن المعين له من قبل المحكمة؛
  • إخضاع المحكوم عليه لعلاج نفسي؛
  • إشعار المعتدي بأنه يمنع عليه التصرف في الأموال المشتركة بين الزوجين؛
  • إحالة الضحية على مراكز الاستشفاء قصد العلاج؛
  • الأمر بالإيداع بمؤسسات الإيواء أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية للمرأة المعنفة التي تحتاج وترغب في ذلك.
ثانيا: تدابير المنع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب منها

بالإضافة إلى التدابير الفورية المشار إليها أعلاه، خول المشرع للجهات القضائية؛ حكما ونيابة عامة وقضاء للتحقيق حسب الأحوال؛ إمكانية الحكم أو الأمر بمنع الشخص المحكوم عليه أو المتابع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها، في جميع جرائم التحرش أو الاعتداء أو الاستغلال الجنسي أو سوء المعاملة أو العنف ضد المرأة أو القاصرين، أيا كانت طبيعة الفعل أو مرتكبه، وهي كما يلي:

  • الحكم بالمنع في حالة الإدانة:

ينص الفصل 1-88 على أنه ” في حالة الإدانة من أجل جرائم التحرش أو الاعتداء أو الاستغلال الجنسي أو سوء المعاملة أو العنف ضد المرأة أو القاصرين، أيا كانت طبيعة الفعل أو مرتكبه، يمكن للمحكمة الحكم بما يلي:

  • منع المحكوم عليه من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها، أو التواصل معها بأي وسيلة، لمدة لا تتجاوز خمس سنوات ابتداء من تاريخ انتهاء العقوبة المحكوم بها عليه أو من تاريخ صدور المقرر القضائي، إذا كانت العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها موقوفة التنفيذ أو غرامة فقط أو عقوبة بديلة؛
  • يضع الصلح المبرم بين الزوجين حدا التنفيذ المنع من الاتصال بالضحية؛
  • خضوع المحكوم عليه، خلال المدة المشار إليها في البند (1) أعلاه أو أثناء تنفيذ العقوبة السالبة للحرية، لعلاج نفسي ملائم.

يمكن أن يتضمن المقرر القضائي بالمؤاخذة الأمر بتنفيذ هذا التدبير مؤقتا، بالرغم من استعمال أي طريق من طرق الطعن.

يجوز للمحكمة أن تحكم بمنع المحكوم عليه من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها بصفة نهائية، على أن تعلل قرارها بهذا الشأن.”

يلاحظ من الفصل أعلاه أن المشرع قد انتبه لآثار منع الاتصال بالضحية على الحياة الزوجية، عندما يتعلق الأمر بالعنف الزوجي، وهو ما يبرر تنصيصه على مُكنة إبرام الصلح بين الزوجين لوضع حد لتنفيذ المنع، وهي آلية مقررة للزوجين فقط.

  • الأمر بالمنع في حالة المتابعة:

ينص الفصل 3-88 أنه: يجوز للنيابة العامة أو لقاضي التحقيق، أو للمحكمة عند الاقتضاء أو بطلب من الضحية في حالة المتابعة من أجل الجرائم المشار إليها في الفصل 1-88 أعلاه، الأمر بمنع الشخص المتابع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها، أو التواصل معها بأي وسيلة، ويبقى هذا الأمر ساريا إلى حين بت المحكمة في القضية.

  • العقوبات المقررة في خالة خرق تدبير المنع من الاتصال أو الاقتراب من الضحية:

ينص الفصل 1-323 – يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، من خرق تدبير المنع من الاتصال بالضحية أو الاقتراب منها أو التواصل معها بأي وسيلة، أو رفض الخضوع لعلاج نفسي ملائم تطبيقا للفصول 1-88 و3-88 أعلاه.

 

ثالثا:  التطبيق القضائي لتدابير الحماية

بعد سنة من دخول قانون محاربة العنف ضد النساء حيز التنفيذ، يلاحظ ندرة إعمال تدابير الحماية من قبل القضاء، لا سيما في العنف الزوجي،  لكن الأحكام التي صدرت على قلتها تعتبر إيجابية ونوعية، وفي هذا الصدد نورد أول حكم يقضي بإيداع متهم في قضية عنف زوجي بمؤسسة للعلاج النفسي:

جاء في إحدى حيثياته[9]: “وحيث إنه بمقتضى الفصل 1-88 في البند الثالث منه كما وقع تتميمه بالقانون رقم 103.13، فإن المحكمة في حالة الحكم بالإدانة من أجل جرائم العنف ضد المرأة يمكن لها الحكم بخضوع المحكوم عليه، لعلاج نفسي ملائم لمدة لا تتجاوز خمس سنوات ابتداء من تاريخ انتهاء العقوبة المحكوم بها عليه أو من تاريخ صدور المقرر القضائي، إذا كانت العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها موقوفة التنفيذ أو غرامة أو عقوبة بديلة؛ وحيث إن المحكمة ارتأت الحكم بخضوع المتهم لعلاج نفسي على يد طبيب متخصص وذلك لمذة سنة -6- أشهر..”.[10]

وفي قرار آخر صادرا عن استئنافية تازة بتاريخ 10/10/2019[11]، يتعلق بإحدى قضايا العنف الزوجي[12]، لا يقل أهمية عن سابقه، كونه صادر عن محكمة الاستئناف، وأنه جمع بين تدبيرين للحماية، الأول يتعلق بمنع الاتصال بالضحية والاقتراب منها، والثاني قررت من خلاله إخضاع المحكوم عليه للعلاج النفسي.

أما بخصوص تدبير المنع من الاتصال بالضحية والاقتراب إليها، جاء في إحدى حيثيات القرار ما يلي:

” وحيث تبين أن الضحية تنازلت للمتهم بتاريخ 4 فبراير 2019 للحفاظ على بيت الزوجية ثم عادت وتراجعت عن تنازلها بتاريخ 11/2/2019 نظرا لمعاودته تعنيفها وتهديدها لها وعائلتها بالقتل والتصفية الجسدية؛ وحيث تداولت المحكمة وقررت منع المحكوم عليه من الاتصال بالضحية او الاقتراب من مكان تواجدها أو التواصل معها لأي وسيلة لمدة سنة من تاريخ تبليغه هذا القرار..”

يتبين من القرار اعلاه أن المحكمة قررت الحكم على الزوج المدان بعدم الاتصال بالضحية أو الاقتراب من مكان تواجدها لمدة سنة من تاريخ علمه بالقرار، بالرغم من قيام العلاقة الزوجية، الأمر الذي يبدو متعارضا مع الحقوق المتبادلة بين الزوجين في إطار المادة 51 من مدونة الأسرة، وما تستوجبه من مساكنة ومعاشرة بين الزوجين.

لكن، إذا ما استوعبنا التعليل القضائي الذي وضح أن تقرير هذا المنع جاء نتيجة معاودة تعنيف الزوج لزوجته، وتهديدها بالقتل والتصفية الجسدية؛ سنلاحظ أهمية هذا التدبير ومدى انعكاسه الإيجابي على سلامة الزوجة المعنفة.

هكذا لا نرى أي تناقض مع مبدأ المساكنة الشرعية، لأن الوظيفة الردعية لن تتحقق إلى باللجوء لهذا التدبير حفاظا على سلامة الزوجة من جهة، فضلا على أن المشرع قد أقر إمكانية اتفاق الزوجين على وضع حد لتنفيذ هذا المنع من جهة أخرى، وبالتالي يكون قد نجح في التوفيق بين الردع  وإمكانية استمرار العلاقة الزوجية ومعها المساكنة الشرعية.

أما بخصوص التدبير المتعلق بإخضاع المحكوم عليه لعلاج نفسي، جاء في القرار ما يلي:

“..وحيث تداولت المحكمة وقررت خضوع المحكوم عليه خلال مدة سنة لعلاج نفسي ملائم على تدبير الغضب وحسن التواصل ونبذ العنف، وينفذ هذا التدبير فور توصله بهذا القرار بالرغم من استعمال أي طريق من طرق الطعن؛ وحيث إنه على الطبيب المعالج اعداد تقرير عن تطور حالة المحكوم عليه بالخضوع للعلاج كل ثلاثة أشهر على الأقل ويوجهه إلى قاضي تطبيق العقوبات، للتأكد من تحسن سلوكه وتفادي عودته إلى نفس الأفعال التي أدين من أجلها، وإذا استقر رأي الطبيب المعالج على إنهاء هذا التدبير قبل الوقت المحدد له فإنه يخطر قاضي تطبيق العقوبات بواسطة تقرير مفصل يبرر ذلك. ويجب إشعار الضحية بتقرير الطبيب المعالج بقرار القاضي المكلف بتطبيق العقوبات الكل على نفقة المتهم.”.[13]

يمكن القول إذن،  أن المشرع من خلال قانون محاربة العنف ضد النساء قد نجح إلى حد بعيد في وضع آليات حمائية مهمة في يد مجموعة من الجهات القضائية، قبل البدء في المحاكمة وأثناءها بل وحتى بعد الإدانة، جلها يتميز بعنصر الفورية في اتخاذها، مع تقرير عقوبات على خرقها.

لكن بالرغم من كل هذه الضمانات القوية، يبقى القضاء الزجري من خلاله أحكامه وقراراته المعول عليه لتحقيق تكفل قضائي ناجع وفعال، بما يكرس مناهضة حقيقية للعنف ضد النساء عامة، والعنف الزوجي على وجه الخصوص.

 

المحور الثاني: الدور القضائي في التكفل بالنساء ضحايا العنف الزوجي خلال مرحلة المحاكمة

يقوم القضاء الزجري بدور مهم في مناهضة العنف ضد النساء، عندما يتبنى فعلا المعايير الدولية لمكافحة هذه الظاهرة خلال فترة المحاكمة، ويلتزم المبادئ الدستورية المتعلقة بضمان الحق في التقاضي، والتحقيق في أفعال العنف المرتكبة، ومعاقبة مرتكبي هذه الأفعال؛ من أجل القضاء على الإفلات من العقاب، بما يحقق الردع العام والخاص، والتعويض عن الأضرار التي تلحق بضحايا هذه الأفعال، ناهيك عن ضرورة تجاوز صعوبة الإثبات خاصة في العنف الزوجي.

ملامسة هذا الدور المحوري في مسار التكفل لن يتضح إلا بإتيان نماذج من العمل القضائي تم النطق بها بعد صدور قانون محاربة العنف ضد النساء (الفقرة الأولى) نسلط من خلالها الضوء على الإشكالات التي تعترض دور المحكمة في مهمتها المتعلقة بتطويق ومناهضة ظاهرة العنف الزوجي (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الأولى:  بعض الأحكام الصادرة بشأن جرائم العنف الزوجي بعد صدور قانون محاربة العنف ضد النساء

حاول المشرع من خلال قانون محاربة العنف ضد النساء التصدي لمجموعة من التحديات كان يواجهها القضاء تتعلق أساسا بغياب تجريم صريح لبعض الأفعال باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة، وذلك من خلال مجموعة من المقتضيات الزجرية؛ جزء كبير منها يتعلق بالعنف الزوجي، كتجريم الطرد من بيت الزوجية والإمتناع عن إرجاعها إليه ؛الإكراه على الزواج باستعمال العنف والتهديد؛ تبديد أو تفويت أموال الأسرة بسوء نية؛ فضلا عن تجريم بعض الأفعال باعتبارها صورا من صور التحرش الجنسي، والمساس بحرمة جسد المرأة، بأي وسيلة، بالتقاط أو تسجيل أو بت أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري، دون موافقة أصحابها.

سنقتصر في هذا الصدد على بعض الأحكام القضائية الصادرة بمحكمة ميسور بشأن بعض جرائم العنف الزوجي:

  • جنحة القذف ضد المرأة

من أشكال العنف النفسي المرتكب ضد الزوجة نجد جنحة القذف، ففي حكم صادر عن ابتدائية ميسور،[14] قررت فيه مؤاخذة  الزوج المتهم بغرامة نافذة قدرها (2000 درهم) جاء فيه ما يلي: “حيث ثابت من محاضر الضابطة القضائية أن المتهم توجه إلى مركز الشرطة القضائية وقدم شكاية بزوجته مدعيا بأنها تخونه وتوجد ببيت خليلها، وهو الأمر الذي تأكد عدم صحته عند انتقال عناصر الضابطة القضائية.

وحيث إنه طبقا للفصل 442 من القانون الجنائي يعد قذفا ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة، إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليها.

وحيث إن ادعاء واقعة الخيانة الزوجية ضد المشتكية لم يكن بسبب جنسها كامرأة ذلك أن الرجل نفسه يمكن أن يكون ضحية لادعاء الخيانة.

وحيث إنه بقيام المتهم بادعاء هذه الواقعة (الخيانة الزوجية) ونسبتها لزوجته وما يشكله ذلك من تحقير في حقها ومساس بشرفها يجعل العناصر المكونة لجنحة القذف قائمة في نازلة الحال..وحيث إنه بالنظر إلى كون العقاب المقرر في القانون قاس بالنسبة إلى خطورة الفعل، ارتأت معه المحكمة تمتيعه بظروف التخفيف طبقا للفصلين 146 و149 من القانون الجنائي..”.

يلاحظ من خلال الحكم أعلاه أن المحكمة كيفت الفعل على أساس القذف ضد امرأة، بالرغم من أن مرتكب الفعل يعد زوج الضحية، لأن الفصل 442 لم يجرم القذف ضد الزوجة، والجديد الذي يحمله قانون محاربة العنف ضد النساء هو تشديد العقوبة في الفصل 2-444 إذا كان القذف المرتكب ضد المرأة بسبب جنسها، وهو ما لا يتوفر في  القضية أعلاه، حيث اعتبرت المحكمة ادعاء الخيانة الزوجية ضد المشتكية لم يكن بسبب جنسها كامرأة، لأن الرجل يمكن أن يكون ضحية لادعاء الخيانة.

وفي قضية أخرى صادرة عن نفس المحكمة، شددت المحكمة من العقوبة لارتكاب جنحة القذف ضد المرأة بسبب جنسها، إذ اعتبرت توجيه كلمة “عاهرة” ضد امرأة قذفا بسبب جنسها، وجاء في حيثيات الحكم ما يلي:[15] “..وحيث إن المحكمة وفي إطار بحثها للقضية استمعت للشاهد أعلاه فأكد بأن المتهم قام بنعت المشتكية بعبارة العاهرة بالشارع العام..وحيث إن القذف الموجه للمشتكية كان بسبب جنسها ويكون ضرف التشديد قائما في نازلة الحال..”

  • جنحتي الطرد من بيت الزوجية والامتناع عن إرجاع الزوج المطرود

لقد أضحى الطرد من بيت الزوجية أو الامتناع عن ارجاع المطرود جريمة يعاقب عليها القانون بمقتضى الفصل 1-481 من القانون الجنائي المعدل والمتمم بقانون 103.13 حيت نص على أنه: ” يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم، عن الطرد من بيت الزوجية أو الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية، وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 53 من مدونة الأسرة وتضاعف العقوبة في حالة العود”

فالطرد من المسكن بأي وجه من الوجوه هو مساس بحق من الحقوق الأساسية للفرد، وهو حق السكن واعتداء على حياته الخاصة، كما أن الامتناع عن ارجاع الزوج المطرود، سلوك أو فعل جرمي يدخل ضمن الجرائم المعاقب عليها قانونا بمقتضى الفصل 1-481 من القانون الجنائي، وبالتالي فالمشرع حاول تطويق الحياة الزوجية بنوع من الحماية الجنائية وتسييج العلاقة الأسرية حتى لا يدخلها أي فعل يمكن أن يمس بأمنها وسلامتها. ومما تجب الإشارة إليه أنه في حالة العود وتكرار الفعل فإن العقوبة تضاعف وتشدد أكثر من الأولى على مرتكب الفعل، وفي ذلك إيماءة قوية إلى توفير أسباب الأمن القانوني للطرف الضعيف في العلاقة الزوجية.[16]

وعلى مستوى العمل القضائي، فإن المحكمة لا تتردد في مؤاخذة المتهم كلما تيقنت من واقعة طرد الزوجة أو الامتناع عن إرجاعها، ففي حكم صادر عن ابتدائية ميسور أدانت فيه زوج طرد زوجته من بيت الزوجية بشهر واحد موقوف التنفيذ وغرامة مالية نافذة قدرها 200 درهم، جاء فيه ما يلي[17]: “حيث صرح المتهم تمهيديا أنه فعلا قام بطرد زوجته المشتكية من بين الزوجية بسبب خيانتها له بعد أن ضبطت رفقة شخص آخر بمنزله..، وحيث إن أقوى ما يؤاخذ به المرء اعترافه على نفسه، خاصة إذا كان هذا الاعتراف صادرا عن إرادة حرة غير مكرهة..، وحيث إنه ونظرا لظروف المتهم الاجتماعية ولأن طرده لزوجته جاء بسبب خيانتها له وما استتبع ذلك من انفعال بسبب الحالة النفسية التي كان عليها فقد قررت تمتيعه بظروف التخفيف وجعل العقوبة الحبسية موقوفة التنفيذ..إلخ”.

 

  • جنحة الإمساك العمدي عن النفقة

تتصدر جنحة الإمساك العمدي عن النفقة قائمة أنواع العنف التي تتعرض لها الزوجة، إذ تصل عدد القضايا وفق تقرير النيابة العامة الثاني لسنة 2018 إلى 5061،[18] ويعتبر بمقتضى قانون 103.13 عنفا اقتصاديا.

القانون أعلاه حمل أيضا معه مستجد مسطري مهم؛ يتمثل في رفع مدة إمهال الزوج لمدة 30 يوما عوض 15 يوم التي كان معمولا بها، وبذلك ستتمكن العديد من الزوجات من التوصل بالمبلغ المحكوم لها به.

وبالرجوع للعمل القضائي، نجده لا يتردد في مؤاخذة المتهم بمجرد اعترافه بالعجز عن الأداء من دون إثباته، كما أنه يفسر عنصر العمد بمجرد امتناعه عن الأداء، ففي حكم صادر عن غرفة الاستئنافات الجنحية أيدت من خلاله حكما ابتدائيا قضى بإدانة المتهم، جاء في حيثياته ما يلي: ” ..وحيث استند الحكم الابتدائي فيما قضى به من إدانة على اعتراف المتهم أمام السيد وكيل الملك وأمام هيئة الحكم موضحا بأنه عاجز عن أداء النفقة المحكوم بها والمقدرة في 17992.00 درهم..وحيث إن اعترافه هذا قد جاء صريحا لا لبس فيه، واضحا لا إجمال فيه، قاطعا لا احتمال فيه..وحيث إن الاعتراف متى كان مستجمعا لتلك الأوصاف كان حجة على صاحبه. وحيث إن الفصل 480 يعاقب كل من صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت بدفع النفقة إلى زوجته أو فروعه..وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها المحدد.

وحيث إن عنصر العمد حسب ما استقر عليه اجتهاد محكمة النقض يعتبر متوفرا بمجرد امتناع المحكوم عليه عن الأداء، الأمر الذي تكون معه كافة العناصر التكوينية لجنحة المتابعة ثابتة في حق المتهم مما يتعين معه مؤاخذته..”.[19]

 

الفقرة الثانية: بعض مظاهر قصور الدور القضائي في قضايا العنف المرتكب ضد الزوجة خلال مرحلة المحاكمة

تراهن السياسة الجنائية في مجال العنف ضد النساء على الأدوار التي يمكن أن يضطلع بها القضاء الزجري في تطويق هذه الظاهرة، لكن بالرجوع إلى مجموعة من الأحكام والقرارت القضائية الصادرة بشأن العنف الزوجي، نجده يصطدم في سبيل تحقيق هذه الغاية بمجوعة من الإكراهات؛ من قبيل صعوبة إثبات الزوجة تعرضها للعنف في العديد من الحالات (أولا) وحتى إذا ما تيقنت المحكمة من وجوده فإن التعويض يكون أحيانا غير متناسب مع الضرر الذي لحق بها من جهة، فضلا عن عدم تمكنها في أحيان كثيرة من ممارسة حقها في المطالبة بالتعويض (ثانيا). كما أن تعامل القضاء مع العقوبة بمنطق الحفاظ على كيان الأسرة لا يحقق الردع العام والخاص بل ويساهم في ظاهرة العود والتمادي في تعنيف الزوجة (ثالثا).

أولا: صعوبة الإثبات في العنف الزوجي

تعاني الزوجة من مشكلة إثبات العنف بمختلف أنواعه في شتى مراحل التكفل القضائي، بدءاً من مرحلة البحوث التمهيدية، التي تنتهي في أغلب الأحيان بحفظ الشكاية من طرف النيابة العامة، إما لعدم كفاية الأدلة، في الحالة التي تقتصر الضحية على الإدلاء بشهادة طبية دون الاستناد على شهادة الشهود وغيرها من وسائل الإثبات،  كما تقوم بحفظها في حالة إنكار المشتكى به في غياب إثبات آثار العنف بشهادة طبية، وذلك عندما تعترض الزوجة مجموعة من الإكراهات للقيام بهذا الإجراء، كوجودها في مناطق نائية – كما هو حال بإقليم بولمان بميسور-، أو مصادفتها مع أيام العطل والسبت والأحد، فضلا عن تراخيها في الكثير من الأحيان عن إنجازها.

وفي حالة اتخاذ النيابة العامة لقرار المتابعة، فإن الزوجة تجد نفسها في فصل آخر من صعوبة إثبات العنف، فالأمر يبقى متروكا للسلطة التقديرية للقاضي، إذ هناك محاكم تراعي جرائم النوع والعنف الزوجي على وجه الخصوص، الذي يتميز بخصوصية ارتكابه داخل بيت الزوجية، وتكتفي بنتائج الفحص الطبي. في حين هناك مجموعة من الأحكام انتهت ببراءة المتهم لإنكاره في جميع مراحل الخصومة؛ ولعدم وجود وسائل للإثبات، على الرغم من الإدلاء بشهادة الفحص الطبي، “ففي حكم جنحي ابتدائي صادر بتاريخ 06/10/2016 في الملف عدد 77/2115/2016، تتلخص وقائعه أنه: بتاريخ..تقدمت المسماة..بشكاية أفادت من خلالها أن المتهم يعتبر زوجها، وأنه عرضها للكم عدة مرات على مستوى عينها وجسدها وأدلت بشهادة طبية مدة العجز بها 19 يوم.

واستمع للمتهم عند الضابطة القضائية، فأنكر ما جاء به في شكاية زوجته المشتكية، فتوبع من طرف النيابة العامة من أجل الضرب والجرج طبقا للفصل 400 من القانون الجنائي.

وبإنكار المتهم في سائر مراحل البحث والمحاكمة، وبقاء الملف خال من دليل أو قرينة تفند إنكاره، صرحت المحكمة ببراءته مما نسب إليه وحملت الخزينة العامة الصائر.”[20]

نفس التوجه سلكه حكم آخر صادر عن غرفة الاستئنافات بمحكمة ميسور، أيد من خلاله الحكم الابتدائي القاضي بعدم مؤاخذة المتهم لعدم وجود أدلة تفند إنكاره، وجاء فيه ما يلي: ” حيث يؤخذ من الحكم المطعون فيه، ومن باقي مستندات الملف ومنها  محاضر الضابطة القضائية عدد..المنجز من طرف ..يستفاد منه أن المشتكية تقدمت بشكاية من أجل الضرب والجرح في مواجهة زوجها المتهم مدلية بشهادة طبية مدة العجز بها 25 يوما. ولدى الاستماع للمتهم تمهيديا نفى المنسوب إليه. وبناء على ذلك تابعت النيابة العامة الظنين بما ذكر سالفا وبعد مناقشة القضية من طرف محكمة الدرجة الأولى، انتهت الاجراءات أمامها بصدور الحكم المطعون فيه بعدم المؤاخذة..، وبعد المداولة وطبقا للقانون تصرح غرفة الجنح الاستئنافية: .. ثانيا من حيث الموضوع: ..وحيث تبين للمحكمة أثناء المداولة وفي نطاق ما راج أمام المحكمة الابتدائية وما أوضحته هذه الأخيرة في حكمها من وقائع ونتائج البحث أن الحكم المستأنف جاء معللا بما فيه الكفاية سواء من الناحية الواقعية أو القانونية، وبذلك جاء مصادفا للصواب..”[21]

في الأخير، يمكن القول أن تمسك القضاء بوسائل الإثبات التقليدية في قضايا النساء المعنفات، يرجع أساسا إلى قانون المسطرة الجنائية، الذي يعكس التصور الموحد بشأن الإثبات لكافة الجرائم دون تمييز بين خصوصيتها، ونوعية ضحاياها وآثارها وانعكاساتها.”[22]، وهو ما يجعل توسيع دائرة الإثبات بخصوص الجرائم المرتكبة ضد المرأة مسألة ضرورية.

 

ثانيا: حق الزوجة في التعويض وإشكالية عدم تناسبه مع الضرر اللاحق بها

قبل الحديث عن معضلة التعويضات المدنية الهزيلة، نشير إلى أن بعض المعنفات أثناء مطالبتهن بالتعويض، يواجهن صعوبات في تأدية المبلغ الجزافي، إذ تحكم المحكمة بعدم قبول المطالب المدنية شكلا، وهو ما يتعارض من المبدأ الكوني للحق في الولوج إلى القضاء.

وفي هذا الصدد رفضت الغرفة الاستئنافية الجنحية بمحكمة بولمان بميسور استئناف المطالبة بالحق المدني لعدم تأديتها الرسوم القضائية، إذ جاء في إحدى حيثياته: “من حيث الشكل: حيث قدمت المطالبة بالحق المدني استئنافها دون أن تؤدي عنه الرسم القضائي بالمرحلة الابتدائية مما يفقدها الصفة لرفع الاستئناف، مما يجعل استئنافها غير مستوف لإحدى شروطه الشكلية ويتعين التصريح بعدم قبوله..”[23]

“وفي فضية رفعت إلى غرفة الجنايات بفاس تتعلق بقتل الزوجة شنقا من طرف ابنها “من زوج آخر” تقدم زوجها بمطالبه المدنية، فجاء قرار المحكمة كالآتي: “حيث إن الطلبات المقدمة لا يوجد بالملف ما يفيد أداء الطالب للقسط الجزافي أو حصوله على المساعدة القضائية مما يتعين معه عدم قبولها شكلا”.[24]

“والملاحظ في هذا الإطار أنه من خلال الاطلاع على العديد من الأحكام والقرارات يثير انتباهنا – خاصة في جرائم الضرب والجرح المرتكبة ضد النساء – غياب انتصاب الزوجة طرفا مدنيا في الدعوى العمومية، ولعل ذلك راجع إلى ارتفاع مبلغ القسط الجزافي المحدد في 500 درهم أمام غرفة الجنايات لمحاكم الاستئناف، والذي يشكل عائقا في وجه النساء المعنفات، يحول بينهن وبين الحق في التعويض لجبر أضرارهن.”[25]

ومن الضمانات المهمة التي يجب أن يكرسها القضاء خلال مرحلة المحاكمة، هي تقدير التعويض عن الضرر على أساس حجم الضرر اللاحق بالضحية وأبنائها من جراء الاعتداء، إلا أنه بالرجوع للعمل القضائي المتعلق بجرائم الاعتداء على النساء، نجد أن المحاكم لا تحكم للضحايا إلا بتعويضات هزيلة جدا ولا تتناسب بتاتا مع حجم الضرر اللاحق بهن، فبالاطلاع على ملف لأحد القضايا كاملا، يتعلق بالعنف ضد الزوجة بالمحكمة الابتدائية بفاس، يتضمن صورا بشعة للزوجة الضحية تظهر جروحا عميقة أحدها على مستوى الوجه (من الأذن إلى الذقن) والآخر على مستوى العنق، إضافة إلى عدد من الجروح بفخذيها، ناهيك عن الكدمات بمختلف أنحاء الجسم، ورغم جسامة هاته الأضرار فقد حكمت المحكمة لها بتعويض قدره 1000 درهم، فيما أدانت الجاني في حدود سنتين.[26]

هذه الأحكام تعتبر في نظرنا مجحفة في حق المعنفات، وتكرس تمييزا ضدهن من جهات إنفاذ القانون نفسها، بحيث يغيب معها الأمن القضائي والقانوني الذي يجب أن تحظى به هذه الفئة الهشة.

فضلا على أن عدم قدرة المعنفة على انتصابها طرفا مدنيا بسبب القسط الجزافي؛ يؤدي إلى انتكاس مبدأ تيسير الولوج إلى العدالة الذي ظل مطلبا حقوقيا وتشريعيا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتكفل النساء ضحايا العنف.

 

ثالثا: العقوبة في العنف الزوجي بين الظروف القضائية المخففة والمشددة

عندما يتعلق الأمر بالعنف الزوجي فإن العديد من المحاكم تصطدم مع مبدأ ضرورة الحفاظ على التماسك الأسري، وتمتع بذلك الزوج بظروف التخفيف، لكن بالرجوع لفلسفة قانون محاربة العنف ضد النساء ، نجده يشدد العقوبة على الأفعال الموجهة ضد النساء في وضعية خاصة، كالعنف أو الإيذاء ضد  الزوجة أو الطليقة بحضور الأبناء أو الوالدين..إلخ. إضافة إلى أنه قام بتوسيع دائرة المشمولين بتشديد العقوبات، كلما تعلق الأمر بالزوج أو الخاطب أو الطليق..إلخ.

هكذا فإن من شأن عدم التمييز بين الجرائم فيما يتعلق بالظروف القضائية أن يتحول تمييز ضد المرأة ضحية العنف، لأن النتيجة الحتمية لتطبيق ظروف التخفيف في هذه الحالة هي عدم مناهضة العنف بل وتكريسه، وبالتالي حرمان المرأة من حماية القانون.

فعلى الرغم من صدور أحكام قضائية بالإدانة في حق الأزواج مرتكبي العنف ضد زوجاتهم، إلا أن تمتيعهم بظروف التخفيف يجعل العقوبة الحبسية لا تتجاوز شهر أو شهرين، بل في غالب الأحيان تكون العقوبة موقوفة التنفيذ.

بيد أن جرائم العنف ضد المرأة خاصة ضد الزوجة تقتضي تشديد العقوبة واستبعاد ظروف التخفيف، فتشديد العقوبة يمكن أن يشكل آلية من آليات مناهضة العنف، ومسايرة المد العالمي لهذه الظاهرة، وتجسيد الاختيارات الوطنية في هذا الباب، وتنفيذا لالتزامات الدولة المغربية بهذا الخصوص. [27]

         وفي الوقت نفسه، ينبغي التمييز في نظرنا بين أشكال العنف المرتكبة ضد الزوجة، إذ أن التشديد يجب أن لا يشمل بعض أفعال العنف التي لا تعتبر خطيرة كالسب والشتم، أو جنحة إهمال الأسرة خصوصا عندما يبرئ الزوج ذمته من النفقة المحكوم بها للزوجة، حفاظا على التماسك الأسري المطلوب.

في الأخير، يمكن القول أن “إساءة استعمال السلطة التقديرية للقضاء سواء عند البت في القضايا أو عند تدبيرها، من خلال ترجيح بعض وسائل الإثبات على أخرى، أو من ضعف العلم العام بأحوال المجتمع وثقافته واختياراته الاستراتيجية، يترتب عنها من جهة أولى نوع من الكيل بمكيالين في الاهتمام القضائي بالملفات حسب نوعيتها، إذ تعطى أهمية خاصة لقضايا تعتبر ذات أهمية كبيرة مثل جرائم الأموال والجرائم السياسية والمخدرات..، وذلك من خلال تخصيص وقت كاف لمناقشتها وتفعيل المقتضيات القانونية الإجرائية، في حين يطبع تدبير ملفات العنف ضد النساء عموما والعنف الزوجي خصوصا بنوع من السرعة واختزال إجراءات تحقيق الدعوى، بما يوحي بعدم تقدير مخاطر العنف الزوجي، وتؤدي من جهة ثانية إلى إفلات عدد كبير من الجناة من العقاب.”[28]

هذا وبالرغم من صدور قانون محاربة العنف ضد النساء، فإنه لم يأت بجديد على مستوى تضييق نطاق السلطة التقديرية للقاضي وتوجيهها في اتجاه مناهضة العنف ضد النساء، بل أنه قام بإزالة قضاء الحكم من تشكيلة الخلية القضائية للتكفل.

وفي هذا الصدد نرى أنه من اللازم تعزيز هذا الجهاز بقضاء متخصص في هذه القضايا؛ حتى نستطيع تحقيق النجاعة المطلوبة خلال الخصومة القضائية كمرحلة مهمة جدا في مسار التكفل القضائي بالنساء ضحايا العنف.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة

لائحة الدراسات والدلائل والتقارير

  • المصطفى الناوي، خديجة الروكاني، قراءة في القانون الجنائي من أجل تشريع جنائي يحمي النساء من التمييز والعنف، دراسة من إنجاز الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء، يونيو 2010؛
  • الدليل العملي للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وزارة العدل والحريات، مديرية الشؤون الجنائية والعفو،2010
  • تقرير رئيس النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة 2018

قائمة الرسائل والتداريب

  • نجيبة بوقديدة، توجه المحكمة الابتدائية بفاس حول موضوع التكفل القضائي بالنساء والأطفال، بحث نهاية التدريب، المعهد العالي للقضاء بالرباط، فترة التدريب 2015-2017؛
  • جميلة الياقوني، العنف المسلط على الزوجة بين النص القانوني والواقع العملي، رسالة لنيل الماستر في المنازعات والمهن القانونية –الفوج الأول- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة ابن زهر، الموسم الجامعي 2016/2017؛
  • مريم دكان، النساء في وضعية صعبة: أية حماية؟ -النساء ضحايا العنف نموذجا- رسالة نيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، السنة الجامعية 2008/2009؛
  • فاتحة اليزيدي، خلايا التكفل بالنساء والأطفال “المحكمة الابتدئية بتمارة نموذجا”، بحث نهاية التكوين، المعهد العالي للقضاء الرباط، فترة التدريب 2015/2017

قائمة المقالات

  • سعاد الزخنيني، “العنف ضد المرأة مقاربة قانونية”، سلسلة منشورات الوئام رقم 1، مطبعة بالمريس؛
  • محمد الزماط، إشكاليات ومستجدات الطرد من بيت الزوجية، مقال منشور بمجلة “مغرب القانون الالكترونية.

قائمة القوانين والمراسيم والمناشير

  • القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19 صادر في 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018)؛
  • مجموعة القانون الجنائي، ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962)، صيغة محينة بتاريخ 25 مارس 2019؛
  • القانون رقم 24.03 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-03-207 الصادر بتاريخ 11 نونبر 2003 موافق رمضان 1424، المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5175 بتاريخ 12 ذو القعدة 1424 موافق 5 يناير 2004؛
  • مرسوم رقم 2.18.856 صادر في 4 شعبان 1440 (10 أبريل 2019) بتطبيق القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء؛
  •          منشور وزير العدل عدد 25 س 3 المؤرخ في 07/10/2008؛

قائمة الأحكام والقرارات

  • حكم رقم 650 صادر عن المحكمة الابتدائية لبولمان بميسور، في الملف عدد 1498/2102/2018 صادر بتاريخ 03/07/2019، غير منشور؛
  • حكم عدد 587 صادر عن المحكمة الابتدائية  لولمان بميسور في الملف عدد 20/2115/2019 بتاريخ 12/06/2019 غير منشور؛
  • حكم صادر عن غرفة الجنح الاستئنافية بمحكمة ميسور رقم 19/48 في الملف عدد 18/622 بتاريخ 2019/01/08 غير منشور؛
  • حكم رقم 246/ 19صادر عن المحكمة الابتدائية في  ملف جنحي استئنافي عدد: 109/2019 صادر بتاريخ 16/04/2019؛
  • حكم صادر عن المحكمة الابتدائية لبولمان بميسور رقم 434 في الملف عدد 14/2115/2019 بتاريخ 02/04/2019، غير منشور؛
  • حكم صادر عن غرفة الاستئنافات الجنحية بالمحكمة الابتدائية لبولمان ميسور رقم 19/80 في الملف عدد 2019/2801/2 بتاريخ 2019/01/22 غير منشور؛
  • قرار محكمة الاستئناف بفاس، غرفة الجنايات صادر بتاريخ 5/12/2007 ملف جنائي عدد 175/07؛
  • حكم المحكمة الابتدائية بوجدة في ملف جنحي رقم : 234/2115/2018 بتاريخ 08 يناير 2019. منشور بالموقع الالكتروني “المفكرة القانونية
  • قرار محكمة الاستئناف بتازة، ملف جنحي عنف ضد نساء عدد 38_2635_2019، صادر بتاريخ 10/10/2019 غير منشور.

        

 

 

 

[1]  القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19 صادر في 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018).

[2]  مرسوم رقم 2.18.856 صادر في 4 شعبان 1440 (10 أبريل 2019) بتطبيق القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء

[3]  سعاد الزخنيني، “العنف ضد المرأة مقاربة قانونية”، سلسلة منشورات الوئام رقم 1، مطبعة بالمريس،  ص 45

[4]  تنص المادة 392 من قانون المسطرة الجنائية على أنه: يمكن للمحكمة بناء على ملتمس من النيابة العامة إذا كانت العقوبة المحكوم بها تعادل السنة حبسا أو تفوقها، أن تصدر مقررا خاصا معللا تأمر فيه بإيداع المتهم في السجن أو بإلقاء القبض عليه.

خلافا لما تضمنته مقتضيات المادتين 398 و532، فإن الأمر القضائي المذكور يبقى نافذ المفعول رغم كل طعن.

في حالة صدور حكم تمهيدي بإجراء بحث أو خبرة، يمكن للمحكمة التي قبلت مبدأ مسؤولية مرتكب الجريمة أن تمنح للطرف المدني تعويضا مسبقا يخصم من التعويض النهائي، يشمل بالخصوص تسديد المصاريف المؤداة من طرفه أو المتوقع أداؤها، وتكون هذه المقتضيات قابلة للتنفيذ رغم كل تعرض أو استئناف.

عندما تبت المحكمة في الجوهر وتحدد مبلغ التعويض الكلي الذي تمنحه للمتضرر من الجريمة أو لذوي حقوقه، يمكنها أن تأمر بالتنفيذ المعجل لجزء من التعويضات يتناسب والحاجيات الفورية للطرف المدني بشرط أن تعلل ذلك تعليلا خاصا، مراعية جسامة الضرر واحتياج المتضرر.

يمكن طلب إيقاف تنفيذ مقتضيات الأحكام الصادرة وفقا للفقرتين الثالثة والرابعة من هذه المادة المتعلقة بالتعويض أمام غرفة الجنح الاستئنافية وهي تبت في غرفة المشورة.

 

[5]   الدليل العملي للتكفل القضائي بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وزارة العدل والحريات، مديرية الشؤون الجنائية والعفو،2010  ص 47

[6]  المادة 7 من قانون 103.13 بشأن محاربة العنف ضد النساء:  تتمم على النحو التالي أحكام المادة 7 من القانون رقم 22.01 المتعلق الجنائية المشار إليه أعلاه:

“….غير أنه، بالنسبة للجمعيات المذكورة والتي تعنى بقضايا العنف ضد النساء، حسب قانونها الأساسي، فإنه لا يمكنها أن تنتصب طرفا إلا بعد حصولها على إذن كتابي من الضحية”

[7] المادة المادة 6 من قانون 103.13 المعدلة والمتممة للمادة 302 من المسطرة الجنائية: “إذا تعلق الأمر بقضية عنف أو اعتداء جنسي ضد المرأة أو القاصر يمكن للمحكمة، أن تعقد جلسة سرية بطلب من الضحية.

إذا تقررت سرية الجلسة للأسباب المذكورة في الفقرتين أعلاه، فإنها تشمل أيضا تلاوة أي حكم يبت في نزاع عارض طرأ أثناء البحث أو المناقشات”

 

[8]  المادة 8 من قانون محاربة العنف ضد النساء: تتمم على النحو التالي أحكام القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية المشار إليه أعلاه بالمادة 2-5-82:

“المادة 2-5-82.- علاوة على التدابير المنصوص عليها في المادتين 82-4 و82-5 أعلاه، تتخذ في قضايا العنف ضد النساء، فورا، تدابير الحماية التالية:

  • إرجاع المحضون مع حاضنته إلى السكن المعين له من قبل المحكمة؛
  • إنذار المعتدي بعدم الاعتداء، في حال التهديد بارتكاب العنف، مع تعهده بعدم الاعتداء؛
  • إشعار المعتدي بأنه يمنع عليه التصرف في الأموال المشتركة للزوجين؛
  • إحالة الضحية على مراكز الاستشفاء قصد العلاج؛
  • الأمر بالإيداع بمؤسسات الإيواء أو مؤسسات الرعاية الاجتماعية للمرأة المعنفة التي تحتاج وترغب في ذلك.”

= وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة خرق هذه التدابير فإن  الفصل 2-323. يعاقب عليه كما يلي:

= “يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 5000 إلى 20.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط على مخالفة تدابير الحماية المشار إليها في المادة 2-5-82 من قانون المسطرة الجنائية.”.

 

[9] تعود فصول القضية إلى تاريخ 07 يونيو 2018 حينما تقدمت زوجة بشكاية أمام خلية التكفل بالنساء ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية بوجدة ضد زوجها. وعند الاستماع إليها في محضر قانوني من طرف رئيسة الخلية، أكدت أن زوجها عرضها للعنف داخل بيت الزوجية، وأدلت بشهادة طبية تتضمن 20 يوما من العجز.وبعد فتح بحث في مضمون الشكاية بناء على تعليمات من النيابة العامة؛ استمعت الشرطة لزوج المشتكية الذي أكد أنه دخل في خلاف مع زوجته، جعله يوجه لها صفعة على مستوى وجهها كرد فعل منه على محاولتها ضربه بواسطة مقلاة.وبعد تقديم المتهم أمام النيابة العامة في حالة سراح، أكد تصريحاته المدلى بها في محضر الشرطة، وقررت النيابة العامة متابعته في حالة سراح من أجل جنحة الضرب والجرح في حق الزوجة طبقا للفصلين 400 و404 من القانون الجنائي وأدرجت القضية للمحاكمة في عدة جلسات آخرها جلسة 18 دجنبر 2018 تخلف المتهم عن حضرها رغم سابق الإعلام، وحضرت المشتكية التي أدلت بتنازل مكتوب لوقوع صلح بينها وبين زوجها، وتمسك ممثل النيابة العامة بالإدانة. بتاريخ 08 يناير 2019، أصدرت المحكمة الابتدائية بوجدة قرارها في القضية، وقضت بإدانة المتهم من أجل ما نسب إليه، ومعاقبته بغرامة نافذة قدرها خمسمائة -500- درهم، وبخضوعه لعلاج نفسي ملائم لمدة 06 أشهر بمستشفى الصحة النفسية (المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس) بوجدة، مع تحميله الصائر وتحديد مدة الإجبار في الحد الأدنى.

[10]  حكم المحكمة الابتدائية بوجدة في ملف جنحي رقم : 234/2115/2018 بتاريخ 08 يناير 2019. منشور  بالموقع الالكتروني “المفكرة القانونية” تاريخ الاطلاع   28 ماي 2019 على الساعة الواحدة بعد الزوال .

Le site web : https://www.legal-agenda.com

[11]  قرار محكمة الاستئناف بتازة، ملف جنحي عنف ضد نساء عدد 38_2635_2019، صادر بتاريخ 10/10/2019، للإطلاع عليه ينظر الموقع الالكتروني: “المفكرة القانونية” تاريخ الاطلاع: 28/11/2019 على الساعة التاسعة مساء

=Le site web : https://www.legal-agenda.com

[12]  تعود فصول القضية إلى شكاية تقدمت بها امرأة إلى خلية التكفل بالنساء المعنفات بالمحكمة الابتدائية بتازة، تعرض فيها بأنها متزوجة من المتهم، الذي عرضها للعنف، وقام بطردها من بيت الزوجية ومنعها من أخذ ملابسها واصطحاب ابنيها معها، وأدلت بشهادة طبية مدة العجز بها والتي هي 21 يوما.وعند الاستماع إلى المتهم من طرف الضابطة القضائية، أنكر المنسوب إليه، وأكد أنه لم يعنف زوجته، ولم يطردها من بيت الزوجية، مبديا استعداده إلى تمكينها من ابنهما ومن حوائجها.بناء على ذلك، انتقلت دورية من الشرطة القضائية رفقة المشتكية لتنفيذ الأمر بإرجاعها إلى منزلها، وعندما طلب عناصر الدورية من الزوج السماح للزوجة بدخول المنزل، وأخذ أغراضها، شرع الزوج في الصراخ بأعلى = صوته..،.وبناء على هذه الوقائع، تابعت النيابة العامة المتهم من أجل الضرب والجرح والتهديد ضد الزوجة، وإهانة موظفين عموميين أثناء قيامهم بوظيفتهم، والتقاط وتسجيل صورة شخص في مكان خاص من دون موافقته، وهي الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 401 و429 و263 من القانون الجنائي، والمادتين 2 و429/1 و447/1 من قانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.بتاريخ 11/04/2019 قضت المحكمة الابتدائية بمؤاخذة المتهم من أجل المنسوب إليه، والحكم عليه بالحبس النافذ لمدة شهرين، وبغرامة مالية نافذة قدرها 2000 درهم.خلال مرحلة المحاكمة أمام محكمة الاستئناف حضر المتهم، وقد أنكر أفعال الضرب والتهديد المنسوبة إليه، مضيفا أن المشتكية أتت رفقة عائلتها إلى المنزل من أجل نقل جميع الأثاث وليس فقط ملابسها، مما أدى إلى شعوره بالاستفزاز، وهو ما دفعه لتصوير ما وقع بغية بقاء الصور كدليل لديه يمكن الإدلاء به لاحقا في النزاع الذي قد يطرح أمام محكمة الأسرة. وحضر دفاع المشتكية وأدلى بإشهاد عن تراجعها عن التنازل.

[13]  قرار محكمة الاستئناف بتازة، ملف جنحي عنف ضد نساء عدد 38_2635_2019، صادر بتاريخ 10/10/2019، سبقت الإحالة عليه.

[14]  حكم رقم 650 صادر عن المحكمة الابتدائية لبولمان بميسور، في الملف عدد 1498/2102/2018 صادر بتاريخ 03/07/2019، غير منشور

[15]  حكم  عدد 587 صادر عن المحكمة الابتدائية  لولمان بميسور في الملف عدد 20/2115/2019 بتاريخ 12/06/2019 غير منشور.

[16]  محمد الزماط، إشكاليات ومستجدات الطرد من بيت الزوجية، مقال منشور بمجلة “مغرب القانون الالكترونية”، تاريخ الاطلاع 15/11/2019 على الساعة الواحدة بعد الزوال.

Le site web : www.maroclaw.com

[17]  حكم صادر عن المحكمة الابتدائية لبولمان بميسور رقم 434 في الملف عدد 14/2115/2019 بتاريخ 02/04/2019، غير منشور.

[18]  تقرير رئيس النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة 2018 ص 213

[19]  حكم صادر عن غرفة  الاستئنافات الجنحية بالمحكمة الابتدائية لبولمان ميسور رقم 19/80 في الملف عدد 2019/2801/2 بتاريخ 2019/01/22 غير منشور.

[20]  نجيبة بوقديدة، توجه المحكمة الابتدائية بفاس حول موضوع التكفل القضائي بالنساء والأطفال، بحث نهاية التدريب، المعهد العالي للقضاء بالرباط، فترة التدريب 2015-2017، ص 69

[21]  حكم صادر عن غرفة  الجنح الاستئنافية بمحكمة ميسور رقم 19/48 في الملف عدد 18/622 بتاريخ 2019/01/08 غير منشور.

[22]  جميلة الياقوني، العنف المسلط على الزوجة بين النص القانوني والواقع العملي، رسالة لنيل الماستر في المنازعات والمهن القانونية –الفوج الأول- كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة ابن زهر، الموسم الجامعي 2016/2017، ص 89 و90

[23]  حكم عدد 246/19، ملف جنحي استئنافي عدد: 109/2019 صادر بتاريخ 16/04/2019

[24]  قرار محكمة الاستئناف بفاس، غرفة الجنايات صادر بتاريخ 5/12/2007 ملف جنائي عدد 175/07

أوردته: مريم دكان، النساء في وضعية صعبة: أية حماية؟ -النساء ضحايا العنف نموذجا- رسالة نيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، السنة الجامعية 2008/2009، ص 101.

[25]  المرجع نفسه، ص 101

[26]  حكم صادر عن ابتدائية فاس بتاريخ 06/03/2008 ملف جنحي رقم 3948/07

أوردته الباحثة مريم دكان، المرجع السابق، ص 101

[27]  فاتحة اليزيدي، خلايا التكفل بالنساء والأطفال “المحكمة الابتدئية بتمارة نموذجا”، بحث نهاية التكوين، المعهد العالي للقضاء الرباط، فترة التدريب 2015/2017 ص 34

[28] المصطفى الناوي، خديجة الروكاني، قراءة في القانون الجنائي من أجل تشريع جنائي يحمي النساء من التمييز والعنف، دراسة من إنجاز الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء، يونيو 2010، ص 39

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى