مقدمة
وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا.
فهم النص القانوني وإدراك العلاقة بين المعنى والظاهر يتطلب نظرة سليمة يحفظ لهذه العلاقة توازنها المطلوب دون إفراط أو تفريط، على أن حفظ هذا التوازن لا يتم إلا بالوقوف على ما يبني عليه كل منهما، لذلك يستهدف هذا البحث معرفة الأحوال التي يمكن فيها الالتزام بظاهر اللفظ دون الالتفات إلى المعنى. وكذلك معرفة الأحوال التي يجب فيها الالتزام بالمعنى دون ظاهر اللفظ, لكون الالتزام المطلق بأي طرف دون الالتفات إلى الطرف الآخر يهدر الآخر بالكلية الأمر الذي يؤدي إلى الانحراف عن قصد المشرع من التشريع ,أو مناقضته, أو الخطأ في الفهم والاستنباط, وغير ذلك من وجوه الانحرافات, وهي معادلة صعبه إذا نظرنا إليها من جهة البناء على المعنى؛ لأن للظاهر مادته التي يمكن إدراكها حسا من خلال اللغة وعلومها كالنحو والصرف, والبيان والبلاغة والعوم والخصوص, والإطلاق والتقييد, خلافا للمعنى الذي يلتمس في العلل والأسباب ومقاصد المتكلم. ووجوه المصالح والمفاسد، وما شابه ذلك مما ليس له مشخصات في الواقع، ولذلك كان تلمس المعاني بحاجة إلى تنظر أدق وفهم سديد وقدر من الذكاء والفطنة، فمسايرة المعاني المتجددة، والمصالح المتغيرة أشد عسرة من الإلمام بالقواعد اللغوية التي تحكم ظاهر الألفاظ والنصوص. مع أن إدراك معاني النصوص والنظر في الحكمة منها، والوقوف على غاياتها والبحث عن المصالح التي ترعاها يجب أن يتم من
خلال ظاهر النص والظروف المصاحبة لتقريره، وواقع الحال. والسياق الذي ورد فيه، وغير ذلك من العوامل –
إضافة إلى تفسير النص القانوني ، هناك جانب آخر من التفسير و هو تفسير النص الشرعي، عموما العلوم الشرعية هي علوم وظيفية ، بمعنى ليست جامدة و إنما لها دور ، و من ذلك علم أصول الفقه ، فمن خلال مجموعة من القضايا التي يتناولها علم أصول الفقه ، و بالخصوص في باب مسالك الدلالة و التي تناول فيها الخاص و العام و المطلق و المقيد إلخ … ، هذه الضوابط و القواعد ثم اعتمادها في تفسير النص الشرعي الذي هو القرآن و السنة
المطلب الأول : الإطار المفاهيمي لتفسير النص القانوني
الفقرة الأولى: ماهية التفسير القانوني
يقال في اللغة فسر الشيء فسرة وضحه , وفشر بمعنى وضح , واستفسره عن كذا سأله أن يفسره له , والتفسرة الشرح والبيان , يقال فسر القرآن الكريم , يقصد به توضيح معاني القرآن الكريم وما انطوت عليه آياته من عقائد وأسرار وحكم وأحكام[1] .
أما التفسير في الاصطلاح فيقصد به بيان معنى الألفاظ ودلالتها على الأحكام للعمل بالنص على وضع يفهم من النص[2]
فالتفسير يهدف إلى تحديد المضمون الحقيقي للقاعدة القانونية وبيان نطاقها وتوضيح الغموض الذي قد يلابسها ومعرفة ما يشوبها من نقص , أو قصور والسعي إلى حل التناقض بين مختلف النصوص القانونية وتصحيح الأخطاء المادية التي تعتريها[3] ومن هذا المنطلق تبرز الأهمية التي تتمتع بها قضية تفسير النصوص لكون القاضي لا يعرف مدى انطباق حكم النص على الوقائع إلا بعد تفسير النص القانوني وادراك معناه والقصد منه والحكمة من سنه وتشريعه والمصلحة التي يتغياها أو المفسدة التي يرمي إلى دفعها .
نطاق التفسير
التفسير لا يرد إلا على التشريع المكتوب، بحيث تعد الكتابة شرطا لقيامه. والمقصود بالتشريع جميع القواعد والنصوص القانونية الصادرة عن سلطة الدولة، فضلا على التشريع السماوي الذي يخضع بدوره لعملية التشريع. وفي مقابل التشريع نجد العرف والمبادئ العامة للقانون وغيرها، لكن أجمع الفقه على عدم اخضاعها للتفسير لكون العرف يعمد القاضي للتأكد من وجوده فقط ، حيث أن الأمر يتعلق في هذه الحالة بمسألة الاثبات لا غير، ايضا في الوقت الذي يتوصل إلى المبادئ العامة للقانون عن طريق الاجتهاد مما يجعله في غنى عن تفسيرها .
حدود التفسير
يوجد تداخل بين التشريع والتفسير ، فالتفسير يتضمن نسبة من التشريع لكن للتفسير حدود ، فهل التفسير عمل تشریعي يخلق القاعدة القانونية أم هو مجرد عمل تقريري وصفي يعلن عن المعنى المتضمن في القاعدة القانونية ، النظرية الصورية تعتبر المفسر کاشفا فقط عن معنى النص أما المضمون فهو موجود مسبقا ، بينما النظرية الواقعية تعتبر التفسير عملا خلافا لا يكتشف القاعدة القانونية فقط بل يخلقها ، فقبل التفسير لا تكون هناك للقاعدة القانونية وجود ، وهناك النظرية المختلطة التي تتعامل مع التفسير حسب الحالات وترى أن التفسير لا يكون حلاقا إلا في الحالات المعقدة .
القاضي الجنائي حدوده في تفسير القانون الجنائي محدودة ، في القانون الجبائي والقانون المدني نفس الأمر ، لكن يمكن القول أن المحكمة الدستورية تعتبر جهازا تشريعيا لأن إلغاء القانون يعتبر عملا تشریعیا۔.
الفقرة الثانية: دواعي التفسير النص القانوني وضوابطه
حتى في ظل الانظمة القانونية المكتوبة أو التي تعتمد على التقنين قد يحدث نقص أو غموض أو لبس ، و الأسباب الداعية للتفسير كثيرة ومتنوعة لا يمكن حصرها ، لكن يمكن أن نميز بين نوعين من الأسباب هي : الأسباب الداخلية المتعلقة بذاتية النص، والأسباب الخارجية الراجعة إلى الظروف والسياق الذي سن فيها النص القانوني .
أولا: دواعي تفسير النص القانوني
1: عدم اكتمال النص أو سكوته
أي وجود ثغرات أو فراغات غير مملوءة أو عدم وجود قاعدة قانونية مناسبة للتطبيق أو وجود قاعدة غير مطابقة تماما على الحالة المعروضة ، لا يمكن أن يتم النص القانوني بالنقصان إلا إذا كانت عباراته خالية من بعض الألفاظ التي لا يستقيم الحكم إلا بها ، أو بعبارة أخرى هو كل ما يصيب النص أو النظام القانوني من ثغرات أو فراغات غير مملوءة مثال ذلك ما جاء في الفصل 124 من المجموعة الجنائية حيث جاء فيه ” لا جنایة ولا جنحة ولا مخالفة .. إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية”، وباستقراء هذا النص يتضح أن المشرع قد اشترط لاعتبار الفعل مبررا قانونا توافر شرطان هما أن يكون الفعل قد أوجبه القانون و أمرت به السلطة التشريعية ، وباعتماد الواو بدل “أو” في متن النص يكون المشرع قد أوجب توافر الشرطين لا أحدهما فقط . نلاحظ أيضا أن القاضي الاداري يجد نفسه أمام نقص كبير في القانون، وهو ليس مدعوا فقط الى ملء الفراغ وإنما إلى بناء القانون الأداری ککل، فالدستور ترک فراغا عن قصد لتملأه الادارة ، أما في القانون الدستوري فسكوت الدستور هو فراغ متروک للمشرع کی يملأه وليس ثغرة ، إنه ترخيص من المشرع الدستوري للمشرع العادي [4].
2 : غموض النص
ويقصد به عدم وضوح عبارات النص، بحيث يجعله يحتمل أكثر من معنى ، ودور المفسر في هذه الحالة هو اختيار المعنى الأكثر صحة و الأقرب إلى الصواب من بين باقي المعاني الأخرى ، وكمثال على الغموض الذي قد يشوب النص القانوني مصطلح الليل الذي ورد ذكره في الفصل 510 من ق. ج.م حيث يشدد المشرع المغربي من خلال مقتضى هذا الاخير العقوبة على السرقة الواقعة ليلا، ومن ثم فإن للفظ الليل معنيين هما إما تخييم الظلام حسب العامية ، أو الفترة الممتدة بين غروب الشمس وشروقها من منظور علم الفلک.
النص الواضح تکفي قراءته مرة واحدة لإظهار معناه ، أما غير الواضح فلا يتفق الأطراف بشأن معناه ، اما غير الواضح فلا يتفق الطرفان بشأن معناه ، والغموض يتحقق اذا كانت عبارة النص تحتمل أكثر من معنى مثلا معنى لغوى و معنی اصطلاحي مثلا “الشغل” لغويا هو العمل واصطلاحيا هو العمل المأجور تحت سلطه رب العمل ، لذلك فالغموض لا يكون فقط في تعدد المعاني بل أيضا في تعارض النصوص، وقد يكون المعنى واضحا في المعجم لكن خلال وضعه في السياق العملي أو التنفيذ يصطدم النص بالواقع فيحدث الغموض ، وقد يخالف النص الغاية التي من المفروض أن يخدمها أو يصطدم بمفاهيم العدالة والإنصاف أو يؤدي إلى نتائج اجتماعية غير مرغوب فيها ، مثال ذلك مصطلح الملكية فهو في الدستور الفرنسي حق مقدس وهناك التأميم المنصوص عليه في الفقرة السابعة من ديباجة دستور 1946، ايضا حق الاضراب حق مشروع دستوريا لكن يقابله مفهوم استمرارية المرفق العام ، فيحصل تعارض بين المصالح المهنية للموظفين والمصلحة العامة التي تتضرر بالإضراب ، وهو نفس الشيء الذي يواجهه القاضي الفرنسي بقضية الحجاب الإسلامي بین الحرية الدينية والعلمانية كمبدأين دستورپین ، والقاضي الدستوري عليه أن يعتبر أن المشرع لا يناقض نفسه بل عليه أن يبحث عن المعنى ، مثال ذلك ما نص عليه الفصلان 900 و 1172 فالأول يسمح بالتعامل مع الشروط المستحيلة التي تكون مناقضة للقانون والاخلاق بينما الثاني ينص على أن كل شرط يتضمن شيئا مستحيلا أو غير أخلاقي يجعل الاتفاق عليه باطلا.
3: قدم النص وتجاوزه واقعيا
النصوص قد يتجاوزها الواقع لذلك فهي تستدعي تفسيرا يجددها ويحينها وهي مهمة القاضي ، مثال ذلك الفصل 1780 من القانون المدني الفرنسي الذي ينص على أن عقد ايجار الخدمة لا يمكن ابرامه الا لأجل أو لعمل محدد، وإذا كان العمال حاليا يبحثون عن الاستقرار وعهد السخرة قد انتهى فالقاضي فسر النص على أنه يجوز للطرفين فسخ هذه العقود بإرادة الطرفين ، وهو حل ذکي فالمفسر عليه أن يبث روحا جديدة في النص القديم ..
4: الخطأ المادي أو المعنوي
وهو كل تشويه مادي أو معنوي لصياغة النص، بحيث لا يستقيم النص إلا بتصحيح هذا الخطأ .
5: تعارض الأدلة وتناقضها بين يدي المحكمة
يتحقق التعارض بين الأدلة عندما يتقابل دليلان يوجب كل منهما ضد ما يوجبه الأخر كأن يكون حكم أحدهما الاباحة وحكم الآخر الحظر والمنع , أو يكون أحد الدليلين يفيد الإثبات بينما الآخر يفيد النفي[5]. وهكذا. وقد يكون التعارض والتناقض ليس في الأدلة ذاتها . ولكن لعدم فهم الناظر في الأدلة لحقيقتها , وبما أن قانون أصول الأحكام القضائية السوداني لسنة 1983م قد اخضع تفسير كل القوانين إلى القواعد التي قعدها علماء الشريعة الإسلامية , بما نص عليه في المادة (2) الفقرة (ج) بقوله : ( يفسر القاضي المصطلحات والألفاظ على ضوء القواعد الأصولية واللغوية في الفقه الإسلامي ) فبالرجوع إلى هذه القواعد نجد أن علماء الأصول قد بينوا طرقا ثابته وراسخة في رفع التعارض بين الأدلة , فعلى سبيل المثال إذا نص المشرع على حكم عام فلا يجوز الأخذ بمعناه الظاهر العام حتى ينظر فيما إذا كان هنالك ما يخصمه أم لا. والنص العام وما يخصصه قد يكونان في قانون واحد , وقد يكون كل واحد منهما في قانون مستقل بذاته [6]كذلك إذا كان النص مطلقا فيجب النظر فيما إذا كان له ما يقيده أم الا .
[7]وإذا دل النص بمفهومه على حكم محدد فيجب النظر فيما إذا كان هنالك نص آخر يعارضه بمنطوقه أم لا, فتقدم دلالة المنطوق على دلالة المفهوم في الترجيح بين حكم النصين[8] , فعلى سبيل المثال نجد أنه إذا استندت المحكمة في حكمها بناء على اجتهاد استقته من مبدأ عام من مبادئ القانون مخالفة في ذلك نصا صريحة في منطوقه لا يجيز لها ذلك فإن حكمها يكون معيبة يتعين نقضه لاعتمادها على ما يدل عليه المبدأ في ظاهر مفهومه العام دون النظر في ما يعارضه , وتطبيقا لذلك لا يجوز للمحاكم السودانية الاجتهاد بالرأي في الدعاوی الجنائية مثلا مع وجود نص يحصر هذا الضرب من الاجتهاد القضائي في غير الدعاوى الجنائية كما أشارت إلى ذلك المادة (3) من قانون أصول الأحكام القضائية المذكورة آنفا .
ثانيا: ضوابط تفسير النص القانوني
1 : الالتزام باحترام قواعد الموضوع
والتي توجد في السوابق القضائية أو في القوانين أو في اوامر السلطة التنفيذية ، يقول کابینتی ماورو بأن القاضي يساهم في خلق القاعدة القانونية شاء أم أبي ، فيكون أمام اختيارات مفتوحة عندما يستوحى الحكم من مبادئ الانصاف ويكون مقيدا عندما يستند الى السوابق القضائية أو القانون فتكون له سلطة محدودة في التشريع مقيدة بقيود مسطریه و موضوعية ، فالقاضي والمشرع يساهمان في التشريع لكن ليس بنفس الدرجة وليس بنفس الحجم والكثافة ، فالقاضي مقيد أمام القانون أكثر من تقيد المشرع بالدستور، لكن المشرع مقيد اكثر أمام القاضي الدستوري.
2 : الالتزام بالنص عند وضوحه
فلا مجال للاجتهاد مع نص قطعي الدلالة ، لكن بعض النصوص رغم وضوحها تصبح عكس ذلك بعد اصطدامها بالواقع ، مثلا الشرطي الذي لا يمكنه منع سيارة اسعاف من الولوج الى حديقة يمنع دخول السيارات اليها بقرار من السلطة المحلية، فلوضوح النص لا يكفي أن تكون عباراته مفهومة لغويا ، مثال الشهر ، فالغموض يحصل عند النزاع، فالواقع من يجعل النص ملتبسا أو يحتمل أكثر من معنی.
3: وجوب تفسير النص بما يعطيه معنی
عند تعارض قاعدتين قانونيتين تقدم التي لها معنی ، فالمشرع لا يمكن أن يضع قواعد لا معنى لها، وهو ما جاء في الفصل 1157 من القانون المدني الفرنسي، لكن عند وجود قاعدتين متناقضتين يقوم القاضي بتوزيع المجال بينهما ويفترض أن المشرع قصد حالتين مختلفتين ، وفي حالة عدم بلوغ المعنى يجب الرجوع الى المعنى الحرفي للنص فلا ينبغي أن يتحول التفسير الى خيانة يتول شارل این زمان ، كما أنه لا يجب حينها التعسف على النص واستخراج الحكم عنوة منه أو ربط الحل به دون منطق قانوني مثال ذلك ما جاء في الفصل 3 من القانون المدني الفرنسي الذي يقول بتطبيق القانون الوطني للأجانب المقيمين فوق التراب الفرنسي، لكن تم تطبيق القانون الفرنسي على الزوجين المقيمين في فرنسا بحكم تجاوز النص لكنه ليس تفسيرا للنص[9].
المطلب الثاني : مناهج تفسير النصوص القانونية واتجاهاتها.
سأعالج في هذا المطلب مناهج التفسير ( الفقرة الأولى ) ثم سأتحدث عن اتجاهات تفسير النصوص القانونية ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى : مناهج التفسير
تتعدد مناهج تفسير النصوص القانونية، ولكل منهج أحكامه وتطبيقاته، فكتب الفقهاء تزخر بمناهج التفسير، ومنهم من تعرض لها بشكل مفصل، لكن هنا سنقتصر على بعضها وذلك بعد سرد أهم وأشهار مناهج التفسير المعتة من قبل المفسيرين،فنجد على سبيل المثال منهج التفسير اللغوي أو الاحتكام الى منطوق النص أي تفسير النص وفق المعنى المباشر والعادي في اللفظ ، لكن دون التوقف عن كل لفظ لفظ بل المعنى المستخلص من مجموع العبارات التي تكون النص في مجمله، ونجد كذلك ، منهج الاحتكام الى إشارة النص أي المعنى المستفاد مما ليس صريحا في النص ولا يتبادر إلى الذهن بالاعتماد على الألفاظ ، لكنه یکون لازما للمعنى الذي يتبادر من الألفاظ .
ومن المناهج المعتبرة في التفسير، نجد التفسير الغائی الذي يقوم على فهم النص وتحديد معناه اعتمادا عما أريد به من غايات واهداف فيمكن التعرف على معنى النص من خلال فهم الغاية منه، وكذلك نجد – من المناهج المعتبرة – المنهج المنطقي ومفاد هذه المنهجية أن المشرع يتسم بالعقلانية والحكمة ، وبأن القانون يفترض أن يعكس فكرة منسجمة و منطقية .
ومن خلال ماسبق يتبين أن مناهج التفسير متعددة ومتنوعة، لذا فإننا سأقتصر على التفصيل في ثلاث مناهج ؛ سأبدأ بمنهج الإحتكام إلى مقتضى النص ( أولا ) ثم سأعرج بعد ذلك على منهج الإحتكام إلى الأعمال التحضيرية ( ثانيا ( ثم سأختم الحديث بعرض منهج التفسير بالقياس ( ثانيا ) .
أولا : الاحتكام الى مقتضى النص
وهو استخراج قاعدة لا وجود لها صراحة لكنها تبدو موجودة بالضرورة أو بالاقتضاء حتى وإن لم يتضمنها منطوق النص ، مثال ذلك أن مبدأ الشرعية لم يتم التنصيص عليه في القانون الفرنسي، حيث أكد بناء على المواثيق الدولية أن القانون لا ينبغي أن يضع العقوبات الواضحة ضرورتها ولا يمكن أن يعاقب الا بموجب قانون صدر قبل وقوع الجريمة ، اذا التزمنا بالتنسير اللفظی پیدو أن النص لا يستهدف الا عدم رجعية القوانين، لكن المجلس الدستوري الفرنسي استخرج من ذلك أن المشرع يقع عليه واجب تحديد أركان الجريمة في ألفاظ واضحة ودقيقة ، واستنبط أيضا باستعمال تقنية البرهنة بالمخالفة مبدأ رجعية المقتضيات الجنائية التي تنص على عقوبات أخت ، كما اعتبر المجلس أن عدم تطبيق القانون الجنائي الجديد الأخف على الجرائم المرتكبة في ظل القانون القديم يؤدي الى تمكين القاضي من النطق بالعقوبات المنصوص عليها في القانون القديم في حين أنها لم تعد ضرورية ، بصيغة أخرى فالمشرع عندما يصدر عقوبة أخف من العقوبة السابقة بالنسبة لجريمة ما فإنه يعترف بأن العقوبة القديمة لم تعد ضرورية [10].
ثانيا : الاحتكام الى الأعمال التحضيرية
وهي مجموع الوثائق والمذكرات الايضاحية والتفسيرية الشاملة لمختلف المناقشات التي دارت في البرلمان حول القانون محل التفسير ، وكذا تقارير اللجان الفنية التي عهد إليها بدراسة مشروع القانون ، هذه الأعمال توضح إرادة المشرع من وراء سن القانون لكنه أمر لا نجده في الدستور حيث تسند مهمة تحريره إلى النخبة السياسية الحاكمة وتتم المصادقة عليه من الشعب ، لكن تطرح إشكالية صعوبة الحصول على هذه الأعمال التحضيرية ، كما أن الباحث عن هذه الأعمال قد يصل الى الارادة المفترضة وليس الى الارادة الحقيقية للمشرع ، فالعنس عليه أن يطرح السؤال التالي ماذا كان سيكون رأي المشرع لو أنه في الظروف الحالية ؛ وعلى ضوء ذلك بن النص بمراعاة التطورات الاجتماعية والاقتصادية و المستجدات التي لم يتوقعها المشرع الأصلي. وتوجد نماذج كثيرة يتم الرجوع إلى الأعمال التحضيرية للمشرع المغربي [11]
ثالثا : التفسير بالقياس
وهو إيجاد حل لحالة غیر منصوص عليها في القانون استنادا الى حالة مشابهة لها حكم في القانون، ويمكن القول أننا هنا نتجاوز إرادة المشرع ، لكن القاضی یکون عليه واجب الفصل في النزاع حتى في الحالة التي يكون فيها النص صامتا ، من ذلک قیاس لمخدرات على الخمر، ومنع الموصي له من الارث في حالة قتله للموصي قياسا على حالة قتل الوارث للموروث ، لكننا نفرق بین حالتين :
القياس بمفهوم الموافقة : وهي الاعتماد على دلالة النص ، وينقسم بدوره الى قياس عادی ویکون في الحالة التي تتساوى فيها علة الحكم في الحالتين المنطوق فيها والمسكوت عنها ، ثم قياس من باب أولى وهو عندما تكون العلة في الحالة المسكوت عنها أوضح وأقوى من الحالة المنصوص عليها ، فتحريم الكوكايين أولی من تحريم الخمر ، وتحريم ضرب الوالدين أولی من تحریم قول أف لهما [12] .
القياس بمفهوم المخالفه : ومعناه إعطاء الحالة المسكوت عنها عکس حکم الحالة المنصوص عليها ، وتكون في حالتين الأولى أن تكون العلة فيهما مختلفة ، مثال من أن السكر الناشئ عن تعاطي المخدرات عمدا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها ، وبتطبيق القياس بالمخالفة يصبح السكر غير الاختياري أي عن غير عمد من شأنه أن يعدم المسؤولية أو ينقصها ، والحالة الثانية عندما تكون الحالة التي صرح المشرع بحكمها تعتبر استثناء من الحالة التي لم ينص عليها [13]
الفقرة الثانية : اتجاهات تفسير النصوص القانونية
إن النصوص القانونية التي يراد تفسيرها تكون معبر عن إرادة واضعيها ، والمفروض في الوقت نفسه أنها وضعت في المجتمع لتحكم تصرفات أفراده ولقد اختلفت مذاهب التفسير باختلاف النظرة إلى حقيقة الدور الذي يقوم به المشرع في وضع القواعد القانونية ، وظهور المدارس مرتبط ارتباطا وثيقا بأساس القانون ، فاذا انعقد القانون بإرادة الدولة وانحصرت مصادره في التشريع أصبحنا أمام مدرسة التزام النص في التفسير ( أولا ) ، أما إذا اعتبر القانون بأنه انبعاث من ضمير الجماعة توجد المدرسة التاريخية ( ثانيا ) ومن الظروف المختلفة المحيطة بها توجد المدرسة العلمية ( ثالثا )
أولا : مدرسة الشرح على المتون
وتسمى أيضا “مدرسة التزام النص ” وقد ظهرت هذه المدرسة في مستهل القرن التاسع عشر، وهو تاريخ صدور التقنينات الفرنسية الكثيرة التي لم يكن للناس عهد بها، وأصل تسميتها بمدرسة الشرح على المتون، يعود إلى ما درج عليه شراح تلك التقنينات من إحاطتها بقدر كبير من التقديس وانصرافهم إلى شرح النصوص بشكل التعليقات عليها ،بحيث يجعلون النص متنا يبذل الجهد في شرحه وتوضيحه يفعلون ذلك غير خارجين حتى على الترتيب الشكلي للقانون ،فهم يتقيدون بترتيب نصوص التقنينات وأرقام موادها[14].
وهذه المدرسة تقوم على أسس كما أنها لم تسلم من النقد.
1- الأسس التي تقوم عليها هذه المدرسة
تقوم هذه المدرسة على تقديس النصوص التشريعية ،حيث يعتبر التشريع هو المصدر الوحيد للقانون ،وانه لا يجوز أن ينشأ عرف يخالف التشريع إلا حيث يسمح هو ذاته بذلك ،وإن التشريع لا يلغيه العرف ،كما أنه لا توجد قاعدة قانونية إلا ومرجعها النصوص التشريعية وخاصة مجموعة نابليون ، وقد ركز على “بنيه” احد زعماء المدرسة هذا الشعار في عبارته المشهورة: أنا لا اعرف القانون المدني ،وإنما اشرح مجموعة نابليون ،كما أنها تقوم على تغليب قصد المشرع عند تفسير التشريع ،وهذا يتبين لنا مما قاله “دمانت” : إن إرادة المشرع هي أساس القانون، فروح التشريع هي خير مرشد لنا ،فيتعين علينا أن نغلبها على عبارته،بمعنى أننا نسلم بكل النتائج المستنتجة من حرفية النصوص،ولا نغفل كل تلك التي لا تستنتج منها في صراحة ووضوح ، وكذا احتكار المشرع إنتاج القانون ،وهذا من الطبيعي أن يؤدي إلى تقديس النصوص وتغليب قصد المشرع إلى هذه الخاصية التالية، لذلك نجد من شراح المتون من يذهب إلى حد القول بان من حق القاضي في سبيل الاهتداء إلى قصد المشرع أن يحكم برفض وجود نص لحكم الحالة المعروضة عليه ، بل منهم من يذهب إلى حد ادعاء العصمة للمشرع ،ويرون لذلك انه لا يمكن أن يكون هناك فكر أسمى من فكره، ولا عدالة فوق عدالته [15].
ولئن كان مذهب هذه المدرسة يؤدي إلى استقرار القواعد القانونية وثباتها ومنع تحكم القاضي ،إلا أنها لم تسلم من النقد
2 – نقد مدرسة الشرح على المتون
ارتكز أهم نقد زج به إلى هذه المدرسة إلى أنها تصيب القانون بالجمود وان البحث عن إرادة المشرع نفسه المفترضة عند وضع النص يمكن أن يصل إلى أن ينسب للمشرع إرادة وهمية لا أساس له من الواقع ، كما أنها تصيب القانون بعدم المرونة وتحول دون تطوره بما يتماشى مع ظروف المجتمع وحاجاته ، وأنها لم تقوى على الصمود أمام النقد الذى وجه إليها فاختفت منذ أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين لكن لا يمكن القول بأن مدرسة الشرح على المتون قد انتهى وجودها تماما ، فهي ما زالت موجودة في بعض جوانبها الصحيحة في تفسير النصوص القانونية [16]
ثانيا : المدرسة التاريخية أو الاجتماعية
ظهرت هذه المدرسة في ألمانيا على يد الفقيه “سافيني وبوشتا” في أوائل القرن التاسع عشر ولم يجد له في فرنسا إلا بعض الأنصار ومنهم “سالي” ويطلق على هذه المدرسة أيضا اسم ” المدرسة ألألمانية ” أو ” مذهب مدرسة سافيني “[17].
ويذهب أنصار هذه المدرسة إلى أن تفسير القانون يجب أن يتم حسب الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة وقت تفسير النص ،وتقوم هذه المدرسة على أساس أن القانون ليس وليد إرادة واعية مدبرة بل هو وليد عوامل اجتماعية وحاجات المجتمع المتطورة ،وأن إرادة المشرع ليست الأساس في تحديد مضمون القاعدة القانونية [18] .
ولدراسة هذه المدرسة لا بد من التطرق إلى حسنات ومساوئ هذه المدرسة
1 – حسنات هذه المدرسة
من حسنات هذه المدرسة أنها تبين لنا أن القانون ليس مجرد تعبير عن مشيئة الحاكم أو المشرع ،كما ذهبت إلى ذلك مدرسة التزام النص ،وإنما هي تثير و تشيد بما للمجتمع من آثر مبين في تكوين القوانين ، كما أنها تعتمد على السير بالتشريع جنبا إلى جنب مع تطور الجماعة ،كما أنها تمتاز بإعطاء النصوص التشريعية مرونة تجعلها تتماشى مع تطور الظروف الاجتماعية ،نظرا لأن تفسيرها يتطور مع تطور ظروف المجتمع فهي تبيح لمن يتصدى للتفسير أن يدلي برأيه الشخصي بحسب نظرته إلى الظروف القائمة في المجتمع .
2 – مساوئ هذه المدرسة
رغم احتوائها على حسنات فإنها لا تخلوا من العيوب المتمثلة في كونها تخرج التفسير عن معناه الحقيقي أي أنها لم تضع قواعد ثابتة للتفسير يتقيد بها المفسر ،بل تركت الباب مفتوح للقضاء يقوم به حسب الظروف والمقتضيات مما يترتب عليه أن المفسر بتعديله للقانون والبعد عما أراده المشرع تحت ستار التفسير ويفتح الباب للتحكم مما يفقد القانون الثبات والاستقرار اللازمين لثبات واستقرار المعاملات كما أن فيه توسيع غير مأمون لسلطة القضاء، إذا لا يعرف لتفسير القانون وتطبيقه قاعدة ثابتة [19].
ثالثا : المدرسة العلمية
ظهرت هذه المدرسة في فرنسا على يد الفقيه الفرنسي “فرانسوا جيني” وهو أحد كبار الفقهاء الفرنسيين،في مطلع القرن العشرين في مؤلفه {طرق التفسير ومصادر القانون الخاص الوضعي }،وهي مدرسة تأسست على أنقاض مدرسة الشرح على المتون ، حيث اعتبر النصوص القانونية مجرد عمل من أعمال البشر التي تعتبر ناقصة دوما ، ونادت بوجوب تفسير النصوص القانونية تفسيرا علميا حرا ،وتتفق هذه المدرسة في تفسير النصوص التشريعية وفقا لنية المشرع الحقيقية وقت وضع التشريع ،ولكنها تختلف عنها بالنسبة للحالات التي لا يوجد فيها نص تشريعي يحكم الحالة المعروضة[20].
ولا بد من التطرق في هذه المدرسة إلى الأسس التي تقوم عليها وتقديرها
1 – الأسس التي تقوم عليها هذه المدرسة
تقوم هذه المدرسة على أسس كثيرة منها أنها لاتحمل النصوص القانونية أكثر من طاقتها ولا تستخلص إلا للإرادة الحقيقية للمشرع وتنفي نفيا باتا الإرادة المفترضة وهو عمل مخالف تمام المخالفة لما قامت به مدرسة التزام النص ،ويرى أنصار هذه المدرسة أنه إذا تخلف الشكل فيجب الرجوع إلى الجوهر لسد نقص المصادر الرسمية الأخرى ،ويجب على القاضي أن يضع نفسه موضع المشرع إذا كان يريد بالتشريع العثور على حل لنزاع معين ومحدد ،فهو بهذا لا يخلق قواعد قانونية جديدة على غرار فعل المشرع ،وإنما يفسر القانون المتعلق بحل النزاع المعروض عليه ، كما أنها اتخذت لها مكان الوسط بين المدرستين [21].
2- تقدير هذه المدرسة
يمكن القول في هذه المدرسة أنها المدرسة السائدة في التفسير في الوقت الحاضر ،وإن كان من اللازم التنبيه إلى أنه ليس من الضروري الوقوف في التفسير ،عند الإرادة الحقيقية للمشرع وقوفا جامدا، بل يجب أن يكون التفسير وسيلة إلى مد حكم النص إلى أية مسألة ولو لم يقصد الشارع فعلا أن يطبق عليها الحكم ،ما دام إخضاعها له يتفق مع النص وروحه ،كما أن هذه المدرسة تمتاز بسلامة الأساس الذي تقوم عليه[22] .
وختاما يمكن القول بأن رغم اختلاف المدارس الثلاث في طريقة التفسير لكنهم يعتبرون من أهم الإنجازات في تفسير النصوص القانونية ،ولكن يمكن القول كذلك بأن المدرسة العلمية أو مدرسة البحث العلمي تعتبر من أهم المدارس السائدة في الوقت الراهن لأنها اتخذت لها مكانة الوساطة بين المدرستين الأخيرتين.
المبحث الثاني : طرق تفسير النص الشرعي :
من المعلوم أن النص الشرعي المتمثل في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت بيانهما على أسلوب واحد و صيغة واحدة ، و إنما تنوعت و تعددت الصيغ اللغوية و البيانية للنص الشرعي ، تبعا للزمان و المكان و الأشخاص المخاطبين.
فمرة يأتي الخطاب بصيغة العموم و أخرى بصيغة الخصوص ، و أحيانا يأتي اللفظ مطلقا و أخرى مقيدا ،كما أنه يأتي بصيغ الأمر أو النهي إلى غير ذلك من أساليب البيان .
و كان العرب المسلمون الأوائل في زمنه صلى الله عليه و سلم وزمان الصحابة رضوان الله عليهم ،يفهمون الخطاب القرآني و أحاديثه صلى الله عليه و سلم فهما صحيحا سليما ، لكنهم كانوا يتكلمون اللغة العربية سليقة أي فطرة ، ولم يكونوا في حاجة لأمر خارجي يساعدهم على فهم النص الشرعي.
و إذا كان استشكل عليهم أمرا ، كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم فيبين لهم ذلك مصداقا لقوله تعالى : ” لتبين للناس ما نُزل إليهم ” [23].
لكن لما اتسعت رقعت الإسلام ودخل الناس دين الله أفواجا من الفرس و العجم و غيرهم من غير الناطقين بلغة القرآن ، أصبح فهم النص الشرعي بالنسبة لهم غير متيسر إلا بالاستعانة بمجموعة من الأدوات البيانية .
فنشأت و ظهرت مجموعة من العلوم الشرعية لخدمة النص الشرعي ، فنشأت علوم اللغة من نحو و بلاغة ، و ظهرت علوم القرآن بمختلف مجالاتها ، و في مقدمتهم علم التفسير ، وكان من أول من كتبوا فيه ، البقي بن مخلد رحمه الله المتوفى سنة 276 ه، صاحب المسند المشهور ، إلا أن كتابه في التفسير هذا لم يصل إلينا [24]، ومنهم الإمام الطبري المتوفى 310 ه .
وقبل هؤلاء تناول مجموعة من العلماء قضايا التفسير وطرق دلالة النص على المعاني و الأحكام ، في مقدمتهم الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ( ت204 ه) في كتابه الرسالة ، وبعده تناولت كتب الأصول قضايا تفسير النص الشرعي .
و بالمناسبة ، فإن أصول وقواعد التفسير أي تفسير النص الشرعي هي قواعد اجتهادية ، أي قابلة للنقاش ولا تكتسي صفة القدسية ، لأنها في الأصل جاءت من خلال استقراء أساليب العربية ، إدراك المدلول الصحيح للخطاب في لسان العرب ، و أيضا من خلال إدراك القواعد العامة للتشريع .
وقد تناول الأصوليون تلك القواعد و الأصول المتعلقة بتفسير النص الشرعي من خلال طريقتين :
أ- الطريقة الحنفية : و من أشهر كتبهم :
– أصول الفقه : للجصاص
– تقويم الأدلة : لأبي زيد الدبوسي
ب- طريقة المتكلمين : و من أشهر كتبهم :
- العمد : القاضي عبد الجبار
- البرهان : الجويني .
وكلهم قسموا الألفاظ في النص الشرعي إلى أقسام من حيث :
- وضوح الدلالة و إبهامها و أيضا إلى شمول اللفظ و عدم شموله ، إلى غير ذلك من التقسيمات .
فالحنفية مثلا : قسموا اللفظ من حيث وضوح الدلالة إلى أربعة أقسام :
- الظاهر -المفسر -النص -المحكم
وقسموا اللفظ باعتبار خفائه إلى الأقسام التالية :
- الخفي – المجمل – المشكل – المتشابه
أما المتكلمين ، فقد قسموا اللفظ باعتبار وضوحه إلى :
*الظاهر *النص
و باعتبار خفائه إلى : -المجمل – المتشابه
و لأخذ صورة شاملة حول ما نحن بصدد دراسته و إعطاء فكرة حوله ، سوف أتناول في البداية المراحل التي مر منها التفسير ( عهد النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه – عصر التابعين – التفسير في عصور التدوين) ، لكن لطول هذا الجانب ، سأشير بشكل مقتضب عن التفسير في عهد
النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و أختتم الكلام في هذا الجانب بعصر التابعين .
- المطلب الأول : نشأة التفسير و تطوره :
- المطلب الثاني : قواعد التفسير في حالة وضوح الألفاظ و ابهامها و دلالتها على الأحكام ، وكذا حالات شمول الألفاظ في دلالتها على الأحكام و عدم شمولها .
- المطلب الأول : نشأة التفسير و تطوره :
وهنا سنتحدث عن مرحلتين أساسيتين : الأولى في عهد النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه ، و الثانية : في عهد التابعين
*الفقرة الأولى :المرحلة الأولى : التفسير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه :
نزل القرآن الكريم على نبي أمي و قوم أميين، ليس لهم إلا ألسنتهم و قلوبهم ، وكانت لهم فنون من القول يذهبون فيها مذاهبهم و يتواردون عليها ، وكانت هذه الفنون لا تكاد تتجاوز ضروبا من الوصف ، وأنواعا من الحكم .
وكان طبيعيا أن يفهم النبي صلى الله عليه و سلم القرآن جملة و تفصيلا ، بعد أن تكفل الله تعالى بالحفظ و البيان ، كما كان طبيعيا أن يفهم أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم القرآن في جمله ، أي بالنسبة لظاهره و أحكامه ، أما فهمه و تفصيلا ومعرفة دقائق باطنه ، بحيث لا يغيب عنهم شاردة ولا واردة.[25]
أما بخصوص المفسرون من الصحابة ، اشتهر بالتفسير من الصحابة عدد قليل ، قالوا في القرآن بما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة أو بالواسطة ، وبما شاهدوه من أسباب النزول ، وبما فتح الله به عليهم من طريق الرأى و الاجتهاد .
و قد عد السيوطي رحمه الله أشهر المفسرين من الصحابة في الاتقان ، وسماهم ، وهم : الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، و أبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، و أبو موسى الأشعري ، وعبد الله بن الزبير ، رضي الله عنهم أجمعين .
وهناك من تكلم في التفسير من الصحابة غير هؤلاء ، كأنس بن مالك ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، و عائشة ، غير أن ما نقل عنهم في التفسير قليل جدا ، ولم يكن لهم من الشهرة بالقول في القرآن ما كان للعشرة المذكورين أولا ، كما أن العشرة الذين اشتهروا بالتفسير ، تفاوتوا قلة و كثرة ،فأبو بكر و عمر و عثمان لم يرد عنهم في التفسير إلا اليسير ، و يرجع السبب في ذلك إلى اشتغالهم بمهام الخلافة و الفتوحات ، أضف إلى ذلك وجودهم في وسط أغلب أهله علماء بكتاب الله ، عارفين بمعانيه و أحكامه ، مكتملة فيهم خصائص العروبة ، مما جعل الحاجة إلى الرجوع إليهم في التفسير غير كبيرة .
أما علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فهو أكثر الخلفاء الراشدين رواية عنه في التفسير ، و السبب غي ذلك راجع إلى تفرغه عن مهام الخلافة مدة طويلة ، دامت إلى نهاية خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، و تأخر وفاته إلى زمن كثرت فيه حاجة الناس إلى من يفسر لهم ما خفي عنهم من معاني القرآن ،وذلك ناشئ من اتساع رقعة الإسلام ودخول كثير من الأعاجم في دين الله .[26]
*الفقرة الثانية : التفسير في عهد التابعين :
هنا سنقف حول البدايات الأولى للتفسير في هذه المرحلة ، وكذا المصادر التفسير التي كانت ،ثم مدارس التفسير التي قامت فيه .
–ابتداء هذه المرحلة : انتهت المرحلة السابقة للتفسير بانصرام عهد الصحابة ، وتبدأ المرحلة الثانية للتفسير من عصر التابعين الذي تتلمذوا للصحابة فتلقوا غالب معلوماتهم عنهم .
–مصادر التفسير في هذا العصر : اعتمد هؤلاء المفسرون في فهمهم لكتاب الله تعالى على ما جاء في الكتاب نفسه ، وعلى ما رووه عن الصحابة عن الرسول صلى الله عليه و سلم و على ما رووه عن الصحابة من تفسيرهم أنفسهم .
وقد روت كتب التفسير كثيرا من أقوال هؤلاء التابعين في التفسير ، قالوها بطريق الرأي و الاجتهاد ، ولم يصل علمهم شيء فيها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أو عن أحد من الصحابة .
–مدارس التفسير في عصر التابعيين : فتح الله على المسلمين كثيرا من بلاد العالم في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و في عهود الخلفاء من بعده ، ولم يستقروا جميعا في بلد واحد من بلاد المسلمين ، و قد حمل هؤلاء معهم إلى هذه البلاد التي رحلوا إليها ، ما وعوه من العلم ، و ما حفظوه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فجلس إليهم كثير من التابعين يأخذون العلم عنهم ، و ينقلونه لمن بعدهم ، فقامت في هذه الأمصار المختلفة مدارس علمية ، أساتذتها الصحابة ، و تلامذتها التابعون.[27]
و اشتهر بعض هذه المدارس بالتفسير ، وتتلمذ فيها كثير من التابعين لمشاهير المفسرين من الصحابة ، فقامت مدرسة للتفسير بمكة ، و أخرى بالمدينة و ثالثة بالعراق ، و هذه المدارس الثلاث ، هي أشهر مدارس التفسير في الأمصار في هذا العهد .
هذه نظرة موجزة عن نشأة التفسير و تطوره ، و أهم المراحل و المدارس التي نشأة و تناولت جانب التفسير .
نأتي إلى الشق الثاني مما نحن بصدد مدارسته في المطلب الثاني ، ويتعلق الأمر بالحديث عن قواعد التفسير سواء : في حالات وضوح الألفاظ و إبهامها و دلالتها على الأحكام ، أو في حالات شمول الألفاظ في دلالتها على الأحكام و عدم شمولها .
–الفقرة الأولى : قواعد التفسير في حالات وضوح الألفاظ و ابهامها ودلالتها على الأحكام :
وهنا سوف نعالج هذا الجانب ، من خلال الواضح و الإبهام في الألفاظ ، حيث سنشير بشكل مقتضب عن الواضح و أنواعه و المبهم و أنواعه .
- الفقرة الأولى : الواضح و أنواعه :
لدلالة اللفظ على معناه من ناحية الوضوح و الابهام ، أثر ملحوظ في تفسير النصوص و استنباط الأحكام ، وقيام التكليف بمقتضى الألفاظ و مدلولاتها في الشريعة الإسلامية .[28]
و الألفاظ الواردة في الكتاب و السنة من آيات و أحاديث الأحكام قسمها الأصوليون إلى :
-القسم الأول : واضح الدلالة على معناه ، لا يحتاج فهم المعنى المراد تطبيقه
– القسم الثاني : مبهم الدلالة على معناه ، يحتاج فهم المعنى المراد منه ، أو تطبيقه على الواقع.
وكما سبقت الإشارة في سابق أن للحنفية و المتكلمين مسالك و هي مذكورة في أعلاه ،
لكن أشير فقط إلى بعض النقط في النقطة التي نحن بصدد مدارستها ، ويتعلق الأمر بالواضح و الأنواعه ، فمنهج الحنفية في الواضح أقسام و مراتب في الوضوح ، و من خلالها نرى أثر ذلك في تفسير النصوص و استنباط الأحكام ، هناك الظاهر و النص و المفسر و المحكم .
فالظاهر عرفه أبو زيد الدبوسي الظاهر بأنه : ”ما ظهر للسامع بنفس السمع ”[29] ، و قال فخر الإسلام البزدوي : ” الظاهر اسم لكل كلام ظهر المراد به للسامع بصيغته ”[30] ، و بأوضح من ذلك عرفه السرخسي فقال : ” الظاهر : ما يعرف المراد منه بنفس السماع من غير تأمل ، وهو الذي يسبق إلى العقول و الأوهام لظهوره موضوعا فيما هو المراد ”[31]
أما النص ، فالنص لغة : رفع الشيء ، من نص الحديث ينصه نصا ،: رفعه ، وكل ما أظهر فقد نص ، وفي ” النهاية ” ، من حديث عمرو بن دينار : ما رأيت رجالا أنص للحديث من الزهري ، أي أرفع له و أسند .
وفي حديث عبد الله بن زمعة ، أنه تزوج بنت السائب ، فلما نُصت لتهدى إليه طلقها [32]
أما في الإصطلاح ، فقال فقه الدبوسي في التقويم : ” هو الزائد على الظاهر بيانا إذا قوبل به ”
هذه فقط اشارات حول مفهوم الظاهر و النص ، وكل جانب منهما فيه تفصيل دقيق ، كتناول منهج الحنفية في الواضح وكذا الواضح عند المتكلمين ، إضافة إلى المبهم و أنواعه ، مثله أيضا ننظر إليه من زاوية منهج الحنفية و كذا المبهم عند المتكلمين .
كما أن للعلماء منهجا خاصا في تقديم معنى دلالة على أخرى عند التعارض ، وهناك أمثلة متعددة تناولتها كتب الأصول ، وأيضا تناولتها كتب مصطلح الحديث حينما يتعلق الأمر بتعارض حديثين في الظاهر ، وتسمى تلك الكتب ب : ” مشكل الحديث ” :للإمام الشافعي و لابن قتيبة أيضا كتابا في هذا الباب .
إضافة إلى ما سبق ذكره ، هناك جانب آخر يجب أخذ فكرة عنه ، وهو ما سنشير إليه في الفقرة الثانية :قواعد التفسير في حالات شمول الألفاظ في دلالتها عل الأحكام و عدم شمولها .
-الفقرة الثانية : قواعد التفسير في حالات شمول الألفاظ في دلالتها عل الأحكام و عدم شمولها .
هنا يمكن الوقوف حول هذا الجانب من خلال نقطتين :
*دلالة الألفاظ على الأحكام في حالتي العموم و الاشتراك
*دلالة الألفاظ على الأحكام في حالة الخصوص
وهناك تفاصيل كثيرة و دقيقة تناولتها كتب التفسير و غيرها من الكتب المتخصصة في الباب، مثل التفريق بين العام و المطلق ولكل ألفاظه الخاصة به ، ولكل لفظ أنواعه مثل العام: الذي يراد منه العموم قطعا ، كقوله تعالى : ” وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ” ، والعام الذي يراد منه الخصوص كقوله تعالى : ” و لله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ” .
فالناس هنا ليس كل الناس دائما ، وإنما المستطيع من الناس ، كما تناول العلماء أيضا هل تلك الدلالات قطعية أم ظنية و من ذلك الإمام الشافعي رحمه الله ، الذي ذهب إلى أن العام يبقى على عمومه ما لم يد تخصص ذلك .
لقد سبقت الإشارة إلى أن الخطاب القرآني و حديث النبي صلى الله عليه و سلم في عهده و عهد الصحابة كان واضحا و بَينا ، ولم تكن مختلف العلوم مدونة ولا مقعدة بقواعدها كأصول الفقه و أصول الحديث، رغم أنها كانت موجودة بالممارسة و ليست كعلم مدون.
لكن لما توسعت الفتحات الإسلامية و اختلط العرب بغيرهم ، دعت الضرورة لتقعيد تلك الضوابط و القواعد التي كان يعتمدها المسلمون في فهم بيان مراد الله تعالى من كلامه و مراد كلام رسول الله صلى الله عليه و سلم .
فنشأ مثلا علم أصول الفقه مع الإمام الشافعي و معها أصول التفسير و قواعده، لما امتاز به الإمام الشافعي من موسوعة في علمه و جمعه بين المدرسة الحديثية التي أخذ معالمها من الإمام مالك رحمه الله و بين المدرسة الرأي من تلامذة الإمام أبي حنيفة و منهم محمد بن الحسن الشيباني .
وهذا ما أشار إليه الإمام أحمد رحمه الله بقوله : لم نكن نعرف العموم و الخصوص حتى ورد الشافعي ” .
كخلاصة ، يتبين من خلال كل ما ذكر أن عملية تفسير النص الشرعي من كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ليس بالأمر الهين و السهل ، و إنما يحتاج لمن يسلك هذا الطريق أن يكون متمكنا أولا من مفتاح كل ذلك هو : المعرفة باللغة العربية بكل مجالاتها، و العلم بكل ما ذكرنا من إشارات عامة تتعلق بقضايا أصول الفقه و بالخصوص في محور ما يسمى ب : مسالك الدلالة و متعلقاتها .
و إذا تعلق الأمر بالسنة ، فلابد من تلك المؤهلات التي ذكرنا بالإضافة إلى العلم بمصطلح الحديث و قضاياه .
و أختم كلامي بما رواه الإمام مالك رحمه الله : ” إن هذا العلم أدب الله الذي أحب به نبيه صلى الله عليه و سلم و أدب النبي صلى الله عليه و سلم أمته به ، وهو أمانة الله إلى رسوله ليؤديه على ما أدى عليه ، فمن سمع علما فليجعله حجته فيما بينه و بين نبيه”
خــــــــــاتمة :
هذه أهم الأمور التي يتعين على الدارس في الحقل القانوني أن يكون على بينة منه نظرا لأهمية هذا الجانب في تفسير النصوص التي يصعب إيجاب صيغة أو نص قانوني يحل مشكلة ما معروضة أمام القضاء للفصل فيها .
جاء فكرة كتابة هذا الجانب لبسط و إعطاء لمحة ولو مختصرة لهذا الجانب الذي أعتبره مهم و ذا أهمية كبرى ، يحتاج منا كباحثين و متتبعين لشأن القانوني الوقوف عليه بالدراسة المعمقة و الإلمام الشامل الثناياه قصد تجويد و تحسين العمل القضائي و عدم توقفه لأي أمر كيفما كان خدمة للعدالة
لائحة المصادر :
* الكـــــــــــــــــــــــــــــتــــــــــــــــــب :
– عبد السلام احمد فيغو،المدخل الى العلوم القانونية –نظريتا القانون والحق -،مطبعة مطبعة دار وليلى لطباعة والنشر مراكش،الطبعة الأولى 1997
– اشحشاح نور الدين ،محاضرات في تفسير النصوص القانونية ،مطبعة أسبارطيل –طنجة ،الطبعة الأولى 2006/2007
مناهج تفسير النصوص بين علماء الشريعة وفقهاء القانون، الدكتور خالد وزاني، دار الجامعة الجديدة
– فكري إبراهيم،المدخل لدراسة القانون ،نظريتا القانون والحق،الطبعة الأولى 2001
– بنحساين محمد،مدخل لدراسة القانون الوضعي ،مطبعة الرباط نيت ،الطبعة الأولى 2006
– إبراهيم مصطفى ، أحمد حسن الزيات ، حامد عبد القادر ، محمد علي النجار ، المعجم الوسيط، المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع ، استانبول ، تركيا بدون رقم طبع و تاريخ نشر
– السرخسي ، أبو بكر محمد بن أحمد ، أُصول السرخسي ، (1/ 140) ، تحقيق أبو الوفاء الافغاني ، بيروت دار المعرفة للطباعة والنشر ، 1973
– خلاف الشيخ عبد الوهاب خلاف ، تفسير النصوص القانونية وتأويلها ، مجلة المحاماة المصرية العدد الأول 1950
– عمار بو ضياف ، الوسيط في النظرية العامة للقانون ، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، الطبعة الأُولى عمان،1996
– تفسير النصوص في الفقه الإسلامي : محمد أديب صالح ، المجلد الأول ، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة ،1984
– التفسير و المفسرون ، بحث تفصيلي عن نشأة التفسير و تطوره و ألوانه ومذاهبه ،محمد حين الذهبي ، الجزء الأول ، دار احياء التراث العربي بيروت
– الشوكاني ، محمد علي بن محمد الشوكاني ، نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار ، علق عليه عصام الدين الصبابطي ، دار الحديث القاهرة
* مـــــــــــــــــــــــــــــقال :
– آية الوصيف، بحث قانوني حول تفسير النصوص القانونية في التشريع السوداني مقال منشور بموقع https://www.mohamah.net/ تاريخ الإطلاع 09/11/2019 على الساعة 11:00
[1] المعجم الوسيط, المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع , استانبول , تركيا بدون رقم طبع و تاريخ نشر.
[2] محمد أديب صالح , تفسير النصوص في الفقه الإسلامي , دراسة مقارنة لمناهج العلماء في استنباط الأحكام من نصوص الكتاب والسنة الطبعة الثالثة , المكتب الاسلامي , 1984, الجزء الأول ص 59 .
[3] عمار بو ضياف , الوسيط في النظرية العامة للقانون , , دار الثقافة للنشر والتوزيع , الطبعة الأُولى عمان،1996 ص 248.
[4] خلاف الشيخ عبد الوهاب خلاف , تفسير النصوص القانونية وتأويلها , مجلة المحاماة المصرية العدد الأول 1950 ص 3 .
[5] السرخسي , أبو بكر محمد بن أحمد , أُصول السرخسي , (1/ 140) , تحقيق أبو الوفاء الافغاني , بيروت دار المعرفة للطباعة والنشر , 1973. [
[6] إبراهيم مصطفى , أحمد حسن الزيات , حامد عبد القادر , محمد علي النجار , المعجم الوسيط, المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع , استانبول , تركيا بدون رقم طبع و تاريخ نشر .
[7] مصطفى ابراهيم, نفسه
[8] الشوكاني , محمد علي بن محمد الشوكاني , نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار , علق عليه عصام الدين الصبابطي , دار الحديث القاهرة.
[9] آية الوصيف، بحث قانوني حول تفسير النصوص القانونية في التشريع السوداني مقال منشور بموقع https://www.mohamah.net/ تاريخ الإطلاع 09/11/2019 على الساعة 11:00.
[10] ) إعلان حقوق الانسان لسنة 1789 المادة الثامنة منه.
[11] ) الفصل 19 من ظهير 1980 المنظم لأكرية المحلات المعدة للسکنی او للاستعمال المهني في باب تولية العين المكاء أو التخلي عنها منع هذه التولية أو التخلي عنها بالنسبة للمحلات المعدة اللسکنی فقط.طج
[12] ) الفصل 137 من القانون الجنائي.
[13] ) مثال ذلك ما جاء في الفصل 522 من قانون الالتزامات والعقود من انه “لا يضمن البائع الا العيوب التي كانت موجودة عند البيع ، اذا كان المبيع شيئا معينا بذاته أو عند التسليم اذا كان المبيع شيئا مثليا بيع بالوزن أو القياس أو على أساس هذا الوصف ” وهذا يعني أنه في غير هذه الحالات لا يضمن البائع الشيء المبيع بما في ذلك العيوب التي تظهر بعد البيع
[14] ) مناهج تفسير النصوص بين علماء الشريعة وفقهاء القانون، الدكتور خالد وزاني، دار الجامعة الجديدة، ص : 113، بتصرف
[15] ) اشحشاح نور الدين ،محاضرات في تفسير النصوص القانونية ،مطبعة أسبارطيل –طنجة ،الطبعة الأولى 2006/2007
[16] ) بنحساين محمد،مدخل لدراسة القانون الوضعي ،مطبعة الرباط نيت ،الطبعة الأولى 2006
[17] ) خالد وزاني، مرجع سابق، ص : 126، بتصرف
[18] ( بنحساين محمد،مدخل لدراسة القانون الوضعي ، مرجع سابق، بتصرف
[19] ) اشحشاح نور الدين ،محاضرات في تفسير النصوص القانونية، مرجع سابق
[20] ) فكري إبراهيم،المدخل لدراسة القانون ،نظريتا القانون والحق،الطبعة الأولى 2001
[21] – عبد السلام احمد فيغو،المدخل الى العلوم القانونية –نظريتا القانون والحق -،مطبعة مطبعة دار وليلى لطباعة والنشر مراكش،الطبعة الأولى 1997
[22] – عبد السلام احمد فيغو، مرجع سابق
[23] – سورة النحل : آية 44
[24] – أول رسالة دكتوراه نوقشت بدار الحديث الحسنية سنة 1969 ، تناولت تلك الشخصية
[25] – التفسير و المفسرون ، بحث تفصيلي عن نشأة التفسير و تطوره و ألوانه ومذاهبه ،محمد حين الذهبي ، الجزء الأول ، دار احياء التراث العربي بيروت ص: 63
[26] – المرجع السابق ، ص: 63-64
– المرجع السابق ، ص: 99-100[27]
– تفسير النصوص في الفقه الإسلامي : محمد أديب صالح ، المجلد الأول ، المكتب الإسلامي ،الطبعة الثالثة :1984 ص: 139 [28]
[29] – تقويم الأدلة ، مخطوطة دار الكتب المصرية ( ص: 206 و ما بعدها ) .
[30] – أصول البزدوي ، بشرح عبد العزيز البخاري ( 1/46 )
[32] – النهاية : ( 4/148 )