استشارة قانونية : أحكام الرجوع قي الخطبة وفق مدونة الأسرة، و مصير الهدايا و الصداق و كذا الحمل الناتج خلال نفس الفترة.
مقدمة:
نظم المشرع المغربي الخطبة في الباب الأول من الكتاب الأول المتعلق بالزواج من مدونة الأسرة في 4 مواد.
و نص كذلك في المادة 9 من المدونة عن أحكام الرجوع عن الخطبة و رتب على ذلك آثار بخصوص مصير الهدايا و الصداق و الهبات المقدمة خلال هذه الفترة.
و في هذا الصدد تندرج نازلة الحال أن السيد (أ) خطب السيدة (ب) من عائلتها قصد الزواج، فاستجابت الفتاة لهذه الخطبة التي ذاع صيتها بين الناس، و بهذه المناسبة تبرع السيد (أ) لخطيبته بعقار سجل باسمها في السجل العقاري، إلا أنه أثناء فترة الخطبة صدرت عنها أفعال مشينة أساءت بسمعة الخاطب و أسرته.
الإطار االعام:
يتلخص في أحكام الرجوع قي الخطبة وفق مدونة الأسرة، و مصير الهدايا و الصداق و كذا الحمل الناتج خلال نفس الفترة.
الإشكالية:
– هل مجرد الخطبة يرتب تعويضا؟
– مصير الهبة المسجلة في السجل العقاري؟
– إثبات الحمل الناتج خلال نفس الفترة؟
المحور الأول: الأساس القانوني للخطبة و الآثار المترتبة عن العدول
سنعالج في هذا المحور الأساس القانوني للخطبة (المطلب الأول) ثم ننتقل إلى معالجة الآثار المترتبة عنها ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: الأساس القانوني للخطبة
نظم المشرع المغربي الخطبة في القسم الأول من الكتاب الأول من المادة 4 إلى المادة 9، و نص على أن الخطبة هي تواعد رجل و امرأة على الزواج[1]، و تتحقق بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، و يدخل في حكمها قراءة الفاتحة و ما جرت به العادة و العرف من تبادل الهدايا.
و على هذا الأساس، فقد أجمعت المذاهب الإسلامية على أن الخطبة وعد بالزواج غير ملزم، و الوعد بالعقد ليس له قوة العقد في إلزام طرفيه بآثار العقد، و هو ما أكده مشرع قانون الالتزامات و العقود أن مجرد الوعد لا ينشئ التزاما[2].
المطلب الثاني: آثار العدول عن الخطبة
نص المشرع في لمادة 7 من مدونة الأسرة على أن مجرد العدول الخطبة لا يرتب تعويضا، إلا إذا صدر عن أحد الطرفين فعلا سبب ضررا للآخر، حين ذاك يمكن له المطالبة بالتعويض وفقا لقواعد المسؤولية المنصوص عليها في قانون الالتزامات و العقود.
و بالرجوع إلى النازلة، نجد أن المخطوبة قامت بأفعال مشينة أساءت إلى الخاطب و أسرته، مما يمكن معه القول أنها العادلة عن الخطبة، مما ينتفي معه عنصر الضرر الذي تؤسس عليه دعوى التعويض و المسؤولية.
المحور الثاني: مصير الهبة المسجلة في السجل العقاري
إذا كانت الملكية في العقار المحفظ تنتقل بالتصرف المسجل، فإن تسجيل التصرف لا يطهره مما يصيبه في وجوده أو في صحته أو في بقاءه أو في نفاذه، و من ثم فتسجيل التصرف لا يطهره من دعاوى الصورية أو الإبطال أو الفسخ أو الرجوع أو عدم النفاذ[3].
و إنه لما قدم الخاطب عقارا على سبيل الهبة لمخطوبته، و قامت هذه الأخيرة بتسجيل عقد الهبة في السجل العقاري، فإن للخاطب الرجوع في هبته بإرادته المنفردة ما دام يتوفر على عذر مقبول للرجوع و عدم وجود مانع من الموانع[4]، فإذا رأى القاضي أن العذر الذي يقدمه الواهب عذر مقبول أقره عليه و قضى بفسخ الهبة، و إلا امتنع عن إجابة طلبه و أبقى الهبة قائمة، و هو الذي ذهبت إليه محكمة النقض – المجلس الأعلى سابقا- بالقول أن المدعى عليها هي التي ستستفيد من تملكها العقار الذي أهدي لها بمناسبة الخطبة، فإنه كان عليها أن تثبت أنها فعلت كلما يخوله لها القانون من أجل مطالبة المدعي بإتمام عقد الزواج بها، و أنه من كان يماطل إلى أن تخلى عنها نهائيا[5].
مما يستتبع ذلك، استحقاق الخاطب لاسترجاع هبته و التشطيب عليها من السجل العقاري، و استحقاق الصداق باعتباره شرط صحة في الزواج و ليس الخطبة وفق ما نصت عليه المادة 7 من مدونة الأسرة.
المحور الثالث: أحكام الحمل الناتج خلال الخطبة
تقدمت المخطوبة بطلب إلى المحكمة ترمي من خلاله إلى إثبات الحمل الذي ظهر بها، و الذي نسبته إلى الخاطب و الذي أنكر نسبة الحمل إليه.
و تأسيسا على المادة 156 من مدونة الأسرة التي تنص على أنه إذا تمت الخطوبة، و حصل الإيجاب و القبول و حالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج و ظهر حمل بالمخطوبة ينسب للخاطب للشبهة إذا توافرت الشروط التالية:
أ – إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما، ووافق ولي الزوجة عليها عند الاقتضاء؛
ب – إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة؛
ج – إذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما.
فإذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه، أمكن اللجوء إلى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب في مقدمتها الإقرار و الكتابة و شهادة الشهود و القرائن القوية باستثناء الخبرة القضائية أو الطبية التي تدخل في إثبات النسب بين الزوجين، ذلك أن المحكمة تعمل على إثبات النسب في علاقة الخطيبين و ليس إضفاء المشروعية على الحمل الناتج عن هذه العلاقة التي تعتبر مجرد تواعد على الزواج
استنتاج:
– بخصوص العدول عن الخطبة فانه لا يرتب تعويضا، إلا إذا سبب ضررا لأحد الطرفين، وهو الذي لا نجده في نازلة الحال، مما يتعين معه الحكم برفض الطلب.
– بخصوص مصير الهبة المسجلة في السجل العقاري، فإن الخاطب يتوفر على عذر مقبول للرجوع في الهبة مما يتعين معه الحكم بأحقية الخاطب في استرجاع هبته و التشطيب عليها من السجل العقاري و استحقاقه مبلغ الصداق باعتباره شرط صحة في عقد الزواج و ليس الخطوبة.
– أما فيما يخص إثبات الحمل الظاهر بالمخطوبة، فإن المشرع منح المخطوبة إمكانية إثبات الحمل للشبهة بجميع وسائل الإثبات الشرعية باستثناء الخبرة القضائية أو الطبية التي تدخل إثبات النسب بين الزوجين.