في الواجهةمقالات قانونية

استقلاليّة المجالس النيابيّة في تونس – الدكتور : أحمد حمزة

استقلاليّة المجالس النيابيّة في تونس

الدكتور : أحمد حمزة

أستاذ مساعد بكليّة الحقوق، جامعة الملك فيصل بالمملكة العربيّة السعوديّة

رابط DOI

https://doi.org/10.63585/RAFR4055

الملخّص:

لا يستمدّ مبدأ الفصل بين السلط أهميّته من التنصيص الدستوري، وإنّما من محاولات تجذيره على أرض الواقع للقطع مع هيمنة السلطة التنفيذيّة على بقيّة السلط. ولعلّ استقلاليّة المجالس النيابيّة تنصهر في عمليّة فكّ الارتباط بين من يسنّ القانون ومن ينفّذه، دون إهمال التعاون بين السلط في ظلّ النظام البرلماني أو المختلط. وفي تونس، ظهرت محاولات محتشمة في هذا الاتّجاه بعد التغيير السياسي لسنة 2011، فعمل البرلمان على تركيز استقلاليّته الإداريّة والماليّة تجاه الحكومة بما يضمن له عدم التدخّل في توجّهاته وخياراته. وتفترض هذه الاستقلاليّة أرضيّة قانونيّة وتشريعيّة تتجاوز مجرّد النظام الداخلي للمجالس النيابيّة التي لا ترتقي إلى مرتبة القانون. إلاّ أنّ ضمان هذه الاستقلاليّة بقي هشّا تجاه السلطة التنفيذيّة التي تدعّم مركزها بعد التخلّي عن النظام المختلط طبق دستور 2014. ولكن رغم ذلك، نلاحظ اقتناع القضاء بوجاهة هذه الاستقلاليّة  في مناسبات عدّة، إيمانا منه بتغليب مبدأ الفصل بين السلط.

 

Parliamentary Independence in Tunisia

Dr : Ahmed Hamza

Assistant Professor, Faculty of Law, King Faisal University, Saudi Arabia

 

 

Abstract :

The principle of separation of powers does not derive its importance from constitutional stipulation, but rather from attempts to put it into practice in order to break the dominance of the executive over the other powers. The autonomy of parliaments can be seen as a process of decoupling between those who make and those who execute the law, without neglecting the co-operation between the authorities under a parliamentary or mixed system. In Tunisia, after the political change of 2011, the parliament worked to centralise its administrative and financial autonomy vis-à-vis the government to ensure that it does not interfere in its directions and choices. This independence presupposes a legal and legislative ground that goes beyond the mere rules of procedure of the parliamentary assemblies, which do not rise to the level of law. However, the guarantee of this independence remained fragile vis-à-vis the executive branch, which strengthened its position after the abandonment of the mixed system under the 2014 constitution. Nevertheless, the judiciary has been convinced of the merits of this independence on several occasions, believing that the principle of separation of powers prevails.

 

 

 

 

مقدّمة

تقتضي الديمقراطيّة النيابيّة أن يمارس الشعب سيادته عن طريق ممثّليه في إطار مجالس منتخبة.[1] وبهدف القطع مع تهميش السلطة التشريعيّة وتحجيم دورها في ظلّ دستور 1959،[2] ارتأى المجلس التأسيسي إدراج الاستقلاليّة الإداريّة والماليّة للسلطة التشريعيّة في دستور 27 جانفي 2014. حيث نصّ فصله 52 على “تمتّع مجلس نوّاب الشعب بالاستقلاليّة الإداريّة والماليّة في إطار ميزانيّة الدولة.”

ويمكن تعريف هذه الاستقلاليّة بأنّها سلطة التنظيم الذاتي التي تفرض عدم تبعيّة المجالس النيابيّة للجهاز التنفيذي.[3] وصفة السلطة، حسب الأستاذ رافع بن عاشور، “تقتضي التمتّع بالاستقلاليّة الهيكليّة والوظيفيّة حتّى يمكن تحقيق مبدأ الفصل بين السلط. إذ لا يمكن للبرلمان أن يؤدّي دوره الرقابي ودور السلطة المضادّة للسلطة التنفيذيّة إذا كانت مقاليد القرار داخله بيدها”.[4] وفي نفس السياق، يرى الأستاذ محمّد رضا بن حمّاد أنّ “القواعد المتعلّقة بالاستقلاليّة الإداريّة والماليّة للمجلس النيابيّة المرتبطة بمبدأ الفصل بين السلط والتي تكرّسها العديد من الدساتير، تقتضي وجود هياكل إداريّة خاصّة بالبرلمان وموظّفين مستقلّين عن السلطة التنفيذيّة وغير تابعين لها”.[5]

أمّا المجالس النيابيّة فهي المجالس التداوليّة المنتخبة طبق إجراءات معيّنة حدّدها الدستور والقانون الانتخابي والتي تمارس مهمّة التشريع،[6] أي إصدار القواعد القانونيّة العامّة والمجرّدة. وقد يتدخّل في وظيفة التشريع أطراف عدّة من خارج المؤسّسة التشريعيّة يمكن أن تطال الإعلام والمجتمع المدني. لذلك، فإنّ الهدف حينئذ من هذه استقلاليّة المجالس النيابيّة يرمي إلى تعزيز الاستقلال الوظيفي للسلطة التشريعيّة التي تتجلّى بالخصوص عبر ضبط البرلمان بنفسه نظامه وإجراءات عمله، وتحديد هياكله وتعيينه مختلف تركيبات هذه الهياكل.[7]وتتخّذ دون شكّ هذه الأعمال طابعا داخليّا يتعلّق بمتطّلبات التنظيم والتسيير البرلماني دون أن تكون هدفا للمجالس في حدّ ذاته،[8] بل كمبدأ يؤدّي بالضرورة إلى تحصين الأعمال التشريعيّة، في إطار نظريّة الفصل بين السلط، من تدخّل السلطتين القضائيّة والتنفيذيّة من التدخّل هيكليّا وتنظيميّا في سير عمل البرلمانات أو تحديد خياراتهم وتوجّهاتهم.

تاريخيّا، تعتبر استقلاليّة المجالس النيابيّة عرفا برلمانيّا[9] ما فتئ يتطوّر تدريجيّا منذ الثورة الفرنسيّة[10] امتدادا لتكريس مبدأ الفصل بين السلط.[11] إلاّ أنّه في تونس، لم تعرف السلطة التشريعيّة هذه الاستقلاليّة في ظلّ دستور 1959، حيث كانت الهيمنة المطلقة للسلطة التنفيذيّة على السلطة التشريعيّة أبرز سمة للنظام السياسي حينها.[12] وانجرّ عنها الارتباط العضوي والوظيفي الكامل للإدارة البرلمانيّة بالوزارة الأولى وغياب لأيّة قدرة على التصرّف المالي دون إشراف وزارة الماليّة،[13]الأمر الذي قوّض كلّ استقلاليّة ممكنة للبرلمان نتيجة لغياب مبدأ الفصل بين السلط الذي يقوم على توزيع الوظائف داخل الدولة ويبرّر تنظيم العلاقة بينهما.

ولئن كانت هذه العلاقة مفصليّة،[14]إلاّ أنّها غير مباشرة،[15]حيث أنّ استقلاليّة المجالس النيابيّة لا تمثّل أحد آثار مبدأ الفصل بين السلط بقدر ما تشكّل ضمانا ضروريّا للبرلمان كي يمارس مهامّه دون تبعيّة لأيّ سلطة أخرى،[16]كإدارة الموارد البشريّة والتصرّف في الأملاك والتنظيم الإداري. ممّا يفرز إشكال تمتّع هذه المجالس بالشخصيّة القانونيّة المنفصلة عن الدولة والمبرّرة لاستقلاليّتها. ولئن اعتبر البعض[17]أنّ تكريس المبدأ لا يفضي بالضرورة إلى تمتيع البرلمان بشخصيّة معنويّة مستقلّة بوصفه جهازا من أجهزة الدولة، إلاّ أنّه لا يمكن تجاهل الجدل الفقهي المثار بفرنسا بين مقرّ بوجودها[18] كشخصيّة معنويّة واقعيّة[19] مشابهة للشخصيّة القانونيّة لكن دون تكريس تشريعي، وبين شقّ آخر ناف لها ومدعوم بتوجّه فقه قضائي.[20]وعموما، يمكن التمييز بين فترة ما قبل 1958 وما بعدها.[21] حيث صدر مرسوم 17 نوفمبر 1958 المتعلّق بتسيير المجالس النيابيّة، والذي أنهى هذا الجدل الفقهي بإقرار مسؤوليّة الدولة عن الأضرار الناجمة عن المرافق العموميّة.[22]وبالتالي عدم تمتّع البرلمان بالشخصيّة المعنويّة.

ويعتبر هذا المرسوم إحدى أهمّ مظاهر تنظيم الإدارة البرلمانيّة وتوزيع الاختصاص بين أجهزتها فرادة في التجارب المقارنة.[23]لكن بصفة عامّة، تعتبرالأنظمة الداخليّة للمجالس النيابيّة المصدر الأساسي لاستقلاليّتها. في هذا الإطار نلاحظ في تونس صدور نظاميين اثنين[24] يكرّسان هذا المبدأ،[25]ويتضمّنان تنصيصا على “سنّ مجلس نوّاب الشعب قانونا ينظّم بمقتضاه الاستقلاليّة الإداريّة والماليّة”،[26]الأمر الذي دفع إلى اقترح قانون أساسي متعلّق باستقلاليّة مجلس نوّاب الشعب عدد 42/2015 يحتوي على فصول تضبط قواعد سير المجلس وعلاقاته بالهيئات والسلط الأخرى دون أيّ تدخّل في سير نشاطاته، إلاّ أنّه لم يقع إتمام النقاش بخصوص هذا المقترح التشريعي ولا إحالته على الجلسة العامّة.[27]ويثير سنّ قانون أساسي يخصّ الاستقلاليّة الإداريّة والماليّة عديد التحفّظات القانونيّة، فقد اعتبره الخبراء القانونيّين خرقا واضحا لأحكام الفصل 65 من الدستور وعدم احترام مجال القانون الحصري، وأكّدوا على ضرورة الاكتفاء بسنّ نظام أساسي للوظيفة البرلمانيّة من قبل المجلس.[28]

ولعلّ أهميّة المجالس النيابيّة في إطار التجربة الدستوريّة ما بعد 2011، لا تتشكّل في كونها تمثّل حاضنة لأغلب المشارب الفكريّة والسياسيّة في المجتمع التونسي وقدرتها على احتواء فكرة العمل الديمقراطي فكرا ومنهجا، بقدر ما تنصهر في الدور الذي يلعبه البرلمان من خلال المهام الدستوريّة المسندة إليه، والتي تحتاج أكثر من أيّ وقت مضى إلى اتّخاذ مسافة من بقيّة السلط دون غياب التنسيق بينها. وهو ما يفرض حريّة التنظيم الذاتي وقدرة التسيير الداخلي لشؤونه. فإلى أيّ مدى تمكّنت المجالس النيابيّة من تجسيد مبدأ استقلاليّتها إزاء السلطتين التنفيذيّة والقضائيّة في إطار النظام الديمقراطي واحترام دولة القانون؟

يتجذّر مبدأ الفصل بين السلط بمدى استبطان أهلها لحدود اختصاصهم. ولعلّه من المبادئ الثوريّة التي لا يكفي تكريسها في قواعد دستوريّة لضمان احترامها، وإنّما باستتباعات الممارسة العمليّة التي من شأنها أن تظهر الهنات والعوائق التي تعرقل الوصول إليها. والمتأمّل في مسار تركيز استقلاليّة المجالس النيابيّة، يلاحظ بلا شكّ حجم الهوّة بين الموجود والمنشود، وتعثّر المسار في تحقيق هذا الهدف (1) ممّا أثّر سلبا على قدرة السلطة التشريعيّة في الحدّ من تدخّل بقيّة السلط في أعمالها، بغضّ النظر عن طبيعة النظام السياسي المكرّس دستوريّا. (2)

  • مسار متعثّر لمظاهر الاستقلاليّة

ارتبطت استقلاليّة المجالس النيابيّة بتعاظم دورها في النظام السياسي بعد 2011، غير أنّها تكريسها الدستوري لم تشفعه، رغم المحاولات المحتشمة، حوكمة داخليّة تعكس هذه الأهميّة. ويعزى ذلك إلى ضعف الموارد الماليّة (ب)، ممّا  انعكس سلبا على قدرة المجلس في التنظيم الإداري الذاتي(أ).

  • هشاشة الاستقلاليّة الإداريّة

تقوم الاستقلاليّة الإداريّة للمجالس النيابيّة على بعدين اثنين: أوّلهما سلطة التنظيم الذاتي،[29] وثانيهما ممارسة سلطات الضبط الإداري.[30]

ففي ما يتعلّق بالبعد الأوّل، فيتمثّل في قدرة البرلمان على تنظيم شأنه الداخلي بما يمكّنه من القيام بالدور المنوط بعهدته.[31]وهذا التنظيم الذاتي يقوم على معيارين: أوّلهما قدرة السلطة التشريعيّة على التنظيم الهيكلي والوظيفي للنوّاب من جهة، ولأعوان المجلس من جهة أخرى.[32]

ولعلّ المصادقة على الأنظمة الداخليّة التي تتضمّن التنصيص على مختلف أجهزتها وعضويّتها وطرق تسييرها،[33] يمثّل أهمّ مرتكزات استقلاليّة المجالس النيابيّة، بما يمنحه لهياكلها، وخاصّة رئاسة المجلس، من صلاحيّات داخليّة ذاتيّة ترتقي إلى ممارسة سلطة ترتيبيّة موازية[34]، ومتفرّدة catégorie sui generis[35] تكرّس وجود “إدارة حرّة” في تصريف شؤونها.[36]وهو ما تجسّد على أرض الواقع من خلال عديد القرارات الصادرة في ميدان التصرّف الإداري والمالي، كضبط قواعد التصرّف في الميزانيّة الخاصّة بالبرلمان، أو كذلك تنظيم صفقات المجلس.[37] واللافت للانتباه أنّ رئاسة المجلس في هذا المستوى، بلغت في استقلاليّتها إلى استغلال ثقلها السياسي والقانوني في ظلّ المدّة الثانية للمجلس التشريعي (بداية من 2019) لتركيز ديوان ملحق به دون أن يكون له وجود له في النظام الداخلي للمجلس. وهو ما أثار حفيظة بعض النوّاب حينها.

إلاّ أنّ هذا الحرص على “انتزاع” الاستقلاليّة في علاقة بتنظيم عمل النوّاب، لم ترافقه في المقابل إرادة في إعادة تنظيم الإطار القانوني للأعوان الإدارييّن وغير الإدارّيين المنتمين للبرلمان والذين يشكّلون حسب تعبير البعض “الجهاز التنفيذي” للسلطة التشريعيّة.[38]إذ يشكّل إفراد أعوان المجالس النيابيّة بأنظمة خاصّة في آن واحد، وحدة الشخصيّة القانونيّة للدولة وخصوصيّة السلطة التشريعيّة التي تعمل في إطار الاستقلاليّة الهيكليّة والتنظيميّة عن السلط الأخرى،[39]ممّا يحجبهم عن الخضوع للنظام العام للوظيفة العموميّة.[40]ولئن نصّت الأنظمة الداخليّة للمجالس النيابيّة على أن يقع “سنّ قانون يتعلّق بالنظام الأساسي العام للوظيفة العموميّة البرلمانيّة وفقا لخصوصيّات المرفق العمومي البرلماني ولمتطّلبات العمل الإداري بالمجلس”،[41] لم تتوصّل المجالس النيابيّة إلى تخصيص الأعوان التابعين لها بنظام أساسي.ويظلّ الأمر المنظّم للسلك الإداري لمجلس النوّاب في ظلّ دستور 1959،[42]استثناء محدود القيمة والمضمون. ذلك أنّه يخصّ بالنظر أصناف إداريّة معيّنة دون أن تنسحب على كلّ الأعوان. وما يعمّق هشاشة الاستقلاليّة الإداريّة، هو عدم اعتبار النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب قانونا من قوانين الدولة بقدر ما هو مجرّد وثيقة تنظيميّة داخليّة، تبرز محدوديّتها كلّما اصطدمت بصلاحيّة سلطة أخرى. فرغم التنصيص على “إصدار رئيس المجلس كافّة القرارات والتدابير المتعلّقة بالوضعيّات الإداريّة والماليّة لأعضاء المجلس وأعوانه”،[43] إلاّ أنّه يمثّل تنصيصا صوريّا ولا يرتقي قاعدة قانونيّة ملزمة. فخصوصيّة المؤسّسة التشريعيّة من جهة، واستحالة ضمان استقلاليّة حقيقيّة للعمل البرلماني في ظلّ الرجوع بالنظر إلى السلطة التنفيذيّة من جهة ثانية، لم يدفعا المجالس النيابيّة إلى تقديم مقترح سنّ قواعد خاصّة بسير المصالح الداخليّة للإدارة وبوضعيّة أعوانه، من شأنها أن توفّر إطارا قانونيّا خاصّا بموظّفي البرلمان. والتبعيّة الإداريّة في هذا المستوى، تتجلّى في اعتبار البرلمان هيكلا من هياكل الحكومة ويخضع بالضرورة لموافقة رئيسها خلال مختلف الإجراءات الإداريّة المتعلّقة بالانتدابات والترقيات. فلا يمكن لرئيس المجلس تسمية الموظّفين البرلمانيّين مهما كانت الخطّة المعنيّة، في حين يمكن للوزراء بموجب تفويض من رئيس الحكومة تسمية الموظّفين الراجعين لهم بالنظر في الخطط الوظيفيّة، كما لا يمكن لرئيس المجلس التمديد للموظّفين الذين يرى ضرورة في مواصلتهم للعمل في صورة بلوغهم السنّ القانونيّة للتقاعد.[44] واستتباعا لذلك، فإنّ إصدار رئيس مجلس نوّاب الشعب لقرار يقضي بالترفيع في منحة العمل البرلماني المسندة لفائدة أعوان المجلس يستوجب سندا قانونيّا. ذلك أنّ أحكام الاستقلاليّة الواردة بالقانون الأساسي للميزانيّة لا تتضمّن صلاحيّة إصدار قرارات ترتيبيّة تتعلّق بتنظيم المسار المهني لأعوان مجلس نوّاب الشعب وتأجيرهم، حيث يعتبرون أعوان دولة على معنى قانون الوظيفة العموميّة.[45] ولذلك فاختصاص الترفيع في المنح البرلمانيّة يستوجب إصدار أمر حكومي.[46]والأمر نفسه ينسحب على الإطار القانوني المتعلّق بسلطة الترقية والتأديب والنقلة الوجوبيّة، حيث يخضع في تنظيمه إلى أمر 29 أكتوبر 1990 المحدث للإدارات المتناصفة بين نوّاب المجلس وأعوانه،[47] على أن يتكفّل القاضي الإداري بفضّ النزاعات التي تنشأ بين أعوان المجالس النيابيّة وهذه الإدارات باعتبارهم موظّفين عموميّين، على غرار ماهو معمول به في فرنسا.[48] لكن وعي مجلس الدولة بأهميّة التوفيق بين النظام الخاص بالمجالس النيابيّة وقواعد القانون العام[49] أتاح له التدخّل في كثير من الأحيان لتحديد مناط هذه الخصوصيّة. من ذلك حقّ العون البرلماني في الاطّلاع على ملفّه المهني قبل تسليط أيّ عقوبة عليه،[50] بالإضافة إلى تكريس قاعدة عدم ترجيح صوت الرئيس في حالة سكوت النص، عند اتّخاذ القرار. ذلك أنّ قاعدة “الصوت المرجّح” ليست من المبادئ العامّة للقانون ولا من القواعد الاجرائيّة العامّة.[51]

أمّا في ما يتعلّق بالبعد الثاني للاستقلاليّة الإدارية فيتمثّل في ممارسة سلطات الضبط الإداري، التي تعود بالنظر إلى رئيس المجلس النيابي بما أنّه رئيس الإدارة والمنوط بعهدته السهر على الأمن الداخلي والخارجي للمجالس.[52]وتبعا لذلك، فإنّ له “اتّخاذ التدابير اللازمة لحفظ النظام والأمن داخل المجلس وحوله”.[53]وهو ما دفعه إلى اتّخاذ عديد القرارات في هذا الخصوص[54] سيّما وأنّ الخلافات بين النوّاب بلغت حدّ تعطيل أعمال المجلس. ممّا أثّر سلبا على صورة البرلمان خاصّة والمشهد السياسي عامّة لدى التونسيّين. ولعّل ذلك ما شكّل أحد أسباب إدراج استثناء جرائم العنف والثلب من الحصانة البرلمانيّة.[55] وهذا التنصيص، على أهميّته في تأطير ممارسة الوظيفة التشريعيّة والرقابيّة لمجلس نوّاب الشعب والتصدّي للإخلالات التي رافقت سير عمل المجالس السابقة، إلاّ أنّ تكريسه دستوريّا يحدّ من حريّة النائب واستقلاليّته. ذلك أنّ المخالفات المشار إليها لا ترتكز على ضوابط معيّنة.[56] وهو ما من شأنه أن يفتح الباب لتدخّل القضاء في اختصاص من المفترض أنّه شأن داخلي برلماني، وأحد مظاهر استقلاليّة أعضائه تجاه مختلف السلط.

ونتيجة لهذه الاستقلاليّة الإداريّة الهشّة والمهمّشة، يفتقر المجلس النيابي إلى سلطة اتّخاذ القرارات الخاصّة بحاجياته الماليّة واللوجستيّة للقيام بوظائفه في أحسن الظروف.

 

  • ضعف الاستقلاليّة الماليّة

تشكّل المسائل الماليّة اللبنة الثانية في بناء استقلاليّة المجالس النيابيّة،[57]ولقد جاء القانون الأساسي للميزانيّة الصادر في 13 فيفري 2019 متمّما ومكمّلا لما كرّسته القواعد الدستوريّة. فقد اعتبر في فصله 43 على أنّ مجلس نوّاب الشعب “يتمتّع بالاستقلاليّة الإداريّة والماليّة في إطار ميزانيّة الدولة. وتحدّد إجراءات التصرّف في ميزانيّته بقرارات من رئيسه. رئيس مجلس نوّاب الشعب هو ممثّله القانوني ورئيس إدارته وآمر صرف ميزانيّته. ويصدر رئيس المجلس كافّة القرارات والتدابير المتعلّقة بالوضعيّات الإداريّة والماليّة لأعضاء مجلس نوّاب الشعب وأعوانه”.  وتفرض الاستقلاليّة الماليّة ضرورة أن يكون لها ميزانيّتها الخاصّة دون تدخّل من وزارة الماليّة أو من محكمة المحاسبات.[58]إلاّ أنّ البعض يرى أنّه لا يمكن اختصار هذه الاستقلاليّة في الميزانيّة فحسب. فلئن كان لا بدّ للمجالس من حريّة مطلقة في إعداد الميزانيّة الخاصّة بها،[59] إلاّ أنّ هذه الاستقلاليّة تمتدّ إلى حريّة التصرّف في الممتلكات المخصّصة لهذه المجالس.[60]ويبقى الهدف من استقلاليّة المجالس النيابيّة هو تجنيب السلطة التنفيذيّة، من خلال المسائل الماليّة، توجيه أعمال البرلمان وقراراته، وذلك بتكريس حريّة ضبط ميزانيّته الخاصّة بنفسه حسب حاجياته وتوجّهاته الكبرى المستمدّة من متطلّبات مختلف أدواره دون تدخّل من السلطة التنفيذيّة التي ليس لها الحقّ سوى في طلب توضيحات من المجلس حول ما تراه غامضا، بالإضافة إلى سنّه أحكامه وتراتيبه الخاصّة المتعلّقة بتنفيذ ميزانيّته[61] والصفقات التي يبرمها والتي تحترم ضرورة الدستور والقانون الأساسي للميزانيّة والمبادئ العامّة للطلب العمومي. في هذا الإطار تعتبر أحكام القانون الأساسي للميزانيّة أنّ مجلس نوّاب الشعب مهمّة خاصّة[62] تتولّى بنفسها تحديد اجراءات التصرّف في ميزانيّتها.[63] وهو ما تضمّنته الأنظمة الداخليّة للمجالس النيابيّة،[64] وعزّزته بعض القرارات الصادرة عن أحد رؤسائها.[65] لكن رغم توفّر الأرضيّة القانونيّة لعدم تبعيّة البرلمان، والعمل على تطويرها،[66] إلاّ أنّها واقعيّا تظلّ شبه غائبة في إطار ضعف الامكانيّات الماديّة واللوجستيّة مقارنة ببقيّة السلطات،[67] وهو ما يعوق تعصير العمل البرلماني بما يستجيب لحاجيات نوّاب الشعب العمليّة، حيث أنّ أكثر من أربعة أخماس ميزانيّة المجلس مخصّصة لاعتمادات التأجير، ممّا لا يترك أيّ مجال لتطوير وسائل العمل البرلماني. ويرجع هذا إلى أنّ تحديد الاعتمادات النهائيّة المخصّصة للمجلس هي من اختصاص وزارة الماليّة حصريّا.

من جانب آخر، واعتمادا على التجارب المقارنة، نلاحظ أنّ هذه الاستقلاليّة لا تنحصر في حريّة اتّخاذ القرارات ذات الصبغة الماليّة بقدر ما تتجسّد في غياب الرقابة الخارجيّة عليها.[68] ففي فرنسا، تقوم مؤسّسة “الكاستير” la questure الممثلّة بنوّاب من كلا غرفتي البرلمان الفرنسي بإعداد مقترح أوّلي لميزانيّته قبل عرضه على مكتب المجلس. كما يتولّى إبداء الرأي المسبق حول كلّ النفقات الجديدة التي تتمّ في نطاق تنفيذ الميزانيّة وإصدار الأذون بالدفع وصرف المنح البرلمانيّة.[69] ولئن لا تخضع هذه الأعمال لأيّة رقابة، إلاّ أنّ المشرّع الفرنسي ارتأى وجوبا أن تترأّس اللجنة المشتركة لكلا مؤسّستي “الكاستير” قاضي من محكمة المحاسبات.[70] غير أنّ الأمر يختلف كليّا في تونس. حيث تخضع ميزانيّة المجلس النيابي لرقابة مشدّدة قبليّة ولاحقة. فأمّا الرقابة القبليّة، فيضطلع بها مراقب المصاريف العموميّة.[71] وتخضع المصاريف المحمولة على ميزانيّة الدولة ، ومنها نفقات المجالس النيابيّة، على التأشيرة المسبقة للهيئة العامّة للمصاريف العموميّة.[72] وهو ما يشكّل إحدى مظاهر تبعيّة البرلمان للسلطة التنفيذيّة، باعتباره هيكليّا إحدى المصالح الوزاريّة التابعة للحكومة. أمّا الرقابة اللاحقة، فهي رقابة مزدوجة حكوميّة وقضائيّة.  ويمارس الرقابة الإداريّة للمصاريف العموميّة الأمين العام للمصاريف الذي يقوم بتأدية نفقات ميزانيّة الدولة المتعهّد بها والمأذون بدفعها من طرف آمري الصرف،[73] في حين تخضع الرقابة القضائيّة لمحكمة المحاسبات.[74] والجدير بالملاحظة في هذا المستوى هو غياب الرقابة الداخليّة للمجالس النيابيّة على أعمالها الماليّة والتي من شأنها، إن وجدت، أن تعوّض قواعد المحاسبة العموميّة المتّسمة بالتشدّد والتعقيد. فلئن توفّرت الأرضيّة التشريعيّة لممارسة مثل هذه الرقابة،[75] إلاّ أنّها واقعيّا لم تحدث بعد أو لا توجد رغبة سياسيّة بإحداثها رغم أهميّتها في مجال الاطّلاع والتدقيق وإبداء الرأي كدعائم رئيسيّة للاستقلاليّة الماليّة إزاء وزارة الماليّة.

أمّا فيما يخصّ الأموال الموضوعة على ذمّة المجالس النيابيّة، فهي تجسّد الركيزة الثانية للاستقلاليّة الماليّة، وتخضع لقاعدة التخصيص.[76] ذلك لأنّ هذه المجالس لا تتمتّع بالشخصيّة القانونيّة كما سبق ذكره، وبالتالي ليس لها الحقّ في التملّك،[77] إلاّ أنّ لها حقّ الاستعمال usufruitières فحسب.[78] ورغم أنّ الهدف من الاستقلاليّة الماليّة للمجالس النيابيّة هو تحسين الأداء التشريعي والرقابي بتوفير الظروف الملائمة والفضاءات المجهّزة والمنقولات الكافية لقيام النوّاب بالمهامّ المنوطة بعهدتهم، إلاّ أنّ استغلال هذه الاستقلاليّة لتحقيق منافع شخصيّة بناء على مصالح ضيّقة من شأنه تشويه هذه المبدأ والتراجع عن محاولات ترسيخه واقعا وقانونا. فبالعودة إلى تقرير دائرة المحاسبات،[79] نلاحظ سوء تصرّف في الممتلكات، سيّما أسطول السيّارات والاجراءات المتّبعة عند استعمالها. فخلافا للأمر عدد 189 لسنة 1988 وخاصّة الفصل 9 (جديد) لمنشور الوزير الاوّل عدد 6 لسنة 2005، تستعمل سيّارات المصلحة دون إذن بمأموريّة. كما لم يتم إرساء نظام مراقبة داخلي يتعلّق بتقييم استهلاك كميّات الوقود باعتماد جداول شهريّة تتضمّن تعريفا للسيّارة والمسافة المقطوعة ومعدّل الاستهلاك. بالإضافة إلى ذلك، لاحظت محكمة المحاسبات عدم ترشيد النفقات، والاعتماد المتواترعلى ملاحق التسوية لتغطية نفقات غير ضروريّة في خرق لمبدأ سنويّة الميزانيّة.

واستتباعا لما تمّ ذكره، فإنّ الفرق بين الاستقلاليّة وبين استغلال السلطة هو فرق غير ذي معنى للانتهازيّين والبراغماتيّين، بينما يصبح جليّا وبيّنا لكلّ ذي نَفَس متحضّر موضوعي، يؤمن بقاعدة المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ومبدأ احترام القضاء. في هذا الإطار، تتنزّل المصادقة على الفصل 78 من قانون الميزانيّة لسنة 2025 الذي اقترحه النوّاب في جلسة مناقشة على القانون المذكور، والذي ينصّ عن إسقاطهم للخطايا والعقوبات الماليّة الصادرة في حقّ بعضهم عن محكمة المحاسبات والمتعلّقة بالانتخابات التشريعيّة لسنة 2023 وانتخابات المجالس المحليّة والجهويّة لسنة 2024. وهذا “العفو الذاتي”، لا يندرج في إطار الاستقلاليّة البتّة ولا احترام النوّاب لدورهم التشريعي المسؤول في ممارسة السلطة. وإنما على النقيض من ذلك، إذ يمثّل استغلالا للنفوذ واستخلاصا لموظّفين عموميّين لفائدة دون وجه حق على معنى الفصل 96 من المجلّة الجزائيّة. فالأمر لا يتعلّق بحصانة قضائيّة ضدّ أعمال التتبّع في حقّ النوّاب، وإنّما في انتهاك سافر لقرارات سلطة قضائيّة من المفروض أن يكونوا أوّل من الداعين إلى احترامها.

وعموما، يبقى التكريس الدستوري لمبدأ استقلاليّة المجالس النيابيّة  تكريسا صوريّا طالما أنّ القوانين والتراتيب التي تنظّم التصرّف الإداري والمالي للبرلمان لم تزل تخالف القواعد القانونيّة العليا. وهو ما انعكس سلبا على مبدأ الفصل بين السلط. ممّا جعل الأعمال الداخليّة البرلمانيّة عرضة لتدخّل الحكومة والقضاء على حدّ سواء. ولعلّ التقاعس الداخلي على إيلاء استقلاليّة المجلس الأهميّة الكافية، أفضى إلى تهديد خارجي بالتدخّل في أعماله وقراراته.

  • تحصين مهدّد للأعمال الداخليّة البرلمانيّة

لا يمكن اختزال المجالس النيابيّة في التصرّف. ولكنّها تفرض كذلك استقلاليّة ذاتيّة في اعتماد التراتيب الداخليّة والإجراءات الضروريّة لحسن سيرها. وهو ما يفرض تحصينا خارجيّا ضدّ امكانيّة التدخّل في قراراتها المتّخذة طبق سلطتها التسييريّة الذاتيّة. إلاّ أنّ تغيير النظام السياسي في 2022، أثار من جديد تهديدا جدّيا من السلطة التنفيذيّة بنسف ما تمّ تكريسه في ظلّ دستور 2014 (أ)، في غياب رؤية قضائيّة واضحة المعالم من مبدأ عدم التدخّل في أعمال السلطة التشريعيّة (ب).

  • تفاقم تدخّل السلطة التنفيذيّة

من المهمّ قبل التطرّق إلى الأرضيّة القانونيّة الموروثة لتبعيّة المجالس النيابيّة، أن نلاحظ خرق معالم النظام الرئاسي الذي كرّسه دستور 2022. فالبرلمان طبق هذا النظام، له وحده حقّ اقتراح القوانين وسنّها وإقرار الميزانيّة.[80] إلّا أنّ دستور 2022 كرّس حقّ رئيس الجمهوريّة في تقديم مشاريع القوانين وحصرا مشاريع قوانين الماليّة، وهو ما يمثّل انتكاسة لمبدأ الفصل بين السلط، قبل الحديث عن تدخّل في أعمال مجلس النوّاب.

ولكن، إلى أيّ مدى يمكن أن تؤثّر طبيعة النظام السياسي على استقلاليّة المجالس لنيابيّة من عدمها؟

سؤال قد لا يكون ذا معنى إذا ما تمّ تنزيل المقتضيات الدستوريّة الخاصّة بالاستقلاليّة في نصوص تشريعيّة واضحة، لقطع الطريق عن إمكانيّة التدخّل في شؤون النوّاب. غير أنّ عدم تحيين النصوص الخاصّة بالهيكلة والصلاحيّات جعل العلاقة بين السلطة التشريعيّة والسلطة التنفيذيّة علاقة عموديّة بدل أن تكون أفقيّة، وتكريسا للتبعيّة بدل التأسيس للاستقلاليّة. فأغلب النصوص القانونيّة المنظّمة للهيكلة الإداريّة والماليّة لمجلي النوّاب وصلاحيّاتها صدرت قيل 2011. أي في ظلّ دستور 1959 الذي اعتمد خيار النظام الرئاسي ذي الصلاحيّات الواسعة للسلطة التنفيذيّة. في المقابل، فإنّ هيمنة البرلمان على الحياة السياسيّة بعد 2011، أسفرت عن تغيير العلاقة التنفيذيّة-التشريعيّة بصورة توحي للبعض أنّ استقلاليّة البرلمان أضحت غير ذي معنى طالما أنّ تعنّت الحكومة أو معارضتها لقرارات البرلمان من شأنه أن يثير مسؤوليّته أمامه. وهو مثلا ما يفسّر غياب الاستقلاليّة الماليّة في انغلترا ذي النظام البرلماني.[81]إلاّ أنّه غاب عن المؤسّسين والنوّاب على حدّ سواء، أنّه من الممكن استبعاد النظام المختلط، وإعادة تكريس النظام الرئاسي بهيمنة أشدّ للسلطة التنفيذيّة. وهو ما حصل بمقتضى دستور 2022.

ويكمن الجانب السلبي في أداء المجالس النيابيّة في ظلّ دستور 2014، أنّه لم يسع إلى إلغاء تبعيّته للسلطة التنفيذيّة في مسألة التدخّل المباشر في أعماله عن طريق التعيينات بمقتضى الأوامر الحكوميّة. فبمقتضى الأمر عدد 933 المؤرّخ في 7 جويلية 1989[82]، يشمل مجلس النوّاب من حيث الهيكل التنظيمي، الديوان والكتابة العامّة وإدارة الشؤون الإداريّة والماليّة. وهو ما يشكّل تنظيما مماثلا وموازيا للجهاز الإداري الوزاري.[83]

فعلى مستوى الشكل، وحسب الفصل 11 من هذا النص، تتبع الكتابة العامّة عدّة وحدات تشرف عليها إطارات عليا تكون لها رتبة وامتيازات مدير عام إدارة مركزيّة أو مدير إدارة مركزيّة. وتشكّل هذه الرتب كما هو معلوم خططا وظيفيّة، على معنى الأمر عدد 1245 لسنة 2006 المؤرّخ في 24 أفريل 2006، خاضعة في سلطة التعيين والإعفاء لصاحب السلطة الترتيبيّة سواء كان رئيس حكومة بمقتضى دستور 2014 أو رئيس جمهوريّة بمقتضى دستور 2022[84]. إلاّ أنّ ما يثير الانتباه هو صدور أوامر بإعفاء مستشارين درجة ثالثة ومتصرّفين وكتبة تمّ تعيينهم بقرار من رئيس المجلس كيفما يضبطه الامر عدد 622 لسنة 1999 المؤرّخ في 22 مارس 1999 والمتعلّق بضبط النظام الاساسي الخاص بالسلك الإداري لمجلس النوّاب. وهو ما يشكّل  خرقا فاضحا لمبدأ توازي الصيغ والإجراءات المضمون قضائيّا.[85] وتهديد الاستقلاليّة في هذا المستوى لا يشمل مرور التعيينات بالولاءات الحكوميّة[86] فحسب، وإنّما بالاعتداء على ما خصّته النصوص القانونيّة ذاتها من بصيص استقلاليّة هيكليّة كان يمكن أن يتمّ تطويرها وتعزيزها بمنظومة قانونيّة أنجع.

أمّا على مستوى الصلاحيّات، فلهذه الهياكل التنظيميّة طبق أمر 1989 المذكور وظائف المجلس النيابي ومهامّه التي من شأنها أن تجرّده من حريّة تصرّفه المالي والإداري. فمن صلاحيّات إدارة الشؤون الإداريّة والماليّة حسب الفصل 17 التصرّف في الوسائل البشريّة والماليّة اللازمة لسير مصالح مجلس النوّاب، بالإضافة إلى صرف الأجور والمنح وجميع النفقات والإذن بدفعها إلى جانب كذلك إعداد ميزانيّة التجهيز والتسيير للمجلس وتنفيذها.

وفي مقام آخر، تنتصب الحصانة كحماية قانونية للنواب في مواجهة تعسّف السلطة التنفيذيّة في تطبيق الإجراءات الجزائيّة. وهو ما جعل الدستور يحيطها بضوابط محدّدة لضمان استقلاليّة المجالس النيابيّة من جهة،[87] وعدم اعتبارها امتيازا برلمانيّا لتكريس الإفلات من العقاب من جهة أخرى. غير أنّ حادثة اقتحام قوّات الأمن لمقرّ البرلمان وتوقيف أحد نوّابه المنتخبين في جلسة 13 مارس 2023[88]، تعتبر مؤشّرا قويّا على انعدام الاستقلاليّة. فبقطع النظر عن السجال القانوني بين من يعتبر أنّ الحصانة البرلمانيّة تكتسب من تاريخ الإعلان عن القائمة النهائيّة للمترشّحين الفائزين في الانتخابات التشريعيّة أو من تاريخ تأدية اليمين، فإنّه لا معنى عندئذ للقواعد الدستوريّة ولا لإجراءات اتّخاذها. ولا معنى كذلك لتخصيص هيئة مستقلّة بالإشراف على العمليّة الانتخابيّة. لأنّه في نهاية الأمر، تصبح سياسة ترهيب المجالس النيابيّة، بمصادرة مبادئ عملها، وسيلة لتطويعها خدمة للإرادة العليا لصاحب القرار الأوحد.

واستخلاصا لما سبق، أفضت تبعيّة المجالس النيابيّة للسلطة التنفيذيّة إلى تدخّل في أعمالها، وسقوط لمقولة  أنّ البرلمان “سيّد نفسه وسيّد قراراته”. حيث أعاد إلى الأذهان صوريّته التي جعلت البعض يشبّهه “بغرفة تسجيل”.[89]ولعلّ أبرز مثال على ذلك، هو تدخّل رئيس الجمهوريّة يوم 2 نوفمبر 2023 لثني النوّاب عن مواصلة النقاش في جلستهم العامّة المخصّصة للنظر في مقترح تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني. وتبرير ذلك بأنّ مثل هذه القوانين من شأنها أن تسيئ لعلاقات البلاد الخارجيّة. وهو ما دفع مكتب المجلس إلى تأجيل الجلسة العامّة. وفي ذهنه أّنها لن تتواصل أبدا.

ولئن كان تدخّل السلطة التنفيذيّة خطيرا على مبدأ استقلاليّة المجالس النيابيّة باعتبار أنّه ينسف مبدأ الفصل بين السلط المترتّب عنها، فإنّه يبقى، في علاقة بالسلطة القضائيّة، مبرّرا بمبادئ احترام الحقوق والحريّات والمبادئ العامّة للقانون، رغم عدم وضوح موقف المحكمة الإداريّة صراحة.

  • عدم استقرار التدخّل القضائي

تحتّم “السيادة البرلمانيّة” حريّة اتّخاذ القرارات الداخليّة التي من شأنها أن تبرّر الحصانة القضائيّة التي يجب أن تتمتّع بها أعمال هذه المجالس كنتيجة حتميّة لاستقلاليّتها.[90] ويمكن تقسيم الأعمال البرلمانيّة حسب طبيعتها، فنجد “القرارات-المهامّ” Actes-fonctions و”القرارات الشروط” Actes- conditions. فالقرارات المرتبطة بالمهامّ أو الوظائف هي نتيجة وجود السلطة في حدّ ذاته كالقوانين واللوائح والأنظمة الداخليّة وقرارات سحب الثقة، في حين أنّ “القرارات-الشروط “هي الوسيلة للقيام بهذه المهامّ كالقرارات الاجرائيّة بإحالة مشاريع القوانين إلى اللجان أو الجلسة العامّة، أو العقود الإداريّة أو القرارات الفرديّة بالتسمية أوالإعفاء..[91]

والقرارات المرتبطة باستقلاليّة المجالس النيابيّة هي القرارات الداخليّة المتّخذة كوسائل لتحقيق الوظيفة التشريعيّة والرقابيّة للبرلمان،[92]والتي عادة ما نجدها مضمّنة بالأنظمة الداخليّة للمجالس النيابيّة. ولعلّ مدى الاستقلاليّة في هذا المستوى يتحدّد بمدى التحصين القضائي، أي لا يمكن للأجهزة القضائيّة التدخّل في سير العمل البرلماني احتراما لمبدأ الفصل بين السلط. إلاّ أنّ ذلك من شأنه أن يؤدّي إلى التفصّي من الخضوع للرقابة وبالتالي انتهاك دولة القانون بالتأسيس لإنكار العدالة.[93]وهو ما دفع مندوب الحكومة الفرنسي في ملاحظاته حول قرار صادر عن مجلس الدولة الفرنسي في 31 ماي 1957[94] إلى انتقاد هذا التحصين القضائي ضدّ الأعمال البرلمانيّة التي أدّت، منذ قرار 15 نوفمبر 1872 [95]، إلى ضرب حقّ التقاضي لأعوان البرلمان وإنكار المسؤوليّة الإداريّة البرلمانيّة.[96]

ومردّ هذا الإحجام في عن الرقابة عن الأعمال البرلمانيّة هو اعتماد فقه القضاء الفرنسي المعيار العضوي، الذي يقتضي عدم اختصاص القضاء بالنظر في الأعمال الصادرة عن المجالس النيابيّة كلّما كان مصدرها المؤسّسة البرلمانيّة سواء تعلّق الأمر بدعوى تجاوز سلطة،[97] أو بدعوى في إطار القضاء الكامل،[98] أو بطعن في التأويل.[99]إلاّ أنّ الوضع اختلف مع الجهوريّة الخامسة، حيث اقتضى الفصل الثامن من مرسوم 17 نوفمبر 1958 خضوع صنفين من الدعاوى لرقابة القضاء الإداري وهما دعاوى المسؤوليّة عن الأضرار التي تنشأ عن نشاط المرافق البرلمانيّة، ونزاعات الأعوان البرلمانيّين ذات الطابع الفردي، قبل أن يقع التوسّع في اختصاص النظر في أعمال السلطة التشريعيّة باعتماد المعيار المادّي. فمع قرار 5 مارس 1999،[100] أعلن مجلس الدولة اختصاصه بالنظر في النزاعات التي تنشأ في إطار الصفقات العموميّة للمجالس النيابيّة.

ووفق المعيار المادّي، تشمل القرارات الصادرة عن المجالس النيابيّة كلّ النشاط البرلماني. وباستثناء تلك التي ترتبط بالوظيفة التشريعيّة والرقابيّة للبرلمان، فإنّ كلّ الأعمال الصادرة ما دون ذلك يمكن أن تكون موضوع طعن لدى القضاء.[101]وتطبيقا لهذا المعيار أجاز القاضي الإداري التونسي إمكانيّة الطعن في شرعيّة الأعمال الصادرة عن السلطة التشريعيّة كلّما كانت مندرجة في نطاق السهر على حسن تنظيم المرفق البرلماني.[102]ولعلّ القرارات التي يتّخذها رئيس المجلس التشريعي في نطاق ماله من صلاحيّات متعلّقة بالسهر على حسن سير مصالح المجلس لا تختلف عن القرارات الإداريّة التنفيذيّة. هذه القرارات لا تندرج ضمن الوظيفة التشريعيّة وإنّما ضمن الوظيفة الإداريّة لهذه السلطة (..) فيكون بذلك العمل تشريعيّا إذا صدر في المجال المخصّص للقانون ويكون إداريّا إذا صدر خارج المجال المخصّص للقانون.[103]

ولئن اختزل فقه القضاء التونسي مسار التحوّل في موقف مجلس الدولة الفرنسي مراعاة لموجبات دولة القانون وضمان مبدأ عدم إنكار العدالة، إلاّ أنّ إصراره على التدخّل في الشأن السياسي بعد 2001، وإبراز أهميّته الوطنيّة في المسار الثوري كلاعب محوري في تسطير السياسات العموميّة اللاحقة، أوقعاه في المحظور القانوني المحض. وذلك بإلغاء الحدود الاعتباريّة لمبدأ الفصل بين السلط من جهة ومبدأ الفصل بين الهيئات الإداريّة والقضائيّة من جهة أخرى. ففي 10 مارس 2011، أذنت المحكمة الإداريّة استعجاليّا لآمري الصرف بمجلس النوّاب ومجلس المستشارين بتجميد صرف المنح والامتيازات المخوّلة لأعضاء المجلسين المذكورين.[104]وهو ما جعلها عرضة لانتقادات فقهيّة بتجاوزها لصلاحيّاتها القضائيّة وتوجيه أوامر للإدارة في شكل أذون.[105]بالإضافة إلى أنّ الوضعيّة الإداريّة والماليّة للنوّاب تخرج مبدئيّا عن اختصاص القاضي الإداري وتندرج ضمن الوظيفة الإداريّة.[106]

ومهما يكن من أمر، فلقد انحسر تدخّل القضاء الإداري في هذا الاتّجاه بعد المصادقة على دستور 2014. إلاّ أنّ رغبته في النأي بنفسه عن الرقابة على الأعمال الداخليّة للبرلمان لا تنبع في تقديرنا من احترامه لاستقلاليّة السلطة التشريعيّة ومبدأ الفصل بين السلط بقدر ما تندرج ضمن تصدّيه لرغبة البعض في إقحام المحكمة الإداريّة في أتّون الصراعات السياسيّة داخل قبّة البرلمان. ولنا في ذلك مثالان:

الأوّل هو القرار الصادر في 28 أفريل 2020 الذي يرمي طاعنوه (عبير موسي بصفتها رئيسة كتلة معارضة)  إلى الإذن بتوقيف تنفيذ قرار مكتب مجلس نوّاب الشعب فيما تضمّنه من برمجة النظر في عدد من مشاريع القوانين. وقد أجابت المحكمة بأنّه “من المستقرّ عليه فقها وقضاء أنّ القرارات البرلمانيّة المرتبطة بممارسة السلطة التشريعيّة صلاحيّاتها أو غير ذلك من المسائل المتّصلة بها تخرج عن ولاية القاضي الإداري.”[107]أماّ القرار الثاني، فهو الصادر في 1 مارس 2021 والذي يرمي من خلاله “مرصد الشفافيّة والحوكمة الرشيدة” إلى الإذن بتوقيف تنفيذ القرار الصادر عن رئيس مجلس نوّاب الشعب (..) القاضي بالمصادقة على التحوير الوزاري ومطالبة رئيس الجمهوريّة بتحديد موعد لأداء اليمين لأعضاء الحكومة. وقد أكّدت المحكمة أنّ فقهها استقرّ على أنّ “القرارات المتعلّقة بسير السلطة التشريعيّة لا تخضع إلى الطعن بتجاوز السلطة”.[108]

وممّا يعزّز هذا الرأي، هو أنّ المحكمة الإداريّة عبّرت عن موقفين مختلفين رغم تماثل موضوع الدعاوى ألا وهو الطعن في أعمال لجنة برلمانيّة انتخابيّة. ففي مرحلة متأخّرة، اعتبرت المحكمة في حكمها الصادر في 18 مارس 2021[109]أنّ “اللجنة الانتخابيّة بمجلس نوّاب الشعب هي من قبيل اللجان الخاصّة التي تمّ إحداثها بغرض انتخابي محدّد ويتمّ حلّها بانتهاء مهامّها. وتعدّ القرارات الصادرة عنها من صنف القرار الإداري الذي من شأنه التأثير في الوضعيّة القانونيّة للمخاطبين به. وأنّ مهامّ اللجنة تتماثل مع المهامّ الموكولة للّجان العلميّة والأكاديميّة عند مبادرتها بتصنيف المترشّحين للمناظرات ممّا يجعل قراراتها خاضعة للرقابة القضائيّة..”. إلاّ أنّه في قرار سابق صدر بتاريخ 20 أوت 2014،[110]قضت المحكمة الإداريّة بعدم قبول طعن في توقيف تنفيذ قرارات اللجنة الخاصّة بفرز ملفّات الترشّح لعضويّة هيئة الحقيقة والكرامة.[111] وبرّرت ذلك بأنّ القانون المنظّم لعمل اللجنة يمنع الطعن بأيّ وجه في قراراتها ولو بتجاوز السلطة.[112] وهو ما يتنافى ودور القضاء الإداري في ممارسة الرقابة التي يقتضيها مبدأ الشرعيّة وحماية الحقوق والحريّات ولو اقتضى الأمر، حماية للحقّ في التقاضي، رقابة دستوريّة قانون العدالة الانتقاليّة عن طريق الدفع.[113]

وفي المحصلة، فإنّ القضاء الإداري لم يتبنّى موقفا موحّدا من مسألة التدخّل في الأعمال البرلمانيّة، عكس القضاء الدستوري الذي أصرّ على موقفه[114] باحترام القواعد الدستوريّة رغم محاولات المجلس فرض رؤيته الخاصّة لمشروع القانون. وقد لاحظت الهيئة “الاختلاف البيّن بين المشروع المحال من رئيس الحكومة إلى رئيس مجلس نوّاب الشعب والمشروع المتعلّق بنفس القانون في صيغته المعدّلة المحال من لجنة التشريع العام إلى الجلسة العامّة، حيث لم يقتصر على إدخال وإضافة التعديلات والتحويرات التي تقتضيها موجبات الصياغة أو ضرورة الملاءمة الدستوريّة فقط بل أدخلت تغييرات جوهريّة على مشروع الحكومة نالت من كيان المقوّنات الأساسيّة القائمة عليها خيارات الحكومة في تحديد ماهيّة ومنه توجّهاتها في إرساء المجلس الأعلى للقضاء، وهو ما يخالف القصل 62 من الدستور..”

ولعلّه في الختام، من الضروري، في غياب الإرادة السياسيّة في تكريس استقلاليّة فعليّة للمجالس النيابيّة، التأكيد على أهميّة دور القضاء الدستوري في الرقابة على الترسانة القانونيّة والترتيبيّة المكرّسة لتبعيّة البرلمان للسلطة التنفيذيّة والمخالفة للدستور. وهو ما من شأنه أن يقرّ للسلطة التشريعيّة باستقلاليّة فعليّة تؤسّس لدولة القانون والفصل بين السلطات.

قائمة المراجع

باللغة العربيّة:

-توفيق بوعشبة: القانون الإداري العام، طبعة أولى، مجمع الاطرش للكتاب المختص، تونس، 2021

-رافع بن عاشور: المؤسّسات والنظام السياسي بتونس، الإطار التاريخي/النظام السياسي 1959-2011/النظام السياسي في ظلّ دستور 2014، طبعة ثالثة، مجمع الأطرش، تونس، 2019.

– محمّد رضا بن حمّاد: القانون الدستوري والأنظمة السياسيّة، طبعة رابعة محيّنة ومزيد عليها، مركز النشر الجامعي، 2021

-عبد الكريم العويتي: تعليق على القرار الصادر عن المحكمة الإداريّة في مادّة توقيف التنفيذ، الأستاذ ناجي البكّوش/ رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مجموعة أعمال مهداة إلى الأستاذ فرج القصيّر، مجمع الأطرش للكتاب المختصّ، تونس

-معتز القرقوري: النظام السياسي التونسي، طبعة أولى، مجمع الأطرش، تونس2020.

-محمّد النيفر : “مجلس نوّاب الشعب”، ضمن “قراءات في دستور الجمهوريّة الثانية (دستور 27 جانفي 2014)”، أعمال ملتقى “الدستور الجديد للجمهوريّة التونسيّة”، منشورات مدرسة الدكتوراه بكليّة الحقوق بصفاقس، عدد 4، مجمع الأطرش، تونس، 2017

-معتزّ القرقوري: ملاحظات حول القرار الاستعجالي عدد 711506 بتاريخ 10 مارس 2011، دراسات قانونيّة، عدد 18، كليّة الحقوق بصفاقس، 2011

-معتز القرقوري: ملاحظات حول قرار في مادّة توقيف التنفيذ صادر عن الرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة بتاريخ 20 أوت 2014، ذراسات قانونيّة، مجلّة كليّة الحقوق بصفاقس، 2014.

باللغة الفرنسيّة:

-Avril (P) et Giquel (J) ; Droit parlementaire, 4ème éd, Montchrestien, Paris, 1996.

-Bonnard (R) , Les règlements des assemblées législatives de le France depuis 1789, Sirey, 1926.

-Delcros (B), L’unité de la personnalité juridique de l’Etat (Etude sur les services non personnalisés de l’Etat), LGDJ, Paris.

-Dussart (V) ; L’autonomie financière des pouvoirs publics constitutionnels, éd. CNRS, 2000.

-Domingo (L) ; les actes internes du Parlement : Etude sur l’autonomie parlementaire, Fondation Varenne, LGDJ,2008.

-Favoreu (L) : Du déni de justice en droit public français, LGDJ, 1964.

Camguilhem (B), L’illusoire personnalité juridique des assemblées parlementaires, RDP, N°4-2013

-Martin (A) ; Le président des assemblées sous la 5ème République, LGDJ, 1996.

-Abdelhag (M) et Heumann (J-B) ; Oppositions élections en Tunisie, Revue Monde arabe Maghreb-Machrek, 2000, p29.

-Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, RDP, N°4-2013, p844.

-Bergeal (C), concl. Sur CE, Ass, 5 mars 1999, Président de l’Assemblée nationale, RFDA, 1999, p333.

-Bergeal, Concl. Sur, CE, Ass, 5 mars 1999, Président de l’Assemblée nationale, RFDA, 1999, p340 ; Derepas (L), concl. Sur, CE, Ass, 8 février 2007, Gardedieu, RFDA, 2007, p361.

-Boda (S) ; « Le régime contentieux des actes parlementaires relatifs aux agents des assemblées : retour sur un droit administratif ‘spécial’, RDP, 2011, p847 et s.

-Bon (P) ; Le contrôle des actes non législatif du Parlement : toujours un déni de justice, In Mélanges en l’honneur de Louis Favoreu du droit constitutionnel, Dalloz, 2007.

-Gicquel (J) ; Sur l’autonomie du droit parlementaire, Aspects récents, In « La constitution et les valeurs », Mélanges en l’honneur de Dmitri Georges Lavroff, Dalloz, Paris, 2005.

-Gicquel (J), « Sur l’autonomie du droit parlementaire, Aspects récents », in Mélanges en l’honneur de Dmitri Georges Lavroff « La constitution et les valeurs, Dalloz, 2005, p197.

-Journes (C), L’administration des assemblées parlementaires sous la Cinquième République, RDP, 1978, p321.

-Pinon (X), La personnalité de fait des assemblées parlementaires, « un cadavre bien vivant », RDP, 2003, p283.

-Thiers (E), Les marchés soumis par les assemblées parlementaires sont-ils soumis au code des marchés publics ? RDP, 1999, p1785.

[1]  الفصل 3 من دستور 27 جانفي 2014:”الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات يمارسها بواسطة ممثّليه المنتخبين”.

الفصل 56 من دستور 25 جويلية 2022: “يفوّض الشعب، صاحب السيادة، الوظيفة التشريعيّة لمجلس نيابي أوّل يسمّى مجلس نوّاب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمّى المجلس الوطني للجهات والأقاليم”.

[2]  محمّد النيفر : “مجلس نوّاب الشعب”، ضمن “قراءات في دستور الجمهوريّة الثانية (دستور 27 جانفي 2014)”، أعمال ملتقى “الدستور الجديد للجمهوريّة التونسيّة”، منشورات مدرسة الدكتوراه بكليّة الحقوق بصفاقس، عدد 4، مجمع الأطرش، تونس، 2017، ص112.

[3] Camguilhem (B), L’illusoire personnalité juridique des assemblées parlementaires, RDP, N°4-2013, p870.

[4]  رافع بن عاشور: المؤسّسات والنظام السياسي بتونس، الإطار التاريخي/النظام السياسي 1959-2011/النظام السياسي في ظلّ دستور 2014، طبعة ثالثة، مجمع الأطرش، تونس، 2019، ص350.

[5]  محمّد رضا بن حمّاد: القانون الدستوري والأنظمة السياسيّة، طبعة رابعة محيّنة ومزيد عليها، مركز النشر الجامعي، 2021، ص259.

[6] Domingo (L) ; les actes internes du Parlement : Etude sur l’autonomie parlementaire, Fondation Varenne, LGDJ,2008, p10.

[7]  رافع بن عاشور: المؤسّسات والنظام السياسي بتونس، مرجع سبق ذكره، ص350.

[8] Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, RDP, N°4-2013, p844.

[9] Avril (P), Gicquel (J), Droit parlementaire, Montchrestien, 4°éd, 2010, p61.

[10] Bonnard (R) , Les règlements des assemblées législatives de le France depuis 1789, Sirey, 1926, p248.

[11]  الفصل 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن الصادر في 1789.

[12]  رافع بن عاشور: المؤسّسات والنظام السياسي بتونس، مرجع سبق ذكره، ص351.

[13]  رافع بن عاشور: المؤسّسات والنظام السياسي بتونس، مرجع سبق ذكره، ص350.

[14] Avril (P), Gicquel (J), Droit parlementaire, op.cit, p61.

[15] Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, op.cit, p846.

[16] Barella (X), Ibidem.

[17]  معتز القرقوري: النظام السياسي التونسي، طبعة أولى، مجمع الأطرش، تونس، ص259.

[18] CE, 3 février 1899, Héritiers Joly, Sirey, 1899. III. 121 note Hauriou (cité par Camguilhem (B), L’illusoire personnalité juridique des assemblées parlementaires, op.cit, p880.

« Hauriou, dans sa note sous l’arrêt Héritiers de Joly, avait reconnu l’existence de la personnalité juridique des assemblées parlementaires en utilisant deux critères alternatifs, révélateurs pour lui de la personnalité morale, la dotation en propriété ou la capacité d’ester en justice. »

[19] Pinon (X), La personnalité de fait des assemblées parlementaires, « un cadavre bien vivant », RDP, 2003, p283.

[20] Bergeal, Concl. Sur, CE, Ass, 5 mars 1999, Président de l’Assemblée nationale, RFDA, 1999, p340 ; Derepas (L), concl. Sur, CE, Ass, 8 février 2007, Gardedieu, RFDA, 2007, p361.

[21] Delcros (B), L’unité de la personnalité juridique de l’Etat (Etude sur les services non personnalisés de l’Etat), LGDJ, Paris, p179 et S.

[22] Art 8 de l’ordonnance n°58-1100 du 17 novembre 1958.

[23]  “يمكن اختزال أساليب التنظيم الإداري البرلماني في 4 صور. تتمثّل الأولى في إسناد رئيس المجلس البرلماني دورا محوريّا في التسيير (الدنمارك) والثانية توزيع الصلاحيّات بين كلّ من الرئيس وهيئة جماعيّة يرأسها هذا الأخير (ألمانيا، إسبانيا، تونس) والثالثة ممارسة الصلاحيّات الغداريذة والماليّة النيابيّة من قبل لجنة جماعيّة (المملكة المتّحدة، كندا) والرابعة هي النموذج الفرنسي القائم على توزيع صلاحيّات إدارة الشؤون الإداريّة والماليّة بين رئيس المجلس ومؤسّسة « La questure ».”

ويراجع في هذا الشأن: محمّد رضا بن حمّاد، القانون الدستوري والأنظمة السياسيّة، مرجع سبق ذكره، ص 259 وما بعدها.

[24]  الأوّل هو النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب المصادق عليه في جلسة عامّة بتاريخ 24 فيفري 2015 خلال المدّة النيابيّة الاولى والثانية (غير المكتملة) في ظلّ دستور 27 جانفي 2014. والثاني هو النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب المصادق عليه في جلسة عامّة بتاريخ 28 أفريل 2023 خلال المدّة النيابيّة الاولى في ظلّ دستور 25 جويلية 2022.

[25]  الفصل الأوّل من النظام الداخلي لسنة 2015 والفصل 165 من النظام الداخلي لسنة 2023:” يتمتّع مجلس نواّب الشعب بالاستقلاليّة الإداريّة والماليّة في إطار ميزانيّة الدولة.”

[26]  يعتبر هذا التنصيص خطير شكلا، فلا يمكن لمجلس النوّاب أن يسند لنفسه اختصاصا تشريعيّا، لأنّ ذلك وظيفة الدستور وحده.

[27]  معتز القرقوري: النظام السياسي التونسي، مرجع سابق، ص 260.

[28]  يقول الأستاذ كمال بن مسعود في هذا الخصوص:” إنّ مجلس نوّاب الشعب لا يمكن أن يعوّض الدولة ويحلّ محلّها كشخص قانوني أو أن ينفصل عنها، ويتواجد بجانبها كشخص قانوني بسبب كونه هيكلا من هياكلها”. انظر: تقرير منظّمة بوصلة لأشغال مجلس نوّاب الشعب (أكتوبر 2017/جويلية 2018) على الانترنت: https://www.albawsala.com/ar/publications/20181493 (consulté le 09 mars 2024)

[29] Gicquel (J), « Sur l’autonomie du droit parlementaire, Aspects récents », in Mélanges en l’honneur de Dmitri Georges Lavroff « La constitution et les valeurs, Dalloz, 2005, p197.

[30] Camguilhem (B), L’illusoire personnalité juridique des assemblées parlementaires, op.cit, p868.

[31] Journes (C), L’administration des assemblées parlementaires sous la Cinquième République, RDP, 1978, p321.

[32] Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, op.cit, p850.

[33]  انظر مثلا تنظيم عمل هياكل المجلس: رافع بن عاشور: المؤسّسات والنظام السياسي بتونس، مرجع سبق ذكره، ص356.

[34] Thiers (E), Les marchés soumis par les assemblées parlementaires sont-ils soumis au code des marchés publics ? RDP, 1999, p1785.

[35] Camguilhem (B), L’illusoire personnalité juridique des assemblées parlementaires, op.cit, p874.

[36] Bergeal (C), concl. Sur CE, Ass, 5 mars 1999, Président de l’Assemblée nationale, RFDA, 1999, p333.

[37]  انظر: الرائد الرسمي للجمهوريّة التونسيّة عدد 74 لسنة 2020 المؤرّخ في 28/07/2020 ص 1861 و1864.

[38] Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, op.cit, p852.

[39] Barella (X), Ibidem.

[40] Palau (Y), « L’évolution du statut des personnels des Assemblées parlementaires », RFDC, n°34, 1998, p328.

[41]  الفصل 164 من النظام الداخلي لسنة 2023، والفصل 3 من النظام الداخلي لسنة 2015 الذي أضاف فقرة ثانية تنصّ على “يضبط مكتب المجلس الأنظمة الأساسيّة الخاصّة لمختلف الاسلاك التابعة له والتنظيم الهيكلي للمصالح الإداريّة.”

[42]  أمر عدد 622 لسنة 1999 مؤرّخ في 21 مارس 1999 يتعلّق بضبط النظام الأساسي الخاص للسلك الإداري لمجلس النوّاب. مع الإشارة إلى أنّ هذا الأمر يتضمّن سلطة تقديريّة محدودة لرئيس المجلس في الانتداب والترقية نظرا لأنّ تسميات المستشارين من الدرجة الأولى تتمّ بمقتضى أمر.

[43]  الفصل 48 (فقرة ثالثة) من النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب لسنة 2015، والفصل 35(فقرة ثالثة) من النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب لسنة 2023.

[44]  تقييم منظّمة “بوصلة” لأشغال نجلس نوّاب الشعب، الدورة البرلمانيّة الأولى (نوفمبر 2019، جويلية 2020) ص 20. عبر الرابط: https://www.albawsala.com/ar/publications/rapports/20204165 (consulté le 10 mars 2024)

[45]  تجدر الإشارة إلى “أنّ أعوان المجلس وموظّفيه كانوا قد نفّذوا خلال شهر أفريل من سنة 2019 وقفة احتجاجيّة تزامنت مع جلسة حوار مع رئيس الحكومة حول الصحّة العموميّة احتجاجا على عدم صرف منحة تمّ الاتفاق عليها سابقا وتمّ رصدها في ميزانيّة 2019، نظرا لعدم امضاء رئيس مجلس نوّاب الشعب على قرار صرفها. وقد اعتبرت نقابة أعوان المجلس أنّ الاستقلاليّة والإداريّة للمجلس تقتضي أن تكون مثل هذه القرارات بيد رئيس البرلمان لا السلطة التنفيذيّة. وقد تجدّدت الاحتجاجات مرّة ثانية في شهر مارس 2020 لعدم حلحلة الأمر.”

انظر: تقييم منظّمة “بوصلة” لأشغال نجلس نوّاب الشعب، نفس المصدر والصفحة.

[46]  انظر مثلا: أمر حكومي عدد 589 لسنة 2016 مؤرّخ في 27 ماي 2016، ر.ر.ج.ت، عدد 43، 27 ماي 2016. وكذلك: أمر حكومي عدد 342 لسنة 2019 مؤرّخ في 15 أفريل 2019، ر.ر.ج.ت، عدد 31، 16 أفريل 2019.

[47]  أمر عدد 1753 لسنة 1990 مؤرّخ في 29 أكتوبر 1990 يتعلّق بضبط كيفيّة تنظيم وتسيير الإدارات المتناصفة، ر.ر.ج.ت عدد 72، 9 نوفمبر 1990.

[48] Art 8 de l’ordonnance du 17 novembre 1958 : « La juridiction administrative est appelée à connaître de tous litiges d’ordre individuel concernant ces agents .. »

[49] Boda (S) ; « Le régime contentieux des actes parlementaires relatifs aux agents des assemblées : retour sur un droit administratif ‘spécial’, RDP, 2011, p847 et s.

[50] CE, ass, 12 jan 1968, Mme Barbier, Lebon, p39.

[51] CE, 9 déc 2005, Président de l’Assemblée nationale, req. n°271315, AJDA, 2006, p564.

[52] En France, l’article 3 de l’ordonnance du 17 nov 1958 prévoit que : « Les présidents des assemblées parlementaires sont chargés de veiller à la sûreté intérieure et extérieure des assemblées qu’ils président ». Le deuxième alinéa précise qu’ils peuvent à cet effet, requérir à la force armée et toutes les autorités dont ils jugent le concours nécessaire ».

[53]  الفصل 48 (فقرة ثانية) من النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب لسنة 2015، والفصل 35 (فقرة ثانية) من النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب لسنة 2023:”يشرف رئيس المجلس على حسن سير جميع مصالح المجلس، وله اتّخاذ التدابير اللازمة لحفظ النظام والأمن داخل المجلس وحوله”.

[54]  من ذلك القرار عدد 31 في 18 مارس 2021، والقرار عدد 32 في 23 مارس 2021، وخاصّة القرار الصادر في 30 مارس 2021 المتعلّق بقواعد وإجراءات حفظ النظام بمختلف فضاءات مجلس النوّاب والهادفة لتأمين حسن سير هياكله.

[55]  الفصل 66 من دستور 25 جويلية 2022.

[56]  فضلا عن أنّ الفصل 120 من النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب لسنة 2023 يخالف الفصل 66 من الدستور الذي لا يتعلّق برفع الحصانة ضدّ الإجراءات الجزائيّة بل يتعلّق بحدود الحصانة ضدّ المسؤوليّة وهي حماية النائب من الإيقافات أو التتبّعات أو المحاكمات من اجل ما يبديه من آراء وما يقوم به من أعمال عند مباشرته لمهامّه.

[57] Dussart (V) ; L’autonomie financière des pouvoirs publics constitutionnels, éd. CNRS, 2000, p 129.

[58] Delcros (B), L’unité de la personnalité juridique de l’Etat (Etude sur les services non personnalisés de l’Etat), op.cit, p179.

[59] Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, op.cit, p854.

[60] Delcros (B), L’unité de la personnalité juridique de l’Etat (Etude sur les services non personnalisés de l’Etat), op.cit, p179.

[61] CE, 19 janvier 1921, Chambre des députés et sieur Buquet, Lebon, p62.

[62]  الفصل 19 من القانون الأساسي للميزانيّة المؤرّخ في 13 فيفري 2019

[63]  الفصل 43 من القانون الاساسي للميزانيّة المؤرّخ في 13 فيفري 2019

[64]  الفصل الرابع والخامس من النظام الداخلي لمجلس النوّاب بتاريخ 24 فيفري 2015، والفصل 165 و166 من النظام الداخلي لمجلس النوّاب بتاريخ 28 أفريل 2023.

[65]  أنظر الفصل الخامس والسادس من قرار رئيس مجلس نوّاب الشعب المؤرّخ في 23 جويلية 2020 المتعلّق بضبط قواعد وإجراءات التصرّف في ميزانيّة مجلس نوّاب الشعب.

[66]  انظر الفصل 18 من مشروع قانون أساسي يتعلّق باستقلاليّة مجلس نوّاب الشعب وقواعد سيره.

[67]  تطوّرت ميزانيّة البرلمان من 33.423 مليون دينار في سنة 2019 إلى 43.903 مليون دينار سنة 2020 ثمّ انحدرت إلى 16.903 مليون دينار في 2022 (نتيجة تعليق أعمال البرلمان) ثمّ 36.000 م.د في 2023 و38.553 في 2024. (تقرير وزارة الماليّة: المهمّة الخاصّة لمجلس نوّاب الشعب، أكتوبر 2023. متوفّر على موقع وزارة الماليّة)

[68] Dussart (V) ; L’autonomie financière des pouvoirs publics constitutionnels, op.cit, p166.

[69] Martin (A) ; Le président des assemblées sous la 5ème République, LGDJ, 1996, p314.

[70] Art 7 de l’ordonnance n°58-1100 du 17 novembre 1958. Et voir aussi : Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, op.cit, p855.

[71]  الفصل 7 من مجلّة المحاسبة العموميّة الصادرة بمقتضى القانون عدد 81 لسنة 1973 المؤرخ في 31 ديسمبر 1973.

[72]  انظر : أمر عدد 2878 الصادر بتاريخ 19/11/2012، ر.ر.ج.ت عدد 95 بتاريخ 01/12/2012. وبصورة عامة يراجع: Berteji (B) ; Droit des finances publiques, Droit budgétaire (Budget de l’Etat), 1ère éd, C.P.U, Tunis, 2023, p192.

[73]   الفقرة الاخيرة من الفصل 184 مكرّر من مجلّة المحاسبة العموميّة كما نقّح بالقانون عدد 86 لسنة 1996 المؤرّخ في 6 نوفمبر 1996. ويعتبر رؤساء المجالس النيابيّة آمري صرف حسب الفصل الثامن من نفس المجلّة كما تمّ تنقيحه بمقتضى القانون عدد 106 لسنة 2005 المؤرّخ في 19 ديسمبر 2005.

[74]  القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 المؤرّخ في 30 أفريل 2019 المتعلّق بالمحكمة الدستوريّة. ر.ر.ج.ت عدد 39 بتاريخ 14/05/2019. وينص الفصل 111 من هذا القانون على أن “تتولّى محكمة المحاسبات زجر أخطاء التصرّف المرتكبة من قبل أعوان الدولة والمؤسّسات العموميّة والجماعات المحليّة (..) كما تتولّى زجر أخطاء التصرّف المرتكبة من قبل رؤساء وأعوان الهيئات الدستوريّة المستقلّة.” كما ينصّ الفصل 144 من ذات القانون أنّ “هذه الرقابة على التصرّف ترمي إلى التأكّد من مطابقة أعمال التصرّف المنجزة من قبل الهيئات المنصوص عليها بالفصل السابع من هذا القانون.”

[75]  انظر الفصل 96 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب لسنة 2015 والفصل 165 من النظام الداخلي لمجلس نوّاب الشعب لسنة 2022، وانظر كذلك قرار رئيس مجلس نوّاب الشعب الصادر في 23 جويلية 2020 وخاصّة الفصول 13 و14 و15 و16 منه.

[76] Domingo (L) ; les actes internes du Parlement : Etude sur l’autonomie parlementaire, op.cit, p209.

[77] Delcros (B), L’unité de la personnalité juridique de l’Etat (Etude sur les services non personnalisés de l’Etat), op.cit, p179.

[78] Camguilhem (B), L’illusoire personnalité juridique des assemblées parlementaires, op.cit, p877.

[79]  التقرير السنوي العام الثلاثون، 2016، منشور على موقع المحكمة.

[80]  محمّد رضا بن حمّاد: القانون الدستوري والأنظمة السياسيّة، مرجع سبق ذكره، ص 603.

[81] Dussart (V) ; L’autonomie financière des pouvoirs publics constitutionnels, op.cit, p168.

[82]  أمر عدد 933 لسنة 1989 مؤرّخ في 7 جويلية 1989 متعلّق بتنظيم المصالح الإداريّة لمجلس النوّاب، ر.ر.ج.ت، عدد 52 لسنة 1989 بتاريخ 28 جويلية 1989.

[83]  توفيق بوعشبة: القانون الإداري العام، طبعة أولى، مجمع الاطرش للكتاب المختص، تونس، 2021، ص 140.

[84]  انظر مثلا: الأمر عدد 211 المؤرّخ في 26 أفريل 2024 المتعلّق بإنهاء مهام كاتب عام مجلس النوّاب، والأمر عدد 212 المتعلّق بتعيين متصرّف عام في خطّة كاتب عام مجلس نوّاب الشعب، ر.ر.ج.ت، عدد 55 لسنة 2024 بتاريخ 29 أفريل 2024.

[85]  انظر: الحكم الاستئنافي في القضيّيتين عدد 213932 و213939 بتاريخ 31 ديسمبر 2021.

[86] Gicquel (J) ; Sur l’autonomie du droit parlementaire, Aspects récents, In « La constitution et les valeurs », Mélanges en l’honneur de Dmitri Georges Lavroff, Dalloz, Paris, 2005, p200.

[87]  للحصانة وجهان: الحصانة ضدّ المسؤوليّة (immunité) والحصانة ضدّ الإجراءات الجزائيّة (inviolabilité). والأخيرة هي المقصودة في علاقة بالاستقلاليّة. وقد نصّ عليها دستور 2014 في الفصل 69: “إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائيّة كتابة، فإنّه لا يمكن تتبّعه أو إيقافه طيلة مدّته النيابيّة في تهمة جزائيّة ما لم ترفع عنه الحصانة”. وهو مضمون الفصل 65 من دستور 2022.

[88]  تمّت تلاوة القائمة النهائيّة للمنتخبين بمجلس نوّاب الشعب، بناء على النتائج النهائيّة للانتخابات التشريعيّة المصرّح بها، قبل أن يؤدّي أعضاء البرلمان الجدد اليمين. وبعد ذلك، قامت قوّات الأمن بإيقاف النائب “وجدي الغاوي” لورود بطاقة جلب في حقّه على خلفيّة اتّهامه بتزوير التزكيات التي جمعها للترشّح للبرلمان. ممّا دفع بعض النوّاب إلى الاحتجاج بأنّه إن كانت هنالك ملاحقة قضائيّة في حقّ هذا النائب، فيجب أن تتمّ وفق الإجراءات التي يضبطها الدستور.

[89] Abdelhag (M) et Heumann (J-B) ; Oppositions élections en Tunisie, Revue Monde arabe Maghreb-Machrek, 2000, p29.

[90] Avril (P) et Giquel (J) ; Droit parlementaire, 4ème éd, Montchrestien, Paris, 1996, p174.

[91]Domingo (L) ; les actes internes du Parlement : Etude sur l’autonomie parlementaire, op.cit, p19.

[92] Ibidem

[93] Favoreu (L) : Du déni de justice en droit public français, LGDJ, 1964, p78 et S.

[94] CE, 31 mai 1957, Girard, D. 1957, p430, conc. Guldner.

[95] CE, 15 novembre 1872, De Carrey de Bellemare, Lebon, p591, concl. Perret.

[96] La politique jurisprudentielle adoptée par le Conseil d’Etat à l’égard des actes parlementaires « aboutit à priver de juges un assez grand nombre d’agent de l’Etat et à abandonner au bon vouloir des bureaux des Assemblées les victimes des dommages causés par le fonctionnement des dites assemblées ». Voir : Barella (X), L’Autonomie des assemblées parlementaires, op.cit, p858.

[97] CE, 26 mai 1950, Vouters, Lebon, p317, concl. Agid.

[98] CE, 15 décembre 1952, Cie d’assurances générales, Lebon, p580.

[99] CE, 28 mars 1873, La Vieille, Lebon, p276, concl. Perret.

[100] CE, ass, 5 mars 1999, Président de l’Assemblée nationale, RFDC, 1999, p615, note Trémeau.

[101] Bon (P) ; Le contrôle des actes non législatif du Parlement : toujours un déni de justice, In Mélanges en l’honneur de Louis Favoreu du droit constitutionnel, Dalloz, 2007, p1065.

[102]  حكم ابتدائي عدد 3412 بتاريخ 7 جوان 1994، أحمد النابلي/ رئيس مجلس النوّاب، المجموعة، ص 93.

[103]  عبد الكريم العويتي: تعليق على القرار الصادر عن المحكمة الإداريّة في مادّة توقيف التنفيذ، الأستاذ ناجي البكّوش/ رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مجموعة أعمال مهداة إلى الأستاذ فرج القصيّر، مجمع الأطرش للكتاب المختصّ، تونس، 2016، 234.

[104]  القرار الاستعجالي عدد 711506 بتاريخ 10 مارس 2011 المتعلّق بتجميد صرف المنح الماليّة والعينيّة لأعضاء مجلس النوّاب والمستشارين وإيقاف العمل بكلّ الامتيازات والتسهيلات الممنوحة لهم.

[105]  معتزّ القرقوري: ملاحظات حول القرار الاستعجالي عدد 711506 بتاريخ 10 مارس 2011، دراسات قانونيّة، عدد 18، كليّة الحقوق بصفاقس، 2011، ص181.

[106]  معتزّ القرقوري: نفس المصدر، ص198.

[107]  قرار في توقيف تنفيذ عدد 4105256 بتاريخ 28 أفريل 2020، غير منشور

[108]  قرار في توقيف تنفيذ عدد 4106108 بتاريخ 1 مارس 2021، غير منشور

[109]  حكم ابتدائي صادر في القضيّتين عدد 151226 و151227 بتاريخ 18 مارس 2021.

[110]  قرار في مادّة توقيف التنفيذ عدد 417363 بتاريخ 20 أوت 2014.

[111]  نصّ الفصل 23 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المؤرّخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلّق بإرساء العدالة الانتقاليّة وتنظيمها على أنّه: “تحدث لجنة خاصّة بالمجلس الوطني التأسيسي (..) تتولّى فرز ملفّات الترشّح..”

[112]  الفصل 25 من ذات القانون فقرة أخيرة: “تكوم قرارات اللجنة بخصوص الاعتراضات في هذه الصورة نهائيّة وباتّة ولا تقبل المراجعة أو الطعن بأيّ وجه من الوجوه ولو بدعوى تجاوز السلطة”.

[113]  معتز القرقوري: ملاحظات حول قرار في مادّة توقيف التنفيذ صادر عن الرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة بتاريخ 20 أوت 2014، ذراسات قانونيّة، مجلّة كليّة الحقوق بصفاقس، 2014، ص 325.

[114]  أصدرت الهيئة الوقتيّة للرقابة على دستوريّة القوانين بمناسبة مشروع القانون المتعلّق بالمجلس الأعلى للقضاء، قرارها الأوّل في 8 جوان 2015 (ر.ر.ج.ت، عدد 47 بتاريخ 12/6/2015) ثمّ قرارها الثاني في 22 ديسمبر 2015 (ر.ر.ج.ت عدد 103 لسنة 2015 بتاريخ 25/12/2015).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى