في الواجهةمقالات قانونية

مدى قانونية تسخير الدولة للممتلكات الخاصة في حالات الطوارئ (نموذج جائحة كورونا)

 

الاستاذ محمد الزكراوي
باحث في الشؤون القانونية و الادارية

مقال بعنوان:
مدى قانونية تسخير الدولة للممتلكات الخاصة في حالات الطوارئ (نموذج جائحة كورونا)

مفدمة :
مما لا شك فيه قانونا ان لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره و لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفافالملكية الخاصة مصونة بأحكامً الدستور ولا يجوز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود وبالقيود التى أوردها الدستور،فلا يجبر أحد على التخلي عن ملكه إلا لأجل المصلحة العامة ووفق القوانين الجاري بها العمل.
لكن اذا كان المبدأ العام يقضي بقداسة الملكية الخاصة ويقر باحترامها،فإنه كذلك يقرر قيودا عليها في حالات خاصة تستدعي تقييد حق التصرف في الملك الخاص إما لدواعي المصلحة العامة او حالة استثنائية خاصة تستلزم الحفاظ على النظام العام في مذلوله الواسع،وعليه
ونظرا لما تحتمه الظرفية الحاليةوالملحة بسبب تفشي وباء كورونا من ضرورة الاستمرار في تطبيق التدابير والإجراءات المتخذة منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بما فيها تدابير الحجر الصحي، ولضمان فعالية ونجاعة هذه الإجراءات المعتمدة للتصدي لانتشار جائحة كوفيد 19 الذي اصبح يشكل ليس فقط أزمة صحية فحسب، بل أزمة إنسانية ارخت بسدولها على جميع الأصعدة لما لها من تداعيات اقتصادية،واجتماعبة.
ونظرا لكون القطاع الصحي الذي يعد جزءا كبيرا من القطاع الاقتصادي،هذا القطاع الذي اصبح  ليس مؤهلا بما فيه الكفاية لاحتواء  ومواجهة الأزمة الصحية التي تعاني منها المنطقة،بسبب تزايد حالات المصابين بجائحة كوفيذ 19،ومن جهة اخرى اكتضاض المستشفيات بعدد المصابين يفوق قدراتها الاستعابية،وبالتالي فإن لجوء الدولة الى تنظيم عمليات تسخير الملكية الخاصة من اجل احتواء عدد مرضى الوباء وضمان تتبع حالاتهم الصحية ورعايتها،يبرر وضع قيود على الملكية الخاصة للمصلحة العامة تبعا لما تفرض وتمليه ظروف الطوارئ من جهة،ومن جهة اخرى إعملا لمبدأ التضامن امام الاعباء العامة في حالات الكوارث ،فنظام الطوارئ أرسى الدستور أساسه ووضع القانون قواعده ويخضع لمبدأ سيادة ورقابة القضاء فهو نظام استثنائي له مبرراته قيما يعترض حياة الدولة من ظروف وأحداث تعرض أمن البلاد وسلامتها للخطر ،فحماية المجتمع تعلو على مصلحة الفرد،

الفقرة الاولى:مبدأ المساواة امام تحمل الاعباء العامة في حالات الكوارث.

من المبادئ العامة و المقررة في ابدجيات القانون الإداري نجد مبدأ «المساواة أمام الأعباء العامة» هذا المبدأ الذي يطبقه القضاء الإداري في كثير من الاحيان وخاصة امام غياب النص،الا انه ومع ذلك كمبدأ قانوني يشار اليه كقاعدة مكتوبة في القانون الدستوري،كسند يبرر الرجوع اليه كلما اقتضت الضرورة والحاجة لتفعيله، فالمملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل إقامة مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة،ومن بين تلك الواجبات التي يتحملها المواطنين بشكل متساو امام القانون ،نجد واجب التضامن و المساواة في تحمل الاعباء العامة إبان الاعلان عن حالات الطوارئ باعتبارها قوة قاهرة تستدعي تظافر الجهود والتضامن من اجل الخروج منها بأقل الخسائر، ونظرا لاهمية تطبيق قاعدة المساواة في تحمل الاعباء العامة في حالة الطوارئ المرتبطة بكوارث طبيعية او غيرها من حالات الاستثناء ،وحتى لا يبالغ في مجال تطبيقاتها وتتخدها الحكومات مبررا في فرض واثقال كاهل مواطنيها بما لا طاقة لهم به،فإن إعمالها لا يمكن ان يتجاوز حالات خاصة طارئة متصلة بوقائع استثنائية تستدعي قيام الموطنين بجزء من واجباتهم تجاه بلدهم في اطار من ورح المسؤولية و المواطنة،  لذلك تناول القانون الدولي حالة الطوارئ من خلال العهد الدولي للحريات المدنية والسياسية، الصادر عام 1966، إذ حدَّد الشرط الأساس لفرض حالة الطوارئ في وجود خطر عام واستثنائي يتهدد وجود الأمة، على أن يتم إعلان حالة الطوارئ بشكلٍ رسمي، وذلك منعا لشيوعِ الممارسات الضارة بالحريات في أوقات ليس لها طابع الاستثناء،ونظرا لخطورة هذه الاخير،فقد حذر العهد الدولي للحريات المدنية والسياسية كذلك من أن حالة الطوارئ يجب أن تعلن في ضوءِ تقدير دقيق وموضوعي للأحداث بحيث تُناسب التدابير المتخذة الوضعية القائمة دون مبالغة،فمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة يؤلف بحد ذاته قاعدة قانونية، وهو واجب التطبيق حتى في غياب النص،إذ اعتبرت قاعدة المساواة أمام الأعباء العامة مبدأ ذات جذور دستورية باعتباره جزءاً لا يتجزأ من مبدأ المساواة أمام القانون،وهذا المبدأ يلعب دوراً أساسياً في إطار مسؤولية الإدارة بدون خطأ، فهو يشكل الأساس الحقيقي لمسؤولية أشخاص القانون العام، خصوصاً عندما يفرض على بعض الأفراد في سبيل المصلحة العامة أعباء باهظة أو غير عادية
، بسبب وجود مخاطر تفشي أمراض معدية أو وباء، يحتاج إلى تدخل مستعجل للحكومة، لاتخاذ ما يلزم من التدابير الكفيلة بالتصدي وحصر المخاطر المحدقة بصحة وسلامة الأشخاص، أو بالنظام العام الصحي أو البيئي.

الفقرة الثانية:الاساس القانوني لتسخير الممتلكات الخاصة في حالة الطوارئ

الاصل في الملكيات الخاصة هو حرية التصرف فيها من طرف اصحابها، واللاستثتاء في ذلك وضع قيود عليها في حالات معينة منظمة بنصوص خاصة،وهذا ما جسده  الفصل 35 من دستور المغرب لسنة 2011 بالتنصيص على ما يلي  يضمن القانون حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون،وعليه نطرح التساؤل فيما يخص مدى قانونية الحد من نطاق حق الملكية وممارستها بموجب القانون إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد؟ذلك ان المتتبع لحالات تفشي وباء كورونا واعلان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد ،وعدم قدرة الكثير من مستشفيات القطاع العام في احتواء عدد المصابين بهذا الوباء،وبالاحرى استعاب الحالات التي تستوجب رعاية صحية لمن هم يمتثلون للشفاء ،يستدعي من كل مهتم طرح مدى امكانية تسخير الدولة للملكيات الخاصة من اجل وضعها رهن اشارتها، بغية تفاذي الاكتضاض الذي تعرفه مؤسساتها الصحية.

ان الجواب على تلكم الاسئلة يتطلب منا البحث عن اولوية الحق في الحياة عن باقي الحقوق الاخرى
فالحق في الحياة هو أولى الحقوق لكل إنسان،ويحمي القانون هذا الحق،وفي حالة تعرض هذا الحق للتهديد بسبب طوارئ فوجائية او وقائع كارثية تتعرض لها البلاد والتي يكون لها مساس بالحق في الحياة ، نرى انذاك انه يصبح لازما
على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد،والتي  تصيب جانبا من الاسقرار و الامن الصحي لمواطنيها،وفي هذا السياق فإنه اذا كان القانون يحمي ملكيات الخواص ويضمن للافراد حرية الاستأثار بها، فإنه وفي حالات ضيقة يرد عليها قيد المنفعة العامة،ولاشك ان الحق في الحياة حق يسمو ولا يعلى عليه،لذلك ومن اجل احتواء عدد الاشخاص المصابين بداء كورونا،ومن وجهة نظرنا في الموضوع ،فإن تسخير الممتلكات الخاصة من قبل الدولة،في ظل حالة الطوارئ هاته له مايبرره من الناحية الواقعية و القانونية،فقد جاء في مضمون الفصل 37 من الدستور ،ما مفاذه  انه على جميع المواطنات والمواطنين احترام الدستور والتقيد بالقانون.،ويتعين عليهم ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداء الواجبات،وفي هذا السياق نرى انه ليس هناك من واجب يقدمه اصحاب الملكيات الخاصة لفائذة وكنهم اكثر من واجب تقديم يد المساعدة و المعونة لضحايا وباء كوفيذ،كما ان الدستور المغربي خص مجال امكانية  تأميم المنشآت ونظام الخصخصة،بقوة القانون،حيث ينص الفصل 71 على ما يلي:
يختص القانون، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور، بالتشريع في الميادين التالية:
مبادئ وقواعد المنظومة الصحية
– تأميم المنشآت ونظام الخصخصة.
ان مبرر تسخير الممتلكات الخاصة من طرف الدولة،لا يجد سنده فيما هو واقعي فحسب،ولكن يجد دواعيه حتى من الناحية القانونية،فمنذ إعلان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد ،وبعدها صدور
مرسوم بقانون رقم 292.20.2 صادر في 28 من رجب 1441
)23 مارس 2020 )يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الاعلان عنها،هذا الاخير الذي مد للحكومة صلاحية
اتخاد جميع التدابير الالزمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات،من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية
للمرض،وهذا مااشارت اليه المادة الثالثة من المرسوم المذكور اعلاه بقولها، على انه بالرغم من جميع الاحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بهاالعمل، تقوم الحكومة، خلال فترة إعالن حالة الطوارئ، باتخاذ جميع التدابير الالزمة التي تقتضيها هذه الحالة، وذلك بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبالغات،
من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية
للمرض، وتعبئة جميع الوسائل المتاحة لحماية حياة الاشخاص وضمان سلامتهم،وعلية يمكن للحكومة ان تصدر قرارات تنظيمية و ادارية من اجل تسخير الممتلكات الخاصة ،كلما دعت الظرورة الى ذلك من اجل تحقيق منفعة عامة تقتضيها حالة الطوارئ الصحية بالبلاد،وفي نفس السياق نصت المادة الخامسة من مرسوم الطوارئ الصحية ،على انه
يجوز للحكومة، إذا اقتضت الضرورة القصوى ذلك، أن تتخذ، بصفة استثنائية، أي إجراء ذي طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي يكتسي صبغة الاستعجال، والذي من شأنه إلاسهام، بكيفية
مباشرة، في مواجهة الاثار السلبية المترتبة على إعالان حالةالطوارئ الصحيةالمذكورة،وعلى نفس المنوال ،وبالنظر إلى ما تقتضيه الضرورة الملحة من تدابير يجب اتخاذهالمواجهة تفشي فيروس كورونا -كوفيد 19، جاء مرسوم رقم 293.20.2صادر في 29 من رجب1441( 24 مارس 2020) المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا -كوفيد    19،لينص في مادته الثالثة،على امكانية ان يتخذ ولات الجهات وعمال العمالات والاقاليم،بموجب الصلاحيات المخولة لهم طبقا للنصوص
التشريعية والتنظيمية، جميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ
النظام العام الصحي في ظل حالة الطوارئ الملعنة، سواء كانت هذه التدابير ذات طابع توقعي أو وقائي أو حمائي، أو كانت ترمي الى فرض أمر بحجر صحي اختياري أو إجباري،أو فرض قيود مؤقتة ، أو إقرار أي تدبير آخر من تدابير الشرطة الادارية،وهو الطرح الذي يزكيه مضمون الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 168.75.1 الصادر في
25 من صفر 1397( 15 فبراير 1977 )المتعلق باختصاصات العامل،كما وقع تغييره وتتميمه؛حيث يكفل احقية العامل بالمحافظة على النظام في العمالة أو الأقاليم،بل إن منطوق المواد رقم 100، 110 و236 بالقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، تتناولت الشرطة الإدارية المخولة لكل من السلطات المحلية المعينة و المنتخبة في اتخاذ تدابير الضبط الاداري في المجالات الصحية،حيث تنص المادة 110من  مقتضيات القانون رقم 113.14 على انه
تخول  للعامل او من ينوب عنه صلاحيات واسعة من اجل
المحافظة على النظام والأمن العمومي بتراب الجماعة؛بما فيهاتسخير الأشخاص والممتلكات،في حين نصت المادة 100من نفس  القانون ،على انه
مع مراعاة أحكام المادة 110 ، يمارس رئيس مجلس الجماعة صلاحيات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فردية تتمثل في الإذن أو الأمر أو المنع،ولهذا الغرض خص القانون رؤساء الجماعات الترابية بصلاحيات
اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتجنب أو مكافحة انتشار الأمراض الوبائي أو الخطيرة، وذلك طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها،بما فيها تنزيل مقتضيات
مرسوم رقم2.78.157 الصادر بتاريخ( 26 ماي 1980) بتحديد الشروط التي تنفذ بها تلقائيا التدابير الرامية إلى استتباب الأمن وضمان سلامة المرور والصحة والمحافظة على الصحة العمومية.

الفقرة التالثة:رقابة القاضي الاداري و تطبيق قاعدة الموازنة في تسخير الممتلكات في حالة الطوارئ

يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون،فقد في
الفصل 118 من الدستو على ان حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون.فكل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يُمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة،لذلك فكل متضرر من اي قرار اداري وتنظيمي يصح له رفع شكواه للجهات القضائية المختصة،من اجل المطالبة بحبر الضرر الذي اصابه،من هذا المنطلق نتسأل على يصح لمن تم تسخير ممتلكاته الخاصة من طرف الدولة من اجل احتواء مرضى كوفيذ 19ان يتقدم للقضاء من اجل المطالبة بجبر الضرر باعتبار واقعة تسخير ممتلكاته الخاصة تجسد حالة من حالات الاعتداء المادي؟.
الاصل و المبدأ أن احتلال الشخص العام لأرض الغير دون سند قانوني وإنشاء مرفق عام فوقها يعتبر غصبا للملك ويستوجب تعويضا كاملا جابرا للضرر ،وذلك في اطار مقتضيات الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود  والذي ينص على “أن الدولة والبلديات مسؤولة عن الأضرار الناجمة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها،
تماشيا مع مقاصد المشرع من خلال قانون 90/41 الذي منح ولاية النظر في قضايا الاعتداء المادي للقصاء الاداي، بحيث خول للقاضي الإداري دورا مهما في حماية حقوق المواطنين وصيانتها من تعسف الدولة والإدارة، وبالتالي في حماية الملكية العقارية،وهكذا جاء في احدى قرارت المجلس الأعلى عدد 74 الصادر بتاريخ 12/03/1993 “أن الاعتداء المادي غير مرتبط بأي نص تشريعي أو تنظيمي وأن كل تصرف الإدارة خارج الإطار القانوني يعتبر من قبيل الاعتداء المادي ،وعليه اذا كان الاعتذاء المادي يجد ملاده في غياب السند القانوني للقرار الاداري والتنظيمي ،فإننا نرى انه لا يكمن اسقاط حالة الاعتداء المادي على قرارات تسخير الدولة للملكيات الخاصة من اجل تلافي شيوع داء كورونا ،لكون الدعامة القانونية لتلكم القرارات تستند كما اوضحنا سابقا على مجموعة من الاسانيد القانونية و التنظيمية التي تنأى بعيدا عن عيب المشروعية،هاذ من جهة ،ومن جهة اخرى فالقاضي الاداري وهو يبت في قضايا الاعتداء المادي دائما يراعي
نظرية الموازنة تقتضي،مراعاة المصلحة العامة،وكينونيتها،ف جميع المواطنين ملزمون باحترام الدستور والتقيد بالقانون، ويتعين عليهم ممارسة الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، التي تتلازم فيها ممارسة الحقوق بالنهوض بأداءالواجبات،والقاضي الاداري من خلال عمله
يهدف إلى تفعيل أحكام الدستور ونقل الحقوق المنصوص عليها فيه من حالة السكون إلى حالة الحركة،هذه الحركة التي لا يمكن لمسها الا من خلال يقضة القاضي الاداري واجتهاده بالوقوف على تطبيق المبادئ العامة،فسلطة رئيس  الحكومة في  إضافة مؤشرات أو معايير أخرى لقياس مدى جسامة وخطر انتشار عدوى كوفيد 19 بين الأفراد والأسر المصابة ،هي من قبيل الملاءمات المتروكة للجهة الإدارية تستقل بتقديرها دون معقب عليها من القضاء، طالما أن تصرفها  بعيدا عن مظنة الإنحراف بالسلطة، ومن ثم، فإن اتخداذ الحكومة ومصالحها،لقرارت ادارية او تنظيمية تهدف من خلالها حصر المرض ومنع انتشاره،بما في ذلك تسخير الممتلكات الخاصة لخدمة الصالح العام في ظل عدم كفاية المؤسسات الصحية العمومية لا يمثل قرارا سلبيا،طالما يهدق من وراءه استدراك حالة طارئة تستوجب التدخل المستعجل،والا كان قصورها في ذلك يرتب مسؤوليته عن ما قد يطرأ من امور لا تحمد عقباها.
إن نظرية الظروف الطارئة تقوم على فكرة العدالة المجردة التي هي قوام القانون الإداري كما أن هدفها تحقيق المصلحة العامة فغاية الحكومة و الجهة الإدارية الموضوعة رهن اشارتها، هو كفالة حسن سير المرافق العامة باستمرار وانتظام وحسن أداء الأعمال والخدمات المطلوبة وسرعة إنجازها، كما أن هدف المتعاقد مع الإدارة بشأن تسخير ممتلكاته الخاصة لتقديم وظيفة الرعاية الصحية للمصابين ،هو المعاونة في سبيل المصلحة العامة،على اعتبار ان حالة الطوارئ الصحية تبرر ذلك، طالما أن المصلحة العامة هي المحدد في هذه التدابير الاستثنائية التي يجوز اتخاذها بمراسيم أو مقررات تنظيمية أو إدارية أو بمناشير، وعند الاقتضاء، عن طريق البلاغات فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى