في الواجهةمقالات قانونية

الإختصاص القضائي في الدعاوى الإستهلاكية دوافع التعديل والحصيلة  دراسة على ضوء العمل القضائي و قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك   – مولاي إدريس مرجان

الإختصاص القضائي في الدعاوى الإستهلاكية

دوافع التعديل والحصيلة

 دراسة على ضوء العمل القضائي

و قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك

 

                                            

مولاي إدريس مرجان

طالب باحث  بشعبة القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية والسياسية سطات

 

مقدمة

ان للإنسان حياة سياسية واقتصادية واجتماعية فضلا عن الحياة الجسدية فبينما تشكل الحياة الجسدية حياة الانسان بصفته كائنا حيا فان الحياة الاجتماعية هي حياة الانسان بصفته كائنا اجتماعيا وحياته الاجتماعية رهينة في استقامتها بتلبية مجموعة من الرغبات والحاجيات انطلاقا من الضروريات وانتهاء بالتحسينات ولعل اهم ما يرهن الانسان في وقتنا الحالي الرغبات الاستهلاكية باعتبار الانسان كائن استهلاكي بالدرجة الاولى ولطبيعته هذه تجعله يقدم على ابرام عقود استهلاكية بهدف اشباع رغباته ومن الطبيعي ان تنشأ  خلافات بين اطراف العقود المختلفة ومن بينها العقود الاستهلاكية فينشأ النزاع بين المستهلك ومزوده بالسلعة او الخدمات من جراء التصرفات التي يبرمها من اجل اشباع حاجياته الشخصية ومما يميز هذه النزاعات الاستهلاكية الاختلال الكبير وعدم التوازن بين الاطراف حيث كسب الطرف الأكثر قوة قدرة وخبرة تجعله يقوى بإملاء شروط وبنود على الطرف الضعيف المستهلك دون تدخل منه ، ما يتطلب حلول إرادة ثالثة محل ارادة المستهلك لإعادة التوازن ومساواة الكفتين بين اطراف العلاقة التعاقدية في سبيل تحقيق أمن قضائي   يعكس رغبة المشرع في القضاء على بعض الممارسات التعسفية التي تصدر عن المهنيين للتأثير على المستهلك وذلك بإفرار نصوص تشريعية تخول حماية قانونية من خلال حقوق المستهلك وأخرى قضائية إجرائية للمعنيين بها  تفعيلا للنصوص الدستورية[1] الضامنة لحق التقاضي، وقانون حماية المستهلك اهتم بمظاهر هذه الحماية التي من أبرزها إقرار مساطر يسيرة ومبسطة لأن أي حماية قضائية تكون جافة ما لم تقترن بتبسيطات مسطرية  تسهل مأمورية الولوج إلى القضاء سواء من خلال توسيع صلاحية القاضي في مجال حماية المستهلك او من خلال تخصيص  المستهلك بضمانات خاصة باعتباره الاجدر بالحماية لإختلال التوازن على حسابه نظرا لضعف مركزه الاقتصادي، ولتقريب  المستهلك من مجمل الضمانات التشريعية  والقضائية فلابد من اسناد الاختصاص اولا لجهات قضائية قريبة من المستهلك وتحديده بشكل يراعي بساطة وضعف المستهلك ويسمح بتمكينه هامش من التوازن بينه وبين المهني، وعليه سنحاول في هذه الدراسة التطرق للاختصاص وفقا لما جاء بقانون 31.08[2] الاختصاص النوعي والمحلي  (المطلب الاول )   على أن نتطرق  لمحدودية القواعد الاجرائية ومؤيدات التعديل في ( المطلب الثاني ).

 

المطلب الأول : الإختصاص  القضائي  في الدعاوى الإستهلاكية

يقصد بالاختصاص في نظر بعض الفقه صلاحية المحكمة للبت في الدعوى المعروضة عليها، ويعرفه البعض الآخر انطلاقا من علاقته بالولاية القضائية قائلا: “إذا كانت الولاية تعني سلطة الحكم بمقتضى القانون الممنوحة لكافة محاكم الدولة فإن الاختصاص هو نصيب كل محكمة من هذه الولاية ويميز عادة في الاختصاص بين الوظيفي والنوعي والمحلي أو المكاني، فأما الاختصاص الوظيفي فهو الذي يحدد الجهات القضائية المختلفة ونصيبها من ولاية القضاء معتدا في ذلك بطبيعة الدعوى، أما الاختصاص المحلي أو المكاني فهو الذي يعطي للمحكمة صلاحية الفصل في الدعوى بناء على أساس جغرافي تحقيقا لمصالح الخصوم وتقريبا للقضاء من المتقاضين أما الاختصاص النوعي فهو الذي يمنح النظر لمحكمة ما بناء على نوع الدعوى (مدنية، أو تجارية أو إدارية ).[3]

وعليه سنقتصر في هذا المطلب على دراسة الاختصاص المحلي (الفقرة الأولى) ثم الإختصاص النوعي في الفقرة (الثانية ).

الفقرة الأولى : الإختصاص المحلي في النزاعات الإستهلاكية

يقصد بالاختصاص المحلي عموما تحديد المحكمة المختصة مكانيا من بين المحاكم التي هي من نفس الصنف ومن درجة واحدة والموزعة جغرافيا في أماكن مختلفة داخل الدولة، وبشكل خاص هو سلطة المحكمة للنظر في نزاعات معينة تدخل ضمن دائرته الترابية فهو يقوم على تحديد المجال الترابي لكل محكمة في إطار النظام الذي يخضع له، و يقوم على عدة مبادئ أهمها رعاية مصلحة الخصوم، حيث يتقرر عادة المحكمة قريبة من محل الإقامة أو محل النزاع ،[4]     و إلى حد قريب كان الإختصاص القضائي  المحلي سواء في قانون المسطرة المدنية[5] أو قانون إحداث المحاكم التجارية يتحدد من خلال مبدأ واحد و عام وهو أن الاختصاص المكاني يعهد للمحاكم التي يوجد بدائرة نفوذها موطن المدعى عليه الحقيقي أوالمختار أو محل إقامته في حالة انعدام موطن له، والملاحظ أن الموطن الحقيقي هو المناط الأول في منح الاختصاص للمحكمة مكانيا ويقصد به المقر الحقيقي الذي يباشر فيه الشخص عادة أنشطته وأعماله، أما الموطن المختار فهو المقر الذي يختارهالشخص لمباشرة عمل من أعماله [6]، من خلال هذا المنطلق والمبادئ العامة الإجرائية فإن المستهلك في حالة نزاعه مع المورد فهو ملزم برفع دعواه امام محكمة الموطن الحقيقي او المختار للمهني متی كان هذا الأخير هو المدعى عليه ويزداد الأمر صعوبة متى تعلق الأمر بمنازعة حول تنفيذ عقد ذا طابع دولي خاصة امام تنامي عقود التجارة الالكترونية التي يكون اطرافها غالبا من جنسيات مختلفة وكل من الأطراف العقد في موطن او مدينة مختلفة من هنا يتضح مدى صعوبة الولوج للقضاء بالنسبة للمستهلك مما يضطره في بعض الحالات إلي عدم طرق أبواب القضاء وتجدر الإشارة إلى أن قواعد الاختصاص المحلي ليست من النظام العام  وهو ما يعني أنه  يجوز للأطراف مخالفتها ، يجب إثارته قبل كل دفع او دفاع مع تعيين المحكمة المختصة من طرف مثير الدفع تحت طائلة عدم القبول ،  يجوز للمحكمة إثارته تلقائيا ، لا يمكن إثارته لأول مرة أمام المجلس الأعلى وإنما يجب إثارته قبل المناقشة في الجوهر إبتدائيا وهذا ما فسح  المجال أمام المهني لإستغلال تفوقه وقوته الاقتصادية على المستهلك فيقوم تبعا لذلك بتحديد محكمة موطنه كمحكمة مختصة محليا للنظر في النزاعات التي تنشأ بينهما وهم بصدد تنفيذ العقد الرابط بينهما ،بالرغم  من أن المشرع لم يؤكد صراحة كما فعل مع المادة 111 في كون مقتضيات المادة 202 من النظام العام، لكن تبقى الفلسفة التي وضع من أجلها قانون حماية المستهلك تقتضي تفسير النصوص القانونية بما يخدم مصلحة المستهلك وانطلاقا من كون الاختصاص المحلي في قضايا الاستهلاك من النظام العام فإنه يترتب على ذلك أنه :

  • لا يمكن للخصوم الاتفاق على رفع دعوى أمام محكمة غير مختصة محليا بصورة مطلقة
  • للأطراف التمسك بالدفع بعدم الاختصاص المحلي في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض عند الطعن بالنقض
  • تعين على المحكمة إثارته تلقانيا ولو لم يطلبه الأطراف على النيابة العامة سواء كان تدخلها إلزاميا أو اختيارا، إبداء الدفع بعدم الاختصاص المحلي

وهو ذاته التوجه الذي بدأت تسلكه المحاكم المغربية سواء منها الابتدائية أو التجارية في تطبيقاتها لمقتضيات ق 08-31 ، في علاقتها بالاختصاص المحلي. ففيما يخص المحاكم الابتدائية نجد بأنها قضت في حكم لها صادر بتاريخ2012/07/02 بأنه: حيث أن الدعوى مؤسسة على عقد القرض الرابط بين الطرفين والذي يخضع لأحكام قانون حماية المستهلك رقم 08-31المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 1/04/07 201 وحيث جاء في المادة 111 من قانون رقم 08-31 أنة يجب أن تقام الدعاوى للمطالبة بأداء المديونية الناجمة عن عقد القرض  أو عقود الإيجار المقرون بوعد بالبيع أومع خيار الشراء أمام محكمة موطن أو محل إقامة المقترض، وهذا المقتضى القانوني هو من صميم النظام العام انسجاما مع ما ورد بالمادة 151 من هذا القانون وحيث جاء كذلك بالمادة 202 من هذا القانون أنه في حال وقوع نزاع بين طرفي عقد القرض أي كل من المقرض والمستهلك أو المدين المقترض فإن المحكمة المختصة تكون هي محكمة موطن المقترض وذلك بالرغم من أي  شرط مخالف وحيث إن موطن أو محل إقامة المدعى عليه في نازلة الحال يوجد خارج دائرة النفوذ الترابي لهذه المحكمة وحيث إن مقتضيات هذا القانون الجديد دخلت حيز التنفيذ من تاریخ نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية تطبيقا للمادة 197 التي أوجبت تطبيق هذا القانون بمجرد نشره، وما دام أن الدعوى المرفوعة إلى هذه المحكمة مسجلة بتاريخ لاحق على دخول هذا القانون حيز التطبيق فإنها تبعا لذلك تكون خاضعة لبنوده وحيث إن هذه التدابير المنظمة  للعلاقة التعاقدية  بين المستهلك والمورد أو المؤسسة المقرضة هي من النظام العام لا يجوز للأطراف الاتفاق على ما يخالفها وتبعا لذلك فإن المحكمة وخلافا للقواعد الخاصة بالاختصاص المحلي المشار إليها بقانون المسطرة المدنية، فإنها تتدخل من تلقاء نفستها لمراقبة مدی احترام الأطراف لإرادة المشرع التي تتجه إلى حماية حقوق المستهلك بالزام المؤسسة المقرضة بمقاضاة المدين أمام محكمته المختصة وهي محكمة موطنه الحقيقي أو المختار  وطالما أن المدعی عليه في النازلة يخضع لهذا القانون المنظم للعلاقة التعاقدية بين الموردين والمستهلكين وبما انه يقطن بمدينة بن سليمان فإن المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء تطبيقا للمادة 202 من قانون رقم 08-31 تكون غير مختصة محليا للبث في النزاع ، وحيث إن مقتضيات النظام العام لا يجوز للأطراف مخالفتها باتفاقاتهم الخاصة كما يجب على المحكمة أن تثيرها تلقانيا  مما يتعين مع التصريح بعدم الاختصاص المحلي مع إحالة الملف إلى المحكمة المختصة”[7]

وهو نفس التوجه الذي سلكته المحكمة التجارية بالدار البيضاء في الأحكام الصادرة عنها بخصوص قضايا الاستهلاك سواء تعلق الأمر بقروض استهلاكية أو بعقود الإئتمان إيجاري وهو ما يتضح من خلال حكم لها صادر بتاريخ 1/12/20 201 قضي بأنه : حيث إن الدعوى مؤسسة على عقد ائتمان إيجاري مؤرخ في  2011 يربط الطرفين والذي يخضع الأحكام قانون المستهلك رقم 08-31 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ وحيث جاء بالمادة 111 من قانون رقم 08-31 أنه يجب أن تقام الدعاوی للمطالبة بأداء المدينوية الناجمة سواء عن عقد القرض أو عقود  الإيجار المقرون بوعد بالبيع أي مع خيار الشراء أمام محكمة موطن أو محل إقامة المقترض، وهذا المقتضى القانوني هو من صميم النظام العام انسجاما مع ما ورد بالمادة 151 من هذا القانون وحيث جاء كذلك بالمادة 202 من هذا القانون أنه في حال نزاع بين طرفي عقد القرض أي كل من المقرض والمستهلك أو المدين فإن المحكمة المختصة تكون هي محكمة موطن المقترض وذلك بالرغم من وجود شرط مخالف وحيث إن مقتضيات هذا القانون الجديد دخلت حيز التنفيذ من تاریخ  نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية تطبقا للمادة 197 التي أوجبت هذا القانون بمجرد نشره ومادام أن الدعوى المرفوعة إلى هذه المحكمة مسجلة بتاريخ لاحق على دخول هذا القانون حيز التطبيق فإنها تبعا لذلك تكون خاضعة لبنوده وحيث إن هذه التدابير المنظمة  للعلاقة بين المستهلك والمورد أو المؤسسة المقرضة هي من النظام العام لا يجوز للأطراف الاتفاق على مايخالفها، وتبعا لذلك فإن المحكمة وخلافا للقواعد الخاصة بالاختصاص المحلي المشار إليها بقانون المسطرة المدنية، فإنها  تتدخل تلقائيا وتثير من تلقاء نفسها مدی احترام الأطراف لإرادة المشرع التي تتجه إلى حماية المستهلك بالزام المؤسسة المقرضة بمقاضاة المدين أمام محكمته المختصة يخضع لهذا القانون المنظم للعلاقة التعاقدية بين الموردين والمستهلكين وبما  أنه يقطن بمدينة وجدة فإن المحكمة التجارية بالدار البيضاء وتطبيقا للمادة 202 من قانون رقم 08-31 تكون غير مختصة محليا للبت في النزاع [8].

الفقرة الثانية : الإختصاص النوعي  في الدعاوى الإستهلاكية

 إن أهمية الإختصاص النوعي في نزاعات الإستهلاك تنبع اساساً من خصوصية

قانون حماية المستهلك المغربي الذي يوصف بأنه قانون متعدد الأبعاد يجمع بين عدة فروع

قانونية   منها ما هو مدني ومنها ما هو إداري ومنها ما هو زجري[9]  والاختصاص النوعي معناه توزيع العمل بين المحاكم المختلفة داخل الجهة القضائية الواحدة  بحسب نوع القضية اي بالنظر إلى طبيعة الرابط القانوني محل الحماية وبمقتضاه يتعين تحديد صنف ودرجة المحكمة التي تنظر في الدعوی[10]  وفي هذا الصدد نجد كذلك محكمة النقض قد عرفت مفهوم الاختصاص النوعي في أحد قراراتها باعتباره “سلطة الفصل في المنازعات بناء على نوع النزاع أو طبيعته فضابط الاسناد الذي يخصص محكمة معينة وفقا للمعيار النوعي المستند على نوع النزاع وذلك لا يتصور قيامه الا بين جهتين قضائيتين مختلفتين كالمحكمة الإدارية والتجارية او بين احدى هاتين المحكمتين والمحكمة الابتدائية وبین اقسام نفس المحكمة او احد هذه الأقسام، ومؤسسة الرئيس كقاضي المستعجلات او بمناسبة عرضه عليه  بالصفة الرئاسية” [11]من خلال ما سبق يتبين لنا أهمية الاختصاص النوعي بصفة عامة وبالنسبة للمستهلك بصفة خاصة الذي يعتبر كما هو معلوم الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية التي تجمع بينه وبين المهني لذا فالمشرع المغربي خرج عن القواعد العامة التي تنظم الاختصاص النوعي وهي المنصوص عليها في ظهير 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي والقوانين الخاصة ونقصد هنا القانون المحدث للمحاكم الإدارية والقانون المحدث المحاكم التجارية وأصدر القانون 13678.20 الذي غير وتمم المادة 202 من القانون 31.08 حيت أصبحت هذه المادة تنص بعد التعديل  ” في حالة نزاع بين المورد والمستهلك ورغم وجود أي شرط مخالف فان الاختصاص القضائي النوعي ينعقد حصريا للمحكمة الابتدائية وتعتبر المحكمة المختصة مكانيا محكمة موطن او محل اقامة المستهلك او محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المتسبب في الضرر، باختيار هذا الأخير “  ومن خلال هذه المادة يظهر بان المشرع المغربي قد حدد الإختصاص النوعي في المحكمة الابتدائية وهذا ما يؤيده حكم صادر عن المحكمة التجارية بفاس بتاريخ 19 يناير 2021 في الملف عدد 17 20/8210/1 حيث جاء فيه ” النزاعات القائمة بين المورد والمستهلك أصبح اختصاص النظر بالبت فيها من اختصاص المحكمة الابتدائية وجوب الإشارة إلى عدم الاختصاص النوعي للمحكمة التجارية تلقائيا وفي الأخير نخلص إلى آن المشرع المغربي باسناد الاختصاص للمحكمة الإبتدائية تجاوز بذلك الصعوبات التي كان يواجهها المستهلك إزاء الاختصاص للمبادئ العامة وبهذا يكون هذا التعديل مكسبا اخر للمستهلك وتيسيرا له في طرق أبواب القضاء بأبسط الاجراءات المسطرية.[12]

 

 

المطلب الثاني: محدودية القواعد الاجرائية ومؤيدات التعديل

ان القاعدة القانونية قد يعجز مضمونها في بعض الحالات عن ضمان حسن تنفيذ العقود بصفة عامة وتلك الرابطة بين  طرف مهني واخر مستهلك بصفة خاصة وذلك نظرا لعدم إلتزام احد الاطراف او كلاهما بمضمونها او لمحاولة احدهما فرض سيطرته على الطرف الاخر ومحاولة التملص من تنفيذ التزاماته بالشكل الذي يضمن عدالة الاداء لذلك يبقى القضاء هو السبيل الاوحد مادام الافراد لا يحق لهم تحقيق العدالة بانفسهم والا سادت الفوضى وأصبحت العقود عبثية لان حسن تنفيدها هو مناط وجودها مما حدى بالمشروع الى إقرار قواعد حمائية تشريعة وأخرى قضائية لكن ما تجدر الإشارة إليه أن هذه الآليات التشريعية   ذات طابع حمائي للمستهلك تبقى قاصرة وعاجزة عن تحقيق الغرض منها دون حماية قضائية لأن الحماية القضائية تعتبر من أهم المعايير التي يقاس بها تقدم قوانين الإستهلاك وتطورها فكلما تضمنت هذه القوانين قواعد توفر الحماية القضائية بأقرب الطرق وابسط الإجراءات وبأقل التكاليف إلا وكان القانون حمائيٍ وبمفهوم المخالفة كلما  شابت الحماية القضائية تعقٌيد في الإجراءات وارتفاع التكاليف المادية ونزوحٍ نحو اسناد الإختصاص لمحاكم بعيدة عن المستهلك إلا  وكان القانون موسوماً بالتخلف والرجعية ، إن المركز الضعيف للمستهلك يفرض على المشرع الخروج على  المبادئ العامة المنظمة للقواعد القضائية الواردة في النصوص العامة لأنها اثبتت قصورها في تمكين المستهلك من طرق أبواب العدالة وعن  تحقيق تسوية منصفة للنزاع اتجاه المورد المتمتع بالقوة الإقتصادية وهو ماجعل المشرع يتدخل لمجموعة من الاسباب التي من ابرزها حسم الاختلافات على مستوى الفقه والقضاء الدائرة حول المحكمة المختصة في الدعاوى الإستهلاكية هل المحكمة الإبتدائية باعتبارها ذات الولاية العامة أم التجارية .وهو ماتأتى بتعديله للمادة 202 من قانون حماية المستهلك التي تنص على ”  أنه في حال نزاع بين المورد والمستهلك ورغم وجود أي شرط مخالف فإن الاختصاص القضائي النوعي ينعقد حصريا للمحكمة الابتدائية” فهل هذا التعديل أعاد اعتبارا  للمستهلكين ؟ وهل تضمن في طياتها مكاسب جديدة وضمانات تسهل ولوج المستهلك للعدالة وتقوية مركزه في مواجهة المهني ؟  للإجابة على هذه التساؤلات لابد من التطرق أولا إلى مؤيدات التعديل القضائي ( الفقرة الأولى ) على أن نتطرق الآثار الناجمة عن هذا التعديل في ( الفقرة  الثانية )

الفقرة الأولى : مؤيدات التعديل القضائي

لقد تعددت الدوافع التي أخذت بالمشرع نحو تعديله للمادة 202 من قانون تدابير حماية المستهلك  ومن أهمها فكرة تقريب القضاء من المستهلك على اعتبار أن المحاكم التجارية من حيث العدد لاتغطي جميع تراب المملكة عكس المحاكم الإبتدائية التي لها انتشار واسع على جميع ربوع المملكة كما ان هذه التعددية الموجودة على مستوى المحاكم الإبتدائية يساعد المستهلك  الى حد كبير على طرق أبواب العدالة ، فمن منطلق تقريب القضاء من المواطن المستهلك يظهر ان هذا التعديل يخدم مصلحة المستهلك  الطرف الجدير بالحماية وصون حقوقه ، كما يوفر للمستهلك حماية خاصة على مستوى الإختصاص القضائي إذ كل ما كانت قواعد الإختصاص واضحة ستستتبعها بساطة الإجراءات المتاحة للمستهلك وفعايلتها ونجاعتها خاصة وهي مؤطرة بضمانات تشريعية واسعة ومهمة فضلا عن تلبيتها لنداء القانون 31.08  الرامي الى خلق توازن بين المهني والمستهلك لاسيما التوازن الإجرائي على مستوى التقاضي بين أطراف  العلاقة التعاقدية،  مع استحضار  كذلك ضعف المستهلك امام القوة الاقتصادية التي تتجلى في مختلف الاشهارات والاعلانات التي توجه إليه سواء الصحيحة منها او الكاذبة، وبذلك فإعطاء  الاختصاص النوعي في المنازعات المتعلقة بالعقود الاستهلاكية الى المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة مسألة تجد اساسها من خلال الممارسة القضائية  لاسيما من خلال عمل محكمة النقض التي كرست هذا التوجه  ، كما ان  هذا التدخل من طرف المشرع لاقرار تعادل بين   ومستهلك يتلقى اشهارات ربما مزيفة ربما تتحكم في الاحاسيس كي يغوى بشراء سلعة ما و في مواجهة مورد يمتاز بالقوة الاقتصادية . فهل فعلا هذا التعديل كان المشرع  موفقا فيه ام ان الامر لازال في حاجة الى تعديلات تقع على عاتق القانونين  والحقوقيين وللحسم في القضية فالمشرع كان  موفقا من  الناحية الاجرائية  بشكل واضح  لأن اقرار اختصاص المحكمة الإبتدائية للبت في هذه المنازعات فيه حماية اجرائية للمستهلك بشكل يجعله سيبقى بمنآى عن البحث عن المحكمة المختصة هل  المحكمة التجارية او المحكمة الابتدائية علما  امكانية الطعن متاحة في الاحكام التي تصدر بالاختصاص وطبعا بشكل سيؤدي الى هدر الزمن القضائي للطعن في هذا الحكم ومراجعة المحكمة غير المحكمة التي بتث في الملف وبالتالي فالبرلمان كان موفقا في تعديل هذه المادة رغم  ان هذا التعديل كان متأخرا شيئا ما لاسيما مع حدة الاختلاف القائم على مستوى  العمل القضائي بشأن الإختصاص النوعي فيما يتعلق بالعقود الاستهلاكية لكن اكيد بانه مند 2010 اصبحت المحاكم كلها تكرس الاختصاص للمحاكم الابتدائية للبت في الطلبات المتعلقة بالعقود الاستهلاكية وهنا  بالاضافة الى هذه المحدودية  ما يزكي الطرح الذي ذهب اليه البرلمان القاضي بمنح الإختصاص للمحاكم الابتدائية هي محدودية انتشار المحاكم التجارية في التراب الوطني  تيسيرا للمستهلك في طرق باب القضاء وفي المطالبة بالحماية القضائية بمختلف الحقوق المترتبة عن العقود الاستهلاكية  لكن ماتجدر الإشارة إليه أن المحاكم التجارية كذلك استبقت الأمر وأكدت بأن منح الإختصاص للمحاكم التجارية في اطار بنود وشروط عقد القرض الإستهلاكي  يدخل في باب الشروط التعسفية المنصوص عليها في البند 17 من القانون 31.08  المتعلق القاضي بتدابير حماية المستهلك واعتبر القضاء بان تضمين هذا الشرط اعطاء الاختصاص للمحاكم التجارية يعتبر شرطا تعسفيا يتعين الغاؤه بعلة انه يعتبر عرقلة للحماية القضائية وللحماية الاجرائية للمستهلك في إقامة دعوى قضائية او اللجوء الى طرق الطعن وهذه المسألة ربما بعض النظم اوالانظمة القانونية المقارنة كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا اذا رجعنا للجنة الشروط التعسفية بفرنسا نجدها  اوصت  بالغاء الشروط التي تؤدي إلى عدم تطبيق القواعد القانونية المتعلقة بالاختصاص.

 

الفقرة الثانية : الآثار المترتبة على التعديل القضائي

إن المتتبع للشأن القضائي والقانوني يدرك ان أصواتا تعالت على اختلاف مشاربها تنويها يالتعديل التشريعي للمادة 202 من قانون 31.08 ، وحتمي ان لكل شيء إيجابياته وسلبياته ومن إيجابيات هذا التعديل انه بمثابة رافعة قضائية للمستهلك من خلال تقريب القضاء إليه  مما يجعله كان موفقا ومصيبا  حينما عدل هذه المادة من الناحية الإجرائية   فإنه من  الناحية الموضوعية لم يتفطن ولم يصب  إذ أنه لم يضع نصب أعينه الزمن القضائي المتجلي في السرعة والبساطة والمرونة التي يستفيد منها المستهلك أمام المحاكم التجارية، ولم يعتبر حرية الإنبعاث التي يستفيد منها المستهلك أمام القضاء التجاري ، إذ من الأجدى  على مستوى وسائل   إعطاء  المستهلك وتمكينه من  حرية الاثبات المتاحة في اطار المنازعات التجارية ذلك انه بإسناد الاختصاص  للمحاكم التجارية اكيد بان المستهلك سيستفيد من حرية الاتباث  المتاحة له في اطار المحاكم التجارية ولكن حينما سنعطي الاختصاص للمحاكم الابتدائية اكيد بان هذه المنازعات المتعلقة بالعقود الاستهلاكية ستتسم بطابع المنازعات المدنية والتي لن تخضع لحرية الإثباث بل   ستخضع  لنظام الاتباث المختلط  الأمر الذي سيجعل كل نزاع تفوق  فقيمته  10000 درهم  تماشيا مع مقتضيات الفصل 404 من ظهير الإلتزامات والعقود اتباته كتابة وبهذا يكون المشرع دعم المستهلك  بنص  قانوني ولكن حجب عنه مزايا متعددة وكما نعلم ان الطرف التاجر يكون ملزم برفع دعوته امام  المحكمة التجارية بينما الطرف المدني يكون مخير بين أن يرفعها أمام المحكمة التجارية أو المدنية .هذا بالإضافة إلى هدر الزمن القضائي في إطار المحاكم الإبتدائية عكس نظيرتها التجارية التي تتميز مساطرها وإجراءاتها بالسرعة والمرونة حيث يكون  زمن التقاضي فيها قصير وتكون فيها امتيازات عدة ليست للتاجر كطرف قوي في النزاع بل  للمستهلكين مما يجعل مجموعة من الباحثين الذين توقفوا على المزايا التي حرم منها المستهلك يتسائلون  هل لأمر يتعلق  بحرمان غير مقصود؟ او اجتهاد من طرف المشرع  في اتجاه اعطاء فائدة او قيمة مضافة للمستهلك في حين انه حرمه من قيم مضافة متعددة  يتجلى أبرزها الزمن والقضائي؟ .

 

                               لائحة المراجع

  • القوانين

القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من رييع الأول 1432(18 فبراير 2011)،الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432(7أبريل 2011)

 

  • المؤلفات العامة

الدكتور عبد الكريم  الطالب ،التنظيم القضائي المغربي ، المطبعة  والوراقة  الوطنية  مراكش  الطبعة  الأولى 2003

عبد الكريم الطالب ، الشرح العملي  لقانون المسطرة المدنية ، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش،الطبعة الخامسة 2009

محمد الكشبور ، أثر الحكم بعدم الإختصاص ، دراسة على ضوء القوانين الإجرائية المغربية، مجلة المنتدى، العدد الأول ، أكتوبر 1999

  • الرسائل

فيصل بجة، حماية المستهلك أثناء تنفيذ العقد، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الأعمال شعبة القانون الخاص، جامعة  عبد المالك السعدي، الكلية المتعددة التخصصات تطوان، السنة الجامعية 2015 -2016

  • المقالات

المهدي العزوزي الإختصاص القضائي في نزاعات الإستهلاك، دراسة في ضوء قانون تدابير حماية المستهلك  وأولى الإجتهادات القضائية الصادرة في ظله ، مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون والإقتصاد ، العددان الخامس و السادس.

  • البحوث الجامعية

مولاي إدريس مرجان وعمر آيت الطالب وزكرياء علو ، الحماية القضائية للمستهلك ، بحث لنيل الإجازة في  الدراسات القانونية ، كلية العلوم القانونية والسياسية سطات ، السنة الجامعية 2020-2021

  • المواقع الالكترونية

Marocdroit.com  شريط  ل د سمير ايت ارجدال حول  مستجدات  المادة 202 من  قانون  31.08

 

[1] لاسيما الفصل 118 من الدستور المغربي لسنة 2011  الذي ينص على أن ” حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون”

[2] ظهير شريف رقم 03.11.1 صادر في 14 من ربيع الأول  18 فبراير 2011  بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك منشور بالجريدة الرسمية عدد 5932 بتار يخ 3 جمادى الأولى 1432 ( 7 أبريل 2011 ،) ص 1072.

[3] الدكتور عبد الكريم الطالب، التنظيم القضائي المغربي، الطبعة الأولى، يونيو 2003،الصفحة 85 /86.

[4] محمد الكشبور ، أثر الحكم بعدم الإختصاص، دراسة على ضوء القوانين الإجرائية المغربية، مجلة المنتدى، العدد الأول ،أكتوبر 1999، ص 11

[5] “يكون الإختصاص المحلي لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه إذا لم يكن لهذا الأخير موطن في المغرب ولكن يتوفر على محل إقامة كان  الإختصاص لمحكمة هذا المحلإذا لم يكن للمدعى عليه لاموطن ولا محل إقامة بالمغرب فيمكن تقديم الدعوى ضده  أمام محكمة موطن أو إقامة المدعي أو واحد منهم عند تعددهم إذا تعدد المدعى عليهم جاز للمدعي أن يختار محكمة موطن أو محل إقامة أي واحد  منهم”

[6] عبد الكريم الطالب، الشرح العلمي لقانون المسطرة المدنية، الطبعة الخامسة، الصفحة 61.

[7] حكم المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء عدد 16165 صادر بتاريخ 2012/07/02  ملف رقم 12/24/11017 غير منشور انظر في نفس التوجه

حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء عدد 7221 صادر بتاريخ 2012/03/09 ملف رقم 12/24/8849 غير منشور

حكم آخر صادر عن نفس المحكمة تحت عدد 81 168 بتاريخ 1/07/12 201 ملف رقم 12/24/28602 غير منشور.

أوردهم المهدي العزوزي الاختصاص القضائي في نزاعات الإستهلاك دراسة في ضوء قانون تدابير لحماية المستهلك وأولى الإجتهادات القضائية الصادرة في ظله ، مقال منشور بالمجلة المغربية للقانون والإقتصاد ، العددان الخامس و السادس الصفحة 140

[8] – حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء، تحت عدد 10620 بتاريخ 2011/12/20 ملف رقم 1/6/13172 201،  {غير منشور}

انظر في نفس السياق مجموعة من أحكام المحكمة التجارية بالدار البيضاء

– حكم عدد 3661، صادر بتاريخ 2012/03/21، ملف رقم 1/6/16445 201 {غير منشور}

– حكم عدد 62 36، صادر بتاريخ 2012/03/21ء ملف رقم 46 1/6/164 201 {غير منشور}

– حكم عدد 63 2012/36، صادر بتاريخ 2012/03/21، ملف رقم 47 1/6/164 201 {غيرمنشور}

حكم عدد 64 2012/36، صادر بتاريخ 2012/03/21، ملف رقم 48 1/6/164 201  {غيرمنشور}

حكم عدد 4643 صادر بتاريخ 2012/04/04، ملف رقم 7 1/6/1697 201 {غير منشور}

– حكم عد د 8919، صادر بتاريخ 2012/05/30، ملف رقم 1/6/16700 201 { غير منشور }

= حكم عدد 8920، صادر بتاريخ 2012/5/30، ملف رقم 1/6/16701  201 {غير منشور}

– حكم عدد 6138، صادر بتاريخ 2012/04/25، ملف رقم 06 1/6/170 201  {غير منشور}

– حكم عدد 4 464، صادر بتاريخ 2012/04/04، ملف رقم 1/6/16978 201 {غير منشور}

– حكم صادر بتاريخ 2012/08/30، ملف رقم 40 4 4، {غير منشور}

– حكم صادر بتاريخ 2012/08/30، ملف رقم 41 4 4،  {غير منشور}

كما أن هناك مجموعة من الأوامر الصادرة عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء في إطار القضايا المستعجلة ذهبت في نفس الاتجاه:

– أمر رقم 380 3 بثاريخ 2012/06/05، ملف رقم 2012/13/320، {غير منشور}

-أمر رقم 1087 بتاريخ 2012/01/28، ملف رقم 2012/12/436، {خير منشور}.

أوردهم المهدي العزوزي ، مقال سابق الصفحة 142

[9]فيصل بجة، حماية المستهلك أثناء تنفيذ العقد، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الاعمال شعبة القانون الخاص،  جامعة عبد المالك السعدي، الكلية المتعددة التخصصات تطوان، السنة الجامعية 2015- 2016

[10] المهدي العزوزي ، م س، ص 120

[11] قرار صادر عن محكمة النقض عدد 125 بتاريخ 5/3/2015 ، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض العدد 69 ، السنة 2015 الصفحة 11  وللإطلاع على مزيد من القرارات القضائية الصادرة في الإختصاصي النوعي في قضايا حماية المستهلك  انظر  مقال المهدي العزوزي ، مقال سابق ،  الصفحات  127 ، 128,129,130,131,132

[12] مولاي إدريس مرجان وعمر آيت الطالب وزكرياء علو ،  الحماية القضائية للمستهلك ، بحث لنيل الإجازة في الدراسات القانونية ، تحت إشراف الدكتور أبو بكر مهم ، كلية العلوم القانونية والسياسية سطات ، السنة الجامعية 2020-2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى