ـ التحديد القانوني للأخطاء الجسيمة:
90. لقد حددت المدونة الأخطاء الجسيمة على سبيل المثال وقد اتخذت ثلاث صور:
حالات المادة 39 وحالات المادة 38 وحالات المواد الأخرى .
° لائحة الاخطاء الجسيمة ( م 39):
91. لقد كرست المدونة الاخطاء الواردة في المادة 6 من النظام النموذجي مع تدقيقها كماأضافت أخطاء جديدة.
92. ويمكن تصنيف هذه الاخطاء الى :
أخطاء مرتبطة بالشغل وأخطاء غير مرتبطة بالشغل.
[xyz-ihs snippet=”adsenseAkhbar”]
ـ فالأخطاء غير المرتبطة بالشغل :
تنحصر في فعلين:
§ ارتكاب الأجير جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة صدر بشأنها حكم نهائي سالب للحرية، وعبارة الجنحة تثير التساؤل عن حالة ارتكاب الأجير لجناية؟ وبالطبع فان هذه الحالة أولى باعتبارها خطأ جسيما ولايعدو الامر أن يكون خطأ ماديا ينطوي على مجرد سهو.
§ إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة.والحاق الضرر هنا شرط لازم لقيام الخطأ ممايضع الامر بيد السلطة التقديرية للمحكمة.
ـ أما الأخطاء المرتكبة داخل المقاولة أو أثناء الشغل :
وتتحدد هذه الاخطاء في 13 خطأ: السرقة، السكر العلني، تعاطي مادة مخدرة ، الاعتداء بالضرب، السب الفادح رفض إنجاز شغل من اختصاص الأجير عمدا وبدون مبرر, التغيب بدون مبرر لأكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خلال 12 شهرا متصلة أو منفصلة, إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أو الآلات أو المواد الأولية عمدا أو نتيجة إهمال فادح، ارتكاب خطأ نتجت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل، عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة ترتبت عنها خسارة جسيمة, التحريض على الفساد، استعمال أي نوع من أنواع العنف والاعتداء البدني الموجه ضد أجير أو ضد المشغل أو من ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة.
وهذه الأفعال الواردة ضمن لائحة المادة 39 تثير عدة تساؤلات بصدد كل فعل وظروف ارتكابه وكيفية اعتباره خطأ جسيما بناء على تلك الظروف وهو ما يمتلك بشأنه القضاء سلطة تقديرية خاصة وأنها مشروطة في أغلبها بإلحاق أضرار جسيمة بالشغل وهي مسألة واقعية ونسبية.
وعلى كل فهذه الأفعال المعتبرة أخطاء جسيمة واردة على سبيل المثال وتسمح باعمال السلطة التقديرية من طرف القضاء باعتبار معاييرها الموضوعية كالعمد. والضرر.والخسارة الجسيمة…الخ وهو ماكرسه القضاء طبقا لمبدأ المشروعية والملاءمة.
° الاخطاء الجسيمة حسب المادة 38 م.ش.
93. نصت المادة 38 على أن المشغل بعد استنفاذه العقوبات التأديبية اليسيرة (الواردة في م 37) داخل السنة يمكنه أن يقوم بعد ذلك بفصل الأجير ويعتبر الفصل في هذه الحالة فصلا مبررا.
94. وإذا كانت المادة 37 قد أتاحت للمشغل إمكانية التدرج في العقوبات التأديبية تجاه الاخطاء غير الجسيمة فان ذلك يعني أن انزال عقوبة الفصل بمناسبة خطأ غير جسيم سيؤدي الى اعتبار الفصل تعسفيا دون أن يكون من حق القضاء استبدال هذه العقوبة بعقوبة ملاءمة , وعليه فان تراكم الاخطاء اليسيرة خلال سنة يثير بعض المشاكل العملية ,فمثلا ليس التراكم وحده الذي يعطي الحق في فرض عقوبة الفصل بل يجب حتما أن يكون هذا التراكم مستتبعا بعقوبات تأديبية وهو مايطرح مشكل الاثبات .إثبات ارتكاب الاجير للاخطاء وايقاع العقوبات التأديبية وهذا مايشكل مجالا لاعمال السلطة التقديرية للقضاء لمراقبة المشروعية.
° الاخطاء الجسيمة الواردة في مواد أخرى من المدونة:
95. لم تختزل الاخطاء الجسيمة في المادتين 38 39 من المدونة, إذ وردت الاشارة الى أخطاء جسيمة في مواد أخرى من المدونة ويتعلق الامر بالمواد 9 و12 و293 .
96. فالمادة9 نصت على منع كل مس بحرية العمل من طرف الاجراء واعتبرت بان مخالفة الاجير لهذا المنع تضعه تحت طائلة عقوبة التوقيف لمدة 7 أيام وفي حالة تكراره لنفس المخالفة يوقف لمدة 15 يوما في حالة تكراره للمرة الثالثة يمكن فصله نهائيا من الشغل.
97. ويجب التمييز هنا بين هذه الحالة وحالة ارتكاب الاجير لاي نوع من أنواع العنف والاعتداء البدني الموجه ضد أجير أوالمشغل أومن ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة. إذ يعتبر هذا السلوك حسب المادة 39 خطأ جسيما لكن ذلك يتوقف على إجراء مسطري يتمثل في معاينة مفتش الشغل لهذه العرقلة وتحرير محضر بشأنها.
وهو مايطرح تساؤلا حول ماإذا كان من الممكن إثبات هذه العرقلة بوسيلة أخرى كمحضر الضابطة القضائية أومحضر المعاينة أومحضر الاستجواب المحرران من طرف المفوض القضائي.
98. كماتنص المادة 293 على أنه يعد عدم امتثال الاجراء للتعليمات الخصوصية المتعلقة بقواعد الصحة والسلامة وهم يؤدون بعض الاشغال الخطيرة خطأ جسيما يمكن أن يترتب عنه فصلهم من الشغل..إذا سبق اطلاعهم بكيفية قانونية على تلك التعليمات وفق شكليات المادة289 وتثير هذه المادة التساؤل حول ماورد في المادة39 م.ش من اعتبار عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة خطأ جسيما متى ترتبت عنها خسارة جسيمة.
إذ يبدو واضحا بان المادة 293 لاتستوجب شرط الخسارة الجسيمة بينما تستلزم المادة39 ذلك .فكيف نوفق بين الامرين؟
99. من رأينا أن مقتضيات المادة39 هي الأسلم قانونيا في صياغتها وأحكامها. وهي التي تنسجم مع مفهوم الخطأ الجسيم, ذلك أن جميع الاخطاء المرتبطة بأداء العمل أوبظروفه جاءت مشروطة ضمن لائحة المادة39 بالاضرار بالمؤسسة. كماهو الشأن مثلا بالحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أوالآلات أوالمواد الاولية عمدا أونتيجة إهمال فادح ,وارتكاب خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل ,وإفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة.
ـ الأخطاء الجسيمة الواردة في النظام الداخلي أوالاتفاقية الجماعية:
100. الزمت المادة 138 كل مشغل يشغل اعتياديا مالايقل عن عشرة أجراء أن يضع خلال السنتين المواليتين لفتح المقاولة أوالمؤسسة نظاما داخليا.
وإذا كانت هذه المادة لم تحدد مضمون هذا النظام فان المادة139 قد أثارت في معرض حديثها عن نموذج النظام الداخلي بأن يتضمن لزوما أحكاما خاصة بالتدابير التأديبية ونرى من المفيد أن يتم تدارك هذا النقص بنصح وإشارة مفتش الشغل للمشغل بمناسبة اطلاعه على مشروع النظام الداخلي بان يضمن هذا الاخير مقتضيات تتعلق بالتدابير التأديبية وخاصة تحديد الاخطاء التي يعتبرها جسيمة بارتباط مع طبيعة العمل.
ـ الأ خطاء الجسيمة بقرارمن المشغل
101. سواء أنجزالمشغل نظاما داخليا متضمنا الأخطاء الجسيمة أو لم ينجز ذلك فإنه يبقى مالكا للسلطة التأديبية التي تخول له فصل الاجير متى بدا له أنه ارتكب خطأ يعتبره جسيما وبالطبع فهذه السلطة تبقى خاضعة لمراقبة السلطة القضائية .
102. يتضح إذن مماسبق أن تحديد الاخطاء الجسيمة له عدة مصادر : قانونية وإرادية.
ومايجب التأكيد عليه والتوقف عنده في هذا الصدد هو أن الاخطاء الجسيمة الواردة في المصادر القانونية تعتبر كذلك متى تأكد اقترافها وتحققت شروطها القانونية.
أما الاخطاء الواردة في المصادر الارادية( النظام الداخلي,الاتفاقيات الجماعية,مقرر المشغل) فانها لاتعتبر جسيمة إلا إذا اعتبرها القضاء كذلك بناء على سلطته التقديرية وهو في تكييفه هذا يستأنس بالامثلة الواردة في المصادر القانونية ( المادة39 مثلا) كمايستأنس بالمعايير المستخلصة منها ( كالعمد ,والضرر ,والخسارة الجسيمة …الخ…) وبكل الظروف الموضوعية والشخصية المحيطة بالفعل المرتكب .