التحصيل الجبري للديون العمومية عن طريق الإشعار للغير الحائز
من إعداد الطالب الباحث : عبدالحق أعنوز / قوانين التجارة والأعمال / وجدة
مقدمة
من المبادئ الدستورية أن ” الكل ملزم بالمساهمة في الأعباء العامة “، و إذا كانت الضرائب تمثل أهم مداخيل الخزينة العامة ، ودعما لميزانية الدولة ، فإن المشرع اهتم بهذه الأمور ووضع قواعد قانونية موضوعية تحدد الوعاء الضريبي ، و أخرى إجرائية تسهر على تعبيد الطريق لأجل استخلاص هذه الضرائب و تحصينها من التهرب .
ولعل مدونة تحصيل الديون العمومية قد نظمت هذه الإجراءات وبينت طرقها . فإذا كان مفهوم الرضائية لا يطرح أي إشكال ما دامت إرادة الأطراف مبنية على التوافق والتراضي ، فعلى العكس من ذلك فإن مفهوم الجبرية قد يعرف مجموعة من الإشكالات القانونية والعملية على مستوى تحصيل الديون العمومية ، خاصة في ظل اللامساواة بين أطراف العلاقة ، و بالتالي فالحديث عن الضمانات وحماية الطرف الثاني الذي هو الملزم/ المدين أمر لا يجب إغفاله ، بالموازاة مع ضرورة تحصيل ديون الدولة .
فإجراءات التحصيل الجبري للديون العمومية عرفت تطورا تاريخيا ، بداية من ظهير 6 يناير 1916 ، وبعده ظهير 22 نونبر 1924 ، ثم ظهير 21 غشت1935 المعدل بظهير مارس 1962 ، وصولا إلى المحطة القانونية السارية المفعول حاليا وهي مدونة تحصيل الديون العمومية . فهي مسطرة أفرد لها المشرع مقتضيات خاصة في هذه المدونة ، ووضع أهم مراحلها استهلالا بالإنذار ، فالحجز ، ثم البيع و إلا فالإكراه البدني .
و يعتبر الإشعار للغير الحائز من بين المساطر الخاصة التي نظمها المشرع لفائدة الخزينة العامة لتحصيل ديونها عبر إجراءات إدارية بسيطة .
ونظم المشرع هذه المسطرة في مدونة تحصيل الديون العمومية في المواد 101 إلى 104 ، حدد من خلالها شروطها و إجراءاتها و أثارها التي تتسم بالسرعة والفعالية .
وهذا الموضوع يتمحور حول إشكال رئيسي أساسي وهو : مدى نجاعة مسطرة الإشعار للغير الحائز كنوع من أنواع الحجز في تحصيل الديون العمومية .
إن مسطرة التحصيل الجبري للديون العمومية تتدخل فيه مؤسستين مختلفتين ، فأحيانا تتدخل الإدارة المتمثلة في الخزينة العامة باعتبارها المكلفة بالتحصيل ، أثناء قيامها بالإنذار و كذلك فيما يخص مسطرة الإشعار للغير الحائز موضوع دراستنا باعتباره مسطرة إدارية، إلا أنه في حالة جدوى الإجراءين السابقين ، فإن اللجوء إلى القضاء هو السبيل للاستخلاص عن طريق الحجز والبيع و إلا فالمطالبة القضائية بتحديد مدة الإكراه البدني ، علاوة على أن النزاعات المثارة بشأن هذه المسطرة في جميع إجراءاتها يرجع البت فيها للقضاء
لذلك سنتناول هذا الموضوع من خلال التقسيم الأتي :
المحور الأول : ماهية الإشعار للغير الحائز
المحور الثاني : إجراءات الإشعار للغير الحائز وأثاره