محتويات العدد

تقديم:

لا شك أن الاعتراف والتنظيم القانوني للتحكيم أصبح يشكل اليوم واحدا من أهم محفزات اتخاذ قرار الاستثمار في كل بلد من البلدان، و بالرغم من وجود اتفاقـيات ثنائية و إقليميـــة و دولية عديدة تهتم بالتحكيم، إلا أنها لم تستطــع تجاوز المـــــبادئ الكبـرى و القـــــواعد العامة المتعلقة بالتحكيـــــــم بحــــــــثا عن ضمان تصديق وموافقة اكبر عـــــــــدد من البلدان المنضمـــــــــــــة إليها دون أن يحــــول دون ذلك وجـــــود قواعد قانونية مخالفة لها ومنتمـية للنـــــظام العام في هــــــــــذه البلدان.

و عليـــه يصبح التعـــــرف على القواعد المنظمة للتحكيم في عموميتها وفي خصوصية قانون كل بلــــــــــــــــد واحد من أهم المواضيــــــــــــــع ذات الراهنية المستمـرة و المستدامة للوقوف على المستجدات التـــي تعرفها هذه القــــــوانين و الممـــارسات التي يتبعــــها المحكمـــين تطبيــــــقا لهذه القواعد و غــــــــيرها، أخذا بعين الاعتبار التعامل الذي يخــــــــــص به القضاء آلية التحكيم في مختلف مراحلـــــها قبل بدء إجراءات التحكيم  و أثناء سريان هــــــــــــــذه الإجراءات و بعد صدور الحكم التحكيـــــــمي، و ما إذا كان يمكن الارتكاز على هــــــــذا القضاء لمساعدة التحكيـــــــم في تــــــــــجاوز الصعوبات لا تسعــــــــــــــف النصوص القانونيـــــــــة في تجاوزها، أم أن القضاء يعتبر التحكيــــــــــم أداة منافســـــة لوظيفته الدستــــــــــــــورية في فض المنازعات و بالتالي يعمــــــل على عرقلته والحيلولة دون انتشاره آلية موازية يمكن الاعتــــماد عليها للتخفيف من عبء العدد المتراكم من القضايا التي تعرفها المحاكم.

و باعتبار الوسائل البديلة لتسوية المنازعات عموما و التحكيم خصوصا واحدا من المحاور الرئيسة التي يشتغل عليها مختبر البحث قانون الأعمال بجامعة الحسن الأول بسطات، فقد اختار هذا العدد من مجلة القانون و الأعمال موضوع التحكيم كتيمة عامة للاشتغال عليها فقهيا من خلال: الطبيعة القانونية للتحكيم وتمييزه عن غيره من الوسائل المشابهة له والتمييز بين التحكيم الداخلي و الدولي في القانون المغربي والقانون المقارن و حدود الطبيعة العقدية للتحكيم الداخلي في التشريعات المغاربية

و كذا  أثر اللجوء للتحكيم التجاري الدولي في عقود الدولة و التحكيم كآلية لاستقرار الاستثمارات الدولية  قبل  البحث في الاجتهاد القـــــــضائي و إبــــــــــداعه كأساس لتطـــوير قواعد التحكيم في المغــــــرب و سلطة القضاء الوطني في التحكيم التجاري الدولي ، كل ذلك كمقدمة لفهم الســــياق العام الذي يجـــــــري فيه التحكيم في العديد من البلدان، ومن ثمة المرور إلى بعــــــض الأمور المسطرية التي يجري التعاطي معها بمـــــــقاربات مختلفة على صعيد كل مسطرة و كل إجراء في كل بلــــد على حدا بل و داخل نفـــــس البلد بين الهيئة التحكيمة و الأخرى و بين الهيئة القضائية والأخرى، من قبيل:

شروط وإجراءات الدعوى التحكيمية، خصوصية الدفع باتفاق التحكيم أمام القضاء و القانون الواجب التطبيق على المنازعات المعروضة أمـام محكمة تحكيم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار  و قوانين البوليس في التحكيم التجاري الـــــــــــدولي و مدى جواز الطعن ببطلان شرط التحكيم كدعـــــــــوى وقائية، بعد ذلك تقــــــــدم المجلة مجمـــــــوعة من التطبيقات المتعلــــــقة بنطاق تطبيق التحكيم في مجالات مختلفة و طرق إعماله في كل مجال من هذه المجالات: المنازعات الضريبية، عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، العمليات المصرفية، بيع العقار في طور الإنجاز، مُنازعات عقود النفط بأنظمة دول المغرب العربي مُقارنة بأنظمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، منازعات الاستهلاك و في الأخير المنازعات الزوجية.

يساهم في هذا العدد ثلة من الأساتذة الباحثين المتخصصين فقهيا و أحيانا عمليا في مجال التحكيم من المغرب والأردن. و إذ نشكرهم على ثقتهم في مجلة القانون و الأعمال و على وضع أفكارهم و تحليلاتهم رهن إشارة الباحثين من خلال صفحات المجلة، نعدهم أنها ستظل منبرا للباحثين الجادين المستعدين دوما للبذل و العطاء في مجال البحث القانوني.

الدكتور رياض فخري

نائب رئيس جامعة الحسن الأول – سطات

مدير مختبر البحث قانون الأعمال

 المدير العلمي لمجلة القانون والأعمال