الأستاذة غالم نجوى
أستاذة باحثة بصف الدكتوراه تخصص القانون العام كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة أبي بكر بلقايد-تلمسان
إن النزاعات والصراعات الداخلية قد تجبر الناس على مغادرة أوطانهم في محاولة لإنقاذ أرواحهم والهروب من الانتهاكات الماسة بحقوقهم الإنسانية بطلب الالتجاء لدولة أخرى.
واللجوء هو الاضطرار إلى هجرة الوطن إما اختياريا بسبب تغير نظام الحكم بفعل ثورة أو انقلاب، أو اضطرارا هربا من الإرهاب، أو الاضطهاد لأسباب دينية أو سياسية أو عقائدية أو عنصرية، واختيار دولة أخرى للإقامة بصورة دائمة أو مؤقتة لحين زوال سبب اللجوء . وانطلاقا منه كان تعريف الملجأ بأنه الحماية التي تمنحها دولة لأحد الأفراد الذين جاؤوا يطلبون الحصول عليها في إقليمها أو في داخل مكان آخر تابع لبعض أجهزتها.
وبالتالي فيعود اكتساب الفرد لصفة اللاجئ إلى سيادة الدولة، التي تعد الأساس القانوني الذي يبرر الحماية القانونية التي تبسطها الدولة حسب مشيئتها الحرة على الأجنبي، متى توافرت الشروط القانونية التي تفرضها كقيد على منح هذه الصفة. وبذلك فيعتمد الاعتراف بصفة اللاجئ لملتمس اللجوء على أمرين، يتعلق الأول بالأساس القانوني الذي تعتمد عليه الدولة في منحها لهذه الصفة، والثاني بمدى تأسيس ملتمس اللجوء لطلبه، وذلك بتوفيره الشروط القانونية التي تفرضها الدولة، والذي تكون نتيجته اكتساب صفة اللاجئ، هذه الصفة تمنحه مركزا قانونيا في الدولة المضيفة.
غير أن المشرع الجزائري لم يعتمد قانونا خاصا بتنظيم مركز اللاجئين في الجزائر، الأمر الذي يعني أن البحث عن تنظيم وضعية اللاجئين في الجزائر يقتضي التطرق للتشريعات ذات العلاقة المباشرة بموضوع اللاجئين.
والتشريعات التي تحكم مركز اللاجئين في الجزائر لا تعدو أن تكون الاتفاقيات والإعلانات العالمية وكذا الإقليمية المتعلقة بموضوع اللجوء والملتزمة بها الجمهورية الجزائرية طبقا للمادة 132 من الدستور الجزائري التي تنص:”المعاهدات التي يصادق عليها رئيس الجمهورية، حسب الشروط المنصوص عليها في الدستور تسمو على القانون”.
ثم القوانين ذات الصلة بمركز الأجانب والقوانين المرتبطة بها سواء فيما يتعلق بالجنسية، الإقامة، التنقل، الأحوال الشخصية، التعليم، الملكية، العمل والتأمينات الاجتماعية.
وأخيرا المرجعية القانونية الخاصة الوحيدة المتعلقة بوضعية اللاجئين ويتعلق الأمر بالمرسوم رقم 63-274 المحدد لطرق تطبيق اتفاقية جنيف لسنة 1951.
المبحث الأول: الوثائق الدولية العالمية والإقليمية
تعد الاتفاقيات والإعلانات سواء الدولية أو الإقليمية أساسا هاما في تحديد وضعية اللاجئ، من خلال تحديد من تنطبق عليه مواصفات الاستفادة من اللجوء أولا، ثم تنظيم ما يتمخض عن هذا الاعتراف من حقوق والتزامات.
المطلب الأول: الوثائق الدولية العالمية
إن أبرز الوثائق الدولية التي تحكم وتنظم مركز اللاجئين في الدول المضيفة هي: اتفاقية جنيف لسنة 1951، وبروتوكولها المكمل لسنة 1967. فقد وضعت هاتان الوثيقتان أبرز قواعد التعامل الدولي مع اللاجئ في الدولة المضيفة، ما يجعلهما المصدر الأساسي لاستمداد الحقوق بالنسبة للدول التي لم تتبنى تشريعا خاصا باللاجئين.
الفرع الأول: اتفاقية جنيف لسنة 1951
يمكن اعتبار اتفاقية جنيف لسنة 1951 الخاصة باللاجئين، كقانون دولي يقرر مبادئ حماية اللاجئين. فهذه الاتفاقية تعد من قبيل الاتفاقيات الملزمة العامة، كونها تتوجه بخطابها بصورة عامة ومجردة، وبذلك ترسي قواعد قانونية عامة بالمعنى الفني الدقيق. وهي بذلك تعد من المعاهدات الشارعة، وذلك لعدة أسباب أهمها أنها تقوم بتوجيه الخطاب للمجتمع الدولي كله، كما أنها تخضع حقوق اللاجئين إلى ضمانة جماعية تباشر تحت رقابة دولية.
وبذلك فتعد اتفاقية 1951 أحد المصادر القانونية العامة التي توفر الحماية للاجئين بمقتضى أحكامها، وبما أن الجزائر قد انضمت إلى هذه الاتفاقية بتاريخ 21 فيفري1963 فبذلك تكون ملزمة بأحكامها، حيث يمكن للاجئ في الجزائر التمتع بها، ذلك أن الانضمام يعد أحد الوسائل الحديثة للموافقة على الالتزام بمعاهدة ما، وهو أكثر استعمالا بالنسبة للمعاهدات متعددة الأطراف. ويقصد به التحاق دولة من الغير لم تشارك في المفاوضات، أو لم توقع المعاهدة، وينطبق الأمر عينه بالنسبة للبروتوكول الملحق بالاتفاقية.
أمَا أهم ما يميَز الاتفاقية، فهو قيامها على تصوَر شامل للقضايا القانونية التي ترتبط بمسألة اللجوء، كونها تتضمَن أحكاما دقيقة فيما يتعلَق بتحديد مفهوم اللاجئ كما تتضمَن أحكاما تحدَد الوضع القانوني للاجئين من حيث تحديد حقوقهم وواجباتهم.
فبالنسبة لتعريف اللاجئ فقد تناولته بالتفصيل المادة الأولى من الاتفاقية، والتي يمكن انطلاقا منها استخلاص أن سبب تقرير منح صفة اللاجئ للأشخاص المحددين بموجبها، إنما يرجع لرغبة الدول الأطراف في مواصلة تقديم الحماية الدولية للاجئين على أساس سبق تمتعهم بالحماية وفقا للوثائق الدولية المشار إليها في الفقرة. وبناء على نص هذه الفقرة، فيمكن تعريف اللاجئ بأنه:
“كل شخص اضطر إلى ترك بلاده والتماس الملجأ في دولة أخرى،على أن يكون اكتسابه لهذه الصفة طبقا لترتيبات 12 ماي 1926 و30جوان1928، أو بمقتضى اتفاقيتي 28 أكتوبر 1933 و 10فيفري 1938 وبروتوكول 14سبتمبر1939، أو بمقتضى دستور المنظمة الدولية للاجئين”.
كما أعطت تعريفا للاجئ بناء على معيار واسع والمتمثل في “الخوف من الاضطهاد” لتعود وتفرض قيدا زمنيا، إذ تشترط المادة أن يصبح الشخص لاجئا إثر أحداث وقعت قبل أول جانفي1951. وتأسيسا عليه، فيخرج من نطاق معنى اللاجئ الأشخاص الذين اضطروا إلى ترك بلدانهم بسبب أحداث وقعت بعد أول جانفي 1951.
فإن تعلق الأمر بمن فروا من بلدانهم قبل أول جانفي،1951 فلا بد من توافر شرط الخوف لأسباب معقولة من الاضطهاد. ولما كان الخوف حالة ذهنية، فقد تم إضافة عنصر موضوعي يتعلق بالأسباب التي تبرر الخوف من الاضطهاد، والتي حددت على سبيل الحصر في “العنصر-الدين-الجنسية-الانتماء الطائفي أو السياسي”. وبناء على ذلك، فلا يعتبر من اللاجئين في نظر الاتفاقية أولئك الذين اضطروا أو أكرهوا على مغادرة دولتهم الأصلية بسبب حرب أهلية أو احتلال أجنبي.
كما لا يعتبر لاجئا بمفهوم الاتفاقية من غادر دولته إلى دولة أخرى يحمل جنسيتها. فلا يعتبر الشخص لاجئا إلا إذا فرَ إلى دولة غير دولته الأصلية المتمتع بجنسيتها. وبذلك تستثني الاتفاقية حالة الملجأ الدبلوماسي من تعريف اللاجئ، حيث لا ينطبق الوصف الذي حددته اتفاقية 1951 على حالة اللاجئين في الملجأ الدبلوماسي، ذلك أنهم وإن كانوا موجودين داخل سفارة أجنبية أو قنصلية، إلاَ أنهم مع ذلك لم يخرجوا عن إقليم دولتهم الأصلية. كما يشترط عدم تمكن الشخص من الحصول على الحماية من دولته إما لاستحالة ذلك، مثلا كحالة نشوب حرب أهلية في دولته أو عدم إمكانية طلبه ذلك لخوفه من الاضطهاد. وتنطبق نفس الشروط على عديم الجنسية بالنسبة لدولة إقامته المعتادة، وكذلك بالنسبة لمزدوج الجنسية، أو متعددها بالنسبة لجميع الدول التي يتمتع بجنسيتها، بحيث إن كان بإمكانه التمتع بحماية دولة واحدة على الأقل من تلك الدول، فإنه لا يعتبر لاجئا في نظر الاتفاقية.
ومواصلة في رسم ملامح اللاجئ فنجد هذه الفقرة تنص على إمكانية تقييد تعريف اللاجئ بالقيد الجغرافي. وبذلك يصبح تعريف اللاجئ:
“الأشخاص الذين اضطروا إلى ترك بلدانهم بسبب أحداث وقعت في أوربا قبل أول جانفي1951”.
بالإضافة لكافة هذه الشروط، يجب أن لا تقوم قبل من يطلب صفة اللاجئ أحد الأسباب التي تقضي باستبعاده من دائرة تطبيق الاتفاقية، وهذه الأسباب هي:
*أن لا يكون من المتمتعين بحماية أو مساعدة أحد أجهزة أو وكالات الأمم المتحدة فيما عدا مكتب مندوب الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين .ذلك أنه من بين الالتزامات التي تقع على عاتق الجمعية العامة للأمم المتحدة، نجد حماية اللاجئين، وتحمل المسؤولية فيما يخص حل مشكلة اللاجئين، خاصة دعم العمل الرامي لإيجاد حلول دائمة لمشكلة اللاجئين، ومنع حركات اللاجئين من إحداث توترات بين الدول. وبالتالي متى كان الشخص متمتعا بحماية أحد أجهزة الأمم المتحدة، فإنه يخرج عن نطاق وصف اللاجئ بمفهوم الاتفاقية. ومثال ذلك أن يكون متمتعا بحماية مكتب الأمم المتحدة للإغاثة والعمال اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط.
*أن لا يكون من بين الأشخاص الذين اعترفت لهم السلطات المختصة في الدولة المضيفة بالحقوق والالتزامات اللصيقة بحمل جنسية تلك الدولة.
* أن لا تقوم تجاهه أسباب خطيرة تدعو لاعتباره:”مرتكب جريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية،كما هي معرفة في الوثائق الدولية التي وضعت بخصوص أحكام هذه الجرائم .
مرتكب جريمة سياسية غير خطيرة خارج دولة الملجأ وقبل قبوله فيها بوصفه لاجئا.
مرتكب أفعال منافية لمقاصد الأمم المتحدة ومبادئها”.
الفرع الثاني: بروتوكول 1967 بشأن مركز اللاجئين
تكمن أهمية هذا البوتوكول في توسيعه تعريف اللاجىء ليشمل الأشخاص الذين أصبحوا لاجئين نتيجة أحداث وقعت بعد أول يناير 1951 ، ذلك أن اتفاقية 1951 لا تنطبق على حالات اللاجئين التي حدثت بعد هذا التاريخ ما ترتب عليه وجود طائفتين من اللاجئين:
“-الطائفة الأولى تخضع للاتفاقية وتستفيد من الحماية الدولية التي قررتها .
-الطائفة الثانية لا تشملها الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة1951، ومن ثم لا تستفيد من أحكامها”.
وهذا ما أدى إلى ضرورة توسيع نطاق الاتفاقية ضمانا لتحقيق حماية متساوية لجميع اللاجئين عن طريق إقرار الجمعية العامة لبروتوكول خاص بوضع الأجانب، الهدف منه الاعتراف بإمكانية تطبيق اتفاقية 1951على تحركات اللاجئين المعاصرة .
وبدراسة كل من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة 1951، والبروتوكول الملحق بها لسنة1967، يمكن الوصول للتعريف الأساسي للاجئ، انطلاقا من المادة الأولى منه في فقرتيها 02و03 . فبمقتضاها يتسع تعريف اللاجئ، وذلك بإلغاء كل من القيد الجغرافي والزمني الوارد في اتفاقية 1951 في مادتها الأولى. وبذلك يعتبر لاجئا طبقا للتعديل الذي أضفاه البروتوكول كل شخص اعتبر لاجئا طبقا للمادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة لسنة1951سالفة الذكر، بغض النظر عن تاريخ الأحداث التي أدت لجعله لاجئا، وكذا عن مكان وقوعها. أي بغض النظر عن وقوع هذه الأحداث قبل أو بعد أول جانفي1951 سواء داخل أوربا، أو في أي مكان آخر من العالم، مع إمكان استمرار العمل بالقيد الجغرافي بالنسبة للدول التي تمسكت بهذا القيد عند توقيعها أو تصديقها أو انضمامها للاتفاقية 1951. وبذلك تظهر أهمية هذا البروتوكول باعتباره داعما لاستفادة فئات كثير من صفة اللاجئ.
المطلب الثاني: الوثائق الإقليمية
نظرا لخطورة مشكلة اللجوء أبرمت عدة وثائق إقليمية تتعلق بالملجأ ومعاملة اللاجئين. وتتمثل أهم هذه الوثائق بالنظر للجهة المبرمة لها في أربع جهات إفريقيا،آسيا، أمريكا وأوربا.غير أنه ولما كان موضوع دراستنا يقتصر على الوضع في الجزائر فتكون دراسة الوثائق المبرمة في إطار كل من اللجنة الاستشارية لدول آسيا وأوربا، ومنظمة الدول الأمريكية ومجلس أوربا غير مجدية، لذا تم اقتصار الدراسة على كل من الوثائق المبرمة في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، وجامعة الدول العربية، فضلا عن منظمة الأونروا لما لها من دور في تعريف اللاجئ الفلسطيني الذي أقصته اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1951 من الاستفادة من وضع اللاجئ.
الفرع الأول: اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لسنة 1969 بشأن الجوانب الذاتية لمشاكل اللاجئين
إن أهم اتفاقية أبرمت في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، هي اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لسنة1969 بشأن الجوانب الذاتية لمشاكل اللاجئين، وتضمنت المادة 01 من الاتفاقية تعريفا للاجئ وفقا لها. وباستقراء نص المادة، نجده مكونا من جزأين، بحيث تناولت الجزء الأول منه الفقرة 01 من المادة 01 وهو نفس التعريف الذي تضمنته أحكام المادة 01 من اتفاقية 1951الخاصة بوضع اللاجئين، مع وجود اختلاف فقط فيما يتعلق بالقيدين الزمني والجغرافي اللذين حذفا بموجب الاتفاقية الإفريقية لسنة 1969. كما لم يتم ذكر الجزء المتعلق بالأشخاص الذين سبق اعتبارهم لاجئين طبقا لوثائق دولية سابقة.
في حين نجد الجزء الثاني من نفس الفقرة يوسع من نطاق تعريف اللاجئ بإضافة طوائف أخرى من الأشخاص الذين يتمتعون بوصف اللاجئ، حيث نصت:”…كل شخص بسبب عدوان خارجي، احتلال، سيطرة أجنبية، أو أحداث تخل بصورة خطيرة بالنظام العام في دولة أصله أو جنسيته،سواء في جزء منها أو كلها اضطر إلى مغادرة مكان إقامته المعتاد من أجل طلب الملجأ في مكان آخر خارج دولة أصله أو جنسيته”.
وبالتالي فإن هذا التعريف أوسع من التعريفات التي اشتملتها الوثائق الدولية السابق دراستها. ومع ذلك يبقى الهدف الأساسي من اتفاقية 1969 هو دعوة الدول الإفريقية للتعاون في مجال اللجوء وحماية اللاجئين وذلك بإحداث توافق في تشريعاتهم وسياساتهم الخاصة بموضوع اللجوء. وفي هذا الصدد أشارت المقدمة صراحة إلى رغبة الدول الإفريقية في إيجاد وسائل تخفف من بؤس اللاجئين وشقائهم، وتؤمن لهم حياة ومستقبل أفضل.
الفرع الثاني: الاتفاقية العربية الخاصة باللاجئين
أبرمت هذه الاتفاقية في إطار جامعة الدول العربية وتعد الاتفاقية العربية الخاصة باللاجئين، أحدث مستند دولي في مجال اللجوء، والأكثر إحاطة على المستوى العالمي سواء فيما يتعلق بتعريف اللاجئ، أو ما يتعلق بحقوق وواجبات الدول واللاجئين. وما يهمنا هو التعريف الذي جاءت به الاتفاقية لمفهوم اللاجئ، والذي يعد أوسع تعريف لمفهوم اللاجئ،حيث لم يتقيد بالتعريف الذي جاءت به اتفاقية جنيف لسنة 1951، بل أخذ كذلك بالتعريف الذي اشتملته اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لسنة 1969، فضلا عن إضافة عنصر جديد، ما أدى لخلق تعريف يفوق في مداه كل التعاريف التي اشتملتها مختلف الوثائق الدولية والإقليمية سالفة الذكر. فلقد نصت في المادة الأولى منها على تعريف اللاجئ بأنه :
“كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته،أو خارج مقر إقامته الاعتيادية في حالة كونه عديم الجنسية ويخشى لأسباب معقولة أن يضطهد من أجل عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية أو آرائه السياسية ولا يستطيع أولا يريد بسبب تلك الخشية أن يستظل بحماية ذلك البلد أو أن يعود إليه.
كل شخص يلتجئ مضطرا إلى بلد غير بلده الأصلي أو مقر إقامته الاعتيادية بسبب العدوان المسلط على ذلك البلد أو لاحتلاله أو السيطرة الأجنبية عليه أو لوقوع كوارث طبيعية أو أحداث جسيمة ترتب عليها إخلال كبير بالنظام العام في كامل البلد أو في جزء منها”.
فبإضافة عنصر الكوارث الطبيعية، تكون الاتفاقية العربية الخاصة باللاجئين قد وسعت بشكل كبير في تحديد الفئات التي ينطبق عليها هذا الوصف،رغم نقد هذا التوسَع على اعتبار أن الكوارث الطبيعية كسبب للجوء يؤدي لخلق بما يعرف بلاجئي البيئة، وهو استخدام خاطئ لمعنى مصطلح”اللجوء”كما سبق توضيحه، مما يعطي للحكومات مبررا لعدم الاكتراث بأعمال الدفاع عن هذه الفئة من اللاجئين لأسباب لا علاقة لها بالاضطهاد . ومع ذلك فيمكن مواجهة هذا النقد نظرا لقيام بعض السياسات التي تنتهجها بعض الدول في مواجهة الكوارث الطبيعية على الاضطهاد لبعض المجموعات البشرية لأسباب تتعلق بالعرق، أو الدين، أو السياسة.وبذلك فالمعاهدة بنصها على الكوارث الطبيعية كسبب للاضطهاد تكون قد سلطت الضوء على حالة اللجوء الجماعي الذي يكون إما في حالة حدوث عدوان على الدولة، أو في حالة حدوث كوارث طبيعية.
ورغم الدور الكبير الذي لعبته هذه الاتفاقية فيما يتعلق بتوسيع تعريف اللاجئ لينطبق على عدة فئات تم استثناؤها بموجب الوثيقتين الأساسيتين في مجال حماية اللاجئين وهما اتفاقية 1951وبرتوكولها لسنة 1967 والتي من بينها اللاجئين الفلسطينيين، إلا أنها لم تول اهتماما واضحا بهذه الفئة يتناسب وأهمية القضية الفلسطينية بالنسبة لدول الجامعة العربية، وهو الأمر الذي تكفلت به منظمة الأونروا.
المبحث الثاني: التشريعات الوطنية
إن البحث عن التشريعات الجزائرية المرتبطة بموضوع اللجوء يطرح عدة اختيارات منها ما هو مرتبط مباشرة بموضوع اللجوء، ومنها ما يرتبط بالموضوع بطريقة غير مباشرة.
المطلب الأول: النصوص التشريعية المباشرة
يطرح في هذا الإطار تشريعين أساسيين يشكلان الأرضية الأساسية التي يقوم عليها منح صفة اللاجىء (المرسوم رقم 63-274) وضبط وضعيته في الجزائر (القانون رقم 08-11).
الفرع الأول: المرسوم رقم 63-274 الذي يحدد طرق تطبيق اتفاقية جنيف لسنة 1951
يعد المرسوم رقم 274-63 الأساس القانوني الذي يضبط وضع اللاجئين في الجزائر، حيث يحدد طرق تطبيق الاتفاقية حيث استحدث مكتب حماية اللاجئين وعديمي الجنسية لدى وزارة الخارجية، فضلا عن لجنة الطعون.
*مكتب حماية اللاجئين: استحدث هذا المكتب بموجب المادة 01 من المرسوم رقم 274-63سالف الذكر على مستوى وزارة الشؤون الخارجية، وحددت المادة 02 منه مهام هذا المكتب والمتمثلة في :
-منح الحماية للاجئين وعديمي الجنسية، وكفالة تنفيذ اتفاقية جنيف لسنة1951 وذلك بالتنسيق مع الوزارات المعنية.
-الاعتراف بصفة اللاجئ للأشخاص، سواء كانوا ينتمون لمفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين، أو الذين يتوفر فيهم تعريف المادة 01 من اتفاقية جنيف.
فيلاحظ عدم أخذ المشرع الجزائري بتعريف موسع للاجئ بموجب هذا المرسوم، ذلك أن المادة 01 من اتفاقية جنيف لسنة1951 تستثني اللاجئين الفلسطينيين من الخضوع للحماية المقررة بموجبها. فلقد جاء فيها :
“لا تسري هذه الاتفاقية على الأشخاص الذين يتلقون حاليا الحماية أو المساعدة من هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين”.
وعلى اعتبار أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى وتشغيلهم (الأونروا) هي الهيئة التي تتولى حماية هذه الفئة من اللاجئين، فهذا يؤدي لعدم سريان أحكام الاتفاقية عليهم، إلا في حالة توقف هذه الحماية دون أن يكون وضع الأشخاص المحميين طبقا لوكالة الأونروا قد سوي نهائيا وفقا لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالموضوع، وذلك طبقا للمادة 01فقرة دال (02) والتي جاء فيها: “إذا ما توقفت لأي سبب مثل هذه الحماية أو المساعدة ودون أن يكون وضع هؤلاء الأشخاص قد سوي نهائيا وفقا لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالموضوع، فإنهم يستفيدون حتما من أحكام هذه الاتفاقية”.
-منح الوثائق الضرورية للقيام بأعمال الحياة المدنية،وذلك بعد إجراء تحقيق فضلا عن تأمين تطبيق الأحكام الداخلية التي تستهدف حماية اللاجئين، حيث تلزم السلطات الجزائرية بعد إجراء تحقيق بمنح الوثائق الضرورية التي من المفروض أن تسلم عادة للأجانب من قبل سلطاتهم الوطنية. ويكون لهذه الأوراق والوثائق التي تنح من قبل مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية صفة الأعمال القانونية الرسمية. وبذلك تقوم مقام الوثائق الرسمية المفروض تسليمها للاجئ من سلطات دولته.
*لجنة الطعون: خصَصت لها المواد من 03 إلى 05 من المرسوم رقم 274-63. وفيما يخص تشكيلتها فقد حدَدتها المادة 03، وعلى أساسها تتشكل هذه اللجنة من :
– وزير العدل أو ممثله.
– وزير الشؤون الخارجية أو ممثله.
– وزير العمل والشؤون الاجتماعية أو ممثله
-ممثل الأمم المتحدة للاجئين.
أما عن مهام هذه اللجنة فحدَدت بمقتضى المادة 04 من المرسوم سالف الذكر، وتتمثل هذه المهام في:
-النظر في الطعون المقدمة من قبل الأشخاص اللاجئين وعديمي الجنسية، الذين رفض المكتب الاعتراف لهم بصفة اللاجئ. فبموجب هذه المادة يعترف لطالب اللجوء بالحق في الطعن في قرار رفض الاعتراف له بصفة اللاجئ، وذلك أمام لجنة الطعون. وهذا ما يشكل ضمانة لحق طلب اللجوء، ذلك أنه في حالة عدم وجود هذه اللجنة يكون طريق الطعن الوحيد هو رفع دعوى الإلغاء ضد قرار وزير الداخلية أمام مجلس الدولة طبقا للمادة 09 من القانون العضوي رقم 98-01. وهو ما يعد مستحيلا في أغلب الحالات لافتقار طالب اللجوء للأسس القانونية لطلبه.
-بحث الطلبات المقدمة لها من اللاجئين تطبيقا للمواد 31-32 و33 من اتفاقية 1951، مع إمكان إصدار رأي بحفظ أو إلغاء هذه الطرق، ويكون الطعن في هذه الحالة معلق التنفيذ إلا في حالة الضرورة المثبتة بقرار. فوفقا للمادة 04 فقرة (ب) تختص لجنة الطعون في الحالات المتعلقة بالتواجد غير الشرعي للاجئين وحالة الطرد.
فبالنسبة للتواجد غير الشرعي للاجئ في الجزائر، فإن المادة 31 من اتفاقية 28 جويلية1951 تمنع الدولة عن توقيع جزاءات سواء عن الدخول أو التواجد غير الشرعي للاجئين القادمين مباشرة من الإقليم الذي كانت حياتهم أو حريتهم مهدَدة، شرط تبريرهم لذلك بإعطاء الأسباب التي دفعتهم للدخول غير الشرعي. وهنا يدخل ضمن اختصاصات لجنة الطعون التأكد من توافر الشروط التي تبرر هذا الدخول غير الشرعي بقصد تسوية وضع اللاجئين بدراسة طلبه كملتمس لجوء. وتتمثل الشروط التي تتأكد اللجنة من توافرها في :
*التأكد من توفر صفة اللجوء حسب المعايير التي تحدَدها المادة 01من اتفاقية 1951.
*التأكد من دخول طالب اللجوء إلى إقليم الدولة المراد طلب الملجأ فيها مباشرة من بلد تكون حريته أو حياته مهددتين بالخطر سواء كان بلده الأصلي أو بلد آخر.
*التأكد من تقرب اللاجئ دون إبطاء من سلطات بلد الملجأ لإبداء الأسباب التي تبرر دخوله غير الشرعي، على أن تطبيق هذا الشرط يمكن أن يختلف من حالة إلى أخرى،إذا تبين مثلا أن طالب اللجوء لم يكن على علم بإجراءات اللجوء.
-أن يبدي أسباب وجيهة ومعقولة تبرر دخوله أو وجوده غير الشرعي. ويفترض أن يكون السبب معقولا إذا تبين أنه لم يكن بإمكان اللاجئ استعمال طريقة مشروعة للحلول أو المكوث بإقليم الدولة المعنية، نظرا لخطر كان يهدَد حياته وحريته.
والنص على بحث طلبات هذه الفئة من اللاجئين من طرف لجنة الطعون لا يمكن تفسيره بإلزام الدولة بقبول اللاجئ أو تصحيح وضعه أو بعدم إبعاده، بل ما تلتزم به الدولة هو مجرد منح اللاجئ مهلة زمن معقولة، وكل المساعدات الممكنة لتسهيل قبوله من قبل دولة أخرى. وهذا ما يستنتج من نص المادة 31 فقرة 02 والتي جاء فيها:
“تمتنع الدول المتعاقدة عن فرض قيود على تنقلات مثل هؤلاء اللاجئين (أي اللاجئون المتواجدين على إقليم الدولة بصورة غير شرعية) غير تلك الضرورية .
تسري هذه القيود ريثما يسوى وضعهم في بلد الملجأ أو ريثما يقبلون في بلد آخر”.
وبذلك واستنادا على الجزء الأخير من المادة يستنتج أنه لا يقع إلزاميا على الدولة تسوية وضعية اللاجئ، أي بالاعتراف لهم بصفة اللاجئ، بل لها خيار ثاني وهو السعي لقبوله في دولة أخرى. أما فيما يخص التزام الدولة بعدم فرض القيود على هذه الفئة من اللاجئين إلاَ في الحالات الضرورية، فيرجع لقيام بعض الدول بإلقاء القبض بصورة مباشرة على كل شخص يطأ ترابها بصورة غير شرعية، بحيث يتم وضع هؤلاء رهن الحبس الإداري لمدة غير محدَدة، بدون إعطاء الفرصة لطالب اللجوء بتقديم طلبه ودراسة حالته، وذلك مخالفة للتوصية التي وضعتها المفوضية السامية في الدليل المعدل الخاص بحجز طالبي اللجوء الصادر في فبراير1999، والتي نصت على خضوع مسألة الحجز في حالة اللاجئين المتواجدين بصورة غير شرعية لمجموعة من الضمانات، أهمها أن لا يلتجأ للحجز إلا في حال تعذر اللجوء إلى أساليب أخرى غير مكرهة. على أن تحدد مدَة الحجز بحيث لا تتعدى ما هو مطلوب موضوعيا للتحقيق في هوية اللاجئ، وطلبه من قبل هيئة خاصة وتحت رقابة القضاء. وبتطبيق هذه الإجراءات على الوضع في الجزائر، وانطلاقا من المادة 04 من المرسوم رقم274-63، يعود للجنة الطعون اتخاذ الإجراءات المتعلقة بحجز طالبي اللجوء المتواجدين بصورة غير شرعية، والتحقيق في مدى تأسيس طلباتهم، ويعد عمل اللجنة بهذا الشكل مخالفا للضمانات الممنوحة للاجئ في حالة دخوله بلد الملجأ بصورة غير شرعية، والتي تقتضي بأن يكون للمعني حق مراجعة قرار اللجنة أمام سلطة قضائية.
وفضلا عن تكليف لجنة الطعون بدراسة حالات اللاجئين المتواجدين على الإقليم الجزائري بصورة غير شرعية، تكلف أيضا ببحث الطلبات المقدمة من اللاجئين في حالة صدور قرار طرد في حقهم. فرغم نص المادة 02 من اتفاقية 1951 على حظر طرد اللاجئ المتواجد في الدولة بصورة غير شرعية، إلاَ أنها تجيز ذلك كاستثناء في حال دعت لذلك أسباب تتعلق بتهديد الأمن الوطني أو النظام العام. وفي هذه الحالة لا مجال لتنفيذ قرار الطرد إلاَ بعد منح الضمانة التي تقررها الفقرة 02من المادة 32من اتفاقية 1951. وعليه فيسمح للاجئ بإثبات براءته بمنحه الضمانات التي تخوله ذلك. وتتمثل هذه الضمانات بالنسبة للجزائر في دراسة طلبه من طرف “لجنة الطعون” أين يكون لطعن اللاجئ أثر موقف لقرار الطرد،مع العلم أنه يكون للجنة أن تصدر رأيا بحفظ أو إلغاء هذه الضمانة،بحيث تسقط الضمانات الممنوحة للاجئ لإثبات براءته إذا تعلق الأمر بتهديد للأمن الوطني. ومع ذلك تبقى اللجنة ملزمة في قرارها القاضي بطرد اللاجئ بعدم مخالفة الفقرة 01 من المادة 33، والتي تقضي بعدم إمكانية طرد اللاجئ إلى أماكن تكون حياته مهددة فيها. وعليه في حالة صدور قرار بطرد اللاجئ من الإقليم، تكون الدولة ملزمة بمنحه مهلة معقولة ليسعى خلالها للدخول بصورة شرعية إلى بلد آخر. على أن تحتفظ الدولة في هذه الحالة بحقها في فرض قيود على حرية تنقل اللاجئ حفاظا على أمنها الوطني في حدود معينة حتى لا تنعكس سلبا على الإمكانية التي يجب إتاحتها للاجئ للبحث عن بلد آخر يقبله بصفة شرعية. وأساس هذا الالتزام الذي يقيد حق الدولة في طرد أو رد اللاجئ هو الموازنة بين الخطر الذي يمكن أن يتهدد الأمن الوطني في حال بقاء اللاجئ على إقليم الدولة، والخطر الذي يتهدد اللاجئ إن تم إبعاده.
أما فيما يخص آجال الطعن أمام “لجنة الطعون” فقد حدَدتها المادة 05 من المرسوم274-63 بشهرين بالنسبة للطعن في قرار رفض الاعتراف بصفة اللاجئ، وأسبوع بالنسبة لطلبات اللاجئين المتعلقة بتطبيق المواد 31، 32 و33 من اتفاقية1951، وتحسب المواعيد ابتداء من اليوم الموالي لتاريخ التبليغ.
وعن كيفية تقديم هذه الطعون فحدَدتها المادة 05 في فقرتها الثانية من نفس المرسوم، وذلك بطريقتين: إما أن توضع من طرف طالب اللجوء شخصيا أمام مكتب اللاجئين وعديمي الجنسية، أو ترسل إليه عن طريق رسالة مسجلة مع إشعار بالاستلام. مع العلم أن القرارات التي تصدر عن لجنة الطعن تكون نهائية وتبلغ للمدعين بواسطة رسالة مسجلة مع إشعار بالاستلام.
الفرع الثاني: القانون رقم 08-11 المتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم بها وتنقلهم فيها
في ظل غياب نص قانوني خاص بدخول الأجانب للجزائر واقامتهم بها وتنقلهم فيها، فإن القانون رقم08-11 المؤرخ في 25-06-2008 والذي عدل الأمر رقم 66-211 المؤرخ في 21-07-1966 المتعلق بوضعية الأجانب في الجزائر هو الذي يطبق عليهم مع مراعات الالتزامات الدولية التي تقيدت بها الجزائر.
أولا: الدخول إلى الإقليم الجزائري
وفقا للقانون رقم 08-11 فإنه يتعين على الأجنبي بصفة عامة أن تتوفر لديه بعض الشروط، وأن يقدم بعض الوثائق. ونجد الأمر ذاته مطبقا بالنسبة لشروط الدخول والتأشيرة. وبذلك يكون المشرع الجزائري قد سار في مسار اتجاه معظم التشريعات العالمية بما فيها التشريع الفرنسي. ومع ذلك يكمن الاختلاف بالنسبة لوثائق السفر المطلوبة، وذلك على الشكل التالي:
ينبغي على اللاجئ لدى بلوغه الحدود الجزائرية أن يمتثل أمام شرطة الحدود البرية، أو البحرية، أو الجوية. وتقوم مصالح الشرطة بالتأكد من كونه يحمل الوثائق والتأشيرات النظامية، ثم يتم دمغ وثيقة سفره بخاتم يحمل تاريخ اجتياز الحدود.كما يحق لأعوان الجمارك طلب معاينة وثائق السفر. وبالنسبة لهذه الوثائق فتشمل إما جواز السفر، أو وثيقة السفر، ويجوز إذا اقتضى الأمر اشتراط تقديم دفتر صحي.
وبالرجوع للمادة 07 فقرة أولى من القانون رقم 08-11 نلاحظ أنه تم تعويض جواز السفر العادي بوثيقة معترف بها من طرف الجزائر كوثيقة سفر. ويتعلق الأمر بالنسبة لطالبي اللجوء بما يعرف بجواز السفر الخاص. فلا مجال لمنع طالبي اللجوء من الدخول إلى إقليم الدولة التي يطلبون اللجوء إليها، وهذا أساس استحداث وثيقة السفر، وبالتالي فلا يمكن منع طالبي اللجوء من الدخول إلى الإقليم الجزائري بسبب عدم حوزتهم للوثائق المطلوبة، وبالأخص التأشيرة. فإن تم رفض طلب الاعتراف بصفة اللاجئ من طرف الجهات المختصة بذلك، فيعتبرون كأنهم دخلوا الإقليم الجزائري بصفة غير شرعية. أما إن اعترف لهم بهذه الصفة، فتمنح لهم “وثيقة سفر”كبديل عن جواز السفر، ولهذا سميت أيضا “جواز السفر الخاص” نظرا لكونه خاص بفئتين محددتين هم اللاجئين وعديمي الجنسية، حيث تعتبر وثيقة السفر جواز سفر خاص تسلمه سلطات البلد المستقبلة للأجانب الذين لا يستفيدون من حماية سلطات بلدهم الأصلي، منهم اللاجئون وعديمو الجنسية.
كما يعفى اللاجئين طبقا لنفس المادة من التأشيرة القنصلية، وهي إجراء إداري يتضمن منح الجهات المختصة للأجانب موافقة سلطات البلد على دخولهم إقليم الدولة. وتمنح التأشيرات من مراكز البعثات الدبلوماسية في الخارج، أي السفارات والقنصليات، وذلك طبقا للمادة 08فقرة 03 من قانون 08-11سالف الذكر، والتي جاء فيها:” تمنح الممثليات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية المعتمدة في الخارج التأشيرة القنصلية، مقابل دفع طالبها لرسوم قنصلية.”
أما عن التأشيرة التي تمنح في مناطق العبور، أي تأشيرة التسوية، فينبغي على طالب الحق تسوية وضعيته حال الدخول إلى الإقليم الجزائري في مناطق العبور الخاصة بذلك. وبالتالي يستلزمه طلب تأشيرة تسوية الوضعية. هاته الأخيرة أكدت عليها المادة 12 فقرة01 من القانون 08-11 بنصها:”يمكن في الحالات الإستعجالية أن تمنح شرطة الحدود بصفة استثنائية، تأشيرة تسوية الوضعية للأجنبي الذي يتقدم إلى مراكز الحدود بدون تأشيرة”.
لكن ورغم ما يتمتع به اللاجئ من حصانة بمقتضى اتفاقية جنيف لسنة 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، غير أن هذا لا يحول دون رفض السماح له بالدخول إلى الجزائر متى شكل خطرا يهدد النظام العام أو أمن الدولة أو كلاهما، طبقا للمادة 05 من القانون08-11 .
و الحالة الوحيدة التي يمنع فيها اللاجئ من دخول الإقليم الجزائري هي تهديده النظام العام و/أو الأمن العام. أما بالنسبة لحالة رفض طلب ملتمس اللجوء، فلا مجال لإدراجها ضمن حالات المنع من الدخول للإقليم الجزائري، كون تأسيس طلب الرفض يكون على أسباب مختلفة أهمها عدم توفر الشروط اللازمة لإصباغ صفة اللاجئ على طالب اللجوء.
ثانيا: إقامة اللاجئ في الجزائر
إن وضعية اللاجئ بشأن إقامته في الدولة المضيفة تأخذ وصفا قانونيا خاصا كون الأجانب في الدولة يمكن تصنيفهم إلى صنفين،إما أجانب غير مقيمين، أو أجانب مقيمين. وهنا يطرح الإشكال فلا مجال لتصنيف اللاجئين في خانة الأجانب غير المقيمين ما دامت فترة بقائهم غير محددة، كونها تكون مرهونة بزوال الخطر الذي يهددهم، ولا مجال كذلك لاعتبارهم من الأجانب المقيمين ما دام معترفا لهم بحق العودة، وهذا ما يظهر من خلال ما يلي:
-أ- عدم إمكانية تصنيف اللاجئ ضمن فئة الأجانب غير المقيمين :
يقصد بالأجنبي غبر المقيم، الأجنبي العابر للإقليم الجزائري أو الذي يقيم في الجزائر لمدة لا تتجاوز تسعين(90) يوما، دون أن تكون له نية في تثبيت إقامته، أو ممارسة نشاط مهني، أو نشاط مأجور في الإقليم الجزائري.
وبالتالي فتضم فئة الأجانب غير المقيمين بدورها صنفين من الأجانب،إما العابرون، ويقصد بهم المتواجدون على ظهر سفينة مارة بميناء جزائري، أو العابرين الإقليم الجزائري عن طريق الجو، أو المجتازين التراب الوطني برا. وتعفى هذه الفئة من التأشيرة القنصلية، و تسلم لهم تأشيرة عبور مدتها القصوى سبعة(7) أيام ،مع إمكانية تجديدها مرة واحدة فقط.
والفئة الثانية تتعلق بالأجانب الذين يطلبون الإقامة في الجزائر بصفة مؤقتة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، مع إمكان التجديد مرة واحدة . وبالنسبة لهذه الفئة فيكونون ملزمين بالحصول على التأشيرة القنصلية.
وبدراسة فئتي الأجانب غير المقيمين، نخلص لعدم إمكانية إدراج اللاجئين ضمن هاتين الفئتين، كون أساس طلب اللجوء هو الاستقرار في بلد يأمن فيه طالب اللجوء على حياته، وبالتالي لا مجال لاعتباره عابرا حتى في حالة عدم الفصل في طلبه، بحيث يبقى محتفظا بصفته كطالب لجوء ويستفيد في فترة بقائه لحين الفصل في طلبه من معظم التسهيلات التي يستفيد منها اللاجئ من حيث عدم مطالبته بوثائق السفر أو التأشيرة، فضلا عن استفادته من البقاء في أماكن الانتظار.
وينطبق الأمر عينه على حالة الأجنبي غير المقيم الذي تحدد فترة بقائه بثلاث أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، ذلك أنه في حالات اللاجئ، إما أن يقبل طلبه فيستفيد من الإقامة بصفته لاجئ، أو لا يقبل، وفي هذه الحالة يكون مضطرا لمغادرة الإقليم الجزائري، ولا مجال لاستفادته في هذه الحالة من وضعية الأجنبي غير المقيم.
-ب- عدم إمكانية تصنيف اللاجئ ضمن فئة الأجانب المقيمين:
يقصد بالأجنبي المقيم، ذلك الأجنبي الذي يرغب في تثبيت إقامته الفعلية والمعتادة والدائمة في الجزائر، والذي رخص له بذلك بتسليمه بطاقة المقيم من قبل ولاية مكان إقامته مدة صلاحيتها سنتان.
وبالتالي فيتمتع الأجنبي بالحق في الإقامة، والذي يعني حقه في الاستقرار بإقليم الدولة على وجه الاستمرار بقصد ممارسة مهنة، أو حرفة، أو تجارة، أو تلقي العلوم. ويكون الاستقرار في هذه الحالة لمدة طويلة أو لمدة غير محددة. ومع ذلك فلا يعني حق الإقامة بقاء الأجنبي واستقراره بإقليم الدولة إلى الأبد، ذلك أن من حق الدولة الدفاع عن مصالحها، والمحافظة على سلامتها، وكيانها. ومن ثم يكون لها إبعاد الأجنبي عند انتهاء مدة إقامته، أو قبل ذلك متى كان في بقائه تهديدا لمصالحها، أو مساسا بسلامتها.
وعليه فإقامة الأجنبي بصفة دائمة مشروطة بحصوله على بطاقة المقيم، والتي تعتبر وثيقة هوية، وفي نفس الوقت ترخيص بالإقامة. على أن بطاقة المقيم تسمح لحاملها أن يقيم في الجزائر بحيث تجعل إقامته في الجزائر مشروعة بعد انتهاء مدة التأشيرة. وعن مدة صلاحية بطاقة الإقامة فهي سنتان كأصل عام مع جواز التجديد. وانطلاقا من هذه التفاصيل يتم استثناء اللاجئين من ضمن الأجانب المقيمين وذلك مرده لأمرين :
-الأول يتعلق بشرط الحصول على بطاقة المقيم الأجنبي، التي تشمل فضلا عن المعلومات الخاصة بالأجنبي، تسريحا بالعمل أو شهادة تسجيل في الجامعة، أو في مؤسسة تعليمية، أو شهادة تثبت مصدرا كافيا للكسب. وبالعودة لحالة اللاجئ، لا نجد ذلك ممكنا بالنسبة له نظرا لأنه في حالته تكون حياته معتمدة على المساعدات التي يتلقاها من المراكز المخصصة لذلك.
-الثاني متعلق بحق العودة، والذي يقصد به حق كل فرد أو أفراد وحق ذريا تهم، في العودة إلى الأماكن التي كانوا يقيمون فيها و التي أكرهوا على مغادرتها، وفي استرداد ممتلكاتهم التي تركوها أو فقدوها، أو في الحصول على تعويضات عنها. فهذا الحق يقضي على شرط اعتبار اللاجئ كأجنبي مقيم والمتعلق في “رغبة الأجنبي في تثبيت إقامته الفعلية والمعتادة والدائمة في الجزائر”. وما يؤكد هذا الطرح أن زوال الأسباب التي دفعت باللاجئ إلى طلب اللجوء تعدَ أحد الحالات التي تؤدي لسحب صفة اللاجئ ممَا يدفعه بالضرورة للعودة لوطنه. وبذلك يكون خروج اللاجئ من الإقليم الجزائري مختلفا عن بقية الأجانب. فبالنسبة لهؤلاء يختلف الأمر بالنسبة للمقيمين عن غير المقيمين،بحيث يخرج الأجانب غير المقيمين من الإقليم الجزائري بنفس شروط دخولهم إلى الجزائر، في حين تشترط بالنسبة للأجانب المقيمين الحصول على تأشيرة خروج، والتي بدورها إما أن تكون تأشيرة خروج نهائي، أو تأشيرة خروج وعودة.
أما ما نخلص إليه من خلال دراسة النظام الإداري للاجئين في الجزائر، فهو عدم تخصيص المشرع الجزائري لأحكام خاصة باللاجئين فيما يتعلق بدخولهم للإقليم الجزائري وإقامتهم فيه، إذ يتم الرجوع للأحكام العامة الواردة في القانون08-11 المتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر، وإقامتهم بها وتنقلهم فيها. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف المرجعية القانونية لتنظيم حق اللجوء في الجزائر. ومع ذلك يبقى القانون رقم 08-11 الضابط الأساسي لعيش واستمرارية اللاجئ في الجزائر.
المطلب الثاني: النصوص التشريعية غير المباشرة
يتعلق الأمر بالنصوص القانونية المطبقة للمادة السابعة من اتفاقية 1951 فيما يتعلق بالاستفادة من الحقوق سواء وفق نفس معاملة الأجانب أو وفق المعاملة الأفضل من الأجانب أو وفق المعاملة نفسها التي يتمتع بها المواطن، وذلك على النحو التالي:
الفرع الأول: التمتع بالحقوق نفسها التي يتمتع بها الأجانب:
متى توافرت نفس الظروف، فإن استفادة اللاجئ من الحقوق يكون بنفس درجة استفادة الأجنبي منها. وعليه فعبارة نفس الظروف تتعلق باللاجئ باعتباره أجنبي، بحيث يشترط أن تتوفر فيه كافة الشروط التي تفرض على الأجنبي للاستفادة من الحقوق، مع الأخذ بين الاعتبار إمكانية الاختلاف في المعاملة بين الأجانب والوطنيين حسب الوضعية القانونية للشخص المعني، وذلك من حيث مدة الإقامة، وشروط الدخول إلى البلد، أو حيازة بعض الوثائق من قبل الأجنبي، أو توفير بعض الشروط من قبل المواطن.
أما عن الحقوق التي يتم الاستفادة منها بهذه المعاملة “نفس حقوق الأجانب عامة”، فيمكن استخلاصها بالرجوع لأحكام اتفاقية 1951 عامة، وبالاعتماد على المادة 07 منها على وجه الخصوص، وانطلاقا منها تتحدد هذه الحقوق في:
-أ- ملكية الأموال المنقولة و غير المنقولة: بناء على المادة 02 من المرسوم رقم 72-30 ، يتضح أن صحة تعامل الأجنبي غير المقيم في الجزائر باعتبارها موطنه العادي، في الأموال العقارية أو المنقولة مرهون بحصوله على ترخيص من وزير المالية. وبمفهوم المخالفة فإن تم التعامل من طرف أجانب موطنهم العادي في الجزائر، فلا يشترط فيه الحصول على أي ترخيص.
-ب- العمل الحر: من حق اللاجئ ممارسة الأعمال الحرة في أرض الدولة المضيفة، سواء في ميدان الزراعة أو الصناعة أو التجارة بنفس الشروط المقررة للأجنبي، مع وجود شرط واحد فقط على التمتع بهذه الحقوق هو تواجده في الدولة بطريقة شرعية.فضلا عن ضرورة توافر الشروط التي ضبطها المشرع الجزائري بموجب القانون رقم 81-10 المتضمن شروط تشغيل العمال الأجانب.
-ج- المهن الحرة : يكون للاجئ الحق في مزاولة المهن الحرة وفقا لنفس الشروط المفروضة على الأجانب عامة، شرط أن يكون اللاجئ حاملا لشهادات معترف بها من قبل سلطات البلد الذي يرغب أن يمارس فيه مهنة حرة
. ولا يعد هذا الشرط مخالفا لمبادئ الحد الأدنى المقررة للاجئ، مادام هذا الاشتراط مفروض على كل من الوطنيين والأجانب بما فيهم اللاجئين. ما عدا ما استثني بنص خاص.
-د- الإسكان: تضمنت اتفاقية 1951 حق الإسكان للاجئين بموجب المادة 21 منها. وعن المقصود به، فهو الحق في الإيجار وتخصيص السكن أو الدكاكين، أما عن شرط ممارسة هذا الحق، فهو مقترن بالإقامة الشرعية في إقليم الدولة المضيفة.
-هـ- التعليم الرسمي : يقصد بالتعليم الرسمي التعليم الذي توفره الدولة وتموَله من الميزانية العامة، وكذلك التعليم الذي تدعمه ماليا أكان ذلك بصفة كاملة أم لا. وعليه فيشمل التعليم الرسمي كل من التعليم الابتدائي وغير الابتدائي. غير أنه وفيما يخص المعاملة الأفضل والتي لا تقل عن تلك الممنوحة للأجانب في نفس الظروف، فتتعلق فقط بالتعليم غير الابتدائي.
-و- حرية التنقل واختيار مكان الإقامة: إن معاملة اللاجئين من حيث اختيارهم لمكان الإقامة والتنقل الحر في أرض الدولة المضيفة في حدود احترام القوانين الوطنية لا تختلف عن معاملة الأجانب شرط الإقامة الشرعية. إلا أن هذا الحق ليس على إطلاقه، بل يقيد بصلاحية الدولة في منع اللاجئين من التواجد في أماكن معينة أو إلزامهم بالمكوث في أماكن معينة. ويتصور ذلك في حالة تشكيل اللاجئين لخطر على أمن الدولة ونظامها العام.
الفرع الثاني:الحقوق التي يتمتع بها اللاجئ وفق المعاملة الأفضل من الأجانب:
تشكل هذه الحقوق إحدى حالات تمييز اللاجئ عن الأجنبي في الحقوق، إذ يتمتع اللاجئ ببعض الحقوق دون شروط، في حين يكون تمتع الأجنبي بهذه الحقوق وفقا لشروط معينة. وتتمثل هذه الحقوق في:
-أ- حق الانتماء للجمعيات: يستفيد اللاجئون من هذا الحق شرط أن تكون إقامتهم في الدولة بصفة شرعية، ويكون ذلك إما بدخولهم إلى البلد بصفة شرعية، أو بتسوية وضعيتهم بعد أن دخلوا البلد بصفة غير شرعية.
-ب- العمل المأجور: يحظى اللاجئون بثلاث امتيازات، أولها التمتع بالمعاملة الأفضل التي تكون قد منحتها الدولة المعنية إلى فئة معينة من الأجانب المتواجدين في نفس الظروف. أما الامتياز الثاني فيتعلق بعدم الخضوع للتدابير المفروضة من طرف الدولة لحماية السوق الوطني وذلك متى أمضى اللاجئ ثلاث سنوات مقيما في البلد، أو كان زوجه حاملا جنسية بلد إقامته، أو كان للاجئ ولد أو أكثر حامل لجنسية بلد الإقامة. أما آخر امتياز، فيتمثل في بذل الدول لجهدها من أجل مساواة اللاجئين مع المواطنين فيما يتعلق بالعمل المأجور.
الفرع الثالث: المعاملة نفسها التي يتمتع بها المواطن:
كفلت اتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1951 للاجئين معاملة مساوية أحيانا لتلك المقررة لرعايا الدولة التي يوجدون على إقليمها، ويتعلق الأمر بالحقوق التالية :
-أ- حق ممارسة الشعائر الدينية و حرية اختيار التعليم الديني للأبناء : والمقصود بهذا الحق أن معاملة اللاجئين لا يمكن أن تكون أفضل من المعاملة التي يخص بها القانون الوطني المواطنين فيما يتعلق بممارسة الشعائر الدينية والتربية الدينية للأولاد.
-ب- حق الملكية الأدبية و الفنية و الصناعية : جسد المشرع الجزائري هذه الحماية. فبخصوص الملكية الأدبية والفنية، يتمتع الأجنبي وبالتالي اللاجئ بنفس الحماية التي تتمتع بها مؤلفات الجزائريين. وهو ما يستخلص من نص المادة 79من الأمر رقم 73-14 المتعلق بحق المؤلف، والتي جاء فيها:”إن مؤلفات الأجانب التي لم يسبق أن نشرت والتي تنشر للمرة الأولى في الجزائر، تتمتع بموجب هذا الأمر بنفس الحماية التي تتمتع بها مؤلفات الجزائريين”.
أما بالنسبة للملكية الصناعية نجد المادة 12 من الأمر رقم 66-54 المتعلق بشهادات المخترعين وإجازات الاختراع، تنص على: “يكون الحق في الإجازة خاصا للمخترع الأجنبي ولخلفه الأجنبي”.
فما يستخلص من المادة أن حصول الأجنبي على شهادة مخترع تكون سواء قام بتسجيله في بلد جنسيته أم لا. وبذلك فإن هذه المادة تصب في مصلحة اللاجئ، كما تعد تجسيدا للمادة 14 من اتفاقية 1951.
-ج- حق التقاضي والتمتع بالمساعدة القضائية والإعفاء من الرسوم: فمن البديهي أن يتمتع اللاجئين بهذا الحق باعتبارهم إحدى فئات الأجانب.
خاتمة:
يوفر القانون الدولي العام للاجئ مركزا قانونيا، يخوله الحصول على الحماية، كما يضمن له مسألة احترام حقوقه استنادا إلى مبدأ ” احترام حقوق الإنسان”، ذلك أن القواعد الدولية التي ترعى حقوق الإنسان، توفر حماية أوسع لمختلف فئات اللاجئين. وإن كان هذا هو الوضع بالنسبة لمركز اللاجئ في القانون الدولي العام، إلا أن تفعيل هذا المركز في الدولة المضيفة هو ما يشكل فرقا بالنسبة لتمتعه بالحقوق والواجبات تبعا للمركز الذي تقرره دولة الملجأ.
وإن دراسة التنظيم التشريعي لمسألة اللجوء في الجزائر، في محاولة لتحديد مركز اللاجئ ما يسمح باستنتاج ما يتمتع به من حقوق وما يتحمله من التزامات في إطار المقاربة القانونية لحماية اللاجئين، يظهر نجاح المشرع الجزائري في ضبط مكانة اللاجئ في الجزائر. فإن كان يعاب عليه عدم وضع مرجعية قانونية واضحة لمسألة اللجوء، إلا أن التطرق للتشريعات الجزائرية التي لها صلة بموضوع اللجوء من شأنه الكشف عن نظام قانوني يكاد يكون كاملا، ما يمكن معه القول بوجود قانون للجوء في الجزائر وإن لم يكن بالمعنى الفني للكلمة لكن بالمعنى الواسع.
ومع ذلك فتبقى الدولة الجزائرية تبقى مدعوة لترجمة التزامها بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبالمواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بموضوع اللجوء، وسلك نهج يحفظ للاجئ حقوقه وكرامته بما ينسجم مع التزام الدولة، وذلك من خلال:
– صياغة نصوص قانونية واضحة وصريحة، لا تحمل أي لبس أو غموض، تعمل من خلالها على مطابقة القوانين الداخلية للتشريعات الدولية.
-إنشاء نظام للجوء من شأنه أن يحدد من هو اللاجئ، ومن الذي لا يستحق الحماية وينبغي رفض طلبه وإعادته إلى وطنه بأسلوب آمن وكريم.