المؤسسة السجنية وإعادة تأهيل الحدث الجانح : رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص
معوقات تحقيق هدف إعادة التأهيل.
رغم تزايد الإهتمام بالمؤسسة السجنية كفضاء لإعادة تأهيل الأحداث الجانحين من خلال وضع إطار تشريعي يسعى لتحقيق هذه الغاية فإن جوانب القصور والغموض لازالت تقف دون بلوغ ذلك، بالإضافة إلى أن تطبيق هذا الصرح التشريعي على أرض الواقع يعرف العديد من العراقيل والعقبات منها ما هو قانوني يرتب آثارا وخيمة على وضعية المحكوم عليه مثل السجل العدلي الذي يعرف ثغرات قانونية تسيء إلى سمعة الحدث الجانح وتحول دون تحقيق الاندماج لما يمارسه من تهميش ووصم يطال هذه الفئة، رغم خصوصياتها التي تستلزم معاملة من نوع خاص، وبمقتضاها يتحول السجل العدلي إلى أداة لعرقلة إعادة التأهيل ووسيلة للإقصاء.
ونظرا لما يحتله موضوع الرعاية اللاحقة للمفرج عنهم من السجون والإصلاحيات من مكانة، لأنه من الطروحات المجتمعية التي يجب أن تتكامل فيها الجهود القانونية والاجتماعية والثقافية والمادية والمؤسساتية، فإن الأمر يتطلب سن قوانين تنظمها وتحدد أهدافها وهو ما يفتقده التشريع المغربي مما انعكس على وضعية الأحداث بعد مغادرتهم للمؤسسة السجنية.
إن المتهم يجد نفسه أمام صعوبات جمة على عدة مستويات تعيق إعادة تأهيل المفرج عنه واستشراف تصور يمكن من احتواء ظاهرة الإجرام ومحاربة العود إلى الجريمة، لذا لابد من استعراض الصعوبات حتى نتمكن من تجاوزها، خاصة وأن المشرع لم يتخلص من النظرة التقليدية للمجرم وكذا من الإسقاطات الاجتماعية التي تنظر إلى الخارج من السجن نظرة ريبة وتحقير، فالحدث يقضي فترة من العقوبة ويبقى متبوعا بالعديد من الإجراءات القانونية التي تعرقل إعادة تأهيله.
إن المشرع يساهم في عملية العود إلى الجريمة، لأنه بمجرد انتهاء العقوبة يجب أن يسترجع الجاني وضعه الطبيعي حتى يتمكن من الاستفادة من التأهيل، بعيدا عن النظرة التي تجعل المفرج عنه يشعر بنوع من الاغتراب والعزلة والتنافر والإقصاء من طرف المجتمع، وهذا هو الدور المنوط بالرعاية اللاحقة فالعقوبة السجنية وإعادة التأهيل داخل المؤسسة غير كافية لمنع العود إلى الجريمة لأن هذا الأخير هو المؤشر الدال على فشل الجهود المبذولة لإعادة التأهيل.
إن ما هو مسطر في النصوص القانونية يتجاوز إلى حد كبير واقع المؤسسات السجنية التي تعيش وضع مادي مأساوي نتيجة قلة الإمكانيات الموجودة للقيام بوظائفها على أكمل وجه، وهو ما يعمق الهوة بين ما نرجوه من إعادة التأهيل، والتجليات التي نلامسها ميدانيا.
ولتسليط الضوء على مختلف هذه العقبات والآثار المترتبة عنها سوف نعالج في هذا الفصل:
المبحث الأول: العقبات القانونية لإعادة تأهيل الحدث الجانح
المبحث الثاني: المعوقات المادية لإعادة التأهيل وأثارها
المبحث الأول: العقبات القانونية لإعادة تأهيل الحدث الجانح
على الرغم من التطور الذي عرفته العقوبة في وظائفها والأهداف المتوخاة منها و التي تسعى إلى إعادة التأهيل وإصلاح السلوك غير السوي من خلال مختلف البرامج المعدة لهذا الغرض، فإن العديد من العراقيل لا زالت تعترض عملية إعادة التأهيل، فإلى جانب المعوقات المادية والواقعية نجد التشريع نفسه يساهم في هذه العرقلة بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويعتبر السجل العدلي في مقدمتها، حيث تسجل جميع الأحكام الصادرة في حق الحدث سواء كانت أحكام بعقوبة سالبة للحرية أو أوامر بتدابير الحماية والتهذيب وذلك لضبط السوابق الجنائية لهذه الفئة والتي تأخذها السلطة القضائية بعين الاعتبار لمعاملتهم فيما بعد إذا وصلوا إلى يد العدالة مجددا، ويزداد الأمر تعقيدا في الآثار الوخيمة التي ترتبها هذه المؤسسة على حقوق الأحداث إذ يتم حرمانهم من الاستفادة من بعضها نتيجة لذلك لا لشيء سوى لأنهم قضوا مدة من العقوبة في المؤسسة كما أن المجتمع يتخذ موقفا سلبيا من هذه الشريحة فالوصم الاجتماعي الذي يلحق بالحدث يرتب معاملة خاصة من خلالها ينظر إليه بنوع من التهميش والاحتقار، من لدن أفراد المجتمع ومختلف مؤسساته، ويتحمل المشرع المسؤولية كاملة في هذا الشأن، إذ كان ينبغي إعفاء هذه الفئة من الخضوع لأحكام السجل العدلي أو ابتكار آلية أخرى تكون أكثر استجابة لخصوصية الحدث.
وإلى جانب هذه الأحكام نجد أن كل الجهود المبذولة خلال مرحلة التنفيذ تذوق مرارة الفشل في المرحلة اللاحقة على التنفيذ، حيث يبقى المحكوم عليه عرضة للضياع في العديد من الدول ومنها المغرب، بسبب غياب كل رعاية لاحقة تضمن له الحق في إعادة التأهيل والاندماج الاجتماعي، كما أن الطابع العقابي لهذه الرعاية لا يساهم بشكل فعال في إنجاح إعادة التأهيل في حالة تنظيمها من قبل المشرع، هذا إذ لم نقل غيابها بشكل تام، لهذا سنعالج العقبات القانونية لإعادة التأهيل انطلاقا من:
المطلب الأول: السجل العدلي للأحداث وعرقلته لإعادة التأهيل.
المطلب الثاني: محدودية الرعاية اللاحقة وانعكاساتها.
المطلب الأول: السجل العدلي للأحداث وعرقلة إعادة التأهيل
عملت مختلف التشريعات على إقحام مؤسسة السجل العدلي ضمن مقتضيات القوانين الإجرائية، كآلية لخدمة السلطات القضائية من خلال الإطلاع على السوابق الجنائية للمحكوم عليهم لتقدير درجة خطورتهم واحترافهم للإجرام وذلك صيانة لمصالح المجتمع والدولة على حد سواء، وإذا كان هذا القول يصدق على فئة من المحكوم عليهم، فإن هذا الأمر لا يكون ذو فائدة تذكر في العديد من الحالات حيث يتحول السجل العدلي إلى أداة لعرقلة جهود إعادة التأهيل من خلال إقصاء كل من سبق الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية من حقه في الاستفادة من بعض الحقوق وكذلك وصمه اجتماعيا بالمجرم-الفقرة الثانية- ويعود السبب في ذلك إلى موقف المشرع المغربي من تدوين السوابق الجنائية للأحداث بالسجل العدلي-الفقرة الأولى.
الفقرة الأولى: جوانب قصور التنظيم القانوني للسجل العدلي.
ابتدع المشرع نظام السجل العدلي من أجل القيام بوظيفة دقيقة ومحددة الأهداف والمرامي، فالسجل العدلي يعتبر من جهة أداة أساسية وفعالة بالنسبة للسلطة القضائية التي تلجأ إليه في كل مراحل الدعوى الجنائية، ومن جهة ثانية هو أداة في خدمة كل المصالح العمومية للدولة والمقاولات وحتى بالنسبة للأفراد على اختلاف فئاتهم، لهذا حرص المشرع على تنظيم مؤسسة السجل العدلي بطريقة تتلاءم والوظيفة التي أرادها له، وقد حرص في كل ذلك على أن تكون له مهمة واضحة المعالم والمقاصد عن طريق الأحكام التي خص بها مختلف البطائق التي يتكون منها وطرق تحريرها وترتيبها ومسكها والإطلاع عليها ([1]).
ولكن مؤسسة السجل العدلي وعلى الرغم من تلك الأحكام التي تحدد إطارها القانوني، فإنها جاءت مشوبة بالعديد من النقائص والعيوب التي جعلتها غير قادرة على القيام بمهامها بالصورة المرجوة منها بالإضافة إلى التدهور والتخلف الذي بدأت تعاني منه بسبب قصورها في الإستجابة لكل الأدوار المنتظرة منها، وكذلك الدور الإقصائي الذي تمارسه من خلال الحرمان من بعض الحقوق الأساسية ([2]).
إن قانون المسطرة الجنائية أوجب تسجيل الأحكام الصادرة عن الهيئات المختصة بالأحداث في سجل يمسكه كاتب الضبط ولا يكون في متناول العموم ([3]) ويحتوي هذا السجل العدلي على مقررات الحماية والتهذيب المتخذة في حق الأحداث ([4]) لكن الملاحظ عن هذه المقتضيات الخاصة بتنفيذ الأحكام والمدرجة في القواعد الخاصة بالأحداث ([5])، عدم إشاراتها إلى كيفية تسجيل الأحكام الصادرة بعقوبة سالبة للحرية في حق الأحداث، وهو ما تجاهلته كذلك المقتضيات الخاصة بالسجل العدلي الواردة في قانون المسطرة الجنائية حيث اكتفت بالإحالة إلى المادة السالفة الذكر فيما يتعلق بالمقررات المتخذة في حق الأحداث والتي يتعين وضعها في البطاقة رقم1، هذه الأخيرة تعتبر الدعامة الأساسية للسجل العدلي لأنها تستقبل أنواعا معينة من الأحكام والقرارات قام المشرع بتحديدها على وجه الحصر ([6])، وهو ما يدفعنا للقول بأن العقوبة المتخذة في حق الحدث تسجل في السجل العدلي وفقا للمقتضيات العامة باعتبارها مقررات صادرة بالإدانة عن أية محكمة زجرية من أجل جناية أو جنحة ([7])، لتكون موضوع البطاقة رقم 1 التي يحررها كاتب الضبط بالمحكمة التي بثت في القضية داخل 15 يوما من صيرورة الحكم نهائيا في حالة صدوره حضوريا أو 15 يوما من تاريخ تبليغ المقرر الصادر غيابيا، وينطبق نفس الأجل من صدور المقرر بالعقوبة على مسطرة غيابية، ويشهد وكيل الملك بصحة هذه البطائق بعد التأكد من محتواها لأن إدارة السجل العدلي تكون تحت سلطته حسب المادة 655 من ق.م.ج. وضبطا لغاية هذه المؤسسة حدد المشرع هدفها، إذ تستعمل على الخصوص لتطبيق العقوبات في حالة العود ولإلغاء إيقاف التنفيذ وكذلك لتمكين مختلف الإدارات العمومية من منع المجرمين من ولوج الوظائف العمومية والإنخراط في القوات المسلحة الملكية ([8]).
إن الحدث الجانح المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية لا يستفيد من صبغة السرية التي خولها المشرع لهذه الفئة على غرار ما هو مقرر في حالة اتخاذ تدابير الحماية والتهذيب إذ لا يشار إليها إلا في البطاقة رقم 2 المسلمة للقضاة وللمصلحة المكلفة بالحرية المحروسة باستثناء أية سلطة أو مصلحة عمومية أخرى، فالحدث يجد نفسه أمام العلانية التي يمارسها السجل باعتباره ذاكرة تحتفظ إلى الأبد بكل السوابق الجنائية ووسيلة للتذكير بها من خلال مؤسسات الدولة ممثلة في الجهاز القضائي وجهاز الشرطة وهو ما يتنافى مع تطور الهدف من العقوبة والفلسفة الجنائية الحديثة.
وأمام الإنتقادات التي وجهت إلى السجل العدلي باعتباره أداة لإفشاء السوابق الجنائية للأفراد، حاولت معظم التشريعات التقليل من حدة هذه الانتقادات من خلال الاعتراف للمحكوم عليه فقط بحق الإطلاع على سوابقه الجنائية والحصول على نسخ من سجله العدلي دون غيره، لكن هذا الإجراء لم يحقق الهدف المتوخى منه، حيث تعطى الإمكانية للأفراد للحصول على نسخة من البطاقة رقم 3 من سجله العدلي ليستعملها كوثيقة كلما دعت الضرورة إلى ذلك ([9])، هذه البطاقة تتضمن بيانات بالأحكام الصادرة بعقوبات سالبة للحرية عن إحدى محاكم المملكة من أجل جناية أو جنحة، خاصة وأن الشخص لا يدلي بنسخة من سجله بمحض اختياره وإنما يكون مضطرا لذلك، فهذه البطاقة نسخة النص الكامل للبطائق رقم 1 والتي تقوم بوظيفة العلانية السلبية، ما دامت تفضح أمره لدى جميع الدوائر الرسمية، وبطريقة لا تترك أية فرصة للتأكد من محتواها أو ما إذا كانت هناك أخطاء في مضمونها قد تؤثر على مصالحه دون أن يعلم بذلك.
وحفاظا على خصوصية الحدث الجانح خولت المادة 507 من ق.م.ج. لقاضي الأحداث وبعد انصرام أجل ثلاث سنوات ابتداءا من يوم انتهاء مدة تدابير الحماية والتهذيب ([10])، إذا تأكد حسن سيرة الحدث أن يأمر بإلغاء البطاقة رقم 1 التي تتضمن التدابير المتخذة في حقه إما تلقائيا أو بناءا على طلب النيابة العامة أو من الحدث أو ممثله القانوني أو الوصي عليه أو كافله أو الشخص أو المؤسسة المكلفة برعايته، وتأكيدا على حق الحدث في إلغاء محتويات هذه البطاقة أجازت نفس المادة إمكانية الطعن بالاستيناف أمام الغرفة الجنحية للأحداث لدى محكمة الاستيناف في مقرر القاضي برفض الطلب، وفي حالة صدور الأمر بالإلغاء تتلف البطاقة رقم 1 المتعلقة بالتدبير، ونفس التوجه كرسته المادة 663 من ق.م.ج. التي تقضي بأن البطاقة رقم 1 تسحب من السجل العدلي وتتلف إذا أمرت هيئة قضائية بحذف البطاقة رقم 1 طبقا للمادة 507 من ق.م.ج، وفي هذا الإطار يثار التساؤل حول مدى استفادة الحدث المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية من هذه المقتضيات ومن ثم اعتبار العقوبة والتدبير من طبيعة واحدة فيما يتعلق بالأحداث خاصة وأن هذه الأخيرة تطبق بشكل استثنائي؟
إن المشرع لم يتناول هذه النقطة، لكن الممارسة العملية لتسجيل الأحكام الصادرة في حق الحدث تسير في اتجاه إخضاعه للمقتضيات العامة حيث لا يبقى أمامه سوى صدور عفو شامل يمحو العقوبة المضمنة في البطاقة.
إن أهمية الحديث عن التنظيم القانوني للسجل العدلي للأحداث تكتسي أهمية بالغة بالنظر إليه في مراحل متقدمة من حياة الحدث الذي ستقسوا عليه الظروف من جديد ويضطر إلى ارتكاب جريمة أخرى في مرحلة الشباب فيواجه بسوابقه الجنائية فيسقط بذلك في حالة العود وتشدد العقوبة عليه، خاصة وأن هذه السوابق قد تؤثر على قناعة القاضي لتقرير حاله العود ودون أن يأخذ بعين الإعتبار الحجج التي تم عرضها أثناء الإجراءات والتي نوقشت شفاهيا وحضوريا أمامه، وهذا هو الدافع الذي كان وراء إقرار التشريعات المقارنة استبعاد أحكام العود والتكرار في قضايا الأحداث، وهذا على عكس القواعد العامة التي تصر على تشديد عقوبة الجريمة الأخيرة في حالة الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد صدور حكم نهائي في حقه من أجل جريمة سابقة، والعلة في ذلك هو أن عودة الجاني إلى الإجرام دليل على أن العقوبة الأولى لم تكن كافية لردعه أو تهذيبه، فالمشرع السوري استبعد تطبيق الأحكام الخاصة بالتكرار الواردة في قانون العقوبات على الأحداث الجانحين لأنه لا يمكن الجمع بينهما وبين الطريقة المتبعة في معاملتهم، فنص في الفقرة -أ- من المادة 58 من قانون الأحداث على أن أي جريمة يقترفها الحدث في أي سن كانت لا تحسب سابقة في العود إذا ارتكب جريمة أخرى قبل بلوغه سن الرشد أو بعده، وكذلك فعلت المادة 20 من قانون الجزاء الكويتي التي تقر في فقرتها الأخيرة عدم سريان أحكام العود على المتهم الذي لم يبلغ من العمر 18 سنة ([11]). والهدف الذي توخته هذه التشريعات هو صرف النظر عن السوابق الجنائية وعن جرائمهم المقترفة قبل بلوغهم سن الرشد الجنائي، وذلك حتى تكون آثار إعادة التأهيل مكتملة وتمتد إلى مستقبل الأحداث لبدء حياة اجتماعية خالية من أية إشارة إلى جنوحهم في وقت لم يكن وعيهم كاملا.
وكنا نأمل من المشرع المغربي أن يسير على منوال هذه التشريعات ويقرر عدم تسجيل الأحكام الصادرة في حق الأحداث سواء كانت تدابير الحماية أو التهذيب أو العقوبة السالبة للحرية في السجل العدلي خصوصا وأن هذه الدول تجمعنا معها روابط ثقافية وحضارية بالإضافة إلى أن المشرع المغربي متقدم ورائد في إقرار حقوق متميزة للطفولة الجانحة بشكل عام لم تصل لها بعد بعض التشريعات المقارنة.
فالحاجة ملحة لتجاوز هذه الثغرة القانونية التي تشكل عائقا أمام إعادة التأهيل وهو ما نلامسه من خلال كثرة الانتقادات الموجه إلى السجل العدلي أمام التغييرات التي لحقت أغلب المؤسسات التي تنتمي إلى النظام الجنائي بصفة عامة تحت تأثير تيارات حقوق الإنسان وما نتج عنها من إعلانات دولية وجهوية أثرت بشكل كبير على السياسة الجنائية التي تنهجها العديد من الدول التي جعلت السجل العدلي يطرح كثيرا من العراقيل الخطيرة.
الفقرة الثانية: السجل العدلي أداة لعرقلة إعادة التأهيل
يولد السجل العدلي العديد من المتاعب للمحكوم عليه- حدثا كان أو بالغا- فهو يعتبر بمثابة عقوبة جديدة قد تكون أكثر قسوة وأكثر خطرا في حياتهم من العقوبة الأصلية بذاتها وإن كان هذا لا وجود له في النصوص القانونية، لكنه يستفاد من مواقف المجتمع والسلطات، لأن تسجيل الأحكام الجنائية في بطائق السجل العدلي يعتبر تدنيسا une flétrissure يستحيل محوه أو تقادمه، لهذا السبب كثر الجدال حول تحديد طبيعة السجل العدلي ([12])، فاتجاه يرى السجل مجرد وثيقة إدارية تم ابتكارها من أجل ضمان حماية المجتمع والدفاع عن مصالحه في مواجهة طبقة المجرمين من خلال تعرف السلطات القضائية على فئة المحكوم عليهم ذوي السوابق القضائية وذلك للتمكن من التطبيق المحكم لقواعد العود وتشديد العقوبات ([13])، وفي نفس الوقت منح الفرصة للمؤسسات العمومية والخاصة من معرفة هوية الأفراد العاملين لديها فهو بمثابة دفتر للحالة المدنية الذي يمثل دعامة أساسية في تنظيم المجتمعات.
بينما يرى اتجاه آخر أن السجل العدلي عقوبة إضافية ذلك أن العقوبة التي تصدر بمقتضى حكم قضائي تؤثر سلبا على حياة الحدث الجانح فتصيبه في حياته عن طريق تجريده من حريته، أما تسجيل الأحكام الصادرة بالإدانة في بطائق السجل العدلي فإن أثرها يكون عميقا إذ يتجاوز مرحلة تنفيذ العقوبة فيستحيل على المحكوم عليه التخلص منها، ما دامت ستطارده في سمعته ومستقبله وحرمانه من ممارسة العديد من الحقوق الأساسية.
فالسجل العدلي بهذه الطبيعة يكون أكثر خطورة من حالة الحرمان من الحرية خاصة وأن حدة آثار السجل العدلي تتسع عند التمييز بين فئة الأشخاص الشرفاء وفئة الأشخاص من الدرجة الدنيا الموصومين بسوابقهم الجنائية كيفما كانت طبيعة الجريمة المرتكبة. وقد ذهبت العديد من التشريعات المقارنة إلى منع التمييز بين أفراد المجتمع على أساس السوابق الجنائية خاصة فيما يتعلق بالاستفادة من الحق في العمل الذي يعد حسب اعتقادنا الثمرة الأساسية لإعادة التأهيل، وقد سارت كندا على هذا الاتجاه حيث منع الفصل الثامن من القانون المنظم للسجل العدلي ([14]) على الإدارات التابعة للدولة ومن في حكمها طلب نسخة للأفراد الذين يتقدمون بطلبات للحصول على عمل، حيث تتم هذه العملية دون اللجوء إلى بطاقات السجل العدلي بالإضافة إلى ذلك يمنع المشرع الكندي تضمين ملفات التوظيف أية خانة تخصص للإشارة إلى السوابق الجنائية للفرد ([15]).
فالدولة تحت تأثير هاجس حماية نفسها من الخطر الذي قد يمثله المحكوم عليه على مصالحها تفرض عليه عدة شروط لولوج الوظيفة العمومية، فهذا الأخير لن يستطيع الحصول على أي منصب شغل في إحدى الإدارات العمومية طالما هو متابع بسجله العدلي، إن هذه السياسة تفسر بوضوح كبير مدى تمسك الدولة بمصالحها وعدم اهتمامها بمصير المحكوم عليه وبمستقبله ([16])، وتمارس الدولة هذه الرقابة من خلال منح الصلاحية لمصالحها العمومية، بحق الاطلاع على البطاقة رقم 2، خاصة وأن هذه البطاقة تستمر في احتواء كافة السوابق الجنائية حتى تلك التي تم محوها بواسطة رد الإعتبار، وتجاوزا لهذا الموقف السلبي تخلت بعض الدول عن هذه السياسة في مجال السجل العدلي حيث فكرت أكثر في إعادة التأهيل والإندماج عن طريق الاعتراف للمحكوم عليه بالحق في استعادة كافة حقوقه بعد مغادرته السجن وتنفيذ العقوبة مثل النرويج والسويد وبعض الولايات في أمريكا ([17])، فتعالت الأصوات على ضرورة الإعتراف للقاضي الزجري بسلطة تقديرية في تحديد الأحكام القابلة للتسجيل في بطائق السجل العدلي وذلك بالنظر إلى طبيعة الجريمة المرتكبة وخطورتها على المجتمع، بالإضافة إلى ضرورة الأخذ بعين الإعتبار شخص المجرم وظروف ارتكابه للجريمة، ليخضع بذلك السجل العدلي لعملية التفريد عن طريق إخضاع بياناته إلى عملية انتقائية يكون الهدف منها قبل كل شيء تسهيل عملية إعادة التأهيل والإندماج ([18]).
هذا في الوقت الذي يرى فيه البعض ضرورة الإعتراف لمدير المؤسسة العقابية بصلاحية وقف تسجيل السوابق الجنائية في بطائق السجل العدلي كلما ثبت تحسن سلوك المحكوم عليه خلال مرحلة التنفيذ العقابي، فهذه الطريقة تمثل أنجع السبل لتشجيعه على عملية إعادة التأهيل خاصة وأن مدير المؤسسة السجنية والأطر العاملة بها تكون على دراية كافية ودقيقة بسلوك المحكوم عليه أكثر من القاضي الذي لم يتعرف عليه إلا خلال مرحلة المحاكمة ([19])، وإن كنا لا نساير هذا الرأي خاصة مع تنامي دور قاضي تطبيق العقوبة من جهة وصعوبة تحقيق ذلك على أرض الواقع نظرا لكثرة انشغالات مدير المؤسسة وتعدد اختصاصاته.
إن الحكم الصادر بالإدانة والذي يقضي بإخضاع المحكوم عليه للعقوبة لا ينحصر مفعوله في تنفيذ تلك العقوبات وما ينتج عنها من آثار، بل إنه يمتد إلى مجال آخر وهو وصم المحكوم عليه وتهميشه في مجتمعه من خلال تدوين سوابقه الجنائية بالسجل العدلي وهو ما يمس بشكل كبير بالحق في إعادة التأهيل والإندماج الاجتماعي والذي يعتبر من أهم الحقوق وأقدسها ما دام يرتبط ارتباطا وثيقا بكرامة المحكوم عليه كإنسان في حاجة ماسة للعيش في المجتمع. ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن البطاقة رقم2 تتحول إلى وسيلة لوصم المحكوم عليه، فهذا الأخير يجد نفسه مثقلا بسابقته الجنائية بمجرد خروجه من السجن، ولن نبالغ إذا قلنا بأن السجل العدلي في حياة الحدث يعتبر أكبر عرقلة يواجهها في حياته عند ما يرغب في الحصول على عمل جديد بعد تنفيذ العقوبة وخروجه من السجن وهذا الوضع ينتاقض مع الأهداف الأساسية للسياسة الجنائية الهادفة إلى رد الاعتبار وتحقيق إعادة التأهيل.
إن السجل العدلي يساهم في عملية تهميش المحكوم عليه ليتحول بذلك إلى أداة فعالة لمطاردته والتربص به الشيء الذي يجعله أداة لعرقلة جهود ومساعي إعادة التأهيل عن طريق إفشاء السوابق الجنائية، ويعتبر الوصم الذي يتعرض له الشخص من أبرز مظاهر التهميش وتتحقق عملية الوصم عند ما يرتكب الشخص جريمة ما فيتخذ موقف ضده من طرف مكونات المجتمع كالوسط العائلي أو الوسط المهني أو الشرطة أو السلطة القضائية كل حسب آلية محددة بدءا بالأحكام التي تصدر في حقهم (فالوقوف أمام العدالة كاف لوحده لوصم الحدث الجانح وبالأحرى إذا كان هناك سجل عدلي) ومرورا بالمؤسسة العقابية التي تتخذ نظام للحراسة غاية في الشدة وكذلك الوسط المهني عن طريق سلوك الحيطة والحذر وانتهاءا نجد أفراد المجتمع برفضهم التعامل مع مجرم سابق ([20])، والغريب في الأمر هو أن المجتمع لا يكون واعيا بعملية الوصم التي يلحقها بالمحكوم عليه حيث أن هذه العملية تتم بطريقة تلقائية لا سبيل له لأن يتحكم فيها، وهذا ما قد يفسر عدم قدرة المجتمعات على معرفة ما يجب اتباعه في مجال العقاب أو تبريره، وبالتالي فإن مصلحة المحكوم عليه وأحاسيسه ومشاعره لا تؤخذ بعين الاعتبار من طرف مكونات المجتمع ([21]).
فإذا كان السجل العدلي لا يمثل أدنى خطورة ولا أية صعوبة نحو إعادة التأهيل بالنسبة لفئة معينة من المحكوم عليهم الشرسين الذين لا يرجى صلاح حالتهم، فإنه لا يجب الاعتقاد بأن نفس الحالة تنطبق على غيرهم من المحكوم عليهم خاصة فئة الأحداث الذين يكونون أوفر حظا للاستفادة من برامج إعادة التأهيل وأكثر استعدادا للاندماج الاجتماعي، لأن جنوحهم يكون نتيجة ظروف طارئة وخارجة عن إرادتهم، لكن الإمكانية المخولة بتسجيل الأحكام الصادرة في حقهم بالعقوبة السالبة للحرية من شأنها أن تعرقل مختلف الجهود التي بذلتها المؤسسات السجينة لإعادة التأهيل، خاصة أمام محدودية أو بالأحرى انعدام الرعاية اللاحقة في التشريع المغربي التي تعتبر آلية لتكملة برامج إعادة التأهيل بعد الخروج من المؤسسة.
وهذا يعتبر نتيجة طبيعية لتزايد الإهتمام بحق جديد يعتبر من صميم حقوق الإنسان، وهو الحق في النسيان le droit a l'oublie وذلك خدمة للمحكوم عليه الراغب في استعادة مكانته الاجتماعية عما كانت قبل جنوحه ([22]).
المطلب الثاني: غياب الرعاية اللاحقة وانعكاساتها على الحدث.
أصبحت الرعاية اللاحقة للسجين المفرج عنه عموما من العناصر الجوهرية في السياسة الجنائية الحديثة باعتبارها الضمان الأخير لعدم سقوط المجرم مرة أخرى في الجريمة وهو ما يحدث عادة إذا لم تمد إليه يد المساعدة وهو يواجه المجتمع بعد انتهاء مدة العقوبة، كما يجب الاهتمام بالنزيل قبل الإفراج عنه وتخصيصه بمعاملة متميزة يطلق عليها المعاملة العقابية قبل الإفراج وتعتبر جزءا لا يتجزأ من البرنامج العام المعد لتأهيل النزلاء في المؤسسة السجنية سعيا وراء إعدادهم للعودة إلى حياة حرة شريفة وكريمة ويكون الاهتمام مركزا حيال تحقيق ذلك بشكل جدي خلال المرحلة الأخيرة في المؤسسة.
إن التساؤل الذي يثار بشأن الرعاية اللاحقة هو عن توقيتها متى تكون ومتى تبدأ، هل هي مصاحبة وموازية لإعادة التأهيل- الفقرة الأولى- والآثار المترتبة عن غياب هذه الرعاية والتي يعتبر موقف المجتمع من الحدث المفرج عنه أهمها- الفقرة الثانية-.
الفقرة الأولى: قصور الرعاية اللاحقة كآلية لتفعيل إعادة التأهيل.
إن الاهتمام بالمعاملة داخل المؤسسة السجنية ظل محورا أساسيا للدراسات العقابية وكأن مهمة الإصلاح والمعاملة التأهيلية تنتهي عندما يغادر النزيل المؤسسة، غير أن هذه النظرة تحمل في طياتها نوعا من التناقض، فإذا كانت الأساليب الإصلاحية داخل السجن تهدف إلى إعادة تأهيل النزيل وإعداده للإندماج في المجتمع من جديد، عضوا صالحا لا يعود إلى ارتكاب الجريمة، فإن هذه المسؤولية يجب أن تستمر حيال نزيل المؤسسة السجنية حتى بعد الإفراج عنه حتى يتمكن من التغلب على كافة العقبات التي تواجهه، وهو ما يصطلح عليه لدى علماء العقاب "بصدمة الإفراج" ([23])، ولتجاوز هذه الأزمة عن طريق تيسير اندماج الحدث في المجتمع بشكل تدريجي ظهر نظام الرعاية اللاحقة كامتداد لما يبذل من جهود لتهذيب وتأهيل نزلاء المؤسسات السجنية أثناء التنفيذ، فهي ليست مستقلة ويجب أن تقوم المعاملة العقابية داخل السجن على أساس من الصلة القوية بينهما وبين الرعاية اللاحقة، ذلك لأن الرسالة النبيلة التي تهدف إليها سياسة معاملة الأحداث المودعين بالمؤسسات السجنية هو العلاج والتهذيب وإعدادهم إعدادا يؤهلهم لاستئناف حياتهم بعد الإفراج.
إن الرعاية اللاحقة تعتبر التنمية الطبيعية لجهود إعادة التأهيل والتهذيب أثناء التنفيذ العقابي السالب للحرية، فهي تؤدي دوران الأول هو تكميلي والثاني هو صيانة الجهود كي لا تفسدها العوامل الاجتماعية.
وقد ظهر مفهوم الرعاية اللاحقة في نهاية القرن التاسع عشر، وكان يقتصر آنذاك على زيارة المرضى الذين هم في فترة نقاهة بهدف توفير الإمكانيات الكافية لهم لمتابعة برامج العلاج والحيولة دون تعرضهم لعوامل من شأنها أن تؤدي بهم إلى المرض مرة أخرى، إلا أن بعد ظهور الرعاية الاجتماعية كخدمة وانتقالها إلى كافة المجلات بما في ذلك مجال الجريمة والإنحراف ارتبطت الرعاية اللاحقة بالتأهيل الاجتماعي للمنحرفين ([24])، ذلك لأنه لم يكن من الصواب ترك المفرج عنه الذي قضى مدة داخل المؤسسة السجنية يواجه صعوبات حياة قد لا تمت بصلة للحياة التي ترك عليها المجتمع قبل سلب حريته ولعل أخطرها هو النظرة الدونية التي يستقبل بها الناس المفرج عنه والتي تنم عن عدم الترحيب بالإضافة إلى صعوبة إيجاد وسائل للعيش بالطرق المشروعة وتحقيق مطالبه بشكل يشجعه على احترام القيم الاجتماعية والقانونية، فكان أمام هذه الوضعية، ضرورة الوقوف بجانبه لتذليل الصعاب مع افتراض أن النزيل يكون قد استفاد من البرامج الإصلاحية المعتمدة داخل المؤسسة وعلى ذلك تهدف الرعاية اللاحقة إلى تدعيم وإتمام النتائج التي تم تحقيقها باتباع إجراءات من شأنها أن تحول دون ارتكاب المفرج عنه للجريمة مرة أخرى، ومن هذا المنطلق تعتبر الرعاية اللاحقة أهم أساليب المعاملة العقابية على الإطلاق لكونها هي التي يتوقف عليها بشكل كبير تحقيق العقوبة لأهدافها ([25]).
ولم يكن المجتمع الدولي جاهلا لهذا الأمر إذ أقرت القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء أن يوضع في الاعتبار منذ بداية تنفيذ الحكم، مستقبل السجين بعد إطلاق سراحه ويشجع ويساعد على أن يواصل أو يقيم من العلاقات مع الأشخاص أو الهيئات خارج السجن كل ما من شأنه خدمة أسرته وتيسير إعادة تأهيله الإجتماعي ([26]). وكرست قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم أهمية الرعاية اللاحقة إذ يتعين بذل الجهود لتوفير ترتيبات شبه مؤسسية مثل الدور ذات الحرية الجزئية والدور التعليمية ومراكز التدريب النهاري وغيرها من الترتيبات المناسبة التي يمكن أن تساعد الأحداث على العودة إلى الإندماج بشكل سليم في المجتمع ([27])، إن هذه القاعدة تشير إلى مواكبة الرعاية اللاحقة لفترة الاحتجاز في مؤسسة سجنية (إصلاحية) والتي تستهدف تلبية الاحتياجات المختلفة للمجرمين صغار السن الذين يعودون إلى المجتمع من خلال توفير التوجيه والدعم الهيكلي باعتبار ذلك خطوة هامة نحو نجاح العودة للإندماج في المجتمع.
وقد أثارت الرعاية اللاحقة جدالا واسعا في أوساط المهتمين بحقوق نزلاء المؤسسات السجنية و كذا الباحثين فيما يتعلق بتحديد مدلولها إذ يرى البعض بأن الرعاية اللاحقة تبدأ منذ صدور الحكم بالإدانة والعقوبة السالبة للحرية فتكون في هذا المعنى الواسع جدا لاحقة مباشرة للحكم بالإدانة وتمتد إلى ما بعد مغادرة المعتقل للمؤسسة السجنية حتى ولو كان ذلك أثناء مرحلة اختيارية عند تطبيق نظام الاختبار القضائي المعروف في الدول الأنجلوسكسونية وفي حالة الإفراج الشرطي المعروف في تشريعنا وحتى في إطار إيقاف التنفيذ، وعلى عكس هذا الفهم يقصر البعض الرعاية اللاحقة على مغادرة المعتقل للمؤسسة السجنية على إثر إنتهاء تنفيذ العقوبة كاملة ([28]) وهذا هو المدلول الضيق.
وعلى كل فإن ثمة بعدا فلسفيا واقتصاديا واجتماعيا هاما يكمن وراء فكرة الرعاية اللاحقة بمختلف مدلولاتها والمتمثل في ضرورة الإحتراز من إهدار الطاقات التي يتوفر عليها المجتمع مع محاولة تجنيدها في اتجاه خدمتة كما تعتبر فكرة منسجمة من الناحية المنطقية مع الجهود التي يحاول المجتمع بذلها قصد إصلاح السجين أثناء مكوثه في السجن فهي تشكل حلقة ضرورية مكملة لهذا الجهد الأولي ومتصلة به اتصالا عضويا.
أما نطاق الرعاية اللاحقة فالأصل أن تشمل جميع المفرج عنهم بصورة عامة، ونظرا لكون هذه الرعاية تتطلت جهدا ومالا قد يصعب توفيره لكل شخص من الأشخاص المفرج عنهم، ثم يكون بعض المفرج عنهم في غير حاجة إلى هذه الرعاية إما لكون عقوبتهم قصيرة المدة ونادرا ما يفقدوا مراكزهم الاجتماعية أو كانت أحوالهم المادية والإجتماعية مواتية بشكل يساعد على بناء أوضاعهم، وقد فرقت التشريعات المختلفة بين نوعين من الرعاية: إجبارية واختيارية، الأولى يلتزم بها المفرج عنه والثانية تخوله رخصة الاستفادة منها، فالتشريع الانجليزي يقرر الرعاية الإجبارية لمن كان محكوما بعقوبة تزيد عن ثلاثة أشهر لمن يقل عمره عن 21 سنة ([29])، وهناك جهات رسمية تسهر على الرعاية اللاحقة، بالإضافة إلى جهات خصوصية عديدة تعمل في هذا المجال ([30]).
أما الهيئات التي تختص بالرعاية اللاحقة فإن الاتجاه الحديث يميل إلى وجوب أن يعهد إلى السلطات العامة بهذه الرعاية باعتبارها جزءا من السياسة العقابية والمرحلة الأخيرة من المعاملة العقابية، وأن هذا الاختصاص يعتبر وظيفة من وظائف الدولة لأن هذا العمل يتطلب أموالا لا تستطيع الموارد الفردية توفيرها، ثم إن الرعاية اللاحقة تفترض أن تمارس السلطة نوعا من التوجيه والإشراف على المفرج عنهم وهو ليس من السهل أن يعهد به إلى هيئات خاصة، وهنا يتجلى تكييف الدور العقابي للرعاية اللاحقة انطلاقا من أنها التزام على الدولة تفرضه عليها وظيفتها في مكافحة الجريمة أو العود إليها وهي ليست شبيهة بالمساعدات التي تقدمها الدولة إلى المعوزين من أبناء المجتمع تنفيذا لمبدأ من مبادئ التضامن الاجتماعي فحسب، وإنما هي جزء من السياسة العقابية ويمكن أن يطلق عليها معاملة عقابية من نوع خاص ([31]).
وإذا كانت العديد من التشريعات قد أقرت مبدأ الرعاية اللاحقة ([32])، فإن المشرع المغربي لم يهتم بهذه المرحلة من حياة المفرج عنه وربما يعود ذلك إلى ما تطرحه من مشاكل على مستوى التنظيم والإمكانيات المادية التي تتطلبها، وهو ما يلاحظ بشكل جلي في غياب برامج الرعاية اللاحقة التي تمثل أحد الدعائم الأساسية في عملية إعادة التأهيل، لذا نرى ضرورة تكثيف هذه البرامج، على الرغم من غياب الإطار التشريعي لها، بما يساعد في تحقيق العملية الإصلاحية المتممة لتأهيل وتقويم سلوكية وشخصية الأحداث الجانحين وهو ما سيتدعم بإحداث هيئات رسمية تتولى على عاتقها مسؤولية تنفيذ ومتابعة برامج الرعاية اللاحقة بما يحقق التفاعل الوثيق بين دور العملية الإصلاحية التأهيلية ووقايتهم من خلال التوجيه والمتابعة وتقديم الرعاية الكافية التي تؤمن إعادة تكيفهم مع بيئتهم الاجتماعية ([33]).
ووعيا من إدارة السجون بأهمية الرعاية اللاحقة، بادرت المديرية بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء([34]) إلى إحداث وحدة للرعاية اللاحقة مقرها مؤقتا بمركز الإصلاح والتهذيب بالدار البيضاء والتي تعتبر لبنة أولى في انتظار إحداث وحدات مماثلة بجل المراكز الإصلاحية في مختلف مناطق المغرب، وتسعى هذه الوحدة إلى رسم الخطط الكفيلة بمساعدة السجناء المفرج عنهم وخاصة الأحداث منهم بتعاون مع الفعاليات المهتمة بالوسط السجني، كما تسعى إلى تقديم مقترحات عملية لتطوير العمل التربوي الذي يضمن إصلاح السجناء وتأهيلهم وتذليل الصعوبات التي تحول دون إعادة إدماجهم([35])، وأمام حداثة هذه التجربة فإنه يتعين تقديم الدعم المادي والمعنوي لتحقيق المهام المنوطة بها ولتكون مثال يحتدى به على المستوى الوطني.
إن غياب الرعاية اللاحقة وفق هذا التصور السالف الذكر من شأنه أن ينتج آثارا وخيمة على إعادة تأهيل الأحداث الجانحين والتي يشكل رد فعل المجتمع إزاءه أحد نتائجه الكارثية.
الفقرة الثانية: الآثار الاجتماعية لانعدام الرعاية اللاحقة.
يعتبر موقف المجتمع من الحدث الجانح الذي ولج المؤسسة السجنية من التبعات الاجتماعية التي تعرقل هدف إعادة التأهيل والتي تساهم فيها بشكل كبير انعدام الرعاية اللاحقة لأن المجتمع لا يقدر قساوة العقوبة التي نالها من جراء اقتراف جريمته وأن هذه العقوبة تنطوي في حد ذاتها على سخط المجتمع عليه ولومه له ولا حاجة لإضافة اللوم والتوبيخ بالتأكيد على ذلك بعد انتهاء عقوبته كما أن تواجد الرعاية اللاحقة أن تنم عن فهم عميق للعوامل والأسباب التي تدفع بالحدث منفردة أو متفاعلة إلى هوة الجريمة خاصة تلك المتعلقة بالبيئة الخارجية إذ هناك فئة من الجرائم يرد فيها الجنوح إلى عوامل تتعلق بعدم التكيف الاجتماعي والثقافي([36]).
فإذا كانت معرفة عوامل الجنوح تكتسي أهمية بالغة عند تحديد نمط المعاملة التي يتعين أن يخضع لها الحدث الجانح، فإن تسطير برامج وخطط للرعاية اللاحقة يساعد على مواصلة الجهود لإخراج الحدث من مأزق ردود الفعل التي تتخذ نحوه سواء عند ارتكابه للفعل الإجرامي وخضوعه لمسطرة طويلة من البحث والتحري تنتهي بإيداعه بالمؤسسة السجنية في حالة ثبوت إدانته، أو بعد مغادرته للمؤسسة التي من المحتمل أن يكون قد تلقى فيها جملة من البرامج عبارة عن علميات أو أعمال من المنتظر القيام بها حسب نظام معين وحسب كيفيات محددة ([37]).
إن إنعدام الرعاية اللاحقة يكرس عملية الوصم التي يخضع لها الحدث المحكوم عليه خاصة تلك الصادرة عن المجتمع الذي يرفض عادة رجوع المحكوم عليه بين أحضانه، حيث يصبح من الصعوبة بما كان أن يستعيد مكانته الاجتماعية والمجتمع ينبذه ويرفض نسيان ما لحقه من ضرر، إن عملية الوصم تتم بلورتها من طرف كل مكونات المجتمع: السلطة القضائية بالأحكام التي تصدرها ضد الأحداث الجانحين والمؤسسة السجنية بنظام الحراسة والأمن المشدد، والوسط المهني عن طريق سلوك الحيطة والحذر، والناس برفضهم التعامل مع مجرم سابق، كما أن الوصم يفسر من جهة أخرى فشل السياسة العقابية التي تنهجها الدولة ([38]). فبمجرد تسرب خبر تعرض الحدث الجانح للإدانة سيصبح هذا الأخير محور أحاديث الناس الذين يوجدون في دائرة روابطه الاجتماعية، ونادرا ما نجد فئة من الأفراد تتعاطف مع المحكوم عليه وترعى مصالحه وتساعده على الإندماج من جديد خاصة الوسط العائلي ومجموعة الأصدقاء الذين لا يتأثرون بهشاشة العلاقة مع المحكوم عليه، وهذا الموقف المعادي لهذه الشريحة المجتمعية لا يجد لنفسه أساسا منطقيا يرتكز عليه سيما مع تطور النظريات المتعلقة بالسياسة الجنائية الهادفة إلى إعادة التأهيل والإندماج الاجتماعي على أسس جديدة تزكيه الرعاية اللاحقة في حالة توافرها، وعليه قد تفسر موقف المجتمع بالرجوع إلى الاعتبارات النفسية والغريزية والذاتية التي تتحكم في تصرف الأفراد اتجاه المحكوم عليه والتي تأخذ أبعادا قد تطابق الرغبة في الانتقام منه لا سيما عند ما تتدخل عدة جهات للزيادة في تفاقم وضعيته ([39]). ففي المجتمع المغربي نلمس ظاهرة تهميش المحكوم عليه، فلا أحد يتحدث عن وضعيته ولا أحد يقبل التعامل معه، ولا أحد يبدي استعداده لمساعدته على الخروج من أزمته التي يتخبط فيها، وهذا سيؤدي لا محالة إلى تهميش نفسه بنفسه ما دام سيعتقد أن المجتمع صائب في موقفه اتجاهه، وسينتج عن ذلك سلوك طريق الإنحراف من جديد.
ومما لا شك فيه أن المهمة الأساسية للمؤسسة السجنية الحديثة هي السعي لتأهيل نزيلها وإعادة انماجه في المجتمع، وتبدأ هذه المهمة من اليوم الأول لدخول النزيل إلى المؤسسة، ونظرا لانقطاع النزيل عن المجتمع طيلة فترة تنفيذ العقوبة فإنه يكون بحاجة إلى تقديمه للمجتمع، وتقديم المجتمع إليه تدريجيا، لتجنب ردود الفعل العنيفة التي قد تتولد عنده إذا واجه المجتمع مباشرة بعد خروجه من المؤسسة، لهذا نجد المؤسسة الحديثة تعد للسجين –قبل فترة إطلاق سراحه- برنامجا خاصا لإعداده لإفراج، باعتباره جزء لا يتجزأ من البرنامج العام للتأهيل والمعاملة المفروضة على كل محكوم أثناء وجوده بالمؤسسة، وهو ما يعرف بالإعداد للرعاية اللاحقة، وللأسف الشديد لا وجود لها في التشريع المغربي، وهو ما يضع برامج إعادة التأهيل أمام أكثر من علامة استفهام حول جدواها وفعاليتها.
إن تنوير الرأي العام وإقناعه بأن تقديم الرعاية من شأنه أن يضاعف جهود إعادة التأهيل ويترجمها على أرض الواقع، وارتباط الحدث بالمجتمع أشد تأثيرا من صلته بالمؤسسة السجنية التي قد ستفلح في إعادة تأهيليه، لهذا فإن مشاركة وتأييد الرأي العام من الأمور الحيوية لتحقيق النجاح، وموقف الرأي العام أساسي، ويمكن في الحقيقة أن توصف درجة تسامح الرأي العام إزاء الحدث الجانح والثقة في طريقة معالجته بأنها تمثل المتغيرات المتحكمة في الأمر، وتعد الرعاية اللاحقة هي البوابة الأساسية لتدشين هذا التوجه والتي ستضفي الصفة الإنسانية على الفرد عن طريق إشراكه في المجتمع وتخليصه من العزلة والإنطواء على نفسه داخل الأسرة أو المدرسة أو موقع العمل، وجعله ينخرط تدريجيا في المجرى الرئيسي للحياة في العالم الحر.
إن مساهمة المجتمع في إعادة التأهيل يعتبر من الأمور الأساسية لنجاح هذه العملية وهذا رهين بدرجة الوئام والتضامن اللذين يتوفر عليها المجتمع وعلى عادات المشاركة الفعالة للمواطنين في العمل الإجتماعي، لأن فكرة إعادة التأهيل لا يمكن أن تطبق إلا بتفاعل الحدث الجانح مع مكونات المجتمع دون المس بكرامته.
المبحث الثاني: المعوقات المادية لإعادة التأهيل وآثارها
من المعروف أن عزل الشخص عن بيئته الاجتماعية يؤدي إلى حرمانه من حاجاته النفسية ومنها الحاجة إلى الانتماء إلى المجتمع الذي يشعر فيه بالأمن والاطمئنان فإذا حرم من هذا انتقل ولاؤه إلى جماعة المنحرفين بالمؤسسة السجنية حيث أن هذه الأخيرة حريصة على انضمام أي عنصر جديد لها لتعلمه طرق وأساليب احتراف الجريمة، ولعل أبرز سلبيات السجن هو نتائجه في إحداث الوصم على المتهمين والمجرمين إذ تشير الكثير من الدراسات الاجتماعية إلى أن عملية الوصم سبب أساسي ومهم في عودة الكثير من الأفراد إلى السلوك الإجرامي نتيجة رفض المجتمع لهم وعدم تقبله لهم بعد خروجهم من السجن، وحتى إذا ما قال البعض بأن السجن يقوم بإصلاح النزلاء من خلال البرامج والأنشطة التي تقدم لهم، إلا أن هذه الأنشطة تعاني من الكثير من العقبات الاقتصادية والبشرية والفنية التي تعيق أداءها لدورها بشكل فعال.
إن عملية إعادة التأهيل والإصلاح تتطلب إمكانيات ومهارات خاصة وعناصر فنية مدربة ومؤهلة وهو ما لا تتوفر عليه العديد من المؤسسات لأنها لا تمثل بالنسبة لها متطلبات ضرورية (يعتقد البعض أنها من الكماليات) فهي تعد في عداد المفقود حاليا، ومن الأسباب التي تجعل مؤسساتنا بمختلف أشكالها غير قادرة على أداء وظيفتها حتى ولو توفرت لدى المشرفين عليها قناعات في هذا الشأن هو إمكانياتها الحالية من مرافق ومبان ومعدات، إذ تعجز عن تطبيق فكرة تصنيف السجناء والتي تعتبر من أساسيات قانون تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، هذا بالإضافة إلى العجز الظاهر في العناصر ذوي الكفاءات والمتخصصين في علوم الاجتماع والطب النفسي والخدمة الاجتماعية الذين بإمكانهم تأهيل الأحداث، لهذا سنتناول في هذا المبحث العراقيل المادية والبشرية التي تحول دون قيام المؤسسة السجنية بوظائفها وفي نفس الوقت التطرق إلى ملامح هذا الفشل وتجلياته.
المطلب الأول: مظاهر فشل المؤسسة السجنية في دورها التأهيلي
بذل المشرع المغربي العديد من الجهود لتوفير المناخ المناسب لقيام المؤسسة السجنية بدورها في إعادة تأهيل الأحداث الجانحين خاصة على المستوى التشريعي رغم محدودية هذه الجهود، لكن الواقع العملي يبرهن على خلاف ذلك، إذ جميع المعطيات تشير إلى أن المؤسسة السجنية قد فشلت في أداء دورها أو على الأقل ضعف فاعليتها نتيجة لضعف الطاقات البشرية سواء من حيث التوظيف أو من حيث الكفاءات المهنية لدى المراقبين والمربين، كما أن حجم الإمكانيات المادية المرصودة لتنفيذ برامج إعادة التأهيل تبقى منعدمة خاصة على المستوى الصحي والغذائي-الفقرة الأولى- وما يجعل مهمة إعادة التأهيل صعبة المنال هو اكتظاظ المؤسسات السجنية-الفقرة الثانية-.
الفقرة الأولى: قلة الإمكانيات المادية والبشرية
إن المؤسسة السجنية لم تستطع القيام بمهمتها الأساسية التي وجدت من أجلها ألا وهي العمل على الحد والوقاية من الجريمة وتحقيق الاندماج الاجتماعي للأحداث المنحرفين في المجتمع، فبرزت أفكار جديدة أكثر واقعية من تلك الأفكار المتفائلة السائدة في بداية الخمسينات والستينات والتي كانت ترى في النظام الجديد للمؤسسات السجنية آنذاك على أنه الحل الأمثل والذي كان يهدف أساسا إلى الإصلاح والتدريب على الوقاية والحد من الجريمة وإدماج الأفراد الخارجين من المؤسسات الإصلاحية في المجتمع، لقد أصبحت النظرة الحالية للسجون تنطلق من قناعة أساسية مفادها أن السجون لم تعد ذات فاعلية في تقويم المنحرفين، بل إن البعض أصبح يطلق على السجون أنها أماكن لتفريخ السلوك الخارج عن القانون بدلا من أن تكون مؤسسات اجتماعية لإعادة التأهيل، وهناك نظريات أكثر سوداوية للسجون ترى أنها نوع من الشر لأنها أصبحت أماكن لتعليم الشر لكل من يدخلها إذ يلتقي الحدث مع مجرمين سابقين يلقنونه دروسا جديدة في الإجرام ويعلمونه أحدث أساليب ووسائل الجريمة ومن ثم يتخرج من السجن وهو يفكر في ارتكاب الجريمة الثانية مع ترسب الكراهية والعداوة للمجتمع([40]).
ونتيجة لذلك يرى بعض الباحثين أن السجن كعقوبة لم يؤت ثماره وأنه مهما قدم من برامج وأنشطة فإن تأثيره على النزلاء يبقى قليلا ومحدودا وغير مجدي في إصلاحهم وإعادتهم أسوياء للمجتمع، لأن وظيفة السجن لا تعدو أن تكون وسيلة للترهيب، في حين تراهن طائفة أخرى على مواكبة المؤسسات السجنية لصيرورة التطور الذي تشهده المجتمعات، وأن اعتماد الأساليب التقويمية الممنهجة سوسيولوجيا، تربويا، ثقافيا، تكوينيا وحقوقيا يمكن أن يؤتي أكله بالتدرج في مجال تصحيح الإعوجاجات والاختلالات وتغيير المفاهيم البالية إذ تكتسي مسألة النهوض بواقع المؤسسات السجنية مظهرا من مظاهر الألفية الثالثة التي يجب كسبها ([41]).
إن المؤسسة السجنية تواجه العديد من العقبات المادية تحول دون تحقيق العقوبة السالبة للحرية لهدف التأهيل سواء بالنسبة لإنشاء مباني السجن على أسس حديثة تتناسب مع الدور الإصلاحي أو إيجاد الإدارة العقابية السليمة التي تعتمد على الفنيين والأخصائيين المزودين بالتقنيات اللازمة لإجراء عمليات الفحص والتصنيف والمتابعة، أو بالنسبة لرعاية النزلاء صحيا واجتماعيا ونفسيا وتعليميا، فهذه كلها بلا شك عقبات قائمة الآن في معظم دول العالم في وجه إمكانية تحقيق العقوبة لهدف التأهيل ولا تملك السيطرة عليها وتذليلها بقدر الإمكان إلا قلة من الدول الغنية التي تتيح إمكانياتها المادية والبشرية والحضارية أن تتغلب على هذه العقبات، هذا في الوقت الذي تقف معظم الدول النامية عاجزة أمام هذه العقبات لا تستطيع السيطرة عليها ولا تذليلها ([42])، لأن إنشاء المؤسسات السجنية، بمختلف أنواعها وخاصة المخصصة للأحداث، وإدارتها وحراستها يكلف الدولة أموالا طائلة، هذا إذا كانت لتقييد حرية المحكوم عليه ومنع هروبهم فقط أما إذا أريد إضافة الإصلاح والتأهيل بإعادة الاندماج الاجتماعي كمواطنين صالحين فإن ذلك يكلف الدولة أموالا قد تعجز عنها الكثير من الدول أمام تزايد المودعين بالمؤسسات السجنية، وهو ما يدفعنا إلى القول بأن هذه الأخيرة بأوضاعها الحالية إذا استطاعت أن تحتفظ للحدث المودع لديها بمستواه الصحي والنفسي والخلقي والاجتماعي عند المستوى الذي دخله دون أن تفسد حياة السجن كل عناصر الاستقامة التي من الممكن الاحتفاظ بها رغم السلوك الجانح، فإنها تكون قد أدت مهمة تفوق بكثير كل الإمكانيات المتاحة لها.
ومن بين المؤشرات التي يمكن الاعتماد عليها للقول بأن السجن فشل في أداء دوره الإصلاحي، أساليب المعاملة العقابية والعمليات التي تستهدف تأهيل النزيل والتأثير على سلوكه كالتهذيب الديني والأخلاقي والتعليم والتدريب… وغيرها لا تؤدي دورها في إصلاح وتأهيل النزيل وتعديل سلوكه، بل إنها على العكس من ذلك بسبب انضباطها لخلفية أمنية قوامها القمع والممارسات المشينة فإنها تصبح أداة لتكريس الانحراف وتجذيره واقعيا، وبالطبع فالعوامل التي تقف وراء هذا التحول الوظيفي تظل كثيرة ومتنوعة وصعبة الحصر بدقة متناهية، فهناك من جهة ضعف الكفاءة الإدارية وعدم إلمام الإدارة والعاملين بالسجون بدورهم في تأهيل الجانحين ([43]).
إن المؤسسة السجنية (الإصلاحية) تشتمل على أطراف عدة شأن سائر المؤسسات الاجتماعية الأخرى، وتسود هذه الأطراف علاقات وتفاعلات فيما بينها وغالبا ما تكون نتائج هذه العلاقات متعارضة وضد الهدف الأساسي الذي يريده المجتمع من إقامة النزلاء في المؤسسات الإصلاحية.
ويأتي الأحداث الجانحين في مقدمة هذه الأطراف إلى جانب فئة المشرفين أو القائمين على الأمور في المؤسسة السجنية من حراس وإداريين أما الفئة الثالثة أو كما تسمى أحيانا بالفئة الجانبية، وهي فئة المختصين وأصحاب الكفاءات العلمية، هذه الجاماعات الثلاث لا يسودها دائما الوئام والتعاون، فكل فئة تنظر إلى الفئة الأخرى على أنها عائق في طريق قيامها بمهامها ووظيفتها، ففئة الحراس ترى أن وظيفتها الأساسية هي الحراسة واستثبات الأمن داخل المؤسسة وترى في هذه الوظيفة أهم وظيفة على الإطلاق وأن وجود المختصين وأصحاب الكفاءات عائق يحول دون قيامها بوظيفتها على أكمل وجه والمتمثلة في الحرص على عدم هروب النزلاء بغض النظر عن مهام المرشدين والمؤهلين الاجتماعيين الذين يرون في الحراس الإداريين عقبة تقف دون إتمام مهامهم أو حتى القيام بها والتي تتمثل في التأهيل والإصلاح والتقويم والتهذيب والعلاج وتقديم الخدمات الاجتماعية لأنه هو الهدف الأساسي للمؤسسة ([44]).
ونتيجة لهذا الوضع يطرأ بالضرورة تدهور، أو تعطيل، للبرامج التأهيلية والإصلاحية المعدة للنزلاء، لأن البعض منهم والتي تأصلت فيه النوازع الإجرامية يستغلون هذا الوضع لفرض سيطرتهم على النزلاء الآخرين ويمارسون ضغوطا عليهم لكي يشاركوهم ثقافتهم ويفرضون إرادتهم على المذنبين المبتدئين، وهكذا يتبدد الاقتناع لديهم بضرورة الإصلاح والتأهيل والتهذيب، نظرا إلى اختلاف وتضارب المصالح –عن فهم أو سوء فهم- بين هذه الفئات وهو ما يؤدي إلى فقدان السجن لوظيفته الإصلاحية التأهيلية، وهذا ما سيفضي بالنزلاء إلى بناء علاقات فيما بينهم تسودها نشاطات هامشية منحرفة.
وما يزيد من الأمر تعقيدا هو تغليب هاجس القوة والعنف على حساب الكفاءة المعرفية في اختيار موظفي المؤسسات السجنية بحيث يختار الحراس (وهم الأكثر احتكاكا بالنزلاء) من ذوي المستويات الدراسية العادية، وفوق ذلك فهم لا يسلحون في تكوينهم بالمعارف السيكولوجية والتواصلية والتربوية، ولهذا يبدو طبيعي أن تكون لغة العنف والظلم هي أكثر اللغات استعمالا وإتقانا لديهم، وأن يكونوا في نظر الجانحين كظالمين ومعتدين بلا أدوار تربوية على الإطلاق لعدم إلمامهم ببيداغوجية التعامل مع الحدث، مما يجعل عملهم بمثابة حراسة تستعمل فيها أساليب عقابية، لا يمكن بأي حال أن تساعد الحدث الجانح، خاصة أمام قلة الأطر المكلفة بإعادة التأهيل.
وهذا الاختلال في أداء المهام يتدعم انطلاقا من وضعية موظف السجن التي تظل شاذة وغير مقبولة، فهو الذي يتحتم عليه أن يعايش الجنوح والجانحين وأن يتعرض للخطر في كل حين، فإنه والحالة هذه يبقى محروما من أبسط الحقوق التي تستوجبها مهنته، وهذا فعلا ما يجعل الكثيرين من موظفي المؤسسات السجنية يغضون الطرف عن العنف الدائر بلا انقطاع داخل الأحياء والزنازن لأنهم متأكدون بأن الإدارة لن تحميهم لو قرروا الانحياز إلى الضمير والواجب المهني وساهموا في إصلاح الوضع وتقليص مساحات الانتهاكات والخروقات والعمل على أنسنة الفضاء السجني ([45]).
إن مختلف المؤسسات السجنية تشكو من عوائق عديدة تحول دون القيام بمهامها على أحسن ما يرام في مجال إعادة التربية والتهذيب وضمان سير عادي لدراستهم أو عملهم المهني، ومن أبرزها إلى جانب ما قيل سلفا هزالة الاعتمادات المالية المرصودة من قبل الجهات المعنية، فالميزانية المخصصة غير كافية بكل المقاييس وهو ما يفسر أن الدولة تصرف على السجين الواحد أربعة دراهم في اليوم فقط ([46])، وهو ما ينعكس على المستوى الصحي والغذائي لنزلاء المؤسسات السجنية إذ ينحدر معظمهم من أسر فقيرة ومعدمة وذات مستويات تعليم محدودة فالوضع السوسيواقتصادي للأحداث يتعين تخطيه داخل المؤسسة وليس تكريسه([47]).
إن مصير الحدث بالمؤسسة السجنية معرض للضياع ما لم يتلقى الدعم المادي من أسرته عن طريق تزويده بمختلف الحاجيات التي تعتبر ضرورية للحفاظ على توازنه الصحي هذا الدعم يتخذه الجانح كأداة ووسيلة للحصول على الأشياء المحظورة من قبيل السجائر والأقراص المخدرة وذلك من خلال المقايضة المعروفة في المشهد السجني أو ما يسمى "بالدلالة" والتي تنظم خلال الفسحة اليومية بعرض المبيعات والمزايدة عليها وهي من أقوى اللحظات السجنية والتي تتم تحت أنظار الحراس، الشيء الذي يجعل من المؤسسة سوقا تجارية لتداول الممنوعات التي تلج بإيعاز من المسؤولين.
إن إمكانيات إعادة التأهيل في المؤسسات السجنية تكاد تكون مفقودة فضلا عن أن توافر الحد الأدنى اللازم لحياة الأحداث حياة إنسانية كريمة يكاد يكون معدوما وهو ما يتأكد من المشاهدة الواقعية لنزلاء المؤسسات السجنية، مما دفع إلى دق ناقوس الخطر حول هذه الأوضاع المزرية والعمل على تحريك وتيرة الاهتمام بهذه الشرائح المجتمعية وتوفير كل فرص الحياة بعيدا عن العنف والسلطة والقهر.
لكن قراءة واقع المؤسسات السجنية لن تكتمل لدينا دون أن نسلط الضوء على أهم ظاهرة تعيشها مختلف المؤسسات وهي الاكتظاظ التي تزيد غياب مؤسسات خاصة بالأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة من استفحالها وعدم فعالية مبدأ التصنيف.
الفقرة الثانية: تفشي ظاهرة الاكتظاظ داخل المؤسسة السجنية
تعتبر ظاهرة الاكتظاظ أولى الإشكاليات التي تعاني منها المؤسسات السجنية ومن خلالها يمكن الاعتماد عليها كمؤشر لملامسة تأزم الفضاء السجني، ووضع المسؤولين أمام واقع المساءلة حول ما إذا كان مشكل الاكتظاظ يعود إلى تنامي ظاهرة الإجرام أم إلى عجز الوزارة عن بناء سجون كافية لإيواء المعتقلين، أم إلى عدم ترشيد الاعتقال واستصدار أحكام قضائية تتناسب وخطورة الفعل الإجرامي وشخصية الجاني ([48])؟
فالاكتظاظ يعد من أكبر مشاكل مؤسسة السجون بالمغرب وهو المسؤول إلى حد كبير عن تنامي وتفاحش العديد من الظواهر والسلوكات الانحرافية داخل هذه المؤسسات الإصلاحية، ومن بين الأسباب الكامنة وراء انتشار هذه الظاهرة هو قلة المؤسسات السجنية بشكل عام وتلك المخصصة للأحداث بوجه خاص، فإذا كان المشرع المغربي قد ارتأى إمكانية علاج جنوح الأحداث في المرحلة الثانية من سن الحداثة بتوقيع بعض العقوبات الخاصة عليهم فإنه قد أحدث مؤسسات إصلاحية لهذا الغرض منذ 1999 ([49]). وتعتبر إصلاحية عكاشة بالدار البيضاء أهم هذه الإصلاحيات بالمغرب إلى جانب إصلاحيات سلا وسطات التي تم إحداثها مؤخرا، وتضم هذه الإصلاحية حالية أزيد من 1000 حدث يقضون عقوبات تتراوح ما بين شهر وعشرين عاما، أغلبهم تم اعتقالهم بسبب جرائم الأموال والمخدرات، وقد ظلت الإصلاحية بدون أجهزة ترفيهية وبدون أن تعلم الأحداث أية مهنة حتى عام 2003 حيث تم إنشاء ورشات متخصصة تسمح لحوالي 177 حدث بالتكوين مهنيا تقدم عنه شواهد التكوين المهني ([50]). غير أن هذا الرقم يبقى ضئيلا جدا مقارنة مع عدد الأحداث المودعين بالإصلاحية ومن الملاحظ أن هذه الإصلاحية بدورها وكغيرها تعول في سريانها وتوفير ما هو لازم على الجمعيات الخيرية وتبرعات المحسنين.
والملاحظ أن عدد نزلاء هذه الإصلاحية يتجاوز بعدد كبير الطاقة الاستيعابية المقررة لها وهو ما جعل المسؤولين يخفضون حسب الإحصائيات الصادرة على مديرية السجون من هذا العدد سعيا وراء تقليص حجم الظاهرة.
ومن الآثار السلبية الناجمة عن التكدس في المؤسسات السجنية فشل عملية التضيف حيث تتطلب هذه الأخيرة توفير إمكانيات منها مكان فسيح لإقامة النزلاء في مجموعات متجانسة اجتماعيا واقتصاديا وتعليميا ومنفصلة عن المجموعات الأخرى وتحدد لكل مجموعة برامج تأهيلية تناسب ظروفها ([51]) إن اكتظاظ السجون يؤدي إلى زيادة معاناة النزيل نتيجة إقامته في غرفة أو زنزانة بها أعداد أكثر من طاقتها الإستيعابية وتزداد المعاناة أكثر لدى من يعاني من مشاكل نفسية نتيجة لدخوله السجن مثل الإكتئاب النفسي والإنطواء الاجتماعي والعزلة، ومن الممكن أن ينجم عن هذا الوضع بصفة عامة أو داخل العنابر بشكل خاص إشكاليات كثيرة مثل الشغب والعنف تزيد من تأجج وتفاقم المشاكل الأمنية والصحية أمام انتشار الأمراض لصعوبة عزل النزلاء المصابين عن الأصحاء لضيق المكان من جانب ومن جانب آخر للقصور في الخدمات الصحية لأن الضغط عليها لا يساعد على اكتشاف النزلاء المصابين في الوقت المناسب ([52]).
إذن في ظل هذه الأوضاع الموسومة بالإكتظاظ والعنف وسوء التغذية وضعف الرعاية الصحية لابد أن تتنامى العديد من الظواهر والسلوكات الإنحرافية من أبرزها ظاهرة الشذوذ الجنسي التي تعد من أكثر الظواهر انتشارا وشيوعا في الفضاء السجني، وتعتبر فئة الأحداث وذوي البنيات الضعيفة الشريحة الأكثر عرضة للإنتهاكات الجنسية خصوصا مع اختلاط السجناء على مستوى الفئات العمرية إذ نلامس فرقا كبيرا بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون، فالقانون ينص على التفريق بين الأحداث والبالغين بل إن فئة الأحداث تنقسم إلى ثلاث فئات، فئة ما دون السادسة عشرة، وفئة ما بين السادة عشرة والثامنة عشرة، ثم فئة صغار البالغين الذين لا يتجاوزون عشرين سنة ([53])، وكل هذه الفئات يتم فصلها عن البالغين الكبار تفاديا للإعتداءات وكذلك التأثير على سلوكاتهم.
لكن الواقع السجني يشير إلى خلاف ذلك فالحدث بمجرد دخوله إلى المؤسسة السجنية يفقد معه مباشرة كرامته كإنسان وتنحط بالتالي كل القيم الاعتبارية لديه، إذ يتساوى السجين المغلوب على أمره ببضاعة معروضة للبيع أو الكراء فتصبح المعايير الدولية المفروض تطبيقها بالمؤسسات السجنية مجرد شعارات فارغة ما دام أنه لا حقوق، وفي هذا السياق نشير إلى أفضع حالات الاستغلال التي كان محلها سجن خريبكة حيث تعرض حدث لاعتداء جنسي شنيع بحماية وتواطؤ موظفي الإدارة، ولولا الدور الإيجابي الذي لعبه المرصد الوطني لحقوق الطفل في فضح الواقعة لأقبرت القضية كسابقاتها فتمت متابعة المسؤولين على الحادثة وعلى رأسهم مدير المركب السجني رفقة بعض الحراس ([54])، كما تابع المرصد الوطني لحقوق الطفل أمام قاضي التحقيق لدى محكمة الإستيناف بمكناس واحدة من أبشع وأخطر حالات عدم الفصل بين الرشداء المدانين بعقوبات طويلة الأمد وحالة حدث محكوم بجنحة لمدة ثلاث سنوات حيث تعرض لعملية اغتصاب جماعية مرفوقة باحتجاز وتشويه الجسد ([55]).
وغالبا ما تطلعنا الصحف الوطنية على عمليات اغتصاب تعرض لها القاصرون داخل المؤسسة السجنية ([56])، من قبل رشداء على الرغم من صدور قانون تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية والمرسوم التطبيقي له الذي يحث على مبدأ الفصل وعدم الاختلاط.
وبالرغم مما لظاهرة الاكتظاظ من سلبيات تنعكس على تحسين ظروف الاعتقال وعلى تنفيذ البرامج الإصلاحية والتأهيلية فإنه ما يزيد من استفحالها هو غياب مؤسسات خاصة بالأحداث الذين ينتظرون المحاكمة كجزء لا يتجزأ من النظام الإصلاحي إذ لا يمكن لهذه الفئة الاستفادة من تلك البرامج بسبب وضعيتهم بحيث لا يعامل كمعتقل إلا إذا ثبتت إدانته فعلا، حيث يودعون بالمؤسسة السجنية ويحتكون مع المجرمين البالغين والمحكومين بعقوبة سالبة للحرية بصفة نهائية وهو ما يرفع عدد نزلاء المؤسسات السجنية ([57])، وحتى في حالة إدانتهم فإنهم يكونون قد قضوا مدة كبيرة من العقوبة أثناء الاعتقال الاحتياطي والمدة الباقية غير كافية للبدء في تنفيذ البرامج التأهيلية ليتحول بذلك الاعتقال إلى أداة لتلقين السوابق الإجرامية. إن السجن لا يحرم المجرمين من البيئة الاجتماعية، ومن أية قيم اجتماعية مستحبة كانت باقية لديهم عند إيداعهم بالمؤسسة فحسب، بل قد يزيد من جعلهم مجرمين ودور السجن في جعل الجانحين أكثر إجراما مما كانوا عليه يبرر إذا نظرنا إلى الاحتمال القوي جدا في أن يؤدي تجمع المجرمين المبتدئين مع معتادي الإجرام، وصغار الجانحين مع محترفي الإجرام ليس فقط إلى نقل قيم البيئة الإجرامية إلى الجدد بل أيضا إلى ترويج أساليب ارتكاب الجريمة.
وقد كشفت العديد من التقارير الصادرة عن بعض الهيئات غير الحكومية ([58]) المعنية بنزلاء المؤسسات السجنية الوضع الكارثي الذي تعرفه هذه المؤسسات إذ ترزج تحت ظاهرة الرشوة، حتى غدت إحدى الثوابت فيها، وبالتالي أصبحت تقوض أسس كل مشروع لإصلاح هذه المؤسسات بالإضافة إلى الابتزاز والمحسوبية التي تفرز مظاهر التفاوت بين النزلاء، وهي ظواهر طبيعية أمام الاكتظاظ الذي تعرفه.
إن الوضع الذي تعيشه المؤسسة السجنية من أوضاع مادية وبشرية بالإضافة إلى العبء الذي تتحمله نتيجة الاختلالات التي يعرفها جهاز العدالة كانت له آثار سلبية يعتبر إعادة إنتاج الجنوح وارتفاع معدل الإجرام أبرز تجلياتها.
المطلب الثاني: تجليات فشل سياسة إعادة التأهيل
لقد قيل الشيء الكثير عن مدى فعالية المؤسسة السجنية في العملية الإصلاحية والتي تسمى في العرف المعاصر بإعادة التأهيل، ومن بين المعايير التي قيس بها مدى استفادة النزيل من البرامج الإصلاحية في السجن نجد العود الذي يعتبر المؤشر الدال على كفاءة المؤسسة الإصلاحية في إعادة تأهيل الجانحين بعد تقويم سلوكهم، بهدف إعدادهم إلى حظيرة المجتمع كأفراد أسوياء، كما يدل على مدى فهم المجتمع لهذه الظاهرة ومستوى تكيف النزيل مع زملائه ومع بيئته الجديدة ([59])-الفقرة الأولى- كما أن دراسة إعادة إنتاج الجنوح إلى جانب ارتفاع معدل إجرام الأحداث بكيفية منتظمة سيؤدي إلى تقرير وتقوم جدوى العقوبة السالبة للحرية في الحد ومكافحة الجريمة –الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: إعادة إنتاج الجنوح: تضخيم ظاهرة العود
إن إعادة إنتاج الجنوح يعد من أكثر الأسئلة إرباكا وإثارة للخلاف والاختلاف لأنه يؤشر فعلا على الفشل الذريع الذي يعتري الفعل التربوي / الإصلاحي للمؤسسة السجنية، ذلك أن تجذر الفعل الإجرامي وتطور حالاته يدل على الإفلاس المؤسسي والوظيفي للسجن كمؤسسة تؤكد في مختلف أنظمتها وأبنيتها أنها وجدت أساسا من أجل الإصلاح وإعادة التأهيل والتهذيب في سبيل مقاومة إعادة إنتاج الجنوح وتفريخ الجانحين.
لهذا السبب تعتبر ظاهرة العود إلى الجريمة من المعضلات التي أصبحت تثير اهتمام الباحثين والمتدخلين في ميدان السياسة الجنائية والعقابية، حيث لا يكفي أن يحكم على المذنب بالسجن وفقا للقوانين الجنائية لكي ينصلح حاله ويرجع بعد انقضاء فترة السجن إلى مجتمعه نادما تائبا، كما أنه لا يكفي أن تنفذ داخل المؤسسات السجنية برامج إعادة التأهيل لكي يتم الاطمئنان إلى أن المفرج عنه سيبقى خارج السجن إلى الأبد، وفي غياب مثل هذه البرامج والجهود فإن الأمر يكون أسوأ ([60]).
فالعود في أبسط مفاهيمه ([61]) هو تكرار اقتراف الجنوح بالرغم من انقضاء فترة العقاب وهو بهذا المفهوم يشير إلى فشل المؤسسة العقابية في الإصلاح والتهذيب، "فبالإمكان توسيع السجون كثيرا وزيادة عددها أو تحويلها، ولكن كمية الجرائم تبقى ثابتة أو ما هو أسوأ أيضا، إنها تزيد ([62]). وثمة عوامل كثيرة ومتداخلة تساهم في ذلك بدرجات متفاوتة وهي تتصل بداية بالعالم السجني، لأن الاعتقال يستثير التكرار (العود) بعد الخروج من السجن ويكون الحظ أكبر من السابق في العودة إليه، فبفعل ما يمارس في رحاب السجن من عنف وثقافة عقاب خاصة، فإنه لا يمكن له أن يتخلى عن صنع الجانحين، فهو يصنع منهم بفضل نمط الحياة التي يؤمنها للمعتقلين جانحين خطرين.
إن حياة السجن مفتوحة عدم الإصلاح والاختلال بشكل قوي، ففي كل الممارسات تتضاءل فرص إعادة التأهيل، ولهذا كيف لا يكون السجن والحالة هاته مساهما بالفعل في إعادة إنتاج الجنوح، فالإحساس بالظلم الذي يشعر به المعتقل هو أحد الأسباب التي تجعل شخصيته مستعصية ومعتادة على الجنوح، فظروف العود تهيأ إذن في مؤسسة العقاب، اعتبارا لما يصاحب العقاب من ممارسات عنيفة حاطة بالكرامة ومحرضة على استثمار القوة والجنوح لتأكيد الذات وحمايتها.
ولكن إذا كان السجن يتحمل المسؤولية الكبرى في تفريخ الجانحين، فإنه لا ينبغي أن ننسى أن ما وراء السجن، كفضاء آخر وكحقول مجتمعية مفتوحة على الصراع والتهميش والتفقير تساهم بقسط مهم في عملية إعادة الإنتاج، هذا بالإضافة إلى العوامل السيكولوجية والثقافية والسياسية الأخرى المسؤولة عن ولادة الانحراف وتطوره وتجذره الواقعي، فإعادة إنتاج الجنوح وإن كان السجن بمفاعليه وآثاره يقويها، فإن ما يتفاعل خارج جدرانه يلعب أدوارا أخرى في توسيع إمكانيات حدوثها، لأن العقاب في الواقع لا يحل مشكل الجنوح، ما دامت البيئات الأصلية التي أنتجته على حالها، ولهذا لن ننتظر من جانح خرج من رحم الفقر والتهميش أن ينصلح بواسطة السجن وهو الذي سيعود مجددا بعد قضاء العقوبة إلى ذات البيئة التي كونت لديه استعدادات الجنوح، فظاهرة العود لا تنتجها فقط عوامل السجن الداخلية، بل تنتجها وتعيد إنتاجها عوامل السجن الأكبر المتأسسة على التفقير والإقصاء ([63]).
وما دامت برامج إعادة التأهيل لا تستهدف منابع الجنوح، فإن ظاهرة العود ستبقى مستمرة في الارتفاع، فعندما لا يجد الجانح الخارج للتو من السجن تغييرا ملموسا في البيئة التي قادته إلى الانحراف، فإنه يعود مجددا للارتماء في أحضان الجنوح، في تأشير مباشر على فشل السجن في عمله الإصلاحي، وفشل باقي مؤسسات المجتمع وأفراده في تغيير شروط إنتاج الجنوح وتهيء ظروف الاندماج والتأهيل، لأن الجنوح ليس سببا وإنما هو نتيجة مباشرة لعدة أسباب تتشابك وتتفاعل فيما بينها لتنتج أخيرا جنوحا وجانحين يلجون المؤسسة السجنية بهدف الإصلاح-على مستوى الخطاب لا الممارسة-ويخرجون منها جانحين محترفين يصير السجن ملاذهم في كل حين([64]).
إن تجربة السجن والوصمة الاجتماعية التي يلحقها المجتمع بالسجين بعد خروجه من المؤسسة تكاد تجعل من المتعذر عمليا على غالبية المفرج عنهم أن يتكيفوا من جديد مع المجتمع وأن يحيوا حياة طبيعية منتجة ومن هنا يلجأون للعودة إلى السجن.
فعلى الرغم من عدم توفر دراسة علمية تبين حالات العود، فإن تصريحات المسؤولين على المؤسسات السجنية ([65]) تشير إلى تواجدها بأعداد متفاوتة خاصة في مجال الإجرام البسيط أي في الجنح، فالملاحظ أن بعض الأشخاص المفرج عنهم وفق تدابير العفو، وهم مدانون من أجل جرائم بسيطة تواجه بعقوبات حبسية قصيرة التي لا يتحقق معها لا الردع ولا التكوين ولا التربية سرعان ما يعودون إلى المؤسسة السجنية، إنه من نافلة القول أن عملية الإصلاح تقتضي عقلنة وترشيد العقوبة التي تتناسب وشخصية الجاني كي يتعايش معها حتى تفي بالغرض الذي وضعت من أجله. خاصة بالنسبة للمنحرفين صغار السن ذوي الظروف الاجتماعية المتردية، فظروف الحياة بالنسبة إلى البعض في الخارج أمر منها داخل السجن.
فإذا كانت تصريحات المسؤولين دائما مطمئنة، فإن معرفة وضعية السجناء الأحداث تؤكد عكس ذلك، ذلك أن هناك من الأحداث من هو في حالة عود وهذا ما هو إلا دليل وتأكيد لفشل الإصلاحيات في تأهيل الحدث ودمجه في المجتمع، فالحدث الذي يزور الإصلاحية يعود لها في الغالب مرة ثانية، وما تصريحات بعض الذين سبق لهم أن قضوا عقوبة حبسية في بعض الإصلاحيات، وتأكيدهم بأن الإصلاحية ليست هي المكان الذي يمكن أن يغير حياة الحدث بإعادة التأهيل والتهذيب، لخير دليل على هذا الفشل ([66]).
إن ارتفاع احتمالات تعرض نسبة كبيرة من الأحداث للانحراف والتي مؤداها ارتكابهم لهفوات سلوكية لا تمثل خطورة إجرامية ولا تستحق اتخاذ أية إجراءات رسمية أو حتى الاهتمام بها، ومواجهتها بإجراءات تقليدية غير هادفة يكون من نتائجه بالإضافة إلى عدم تأهيله، تهيئة الجو وتوفير جميع الظروف المناسبة لعودته إلى الجريمة، لأنه كلما قل عمر الفرد كلما زادت احتمالات ارتكابه للجريمة، لتصبح هذه الفئة نبراس لمستوى الجريمة المستقبلية، بحيث يكون منحرفوا الأمس هم مجرموا اليوم فالحكم بعقوبات سالبة للحرية سيؤدي إلى العود ([67]). وبالتالي ارتفاع متوسط عدد الجرائم.
الفقرة الثانية: محدودية الردع العام والخاص للعقوبة في الحد من إجرام الأحداث.
إن أي تشريع جنائي لابد أن يهدف إلى وقاية المجتمع من الجريمة وحماية الحقوق والمصالح التي يعتبرها الشارع جديرة بالحماية، وتكمن فلسفة التشريع الجنائي في طبيعة العقوبات التي يفرضها المشرع على مرتكبي الجرائم، وإذا كانت العقوبة قد عرفت تطورات هامة في وظائفها وأهدافها فإنها تنبع من فكرة واحدة أساسية هي مكافحة الجريمة والحد منها عن طريق الردع العام والخاص.
وإذا كانت النزعة إلى الإجرام هي من خصائص النفس البشرية باعتبارها سلاحا يواجه به الصعوبات والمشاق التي تعترض حياته الأولى وإشباع حاجاته، ليكون بذلك هدف العقوبة هو أن تحول دون تطور هذه النزعة وهذا ما يعرف بمواجهة الدوافع الإجرامية بدوافع أخرى مضادة تحقق نوعا من التوازن وهذا ما يسعى إليه الردع العام([68]). وقد يتجاوز الأمر هذا الحد ويتطلب تغيير شخصية الفرد وتحقيق التآلف والانسجام بينها وبين القيم الاجتماعية السائدة من خلال تأهيل الحدث المدان بعقوبة سالبة للحرية بوضعه في مؤسسة تتوفر فيها الإمكانيات والوسائل اللازمة للإصلاح ومن هنا أصبح الحديث والبحث معمقا حول أثر أسلوب تنفيذ العقوبة على مكافحة الجريمة، فإذا كان وقوع الجريمة يدل على أن الإنذار بالعقاب لم يكن كافيا لإزالة الدوافع إليها، فإن تكرار وقوع الجريمة يبرهن على أن العقوبة التي سبق تنفيذها لم تكن فعالة في الملائمة بينه وبين الحياة الاجتماعية.
إن أسلوب تنفيذ العقوبة يلعب دورا كبيرا في منع وقوع الجريمة أو الوقاية منها وله آثاره الواضحة في هذا المجال إذ يعتبر التأهيل هو الاتجاه الغالب في النظام العقابي الحديث. وبالرجوع إلى المعطيات الإحصائية يتبين أن لا العقوبة في حد ذاتها ولا أساليب ومخططات تنفيذها داخل المؤسسة السجنية والتي تعرف العديد من العراقيل كما تم توضيحها، لم تفلح في الحد من إجرام الإحداث وتقليص حجم هذه الظاهرة التي عرفت تزايدا ملحوظا نتيجة لتفاعل العديد من العوامل في مقدمتها التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفها المغرب، وإن كان البعض يرى أن ارتفاع نسبة المتابعين الأحداث لا يعزى لشيء إلا إلى دخول ق.م.ج، حيز التنفيذ حيث أن هذا القانون رفع سن الرشد الجنائي إلى 18 سنة عوض 16 الشيء الذي جعل زمرة المتابعين الأحداث تتسع أمام المحاكم لتشمل الفئة من 16 إلى 18 سنة ([69]).
هذا وقد بلغ عدد المتابعين الأحداث الذكور خلال سنة 2004، 15957 حدثا مقابل 3007 من الإناث و 58 من الأجانب، كما أن أكبر عدد للمتابعين في الجنايات المرتكبة من قبل الأحداث سجل بالدائرة الاستئنافية للدار البيضاء حيث بلغ عدد المتابعين فيها 394 تليها في ذلك الدائرة الاستئنافية للرباط 223 ثم تازة 212 وتطوان 129 وبني ملال 115 وطنجة 102 وأكادير 107 وسجل أقل عدد للمتابعين الأحداث في الجنايات بالحسيمة وهو 16 حدث.
أما بالنسبة للمتابعين الأحداث في الجنح العادية فسجل أكبر عدد بالدائرة الاستئنافية لفاس وهو 1851 حدث تليها في ذلك مراكش 1662 ثم الدار البيضاء 1638 وأكادير 1660 والرباط 1462 ووجدة 1032 وسجل أقل عدد للمتابعين الأحداث في الجنح بالرشيدية وهو 103 حدث.
أما بالنسبة لطبيعة الأفعال الإجرامية المرتكبة من طرف الأحداث في مجموع الدوائر الاستئنافية فيمكن بيان أهمها على الشكل التالي:
بالنسبة للمتابعين الأحداث في الجنايات سجلت أكبر نسبة للمتابعين في قضايا السرقة الموصوفة.
· السرقة الموصوفة: 1041 حدث
· تكوين عصابة إجرامية: 341 حدث
· هتك العرض بالعنف: 268 حدث
· الضرب والجرح المؤدي إلى عاهة مستديمة: 132 حدث
· القتل العمد: 99 حدث
· الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون إحداثه: 76 حدث
بالنسبة للمتابعين الأحداث في الجنح العادية
سجلت أكبر نسبة للمتابعين في قضايا الضرب والجرح كما يلي:
· الضرب والجرح: 4249 حدث
· السرقة: 2274 حدث
· تبادل الضرب والجرح: 1059 حدث
· العنف: 933 حدث
· التشرد: 830 حدث
· السكر العلني: 723 حدث
· التسول: 704 حدث
· تناول مواد مخدرة: 639 حدث
· مخالفة قوانين السير: 623 حدث
· الفساد: 568 حدث
· النشل: 566 حدث
· التحريض على الدعارة: 488 حدث
· الهجرة السرية: 486 حدث
· جرائم المخدرات: 441 حدث
· الهجوم على ملك الغير: 417 حدث.
وأمام هذا الارتفاع المهول لجرائم الأحداث والفشل الذريع الذي منيت به المؤسسات السجنية في تنفيذ العقوبة وفقا للدور التأهيلي الذي أصبح أحد دعائمها، تكثفت الجهود على المستوى الرسمي وشبه الرسمي وتم تجنيد مختلف الفاعلين للنهوض بأوضاع نزلاء المؤسسة السجنية وكذلك البحث عن بدائل للعقوبة السالبة للحرية.
الفصل الثاني:
الجهود المبذولة لإنجاح إعادة التأهيل
يحتل الأحداث الجانحون مكانة متميزة في صلب الاهتمامات القانونية، خاصة إعادة تأهيلهم، والنهوض بأوضاعهم داخل المؤسسات السجنية، فتم وضع مخططات وسن قوانين لتحقيق ذلك، لكن النتائج المتوصل إليها واقعيا برهنت على محدودية هذا الاهتمام عمليا.
فأمام هذا الوضع لا يمكن القول سوى أن الدور الحقيقي للمؤسسة السجنية يبقى محصورا في سلب الحرية وعزل الحدث عن المجتمع إن لم يتعداه إلى ترسيخ وتثبيت ثقافة الجريمة لدى الحدث الجانح، ومن الضروري التذكير بأن ما فشل المجتمع من خلال الأسرة والمدرسة والمؤسسات التي تعنى بالأطفال والأحداث في تحقيقه على مستوى التربية والاندماج بكل إمكانياتها وامتيازاتها، لا يمكن للمؤسسة العقابية أن تحققه في وقت وجيز ووفق إمكانيات ضعيفة وظروف سيئة، لذا فإن اختيار عقوبة السجن كرد على جنوح الأحداث لا يشكل إجراءا ناجحا ومناسبا لتقويم وإصلاح وإدماج الأحداث.
وتجاوزا لمثل هذه الأوضاع والتخفيف من حدتها اتخذت العديد من المبادرات، سواء تعلق الأمر بمجهودات المسؤولين الحكوميين عن هذا القطاع أو على مستوى الجمعيات الفاعلة في هذا الشأن، سعيا وراء تحديث وتطوير المؤسسات السجنية مع التحسيس بجسامة المسؤولية المنوطة بها، من خلال الاهتمام بالأطر والموارد البشرية المشرفة على هذه المؤسسات وذلك بالتحفيز على التكوين وفي نفس الوقت تلبية الحاجيات الخاصة بالأحداث من تعليم وتكوين مهني ورعاية صحية….
إن الهاجس المتحكم في السياسة الجنائية الحديثة في مجال جنوح الأحداث هو تحقيق هدف إعادة التأهيل وتفريد المعاملة، لذا تم رصد إمكانيات مهمة لذلك وتجنيد العديد من المؤسسات التي تم خلقها كتعبير عن المكانة التي أصبحت تحتلها القطاعات الاجتماعية ضمن السياسة العامة للدولة.
إن الأزمة التي تعرفها العقوبة السالبة للحرية تتمظهر على الخصوص في انعكاساتها السلبية على النزيل وعائلته ومجتمعه، فعملية إعادة التأهيل تصطدم وطبيعة المؤسسة السجنية، ورغم الاختلاف الحاصل حول معايير قياس فعالية مختلف العقوبات، فإن الإجماع حاصل حول أن هذه العقوبة قد أثبتت فشلها، والدليل على ذلك هو البحث المتواصل عن بدائل لا تحمل نفس سلبياتها([70]). وتبتعد عن البدائل التقليدية، وذلك باكتشاف أنماط جديدة لحل النزاعات الجنائية. وحتى تكون هذه البدائل فعالة، وكذلك مختلف التدابير المتخذة في حق الإحداث تعكس حقيقة المعاملة الفارقية، ثم إحداث مؤسسات متخصصة لتحريك المتابعة عبر مختلف مراحل الدعوى الجنائية وذلك كخطوة تنضاف إلى باقي المجهودات.
وعليه سنتناول في هذا الفصل، المبادرات المتخذة لتجاوز واقع المؤسسات السجنية-المبحث الأول، وفي المبحث الثاني دور مختلف المؤسسات القضائية في دعم إعادة التأهيل.
المبحث الأول: تزايد الاهتمام بإعادة التأهيل داخل المؤسسة السجنية
إن المؤسسة السجنية أصبحت في ظل السياسة الجنائية الحديثة مكانا لإعادة تأهيل الأحداث من خلال الازدواجية التي أصبح المشرع يتوخاها من هذه المؤسسة عبر العزل والحرمان من الحرية من جهة والتربية والإصلاح وإعادة التأهيل من جهة أخرى. لكن طريقة تنفيذ العقوبات السالبة للحرية بأوضاعها الحالية أمام قصور الإمكانيات المتاحة سواء تعلق الأمر بمستوى المعيشة أو في المعاملة التأهيلية، يمثل خطورة حقيقية بالنسبة للجانح والمجتمع على حد سواء، فبدلا من أن تكون المؤسسة السجنية أداة لإعادة التأهيل فإنها تصبح فضاء لتفريخ الجريمة.
وأمام هذا الوضع تظافرت مختلف الجهود سواء على المستوى الرسمي أو شبه الرسمي لدعم سياسة إعادة التأهيل، كمحاولة لتجاوز مختلف العراقيل التي تتخبط فيها هذه المؤسسات السجنية التي عرفت تغييرات ملموسة شملت كافة نزلائها على اختلاف الأعمار والفئات، وهو ما دعمته كل من مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء التي عملت على ترسيخ الوظيفة الإصلاحية والتربوية للمؤسسة السجنية وذلك لجعلها فضاء اجتماعيا وإنسانيا لإعادة إدماج نزلائها، كما يتمثل دورها في توفير الوسائل المادية والبشرية التي تساعد الأحداث على تلقي تكوين تربوي ومهني يؤهلهم اجتماعيا.
ولم تكن الوزارة الوصية على هذه المؤسسات والمصالح التابعة لها مكتوفة الأيدي بل بادرت هي الأخرى إلى اتخاذ إجراءات في هذا الشأن.
إن المؤسسة السجنية مدعوة إلى أداء وظائف خطيرة وجسيمة لفائدة أطفال وأجيال الغد، ولا شك أن هذا المسعى يتطلب إحاطة هذه المؤسسات بأوفر فرص النجاح حتى تؤدي وظائفها على أكمل وجه، وهذا ما يستدعي التنسيق مع مختلف الأجهزة والمؤسسات الرسمية وكذلك الجمعيات لإزالة مختلف المعوقات السالفة الذكر وغيرها التي من الممكن أن تظهر لسبب أو لآخر وذلك لتكريس قناعة لدى الجميع بأهمية وظيفة إعادة التأهيل لمواجهة جنوح الأحداث.
المطلب الأول: مبادرات تجاوز الوضع المأساوي للمؤسسة السجنية
إن الفشل الذريع الذي منيت به المؤسسات السجنية والإصلاحية بالمغرب في أداء وظائفها وتقديم الخدمات لنزلاءها في حدودها الضرورية والأساسية بما يضمن صيانة الكرامة وحقوق الإنسان، ولأن هذه المؤسسات أصبحت محط انتقاد واتهام بخرق النصوص القانونية التي تم تأكيدها بموجب المواثيق الدولية، فقد استلزم الأمر القيام بمحاولة لتجاوز هذه الأوضاع المأساوية والتقليص من حدة العراقيل التي تشوب العملية التأهيلية، وفي هذا الصدد جاءت مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء كإرادة سياسية لتوحيد الرؤية حول إصلاح المؤسسات السجنية والرقي بالغاية التي استهدفها المشرع من سن العقوبة السالبة للحرية كإجراء متخذ في حق الأحداث-الفقرة الأولى- كما شكلت هذه المبادرة فاتحة خير أمام العديد من المسؤولين على هذه المؤسسات للتحرك في نفس التوجه-الفقرة الثانية-.
الفقرة الأولى: دور مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء
إن إنشاء مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء ما هو إلا تسجيد للإرادة الملكية لضمان الكرامة الإنسانية للسجناء من خلال تمتيعهم بظروف من شأنها المحافظة على احترام أنفسهم والرفع من شعورهم بالمسؤولية اتجاه ذواتهم وذويهم والمجتمع، كما أن إحداث هذه المؤسسة من شأنه أن يستنهض المجتمع حول المقاربة والوسائل اللازم تعبئتها في إعادة الإدماج لكي لا تبقى حقوق نزلاء المؤسسات السجنية مجرد شعار([71]).
ومن بين الأهداف والمهام التي حملتها هذه المؤسسة ([72]) على عاتقها منذ تأسيسها هو أنسنة وسط الاعتقال وذلك بالمساهمة في تحسين تهيئات وتجهيزات السجون عن طريق تطوير برامج التربية والتكوين المهني لتيسير تأهيل الأحداث نزلاء المؤسسات السجنية هذا إلى جانب تقديم الدعم والمساعدة بواسطة التجهيز والترميم وإعادة البناء، لذا فهي تشكل قوة اقتراحية تشعر بمواطن الخلل في تدبير المؤسسات بكشف الاختلالات المعاينة في تدبير دور الاعتقال وإعادة تربية الجانحين من أجل تطبيق أفضل للقانون المنظم لمجال الاعتقال وجهاز تأطيره.
وفي بداية عملها سطرت المؤسسة برنامج عمل على مدى 2002-2005 يتكون من ثلاث محاور أساسية:
1-تكوين قوة اقتراحية: إن الدارسين لعلم الإجرام والعقاب يؤكدون بأن العقوبات السالبة للحرية لا تجدي في معالجة الانحراف، وهذا هو الاتجاه الذي سلكته المؤسسة، لذلك تسعى إلى أن يكون تطبيق القانون سليما ونزيها، وأن بعض الظواهر الانحرافية لا يمكن أن تعالج بالعقوبات السالبة للحرية، لذلك طرح المجلس الإداري مبدأ العقوبات البديلة وكذلك تنقيح النصوص القانونية ومسطرة القانون داخل المؤسسات السجنية قصد أنسنة الإقامة بها.
2-برنامج عمل لصالح المؤسسات السجنية، وينقسم هذا البرنامج إلى برنامج عام وبرنامج خاص:
فالبرنامج العام يتم من خلال محاربة الأمية داخل المؤسسات السجنية عن طريق تقديم دروس محو الأمية وكذلك بتوفير مكتبات حديثة مزودة بكتب قيمة وتسهيل عمليات ولوجها بالنسبة للجميع، كما يتميز البرنامج بإنشاء ورشات للصناعة التقليدية وبرامج للتنشيط الثقافي والرياضي لفائدة النزلاء وتوفير تغطية صحية ولو في حدودها الدنيا.
أما البرنامج الخاص أو النموذجي فهو يهدف إلى إعادة الإندماج في النسيجين الاقتصادي والاجتماعي([73])، وهو يشمل فقط بعض المؤسسات إذ يتم التجريب فيها وهي سجن عكاشة بالدار البيضاء بما فيها الإصلاحية الخاصة بالأحداث، وسجن سلا، وسجن آيت ملول، ووجدة، وتستفيد من هذا البرنامج 20% من ساكنة السجون الذين تفوق مدة عقوبتهم 6 أشهر أي 1200 سجين. وتقدر تكلفة هذا البرنامج ب 58 مليون درهم بتمويل من عدة قطاعات ويقوم بتفعيله وتطبيقه المكتب الوطني للتكوين المهني، بحيث يعتمد على مقرر تربوي خاص وتكوين مهني للعديد من التخصصات في إطار تقديم الدعم السيكولوجي والروحي للنزلاء.
3-برامج عمل لفائدة مراكز حماية الطفولة: يستهدف إعادة ترميم البنايات القديمة وجعلها متجاوبة مع المتطلبات الضرورية للحياة من نوافذ تهوية وأماكن اللعب وتجهيز هذه المراكز بالوسائل اللازمة.
ونظرا للنتائج الهامة التي حققتها هذه المؤسسة رغم حداثة تجربتها في ميدان إعادة التأهيل وتسهيل الإدماج، كثفت المؤسسة جهودها وسطرت برنامج للعمل للفترة ما بين 2005-2010 مواصلة منها للنهوض بنزلاء المؤسسات السجنية وذلك لتحقيق ما يلي:
-انطلاق برنامج التنشيط السوسيوثقافي في جميع المعتقلات وتعزيز التجهيزات الضرورية بها وتزويدها بالوسائل والدعامات الملائمة.
-محو الأمية وتوسيع التكوين الأساسي لفائدة نزلاء 20 مركز اعتقال على الأقل.
-بناء أو تهيئة مراكز التكوين المهني بعشرة سجون وإحداث عشرة مراكز أخرى ومشاغل الاستئناس في مجال الصناعة التقليدية والحرف الصغرى.
-المساهمة في المجهود-الصحي والعلاجات الطبية لفائدة السجناء.
-بلورة الرعاية اللاحقة.
ولضمان السير الحسن لهذا البرنامج أدرجت المؤسسة في مقاربتها توحيد العدد الأكبر من الفاعلين وتطوير شبكة واسعة للتشارك تشمل الإدارات والجمعيات والخبراء الوطنيين والدوليين من مختلف القطاعات: التربية الوطنية، التكوين المهني، الصحة، الفلاحة، الثقافة… هذا دون إغفال التعاون الدولي والمجتمع المدني. وقد تم تدقيق إسهامات كل متدخل في الاتفاقيات التي تحدد مجال تدخل كل شريك والطرق والكيفيات والمساطر والآليات الناتجة عن ذلك في احترام تام لاختصاصات الإدارات الوصية التي هي وزارة العدل بالنسبة للسجناء (كتابة الدولة المكلفة بالشباب بالنسبة للأحداث الجانحين المودعين بمراكز حماية الطفولة) حيث أن هذه القطاعات مشاركة في التصور وتتبع العمليات.
إن تعدد المؤسسات السجنية (56 مؤسسة) وخصوصية ساكنة السجون والأطفال الجانحين وتعقد العمليات المزمع القيام بها وتفاعلاتها، كل هذا أظهر ضرورة اللجوء إلى كفاءات جد مختلفة وملائمة لا يمكن اجتماعها إلا في إطار تشاركي بخلق أنشطة مندمجة في مختلف المجالات لفتح الإمكانية لاستغلال الموارد البشرية المؤهلة والمتعددة الاختصاصات ([74]). فاتخذت المؤسسة خطوات هامة لعقد العديد من الاتفاقيات وفي نفس الوقت تم إحداث لجنة لمتابعة وتقويم برنامج العمل المحدد لكل اتفاقية.
ووعيا من المؤسسة بأهمية الأحداث الجانحين المودعين بالمؤسسات السجنية وخاصة أولئك المتواجدين بمراكز الإصلاح والتهذيب، تم تسطير برنامج للتكوين المهني في كل من مركز الإصلاح والتهذيب بسلا والدار البيضاء.
فأحدث مركز للتكوين المهني بمركز الإصلاح والتهذيب بسلا في إطار اتفاقية مبرمة بين مؤسسة محمد السادس وكتابة الدولة المكلفة بالتكوين المهني ووزارة العدل ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، وتكمن مهمته في إكساب السجناء تأهيلا مهنيا وتطوير مؤهلاتهم وملكاتهم التي تساعدهم بعد إطلاق سراحهم من العيش الكريم وتلبية حاجياتهم بشرف وفي ظل احترام القانون.
ويعرض هذا المركز ستة عشر تكوينا بطاقة استيعابية سنوية تبلغ 270 معقدا وتشكل مكونات أخرى مع التكوين المهني مشروعا مندمجا يهيء إعادة الإدماج وفيما يتعلق بتكاليف ونتائج هذه المبادرة فهي على الشكل التالي:
كلفة الإنجاز:
الاستثمار |
الغلاف |
أشغال البناء |
6.000.000 درهم |
التجهيز |
4.300.000 درهم |
المجموع |
10.300.000 درهم |
التسيير |
1.900.000 درهم |
-المتخرجون:
ارتفع عدد المتخرجين من 25 متخرج سنة 2003 إلى 63 سنة 2004 حصلوا حسب المستوى الدراسي على شهادات المتابعة أو دبلومات.
-أعداد المتدربين:
في إطار هذا البرنامج استفاد 194 سجين من التكوين المهني خلال الموسم الدراسي 2005/2004 بزيادة 64% عن أعداد السنة السابقة.
-المكونون:
يشرف على تأطير مختلف الورشات 11 مكونات برسم سنة 2005/2004 . وعلى نفس المنوال تدخلت المؤسسة في مركز الإصلاح والتهذيب بالدار البيضاء مع اختلاف بسيط وذلك على الشكل التالي:
+كلفة الإنجاز:
الاستثمار |
الغلاف |
أشغال البناء |
5.400.000 درهم |
التجهيز |
3.600.000 درهم |
المجموع |
9.000.000 درهم |
التسيير |
2.100.000 درهم |
+المتخرجون:
نتيجة للجهود التي بذلتها المؤسسة ارتفع عدد المتخرجين من 29 سنة 2003 إلى 102 سنة 2004.
+أعداد المتدربين:"
في إطار هذا البرنامج استفاد 329 سجين من التكوين المهني خلال الموسم الدراسي 2005/2004 بزيادة 22% عن أعداد السنة السابقة.
+المكونون:
برسم سنة 2004/2005 يشرف على التأطير 12 مكونا.
وبعد إنشاء مركز الإصلاح والتهذيب بمدينة سطات الذي انضاف إلى مراكز خاصة بإيواء الأحداث المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، بادرت مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء إلى وضع برنامج نموذجي يساهم بشكل كبير في إعادة تأهيل نزلاءه ويرفع من مستوى الإمكانيات المرصودة لتحقيق الغاية المنشودة منه، وكان تدخل المؤسسة على المنوال التالي:
التعريف بالمؤسسة |
الشعب |
عدد المستفيدين |
الشركاء |
التأطير |
|
عدد نزلاء المؤسسة: 448 -الفئة المستهدفة: 307 (مدة العقوبة المتبقية من 9 أشهر إلى 3 سنوات)
|
التكوين المهني |
-النجارة الخشبية -كهرباء البناء -الجبص -صباغة الزجاج -الترصيص الصحي التلحيم والحدادة -الحلاقة -البناء -الإعلاميات |
20 20 20 20 20 20 15 15 جميع الشعب |
-مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء -وزارة العدل -وزارة الفلاحة والتنمية القروية -كتابة الدولة المكلفة بالتكوين المهني -مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل -وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي |
-مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل -مكتب التأهيل الفلاحي أولاد مومن سطات. -وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي |
مكونات المشروع المندمج -التكوين المهني -التكوين الفلاحي -التربية النظامية -محاربة الأمية -أنشطة ثقافية -أنشطة دينية -أنشطة رياضية -برنامج إعادة الإدماج الاجتماعي والمهني |
التكوين الفلاحي |
-مساعد منتج خضروات -مساعد منتج الفواكه المثمرة -مساعد مسمن الماشية |
20
20
20 |
||
|
التربية النظامية |
-التعليم الأساسي -التعليم الإعدادي -التعليم الثانوي -محو الأمية |
16 28 13 40 |
||
|
أنشطة موازية |
مكتبة متعددة الوسائط |
جميع نزلاء المؤسسة |
||
المجموع |
307 |
إذا كانت إعادة التأهيل والاندماج الاجتماعي للسجناء بما فيهم الأحداث الجانحين من صميم اختصاصات القطاعات المديرة للسجون فإن مهامها لا يمكن الاقتصار في تمويلها على الإمكانيات المرصودة لذلك، فالوقائع والانحرافات التي أدت إلى الاعتقال تبرز نقصا في التربية وفي تلبية الحاجيات الاجتماعية والاقتصادية مما يستدعي تظافر جهود إدارة السجون ووزارة العدل لتجاوز ذلك.
الفقرة الثانية: مساهمة وزارة العدل وإدارة السجون في إعادة تأهيل الحدث الجانح.
إن الوضعية التشريعية بالمغرب فيما يتعلق بالحماية القانونية للطفل الجانح، تضاهي أحدث التشريعات المقارنة والمعايير الدولية المتعارف عليها، لكن هذا لا يكفي لتعزيز هذه المكتسبات التشريعية ما لم يتم تقصي غايات المشرع وروح النصوص القانونية عند التطبيق مع إيجاد الوسائل الكفيلة للارتقاء باستمرار إلى العطاء، وسعيا من وزارة العدل ومديرية إدارة السجون في تكثيف الجهود على مختلف الواجهات التي تشكل مواطن ضعف سواء بالنسبة للعمل القضائي أو المؤسسات الساهرة على تنفيذ العقوبة تم وضع خطة للتحسيس والتقييم المستمر لفائدة القضاة وكذا التنسيق مع باقي الشركاء الفاعلين في هذا المجال من قطاعات حكومية وغير حكومية.
وفي هذا الإطار تنجز وزارة العدل برنامجا لتكوين قضاة الأحداث بتعاون مع منظمة اليونسيف وكذا وزارة العدل الفرنسية لتلقي تداريب خارج المملكة غايتها تحسيسهم بأهمية العمل وتعريفهم بالمعايير الدولية فيما يتعلق بعدالة الأحداث.
وإلى جانب هذه الدورات التكوينية سبق تنظيم لقاءات مشتركة مع مسؤولي المؤسسات السجنية التي تستقبل الأحداث الجانحين والتي كان لها بالغ الأثر في بسط سبل التواصل والحوار بما يكفل توفير الجو الملائم بحسن تنفيذ العقوبة التي يأمر بها قاضي الأحداث.
واقتناعا بضرورة تنسيق جهود مجموع الفاعلين عن طريق التعاون بين مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية من أجل إيجاد رؤيا موحدة متعددة الأطراف ووضع آليات فعالة للتنسيق والتواصل انخرطت وزارة العدل في إطار الخطة الوطنية للطفل التي تعد ميثاقا والتزاما وطنيا أمام المنتظم الدولي بتحقيق عالم جدير بأطفالنا عن طريق برامج حقيقية وعملية للنهوض بحوق الطفل يلتزم الجميع بتنفيذها خلال العشرية المقبلة 2005/2015، كما أبرمت وزارة العدل مؤخرا اتفاقية شراكة مع المرصد الوطني لحقوق الطفل لتكريس التعاون المثمر من أجل العناية بقضايا الطفل عموما والجانح منه على وجه النصوص.
وتعتبر مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج بوزارة العدل نفسها طرفا معنيا وبشكل كبير لكونها تحضن فئات لم تبق سليمة البنية بل تأثرت بعامل الانحراف وبالتالي دورها لم يبق الهدف منه الوقاية أكثر مما أصبح العلاج من آفة الانحراف بوسائل تربوية هادفة تتماشى مع ما أعدت من أجله هذه المديرية التي توجتها تطورات العصر ومتطلباته بتفكير عميق من المسؤولين باسم مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج والتي تتلخص مهامها في تنفيذ القرارات والأحكام القضائية وفي تأهيل المعتقلين لمساعدتهم على الإدماجهم في المجتمع وعليه فقد عملت المديرية لبلوغ مراميها منذ الاستقلال على تحسين ظروف استقبال المعتقلين وذلك بالزيادة في مساحة الإيواء قصد القضاء أو بالأحرى التقليل من الخصاص اللاحق بالبنية التحتية حتى يتناسب عدد النزلاء مع الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية([75]).
ولتطبيق مشاريعها الإصلاحية عملت المديرية على إصدار قانون جديد لموظفي المؤسسات السجنية ينظم كيفية توظيفهم مؤكدا على ضرورة اجتيازهم تكوينا نظريا وتطبيقيا فأنشأت لهذه الغاية مركزا لتكوين الأطر الشيء الذي يساعد على الرفع من المستوى المعرفي والمعنوي والمادي للموظف، وللرفع من خبرة مديري المؤسسات السجنية والأطباء الملحقين بها تنظم المديرية حلقات دراسية وتداريب بالخارج([76]).
وأمام الأعداد المتزايدة من فئات الأحداث نزلاء المؤسسة السجنية، عملت المديرية على تنفيذ مخططات تربوية هائلة وفق الإمكانيات المتوفرة لديها وذلك بمساهمة بعض الشركاء المعنيين انطلاقا من الاتفاقيات والإعلانات المصادق عليها وفق معطيات المجتمع، لتبلور بذلك مناهج للتسيير بالمؤسسات السجنية التابعة لها على أساس قواعد عامة ومبادئ موحدة.
وبهذا أصبح دور مديرية السجون في المغرب يتجاوز المهمة التي كانت سائدة من قبل والتي تنحصر في تنفيذ الأحكام العقابية التي تصدرها محاكم المملكة والقيام بالإجراءات الإدارية اللازمة والمتمثلة في استقبال المحكومين وإيداعهم بالمؤسسة السجنية لقضاء مدة محددة فيها كعقوبة سالبة للحرية، لقد اتسع في الوقت الحاضر هذا الإطار الضيق الذي كانت تعمل فيه، اعتبارا للأفكار الإصلاحية الجديدة، والنظريات الحديثة، سواء في علم الإجرام أو العقاب أو علم التربية بوجه عام والتي كان لها تأثير مباشر أو غير مباشر على الجهاز التشريعي الذي تبنى النظريات التقدمية في ميدان تنفيذ العقوبة والإصلاح الاجتماعي داخل المؤسسات السجنية في المغرب، لفائدة المجتمع من جهة ومصلحة النزلاء من جهة أخرى.
ومما تقدم يتضح أن المديرية سلكت نهجا يرمي إلى وضع إمكانيات بشرية ومادية لبلوغ هدفها في الإصلاح تحقيقا للخطة الاجتماعية التي ترمي إلى تحقيقها في مجال تنفيذ العقوبة ورعاية الأحداث الجانحين عن طريق التعليم والتكوين المهني والتثقيف والإرشاد على إعادة التأهيل والاندماج في الوسط الطبيعي([77]).
ونظرا إلى أن المؤسسات التابعة لإدارة السجون تأوي عددا من الأحداث الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة قامت الإرادة بربط اتصالاات مع بعض الجمعيات التي تهتم بحماية الأطفال من الانحراف وذلك استفادة من جهودها داخل المؤسسة ([78]).
المطلب الثاني: نحو تشجيع سياسة إعادة التأهيل بالمؤسسة السجنية
إن إصلاح الحدث وإعادة تأهيله لا يمكن أن يتم على الوجه الأكمل دون فتح المجال أمام المهتمين بالميدان الحقوقي من جمعيات ومنظمات وهيئات بغية إشراكها في إنجاز هذه المهام عن طريق سياسة الإنفتاح والمساعدة وتسهيل وسائل الاشتغال بعيدا عن التوجس والحيطة، خاصة وأن الظروف الراهنة لا تسمح للدولة بأن تحتفظ بكل الأدوار وتبني جميع المشاريع متجاهلة دور أي قطاع في المساهمة إلى جانبها لتحمل المسؤولية. ومن هنا برز بصفة واضحة الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه المنظمات غير الحكومية ومكونات المجتمع المدني كشريك ومساند للجهات الرسمية في التدبير والتسيير، ومن الآليات التي اعتمدها المجتمع المدني العمل على رصد الخروقات التي يتعرض لها الأحداث، كما تم تبني سياسة الشراكة بين الوزارة الوصية على هذه المؤسسات وفعالية المجتمع المدني الذي اتخذ مبادرات في هذا الشأن-الفقرة الأولى- ومن الآثار المترتبة على هذا الانفتاح هو محاولة تدعيم اتصال الحدث والمؤسسة بشكل عام بالعالم الخارجي- الفقرة الثانية-.
الفقرة الأولى: إشراك المجتمع المدني في إعادة التأهيل
أصبح الحديث عن المجتمع المدني يكتسي أهمية بالغة نظرا للدور الحيوي الذي يقوم به وللحركية التي يعرفها على جميع المستويات بشكل طبيعي وبحرية بعيدا عن أي تأثير من سيادة الدولة. فالمجتمع المدني عبارة عن مجموعة من الفعاليات غير الحكومية من شخصيات ومنظمات وهيآت ونقابات وجمعيات، التي تسعى إلى الرفع من مستوى الحياة العامة للمواطنين في كل المجالات([79]).
ولكي تحقق هذه الفعاليات مساعيها بالشكل المرغوب فيه يتعين عليها بذل عناية كبيرة في إقناع السلطات بجدوى أنشطتها حتى يتأتى لهذه الأخيرة الانخراط بشكل فعال في المشروع المراد تحقيقه، وذلك بتزويدها بالمساعدات المالية والمادية الضرورية لإنجاحه.
إن الحركية التي يعرفها المجتمع المدني بمختلف مكوناته ما هو إلا نتيجة للقفزة النوعية التي عرفها ميدان حقوق الإنسان في إطار صيرورة دولية ومحلية ([80])، ساهمت في بلورتها عطاءات إنسانية وفكرية واجتهادات المهتمين بالشأن الحقوقي، فانصب الاهتمام على البحث عن سبل تحسين ظروف السجن، كواقع مؤلم في حد ذاته وتحويله من فضاء للعقاب إلى فضاء لإعادة التربية والتهذيب وهو ما عمل القانون الجديد للسجون على ضمانه، وفي هذا الإطار كان الحرص على أن يتضمن التشريع الجديد فتح بوابات المؤسسات السجنية في وجه المهتمين بالمجال الحقوقي من جمعيات ومنظمات بغية إشراكها في هذا العمل، وعليه نص هذا القانون([81]): "يمكن أن يقوم بزيارة المعتقلين بترخيص من مدير إدارة السجون، أعضاء المنظمات الحقوقية والجمعيات، أو أعضاء الهيئات الدينية، الذين تهدف زياراتهم إلى تقوية وتطوير المساعدة التربوية المقدمة لفائدة المعتقلين وتقديم الدعم الروحي والمعنوي والمادي لهم ولعائلاتهم عند الاقتضاء، والمساهمة في إعادة إدماج من سيفرج عنهم.
ويمكن أن يمنح لكل شخص أو عضو في جمعية مهتمة بدراسة خطط ومناهج إعادة التربية رخص خاصة واستثنائية لزيارة المؤسسات السجنية.
ولا يمكن لهؤلاء الزوار دخول محلات الاعتقال التي يوجد بها معتقلون ولا الاتصال بالمعتقلين ولا الموظفين غير المرافقين لهم خلال زياراتهم إلا بإذن خاص من وزير العدل".
ويعتبر تقديم الدعم في مجال الصحة النفسية والسلامة البدنية والتكوين والتثقيف والتعليم والرعاية اللاحقة وكذلك تمتين التواصل العائلي والإنصات لأسر النزلاء، والمساعدة القانونية، والاهتمام بالمشرفين على النزلاء، من الأمور التي تحفز على تحقيق أهداف الإصلاح([82]). وإلى جانب هذا تنظم مختلف الجمعيات أنشطة تحسيسية بقضايا الجانحين الصغار، من خلال نشر ثقافة حقوقية خاصة التعريف بالحقوق المكرسة في الاتفاقيات الدولية، نظرا لأهمية التوعية في عملية التربية والتي تهدف الدول إلى تحقيقها داخل مجتمعاتها، وتكون التوعية بالحقوق أكثر إيجابية عندما تكون التوعية والإرشاد موجه إلى الأطر المشرفة على الجانح، وقد سبق لوزارة حقوق الإنسان سابقا وبتعاون مع جمعيات أجنبية ومركز حقوق الناس، أن قامت خلال سنة 2003 بمجموعة من الأنشطة التحسيسية لنشر ثقافة حقوق الإنسان وكذلك تفعيل اتفاقية حقوق الطفل عامة، وحقوق الطفل الجانح داخل مؤسسات إعادة التربية ومراكز الإصلاح والتهذيب، هذا فضلا عن مواضيع أخرى هامة موجهة على الخصوص إلى مختلف الفاعلين التربويين والجمعويين وأطر موظفي بعض المؤسسات السجنية ([83])، من أجل ترسيخ المعرفة والوعي بحقوق الحدث الجانح داخل السجون والإصلاحيات مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصياته وحاجياته المادية والعاطفية المناسبة لسنه ([84])، وزيارة المحرومين من الزيارة بحكم اليتم أو انفصام أواصر المودة مع المحيط العائلي.
ومن بين الآليات التي تعتمد عليها حاليا مختلف مكونات المجتمع المدني هو القيام بالأبحاث والدراسات المعززة بالزيارات الميدانية واستطلاعات للآراء، مما يقرب الجهات الرسمية من الواقع المعاش دون الحاجة إلى بذل الجهود من أجل إنجاز ذلك أمام تعدد المسؤوليات الملقاة على عاتقها، إضافة إلى أن أعمال الفعاليات الغير الرسمية تكون أبحاثها ودراستها الميدانية أكثر مصداقية من تلك التي يمكن أن تتولاها الجهات الرسمية ([85])، فكيفية تعامل السجين مع المجتمع المدني مختلفة إذ يتخلص هذا الأخير من هاجس الخوف ونمط العلاقة السائد بين النزيل والإدارة السجنية القائمة في معظم الحالات على الطاعة وتنفيذ الأوامر.
ومساهمة منها في حسن تطبيق القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية باعتباره الحجر الأساس في حماية حقوق النزلاء، وترسيخه روحا وجوهرا تتولى هذه الجمعيات رصد الخروقات التي تتعرض لها مراكز تنفيذ العقوبة عن طريق المعاينة أو الشكايات التي ترد على الجمعيات المعنية بحقوق السجناء، والتي غالبا ما تتضمن مظاهر الانتهاكات والخروقات التي استهدفت كرامة النزيل ومن جانبها تعمل على دراسة هذه الشكايات وتبليغها إلى الجهات المسؤولة لتلقي جوابا عن ذلك كمحاولة لإصلاح الوضع وتجاوزه واتخاذ ما ينبغي من التدابير حتى لا تتكرر هذه الممارسات مرة أخرى.
وفي هذا الإطار نشير إلى الدور الحيوي الذي لعبه كل من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمرصد الوطني للسجون كأطراف تعنى بنزلاء المؤسسات السجنية إذ تصدر هذه الهيئات وبشكل دوري (سنويا) تقارير تتناول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب بشكل عام، مخصصة خير هام لوضعية السجون التي تشكل محور اهتمام بالنسبة لها، لتساهم وبحكم تجربتها الطويلة في هذا المجال في تقديم اقتراحات هامة استطاعت أن تؤثر على مراكز القرار، فمثلا المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لعب أدوارا طلائعية في إخراج القانون الجديد للسجون، الذي حاول التغلب على المشاكل المادية والقانونية للمؤسسة السجنية بالمغرب، انطلاقا من المقترحات التي تقدم بها والتي تنضوي تحت شعار عام هو صيانة كرامة السجناء([86]) والتقيد بالاتفاقيات والمواثيق الدولية.
كما تأسست جمعيات جعلت من مهامها انفتاح المؤسسة السجنية على المحيط الخارجي إيمانا منها بأن جنوح هذه الفئة ما هو إلا نتيجة ظروف اجتماعية وتربوية معينة، يتحمل فيها المجتمع نصيبه من المسؤولية، وبالتالي لابد له أن يعمل على مساعدة الإدارة في مجال رعاية وإعادة تأهيل هذه الفئة وأن السجين يترك جرمه خارج أسوار المؤسسة ([87])، وقد استطاعت هذه الجمعيات وضع برامج تمس كل جوانب الحياة اليومية للنزيل من رعاية صحية ونفسية، وتكوين مهني وتنشيط رياضي وثقافي مع دعم العلاقات الأسرية للنزيل وكذلك العمل على رعاية المفرج عنهم لاحقا، وتحقيقا لهذه الغاية لجأت العديد من الجمعيات إلى عقد شراكة مع أكثر من جهة وطنية ودولية التي لها علاقة بالفضاء السجني ([88]).
ورغم كل هذه المجهودات فقد تعرضت هذه المنظمات إلى انتقادات حادة من ضمنها أن جهودها لا تزال محدودة ولا تتعدى بعض المؤسسات السجنية، كما أن تدخلها يتسم بالموسمية وعدم الإستمرارية ويغيب بينها مبدأ التخصص وتحديد المؤسسات، وأنها تعمل بمعزل عن قطاعات المجتمع الأخرى ويغيب فيها تبادل المعلومات ومن ثم يغيب تقسيم العمل ويغيب معه الشعور بالإنجاز ([89]).
الفقرة الثانية: انفتاح المؤسسة السجنية على العالم الخارجي.
إن تنفيذ العقوبة السالبة للحرية يؤدي إلى انقطاع العلاقة بين النزيل وبين المجتمع الخارجي طول فترة إقامته بالمؤسسة، وهذا من شأنه أن يخلق آثار سيئة على نفسيته تعتبر إذا لم يتم التخفيف من حدتها إلى اعتبارها هي الأخرى عقبات أساسية في سبيل تحقيق هدف إعادة التأهيل.
وقد حاولت جل النظم الجنائية التخفيف من آثار انقطاع العلاقة بين المحكوم عليه وبين عالمه الخارجي، وذلك بتنظيم المراسلات المنتظرة بينه وبين أسرته والسماح لهم بزيارته على فترات داخل المؤسسات السجنية، كما تم التفكير في إيجاد علاقة بين المحكوم عليه والبيئة الخارجية كتنظيم المباريات الرياضية والحفلات الترفيهية التي يتم خلالها استقدام أفراد خارج المؤسسة، وتبقى أهم هذه المحاولات لإيجاد الصلة مع العالم الخارجي هي تصريحات الخروج المؤقتة، حيث أنها وإن أخذت في بدايتها طابعا إنسانيا، إلا أنها مع الزمن تبين أن لها آثار هامة بالنسبة للتأهيل، وهذا ما حاول المشرع المغربي ضمانه إذ يمكن لوزير العدل، أن يمنح لبعض المدانين الذين قضوا نصف العقوبة والمتميزين بحسن سلوكهم، إما تلقائيا أو بناء على اقتراح من مدير إدارة السجون، رخصا للخروج لمدة لا تتعدى عشرة أيام، خاصة بمناسبة الأعياد الوطنية والدينية، أو بقصد الحفاظ على الروابط العائلية أو لتهيئ إدماجهم الاجتماعي([90])، وقد عمل المشرع على توفير مختلف الضمانات القانونية لكي يتمتع المستفيد من هذا الإجراء بدون مضايقة أو متابعة من طرف مختلف أجهزة الدولة ([91]).
إن قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم تستوجب توفير كل السبل التي تكفل للأحداث أن يكونوا على اتصال كاف بالعالم الخارجي، لأن ذلك الاتصال يشكل جزءا لا يتجزأ من حقوق الأحداث في أن يلقوا معاملة إنسانية وعادلة، وهو جوهري لتهيئتهم للعودة إلى المجتمع، وينبغي المساح للأحداث بالاتصال بأسرهم وأصدقائهم وبالأشخاص الآخرين الذين ينتمون إلى منظمات خارجية حسنة السمعة أو بممثلي هذه المنظمات، وبمغادرة مؤسسات الاحتجاز لزيارة بيوتهم وأسرهم وبالخصوص على إذن خاص بالخروج من مؤسسات الاحتجاز لأسباب تتعلق بتلقي التعليم أو التدريب المهني أو لأسباب أخرى هامة، وإذا كان يقضي مدة محكوما بها عليه، يحسب الوقت الذي يقضيه خارج مؤسسة لاحتجاز ضمن الفترة المحكوم بها ([92]).
وإلى جانب الرخص الاستثنائية للخروج، التي تعتبر في نهاية المطاف وسيلة لاختبار مدى استفادة النزيل من جهود التهذيب عن طريق التعرف على مدى وفائه بالتزاماته في أن يعود إلى المؤسسة بعد انقضاء أجل الرخصة، ضمنت مختلف التشريعات لنزلاء المؤسسات السجنية بما فيهم الأحداث استقبال أفراد عائلاتهم و أوليائهم عن طريق منح مدير المؤسسة السجنية الصلاحية لتنظيم الزيارة مادامت هذه الأخيرة مفيدة لإصلاحه، بشرط الحفاظ على الأمن وحسن النظام داخل المؤسسة لذا فهو يحدد وثيرة الزيارات وعدد الزوار بالنسبة لمعتقل معين ([93]).
فالزيارة حق للسجين إذ قررت اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان أنه من حق المسجون احترام علاقته الأسرية من خلال زياراته ومراسلاته بفرض إعادة تأهيله إجتماعيا ([94]). إلا أن هذا الحق ترد عليه بعض القيود تتعلق أساسا باعتبارات الأمن حيث يمكن لمدير إدارة السجون، بصفة استثنائية أن يوقف كل زيارة للمؤسسة إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
غير أن هذه الأحكام والتي يظهر منها أن الزيارة حق للنزيل فهي لا تخفي حقيقة هذا الحق الذي يتسم بمرونة كبيرة نظرا لكثرة القيود الذي ترد عليه وفي مقدمتها مبدأ الرقابة الذي تخضع له الزيارة، والذي يتجسد في حضور الحارس وسماعه للمحادثات([95]) باستثناء زيارة المحامي التي تتم على انفراد، وهو ما يشكل بالنسبة لنا انتهاكا لحرمة الحياة الخاصة وهذا ما ينطبق أيضا على المراسلات، فلكل سجين الحق في توجيه الرسائل وتلقيها إذ تخضع جميع المراسلات الواردة أو الصادرة من اجل المراقبة حسب المقتضيات المعمول بها في هذا الصدد.
إن الاتصال كتابة أو بالهاتف يعتبر من صميم حقوق الأحداث المجردين من حريتهم وذلك مرتين في الأسبوع على الأقل، بأي شخص يختاره، ما لم تكن اتصالاته مقيدة بموجب القانون ([96]).
كما تتاح للأحداث بموجب القاعدة 62 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم، فرصة الإطلاع على الأخبار بانتظام بقراءة الصحف والدوريات وغيرها من المنشورات، وعن طريق تمكينه من سماع البرامج الإذاعية ومشاهدة برامج التلفزيون والأفلام، وعن طريق زيارات ممثلي أي ناد أو تنظيم قانوني ويهتم بالحدث.
ومما يمكن تسجيله في هذه النقطة هو أن هذه الآليات التي تربط الحدث بالعالم الخارجي لا يمكن أن يكون لها الوقع الحسن إلا في ارتباط مع عائلة الجانح التي كانت الإنطلاق وستصبح الملاذ بعد الإفراج الشيء الذي يجعلنا ندعو إلى فتح باب التواصل بين هذه الفئة من النزلاء وذويهم بصفة مستمرة عبر المراسلات المتبادلة والمساعدات المتبادلة والحوارات والزيارات الأسبوعية والاستثنائية عند الحالات الطارئة، وشعورا بما لهذا التواصل من أثر عميق على النفوس، تم فتح باب الزيارات المباشرة في ظروف حسنة، كما خصصت قاعات للأحداث مهيأة بشكل مناسب كما تم إنشاء مخادع هاتفية تستعمل من طرف النزلاء.
ورغم كل هذه المجهودات المبذولة عمليا والتي تبقى محدودة بالمقارنة مع متطلبات إعادة التأهيل والواقع الذي تعرفه المؤسسات السجنية، وتخفيفا من حدة هذه الأوضاع تم اللجوء واقتراح سبل جديدة من شأنها أن تحول دون وقوع الحدث الجانح في متاهات المؤسسة السجنية من قبيل الإعتماد على بدائل للعقوبة السالبة للحرية وتشجيع العدالة التصالحية والوساطة في قضايا الأحداث.
المبحث الثاني: سبل دعم إعادة تأهيل الحدث الجانح
يعتبر نظام العقوبات البديلة نظاما جديدا أحدث زوبعة كبرى في النظام الجنائي في العديد من البلدان التي تبنته خلال القرن العشرين، سيما مع بزوغ نتائجه الإيجابية بالنسبة للمجرمين المبتدئين والذين لا يمثلون خطرا كبيرا على مصالح المجتمع. فاستراتيجية البدائل أصبحت تفرض نفسها ضمن السياسة العقابية الحديثة التي تعرف تطورا مذهلا، لذا فالمشرع المغربي مدعو اليوم إلى الاندماج في ظل المناخ الحديث بتأسيس منظومة قانونية وحقوقية تتلاءم والمستجدات التي يفرزها الواقع، وتتطابق مع النصوص الدولية، وفي نفس الوقت الاستفادة من بعض القوانين المقارنة في هذا المجال.
فأمام النكسة التي تعرفها معظم المؤسسات السجنية ومن ضمنها الخاصة بالأحداث المحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية، وكذلك تزايد مساوئ هذه العقوبات خاصة القصيرة المدة التي لا تساعد على تنفيذ برامج إعادة التأهيل وإعداد نزلاء المؤسسات بشكل يتماشى والهدف الذي توخاه المشرع في إحداثها، رغم كل المجهودات التي بذلت سواء في توفير الإطار القانوني أو تقديم الدعم من مختلف المؤسسات التي تعنى بإعادة تأهيل الطفولة الجانحة، فالضرورة تستدعي تجاوز هذا الوضع عن طريق إيجاد بدائل للعقوبة وفتح حوار مع المؤسسات المعنية ذات الهموم المشتركة للتحسيس بجدوى هذه البدائل وتجميع الوسائل الضرورية لذلك.
وإذا كان إجرام الأحداث يتسم في غالبيته بالبساطة نظرا لتداخل العديد من العوامل التي تدفع بالحدث نحو الجنوح بفعل التطورات التي عرفها المجتمع وكذلك تعقد الحياة العصرية فإنه لا بأس من الأخذ بوسائل جديدة في معالجة قضايا الجنوح والتي من شأنها أن تنتج آثار هامة، كالمصالحة والوساطة –المطلب الأول- والأخذ بهذه الفلسفة الجديدة في مجال جنوح الأحداث وتعميقها على أرض الواقع رغم محدودية الإطار القانوني يتطلب تظافر وتكامل أدوار مختلف أجهزة القضاء الجنائي –المطلب الثاني-.
المطلب الأول: إقرار بدائل للعقوبة السالبة للحرية:
إن البحث عن بدائل للعقوبات السالبة للحرية يجد مصدره في عدم قدرة السجن على تحقيق الإصلاح الحقيقي والفعلي للمحكوم عليهم، وعدم تمكينه من استعادة عضويته الكاملة في المجتمع بكل مقاوماتها، فجميع الصفات التي يحتاج لها الفرد لكي يضمن اندماجه الاجتماعي تنهار وتندثر في السجن، ناهيك عن عملية الوصم الاجتماعي التي يتعرض لها المحكوم عليه بمجرد مغادرته السجن والمعاناة من أزمة الإفراج، ولتفادي مثل هذه المشاكل وجعل المحكوم عليه يحتفظ بكل أوضاعه الاجتماعية وبكل مكتسباته وروابطه، تم الاهتداء إلى العقوبات البديلة ([97]). Les peines de substitution (الفقرة الأولى)
وسعيا وراء تحقيق حماية أفضل للجانحين وتجنيبهم تبعات المتابعة الجنائية بمختلف آثارها تبنت التشريعات مفاهيم العدالة التصالحية والوساطة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إخضاع الحدث الجانح لبدائل للإيداع بالمؤسسة السحنية.
لم يعد إنزال العقوبة حسب علماء الإجرام والعقاب هدفا في حد ذاته بقدر ما يتعين إعطاء الأولوية لإعادة تربية الجانحين وإدماجهم في المجتمع وتأهيلهم لممارسة أنماط الحياة المألوفة، وكان من نتائج هذه النظرة الحديثة هو إقصاء كليا أو جزئيا للجزاءات التقليدية وعلى الخصوص العقوبة السالبة للحرية، وانسجاما مع التوجه العام للسياسة الجنائية الحديثة، التي تحاول أن تجعل من مرحلة العقاب مرحلة يستطيع فيها الجانح أن يحول سلوكاته إلى سلوكات منسجمة مع ما يتطلبه المجتمع من الانصياع لقواعد معينة ومضبوطة مفروضة بمقتضى القانون، تم تبني وخلق أفكار جديدة ومنظور آخر يرتكز على استبدال العقوبة السالبة للحرية بأنظمة بديلة بعدما ترسخ أن المؤسسة السجنية لم تعد صالحة للقيام بوظيفة إعادة التأهيل والإصلاح، وهو ما دفع بكل من التشريع والقضاء والفعاليات المهتمة إلى بذل قصارى الجهود للبحث عن البديل([98])، اعتبارا لدوافع نظرية وأسباب اقتصادية واجتماعية أدت إلى اكتظاظ السجون، كما أن الهدف من إيجاد البديل هو تفادي الحكم بعقوبات سالبة للحرية (خاصة قصيرة المدى) التي اتضح عدم جدواها وتأكد فشلها.
والمقصود بالبدائل في مجال العقوبات هي وضع حلول عقابية بديلة للعقوبات التقليدية، وإن كان الجميع غير متفق على فكرة البدائل، فتقاطعت الآراء بهذا الخصوص بين مؤيد ومعارض، إذ يرى أنصار توقيع الجزاء بأن استقرار الأمن لا يتأتى إلا بذلك والبدائل مجرد استثناء بالإضافة إلى عدم اعتبارها عقوبات حقيقية في حد ذاتها، رغم النتائج السلبية للعقوبة السالبة للحريةفي الجنح البسيطة-المرتكبة من طرف الأحداث ومالها من انعكاسات على السجل العدلي والشعور بالانتقام وصعوبة الاندماج داخل المجتمع. وهناك تيار آخر يرى أن السجن ليس هو الحل الوحيد للعقاب ولا يجب اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى، زيادة على ذلك فإنه من الناحية العملية يؤدي تراكم القضايا إلى الإضرار بحسن سير الإدارة القضائية، لكن وضع بدائل للسجن، استراتيجية محفوفة بالمخاطر، ونادرا ما حلت هذه البدائل صراحة محل عقوبة الحبس، ويشكل طرحها محطة للنقاش والأخذ والرد من أجل ظهور نظام جنائي أكثر إنسانية([99]).
ونظرا لأهمية العقوبات البديلة فإن هيئة الأمم المتحدة شجعت عليها منذ 1990 في إعلان طوكيو الخاص بالقواعد الدنيا الخاصة بالعقوبات البديلة ([100]) وقد أصدر المجلس الأوروبي توصية في هذا الشأن، وفي المغرب نشير إلى أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قد تقدم بعدة اقتراحات لتغيير قانون م.ج والقانون الجنائي منها على الخصوص إدخال العقوبات البديلة إلى حيز الوجود([101])، كما نظمت وزارة العدل بتعاون مع سفارة المملكة المتحدة ندوة في شهر نونبر 2000 خصصت لدراسة العقوبات البديلة ([102]).
وتجدر الإشارة إلى أن العقوبات البديلة تختلف أشكالها حسب مرحلة اللجوء إليها وحسب شخصية المجرم وخطورة الفعل المرتكب وطبيعته، فهناك البدائل الجنائية والتي تدخل في إطار القانون الجنائي والتي لا تتوقف على إعادة النظر في ق.ج ولا في وظيفته، وهناك البدائل غير الجنائية والتي تسعى إلى التخفيف على الجهاز القضائي من خلال نزع الصفة الجرمية عن بعض الأفعال إذ يتم تحويل رد الفعل من جواب جنائي إلى الإباحة وإذا ظهر أن القيمة المعتدى عليها تستحق الحماية القانونية ولكن مع ذلك لا يمكن قبول التطاول عليها، فإن المشرع مطالب بنزع الصفة الجرمية وأن يعتمد قوانين أخرى كجواب ضد هذا الفعل([103]).
فظاهرة تفاقم وتضخم سياسة التجريم والعقاب جعلت المشرع، في العديد من البلدان، يتدخل في كل كبيرة وصغيرة وفي كل المجالات ليضفي صفة الجريمة على العديد من الأفعال وليعاقب عليها تبعا لذلك بعقوبات زجرية تؤدي بالمحكوم عليه للخضوع لعقوبة سالبة للحرية. لهذا تم تبني سياسة تقليص دائرة التجريم والعقاب، قد يكون من شأنها حذف العديد من الأفعال التي تعتبر بمثابة جرائم في نظر المشرع، وبالتالي حذف العقوبات المرتبطة بها، فيكون من شأن كل هذا عدم إخضاع فئات كبيرة من الأفراد للمتابعة الجنائية، لما قد تحققه هذه السياسة في تغيير وصف الجرائم عن طريق تحويلها من جنح إلى مخالفات، وفي هذا الإطار قام المشرع الكندي برفع صفة الجريمة عن العديد من الجرائم التي يرتكبها المجرمون الأحداث أو البالغون([104]).
وعلى العموم يمكن القول أن بدائل العقوبة السالبة للحرية متعددة، وسوف لن نتطرق إلى البدائل التي هي بدورها تعتبر تقليدية من قبيل وقف التنفيذ([105]) أو الغرامة، أو العمل لفائدة المصلحة العامة، وإنما سنقتصر على البدائل المستحدثة مثل الوضع تحت المراقبة الإلكترونية.
فالتفكير في العقوبة البديلة يجب أن يمتد إلى ما بعد صدور العقوبة أي إلى مرحلة التنفيذ لهذا يعتبر الوضع تحت الحراسة الإلكترونية وسيلة جديدة لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية والتي لا تتعدى أشهرا معينة، فالقيد الإلكتروني هو عقوبة سالبة للحرية من نوع خاص، وهي سجن المحكوم عليه خارج أسوار السجن([106]).
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية هي السباقة لتبني هذا الأسلوب وذلك منذ سنة 1983 حيث تم تفضيل هذه العقوبة على الاعتقال داخل الأسوار، وقبلها الرأي العام الأمريكي، ثم انتشرت في بقية دول العالم الغربي([107]).
وتعددت المبررات التي دفعت بالدول إلى الأخذ بالرقابة الإلكترونية كبديل للسجن إذ توفر هذه الأخيرة للدولة مبالغ كبيرة حيث أنها لا تصل إلى تلك النفقات التي تتحملها الدولة في سبيل الإنفاق على المؤسسات السجنية، كما تعطي الفرصة للجاني لكي يظل مع عائلته، فلا تنقطع الروابط العائلية، إضافة إلى إمكانية قيامه بدوره الاجتماعي والوظيفي بشكل يساعد على تنفيذ برامج إعادة التهذيب والتأقلم مع الحياة الاجتماعية. والرقابة الإلكترونية كبديل للسجن ليست برنامجا في حد ذاتها، ولكنها الوسيلة التي تستخدم في تشغيل البرنامج وفي نفس الوقت لا يمكن تشغيله بدون الأجهزة الرقابية التي يمكن لها مراقبة دخول أو خروج المجرم من البيت عن طريق الارتباط الإلكتروني (الاتصال المتواصل) إذ يدخل المجرم في الحبس المنزلي بطرق خاصة تحت نظام الرقابة الإلكترونية ويراقب هذا النظام وجود المجرم في البيت عن طريق الاتصالات الهاتفية، وفي بداية الأمر يسجل نموذج لصوت المجرم كما تخزن صورة للمجرم في ملف إلكتروني ويقارن هذا كله من خلال النقل الإلكتروني لصوت وصورة المجرم في المنزل([108]). وهناك طريقة أخرى تعتمد على تركيب الكاميرا التي تلتقط حركات المجرم في بيته، أو ضبط المجرم المحبوس في البيت عن طريق رقابة رسغ اليدين والقدمين.
وقد تعرضت هذه الوسيلة (البديل) للنقد على اعتبار أنها تطبق على فئة دون أخرى وهذا يمثل خرقا لمبدأ المساواة أمام القانون، كما أنها تفتقر إلى الاندماج الاجتماعي لأنها لا تعدو أن تكون إلا وسيلة مراقبة، كما أن هذه الوسيلة محفوفة بالمخاطر إذ يمكن للجانح أن يهرب من محل الإقامة، بالإضافة إلى أن البعض يرى فيها مسا بحرية وسرية الحياة الخاصة للمحكوم عليه فالكاميرا تطارده في كل تحركاته([109]).
وارتباطا بوضعية الحدث الجانح تتم المناداة حاليا بتفعيل بديل حجز الحدث في منزل وليه مدة معينة بدل إيداعه بالسجن وبالتالي إبعاده عن الاختلاط بالجانحين الآخرين الذين ارتكبوا أصنافا عدة من الجرائم، وكذلك منعا للحدث من مخالطة أولئك الذين يمكن أن يتعلم منهم وسائل الإجرام.
وما دامت البدائل السالفة الذكر لا تقطع الصلة بين الجاني والمؤسسات الساهرة على تنفيذها ومراقبتها، لجأت مختلف التشريعات الجنائية إلى ابتكار وسيلة أخرى من شأنها أن تنهي الرابطة مع الجانح من قبيل المصالحة والوساطة.
الفقرة الثانية: تشجيع العدالة التصالحية والوساطة:
يعتبر الصلح في الميدان الجنائي من الآليات الجديدة التي اهتدت إليها التشريعات الحديثة لحسم النزاعات، فهو يعتبر سبيلا اجتماعيا وإنسانيا ناجعا لإحلال الوئام والتآلف دون الخصام بعيدا عن الإصرار على اتخاذ الدعوى الجزائية طريقا لحل النزاع بكل ما ينطوي عليه أمرها من تعقيد واستنفاذ للجهود ([110]). وعليه فنظام المصالحة يعد وسيلة جديدة لحل النزاعات التي تنشأ عن الجرائم، ويهدف هذا النظام إلى خلق حوار فعال بين مرتكب الجريمة والضحية من أجل الوصول إلى حل توافقي دون الحاجة إلى المرور عبر قنوات الدعوى الجنائية وما يترتب عنها من مساوئ بالنسبة للجميع وللمحكوم عليه، فبسلوك هذه الوسيلة يتفادى الفرد الجانح الدخول في النظام الجنائي الذي يبدأ عادة بإقامة الدعوى الجنائية وينتهي بإصدار حكم بالإدانة، لهذا نصت عليه المواثيق الدولية ومنها المؤثر العاشر للأمم المتحدة لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين وأقره في فيينا خلال شهر أبريل 2000 حيث قرر استحداث آليات عمل دولية لدعم ضحايا الجريمة تتمثل في الوساطة التصالحية، كما تبنته العديد من التشريعات المقارنة ([111]).
وقد سبق لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث، وحيثما كان ذلك ممكنا، النظر في إمكانية معالجة قضايا المجرمين الأحداث دون اللجوء إلى محاكمة رسمية من قبل السلطة المختصة، وتخول هذه الصلاحية للشرطة أو النيابة العامة أو الهيآت الأخرى التي تعالج قضايا الأحداث، حسب تقديرها دون عقد جلسات محاكمة رسمية وفقا للمعايير الموضوعة لهذا الغرض في مختلف الأنظمة القانونية، وميزة هذه الممارسة أن تحول دون الآثار السلبية التي تنجم عن الإجراءات اللاحقة في مجال إدارة شؤون قضاء الأحداث (مثل وصمة الإدانة والحكم بالعقوبة)([112]).
وبصرف النظر عن الطبيعة القانونية للصلح في المادة الجزائية، فإنه يخضع في معظم الأحوال لمعايير يتم الاعتماد عليها منها ما هو موضوعي (حجم الأضرار ووقعها على المجتمع) وبعضها الآخر ذاتي يتعلق بشخص المشتكي به ووضعيته الجنائية وظروفه الاجتماعية لذلك فأهدافه تحكمها إيجابيات متعددة في مقدمتها إحلال الجانب الاعتباري للتعويض محل الصبغة الزجرية للعقاب بإذكاء الشعور بالمسؤولية لدى المشتكى به وتذكيره بأحكام القانون، وتيسير رجوع المشتكى به إلى الجادة في ظروف تكفل كرامته وتحافظ على اندماجه في المجتمع بتفادي حرمانه من الحرية ومنه ممارسة حقوقه الطبيعية، كما تساهم العدالة التصالحية في التخفيف من حدة تراكم القضايا أمام القضاء الزجري التي سوف تتحكم بشكل أو بآخر في مصير المحكوم عليه([113]).
وتؤدي المصالحة إلى تفادي ظاهرتي زيادة عدد الجرائم، وظاهرة حفظ الملفات فهي أصبحت وسيلة فعالة للتغلب على مشكلة حفظ القضايا الجنائية والتغلب على الإجراءات الجنائية التقليدية التي تتسم بالبطء والتعقيد([114]).
ومن بين المزايا التي جعلت التشريعات تأخذ بنظام المصالحة هو قدرتها على التخفيف من الازدحام الذي تشهده المؤسسات السجنية خاصة المحكوم عليهم بعقوبات الحبس قصيرة المدة التي لا تتيح الوقت لك في تطبيق برامج الإصلاح الاجتماعي، وهكذا تؤدي المصالحة إلى تلافي المساوئ التي تكتنف العقوبات السالبة للحرية القصيرة المدة، فالصلح لا يتضمن المساس بالحرية أو الشرف أو السمعة كما لا يخدش المكانة الاجتماعية للمتهم ويجنبه الاختلاط بمحترفي الجريمة، فالفقه ينادي بالأخذ ببدائل الحبس قصير المدة كالغرامة والاختبار القضائي ونظام وقف التنفيذ ويعتبر الصلح الجنائي من أهم بدائل عقوبات الحبس قصيرة المدة ([115]).
وبالرجوع إلى التشريع المغربي نجد ق.م.ج خول للنيابة العامة صلاحية أن تقترح على المتضرر والمشتكى به اللجوء إلى المصالحة كلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل أو بغرامة مالية لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم، وذلك في حالة ثبوت الأفعال باعتراف أو بغيره. كما أجاز المشرع للطرفين أو لأحدهما أن يطلب من وكيل الملك إثبات الصلح المبرم بينهما إذا تعلق الأمر بنفس الأفعال([116]).
وعند التراضي تجرى المصالحة بحضور هذه الأطراف، ويوقع محضر الصلح من طرفهما، كما يوقعه وكيل الملك ويشعرهما بتاريخ جلسة المشورة.
يحيل وكيل الملك هذا المحضر على رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه للتصديق عليه بحضور الأطراف بغرفة المشورة بمقتضى أمر قضائي غير قابل لأي طعن يتضمن ما اتفق عليه الطرفان وعند الاقتضاء ما يلي:
-تعويض الضحية من طرف المشتكى به
-إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه
-أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا.
وفي حالة غياب المتضرر يمكن للنيابة العامة إذا تبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب أن يقترح على المشتكى به أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، وفي حالة موافقته تطبق مسطرة الصلح.
وتتم هذه المسطرة داخل أجل سبعة أيام من توصل النيابة العامة بالمحضر، وتوقف هذه المسطرة الدعوى العمومية التي يمكن لوكيل الملك تحريكها من جديد في حالة عدم المصادقة على محضر السدد أو عدم تنفيذ الالتزامات المصادق عليها أو ظهور عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية في حال تقادمها.
وانطلاقا مما سبق يتبين أن المشرع المغربي قصر الصلح على بعض الجنح التي تتسم بعدم خطورتها على النظام العام ويقتصر ضررها على أطرافها الذين يعتبر رضاهم ضروريا لتحقيق المصالحة وإن كان هذا يعتبر شيء إيجابي في حد ذاته، فالملاحظ أن شكليات الأمر القضائي بالصلح ومضمونه سيفرز مشاكل عملية خصوصا وأن الأمر يتعلق بمؤسسة الصلح الجنائي وهي مؤسسة جديدة داخل هياكل القانون الجنائي المغربي([117])، وبالتالي كان على المشرع أن يتجاوز سلبيات هذه المسطرة ويكتفي بالمحضر الذي يحرره وكيل الملك أو من يمثله والذي يعتبر هنا حكما وليس خصما ومنه حسم القضايا الجنحية التي تشكل محلا قانونيا للصلح داخل مؤسسة النيابة العامة على غرار بعض التشريعات المقارنة([118]).
لهذا تعرضت مسطرة المصالحة للعديد من الانتقادات التي تتمثل في إخلالها ومساسها بمجموعة من الضمانات التي توفرها مسطرة التقاضي على رأسها إخلالها لحق المتهم في المحاكمة العادلة ومبدأ قضائية العقوبة واحترام حقوق الدفاع ومبدأ الأصل في الإنسان البراءة.
ومن بين المؤاخذات التي يمكن تسجيلها على فكرة الصلح التي تبناها المشرع المغربي هو تغييب هذه المسطرة وعدم تخصيصها بأحكام خاصة في قضايا الأحداث على غرار بعض التشريعات المقارنة التي اعتمدت الوساطة كآلية ترمي إلى إبرام صلح بين الطفل الجانح ومن يمثله قانونا وبين المتضرر أو من ينوب عنه أو ورثته وتهدف إلى إيقاف مفعول التبعات الجزائية أو المحاكمة أو التنفيذ([119]). ويأتي اعتماد الوساطة ([120]) في سياق السياسة التشريعية الوفاقية أو التوفيقية كآلية صلح تؤدي إلى تفادي العقوبة المنسوجة من خلال ربط الاتصال بين مرتكب الجريمة والمتضرر منها، قصد حل النزاع وتفادي المحاكمة، وذلك بكل حرية وتلقائية([121]).
وذهب بعض رجال القانون إلى حد توجيه احتراز يشبه الانتقاد لآلية الوساطة، على أساس أنها قد تحدث تمييزا في معاملة الأطفال الجانحين، بين الطفل المنحدر من عائلة ميسورة يمكنها دفع المال المتفق عليه بعقد الصلح والطفل المنتمي إلى عائلة فقيرة لا تقدر على الدفع. لكن إيجابيات الوساطة تفوق ما قد يراه البعض من نقائص، فهي تتطابق تماما مع غاية الاستغناء عن الإجراءات الرسمية في معالجة قضايا الطفولة، كما تحقق غاية إبقاء الطفل في وسطه العائلي مع ضمان حق المتضرر في تعويض عادل يرتضيه([122]).
وتشجيع الوساطة مقيد في الجرائم البسيطة التي لا تدل بحال على انحراف متجدر وخطير في سلوك الطفل، علاوة على أن الرقابة القضائية للوساطة يمكنها أن تعتبر الطفل في وضع خطير أو تعتبره مهدد بالانحراف إذا تكرر استعمال آلية الوساطة بالنسبة لنفس الحدث مرات متعددة.
وإذا كانت الوساطة والمصالحة تتيح للحدث الجانح الفرصة للإفصاح عن آرائه ومشاركته في الإجراءات القضائية إلى جانب وليه القانوني، فإنه مقابل ذلك يقصى ويحرم من التدابير الممكن اتخاذها في حقه لإعادة تأهيله والقضاء على مكامن الجنوح في شخصيته، فالمفعول القانوني للوساطة إيجابي أكثر بالنسبة للمتضرر والدولة كذلك مما هي مفيدة للطفل الجانح ومصلحته الفضلى، لهذا يتعين متابعة حالة الحدث في وسطه الطبيعي بعد إجراء المصالحة والتأكد من استقرار وضعه الاجتماعي حتى لا يعود إلى الجنوح مرة ثانية.
ومن هذا المنطلق فالمؤسسة الساهرة على المتابعة وإنهائها يتعين أن تكون في المستوى المطلوب لاتخاذ الإجراء المناسب حسب حالة الحدث إيمانا بمساهماتها هي الأخرى في العملية التأهيلية.
المطلب الأول: تكامل دور المؤسسة السجنية مع الأجهزة المختصة بمتابعة الحدث الجانح.
إن تفريد معاملة الأحداث الجانحين في مرحلة تنفيذ العقوبة من خلال المؤسسات السجنية المتخصصة، لا يتيح تحقيق الأهداف من عملية إعادة التأهيل إذ أن الحدث الجانح يحتك من لحظة إلقاء القبض عليه إلى حين انتهاء مدة العقوبة بالعديد من الأجهزة المتخصصة الأخرى في التعامل مع الأحداث الجانحين كجهاز الشرطة الذي يتولى إلقاء القبض والجهاز القضائي الذي يتولى التحقيق ومن ثم المحاكمة، وبدون شك تكون جميع هذه الأجهزة على درجة واحدة في مستوى تعاملها مع الحدث الجانح، أي أن يكون لها فهم موحد ومشترك المستمد أصلا من المبادئ والاتجاهات المعاصرة.
إن عدم استيعاب أي حلقة من هذه الحلقات للأسلوب المعاصر في هذا التعامل سيقود بالضرورة إلى إحداث خلل كبير في اتجاه سير العملية الإصلاحية، وربما سيفسدها برمتها إذ أن الحدث الجانح لا يفرق بين هذه الأجهزة فأي خطأ يصدر عن أي منها ينسحب سلبا على جملة الخطوات التأهيلية، وهذا ما اهتدت إليه مختلف القوانين المعاصرة من خلال تخصيص شرطة للأحداث تتولى إجراءات البحث –الفقرة الأولى- وكذلك هيئة خاصة لإصدار الأحكام –الفقرة الثانية- ليتم بعد إدانته وإلحاقه بالمؤسسة السجنية.
الفقرة الأولى: جهاز شرطة الأحداث ودوره في الرعاية والتأهيل.
انسجاما والتوجهات الدولية الرامية إلى حماية مصلحة الطفل الفضلى وتتويجا للإهتمام التشريعي الذي حظي به الطفل الجانح، أحدث ق.م.ج. المغربي، وفي إطار ضمان شروط المحاكمة العادلة التي تعتبر من أهم مقومات النظام الجنائي بأكمله، شرطة قضائية خاصة بالأحداث تتولى مهمة البحث والتحري وجمع الأدلة، هذا بالإضافة إلى تنفيذ الأوامر القضائية والإنابات الصادرة عن قضاة التحقيق وتنفيذ تعليمات أوامر النيابة العامة ([123]).
ومن خلال الإطلاع على ق.م.ج يتبين أن ضباط الشرطة القضائية ينجزون مهام في إطار البحث التمهيدي، وهم مطالبون في كل الأحوال بإثبات ماقاموا به في محضر، إذ يشكل هذا الأخير الإطار القانوني الذي يعكس كل العمليات التي تباشرها الضابطة القضائية ([124]).
إن إحداث ضباط الشرطة القضائية المكلفين بالأحداث تم لأول مرة بمقتضى قانون م.ج. الجديد، ويبدو أن اتجاه المشرع ماض إلى إحداث تخصص للشرطة القضائية في مجال قضاء الأحداث نظرا لخصوصياته، ويأتي هذا التوجه التشريعي مطابقا لما نادت به قواعد بكين التي ترى أن ضباط الشرطة الذين يتعاملون كثيرا مع الأحداث، أو الذين يخصصوا للتعامل معهم أو الذين يناولون بالدرجة الأولى مهمة منع جرائم الأحداث، يجب أن يتلقوا تعليما وتدريبا خاصين لكي يتسنى لهم أداء مهامهم على أفضل وجه، وينبغي إنشاء وحدات شرطة خاصة لذلك الغرض في المدن الكبيرة ([125]).
وقد بدأ التفكير على النطاق الدولي في استحداث جهاز شرطة الأحداث منذ 1947 حيث قامت منظمة الشرطة الجنائية الدولية بالدعوة إلى ضرورة إنشاء شرطة خاصة بالأحداث انسجاما مع التحول في الرؤية إلى قضية الأحداث الجانحين باعتبارها إشكالية اجتماعية بالدرجة الأولى وقد تبنت هذه الدعوة العديد من المؤتمرات الدولية كالمؤتمر السابع للأمم المتحدة بشأن منع الجريمة ومعاملة المجرمين الذي عقد في ميلانو 1985، ومؤتمر القاهرة الذي نظمته الأمم المتحدة لدراسة جناح الأحداث عام 1959 ([126]).
وأخذت العديد من الدول بهذا التوجه، ففي سوريا أشارت الأسباب الموجبة لقانون الأحداث الجانحين السوري إلى ضرورة تخصيص شرطة للأحداث تتولى رقابة الأحداث وحمايتهم من التعرض للجنوح وارتكاب الأفعال المخالفة للقوانين على غرار ما هو قائم في معظم الدول الأجنبية وبعض الدول العربية، على أن يجري تدريب الجهاز المختص بالأحداث على المهام التي سيكلف بها، فجاءت المادة 57 من هذا القانون تنص على أنه: "تخصص شرطة للأحداث في كل محافظة تتولى النظر في كل ما من شأنه حماية الأحداث، وتحدد مهام شرطة الأحداث وشروط العاملين فيها والقواعد التي يعملون بموجبها بقرار من وزير الداخلية بعد أخذ رأي كل من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة العدل" ([127]).
وتعتبر مصر من الدول العربية التي كانت سباقة إلى إنشاء هذا الجهاز بموجب قرار رقم 23 سنة 1957 الذي أكد على ضرورة معاونته للجهات المختصة في تنفيذ جميع القوانين واللوائح الخاصة بالأحداث ([128]).
والغاية التي توختها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية من إقرار هذا الجهاز هو توفير ما يلزم من الحماية لتلافي مختلف الممارسات التي من شأنها أن تضر بمصالح الحدث، لأن الشرطة القضائية هي أول جهاز يتعامل معه الحدث وأي تجاوز أو انتهاك لحقوقه وعدم الأخذ بعين الاعتبار وضعه الاجتماعي ودوافع ارتكابه للجرم وخصوصياته ستأثر بشكل سلبي على شخصية ورد فعله اتجاه مختلف المؤسسات، وهو ما سيكون له انعكاس على مستقبل الإجراءات والخطوات اللاحقة الممكن اتخاذها.
ونظرا لحساسية هذه المرحلة أناط المشرع بالضابطة القضائية الخاصة بالأحداث إمكانية الاحتفاظ بالحدث المنسوب إليه المجرم في مكان مخصص للأحداث لمدة لا يمكن أن تتجاوز المدة المحدودة للحراسة النظرية، وأن يتخذ كل التدابير لتفادي إيذائه ([129]).
ووضع الحدث تحت الحراسة النظرية من طرف الشرطة القضائية إجراء لا يعمل به إلا إذا تعذر تسليم الحدث لمن يتولى رعايته أو كانت ضرورة البحث أو سلامة الحدث تقتضي ذلك وبعد موافقة النيابة العامة.
وحفاظا على الروابط العائلية يتعين في كافة الأحوال إشعار ولي الحدث أو المقدم عليه أو وصية أو كافله أو حاضنه أو الشخص أو المؤسسة المعهود إليها برعايته بالإجراء المتخذ، وتتسم إجراءات البحث بالسرية التامة مع مراعاة حق الاتصال لهؤلاء الأشخاص وكذلك المحامي المنتصب للدفاع عنه.
لهذا فإن تأسيس شرطة خاصة بالأحداث التي تمارس إجراءات خاصة وتعمل في أوضاع فريدة، يتطلب من ضابط الشرطة القضائية الذي يتعامل مع الحدث أن يكون على قدر من الإلمام بفن معاملة الأحداث، ولاشك أن ذلك يستلزم قدرا من التدريب، ومن الإحاطة بعلوم النفس والاجتماع وما إليها، فضلا عن الإلمام بأحكام قوانين الأحداث ذاتها واستيعابها نصا وروحا ([130])، بل هناك من علماء الإجرام من اقترح أن تتم عملية البحث والتحري مع الأحداث من قبل مربين نفسانيين واجتماعيين عوض رجال الشرطة الذين لا يتوفرون على الإمكانيات اللازمة للتفرقة في المعاملة بين الأحداث الجانحين وغيرهم من المجرمين البالغين ([131]).
الحقيقة أن الحديث على مثل هذا الجهاز والدور المنوط به سيساهم بشكل إيجابي في العملية التأهيلية إذا ما قام بالمهام المنوط به على أكمل وجه، وإن كان ذلك صعب المنال من الناحية الواقعية بفعل تداخل العديد من الإكراهات سواء تعلق الأمر بقلة الأطر العاملة في هذا الجهاز أو نقص الكفاءة والدراية الواسعة بقضايا جنوح الأحداث ومنهجية التعامل معهم، فهناك من الأحداث من سلك طريق الإجرام لا لشيء سوى لأنه تلقى معاملة فضيعة من لدن الشرطة القضائية إذ تعرض لمختلف أشكال الاستفزاز والعنف وهو ما أثر على مصير سلوكاته من بعد، أضف إلى ذلك عدم تواجد مراكز خاصة لإجراء البحث معهم.
كما أن المحاضر المنجزة من ضباط الشرطة القضائية تكون على غرار المحاضر المنجزة في حق الرشداء مجرد محاضر استماع للتصريحات لا تتضمن أية إفادات أخرى بشأن الوسط العائلي والاجتماعي. للحدث وبالتالي فهي لا تساعد القاضي إلى الاهتداء إلى الإجراء المناسب والذي يتماشى وحالة الحدث الجانح.
الفقرة الثانية: مكانة قضاء الأحداث في إعادة التأهيل
يعد التعامل مع جنوح الأحداث مسألة ليست بالهينة، بل هي معقدة التركيب ومتشعبة العناصر تتوزع بين البحث عن أقوم السبل من أجل الوقاية من الجريمة قبل وقوعها وبين طرق العلاج بعد وقوعها مع استحضار الوسائل التي من خلالها يمكن خلق توازن بين التدابير المتخذة في حق الحدث الجانح، والمتلائمة مع خطورة الجنحة أو الجناية المقترفة ومدى خطورة الفاعل نفسه ([132])، وقد تتخذ هذه التدابير صيغة التسليم إلى عائلته أو إلى محيط عائلي واجتماعي يوفر له المناخ التربوي الملائم تحت مراقبة وإرشاد من تعينهم المحكمة للقيام بهذه المهمة وكذلك الحكم عليه بعقوبة سالبة للحرية.
وينطلق قضاء الأحداث في توجهه هذا من الحقيقة التي مفادها أن أسباب وعوامل السلوك المنحرف لا تكمن بالضرورة في شخص الحدث الجانح بل تكمن في جملة العوامل الشخصية والأسرية والاجتماعية والبيئة المحيطة بها.
لذا، فإن الوظيفة المنوطة بهذا القضاء المتخصص هو الكشف عن هذه العوامل والظروف وبما يتيح له اختيار التدابير والعلاج المناسب لكل حالة من الحالات مع مراعاة الموازنة الدقيقة بين مصلحة المجتمع من جهة ومصلحة الحدث من جهة أخرى، الأمر الذي يتطلب الخروج على الأحوال الجزائية الاعتيادية لإجراء المحاكمات واعتماد أصول خاصة ومتميزة لمحاكمة الأحداث فضلا عن تمكين القضاء من الإشراف على تنفيذ التدبير المتخذ وإعادة النظر فيها كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
وقد سبق لقواعد بكين أن تناولت موضوع قضاء الأحداث والهدف منه إذ جعلت المحور الرئيسي لهذا الأخير هو تحقيق رفاه الحدث الذي يعد المحور الرئيسي الذي تركز عليه النظم القانونية المعنية بقضايا المجرمين الأحداث التي تتبع نموذج المحاكم الجنائية، الأمر الذي يساعد على تجنب الاقتصار على فرض جزاءات عقابية، والهدف الثاني والمعروف بوصفه أداة للحد من الجزاءات العقابية ويعبر عنه غالبا بالعقاب العادل المتناسب مع خطورة المجرم، وينبغي لرد الفعل إزاء المجرمين صغار السن ألا يبنى على أساس خطورة الجرم فحسب بل أيضا على الظروف الشخصية([133]).
ولم تتبع جميع بلدان العالم نظاما معينا في إنشاء محاكم الأحداث، وإنما اختلفت في ذلك تبعا لنظام كل دولة، إلا أن جميع هذه المحاكم على اختلاف أشكال تكوينها تلتقي على هدف واحد، وهو أن ما تسعى إليه بالنسبة للأحداث وما تطبقه في شأنهم من تدابير إنما هو من وسائل التهذيب والإصلاح وليس من وسائل العقاب والتعذيب([134])، ولكن هذا لا ينفي وجود خلاف حول التصورات النظرية الخاصة بالشكل المناسب للإجراءات القضائية في القضايا التي تشمل الأحداث فمن جهة يرى البعض أن تحقيق الفائدة التامة يقتضي أن تشيد المحكمة على نمط (محكمة أسرية) وأن تكون وظيفتها التشخيص والعلاج، إلا أن هذا قد يحرم المجرم من حقوق الدفاع القانونية، ومن جهة أخرى إذا أريد تأكيد عصر المحاكمة العادلة الذي بمقتضاه يمنح للحدث مركزا مماثلا لمركز الشخص البالغ، فهذا من شأنه أن ينقل بؤرة الاهتمام من المجرم إلى الجريمة نفسها، مما يجعل الجزاء عقابيا في المرتبة الأولى([135]).
وتبعا لذلك فإن المنطق يقتضي بالضرورة أن يكون القضاة العاملون في هذه الهيئات من ذوي المعرفة الواسعة والدراية الكافية بنفسية الطفل وطرق التعامل معه ومتصفين بالصبر مع التحلي أثناء المناقشة بأنماط تفكيرهم الناضجة لمعرفة مقصده من خلال أحاديثه إذ على معرفة شخصية الحدث يتوقف صواب القرار المتخذ([136]). وهذا ما يعرف بالتخصص العضوي لقاضي الأحداث إذ يتعين تقييد القاضي بالنظر في قضايا الأحداث، هذا إلى جانب التخصص الوظيفي من خلال الإلمام بالعلوم الجنائية والاجتماعية والدراسات النفسية، وقد أخذت بهذا التخصص العديد من البلدان كالتشريع الفرنسي([137]).
إن من شأن تخصص القاضي إعانته على فهم حقيقة ظروف المتهم الذي يتولى محاكمته، استجابة للتوجهات السياسة الجنائية المعاصرة بشأن ضرورة الاهتمام بشخص المنحرف بعيدا عن سلطان القواعد القضائية الكلاسيكية، تحقيقا لمبدأ مصلحة الحدث الفضلى.
وفيما يخص تشكيل محاكم الأحداث فقد تعددت وجهات النظر فيها، فبعضها تنادي بضرورة تطبيق نظام القاضي الفرد، وبعضها يرى بوجوب تطبيق نظام الهيئة المألفة من قاضي ومستشارين اجتماعيين يساعدونه في قضائه، وعلى العموم نجد ثلاث مجموعات فيما يتعلق بتطبيقات قضاء الأحداث:
-الأولى: تشريعات لا يوجد فيها قضاء خاص بالأحداث بصورة مطلقة، وإنما تنظر قضاياهم من قبل قضاة ومحاكم جزائية بصفتها الاعتيادية.
-الثانية: يوجد فيها قضاء خاص بالأحداث، بيد أن المحاكم فيها عندما تحال إليها قضية تخص حدثا تنظرها بصفة محكمة أحداث.
-الثالثة: تشمل التشريعات التي شكلت فيها محاكم مختصة بقضايا الأحداث وتنظرها بصفتها هذه ([138]).
وبخصوص التشريع المغربي فإن ق.م.ج يتحدث عن الهيئات القضائية المكلفة بالأحداث على الشكل التالي:
1-بالنسبة للمحكم الابتدائية.
أ-قاضي الأحداث
ب-غرفة الأحداث
2-بالنسبة لمحكمة الإستيناف
أ-المستشار المكلف بالأحداث
ب-الغرفة الجنحية للأحداث
ج-غرفة الجنح الإستنافية للأحداث
د-عرفة الجنايات للأحداث
هـ-غرفة الجنايات الاستينافية للأحداث
يجب أن يرأس هذه الهيئات عند النظر في قضايا الأحداث قاضي أو مستشار مكلف بالأحداث ([139]).
إن ق.م.ج، أحدث العديد من المهام والمناصب ([140]) في قضاء الأحداث باعتبار هذه الجهاز خدمة اجتماعية يرمي إلى تحقيق الأهداف والمقاصد المحددة له أصلا وإن كان هذا سيصطدم بالعديد من العراقيل أمام عدم كفاية الموارد المادية والبشرية وكفاءة نظام قضاء الأحداث أمام تزايد معدلات جنوح الأحداث.
إن التوجه الجديد في السياسة الجنائية يسير في نسق تحويل قضايا الأحداث إلى الهياكل الاجتماعية والإدارية بالإقتران مع تدابير واستراتيجيات وقائية واسعة ومنه إعفاء محاكم الأحداث من عبء لا ضرورة له خاصة في القضايا البسيطة.
خــاتـمـــة:
إن معالجة ظاهرة جنوح الأحداث تطلب من المجتمع الدولي وكذا والتشريعات الداخلية سن الكثير من القواعد القانونية التي تتصدى لهذه الظاهرة التي تزايد يوما بعد يوم، ويعتبر إعادة التأهيل داخل المؤسسات السجنية من المهام التي تجند لها مختلف الآليات القانونية منها والمادية والبشرية، وعيا بأن العقوبة السالبة للحرية التي تنفذ في حق الحدث يتعين أن يكون هدفها هو الإصلاح والتقويم وليس الزجر والإنتقام وذلك انسجاما مع الوظائف الجديدة للعقوبة السالبة للحرية والتي أثرت بشكل كبير على وظائف المؤسسات التي تغنى بتنفيذها، هذه الأخيرة وانطلاقا من الإطار القانوني الذي يحدد أدوارها ومهامها، تسعى جاهدة ووفق إمكانياتها إلى تسطير برامج وخطط تكون الغاية منها الحفاظ على حقوق هذه الفئة خاصة ما يتعلق بالرعاية الصحية والنفسية وكذلك تزويد الحدث بتكوين مهني ورفع مستواه التعليمي وهو ما استلزم ضرورة توافر المؤسسة السجنية على أطر تربوية تتولى مهة تنفيذ هذه البرامج، هذا بالإضافة إلى تدخل القضاء كطرف فاعل في صيانة الحقوق وتفعيلها من خلال زيارة المؤسسة السجنية والوقوف على الخروقات التي يعرفها الفضاء السجني إذ تعززت وظيفة القضاء بإحداث مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة الذي سيساهم في عدم عملية إعادة التأهيل انطلاقا من الصلاحيات الممنوحة له.
لكن الواقع المعاش داخل الفضاء السجني والمعطيات التي تم إستنتاجها تبرهن على أن المؤسسة السجنية لا توفر أساليب العيش الملائمة لحاجيات وخصوصيات الأحداث التي من شأنها أن تخلق جوا مناسبا وظروف مواتية للقيام بالوظيفة التربوية، وعليه يتعين الإقرار بأن هذه المؤسسة وأمام عجزها للوصول إلى إعادة إدماج الأحداث الجانحين تؤثر سلبا على نفسية وسلوك هؤلاء من قبيل إلحاق وصمة العار بشخصه نتيجة للأوصاف الجنائية التي تطلق عليه وهو ما يؤدي إلى فقدان الثقة والأمل.
وأمام هذا الوضع لا يمكن القول سوى أن الدور الحقيقي للمؤسسة السجنية يبقى محصورا في سلب الحرية وعزل الجاني عن المجتمع إن لم يتعداه إلى ترسيخ وتثبيت ثقافة الجريمة لدى الحدث الجانح، لذا فإن اختيار عقوبة السجن كرد على جنوح الأحداث لا يشكل إجراءا ناجعا ومناسبا لتقويم وإصلاح وإدماج الأحداث الجانحين رغم وضع الحدث الجانح في مؤسسات منفصلة عن الكبار، وكذلك تعدد الجهات المتدخلة للنهوض بأوضاع الأحداث الجانحين و التي تزود المؤسسات التي تأوي الأحداث بالقدر المناسب من التعليم المدرسي أو التدريب المهني ضمانا لجعلهم لا يغادرون المؤسسة وهم في وضع لا يؤهلهم للإندماج في المجتمع، ومع ذلك تبقى هذه الجهود محدودة ولا تفي بالغرض أمام تزايد الإكراهات والمتطلبات.
وعليه فإن عدم نجاعة العقوبة السالبة للحرية كإجراء متخذ في حق الأحداث الجانحين من خلال فشل المؤسسة السجنية التي تعد فضاء التنفيذ هذه العقوبة وتحقيق الإصلاح وإعادة التأهيل، يتطلب إعادة النظر كليا في واقع المؤسسات العقابية، وفي المعاملة الجنائية الحالية لجنوح الأحداث من خلال تبني سياسة إصلاحية تأهيلية على الصعيد القانوني وتفادي احتجاز الحدث وسلبه من حريته، فعلم الجريمة الحديث ينادي بإخضاع الحدث للتدابير البديلة عن الاحتجاز بالسجون ومعاملته بشكل إنسانية كما يعين على الدولة أن تسن سياسة ناجعة للوقاية من ظاهرة جنوح الأحداث والإبتعاد عن الأجوبة الرسمية والقانونية للجريمة وإيجاد بدائل للعقوبة السالبة للحرية لتجاوز ومجابهة الأزمة السجنية وفي نفس الوقت البحث عن سياسة جنائية أكثر ملاءمة للعصر وللأفكار والنظريات السائدة والتي تراهن على البدائل والتدابير المجتمعية إذ عن طريقها يمكن إيجاد الحل الملائم للمشاكل التي أدت للجنوح.
إن تقييم أثر المؤسسة السجنية على الحدث الجانح، والدعوة على وضع بدائل تربوية وتأهيلية وعلاجية كفيلة بإعادة إدماجه بدلا من دخوله عالم السجن يدفعنا إلى التساؤل حول إمكانية الإستغناء عن السجن ونقول بأن مجال إعادة تأهيل الحدث الجانح هو فضاء المؤسسات الاجتماعية والتربوية والمجتمع المدني، أو على الأقل تشجيع ودعم تدابير الحماية والتهذيب التي لها ارتباط مع أسرة الحدث لأن هذه الأخيرة هي الجهة التي تمتلك كل المقومات لمنع الجنوح والوقاية منه.
لائحة المراجع المعتمدة
المصادر والمؤلفات:
-إدريس بلمحبوب، قواعد تنفيذ العقوبات، الجزء الأول، العقوبات السالبة للحرية والعقوبات المالية، طبعة 1988.
-أحمد مفتاح البقالي، مؤسسة السجون في المغرب، مطابع ميثاق المغرب، الرباط الطبعة الأولى 1979.
-أحمد سلطان عثمان، المسؤولية الجنائية للأطفال المنحرفين، دراسة مقارنة المؤسسة الفنية للطباعة والنشر، القاهرة 2002.
-أحمد ضياء الدين محمد خليل، الجزاء الجنائي بين العقوبة والتدبير، منشورات أكاديمية الشرطة. 1993-1994.
-أنور محمد الشرقاوي، انحراف الأحداث، دار الثقافة للطباعة والنشر القاهرة.1977.
-أحسن الطالب، الجريمة والعقوبة والمؤسسات الإصلاحية، دار الطليعة للطباعة والنشر، لبنان بيروت، الطبعة الأولى، 2002.
-الأعمال التحضيرية للمناظرة الوطنية حول: السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الندوات والأيام الدراسية الطبعة الثانية، العدد 3، المجلد الأول، 2004.
-جعفر علوي، علم الإجرام، مكتبة المعارف الجامعية، فاس، 2001.
-جعفر علوي، القانون الجنائي العام المغربي، مكتبة المعارف الجامعية، الليدو فاس الطبعة الثالثة، 1997، 1998.
-هشام محمد فريد رستم، الحماية الجنائية لسرية السوابق الجنائية، الآلات الحديثة، أسيوط 1995.
-حسن الجوخدار قانون الأحداث الجانحين، مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الطبعة الأولى 1992.
-طاهر فلوس الرفاعي، النظم الحديثة في إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1999.
-لطيفة المهداتي، الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، مطبعة الشركة الشرقية الرباط، الطبعة الأولى، 2005.
-محمد زكي أبو عامر، دراسة علم الإجرام والعقاب، الدار الجامعية، الطبعة الأولى لبنان، بيروت 1982.
-محمد حكيم حسين الحكيم، النظرية العامة للصلح وتطبيقاتها في المواد الجنائية دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2002.
-محي الدين أمزازي، العقوبة، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، مطبعة الأمنية، الرباط، 1993.
-محمد عبد الغريب، الإفراج الشرطي في ضوء السياسة العقابية الحديثة، دار الإيمان للطباعة الأوفست، 1994-1995.
-محمود نجيب حسني، علم العقاب، دار النهضة العربية، القاهرة 1967.
-ميشيل فوكو، المراقبة والعقاب، ولادة السجن، ترجمة علي مقلد مفدي، مركز الإنماء القومي، بيروت، الطبعة الأولى، 1990.
-المعايير الدولية لحماية الأحداث الجانحين، مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، مطبعة فضالة المحمدية، مارس 2002.
-مصطفى العوجي، التأهيل الإجتماعي في المؤسسات العقابية، مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع، الطبعة الحادية عشرة، لبنان، بيروت، 1993.
-نشأت أحمد نظيف الحديثي، العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدى وبدائلها، مركز البحوث القانونية، وزارة العدل، بغداد 1988.
-سعيد بيسو، قضاء الأحداث علما وعملا، الطبعة الأولى 1955.
-علي محمد جعفر، فلسفة العقوبة في الشريعة الإسلامية والقانون، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت، الطبعة الأولى، 1997.
-علي محمد جعفر، حماية الأحداث المخالفين للقانون والمعرضين لخطر الإنحراف، دراسة مقارنة، المؤسسة الجامعية للدرسات والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى 2004.
-علي عبد القادر القهوجي، علم الإجرام والعقاب، دار الجامعة المصرية، القاهرة 1987.
-عبد الرحمان مصلح الشرادي، انحراف الأحداث في التشريع المغربي والقانون المقارن مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2002.
-عبد الله سليمان سليمان، النظرية العامة للتدابير الاحترازية، دراسة مقارنة، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1990.
-عبد الحكم فودة، جرائم الأحداث في ضوء الفقه وقضاء النقض، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1997.
-عبد السلام حسي رحو، مؤسسة قاضي تطبيق العقوبات، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، الطبعة الأولى، 2002.
-عبد المجيد مصطفى كاره، السجن كمؤسسة اجتماعية، دراسة عن ظاهرة العود، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض، 1987.
-عبد الله بن عبد العزيز اليوسف، التدابير المجتمعية كبدائل للعقوبات السالبة للحرية أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2003.
-عبد الله عبد الغني غانم، أثر السجن في سلوك النزيل، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية الطبعة الأولى، الرياض، 1999.
-عمر الفاروق الحسني، انحراف الأحداث، المشكلة والمواجهة، الطبعة الثانية، 1995.
-فوزية عبد الستار، المعاملة الجنائية للأطفال، دراسة مقارنة، دار النهضة العربية القاهرة 1999.
-فكري أحمد عكاز، فلسفة العقوبة في الشريعة الإسلامية والقانون، مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1982.
-رمسيس بنهام، علم الوقاية والتقويم، 1986.
-رمضان الألفي، نحو سياسة جنائية فاعلة تسهم في تحقيق العدالة الجنائية وحماية حقوق الإنسان وحرياته، دار الفكر العربي، دون ذكر السنة.
-شرح قانون المسطرة الجنائية، الدعوى العمومية، السلطات المختصة بالتحري عن الجرائم الجزء الأول، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الشروح والدلائل، الطبعة الأولى، العدد2، 2004.
-شريف زيفر هلالي، واقع السجون العربية بين التشريعات الداخلية والمواثيق الدولية دراسة مقارنة، سلسلة البحث القانوني وحقوق الإنسان، مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء 2000.
-غباري سلامة، معالجة الشريعة الإسلامية لمشاكل انحراف الأحداث، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض، 1407هـ.
الأطروحات والرسائل:
-إدريس لكريني، السلطة التقديرية للقاضي الزجري، رسالة دكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، 2000-2001.
-لطيفة المهداتي، الشرعية وتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط 2001-2002.
-محمد بن جلون، السجل العدلي وإشكالية حقوق الإنسان، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، أكدال 2001-2002.
-بوشتى القايز، العود إلى الجريمة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علوم التربية، كلية علوم التربية، الرباط 2001-2002.
-كوثر كيزي، الحماية الدولية للطفل، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، 2002-2003.
-لطيفة المهداتي، حدود سلطة القاضي التقديرية في تفريد الجزاء، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط 1992-1993.
-مصطفى الفراخي، عقوبة السجن للأحداث، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علوم التربية، كلية علوم التربية، الرباط 2001-2002.
-مراد دودوش، حماية الطفل في التشريع الجنائي المغربي، جانحا وضحية دراسة مقارنة،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق، فاس 2002-2003.
-موحى ولحسن ميموني، نظام الحرية المحروسة وأثره في حماية الطفولة، دراسة تحليلية على ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد، دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق، فاس، 2002-2003.
-عبد الرحيم العطري، المؤسسة العقابية وإعادة إنتاج الجنوح، دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علوم التربية، كلية علوم التربية، الرباط 2003-2004.
المقالات:
-دور المؤسسات الإصلاحية والعقابية الوقاية من الجريمة، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد الحادي عشر، يناير 1981.
-محمد مجيدي، السلطة العقابية عند ميشيل فوكو، مجلة وجهة نظر، عدد 17 خريف 2001.
-طيب محمد عمر، المؤهلات الضرورية لموظفي السجون لنجاح السياسة العقابية، مجلة المحاكم المغربية، مارس /أبريل، عدد 87، 2001.
-لحسن بيهي، النظام القانوني للسجل العدلي، وفق قانون المسطرة الجنائية، مجلة القصر، العدد العاشر، يناير 2005.
-محمد ليديدي، القانون الجديد للسجون سياقه وأبعاده، مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، مطابع ميثاق المغرب، الرباط، طبعة أولى، أكتوبر 2001.
-محمد فرتات، السجون وتنفيذ عقوبة الحرمان من الحرية، رسالة المحاماة، عدد4 أبريل 1987.
-محمد عياض، بعض الملامح البارزة لجنوح الأحداث بالمغرب، مجلة المعيار عدد16،1992.
-محمد عياض، الرعاية اللاحقة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، بعض جوانب فلسفتها وتطبيقها، مجلة الملحق القضائي، عدد 31 يونيو 1996.
-محمد طارق، مفهوم المنهاج والبرنامج، مجلة علوم التربية، العدد الرابع مارس 1993.
-محمد محي الدين أمزازي، جدوى إيجاد بدائل للعقوبات القصيرة المدى المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد 17 يناير 1984.
-محمد ضريق، حقوق الإنسان بالمغرب، منشورات المجلة المغربية لعلم الإجتماع السياسي مطبعة المعارف الجديدة الرباط. 1994.
-محمد الحبيب الشريف، شرح مجلة حماية الطفل، مركز الدراسات القانونية والقضائية بوزارة العدل، تونس. 1996.
-محمد شهيبي، قضاء الأحداث على ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد، مجلة البحوث، فقهية قانونية، ثقافية، العدد3، يونيو 2004.
-محمد بعليلو، مؤسسة قاضي تطبيق العقوبة من خلال قانون المسطرة الجنائية الجديد، مجلة القصر عدد 9، شتنبر 2004.
-موسى مسعود ارحومة، إشراف القضاء على التنفيذ كضمان لحقوق نزلاء المؤسسات العقابية، مجلة الحقوق عدد4، السنة السابعة والعشرون، ديسمبر 2003.
-محمد عبد النباوي، اللجنة الإقليمية لمراقبة السجون، أشغال دورة تكوينية مركز التوثيق والإعلام، 2001.
-محمد كداح، جنوح الشباب أي علاج لأي جانح؟ الندوة العربية، نحو صيغة عربيته لمعالجه ظاهرة جنوح الأحداث، المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي، طرابلس أكتوبر 1988.
-مصباح الخيرو، وبدر الدين عبد الله إمام، دور المؤسسات الإصلاحية في الوقاية من الجريمة، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، عدد 15، يناير 1983.
-محمد المرابط، التوزيع الداخلي للسجناء وأثره على إصلاح السجناء، مجلة القصر، العدد الثاني عشر، 2005.
-محمد ملياني، توضيحات حول مؤسستي العفو العام والخاص، مجلة المعيار، العدد 18-19 أبريل 1993.
-محمد النجاري، قاضي تطبيق العقوبة والإكراه البدني، مجلة القصر، العدد التاسع، شتنبر 2004.
-المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، بغداد، مؤهلات العاملين في المؤسسات السجونية وسياسة إعدادهم، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد 16 يوليوز 1983.
-نادية النحلي، قاضي تنفيذ العقوبات في ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 48/49، يناير / أبريل 2003.
-سوسن الشريف، تكامل الجهود الأهلية والحكومية في مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع، مجلة الطفولة العربية، المجلد الخامس، العدد الثامن عشر، مارس 2004.
-عبد العزيز الحيلة، القانون الجديد للسجون والمواثيق الدولية، المجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد، عدد 33/34، 2000.
-عبد السلام الباهي، إشكالية الأمن داخل السجون وحقوق السجناء، مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، مطابع ميثاق المغرب الرباط، طبعة أولى، أكتوبر 2001.
-عبد العزيز العنزي موقف الجزاء الكويتي من المفاهيم الحديثة للجريمة والعقوبة، مجلة الحقوق، ملحق العدد الرابع، السنة السادسة والعشرون، دجنبر 2002.
-عبد العزيز مخيمر عبد الهادي، اتفاقية حقوق الطفل، خطوة إلى الأمام أم إلى الوراء، مجلة الحقوق، عدد 3، السنة 17، 1993.
-عبد العالي الدليمي، رقابة القضاء على المؤسسات السجنية، مجلة الملف، عدد 7 أكتوبر 2005.
-عبد الرحيم المودن، الصلح كإجراء جديد في قانون المسطرة الجنائية، مجلة أنفاس، حقوقية، عدد 2/3، 2003.
-عبد الرحيم العطري، المؤسسة السجنية وإعادة إنتاج الجنوح، مجلة وجهة نظر، مطبعة النجاح الجديدة، السنة الثامنة، عدد 24 شتاء 2005.
-عبد الله درميش، مختلف أشكال بدائل العقوبات السالبة للحرية، مجلة المحاكم المغربية، عدد 86، يناير / فبراير 2001.
-العربي بن قتيلة، الأحداث الجانحون، مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، أشغال دورية تكوينية، مطابع ميثاق المغرب الرباط 2001.
-الفريق طاهر عبد الجليل، مفهوم التأهيل وأهميته لمواجهة الجرائم المستحدثة أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، أشغال ندوة علمية عقدت بتونس بتاريخ 28-30/02/1999.
-صلاح عبد المعتال، عدالة الأحداث قبل الجنوح وبعده، المجلة العربية للدفاع الاجتماع، عدد 9، 1980.
-رشيد تاشفين، دراسة للقانون رقم 98-23، المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية، مجلة البحوث، فقهية، ثقافية، قانونية، العدد الأول، السنة 2002.
-غانم محمد غانم، مدى حق المسجون في حرمة الحياة الخاصة، مجلة الحقوق، السنة السابعة عشرة، العدد الأول والثاني، مارس / يونيو 1993.
الجرائــد:
-جريدة الصباح، السنة السادسة، العدد 1826، بتاريخ 20/02/05.
-جريدة الصباح، السنة الثالثة، العدد 834، بتاريخ 14/12/2004.
-جريدة العلم، العدد 17464، بتاريخ 19/02/1998.
-جريدة العلم، العدد 18373، بتاريخ 04/09/2000.
-جريدة الصحراء المغربية، العدد 4046، بتاريخ 06/03/2000.
-أسبوعية المستقل، بتاريخ 7-13 أبريل 2004.
-لاغاريت دي ماروك، عدد 346، 15 دجنبر 2003.
-La vie économique, vendredi 17 octobre 1997, N° 3.938.
التقــاريـر:
-تقرير المرصد الوطني للسجون لسنة 2004.
-تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لسنة 2003.
-تقارير مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.
Bibliographie
-Traités et ouvrages:
-ARMAND JANDRE, Clefs pour la justice, édition serghers, Paris, 1991.
-Jean François Renucci, le droit pénal des mineurs, imprimerie des presses univesitaire de France, 3ème édition, décembre 1998.
-Jean-Marc varaut, la prison pourquoi faire, édition, la table rende Paris 1972.
-Marc Ancel, la défense sociale nouvelle, 2ème édition, Paris, 1966.
-Merle et vitu, traité de droit criminel, tome 1 éd, Gyos, Paris, 1994.
-Merle .V.R et A. Vitu, traité de droit criminel, T. 1, problèmes généreux de la science criminelle-droit pénal général, 2ème édi, Paris, 1973.
-Mechouai B Mellouk, la réinsertion, publication du centre de documentation, d'information et de formation en droit de l'homme imprimerie fédala-Mouhamédia, 1ère édition, octobre 2001.
-Ermest Lefeuvre, les violences institutionnelles: la police des mineurs, Rev. Int, crim, Pol, Tech, n°2.
-Noufissa Bellamine, Vos droits la personne et la famille, Edition eddif, 1992.
-Pierre Voirin, la réduction des jeunes en difficulté, Toulouse, Epoque Privot, 1982.
-Philippe Combessie, sociologie de la prison, Ed, la découverte, Paris, 2001.
-Rachid Ringa, Regards sociologique sur la délinquance juvénile au Maroc, Imprimerie Fédala, 1998.
-Reynoud, les droits de l'homme dans les prisons, par les éditions du conseil de l'Eroupe, 1995.
-Stefani Lavasseur et Jambu Merlin, Criminologie et Science pénitentiaire. Paris 1976.
-Thèses et Mémoires:
-Beraho Nadia, les mesures prises à l'égard des mineurs délinquants D.E.S.A, Faculté des sciences juridiques, Rabat, 1986-1987.
-Chahide slimane, la politique criminelle en matière de délinquance, mémoire de D.E.S.A. Faculté de sciences juridique Fès 2002-2003.
Revues:
-André Kuhun et Bertrand Madignier, surveillance électronique la France dans une perspective internationale. Rev. Sc. Crim (4) cot, décembre 1998.
-De Nouv, Les modes alternatifs de règlements des conflits en droit pénal, Belge, Rev. Inter de droit pénal 1997.
-Edgardo Rotman, la politique du traitement à la lumière de la 3ème édition de la défense sociale, R.S.C. 1984.
-Jocelyne Leblois Happe, la médiation pénale comme mode de réponse à la petite délinquance: état des lieus et perspectives, Revue de science criminelle, 3 juillet-septembre 1994.
-Marc Ancel, La peine dans le droit classique et selon la doctrine de la défense sociale, Rev. Sc.crime et droit pénal.comp. année 1973.
-Manuel Lopez, La criminalité et les hommes. R.S.C. 1978.
Sites Internet :
– www.Upmf.Grenoble.fer.
– htt://www.ae.nonte pellier-fer/ressource/99/99ff-cordres/.
– Htt://ww.cdharp.net/text/tololb/Ext/20/9.net.
– Htt://www.ccdh.org.ma/IMG/doc/part_6_chapitre 4.doc.
الفـهـــرس
مقدمة……………………………………………………………………………. |
1 |
القسم الأول: تطور أهداف العقوبة وأثرها على وظائف المؤسسة السجنية ……………… |
15 |
الفصل الأول: وسائل إعادة تأهيل الحدث الجانح من خلال العقوبة السالبة للحرية وتدابير الحماية والتهذيب…………………………………………………………….. |
17 |
المبحث الأول: حضور العقوبة السالبة للحرية كخيار لإعادة تأهيل الحدث الجانح…………. |
18 |
المطلب الأول:ربط العقوبة السالبة للحرية ومكان تنفيذها بإعادة التأهيل………………. |
19 |
الفقرة الأولى: دور العقوبة السالبة للحرية في إعادة التأهيل……………………… |
20 |
الفقرة الثانية: المؤسسة السجنية مكان لتنفيذ العقوبة……………………………. |
24 |
المطلب الثاني: الأهلية الجنائية للحدث الجانح وأثرها في تحديد العقوبة………………. |
29 |
الفقرة الأولى: العلة في تطبيق العقوبات المخفضة على الحدث…………………… |
30 |
الفقرة الثانية: حدود تفريد العقوبة السالبة للحرية………………………………. |
34 |
المبحث الثاني : تقارب العقوبة السالبة للحرية وتدابير الحماية في تقييد حرية الحدث الجانح… |
39 |
المطلب الأول: التمييز بين العقوبة السالبة للحرية وتدابير الحماية والتهذيب…………… |
40 |
الفقرة الأولى: الطبيعة القانونية للعقوبة والتدابير……………………………… |
40 |
الفقرة الثانية: فضاء تنفيذ تدابير الحماية والتهذيب……………………………. |
46 |
المطلب الثاني: المفاضلة بين العقوبة السالبة للحرية وتدابير الحماية………………….. |
50 |
الفقرة الأولى: صلاحية القضاء في الاختيار بين العقوبة والتدبير…………………. |
50 |
الفقرة الثانية: إمكانية الجمع بين العقوبة وتدابير الحماية………………………… |
55 |
الفصل الثاني: مقومات إعادة تأهيل الحدث الجانح بالمؤسسة السجنية……………………….. |
60 |
المبحث الأول: متطلبات إعادة التأهيل بالمؤسسة السجنية……………………………………. |
61 |
المطلب الأول: حقوق الأحداث داخل المؤسسة السجنية……………………………………… |
62 |
الفقرة الأولى: الحق في الرعاية النفسية والصحية………………………………………….. |
63 |
الفقرة الثانية: الحق في الرعاية التعليمية والمهنية………………………………………….. |
66 |
المطلب الثاني: مسلتزمات التعامل مع الحدث عند التحاقه بالمؤسسة السجنية…………………… |
72 |
الفقرة الأولى: نمط استقبال الحدث بالمؤسسة السجنية………………………………………. |
73 |
الفقرة الثانية: أهمية الأطر العاملة في المؤسسة السجنية…………………………………….. |
76 |
المبحث الثاني: دور قاضي تطبيق العقوبة في تفعيل إعادة التأهيل……………………………. |
80 |
المطلب الأول: مساهمة قاضي تطبيق العقوبة في حماية حقوق نزلاء المؤسسة السجنية…………. |
81 |
الفقرة الأولى: رقابة قاضي تطبيق العقوبة على المؤسسات السجنية………………………….. |
82 |
الفقرة الثانية: حدود الرقابة القضائية على المؤسسة السجنية…………………………………. |
86 |
المطلب الثاني: الصلاحيات الاقتراحية لقاضي تطبيق العقوبة…………………………………. |
90 |
الفقرة الأولى: صلاحية قاضي تطبيق العقوبة في منح الإفراج المشروط كوسيلة لإعادة التأهيل….. |
90 |
الفقرة الثانية: دور قاضي تطبيق العقوبة في اقتراح العفو الخاص…………………………… |
96 |
القسم الثاني: إعادة التأهيل: المعوقات وسبل المعالجة……………………………………. |
99 |
الفصل الأول: معوقات تحقيق هدف إعادة التأهيل……………………………………….. |
101 |
المبحث الأول: العقبات القانونية لإعادة التأهيل ………………………………………. |
102 |
المطلب الأول: السجل العدلي للأحداث وعرقلة إعادة التأهيل……………………….. |
103 |
الفقرة الأولى: جوانب قصور التنظيم القانوني للسجل العدلي…………………….. |
104 |
الفقرة الثانية: السجل العدلي أداة لعرقلة إعادة التأهيل…………………………. |
108 |
المطلب الثاني: غياب الرعاية اللاحقة وإنعكاساتها على الحدث……………………… |
113 |
الفقرة الأولى: قصور الرعاية اللاحقة كآلية لتفعيل إعادة التأهيل………………….. |
113 |
الفقرة الثانية: الآثار الاجتماعية لانعدام الرعاية اللاحقة………………………….. |
118 |
المبحث الثاني: المعوقات المادية لإعادة التأهيل وآثارها………………………………. |
121 |
المطلب الأول: مظاهر فشل المؤسسة السجنية في دورها التأهيلي…………………… |
122 |
الفقرة الأولى: قلة الإمكانيات المادية و البشرية………………………………… |
122 |
الفقرة الثانية: تفشي ظاهرة الإكتظاظ داخل المؤسسة السجنية……………………. |
127 |
المطلب الثاني: تجليات فشل سياسة إعادة التأهيل………………………………….. |
131 |
الفقرة الأولى: إعادة إنتاج الجنوح: تضخيم ظاهرة العود………………………….. |
132 |
الفقرة الثانية: محدودية الردع العام والخاص للعقوبة في الحد من إجرام الأحداث…….. |
135 |
الفصل الثاني: الجهود المبذولة لإنجاح إعادة التأهيل…………………………………….. |
139 |
المبحث الأول: تزايد الاهتمام بإعادة تأهيل الحدث الجانح داخل المؤسسة السجنية…………. |
140 |
المطلب الأول: مبادرات تجاوز الوضع المأساوي للمؤسسة السجنية……………………. |
141 |
الفقرة الأولى: دور مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء…………………… |
142 |
الفقرة الثانية: مساهمة وزارة العدل وإدارة السجون في إعادة تأهيل الحدث الجانح……. |
149 |
المطلب الثاني: نحو تشجيع سياسة إعادة التأهيل بالمؤسسة السجنية……………………. |
151 |
الفقرة الأولى: إشراك المجتمع المدني في إعادة التأهيل…………………………… |
152 |
الفقرة الثانية: انفتاح المؤسسة السجنية على العالم الخارجي………………………. |
156 |
المبحث الثاني: سبل دعم تأهيل الحدث الجانح……………………………………… |
160 |
المطلب الأول: إقرار بدائل للعقوبة السالبة للحرية ……………………………….. |
161 |
الفقرة الأولى: إخضاع الحدث الجانح لبدائل الإيداع بالمؤسسة السجنية…………….. |
161 |
الفقرة الثانية: تشجيع العدالة التصالحية والوساطة………………………………. |
166 |
المطلب الثاني: تكامل دور المؤسسة السجنية مع الأجهزة المختصة بمتابعة الحدث الجانح |
171 |
الفقرة الأولى: جهاز شرطة الأحداث ودوره في الرعاية والتأهيل…………………… |
172 |
الفقرة الثانية: مكانة قضاء الأحداث في إعادة التأهيل……………………………. |
175 |
خاتمة……………………………………………………………………………… |
180 |
لائحة المراجع……………………………………………………………………… |
182 |
الفهرس ………………………………………………………………………….. |
193 |
[1] -قام المشرع المغربي بإعادة تنظيم مؤسسة السجل العدلي ضمن قواعد قانون المسطرة الجنائية الجديد في القسم الثاني من الكتاب السادس من المواد 654 إلى 686 من ق.م.ج.
[2] -محمد بن جلون، السجل العدلي وإشكالية حقوق الإنسان، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط- أكدال، 2001 ، 2002. ص147.
[3] -المادة 505 من ق.م.ج.
[4] -المادة 506 من ق.م.ج.
[5] -القسم الخامس من الكتاب الثالث ق.م.ج. المواد 505 إلى 509.
[6] -لحسن بيهي، النظام القانوني للسجل العدلي وفق قانون المسطرة الجنائية، مجلة القصر، العدد العاشر، يناير 2005، ص.139.
[7] -المادة 658 من ق.م.ج.
[8] -المادة 659 من ق.م.ج.
[9] -محمد بن جلون، مرجع سابق، ص.269.
[10] -كان الفصل 563 من ق.م.ج، القديم يشترط لكي تأمره محكمة الأحداث بإلغاء البطاقة رقم 1، انصرام أجل خمس سنوات من يوم انتهاء تدبير الحماية أو إعادة التهذيب بناءا على التماس الشخص المذكور أو النيابة العامة. أما الأجل الجديد الذي جاءت به المادة 507 من ق.م.ج. الجديد فهو يساير توجه المشرع الفرنسي حسب القانون رقم 70.643 بتاريخ 17 يوليوز 1970 المعدل للفقرة الأولى للفصل 770 من ق.م.ج الفرنسي.
[11] -عبد الرحمن مصلح الشرادي مرجع سابق، ص. 269.
[12] -محمد بن جلون مرجع سابق، ص.188.
[13] -هشام محمد فريد رستم الحماية الجنائية لسرية السوابق الجنائية، الآلات الحديثة، أسيوط 1995. ص22.
[14]– Loi sur le casier Juridique. C 47 promulgué en 1980.
[15] – إن منع التمييز على أساس السوابق الجنائية يقوم على فكرة مفادها أن إقصاء المحكوم عليه في مجال الشغل يعتبر في حد ذاته خرقا للمبدأ الذي أرسي في الاتفاقية العالمية لحقوق الإنسان والمتعلق بالمساواة في الحقوق بين كل الأفراد بدون تمييز.
[16] -Manuel lopez R ov, la criminalité et les l'hommes, R. S.C. 1978. p3.
[17] -Gilles lebretion, libertés publiques et droit de l'homme, Armond colin, 4ème édition 1999 page371.
[18] -يعتبر المشرع الإيطالي هو السباق إلى الاعتراف للقاضي الزجري بسلطة تقديرية في تسجيل أو عدم تسجيل الأحكام بالإدانة بالسجل العدلي وذلك في الفصل 4 من قانون 30 يناير 1902.
[19] -محمد بن جلون مرجع سابق ص. 280.
[20] -عبد المجيد مصطفى كاره، مرجع سابق، ص 72.
[21] -محي الدين أمزازي، العقوبة، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية مطبعة الأمنية، الرباط، 1993. ص92.
[22] -محمد جلون مرجع سابق، ص. 244.
[23] -رمضان الألفي، نحو سياسة جنائية فاعلة تسهم في تحقيق العدالة الجنائية وحماية حقوق الإنسان وحرياته، دار الفكر العربي، بدون ذكر السنة، ص127.
[24] -إن الرعاية اللاحقة وفقا لهذا التصور جاءت نتيجة لتطورات مهمة، إذ كانت المساعدات المبنية على دوافع دينية، أو اعتبارات الشفقة هي البداية الأولى لفكرة الرعاية اللاحقة للسجناء، على اعتبار أن الأشخاص المحكوم عليهم والذين أطلق سراحهم ما هم إلا مجموعة من البؤساء والمحتاجين إلى العون، وكان من آثار ذلك أن الدولة لم تلعب أي دور، ويرجع السبب في ذلك إلى النظريات الجنائية السائدة والتي تعتبر العقوبة مجرد إيلام يستهدف الردع العام أو العدالة وواجب الدولة ينحصر في تنفيذ العقوبة.
[25] -بعد أن تغيرت النظرة إلى العقوبة وأصبح إعادة التأهيل من سماتها الأساسية، شهدت الرعاية اللاحقة بدورها تطورات هامة، فإعادة تأهيل الجانح قد لا يتحقق بإنقضاء الأجل المحدد للعقوبة مما يستوجب العمل على خلق آلية لتكملة هذا الهدف عن طريق منح المساعدة المادية والمعنوية للمفرج عنهم بغية تسهيل عودتهم إلى الحياة الحرة في استمرار لعملية التفريد. أنظر في هذا الصدد، محمود نجيب حسني مرجع سابق. ص651.
[26] -القاعدة 80 من القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء.
[27] -القاعدة 29 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم.
[28] -محمد عياض، الرعاية اللاحقة لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية، بعض جوانب فلسفتها وتطبيقها، مجلة الملحق القضائي، عدد 31 يونيو 1996 ص24.
[29] -دور المؤسسات الإصلاحية والعقابية في الوقاية من الجريمة، المجلة العربية للدفاع الإجتماعي العدد الحادي عشر يناير 1981، ص192.
[30] -محمد عياض، مرجع سابق، ص35.
[31] -لطيفة المهداتي، الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، مطبعة الشركة الشرقية الرباط الطبعة الأولى 2005، ص311.
[32] -للإطلاع على تجارب بعض الدول في مجال الرعاية اللاحقة مثل فرنسا، مصر، الهند، الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن الرجوع إلى محمد عياض، مرجع سابق. ص.31 إلى 36.
[33] -تشير القاعدة 79 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم إلى: ينبغي أن يستفيد جميع الأحداث من الترتيبات التي تستهدف مساعدتهم على العودة إلى المجتمع أو الحياة الأسرية أو التعليم أو الوظيفة بعد إخلاء سبيلهم وينبغي وضع إجراءات تشمل الإفراج المبكر، وتنظيم دورات دراسية خاصة تحقيقا لهذه الغاية.
وكذلك أشارت القاعدة 80 إلى: على السلطات المختصة أن تقدم أو تضمن تقديم خدمات لمساعدة الأحداث على الإندماج من جديد في المجتمع وللحد من التغير ضدهم.
[34] -سوف نتحدث عن دور مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء خلال الفصل الثاني من هذا القسم.
[35] -مصطفى مداح، الوضع العقابي القائم وسياسة الإصلاح وإعادة الإدماج، الأعمال التحضيرية للمناظرة الوطنية حول: السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية، سلسلة الندوات والإيلام الدراسية، المجلد الأول، العدد 3، 2004، ص: 68.
[36] -غباري سلامة، معالجة الشريعة الإسلامية لمشاكل انحراف الأحداث، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب بالرياض، 1407هـ. ص110.
[37] -محمد طارق، مفهوم المنهاج ومفهوم البرنامج، مجلة علوم التربية العدد الرابع مارس 1993. ص31.
[38] – عبد المجيد مصطفى كاره، مرجع سابق. ص82.
[39] -محمد بن جلون، مرجع سابق، ص242.
[40] -عبد الله بن عبد العزيز اليوسف، التدابير المجتمعية كبدائل للعقوبات السالبة للحرية، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2003، ص:69.
[41] -التهامي بنعزوز، السجون المغربية وتحديات الألفية الثالثة، جريدة الصحراء المغربية، العدد 4064، 6 مارس 2000.
[42] -مصباح الخيرو، وبدر الذين عبد الله أمام، مرجع سابق، ص: 246.
[43] -عبد الله عبد الغني غانم، أثر السجن في سلوك النزيل، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الطبعة الأولى، الرياض 1999، ص:8.
[44] -أحسن طالب، مرجع سابق، ص: 276.
[45] عبد الرحيم العطري، المؤسسة السجنية وإعادة إنتاج الجنوح، وجهة نظر، العدد 24 شتاء 2005 السنة الثامنة، مطبعة النجاح الجديدة، ص:49.
[46] -الحسن يزي، المدير العام للسجون بالمغرب، أنا السجين رقم 1، جريدة الصباح السنة السادسة العدد 1826، 20 من فبراير 2005.
[47] -Philippe combessie, sociologie de la prison, Ed, la découverte, Paris, 2001, p: 33.
[48] مصطفى مداح، الوضع العقابي القائم وسياسة الإصلاح وإعادة الإدماج، الأعمال التحضيرية للمناظرة الوطنية حول: السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق. مرجع سابق ،ص:63.
[49] -أسبوعية المستقل، براءة خلف القضبان، 7-13 أبريل 2004.
[50] -لا غاريت دي ماروك، عدد 346، عدد 346، 15 دجنبر 2003.
[51] -عبد الله بن عبد العزيز اليوسف، مرجع سابق، ص68.
[52] -شريف زبفر هلالي، واقع السجون العربية بين التشريعات الداخلية والمواثيق الدولية، دراسة مقارنة، سلسلة البحث القانوني وحقوق الإنسان، مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء 2000. ص33.
[53] -رجاء شكري، الشذوذ الجنسي مستفحل في السجون المغربية بشكل خطير بفعل الإكتظاظ والاختلاط، جريدة الصباح السنة الثالثة. العدد834، 15/12/2002.
[54] -مهدي غزال فئة الأحداث وذوي البنيات الضعيفة الشريحة الأكثر عرضة للإنتهاكات الجنسية، جوار مع عبد الرحيم الجامعي، رئيس المرصد الوطني للسجون المغربية، جريدة الصباح، السنة الثالثة، عدد 834، 14/15/2002.
[55]-للطفل حقوق، مجلة دورية تصدر عن المرصد الوطني لحقوق الطفل، عدد مزدوج 5-6. يونيو 2002، ص: 56.
[56] -راجع بهذا النصوص رجاء شكري، جريدة الصباح، عدد 234، وكذلك رضوان الرمضاني: اغتصاب ومحاولة انتحار في إصلاحية بالبيضاء، جريدة الصباح العدد 1848، 17 مارس 2006.
[57] -تقضي القاعدة 18 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم: ينبغي أن تكون الشروط التي يحتجز بموجبها الحدث الذي لم يحاكم بعد متفقة مع القواعد المبنية أدناه، مع ما يلزم ويناسب من أحكام إضافية محددة تراعى فيها متطلبات افتراض البراءة ومدة الاحتجاز والأوضاع والظروف القانونية للحدث، ويمكن لهذه الأحكام أن تشمل ما يلي:
أ-أن يكون للحدث الحق في الحصول على المشورة القانونية…
ب-يتاح للأحداث حينما أمكن، فرص التماس العمل مقابل أجر…
ج-يتلقى الأحداث المواد اللازمة لقضاء وقت الفراغ أو الترفيه ويحتفظون بها، حسبما يتفق وصالح إقامة العدل.
[58] -تقرير للمرصد الوطني للسجون: المغرب في المرتبة الخامسة عالميا من حيث عدد السجناء والرشوة والاكتظاظ أخطر الظواهر المتفشية بسجونه، الأربعاء 29 دجنبر 2004. http://ww.cdhrap.net/text/kolob/txt/20/9.htm
[59] -عبد المجيد مصطفى كاره، مرجع سابق، ص: 13.
[60] -بوشتى القايز، العود إلى الجريمة، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علوم التربية، كلية علوم التربية الرباط، 2001-2002، ص:65.
[61]-لقد اختلفت تعاريف العود باختلاف المنظور العلمي له، لهذا يصعب إيجاد تعريف موحد وجامع لهذا المفهوم، وتبقى أهم الأنظمة التي تناولت مفهوم العود هي المنظور العقابي، المنظور القانوني ومنظور علم الإجرام:
-التعريف العقابي: إن المجرم العائد في نظر علم العقاب هو السجين الذي سبق إيداعه في السجن بسبب الحكم عليه في جريمة ما.
-التعريف القانوني: العود هو حالة خاصة بالجاني الذي سبق الحكم عليه بحكم بات في جريمة وارتكب بعد ذلك جريمة أخرى وفق الشروط المحددة في القانون.
-تعريف العود لدى علماء الإجرام: العود لدى علماء الإجرام ينصب بالأساس على عملية تكرار ارتكاب الجرائم، حيث يكون المجرم العائد في نظرهم هو ذلك الشخص الذي سبق الحكم عليه وارتكب بعد ذلك جريمة أخرى سواء ثبتت هذه الجريمة رسميا أم لا، فهو يتعدى نطاق الجرائم الثابتة بحكم قضائي ويتجاوزها للدلالة على حالة الإصرار على ارتكاب الجرائم.
[62]-ميشيل فوكو، المراقبة والعقاب، ولادة السجن، ترجمة علي مقلد مطاع مفدي، مركز الإنماء القومي، بيروت، الطبعة الأولى، 1990، ص:264.
[63] -ميشيل فوكو، المراقبة والعقاب: ولادة السجن، مرجع سابق، ص: 266.
[64] -عبد الرحيم العطوي، المؤسسة العقابية وإعادة إنتاج الجنوح، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علوم التربية، كلية علوم التربية الرباط 2003/2004، ص:62.
[65] -حوار مع محمد عبد النباوي، المدير العام للسجون بالمغرب، أجرته جريدة الصباح، السنة السادسة، العدد 1826، 2006.
[66] -أسبوعية المستقل، براءة خلف القضبان، مرجع سابق.
[67] -عبد المجيد مصطفى كاره، مرجع سابق، ص: 70.
[68] -دور المؤسسات الإصلاحية والعقابية في الوقاية من الجريمة، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد الحادي عشر، يناير 1981، ص:153.
[69] -هذه الإحصائيات تم الحصول عليها من وزارة العدل، مديرية الشؤون الجنائية والعفو:
Amina Oufroukhi, chef de service de la délinquance juvenile
[70] -لطيفة المهداتي، مرجع سابق، ص: 92.
[71] -انطلاقا من العناية بنزلاء السجناء قام جلالة الملك يوم 6 دجنبر 2001 بزيارة لمركز الأحداث بسجن عكاشة وهي الزيارة التي ستتلوها عدة زيارات لمختلف المؤسسات السجنية ومراكز حماية الطفولة، وبعد ستة أشهر من زيارة سجن عكاشة قرر جلالة الملك إحداث مؤسسة لفائدة السجناء ونزلاء مراكز حماية الطفولة وبتاريخ 15 يناير 2002 (طنجة) تم تأسيس هذه المؤسسة وتم الاعتراف لها بصبغة المنفعة العامة بتاريخ 12 مارس 2002.
[72] -تحت الرعاية الفعلية لجلالة الملك يسير المؤسسة مجلس إداري من 10 أعضاء ويتوزع الأعضاء الذين يساهمون بفعالية في التفكير ونشر العمليات على ثلاث لجان تتكفل إحداها بدراسة الجهاز القضائي في المجال الجنائي والسجني والثانية مهمتها بلورة برنامج العمل لفائدة الأحداث والثالثة مهمتها إعداد الأنشطة التي تم تفعيلها داخل المؤسسات السجنية، ويساعد المجلس الإداري فريق إجرائي محدود العدد. أما عن طبيعة هذا المجلس فهو ذو تشكيلة مختلطة من فعاليات حكومية وحقوقية وجمعوية.
[73] -وهذا انسجاما مع الإرادة الملكية التي عبر عنها جلالة الملك بقوله: "إن ما نوليه من رعاية شاملة للبعد الاجتماعي في مجال العدالة لا يكتمل… إلا بما نوفره من الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية. بموازاة مع الإصلاح المتقدم الذي شمل قانون السجون وبرنامج العمل الطموح…" نسهر على أن تنهض به مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج نزلاء المؤسسات السجنية. "فقد أصدرنا تعليماتنا قصد… الاعتناء بالظروف المادية والمعنوية للسجناء". مقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح السنة القضائية في 29 يناير 2003.
[74] -اتفاقية شراكة بين وزارة العدل ووزارة الصحة والجمعية المغربية الطبية للتضامن ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، تتوخى هذه الاتفاقية التكفل بالتطبيب والصحة داخل السجون وتشجيع مبادرات المختصين والمجتمع المدني المندرجة في هذه الاستراتيجية.
-اتفاقية شراكة بين وزارة العدل ووزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، تم التوقيع عليها بداية 2004 وتهدف تطوير التكوين المهني بالتمرس في الفلاحة وتربية المواشي والمكننة الفلاحية ويعد مركز الإصلاح علي مومن بسطات رائدا في هذه التجربة حيث بلغ عدد المتدربين 300 نزيل.
[75] -وضعت إدارة السجون برنامجا لبناء المؤسسات السجنية، إذ تم بناء 17 مؤسسة سجنية ما بين 2001 و 2005.
[76] -أبرمت مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج اتفاقية شراكة مع كلية علوم التربية تم بموجبها تأطير عدد من موظفي المديرية الموجزين لنيل دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في علوم التربية، حتى يكونوا بمثابة أداة فعالة لتوعية باقي الموظفين.
[77] -بشرى تمورو، دور إدارة السجون في إعادة تأهيل السجناء، القانون الجديد للسجون والمعايير الدولية لمعاملة السجناء، مرجع سابق، ص:107.
[78] -أحمد مفتاح البقالي، مرجع سابق، ص: 284.
[79] -عبد السلام حسي رحو، مرجع سابق، ص: 76.
[80] -لقد منح ق.م.ح في المادة 7 للجمعيات المعلن أنها ذات منفعة عامة أن تنتصب طرفا مدنيا إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات على الأقل قبل إرتكاب الفعل الجرمي، وذلك في حالة إقامة الدعوة العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المدني بشأن جريمة تمس مجال إهتمامها المنصوص عليه في قانونها الأساسي.
[81] -المادة 49 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية.
[82] -Mechouai b Mellouk, la réinsertion, publication du centre de documentation d'information et de formation en Droits de l'homme, imprimerie fédala-Mohamédia, 1ère édition, octobre 2001, p: 160.
[83] -htt://www.ccdh.org.ma/IMG/doc/part_6_chapitre_4.doc.
[84] -ABDELLAH NAANAA, Les prisons marocaines s'ouvriront bientôt aux missions des ONG, la vie économique, N°3938, vendredi 17 octobre 1997.
[85] -كوثر كيزي، الحماية الدولية للطفل، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، قانونا خاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس، 2002-2003، ص: 149.
[86] -وذلك انسجاما مع خطاب جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني عند تأسيسه للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والذي ورد فيه: "ومعلوم أن للمواطنين حقوق، وحتى من أدينو ا في المحاكم يجب أن يكونوا في مأمن من الجوع ومن المرض ومن التعسفات، ويجب أن يتمتعوا بصلة الرحم من ذويهم وأن يتمكنوا من الدواء وزيارة الطبيب إذ اقتضى الحال، بل يجب على النظام القضائي وعلى الدولة أن تحيطهم بكل ما من شأنه أن يمكنهم من الكرامة".
[87] -حوار مع السيد جواد عبد الله من جمعية أصدقاء مراكز الإصلاح: لدينا خلية للرعاية اللاحقة لإعادة إدماج المفرج عنهم، جريدة الإتحاد الاشتراكي عدد 6714. 28 دحنبر 2001.
[88] -للإطلاع على مختلف الجمعيات والمنظمات النشيطة في مجال المؤسسات السجنية يمكن الرجوع إلى النشرة الإحصائية لمديرية السجون لسنة 2002 والتي تتضمن مجال التدخل وعدده حسب كل مؤسسة سجنية.
[89] -سوسن الشريف، تكامل الجهود الأهلية والحكومية في مواجهة ظاهرة أطفال الشوارع مجلة الطفولة العربية، المجلد الخامس- العدد الثامن عشر- مارس 2004. ص96.
[90] -المادة 46 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية. كما نحد المادة 74 من نفس القانون تنص على أنه: يجب بصفة خاصة، الحرص على الحفاظ على علاقة المعتقل مع أقاربه وتحسينها، كلما تبين أن لذلك فائدة له ولعائلته، وذلك لتسهيل إعادة إدماج المعتقل داخل وسطه العائلي عند الإفراج عنه.
[91] -المواد من 47 إلى 49 من القانون المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية.
[92] -القاعدة 59.
[93] -تقضي المادة 60 من قواعد الأمم المتحدة بشأن حماية الأحداث المجردين من حريتهم بأنه: للحدث الحق في تلقي زيارات منتظمة ومتكررة بمعدل زيارة واحدة كل أسبوع أو زيارة واحدة كل شهر على الأقل، من حيث المبدأ، على أن تتم الزيارة في ظروف تراعي فيها حاجة الحدث إلى أن تكون له خصوصيات وصلاحية تكفل الاتصال بلا قيود بأسرته وبمحاميه.
[94] -غنام محمد غنام، مدى حق المسجون في حرمة الحياة الخاصة، مجلة الحقوق، السنة السابعة عشرة العدد الأول والثاني، مارس- يونيو 1993، ص.293.
[95] -تنص المادة 77 من قانون تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية على أن: يحضر موظف بالمزار، أو بمكان الزيارة، ويجب أن تتوفر له إمكانية سماع المحادثات.
[96] -القاعدة 61.
[97] -محي الدين أمزازي، جدوى إيجاد بدائل للعقوبات الحبسية القصيرة المدى، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد 17، يناير 1984، ص:61.
[98]-عبد الله درميش، مختلف أشكال بدائل العقوبات السالبة للحرية، مجلة المحاكم المغربية، عدد 86، يناير/فبراير 2001، ص: 13.
[99] -عبد الجليل الفيداني، بدائل الدعوى العمومية وبدائل العقوبات السالبة للحرية، الأعمال التحضيرية للمناظرة الوطنية حول: السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق، مرجع سابق، ص: 71.
[100] -Les règles minima des Nations Unies pour l'élaboration de mesures non privatives de liberté (règles de Tokyo) adoptées par l'assemblée général des Nations Unies dans sa résolution 45/110 du 14 décembre 1990, recueil d'instruments internationaux, Nations Unies, New York et Genève 1994 volume1, première partie, page: 341.
[101] -محمد ضريف، حقوق الإنسان بالمغرب، منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 1994، ص: 31.
[102] -صدرت توصية عن الاجتماع الثاني لمدراء المؤسسة العقابية في الدول العربية المنعقد بالرباط ما بين 21 و 23 يوليوز 1983 والتي نادت بتبني نظام العقوبات البديلة، راجع في هذا العدد، مجلة المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي، العدد: 15، يناير 1984،، ص: 408 وما ييها.
[103] -أمزازي محي الدين، جدوى بدائل العقوبات الحبسية القصيرة المدى، مرجع سابق، ص: 72.
[104] -Quirion Bastien, l'expérience canadienne en matière de décriminalisation des infractions spécifiques mineurs: www.sgc.ga.ca.
[105] -يعتبر وقف تنفيذ العقوبة أول العقوبات البديلة التي تم تبنيها منذ نهاية القرن التاسع عشر، ويقصد به منح المحكوم عليه ميزة عدم الخضوع لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية في حالة ارتكاب جنحة وعدم وجود سوابق جنائية في سجله العدلي مع إخضاعه لفترة تجربة مدتها خمس سنوات وبعد انقضاء هذه المدة دون تعرض الفرد للمتابعة الجنائية من جديد فإن السابقة الجنائية تنمحي من سجله العدلي وكأنه لم يتعرض قط لأية متابعة.
[106] -عبد الله درميش، مرجع سابق، ص: 19.
[107] -لم يتبنى المشرع الفرنسي نظام الوضع تحت الحراسة الإلكترونية إلا انطلاقا من سنة 1997، ولكن تجربة هذا النظام لم تبدأ في الحقيقة إلا مع حلول سنة 2000 في بعض المناطق الفرنسية حيث يطبق لمدة سنة فقط بالنسبة لمرتكبي بعض الجرائم أو بالنسبة لبعض الأفراد الموضوعين تحت الاعتقال الاحتياطي.
Le placement sous surveillance électronique, a été introduit au sein de la loi du 15 juin 2000 relative au renforcement de la présomption d'innocence et aux droits des victimes qui a étendu le placement sous surveillance électronique aux prévenus, en introduisant l'article 144 du code de procédure pénale.
[108] -عبد الله بن عبد العزيز اليوسف، مرجع سابق، ص: 136.
[109] -André Kuhn et Bertrand Madignier, surveillance électronique la France dans une perspective internationale-Rev.SC. crim (4) cot. Déc. 1998.
[110] -لطيفة المهداتي، الشرعية في تنفيذ العقوبات السالبة للحرية، مرجع سابق، ص: 101.
[111] -كان التشريع الإسلامي سباقا إلى إقرار الصلح إذ جاء في كتابه عز وجل في سورة الحجرات، رقم 9: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن جاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين". وقال عمر رضي الله عنه: "ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فعل القضاء يورت بينهم الضغائن".
[112] -المعايير الدولية لحماية الأحداث الجانحين، مرجع سابق، ص: 33.
[113] -عبد الرحيم المودن، الصلح كإجراء جديد داخل قانون المسطرة الجنائية، مجلة أنفاس، حقوقية، العدد 2-3-2003، ص: 133.
[114] -محمد حكيم حسين الحكيم، النظرية العامة للصلح وتطبيقاتها في المواد الجنائية، دار النهضة العربية، 2002، ص: 180.
[115] -De Now, les modes alternatifs de règlements des conflits en droit pénal Belge, Revue internationale de droit pénal, 1997, p: 36.
[116] -المادة 41 من ق. م.ج.
[117] -سبق للمشرع المغربي أن نص على المصالحة في ق.ج في الفقرة 2 من الفصل 3:… ويمكن علاوة على ذلك أن تسقط الدعوى العمومية بإبرام مصالحة إذا كان القانون ينص على ذلك صراحة…" وباستحضار الفصل 13 من ق.ج الذي ينص على أنه: "يمكن للفريق المتضرر أن يتخلى عن حقه في الإدعاء أو يصالح بشأنه أو يتنازل عن الدعوى العمومية من دون أن يترتب عن ذلك انقطاع سير الدعوى العمومية أو توقفه". مما نستنتج معه أن المصالحة في التشريع الجنائي هي استثناء من المبدأ العام القاضي بأن تصالح المضرور أو المجني عليه أو تنازله عن حقه المدني أو عن حقه في الادعاء المدني لا يؤثر على سير الدعوى العمومية، وهذا ما عملت ق.م.ج عن تفاديه.
[118] -عبد الرحمان المودن، مرجع سابق، ص: 141.
[119] -هذا ما ورد في الفصل 113 من مجلة حماية الطفل التونسي.
[120] -تعتبر الوساطة بديلا عن المحاكمة الجزائية، تتمثل في تفادي طريقة إصدار حكم قاطع بين الطرفين، وهي آلية تتمثل في البحث (بفضل تدخل شخص ثالث كواسطة) بين المتهم والمتضرر، عن حل يختارانه بكل حرية نتيجة نزاع بينهما تولد عن جريمة ارتكبها الأول ولحق منها ضرر للطرف الثاني. وتشجع التشريعات في السنوات الأخيرة على التصالح بين المتخاصمين، والعمل على إرساء دعائم التراضي محل التقاضي في العديد من المجالات المدنية والجنائية.
[121] -Jocelyne LEBLOIS-HAPPE, la médiation pénale comme mode de réponse à la petite délinquance: état des lieux et perspectives, Revue de science criminelle, 3 juillet –septembre 1994.
[122] محمد الحبيب الشريف، شرح مجلة حماية الطفل، مركز الدراسات القانونية والقضائية بوزارة العدل، 1996، ص: 338.
[123] -المادة 18 من ق.م.ج.
[124] -شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، الدعوى العمومية، السلطات المختصة بالتحري عن الجرائم، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الشروح والدلائل، الطبعة الأولى العدد 2، 2004 ص88.
[125] -القاعدة 12 من قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث. وفي نفس السياق أقرت المادة الأربعين من اتفاقية حقوق الطفل في فقرتها الأولى على حق الطفل الذي يدعى أنه انتهك قانون العقوبات أو يتهم بذلك أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته وقدره، وتقرر احترامه للآخرين من حقوق الإنسان والحريات الأساسية وكذلك مبادئ الرياض التوجيهية بشأن عدالة الأحداث لسنة 1990 التي تنص في المبدأ الثامن والخمسين على أنه ينبغي تدريب موظفي، إنفاذ القوانين وغيرهم من ذوي الصلة بهذه المهمة من الجنسين على الاستجابة لاحتياجات الأحداث الخاصة.
[126] -مراد دودوش، مرجع سابق، ص.72.
[127] -عبد الرحمان مصلح الشرادي، مرجع سابق. ص.162.
[128] -عمر الفاروق الحسني، انحراف الأحداث، المشكلة والمواجهة، الطبعة الثانية، 1995 ص235.
[129] -المادة 460 من ق.م.ج.
[130] -عمر الفاروق الحسني، نفس المرجع، ص: 237.
[131] -Ermest Lefeuvre, les violences institutionnelles: la police des mineurs, Rev. Int, crim, pol, tech, n°2, p: 229.
[132] -محمد شهبي، قضاء الأحداث بالمغرب على ضوء قانون المسطرة الجنائية الجديد، مجلة البحوث، فقهية، قانونية، ثقافية، العدد 3، يونيو 2004، ص: 49.
[133] -القاعدة 5 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث.
[134] -عبد الرحمان مصلح الشرادي، مرجع سابق، ص: 179.
وكما اختلفت محاكم الأحداث في نظامها، فإنها اختلفت كذلك في الأسماء التي تطلق عليها، فمنها ما يسمى بمحاكم الأطفال، ومنها ما يطلق عليه محاكم الأطفال والمراهقين، ومنها ما يسمى بمجلس الوصاية، ومنها ما يعرف بمجلس حماية الأطفال، ومنها ما يسمى محاكم الأحداث.
[135] -صلاح عبد المعتال، عدالة الأحداث قبل الجنوح وبعده، المجلة العربية للدفاع الاجتماعي، عدد 9-1980 ص92.
[136] -عبد الرحمان مصلح الشرادي، مرجع سابق، ص.179.
[137] –Jean François Renucci. Op. cit. page 67.
[138] -مصباح الخيرو، وبدر الدين عبد الله إمام، مرجع سابق. ص132.
[139] -المادة 462 من ق.م.ج.
[140] -للإطلاع على اختصاصات مختلف هذه الأجهزة يمكن الرجوع إلى الكتاب الثالث، القسم الثاني من ق.م.ج.