بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص : دور الشرطة العلمية في فحص الآثار الجنائية
تواجـه مصالـح الشرطـة فـي أيامنـا هـذه بمختـلف هياكـلها تحديـات كبــرى للحفـاظ على أمـن و سلامـة الأشخـاص في وقت تنامت فيـه ظواهــر و أشكـال عديدة للإجـرام ليأخذ بذلك طابعـا آخـر ضاعف من قـوة الشبكـات المهيكلـة و التي ترتبط بالجريمـة المنظمـة .فالمشـاكل الإجتماعيـة ساهمت بقدر كبيـر و فعال في تنـامي بعض أشكال الجريمـة إن لم نقل أنها أضحت من الدوافع التحفيـزيــة في تطـور هذه الظاهرة داخل المجتمـع ما ألزم مصالـح الشرطــة على تكثيف الجهــود و رفع التحديــات للتصدي لهــذه الظاهــرة و التقليل من نتائجــها السلبيــة هذا إن لم نقــل القضاء عليها بصفــة نهائيــة مـن أجـل ذلك منــح القانون لرجـال الشرطــة سلطات واسعـة و اختـصاصات تتخــذ فـي مجـال مكافحــة
الجريمة و القبض على الجناة .[1]
لقد كان لنتائج الأبحاث العلميــة و استخداماتهـا في مجال البحث الجنائـي الفنـي الدور الكبير في إثبـات الجريمـة و صلتهـا بصاحبهـا ، و لهـذا كان ضروريا ـ وللوصـول إلى أفضـل النتائـج ـ تنظيـم جهـاز ترتب أقسامــه و تحـدد اختصاصاتـه و مهام العاملـين بـه ، يعمل جنبــا إلى جنـب مع جهـاز الشرطــة القضائيــة و تحت سلطته و يساعده في الكشف عن الجرائم . يتمثل هذا الجهاز في الشرطة العلمية بكل مخابرها و التي تضم أبوابا متنوعة من الإختصاصات تجعلها قادرة على تقديم يد العون للقاضي الجزائي .[2]
و نظرا لأهميـة هذه المخابر في كشف الجريمة و إثباتهـا ، فلقد كان من الأجدر الإهتمـام بتنظيم إدارتها و تسييرهــا الفني . كما يتطلب سير هذه المخابر أجهــزة و وسائــل متطورة تتناسب و أنواع الجرائــم المرتكبة و على هذا الأساس سنتولى دراسة هذا الفصل في مبحثين : حيث نتطرق أولا إلى دراسـة الشرطـة العلميـة كجهـاز و تنظيمـه الفني ، و هـذا مـن حيث نشأتـه و تكوينـه و فروع مخابـره ، و نخـص المبحـث الثـانـي لدراسـة أهــم التقـنيـات الحديثــة مـن وسـائـل و أجهــزة و التـي وصلـت إليـهـا الشرطة العلمية في إطار البحث الجنائي .
المبحث الأول
الشرطة العلمية و تنظيمها الفني
البحث الجنائي الفني هو عمل في غايـة التقنيـة و الخصوصية يحتـاج إلى جهـاز فني متكامـل مجهــز
بأحدث المعدات والإمكانيات التي تتناسب و أنواع الجرائم المرتكبة. يعمل تحت اسم جهازالشرطة العلمية. و لما كان لهــذا الجهاز هذه الأهميـة القصوى كان لابـد من التطرق إلى مفهــوم جهاز الشرطـة العلميــة من حيث تاريخ نشأتــه و تطوره ، تنظيمـه الحالـي و اختصاص الخبـراء العامليـن بـه و الذي نخـص لـه المطـلب الأول ، في حيـن نترك المطلب الثانـي لدراسـة هياكل و فروع مخابـر الشرطـة العلميـة من مصالح و دوائر و اختصاص كل منها.
: مفهوم جهاز الشرطة العلمية المطلب الأول
يعتبـر جهاز الشرطة العلمية الساعـد الأيمـن لجهاز الشرطة القضائيـة ، و هـو تابع للمديريـة العامة للأمـن الوطنـي حيث يسعى هذا الأخيـر دائما لتطويره بإدخال أحدث التقنيــات في مجال العلوم الجنائيـة ، و التــي تمكـنه من الوصول إلى المستـوى المطلوب من الخبـرة العلميـة المعترف بهـا دوليا .
يعتبـر العنصر الأهــم لجهاز الشرطـة العلميـة هو العنصر البشـري الذي يتمثـل في الخبراء الفنيـين المتخصصين في عدة مجالات، منهم من يقتصر اختصاصه و تواجـده بمسرح الجريمة، و منهـم من يكون عملـه داخل المخابــر. و يشكلون في الأخير فريق عمـل متظافر الجهود للوصول إلى خبايـا الجرائــم الغامضة .
و مما سبق يمكننا دراسـة هذا المطلب في فرعيـن أساسيـن: حيث نخص الفرع الأول لدراسـة نشـأة و تطور جهاز الشرطة العلمية و بالأخص في الجزائر. أما الفرع الثاني فنخصه لدراسة الخبراء الفنيين لمخابر الشرطة العلمية .
الفرع الأول: نشأة و تطور جهاز الشرطة العلمية
يرجع إنشاء أولى المخابر التابعــة للشرطــة العلميـــة في العالم إلى سنوات مضت حيث ظهرت لأول مــرة في الدول الأنجلوسكسونيــة و بالضــبط في الولايــات المتحــدة الأمريكيــة سنــة 1932 و بعدهــا ألمانيـــا ثم بريطانيــا التي دعمــت آنــذاك مخابرها بأجهــزة فنيــة متقدمــة كأقســام للتصويــر و إدارة للبصمــات ، تلتهــا بعد ذلك فرنسا التي أنشأت أول مختــبر جنائــي علمــي لها سنة 1943 حيث أصبح هذا الأخير موزعا على عدة مدن فرنسيــة ، يختص كل مختبـر باختصاص معـين مثل مختبــر مـرسيليـا Marseille مختص بعلـم الوراثـة ، مخـتبـر ليـون Lyon خـاص بالمقـذوفـات ، مخبـر تـولـوز
Toulouse الخاص بالمتفجرات ، و مختبر ليل Lille خاص بالمخدرات[3].
أما الدول العربية فقد أخـذت من خــبرة الدول المتقدمة لإنشــاء مخابر جنائية على أراضيها ، و كان
إنشــاء أول معمــل جنائي عربي سنة 1957 بالإقليــم الجنوبي لجمهوريــة مصـر العربيــة. و مع تطور أساليب البحث العلمي في مكافحــة الجريمــة تمت إعادة هيكلــة هذا المعمل ليطلق عليه اسم معهــد علوم الأدلــة الجنائيــة ، و نفس المنهـج سارت عليــه دول أخرى على رأسها الإمارات العربيــة المتحدة حيث أنشأت المختبر الجنائي بأبو ظبي سنة 1973[4] .
أما الجزائر فقد واكبت بدورهــا هذا التطور حيث قامت بعد الإستقلال بإنشــاء الشرطة الجزائريــة في 22 جويلية 1962 حيث كان مخبر الشرطــة العلميــة آنذاك يشكل فرعا من فروع مصالح تحقيــق الشخصيــة و التي تنقسم إلى المصالح التاليــة : مصلحة الطب الشرعي ، مصلحة علم السموم ، مصلحة الأسلحــة و القذائف ، و مصلحــة الوثائـق و الخطوط . كان يسيرهــا دكتور في الطب يساعـده أربعــة عناصر من ضباط شرطة مساعدين.
و مع بدايـــة السبعينيــات و نظرا لتوفــر إطارات جامعيــة مؤهلــة وضع المختـــبر ميكانيزمـات جديـدة مواكبـة لتطــور المجتمـع و تزايـد الإجـرام ، و أصبـح هذا المختـبر يشكل حاليـا المخبـر المركزي للشرطــة العلميــة الكائن مقره بشاطوناف الجزائر العاصمـة ، حيث تم تدشينــه في 22 جويلية 1999 حيث كان يضــم حوالي 170 مختص إلى جانب 500 تقنــي مسرح جريمــة موزعيــن عبـر دوائر العاصمــة ، بالإضافـة إلى المخبريــن الجهوييـن لوهـران و قسنطينـة . و كل هذه المخابــر مجهــزة بأحـدث التقـنيـات و الأجهـزة العالميـة المتطـورة ، كما أن هنـاك مشـاريع مستـقبليـة لإنشـاء مخابر أخرى
في تمنراست ، ورﭬلة و بشار.[5] ﴿ أنظر الملحق 1 ﴾ .
و أصبح اليوم جهاز الشرطــة العلميــة الجزائريــة يحتل مراتب هامــة عالميــا في مجــال البحــث الجنائي الفنــي حيث يعتبر من أصل 32 دولــة التي تعتمد نظــام إيبــيس التقنــي" IBIS " أو الباليستيك من بينها ألمانيــا ، المملكــة العربيــة السعوديــة ، و إسرائيــل ، و يعد هذا النظــام بــنك معلومــات إجرامــي خاص بتخزيــن جميع البيانات المتعلقــة بظرف أو مقذوف سلاح ناري سواء تم العثــور عليه بمسرح الجريمــة أو بمكــان آخر . و يضــم حاليــا هذا النظــام حوالي 15 ألف قذيفــة في عملية انطلقت منذ سنة 2003 و لا تزال متواصلة ، و قــد احـتلت الجزائر المرتبــة الثانيــة عالميــا بعــد الولايات المتحدة الأمريكيــة فيمــا يتعلــق بهــذا النظام .[6]
كمـا قـامـت الشرطــة العلميـة مـن خـلال هـذا النظام بتخصـيـص بنـك معلومـات خـاص بالأسلحــة
التابعــة لموظفي الشرطــة التي سلبت منهـم بعد اغتيالهـم في اعتداءات إرهابيــة ، و نفذت بها لاحقا اغتيالات ضد مواطنين آخرين ، كما يشتغل هذا المخـبر على إعداد بنـك معلومات مدني خاص بتخزين و تدوين البيانات المتعلقـة بالأسلحـة التي يحوزها مدنيـون برخصـة من مصالح الأمن ، و هم قضاة تجـار و شخصيـات . حيـث تـم استدعــاؤهـم خـلال انطـلاق العملـيــة ، و قامـوا بإطـلاق رصاصـة من أسلحتـهـم و بنــاء على الظرف تم تسجيـل كل البيانات المتعلقـة بصاحب السلاح ، نوعــه و رقمـه التسلسلي و العمليــة مازالت متواصلة .
و يحتوي المخبـر المركزي للشرطـة العلميـة الجزائرية على أحدث نظام في العالم لتحليل بصمـات الأصابع ، و هو نظام البصمـة الآلي AFIS "Automatic Finger Identification System " تضمن بطاقات بصميـة و نطقيـة لأشخاص مشبوهيـن خضعوا للتعريف أو التوقـيف من طرف مصالح الشرطة أو الدرك الوطني ، أو حتى بصمات عثر عليها بمسارح الجرائم و لم يتـم اكتشاف أصحابها . كما ألحقت به بصمات لجثث مجهولة وجدت بعد حدوث كوارث كبرى في البلاد خاصة تلك التي شهدتها الجزائر من زلزال بومرداس و فيضانات باب الواد ، و قد تم بفضل هذا النظام تحديد هـويـة بعض الجثث التي تـم انتشالهـا .
يتـم تـدويـن المعلومات بهـذا النظام عنـد تحويـل أي شخص أو مشتبـه فيـه لمراكز الشرطـة حيث تدون معلوماتهم الخاصـة مع أخذ بصمات أصابع اليدين العشرة ، إضافة إلى أخذ صورة مقابلة و صور جانبية ، و تحفـظ في هـذا النظام عـن طريق الإعلام الآلي ، و مـن ثـم فهـو بمثابـة أرشيف قضائـي يرجع إليـه عند طلب أي مقـارنـة لبصمـة مشتبـه فـيها مع البصمات المحفوظـة بالنظام ، حيث يستغـرق البحـث حوالي ربع ساعـة فـقط ليصل في الأخيـر إلى نتائج محققة و دقيقة ، يحرر بشأنها تقرير خبرة يسلم للجهات القضائيـة .[7]
و تحديدا بتاريخ 20 جويلية 2004 تـم تدشيـن أكبر صرح علمي و أمني في آن واحد و هو مخبـر البصمـة الوراثيـة ADN وقام بتدشينـه وزيـر الداخليـة و الجماعات المحليـة السيد يزيد زرهوني رفقة نضيره وزير الداخليـة المغربي ، و يعد هذا المخبر الأول من نوعـه على المستوى العربي و الثاني على المستوى للإفريقـي بعد جنوب إفريقيا ، يعمل به 24 تقني في البيولوجيا و الذيـن تلقـوا تكوينـا في اختصاص تقنيــة تحليل الADN بمختلف مخابــر الشرطــة العلميــة الأروبيــة كإسبانيــا ، فرنســا و بلجيكا [8] . و اتبع هذا المخبر في تأسيسـه كافــة المقاييس الدوليــة التي تتوفــر عليها أغـلب المخابــر الجنائيــة العالميــة لتحليل الADN ، و ذلك بالإشتراك مع خبراء دوليــين حسب آخر ما توصل إليــه البوليس الدولي Interpol .
و حدد مجال استعمال اختبارات البصمة الوراثية ADN في بعض الجرائم أهمها القتل ، الإعتداءات الجنسيـة ، و السرقات ، إضافـة إلى المجال المدني من خلال حل بعض قضايـا إثبـات النسب و تحديـد الأبـوة خاصة بعـد تعديـل قانون الأسرة [9] بموجب الأمر 05 /02 من خلال المـادة 40 منه و التي تجيـز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب .
و اللجوء إلى هذه الإختبارات لإثبات الحمض النووي يكون بناء على تعليمة نيابيـة و بأمر مـن وكيل الجمهوريـة في إطار قانوني ، و كذا بالتنسيـق مع مختـلف أجهـزة الأمن ، و لتقنـين العمل أكثر بهذا النظام ، يجري حاليـا على مستوى وزارة العـدل صياغـة مشروع قانون لتنظيم العمل بتحليل البصمـة الوراثية ، و لإعداد بنك معلومات من خلال إعداد قاعدة معطيات خاصة بالمحبوسين على المستوى الوطني و أخرى خاصة بضحايا الكوارث الكبرى ، و كان المخبر قد عالج بعد سنة من تشغيله أي خلال سنة2005 حوالي 180 قضيـة و يبقى العدد في ارتفاع خلال السنتين الأخيرتيـن و مـن بين أهم هـذه القضايا ، قضية الطفلـة عبير ذات التسع سنوات من عمـرها التي صدمتها سيارة في شهر أكتوبر 2005 بتبسة و قد أكـد الشهود أن نوع السيارة هو 405 ، لتخضع أكثر من 400 سيارة من نفس النوع إلى الفحص و التفتيش ، و تحجز في الأخير سيارتيـن وجـدت بهـما قطرات مـن الدم تم إرسالها إلى مخبر البصمـة الوراثيـة التابع للمخبر المركزي للشرطـة العلميـة ، و بعـد العثور على جثـة الطفلـة عبير تم أخذ عيـنة مـن دمها و أرسلت إلى ذات المخبر حيث تبيـن بعد الفحص أن الدم العالـق بالسيـارة الأولى هـو دم حيوان ، و ثبت أن الدم العالق بالسيارة الثانية يتطابق مع دم الفتاة ، ليوجه تقرير بهـذه النتائج إلى جهات التحقيق بتبسة و دفع ذلك بالجاني إلى الإعتراف بفعلته . و طرحت في هذا السياق قضية الطفلة التي تعرضت للإختطاف بضواحي العاصمة و الإغتصاب ثم القتل ، حيث تم رفع قطرات السائل المنوي من على جسدها و أخضع للتحليل و تم تخزين المعطيات إلى حين العثور على صاحبها عاجلا أم آجلا ، المهم أن المجرم سيوقف و لن يتم طي ملف هذه القضية ، و هذه هي ميزة ال ADN باعتباره نظام غير قابل للتقادم و تبقى المعلومات صالحة لسنوات[10].
كما تـم اقتناء نظام جديـد على مستوى المخبر المركزي للشرطـة العلميـة حيـث اعتمد هـذا النظام من طرف إسبانيا إثر تفجيرات مدريد ، و يتمثل هذا النظام في تحميض البصمات للبحث عن البصمـات فوق البنفسجية التي لا ترى بالعين المجردة و يسمى بنظام "سيبـر فيـم " وحيث تم استحداث مخبر للتحميض للعمل بهذا النظام يضم مفتشي شرطة مختصين في تحميض البصمات و مقارنة الآثار ، وهو مدعـم بآليات و تجهيزات متطـورة ذات مستوى عالي ، يتمثل في جهاز تحميض البصمات باستعمال الغـراء المقوى و هـو من أحدث الأجهزة على مستوى البلدان المتطورة ، حيث بعد التحميض بالغراء يتـم استعمال مصابيح ذات موجـة تعمل بذبذبـات تتراوح ما فوق البنفسجية و ما تحت الحمراء ، و تم تكـوين مفتشي الشرطة العاملين بهذا المخبر بالخارج على استعمال هذا النظام[11].بالإضافة إلى ذلك فإن للجرائر عدة مراكز هامة خاصة بالبحث الجنائي على مستوى الوطن مثل مركز الأدلة الجنائية بالسحاولة ، كما يتم حاليا إنشاء أكبر مركز خاص بالإجرام و العقاب ببوشاوي تابع للدرك الوطني ، و الذي سيقفز بالجزائر قفزة نوعية في مجال البحث العلمي الجنائي .
الفرع الثاني : الخبراء الفنيون للشرطة العلمية
يعـد الخبراء الفنيون أهـم عنصر للمختبـر الجنائي ، إذ تحتـاج طبيعـة العمـل في مخابـر الشرطـة العلميـة إلى وجود هذه الـفئة من الخبراء لتنفيـذ ما هـو مطلوب منهـم فـي إطار البحث الجنائي . لهذا وجب أن يكـون لديهم قدر كبير من العلم و المعرفـة و الخبرة في مختلف العلوم كالكيمياء ، الطب ، الهندسة ، التصوير ، الأشعـة و حتى علوم الأسلحة الناريـة…، لذلك كان من الضروري وضع برنامج تدريب مستمر لهؤلاء الخبراء ، لأن ذلك يطور قدراتهـم و معرفتهـم و يساعد على استمراريـة البحث العلمي ، حيث أن جميـع هؤلاء المتخصصيـن هم الفئات المستفيدة من نتائج التكوين و التدريب لمكافحـة الجريمـة أولا و لتطبيق القانون و العقوبات ثانيا .[12]
و نقسم فئة الخبراء الفنيين إلى فرقتين : فرقة تتمثل في الخبراء الذين يعملون خارج المخابر الجنائية و يطلق عليهم "خبراء مسرح الجريمة " ، و فرقة أخرى يقتصر عملها داخل المخابر الجنائية و موزعة على أقسامها كل في اختصاصه و سنتطرق إلى التعرف على كل فرقة فيما يلي :
أولا : خبراء مسرح الجريمة .
هم مجموعة من الخبراء الفنيين الذين يعملون خارج المخبر الجنائي و تقتصر مهمتهم على رفع الآثار الجنائيـة و جمعها من مكان الحادث مرفقين بمجموعة من الأدوات و التجهيزات اللازمة لمباشرة عملهم بطريقة سريعـة ، و من هذه التجهيزات نجد السيارات المصممة بطريقة خاصة و بها معدات مختلفـة ، و كذا الكلاب البوليسيـة المدربـة و غيـرها من المعدات التي تمكـن الخبير الفني مـن أداء مهمتـه
بأسرع وقت و بصفـة أدق .
و مـن بين هؤلاء الخبراء نجد فرقـة رفع البصمات ، حيث يختص أفرادهـا بإجراء المعاينـة بمسـرح
الجريمة و البحث عن الآثار التي خلفها مرتكبوها و العمل على المحافظة على كل ما يمكنــه إنــارة التحقـيق[13] . خاصـة البصمـات حيث يتـم رفعهـا بتقنيـات مختلفــة و بحذر شديـد حتى لا تتـلف و تبقـى صالحـة للفحص و الكشف عـن صاحبها [14]. و بالموازاة مع هذه الفرقـة نجد فرقـة التصوير التي لا يقل دورها أهميـة عـن دور الأولى حيـث تقـوم بأعمال التصويـر الفوتوغرافيـة أو بواسطة كاميرات الفيـديـو حيث توجـد حقيبـة خاصة لتصويـر مسرح الجريمـة ، إضافـة إلى تجهيزات أخرى تختلف باختلاف نوع الجريمـة إذ نجـد أدوات خاصـة لـرفـع آثـار الأقـدام أو إطارات السيـارات ، و أخـرى خاصـة برفـع آثـار الـدم و الشعر … إلخ [15].
و بالرجوع إلـى نظـام الشرطـة العلميـة الجزائريـة ، فرغـم وجـود نظام خبراء مسرح الحادث إلا أنـه لم يعرف بعـد بصفـة مستقلـة ، فقـد ينتقـل خبراء المختبـر الجنائي إلى مسرح الجريمـة للقيـام بالمعاينات اللازمة . كما أن انتقال خبراء الشرطـة العلميـة إلى مسرح الجريمـة ليس مرتبطا بكـل جريمة تقع ، و إنما دوره مقتصر فقط على أهم القضايـا و أخطـرها .
ثانيا : خبراء المختبر الجنائي .
و يقصد بهم الخبراء الفنيون الذين يعملون داخل مخابـر الشرطـة العلميـة ، إذ يقـومون بفحـص الآثار المرفوعـة من على مسرح الجريمـة ، و يتوزع هؤلاء الخبراء على مختلف فروع و أقسـام المخابر كل حسب اختصاصـه و التكوين الذي تلقـاه . لذلك سنعتمـد كنموذج على مخبر الشرطـة العلميـة بالعاصمـة لدراسة فروعـه و أقسامـه و اختصاص كل واحد منها.
المطلب الثاني : هياكل و فروع مخابر الشرطة العلمية
إن للمخبر المركزي للشرطـة العلميـة بالعاصمـة تقسيمات داخليـة هي تقريبا نفسها في كثير من الدول ، غير أن بعض الدول تفضل ألا تلجأ لهذه التقسيمات بل تخصيص مخبر جنائي بكل أجهزته لفحص كافـة الآثار الجنائيـة ، بيولوجيـة أو غيـر بيولوجيـة و في مختلف الجرائم . في حيـن أن الدول التي تعتمد هذه التقسيمات و منها الجزائر ، لا تعدو كونها تقسيمات إدارية تكفـل حسن سير المخابر، كما أن هذا التقسيـم لا يعني انفصال قسم عن آخر ، و إنما يبقى التداخل بينها لا غنى عنه ، فقد تحتاج جريمـة
واحـدة إلى تضافر جهود كل الأقسام لكشف خباياهـا .
ينقسم المخبر المركـزي للشرطـة العلميـة بالعاصمة إلى مصلحتيـن رئيسيتيـن : المصلحـة المركزيـة
لمخابر الشرطة العلمية ، و المصلحة المركزية لتحقيق الشخصية .
الفرع الأول : المصلحة المركزية لمخابر الشرطة العلمية .
تشمل هذه المصلحة دائرتين : الدائرة العلمية و الدائرة التقنية .
أولا: الدائرة العلمية
تندرج تحت هذه الدائرة فروع عديدة و هي :
1 ♦ فرع البيولوجيا و البصمة الوراثية : تتمثل مهمـة هذا الفرع في البحث عن الآثار البيولوجية كالشعر و الأظافر ، و كذا السوائل و الإفرازات الحيوية كالدم ، العرق ، السائل المنوي و اللعاب ، مع تحديد مصدرها و طبيعتها . كما يتم استخدام تقنية البصمة الوراثية ADN للتعرف على مجهولي الهوية و قضايا البنوة . و يشرف على هذا الفرع دكتور مختص بمساعدة تقنيين مختصين [16].
2 ♦ فرع مراقبة النوعية الغذائية : كان هذا الفرع يسمى بفرع البكتيريولوجيا ،و يتم على مستواه تحليل المادة الغذائية التي تتسبب في إحداث حالات التسمم من جهة ، و الكشف عن نوعية و جودة هذه المادة الغذائية ، وهذا بواسطـة تحاليل تكون خاضعة للمقاييس الدولية و مقاييس جزائرية تحدد من خبراء مختصين فـي ميدان صناعـة المواد الغذائيـة ، و كـذا طبقـا للقانـون الخاص بحمايـة المستهلك و من جهة أخرى تقـوم أيضـا بإجراء تحاليل جرثوميـة للميـاه المعدنيـة [17].
3 ♦ فرع الكيمياء الشرعية و المخدرات : يعمل بهذا الفرع مهندسون كيميائيون مهمتهم إجراء تحاليل على مختلف المواد المجهولة التي يعثر عليها بمسرح الجريمة ، و كذا تحليل المواد المشكوك فيها على أنها مخدرات لمعرفـة هل هي فعلا مخدرات أم لا ، مع تصنيفهـا و تحديد نوعهـا .
4 ♦ فرع علم التسمم : يعمل مختصو هذا الفرع مباشرة مع مصلحة الطب الشرعي ، التي تزودهم بالمواد المراد تحليلها لمعرفة محتوياتها ، و السبب الذي أدى إلى الوفاة ، كتحليل محتويات المعدة و الأمعاء و الكبد للتعرف على المواد السامة [18]، و تحديد درجة خطورتها . و من أمثلة هذه المواد مادة الزرنيخ و الخمـور بأنواعها ، كما يقوم هذا الفرع بتحليل الدم للبحث عن نسبـة الكحول فيـه وهذا في جنح
السياقة في حالة سكر .
5 ♦ فرع الطب الشرعي : يقوم الطبيب الشرعي بدور كبير لا يستهان به في مجال التحقيقات الجنائية حيث تتمـثل مهامـه الأكثر أهميـة في تشريح جثث الضحايـا لمعرفـة السبب المؤدي للوفـاة و كيفيـة حدوثها ، كما أن لـه دورا فـي استخراج الجثـث المدفونة و تشريحها ، و مـن ثم يجنـد هذا الفرع إمكانيات العلوم الطبيعيـة و الوسائل التكنولوجيـة الحديثـة لهـذا الغـرض حتى تكون النتائج على قدر كبير من الدقـة و الوضوح [19].
ثانيا : الدائرة التقنية
تشمل هذه الدائرة أربعة فروع و هي كالتالي :
1 ♦ فرع الخطوط و الوثائق : يعد من أهـم الفروع ، وتتمثل مهامه في فحص المستندات و الوثائق الإدارية ، كجوازات السفر، رخص السياقـة للكشف عن إمكانيـة تزويرهـا أو تزييفهـا ، و كذا فحـص الوسائل المكتوبـة كرسائل التهديد و معرفـة صحـة الكتابـة و الإمضاء و كذلك مضاهـاة الخطوط اليدويـة و تحليل الأحبـار و مختلف مواد الكتابـة و آلاتهـا و أنواعهـا .
أما بالنسبـة لتزويـر العملـة فيعتمـد أخصائيـو هـذا الفرع على تحديـد نوع الحبر، الورق، الألوان ، الأرقـام التسلسليـة و غيـرهـا من العناصـر المحـددة للأوراق النقديـة و يستعملـون فـي ذلك مختـلف أنواع
الأشعـة و التقنيـات المتطورة .[20]
2 ♦ فرع الأسلحة و القذائف : مهمة هذا الفرع هي تحديد نوعية السلاح الذي ارتكبت به الجريمة سواء أسلحـة ناريـة كالمسدس ، أو قذائف ، و يتـم هـذا التحديد عن طريق معرفـة نوع العيـار الناري المطلق ، بعدهـا يتـم تحديـد هل الطلقـة أطلقت عمدا أم عـن طريق الخطأ ، و هذا عـن طريق قيـاس قـوة العيـار النـاري ، بالإضافـة إلى ذلك يتـم فحص الظرف أو كبسولـة الطلقـة La douille ، و المقـذوف La balle ، مع تحديد مسافـة مسار الرمي ، البحث عن المسحوق أي البارود ، و في الأخير التعرف على الرقم التسلسلي للسلاح .
3 ♦ فرع المتفجرات و الحرائق : يقوم هـذا الفرع بفحص بقايـا المواد المتفجـرة ، ثـم مقارنتهـا بتلك التـي
رفعت مـن مسرح الجريمـة لتحديد مصدر القنبلـة أو المـادة المتفجـرة ، أو حتى محاولـة معرفـة هويـة الشخص المسؤول عـن هذه التفجيــرات . كما يختص هـذا الفرع بتحليــل مخلفات آثــار الحريق و مـن ثـم
تحديــد مسبباتـه.[21]
4 ♦ فرع مقارنة الأصوات : يهدف هذا الفرع إلى تحديد هـويـة المتكلم عن طريق جهـاز قيـاس الصوت أو تحليل الصوت Sonagraphe ، قصد معرفـة صاحبـه ، حيث تجرى مقارنـة و مضاهـاة الصوت مع أصوات مرجعيـة عديدة مخزنـة أصلا لدى الشرطـة العلميـة لأشخاص مشبوهيـن أو متهميـن ، و تعتبر بذلك تقنيـة مقارنـة الأصوات آخـر صيحـة في تكنولوجيـا تحقيـق الشخصيـة[22].
الفرع الثاني : المصلحة المركزية لتحقيق الشخصية
هدف هذه المصلحة هو التحقق من شخصية مرتكبي الجرائم ، و تتمثل وظيفتها الأساسية في الكشف عن هـوية المجرميـن الذين يخفون شخصيتهم الحقيقية تحت أسماء مستعارة ، أو بانتحال شخصيات حقيقيـة أو وهميـة أو حتى بالتزويـر ، و تتكون هـذه المصلحـة مـن ثلاثـة مكاتب :
1 ♦ مكتب الدراسات و التكوين : يضم هذا المكتب أربعة أقسام و هي : قسم الدراسات و التجهيز ، قسم الآثار ، قسم التكوين ، و أخيرا قسم الرسم الوصفي Portrait robot و يعتبر هذا الأخير تقنية تهدف إلى وضع صورة تقريبية لوجه للمتهم ، و هذا عن طريق الأوصاف التي يقدمها الضحية أو الشهود الذيـن
تمكنوا من رؤية ملامح وجه مرتكب الجريمة .
2 ♦ مكتب المراقبة و تسيير المراكز : يتفرع هذا المكتب إلى قسمين : قسم المراقبة و قسم التسييـر و هدف كل منهمـا هـو التنسيق بيـن مختلف المصالح و المخابر و تسييرها و مراقبـة عملهـا .
3 ♦ مكتب المحفوظات : يحتوي هـذا المكتب على أكثر مـن 230 ألف بطاقـة بصمية و نطقية لمجرمين و مشتبـه فيهـم ، و كلهـم مسجلين فـي نظام البصمـة الآلي AFIS ، كمـا يحتوي على بصمات الآلات الراقنـة و التي تعتبـر كبصمات أصابع الإنسان حيث لا يمكـن أن تجتمع آلتـان للرقـن في نفس الكتابـة .
يتفرع هذا المكتب إلى قسم تسيير المحفوظات ، قسم الإستغلال و كذا قسم نظام AFIS الذي يقوم عليه الرئيس المكلف بالنظام و يعمل تحت سلطتـه فرقتيـن للبحث : الأولى هـي فرقـة التعريف تكمن مهمتهـا في التحقيق حول شخصية الأفراد الذين تقدمهـم مختلف إدارات الشرطة ، كما تبحث عن السوابق العدليـة لهؤلاء و تقديم المعلومـات اللازمة للنيابـة و إدارات الشرطـة عـن الذيـن تـم القبض عليهـم إضافـة إلى ذلك تقـوم هـذه الفرقـة بتحديـد الشخصيـة مـن خلال مسك بطاقات التعريف للمجرميـن الدولييـن المطلوب البحث عنهـم ، كما تعمـل على التعرف على الجثث المجهولة ، في حين أن فرقة بطاقـات الإستعلام تقوم بحفـظ جميع البصمات الواردة إليهـا من فرقـة التعريف [23].
و مما سبق ذكره فإن أهمية مختبر الشرطة العلمية قد ازدادت في الآونة الأخيرة ، بعدما أصبح المجرمون يلجـؤون إلى استعمال وسائل علميـة و عمليـة متقدمـة في ارتكـاب الجرائـم ، و بالمقابل فالمختبـر أثبت قـدرتـه و نجاعتـه في محاربـة هـذه الجرائم ، و لن نتجاهـل أبـدا الدور الجبـار الذي قـام به في مواجهـة الجرائم الإرهابيـة أثناء العشريـة السوداء التي مرت بهـا الجزائر ، حيث كرست لذلك كافـة المعطيات العلميـة و التقنيـات الحديثـة .
و أخيرا فإن مخلفات الجناة في مسرح الجريمة تقودنا دائما و أبدا إلى الكشف بل و معرفة هؤلاء الجناة تحديدا ، و بالتالي إمكانية التوصل إليهم و ضبطهم و في وقت قصير التعرف على شخصيتهم لاسيما إذا كانت ثمة معلومات ثابتة مخزنة لدى مصالح الشرطة فيصبح للمختبر الجنائي إمكانية تقديم دليل علمـي دامغ يحسم القضيـة و يحـدد اتجاه الحكم بالإدانـة أو البـراءة [24].
المبحث الثاني:
أهم تقنيات الشرطة العلمية في البحث الجنائي
من المسؤوليات الرئيسية للشرطة العلمية البحث و محاولة اكتشاف الجريمة ، و لا شك أن الطرق التقليديـة لاكتشاف الجريمـة لم تعـد كافيـة للوصول إلى أعماق تفاصيل العملية الإجرامية و القبض على مرتكبيها ، و أصبح للتقنيـات الحديثة دور فعال في عمليات البحث الجنائي ، و أصبحت الآثار الجنائية المرفوعة من مسرح الجريمة ذات أهمية قصوى ، حيث يتم تحليلها و فحصها داخل المخابر الجنائية باستعمال أحدث الأجهزة و الأساليب العلمية [25].
إن عملية فحص الآثار الجنائية تحتاج إلى هذه الأجهزة الحديثة ، و التي لابد أن تتناسب مع كافة أنواع الجرائم ، منها ما هـو خاص بالمخابـر فحسب ، و منهـا ما يستعمل في مسرح الجـريمة مـن طرف خبـراء مسرح الحادث التابعيـن للشرطـة العلميـة ، و تؤدي الشرطـة العلميـة ككـل عملا يـؤدي فـي النهايـة إلى معـرفـة الآثـار الجنائيـة ، صلتهـا بالجريمـة و المجـرم ، و بالتـالـي الوصـول إلـى الدلـيـل
المادي الذي يساعـد جهات النيابـة و التحقيق للوصول إلى الجانـي [26].
و على هذا الأساس سنتولى دراسـة هـذا المبحث في مطلبين : حيث نتطرق أولا إلى أهـم الوسائل التـي تستعملهـا الشرطـة العلميـة فـي البحث الجنائـي و التي تشمـل الإختبـارات الكيميائيـة المختلفـة استخدام الأشعـة واستخدام كـلب البوليس ، ثم نصل إلى المبحث الثاني الذي سنـدرس فيه بعـض أهـم الأجهـزة المستعملـة في البحـث الجنائي ، و المتمثلـة فـي جهاز كشف الكـذب ، جهـاز التحلـيل الطيفـي ، أجهزة الفحص المجهري و كذا الكمبيوتـر و الأنتيـرنيت .
و تعـتبر هـذه الوسائل و الأجهـزة و التـي تستخدمهـا الشرطـة العلميـة ضروريـة لفحص الآثـار الجنائيـة في إطار البحث الجنائـي ، و تلجـأ فـي أحيـان عديدة إلى تقنيات أخرى لا تقل أهميـة ــ سنتحدث عنهـا لاحقـا فـي إطار الفصـل الخـاص بـدور الشرطـة العلميـة في فحص الآثـار الجنائيـة ــ و مـن خلال هذه التقنيـات تحاول الشرطـة العلميـة دائمـا الكشف عـن أسرار و غموض الجريمـة المرتكبـة .
المطلب الأول : الوسائل المستعملة في البحث الجنائي
في كثيـر مـن القضايـا و حتى الجرائـم الكبرى كجرائم المخدرات و الإرهـاب ، كان المختبـر الجنائي هـو الفيصل الوحيـد الذي اعـتمد عـليه في إدانـة أو تبرئـة متهـم و هذا لاحتواء هذه المخابر على أحدث الوسائـل التي تساعـدها في عمليـة البحث الجنائـي ، و فحص الآثار الماديـة و منها : الإختبارات الكيميائيـة التي تضم عـدة تقنيات كالتحليل الطيفي ، تحليل الأحبـار والتحليل التخديري، و كذا استخدام الأشعـة و حتى الإستعانـة بكـلب الشرطـة عند الإنتقال إلى مسـرح الجريمـة . و من ثـم ركزنا على أهـم هـذه الوسائل المتاحـة للشرطـة العلميـة في وظيفتهـا الأساسيـة و هي الكشف عن مرتكبـي الجرائم .
الفرع الأول : الإختبارات الكيميائية
لقد لعبت الكيمياء الدقيقـة دورا كبيرا فـي التعرف على بعض المواد الكيميائيـة التي تستخـدم في تحليل الآثـار الماديـة المتعلقة بجريمة ما و ذلك بحثـا عن الحقيقة في إطار التحقيق الجنائي الفني و تعتـمد الإختبارات الكيميائيـة على علوم الطبيعـة و الكيميـاء الدقيقـة ، مثل مقارنـة الزجـاج العـالق بملابس المشتبـه فيـه مـع الزجاج الموجـود بمسرح الجريمـة ، كـذلك فـحص المستندات و معـرفـة مادتهـا والحبـر
المستعمل و عمر الكتابة ، و كذا إظهـار الكشط و المسح اللاحق بهـا ، و إظهار الكتابات السريـة كذلك [27].
و لهذه الإختبارات دور هـام في فحص حالات التسـم و فحص السائل المنـوي في الجرائم الجنسية و المواد المخدرة في جرائم تعاطي المخدرات ، و تستخدم بذلك بعض التقنيات الحديثة نركز على أهمها :
♦ التحليل الطيفي : يستخدم هـذا التحليـل لتحديد العناصر المكونـة للمركبات الكيميائيـة المختلفـة ، و يتم ذلك بواسطـة جهـاز يسمـى Spectrograph الذي يقـوم بالتحليـل و التسجـيل على فيـلم فـي آن واحـد حيث تتم طـريقة التحليـل بتفتيـت الذرات المكونـة للمـادة المراد مقارنتها ، و عـن طريق تصويـر موجات الطاقـة الضوئيــة التي تنبعـث أثنـاء تفـتيت الذرات ، يمـكن الحصول على فـيلم عليه خطوط يمثـل فيـه كـل خـط أحـد العناصر الداخلـة في تركـيب المـادة ، و يطلق على هـذا الفيـلم اسـم " بصمـة المادة " حيث يتم مقارنـة هـذه الأخيرة التي عثر عليها بمسرح الجريمـة مع بصمـة المـادة العالقـة بالمشتبـه فيـه [28] .
♦ تحليل الأحبار : لا ريب أن مشكلـة تحليل الأحبـار تمثل إحدى التحديـات التي تواجه الخبيـر المعاصر لأبحاث المستندات ، ذلك أن هـذا التحليل وسيلـة علميـة و تقنيـة عاليـة من أجل الكشف عن عمليات التزوير و التزييف ، و تستعمـل هذه التقنيـة في عـدة حالات كالتقديـر النسبي لعمر المستندات ، تحديد ما إذا كان المستنـد كتـب بمداد واحد أو أكثر ، معرفـة هل المـداد المستخدم فـي تزويـر المستند متطابـق مع المـداد المضبوط بحـوزة المتهـم [29] .
و تعتمد تقنيـة تحليل الأحبار على طريقتين :
· الطريقة الطبيعية: و هي الطريقة المحببـة لدى الخبراء و القضاة و هـذا لمحافظتها على سلامــة المستند، و تعتــمد إمــا على الفحص بالميكروسكــوب للـون الحبـر ، أو تعريضــه للأشعــة فـوق البنفسجيــة أو الأشعــة تحـت الحمراء ، أو استخـدام أشعـة الليـزر كعامـل مؤثــر لمكونات الحبر …إلخ .
· الطريقة الكيميائية: و التي إذا طبقـت فإنها تغيـر المستند عمـا كان عليه في حالتـه الأصليـة حيث يتطلب الأمـر أخذ عينات مداديـة من الأسطـر المكتوبـة ، الأمر الذي يستلـزم أن ينفصـل معهـا أجزاء من المستنـد ، و تتضمن هذه الطريقة مجموعة من الأساليب التحليلية و الكيميائية مثل التحلـيل اللونـي الورقـي ، كروماتوغرافيـا الغاز GC. MS/ MS ، و كروماتوغرافيـا السائـل HPLC ، و كذا التحليل اللونـي الرقائقـي حيث تعتبـر هذه الأخيرة التقنيـة الأكـثر انتشـارا في العـالم لتحليل الأحبار ، و لعل السبب في ذلك يرجـع إلى سهولـة تطبيقهـا و دقـة نتائجهـا ، و قد استخـدمت بنجاح للتفرقـة بين كافة أنواع الأحبار السائلة و الجافـة و كذا أحبار الآلات الكاتبـة [30] .
♦ التحليل التخديري : هو عبارة عن عقاقير مخدرة تسمى كذلك بعقاقير الحقيقة Le sérum de vérité تستخدم في التحليل النفـسي و التشخيص و استجـواب المتهـم ، و يـؤدي تعاطيها إلى نـوم عميق يستمر فترة لا تتجاوز العشـرين دقيقـة ثم تعقبها يقظـة ، و يظل الجانـب الإدراكي سليما طوال فترة التخدير على الرغـم من فقـد الإنسان القـدرة على الإختيـار و التحكـم الإرادي في مشاعره الداخليـــة مما يجعلـه أكثر قابليـــة للإيحـاء و رغبة في المصارحـة و التعبيـر عمـا يـدور في نفسـه ، و من أهم هذه العقاقيـر بنتوثال الصوديوم Pentothal de sodium [31].
و يختلط هذا النوع من التحاليل مع تقنية التنويم المغناطيسي التي يرجع العمل بها دون شك إلى خبرات الحضارات الإنسانيـة القديمـة[32] ، و التي يمكن تعريفهـا بأنها افتعال حالـة نوم غيـر طبيعيـة تتغير فيها الحالة الجسمانيـة و النفسانية للنائم و يتغير خلالها الأداء العقلي الطبيعي له ، و تجعل هذه الحالة نطاق الإتصال الخارجي للنائم ضيقا فتقصره على شخصية المنوم ، و من ثم أمكن استعمال التنويم المغناطيسي مع المستجوبين بهدف الحصول على معلومات مختزنة لديهم يكونون بسبب النسيان غير قادرين على تذكرها و إعادة إصدارها .
و اختلفت الآراء حول مشروعية استخدام التحليل التخديري و التنويم المغناطيسي في مجال التحقيق الجنائي ، و ذهبت غالبيتها إلى القول أن تخـدير الشخص أو تنويمه ثم استجوابه أثناء ذلك للحصول منه على اعترافات ، يعـد إجـراء باطلا لأن ذلك يؤثـر على إرادتـه بـل قـد يحجبها تمامـا و مـن ثم فهو اعتداء صارخ على حقوق الإنسـان ، يؤدي ذلك حتما إلى بطلان الدليل الناتج عنها ، كما أن نتائجها غير مؤكدة من الناحية العلمية[33] .
الفرع الثاني : إستخدام الأشعة
لا يمكن لمخابر الشرطة العلمية أن تتجاهـل أمر استخدام الأشعة في مجال البحث الجنائي و التحقيـق
بعد أن تم اكتشاف دورها الكبير في الكشف عن الآثار الجنائية ، و يعتبـر المصدر الرئيسي لهذه الأشعـة
هو الضوء الأبيض على اختلاف أنواعها سواء كانت طبيعية أم اصطناعية .
و للأشعة الضوئية عدة أنواع أغلبها يستخدم حاليا بنجاح في مجال التحقيق الجنائي ، نذكر منها ما يلي مع التنبيه أنه تم اكتشاف أنواع جديدة من الأشعة حديثا و هي أشعة تيراهيرتز و أشعة جاما [34] .
1. الأشعة الظاهرة: مصدرها هو الضوء الطبيعي كضوء الشمس، أو القمر، أو الضوء الصناعي كمصابيح الكهرباء. و مجال استخدامها في البحث الجنائي هو معاينة مسرح الجريمة بحثا عن الآثار المادية الظاهرة ، و يظهر دورها أكثر في الرسم التخطيطي لمسرح الحادث أو تصويره فوتوغرافيا [35] ، كما تستخدم أيضا في تسهيل عمل الخبير الفني داخل مخابر الشرطة العلمية ، يستعين بها في الفحص الميكروسكوبي و بقية الأجهزة الأخرى .
2. الأشعة فوق البنفسجية : هي أشعة غير منظورة لا تراها العين المجردة ، و تعتبر الشمس المصدر الأصلي لها ، و نظرا لأهميتها فهي تستغل من قبل خبراء الشرطة العلمية سواء بمسرح الجريمة أو داخل المخابر ، و ينحصر تأثير هذه الأشعة عند سقوطها على الجسم إما أن يمتصه هذا الأخير فيظهر الجسم بلونه العادي أو بلون معتم ، أو لا يمتصه بـل يعـكســه فـيـظهـر الجسـم هنــا بـلـون آخــر متـوهـج خلافــا عـن لونــه الأصلـي . ومن أمثلة الإستخدامات الجنائية لهذه الأشعة الكشف عن البقع الدموية غير المنظورة حيث تظهر سوداء بعد تعرضها لهذه الأشعة ، و كذا البقع المنوية في الجرائم الجنسية باعتبار أن لهذه البقع خاصية التوهج إذا تعرضت للأشعة فوق البنفسجية حتى بعد غسلها أو مسحها بصفة غير تامة ، كذلك في إظهار البصمات من على الأسطح متعددة الألوان أو المزخرفة أو التي بها نقوش و هذا بنثـر مسحوق الأنثراسيـن Anthracine powder ثم تعريضها للأشعة فوق البنفسجية [36] ، حتى تظهر خطوط البصمات متوهجة .
كذلك في الكشف عن جرائم الحرق العمدي و عن المواد الملتهبة و القابلة للإشتعال إذ تصبح أكثر توهجا عند الكشف عليها بالأشعة فوق البنفسجية ، و في الكشف عن الأسنان وعما إذا كان المتوفى قد قام بإجراء تركيبات أسنان اصطناعية أم لا فهـذا يسهـل التعـرف عليـه ، إذ أن الأسنـان الطبيعـيـة عنـد تعـرضهـا الأشـعـة فـوق البنفسجيـة تتوهـج عـكـس الأسـنـان الإصطنـاعـيـة التـي تـبــدو مـعـتمـة . وتستعمل أيضا في الكشف عن مواضع التزوير في المستندات مثل معرفة نوع الورق و مادته و تفحص بقايــا الورق التي يعثر عليها بمسرح الجريمة مثلا، و لهذه الأشعــة دور هام في الكشف عن الأحبار السرية. و قد زاد استخدام هذه الأشعة في بعض إدارات الشرطة كإدارة الجوازات للكشف عن تلك المشتبه في تزويرها [37] .
3. الأشعة تحت الحمراء : تعتبر جميع مصادر الضوء العادية منبعا لهذه الأشعة و ليس لها أي تأثير ظاهـر تدركه العين المجردة على الأشياء التي تقع عليها عكس الأشعة البنفسجية التي تظهر توهجا واضحا للعين ، غير أنه يمكن إدراك أثر الأشعة تحت الحمراء على الأجسام بواسطةالتصوير. و تستعمل الشرطة العلمية هذا النوع من الأشعة في عدة مجالات أهمها :
· اكتشاف بقع الدم أو أي آثار أخرى على الأسطح القاتمة ، مثل كتابة بحبر أسود على سطح أسود أو قاتم ، أو حتى قراءة ما كان مكتوبا على ورق محروق .
· اختبار المستندات القديمة لإظهار الكتابة أو تلك التي كانت مكتوبة بقلم رصاص و محيت و حتى لقراءة الرسائل دون فتحها .
· تستعمل كذلك لإمتصاص اللون الأحمر لإظهار ما تحته أو فوقه من بيانات أو كتابات . و تستخدم خاصة في مجال المراقبات الليلية التي تقوم بها الشرطة في إطار متابعة نشاط عصابة و تحركاتها [38] .
4. الأشعة السينية :هي من الإشعاعات غير المنظورة ذات الموجات القصيرة ومن المعروف جليـا أن لها دورا كبيرا في الكشف الطبي ، و أصبـح لها دور أكبر في مجال البحث الجنائي
و ميـزة هذه الأشعـة أنهـا توحي بتفاصيل التركيب الداخلي لمادة يؤول حجمها من 8 إلى 10
ميليمـتر ، و تستخـدم من قـبل الشرطـة العلميــة للكشــف عـن محتويـات الحقائب و الطـرود
بحثــا عن أي دليـل مادي يساعـد التحقـيق الجنائي . كمـا تستخدم خاصـة في الأماكن العامـة
كالمطارات والموانئ لمراقبة الأمتعة والتأكد من وجود أية أسلحة ناريـة أو متفجرات ، ولها
استخـدام آخـر لفحـص الجدران للبحـث عـن أجهـزة تصنت مخبـأة خلفهـا. و شاع استعمالهـا
فـي مجال الكشـف عـن العملات المعدنيـة المزيـفة ، و لها دور هام في التعرف على الجثـث
المجهولـة التي تكـون قـد بلغت حـدا من التعفــن الـرمي ، حيث تصور بصماتهـا و تسجـــل
بـاستـعمـال هــذه الأشعـة و تكشــف حتـى أجـزاء مـن جســم الإنسـان مــن عـظـام و أسنـان
وتستخـدم أيضـا فـي الكشـف عـن الأحجار الكريمـة و اللوحات الزيتيـة الأصليـة و التماثيـل
الأثـريـة [39].
الفرع الثالث : كلب البوليس
لقد جرى العمل على الإستعانة بالكلاب البوليسيـة في ميدان التحقيق الجنائي ، و هذا باستغلال حاسـة الشـم القويـة لدى الكلاب التي تفوق حاسـة الشـم لدى الإنسان آلاف المـرات ، كما أن له حاسـة سمع قوية تمكنه من سمع الصوت الخافت و معرفة مصدره بدقة .
و استخـدام كـلب البوليس فـي التحقيـق ليس بالوسيلـة الجديـدة ، بل تعـود جذوره إلى عهـد الإغريق [40] و استمر إلى أن اتسع استخدامه حاليا في عـدة مياديـن كالحراسـة و حالات الإغاثة في الكوارث إضافة إلى البحث الجنائي .
و الحقيقة أن مشاركة الكلاب في الكشف عـن الجرائم ليست من خلال سلوكها الغـريزي فقط ، بل لابد من إخضاعهـا إلى برنامج تدريبي دقيـق [41] ، و من خلال التدريب تصبح لهـا القدرة على القيـام بالمهام الموكلة إليها و بنتائج أفضل .
يستعين خبراء مسرح الجريمة للشرطة العلمية بكلب البوليس عند تنقلهم لمسرح الحادث من أجل البحث عن الآثار المادية ، إذ يقوم كلب البوليس بدورين أساسين : الإستعراف على الجاني و كذا اكتشاف الدليل ، فعملية الإستعراف تتم بتقديم الأشياء التي يكون قد تركها المتهم بمسرح الجريمة للكلب حتى يشمها و أحيانا حتى و إن لم يترك الجاني أي أثر مادي بمسرح الجريمة ، إلا أنه لابد و أن يترك رائحة تميزه عن باقي البشر فيشمها الكلب ، ثم يعرض عليه مجموعة من الأشخاص المشتبه فيهم ليشمهم و تكون النتيجة التعرف على المتهم الحقيقي .
أما دور كلب البوليس في اكتشاف الدليل فيتمثل في مطاردة الجناة و الكشف عن مخابئهم التي يحتفظون داخلها بالمسروقات مثلا ، أو الوسائل المستعملة في الجريمة ، كما يطلب من الكلب التعرف على المكان الذي دفنت فيه الجثة في جرائم القتل [42] أو البحث عن المخدرات . و حاليا تستعمل الكلاب البوليسية في الموانئ و المطارات لتفتيش الأمتعة و الطرود في دقائق معدودة بدلا من تضييع الوقت في التفتيش اليدوي .
و في الأخير يمكن القول أن الدليل المستمد من اعتراف المتهم عند خوفه من الكلب نتيجة استعراف هذا الأخير عليه أو إنكاره للتهمة رغم هذا الإستعراف لا يعدو كونه مجرد قرينة لا تصل لمرتبة الدليل القاطع كأساس لثبوت التهمة على المتهم بل لابد من أدلة مادية أخرى توصل إلى نفس النتيجة حتى تبنى عليها الإدانة .
المطلب الثاني : الأجهزة المستعملة في البحث الجنائي
لقد جرف التطور التكنولوجي موجـة مـن الأجهـزة العلميـة الحديثـة المستعملـة في التحقيـق الجنائـي
و أصبح يعول عليها كثيرا للوصول إلى الفاعل ، و هذا بطريقة علمية من دون اللجوء إلى وسائل غير إنسانية ، كما كان مستعملا في القدم ، وهذا الدليل يساعد قاضي الحكم في مسألة الإقتناع للفصل في القضية المطروحة أمامه .
و نظرا لتعدد هذه الأجهزة سلطنا الضوء على أهمها ممن له الدور الفعال في الوصول إلى الدليل العلمي لإثبات الجريمة ، و سنشير إلى بعض الأجهزة الأخرى حين ندرس فحص الآثار الجنائية داخل مخابر الشرطة العلمية .
الفرع الأول : جهاز كشف الكذب
" قـلبك يخفـق بـقوة و حنجـرتك تتقلص عيناك تلمعـان ، يمكنـك أن تشعـر بالعضلات الحجابيـة تبـدأ
بالتشنج . لا جدوى من الخداع ، فكل حركة من حركاتك تسجل و الشخص الذي يقوم باستجوابك هو شخص مدرب على جميع أنواع الخداع ، و من ثم فالحقيقة تتحرك إذن من الأفضل لك الإعتراف " هذه مقولة أصبحت تتراود في أوساط مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية : سكوتلانديارد ، البوليس الفيديرالي FBI ، الأنتربول … و هذا منذ أن غزى جهاز كشف الكذب هذه المؤسسات و أصبح يستعمل في ميدان البحث الجنائي [43] .
فـي عـام 1921 أعـلــن الدكتـور فـولـميـر و الدكـتـور جـون لارسـون عـن اختــراع جهـاز لكشـف
الكذب [44] يسجــل التغيـرات الفجائـية التي تحدث بالمتهـم عند كذبــه عن طريـق قياس تنفســه و نبضــه و ضغط دمـه في وقت واحد ، و بذلك يتبـيـن منها مدى علاقتــه بالجريمـة من عدمها [45].
يتكون الجهاز من عدة أجهزة فرعية يقوم كل منها بعمل معين كجهاز لقياس نبضات القلب ، جهاز لقياس ضغط الدم ، و جهاز لتسجيل تغير مقاومة الجلد للكهرباء . و يتم تحويل تغيرات الإنسان الطارئة عند استجوابـه إلى ذبذبات بواسطة الجهــاز و هذا عن طريق إبر مجوفـــــة تتحرك أفقيـــا على شريط من الورق .
يتم إعداد جهاز كشف الكذب لإجراء الإختبار وفقا لبرنامج دقيق مدروس يضعه خبراء متخصصون في علوم الجريمة و الشرطة العلمية و الطب الشرعي ، و أسفرت التجارب العلمية عن أن معظم الأشخاص المشتبه في ارتكابهم الجريمة يوافقون على المثول أمام الجهاز و سبب ذلك أنه إذا كان الشخص متورطا في الجريمة فإنه يخشى أن يؤدي امتناعه عن خوض التجربة إلى الإساءة لموقفه و تقوية الشبهات ضده ، في حين إذا كان بريئا فإنه لا يمانع في خضوعه للجهاز إذ ليس لديه ما يخشاه [46] .
تقوم التجربـة بعـد إعداد الخبير المختص لقائمـة الأسئلة و يشترط أن تكون الإجابات عليها بنعم أو لا ، و توجه للمعني أولا أسئلة لا علاقة لها بالجريمة حتى تكون الإجابات و الإنفعالات طبيعية ، بعدها يقوم الخبير بطرح أسئلة لها علاقة بالجريمة و هكذا تصبح قائمة الأسئلة مزيجا بين أسئلة عادية و أخرى في الموضوع ، حيث تعمل الأسئلة العادية على تهدئة المتهم و إعادته على حالته الطبيعية عقب كل انفعال يحدثه السؤال الموضوعي ، و كلما كان لدى الشخص ما يخفيه فسؤاله عنه يؤدي إلى انفعاله نتيجة الكذب و الخوف من انكشاف سره [47].
و من ثم يسجل جهاز كشف الكذب كل ما يدل على أن المشتبه فيه يكذب في أجوبته ، حيث أن الكذب يقود إلى التعرق و يقاس ذلك بواسطة قطب كهربائي يلصق على السطوح الراحية و الظهرية لليد لتسجيل نشاطات غدد العرق ، كما أن التنفس تزداد وتيرته عند الكذب و يتم تسجيل ذلك بواسطة أنبوب مطاطي يثبت على صدر الشخص ، يتمدد و يتقلص مع التنفس و تنتقل حركته إلى إبرة التسجيل [48].
و تظهر مزايا هذا الجهاز في أنه لا يقف فقط عند حد حمل المتهم على الإعتراف ، بل قد يهدي المحقق على الطريق الواجب إتباعه للوصول إلى الفاعل الحقيقي ، كم أنه يحصر دائرة الإتهام و يضيق من نطاق البحث .و لكن رغم ذلك تبقى نتائجه غير دقيقة كون أنه حتى الأشخاص الصادقين قد تكون لهم إنفعالات بسبب اتهامهم بجريمة لم يرتكبوها تؤدي إلى نفس نتائج الشخص الكاذب ، و من ثم فنتائجه تعتبر قرائن بسيطــة و لا يجوز أن يبنى عليها وحدهـا أي حكم قضائي ، فهي مجرد عنصــر من عناصر الإثبــات الجزائي ، و بذلك فهي لا ترقى إلى مرتبة الدليل القاطع [49].
الفرع الثاني : أجهزة الفحص المجهري
تستخدم مختلف هذه الأجهزة لفحص الآثار الجنائية التي يتركها الجاني بمسرح الجريمة ، و تشمل مختلف العناصر الحية أو الميتة ، الصلبة أو السائلة ، كالبقع و الدم و الأعيرة الناريـة و الشعر و الألياف و الأنسجة و السموم … إلخ ، و معظم هذه الأجسام يمكن بالمشاهدة تحديد نوعها ، غير أنها غالبا ما تكون من الصغر بحيث تحتاج إلى وسائل لتكبيرها ، و من الملاحظ أن الأثر كلما صغر كلما أفاد في كشف الجرائم ، فقد ثبت من التجربة أن المجرم كثيرا ما يترك آثارا دقيقة يغفل عن رؤيتها ، و لكنه نادرا ما يترك أثرا كبيرا ظاهرا.
يبدأ الفحص أولا باللجوء إلى العدسات المكبـرة و التي لا تزيد نسبـة التكبير فيها 5 أضعاف ، حيـث يوضع الأثر المراد فحصـه على بعد أقل من البعـد البؤري للعدسة المستعملـة فتتكون له صورة وهميــة مكبرة على مسافــة من المستحسن أن تكون 25 سنتيمتر ، فتـراه العيـن بزاويــة أكبر[50] ، و في حال عدم التمكن من رؤية الأثر بواسطة هذه العدسات فيتم اللجوء إلى إحدى أجهزة الفحص المجهري التالية :
1. منظار الرؤية الداخلي : و هو جهاز عبـارة عن ماسورة رفيعـة بها وسيلــة إضاءة و منشور و مجموعة عدسات تساعد على الرؤية الداخلية للأجسام ، و يستخدم في فحص الأقفال من الداخل لإظهار آثار استعمال المفاتيح المصطنعة . كما يستعمل لرؤية الخطوط في ماسورة السلاح .
2. الميكروسكوب العادي المحمول : يتكون من وحدتين من العدسات عينية و شيئية ، و هو على أعلى درجة من النقاوة و مجهز بوسيلة إضاءة و حامل للشرائح و مرايا عاكسة ، يوضع الأثر المراد فحصه على العدسة الشيئية على مسافة أبعد من البعد البؤري لها بقليل ، فتتكون له صورة حقيقية من الجهة المقابلة . و يستخدم هذا الميكروسكوب لفحص آثار الطلقات النارية أو الكتابة أو الأقمشة أو الأنسجة و عموم الأجسام التي بها تجاعيد، و تسجل الصورة بعد الفحص عن طريق آلة تصوير بالميكروسكوب [51].
3. الميكروسكوب المقارن : يتكون هذا الميكروسكوب من وحدتين شيئيتين من العدسات و وحدة عينية واحدة ، و يستخدم لفحص البصمات و آثار الشعر و الألياف و قطع القماش و الأنسجة .
4. الميكروسكوب المجسم : هو عبارة عن ميكروسكوبين يرى بهما أثر واحد في اتجاهين مختلفين ، فله وحدتين شيئيتين و وحدتين عينيتين من العدسات ، حيث يوضع الأثر على الوحدتين الشيئيتين و بالرؤية بالعينين من الوحدتين العينيتين فإنه يمكن رؤية صورتين للأثر في اتجاهين مختلفين ، و يستخدم هذا الميكروسكوب في فحص الآثار التي تحتاج لتجسيم و عمق ميداني كالشعر و الآثار التي على المقذوفات النارية [52].
5. الميكروسكوب الإلكتروني : يتم استعماله في فحص آثار حجمها أدق من 0,1 غرام ، حيث يعتمد هذا الجهاز على الشعاع الإلكتروني الذي يمكن الحصول عليه باستخدام فرق جهد بين قطبين أحدهما سالب و الآخر موجب داخل أنبوبة مفرغة، فينبعث فيض من الإلكترونات من القطب السالب نحو الموجب ، فإذا وضع جسم صلب معتم فإنه يظهر له ظل واضح يمكن استقبالـه ، و عن طريق المجالات المغناطيسيـة يمكن التحكم في سيـر الأشعـة الإلكترونيـة التي تسير داخل الأنبوبة المفرغة فيمكن الحصول على قوة تكبير فائقة تصل إلى حوالي مليون مرة ، و يستخدم هذا الميكروسكوب في عدة اختبارات كفحص نوع الأتربة الدقيقة المـوجودة بمسرح الجريمـة ، و مقارنتها بتلك العالقـة بملابس المشتبــه فيـه . و لقد كـان لاكتشاف هذا النوع أثر واضح على استخدامه في مجال البحث و التعرف على الدليل المادي و تقويمه [53].
الفرع الثالث : الكمبيوتر و الأنترنيت
بالإضافة إلى ما سبق تجدر الإشارة إلى أن العلم الحديث توصل أيضا إلى استعمال تقنيات جديدة في البحث الفني عن الجريمة ، و إن التكنولوجيا اليوم تقدم للدولة و لأجهزتها الأمنية العديد من التسهيلات و الإمكانيات التي تساهم في رفع كفاءتـها و تطوير قدراتها للتصدي للجريمــة خصوصا مع استعمال أجهزة الكمبيـوتر و الأنترنيت بطريقـة ستحدث ثورة في أساليب التحقـيق الجنائي للكشــف عن الحقيقة القضائية .
أولا : الكمبيوتر و دوره في الإثبات الجنائي .
إستعانت مؤسسات الأمن و الشرطة في كثير من الدول بجهاز الكمبيوتر ، و أدخلته في خدمة البحث الجنائي لما له من نتائج فائقة ، حيث استخدم في الولايات المتحدة الأمريكية و كذا في فرنسا و في بريطانيا في عمل تقارير واقعية عن حوادث مختلفة ، مبينين فيها نوع الجريمة و الأسلوب الإجرامي المعتمـد وكـذا ظـروف ارتكابهـا ، كما استعمل لغـرض الكشـف عـن جرائـم تـزويـر جوازات السفر. و تتميز البيانات المدخلة في الكمبيوتر بأنها بيانات قاطعة و يقينية يتم اللجوء إليها متى دعت الحاجة لذلك .
أما بالنسبة للشرطة العلمية الجزائرية ، فيعتبر الكمبيوتر أحد أهم الأجهزة التي تحتويهــا مخابرها إذ أن له دورا فعالا في مختلف العمليات التي تقوم بها هاته المخابر ، فنجد في مجال البصمات أن الكمبيوتر هو من يتولى فحصها و وضع التقسيمات الفنية لها ، و يقوم أيضا بالمضاهاة و هذا تحت إشراف خبير مختص ، فأصبح بذلك يضمن سرعة تجميع المعلومات الأمنية مع دقة النتائج المتحصل عليها [54].
يعتمد المخبر المركزي للشرطة العلمية بالعاصمة على الكمبيوتر بصفة شاملة في تطبيقه لنظام البصمة الآلي AFIS ، حيث يعتبر هذا النظام كما سبق ذكره آنفا الأداة الأكثر تطورا اليوم في العالم حيث يتميز بالدقة و السرعة في مضاهاة صور بصمات الأصابع ، و يدير هذا النظام المعطيات المتوفرة عبر الكمبيوتر المركزي ، و يقوم هذا الأخير بإرسال نتائج مقارنة بصمات الأصابع إلى مختلف الأنظمة الفرعية ، حيث يتم حفظها مع التفاصيل الدقيقة في أقراص بصرية ، و يمكن الرجوع إلى هذه التفاصيل بواسطة الكمبيوتر المركزي لتحديث المعطيات . و أهم العمليات التي يقوم بها الكمبيوتر على ضوء نظام أفيس هي :
· مقارنة بصمات معلومة مخزنة في الجهاز مع بصمات مجهولة وجدت بمسرح الجريمة لاكتشاف صاحبها .
· مقارنة بصمات مجهولة و مخزنة بالجهاز مع بصمات معلومة لأفراد مشتبه في ارتكابهم الجريمة محل التحقيق .
· مقارنة بصمات مجهولة و مخزنة بالجهاز مع بصمات أخرى مجهولة وجدت بمسرح الجريمة و هذا لتبيان تكرار الجرائم .
و نظرا للإمكانيات الهامـة لجهاز الكمبيوتـر ، فوجوده في مجال البحـث الجنائي مـن الأمـور الهامـة
واستخدامه فـي إطار نظام البصمـة الآلي AFIS يسمح ببناء قاعدة معلوماتيـة عن بصمات الأصابع تسهل عمليـة البحث الجنائي الفني [55] .
فإذا كانت أجهزة الكمبيوتر والتي أصبحت لغة العصر و المنتشرة في كل مكان قد حلت مشكلة تدفق المعلومات ووجدت الحل لألغاز الجرائم الغامضة ، إذ تسابقت في التطور مع تقدم تقنيات الجرائم فلقد خطى العالم خطوة أكبر بإنشائه شبكة الإنترنيت[56].
ثانيا : الإنترنيت و دورها في إثبات الجريمة
أصبحت شبكة الإنترنيت الوسيلة العلمية ذات التقنيـة العالمية و التي تعد وسيلة مجديـة تعتمد عليهـا
مخابر الشرطة العلمية اليوم في البحث عن مرتكبي الجرائم ، خصوصا أن المجرمين أنفسهم أصبحوا يستغلون هذه الشبكة في ارتكاب بعض الجرائم ، خاصة عصابات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
ولقد أثبتت كل المؤشرات أن الإنترنيت حققت العديد من المعجزات في مجال البحث الجنائي ، فلم يعد الأمر كما كان في الماضي قاصرا على توزيع صور المشتبه فيهم عبر الصحف أو شاشات التليفزيون لحث الجماهير على الإبلاغ عنهم ، فقد تمكنت العديد من الدول وفي مقدمتها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا في المرتبة الثالثة من استخدام الإنترنيت كأداة لضبط المجرمين ، وتمكن هذه الشبكة من التعرف علـى كـل الحـالات المـشبـوهـة فـي كـل أنـحـاء العالـم بالإتـصـال بالمنـظمـة الـدوليـة للشـرطـة الجنـائـيـة
" الأنتربول"[57] .
رغــم أن الإنترنيت في طريقهـا لأن تصبح عصب الحيــاة في هـذا القرن على المستوى العالمي لاستخدامها في كل مجالات الحياة ، إضافة إلى دورها الفعال في البحث الجنائي ، إلا أنها أصبحت من ضحايا النشاط الإجرامي إذ أن هناك جرائم ترتكب عن طريقها كسرقة المعلومات واستغلال الإنترنيت في غسيل الأموال. ومعرفة هذه الجرائم ضروري لمحاولة الوقاية منها مستقبلا[58] .
وأخيرا لا بد من التسليم بالدور الجبار الذي تلعبه الوسائل العلمية في مجال البحث الجنائي بصورة شاملة ، فهـي الأساس فـي التعرف على الأثـر الجنائـي الذي يـؤدي إلى الدليل المادي حتى يعتمد عليه فـي الأخير لإثبات الجريمة.
[1]ـ أوراري كريم : " مجلة الشرطة تستطلع إنجازات و مشاريع تنميـة مديريـة الشرطـة العلميـة و التقنيـة "، مجلـة الشرطـة الجزائر عدد خاص جويلية 2001 ص 15 .
[2]ـ عباس أبو شامة : " الأصول العلمية لإدارة عمليات الشرطـة "، دار النشر بالمركـز العربي للدراسات الأمنيـة و التدريب بالرياض 1988 ص 32 .
[4] ـ عبد الفتاح مراد : " التحقيـق الجنائـي التطبيقـي "، دار الكتب و الوثائق الرسميـة ، مصر 1995 ص 301 .
ـ عمر الشيخ الأصم : " نظام الرقابـة النوعيـة في المختبرات الجنائيـة في الدول العربيـة "، أكادميـة نايف العربيـة للعلوم الأمنيـة ، الرياض 1999 ص 9 ـ 10 .
[5]ـ " مخبر الشرطة العلمية خبرة عالية و تكنولوجيا متطورة "، مجلة الشرطة الجزائر ، عدد خاص 1999 ص 8 ـ ورد بدون ذكر المؤلف ـ
ـ M.Denane : ″Conférence sur les drogues ″ Laboratoire centrale de la police scientifique- page 3.
[6]ـ "www. echoroukonline.com" ـ الشروق تزور مصالح الشرطة العلمية و التقنية ، مقال لنائلة بن رحال مجلة الشروق اليومي الجزائر 17 أفريل 2007 .
[7]ـ "www.echoroukonline.com " ـ المرجع السابق .
[8] ـ جوزي صليحة : " الشرطـة الجزائريـة بين التضحيات ـ الإنجازات و التحديات "، مجلة الشرطـة الجزائـر ، ملف خاص جويلية 2005 ص 49 .
[9] ـ قانون رقم 84/11 المؤرخ في 9 رمضان عام 1404 هـ الموافق لـ 9 جوان سنة 1984 يتضمن" قانـون الأسرة الجزائري" المعـدل و المتمـم .
[10] ـ " www.echoroukonline.com"، العدالة و الشرطة تدرسان مشروع إعداد بنك معلومات بجينات المحبوسين ، مقال لنائلة بن رحال ، مجلة الشروق اليومي الجزائر 18 /04 /2007 .
[12]ـ العقيد/ بدر خالد الخليفـة : " محاور تطوير الشرطـة العلميـة و التقنيـة و عصرنتهـا في البلدان العربيـة "، مقال فـي إطار المؤتمـر الثامـن و العشريـن لقادة الشرطـة و الأمن العرب ، تونس من 04 إلى 06 أكتوبـر 2004 .
[16] ـ " مخبر الشرطة العلمية خبرة عالية و تكنولوجيا متطورة "، المرجع السابق ص 10 و ما بعدها .
ـ عمر الشيخ الأصم :" نظام الرقابة النوعية في المختبرات الجنائية في الدول العربية "، المرجع السابق ص 20 .
[19] ـ يوسف قادري : " الطب الشرعي و المحاكمة العادلة "، محاضرة ألقيت بمناسبة أشغال الملتقى الوطني حول الطب الشرعي القضائي ، الواقع و الآفاق يومي 25 و 26 ماي 2004 ، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2006 ، ص 53 إلى 61 .
[20] ـ " مخبر الشرطة العلمية خبرة عالية و تكنولوجيا متطورة "، المرجع السابق ص 12 و ما بعدها.
ـ عمر الشيخ الأصم : " نظام الرقابة النوعية في المختبرات الجنائية في الدول العربية "،المرجع السابق ص 20 و 21 .
[21] ـ عمر الشيخ الأصم : " نظام الرقابة النوعية في المختبرات الجنائية في الدول العربية "، المرجع السابق ص 21 .
[24] ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي : " أدلة مسرح الجريمة "، منشأة المعارف الإسكندرية 1997 ص 184 و ما بعدها .
[27] ـ عبد الفتاح مراد : " التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"، الطبعة الثانية القاهرة مصر ص 129 .
ـ مسعود زبدة : " القرائن القضائية "، موفم للنشر و التوزيع الجزائر 2001 ، ص 77 ـ 78 .
[29] ـ بوادي حسنين المحمدي : "الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجزائي "، كلية الشرطة منشأة المعارف الإسكندرية 2005 ، ص 98 ـ 99 .
[31] ـ يحيى بن لعلى : "الخبرة في الطب الشرعي "، مطبعة عمار ﭬرفي باتنة ، ص 140 ـ ورد بدون ذكر السنة ـ
ـ عادل عبد العال خراشي :" ضوابط التحري و الإستدلال عن الجرائم في الفقه الإسلامي و القانون الوضعي "، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية 2006 ، ص 426 و ما بعدها .
[32] ـ كان الكهنة يزاولون نشاطهم بواسطة الإيحاء الذي كان يشكل علاجا نفسيا حيث يؤدي هذا الإيحاء إلى الإستغراق في الإبتهال للآلهة . راجع :
ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي :" أدلة مسرح الجريمة "، المرجع السابق ص244 .
[35] ـ خربوش فوزية : " الأدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "، المرجع السابق ص 57 و ما بعدها .
ـ عبد الفتاح مراد : المرجع أعلاه ص 117 ـ 118 .
[36] ـ لالو رابح : " أدلة الإثبات الجزائية "، رسالة ماجستير الجزائر ، السنة الجامعية 2003 ـ 2004 ، ص 99 .
ـ عبد الفتاح مراد: نفس المرجع ص 118 ـ 119 .
[37] ـ أحمد أبو القاسم : " الدليل الجنائي المادي و دوره في إثبات جرائم الحدود و القصاص "، الجزء الأول ، دار النشر المركز العربي للدراسات الأمنية و التدريب بالرياض 1993 ، ص 288 ـ 289 .
ـ عبد الفتاح مراد : المرجع السابق ص 121 و ما بعدها .
[39] ـ أحمد أبو القاسم : " الدليل الجنائي المادي و دوره في إثبات جرائم الحدود و القصاص "،المرجع السابق ص 287 ـ 288 .
ـ خربوش فوزية : "الأدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "، المرجع السابق ص 59 .
[40] ـ أول قضية ظهر فيها اشتراك الكلب في التعرف على المجرمين كان حوالي سنة 272 قبل الميلاد حين قتل شخصان عبدا ولم يشاهد الحادثة إلا كلب الضحية الذي كان بجوار الجثة ، وعندما علم الملك بيروس بذلك أمر بدفن الجثة و أبقى الكلب معه ، و بعد مدة كان الشخصان يسيران في الطريق، فهجم عليهما الكلب بعنف أدى ذلك إلى اعترافهما بقتل العبد . راجع :
ـ مسعود زبدة : " القرائن القضائية "، المرجع السابق ص 62 .
[41] ـ عبد العزيز محمد أحمد بن حسين : "استخدام الكلاب البوليسية في الكشف عن المخدرات"، مجلة الأمن و الحياة أكادمية نايف العربية للعلوم الأمنية ، العدد 195 ديسمبر 1998 ، ص 48 ـ 49 .
[43] ـ" أساليب الجريمة و مؤسسات التحقيق الجنائية العالمية "،الجزء الثاني ـ إعداد قسم التأليف و الترجمة دار الرشيد دمشق ، الطبعة الأولى 1991 ص 268 ـ ورد بدون ذكر المؤلف ـ
ـ يحيى بن لعلى : "الخبرة في الطب الشرعي "، المرجع السابق ص 140 .
[44] ـ يطلق على جهاز كشف الكذب اسم بوليجراف Polygraph ، فكلمة Poly تعني الكذب و الغش ، و كلمة Graph تعني التسجيل ، و من ثم فهو جهاز إلكتروني لقياس الكذب . راجع :
ـ عبد الفتاح مراد : " التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي "، المرجع السابق ص 149 .
[46] ـ بوادي حسنين المحمدي : " الوسائل العلمية الحديثة في الإثبات الجزائي "، المرجع السابق ص من 162 إلى 165 .
[49] ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي : "أدلة مسرح الجريمة"، المرجع السابق ص 171 .
ـ عادل عبد العال خراشي : "ضوابط التحري و اللإستدلال عن الجرائم في الفقه الإسلامي و القانون الوضعي "، المرجع السابق ص 450 .
[50] ـ أحمد أبو القاسم : " الدليل الجنائي المادي و دوره في إثبات جرائم الحدود و القصاص"، المرجع السابق ص 280 ـ 281 .
ـ عبد الفتاح مراد : "التحقيق الجنائي التطبيقي "، المرجع السابق ص 271 و ما بعدها .
[51] ـ أحمد أبو القاسم : " الدليل الجنائي المادي و دوره في إثبات جرائم الحدود و القصاص "،المرجع السابق ص 282 ـ 283 .
[54] ـ قدري عبد الفتاح الشهاوي : "أدلة مسرح الجريمة"، المرجع السابق ص 36 ـ 37 .
ـ خربوش فوزية : "الأدلة العلمية و دورها في إثبات الجريمة "، المرجع السابق ص 61 ـ 62 .
ـ عبد الفتاح مراد : "التحقيق الجنائي الفني و البحث الجنائي"، المرجع السابق ص 153 و ما بعدها .
[55] ـ العقيد/ بدر خالد الخليفة : "محاور تطوير الشرطة العلمية و التقنية و عصرنتها في البلدان العربية "، المرجع السابق .
[56] ـ الإنترنيت : شبكة عالمية ظهرت سنة 1969 بالولايات المتحدة الأمريكية وكانت مقتصرة فقط على وزارة الدفاع والجهات العسكرية واعتبارا من سنة 1987 تم السماح للأفراد العاديين باستعمالها.