في الواجهةمقالات قانونية

الجــــــــرائــــــــم الــــــــبـــــنـــكـــــيـــــة

الجــــــــرائــــــــم الــــــــبـــــنـــكـــــيـــــة

 

جــــــــــلال الــــحـــــريــــشــــي

خريج ماستر قانون الأعمال _ تطوان

 باحث في القانون الخاص

مقدمة

تعتبر البنوك إحدى أهم الدعامات التي يقوم عليها الاقتصاد بل تعتبر مصدرا رئيسيا لتمويل الاقتصاد مع ما يترتب عن ذلك على مستوى النمو وخلق فرص الشغل[1]، فهي تلعب دورا كبيرا في تجميع الأموال من المدخرين ووضعها رهن إشارة الاستثمارات الداخلية والخارجية، وهذا الدور الكبير الذي تلعبه البنوك في تجميع الأموال جعلها منذ القدم الأكثر استهدافا من طرف المجرمين ومحل طمع من قبل الكثيرين، وفي مقابل ذلك ونتيجة لدورها في الاقتصاد الوطني أولاها المشرع عناية خاصة من خلال تنظيم آليات عملها بشكل قانوني محكم ووضع القواعد القانونية الزجرية التي تجرم وتعاقب على المساس بها.

إلا أنه رغم ذلك فإن التطورات التي يشهدها العصر الحالي برهنت على أن النصوص القانونية وبالخصوص منها الجنائية والتي تحكم الجرائم البنكية يجب أن تكون محل تحيين متواصل، وأن تجدد باستمرار نتيجة تطور وسائل الجريمة البنكية وتعقدها في بعض الأحيان.

وبالاطلاع على القواعد القانونية الحاكمة للجرائم البنكية، فإن أول ما يلاحظ هو تشتتها بين القانون البنكي والقانون الجنائي، بل إنه في بعض الأحيان قد لا توجد نصوص خاصة تحكم الجرائم البنكية الأمر الذي يدفع إلى اللجوء للقواعد الجنائية العامة.

ويمكن تعريف الجريمة البنكية على أنها سلوك غير مشروع سواء كان فعلا أو امتناعا عن فعل تأتيه البنوك بواسطة أحد مسيريها مهما كانت صفتهم أو يهدد بالخطر مصلحة محمية بجزاء جنائي أو عقوبة[2].

ونتيجة لتنوع الجرائم البنكية وتعدد تقسيماتها من جرائم مرتكبة من طرف     المسيرين، وجرائم مرتكبة من طرف الموظفين ومن البنك كشخص معنوي، وجرائم ماسة بالأشخاص، وجرائم ماسة بالاقتصاد الوطني…إلخ، فقد ارتأينا وضع تصميم يجمع بين ثناياه عرضا لأغلب الجرائم البنكية، مع التعرض لنماذج لهذه الجرائم سواء تلك الواردة في القانون البنكي، وتلك الواردة في القانون الجنائي، أو حتى تلك الغير منصوص عليها ضمن نصوص القواعد الجنائية المغربية.

وعليه لأجل دراسة الموضوع والاجابة عن الاشكالية المتمثلة في نوع الجرائم التي يمكن ارتكابها داخل القطاع البنكي وهل لتلك الجرائم مساس بالاقتصاد الوطني أم لها مساس بالأشخاص فقط؟ ارتأينا أن نقسم هذا البحث إلى مطلبين نتطرق في المطلب الأول إلى الجرائم البنكية  المرتكبة ضد الأشخاص على أن نخصص المطلب الثاني للجرائم البنكية الماسة بالاقتصاد الوطني.

المطلب الأول: الجرائم البنكية المرتكبة ضد الأشخاص

إن الجرائم التي يمكن يرتكبها موظفي البنك لا تقتصر على تلك الماسة بالأشخاص الطبيعيين بل يمكن أن تمس تلك الجرائم بالأشخاص المعنوية التجارية منها وغير   التجارية، كما أن تلك الجرائم يمكن أن ترتكب في مواجهة أشخاص القانون الخاص ويمكن أن تكون واقعة على أشخاص القانون العام، وذلك كله نتيجة الموقع المتميز الذي تحله البنوك في النسيج الاقتصادي والدور الكبير الذي تقوم به في حفظ المال العام والخاص على السواء .
لكل ذلك وحتى نستطيع الإلمام بالقواعد الجنائية المنظمة للجرائم البنكية بشكل كافي كان لا لابد لنا في البداية تحديد صفة موظفي البنك، على اعتبار أن تحديد تلك الصفة يؤدي إلى معرفة القواعد الجنائية المطبقة عليهم، (الفقرة الأولى)، وذلك قبل التطرق لأهم نماذج الجرائم البنكية المرتكبة ضد الأشخاص والتي عاقب عليها المشرع بمقتضى النصوص الواردة في القانون البنكي وهي جريمة إفشاء السر المهني (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: صفة موظفي البنك

كما هو معلوم فالبنوك تنقسم إلى بنوك تابعة للقطاع العام وأخرى تابعة للقطاع الخاص، ولا خلاف في أن موظفي النوع الأول من البنوك يعتبرون موظفون عموميون وبالتالي تطبق عليهم القواعد الخاصة بالوظيفة العمومية وهم محكومون بمقتضى القواعد القانونية للجرائم الخاصة بهم، إلا أنه يطرح التساؤل بالنسبة لموظفي النوع الثاني من البنوك أي التابعين للقطاع الخاص؟

للإجابة عن هذا التساؤل فإنه يجب علينا بداية تعريف الموظف العمومي، فتعريف هذا الأخير يتنازعه مفهومان أحدهما ضيق ويتعلق بمفهوم الموظف العمومي طبقا للقانون الإداري[3]، والثاني موسع وهو الذي يتعلق بمفهوم الموظف العمومي في القانون الجنائي.
فالموظف العمومي طبقا للفصل 224 من القانون الجنائي المغربي هو “….كل شخص كيفما كانت صفته يعهد إليه في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر      أو بدون أجر وساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية        أو المؤسسات العمومية أو مصلحة ذات نفع عام، وتراعى صفة الموظف في وقت ارتكاب الجريمة ومع ذلك فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها”

يستفاد من هذا النص أن موظفي الأبناك الخاضعة للقطاع العام يعتبرون موظفون عموميون فعليا، أما موظفي أبناك القطاع الخاص فإن المشرع اعتبرهم بمثابة موظفين عموميون حكما وهو ما يمكن استفادته من عبارة”….أو مصلحة ذات نفع عام…”.
وبالتالي اعتبر المشرع أن من يمارس عملا تابعا في المؤسسات الخاصة والتي من الممكن أن يكيف نشاطها بأنه نشاط ذو نفع عام موظفا عموميا، على الرغم من خضوع تلك المؤسسات والتي يعملون بها سواء من حيث نشاطها أو من حيث علاقتها بمستخدميها لأحكام القانون الخاص[4]، لذلك فإن القاضي الجنائي وهو يبحث عن مفهوم الموظف العمومي عليه أن يرجع لمقتضيات الفصل 224 من القانون الجنائي والأخذ بالمفهوم الواسع للموظف العمومي، وبالتالي تطبيق القواعد الجنائية الخاصة بالجرائم التي يرتكبها الموظف العمومي على جرائم موظفي بنوك القطاع الخاص.

ولم ترد نصوص خاصة في القانون الجنائي لحماية أموال البنوك، وإنما تمتد الحماية الواردة في نصوص القانون الجنائي المغربي إلى تلك الاموال، وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أنه طبقا لقواعد القانون الجنائي المغربي فإن الموظف العمومي المرتكب لجريمة ضد المال العام يعاقب بنفس العقوبة على ارتكابه تلك الجريمة ضد المال الخاص.
فعلى سبيل المثال نص الفصل 241 من القانون الجنائي المغربي على أنه ” يعاقب بالسجن من 5 إلى 20 سنة وبغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات…”
ومما يلاحظ من هذا الفصل أن المشرع المغربي ساوى بين المال العام والخاص بصدد معاقبة الموظف العمومي المرتكب لجريمة الاختلاس، على عكس ما فعل المشرع المصري والذي ميز في المعاملة بين الموظف المختلس للأموال العامة وذلك الذي يختلس اموالا خاصة، حيث عاقب الأول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات، بينما عاقب الثاني بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن 5 سنوات بمقتضى المادة 113 مكرر من قانون العقوبات .

ومن خلال استقرائنا لموقف كل من التشريعين المغربي والمصري يمكن القول أن موقف المشرع المغربي أجدر بالتأييد على اعتبار أن الأموال المودعة لدى البنوك سواء كانت عامة أو خاصة يجب أن تحضي بنفس الرعاية القانونية لما تلعبه من دور في تنمية الاقتصاد الوطني وتمويل المشروعات المختلفة، والقول بغير ذلك يؤدي إلى عزوف جمهور المتعاملين مع البنوك عن التعامل مع البنوك الخاصة والقضاء بالتالي على قطاع حيوي من قطاعات الاقتصاد الوطني.

ومن أجل حماية الثقة في العمل البنكي يتطلب تطوير نظم الرقابة الداخلية والخارجية على جميع المستخدمين بجميع درجاتهم ومستوياتهم فضلا عن تطوير الأنظمة الالكترونية بالشكل الذي يحول دون اختراق هذه الأنظمة علما أن البنوك هي المسئولة الكبرى في الحيلولة دون وقوع جرائم اختلاس داخلها ذلك أنها هي المسئولة عن حماية أموالها من الاختلاس سواء من قبل المستخدمين أو من الغير وذلك عن طريق تطوير أنظمة الرقابة الآلية وتطبيق أعلى مستويات الرقابة على جميع المستخدمين وفي جميع مستويات المسؤولية[5]، وهذا ما أكده قرار لمحكمة النقض جاء فيه” أي زبون لأي بنك تم اختراق أو قرصنة القن السري لبطاقته البنكية، فمن حقه رفع دعوى التعويض ضد البنك المعني بالأمر، لأنه يعد مسؤولا عن عدم توفره على نظم معلوماتية مؤمنة ضد جرائم الإختراق وقرصنة القن السري”[6].

الفقرة الثانية: جريمة إفشاء السر المهني نموذجا

فرض المشرع المغربي على البنوك التزاما أساسيا يتعلق بالتقيد بالسرية البنكية ومنشأ ذلك أنها تؤمن خدمات مختلفة لزبنائها في شتى الميادين بما يتيح لها الاطلاع على أسرارهم لذا كان لا بد من صيانة أموالهم بتجريم إفشاء تلك الأسرار، والسر المهني البنكي هو كل ما يعلمه البنك ومستخدميه من معلومات عن العميل سواء أكانت متعلقة بشخصه أو بمركزه المالي أو بمعاملاته البنكية[7].

الالتزام بالسر المهني في القانون البنكي ضروري لاعتباره وسيلة فعالة في حماية حقوق الزبناء ضد أي معتد محتمل، و من أجل الزيادة في حماية هذه الحقوق عمدت غالبية التشريعات على حماية هذا الفعل، وفرض عقوبات على كل من يقوم بإفشائه، و من بين هذه التشريعات التشريع المغربي حسب المادة [8]107 من القانون البنكي[9] و التي أحالتها إلى الفصل 446[10] من القانون الجنائي.

وعند التمعن في الفصل 446 من القانون الجنائي نجد أنه لتحقق جنحة الإفشاء يجب  توفر الركن المادي ويتحقق بالإفشاء أو الإعلان عن السر المهني البنكي والإفشاء هو البوح والإفضاء بالسر واطلاع الغير عليه سواء بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو بأي وسيلة كانت فالنصوص المجرمة لهذا الفعل وردت عامة، وأن يكون هناك قصد جنائي من وراء إفشاء السر المهني أي أن يكون المهني أقدم على إفشاء السر عن علم وإرادة سليمة، ولكن إذا تسرب السر إلى الغير نتيجة سهو أو إهمال المؤتمن عليه عندئذ لا يثير إهماله هذا مسؤوليته الجزائية، ولكنه يسأل مدنيا عن خطئه[11]، و في حالة تحقق هذين الركنين المادي والمعنوي نكون أمام جريمة لابد من العقاب عليها ولقد جاء النص صريحا حيث تم التنصيص على عقوبتين و هما الحبس و الغرامة و هذا هو جزاء هذه الجريمة.

وجريمة إفشاء السر المهني البنكي من الجرائم ذوي الصفة الخاصة، وهذه الصفة تستفاد من الفصل 446 من القانون الجنائي، الذي أورد في صياغته أن “كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة”، وعليه فصفة الأمين على السر تستمد من المهنة أو الوظيفة التي تمكن صاحبها من معرفة الأسرار.

والسر المهني البنكي ينبغي أن يفهم منه أمران:

–  أن يعرف هذا السر أثناء مزاولة النشاط البنكي.

–  أن تكون له علاقة بالمهنة البنكية نفسها.

ولا يعتد في تحديد صفة الفاعل بوقت الإفشاء، بل وقت معرفة السر، لأن المتهم بعد تركه لوظيفته داخل البنك قد يفشي السر الذي علم به أثناء ممارسته لعمله، وبالتالي تتوافر فيه صفة الفاعل، أما إذا علم بالسر الذي أفشاه بعد ترك وظيفته فإن تلك الصفة تعتبر غير متوافرة، وبالتالي لا وجود لجريمة إفشاء الأسرار.

وعليه تبقى صفة الفاعل ركن لازم أو شرط ضروري لقيام الجريمة، حيث إن جوهر الجريمة هو إخلال بالتزام ناشئ عن المهنة، وما يتفرع عنها من واجبات أهمها الإخلاص في حماية مصالح الزبون وعدم إفشاء أسراره، بالإضافة إلى أن علة التجريم هي الحفاظ على المصلحة الاقتصادية العامة، والسير السليم والمنتظم لمهن معينة ذات أهمية اقتصادية واجتماعية مهمة وتدعيم الثقة فيها لجلب الزبناء.

المطلب الثاني: الجرائم البنكية الماسة بالاقتصاد الوطني

تعد الجرائم البنكية الاقتصادية من أهم المشاكل الاجتماعية التي تصيب المجتمع على الإطلاق ما دام في النفس البشرية نزوع إلى الكسب والاستفادة المادية وتتفاوت هذه المشكلة تبعا للنظام الاقتصادي من حيث نموه وضموره، وقد حاولت التشريعات والفقهاء في شتى العصور على اختلاف البيئات أن يجدوا حلا لهذه المشكلة للحد منها، وذلك بإصدار نصوص زجرية للحد من ظاهرة الإجرام الاقتصادي البنكي، والتي أصبحت تشكل خطورة كبيرة إما على صحة المجتمع أو على الاقتصاد الوطني.

كما أن التطورات التقنية والقانونية التي تعرفها المؤسسات المالية إن على المستوى الوطني أو على مستوى الارتباطات المالية والاقتصادية الدولية، وضخامة رؤوس أموالها ومدى تحكمه في توجه الاقتصادات العالمية، واتساع نمو المصارف المتعددة الجنسية ساهم في ازدياد نمو التجارة العالمية، فضلا عما أصبح القطاع البنكي الخاص يلعبه من دور رائد في النسيج الاقتصادي الدولي بحكم توسيع حقل المؤسسات البنكية وتنوع عملياتها تجاه الأشخاص الطبيعيين والمعنويين، مما تولد عنه مفاهيم جديدة معقدة تماشيا مع ما هو متعارف عليه دوليا من نظم ساهمت في تطويرها أجهزة المعلوميات الحديثة ، وسنتطرق لماهية الجرائم الاقتصادية البنكية ( الفقرة الأولى)، ثم نبحث جريمة غسيل الأموال «كنموذج» على الجرائم التي يمكن اقترافها عن طريق البنك ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: ماهية الجرائم البنكية الاقتصادية

تشكل الجريمة الاقتصادية بأنواعها المتعددة خطرا كبيرا على التنمية والتقدم الحضاري للمجتمعات خاصة في ظل الانفتاح الاقتصادي والتقدم السريع لمناحي الحياة .هذا، وتجعل الوتيرة السريعة المستمرة لتطورات التكنولوجية من الصعب إعداد تنبؤات يعول عليها للأشكال الجديدة للجريمة الاقتصادية[12].

والجريمة الاقتصادية ظاهرة اجتماعية، عرفت مع تطور المجتمعات والحضارات البشرية، لكن التطورات الاقتصادية التي يشهدها عالمنا المعاصر، جعلت هذه الجريمة تحتل مكانة خطيرة وحساسة.

فمقياس قوة الدولة في العصر الحاضر لم يعد يقتصر على القوة العسكرية، بل إن مكانة الدولة الحديثة يرتبط إيما ارتباط بقوتها ومناعتها الاقتصادية ومدى قدرتها على التحكم في سياستها الاقتصادية، وهكذا ازدادت أهمية القوانين والنصوص الاقتصادية الهادفة إلى حماية الاقتصادات الوطنية.

 

ويمكن تعريف الجريمة الاقتصادية بأنها ” مباشرة نشاط معين، سواء تمثل في تصرف اقتصادي أو في سلوك مادي بالمخالفة لتنظيمات والأحكام القانونية الصادرة كوسيلة لتحقيق سياسة الدولة الاقتصادية[13]“، كما عرفت أيضا بأنها ” كل اعتداء على مصلحة تتعلق باقتصاد الدولة أو أفرادها أو السياسة الاقتصادية المتبعة بها، حيث يمثل هذا الاعتداء مخالفة لنص أو لائحة نص عليها القانون”[14].

وهناك تعريفين أحدهما موسع والآخر ضيق لفكرة الجريمة الاقتصادية، أما التعريف الموسع فيقصد بالجريمة الاقتصادية كل ما يمس الاقتصاد بصفة عامة فيشمل بذلك الجرائم الموجهة ضد الذمة المالية والتي ترتكب أثناء مباشرة النشاط الاقتصادي أو لها علاقة بالنشاط الاقتصادي وتدخل فيها الجرائم التي تسبب ضررا للاقتصاد الوطني مثل تزييف النقود أو السرقات أو الاختلاسات في المنشآت الاقتصادية، أما التعريف الضيق يرى أن الجريمة الاقتصادية هي الجريمة الموجهة ضد إدارة الاقتصاد فقط المتمثلة في القانون الاقتصادي أو السياسة الاقتصادية أو كليهما معا[15].

إذن الجرائم الاقتصادية هي أفعال تتعارض مع قواعد الاقتصاد بشكل عام والذي يحمي مصالح اقتصادية معينة، فارتكابها يتضمن عصيانا لأوامر المشرع الذي يستهدف من ورائها تحقيق مصلحة المجتمع، لذا قيل بأن الجريمة الاقتصادية لا تتعارض مع القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع، لأنها من خلق المشرع ومن صنعه، فالعقاب على هذه الجرائم لا يعتمد على أسس فلسفية، أو أخلاقية، أو اقتصادية، كما هو الحال في جرائم السرقة والقتل، وإنما لها طابع خاص يجري وفق ظروف معينة، فما يعد في نظر المشرع جرائم اقتصادية في فترة زمنية معينة، فإنه لا يعد كذلك بعد انقضاء تلك الفترة المحددة لسريان القانون، ومن ثم يغلب في هذه الجرائم أن تكون جرائم وقتية يهدف المشرع من ورائها حماية أوضاع اقتصادية معينة.

ولقد تأثرت الجريمة الاقتصادية بالتغييرات الدولية الحاصلة واستفادت من ما أتاحته العولمة الاقتصادية خاصة في المجال المالي، حيث سهولة حركة الأموال من مكان إلى أخر ومن عملة إلى أخرى، دون أن تعوقها سلطة أو يكشفها جهاز رقابة خاصة مع تراجع دور البنوك المركزية، ولقد استفاد المجرمون من المعطيات العلمية الحديثة، وأصبح متاحا للمافيات وعصبات الاجرام استخدام أحدث التقنيات في عمليات الاحتيال والتزوير، والتنصت على المصارف والمؤسسات المالية، وحتى ابتزازها من خلال التهديد بتدمير البرامج أو التعتيم على الحسابات المصرفية[16].

وإذا رجعنا إلى النصوص القانونية في التشريع المغربي، نجده غني ومتنوع ومرد ذلك راجع إلى أن النظام الاقتصادي المغربي هو نظام هجين، لأنه رغم أخذه بمبادئ الحرية الاقتصادية كمبدأ عام، إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة بل هي مقيدة، ومن أهم الجرائم البنكية الماسة بالاقتصاد الوطني نجد جريمة غسل الأموال التي ترتبط بالجريمة المنظمة لاسيما جرائم الإرهاب وتهريب الأسلحة والمخدرات والقمار والسرقة والخطف والفساد السياسي وغيرها من الجرائم، وهي موضوع الفقرة الثانية .

 

الفقرة الثانية: جريمة غسيل الأموال نموذجا

إدراكا منا لمدى خطورة الجرائم التي ترتكب من طرف أو عن طريق البنك، ومدى تشعبها وتشتتها، سنقتصر في هذه الفقرة على دراسة أهم الجرائم البنكية على الإطلاق وهي جريمة غسيل أو تبييض الأموال، والتي تعد بحق من التعبيرات التي تداولت مؤخرا على كافة المستويات العالمية والمحلية، نظرا لسرعة انتشارها وخطورة آثارها على اقتصاديات الدول المختلفة، فقد أخذت عمليات غسيل الأموال طابعا مخيفا في السنوات الأخيرة الماضية، وتصاعدت المخاوف من هذه الظاهرة وذلك لارتباطها الوثيق بأخطر الجرائم وأشدها تدميرا للمجتمعات.

وغسيل الأموال هو اصطلاح عصري بديل للاقتصاد الخفي والاقتصاديات السوداء واقتصاديات الظل وهو ينطوي على كسب الأموال من مصادر غير مشروعة تضر بالاقتصاد القومي وبحقوق الأخرين وخلط هذه الأموال غير المشروعة بأموال أخرى مشروعة واستثمارها في أنشطة مباحة شرعا وقانونا لإخفاء مصدرها والخروج من المساءلة القانونية بعد تضليل الجهات الأمنية والرقابية[17].

ومن أجل تحقيق ذلك تمر عملية غسيل الأموال بمراحل معقدة من الممكن أن تستغرق عدة سنوات ويقوم بها العديد من الأشخاص الطبيعيين والمعنويين ولكل من هؤلاء دور في عملية إخفاء الأموال غير النظيفة من الأعمال غير المشروعة و وابعادها عن مصادرها وذلك لتحويلها إلى أموال نظيفة، وتتم تلك العملية على الشكل التالي :

_ المرحلة الأولى: التوظيف: وهي العملية الأولى التي يبدأ فيها غاسل الأموال بالتخلص من الأموال القذرة (غير المشروعة) المتحصل عليها ممن الجرائم الأصلية حيث يتم ذلك إما بإيداعها داخل النظام المالي المصرفي أو تحويلها خارج الدولة التي يتم فيها العمل أو الأعمال غير المشروعة، بمعنى التصرف المادي في كمية الدخل النقدي بهدف إزالته من مكان اكتسابه لتجنب لفت الأنظار إليه وذلك بالسعي بدمجه وادخاله إلى مناطق مصرفية تتميز بضعف المؤسسات المالية الإشرافية والرقابية بحيث يصعب تعرف على حقيقة مصدر هذه الأموال حتى تجنب اكتشافها من قبل السلطات المختصة وتعتبر هذه أخطر مراحل غسيل الأموال بسبب التعامل المباشر مع العائدات المالية غير المشروعة [18].

_ المرحلة الثانية: التغطية  (التمويه): وتسمى هذه المرحلة أحيانا التغطية أو التعتيم أو التجميع أو الترقيد، والتي تسمح بإقامة حاجز أمام عمليات كشف الهوية ومصدر الأموال غير المشروعة أي التجهيل او التعتيم وإزالة أي أثر من شأنه أن يشير إلى مصدر هذه الأموال مع تعزيز ذلك بالمستندات التي تساعدهم على تظليل الجهات الرقابية الأمنية.

_ المرحلة الثالثة: الدمج: في هذه المرحلة يتم تطهير الأموال غير النظيفة بإدماجها في عمليات مشروعة أو أنشطة اقتصادية مشروعة بحيث تبدوا الأموال بعيدة الصلة بالأنشطة الإجرامية التي تحصلت منها ويستغل غاسلوا الأموال البنوك كمؤسسة مالية لكي تدور من خلالها الأموال غير النظيفة بحيث لا يشك أحد في شرعية الأموال، وتستخدم بعض أدوات العمل المصرفي لإضفاء الشرعية عليها مثل خطابات الضمان والضمانات المصرفية، كما يتم تطهير الأموال بوسائل أخرى كشراء العقارات وتجارة الاستيراد والتصدير[19].

 

بيد أن التساؤل الذي يبقى مطروحا يتمثل بالأساس في ماهية مصادر الأموال غير المشروعة وطبيعتها؟ وهل يتأتى حصرها في سياق تعداد محدد أم أنها تتسم بشساعة نطاقها وتعدد صورها؟

في هذا الصدد نبادر إلى القول أنه يستحيل حصر مصدر الأموال غير المشروعة، وإن كانت ترتبط عند غالبية المتتبعين بجرائم الاتجار بالمخدرات، بل إن المنطق القانوني والواقع الموضوعي يفرض حقيقة حتمية مفادها أن هذه المصادر تمتد لتطبق على جميع الأنشطة المحظورة المعتبرة قانونا في حكم الأنشطة الإجرامية والتي تدر على أصحابها أموالا هامة، يصعب تبرير مصدرها دون اللجوء إلى تقنية تبييض الأموال، غير أن ذلك لا يمنع من القول أنه ثمة شبه إجماع دولي على تعداد أهم تلك المصادر، وإذا كان الاجماع المذكور يبوء جرائم الاتجار في المخدرات الصدارة فيما يخص مرجعية هذه المصادر، فإن ثمة فروع لا تقل أهمية عنها، بل تتجاوزها لطبيعة شخص مرتكبيها [20]، ونقصد في هذا السياق ولا ريب جرائم حاملي الياقات البيضاء وجرائم النخبة السياسيةومن أبرز النماذج لهذا النوع نذكر بالخصوص، قضية رئيس الوزراء الأوكراني السابق “لوزارينكو”، الذي أدانه القضاء السويسري في 29 يونيو سنة 2000 وحكم عليه بالسجن لمدة 18 شهرا لقيامه بأنشطة غسيل أموال تبلغ 880 مليون دولار في الفترة ما بين 1994 و1997، من بينها 170 مليون تم غسيلها عبر حسابات سويسرية.

واعترف “لوزارينكو” بعملية غسل 9 ملايين فقط، وتم اعتقاله من قبل السلطات السويسرية في ديسمبر عام 1998 عندما دخل سويسرا بجواز سفر بنمي مزور، وأطلق سراحه بكفالة بلغت 3 ملايين دولار أمريكي، ثم غادر إلى الولايات المتحدة للجوء السياسي في أبريل عام 1990 لكنه ضبط من قبل دائرة الهجرة في نيويورك لخرقه نظام الهجرة والفيزا ودخوله غير المشروع، وبناء على طلب أمريكي قامت السلطات السويسرية بتجميد أرصدة 20 حسابا بنكيا ل”لوزارينكو”، وتم إلقاء القبض عليه واحتجازه ومنع كفالته نيابة عن السلطات السويسرية.

وتقدم المدعي العام في سان فرانسيسكو بلائحة اتهام ضد “لوزارينكو” وشخص آخر هو “بيتر كيرتشينكو” الذي يعتقد بأنه هو الذي قام بتنفيذ عمليات “غسيل الأموال”، وتتضمن اللائحة اتهامهما بتحويل  114  مليون دولار أمريكي خلال الأعوام من 1994 إلى 1997، عبر مجموعة من المؤسسات البنكية والمصارف الأمريكة منها على الخصوص البنك التجاري بسان فرانسيسكو، وبنك الباسفيك، ووست أمريكا بنك، وبنك أوامريكا، وميرل لينش، وافليت بوستن وبرتسون، إضافة إلى توجيه الاتهام لهما بشراء موجودات ومشاريع في الولايات المتحدة خلال عامي 1997 و1998 نقدا. وتوجيه الاتهام بالاحتيال وتحويل أموال مسروقة إلى الولايات المتحدة، وأصر “لوزارينكو” خلال الجلسة الافتتاحية في 13 يونيو 2000 على أنه غير مذنب، وجرى التحقيق في مصادر أمواله، وتبين أنها نجمت عن استغلال رئيس الوزراء الأوكراني لمهام وظيفته التي تولاها في الفترة ما بين مايو 1996 وحتى يوليو 1997، وجراء تلقيه مبالغ نقدية من أفراد ومؤسسات ورشاوى لتسهيل تنفيذهم لأعمالهم[21].

وتعد هذه القضية أول قضية وفق قانون غسيل الأموال الأمريكي تستخدم الإجراءات فيها بشأن أنشطة ارتكبت خارج الولايات المتحدة وتتعلق بشخص من خارجها.

وإذا كانت متابعة وإدانة رئيس الوزراء الأوكراني خطوة جديرة بالاهتمام في مجال محاربة غسل الأموال، فإن ما يدعو للاستغراب أن أيا من المؤسسات البنكية سواء بسويسرا أو الولايات المتحدة الأمريكية لم يتم توجيه لائحة اتهام ضدها، رغم علمها بالمصادر المشبوهة للأموال المحولة من طرف رئيس الوزراء الأوكراني السابق، خاصة وان التحريات الميدانية والتحقيقات الأمنية والاستخباراتية التي  أطاحت بهذا الأخير، والتي امتدت على مدى أكثر من سنتين، والتنسيق الأمني والقضائي الدولي بين الشرطة الفيدرالية الأمريكية وأجهزة التحقيق السويسرية ونظيرتيها بأوكرانيا وروسيا الاتحادية تثبت بشكل أو آخر تورط المؤسسات البنكية والمصرفية المذكورة في عملية غسل الأموال لرئيس الوزراء الأوكراني السابق ومعاونيه[22].

وبالعودة إلى المشرع المغربي نجد أن هذا الأخير قد عمل على مواكبة المعايير الدولية فيما يخص مقتضيات الحيطة والحذر لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك من خلال العديد من المقتضيات القانونية أهمها القانون رقم 43.05[23]، المعدل بالقانون رقم 13.10[24] المتعلق بمكافحة غسل الأموال، الذي تضمن جانبا موضوعيا يتعلق بالتجريم والعقاب، وجانبا إجرائيا يتعلق بقواعد الوقاية من هذه الجرائم والتي تتمثل أساسا في كل من الالتزام باليقظة والالتزام بالتصريح بالاشتباه المفروضين على المؤسسات البنكية تحت طائلة المساءلة القانونية.

 

لقد ألزم المشرع المغربي مؤسسات الائتمان بمجموعة من إجراءات الحيطة والحذر من همها الالتزام باليقظة كآلية للاستباق الوقائي في جرائم غسل الأموال والمرحلة الحاسمة في ترسانة آليات التصدي لهذه العينة من الجرائم، إذ تعد بمثابة حائط الصد الأول لتداعياتها والعامل المعول عليه للحيلولة دون وصول انعكاساتها وتحققها على أٍرض الواقع العملي[25].

وإذا كان التبليغ حق للأفراد فإن الإخطار واجب على المؤسسات المالية، لذلك ألزمها المشرع المغربي بالتصريح بالاشتباه يضا، وينبني على فلسفة مؤداها حماية حق الدولة في الحصول على المعلومات التي تساعد في تحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي، وقد أوكل المشرع المغربي هذه المهمة لجهاز وحدة معالجة المعلومات المالية، حيث اهتم المشرع المغربي على غرار التشريعات المقارنة وتماشيا مع المواثيق الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب بالإجراءات الاحترازية والتدابير القانونية والتنظيمية التي تهدف إلى تعزيز دور النظام البنكي في الكشف عن هذه الجرائم وتعقب وضبط مرتكبيها[26].

وبالعودة إلى القانون 43.05 نجده أنه نص في الفصل 3_ 574 على عقوبة خاصة بالأشخاص الطبيعية وتتراوح بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة مالية تتراوح ما بين 20.000 و 100.000 درهم.

وهناك عقوبة خاصة بالأشخاص المعنوية وهي عبارة عن غرامة مالية تتراوح ما بين 500.000 و 3.000.000 درهم، دون الاخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها على مسيريها أو المستخدمين العاملين بها المتورطين في الجرائم، وترتفع هذه العقوبات إلى الضعف :

– عندما ترتكب الجرائم باستعمال التسهيلات التي توفرها مزاولة نشاط مهني

– عندما يتعاطى الشخص بصفة اعتيادية لعمليات غسل الأموال

– عندما ترتكب الجرائم في إطار عصابة إجرامية

– في حالة العود[27].

كما أنه في حالة الإدانة في جريمة غسل الأموال يتم المصادرة الكلية للأشياء الأدوات والممتلكات التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة والعائدات المتحصلة منها أو القيمة المعادلة لتلك الأشياء والأدوات والممتلكات والعائدات مع حفظ حق الغير حسن النية، ويمكن أيضا الحكم بالعقوبات الإضافية:

_ حل الشخص المعنوي

_ نشر المقررات المكتسبة لقوة الشيء المقضي به الصادرة بالإدانة بواسطة جميع الوسائل الملائمة على نفقة المحكوم عليه.

علاوة على ذلك يمكن الحكم على مرتكب جريمة غسل الأموال بالمنع المؤقت أو النهائي من أن يزاول بصفة مباشرة أو غير مباشرة واحدة أو أكثر من المهن أو الأنشطة أو الفنون التي ارتكبت الجريمة أثناء مزاولتها[28] .

و تؤثر عمليات غسيل الأموال سلبيا على معدلات التضخم، فهذه العمليات سواء تمت في صورة نقدية عبر البنوك والقنوات المصرفية، أو في صورة عينية عن طريق شراء الذهب والعقارات والسلع المعمرة، فهي تؤدي في جميع الحالات إلى رفع معدلات التضخم في الاقتصادات التي تنتشر فيها، ويرجع ذلك إلى أن هذه العمليات تغرق السوق بكميات كبيرة من الأموال التي تجد طريقها إلى تيار الإنفاق الاستهلاكي من خلال شراء السلع المعمرة والعقارات، ويؤدي ذلك إلى ضغط على المعروض السلعي بواسطة أصحاب الأموال المخولة، وهي فئات تتسم في الغالب بعدم الرشد والعشوائية في الإنفاق مما يؤدي إلى زيادة جانب الطلب الكلي في المجتمع، ومن تم زيادة المستوى العام للأسعار مع ما يرتبه ذلك من آثار سلبية أخرى تتمثل في تدهور القوة الشرائية للنقود.

كما تؤثر عمليات غسيل الأموال سلبا على قيمة العملة الوطنية نظرا للارتباط الوثيق بين هذه العمليات وتهريب الأموال إلى الخارج، كما أن هذه العمليات تؤدي إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي الذي يتم تحويل الأموال المهربة إليه، بقصد إيداعها في البنوك الخارجية أو الاستثمار في شراء الأوراق المالية في الخارج وغيرها، وتؤدي زيادة الطلب على النقد الأجنبي، وما يعنيه ذلك من زيادة المعروض من العملة الوطنية إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية في سوق الصرف الأجنبي، وعند عودة الأموال المغسولة إلى الدولة فإنها تؤدي إلى إحداث ضغوط تضخيمية  داخل الاقتصاد الوطني، مما يؤدي إلى تدهور القوة الشرائية للنقود وانخفاض قيمة العملة الوطنية بالمقارنة بالعملات الأجنبية.

وعليه لابد من تضافر مجهودات المشرع والقضاء، الأول في مواكبة تطور جريمة غسيل الأموال عبر سن القوانين المناسبة لكل ظرفية، والثاني في تضييق الخناق وتوقيع أشد العقوبات على كل من ارتكب مثل هذه الجرائم.

خاتمة

إن الإجرام في القطاع البنكي قد فرض نفسه لأنه وجد له المتكأ المناسب، فستفحل بشدة لدرجة يصعب فيها حصر الجرائم الماسة بهذا القطاع، أو حتى تصنيفها في قطاع معين، ولعل ذلك يعود لقصور السياسة التشريعية في هذا المجال، وتشتت القاعدة القانونية البنكية وتوزعها بين أكثر من تشريع، والافتقار إلى ضبط المصطلحات،  وبالتالي على المشرع أن يكون متشددا مع هذا النوع من الجرائم، و أن يكون هناك تعاون بين المؤسسات البنكية والجهاز الأمني من أجل الحد من انتشار هذه الجرائم الخطيرة.

[1] – نور الدين الفقيهي، المعين في فهم القانون البنكي المغربي، مطبعة طوب بريس- الرباط، طبعة نونبر 2016، ص 7.

[2] – هناء نوي: الجريمة البنكية، مجلة المنتدى القانوني، العدد السابع، ص 289.

[3] – جاء في الفصل الثاني من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 بمثابة نظام أساسي عام للوظيفة العمومية  ما يلي : ” يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة” ويلاحظ أن هذا الفصل يخص فقط الموظفين المرتبين بأسلاك الإدارة التابعة للدولة ،لهذا جاء مرسوم شتنبر المتعلق بالنظام الأساسي لموظفي الجماعات ليؤكد على نفس التعريف بالنسبة لهؤلاء الموظفين الجماعيين إذ ينص في فصله الأول على ما يلي :” يخول صفة موظفا في الجماعة كل شخص يعين في منصب دائم ويرسم بإحدى درجات تسلسل أسلاك الجماعات”.

[4] – عبد الحق دهبي: المفهوم الإداري و الجنائي للموظف العمومي في التشريع و الفقه و القضاء المغربي – دراسة مقارنة -، مقال منشور على الرابط التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=55475&r=0

 

[5] – امغار محمد: جرائم الاختلاس بالبنوك، مقال منشور على الرابط التالي:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=292865&r=0 .

[6] _ قرار محكمة النقض، عدد 1/372 الصادر بتاريخ 2017/07/27 في الملف التجاري عدد 2016/1/3/1356.

[7] – هناء نوي: مرجع سابق، ص 299.

[8] – تنص المادة 107 من القانون البنكي المغربي على أنه ” تخضع المعلومات والوثائق المتبادلة بين بنك المغرب ومراقبي الحسابات لقاعدة كتمان السر المهني .

ولا يتحمل مراقبو الحسابات المسؤولية بسبب تبليغ معلومات إلى بنك المغرب.”

[9] – ظهير شريف رقم 1.14.193 صادر في فاتح ربيع الأول 1436 (24 ديسمبر  2014 ) بتنفيذ القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ فاتح ربيع الأخر 1436 ( 22 يناير 2015)، ص 462.

[10] – ينص الفصل 446 على أنه “الأطباء والجراحين وملاحظو الصحة وكذا الصيادلة والمولدات، وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنتهم أو وظيفته الدائمة أو المؤقتة إذا أفشى سرا أودع لديه، و ذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة اشهر و غرامة مالية من  ألف ومائتين درهم إلى عشرين ألف درهم.

……”

[11] – هناء نوي: مرجع سابق، ص 299.

[12] _ مرزوق أمال، بن زراع حياة،” الجريمة الاقتصادية في العالم الافتراضي: جريمة غسيل الأموال باستخدام العملات الافتراضية، بحث مقدم ل: اليوم الدراسي حول :” الجريمة الاقتصادية: المحددات والأثار”، يوم 19  فيفري 2019، بجامعة الشاذلي بن جديد الطارف، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، قسم علوم التسيير، ص1.

[13]  _ عبد الرؤوف ميدي، المسؤولية الجنائية عن الجرائم الاقتصادية، بدون طبعة، منشأة المعارف، الاسكندرية، مثصر، 1989، ص60.

[14]  _ نسرين عبد الحميد : الجرائم الاقتصادية التقليدية المستحدثة، بدون طبعة، المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية، مصر، 2009، ص: 13.

[15] _ مرزوق أمال، بن زراع حياة،” ، مرجع سابق، ص 2.

 

[16] _ بوعقادة مولود: الجرائم الاقتصادية والمالية وسبل محاربتها دوليا ووطنيا، مذكرة ماستر في العلوم السياسية، تخصص إدارة الأعمال، جامعة خميس مليانة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2013/2014، ص 29.

[17] – طارق كاظم عجيل: جريمة غسل الأموال دراسة في ماهيتها والعقوبات المقررة لها، مجلة النزاهة والشفافية للبحوث والدراسات، بدون عدد، ص 33.

[18] _ محمد ابراهيم السقا: غسيل الأموال 4: مراحل عمليات غسيل الأموال – التوظيف، مقال منشور على الرابط التالي:

https://alphabeta.argaam.com/article/detail/27580?fbclid=IwAR1neFD4OM8HcqBfCxKyC2tGGMl5BbP2QMyeZ2pxhnlZIuTnNDTck8Vx21Y

[19] – ليراتني إيمان: الجرائم البنكية الماسة بالاقتصاد الوطني “جريمة تبييض الأموال كنموذج”، مذكرة مكملة ضمن متطلبات نيل شهادة ماستر في الحقوق، تخصص قانون جنائي للأعمال، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة العربي بن مهيدي أم البواقي، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق،2017، 2018، ص 58.

[20] – يوسف بناصر : مصادر جرائم غسل الأموال في المنظومة القانونية الدولية:

…. جرائم حاملي الياقات البيضاء وجرائم النخبة السياسية. مجلة الواحة القانونية، بدون تعدد، وبدون صفحة.

[21] _ إيمان التوني: غسيل الأموال… جريمة ذوي الياقات ت البيضاء، مقال منشور على الرابط التالي :

https://www.masress.com/egynews/52686?fbclid=IwAR1z6AAT7EyBYc3pSK-kpoalfELs_sqaaWEvLCOm1UKFm2V7Vby1KBbEGbk .

[22] – يوسف بنباصر، مرجع سابق، بدون صفحة.

[23] – القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، الصادر بتنفيذه  الظهير الشريف رقم 1.07.79 صادر في 28 ربيع الأول1428 (17 أبريل 2007)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5522،  بتاريخ 14 ربيع الأول الآخر 1428 (3 ماي 2007)، ص 1359.

[24] – القانون رقم 13.10 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.02 بتاريخ 15 من صفر 1432 (20 يناير 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5911، بتاريخ 19 صفر 1432 ( 24 يناير 2011)، ص 196.

[25] – أحلام نرة: جريمة غسل الأموال ودور الجهاز القضائي في مكافحته، مجلة المنارة العدد السابع، شتنبر 2011، ص 126.

[26] – إكرام أوداود، دور البنك في الكشف عن جرائم غسل الأموال، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص وحدة قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السويسي الرباط، 2012، ص 78.

 

[27] – الفصل 4- 574 من القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال .

 

[28] – الفصل 5-575  من القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى