في الواجهةمقالات قانونية

خصوصية دعوى التعرض على مطلب التحفيظ – عثمان شجري

خصوصية دعوى التعرض على مطلب التحفيظ

عثمان شجري

طالب باحث بسلك الماستر

تخصص قانون العقار والتوثيق

كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية

المحمدية – جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

 

المقـدمـة :

يشكل العقار إحدى الدعائم الأساسية في البناء الاقتصادي في جل المجتمعات والمحور الأساسي لكل نمو وتقدم على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، لما يوفره من أرضية صلبة أساسها الثقة بين المتعاملين والوضوح ولقد حظي العقار باهتمام وإلمام كبير من لدن الدارسين والباحثين خصوصا القانونيين، إذ يظل على مقدمة القضايا الجديرة بالدراسة والبحث العلمي، وذلك لما له من مفصلي في الحياة، فهو يعد حجر الزاوية في التنمية.

وإذا كان العقار بصفة عامة يلعب دورا مهما في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فإن العقار المحفظ بالخصوص تبقى له النسبة الأكبر في الاستثمار الاقتصادي، نظرا لما يضفي على الملكية العقارية من وضع أكثر ثباتا و استقرارا، فتحفيظ العقار وتأسيس رسم عقاري خاص به يجعله ذا مناعة قوية ومحصنة من أي تأثير أو مزاعم أو مطالب أو إدعاءات، وحتى إن كانت فله الأسس القانونية للدفاع عن نفسه بكل أريحية بعدما كان هشا وموضوع تهافت وتضارب كل من هب ودب، إلا أنه وبالرغم من كون وضعية العقار في طور التحفيظ تتسم بعدم الاستقرار بسبب النزاعات التي قد تنشأ عليه، إلا أن ذلك لا يترتب عليه جمود العقار، إذ يمكن أن ترد عليه مجموعة من التصرفات القانونية كالرهن والوصية والتفويت بعوض أو بدون عوض.

غير أنه لا يتم تحفيظ العقار إلا بعد مروره بعدة مراحل وإجراءات مسطرية يتعين إتباعها والحرص على سلامتها.

وإذا كانت جل التشريعات قد سنت قوانين لضمان الحماية المثلى للعقار، فإن المشرع المغربي كباقي التشريعات خص العقار بحماية قانونية، هدفها إحاطته بسياج من الضمانات تحميه من كل اعتداء بنية التقليل من النزاعات والعمل على استقرار الأوضاع بين المتنازعين.

وتجسد ت هذه الحماية في وضع ضوابط وإقرار قواعد تقنن حق التملك، وتجعل الإنسان يطمئن على حقه، من خلال إحلال نظام التحفيظ العقاري الذي يعطي للملكية العقارية وضعا أكثر ثباتا وأمنا، ويضمن للمالك حقوقه في ملكيته بصفة قارة ومستمرة دون أن يتعرض هذا الحق للضياع أو الترامي من لدن الغير بسبب عدم الاستعمال أو التقادم.

ويعد نظام التحفيظ العقاري بالمغرب وليد فترة الحماية ، فقبل هذه الفترة لم يكن هناك وجود لمسطرة التحفيظ ولا للقضاء الذي يختص بالنظر في نزاعات هذه المسطرة.

ولقد عرفت فترة الحماية ميلاد قانون التحفيظ العقاري كنظام عقاري جديد ودخيل على النظام السائد بالمغرب ذي المرجعية الإسلامية والأعراف المحلية، وقد كان ذلك في إطار مجموعة من القوانين تم سنها بمجرد فرض الحماية على المغرب من بينها ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري.

غير أن هذا القانون لم يكن يطبق في جميع مناطق المغرب، بل كان مقتصرا فقط على منطقة الحماية الفرنسية، أما مناطق النفوذ الأخرى فشهدت إصدار قوانين أخرى للتحفيظ أو التسجيل، حيث عرفت المنطقة الخلفية تطبيق الظهير الخليفي الصادر بتاريخ فاتح يونيو 1914 المنظم للسجلات العقارية، وعرفت منطقة طنجة تطبيق ظهير 15 يناير 1925 وقانون 20 ماي 1926 بشأن تحفيظ الأملاك بمنطقة طنجة، كما عرفت منطقة الصحراء تطبيق المرسوم الاسباني المؤرخ في 21 يونيو 1920 المتعلق بتنظيم الملكية العقارية والمغير بالقانون الاسباني المؤرخ في 12 دجنبر 1949 وهو نظام مستوحى آنذاك من نظام الرهونات الإسباني.

وقد تم توحيد نظام التحفيظ العقاري في المغرب بعد الاستقلال، حيت تم تعميم نظام التحفيظ السائد في منطقة الحماية الفرنسية على كافة مناطق المغرب.

غير أن هذا التعميم خلق مشاكل في المنطقة الخليفية نظرا لوضعيتها السابقة في ظل الظهير الخليفي، فقد ترتب عن إلغاء الرسوم الخليفية واعتبارها مجرد عقود تأسيسية للملكية وافتقار تصاميمها السابقة للدقة وغموض المفاهيم سواء في المرسوم الملكي رقم 114.66 المؤرخ في 24 أكتوبر1966 أو في الظهائر المعدلة له، أن ظهرت عدة مشاكل مستعصية الحل كان لها اثر على حق الملكية بهذه المنطقة.

وعموما، إن مسطرة التحفيظ التي كانت مطبقة في منطقه الحماية الفرنسية هي التي أصبحت سارية في جميع مناطق المغرب.

ويعد التعرض من أهم دعائم نظام التحفيظ العقاري، فهو حق منحه المشرع لكل شخص يملك حق عيني على عقار موضوع مطلب التحفيظ، وارتأى أن عملية التحفيظ من شأنها الإضرار بحقه.

وقد أخضع المشرع التعرض لعدة إجراءات شكلية وجوهرية، سواء من حيث حالات التعرض وآجال تقديمه أو من حيث الجهات المختصة بتلقيه وصلاحيات كل من المحافظ على الأملاك العقارية والقضاء بشأنه.

وبما أن مسطرة التحفيظ قد تتجاوز المرحلة الإدارية وذلك بسبب وجود تعرضات والتي لم يتم الحسم فيها خلال هذه المرحلة، سواء بإجراء الصلح من طرف المحافظ على الأملاك العقارية أو بقبولها أو رفضها أو إلغائها، فإنه يصبح من الضروري إحالة ملف مطلب التحفيظ برمته على أنظار القضاء للبت فيه.

وتتميز المرحلة القضائية بمجموعة من الخصوصيات، والتي تجعل من قضاء التحفيظ لا يبت إلا في حدود التعرضات المعروضة عليه من طرف المحافظ على الأملاك العقارية دون أن تمنح له الصلاحية في النظر في صحة الطلب من عدمه الذي يرجع فيه الاختصاص للمحافظ على الأملاك العقارية في القيام بما يراه مناسبا، وهو ما أشار إليه الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية.

وإذا كان اللجوء إلى التعرض على مطلب التحفيظ يهدف من حيث المبدأ إلى الاستفادة من المزايا التي يوفرها وضع العقار المحفظ على مستوى الحماية والائتمان و الاستثمار، فإنه قد تكون هناك دواعي أخرى وراء اللجوء إلى هذه المسطرة ترجع بالأساس إلى تقدير مدعي الحق على العقار لجدوى سلوك مسطرة التحفيظ بدل المسطرة العامة للتقاضي للوصول لاقتضاء حقه أو حمايته أو تقريره باعتبارها خيارا ناجعا لاقتضاء الحق الذي قد لا تسعف مسطرة التقاضي العادية في استحقاقه.

كما تمكن مسطرة التعرض المطالب بالحق من الاستفادة من خصوصية إجراءاتها على مستوى المسطرة الإدارية بحكم الإمكانيات المتاحة للمحافظ لإنهاء نزاع التحفيظ إداريا، أو على مستوى المسطرة القضائية بحكم القواعد الخاصة التي تميز مسطرة التحفيظ.

ومن جهة أخرى، فإن سلوك مسطرة التعرض يمكن المطالب بالحق من تحقيق هدف مزدوج، الأول يتمثل في إنهاء النزاع في مواجهة الغير في حالة صدور حكم بصحة تعرض هذا الأخير، والثاني يتمثل في تحقيق الحماية النهائية والمطلقة للحق المطالب به في حالة انتهاء مسطرة التحفيظ العقاري بتأسيس الرسم العقاري.

يعد نظام التحفيظ العقاري الأرضية القانونية والهندسية من أجل استقطاب الاستثمار في المجال العقاري الذي أصبح رهانا اقتصاديا وتنمويا، يمكن الدولة من تطبيق اختياراتها الإستراتيجية، وتعتبر مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ من أهم دعائم هذا النظام، وبالتالي فإن البحث فيها يكتسي أهمية بالغة، الأمر الذي يستدعي الخوض في بعض مشاكلها.

وما يزيد من أهمية البحث في نظام التحفيظ العقاري التعديل الذي عرفته الترسانة القانونية المؤطرة للمادة العقارية بمقتضى القانون رقم 14.07 الذي تمم وعدل ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، الذي شكل طفرة تشريعية جد هامة لا يمكن الاستهانة بها، بل اتسعت التغييرات التي لحقت النصوص القانونية ذات الصلة بالتحفيظ العقاري لتشمل صدور مدونة الحقوق العينية بتاريخ 22 نونبر 2011 التي ألغت ظهير 2 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة ، كما حاولت دوريات الجهاز الإداري المكلف بتطبيق هذا النظام معالجة المشاكل التي تعتري تطبيقه.

الأمر الذي يستلزم الوقوف على المقتضيات الجديدة التي سنها المشرع العقاري وما إذا كانت كفيلة بسد الثغرات التي كانت تعتري النصوص القانونية المنظمة لمسطرة التحفيظ قبل التعديل.

  • إشكالية الموضوع:

يعتبر التعرض من مميزات نظام التحفيظ العقاري ووسيلة من وسائل تطبيق التطهير المسبق للحقوق المزمع تحفيظها أو تسجيلها، فهو أشد سلاح يواجه به طالب التحفيظ ، خاصة و أن المشرع جعل التحفيظ مجرد قرينة على الملكية و لا يكتسب حجيته المطلقة إلا بصدور قرار التحفيظ.

و عليه فإن هذا الموضوع يطرح إشكالية أساسية مفادها: إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال صياغته نصوص مسطرة التعرض تحقيق التوازن بين مصالح طالب التحفيظ و المتعرض؟

للإلمام بموضوع ” خصوصية دعوى التعرض على مطلب التحفيظ “، و الإجابة عن الإشكالية المطروحة أعلاه، سنقسم هذا البحث إلى شقين و ذلك وفق التقسيم التالي:

المبحث الأول : النطاق القانوني لدعوى التعرض:

المبحث الثاني : مــسار دعوى الـــــــــــتعرض:

المبحث الأول: النطاق القانوني لدعوى التعرض

يعتبر سلوك إجراء التعرض من بين الآليات القانونية الأكثر أهمية في إجراء مسطرة التحفيظ العقاري وإلى تأمين نظام الملكية العقارية من كل محاولة اعتداء من طرف الغير وبدون وجه حق [1].

وحتى نتمكن من إبراز دور هذه الدعوى التي منحها المشرع لكل متضرر من عملية التحفيظ سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين، نخصص (المطلب الأول) للتطرق إلى ماهية دعوى التعرض، أما (المطلب الثاني) سنحاول من خلاله الوقوف على أنواع التعرض.

المطلب الأول: ماهية دعوى التعرض

إن مصطلح التعرض قد استعمله المشرع المغربي في أكثر من نص تشريعي، غير أن التعرض على مطلب التحفيظ يختلف عن التعرض في باقي القوانين الأخرى.

فالتعرض على مطلب التحفيظ له خصوصيته ومسطرته، وهذا ما يفضي إلى القول بأن التعرض على مطلب التحفيظ له مفهومه الخاص.

لذلك سيتم الوقوف على مفهوم دعوى التعرض (الفقرة الأولى) ، ثم التطرق إلى خصائص دعوى التعرض (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مفهوم دعوى التعرض

خصص المشرع المغربي الفرع الرابع من الباب الثاني من ظهير التحفيظ العقاري لمسطرة التعرض على مطلب التحفيظ، فمنح لكل شخص تهمه مسطرة التحفيظ على أن يتدخل فيها عن طريق التعرض كلما ظن أن إجراء المسطرة المذكورة تضر بمصالحه وذلك لدحض قرينة ملكية طالب التحفيظ.

وبالرغم من تخصيص نصوص قانونية لتنظيم مسطرة التعرض فإن المشرع لم يعمل على تحديد مفهوم التعرض، وذلك بتعريفه تعريفا واضحا، وإنما اقتصر في المادة 24 من ظهير التحفيظ العقاري في صياغة مطلقة بأنه:” يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين تبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل:

  1. في حالة المنازعة في وجود حق ملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار؛
  2. في حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه؛
  3. في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون”.

1- تعريف دعوى التعرض:

إذا كان المشرع المغربي قد أقتصر على تنظيم التعرض يقتضي قواعد قانونية، فهذا لا يمنع من البحث عن تعريف له استنادا على تعريفات بعض الفقهاء القانونيين.

فقد عرف الدكتور محمد خيري التعرض بأنه:” وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ”[2].

كما يقصد بالتعرض ادعاء في مواجهة طالب التحفيظ من أجل منازعته في حق ملكيته للعقار أوفي مدى هذا الحق أو في حدود العقار أو مطالبته لحق عيني على العقار أنكره طالب التحفيظ عليه[3]، وذلك قصد إيقاف إجراءات التحفيظ خلال الأجل القانوني المقرر، وذلك إلى أن يوضع حد للنزاع بتصالح الأطراف ذوي العلاقة أو بقرار نهائي من القضاء[4].

أما الأستاذ عبد العالي العبودي فقد عرف التعرض بأنه: “الوسيلة الفعالة التي خولها القانون للتعبير عن منازعة طالب التحفيظ فيما يرمي إليه والاحتجاج عليه فيما يتعلق بالحقوق التي يريد تحفيظها على العقار”[5].

فمن خلال التعاريف السابقة، وبالرجوع إلى الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه وتعديله بمقتضى القانون رقم 14.07، يمكننا القول بأن التعرض هو ذلك التصريح الذي يتضمن المنازعة في مطلب التحفيظ خلال أجل شهرين كاملين، تبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد المؤقت في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام به المتعرض إما بصفة شخصية أو نيابة عن الغير قبل الإعلان ، سواء بشأن أصل حق الملكية أو في مدى هذا الحق أو في حدود العقار المراد تحفيظه أو بأي حق عيني قابل للتقييد على الرسم العقاري عند تأسيسه وأنكره طالب التحفيظ عند تقديم مطلبه.

والجدير بالذكر أن المتعرض لا يمكنه أن يطالب إلا بحقوق عينية ولا يمكنه بالمقابل المطالبة ببعض الحقوق الشخصية فالدعوى التي تحمي المتعرض هي دعوى عينية عقارية وهذا ما يستشف من روح المادة 12 من مدونة الحقوق العينية التي نصت على ما يلي: ” كل دعوى ترمي إلى استحقاق أو حماية حق عيني واقع على عقار تعتبر دعوى عينية عقارية.

2- خصائص دعوى التعرض:

تتميز دعوى التعرض بمجموعة من الخصائص من أهمها:

أ-التعرض إمكانية تقع على عقار في طور التحفيظ:

استهل المشرع المغربي الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بالقانون رقم 14.07 بعبارة “يمكن” حيث جاء الفصل بالصياغة التالية:” يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض…”.

فمن خلال مقتضيات هذا الفصل يمكن الوقوف على خاصيتين أساسيتين، أولهما أن التعرض إمكانية وأنه لا يقع إلا على عقار في طور التحفيظ.

فالتعرض مجرد إمكانية خولها المشرع للمتعرض قصد التدخل في عملية التحفيظ ضمانا لحقه من الضياع ولم يلزمه بذلك، لكن هل يمكن للمتعرض سحب تعرضه بعد تقديمه ؟

بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة لعملية التحفيظ عموما والتعرض خصوصا، نجد أن المشرع أغفل إثارة وحل هذه المسألة كما فعل بالنسبة لمطلب التحفيظ، حيث نص في الفصل 6 من ظهير التحفيظ العقاري:” إن التحفيظ أمر اختياري، غير أنه إذا قدم مطلب للتحفيظ فإنه لا يمكن سحبه مطلقا” .

وبالرغم من أن هذا الإغفال كان في ظل القانون القديم للتحفيظ فإنه رغم تعديله وتغييره لم تتم الإشارة لهذه الحالة.

وأمام هذا الفراغ التشريعي من أي نص قانوني يمنع على المتعرض سحب تعرضه ، فإننا نرى أنه لا مانع من سحب المتعرض لتعرضه، كما أنه يجوز له بعد سحب تعرضه أن يتعرض من جديد على مطلب التحفيظ شريطة غياب حكم يشهد بسحب تعرضه وأن يقع التعرض خلال المرحلة الإدارية وداخل الآجال القانونية[6].

وإذا كان التعرض إمكانية لا يمكن التعرض إلا على عقار في طور التحفيظ لأن الغاية من التعرض هي إظهار الحق وإقراره قبل تأسيس الرسم العقاري.

ب- التعرض وسيلة لهدم قرينة تملك طالب التحفيظ ووسيلة لتطهير العقار المراد تحفيظه:

إن طالب التحفيظ بتقديمه مطلب التحفيظ يصبح مفترضا فيه هو المالك إلا أن ملكيته للعقار ليست قرينة قاطعة بل قرينة بسيطة تقبل العكس، ويمكن دحضها بواسطة التعرض المدعم بحجج دامغة.

و إذا كان هدف المشرع من التحفيظ هو تطهير العقار من الحقوق السالفة فإنه منح حق التعرض لكل شخص ارتأى أن مطلب التحفيظ سيؤدي حتما إلى المساس بحقوقه.

فكل شخص يتمتع بحق من الحقوق العينية والتي تخول له إمكانية التعرض ولم يطالب به خلال مسطرة التحفيظ، فإنه بعد تأسيس الرسم العقاري لا يمكنه المطالبة به، إذ جاء في الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدله وتممه القانون رقم 14.07 ما يلي: “ لا يمكن إقامة أي دعوى في العقار بسبب حق وقع الإضرار به من جراء التحفيظ“.

كما أن القضاء ذهب إلى تكريس هذه القاعدة بحيث جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى بغرفتين مجتمعتين في الملف المدني عدد 2075/87 بتاريخ 29 يناير 1992 ما يلي :” لكن حيث إن المقتضيات المنصوص عليها في الفصلين 2 و 62 من ظهير التحفيظ العقاري التي بنى عليها المجلس قراره وكذا المنصوص عليها في الفصل 64 الذي يمنع إقامة أي دعوى بحق عيني تطهر منه العقار بالتحفيظ ولا يبقى للمتضرر إلا أن يطالب بالتعويض… تتضمن قواعد آمرة لها صلة بالنظام العام يجب أن تثيرها المحكمة تلقائيا كلما تبين لها أن حق المدعى به قد تطهر منه العقار بالتحفيظ وأن الوقائع وكذا الوثائق المدلى بها والتي اعتمدها قضاء الموضوع وبالخصوص منها عقد الشراء إلى أن الشراء يتعلق بالمطلب وكذا الوثيقة المشار إليها في الوسيلة التي تفيد أن المطلب تحول إلى رسم عقاري كلها تبرر أن الشراء موضوع النزاع قد طواه التحفيظ مما كان معه على قضاة الموضوع أن يردوا تلقائيا هذه الدعوى التي ترمي حمايته لأنها تتعارض مع ما يقرره الفصل 64 المذكور وأن المجلس اعتمادا منه على طبيعة هذه المقتضيات… على قضاة الموضوع إقرارهم لحق ليست له دعوى تحميه”[7]، ولا يمكن مواجهة الخلف الخاص بقاعدة التطهير، فمشتري العقار من طالب التحفيظ الذي تحول مطلبه إلى رسم عقاري يعد خلفا خاصا لا يواجه كالخلف العام بقاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري[8].

ولا يمكن أن تخضع الأملاك العامة بقاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري وهذا ما أكده المشرع في الفصل 4 من ظهير فاتح يوليوز 1914 الخاص بالملك العمومي[9]، غير أنه يمكنه – أي صاحب الحق – المطالبة بالتعويض وهذا ما أكدت عليه الفقرة الثانية من نفس الفصل، إذ جاء فيه: “يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء تعويضات “.

وبالرغم من الانتقادات التي وجهت إلى الفصل 64 من نفس الظهير التي تضفي الصبغة النهائية على الرسم العقاري، فإن المشرع المغربي لم يكترث لذلك ولا للأضرار التي تلحق صاحب الحق العيني الذي لم يصرح به خلال مسطرة التحفيظ ولم يقدم تعرضه [10] واحتفظ بنفس المواد ونفس الصياغة ليندثر الأمل الذي كان منشودا كنقيضه في الصياغة الجديدة لظهير التحفيظ من خلال القانون رقم 14.07 المعدل والمتمم لظهير 13 غشت 1913.

الفقرة الثانية: مقومات دعوى التعرض

خول المشرع المغربي لكل شخص يدعي حقا على عقار في طور التحفيظ إمكانية التعرض على مسطرة التحفيظ داخل الآجال المحدد قانونا.

و لعل هذا ما دفع بالمشرع إلى عدم تحديد الأشخاص الذين يحق لهم التعرض في مواجهة طالب التحفيظ، لذلك جاءت المادة 24 من ظهير التحفيظ العقاري عامة و مطلقة.

1–الأشخاص الذين لهم حق التعرض:

يحق لكل من يدعي حقا عينيا قابل للتقييد في الرسم العقاري أن يتدخل عن طريق إجراء التعرض في مسطرة التحفيظ.

فبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 24 من القانون 14.07 المغير والمتمم لظهير التحفيظ العقاري الصادر بتاريخ 12/08/1913 نجد أن المشرع فتح الباب على مصراعيه لكل شخص أراد التعرض، حيث جاء في فقرته الأولى ما يلي:”يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ .

من هنا يتضح أن المشرع لم يضع أي قيد على الأشخاص الذين يحق لهم إجراء التعرض لكن شريطة ألا يكون تعسف في استعماله [11].

فالتعرض يعتبر دعوى تقام ضد طلب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع طبقا لمقتضيات الفصل 84 لذا ينبغي أن يصدر ممن له الصفة والأهلية والمصلحة، لذلك فأطراف النزاع موضوع التعرض تتحدد مراكزهم أثناء تقديم موضوع التعرض أمام المحافظة العقارية وهو ما أكده بشكل صريح المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا في قرارها الصادر بتاريخ 13/11/1985، عندما قضى بأن:” أطراف الدعوى تتحدد في مسطرة التحفيظ بدءا بالتعرض أمام المحافظة العقارية حيث يتضح المدعي والمدعى عليه” [12].

ويمارس المتعرض إجراء التعرض إما شخصيا أو بواسطة من ينوب عنه، وبالرجوع إلى مقتضيات الفصل 26 من القانون رقم 14.07 فإنه في جميع الأحوال يمكن التدخل في المسطرة عن طريق التعرض باسم المحجورين و القاصرين والغائبين والمفقودين والغير الحاضرين، وذلك من طرف الأوصياء والممثلين الشرعيين ووكيل الملك والقاضي المكلف بشؤون القاصرين والقيم عن أموال الغائبين والمفقودين، شريطة تقديم إثبات الهوية مع الإدلاء بالوثائق والبيانات المقررة في الفصل 25 من القانون المذكور.

وللمحافظ دون غيره الحق في التثبت من وجود الإذن بإقامة التعرض بالنيابة عن الغير ومحكمة الموضوع لا صلاحية لها في ذلك على اعتبار أنها تبت فقط في وجود الحق المدعى به من طرف المتعرض وطبيعته ومشتملا ته ونطاقه.

وعليه يحق للأشخاص الذين ذكرهم حق التعرض عن مطلب التحفيظ العقاري:

المنازع في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ العقاري في حالة كون العقار في ملكية شخص آخر، حيث يحق للمالك الحقيقي أن يتعرض على إجراءات التحفيظ.

الشخص أو الأشخاص الذين ينازعون في مدى حق ملكية طالب التحفيظ كالشريك أو الشركاء على الشيوع إذا تجاوز طالب التحفيظ حصته في العقار المشاع أو إذا أراد ممارسة حق الشفعة.

المنازع في حدود العقار كما لو ترامى طالب التحفيظ على جزء من عقار جاره وضمه إلى عقاره.

المنازع في حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه لم تتم الإشارة إليه في مطلب التحفيظ.

المنازع في حق تم إيداعه طبقا لمقتضيات الفصل 84 من قانون 14.07.[13]

وهكذا فالمشرع المغربي فتح باب التعرض على مصراعيه رغبة منه في منح أكبر قدر من الضمانات لمن يمكن أن يكون مطلب التحفيظ سببا للنيل من حقوقه[14].

والتعرض ليس حصر على الأشخاص الطبيعية، بل يمكن ممارسته من قبل الأشخاص المعنوية، فالدولة لها حق التعرض على كل مطلب تحفيظ يمس بأحد الأملاك الخاصة بها، حيث جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:” إذا ثبت أن المدعى فيه المراد تحفيظه تكسوه أشجار طبيعية والنبت، فإن ذلك يشكل قرينة على تملك الدولة عملا بمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل الأول مكرر “ج” من ظهير 10/10/1917، ولا يمكن إثبات عكسها برسم شراء طالب التحفيظ وحيازة المدعى فيه “[15].

كما أن ممارسة إجراء التعرض قد يقع أيضا من طرف المؤسسات العمومية وشبه العمومية ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والجماعات المحلية وكذا الجماعات السلالية، حيث جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا:” أن نظر محكمة التحفيظ يقتصر على البت في الحق المدعى به من قبل المتعرض ومحتواه ومداه باعتبار المتعرض مدعيا يقع عليه عبء الإثبات، مادام أن طالب التحفيظ قدم المطلب في تاريخ سابق عن قيام الجماعة السلالية بإجراءات مسطرة التحديد الإداري للملك المتنازع بشأنه فإن هذه الأخيرة بصفتها متعرضة يقع عليها عبء إثبات ما تدعيه من حقوق في العقار المطلوب تحفيظه بالحجة القوية حتى يمكن آنذاك مقارنة هذه الحجج أو تطبيقها على أرض الواقع…”[16] .

إضافة إلى ما ذكر فإن التدخل الإداري في دعوى التعرض ضد مسطرة التحفيظ غير مقبولة ، حيث جاء في أحد القرارات ما يلي :” إذا كانت المحكمة مقيدة بالبت في الطلب موضوع الإحالة من طرف المحافظ فإن إحالة هذا الأخير لملف طلب التحفيظ مرة ثانية على المحكمة من أجل تدارك الإغفال في منطوق الحكم الذي لم يشر إلى مآل أحد التعرضات الواردة بشهادة التعرض يجعل مقال تدخل المشتري من طالبة التحفيظ والرامي إلى الحكم بعدم صحة التعرض غير مقبول [17].

كما أن تعرض الغير الخارج عن الخصومة كيفما كان شخصا طبيعيا أو معنويا لا يجوز في قضايا التحفيظ العقاري، حيث جاء في احد قرارات محكمة النقض:” لا يقبل الطعن في القرارات الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري بطريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة مادامت المسطرة الخاصة المنصوص عليها في ظهير 12/8/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري لا تشير إلى هذا النوع من الطعون [18].

  1. في مواجهة من يمارس التعرض:

إذا كان المشرع المغربي قد وسع من نطاق التعرض من حيث الأشخاص حماية لحقوقهم فإن التعرض لا يمارس مبدئيا إلا في مواجهة طالب التحفيظ وفي وجود الحق المدعى به وطبيعته ومشتملاته ونطاقه ، فلا يمكن للمتعرض المطالبة بحقوق ليست موضوع مطلب التحفيظ ، ولا يمكننا أن نتصور وجود شخص يتعرض على تعرض آخر.

إلا أنه من بين المستجدات التي جاء بها القانون رقم 14.07 نجد مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 24 والذي جاء فيها: “ يمكن لكل شخص يدعى حقا على عقار تم تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال شهرين يبتدئ من يوم الإعلان عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل وذلك:

1-……

2-……

3- في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون “.

وبالرجوع إلى الفصل 84 نجده ينقص على أنه: ” إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه، من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير، أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك ويقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات.

يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك “.

وهذا يعني أن الحقوق التي تنشأ على عقار في طور التحفيظ يمكن إيداعها في سجل التعرضات طبقا لمقتضيات الفصل 84 المذكور في انتظار إتمام إجراءات مسطرة التحفيظ وخلو مطلب التحفيظ من وجود تعرضات عليها بعد ذلك يعمل المحافظ على الأملاك العقارية على تأسيس الرسم العقاري ليتم آنذاك تقييد الحق برتبته السابقة، وخلاصة القول إن هذا الحق يبقى معلقا ومرتبطا بمصير طالب التحفيظ وجودا وعدما.

ولعل غاية المشرع من هذا المستجد هو رغبته في توسيع دائرة التعرض وحماية الغير الذي يدعي على العقار حقا عينيا ارتبط بهذا الحق المودع.

المطلب الثاني: أنواع التعرض و مستنداته

ستتم معالجة هذا المطلب من زاويتين، حيث سيتم التطرق إلى أنواع التعرض (الفقرة الأولى )، ثم التطرق إلى مستندات التعرض (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: أنواع التعرض

بالرجوع إلى النصوص القانونية المنظمة لمسطرة التحفيظ لا نجد ضمنها ما يحدد حالات التعرض وأشكاله.

وإذا كان لا مجال للحديث عن أشكال متعددة لطلبات التحفيظ فإن الواقع العملي أفرز حالات متعددة من التعرضات ضد مطلب التحفيظ، إما بسبب ما يطالب به المتعرضون من حقوق أو بسبب تعارضها مع حقوق الغير، مما يستوجب توضيحها.

1-التعرض الكلي :

يقع هذا النوع من التعرض على مطالبة المتعرض بكافة العقار المطلوب تحفيظه، والتعرضات الكلية هي أبسط من التعرضات الجزئية، لأنها لا تخضع لعملية التحديد المؤقت، فمحتوى التعرض ومداه هو كافة المطلب المتعرض عليه،مما لا يفرض ضرورة وضع علامات وأنصاب لتحديد نطاق التعرض، إذ سيصبح ذلك تكرارا لا فائدة منه.

كما يمكن أن تنصب عدة تعرضات كلية على نفس العقار، والبت في هذا النوع من التعرضات يتم بيسر لا يتوفر خلال البت في التعرضات الجزئية المتعددة التي تتضارب وسائل إثباتها وتختلف حدودها و مساحتها [19].

2– التعرض الجزئي:

ينصب هذا النوع من التعرض على مطالبة المتعرض بجزء من العقار المطلوب تحفيظه ، وهذا الجزء إما أن يكون معينا أو غير معين، فيكون معينا في حالة تقديم تعرض على مطلب تحفيظ عقار محدد المساحة عن طريق شراء أو هبة أو غيرها من المستندات المثبتة للحق، وغير معين في حالة تقديم تعرض للمطالبة بحق مشاع، ونجد هذا النوع من التعرض في الفصل 20 الفقرة الرابعة من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بمقتضى القانون رقم 14.07 بنصها على ما يلي:” يضع المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الأنصاب سواء لتحديد المحيط الذي عينه طالب التحفيظ أو لضبط القطع المشمولة به والتي تكون محل تعرضات من طرف الغير ثم يضع تصميما موجزا يسمى التصميم المؤقت للتحديد”.

وإذا لم يتيسر تحديد التعرض الجزئي بكيفية صحيحة أثناء إجراء عملية التحديد فإن عملية التحديد تكون على نفقة المتعرض.

أما إذا تعذر تحديد جزء من العقار موضوع النزاع والذي يشكل تعرضا جزئيا فإن المحافظ على الأملاك العقارية يحيل المطلب على القضاء ويمكن للقاضي المقرر الذي أحيل عليه النزاع أن ينجز هذا التحديد طبقا للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري [20].

أما إذا كان التعرض الجزئي لم يتم تقديمه إلا بعد انتهاء عملية التحديد المؤقت فإن المسطرة تتم تبعا لمقتضيات الفقرة السادسة والسابعة من فصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري [21].

والتعرضات الجزئية هي تعرضات بسيطة لا تخلق إشكالا في عمليات التحفيظ لا إداريا ولا قضائيا.

3-التعرض المتبادل:

يعتبر التعرض المتبادل أصعب أشكال وأنواع التعرض التي تعرض على المحافظة العقارية أو محاكم التحفيظ، والتعرض المتبادل يتخذ شكلين:

الشكل الأول: التعرض الجزئي على مطلبين عقاريين :

ومثاله أن يتقدم شخص أول بتعرضه على المطلب (أ) المقدم من طرف شخص ثان فيقدم شخص ثالث بمطلب تحفيظ (ب)، متعلق بالمطلب الأول المقدم من طرف الشخص الثاني والمتعرض عليه من طرف الشخص الأول، فإذا كان التعرض (1) موجودا داخل الجزء المتعارض بين المطلبين فإن هذا التعرض يصبح تعرضا جزئيا متبادلا مع المطلبين (أ) و (ب).

قد تم التنصيص على هذا النوع من التعرض في الفقرة الثالثة من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه وتعديله[22]، وحددت أداء المتعرض لوجيبة قضائية واحدة برسم دفاع واحد ، والعلة في ذلك أن المتعرض لم يسع للتعرض على تحفيظ المطلب (ب)، وأن النزاع القائم بين المطلبين وإن كان يمس حقوقه فإن هذه الحقوق يحميها تعرضه الأساسي ضد المطلب (ب) وتسمى في النهاية تعرضا جزئيا تلقائيا.

الشكل الثاني : التعرض المتبادل بين مطلبين:

ومثاله أن يتقدم شخص أول بطلب تحفيظ العقار (أ) فيتقدم شخص ثان بطلب تحفيظ نفس العقار (ب) فهنا تقوم حالة التعارض المتبادل بين مطلبين.

إذا كان تدخل العقارين (أ) و(ب) يشمل جزء من المطلب (أ) فيصبح المطلبان يتعارضان جزئيا وتبادليا وهو ما يطلق عليها التعارض الجزئي المتبادل.

أما إذا كان مطلب (ب) يشمل كافة المطلب (أ) فيصبح المطلبان يتعارضان كليا وتبادليا، وهو ما يطلق عليه التعارض الكلي المتبادل.

مما تجدر الإشارة إليه أن التعرضات الجزئية أو الكلية ترتبط بالمطالب القائمة ضدها، وتخضع لنفس مسطرتها، أما التعرضات المتبادلة فيشترط المشرع أن تجري عمليات التحقيق والبحث والتنقل والتأكيد من انتهاء إجراءات تحديد المطلب لمعرفة ما إذا كان شاملا لكامل المطلب أم لا ولتحديد المراكز القانونية والحكم فيها بصفة مشتركة [23].

الفقرة الثانية: مستندات التعرض

ينص الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه أن يكون طلب التعرض مصحوبا بجميع المستندات التي سيعتمد عليها المتعرض وكل وسائل الإثبات المثبتة للحق المنازع فيه، غير أنه ليس من اللازم الإدلاء بها وقت تقديمه، إذ يمكن أن يقدم التعرض دون أن يكون مدعما بالوثائق والمستندات المؤيدة له شريطة الإدلاء بها قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض، وإلا اعتبر التعرض لاغيا حسب ما ورد في الفقرة الأولى من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه.[24]

والملاحظ أن أجل 3 أشهر الممنوحة للمتعرض لا تكفيه لإعداد الوثيقة العدلية قصد إثبات تملكه، خاصة مع صياغة الفصل 16 من ظهير التحفيظ العقاري الذي يستلزم الحصول على شهادة إدارية صادرة عن السلطة المحلية تثبت أن الملك ليس جماعيا ولا حبسيا، وليس من أملاك الدولة وغيرها بتنسيق مع الممثلين المحليين لهذه القطاعات، فالمتعرض في سبيل الحصول على الشهادة الإدارية يستلزم وقتا قد يتجاوز الأجل الممنوح له قانونا حتى لا يلغي المحافظ على الأملاك العقارية تعرضه، لأن عدم الحصول على الشهادة الإدارية يعني عدم صياغة الوثيقة العدلية التي تثبت سنده في التعرض[25].

ويمكن تقديم التعرض بناء على الأحكام والأوامر القضائية مثلا في حالة صدور حكم نهائي يقضي بإتمام إجراءات البيع، إذا تعذر على المحكوم تنفيذ الحكم بعد أن أصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به وحتى انصرام أجل التعرض فيمكنه الاعتماد على الحكم بتقديم تعرضه.

كما يمكن تقديم التعرض بناء على محاضر البيع بالمزاد العلني ومحاضر قبول العرض العيني في إطار الشفعة.

وتعتبر القرارات الوزارية المشتركة المتخذة لتنفيذ ظهير 26 شتنبر 1963 و2مارس 1973 من أهم السندات التي تعتمد عليها الدولة الملك الخاص لتقديم تعرضها ما لم يطعن فيه بالإلغاء في إطار الفصل 44 من قانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية.

والجدير بالذكر، فإن المشرع في الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري قبل التعديل ألزم المحافظ على الأملاك العقارية في حالة عدم إدلاء المتعرض للوثائق والمستندات بتوجيه إنذار لكي يودع وخلال ثلاثة أشهر من تاريخ تبليغه هذا الإنذار الوثائق والمستندات المؤيدة لتعرضه ويعلمه في نفس الإنذار بأن كل وثيقة أو مستند قدم إلى المحافظة خلال المدة المذكورة تكون مرفوضة في حالة إيداع هذا الملف لديها، وذلك طبقا للفصل 32 من نفس الظهير.

غير أنه بالرجوع إلى الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه لا نجد أية إشارة إلى الإجراء المتخذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية بشأن إعلام المتعرضين بإدلاء الوثائق والمستندات، بل أن صياغة الفقرة الثالثة من المادة 25 جاءت لتحديد الأجل الملزم للمتعرض للإدلاء بالوثائق المدعمة لتعرضه وهو أجل شهر الموالي لانتهاء أجل التعرض.

كما أن القضاء درج على قبول الوثائق والرسوم في أي مرحلة كان عليها النزاع، معتمدا في عمله هذا على أن الغاية من إحالة الملف عليه هي الحكم و البت في التعرضات و تصفية النزاع باتخاذ كافة الوسائل و على ما استنتجه مختلف المحاكم من الفقرة الأخيرة من الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري.

كما أنه من أهم الإجراءات المفيدة هي قبول الحجج و الوثائق المدلى بها أمام المحاكم و مناقشتها، و ذلك من المهمات الأساسية للقضاء حتى يتمكن من الاقتناع بهذا الحل أو غيره لصالح هذا الطرف دون الأخر لغاية سامية، و هي إحقاق الحق و تطبيق مبدأ حسن العدالة السامي، بشكل يرضي الأطراف المنصفين بالخصوص إما كلهم أو البغض منهم على الأقل في إطار من المساواة بينهم و تكافؤ الفرص في تتبع سير الخصومة و الدفاع فيها عن مصالحهم بالنسبة للجميع دون تمييز بين صاحب مطلب التحفيظ و المتعرض على هذا المطلب [26].

كما أن رغبة المتعرض في الحصول على مستندات مدعمة لتعرضه توجد في ملف عقاري، تم تأسيس رسم عقاري بشأنه ليس فيها ضرر، ما دام أنها لا يمكن الاحتجاج بها في مواجهة الرسم العقاري الذي بالرغم من أنه يجرد هذه الوثائق و المستندات من قوتها الثبوتية، فإنه لا يجردها من قانونيتها و صحتها للاستعانة بها في نزاع آخر.

وتجدر الإشارة إلى أنه سواء تم التعرض شفهيا أو كتابة، فإنه على المتعرض، مالم يكن قد حصل على المساعدة القضائية أو طلبها على الأقل، أن يودي الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة لدى مصلحة المحافظة العقارية التي تتولى إستفائها [27] وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض تحت طائلة اعتبار التعرض لاغيا وكأن لم يكن وذلك حسب الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري المتمم والمعدل بالقانون رقم 14.07.

وفي حالة ما انصبت عدة تعرضات على مطلب واحد تؤدى الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة عن كل تعرض ولا تؤدى هذه الأخيرة في حالة تعرض متبادل بين مطلبين للتحفيظ عملا بمقتضيات الفقرة الثانية و الثالثة من الفصل 32 من القانون 14.07.

المبحث الثاني: مسار دعوى التعرض

لقد أثبت الواقع العملي أن تقديم التعرض لدى المحكمة الابتدائية أو لدى قاضي التوثيق أو لدى القيادات موضوع مطلب التحفيظ بدائرة نفوذها ساهم في ظهور عدة صعوبات و عراقيل سواء في وجه المتعرضين أو طلاب التحفيظ أو مصالح المحافظة على الأملاك العقارية و ذلك راجع لعدم تأهيلها لتلقي التعرضات وفق الضوابط التي ينص عليها القانون، بالإضافة إلى انشغالاتها اليومية بالمهام الموكولة إليها تراها أولى و أجدر من تلقي التعرضات التي تعتبرها ثانوية و لا تعيرها أي اهتمام [28].

الشيء الذي أدى بالمشرع من خلال القانون 14.07 إلى حصر الجهات التي يمكن أن يقدم أمامها التعرض على مسطرة التحفيظ أو الإيداع طبقا للفصل 84 في كل من المحافظ على الأملاك العقارية و المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب فقط دون غيرهما طبقا للفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري [29].

غير أنه يتعين على المهندس المساح الطبوغرافي الذي تلقى التعرضات أثناء عملية التحديد أن يقوم بتوجيهها للمحافظ مصحوبة بالمحاضر و الوثائق المتعلقة بها.

و إذا ما سلمنا أن التعرض يمكن أن يتجاوز المرحلة الإدارية إلى المرحلة القضائية.

و عموما سنتطرق إلى تقديم دعوى التعرض أمام المحافظ (المطلب الأول)، و كذلك دور القضاء في هذه الدعوى (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تقديم دعوى التعرض أمام المحافظ

سنتناول هذا المطلب من خلال فقرتين، بحيث سيتم التطرق إلى آجال تقديم دعوى التعرض (الفقرة الأولى )، في حين سنخصص (الفقرة الثانية) لدور المحافظ في تسوية النزاع.

الفقرة الأولى : آجال تقديم دعوى التعرض

لقد سمح المشرع بإمكانية تقديم التعرضات داخل الأجل و أحيانا حتى خارج الأجل المحدد.

1-التعرض داخل الأجل:

بالرجوع إلى الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه و تعديله يتبين أن المشرع أجاز تقديم التعرض قبل نشر الإعلان بانتهاء التحديد في الجريدة الرسمية.

فبعد أن حدد المشرع الأشخاص الذين يمكنهم أن يتدخلوا عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين ابتداء من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إضافة “إن لم يكن قام بذلك من قبل “.

كما أن الفصل 20 من نفس الظهير أكد إمكانية إبداء المجاورين و كل المتدخلين ما لهم من ملاحظات و منازعات أثناء إنجاز عمليات التحديد.

فبمجرد ما يتم نشر ملخص مطلب التحفيظ بالجريدة الرسمية طبقا لمقتضيات الفصلين 17 و 18 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه و تعديله يحق لكل شخص تقديم طلب التعرض على مطلب التحفيظ.

و يتم استدعاء المجاورين و المتدخلين و أصحاب الحقوق العينية و التحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية كطرف في عملية التحديد، ويمكنهم التصريح بتعرضهم أمام المهندس المساح الطبوغرافي المحلف، و يتم ذلك بتصريح شفوي يحرر في نظيرين يسلم أحدهما للمتعرض.

و يمكن للمتعرض أن يضيق من نطاق تعرضه كما يمكنه التوسيع من نطاقه مادامت الآجال المنصوص عليها لا زالت قائمة.

غير أنه عندما يتم التحديد و يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بنشر الإعلان فإن المتعرض يبقى مقيدا بأجل شهرين تحتسب من يوم نشر الإعلان بالجريدة الرسمية.

و بمجرد انقضاء الشهرين المحددين في الفصلين 23 و 24 من ظهير التحفيظ العقاري لا يقبل أي تعرض ما عدا في الحالة الاستثنائية المنصوص عليها فيالفصل 29[30] من ظهير التحفيظ العقاري و هذا ما أكده الفصل 27 من نفس الظهير.[31]

2-أجل التعرض في مسطرة التحفيظ الإجباري:

إذا كان التحفيظ العقاري في المغرب أمرا اختياريا، فإن المشرع من خلال القانون 14.07 عمل على تنظيم مسطرة خاصة بالتحفيظ الإجباري، في الفصول 7 و 511 إلى 5119 .

وتبدأ هذه المسطرة بإصدار القرار القاضي بفتح وتحديد منطقة التحفيظ الإجباري من طرف وزارة الفلاحة و الصيد البحري وذلك باقتراح من مدير الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطي، ويعد هذا القرار بمثابة إعلان للنفع العام بحيث يسمح لمستخدمي الوكالة أو من يفوض لهم اختصاص بولوج العقارات الواقعة بالمنطقة المعنية للقيام بالأشغال اللازمة ويتم الإعلان عن هذا القرار في الجريدة الرسمية ويتم تعليقه بمقر السلطة المحلية والجماعة والمحكمة الابتدائية والمحافظة العقارية.

وتحدث لجنة للتحفيظ الإجباري لتتبع مراحل إنجاز عملية التحفيظ مكونة من ممثلين عن السلطتين المحلية والجماعية والمحافظة على الأملاك العقارية و المسح العقاري ويعين أعضاء لجنة للتحفيظ الإجباري بقرار عاملي، وإذا كانت منطقة التحفيظ الإجباري تمتد إلى أكثر من عمالة أو إقليم فإنهم يعينون بقرار مشترك للعمال المعنيين.[32]

ويتم بعد ذلك إنجاز عمليات البحث ألتجزيئي والقانوني من طرف مصالح الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري بمؤازرة لجنة التحفيظ الإجباري، قصد تحرير مطالب التحفيظ للقطع غير المحفظة ولا في طور التحفيظ في اسم المالكين الذين أدلوا بالعقود والوثائق المثبتة لحقوقهم، أما بالنسبة للمالكين الذين لا يتوفرون على وثائق أو تكون وثائقهم غير كافية، تقوم السلطة المحلية بإنجاز شهادات إدارية للملكية باسمهم، وبالنسبة للقطع التي لم يتم التعرف على مالكها أثناء أشغال البحث فيتم تحرير مطالب التحفيظ و إدراجها في اسم الملك الخاص للدولة، أما القطع التي تغيب أو تقاعس مالكوها، فإن مطالب تحفيظها تحرر وتدرج تلقائيا في اسمهم.

وتبقى مطالب التحفيظ المدرجة قبل فتح منطقة التحفيظ الإجباري خاضعة للنصوص القانونية التي أدرجت طبقا لمقتضياتها.

وتحيل المصالح التابعة للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية المطالب المحررة و وثائق البحث التجزيئية والقانونية الملف على لجنة التحفيظ من أجل المراقبة لتحيلها بعد ذلك على المحافظة على الأملاك العقارية المعنية داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ توصلها به ( الفصلان 51–10 و 5111 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه وتعديله).

خلال أجل شهر يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بإدراج مطالب التحفيظ وإيداع اللائحة والتصميم التجزيئيين بمقر السلطة المحلية، ويتم نشر الإعلان عن هذا الإيداع في الجريدة الرسمية، كما يعلق بمقر السلطة المحلية والجماعات المعنية والمحكمة الابتدائية والمحافظة على الأملاك العقارية[33].

ويمكن لكل من له مصلحة الاطلاع وبدون مقابل على اللوائح والتصاميم التجزيئية المتعلقة بالتحفيظ الإجباري المودعة بمقر السلطة المحلية والمحافظة على الأملاك العقارية.

و بعد نشر الإعلان عن الإيداع في الجريدة الرسمية، يتم إعداد برنامج للتحديد من طرف المحافظ على الأملاك العقارية يبلغه إلى ممثل السلطة المحلية و رئيس المجلس الجماعي المعنيين بالتعليق، و ذلك قبل تاريخ التحديد بشهر واحد، كما يتم تعليق هذا البرنامج بمقر المحافظة العقارية، و يتم استدعاء طالبي التحفيظ و كل متدخل في مسطرة التحفيظ بكيفية قانونية لحضور عملية التحديد.

و يتم إجراء عملية التحديد سواء بحضور طالبي التحفيظ أو في غيابهم، و يتم التحديد لزوما داخل أجل التعرض المحدد في أربعة أشهر ابتداء من تاريخ نشر الإعلان عن إيداع اللائحة و التصميم الجزيئيين بمقر السلطة المحلية في الجريدة الرسمية، و من مميزات هذه المسطرة إنجاز التحديد داخل أجل التعرض و أي حق تم اكتسابه خلال مسطرة التحفيظ يتم الإعلان عنه طبقا لمقتضيات الفصل 84 من القانون 14.07.

عند انتهاء أجل التعرض المحدد في أربعة أشهر يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بإنشاء الرسوم العقارية لمطالب التحفيظ التي لم تكن محل تعرض، و يحيل المطالب المثقلة بالتعرضات على المحكمة الابتدائية للبت في النزاعات المتعلقة بها [34].

  1. التعرض خارج الأجل أو التعرض الاستثنائي:

بالرجوع إلى الفصل29 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07 نجده ينص على ما يلي: ” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، و لو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.

يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، و بالعقود و الوثائق المدعمة لتعرضه.

كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية و حقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.

يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي “.

و بدراسة متأنية لهذا الفصل يتبين أنه يحق لكل شخص تعذر عليه تسجيل تعرضه بسبب معقول داخل الآجال العادية، يرخص له تسجيل تعرضه “خارج الأجل ” بصفة استثنائية.

و يمنح المحافظ هذا الترخيص ما دام الملف في المحافظة، و يتمتع المحافظ بصلاحيات واسعة في هذا المجال و دون حاجة إلى تبرير قراره بقبول التعرض خارج الأجل، و بمقتضى القانون 14.07 فإن إمكانية تقديم التعرض أمام السيد وكيل الملك حينما يحال الملف على المحكمة أصبحت غير ممكنة حيث أصبح مجال تقديم التعرض محصورا في المحافظ العقاري وحده دون غيره[35].

و بالرغم من أن المشرع سمح للمحافظ بقبول التعرض خارج الآجال فإن ذلك مقيد بشرطين: شرط عدم إحالة الملف على المحكمة و شرط عدم تأسيس الرسم العقاري، و بالتالي فقبوله للتعرض خارج الآجال مقيد بأجل ثلاثة أشهر بعد انتهاء أجل التعرض المحدد في الفصل 24 و هو الأجل الذي منحه المشرع للمحافظ للبت في مآل طلبات التحفيظ، و هذا ما يستشف من صياغة الفصل 30 من ظهير التحفيظ العقاري.

و في ذات السياق ألزم المشرع المتعرض الذي قدم تعرضه خارج الآجال الإدلاء بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الآجال العادية إضافة إلى تقديم العقود و الوثائق المدعمة لتعرضه و الرسوم القضائية و حقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.[36]

و لقد أحاط المشرع قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض خارج الآجال مناعة حصنته من أية قابلية للطعن، إذ جاء في صياغة الفصل 29 “… غير قابل للطعن القضائي”.

فعلى إثر تضمين فقرات تفيد أن بعض القرارات الإدارية لا تقبل أي طعن ، غير الفقه و القضاء هذه العبارة أنها لا تفيد في شيء الطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة و لا تؤدي إلى تحصين هذا القرار من المراقبة الشرعية من طرف القضاء الإداري، فدعوى الإلغاء تسري على جميع القرارات الإدارية حتى و لو تضمن نص صريح أن ذلك القرار لا يقبل أي طعن [37].

و عموما فقبول التعرض أو عدم قبوله حسب تقديمه داخل الأجل القانوني أو خارجه إنما يدخل في اختصاص المحافظ على الأملاك العقارية، و الذي يتولى فحص هذه التعرضات و تهيئها قبل إحالة الملف على المحكمة المختصة.

الفقرة الثانية: دور المحافظ في تسوية النزاع

إذا كانت غاية المشرع من تقليص الآجال هو تسريع مسطرة التحفيظ ووضع حد لطول الإجراءات أثناء سريان مسطرة التحفيظ، فإن إمكانية إجراء الصلح بين الأطراف المتنازعة في شأن مطلب التحفيظ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية يندرج في هذه الغاية المتوخاة من طرف المشرع، و أن من شأنه تجنيب أطراف النزاع أتعاب و مشاق التقاضي و ضياع الوقت و المال و طول المسطرة القضائية و كذلك التخفيف من أعباء القضاء [38].

ففي الحالة التي يقبل فيها التعرض من طرف المحافظ، و قبل إرسال الملف إلى المحكمة يمكن للمحافظ أن يبادر إلى إقامة صلح بين طالب التحفيظ و المتعرضين، إذا كانت طبيعة النزاع تسمح بذلك، كأن يكون التعرض واقعا على مجرد الحدود حيث يمكن تسوية هذا المشكل دون اللجوء إلى المحكمة.

أما في حالة رفض التعرض من قبل المحافظ لسبب من الأسباب فإنه لا يكون للتصالح أي معنى.

و مبادرة التصالح قد تأتي من طرف المحافظ أو طالب التحفيظ أو المتعرض، كما يمكن للغير التدخل لإقامة هذا التصالح أو تهيئ الجو المناسب لإبرامه [39].

و مهما كانت الجهة التي ترغب في إتباع هذا الحل فإن المحافظ يبادر دائما إلى قبول الصلح ، فيقوم باستدعاء من يهمهم الأمر إلى جلسة صلح بمكتبه، حيث ينبغي أن يبذل غاية جهده للتوفيق بينهما، و إن اقتضى الحال التوجه مع الفريقين إلى عين المكان لدراسة النزاع بكيفية أوفى و أبلغ و دون أن يتحملوا أية مصاريف [40].

فقد يتفق طالب التحفيظ و المتعرض إذا كان النزاع يتعلق بالحدود على إبرام اتقاف ودي بينهما دون اللجوء إلى القضاء، فيكونان متفقين على ملكية كل منهما بأرضه و لكنهما غير مستوثقين من الحدود الفاصلة ما بين أرضهما، فيتفقان على خبير عند الاقتضاء أو يطلبان من المحافظ تعيين مهندس يقوم بتعيين هذه الحدود بناء على مستندات كل طرف و يرسم الحدود الفاصلة بين كل عقار و يضع علامات ظاهرة لتبيين هذه الحدود و يحرر بذلك محضر يوقع عليه طالب التحفيظ و المتعرض، و يكون ملزما لهما يرجعان إليه لإعادة علامات التحديد إذا انطمست هذه العلامات [41].

و يعتبر محضر الصلح الذي وقعه الطرفان ذا قوة إثباتية، فهو ملزم لهما و لا يطعنان فيه إلا بما يطعن به على العقد فيجوز بوجه خاص أن يطعنا فيه بالإبطال في نقص في الأهلية أو لعيب في الرضى من غلط، أو تدليس أو إكراه.

و إذا حصل الاتفاق المنشود بين الأطراف فبإمكان المحافظ إنجاز تقرير حضور يبين فيه النقط التي تم التصالح بشأنها و يوقعه الأطراف، ثم يدرج في ملف التحفيظ حيث يكون لهذا الاتفاق قوة الالتزام العرفي و بناء على هذا التصالح يتخذ المحافظ فراره بتحفيظ العقار و تأسيس الرسم العقاري وفقا لما تم التصالح بشأنه، إن لم يكن هناك تعرض آخر [42].

و الملاحظ أن هذا الاتفاق لا يتصف بأية صبغة رسمية على الرغم من أنه تم تحث إشراف موظف عمومي بل و بمبادرة منه و في حدود اختصاصه، و مع ذلك فهذه الاتفاقات تلزم الطرفين و تكون بمثابة قانون لهما تطبيقا للمبدأ المعروف العقد شريعة المتعاقدين ” بحيث لا يجوز نقضها و لا تعديلها إذا ما تم تأسيس الرسم العقاري و ذلك بالرغم من أنها لا تحتوي على الصيغة الرسمية [43].

و سعيا وراء تصفية الكثير من المشاكل الطارئة بشأن التعرضات بصفة حبية ،فلقد قامت المحافظات العقارية غير ما مرة بحملات إعلامية بواسطة نشرات قصد حث المعنيين على تسوية النزاعات القائمة بينهم بشأن التحفيظ العقاري، نظرا لأن النتائج المحصل عليها في مسطرة الصلاحية تبعث دائما على التشجيع و الارتياح بحيث يتجلى من نتائجها أن من مصلحة الطرفين الوصول إلى حل سريع يرضي الجانبين.

و لعل منافع التوفيق المعروضة بعده تبين أهمية هذا التدبير:

✓ إن الاتفاق بين الفريقين أسهل من عرض الدعوى على المحكمة لتسوية الخلاف القائم بينهما، بالحكم مهما كان صحيحا فإنه لا يرضي دائما أحد الفريقين، في حين أن التوفيق يصلح بين الطرفين و يجعل هذا النزاع قائم بينهما.

✓ إن طالبي التحفيظ و المتعرضين يوفرون صوائر المرافعة القضائية و الخبرات و التنقل إلى عين المكان و أتعاب المحامين عندما يلتجئون إلى مسطرة التوفيق.

✓ إن الالتجاء إلى مسطرة التصالح أسهل الوسائل استعمالا للتعجيل بتسليم رسم عقاري نهائي إلى صاحبه.

ونشير بأن إمكانية إقامة صلح بين الأطراف تبقى ممكنة حتى خلال المرحلة القضائية حيث يمكن للقاضي أن يسعى إلى تصالح الأطراف إذا كانت هناك بوادر تسمح بذلك[44].

وقد تمت الإشارة إلى هذه الإمكانية في الفقرة الرابعة من الفصل 37 حيث ورد فيها ما يلي:

»إذا قبل التعرض أثناء جريان الدعوى من طرف طالب التحفيظ أو المستفيد من حق تم التصريح به طبقا للفصل 84 أو تنازل المتعرض عن تعرضه، فإن المحكمة المعروض عليها النزاع تشهد بذلك القبول أو التنازل، وتحيل على المحافظ على الأملاك العقارية والذي يقوم عند الاقتضاء بالتحفيظ مع اعتبار اتفاقات الأطراف أو تصالحهم ».

المطلب الثاني: دور القضاء في دعوى التعرض

تعتبر مسطرة التحفيظ في الأصل مسطرة إدارية إلا أنه قد تتخللها بعض المراحل القضائية في حالة وجود تعرضات على مطلب التحفيظ، و أن عدم التوصل إلى صلح يرضي الأطراف أو عدم رفع التعرض أو قبوله من طرف طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع وفقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري يفيد تشبث كل طرف بمطالبه و يقتضي الأمر إحالة ملف التحفيظ على المحكمة المختصة للبت فيه [45].

و يعمل المحافظ على الأملاك العقارية خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل التعرضات على توجيه ملف مطلب التحفيظ و الوثائق المتعلقة به إلى المحكمة الابتدائية التي يقع العقار بدائرتها قصد البت في النزاع القائم في شأنه[46].

و قد عمل المشرع على تحديد مجال تدخل كل من المحافظ على الأملاك العقارية و القضاء في موضوع التعرض من خلال الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.

و هذا ما سنعالجه في هذا المطلب، و ذلك من خلال تناولنا لنظر القضاء في دعوى التعرض (الفقرة الأولى)، على أن نتناول في (الفقرة الثانية) تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بشأن التعرضات.

الفقرة الأولى: النظر في دعوى التعرض

فإذا كانت المحكمة لا تبت إلا في حدود ما طلب منها و ذلك عملا بمقتضيات الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية [47]، فإن المشرع من خلال ظهير التحفيظ العقاري نجده قيد أيضا سلطة القاضي أثناء بته في النزاعات المعروضة عليه بشأن التعرضات، فهو مرتبط بالبت في حدود نطاق التعرض المحال عليه من طرف المحافظ و لا يجب عليه أن يتجاوزه و أن يبقى محصورا كذلك في حدود نطاق مطلب التحفيظ.

فلا تنظر المحكمة إلا في علاقة الحقوق الموجودة بين المتعرضين و طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع وفقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري، و لا يمكن لها أن تنظر في موضوع حقوق متعرض ضد آخر [48].

  1. تقييد القضاء بنطاق التعرض:

من خلال مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري نجد أن المشرع قيد من نطاق اختصاص المحكمة عند بتها في النزاع القائم في شأن التعرض عكس ما هو عليه الأمر بمقتضى المسطرة العامة.

كما سبقت الإشارة إليه أنه لا يحق لمن يدعي حقا قابلا للتقييد بالرسم العقاري أن ينازع طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع في مطالبه إلا عن طريق سلوكه لإجراء التعرض.

فبعد قيام المحافظ على الأملاك العقارية بإحالة ملف مطلب التحفيظ برمته على أنظار المحكمة المختصة للبت في شأن التعرض الذي أثير ضد طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع، فإن دور هذه المحكمة ينحصر فقط في البت فيها و بالشكل الذي حدده لها المحافظ على الأملاك العقارية في شهادة التعرض [49].

كما أن محكمة النقض استقرت على أن التقرير بشأن صحة التعرض من حيث تقديمه داخل الأجل القانوني أو خارجه يعود لاختصاص المحافظ على الأملاك العقارية وحده الذي يتولى تحضير الملف قبل إحالته على المحكمة المختصة، و بأن المحكمة المحال عليها نزاع التحفيظ لا تملك صلاحية فحص الآجال المتعلقة بتقديم التعرضات ضد مطلب التحفيظ [50].

و هكذا فالمحكمة لا تملك صلاحية مراقبة سائر الجوانب الشكلية الأخرى لطلب التعرض ( أهلية المتعرض، عنوانه، صفته … ).

وإذا كان المحافظ يرجع له الاختصاص في قبول التعرض وتحديد نطاقه وموضوعه، وبإمكانه تغييرها كلما طلب منه ذلك من طرف المتعرض زيادة أو نقصان، وذلك داخل الآجال، وقبل إحالة ملف مطلب التحفيظ على أنظار المحكمة للنظر في النزاع القائم في شأن التعرض، فإنه عكس ذلك اختصاص المحكمة مقيدا بالبت في حدود وطلبات الأطراف ولا إمكانية لها في تغيير موضوع ولا أطراف ولا نطاق التعرض سواء من تلقاء نفسها أو بطلب من المتعرض، وتبقى بذلك رهينة لما هو محال عليها من طرف المحافظ على الأملاك العقارية بشهادة التعرض.

وبالتالي فلا يمكن للمحكمة أن تتجاوزه خارج ذلك والاعتراف للمتعرض بحقوق خارج نطاق مطلب التحفيظ، وليس بإمكانها توسيع نطاقه بطلب من المتعرض وجعله تعرضا كليا بدلا من تعرض جزئي أو تعرض على حقوق مشاعة، أو طلبه لحقوق مشاعة أكثر مما هو مضمن بشهادة التعرض، كأن يطالب المتعرض أمام المحافظ بحقوق مشاعة لزيد باعتباره أحد طلاب التحفيظ ثم يطلب من المحكمة أن تغير من نطاق تعرضه إما ليشمل حقوقا مشاعة أخرى تتعلق بعمر أو تغييره لفحوى النطاق بجعله يتعلق بحقوق مشاعة وراجعة لعمر بدلا من زيد.

فلا يحق للمحكمة أن تقبل بتعرض جديد عملا بمقتضيات الفصول 23و25و29 من ظهير التحفيظ العقاري.

ولا يجوز للمحكمة أن تقبل الدفع بضم ملف التحفيظ ولو كان رائجا أمامها إلى آخر لوجود تعرض متبادل بينهما لكون المحافظ على الأملاك العقارية لم يضمنه بشهادة التعرض ولم يحيل الملفين معا إلى المحكمة.

غير أنه إذا كان تقييد المحكمة بنطاق التعرض المحدد بشهادة التعرض ولا يجوز لها إطلاقا أن تقبل توسيع نطاقه، فإنه لا يوجد ما يمنعها في قبول طلبات الانتقاص من هذه التعرضات أو بقبولها بسحب التعرضات نهائيا أو طلبات اعتراف طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع بصحة التعرض كليا أو جزئيا أو المصالحة بشأنها بين الأطراف.[51]

-2عدم صلاحية القضاء للفصل بين المتعرضين :

حدد الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14.07اختصاص المحكمة في النظر فقط في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض وطبيعته ومشتملا ته ونطاقه، وأن تفصل في الحقوق المتنازع عليها بين المتعرضين وطالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع وفقا للفصل 84 دون أن تقرر في شأن موضوع حقوق متعرض ضد متعرض آخر.

لذلك استقر القضاء على قاعدة أساسية وهي أن كل تعرض يعتبر دعوى مستقلة، يجب أن يبت فيها مستقلا في مواجهة طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع وفقا للفصل 84، وأن كل فصل من طرف قضاة الموضوع بين المتعرضين تكون بالتالي قد تجاوزت اختصاصها ويعرض حكمها للنقض.

وقرارات محكمة النقض بهذا الخصوص كثيرة، فقد جاء في إحدى القرارات ما يلي:” إن قضاة الموضوع لا يملكون في قضايا التحفيظ حق الفصل بين المتعرضين بل لهم أن ينظروا خاصة بين هؤلاء وطالبي التحفيظ .[52]

وجاء في قرار آخر مايلي: “ الدعوى في مادة التحفيظ العقاري تنحصر في النزاع الذي يثيره المتعرض ضد طالب التحفيظ فقط لا في النزاع الذي يثيره متعرض ضد متعرض آخر، وعليه فإن الطاعنين باعتبارهم متعرضين لا يصح لهم انتقاد ماقام به الخبير إلا في حدود ما يمس حقوقهم تجاه طالب التحفيظ .[53]

ففي إطار تكريس قاعدة عدم اختصاص محاكم الموضوع للبت في حقوق المتعرضين فيما بينهم، ذهب الاجتهاد القضائي إلى أبعد من ذلك ومتشددا فيه، حيث اعتبر أن المتعرض الذي حكم ضده بعدم صحة تعرضه ابتدائيا لا يمكنه استئناف هذا الحكم في مواجهة متعرض آخر حكم له بصحة تعرضه مادام طالب التحفيظ لم يستأنف هذا الحكم.[54]

لكن من الناحية العملية، هذا التوجه تم التراجع عنه لاحقا ، وأقر المجلس الأعلى على استئناف متعرض ضد متعرض آخر، وهذا ما يتضح من خلال قراراتها حيت جاء فيها مايلي:” إذا كانت محكمة التحفيظ غير مؤهلة للبت إلا فيما يدعي به المتعرضون ضد طالب التحفيظ دون ما قد يدعي به المتعرضون فيما بينهم، فليس في هذه القاعدة ما يتخذ كأساس لإلغاء التقاضي على درجتين، والقول بأنه لا يجوز لأحد المتعرضين أن يستأنف الحكم الابتدائي ضد المتعرض الآخر وضد طالب التحفيظ الذي قبل الحكم الابتدائي.[55]

ويرى بعض الفقه[56] هذا التقييد في الاختصاص بالنسبة للتعرضات يطرح مشاكل عملية كبيرة بالنسبة للمتعرضين وبالنسبة للمحكمة، فالمتعرضون الذين ينازعون بعضهم البعض وفصلت المحكمة في تعرضهم إزاء طالب التحفيظ سيضطرون إلى الرجوع إلى المحكمة من جديد للفصل فيما بينهم، وبهذا ستجد المحكمة نفسها من جديد أمام نفس الأشخاص وحول نفس القضية لا لشيء إلا أنها لم تتمكن من الفصل بين المتعرضين، وسيطيل هذا ولاشك من إجراءات المسطرة ومن أمد النزاع.

ومن الحالات المستعصية على المحافظين على الأملاك العقارية التعامل معها وهي إشكالية مطلب تحفيظ قامت بشأنه عدة تعرضات كلية وصدرت الأحكام لفائدة المتعرضين جميعا أي بصحة تعرضهم ضد طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع وفقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري، ولتطبيق هذه الأحكام وعملا لمقتضيات الفقرة الأخيرة الفصل 37 بإشهار هذه الحقوق وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها بالفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري.

بينما يرى بعض الفقه [57]أن المشرع قد تجاوز قاعدة عدم الفصل بين المتعرضين فيما بينهم من خلال الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري بعد التعديل بالقانون رقم 14.07، بعدما نص على أن المحكمة تبين في حكمها الحقوق المحكوم بها لفائدة كل متعرض، ومن ثمة فإن قضاء التحفيظ سيكون ملزما بالفصل بين المتعرضين، وهذا مقتضى إيجابي لاشك أنه سيؤدي إلى حسم نزاع التحفيظ، وتفادي اللجوء إلى القضاء مرات ومرات من أجل نزاع واحد، كان بالإمكان حسمه بحكم يفصل بين جميع أطراف النزاع، كما أن هذا التعديل سيؤدي إلى تجاوز بعض صعوبات تطبيق الأحكام الصادرة في قضايا التحفيظ، والتي كان مردها قاعدة عدم جواز الفصل بين المتعرضين، حيث إن المحكمة كانت تحكم بصحة تعرض متعرضين أو أكثر ضد طالب التحفيظ.

الفقرة الثانية: تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن دعوى التعرض

إن الحماية القضائية لا تكمن بمجرد صدور الأحكام و إقرار الحماية الموضوعية، بل إنها تظل رهينة بتنفيذها، فالتنفيذ هو الوسيلة التي يتم بواسطتها تسيير الواقع على الشكل الذي يتطلبه القانون، و يعتمد فيه أساسا على السلوك الاختياري للفرد فإن لم يتحقق يتم اللجوء إلى التنفيذ الجبري بمختلف وسائل الإجبار التي تتوفر عليها الدولة، و إذا كان للقضاء السيادة في تنفيذ الأحكام القضائية فإن المحافظ العقاري باعتباره هو الجهة المكلفة بتنفيذ الأحكام على عكس ما هو معمول به في تنفيذ الأحكام الصادرة في القضايا العادية، حيث نص الفصل 429 من قانون المسطرة المدنية على أنه:”تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني بناء على طلب من المستفيد من الحكم أو من ينوب عنه.

يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم أو إذا اقتضى الحال وفقا لمقتضيات الفصل 439 من هذا القانون .

و مسألة تنفيذ الحكم من طرف المحافظ شهدت مستجدات من خلال الفصل 37من ظهير التحفيظ العقاري بعد تعديله و تتميمه بالقانون رقم14.07، حيث أنه في حالة الحكم بصحة التعرض يكتفي المحافظ بنشر خلاصة إصلاحية طبقا للفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري باسم المتعرض المحكوم له، و تنفيذ الحكم من طرف المحافظ يختلف بحسب ما إذا كان الحكم يقضي بصحة التعرض أو بعدم صحته كما يختلف بحسب نوع التعرض [58]، و هذا ما سيتم التطرق إليه في هذه الفقرة و ذلك من خلال تنفيذ الحكم الصادر بشأن التعرض الكلي و التعرض المتبادل (1) ثم تنفيذ الحكم بشأن التعرض على حقوق مفرزة و التعرض على واجبات مشاعة (2).

  1. خصوصية تنفيذ الحكم الصادر بشأن التعرض الكلي أو المتبادل:

سوف يتم التطرق إلى إجراءات تنفيذ الحكم الصادر بشأن التعرض الكلي والتعرض المتبادل وكذلك إثارة بعض الصعوبات التي قد تعترض هذا التنفيذ من طرف المحافظ العقاري.

    1. تنفيذ الحكم بشأن التعرض الكلي:

ويكون كذلك عندما يتعلق بالمطالبة بموضوع مطلب التحفيظ في هذه الحالة إما أن تقضي الأحكام بصحة التعرض أو عدم صحته.

في حالة الحكم بصحة التعرض الكلي يعمد المحافظ إلى:

إلغاء مطلب التحفيظ ووضع إشارة الإلغاء على الملف وجميع وثائقه ويصبح طلب التحفيظ كأن لم يكن.

إعلام مصلحة الهندسة بتحيين الوثائق الهندسية.

✓ إعلام طالب التحفيظ وكل متدخل في المسطرة ويطلب منهم تسلم الوثائق المودعة من طرفهم .

✓ استدعاء المتعرض المحكوم لصالحه لحثه على التقدم بطلب تحفيظ طبقا للمساطر الخاصة الواردة في الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري، إشهار واحد بالجريدة الرسمية لخلاصة المطلب مع إغلاق باب التعرضات بعد انصرام أجل 4 أشهر من النشر بالجريدة الرسمية وخلال هذه المدة يتعين برمجة وإجراء عملية التحقق للحدود وتأسيس تصميم له ثم تحفيظه في حالة عدم ظهور أي متعرض[59].

فصدور حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به لصالح المتعرض يقصي طالب التحفيظ ولا يؤهله بأن يتحول إلى متعرض وإلا أدى إلى الاستمرار في النزاع إلى ما لا نهاية [60].

ب – تنفيذ الحكم الصادر بشأن التعرض المتبادل:

الأمر لا يخلو من حالتين حالة التعرض المتبادل الكلي يسري عليه ما يسري على التعرض الكلي، ثم حالة التعرض المتبادل الجزئي ويقضي التشطيب على التعرض المتبادل من المطلبين وتحرير محضر تحديد بالمكتب لوصف الوضعية الجديدة للملكين بعد صدور الأحكام وإرسال نسخة منه إلى مصلحة الهندسة لتأسيس تصاميم عقارية جديدة ثم تحفيظ الملك لصالحه وتحفيظ الملك المحكوم ضده في حدود المساحة المتبقية.

وتجدر الإشارة في الختام إلى أن تطبيق الأحكام الصادرة في دعوى التعرض تعترضها في بعض الحالات صعوبات قانونية وعملية يمكن إجمال البعض منها في مايلي:

عدم إرفاق بعض الأحكام بشهادات عدم الطعن بالتعرض أو الاستئناف أو شهادة عدم الطعن وبعض الأحكام القضائية تقضي في بعض الحالات باستحقاق المتعرض حقوقا مشاعة دون تحديد مقدارها.

بطء في إجراءات التحفيظ وعدم سريان المسطرة القضائية للفصل في التعرض في آجال محددة وقصيرة حتى أن بعض الملفات لم ينتهي الفصل فيها منذ بداية الخمسينات، فالفصل في الإدعاء لا يكون في غالب الأحيان إلا بعد وفاة الأطراف في النزاع والشهود واندثار وسائل إثبات سبب الادعاء وموضوعه [61].

وقد يطرح إشكال أمام المحافظ بشأن تنفيذ أحكام متنازعة الاختصاص بين المحكمة الابتدائية والمحكمة الإدارية وذلك في حالة ما تم قبول تعرض خارج الآجال من قبل المحافظ وأحيل الملف على المحكمة الابتدائية وأصدرت حكم بصحة التعرض وفي نفس الوقت تقدم طالب التحفيظ بالطعن بالإلغاء في قرار المحافظ بقبول الطعن وتم الحكم بإلغاء قرار المحافظ فأي قرار حكم سيتم تنفيذه من طرف المحافظ العقاري ؟

2-تنفيذ الحكم الصادر بشأن تعرض على واجبات مشاعة أو التعرض على حقوق مفرزة:

سيتم التطرق إلى ما يتخذه المحافظ بشأن تنفيذ الأحكام الصادرة بشأن التعرض على واجبات مشاعة ثم تنفيذ الحكم بشأن التعرض على حقوق مفرزة:

  1. تنفيذ الحكم الصادر بشأن التعرض على واجبات مشاعة:

يكون عندما يطالب المتعرض بحقوق مشاعة في الملك موضوع مطلب التحفيظ ولا تخرج الأحكام صادرة في الموضوع عن إحدى الحالتين:

✓ الحالة الأولى والتي تقضي بصحة التعرض على واجبات مشاعة حيث يقوم المحافظ بما يلي: إصدار خلاصة إصلاحية بالجريدة الرسمية بإضافة إسم المحكوم له كأحد طالبي التحفيظ بالنسبة المحكوم بها مع الإشارة إلى أن الخلاصة الإصلاحية لا تتضمن إلا أسماء الأشخاص الذين كانوا أطرافا في الدعوى إلا أن هذه الخلاصة يجب أولا أن تتضمن أسماء الأشخاص الذين لم يكونوا أطرافا في الدعوى إلا إذا كانوا خلافا لطلاب التحفيظ أو المتعرضين المحكوم لفائدتهم وثانيا أن تكون الحقوق المشاعة للمتعرض محصورة في نطاق ما طالب به و في الحدود التي عينها [62].

الحالة الثانية والتي تقضي بعدم صحة التعرض على واجبات مشاعة حيث يقوم المحافظ بالتشطيب على التعرض وتحفيظ الملك في اسم طالب التحفيظ.

ب – تنفيذ الحكم الصادر بشأن التعرض على حقوق مفرزة:

لا يخرج الأمر هنا عن حالتين حيث يقوم المحافظ بالتنفيذ في الحالة الأولى التي تقضي بصحة التعرض على قطعة مفرزة فيقوم بالتشطيب على التعرض وتحفيظ الجزء الغير متعرض عليه في اسم طالب التحفيظ ثم استدعاء المتعرض المحكوم له لحثه على تقديم مطلب التحفيظ طبقا للفصل 37 من ظهير العقاري.

الحالة الثانية التي تقضي بعدم صحة التعرض على قطعة مفرزة حيث يقوم المحافظ بالتشطيب على التعرض وتحفيظ الملك في اسم طالب التحفيظ وإعلام مصلحة الهندسة من أجل تحيين الوثائق والتصميم.

خــاتمــة :

إن نظام التحفيظ العقاري المغربي يعتبر من أحدث أنظمة الإشهار العقاري وذلك بشهادة كثير من الفقهاء الدارسين لنظام التحفيظ العقاري بالمغرب، لما حققه من نتائج عملية بالغة الأهمية، ومن خلال المحطات التي توقفنا عليها أثناء دراسة موضوع خصوصية دعوى التعرض، يستشف أن هناك مجموعة من الإشكالات التي يتجلى من خلالها قصور المشرع وإغفاله في إيراد حلول ناجعة لها، على الرغم مما استجد من نقط إيجابية تهم موضوع التعرض.

وعليه فقد توصلنا إلى مجموعة من الاستنتاجات من أهمها:

حصر الجهات التي يقدم إليها التعرض في المحافظ على الأملاك العقارية والمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب لإجراء عملية التحديد، مما يجعل المتعرض عند تقديم تعرضه مطمئنا من حيث كونه قد قدم تعرضه أمام الجهة المختصة فيتم بذلك تجاوز الإشكالات التي كانت تطرح في ظل تعدد الجهات التي تقدم لها التعرضات قبل التعديل الذي جاء به القانون 14.07.

يحق للمتعرض أن يمارس تعرضه شخصيا أو بواسطة من ينوب عنه، و في حالة الإذن بإقامة التعرض بالنيابة عن الغير، فإن المحافظ و حده له الحق في التثبت من وجود هذا الإذن، و محكمة الموضوع لا صلاحية لها في ذلك على اعتبار أنها تبت فقط في وجود الحق المدعى به من طرف المتعرض و نوعه و محتواه.

حصر المشرع الجهة المختصة بتلقي التعرض الاستثنائي في المحافظ على الأملاك العقارية دون غيره من الجهات التي كان ظهير التحفيظ العقاري قبل تعديله يخول لها صلاحية قبول مثل هذه التعرضات، حيث لم يعد بإمكان النيابة العامة سواء وكلاء الملك أو الوكلاء العامون للملك إمكانية قبول التعرضات خارج الآجال، بل تم تضييق و حصر الجهة المخول لها ذلك في المحافظ على الأملاك العقارية دون غيره من الجهات، و صلاحية المحافظ على الأملاك العقارية في قبول التعرض خارج الآجال رهين بعدم إحالة الملف على كتابة ضبط المحكمة الابتدائية.

كما يمكن الإشارة إلى بعض الاقتراحات:

نص الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري على إمكانية التعرض على الحقوق المودعة طبقا لمقتضيات الفصل 84 منه متناسيا بذلك كون الحق المودع قد ينشأ بعد فوات الأجل أو في الفترة التي بحال فيها ملف مطلب التحفيظ على أنظار المحكمة، وقد ينشأ كذلك بعد صدور الأحكام وإرجاع الملف من المحكمة وتطبيقات من طرف المحافظ العقاري.

تعديل الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري، لكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض الاستثنائي من شأنه أن يفتح باب مسؤوليته والمطلوب هو تعزيز مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية، وكيف لهذا الفصل أن يناقض مبادئ الدستور الجديد والذي أقر بقبول جميع القرارات الإدارية للطعن وذلك ترسيخا لمبادئ دولة الحق والقانون ومبدأ المشروعية.

إذا كان المشرع يتوخى التسريع في الإجراءات من خلال المستجدات التشريعية، يتعين عليه العمل على تحديد المدة الزمنية التي تستوجب البت في التعرضات من طرف القضاء وذلك على غرار الفصلين 30 و32 من ظهير التحفيظ العقاري.

التنصيص على إجبارية مسطرة الصلح أمام المحافظ على الأملاك العقارية قبل إحالة ملف مطلب التحفيظ على أنظار المحكمة.

تعديل الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري بمنح القضاء صلاحية الفصل مابين المتعرضين لتفادي صدور أحكام متناقضة في مواجهة طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري كما يجد المحافظ على الأملاك العقارية صعوبة أمام تطبيقها.

لائحــــــة المراجــــــــع :

✓ الكتب العامـة

-أحمد اجعون، المنازعات العقارية بين المحاكم العادية و المحاكم الإدارية، منشورات دار الأمان الرباط، الطبعة الأولى 2015.

-إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07، منشورات مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، دار نشر المعرفة، الرباط، طبعة 2013.

-إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الثالثة، سنة 2018.

-المختار عطار، الوجيز في القانون العقاري المغربي و الموريتاني، الطبعة الأولى، سنة 1999.

-عبد العالي العبودي، نظام التحفيظ العقاري و إشهار الحقوق العينية بالمملكة المغربية، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، سنة 2003.

مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري و الحقوق العينية الأصلية و التبعية، طبعة 1978.

-محمد بونبات، نظام التحفيظ العقاري في المغرب – تونس و الجزائر، سلسلة آفاق القانون، عدد 18، سنة 2009.

-محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ في التشريع المغربي، المساطر الإدارية و القضائية للتحفي، الطبعة السادسة، دار نشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة، بالرباط ، سنة 2014.

 

محمد مهدي الجم، التحفيظ العقاري في المغرب، الطبعة الثانية، نشر و توزيع مكتبة الطالب، الرباط، سنة 1980.

 

✓ المــقالات

 

– أحمد أجعون، خصوصيات دعوى التعرض على مسطرة التحفيظ من خلال اجتهادات القضاء، مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية مطبعة المعارف الجديدة،الرباط، 2012.

فاطمة الحروف، دور المحافظ العقاري بشأن التعرضات على مطلب التحفيظ، مقال منشور بمجلة القانون و الاقتصاد، العدد 19، سنة 200.

✓ الأطروحات و الرسائل و البحوث

-أمال جداوي، المؤسسات المتدخلة في مسطرة التحفيظ العقاري، بحث في توزيع الاختصاص بين المحافظ و القضاء على ضوء القانون رقم 14.07، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 2012 /2013، وجدة.

-كنزة الريكوش، الإجراءات المسطرية لدعوى التعرض على مطلب التحفيظ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، سنة 2009 /2010.

-كنزة الغنام، مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري و المساطر الخاصة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، بمراكش، سنة 2016.

نجوى عز، التعرض ت في ظهير التحفيظ العقاري، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، سنة 2017.

الفـهـــــــــــرس:

 

المقـدمـة : 1

المبحث الأول: النطاق القانوني لدعوى التعرض 6

المطلب الأول: ماهية دعوى التعرض 6

الفقرة الأولى: مفهوم دعوى التعرض 6

الفقرة الثانية: مقومات دعوى التعرض 11

المطلب الثاني: أنواع التعرض و مستنداته 16

الفقرة الأولى: أنواع التعرض 16

الفقرة الثانية: مستندات التعرض 19

المبحث الثاني: مسار دعوى التعرض 21

المطلب الأول: تقديم دعوى التعرض أمام المحافظ 22

الفقرة الأولى : آجال تقديم دعوى التعرض 22

الفقرة الثانية: دور المحافظ في تسوية النزاع 28

المطلب الثاني: دور القضاء في دعوى التعرض 31

الفقرة الأولى: النظر في دعوى التعرض 31

الفقرة الثانية: تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن دعوى التعرض 36

خــاتمــة : 41

لائحــــــة المراجــــــــع : 43

الفـهـــــــــــرس: 46

  1. كنزة الريكوش، الإجراءات المسطرية لدعوى التعرض على مطلب التحفيظ ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، سنة 2009 /2010، ص 8 .
  2. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ في التشريع المغربي، المساطر الإدارية و القضائية للتحفيظ، الطبعة السادسة، دار نشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة ، بالرباط، سنة 2014 ، ص 212.
  3. المختار عطار، الوجيز في القانون العقاري المغربي و الموريتاني ، الطبعة الأولى، سنة 1999، ص 283.
  4. محمد بونبات، نظام التحفيظ العقاري في المغرب – تونس و الجزائر، سلسلة آفاق القانون، عدد 18، سنة 2009 ص 34.
  5. عبد العالي العبودي، نظام التحفيظ العقاري و إشهار الحقوق العينية بالمملكة المغربية، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، سنة 2003، ص 39.
  6. كنزة الغنام، مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري و المساطر الخاصة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، بمراكش، سنة 2016، ص 19.
  7. قرار، أورده محمد الكشبور في مؤلفه، التطهير الناتج عن تحفيظ العقارات – تطور القضاء المغربي – قراءة في قرارات المجلس الأعلى بتاريخ 29دجنبر 1999، سلسلة الدراسات القانونية، طبعة 2005، ص من 79 إلى 83 .
  8. نجوى عز، التعرضات في ظهير التحفيظ العقاري، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، سنة 2017، ص 10.
  9. ما قيل عن الأملاك العامة يقال على الأملاك المحبسة أو الموقوفة، فهذا النوع من العقارات لا يمكن أن يتأثر بتأسيس الرسم العقاري و بقاعدة التطهير.
  10. نجوى عز، التعرضات في ظهير التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص 8.
  11. نجوى عز، التعرضات في ظهير التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص 10.
  12. قرار عدد 2639، منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 43 ص 73 و ما يليها، أشار إليه أحمد أجعون، خصوصيات دعوى التعرض على مسطرة التحفيظ من خلال اجتهادات القضاء، مقال منشور بمجلة الحقوق المغربية مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2012، ص 73 .
  13. إن الإيداع طبقا لمقتضيات الفصل 84 لا يقتضي النشر بالجريدة الرسمية و إنما يكفي إيداع الوثائق المثبتة للحق بقصد إيداعها بسجل التعرضات، و إن التعرض على الإيداع يعتبر مستجدا أتى به المشرع بمقتضى القانون 14.07 و ذلك من خلال الفصل 24 منه .
  14. مأمون الكزبري ، التحفيظ العقاري و الحقوق العينية الأصلية و التبعية، طبعة 1978، ص 51.
  15. القرار عدد 4 الصادر بتاريخ 8 يناير 2013، الملف المدني عدد 1128- 1-1/2012 منشور بمجلة ملفات عقارية العدد 3 سنة 2013، مطبعة الأمنية، بالرباط ، ص 75 و ما بعدها .
  16. قرار العدد 1129 الصادر بتاريخ 13/03/2011، ملف مدني، عدد 4590/01/01/2009، مجلة ملفات عقارية، العدد 1/2012، ص 45.
  17. قرار عدد 114 الصادر بتاريخ 26/02/2013، ملف مدني، عدد 1064 / 01/01 /2009، مجلة ملفات عقارية العدد 3/13، ص 94 و ما بعدها.
  18. قرار عدد 3177، الصادر بتاريخ 2 غشت 2011، ملف مدني، عدد 593 -1-1/ 2009، مجلة ملفات عقارية، عدد 1/2012، ص، 74 و ما بعدها.
  19. كنزة الغنام، مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري و المساطر الخاصة، مرجع سابق، ص 23.
  20. ينص الفصل 34 ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي: ” يعين رئيس المحكمة الابتدائية فور توصله بمطلب التحفيظ قاضيا مقررا يكلف بتحضير القضية للحكم و اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لهذه الغاية، و يمكن للقاضي المقرر على الخصوص إما تلقائيا و إما بطلب من أحد الأطراف أن ينتقل إلى عين العقار موضوع النزاع ليجري بشأنه بحثا أو يطبق عليه الرسم .كما يمكنه بعد موافقة رئيس المحكمة أن ينتدب لهذه العمليات قاضيا آخر.

    و يراعي حينئذ القاضي المقرر أو القاضي المنتدب من طرفه القواعد المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.

    و يمكنه إن اقتضى الحال طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري، مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، بعد الاتفاق مع المحافظ على الأملاك العقارية على تعيينه و على تاريخ انتقاله إلى عين المكان.

    و يحدد ، من جهة أخرى، المبلغ الذي يجب أن يودعه المعني بالأمر حسب الأشغال التي ستنجز و التعويضات التي تقتضيها.

    و يمكنه كذلك أن يتلقى جميع التصريحات أو الشهادات، و يتخذ جميع الإجراءات التي يراها مفيدة لتحضير القضية، و يستمع بالخصوص إلى الشهود الذين يرغب الأطراف في الاستماع إليهم “.

  21. تنص الفقرة السادسة و السابعة من الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي :” إذا كان التعرض لا يتعلق إلا بجزء من العقار لم يتيسر تحديده بكيفية صحيحة أثناء إجراء عملية التحديد حسبما هو منصوص عليه في الفصل 20 تباشر هذه العملية على نفقة المتعرض.

    إذا تعذر تحديد الجزء محل النزاع، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يحيل المطلب على المحكمة الابتدائية، و يمكن للقاضي المقرر الذي أحيل عليه الملف أن ينجز هذا التحديد طبقا لمقتضيات الفصل 34 من هذا القانون “.

  22. ينص الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل و المتمم بالقانون 14.07 في فقرته الثالثة:” فإن التعرضات المتبادلة بين مطلبين للتحفيظ الناتجة عن تداخل بينهما، لا تؤدى عنها الرسوم القضائية و لا حقوق المرافعة “.
  23. تنص الفقرة الثالثة من الفصل 16 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي:” و يرفع المحافظ على الأملاك العقارية في آن واحد عند اقتضاء إلى المحكمة الابتدائية و على الشكل المحدد في الفصل 32 من هذا القانون ملفات مطالب التحفيظ المثقلة بالتعرضات المجتمعة و يؤسس رسما عقاريا لمطالب التحفيظ الخالية من التعرض مجتمعة كذلك .

    و تجري عمليات التحقيق و البحث و التنقل في شأنها بصفة مجتمعة كذلك” .

  24. ينص الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه:” يعتبر التعرض لاغيا وكأن لم يكن، إذا لم يقدم المتعرض خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 من هذا القانون، الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية “.
  25. كنزة الغنام، مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري و المساطر الخاصة، مرجع سابق، ص 49.
  26. عبد العالي العبودي، نظام التحفيظ العقاري و إشهار الحقوق العينية بالمملكة المغربية، مرجع سابق، ص 29.
  27. مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية و التبعية، مرجع سابق، ص 54.
  28. نجوى عز، التعرضات في ظهير التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص 18.
  29. تنص الفقرة الأولى من الفصل 25 على ما يلي: ” تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ و إما للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد …. ”
  30. ينص الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: ” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ تعرض سابق، شريطة أن يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.

    يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبينة لأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل لأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرض. كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.

    يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي”.

  31. ينص الفصل 27 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي: ” لا يقبل أي تعرض باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29 بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان المذكور في الفصل 23 من هذا القانون بالجريدة الرسمية “.
  32. البكاي المعزوز و عبد العالي دقوقي، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، دراسة في القانون رقم 14.07 المغير و المتمم لظهير التحفيظ العقاري، سنة 2014/2015، ص 25.
  33. كنزة الغنام، مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري و المساطر الخاصة، مرجع سابق، ص 57.
  34. البكاي المعزوز و عبد العالي دقوقي، محاضرات في نظام التحفيظ العقاري، دراسة في القانون رقم 14.07 المغير و المتمم لظهير التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص58.
  35. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 230.
  36. أحمد أجعون، المقتضيات الجديدة المتعلقة بالتعرض على مسطرة التحفيظ، سلسلة الأنظمة و المنازعات العقارية، دار الآفاق المغربية للنشر، مجلة الحقوق، الدار البيضاء، العدد 5 ،2012، ص 53.
  37. فاطمة الحروف، دور المحافظ العقاري بشأن التعرضات على مطلب التحفيظ، مقال منشور بمجلة القانون و الاقتصاد، العدد 19، سنة 2002، ص 49.
  38. محمد مهدي الجم، التحفيظ العقاري في المغرب، الطبعة الثانية، نشر و توزيع مكتبة الطالب، الرباط، سنة 1980، ص 54.
  39. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 251.
  40. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 251.
  41. أمال جداوي، المؤسسات المتدخلة في مسطرة التحفيظ العقاري، بحث في توزيع الاختصاص بين المحافظ و القضاء على ضوء القانون رقم 14.07، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، السنة الجامعية 2012 /2013، وجدة، ص 58.
  42. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص252.
  43. نجوى عز، التعرضات في ظهير التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص 89.
  44. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص254.
  45. تنص الفقرة الأخيرة من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري على ما يلي: ” خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام الأجل المنصوص عليه في الفصل 23 يوجه المحافظ على الأملاك العقارية مطلب التحفيظ و الوثائق المتعلقة به إلى المحكمة الابتدائية التي يقع العقار بدائرتها “.
  46. ينص الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية على أنه: ” يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف و لا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات و يبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة و لو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة “.
  47. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 258 .
  48. و يمكن تشبيه شهادة التعرض التي يرفقها المحافظ على الأملاك العقارية بملف مطلب التحفيظ أثناء إحالة ملف المطلب على أنظار المحكمة للبت في النزاع القائم بشأن التعرض بمثابة المقال الافتتاحي في الدعاوى العادية فهي تعتبر ملخصا لعدة بيانات، فيما هو متعلق بطالب التحفيظ و فيما هو متعلق بالعقار ( مساحته ،موقعه ، مكوناته ، …. ) و فيما هو متعلق بالإيداعات التي ضمنت بمطلب التحفيظ الفصل 84 بما فيها التعرض .
  49. نجوى عز، التعرضات في ظهير التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص 112.
  50. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 208
  51. قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 29/04/1959 تحت عدد 181 منشور لدى عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ خلال أربعين سنة، ص 24 وما بعدها.
  52. قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 6/2/2008 تحت عدد 489 في الملف عدد 3334/05، منشور بمجلة القضاء المدني عدد 7 ، شتاء / ربيع 2013، ص. 168 وما بعدها.
  53. قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 23 ماي 1923، وقرار نفس المحكمة بتاريخ 15/11/1924، أشار إليهما محمد ناجي شعيب، سلطات واختصاصات فاضي التحفيظ العقاري، بحث نهاية تمرين المعهد الوطني للدراسات القضائية سنة 1993، ص 21-22.
  54. قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 13/2/1985 تحت عدد 364 في الملف المدني عدد 83291، منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 137، مارس 1987، ص 124 وما بعدها.
  55. محمد خيري، العقار و قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 307 وما بعدها.
  56. إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07، منشورات مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائي، دار نشر المعرفة، الرباط، طبعة 2013، ص 88.
  57. إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الثالثة، سنة 2018، ص 159.
  58. أحمد اجعون، المنازعات العقارية بين المحاكم العادية و المحاكم الإدارية، منشورات دار الأمان الرباط، الطبعة الأولى 2015، ص 72.
  59. محمد خيري، العقار وقضايا العقاري في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 266 .
  60. أحمد اجعون، المنازعات العقارية بين المحاكم العادية و المحاكم الإدارية، مرجع سابق، ص75 .
  61. أحمد اجعون، المنازعات العقارية بين المحاكم العادية و المحاكم الإدارية، مرجع سابق، ص 72.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى