دور القاضي في حماية الحق في التأمين على المرض دراسة تحليلية على ضوء الإجتهادات القضائية في تونس الدكتور حسان غضباني
دور القاضي في حماية الحق في التأمين على المرض
دراسة تحليلية على ضوء الإجتهادات القضائية في تونس
الدكتور حسان غضباني
أستاذ القانون الخاص المساعد كلية الحقوق، جامعة الملك فيصل المملكة العربية السعودية
هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI
https://doi.org/10.63585/EJTM3163
للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

دور القاضي في حماية الحق في التأمين على المرض
دراسة تحليلية على ضوء الإجتهادات القضائية في تونس
الدكتور حسان غضباني
أستاذ القانون الخاص المساعد كلية الحقوق، جامعة الملك فيصل المملكة العربية السعودية
الملخص:
وضع المشرع التونسي نظاما للتأمين على المرض صلب منظومة الضمان الاجتماعي، على غرار جلّ القوانين المقارنة، قوامه حماية العامل المريض من الخسائر الاقتصادية الناتجة عن انقطاع دخله بتوفير دخل تعويضي على شكل مِنَحٍ نقدية من جهة، وحمايته من الانعكاسات الصحية من خلال التكفل بمصاريف العلاج اللازم له ولأفراد أسرته من جهة أخرى. ونشأت عن تطبيق أحكام هذا النظام نزاعات بين المضمونين الاجتماعيين والصندوق الوطني للتأمين على المرض استوجبت تدخّل قاضي الضمان الاجتماعي وهو الأمر الذي أدي إلى ظهور فقه قضاء هامّ وثري يكشف اضطلاع القاضي بدور اجتهادي خلاق في مواءمة مقتضيات الاحكام القانونية مع حاجات المضمونين الاجتماعيين للحماية الصحية الناجعة. فعلى صعيد المِنح النقدية اضطلع القاضي بدور فعّال في الحدّ من تعسف مؤسسات الضمان الاجتماعي في تقدير شروط الانتفاع بمِنَحِ المرض من خلال التوسّع في قبول التبرير الطبي لعطلة المرض والشروط المهنية التي يقتضيها القانون. وأما على صعيد التكفّل بالعلاج فكان دوره خلاّقا بكل معنى الكلمة. إذ تولّى تطويع اجراءات التقاضي وتأويل القواعد الموضوعية لضمان حماية فعليّة لحقّ الولوج إلى العلاج.
الكلمات المفتاحية: الحق في التأمين على المرض- الحق في المِنَح النقدية للمرض – حق التكفّل بالعلاج- -الولوج إلى العلاج – المراقبة الطبية – نزاعات التأمين على المرض – إجتهادات قضائية –
The role of the judge in protecting the right to health insurance
An analytical study in light of Tunisia’s jurisprudence
HASSEN GHODBANI,
Ph D Assistant Professor King Faical University College of Law, KSA.
Abstract:
The Tunisian legislator, similar to most comparative legal systems, has established a health insurance scheme within the framework of the social security system. Its core objective is to protect the sick worker from the economic losses resulting from income interruption by providing compensatory income in the form of cash benefits, on the one hand, and to shield him from health-related consequences by covering the cost of necessary medical treatment to regain his health, on the other hand.
The implementation of this system’s provisions has led to disputes between insured individuals and the National Health Insurance Fund, necessitating the intervention of the social security judge. This, in turn, has given rise to a substantial and rich body of case law, revealing the judge’s creative interpretative role in harmonizing legal requirements with the insured individuals’ need for effective health protection.
With regard to cash benefits, the judge has played an active role in limiting the discretionary power of social security institutions in assessing eligibility conditions for sickness benefits, notably by adopting a broader acceptance of medical justification for sick leave and of the professional criteria required by law. As for medical treatment coverage, the judge’s role has been genuinely innovative, adapting litigation procedures and interpreting substantive rules to ensure effective protection of the right to access healthcare.
Keywords: Right to health insurance – Right to sickness cash benefits – Right to medical treatment coverage – Access to healthcare – Medical oversight – Health insurance disputes – Judicial precedents / Case law
مقدمــة:
يقول الفقيه الألماني إيهرينج : ” وجد القانون ليطبّق، والتطبيق هو حياة القانون وحقيقته. بل إنه هو القانون ذاته.”[1] وذلك تأكيدا من رائد المدرسة الوضعية على أهمية دراسة دور القاضي في تطبيق القانون وتأويله. فالنصوص القانونية تبقى مجرد تصوّرات محضة مضمّنة في خطاب جامد إلى أن يجعلها التطبيق القضائي حقيقة ملموسة وجسما حيّا .[2]
استنادا لهذا الدور اعتبر الفقه أن وظيفة القاضي تتمثل في ضمان فاعلية القانون من خلال تنزيل حكمه على الوقائع وفصل النزاعات فيها بما يحمي الحقوق ويحقق الاستقرار في المجتمع[3]. ولممارسة هذه الوظيفة يتمتع القاضي بسلطة تقدير الوقائع وتكييفها، وسلطة تحديد القاعدة القانونية المناسبة لفض النزاع سواء باللجوء إلى النص الصريح أو تأويل النص الغامض أو استنباط القاعدة إذا كان النص غائبا.
من هذا المنظور، ترمي دراسة دور القاضي في ضمان الحق في التأمين على المرض إلى فهم كيفية تفاعل القضاء مع الصعوبات الناشئة عن تصادم الواقع مع النصوص القانونية في مجال التغطية الصحية الاجبارية في إطار قانون التأمين على المرض واستبيان أهمية الحلول التي توصّل إليها بمناسبة تصديه لفضّ النزاعات المعروضة عليه في حماية الحق في العلاج والراحة المرضية.
من الجدير بالإشارة في المقام الأول أن التأمين على المرض المستلهم من تسمية المشرع الفرنسي[4] أو التأمين الصحي حسب الترجمة من التسمية الانجليزية[5] هو نظام للحماية الاجتماعية يوفر للمضمونين الاجتماعيين التكفل بالعلاج الصحي في حالة المرض، من جهة ، والتعويض النقدي عن توقف الأجر مدة المرض، من جهة أخرى.[6]
بهذا المعنى عرفت منظمة العمل الدولية التأمين الصحي الاجتماعي باعتباره ” مجموعة التدابير العمومية أو التدابير التي تنظمها سلطات عمومية أو التدابير الخاصة ذات الطابع الإلزامي الهادفة للحماية من الحرمان الاجتماعي والخسائر الاقتصادية الناتجة عن انخفاض الإنتاجية وانقطاع المداخيل أو انخفاضه أو الناتجة عن دفع تكاليف علاجات ضرورية لاسترجاع عافية الحالة الصحية المتضرّرة”.[7] وأفردت له معايير خاصة الاتفاقية الدولية عدد 102 المتعلقة بالمعايير الدنيا للضمان الاجتماعي والاتفاقية الدولية عدد 130 المتعلقة بالرعاية الطبية وإعانات المرض[8].
من خلال هذه المعايير يتضح أن للتأمين على المرض وظيفتين: أولاهما تعويض الدخل المفقود بفعل توقّف الأجير عن العمل من خلال إسناد منح نقدية، والوظيفة الثانية هي ضمان النفاذ إلى العلاج من خلال التكفّل بالمصاريف الصحيّة اللازمة لتعافي صحة الأجير.
أقر القانون التونسي للضمان الاجتماعي هذا المفهوم للحق في التأمين على المرض من خلال إقرار المنح النقدية لفائدة الأجراء في القطاع الخاص بموجب القانون عدد 30 لسنة 1960[9] بينما تكفّل قانون الوظيفة العمومية بضمان تواصل رواتب الموظفين العموميين في حالة المرض وهو ما يخرجهم من الحاجة إلى قانون الضمان الاجتماعي[10]، كما اعترف المشرع لجميع المضمونين الاجتماعيين وأفراد عائلاتهم بحق النفاذ إلى العلاج عن طريق التكفّل بالمصاريف الصحية وفقا لأحكام القانون عدد 71 لسنة 2004 الذي ألغى ما قبله من الأنظمة وأرسى نظاما موحدا للنفاذ إلى العلاج في إطار الضمان الاجتماعي تحت نظام التأمين على المرض[11].
ورغم أن المريض يخوض بمناسبة المرض نزاعا فيزيولوجيا ضد الأمراض ومسبباتها، فإنه قد يجد نفسه في بعض الأحيان ملزما بخوض نزاع قانوني ضدّ مؤسّسات الضّمان الاجتماعي أمام القضاء حتّى يتمكّن من الحصول على حقّه في المنح النقديّة خلال عطلة المرض أو حقّه في التكفّل بالمصاريف الصحيّة المرتبطة بتلقي العلاج له ولأفراد عائلته. وتمثّل النزاعات المتعلقّة بحقوق المضمونين الاجتماعيّين الجزء الأكبر من نزاعات التأمين الّتي تتعدد أصنافها حسب الأطراف والمواضيع. فنميّز وفق معيار الطبيعة القانونية بين النزاعات المتعلقة بالأنظمة القانونية للتأمين على المرض المحدثة بنصوص قانونية والتي ترجع لاختصاص قاضي الضمان الاجتماعي، والنزاعات المتعلقة بالأنظمة الاتفاقية الاختيارية القائمة على عقود التأمين الجماعي أو التأمين التعاوني والتي هي من أنظار محاكم الحق العام وتخرج عن نطاق هذا البحث[12].
ثم إنه في إطار الأنظمة القانونية يجب التمييز بين النزاعات القائمة بين المنتفعين بالتأمين على المرض وصناديق الضمان الاجتماعي والتي تمثل موضوع هذه الدراسة والنزاعات القائمة بين هذه المؤسسات ومهنيّ الصحة المتعاقدين معها والتي تخرج عن نطاقها[13].
رغم إرساء أنظمة التأمين على المرض غداة الاستقلال[14]، فإن اجراءات النزاعات المتعلقة بها لم تتبلور بصفة واضحة إلا بعد سنة 2003[15] مع إحداث مؤسسة قاضي الضمان الاجتماعي بمقتضى القانون عدد 15 لسنة 2003 المؤرخ في 15 فيفري 2003 بوصفه محكمة مدنية مختصة صلب التنظيم القضائي العدلي[16]، وأسند له اختصاصا شاملا في نزاعات الضمان الاجتماعي يجعل منه محكمة الحق العام في مادة الضمان الاجتماعي[17]، مع اعتماد اجراءات مبسطة وسريعة ومجانية تضمن نجاعة النفاذ إلى التقاضي أمامه[18].
ساهم هذا الاصلاح في تقريب مرفق القضاء من المضمونين الاجتماعيين وفي ظهور فقه قضاء هام وثري في مجال التأمين على المرض سواء على مستوى المنح النقدية أو التكفل بالعلاج.
في هذا الإطار طرح التساؤل حول: دور الاجتهاد القضائي في ملائمة مقتضيات الأحكام القانونية مع حاجة المضمونين الاجتماعيين للحماية الصحية الناجعة من خلال الحلول التي توصل إليها لضمان حقوق المنتفعين بالتأمين على المرض ؟
رغم قلّة الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم في مادة التأمين على مرض مقارنة بغيرها من المجالات القانونية، والتي قد تكون راجعة إلى عزوف المرضى عن الدخول في خصومات قضائية مع الهيكل المسدي، فإنه يمكن القول من خلال الاطلاع على مضمون الاجتهادات التي توصلت إليها المحاكم[19] أن القضاء يلعب دورا متميزا في ضمان التطبيق السليم لنصوص القانون والتصدي لخرقها من قبل صناديق الضمان الاجتماعي والمبادرة إلى تأويل غموض الأحكام القانونية وسد ثغراتها عن طريق حلول تعكس توجها لا يخفى في التخفيف من شروط النفاذ إلى حقوق التأمين على المرض والحد من تشدد النصوص المنظمة لها سعيا إلى ملاءمتها مع الطبيعة الاجتماعية للحق في التغطية الصحية سواء على مستوى المِنَح النقدية (المبحث الأول) أو على مستوى التكفل بالعلاج (المبحث الثاني).
المبحث الأول: الدور الفعّال للقاضي في حماية الحق في مِنَح المرض النقديّة :
قد يستوجب المرض ركون الأجير الى الراحة اللازمة لتعافيه. خلال هذه المدة، التي تسمى عطلة مرض، يعتبر عقد الشغل معلقا وينقطع بفعل ذلك صرف الأجر استنادا لانقطاعه عن آداء عمله[20]. في هذا الإطار يتدخل الضمان الاجتماعي لإسناد منح نقدية تمثل دخلا تعويضيا عن الأجر المفقود بفعل المرض.
ويقتصر الانتفاع بالمنح النقدية على المضمونين الاجتماعيين في القطاع الخاص باعتبار أنه في القطاع العمومي يواصل الموظف العمومي الانتفاع بمرتبه خلال عطلة المرض بموجب أحكام قانون الوظيفة العمومية بما يغنيه عن المنح النقدية[21].
نظمت المنح النقدية بالنسبة للأجراء في القطاع الخاص بالفصول من 68 إلى 90 من القانون عدد 30 لسنة 1960 والتي حددت شروط الانتفاع بها وكيفية احتسابها بصفة دقيقة.
في هذا الإطار وضع الفصل 71 من القانون عدد 30 لسنة 1960 أربعة شروط للانتفاع بمنحة المرض، وهي التوقف عن العمل بسبب المرض، والتبرير الطبي للعجز عن العمل، وعدم تسبب العامل العمدي في حصول المرض أو الجرح والحادث، وأخيرا استيفاء شرط الأقدمية في الانخراط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهي الأقدمية المحددة بـ50 يوم عمل على الأقل خلال الثلاثيتين المدنيتين السابقتين للثلاثية التي تم فيها التوقف عن العمل، أو بـ80 يوم عمل على الأقل خلال الثلاثيات الأربع السابقة للثلاثية التي تم فيها التوقف عن العمل. هذا ويسقط شرط الأقدمية إذا كان المرض ناتجا عن حادث أو جرح.
ويفتتح المضمون الاجتماعي ،باستيفاء هذه الشروط، الحق في منح المرض بداية من اليوم السادس للتوقف عن العمل إلى حدود مائة وثمانين يوما. غير أن التكفل يسري من أوّل يوم لعطلة المرض إذا كان العجز ناتجا عن حادث أو بسبب الأمراض طويلة الأمد[22]. ولا بدّ من الإشارة في هذا المقام إلى أن مدة الإعفاء المقدرة بخمسة أيام كاملة يكون فيها الأجير المريض محروما من الدخل تعتبر طويلة نسبيا مقارنة بالقانون الفرنسي الذي يعتمد مدة إعفاء بثلاثة أيام فقط[23].
ويساوي مبلغ منحة المرض ثلثي الاجر اليومي الأعلى المحتسب على ضوء الأجور الأرفع المصرّح بها خلال الثلاثيّات الاربع السابقة للثلاثية التي تم فيها التوقف عن العمل على ألا يتجاوز سقف الأجور ثلثي الاجر الأدنى المضمون لنظام 48 ساعة عمل[24]. ونلاحظ أن سقف ثلثي الأجر الأدني يعتبر مجحفا في حق إطارات المؤسسات ذوي الأجور المرتفعة. حيث يكون الفارق بين اجورهم اليومية ومنح المرض كبيرا جدا، لهذا يمثل اللجوء إلى التأمين التكميلي بموجب عقود التأمين الجماعي حلا لتغطية فترة الإعفاء وسقف احتساب المنحة.
على أهميتها لم تثر الأحكام المتعلقة باحتساب مبلغ المنح نزاعات تذكر، على خلاف شروط الانتفاع التي مثلت موضوعا للنزاعات أمام المحاكم ومجالا خصبا لاجتهاداتها، والمتمثلة في شرط التبرير الطبّي للتوقّف عن العمل وشرط الأقدمية في التصريح لدى الصندوق. الملاحظ في فقه القضاء والذي يتكون في مجمله من اجتهادات محاكم الأصل أنه يتبنى توجها واضحا نحو التوسيع في شروط الانتفاع من خلال التوسع في تقدير توافرها وتكييف عناصرها سواء الطبية منها (الفقرة الأولى) أو المهنية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التوسع في قبول التبرير الطبي لعطلة المرض :
اقتضى القانون، للانتفاع بالمنح النقدية للمرض، ضرورة التبرير الطبي للتوقف عن العمل. وبيّن الفصل 74 من القانون عدد 30 لسنة 1960 كيفيّة إثبات هذا الشرط لما نصّ على ضرورة تقديم شهادة طبّية محرّرة من قبل الطبيب المباشر تتضمّن بيان نوع المرض ومدة الراحة المستوجبة وتكون في ظرف سريّ، ثم يجب أن تعرض هذه الشهادة على الطبيب المراقب التابع للصندوق الوطني للتأمين على المرض لمراقبتها والمصادقة على قبولها أو رفضها.
وقد مثّل شرط خضوع الشهادة الطبية المسلمة من الطبيب المباشر لرقابة الطبيب المراقب التابع لصندوق التأمين على المرض الموضوع الأكثر إثارة للنزاعات أمام المحاكم ،نظرا لكون موافقة الطبيب المراقب على مضمون الشهادة الطبية لازمة للتمتع بمنحة المرض، واستنادا لهذه السلطة يترتب عن عدم مصادقته رفض مطلب المنحة من قبل الصندوق.
تصدت المحاكم لسلطة المراقبة الطبية في الموافقة على عطلة المرض الموجبة للمنح النقدية وبسطت عليها رقابتها القضائية. فاستقر فقه القضاء في هذا الإطار على أن المحكمة غير ملزمة برأي الطبيب المراقب، واعتبر أن سلطتها تشمل كامل عناصر النزاع بما في ذلك رأي الطبيب المراقب[25] الذي يبقى خاضعا للرقابة القضائية.
ويمثل هذا الموقف امتدادا لما استقر عليه فقه القضاء من مبدأ خضوع آراء اللجان الطبية في مادة الضمان الاجتماعي للرقابة القضائية، سواء كان ذلك بالنسبة لرأي اللجنة الطبية لتقدير العجز في مادة فواجع الشغل[26]، أو رأي اللجنة الطبية المختصة في مادة جراية العجز[27]، أو رأي الرقابة الطبية في خصوص مطالب التكفل بمصاريف العلاج[28].
واستند هذا الموقف إلى عدة حجج: أولها حجة منطقية تعتمد على أن النصوص القانونية لم تحصّن أعمال الأطباء المراقبين التابعية للصندوق من الطعن أمام القضاء وهو ما يجعلها قابلة للمنازعة القضائية عملا بالقاعدة الكلية القائلة بأن الأصل في الأشياء الإباحة والمنع هو الاستثناء[29]. أما الحجة الثانية ذات الصبغة الاجرائية فتقوم على أنّ قرار المراقبة الطبية يعتبر أحد العناصر الواقعية للنزاع ومن حق محكمة الموضوع أن تبسط عليها رقابتها. وتتمثل الحجة الثالثة في أن الصبغة الفنية لقرارات الأطباء المراقبين لا تمنع المحكمة من تسليط رقابتها عليها وذلك بالاستعانة بأهل الخبرة في المجال الطبي.
يهدف لجوء محاكم الأصل إلى أهل الخبرة في المجال الطبي لحسم الخلاف العلمي بين الطبيب المباشر للمريض الذي يصف له راحة طبية والطبيب المراقب التابع للصندوق الذي يرفضها[30]، وذلك بإعادة فحص المريض لتبيّن مدى استحقاقه للراحة الطبية.
وأكدت بعض محاكم الأصل على إعادة فحص الوضعية الطبية للمريض حتى وان كان قرار الصندوق الخصيم مستندا إلى رأي طبيب خارجي منتدب من قبله لمراقبة الشهادات الطبية في بعض الاختصاصات التي لا يوجد فيها أطباء مراقبون كما هو الحال في طب الأعصاب والأمراض النفسية[31].
إزاء استقرار الموقف حول مبدأ الرقابة على أعمال الأطباء المراقبين وسلطة المحكمة في اللجوء إلى الاختبار الطبي لحالة المريض ثار الخلاف بين المحاكم حول كيفية إجراء الاختبار، وطرح التساؤل حول عدد الأطباء الذين يجب تسميتهم لإجراء الاختبار. هل ينبغي تعيين ثلاثة حكماء عملا بأحكام الفصل 102 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية القاضي بوجوب تعيين ثلاث خبراء إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العمومية طرفا في القضية ؟ أم أنه يمكن اللجوء إلى حكيم واحد لإجراء الاختبار الطبي؟
تذهب بعض محاكم الأصل إلى تعيين ثلاثة خبراء بصفه آلية ودون التوقف على طلب أطراف النزاع في تطبيق حرفي لأحكام الفصل 102 من مجلة المرافعات[32] باعتبار وأن الصندوق الوطني للتأمين على المرض هو مؤسسة عمومية.
في المقابل يذهب اتجاه ثان من محاكم الأصل إلى الاكتفاء بتسمية خبير واحد[33] استنادا إلى أن تسمية خبير مفرد يمثل الأصل في الإجراءات وأنه لا شيء يمنع الصندوق إن أراد من طلب تسمية ثلاثة خبراء استنادا لأحكام الفصل 102 آنف الذكر.
ويبدو هذا الموقف راحجا بالنظر إلى أن سكوت الصندوق المدعى عليه عن طلب تسمية مجمع خبراء يعتبر قبولا منه وموافقة على تسمية خبير واحد عملا بأحكام نفس الفصل 102 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية والتي أجازت اتفاق الدولة أو الهيئة العمومية على الاتفاق على اللجوء لخبير واحد. كما أنه يبدو أكثر تلاؤما مع خصوصية المراقبة الطبية في مادة المنح النقدية للمرض التي تجري بواسطة طبيب مراقب واحد وليس بواسطة لجنة طبية كما هو الشأن في مادة جرايات العجز أو فواجع الشغل[34] وهو ما يبرر مراجعتها من قبل خبير واحد. هذا إضافة أن التوجّه يبدو أكثر تلاؤما مع الصبغة الاجتماعيّة لأحكام منح المرض وما تتطلّبه من ضرورة الإسراع في الإجراءات إضافة إلى الرغبة في عدم إثقال كاهل المضمون الاجتماعي المريض بدفع تكاليف أجور ثلاثة الخبراء بصفة آلية.
إضافة إلى ما سبق تشترط المحاكم في تقرير الاختبار الطبي أن يكون دقيقا ومبنيا على معطيات واقعيه وفنية سليمة ومعلّلا تعليلا ضافيا حتى تعتمده المحكمة في نقض آراء المراقبة الطبية التابعة للصندوق والتي يعاب عليها غالبا عدم تعليل آرائها[35] .
يجب على المضمون الاجتماعي، للتمتع بمنح المرض، أن يثبت إلى الجانب التبرير الطبي للعجز توفر جملة من الشروط المتعلقة بوضعيته المهنية.
الفقرة الثانية: التوسع في تقدير الشروط المهنية:
ينبغي على المعني بالأمر، للتمتع بالمنح النقدية، أن يستوفي حدّا أدنى من مدة التصريح بالأجور لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[36] وهو ما يترجم في التطبيق من خلال تقديم وثيقة كشف في التصريح بالأجور تثبت توفر الشرط المذكور. إضافة إلى ذلك ينبغي على الأجير المريض تقديم مطلب في عطلة مرض مؤشّر عليه من قبل مؤجّره[37].
تتضمن هذه الأحكام شرطين صريحين يتعلّق أوّلهما بتوفر الحد الأدنى من أقدمية التصريح بالأجور ، ويتعلّق الثاني بضرورة توقف الأجير عن العمل بفعل المرض.
غير أن التأمل في هذه الشروط يبرز وجود شرط أولي ضمني يتمثل في وجوب قيام العلاقة الشغلية بين الأجير ومؤجّره إلى تاريخ حصول المرض ،وهو ما يضفي علي الأجير صفة المضمون الاجتماعي الذي له الحق في التمتع بالمنح النقدية للمرض.
أثار تطبيق هذه الشروط خلافات بين الصندوق المسدي للمنح والمضمونين الاجتماعيين تدخلت المحاكم لفصلها وبيان عناصر تقدير توافرها من عدمه وتكييف الوقائع المتصلة بها وفق القانون.
بالنسبة لشرط تواصل العلاقة الشغلية إلى تاريخ التوقف عن العمل بسبب المرض فإنه يعتبر بديهيا، لأن صفة الأجير تعتبر شرطا لاكتساب صفة المضمون الاجتماعي في إطار أنظمة الضمان الاجتماعي للأجراء في القطاع الفلاحي وغير الفلاحي، وهي الصفة التي تخول لصاحبها المطالبة بالمنح النقدية المعوضة لانقطاع للأجر.
في هذا الإطار يرفض الصندوق الوطني للتأمين على المرض كل مطلب للتمتع بمنحة مرض يكون خاليا من الاستمارة الممضاة من قبل المؤجّر، معلّلا موقفه هذا بكون غياب الاستمارة هو دليل على عدم تواصل العلاقة الشغلية بين طالب المنحة ومؤجره بما يعني فقدانه لصفة الأجير وتبعا لذلك فقدانه لصفة المضمون الاجتماعي التي تخول له التمتع بمنافع الضمان الاجتماعي على غرار المنح النقدية للمرض والولادة.
تصدت محاكم الأصل لهذا الموقف بمناسبة نظرها في نزاع بين مضمون اجتماعي والصندوق التأمين على المرض، والذي رفض أن يصرف له منحة لمرض بتعلّة أن غياب الاستمارة الممضاة من قبل المؤجر قرينة على انقطاع العلاقة الشغلية بين الأجير ومؤجره مما يعني فقدانه لصفة المضمون الاجتماعي عند حصول المرض.
اعتبر قاضي الضمان الاجتماعي[38] أن الإعلام الممضى من المؤجر ليست شرطا شكليا للحصول على المنحة، وأن غيابه ليس قرينة على انقطاع العلاقة الشغلية. وحمّل الصندوق الذي يتمسك بهذا الدفع عبء إثبات انقطاع العلاقة الشغلية بصفة قاطعة وليس عن طريق الافتراض، منتهيا إلى أنه في ظل عجز الصندوق عن إثبات ذلك تعتبر العلاقة الشغلية ثابتة باعتبار أن “الأصل بقاء ما كان على مكان وعلى من يدعي خلافه الإثبات”، لاسيما أنه وفي المقابل قد ثبت تواصل العلاقة الشغلية خلال المدة السابقة للثلاثية التي وقع خلالها المرض، حيث أن “وجود كشف حساب يثبت أن المدعية تحصلت على منحة مرض خلال الثلاثيات السابقة للفترة المطلوبة ينهض حجة على استمرار العلاقة الشغلية بينها وبين مؤجرها على امتداد الثلاثيات السابقة للفترة المطلوبة”.
قد يبدو هذا التطبيق القضائي معارضا لظاهر عبارات الفصل 74 من القانون عدد 30 لسنة 1960 التي تشترط الاستمارة، إلا أنه يمثل في نظرنا فهما سليما وعميقا لمقتضيات القانون، ضرورة أنه يميّز بين شروط منحة المرض المضمنة بالفصل 71 من القانون عدد 30 لسنة 1960 المتعلقة باستحقاق المنحة، وإجراءات طلبها الواردة بالفصل 74 من نفس القانون المتمثلة في تقديم المطلب مرفقا بالشهادة الطبية المثبتة للشروط المذكورة أعلاه، واستنادا لهذا التمييز يعتبر إمضاء المؤجر على الاستمارة إجراء إداريا لطلب الحق وليست شرطا شكليا لاكتسابه. وبهذا التكييف يستلهم الاجتهاد القضائي الطابع الحمائي لقانون الضمان الاجتماعي الذي يغلب حماية المضمون الاجتماعي.
وقد رفضت المحكمة مجاراة استناد الصندوق ،من جهة ثانية ،على كشف التصريح بالأجور الذي لا يتضمّن تصريحا كاملا بالثلاثيّة السابقة تأكيدا لموقفه في رفض لإسناد منحة المرض معتبرة أن “وجود كشف حساب يثبت أن المدعية تحصلت على منحة مرض خلال الثلاثيات السابقة للفترة المطلوبة ينهض حجة على استمرار العلاقة الشغلية بينها وبين مؤجرها على امتداد الثلاثيات السابقة للفترة المطلوبة”، لتنتهي إلى القضاء بتمتيعها بمنحة المرض[39].
يبدو موقف المحكمة من رفض القرينة التي تفيد بأن عدم التصريح بالثلاثية الأخيرة دليل على انقطاع العلاقة الشغلية وجيها ومتناسقا مع منطوق القانون ،وصريح نصه. حيث أن المشرع اشترط على الأجير إثبات مدة تصريح بـ 50 يوما فقط من مجمل الثلاثيتين السابقتين للثلاثية التي تم فيها التوقف عن العمل أو التصريح بـ80 يوما خلال الأربع ثلاثيات السابقة للثلاثيّة التي تم فيها التوقف. وهو ما يعني أنّ المشرع لا يشترط اتصال عمل الأجير المصرح به مع تاريخ حصول المرض، إذ يمكن للأجير أن يكتفي بإثبات مجموع الخمسين يوما أو الثمانين يوما صلب ثلاثية غير متصلة مباشرة بالثلاثية التي تم فيها التوقف عن العمل بسبب المرض.
وتتدعم هذه الحجة النصية بحجة أخرى، مفادها أن الثلاثية السابقة للمرض موضوع المطلب يمكن أن تكون هي في حد ذاتها موضوع عطلة أمومة أو راحة مرضية، كما هو الشأن بالنسبة لوقائع القضية موضوع الحكم المشار إليه أعلاه بحيث يكون عقد الشغل معلقا ولا يقع بموجبه تصريح لضمان الاجتماعي ولكن الأجير لم يفقد عمله كما أنه لم يفقد صفة المضمون الاجتماعي[40].
أما بالنسبة لشرط التوقف عن العمل، اللازم للحصول على منحة المرض، فإنه يقتضي أن يتوقف الأجير عن ممارسة عمله خلال عطلة المرض، وذلك لأن توقف الأجير عن العمل بسبب المرض هو ما يترتب عنه توقف أجره وهو السبب الموجب لتدخل الصندوق لصرف المنح النقدية المعوضة للأجر[41].
في هذا الإطار اعتبر الصندوق في إطار نزاع مع مضمونة اجتماعية أن وجود تصريح عن الثلاثية التي وقع خلالها المرض وبدأ فيها التوقف عن العمل يعتبر قرينة على مواصلة الأجيرة لعملها خلال مدة الراحة المطالب بها وهو ما يبرر عدم تمكينها من المنح النقدية للمرض[42].
رفضت المحكمة الابتدائية بسوسة بوصفها محكمة استئناف لأحكام قاضي الضمان الاجتماعي هذا الدفع مُعتبرة أن التصريح عن الثلاثية التي وقع خلالها المرض ليس قرينة على أن الأجيرة المريضة لم تتوقف عن العمل وواصلت التمتع بأجرها مع التصريح به للضمان الاجتماعي، وأنّ مدة المرض تعلقت ببعض الأيام فقط من الثلاثية ولم تغطي كامل الثلاثية موضوع التصريح، وانتهت المحكمة إلى أنه يجب على الصندوق أن يُدلي بما يثبت تنزيل مبالغ المساهمات الاجتماعية من قبل المؤجر خلال فترة المرض أو يقدّم كشفا مفصل للحياة المهنية[43].
يبدو هذا الموقف مؤسّسا ومتلائما مع حقيقة واقعية مفادها أن التمتع بالراحة الطبية خلال بعض الأيام من الثلاثية الممتدة لتسعين يوما لا يعني امتناع المؤجر عن التصريح بالأجور لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن باقي أيام العمل خلال نفس الثلاثية. وبالقياس العكسي فإن تصريح المؤجر عن ثلاثية ليس قرينة قاطعة على أن الأجير لم يتوقف خلالها عن العمل لمدة محدودة.
وأما الشرط الثالث للتمتع بالمنح النقدية للمرض فهو توفر أقدمية الانخراط في نظام الضمان الاجتماعي والمصطلح عليه في فقه الضمان الاجتماعي بشرط التربّص Période de stage[44]. لا بد من الإشارة ابتداء إلى كونه يمثل تكريسا للصبغة التبادلية[45] لمنح المرض باعتبار أن اكتساب هذا الحق يتطلب دفع حد معين من مساهمات الضمان الاجتماعي وذلك على غرار جراية التقاعد[46]. غير أنه وخلافا لهذه الأخيرة فان الصبغة التبادلية لمنح المرض ليست مطلقة، إذ أن المشرع اكتفى بربط افتتاح الحق في هذه المنح بوجود مدة دنيا من التربص فقط، لكنه لم يربط مقدار المنحة في حدّ ذاتها بطول مدة التربص، وبعبارة أخرى لم يربط مبلغ المنحة بعدد الثلاثيات التي تم فيها التصريح بالمساهمات المدفوعة. فقد اشترط المشرع لافتتاح الحق التصريح بوجود بحد أدنى من المساهمات تساوي 50 يوم عمل خلال الثلاثيتين السابقتين للثلاثية المدنية التي بدأ فيها التوقف عن العمل أو تساوي 80 يوم عمل خلال الأربع ثلاثيات المدنية السابقة للثلاثية التي بدأ خلال التوقف عن العمل.
بالاطلاع على أحكام احتساب منح المرض يبدو أنه مهما كانت مدة الاقدمية في التصريح، فإنّ ذلك لا يؤثّر على احتساب مبلغ المنحة الذي يصرف للمضمون الاجتماعي. يستوي في ذلك المضمون الذي صرح بالحد الأدنى مع المضمون الذي صرح باشتراكات أكثر منه، وهو ما يمثل تنْسيبًا وتخفيفا من المشرّع لخاصية التبادلية وتجاوزا للمنطق التأميني نحو تكريس المنطق التضامني في تنظيم هذه المنح.
وامتدادا لهذا المنطق التضامني تخلى المشرع عن شرط التربص تماما في حالة ما إذا كان التوقف عن العمل بسبب التعرض لحادث أو الجرح عملا بأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 71 من القانون عدد 30 لسنة 1960.
أثار شرط التربص في مادة منح المرض، على صعيد التطبيق القضائي، مسألة إثبات مدة التربص. في هذا الصدد ذهبت محاكم الأصل إلى تحميل الأجير المدعي عبء إثبات توافر هذا الشرط وذلك من خلال مطالبته بتقديم كشف حساب للتصريح بالأجور من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[47].
يبدو هذا التوجه منطقيا ويجد سنده في الفصل الذي كرسه القانون عدد 71 لسنة 2004[48] بين إدارة منافع التأمين على المرض بما فيها إسداء المنح النقدية والتي أُسنِدت إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض واستخلاص مساهمات التأمين على المرض ومسك حسابات التصريح بالأجور التي بقيت في تصرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي لا يعتبر طرفا في النزاع، وهو ما يبرر مطالبة المضمون الاجتماعي المدّعي بتقديم كشف مسلم من مؤسسة الاستخلاص.
إجمالا يمكن الجزم بتوجه العمل القضائي إلى التقدير الموسع لتوفر شروط المنح النقدية في مقاربة تراعي خصوصية البعد الاجتماعي لهذه المنح، وهو ما يبرر التساؤل عن التوجه الذي تبناه في خصوص حق العلاج في إطار التأمين على المرض.
المبحث الثاني: الدور الخلاق للقاضي في حماية حق العلاج في إطار التأمين على المرض:
يمثل التكفّل بالعلاج في إطار التأمين على المرض مجالا لنزاعات مختلفة من حيث الأطراف والموضوع. إذ يمكن أن تنشأ عن علاقات الصندوق الوطني للتأمين على المرض مع مهنيي الصحة خلافات فردية أو جماعّية حول تطبيق الاتفاقيات الطبية[49]، كما يمكن أن يدخل الصندوق المتكفل بالخدمات العلاجية في نزاعات مع الغير المسؤول عن الضرر الموجب للتكفل[50]. ولكن تبقى نزاعات الصندوق الوطني للتأمين على المرض مع المضمونين الاجتماعيين حول حق التكفل بالعلاج هي الأهم وهي مناط نظرنا في هذا البحث.
وبالرغم من صبغتها الفنية والطبية المعقّدة لم يفرد المشرّع نزاعات النفاذ إلى العلاج في إطار التأمين على المرض بتنظيم خاص سواء من حيث الاختصاص أو من حيث الاجراءات، إذ أنها بقيت من اختصاص قاضي الضمان الاجتماعي باعتباره صاحب الاختصاص الموحّد والشامل في نزاعات الضمان الاجتماعي[51]. والملاحظ أن أحكام قاضي الضمان الاجتماعي في مادة العلاج وما تبعها من قرارات استئنافية وقرارات تعقيبيّة أسّست لظهور فقه قضاء أصيل يتعلّق بعضه بتطبيق القواعد الإجرائيّة لضمان فاعلية حق النفاذ إلى العلاج (الفقرة الأولى) ويتعلق بعضه الآخر بضمان حسن تطبيق القواعد الموضوعية والاجتهاد في تأويلها بما يعزز ضمان الحق في التكفل بالعلاج في إطار التأمين على المرض (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تطويع إجراءات التقاضي لحماية حق النفاذ إلى العلاج:
تتسم اجراءات التقاضي أمام قاضي الضمان الاجتماعي بالبساطة والسرعة والمجانية. وتكتسي هذه الخصائص أهمية بالغة في نزاعات التأمين على المرض نظرا لاستجابتها لما تتطلبه الحالة الصحية للمريض من سرعة ونجاعة في التدخل القضائي لضمان نفاذ المريض إلى العلاج اللازم لحالته الصحية.
ويبرز التطبيق القضائي سعي قاضي الضمان الاجتماعي لملاءمة هذه الاجراءات مع نزاعات التأمين على المرض من خلال التعهد وفقا لإجراءات القضاء الاستعجالي، وذلك مراعاة لحاجة بعض المرضى الملحة والمستعجلة للعلاج.
من نافلة القول أن الفصل 10 من القانون عدد 15 لسنة 2003 حدد أجل الاستدعاء للجلسة بـخمسة عشر يوما قبل تاريخ انعقادها، لكنه أتاح إمكانية اختصار هذا الأجل في حالة التأكد إلى أقل من ذلك أو حتى من ساعة إلى أخرى. واقتضى نفس النص أن اللّجوء إلى إجراءات الاستعجال يتطلب توفر شرطين أحدهما موضوعي وهو وجود التأكّد والآخر إجرائي وهو استدعاء الصندوق بواسطة عدل تنفيذ[52].
أمّا بالنسبة للشرط الأصلي والمتمثّل في وجود حالة التأكّد للنظر في الدعوى على وجه الاستعجال، فقد عُرِّف التأكد في إطار القضاء الاستعجالي بكونه الخطر الحقيقي المحيط بالحق المراد المحافظة عليه[53]. أما في الدعاوى المتعلقة بالنفاذ إلى العلاج فقد اعتبر قاضي الضمان الاجتماعي أن شرط التأكد في نزاعات التأمين على المرض يتمثل في حاجة المرضى الملحّة والمستعجلة للعلاج الموصوف لهم من قبل أطبائهم والخشية من تدهور حالتهم الصحية بسبب التأخر في توفير العلاج.
ذلك هو الشأن بالنسبة للمدعي في النزاع موضوع الحكم عدد 9117 الصادر عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتونس1 بتاريخ 23 مارس 2015[54]، الذي كان مريضا بسرطان الأمعاء ووصف له طبيبه المختص دواء معينا تقدم في شأنه بمطلب تكفل للصندوق الوطني للتأمين على المرض إلا أن هذا الأخير رفض مطلبه لعدم موافقة المراقبة الطبية. ونظرا لحاجته الملحة للدواء قام بدعوى أمام قاضي الضمان الاجتماعي وفقا لإجراءات القضاء الاستعجالي طالبا إلزام الصندوق تمكينه بصفة فورية من التكفل بالدواء المطلوب. فاعتبرت المحكمة ” أن مسألة التأكد والضرورة الملحة متوفرة في جانب المدعي “وذلك” اعتبارا للصبغة المتأكدة والملحة للدواء المحكوم به ونظرا للحالة الصحية المتدهورة والخطورة التي يكتسيها مرضه”، لتنتهي إلى القضاء ابتدائيا استعجاليا لصالح المدعي[55].
وأمّا بالنسبة للشرط الإجرائي وتحديدا على مستوى التعهد بالنزاع خول القانون للقاضي الإذن بالاستدعاء في أجل يقل عن خمسة عشر يوما أو حتى من ساعة إلى أخرى، بشرط أن يقع استدعاء المطلوب عن طريق عدل منفّذ مع التنصيص على الصبغة المستعجلة برقيم الاستدعاء[56]. وهو الشرط الذي نص عليه الفصل 10 السابق الذكر وذلك ضمانا لحقوق الخصم في الدعوى، أي الصندوق الوطني للتأمين على المرض.
ويبرز الدور الفعال لقاضي الضمان الاجتماعي، في مرحلة سير الدعوى، في تطويع الجوانب الإجرائية للنزاع بما يتلاءم مع الصبغة الاستعجالية للوضعية الصحية للمدعي من خلال ضم الجلسة الصلحية والجلسة الحكمية بغاية اختصار الآجال وتقليص مدة التقاضي بما يحقق سرعة الفصل في النزاع[57].
ويتعزز توجه قاضي الضمان الاجتماعي نحو تأسيس قضاء استعجالي اجتماعي قائم الذات من خلال رفض طلبات الصندوق اللجوء إلى الاختبارات الطبية لتقييم وجاهة طلبات المدعي من ناحية طبية استنادا إلى أن هذا الطلب” لا يستقيم بالرجوع لطبيعة الدعوى المنشورة وما يقتضيه الاستعجال في النظر فضلا عن أنها من الأعمال التي تخرج بطبيعتها عن أنظار” القضاء الاستعجالي[58].
ويتجلى اندفاع قاضي الضمان الاجتماعي نحو تكريس فاعلية حق النفاذ إلى العلاج في إطار التأمين على المرض من خلال إذنه بتنفيذ أحكامه على مسودّة الحكم ضمانًا لسرعة التنفيذ ونجاعته في دفع الضرر الصحي . ولا شكّ أنّ هذا الإجراء يأتي تعزيزا لمبدأ تنفيذ أحكام قاضي الضمان الاجتماعي بصرف النظر عن الطعن فيها بالاستئناف الذي كرسه قانون عدد 15 لسنة 2003، وهو ما يحصّنها من المفعول التعليقي للاستئناف[59]. تستند هذه الخاصية إلى الصبغة المعاشية لمنافع الضمان الاجتماعي، وهو ما جعل المشرع يحرص على ضمان سرعة تنفيذ الأحكام المتعلقة بها. لكن الصبغة الحيوية للخدمات الصحية التي يكفلها التأمين على المرض قد تجعل من مدة انتظار إعداد نسخة الحكم وإتمام شكلياتها القانونية[60] أمدا طويلا على المحكوم لفائدته، قد تذهب معه الجدوى المرجوة من اللجوء إلى القضاء الاستعجالي. لذا وعيا بهذه الخصوصية واستلهاما لإرادة المشرع في ضمان سرعة تطبيق أحكام الضمان الاجتماعي دعّم قاضي الضمان الاجتماعي الأحكام الاستعجالية الصادرة عنه بالإذن بتنفيذ الحكم على المسودّة[61] رغبة منه في تمكين المريض من الانتفاع بأقصى درجات الاستعجال في النفاذ إلى العلاج.
يتجلى دور القاضي في حماية حق التأمين على المرض إضافة إلى الجوانب الاجرائية من خلال القواعد الموضوعية.
الفقرة الثانية: اجتهاد القاضي على مستوى القواعد الموضوعيّة للتكفل بالعلاج:
يتمثل الدور الأساسي للقاضي في إطار نزاعات التأمين على المرض في بيان حكم القانون على الوقائع المعروضة عليه وضمان حسن تطبيقها على موضوع النزاع (أ)، لكنّ غموض بعض قواعد قانون التأمين على المرض تجاه وضعيات تنازعية معقدة وغير معهودة جعلت المحاكم تلجأ إلى الاجتهاد وممارسة دور خلاق من خلال استنباط قواعد ومبادئ أسست عليها حلولا متميزة للنزاعات المعروضة عليها (ب).
- ضمان حسن تطبيق قانون التأمين على المرض :
جاء اصلاح 2004 بإعادة صياغة للبنية القانونية والهيكلية للتأمين على المرض. على المستوى القانوني اكتفى المشرع صلب القانون عدد 71 لسنة 2004 بتحديد المبادئ العامة والمقوّمات الأساسيّة لنظام التأمين على المرض وأحال للسلطة الترتيبية مهمة تحديد مضمون التغطية الصحية وتفصيل حق العلاج. وعلى هذا الأساس فصّلت النصوص الترتيبية حق العلاج في ثلاث صيغ مختلفة وهي على التوالي: منظومة العلاج العمومية التي تخوّل النفاذ للعلاج في هياكل الصحة العمومية ،ومنظومة العلاج الخاصة والتي تخول النفاذ للعلاج في القطاع الخاص للصحة من خلال بوابة الطبيب المرجعي ،ثم صيغة استرجاع المصاريف الذي يتيح النفاذ إلى العلاج لدى مهنيي الصحة في القطاع الخاص حسب اختيار المريض[62].
وتشترك المنظومات الثلاث رغم اختلافها في الصبغة الحصْريّة للخدمات الصحية المتاحة. فقد حددت النصوص الترتيبية قوائم حصرية تحدد الخدمات الصحية المشمولة بالتكفل من قبل النظام القاعدي للتأمين على المرض[63].
كما حددت قائمة حصرية في الأمراض المزمنة والثقيلة المتكفل بها كليا[64] وأخرى في العمليات الجراحية التي يمكن إجراؤها في المصحات الخاصة[65].
وعلى هذا الأساس تعتبر رقابة القاضي على قانونية الخدمات الصحية المطلوبة إحدى أهم مجالات تدخله، وذلك من خلال فحص طلب التكفل بالعلاج على ضوء أحكام النصوص الترتيبية المشار إليها والتثبت من التنصيص على الخدمة الصحية المطلوبة بالقوائم الترتيبية.
وقد اعتبرت محكمة التعقيب في قرارها عدد2015/27821 الصادر بتاريخ 08-01-2016 أنه ” كان على محكمة الحكم المنتقد الرجوع إلى القائمة الحصرية المشار إليها واندراج مرض مورثة المعقب ضدهن بها من عدمه والتقيد بما جاء بها، ذلك أن إدخال تعديلات عليها لا يدخل في اختصاصها” وبناء على ذلك قضت بنقض الحكم الاستئنافي[66].
وفي نفس الاتجاه قضى قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 برفض الدعوى استنادا لكون العملية المطلوب التكفل بها غير منصوص عليها بقوائم الخدمات العلاجية[67].
وعلى غرار الرقابة على طلبات العلاج سلّط قاضي الضمان الاجتماعي رقابته على قرارات إدارة المراقبة الطبية التابعة للصندوق الوطني للتأمين على المرض والمتعلقة بالتكفل ببعض أنواع العلاج ومدى مطابقتها للقانون.
ومن الجدير بالذكر أن إصلاح منظومة التأمين على المرض سنة 2004 تضمّن إحداث إدارة للمراقبة الطبية صلب الصندوق الوطني للتأمين على المرض تمّ تنظيمها بالأمر عدد 3031 لسنة 2005 إضافة إلى تحديد صلاحياتها بموجب عدد من النصوص الأخرى. والتي أسندت لها سلطة واسعة في مراقبة التكفّل بالعلاج، تتراوح بين المراقبة القبليّة للتمتع بعدّة خدمات صحية ومراقبة بعديّة تشمل كلّ الخدمات الصحية للتأمين على المرض. ،كما أنها تطال مراقبة المنتفعين بالتأمين على المرض ومقدمي الخدمات الصحية على حد السواء. ويتمتع الأطباء المراقبون بصلاحيات رقابيّة واسعة تشمل مراقبة مطابقة الخدمة المطلوبة للقانون وفعليّة الخدمات المسداة وتمتد إلى مراقبة مدى ملاءمتها الطبية لحالة المريض[68].
بسبب هذا الدور الخطير حرص قاضي الضمان الاجتماعي على إخضاع قرارات المراقبة الطبية لجملة من المبادئ والقواعد القانونية الأساسية.
فقد اعتبر قاضي الضمان الاجتماعي بصفة مستقرة أن قرارات المراقبة الطبية تخضع للرقابة القضائية باعتبارها عنصرا من عناصر النزاع المعروض عليه فهي ” ليست من القرارات النافذة والملزمة ويمكن الطعن فيها أمام القضاء”. وعلى هذا الأساس فهي تخضع لولاية المحكمة شأنها شأن كل عناصر النزاع[69].
كما أكد قاضي الضمان الاجتماعي أيضا على قاعدة ثانية مَفادُها وجوبية تعليل قرارات المراقبة الطبية من خلال إعطاء تعليل طبي لقرار رفض التكفل. فاعتبر في بعض أحكامه ” أن الرفض ورد مطلقا وغير معلل ومقتصرا عل التنصيص في بعض المراسلات على أن الطلب لا يستجيب الى شروط التكفل دون تحديد تلك الشروط أو التنصيص عليها” ليخلص إلى أنه ” طالما كان رفض الصندوق غير معلّل وفاقدا لمبرّره فقد أضحى الدفع بعدم توفر الشروط المطلوبة …مجردا واتجه الالتفات عنه”.[70]
وتستند قاعدة وجوبية تبرير الرفض إلى حق المضمون الاجتماعي في العلاج وهو المبدأ والأصل المكرّس بصريح القانون[71] وعلى أساسه يعتبر منعه وحرمانه من ذلك استثناءً يجب تبريره وتوضيح أسبابه من قبل إدارة المراقبة الطبية، وإلا أعتبر قرار الرفض فاقدا لأساسه الواقعي والقانوني.
لم يقتصر قاضي الضمان الاجتماعي على ضمان سلامة تطبيق القانون بل إنه اندفع إلى استنباط حلول استثنائية تثري قانون التأمين على المرض.
- الاجتهاد الخلاق لضمان حق الوصول إلى العلاج :
تتنوع الوضعيات التنازعية المتعلقة بتطبيق نظام التأمين على المرض بتنوع الحالات المرضية للمنتفعين به واحتياجاتهم الصحية. في هذا الإطار طرحت على قاضي الضمان الاجتماعي حالات تتضمن مشاكل استثنائية ليس لها حلول واضحة في ظاهر النصوص مما اقتضى منه استنباط حلول استثنائية قوامها الاجتهاد في فهم النصوص التأمين على المرض ومراد المشرع منها واستلهام المبادئ العامة المؤسسة لقانون التأمين على المرض.
يدور القسم الأول من هذه الوضعيّات حول الطعن في قرارات المراقبة الطبية بعدم ملاءمة العلاج الموصوف من قبل الطبيب المباشر للمريض، ويتعلق القسم الثاني منها بشروط واجراءات النفاذ إلى العلاج.
والملاحظ أن القانون المؤسس لنظام التأمين على المرض قد أسند لإدارة المراقبة الطبية صلاحية الموافقة المسبقة على طائفة واسعة من الخدمات الصحية وأعطاها سلطة تقدير مدى ملاءمة العلاج الموصوف من الطبيب المباشر للمريض[72].
ولكن نظرا لسكوت النصوص القانونية عن تحديد نطاق سلطة مراقبة الملاءمة الطبية وحدودها بادر قاضي الضمان الاجتماعي إلى وضع بعض القواعد التي تحُول دون تسعف أجهزة المراقبة الطبية في استعمال سلطاتها وتحَوّل هذا النوع من المراقبة إلى سبب لحرمان المضمونين الاجتماعيين من حقهم في النفاذ إلى العلاج.
في هذا الصدد أقر قاضي الضمان الاجتماعي قاعدة حق مريض السرطان في معالجة الألم والتخفيف منه بصرف النظر عن الشفاء من المرض من عدمه[73]. فبمناسبة دعوى رفعها مضمون اجتماعي مصاب بمرض السرطان رفض الصندوق تمكينه من الدواء الموصوف له من قبل طبيبه المباشر بحجة عدم ملاءمة الدواء الموصوف لدرجة استفحال مرض السرطان في جسم المريض اعتبر قاضي الضمان الاجتماعي في حكمه أن رفض التكفل كان مجانبا للصواب باعتبار أن ” الفائدة من الدواء لا تكمن في التماثل للشفاء بقدر ما تكمن في وضع حد لاستفحال مرض المدعي “وقضى تبعا لذلك بإلزام الصندوق بالتكفل بالدواء الموصوف[74].
تبدو هذه القاعدة المستنبطة من قبل قاضي الموضوع من الأهمية بمكان بالنسبة لمرضى الأورام الخبيثة غير القابلة للشفاء علميا باعتبار أنها تؤسس لحقهم في تلقي العلاج لإبطاء تقدم المرض والتخفيف من آلامه.
أما النوع الثاني من الاحكام المكرسة لاجتهاد القضاء في مادة التكفل بالعلاج فيتعلق باحترام شروط وإجراءات التمتع بالخدمات الصحية على غرار الحصول على الموافقة المسبقة للتكفل ببعض الخدمات الصحية أو قدرة المضمون المسجل بإحدى المنظومات العلاجية على التمتع بالخدمات المتاحة في إطار منظومة أخرى.
في هذا الصدد ثار الخلاف في بعض القضايا حول امكانية تجاوز شرط الحصول على الموافقة المسبقة من الرقابة الطبية إذا كانت الحالة الصحية للمريض حرجة جدا ولا تسمح بانتظار استيفاء اجراءات الموافقة المسبقة ؟ وطرح فيها التساؤل هل يجب على صندوق التأمين على المرض التكفل بمصاريف صحية بُذلت دون الحصول على الموافقة المسبقة بسب حالة المريض الحرجة وحاجته المستعجلة للعلاج ؟
جوابا على هذا السؤال اعتبر قاضي الضمان الاجتماعي[75] أنه طالما ثبت وجود ضرورة طبية مُلِحّة لتلقي العلاج فورا وبصفة مستعجلة بما يحول دون امكانية استيفاء الشكليات المنصوص عليها بالتراتيب، فإنه لا يمكن للصندوق معارضة المضمون الاجتماعي بعدم استيفاء شكلية الموافقة المسبقة ورفض التكفل بالمصاريف الصحية. وتبعا لذلك قضت المحكمة لصالح الدعوى وألزمت الصندوق الوطني للتأمين على المرض بالتكفل بمصاريف العلاج.
وأسس القاضي موقفه على مبدأ تكفل نظام التأمين على المرض بالمصاريف اللازمة طبيا للحفاظ على صحة الانسان المكرس بالفصل 5 من القانون عدد 71 لسنة 2004، معتبرا أنّ عدم حصول المريض على الموافقة المسبقة بفعل وضعيته الصحية الحرجة والمستعجلة لا يمكن أن يحرمه من حقه في العلاج اللازم للمحافظة على حياته وطالما ثبت وجود ضرورة طبية لإجراء العملية فإنه يستحيل معها انتظار إتمام إجراءات الموافقة المسبقة للتكفل بمصاريف العلاج[76].
بهذا الموقف أسس قاضي الضمان الاجتماعي لعلوية الأصل على الشكل وأسبقية الحق في العلاج على اجراءات النفاذ إليه مستلهما القرار الشهير لمحكمة التعقيب الذي قدم جوهر الحق على الاجراءات قولا بأن “الحق يعلو ولا يعلى عليه وأنه إذا تعارضت القاعدة الإجرائية مع الحقّ وأصبحت حائلا دون تأمينه وسببا في إهداره وضياعه فإنه من أوكد واجبات القضاء وهو الحارس الأمين على حقوق المتقاضين ألاّ تصدّه الإجراءات الشكلية على تغليب جوهر الحقّ عليها”[77]. ويبدو أن القانون المقارن قد تبنى نفس التوجه حيث أقرّت محكمة النقض الفرنسية مبدأ عدم تطبيق أحكام الموافقة المسبقة في الحالات الاستعجالية[78].
هذا ولا يمكن الحديث عن فقه القضاء في مادة التكفل بالعلاج دون التطرق إلى قرار الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب عدد 78079/2012 الصادر بتاريخ 05 ماي 2015[79]، والذي يتعلّق بصيغ العلاج في إطار التأمين على المرض. حيث أن القانون حدّد ثلاثة صيغ للتمتع بالعلاج في إطار النظام القاعدي لتأمين على المرض ووضع لكل منها ضوابط خاصة، وهي منظومة العلاج العمومية ومنظومة العلاج الخاصة ونظام استرجاع المصاريف وترك للمضمون الاجتماعي حرية اختيار إحداها كطريقة للتكفّل بالعلاج[80].
في هذا الإطار صدر القرار التعقيبي سالف الذكر على ضوء طعن في حكم اعتبر فيه قضاة الأصل أنه يمكن لمريضة منخرطة بالمنظومة العمومية أن تتمتع بالتكفل بالعلاج لدى هياكل القطاع الخاص. وقد نقضت محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة هذا الحكم استنادا إلى أن اختيار المضمون الاجتماعي لإحدى منظومة العلاج لا يخوله الانتفاع بمنظومة أخرى في نفس الوقت، حيث اعتبرت أنه: ” طالما أن المشرع قد ضبط ثلاثة أنواع من صيغ التكفل المخولة للمضمون الاجتماعي وحدد لكل منها شروطا وإجراءات خاصة فإنه لا يمكن الخلط بينها واعتماد شروط وإجراءات إحداها لتطبيقها على غيرها من صيغ التكفل”.
وقد جاء هذا الموقف من محكمة التعقيب جوابا على السؤال الذي طرح عليها في إطار الطعن: هل أن أحكام الفصل 20 من الأمر عدد 1367 لسنة 2007 الذي ينظم التكفل بالعلاج في القطاع الخاص تنطبق على المنخرطين بالمنظومة العلاجية العمومية ؟
لا خلاف أن الجواب بالنفي الذي تبنته محكمة التعقيب يمثل تطبيقا سليما لنص القانون وهي بهذا تؤدي دورها الأساسي في ضمان حسن تطبيق القانون من طرف محاكم الأصل. ولكن وقائع النزاع تكشف لنا وجود مشكل قانوني آخر لم تقع إثارته من قبل محاكم الأصل وبالتبعية لم تنظر فيه محكمة التعقيب وهو الأمر الذر فوّت مقاربة مغايرة للموضوع.
تفيد وقائع القضية أن المريضة المنخرطة في المنظومة العمومية تعكّرت صحتها بصفة فجئيّة وعند نقلها إلى أحد المستشفيات العمومية تبين أنها تحتاج إلى عملية جراحية لاستئصال “المرارة”، لكن المستشفى وبسبب الاكتظاظ حدّد لها موعدا مؤجلا لإجراء العملية وهو ما اضطرّها للجوء إلى مصحّة خاصة لإجراء العملية فورا.
وعلى ضوء هذه الوقائع كان ينبغي على قضاة الأصل أن يؤسّسوا حكمهم على مبدأ الحق في التكفل بالعلاج اللازم للمحافظة على صحة الانسان المكرس بالفصل 5 من قانون 2004 وعلى حالة التأكد والضرورة الطبّية المتمثلة في الحالة الحرجة التي كان عليها المريضة والتي كانت تستدعي إجراء عملية جراحية بشكل فوري وهو ما تعذّر القيام به في المستشفى العمومي الذي نقلت إليه ممّا حتّم اللجوء إلى مصحة خاصة لإجراء العملية فورا لوضع حد لتدهور حالتها الصحية وحمايتها من المضاعفات الخطيرة للتأخر في تمكينها من العلاج اللازم[81].
ليس من المبالغة القول لو أنّ قضاة الأصل علّلوا حكمهم استنادا لهذه الأسس لتبرير تجاوز اجراءات الصيغ العلاجية من طرف المدعية لاختلف الأمر كثيرا ولكان المشكل القانوني الذي سيطرح على الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب حينئذ: هل يحقّ للمريض المنخرط بالمنظومة العمومية اللجوء للهياكل الصحية الخاصة لتلقي العلاج بسبب عدم توفر الخدمات الصحية اللازمة بالمستشفى العمومي الذي لجأ له في حالة حرجة ومستعجلة ؟
ومن المؤكد أن جواب محكمة التعقيب سيكون مغايرا لما قضت به، وكان سيفتح مجالا خِصبا لاجتهاد قضائي خلاق حول مسألة حق العلاج في حالة التأكد والاستعجال وهو ما من شأنه تدعيم حق المضمونين الاجتماعيين في النفاذ غير المشروط إلى العلاج.
خاتمة البحث:
تُبرز دراسة الأحكام القضائية الصادرة في النزاعات المتعلقة بحقوق التأمين على المرض أن اضطلاع القاضي بدورا مميّز في حماية هذه الحقوق وضمان فعّاليتها.
فعلى مستوى المِنَحٍ النقدية للمرض التي يستحقها العامل خلال فترة توقفه عن العمل بسبب المرض اتجه القاضي إعطاء تفسير واسع للشروط الطبية والمهنية التي فرضها القانون وقيد من تشدد صندوق التأمين على المرض في تطبيقها.
وأما على مستوى الحق في التكفّل بالعلاج بالنسبة للعامل وأفراد عائلته فقد اندفع القاضي نحو حماية واقعية حق الولوج للخدمات الصحية سواء من خلال تطويع اجراءات التقاضي لضمان سرعة ونجاعة التمتع بالعلاج أو من خلال تأويل القواعد الموضوعية لمصلحة المريض المضمون الاجتماعي في مجال الرقابة الطبية واشتراطاتها وإقرار علوية الحق في الولوج إلى العلاج والحقوق المتفرعة عنه مثل الحق في تخفيف الآلام.
المراجع:
أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة، أصول المرافعات المدنية والتجارية، ط. 2، مجمع الأطرش، تونس 2011.
أحمد عمران، محاضرات في القانون المدني، الجزء الأول، النظرية العامة للقانون، مجمع الأطرش، تونس 2025،
حافظ العموري، قانون التعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية (معلق عليه)، مجمع الأطرش، تونس 2022 .
حسين السالمي، القانون العدلي: التنظيم القضائي العدلي، مجمع الأطرش، 2018.
حسان غضباني، النظام القانوني للتأمين على المرض، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق بسوسة 2019.
عبد الستار المولهي، قانون الضمان الاجتماعي، نزاعات الضمان الاجتماعي، المطبعة الرسمية، تونس، 2016،
منير عياري، أحكام تأويل القانون، مجمع الأطرش، تونس، 2022.
منصف الكشو، دراسات في القانون الاجتماعي، مجمع الأطرش،تونس، 2017.
النوري مزيد، “التقرير التمهيدي لأعمال الملتقى حول القاضي وقانون الضمان الاجتماعي”، مجلة دراسات قانونية، عدد 12، سنة 2005، ص. 9.
A. Mouelhi, Droit de la sécurité sociale, 2ème Edition, Tunis, 2005.
BIT, Questions de protection sociale, documents de réflexion n. 19, Genève, 2007.
J-P. Chauchard, J-Y. Kerbourc’h et Ch. Willmann, Droit de la sécurité sociale, 7éd., LGDJ, 2015.
N. Messabia, Le contrôle médical en matière d’assurance maladie, Mémoire de mastère en droit social, faculté de droit Sfax, 2009-2010.
النصوص القانونية
القانون عدد 30 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي.
القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.
القانون عدد 71 لسنة 2004 المؤرخ في 2 أوت 2004 المتعلق بإحداث نظام التأمين على المرض.،
القانون عدد 15 لسنة 2003 المؤرخ في 15 فيفيري 2003 المتعلق بإحداث مؤسسة قاضي الضمان الاجتماعي.
مجلة الشغل.
مجلة الالتزامات والعقود.
مجلة المرافعات المدنية والتجارية.
الأمر عدد 1367 لسنة 2007 المؤرخ في 11 جوان 2007 المتعلق بضبط صيغ وإجراءات ونسب التكفل بالخدمات الصحية في إطار النظام القاعدي للتأمين على المرض.
قرار مشترك من وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج و وزير الصحة العمومية مؤرخ في 29 جوان 2007 يتعلق بضبط قائمة الخدمات الاستشفائية المسداة بالهياكل الصحية الخاصة المتعاقدة مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض والمتكفل بها في إطار النظام القاعدي للتامين على المرض.
القرارات والأحكام القضائية
قرار الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب عدد 30148.2008 بتاريخ 30 جانفي 2014، منشور بكتاب منصف الكشو، دراسات في القانون الاجتماعي، صفحة 335.
قرار تعقيبي مدني عدد 4285 بتاريخ 08 فيفري 2007، ذكره محمد الهادي بن عبد الله، النظام العام للضمان الاجتماعي في تونس، ص. 108.
قرار تعقيبي مدني عدد 3784 مؤرخ في 11 مارس 1980 المجلة القانونية التونسية، 1980، صفحة 247.
قرار استئنافي عن المحكمة الابتدائية بسوسه بوصفها محكمة استئناف لأحكام قاضي الضمان الاجتماعي عدد 46964 بتاريخ 7 مارس 2019، غير منشور.
حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13940 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور.
حكم ابتدائي في ماده الضمان الاجتماعي عن المحكمة الابتدائية بسوسة بتونس عدد 1488 بتاريخ 16 ابريل 2007 غير منشور.
حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13911 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور.
حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بسوسة عدد 4313 بتاريخ 27 فيفري 2018، غير منشور.
حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13940 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور.
حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بسوسة عدد 4313 بتاريخ 27 فيفري 2018، غير منشور.
حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتونس عدد 3381 بتاريخ 9 فيفري 2009، غير منشور.
حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13940 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 13911 عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 9116 الصادر عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتونس1 بتاريخ 01/4/ 2015 غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 9115 عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتونس1 بتاريخ 10 مارس 2015، حكم غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 8963 عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 الصادر بتاريخ 17/12/2014 غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 9092 عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 الصادر بتاريخ 02/03/2015 غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 8084 عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 الصادر بتاريخ 05 نوفمبر2014 ، غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 8763 عن قاضي ضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 بتاريخ 10/12/2014، غير منشور.
حكم ابتدائي عدد 8180 عن ضمان اجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس 1 بتاريخ 17/12/2014، غير منشور.
-Cas. Soc. 26 Sep. 1991 CPAM sarreguemines c/scheid RJS 11/91, n° 1241
- – أنظر منير عياري، مرجع سابق. ↑
- – حسين السالمي، القانون العدلي: التنظيم القضائي العدلي، مجمع الأطرش، 2018، ص. 9. يعتبر الكاتب أن الوظيفة القضائية هي ضمان فاعلية القانون بما يجعلها عنصرا ضروريا لقيام خاصية الالزامية التي تميز ماهية القانون عن غيره من نظم الضبط الاجتماعي. ↑
- – أنظر في هذا الصدد القانون الفرنسي للتأمين على المرض الصادر بتاريخ 13 أوت 2004 :
La loi numéros 2004-810 du 13 Août 2004. ↑
- – أنظر القانون الامريكي المعروف باسم قانون أوباما للتأمين الصحي الصادر بتاريخ 23 مارس 2010. ↑
- – J-P. CHOUCHAR, Droit de la sécurité sociale, 4ed. L.G.D.J., p. 307. ↑
- – BIT, Questions de protection sociale, documents de réflexion n. 19, Genève, 2007, p.5. ↑
- – أنظر المواد من 7 إلى 13 من الاتفاقية عدد 102 لسنة 1952 المتعلقة بالمعايير الدنيا للضمان الاجتماعي والاتفاقية عدد 130 لسنة 1969 المتعلقة بالرعاية الطبية والإعانات المرضية. ↑
- – الفصل 71 وما بعده من القانون عدد 30 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي. ↑
- – الفصل 42 من القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية. ↑
- – القانون عدد 71 لسنة 2004 المؤرخ في 2 أوت 2004 المتعلق بإحداث نظام التأمين على المرض.، حول خصائص هذا النظام أنظر حسان غضباني، النظام القانوني للتأمين على المرض، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق بسوسة 2019. ↑
- – أنظر منصف الكشو، دراسات في القانون الاجتماعي، صفحة 274، وقرار الدوائر المجتمعة لمحكمة التعقيب عدد 30148.2008 بتاريخ 30 جانفي 2014، منشور بنفس المرجع، صفحة 335. ↑
- أنظر عبد الستار المولهي، قانون الضمان الاجتماعي، نزاعات الضمان الاجتماعي، المطبعة الرسمية، تونس، 2016، صفحة 275. ↑
- بمقتضى القانون عدد 30 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي بالنسبة للقطاع الخاص. أما في القطاع العمومي فقد تمّ الإبقاء على العمل بالأمر العليّ الصادر سنة 1951 المتعلق بنظام الحيطة الاجتماعية بالنسبة لحقوق التأمين على المرض ووقع إسناد إدارته إلى الصندوق الوطني للحيطة الاجتماعي المحدث سنة 1959. ↑
- – كان الاختصاص بالنظر في نزاعات الضمان الاجتماعي قبل سنة 2003 يتسم بالتشعب والتشتت بين القضاء العدلي والقضاء الاداري. فكانت لمحكمة الادارية تختص بالنظر في النزاعات التي تنشأ بين الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ومنخرطيه في مادة الجرايات والحيطة لاجتماعية. كما تنصب المحكمة الادارية كمحكمة تعقيب في النزاعات المتعلقة ببطاقات الالزام الصادرة عن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية. ( أنظر خليل الفندري، “المحكمة الإدارية والضمان الاجتماعي: قراءة في علاقات متباينة”، مجلة دراسات قانونية، عدد 12، سنة 2005، ص. 95 ).
أما في إطار القضاء العدلي فتعددت المحاكم المختصة بالنظر في نزاعات الضمان الاجتماعي، إذ اختص قاضي المنح العائلية بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالمنافع العائلية والجرايات المسداة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. إضافة لهذا يتعهد قاضي الناحية بنزاعات حوادث الشغل والامراض المهنية وتتعهد محاكم الاستئناف بالنظر في الطعون في بطاقات الالزام. .( أنظر النوري مزيد، “التقرير التمهيدي لأعمال الملتقى حول القاضي وقانون الضمان الاجتماعي”، مجلة دراسات قانونية، عدد 12، سنة 2005، ص. 9.)
MOUELHI, Droit de la sécurité sociale, Op. cit., p187 et s. ↑
- – أنظر حسين السالمي، القانون العدلي: التنظيم القضائي…، مرجع سابق، ص 574. ↑
- – إبقى المشرع على اختصاص بعض المحاكم بالنظر في أصناف خاصة من نزاعات الضمان الاجتماعي، وهي اختصاص قاضي الناحية بالنظر حصريا في نزاعات حوادث الشغل والأمراض المهنية، وإختصاص محكمة الاستئناف بالنظر في الاعتراض على بطاقات الالزام الصادرة عن صناديق الضمان الاجتماعي، هذا إضافة إلى نظر محاكم الحق العام في رجوع صناديق الضمان الاجتماعي على الغير المسؤول عن الحادث، وإختصاص المحكمة الادارية بالنظر في دعاوى الإلغاء المقامة ضد القرارات الادارية الترتيبية الصادرة في مادة الضمان الاجتماعي، وكذلك دعاوى إلغاء القرارات التأديبية الصادرة ضد الأطباء المتعاقدين مع الصندوق. ↑
- – الفصول من 9 إلى 24 .من القانون عدد 15 لسنة 2003. ↑
- – يسمى التطبيق القضائي في الاصلاح القانوني فقه القضاء الذي يعني في مدلوله الواسع جملة الأحكام والقرارات الصادرة عن مختلف المحاكم، بينما يقصد به في المفهوم الضيق ما يصدر من قرارات عن محكمة التعقيب فقط. ويبدو أن المفهوم الواسع الذي يشمل قرارات وأحكام محاكم الأصل الى جانب اجتهادات محكمة التعقيب أنسب وأقدر على إبراز تفاعل التشريع مع الواقع في كل أحواله. ↑
- – الفصل 20 من مجلة الشغل. ↑
- – الفصل 41 وما بعده من القانون عدد 112 لسنة 1983المؤرخ في 12 ديسمبر 1983 المتعلق بضبط القانون العام لأعوان الدولة والجماعات العمومية المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الادارية. ↑
- – الفصل 72 من القانون عدد 30 لسنة 1960. ↑
- – المادة 323-1 R من مجلة الضمان الاجتماعي الفرنسية. أنظر في هذا الخصوص:
J-P. Chauchard, J-Y. Kerbourc’h et Ch. Willmann, Droit de la sécurité sociale, 7éd., LGDJ, 2015, p. 345. ↑
- – الفصل 77 من القانون عدد 30 لسنة 1960. ↑
- – حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13940 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور. ↑
- – أنظر حول فقه القضاء في خصوص مراقبة رأي اللجنة الطبية في مادة فواجع الشغل هذا الخصوص، حافظ العموري، قانون التعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل والأمراض المهنية (معلق عليه)، مجمع الأطرش، تونس 2022 . ↑
- – قرار تعقيبي مدني عدد 4285 بتاريخ 08 فيفري 2007، ذكره محمد الهادي بن عبد الله، النظام العام للضمان الاجتماعي في تونس، ص. 108. ↑
- – أنظر المبحث الثاني أسفله. ↑
- – الفصل 559 من مجلة الاتزامات والعقود. ↑
- – حكم ابتدائي في ماده الضمان الاجتماعي عن المحكمة الابتدائية بسوسة بتونس عدد 1488 بتاريخ 16 ابريل 2007 غير منشور؛ حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13911 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور؛ حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بسوسة عدد 4313 بتاريخ 27 فيفري 2018، غير منشور. ↑
- – حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13940 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور. ↑
- – حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بسوسة عدد 4313 بتاريخ 27 فيفري 2018، غير منشور. حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتونس عدد 3381 بتاريخ 9 فيفري 2009، غير منشور. ↑
- – حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13940 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور. ↑
- – تجدر الاشارة إلى أن فقه القضاء محكمه التعقيب يقر لقاضي الناحية بحرية اختيار تسمية حكيم واحد او لجنه حكماء لاجراء الاخبار الطبي في نطاق سلطته التقديرية، أنظر حافظ العموري قانون التعويض عن الأضرار الحاصلة بسبب حوادث الشغل…مرجع سابق. ↑
- – قرار استئنافي صادر عن المحكمة الابتدائية بسوسه بوصفها محكمة استئناف لأحكام قاضي الضمان الاجتماعي عدد 46964 بتاريخ 7 مارس 2019، غير منشور. ↑
- – الفصل 71 من القانون عدد 30 لسنة 1960. ↑
- – الفصل 74 من القانون عدد 30 لسنة 1960. ↑
- – حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13911 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور. ↑
- – حكم ابتدائي عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية ببنزرت عدد 13911 بتاريخ 17 نوفمبر 2017، غير منشور. ↑
- – مرجع سابق. ↑
- – الفصل 71 من القانون عدد 30 لسنة 1960. ↑
- – قرار استئنافي صادر عن المحكمة الابتدائية بسوسة بوصفها محكمة استئناف لأحكام قاضي الضمان الاجتماعي عدد46964 بتاريخ 07 مارس 2019. ↑
- – قرار استئنافي صادر عن المحكمة الابتدائية بسوسة بوصفها محكمة استئناف لأحكام قاضي الضمان الاجتماعي عدد46964 بتاريخ 07 مارس 2019. ↑
- – عبد الستار المولهي، مرجع سابق، صفحة 319. ↑
- – Le caractère commutatif ↑
- – Abdessatar MOUELHI, DROIT DE LA SECURITE SOCIALE, 2ème Edition, Tunis, 2005, p. 5 ↑
- – قرار استئنافي صادر عن المحكمة الابتدائية بسوسة بوصفها محكمة استئناف لأحكام قاضي الضمان الاجتماعي عدد 46964 بتاريخ 07-03-2019، غير منشور. ↑
- – بمقتضى القانون عدد 71 ينة 2004 المؤرخ في 2 أوت 2004 المتعلق بإحداث نظام التأمين على المرض أسند التصرف في المنح النقدية للمرض والوضع للصندوق الوطني للتأمين على المرض المحدث بنفس القانون. ↑
- – أنظر حسان غضباني، النظام القانوني للتأمين على المرض، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة 2019، صفحة 397. ↑
- – نفس المرجع، صفحة 403. ↑
- – أحدث المشرع مؤسسة قاضي الضمان الاجتماعي بموجب القانون عدد 15 لسنة 2003 المؤرخ في 15 فيفري 2003 مانحا إياه إختصاصا شاملا ومبدئيا في نزاعات الضمان الاجتماعي باستثناء نزاعات فواجع الشغل التي تركت لقاضي الناحية والطعن في بطاقات الالزام التي بقيت من أنظار محاكم الاستئناف. أنظر في هذا الخصوص:
MOUELHI, Droit de la sécurité sociale, Op. cit., p187 et s. ↑
- – جاء بالفقرة 3 من الفصل 10 من القانون عدد 15 لسنة 2003 المتعلق بإحداث مؤسسة قاضي الضمان الاجتماعي ما يلي” ولا يمكن أن يقل ميعاد الحضور بالجلسة عن خمسة عشر يوما من تاريخ توجيه الاستدعاء. غير أنه إذا كان هناك تأكد يقتضي النظر في الدعوى على وجه السرعة فإنه يمكن لقاضي الضمان الاجتماعي أن يأذن باستدعاء الأطراف بواسطة عدل تنفيذ للحضور لديه في أجل يقل عن الأجل المذكور أو حتى من ساعة إلى أخرى، ويقع التنصيص على ذلك بالاستدعاء.” ↑
- – أحمد الجندوبي وحسين بن سليمة، أصول المرافعات المدنية والتجارية، ط. 2، تونس 2011، ص. 138. ↑
- – حكم غير منشور. ↑
- – في نفس الاتجاه ذهبت المحكمة في القضية موضوع الحكم عدد 9116 الصادر عن قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتونس1 بتاريخ 01 أفريل 2015. حيث كانت المدعية مريضة بسرطان الثدي ووصف لها طبيبها المختص دواء معينا فتقدم في شأنه بمطلب تكفل إلا أن الصندوق الوطني للتأمين على المرض رفض مطلبها ونظرا لحاجتها الملحة قامت أمام قاضي الضمان الاجتماعي وفقا لإجراءات القضاء الاستعجالي طالبة إلزام الصندوق تمكينها بصفة فورية من التكفل بالدواء المطلوب.
اعتبرت المحكمة ” أن مسألة التأكد والضرورة الملحة متوفرة في جانب المدعية “وذلك ” اعتبارا للصبغة المتأكدة والملحة للدواء المحكوم به ونظرا للحالة الصحية المتدهورة والخطورة التي يكتسيها مرضها “ لتنتهي إلى القضاء ابتدائيا استعجاليا بالزام المدعي عليه بتمكين المدعية من الدواء الموصوف، حكم غير منشور. ↑
- – اقتضت الفقرة 3 من الفصل 10 من القانون عدد 15 لسنة 2003 أنه” إذا كان هناك تأكد يقتضي النظر في الدعوى على وجه السرعة فإنه يمكن لقاضي الضمان الاجتماعي أن يأذن باستدعاء الأطراف بواسطة عدل تنفيذ للحضور لديه في أجل يقل عن الأجل المذكور أو حتى من ساعة إلى أخرى، ويقع التنصيص على ذلك بالاستدعاء. ↑
- – أنظر حكم قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بتونس1 عدد 9115 بتاريخ 10 مارس 2015، حكم غير منشور. ↑
- – الحكم نفسه. ↑
- – استثنى المشرع بعض الصور من خاصية تنفيذ الأحكام الابتدائية لقاضي الضمان الاجتماعي بموجب الفصل 17 من القانون عدد 15 لسنة 2003 الذي نصّ على أن ” تنفذ الأحكام الصادرة عن قاضي الضمان الاجتماعي بقطع النظر عن الطعن فيها بالاستئناف باستثناء ما تجاوز ربع المبالغ المستحقة بعنوان منحة رأس المال عند الوفاة ومتخلدات الجرايات في ما زاد عن السنة والمبالغ التي ليست لها صبغة معاشية.” ↑
- – الفصلان 122 و 123 من مجلة المرافعات المدنية والتجارية. ↑
- – نص حكم قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس 1 عدد 8963 الصادر بتاريخ 17/12/2014 على أنه ” قضت المحكمة ابتدائيا استعجاليا بالزام الصندوق الوطني للتأمين على المرض بتمكين المدعي من دواء “ألتيما” الموصوف له طبق الشهادة الطبية المؤرخة في 17/08/2014 مع الإذن بالتنفيذ على المسودة وحمل المصاريف القانونية على المحكوم عليه.” حكم غير منشور؛ كما أذن بالتنفيذ على المسودة فيحكمه عدد 9092 الصادر بتاريخ 02/03/2015 حكم غير منشور؛ وحكمه عدد 9116 الصادر بتاريخ 01/04/2015 حكم غير منشور، وكذلك حكمه عدد 9115 الصادر بتاريخ 10/03/2015 غير المنشور. ↑
- – الأمر عدد 1367 لسنة 2007 المؤرخ في 11 جوان 2007 المتعلق بضبط صيغ وإجراءات ونسب التكفل بالخدمات الصحية في إطار النظام القاعدي للتأمين على المرض. ↑
- – قرار مشترك من وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج ووزير الصحة العمومية مؤرخ في 13 أفريل 2007 يتعلق بتحديد قوائم الاختصاصات والأعمال الطبية وشبه الطبية والأدوية والآلات ومصاريف النقل الصحي وقائمة الخدمات الصحية التي تستوجب الموافقة المسبقة المتكفل بها في إطار النظام القاعدي للتأمين على المرض. ↑
- – قرار مشترك من وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج ووزير الصحة العمومية مؤرخ في 25 جوان 2007 يتعلق بتحديد قائمة الأمراض الثقيلة أو المزمنة المتكفل بها كليا من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض. ↑
- – قرار مشترك من وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج و وزير الصحة العمومية مؤرخ في 29 جوان 2007 يتعلق بضبط قائمة الخدمات الاستشفائية المسداة بالهياكل الصحية الخاصة المتعاقدة مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض والمتكفل بها في إطار النظام القاعدي للتامين على المرض. ↑
- – منشور بموقع محكمة التعقيب WWW.cassation.tn ↑
- – حكم قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 عدد 8084 الصادر بتاريخ 05 نوفمبر2014 ، غير منشور. ↑
- – أنظر:
N. MESSABIA, Le contrôle médical en matière d’assurance maladie, Mémoire de mastère en droit social, faculté de droit Sfax, 2009-2010. ↑
- – حكم ضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 عدد 8763 بتاريخ 10/12/2014، غير منشور. ↑
- – حكم ضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 عدد 8963 بتاريخ 17/12/2014، غير منشور. ↑
- – الفصل 5 من القانون عدد71 لسنة 2004. ↑
- – حدد القرار الوزاري المشترك لوزيري الشؤون الاجتماعية ار ووزير الصحة العمومية المؤرخ في 13 أفريل 2007 قوائم الاختصاصات والأعمال الطبية وشبه الطبية والأدوية والآلات ومصاريف النقل الصحي وقائمة الخدمات الصحية التي تستوجب الموافقة المسبقة المتكفل بها في إطار النظام القاعدي للتأمين على المرض. ↑
- – أقرت بعض القوانين المقارنة هذا الحق بصفة صريحة لسد ذرائع أمام مؤسسات الضمان لرفض منح العلاجات المكلفة للمرضى الميؤوس من شفائهم، فوقع إقرار حق معالجة آلام المريض حتى وأن كان لا يرجى شفاؤه. يذكر في هذا الصدد ما نصت عليه وثيقة الحقوق الصحية المعتمدة في المملكة العربية السعودية والتي أقر حق مرضى السرطان في معالجة الألم. ↑
- – حكم قاضي الضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس1 عدد 8763 الصادر بتاريخ 1 ديسمبر 2014،غير منشور. ↑
- – حكم ضمان اجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس 1 عدد 8180 بتاريخ 17 ديسمبر 2014، غير منشور. عرض المدعي أنه مضمون اجتماعي وأنّه يعاني من مرض بالقلب، يقتضي علاجه اختصاصا طبيا دقيقا لا يتوفّر بتونس، وأنّ حالته الصحيّة تعكّرت بصورة فجئيّة مما استوجب نقله بصفة عاجلة إلى مستشفى فرنسي حيث أجريت عليه عمليّة جراحية. بعد استيفاء العلاج توجه المدعي للصندوق الوطني للتأمين على المرض طالبا التكفل بمصاريف العلاج المقدرة بمائتين وأربعة وتسعون ألف وسبعمائة واثنين وعشرون دينارا إلاّ أنّه جُوبه بالرفض. وبرّر الصندوق رفضه بعدم تسجيل المدعي في نظام الأمراض الثقيلة والمزمنة إضافة إلى عدم حصوله على موافقة مسبقة للعلاج بالخارج. ↑
- – جاء بلائحة الحكم “إن منظومة التأمين على المرض أوجبت ضمن نظامها القاعدي الاجباري التكفل بمصاريف الخدمات الصحية المسداة للمنخرطين التابعين للقطاع العام والخاص واللازمة طبيا للمحافظة على صحة الأشخاص وذلك حسب منطوق الفصل الخامس من القانون عدد 71 لسنة 2004…. فإن تبرير الصندوق المدعى عليه رفض التكفل بمصاريف علاج المدعي موضوع الطلب فاقد لسنده القانوني واتجه لفت النظر عن جميع دفوعاته المثارة في هذا الخصوص” حكم ضمان اجتماعي بالمحكمة الابتدائية تونس 1 عدد 8180،الصفحة 11 من لائحة الحكم، غير منشور. ↑
- – قرار تعقيبي مدني عدد 3784 مؤرخ في 11 مارس 1980 المجلة القانونية التونسية، 1980، صفحة 247، أنظر أحمد عمران، محاضرات في القانون المدني، الجزء الأول، النظرية العامة للقانون، مجمع الأطرش، تونس 2025، صفحة 36. ↑
- -Cas. Soc. 26 Sep. 1991 CPAM sarreguemines c/scheid RJS 11/91, n° 1241. ↑
- – منشور بكتاب منصف الكشو، دراسات في القانون الاجتماعي، مجمع الأطرش، تونس 2017، صفحة 361. ↑
- – حول حرية اختيار المضمون الاجتماعي لمقدّم الخدمة الصحية أنظر عبد الستار المولهي، مرجع سابق، صفحة 298. ↑
- – يمكن أن يتسبب انفلاق المرارة في تسمّم دم الإنسان مما يؤدي لوفاته لذلك تقتضي البروتوكلات العلاجية استئصال المرارة. أنظر حول الحصيّات المرارية: https://www.msdmanuals.com/ar/home ↑
- صبيعات وفاء، التأمين من المسؤولية عن الحوادث المرتكبة من قبل المركبات ذاتية القيادة وأثر الصندوق الأسود في إثبات هذه المسؤولية، مجلة دراسات وأبحاث، المجلد 16، العدد 4، 2024، ص، 145 ↑





