رسال لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص : الصلح في قضايا الأسرة
مقدمة:
يشهد العالم المعاصر الآن توسعا في مفهوم الحرية إلى حد الإبتذال، حيث أصبحنا نسمع بالحرية في الاختلاف بكل مظاهره الشذوذية، والحرية في الحياة أو الموت، والحرية في الكسل، بل إن هذه الحرية طالت كل المجالات ومنها الأسرة في مفهومها وتكوينها والنمط القانوني الذي تخضع له، فظهرت أشكال طفيلية على لحمة الأسرة الشرعية ومنها على سبيل المثال –والخيال يتولى الحصر- العلاقات الخلانية، اكتساب مفهوم الزوجين بمضي الزمن والأسرة المتكونة من زوجين من جنس واحد… وقد كان لشيوع هذه السلوكيات في عدد من المجتمعات خاصة الغربية، أن دفعت بالمشرع ليس فقط إلى نزع صفة التجريم عنها بل إلى أن يشرعنها وينظمها بواسطة قوانينه الداخلية وإبرام الاتفاقيات بشأنها.
أمام هذا الخطر الذي يتهدد كيان الأسرة الشرعية والذي يؤدي إلى خلط كل الأمور وقلب كل المبادئ، فالممنوع أصبح مباحا والمقدس نزعت عنه تلك الصفة وأصبح مدنسا، فكان لابد من محاولة جادة لإعادة الاعتبار للأسرة الشرعية والاعتناء بها من لدن مختلف الأنظمة خاصة الإسلامية منها، وقد تمثلت هذه العودة للأسرة في الرجوع أساسا إلى الطرق البديلة لتسوية النزاعات. -والتي يشكل الصلح أهم وسيلة في إطارها- ليس فقط بالاقتصار على نسخ ما كانت تتضمنه القوانين المنسوخة وإنما تنظيمها بشكل دقيق ومتكامل وإعطاؤها الأولوية بل الإلزامية لفض النزاعات الأسرية، وهذا ما لوحظ في عدد من التشريعات ومنها القانون المغربي الذي جعل من الصلح إجراءا جوهريا وضروريا لفض هذه النزاعات، فأفرد له عدة نصوص قانونية سواء في القانون المدني أو قانون المسطرة المدنية أو مدونة الأسرة الجديدة أو مدونة المسطرة الجنائية.
وسوف نحاول من خلال هذا البحث الإلمام جهد الإمكان بجميع جوانب الصلح كمسطرة أساسية تبرز الوجه الآخر لعملة القضاء في رأب الصدع بين أفراد الأسرة.
هكذا سنتعرض للموضوع من جانبين؛ الأول نظري يتعلق بتحديد ماهية الصلح والتعريف بأحكامه، أما الجانب الثاني فهو تطبيقي يعرض للصلح كإجراء أساسي في قضايا الأسرة.
وسيكون المنهج كالتالي:
– الفصل التمهيدي: ماهية الصلح.
– الفصل الأول: أحكام الصلح القضائي.
– الفصل الثاني: الصلح في قضايا الأسرة.
لما كان موضوعنا هو البحث في الصلح ومدى قدرته على صيانة العلاقات الاجتماعية التي تربط بين الأفراد وخاصة منهم أفراد الأسرة، ومن ثم معرفة مدى تأثيره في هذه الروابط وفي المجتمع ككل، فإنه من الواجب علينا أن نعرض في (مبحث أول) لتأصيله التاريخي، قبل أن ندرس في (مبحث ثان) أهميته ومشروعيته، لندقق في (المبحث الثالث) مفهومه وتمييزه عن بعض المؤسسات المشابهة له.
المبحث الأول: التأصيل التاريخي للصلح في المغرب.
من المؤكد أن الصلح قديم في العمل القضائي قدم التاريخ، فالقضاء أول ما بدأ تحكيميا تصالحيا لأنه الأسلوب الطبيعي لفض النزاعات بين الناس. والمغرب عرف على امتداد تاريخه القديم بأنه ملتقى الحضارات وتمازجها اكتسب أهله عبر تاريخه الحافل ميلا طبيعيا إلى الوفاق والمسالمة (مطلب أول)، ومنذ انتشار الدعوة الإسلامية الخالدة بالمغرب تدعم الصلح في العمل القضائي[1] (مطلب ثان).
المطلب الأول: الصلح في التقاليد العرفية.
كان المغرب ومنذ قرون عديدة قبل الفتح الإسلامي يتشكل من عدة قبائل تحتكم في تنظيم الشؤون الاجتماعية لأفرادها إلى أعراف وعادات تعتبر بمثابة قوانين تطبق في كل مناحي الحياة، وكانت هذه الأعراف تدون في سجلات وألواح وتحفظ لدى شيوخ وأعيان هذه القبائل الذين يعهد إليهم بتطبيقها وتعديلها عند الاقتضاء. [2] ونظرا لتنوع هذه الأعراف بتنوع القبائل والأجناس، فإن الصلح كان ضروريا لحل النزاعات التي تنشأ ليس فقط بين القبائل ولكن بالدرجة الأولى تلك التي تنشأ بين أفراد القبيلة الواحدة؛ بحيث إن شيخ القبيلة، والذي كان يلعب دور القاضي آنذاك، عندما يعرض عليه النزاع فإنه يحاول إصلاح ذات البين بين الخصمين قبل أن يلجأ إلى الحكم بينهما، وفي هذا الإطار يمكن القول بأن الصلح نشأ في أحضان النزاعات الأسرية اعتبارا لكون الأسرة هي النواة الأولى داخل القبيلة، وهكذا كانت هذه النزاعات تعرض على الجماعة أو قاضي الجماعة[3] برضى الزوجين الذين عليهما تقديم الحجج والأدلة على ادعاءاتهما أمام الجماعة حتى يتأتى لها الفصل في النزاع، غير أنه في حالة ما إذا لم تتوفر الحجج فإنه يمكن تأجيل النظر فيه –أي النزاع- إلى وقت لاحق مع اختيار حكم معروف بنزاهته وأخلاقه توكل إليه مهمة التوفيق بين الزوجين وتقديم استنتاجاته حتى تتمكن الجماعة على ضوئها من القيام بدور الوساطة أو حسم الخلاف.
وإذا كانت الجماعة ليست محكمة بالمفهوم الرسمي، وهي بذلك لا تتوفر على سلطة اتجاه أطراف النزاع، وبالتالي ينحصر دورها في الوساطة والتوفيق بعد الإشهاد، فإن الإلتزام بمقرراتها مسألة تدخل ضمن إرادة الأطراف، غير أنه وبالرغم من عدم وجود جهاز يكفل تنفيذ مواقفها إلا أنه لم يكن من الممكن إبعاد الشعور بضرورة الامتثال لقراراتها نتيجة سلطة معنوية منطلقها الانتماء للجماعة.
المطلب الثاني: الصلح بعد الفتح الإسلامي.
أشرقت شمس الإسلام على المغرب في النصف الثاني من القرن الأول الهجري واعتنقه جميع السكان وامتثلوا لتعاليم الشريعة الإسلامية وأبقوا على بعض أعرافهم التي لا تتناقض وهذه التعاليم.
ولما كان الإسلام يدعو إلى الاعتصام والوحدة ونبذ الاختلاف والفرقة والشقاق ويحث على التعاون والتسامح ويحارب بواعث الخلاف ويجعل شعار المؤمن الصادق السماحة في المعاملة في بيعه وشرائه وقضائه واقتضائه، حيث قال عليه الصلاة والسلام في ما رواه جابر بن عبد الله: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى".[4]
ولما كان الصلح في طليعة الأحكام التي تحقق أهداف الإسلام في التعاون والقضاء على عوامل الفرقة والنزاع، فقد كان من السهل أن ينفذ إلى قلوب المغاربة ويعتمدونه في قضائهم خاصة وأنه –كما قلنا سابقا- كان متأصلا في تقاليدهم قبل دخول الإسلام.
وهكذا فقد سار القضاء المغربي على نهج السلف الصالح في اعتماده الصلح في حل القضايا والنزاعات التي كانت تعرض عليه. ومع أن المسطرة الشرعية في التقاضي كانت بسيطة وسريعة ومجانية والولوج إلى القضاء كان سهلا ومتاحا للجميع، وتنفيذ أحكامه مضمون، فإن القاضي لا يتصدى لإصدار حكمه إلا بعد أن يحاول ندب المتخاصمين للصلح والتسديد، وبعد أن يتبين له استحالة التوفيق بينهما. بل إنه لم يكن يسمح للمتصالحين بالرجوع عن الصلح المبرم بينهما على وجه صحيح حتى ولو تراضيا، ولا أدل على تلك الفتوى التي أصدرها العلامة علي بن سعد اليعقوبي الإيلالني المتوفى سنة 1240هـ: "….ولأن الصلح إذا وقع لا يجوز فسخه ولو رضي به المتصالحين كما نص عليه ابن عاصم بقوله:
ولا يجوز نقض صلح أبرمـــــــا
وإن تراضيا وجبرا ألزمــــــــــا
وفي المختصر (لا إلى الخصومة)."[5]
ورغم أن العمل بالمبادئ الشرعية قد اضمحل في عهد الاستعمار الفرنسي، حيث أدخلت نصوص قانونية غريبة عن بيئة المغاربة، إلا أن هذه المبادئ ما لبثت أن تعززت فجر الإستقلال وخاصة مع إنشاء المجلس الأعلى سنة 1957 والذي جاء في إحدى قراراته ما يلي: "إذا كان الصلح بين الزوجين يمحو أثر الأخطاء السابقة، فيجب الاحتجاج بذلك أمام قضاة الموضوع".[6]
وانطلاقا من هذه الفترة، اتجهت كل التعديلات التشريعية في كل الميادين القانونية إلى تدعيم آلية الصلح وجعلها إجراءا إلزاميا في بعض الأحايين واختياريا في أخرى أمام القضاء. وللتدليل على ذلك يكفينا ما جاء في القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة.
المبحث الثاني: أهمية ومشروعية الصلح.
يكتسي الصلح أهمية بالغة على المستوى العملي بالنظر لانعكاساته الإيجابية (مطلب أول)، لذلك كان من الطبيعي أن تعتمده الشريعة الإسلامية وتهتدي إليه القوانين الوضعية (مطلب ثاني).
المطلب الأول: أهمية الصلح.
لاشك أن أهمية الصلح لا تقتصر على تخفيف العبء عن القضاة بل تتعدى ذلك إلى تخفيف العبء عن الخصوم، تحقيق العدالة ونشر السلم الاجتماعي.
الفقرة الأولى: تخفيف العبء عن القضاة.
إن اللجوء إلى القضاء كوسيلة وحيدة لحل المنازعات يؤدي إلى تضخيم القضايا وإثقال كاهل القضاة نظرا لقلة عددهم بالمقارنة مع الزيادة المتضاعفة لكم الملفات المعروضة خاصة وأن توفير العدد اللازم من هؤلاء يعتبر في حكم المستحيل[7] لأنه يتطلب أعباء مالية لا تتمكن الدولة من توفيرها في ظل ظروفها الاقتصادية الراهنة، بالرغم من المجهودات المبذولة في هذا الإطار.
ولكل ذلك، فإن إعمال الصلح كوسيلة بديلة للعدالة القضائية سيؤدي لا محالة لتخفيف العبء على القضاة باقتطاع جزء كبير من المنازعات وحلها بعيدا عن دواليب المحكمة، وفي هذا تحقيق لمعنى من معاني المثل القائل "لو أنصف الناس استراح القاضي وبات كل على أخيه راض".[8]
الفقرة الثانية: تخفيف العبء عن الخصوم.
إن في إنهاء النزاع بين الخصوم صلحا بدلا من الالتجاء إلى طريق التقاضي أو السير في الدعوى إلى النهاية تخفيف عبء كثير عنهم، ذلك أن إجراءات التقاضي طويلة ومعقدة، فالمدعي يستغرق وقتا طويلا لإثبات ادعاءاته في الدعوة بالحجج والأدلة مستخدما كل الثغرات لإطالة أمد النزاع، بالإضافة إلى تعدد درجات التقاضي من معارضة واستئناف ونقض…. كل هذا يساهم في ارتفاع تكاليف الخصومة التي قد تفوق أحيانا قيمة الدعوى فضلا عن مزية المحافظة على أسرار الخصوم خاصة في النزاعات الأسرية خلافا لمبدأ علانية الجلسات، وفي هذا تحقيق لمعنى المثل القائل: "صلح مجحف خير من دعوى رابحة".[9]
الفقرة الثالثة: تحقيق العدالة.
إذا كان الحكم الذي يصدره القاضي نابعا من تطبيق النصوص القانونية على الوقائع والقضايا المعروضة عليه، فإنه لا يحقق العدل والإنصاف في جميع الحالات خاصة وأن القضاة بشر لا يقضون بعلمهم وإنما من واقع المستندات المقدمة[10] من أحد الخصوم الذي قد يكون ألحن بحجته وأقدر على إلباس الحق بالباطل، فيحكم لصالحه وهو غير محق في جحوده لحق خصمه، وقد أكد هذا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي روته أم سلمة رضي الله عنها أنه قال: "إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقض له بنحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فإنما أقطع له به قطعة من النار".[11]
تأسيسا على ما سبق، فإن لجوء طرفي الخصومة إلى الحل الرضائي المتمثل في الصلح أدعى إلى الإنصاف والمصالحة فهم أعلم من غيرهم ومن القاضي بمدى أحقية كل منهم لما يدعيه، حيث يعلم كل من المتخاصمين في أعماق ضميره حقيقة مركزه القانوني إزاء النزاع القائم.
الفقرة الرابعة: نشر السلم الاجتماعي.
لئن كان القضاء يحسم النزاع من الناحية القانونية، إلا أنه لا يؤدي في غالب الأحيان إلى حسمه من الناحية الاجتماعية، فالمحكوم عليه وإن ارتضى حكم القضاء في الظاهر إلا أنه في قرارة نفسه يحقد على المحكوم له ويتربص به الدوائر وقد تدفعه نفسه الأمارة بالسوء إلى ارتكاب جريمة من الجرائم[12]، فضلا عن ذلك إن الفصل في الخصومة بحكم قضائي يورث في النفوس النفرة وفي القلوب الضغائن، كما أنه يحطم العلاقات الاجتماعية، عكس الصلح الذي يساهم بحق في تحقيق السلم الاجتماعي ويعيد للنفوس صفاءها ونقاءها، ويزيل ما علق بها من رواسب وأحقاد، وبذلك يشيع الوئام والوفاق بين الأفراد جميعا. وفي هذا المعنى يقول أحد الفقهاء أن مساعي التسوية ما هي إلا محاولة لإعادة السلام وإخماد الفتن.[13]
واعتبارا لهذه الفوائد والمزايا ولما فيه من جلب للمصلحة ودرء للمفسدة، فإن الشريعة الإسلامية دعت إليه في كل مصادرها.
المطلب الثاني: مشروعية الصلح.
إذا كان الصلح مأخوذا به من لدن جل الشرائع الوضعية، فإن الشريعة الإسلامية قد سبقت إلى تقريره منذ أربعة عشر قرنا، فقد أجمعت جميع مصادر التشريع الإسلامي على إجازته وندبت إليه ما لم يحرم حلالا أو يحلل حراما.[14] بل إنها وصفته بأنه خير، فهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
ففي الكتاب الكريم آيات كثيرة ومتعددة، منها قوله تعالى: }وإن طائفتان من المومنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون{.[15]
وقوله تعالى: }وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا، والصلح خير{[16] وقوله عز من قائل: }وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا{[17].
وأما السنة النبوية الشريفة، فهي حافلة بأقوال وأفعال وتقريرات الرسول صلى الله عليه وسلم، التي تحث على التوفيق والإصلاح ومنها ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما".[18] وقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة".[19] الأكثر من هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح الكذب إذا كان من أجل التوفيق بين الناس، حيث قال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، فينمي خيرا أو يقول خيرا".[20] وعن سهل ابن سعد رضي الله عنه أن أهل قباء اقتتلوا بالحجارة، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: "إذهبوا بنا نصلح بينهم".[21]
وقد سار الخلفاء الراشدون وجمهور الأئمة والسلف الصالح على هدي السنة النبوية، وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "ردوا الخصوم حتى يصلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن". وكان ذلك بمحضر جمع من الصحابة ولم ينكره أحد فاعتبر ذلك إجماعا.
أما بالنسبة للشرائع الوضعية، فهي بدورها عملت على إدراج الصلح ضمن قوانينها؛ فالمشرع المصري أجازه ونظمه في قانونه المدني بالمواد من 549 إلى 557. كما أن المشرع الفرنسي أخذ بمسطرة الصلح بموجب القانون رقم 515-99 الصادر في 23 يونيو 1999 في المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.[22]
وفيما يخص تشريعنا الوطني، فقد نص على الصلح في مجموعة من القوانين سواء تعلق الأمر بقوانين الشكل أو قوانين الموضوع بدءا بالقوانين المدنية والقوانين الجنائية وانتهاءا بالقانون التجاري، قانون الشغل، مدونة الأسرة وبعض القوانين المنظمة للمهن الحرة.
المبحث الثالث: مفهوم الصلح وتمييزه عن بعض المؤسسات المشابهة.
لعل فهم عقد الصلح كمؤسسة قانونية قائمة الذات، يستلزم توضيح مفهومه بشكل يجعله واضح البيان، كما يستلزم تمييزه عما يختلط به.
المطلب الأول: مفهوم الصلح.
إن التعرض لمفهوم الصلح يقتضي منا التطرق لمفهومه اللغوي والاصطلاحي (الفقرة الأولى)، لنرى بعد ذلك مفهومه في الاصطلاح القانوني (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المفهوم اللغوي والاصطلاحي للصلح.
الصلح لغة: تصالح القوم بينهم، والصلح: السلم، وقد اصطلحوا وصالحوا واصلحوا وتصالحوا واصالحوا مشددة الصاد، كلها ألفاظ بمعنى واحد.
الصلاح بكسر الصاد مصدر المصالحة والعرب يؤنثها، والاسم الصلح يذكر ويؤنث.[23]
وصالحه مصالحة وصالحا: سالمه وصافاه، ويقال صالحه على الشيء سلك معه مسلك المسالمة في الاتفاق.[24]
ويقصد به أيضا قطع النزاع.[25]
أما اصطلاحا فقد عرفه فقهاء الشريعة الإسلامية بتعاريف متعددة ومتقاربة، حيث قال ابن عرفة بأن الصلح: "انتقال عن حق أو دعوى بعوض لرفع نزاع أو خوف وقوعه".[26] أما ابن رشد فقد عرفه بأنه: "قبض الشيء عن عوض يدخل فيه محض البيع".[27] كما عرفه قدري باشا في كتابه مرشد الحيران بأنه: "عقد وضع لرفع النزاع وقطع الخصومة بين المتصالحين بتراضيهما".
يتبين من هذه التعاريف أن تعريف ابن عرفة أعم وأشمل على اعتباره أنه أشار للعوض في الصلح خلافا لقدري باشا الذي أغفل هذا العنصر، كما أنه جعل الصلح ليس رافعا للنزاع فقط بل مانعا لوقوعه أيضا وهذا ما لم يشر إليه ابن رشد وقدري باشا.[28]
وتجدر الإشارة إلى أن علماء الشرع الإسلامي قسموا الصلح إلى ثلاثة أنواع؛ صلح عن الإقرار وهو أن يقر المدعى عليه للمدعي بأن هذا الأخير محق في دعواه، ثم يتصالحان، وصلح عن الإنكار ينكر فيه المدعى عليه الحق موضوع الدعوى ثم يتصالحان، وأخيرا صلح عن السكوت يلتزم فيه المدعى عليه السكوت أي لا يقر ولا ينكر.[29]
الفقرة الثانية: المفهوم القانوني.
عرف المشرع المغربي الصلح في المادة 1098 من قانون الالتزامات والعقود بأنه: "عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه، وذلك بأن ينزل كل منهما للآخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو بإعطائه مالا معينا أو حقا". فهذا التعريف أدق من التعريف الذي أتى به المشرع الفرنسي في المادة 2044 من القانون المدني لكون هذا الأخير أغفل الإشارة إلى أهم خاصية من خصائص الصلح وهي تنازل كل من الطرفين عن جزء من ادعائه وذلك حين قال:
« La Transaction est un contrat par le quel les parties terminent une contestation née, ou préviennent une contestation à naître ».
وعموما، يتبين من خلال التعريف الوارد في المادة 1098 أن عقد الصلح يتميز بثلاث مقومات أساسية هي الآتي بيانها:
أولا: وجود نزاع قائم أو محتمل.
من متطلبات الصلح أن يكون هناك نزاع بين المتخاصمين قائم أو على الأقل محتمل، إذ يكون قائما إن عرض النزاع على القضاء فيتم الصلح في هذه المرحلة ويسمى صلحا قضائيا، وقد لا يعرض النزاع على القضاء فيكون محتملا ويسعى الطرفان إلى إنهائه صلحا اتقاء لاستمراره، ويفترض في النزاع أن يكون جديا ولو كان أحد الطرفين هو المحق دون الآخر، وكان حقه واضحا ما دام هو غير متأكد من حقه، فالمعيار إذن هو معيار ذاتي محض، إذ أن تقدير قيام النزاع الدافع إلى الصلح أو عدم قيامه يجب أن يستند إلى معيار شخصي تراعى فيه حالة المتخاصمين وظروفهما الخاصة ومبلغ ثقافتهما ولا عبرة بعد ذلك بوضوح الحق.
ثانيا: توفر نية حسم النزاع.
لا يمكن الحديث عن الصلح إلا إذا كان غرض كل من الطرفين إنهاء النزاع بينهما إذا كان قائما أو اتقاء وقوعه إذا كان محتملا، أما إذا لم تكن لديهما نية لحسم النزاع فلا يعتبر العقد صلحا. ومثال ذلك أن يلجأ الطرفان إلى إجراء لا يتعلق بجوهر الحق المتنازع فيه ويتفقان على القيام به، كأن يتفقا على طريقة معينة لاستغلال العين المتنازع على ملكيتها إلى حين حسم النزاع بشأنها من قبل المحكمة، فهذا الاتفاق والحالة هاته لا يعتبر صلحا لأنه لا يؤدي إلى إنهاء النزاع حول الملكية.[30] ولكن ليس من الضروري أن يحسم الصلح في كل النقاط المتنازع بشأنها بين الطرفين، بل يكفي أن يحل بعضها ويترك البعض الآخر للمحكمة، وهذا يعتبر صلحا رغم ذلك.
ثالثا: نزول كل من الخصمين عن جزء من ادعائه.
يقصد بهذا العنصر أن ينزل كل من المتصالحين على وجه التقابل عن جزء من ادعاءاته، وقد أكد المشرع المغربي هذا حينما نص على ما يلي: "…وذلك بتنازل كل منهما عن جزء مما يدعيه لنفسه…" [31]، فإذا نزل أحد الطرفين عن ادعائه ولم ينزل الطرف الآخر عن شيء، لم يكن هذا صلحا وإنما هبة أو تسليما بالحق حسب الأحوال، إلا أنه لا يشترط في هذا التنازل أن يكون متعادلا؛ فقد ينزل أحد الطرفين عن جزء كبير من ادعائه ولا ينزل الآخر إلا عن جزء يسير مما يدعيه، فالمهم هو مطلق تنازل الطرفين.
وعنصر النزول المتبادل هو ما يفرق الصلح عن غيره من التصرفات التي تؤدي إلى إنهاء النزاع، وهو ما سنعمل على توضيحه في النقطة الموالية.
المطلب الثاني: تمييز الصلح عما يشابهه.
توجد تصرفات أخرى تهدف إلى إنهاء النزاعات، وبما أن عقد الصلح وجد لهذا الغرض، فقد تلتبس به أحيانا هذه التصرفات، لذلك سنبين أوجه الخلاف والإلتقاء بينها وبين عقد الصلح، وهذه التصرفات هي: الحكم، التحكيم، والتسليم بالحق وترك الإدعاء.
الفقرة الأولى: الصلح والحكم.
يظهر وجه التشابه بين عقد الصلح والحكم في أن كلا منهما يحسم النزاع بالإضافة إلى وجود وحدة في الخصوم والمحل والسبب علاوة على إشراف القضاء على كل منهما. لكن الاختلاف بينهما يكمن فيما يلي:
1- الصلح عقد كسائر العقود يشترط فيه وجود الرضى، أما الحكم فيصدر من المحكمة في دعوى مرفوعة من أحد الأطراف للفصل في النزاع.
2- الصلح يكون في النزاع القائم والمحتمل عكس الحكم الذي يفصل في النزاع القائم فقط.
3- الصلح لا يقبل تجزئته، فبطلان جزء منه يجعل الكل باطلا أما الحكم فهو قابل للتجزئة ويمكن تعديل أو إلغاء جزء منه دون المساس بباقيه.
4- الصلح لا يجوز تنفيذه إلا إذا كان مصادقا عليه من المحكمة أو كان ثابتا بورقة رسمية. أما الحكم فيجوز تنفيذه طبقا للقواعد المقررة في القسم التاسع من ق. م. المدنية.
5- الصلح لا يجوز الطعن فيه إلا بدعوى مستقلة لعيب من عيوب الإرادة. أما الحكم فلا يجوز الطعن فيه لعيب من عيوب الإرادة، وإنما يجوز الطعن فيه بالطرق المنصوص عليها ضمن قانون المسطرة المدنية.
الفقرة الثانية: الصلح والتحكيم.
يتفق عقد الصلح مع التحكيم في كون كل منهما يهدف إلى حسم النزاع دون استصدار حكم من القضاء، كما أن اللجوء إليهما يتم بإرادة الأطراف. إلا أن التحكيم يختلف عن الصلح اختلافا بينا؛ فالذي يبت في النزاع في الصلح هم أطراف الخصومة أنفسهم، بينما في التحكيم الأمر يقتضي تدخل طرف ثالث وهو المحكم.
من هنا يتبين أن التحكيم أشد خطورة من الصلح لأن التجاوز عن الحق في هذا معلوم قبل تمامه، بينما في التحكيم تتعذر معرفة ما قد يمكن أن يحكم به المحكم.[32] كما أن الصلح فيه تنازل من أحد الطرفين أو كلاهما عن حق بخلاف التحكيم فليس فيه تنازل.
الفقرة الثالثة: الصلح والتسليم بالحق وترك الادعاء.
يتشابه الصلح مع التسليم بالحق وترك الادعاء في أن كلا منهما يضع حدا للخصومة، غير أن الصلح يختلف عن هذه المؤسسة في أن الأول يستلزم تضحية كل من الطرفين على وجه التقابل عن جزء من ادعائه، أما الثاني فهو تصرف قانوني بالإرادة المنفردة ملزم لجانب واحد.
العقد توافق إرادتين أو أكثر على إحداث قانوني، سواء بإنشاء التزام، أو نقله أو تعديله، أو إنهائه[33] وبذلك فهو يتضمن التزامات متقابلة في ذمة المتعاقدين، التي تظهر بشكل جلي أثناء تنفيذه. وهذا كله ينطبق على عقد الصلح باعتباره من العقود المسماة، التي خصها المشرع المغربي بتنظيم خاص، ناهيك عن اعتباره من أهم العقود التي تهدف إلى فض المنازعات بالطرق الودية دون استصدار حكم قضائي.
كل هذا يدفعنا للتساؤل عن أحكام هذا العقد لمعرفة مرتكزاته، والحيثيات التي يقوم عليها. لتحقيق هذه الغاية سنعمل على تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين: نخصص الأول لدراسة أركان وشروط هذا العقد، أما الثاني فسوف نعالج من خلاله إجراءات وآثار الصلح من جهة، وتنفيذه والطعن فيه من جهة أخرى.
المبحث الأول: أركان وشروط عقد الصلح.
عقد الصلح كغيره من التصرفات القانونية الأخرى، لقيامه لابد له من أركان يقوم عليها (مطلب أول)، وشروط (مطلب ثاني) لصحته وكذا ليكتسب الصفة القضائية والتي تعنينا في هذا العقد دون غيره.
المطلب الأول: أركان عقد الصلح.
لم يشترط المشرع المغربي إفراغ عقد الصلح في شكل معين، ولم يقيده بأي قيد يخرجه عن حكم القواعد العامة السارية على كافة العقود، لذلك كانت الأركان اللازمة لانعقاده هي نفسها التي تلزم لانعقاد سائر العقود الأخرى،[34] والتي يمكن إجمالها في الرضا والمحل والسبب، وهي التي ستكون موضوع تحليلنا في الفقرات الثلاث الموالية.
الفقرة الأولى: التراضي.
عقد الصلح عقد رضائي في الشريعة الإسلامية، لانعقاده يكفي المتعاقدين الاتفاق على ماهية العقد والنزاع المراد حسمه، وعلى الخصوص النزول المتبادل لطرفيه وسائر الأركان الأخرى.
والصلح لا يتم عادة إلا بعد مفاوضات طويلة ومساومات وأخذ ورد، لذا وجب تبيان متى تم الاتفاق النهائي إذ لا يجوز الوقوف عند أية مرحلة من مراحل التفاوض ما دام الاتفاق النهائي لم يتم بعد، وعليه فالتراضي التام هام في عقد الصلح لكونه منه للخصومة وقاطع لها، فإذا انعدم التراضي فات المقصود من هذا العقد وظل النزاع قائما عكس العقود الأخرى التي ترد على إنشاء عقد ابتدائي.[35]
والتراضي أمر باطني لا يظهر إلا بما يدل عليه، وفي هذا الإطار فهو لا يخرج عن أحد الأمرين:
· الأمر الأول: الرغبة في آثار العقد أي الارتياح النفسي لهذه الآثار وهو ما يصطلح عليه من لدن الفقهاء المعاصرين وفقهاء القانون بالإرادة الباطنة.
· الأمر الثاني: ما يدل على الرغبة من لفظ أو كتابة أو إشارة، وهذا ما يسمى "بالإرادة الظاهرة" والتي تعبر في نفس الوقت عن الإرادة الباطنية.[36]
بناء على ما سبق، فلا يمكن الحديث عن عقد الصلح إلا بإيجاب أحد المتعاقدين وقبول الطرف الآخر الملزم بمطابقته للأول، ويمكن التعبير عن الإرادة بشكل صريح أو ضمني، لكن في هذه الحالة فعلى المعني بالأمر أن يتخذ موقفا لا يدع مجالا للشك للدلالة عما بنفسه، مع الإشارة إلى أن سكوت أحد الطرفين لا يستفاد منه قبوله للصلح، بل يجب أن يقترن ذلك بما يدل على قبوله.
وقد يلتبس الرضا ببعض المؤسسات المشابهة له، كما هو الحال لعنصر الاختيار، مما يحتم علينا التساؤل عن مدى تلازمهما، بتعبير آخر هل إذا وجد أحدهما وجد الآخر أم العكس. في هذا الصدد فالأحناف هم وحدهم الذين اختصوا بالتفرقة بينهما خلافا لسائر الأئمة الآخرين الذين ساروا في اتجاه تلازمهما فهم يعتبرون الاختيار هو القصد إلى التلفظ بالعبارة، بينما الرضا فهو الرغبة في آثار العقد عند التلفظ مما يدل على إنشائه.[37]
ونعتقد من جهتنا أن الاختيار يختلف تماما عن الرضا، لأن المعني بالأمر قد يقصد العبارة ويتلفظ بها، لكنه غير راض بالآثار المترتبة على عباراته وهذا ما نلمسه في كل من الهازل والمكره.
وعموما، فإذا انعدم التراضي في عقد الصلح كان العقد باطلا بطلانا مطلقا، وظل النزاع قائما، إذ لا يمكن لأحد الاحتجاج على غيره، ولا حتى على الطرف المتعاقد معه.
ويسري على انعقاد الصلح بتوافق الإيجاب والقبول القواعد العامة في نظرية العقد، وفي ذلك التعبير عن الإرادة، ومدى الاعتداد بالإرادة الظاهرة أو الباطنة، والوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإرادة، ومتى يقترن الإيجاب بالقبول، وفقدان الأهلية[38] إلى غير ذلك، وعليه سوف نقتصر على دراسة شروط صحة التراضي من جهة (ثانيا)، والوكالة في الصلح من جهة أخرى (أولا).
أولا: الوكالة في الصلح.
أجاز المشرع المغربي طبقا للمواد المنظمة لعقد الوكالة، إبرام عقد الصلح عن طريق الوكالة، واشترط بالخصوص أن تكون وكالة خاصة لا عامة، لأن هذه الأخيرة تقتصر على أعمال الإدارة[39] دون غيرها، لذلك لم يتم اعتمادها لنقل أو تقرير الحقوق. وفي السياق ذاته فهذه الوكالة لا تشملها وكالة التقاضي التي تحتاج بدورها إلى تخصيص دقيق ومحدد على سبيل الحصر، وهذا ما اعتمده المشرع المغربي في المادة 832 من ق. ل. ع المغربي، ومن تم فلا يمكن للوكيل ولا المحامي أن يصالح على حقوق موكله ما لم يكن منصوصا على ذلك في عقد الوكالة، فإذا وكل أحد أحدا بدعوى وصالح عليها دون إذنه فلا يصح صلحه هذا، ويبقى العقد موقوفا على إجازة الموكل، والحديث نفسه يقال على الوكالة بالصلح فهي بدورها لا تستلزم الوكالة بالخصومة لأن في معنى الخصومة التوصل إلى إثبات الحق، خلافا للصلح الذي قد يكون إسقاطا أو بيعا أو إجازة.[40]
ولا يشترط في الوكيل أن تتوفر فيه نفس الأهلية المطلوبة في الموكل، فيكفي أن يكون مميزا متمتعا بكامل قواه العقلية، ولو لم تكن تلك التصرفات صالحة في حق نفسه لكونه يبرم العقد باسم موكله وهذا ما يقودنا للقول أنه يسوغ للشخص أن يجري باسم الغير ما لا يستطيع أن يجريه بالأصالة عن نفسه، وهذا ما اعتمده المشرع المغربي في المادة 880 من ق. ل. ع، كما يجب عليه ألا يتجاوز تلك الصلاحيات التي منحت له بمقتضى عقد الوكالة، فإذا تجاوزها فصلحه يعد باطلا حتى وإن كان الأمر ناتجا عن تفسير أو غموض لعبارات الصلح لأن في الشك قول للموكل دون غيره.
ويمكن للشخص أن يوكل وكيلين من أجل إجراء الصلح، لكن إذا انفرد أحدهما بإبرامه، فالصلح هنا يقع باطلا حتى ولو تعلق باستحالة حضور الطرف الآخر (م 896).
إذا كان الأمر كذلك، فماذا يمكن القول عن الوكالة في إجراء الصلح إذا تعلق الأمر بالحالة الشخصية (الصلح بين الزوجين)؟ خاصة إذا تعذر على الأطراف أو أحدهم حضور جلسة الصلح؟[41]
ثانيا: شروط صحة التراضي.
لم يشترط المشرع المغربي شروطا معينة لصحة عقد الصلح، لذلك كانت الشروط اللازمة لصحته، هي نفسها المتطلبة في باقي العقود الأخرى والتي يمكن إجمالها في توفر الأهلية لدى المتصالحين (أ)، وخلوا إرادتهما من العيوب التي قد تشوبها (ب)، وإن افترضنا أن الأمر كذلك، وأصبح العقد صحيحا منتجا لكل آثاره تجاه أطرافه وكذا تجاه الأغيار، فكيف إذا يمكن إثباته من أجل الاحتجاج به على هؤلاء؟ (ج).
أ ـ الأهلية المطلوبة لدى المصالحين.
إن الأهلية الواجب توافرها في كل من المتصالحين هي أهلية التصرف في الأشياء التي يرد عليها الصلح، لأن الطرفين في هذه الحالة يعملان على إبرام عقد معاوضة متمثل في تنازل كل منهما عن جزء من ادعائه نظير تنازل الطرف الآخر، من هنا كان اشتراط أهلية التصرف أمر ضروري، وهذا ما يمكن أن نلاحظه في المادة 1099 من ق. ل. ع: "يلزم لإجراء الصلح التمتع بأهلية التفويت في الأشياء التي يرد عليها الصلح".
وتكتمل أهلية التصرف بإتمام الفتى والفتاة المتمتعتين بقواهما العقلين، ثمان عشرة سنة شمسية كاملة وفقا للمادة 209 من مدونة الأسرة المغربية، وعليه، فالبالغ الرشيد له أهلية كاملة في الصلح على جميع حقوقه ما لم يكن محجورا عليه[42] لسبب من أسباب التحجير أو ممنوعا بسبب مرض الموت أو فقدان الأهلية أو غيرها.
وعلى العكس من ذلك، فإن الصبي الغير المميز ليس له في الأصل إمكانية التصرف في أمواله، لانعدام إرادته. من هذا المنطلق فهو لا يمتلك حق الصلح على حقوقه، مما يفتح المجال لوليه لكي يصالح عليه بناء على إذن القاضي، خاصة إذا كان محل الصلح عقارا أو محلا تجاريا أو أوراقا مالية أو كان مالا موروثا. ويمكن تمديد الحكم ذاته إلى حالة الصبي المميز الذي يقوم بتصرفات من شأنها أن تضر بذمته المالية، كأن يتصالح مع غيره من أجل التبرع بكل أمواله أو نحو ذلك. إلا أن الأمر يختلف تمام إذا كانت تصرفاته تعود عليه بالنفع فهنا يقع صلحه صحيحا ويعتد به.
أما بالنسبة لوضعية المرشد فهي لا تطرح أي إشكال لكونه يعتبر في هذه الحالة كاملا للأهلية لتعتبر كل تصرفاته صحيحة ومن تم فصلحه منتجا لكل آثاره تجاه أطرافه وتجاه الأغيار.
ب ـ خلو الإرادة من العيوب.
إن الإرادة في هذه الحالة، تكون موجودة لكنها غير حرة، بحيث تأتي مشوبة بعيب من العيوب كالغلط، والتدليس، والإكراه. لذا يكون مصير العقد هو القابلية للإبطال المخولة لصحية أحد هذه العيوب، خلافا لحالة الإرادة المنعدمة، التي يكون في إطارها العقد باطلا، وهكذا سنعرض لكل واحد من العيوب المذكورة أعلاه.
* الغلط:
فهو الاعتقاد الذي يتولد في ذهن المتعاقد فيجعله يتصور الأمر على غير حقيقته فيدفعه للتعاقد، من هذا المنطلق، فإن المشرع المغربي خول إليه إمكانية طلب إبطال ذلك العقد، ما دام الأمر متعلقا بغلط مادي في شخص المتعاقد الآخر، كأن يتصالح مع شخص يظنه فلانا فإذا به غيره أو في صفته[43] أو الشيء الذي كان محلا للنزاع، إلا أن هذا التصور يختلف تماما كلما تعلق الأمر بغلط في القانون. ففي هذه الحالة وطبقا لمقتضيات المادة 1112 من ق. ل. ع المغربي[44]، فالمشرع اعتبر الطعن غير جائز، إذ يكون هذا الأخير قد خرج عن القواعد العامة، التي تعتبر الغلط في القانون كالغلط في الواقع،[45] أسباب كلها تخول لصاحبها إمكانية المطالبة بالإبطال[46].
وعموما، فتوجه المشرع المغربي هذا لا يتعارض مع مقتضيات الشرع الإسلامي، إذ لا يجوز أن يحمل شخص على غير قصده، مصداقا لقوله تعالى: }ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما{.[47]
* التدليس:
وهو المتمثل في الوسائل الاحتيالية المستعملة من طرف المدلس أو نائبه أو شخص من الغير يهدف تغليط الطرف الآخر ودفعه للتعاقد.
وعليه، فإن كان أحد المتعاقدين ضحية تدليس، فالمشرع خول إليه طبقا لمقتضيات المادة 1111 من ق. ل. ع المغربي[48] إمكانية الطعن في الصلح، ولا يتم هذا إلا بتوفر شرطين أساسيين أحدهما مادي والآخر معنوي:
– فبالنسبة للشرط المادي، فهو يتجلى في استعمال تلك الوسائل الاحتيالية لإيقاع المتعاقد الآخر في الغلط ودفعه للتعاقد.
– أما بالنسبة للشرط المعنوي، فيكمن في كون تلك الوسائل المستعملة هي المؤثرة في إرادة المدلس عليه إذ لولاها لما أقدم على إبرام العقد، ومن جهة أخرى فغاية المدلس هي تحقيق غرض غير مشروع.
* الإكراه:
هو إجبار شخص على عمل غير مشروع قانونا وبدون رضاه، فمن تم فصلح المكره يعد باطلا وفقا لما ذهب إليه المالكية والشافعية والحنابلة، وبالتالي فلن يترتب عليه أي أثر مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي النسيان والخطأ وما استكرهوا عليه". هذا على عكس الأحناف الذين يعتبرون العقد منعقدا لكنه فاسد، أي لا يترتب عليه أثر ويكون للمكره بعد زوال الإكراه الخيار بين الفسخ والرجوع لانعدام إرادته.[49]
فبالنسبة للمشرع المغربي فيمكن القول أنه ساير روح الشريعة الإسلامية حين اعتبر الإكراه مؤثرا في إرادة المتعاقد، من هنا أجاز إليه الحق في الطعن، اعتمادا على القواعد العامة للإكراه وهذا ما نلمسه من خلال مقتضيات المادة 1111 من ق. ل. ع.[50]
وبذلك فالقانون الوضعي يتفق مع الفقه الإسلامي في اعتبارهما العيب مؤثرا في صحة عقد الصلح.
وتجدر الإشارة إلى أنه للأخذ بالأحكام المتعلقة بالإكراه فقد اشترط أن يتم استعمال وسائل للضغط على إرادة المكره، والتي من شأنها أن تولد في نفسيته خوفا يدفعه للتعاقد، ناهيك عن مبتغى المكره في تحقيق غرض غير مشروع.
ثالثا: الإثبات في عقدا الصلح.
اشترط المشرع المغربي ضرورة الكتابة من أجل إثبات عقد الصلح، لكونه يتضمن عادة شروطا واتفاقات معقدة ثمرة مساومات ومفاوضات طويلة، إذ لو اعتمدنا في إثباتها على شهادة الشهود، فإن ذاكرتهم قد لا تعي كل ذلك، الأبعد من هذا أن الصلح قد شرع لحسم النزاع ومن تم فلا يجوز أن يخلق هو الآخر نزاعا آخر قد ينشأ عن إباحة إثباته بالبينة.[51]
واشتراط المشرع هذا يتعلق بكتابة إثبات لا انعقاد ليؤكد من جديد أن عقد الصلح عقد رضائي يكفي لقيامه توافق الإيجاب والقبول، وعليه إذا لم يوجد هناك سند كتابي نتيجة مانع مادي أو أدبي، أو وجد لكن تم فقده لسبب من الأسباب فيمكن الأطراف الخصومة إعمال وسائل الإثبات الأخرى التي قررها مشرع المغربي في المادة 404 من ق. ل. ع[52].
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا شمل الصلح إنشاء أو نقل أو تعديل حقوق على عقارات أو غيرها من الأشياء التي يمكن رهنها رهنا رسميا فلا يمكن لأطراف هذا العقد أن يواجهوا به الأغيار الخارجين عن العقد، إلا إذا سجل في السجل العقاري وبنفس طريقة تسجيل البيع، لأن الصلح معاوضة كالبيع وبذلك فإبرام عقد الصلح هنا يجب أن يكون كتابة وهذا ما قاله المشرع المغربي في المادة 1104.[53]
الفقرة الثانية: المحل في الصلح.
الصلح كما قدمنا حسم لنزاع الجانبين بتضحية كل منهما بجزء من ادعائه وبذلك يكون محل الصلح، هو ذلك الحق المتنازع فيه، وكذا النزول المنصب عليه، ومن جهة أخرى قد يتنازل أحدهما عن الحق كله مقابل مال يؤدى إليه من لدن الطرف الآخر، فيكون هذا البدل محلا للصلح أيضا.
ويتعين أن تتوفر في محل الصلح كافة الشروط الواجب توافرها في محل الإلتزام بوجه عام، إذ يجب أن يكون موجودا، ممكنا، معينا أو قابلا للتعيين، وهي لا تطرح أي إشكال لتطابق أحكامها مع القواعد العامة، وبوجه خاص أن يكون مشروعا وهذا ما اعتمده المشرع المغربي في المادة 1110 من ق. ل. ع: "لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام أو بالحقوق الشخصية الأخرى الخارجة عن دائرة التعامل، ولكن يسوغ الصلح على المنافع المالية التي تترتب على مسألة تتعلق بالحالة الشخصية أو على المنافع التي تنشأ من الجريمة".
تطبيقا لذلك فلا يجوز التصالح على الأمور المتعلقة بالنظام العام (أولا)، ولا المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية والأهلية (ثانيا) على العكس من ذلك يمكن اعتماده بالنسبة لتلك الحقوق المترتبة عن الحالة الشخصية (ثالثا).
أولا: عدم جواز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام العام.
يشترط في محل الصلح أن يكون داخلا في دائرة التعامل، شأنه في ذلك شأن باقي العقود الأخرى، وبتعبير آخر ألا يكون مخالفا للنظام العام.
فالنظام العام هو كل ما يمس كيان الدولة ويتعلق بمصالحها، كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، والتي تحاول تحقيقها من أجل الرقي والسير في عزة وأمان[54]، وعليه فلا يجوز الصلح على الأموال العامة للدولة من ممتلكات ورسوم وضرائب مستحقة ومقررة بصفة نهائية. والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل يمتد إلى إجراءات التصالح التي يعتبرها المشرع من النظام العام، إذ لا يجوز للقاضي أن يخالف مقتضياتها إذا كانت مفروضة عليه قبل الإقدام على أية خطوة ثانية، وهذا ما نلاحظه بالنسبة للقضايا المتعلقة بالأسرة[55]. فقد صدر عن قرارات المجلس الأعلى عدة تسير في نفس الإتجاه ومن بينها القرار رقم 164 الصادر في 19 أبريل 1980 في الملف الاجتماعي عدد 81153 الذي جاء فيه: "…إن إجراء التصالح من النظام العام".[56]
وينطبق نفس الحكم على كل صلح، أبرم بشكل مخالف للآداب العامة،[57] التي تمثل الجانب الخلقي للقواعد العامة، كالصلح على القيام بعلاقة جنسية غير مشروعة أو ذاك المتعلق بإنشاء أو تخصيص دور للبغاء أو القمار أو الرهان، ويستثنى من هذه الأخيرة الرهان الذي يعقده المتبارون شخصيا في الألعاب الرياضية،[58] وكل ما استثني قانونا كما هو الحال لأوراق اليناصيب.
وفيما يخص الأموال المتصالح عليها، فيجب أن تكون متداولة بين المسلمين، إذ الصلح لا ينعقد إذا كانت متعلقة بخمر أو نجسة أو دم أو لحم خنزير أو مواد مخدرة من حشيش وأفيون وما شابه ذلك من مال غير مقوم[59]، وكل المسائل التي تحرمها الشريعة الإسلامية، وهذا ما اعتمده المشرع المغربي في المادة 1101[60] من ق. ل. ع.
وإذا كان مفترضا بأن تكون تلك الأموال –أي المتصالح عليها- معلومة، فالسؤال الذي يطرح، إذا كانت مجهولة فهل يصح الصلح؟ وإذا صح فهل على إطلاقه أم أن هناك بعض القيود؟
في هذا الإطار فقد انقسم فقهاء الشريعة الإسلامية إلى قسمين:
فالقسم الأول يمثله جمهور الفقهاء، وقد أجازوا الصلح عن المجهول بمعلوم فقد جاء في معين الحكام لعلاء الدين الطربلسي في صفحته المئة: "الصلح على أربعة أوجه معلوم على معلوم، ومجهول على معلوم وهما جائزان، ومجهول على مجهول ومعلوم على مجهول وهما فاسدان".[61]
والقسم الثاني فيمثله الشافعية والذين يرون من جهتهم عدم صحة الصلح عن المجهول بمعلوم، ففي هذا السياق فقد قال الإمام الشافعي: "أصل الصلح أنه بمنزلة البيع فما جاز في البيع جاز في الصلح، وما لم يجز في البيع لا يجيز في الصلح… ولا يجوز الصلح عندي إلا على أمر معروف كما لا يجوز البيع على أمر معروف".[62]
وفيما يخص المشرع المغربي فقد حذا حذو جمهور الفقهاء وأكد من جهته على أن جواز الصلح عن المجهول بمعلوم، ويمكن القول أنه كان على صواب لأن الجهالة هنا ليست مفضية للنزاع، وما يشترط بصفة عامة إلا التحلل.
وتجدر الإشارة أن كل ما يمس المجتمع في روحه ويزعزع استقراره فلا يصح بشأنه أي صلح، وهذا ما نلمسه بالنسبة للجريمة.[63]
لكون الدعوى الجنائية هي من حق المجتمع، ومن تم فهي من النظام العام، فلا يجوز للمجني إبرام عقد الصلح لا مع المجني عليه ولا مع النيابة العامة، لكن يجوز على تلك الحقوق التي تنشأ عن ارتكابها ومثاله الصلح على حق التعويض المدني.
ثانيا: بطلان الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية[64] والأهلية.
لا يجوز لأحد باتفاقه الخاص أن يعدل من الأحكام المتعلقة بالحالة الشخصية، لأن الأمر ها هنا يتعلق بالنظام العام، ويستثنى من هذه القاعدة كل ما يتعلق بالطلاق والتطليق، لأن المسألة في جوهرها لا تخرج عما نحن بصدده، وفي ذلك قوله تعالى: }وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيــرا{.[65]
ويترتب على ذلك أن كل صلح كان موضوعه متعلقا بثبوت أو نفي نسب أو صحة زواج أو بطلانه أو تعديل لأحكام ولاية أو وصاية أو بشأن حجر أو تحديد سن أو غيرها فهو يقع باطلا لمخالفته للنظام العام.
كما لا يجوز الصلح على المسائل المتعلقة بالأهلية، فمن كان أهلا للتصرف فلا يجوز له الصلح على خلاف صفته هذه[66] والعكس بالعكس، كأن يجعل سن رشده القانوني غير ذاك الذي حدده المشرع المغربي بالزيادة والنقصان.
ثالثا: جواز الصلح على المسائل المالية التي تترتب على الحالة الشخصية.
عكس ما قلناه آنفا، فإن المشرع أجاز الصلح على الحقوق المالية المترتبة على الحالة الشخصية، لكونها تتعلق بمصالح خاصة، والتي لا يكتسبها الشخص إلا بناء على اتصافه بحالة معينة، الأكثر من هذا، أن هذه الحقوق تدخل في إطار التقويم المالي. من هذا المنطلق فليس هناك ما يمنع صاحبها –صاحب الحقوق- للتصرف فيها على نحو ما يراه في صالحه.[67] وعليه فيجوز للمطلقة أن تنزل عن مؤخر صداقها أو الصلح على تقسيط أو إيجاد طريقة لأداء النفقة بعد استحقاقها، لا النفقة في حد ذاتها لارتباطها بالنظام العام وهذا ما اعتمده المشرع المغربي في المادة 1102 من ق. ل. ع بقوله: "لا يجوز الصلح على حق النفقة وإنما يجوز على طريقة أدائها أو على أداء أقساطه التي استحقت فعلا".
كما يجوز للورثة أن يتصالحوا على الحقوق التي تؤول إليهم عن طريق الإرث، كلا لفائدة أحد الورثة أو بعضها، بأن يأخذوا أقل من حقهم ونصيبهم الشرعي شرط أن يكونوا على بينة من مقدار حقهم في التركة وهذا ما عبرت عنه المادة 1103* من ق. ل. ع المغربي.
وقد يقترن هذا الحق بحق آخر له صلة بالنظام العام، ومثاله أن يتنازل من يدعي النسب عن نسبه وعن حقه في الميراث مقابل مبلغ معين، فهذا الصلح يقع باطلا برمته وذلك لانعدام التجزئة في أحكام الصلح، ويمتد الحكم ذاته للحالة التي يتم في إطارها تخصيص مبلغ مستقل لكل دعوى، لأن إدماج المسألتين في عقد واحد يكشف عما بنفسية المتعاقدين في ربط أحدهما بالآخر.
والجدير بالذكر، أنه يجوز الصلح كذلك حتى على المصالح المالية التي تترتب عن الأهلية، فالقاصر عند بلوغه سن الرشد القانوني، يجوز له أن يصالح من تعاقد معه على إجازة ذلك العقد، بشروط معينة في إطار نظرية الإجازة.[68]
الفقرة الثالثة: السبب في الصلح.
تم تناول السبب في عقد الصلح من خلال نظريتين: إحداهما تقليدية، والأخرى حديثة.
فالنظرية التقليدية، تعتبر أن السبب هو الهدف المباشر الذي يسعى كل من المتعاقدين تحقيقه.
على هذا الأساس فسبب التزام الطرفين يكون موحدا، وهو المتمثل في نزول كل طرف عن جزء من ادعائه لفائدة الطرف الآخر، وكنتيجة لهذا اختلاط السبب بالمحل.
أما النظرية الحديثة، فتعتبر من جهتها أن السبب بصفة عامة هو الباعث الدافع إلى إبرام العقد، ومن تم فسبب التزام كل متصالح هو ذلك الدافع الشخصي الذي يختلف من شخص لآخر.
وفيما يخص المشرع المغربي فطبقا لأحكام المادتين 62 و65 من ق. ل. ع فإنه لم يحسم في موقفه فيما يخص أحكام السبب، أضف إلى ذلك أنه لم يعمل على تحديد المقصود من السبب هل القصدي أو المباشر،[69] مما فتح الباب على مصراعيه للنقاشات الفقهية بين تلك التي تتجه في اتجاه أخذ المشرع المغربي بالنظرية التقليدية وبين تلك التي تقول بعكس ذلك، مع العلم أن الاتجاه الغالب يؤكد أخذ المشرع بالنظريتين معا.[70]
وعلى أية حال، فمن جهتنا نعتقد أن النظرية الحديثة هي التي تساير أحكام الصلح، وعليه يمكن القول أن الباعث الذي دفع المتعاقدين إلى إبرام العقد يختلف من متصالح لآخر، فقد يكون دافع أحدهما هو تفادي اللجوء للمؤسسة القضائية وما يستتبع ذلك من إجراءات طويلة ومصروفات باهضة أو الخشية من خسران الدعوى أو مراعاة لواجب الاعتراف بالجميل للخصم[71] أو غير ذلك من البواعث.
ويشترط أن يكون سبب عقد الصلح مشروعا أي غير مخالف للنظام العام والآداب العامة، إذ لا يجوز التصالح مع امرأة من أجل المحافظة على علاقة غير شرعية أو التصالح مع آخر من أجل تخصيص دور للقمار أو الدعارة، وإن تم القيام بذلك فالعقد باطل لعدم مشروعية الباعث.
المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها في الصلح حتى يكتسب الصفة القضائية.
الصلح القضائي هو الذي يحصل في مجلس القضاء بصدد خصومة قائمة أثناء السير في إجراءاتها بقصد وضع حد لها، وحسم للنزاع بين أطرافها،[72] عكس الصلح غير القضائي الذي يتم بعيدا عن دواليب المؤسسة القضائية.
وعموما فليس لهذا التقسيم أهمية تذكر لكونهما يستويان في تطبيق أحكام الصلح، إلا أن الشيء الوحيد الذي ينفرد به هذا الصلح القضائي هو تحريره في سند واجب التنفيذ، وهو محضر جلسة الصلح (الفقرة الثالثة)، تبعا لتصديق القاضي (الفقرة الثانية)، ولا يمكن تصور هذا كله إلا بحضور الطرفين وإقرارهما بالصلح أمام المحكمة (الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى: إقرار الطرفان بالصلح أمام المحكمة.
حضور الطرفين أمام المحكمة أمر إلزامي فيما يخص الصلح القضائي، ليقر كل منهما بما تم الاتفاق عليه في عقد الصلح، ويستوي أن يكون حضور المتصالحين بشكل شخصي أو بواسطة ممثلهم القانوني ذي الوكالة الخاصة لا العامة كما قلنا من قبل، ولا يكفي أن يكون هناك عقد صحيح قائم بين الطرفين مثبتا في ورقة عرفية وموقع عليه من لدن الطرفين.
ولا يمكن للمحكمة أن تقوم بالإشهاد على الصلح إذا تخلف أحد المتعاقدين أو كلاهما أو امتنع أحدهما عن التوقيع، أو هما معا رغم حضورهما للجلسة. فإذا عملت المحكمة على إثبات الصلح بالرغم من تخلف أحد هذه الشروط فهي بذلك تكون قد عملت على خرق البنود القانونية. وعليه جاز لصاحب المصلحة الطعن في قرارها هذا بإحدى طرق الطعن المناسبة.
وعلة هذا الشرط تكمن في اكتساب الصلح لصيغته التنفيذية بمجرد التصديق عليه إذ لا يمكن لأحد من المتعاقدين التحرر ولا الرجوع في الصلح ولو باتفاقه مع الطرف الآخر، ما لم يكن قد أبرم هذا الصلح باعتباره مجرد عقد معاوضة وهذا ما اعتمده المشرع المغربي في المادة 1106 من ق. ل. ع: "لا يجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق الطرفين ما لم يكن قد أبرم باعتماده عقد معاوضة".
وبذلك يجب على المحكمة أن تتأكد بنفسها أن الطرفين أقرا بالصلح، ولن يتأتى هذا إلا بحضورهما أمامها وتوقيعهما على محضر الصلح.
الفقرة الثانية: إشهاد القاضي على الصلح.
بعرض أطراف الخصومة عقد صلح على القاضي من أجل حسم النزاع القائم بينهما، فلا يكون أمامه سوى الإشهاد عليه، بعد اتخاذه لكل الإجراءات اللازمة لذلك[73] ما دام متعلقا بمصالح شخصية،[74] فبفعله هذا يكون قد عمل على مساعدة المتقاضين من أجل التوصل إلى حل سلمي ومرض لكل منهما، ومن جهة أخرى، يكون قد خفف العبء عن الجهاز القضائي.
ولا يمكن للقاضي أن يقوم بالتصديق على الصلح من تلقاء نفسه، بل يجب أن يطلب منه ذلك من طرف المتصالحين لكونه في هذه الحالة يلعب دور الموثق الذي يثبت حصول الصلح بصفة رسمية أمامه.
وينعقد اختصاص الإشهاد على الصلح للمحكمة المختصة بالنظر في الدعوى الأصلية سواء كانت ابتدائية أو استئنافية أو غيرها، وفي السياق ذاته فبمجرد تصديق القاضي ورئيس المحكمة يصبح ذلك العقد ذا قيمة تنفيذية، ولا يمكن لأحد أن يتحرر من التزاماته إلا بالطعن في ذلك الصلح بالزور.
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا لم يتم التوصل إلى صلح بين الطرفين إلا أثناء سير إجراءات الدعوى، ففي هذه الحالة فجميع القضاة المكلفين بحسم النزاع ملزمين بالإشهاد على محضر الصلح.[75]
الفقرة الثالثة: إثبات الصلح في محضر الجلسة.
قد يتوصل أطراف الخصومة إلى اتفاق بخصوص النزاع القائم بينهما أثناء سير الدعوى بعيدا عن المحكمة طالبين منها الإشهاد عليه، ففي هذه الحالة فالمحكمة ملزمة بأن تفعل ما طلب منها بعد أن تتأكد من أهلية المتصالحين، وأن المسألة المراد التصالح عليها غير متعلقة بالنظام العام إلى غير ذلك من الاعتبارات، ومن جهة أخرى لا يجوز للقاضي الاستمرار في تنفيذ إجراءات الدعوى متجاهلا ما توصلا إليه الطرفان، لأن الصلح كما هو معلوم منه للخصومة ومن ثم فالقاضي يصح عندئذ غير ذي ولاية على أطراف الخصومة.
وفي جميع الأحوال فبمجرد إثبات المحكمة يكتسب هذا الصلح صفته القضائية.
وما يجب الإنتباه إليه أن عقد الصلح يعد موجودا من اللحظة التي اتفق فيها الأطراف فيما بينهم وليس منذ إثباته في محضر الصلح، وهذا يؤكد من جديد أن عقد الصلح عقد رضائي لا يحتاج إلى أي شكل خاص لوجوده.
المبحث الثاني: إجراءات الصلح القضائي وآثاره والطعن فيه وتنفيذه.
بعد رفع الدعوى أمام القضاء، قد يتوصل الأطراف إلى إبرام صلح بينهم سواء بمبادرة منهم أو بعد مساعي تبذلها المحكمة لمحاولة التوفيق بينهم، وفي هذه الحالة وحتى تكلل هذه العملية بالنجاح ويصير هذا الصلح سندا قابلا للتنفيذ عليها أن تحترم مجموعة من الإجراءات.
وفيما يلي عرض لأهم هذه الإجراءات والآثار التي يرتبها عقد الصلح عند انعقاده صحيحا على عاقديه (المطلب الأول)، ثم لطرق الطعن فيه وتنفيذه (المطلب الثاني).
المطلب الأول: إجراءات الصلح وآثاره.
إذا كان الصلح من بين الأعمال التي على القاضي إثارتها قبل البت في الدعوى حتى وإن أغفل عليها الأطراف، فإن ذلك يتطلب التزامه بمجموعة من الإجراءات التي حددها المشرع كي يرتب آثاره بين طرفيه.
الفقرة الأولى: إجراءات الصلح.
قبل أن يقوم القاضي بالتصديق على عقد الصلح ليصبح سندا قابلا للتنفيذ (ثالثا)، يجب أن ينعقد مجلس الصلح لمحاولة إيجاد حل ودي بين الأطراف (ثانيا)، ويتم ذلك بتوجيه الدعوة إليهم (أولا).
أولا: دعوة الأطراف المتنازعة لجلسة الصلح.
لقد أتاح المشرع المغربي إمكانية التوفيق بين الخصوم في أية مرحلة تكون عليها الدعوى، سواء قبل بدء الخصومة أو أثناء سيرها، وأمام أية درجة من درجات التقاضي، ويستوي في هذه الحالة أن تكون مبادرة التوفيق من الأطراف أنفسهم أو من طرف المحكمة.
إلا أنه في غالب الأحيان قد لا يتمكن الأطراف من إبرام صلح يحسم النزاع القائم، فيتدخل القاضي للقيام بهذه المهمة، ويكون ذلك بدعوتهم لمجلس الصلح سواء بشكل شخصي أو عن طريق وكيليهما، ويجب أن تتم الدعوة بشكل صريح وصحيح تطبيقا لقواعد الإعلام المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية[76]، بحيث يجب تسليم الاستدعاء شخصيا للأطراف المعنيين بالأمر أو تبليغهم به في موطنهم بناء على رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل إلى غير ذلك من طرق التبليغ.
في جميع الحالات إذا حضر الأطراف إلى جلسة الصلح فهنا المسألة لا تطرح أي إشكال، أما عند عدم حضورهم فعلى القاضي أن يتأكد من تمام إعلانه فإذا كان قد أعلم الأطراف لشخصهم فهم يكونون على علم يقيني بالجلسة أما إذا لم يتم التحقق من وصول الإعلان للأطراف فيمكن للقاضي أن يؤجل عرض الصلح إلى جلسة أخرى.[77]
ثانيا: انعقاد جلسة الصلح.
بعد أن توجه المحكمة لأطراف النزاع استدعاء الدعوى لحضور جلسة الصلح ينعقد هذا الأخير تحت إشراف القاضي الذي يكون له دور كبير في التقريب بين الأطراف المتنازعة، وهذا ما أشارت إليه المادة 277 من ق. م. م: "يحاول القاضي في بداية الجلسة التصالح بين الأطراف"، فالقاضي هو الذي يختار الوقت والمكان الملائمين لإجراء محاولة الصلح، لأنه يكون الأدرى باللحظة المناسبة لإجراء هذه العملية نظرا لاختلاف وقائع وظروف كل دعوى. فيجوز له عرض الصلح على الخصوم في جميع مراحل الدعوى حتى في جلسة النطق بالحكم، إلا أنه بمجرد نطقه بالحكم يمنع عليه آنذاك عرض الصلح، لأن المحكمة تكون قد استنفذت ولايتها بالحكم في الدعوى.[78] وتتم محاولة التوفيق بين الأطراف بحضورهم الشخصي أو بحضور وكلائهم بحيث يعتبر حضورهم من أهم الشروط الأساسية لانعقاد جلسة الصلح، ففي حالة عدم حضور أحد الطرفين أو حضوره ورفضه الإقرار بالصلح فلا يجوز للمحكمة التصديق على هذا الاتفاق، وكذلك الأمر في حالة تخلف الطرفين معا عن الحضور أو امتناعهما عن التوقيع، فهذا يعتبر بمثابة إعراض عن الصلح، فمن المسلم أن المحكمة لا تملكم أن تفرض على الخصوم حلا وديا للنزاع بل يجب أن يكون ذلك الحل نابعا من إرادتهم وذلك بموافقتهم على ما انتهت إليه المحكمة.
وفي حالة مصادقة المحكمة على عقد الصلح رغم تخلف الطرفين أو أحدهما أو امتناع أحدهما أو كلاهما عن التوقيع تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ويجوز لصاحب المصلحة أن يطعن في قرارها. أما عند حضور الأطراف إلى جلسة الصلح يحاول القاضي عرض بعض الحلول المناسبة على الطرفين بغية الوصول إلى حل ودي للنزاع دون أن يتجاوز هذه المهمة ويفصل في النزاع أو أن يجري بنفسه صلحا يفرضه عليهم.[79]
وقبل أن يقوم القاضي بإجراء محاولة التوفيق بين الأطراف يجب عليه أن يتحقق من أن المسألة المتصالح عليها لا تخالف النظام العام ويجوز الصلح فيها.
وهكذا تنتهي جلسة الصلح إما بالتوصل إلى حل رضائي للنزاع مقبول من جميع الأطراف وإما بفشل هذه المحاولة، فإذا قبل الأطراف الحل الودي الذي تم التوصل إليه يتم تحرير محضر بذلك يوقعه كل منهم أو وكلائهم وكذلك القاضي ثم يتم تذييله بالصيغة التنفيذية وتصدر المحكمة حكما بانقضاء الخصومة أمامها بالصلح، أما عند فشل هذه المحاولة فتحال الدعوى إلى المحكمة لتبت في النزاع القائم.
ثالثا: التصديق على الصلح.
يعتبر حضور الخصوم جميعا واتفاقهم على حل النزاع وديا وتوقيعهم على ذلك الاتفاق أمام المحكمة أمرا أساسيا، إلا أنه لا يكفي لإضفاء الصفة الرسمية على الاتفاق المذكور، بل يلزم حتى يكون كذلك التصديق عليه من طرف القاضي وذلك بإثباته وإلحاقه بمحضر الجلسة والتوقيع عليه.
عندما تقوم المحكمة بالتصديق على الصلح، فهي لا تلتزم بذكر أسباب تصديقها عليه لأنها ليست بصدد إصدار حكم، حتى وإن صدر التصديق في شكل حكم قضائي، فهي ليست ملزمة بذكر أسبابه، لأن الحكم في هذه الحالة يقتصر على إثبات ما تم الاتفاق عليه من قبل الخصوم ليس إلا.
فالقاضي في جلسة الصلح تقتصر مهمته على اقتراح حل مناسب يرضي الطرفين، دون أن يتجاوز ذلك البت في النزاع، وعند تصديقه على هذا الاتفاق تكون مهمته هي الأخرى مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من تراض وتوثيقه بمقتضى سلطته الولائية وليس بمقتضى سلطته القضائية.[80]
يتعين على القاضي قبل إثباته للصلح التحقق من عدة مسائل أولها أن الخصومة التي قدم فيها عقد الصلح قائمة بالفعل أمام المحكمة ولم تنقضي بأي سبب من أسباب الانقضاء،[81] كما يجب عليه التحقق من أن المسألة المتصالح عليها لا تخالف النظام العام، فلا يجوز التصديق على الاتفاق الذي يكون محله فوائد ربوية أو يكون محله التنازل عن النفقة وكذلك الأمر بالنسبة للصلح على الجريمة، فكل ما يخالف النظام العام يمنع على القاضي التصديق عليه، إضافة إلى ذلك يجب عليه التأكد من أن الإتفاق الحاصل بين الطرفين هو عقد صلح وليس عقد آخر مشابه له، علما أن القاضي هو الذي يكيف هذا الاتفاق وفقا لمجموعة من العناصر، وفي حالة خطئه في تكييف الاتفاق فإن حكمه يكون قابلا للنقض. وكذلك الأمر بالنسبة للاتفاق الودي بشأن الدعوى العقارية التي تطلب المشرع حتى تصادق عليها المحكمة أن يقوم الأطراف بإشهار الاتفاق المكتوب أو إشهار صورة رسمية من محضر الجلسة الذي أثبت فيه هذا الاتفاق.[82]
بعد أن يتأكد القاضي من صحة الاتفاق الودي ومن استيفائه لجميع الشروط السابقة الذكر سواء المتعلقة بأطراف النزاع أو محله أو إجراءات القيام به يتوجب عليه في هذه الحالة التصديق على الصلح، الذي يمكن أن يتخذ ثلاثة أشكال، فإذا كان الاتفاق محل الصلح يتخذ شكل عقد، فالقاضي يقوم بإلحاقه بمحضر الجلسة ويوقع عليه هو وأطراف الخصومة، وإما أن يتخذ شكل محضر عندما يحضر الطرفان أمام المحكمة ويقران باتفاقهما فيقوم القاضي بإثبات ما اتفقوا عليه في محضر الجلسة ويوقع عليه القاضي والطرفان معا ليصير آنذاك سندا تنفيذيا، كما قد يتخذ هذا الاتفاق شكل حكم ففي هذه الحالة يقوم القاضي بإصدار حكم يثبت فيه اتفاق الأطراف على إنهاء النزاع بينهم صلحا.
الفقرة الثانية: آثار عقد الصلح.
كلما استوفى الصلح القضائي جميع أركانه وشروطه إلا ورتب عند تنفيذه مجموعة من الآثار شأنه في ذلك شأن سائر العقود والأحكام، وفيما يلي عرض لأهم هذه الآثار:
أولا: استنفاذ المحكمة لولايتها.
تقدم القول أن عقد الصلح يؤدي إلى حسم النزاع بين طرفيه وإنهاء الخصومة، فعندما تصدر المحكمة حكمها في مسألة من المسائل موضوعية كانت أو شكلية فهي تستنفذ ولايتها بالنسبة لهذه المسألة، بحيث لا يجوز لها من تم العدول عما قضت به أو أن تعيد النظر في المسألة ذاتها ولو كان الحكم باطلا، كما لا يكون هناك سبيل لإصلاح ما شاب الحكم من عيوب إلا عن طريق الطعن فيه بإحدى الوسائل المقررة قانونا، وهذا ما نصت عليه المادة 1105 من ق. ل. ع التي تقضي بأنه: "يترتب على الصلح أن تنقضي نهائيا الحقوق والادعاءات التي كانت له محلا…"، وأيضا ما نصت عليه المادة 284 من قانون المرافعات الفرنسي في فقرتها الثانية أن "انقضاء الخصومة يثبت بحكم ويستنفذ الولاية".
وباستنفاذ المحكمة لولايتها لا يجوز لها التصرف في الدعوى أو الفصل في أية مسألة من المسائل التي تم التصالح بشأنها، فإن فعلت تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه ويجوز الطعن في حكمها بطريق الطعن المناسب، وبذلك فهي ستصدر حكما بانقضاء الخصومة أمامها بالصلح لعدم وجود نزاع تفصل فيه ومن تم استنفاذ ولايتها عليه.
ثانيا: تقرير الحقوق أو نقلها.
ينتج عن إبرام عقد الصلح حسم النزاع بين أطرافه وإنهاء الخصومة، وذلك بانقضاء الحق الذي تنازل عنه صاحبه وتثبيته للطرف الآخر المتنازل عنه، مع التزام كل منهما بضمان الحقوق المتنازل عنها للطرف الآخر حسب ما جاء في المواد 1105 و1107 من ق. ل. ع، وهكذا يتبين أن لعقد الصلح أثر انقضاء وأثر التثبيت ثم أثر التزام المتصالحين بالضمان.
فيتجلى أثر الانقضاء في جزء الادعاءات التي يتنازل عنها أحد الطرفين للآخر، حيث يعتبر هذا الجزء منقضيا بإبرام الصلح لذلك سمي بأثر الانقضاء. أما أثر التثبيت فهو الجزء الذي خلص للطرف الآخر بعد تنازل الطرف الأول عن جزء من ادعاءاته، وبعبارة أخرى أن كل من طرفي الصلح يكون قد نزل عن جزء من ادعاءاته في مقابل الحصول على باقي ادعاءاته، أو على مقابل آخر يعتبر بدلا للصلح فالجزء الذي نزل عنه كل من الطرفين ينقضي بإبرام الصلح وهذا هو أثر الانقضاء والجزء الذي خلص بتسليم الطرف الآخر فيه تتأكد ملكيته له هو أثر التثبيت.[83]
وأثر التثبيت هذا يعتبر أثرا كاشفا للحقوق المتنازع فيها دون غيرها،[84] كما يعتبر أثر نسبي بالنسبة للأشخاص والمحل والسبب.
فمن حيث أنه أثر كاشف، أن الحق الذي يخلص للمتصالح بموجب عقد الصلح يستند إلى مصدره الأول لا إلى الصلح،[85] أي أن الحق الذي تنازل عنه أحد المتصالحين للآخر يعتبر ثابتا لا من وقت الصلح بل من وقت وجود السبب الذي أنشأ هذا الحق، فإذا تنازع شخصان على أرض ومنزل وكان يملكها مورث مشترك، فاصطلحا على أن يختص أحدهما بالأرض والآخر بالمنزل اعتبر كل منهما مالكا لما يختص به لا من وقت الصلح بل من وقت موت المورث.
أما من حيث أن التثبيت له أثر نسبي أي أنه مقصور كسائر العقود على المحل الذي وقع عليه وعلى الطرفين الذين وقع بينهما وعلى السبب الذي وقع من أجله، فالأثر النسبي الذي يتعلق بالمحل هو أثر العقد بوجه عام، فالعقد يقتصر أثره على من كان طرفا فيه وعلى المحل الذي تناوله، وكذلك الأمر بالنسبة للصلح فيكون أثره مقصورا على النزاع الذي تناوله دون أن يمتد إلى أي شيء آخر، فإذا تصالح وارث مع بقية الورثة على ميراث اقتصر الأثر على الميراث الذي تناوله الصلح، ولا يتناول ميراثا آخر يشترك فيه أيضا بقية الورثة.
أما الأثر النسبي المتعلق بالأشخاص هو أن أثر الصلح لا يسري إلا على عاقديه، فهو لا يرتب نفعا ولا ضررا للغير حتى ولو وقع على محل لا يقبل التجزئة،[86] فإذا كان للموصى له شخصين بوصية واحدة وصالح الوارث أحدهما فإن الصلح هنا لا يحتج به الموصي له الآخر ولا يحتج به عليه.
وأخيرا بالنسبة للأثر النسبي الذي يتعلق بالسبب فهو ما نص عليه الفصل 1109 ق. ل. ع: "إن من تصالح على حق له أو على حق تلقاه بناء على سبب معين ثم كسب هذا الحق ذاته من شخص آخر أو بناء على سبب آخر لا يكون بالنسبة لهذا الحق الذي كسبه من جديد، مرتبطا بالصلح السابق"، بمعنى أنه إذا نشأ نزاع جديد بين طرفي الصلح متعلق بذات موضوع الصلح ولكن سببه يختلف عن سبب النزاع الأول فلا محل للإحتجاج بالصلح الحاسم للنزاع الأول،[87] فإذا تصالح شخص على أرض ادعى أنه ورثها ثم اشتراها بعد ذلك فإن له أن يحتج بالشراء على ما تصالح معه على الميراث ولا يكون لهذا الأخير أن يحتج بالصلح السابق.
بالإضافة إلى أثر التثبيت وأثر الانقضاء اللذان يترتبان عن انعقاد الصلح هناك كذلك أثر التزام المتصالحين بالضمان حسب الفصل 1107 ق. ل. ع، الذي يقضي بأن كل من طرفي الصلح يلتزم بضمان الأشياء التي يسلمها للآخر على سبيل الصلح وعلى أساسه. فالضمان الذي يلتزم به كل من طرفي الصلح تجاه الآخر يشمل استحقاق الشيء بعد تسليمه للآخر أو ظهور عيب خفي في هذا الشيء المتصالح عليه، وبعد تسليمه للآخر،[88] فإذا تصالحا شخصان وسلم كل واحد للآخر الشيء المتنازل عليه بموجب عقد الصلح ثم اكتشف أحد الأطراف أن الشيء المتنازل عنه لفائدته به عيب خفي ففي هذه الحالة يمكنه طلب فسخ العقد أو طلب إنقاص أو تخفيض الثمن بالنسبة للشيء المتصالح عليه.
ثالثا: عدم جواز رفع دعوى جديدة.
عندما يتم إنهاء النزاع بالصلح، فإنه لا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع سواء بإقامة دعوى به أو الاستمرار في الدعوى التي كانت مرفوعة ولا حتى بتجديدها، فإن قام المتصالح بإحدى هذه التصرفات جاز للمتصالح الآخر أن يدفع بإنهاء الدعوى بالصلح،[89] لأن الصلح في هذه الحالة ينشأ دافعا يسمى الدفع بالصلح،[90] وهذا ما جاء في الفصل 1106 ق. ل. ع: "لا يجوز الرجوع في الصلح ولو باتفاق الطرفين ما لم يكن قد أبرم باعتباره مجرد عقد معاوضة". وهكذا متى تم الصلح لا يجوز الرجوع فيه حتى وإن كان بالتفاف المتصالحين لأن في ذلك تجديد للنزاع.
والدفع بالصلح يثار سواء تم إثباته من قبل المحكمة في محضر الجلسة أو تم خارج مجلس القضاء، لأن الصلح ينهي النزاع ولو لم يكن مصدق عليه، إلا أن هذا لا يعني أن الدفع بالصلح واحد في الحالتين بل يوجد فرق بين الدفع بالصلح المصدق عليه من جانب المحكمة والدفع غير المصدق عليه، فالأول يوجب على المحكمة أن تقضي مباشرة بعدم قبول الدعوى طالما أن الطرف الآخر لم يتمسك ببطلان هذا الصلح، أما الثاني فلا يتيح للمحكمة أن تقضي مباشرة بعدم قبول الدعوى وإنما تكون أمام أحد الخيارات الآتية: 1 ـ إما أن يحضر الطرف الآخر ويوقع على الصلح وتصدق عليه المحكمة وتقضي بانتهاء الدعوى صلحا. 2 ـ وإما أن يتخلف الطرف الآخر عن الحضور أو يحضر ويمتنع عن التوقيع على الصلح وفي هذه الحالة لا يجوز للمحكمة أن تصدق على هذا الصلح كما لا يجوز لها أن تقضي بعدم قبول الدعوى لسبق الاتفاق بصدده على الصلح وإنما تعتبر ورقة من أوراق الدعوى وتقضي مستندة إليه. 3 ـ وإما أن يتمسك الطرف الآخر ببطلان هذا الصلح، فيتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تتعرض لهذه المسألة وتبحث مدى صحة هذا الصلح، فإن توصلت إلى صحة الصلح قضت بصحته وبرفض الدعوى، أما إذا قضت ببطلانه فإنها تستمر في الدعوى.[91]
المطلب الثاني: طرق الطعن في الصلح ومراجعته.
سنعمل في هذا المطلب على الإجابة على التساؤل المتعلق بمدى استفادة الصلح القضائي من طرق الطعن المقررة في الأحكام والقرارات القضائية، وإذا كان الجواب بالنفي، فما هو الطريق القانوني البديل للطعن ضد العمل التصالحي في حالة تضرر أحد الطرفين أو كل ذي مصلحة (الفقرة الأولى)، كما سنعمل في مرحلة ثانية على الإشارة إلى طرق مراجعة العمل التصالحي المصادق عليه من قبل المحكمة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: طرق الطعن في الصلح.
لاشك أن القضاة بشر يمكنهم الوقوع في الخطأ مهما بلغ علمهم وحرصهم على عدم الوقوع فيه، ولما كان الأمر كذلك –أي وقوع القضاة في الخطأ أثناء ممارستهم للعمل القضائي- فإنه يجب إيجاد آلية لإصلاح هذا الخطأ إن كان له محل حتى لا تضيع حقوق المتقاضين التي سعت العدالة إلى إحقاقها على مر العصور.
لهذا أوجد المشرع طرق الطعن كوسائل في متناول الأطراف في النزاع أو في متناول الغير للتظلم من حكم أضر بحقوقهم أو بمصالحهم، وذلك ابتغاء إزالة أو تخفيف الضرر الذي ألحقه بهم الحكم المطعون فيه.[92]
ولما كانت الطعون في العمل القضائي أنواع مختلفة وطرق متعددة،[93] فإن الطعن سوف يختلف حسب النشاط القضائي الذي يباشره القاضي، ذلك أنه قد يصدر أحكاما وقد يصدر أوامر كما أنه قد يصدر العمل في شكل محضر من قبله.
فبالنسبة للأحكام القضائية فيمكن الطعن فيها بطرق الطعن العادية أو طرق الطعن غير العادية، سواء هم الخطأ الذي مس الحكم القواعد الإجرائية أو القواعد الموضوعية، وما يشترطه المشرع في هذا الباب هو احترام الفصول المنظمة لممارسة هذا الطعن الوارد في قانون المسطرة المدنية.[94]
وبالنسبة للأوامر فقد نظم المشرع طريقتين لعلاج ما يقع فيها من أخطاء، فيجوز التظلم من الأمر الذي أصدره القاضي سواء أمامه أو أمام المحكمة التابع لها، كما يجوز رفع استئناف ضد هذا الأمر.[95]
وبخصوص مدى إمكانية الاعتراض على القرار الصادر عن محاولة التوفيق التي تمت تحت إشراف القضاء ورقابته وفقا لطرق الطعن ضد الأحكام القضائية، فقد اختلف الفقه في هذه المسألة بين المؤيدين والمعارضين لهذه الإمكانية، لهذا سنحاول الإجابة عن هذا التساؤل من خلال تحليل مدى تحصن الصلح القضائي ضد طرق الطعن المقررة للحكم القضائي (أولا)، على أن نعمل على تفسير معنى جواز رفع دعوى أصلية للمطالبة ببطلان الصلح المصدق عليه (ثانيا).
أولا: مدى تحصن الصلح ضد طرق الطعن المقررة للحكم.
إذا كان بالإمكان الطعن في الأحكام القضائية بمقتضى طرق الطعن التي أوردها المشرع ضمن فصول المسطرة المدنية متى ثبت خطأ القاضي إن على المستوى الإجرائي أو الموضوعي، فإن الأمر يختلف بالنسبة لعقد الصلح الذي ينسب تكوينه وتحديد مضمونه إلى أطراف العقد كما سبق أن وضحنا سالفا، ولا دخل للقاضي فيه اللهم حث الأطراف وبدل مساعيه لحصول الصلح.
حيث أن القاضي عندما يصدق على الصلح، إنما يصدق عليه بمقتضى سلطته الولائية وليس سلطته القضائية، لأن مهمته تكون مقصورة على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق، فهو يقوم بمهمة الموثق،[96] والشرط الوحيد الذي يجب عليه الإلتزام به هو مراعاة القواعد والإجراءات القانونية بشأن الصلح القضائي.
ونظرا لهذا التميز الذي يعتري الصلح القضائي بالمقارنة مع الحكم القضائي فقد اختلف الفقه بخصوص مدى جواز الطعن في الصلح القضائي بطرق الطعن المقررة للأحكام.
يذهب الاتجاه الأول إلى عدم جواز الطعن في الصلح القضائي وفقا للقواعد المقررة بشأن الحكم القضائي وذلك على نحو مطلق، أي سواء كان هناك خطأ في التقدير أو الإجراء[97]، ويرى هذا الاتجاه أن الاتفاق الذي تم إثباته والتصديق عليه يحوز حجية الشيء المحكوم فيه، وبالتالي فالسبيل الوحيد الذي يبقى أمام المتضرر من الأخطاء التي قد تعتري عقد الصلح هو رفع دعوى مبتدأة ببطلان الحكم الصادر بالتصديق على الصلح أمام المحكمة المختصة طبقا للقواعد العامة أيا كانت التي صدقت على الصلح[98].
وخلافا للرأي الأول، يذهب اتجاه ثان إلى جواز الطعن في الصلح القضائي بطرق الطعن المقررة للأحكام القضائية، ومثال ذلك ما قضت به محكمة النقض المصرية، بأنه لا يجوز للنيابة العامة أن تستأنف الحكم الصادر بإلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة استنادا إلى عدم جواز الصلح في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية أو النظام العام[99]، في حين يرى اتجاه ثالث يتوسط الاتجاهين السابقين إلى أنه ينبغي الأخذ برأي واحد على إطلاقه، وعمد في التوفيق بين الرأيين بالقول بأن هناك حالات يكون الصلح القضائي فيها قابلا للطعن فيه بطرق الطعن المقررة للأحكام، وهناك حالات أخرى لا تقبل الطعن وإنما تتم معالجتها برفع دعوى أصلية بالبطلان وذلك بحسب ما إذا كان هناك خطأ في التقدير أم خطأ في الإجراء[100].
فإن كان هناك خطأ في التقدير فلا يمكن البتة الطعن في الصلح القضائي بطرق الطعن المقررة للحكم القضائي، لأنه لا يمكن أن ينسب أي القاضي خطأ لم تكن له يد فيه، فهو لم يحكم في موضوع النزاع حتى يمكن القول أنه قد وقع في التقدير عند تطبيقه القانون على وقائع الدعوى، سواء تعلق الخطأ بالواقع أو القانون، فالذي قام بتطبيق القانون على وقائع النزاع هم الخصوم أنفسهم بالصلح الذي أبرموه لتسوية النزاع[101]، وبالتالي فلا يجوز للخصوم الطعن في الصلح الذي أنجزوه وفق طرق الطعن المخصصة للأحكام وإنما سلك سبيل الدفع ببطلان عقد الصلح متى توافرت حالاته.[102]
أما إذا تعلق الخطأ بالجانب الإجرائي فإن هذا الاتجاه يميز بين الحالة التي يصدر فيها الصلح القضائي في شكل محضر والحالة التي يصدر فيها العمل التصالحي في شكل حكم، فإذا صدر الصلح في شكل محضر، فلا يجوز الطعن فيه بطرق الطعن المخصصة للأحكام لأن المشرع المغربي ربط في قانون المسطرة المدنية بين الطعن وصفة العمل دون إشارة لإمكانية الطعن في العمل التصالحي أمام محكمة الاستئناف أو أمام المجلس الأعلى.[103]
أما إذا صدر العمل التصالحي في شكل حكم، فإن أنصار هذا الاتجاه لا يجدون مانعا في الطعن فيه بطرق الطعن التي تهم الأحكام القضائية إذا ما تبين ارتكاب القاضي لخطأ ما عند إصداره للحكم، من خلال مخالفته للقواعد والإجراءات التي تنظم طرق الطعن في الأحكام القضائية والتي ضمنها المشرع المغربي ضمن فصول قانون المسطرة المدنية، كأن يتحقق عند إصداره للحكم من أنه المختص في الفصل في الدعوى وأن المسألة التي أبرم الصلح بشأنها لا تخالف النظام العام والأخلاق الحميدة، كما يجب عليه التحقق من أهلية الطرفين للتصرف، وإذا كانت هناك وكالة فيجب التحقق من سند الوكالة،[104] كما يجب عليه كذلك عدم إثبات الصلح إلا بحضور الخصوم أو وكلائهما والتوقيع على الحكم الصادر بشأن الصلح القضائي.
وفيما يخص موقف المشرع المغربي في مدى جواز الطعن في الصلح القضائي باعتماد طرق الطعن المقررة للأحكام والقرارات القضائية، فيجب الرجوع إلى فصول قانون المسطرة المدنية التي تحدد اختصاصات كل من محكمة الاستئناف كمحكمة درجة ثانية والمجلس الأعلى كمحكمة قانون.[105]
وبالرجوع إلى الفصل 24 من قانون المسطرة المدنية الذي يحدد اختصاصات محاكم الاستئناف والذي ينص على أنه: "تختص محاكم الاستئناف عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة بالنظر في استئناف الأحكام الابتدائية وكذا في استئناف الأوامر الصادرة عن رؤسائها".
وبالرجوع كذلك إلى الفصل 353 من قانون المسطرة المدنية الذي يحدد اختصاصات المجلس الأعلى والذي ينص على: "يبت المجلس الأعلى ما لم يصدر نص صريح بخلاف ذلك في:
1- الطعن بالنقض ضد الأحكام الانتهائية التي تصدرها جميع محاكم المملكة.
2- الطعون الرامية إلى إلغاء المقررات الصادرة عن السلطات الإدارية للشطط في استعمال السلطة.
3- الطعون المقدمة ضد الأعمال والقرارات التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم.
4- البت في تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد محكمة أعلى درجة مشتركة بينها غير المجلس الأعلى.
5- مخاصمة القضاة غير المجلس الأعلى.
6- الإحالة من أجل التشكك المشروع.
7- الإحالة من محكمة إلى أخرى من أجل الأمن العمومي أو لصالح حسن سير العدالة.
يتبين لنا من هذين الفصلين اللذين يحددان اختصاصات كل من محاكم الاستئناف والمجلس الأعلى ما يتيح لصاحب مصلحة الطعن في محاضر الصلح القضائي أمامها، وبذلك يكون المشرع المغربي قد أخذ بالموقف الذي يقول بعدم الطعن في الصلح القضائي وفق طرق الطعن المقررة للأحكام القضائية وهو على صواب، خاصة وأننا نعلم أن العمل التصالحي المصادق عليه من قبل القاضي يعتبر من الأعمال الولائية والحكم القضائي يدخل ضمن الأعمال القضائية.
وتجدر الإشارة إلى أن العمل الولائي للمحاكم يختلف عن عملها القضائي في بعض الوجوه منها:
– أن العمل الولائي لا يتمتع بحجة الشيء المقضي وذلك لجواز العدول عنه من طرف القاضي الذي أصدره.
– يجوز أن يكون العمل الولائي موضوعا لدعوى أصلية بالبطلان.
– لا يبت العمل الولائي في الخصومة بمعناها القضائي المعروف.[106]
زيادة على هذا فإن المشرع المغربي حسم الأمر في بعض أنواع الصلح وقال بصريح العبارة أنها لا تقبل الطعن، ويتعلق الأمر بالصلح في قضايا الأسرة (الفصل 180 من ق. م. م.)[107]، والصلح في إطار نزاعات الشغل التي تنشأ بين المشغل والأجير وقضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية وقضايا الضمان الاجتماعي (الفصل 278 من ق. م. م).[108] وقضايا الصلح الزجري (الفصل 41 من ق. م. ج)،[109] كما أن قرارات رئيس المحكمة فيما يخص الوقاية الخارجية لا تقبل الطعن،[110] في حالة اتفاق صاحب المقاولة ودائنيه على الصلح وفق مسطرة التسوية الودية (المواد من 728 إلى 732 من مدونة التجارة).
مما يدل على أن المشرع المغربي مع الاتجاه الذي يرى بعدم جواز الطعن في العمل التصالحي وفق طرق الطعن في الحكم القضائي سواء صدر الصلح القضائي في شكل محضر أو حكم أو أوامر،[111] ونحن مع الرأي الذي أخذ به المشرع المغربي، لأن المنطق القانوني لا يستصيغ أن يطعن بطرق الطعن في الأحكام في عمل لم تكن للقاضي يد فيه اللهم المصادقة عليه لإضفاء الصبغة الرسمية عليه.
ولا يبقى أمام المتضرر وصاحب المصلحة في هذه الحالة سوى طلب إبطال أو بطلان عقد الصلح بدعوى بطلان أصلية، وبذلك يجب القول بأن عقد الصلح يخضع لأسباب الإبطال التي تخضع لها العقود العامة.[112]
ثانيا: جواز رفع دعوى أصلية للمطالبة ببطلان الصلح المصدق عليه.
يجوز رفع دعوى أصلية ببطلان الصلح القضائي متى توفرت مبررات هذه الدعوى، والتي قد تكون إما دعوى ببطلان عقد الصلح إذا تخلف ركن من أركانه التي سبق وأن عرضنا لها في محور سابق أو بدعوى إبطال العقد بسبب الإرادة المعيبة بأحد عيوب الإرادة.
أ ـ إذا كان عقد الصلح باطلا.
يكون عقد الصلح باطلا كباقي العقود المدنية عامة بتخلف أحد الأركان المشار إليها في الفصل الثاني من قانون الالتزامات والعقود كما لو لم يكن هناك تراضي بين الطرفين أو كان سبب التزام أحـد المتصالحيـــــــــن غيـــر
مشروع،[113] أو كان محل التزامهما مستحيلا أو غير مشروع وبذلك يجوز لأي من المتصالحين أن يرفع دعوى بطلان –العمل التصالحي- ولو كان العقد مصدقا عليه من المحكمة،[114] حينما يتبين له تخلف ركن من الأركان اللازمة للتعاقد. كما أن عقد الصلح لا يقبل التجزئة فبطلان جزء منه أو إبطاله يجعل العقد كله باطلا كما هو مشار إليه في الفصل 1114 من ق. ل. ع، ما عدا في حالات معينة حددها المشرع في الفصل المذكور والمتمثلة في ما يلي:
1- إذا تبين من العبارات المستعملة أو من طبيعة الاشتراطات أن المتعاقدين قد اعتبروا شروط الصلح أجزاء متميزة ومستقلة بعضها عن البعض الآخر.
2- إذا نتج البطلان عن عدم توفر الأهلية لدى أحد المتعاقدين.
ب ـ إذا كان عقد الصلح قابلا للإبطال:
ينص الفصل 1111 من قانون الإلتزامات والعقود على ما يلي: "يجوز الطعن في الصلح:
أولا: بسبب الإكراه أو التدليس
ثانيا: بسبب غلط مادي وقع في شخص المتعاقد الآخر، أو في صفته أو في الشيء الذي كان محلا للنزاع.
ثالثا: لانتفاء السبب إذا كان الصلح قد أجري:
أ ـ على سند مزور.
ب ـ على سبب غير موجود.
ج ـ على نازلة سبق فصلها بمقتضى صلح صحيح أو حكم غير قابل للإستئناف أو للمراجعة كان الطرفان أو أحدهما يجعل وجوده.
ولا يجوز في الحالات السابقة التمسك بالبطلان، إلا للمتعاقد الذي كان حسن النية".
ويستفاد من هذا الفصل أنه يجب أن يكون رضا كل من طرفي عقد الصلح خاليا من عيوب الإرادة، فيجب ألا يكون مشوبا بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال، شأن الصلح في ذلك شأن سائر العقود،[115] فإن شاب رضا أحد المتعاقدين عيب من العيوب السالفة ذكرها جاز له رفع دعوى أصلية بإبطال العقد، ولا يشترط المشرع في هذه الدعوى –دعوى الإبطال- سوى أن يكون المتعاقد المتمسك بالبطلان حسن النية كما هو مشار إليه في الفقرة الأخيرة من الفصل أعلاه.
يقضي من أسباب طلب إبطال عقد الصلح الغلط في القانون كما هو مقرر في الفصل 1112 من ق. ل. ع ويعتبر هذا الإجراء استثناء صريحا من القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 40 من ق. ل. ع، حيث ينص هذا الفصل على أن الغلط في القانون يخول إبطال الإلتزام، كما أن هذه القواعد تقضي بأن الغلط في القانون كالغلط في الواقع يجعل العقد قابلا للإبطال،[116] ويضيف الفصل 1112 من ق. ل. ع أن الغبن لا يكون كذلك سببا لإبطال عقد الصلح اللهم إذا كان مقترنا بتدليس.
وإذا كنا قد أشرنا إلى كل من بطلان وإبطال عقد الصلح فمن الضروري الإشارة كذلك إلى فسخ عقد الصلح نظرا لارتباطه من جهة بالموضوع محل الدراسة، باعتبار عقد الصلح كسائر العقود عامة يسري عليه ما يسري عليها إجمالا، ونظرا من جهة ثانية لتناول –أي فسخ عقد الصلح- من قبل المشرع المغربي وكذلك التشريع والفقه المقارن.
ج ـ فسخ عقد الصلح:
الفسخ يسري على الصلح كما يسري على سائر العقود الملزمة للجانبين، فإذا لم يقم أحد المتصالحين بما أوجبه الصلح في ذمته من التزامات جاز للمتعاقد الآخر أن يطلب الفسخ مع التعويض إذا كان له محل،[117] فإذا نازع المدين الدائن في الدين وتصالحا على أن ينزل الدائن عن جزء من الدين الذي تعهد بدفعه في عقد الصلح، جاز للدائن أن يطلب فسخ الصلح ومطالبة المدين بكل الدين[118]، والتعويض عن هذا الفسخ إن كان له مبرر.
وقد أكد المشرع المغربي صراحة في الفصل 1115 من ق. ل. ع على جواز فسخ عقد الصلح إذا أخل أحد المتعاقدين بالتزاماته، وإذا تقرر الفسخ وجب إرجاع المتعاقدين إلى الحالة القانونية التي كانا عليها قبل الصلح، فيرد كل طرف ما تسلمه من الآخر ويعود النزاع إلى ما كان عليه فلا يعتبر قد حسم أو انتهى.[119]
غير أنه في حالة تعذر مباشرة الحق الذي أبرم عقد الصلح بشأنه، بسبب هلاكه أو انقضائه وحكم القاضي بفسخ عقد الصلح وقع الاسترداد على قيمته أو الحق الذي هلك عوضا عن الحق والجزء بعينه.[120]
ويتبين مما سبق أن المشرع المغربي أقر بعدم جواز الطعن في الصلح القضائي وفق طرق الطعن المقررة للأحكام القضائية، وأقر كذلك بجواز رفع دعوى أصلية ببطلان عقد الصلح وفق شروط وحالات معينة، كما أنه أقر أيضا بجواز فسخ عقد الصلح إذا أخل أحد الطرفين بالتزاماته، فما موقفه من طرق مراجعة العمل التصالحي.
الفقرة الثانية: طرق مراجعة الصلح القضائي.
تهم طرق مراجعة الصلح القضائي كلا من تفسير الصلح وتصحيح الخطأ المادي اللاحق، وهو ما سنتناوله من خلال تحليل المقصود بتفسير الصلح (أولا)، والمقصود بتصحيح الخطأ المادي في الصلح (ثانيا).
أولا: تفسير الصلح:
عقد الصلح كغيره من العقود يتولى قاضي الموضوع تفسيره دون أن يخضع في ذلك لرقابة المجلس الأعلى ما دام يستند في تفسيره على أسباب سائغة،[121] وبخصوص مدى خضوع عقد الصلح للتفسير الضيق أو الواسع لمقتضياته ينص الفصل 1108 من ق. ل. ع على أنه: "يجب تفسير الصلح في حدود ضيقة كيفما كانت عباراته، وهو لا يسري إلا على المنازعات والحقوق التي ورد عليها".
ويتبين من هذا الفصل أن المشرع المغربي أكد على ضرورة تفسير الصلح في حدود ضيقة وعدم التوسع في تفسيره، وهو ما سارت عليه الغرفة التجارية لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء في إحدى قراراتها،[122] حيث تتلخص وقائع النزاع في أن شركة "فيطالي أندوستريال" اتفقت مع شركة "بريسما" على أن تزود الأولى الثانية بأعمدة نحاس وقد اتفق الطرفان على تخفيض أربعون في المئة من مبلغ الفاتورة، غير أن شركة "بريسما" دفعت بكون التخفيض بنسبة أربعون في المئة يجب أن يشمل أيضا الأداءات الجمركية التي صرفت من أجل استخلاص البضاعة.
فكان قرار محكمة الاستئناف مؤيد للحكم الإبتدائي وقد استندت المحكمة لرفض دعوى شركة "بريسما" إلى الفصل 1108 من ق. ل. ع الذي يوجب أن يكون تفسير الصلح في حدود ضيقة، حيث أن الطرفان حسب قرار المحكمة حسما النزاع عندما ارتضيا تخفيض أربعون في المئة من قيمة البضاعة ولم يشيرا لا من قريب ولا من بعيد إلى مصاريف الجمرك، مما لا يمكن معه اعتبار المستأنف عليها قد ارتضت تحمل نفس النسبة بشأن المصاريف الجمركية، الشيء الذي يكون معه الحكم في محله عندما رفض خصمها من المبلغ المطلوب".
ثانيا: تصحيح الخطأ المادي في الصلح.
يقصد بالصلح المادي البحث هو خطأ في التعبير عن فكرة، والخطأ قد يكون حسابيا أو كتابيا،[123] والخطأ الحسابي هو خطأ في إجراء عملية حسابية، كخطأ طرفا عقد الصلح في الجمع أو الطرح أو الضرب أو القسمة بين المبالغ المستحقة لأحدهما، أما الأخطاء الكتابية فتشمل كل أخطاء السهو وأغلاط القلم،[124] التي تظهر بمقتضاها في عقد الصلح أرقاما أو أسماء أو بيانات غير تلك التي يجب ظهورها، أو يؤدي إلى نقص أو إغفال ما يتعين ذكره منها.
وتصحيح الخطأ المادي في عقد الصلح يتم بتصحيح الأخطاء الحسابية والأخطاء الكتابية التي لحقت العقد، فإذا وقع في العمل التصالحي غلط في الحساب وكان هذا الغلط مشتركا بين المتصالحين فلا يبطل الصلح لهذا الغلط، بل يجب تصحيح الخطأ فقط،[125] وهو الأمر ذاته بالنسبة للخطأ الكتابي، وقد سارت مجموعة من التشريعات المقارنة على هذا النهج ومنها التشريع المصري.[126]
وبخصوص الجهة المختصة بتصحيح الخطأ المادي اللاحق بعقد الصلح، نجد أن المشرع المغربي لم ينص بصريح العبارة عن المختص بتصحيح الخطأ المادي في عقد الصلح هل هما طرفا العقد أم المحكمة التي صادقت على العمل التصالحي، ولم يحدد فيما إذا كانت طرق تصحيح الأخطاء المادية للأحكام والقرارات القضائية الواردة في قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية تسري كذلك على عقد الصلح.[127]
ونشاطر في خضم هذا الفراغ القانوني الذي يعتري التشريع المغربي خصوصا والتشريع المقارن عموما، رأي الدكتور الأنصاري حسن النيداني[128]، ويتلخص موقفه في أن: "الصلح المصدق عليه لا يجوز للأطراف المساس به أو تعديل أي خطأ فيه ولو كان هذا الخطأ طبقا لما يقصده المتعاقدين وليس طبقا للعبارة الخاطئة.
ولا يجوز للمحكمة أن تقوم بتصحيح هذه الأخطاء من تلقاء نفسها لأن المحكمة ليست هي التي وقعت في الخطأ المادي". إذ لا يعقل أن تقوم المحكمة من تلقاء نفسها بتصحيح خطأ لم تقع فيه بل طرفا النزاع هما اللذان وقعا فيه، وبما أن المحكمة صادقت على هذا العمل التصالحي فإنه يجب الرجوع إليها مرة أخرى لإضفاء الصبغة الرسمية على هذا العقد من جديد بعد أن تم تصحيح خطئه المادي.
وإذا كنا أجبنا إلى حد ما في هذا المطلب على إشكالية مدى صلاحية طرق الطعن في الأحكام والقرارات القضائية للتطبيق في مجال الصلح القضائي من جهة، وإذا كنا من جهة أخرى قد حددنا المقصود بطرق مراجعة عقد الصلح، فإنه يجب علينا توضيح الإشكالات المتعلقة بتنفيذ العمل التصالحي المصادق عليه من قبل المحكمة وهو موضوع المطلب الثالث.
المطلب الثالث: تنفيذ الصلح القضائي.
التنفيذ بصفة عامة هو إخراج الفكرة من مجال التصوير إلى مجال التحقيق العملي، والتنفيذ في المجال القضائي مظهر من مظاهر الحماية القضائية في مرحلتها النهائية، إذ يتيح للمستفيد من السند التنفيذي –حكما كان أو غيره- أن يجني ثمار الحق الذي سعى إلى اقتضائه،[129] والتنفيذ عموما قد يكون اختياريا رضائيا وقد يكون إجباريا.
أما التنفيذ الاختياري فيمثل في قيام كلا المتعاقدين بتنفيذ مقتضيات السند التنفيذي الصادر بشأن عقد الصلح بإرادتهما ودون إكراه، ويعتبر التنفيذ اختياريا ولو قام به المدين مدفوعا بالخوف من قهره على الوفاء بواسطة ما أعده التنظيم القانوني من وسائل، فالتنفيذ يبقى حتى في هذه الحالة عملا إراديا من جانب المدين.[130]
أما التنفيذ الجبري فهو ذلك العمل الذي تجريه السلطة جبرا عن المدين تحت إشراف رئيس المحكمة ورقابته بناء على طلب دائن بيده سند قابل للتنفيذ مستوف للشروط القانونية التي نص عليها القانون استيفاء لحقه الثابت به.[131]
وللإشارة فإن الذي يقوم بإعطاء الصورة التنفيذية للسند التنفيذ الصادر بشأن الصلح القضائي هو كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم أو الأمر أو التي أثبت محضر جلستها عقد الصلح.[132]
وإذا كان التنفيذ الاختياري للسند التنفيذي لعقد الصلح لا يثير أي إشكال يذكر، فإن التنفيذ الجبري لعقد الصلح يتطلب توافر شروط معينة حتى يكون هذا العقد سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ الجبري، وهو ما سنشير إليه في الفقرة الأولى من خلال عرض شروط قابلية العمل التصالحي للتنفيذ الجبري على أن نشير في الفقرة الثانية للآثار التنفيذية التي تترتب عن إلغاء أو بطلان العمل التصالحي.
الفقرة الأولى: شروط قابلية العمل التصالحي للتنفيذ الجبري.
يشترط في العمل التصالحي حتى يكون سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ الجبري أن تتوفر فيه مقومات العمل القضائي التصالحي (أولا)، وأن يتضمن إلزام بأداء معين (ثانيا)، ثم أن يكون مذيلا بالصيغة التنفيذية (ثالثا).
أولا: أن تتوفر فيه مقومات العمل القضائي التصالحي.
إن عقد الصلح لا يكون سندا صالحا للتنفيذ إلا بعد إثباته بمحضر الجلسة وتصديق المحكمة عليه،[133] فعقد الصلح طبقا لما سبق لا يمكن أن يعتبر سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ الجبري إلا إذا ضمن في محضر (أو حكم أو أمر) وتمت المصادقة عليه من طرف هيئة أو محكمة تتمتع بولاية القضاء،[134] أما إذا لم تتوفر هذه الميزة في عقد الصلح فلا يمكن اعتباره بأي حال من الأحوال سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ الجبري.
حيث أن المصادقة على محضر الصلح في الصلح الزجري مثلا، يجعل هذا العمل التصالحي أمرا قضائيا يتمتع بقوة الشيء المقضي به ما دام أنه لا يقبل أي طعن (المادة 41 من ق. م. ج) فهو يصدر باسم جلالة الملك وبشكل انتهائي، ومن تم يمكن لوكيل الملك تحريك المتابعة في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها القاضي.[135]
واستنادا إلى ما سبق، فإن نفذ أحد المتعاقدين الإلتزامات الناشئة عن الصلح القضائي وامتنع الآخر عن تنفيذها، جاز للطرف الأول رفع دعوى إلى المحكمة المختصة لالتزام الطرف الثاني بالتنفيذ الجبري للإلتزامات التي التزم بتحملها أمام القضاء.
ثانيا: أن يتضمن إلزام بأداء معين.
ويستدعي هذا الشرط أن تتضمن بنود الصلح إلزام أحد المتصالحين أو كلاهما بأداء معين ويستوي أن يكون هذا الأداء مبلغ من النقود أو أن يكون أي أداء آخر[136].
ويشكل هذا الشرط تجسيد للتعريف الذي سقناه لعقد الصلح في معرض تعريفنا لهذا العقد، وقد أكدنا فيه على أن الصلح لا يتم إلا إذا كان كل طرف قد أسقط جزءا مما يدعيه في سبيل الحصول على الباقي من ادعائه[137].
ويعتبر الصلح الإلزام بأداء معين، عنصرا ذا أهمية قصوى ليس فقط في اعتباره من مقومات التنفيذ الجبري لعقد الصلح ولكن أيضا في اعتباره أساسا للتمييز بين عقد الصلح والعقود الأخرى.
ومن الأمثلة على ضرورة هذا الشرط، أن يتفق في محضر الصلح على التزام أحد المتصالحين بتخصيص طريق في أرضه لمرور المتصالح الآخر فإذا لم يقم بذلك اختيارا جاز إجباره بموجب محضر الصلح المصدق عليه، على تعبيد هذا الطريق بالقوة الجبرية.[138]
ثالثا: أن يكون مذيلا بالصيغة التنفيذية.
إن الوظيفة المباشرة للصيغة التنفيذية بالنسبة للسند التنفيذي هي مجرد جعل السند سندا تنفيذيا[139]، أي أنه لا وجود للسند التنفيذي دون الصيغة التنفيذية فهذه الأخيرة هي بمثابة التأشيرة التي تجعل أي سند كيفما كان قابلا للتنفيذ بصفة عامة والتنفيذ الجبري بواسطة السلطة العمومية إن اقتضى الأمر ذلك.
وعليه، فإن العمل التصالحي مثله مثل أي عمل آخر لا يصير قابلا للتنفيذ الجبري إلا إذا كان مذيلا بالصيغة التنفيذية وحصل الطرفان بمقتضاه على صورة تنفيذية من محضر الصلح المصدق عليه أمام المحكمة[140]، لأن هذا السند هو الحجة الدامغة التي يتوفر عليها صاحب الحق لإرغام صاحب الإلتزام على تنفيذ مقتضيات الصلح القضائي التي التزم بها.
وقد يحدث أثناء سير الدعوى أمام المحكمة أو قبل رفعها أن يعقد الخصوم صلحا ينهي الخصومة أو يتوقاها في مقابل التزامات يتعهد بها بعضهم لبعض[141]، ويعمدان إثبات هذا الصلح في محضر أو حكم أو أمر مذيلا بالصيغة التنفيذية للسلطة القضائية حتى يعتبر العمل التصالحي سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ الجبري.
وهناك أمثلة عديدة في التشريع المغربي تؤكد قابلية العمل التصالحي لأن يكون سندا تنفيذيا، منها الفصل 121 من ق. م. م بشأن عقد الصلح بالتنازل والذي ينص –أي الفصل 121- على أن يسجل القاضي على الأطراف اتفاقهم على التنازل المكتوب في عقد أو تصريح مضمن بالمحضر كسند تنفيذي[142]، والفصل 180 من ق. م. م فيما يخص محاولة التصالح في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية، ويقضي هذا الفصل بأن القاضي يصدر حكما يثبت فيه الاتفاق وينهي النزاع بينهما وينفذ الحكم –الذي يعتبر بمثابة سند تنفيذي- بقوة القانون، وهو الأمر ذاته بالنسبة لمحاضر التصالح في المنازعات المتعلقة بالشغل أو قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية أو قضايا الضمان الاجتماعي والتي تعتبر سندات تنفيذية يجب أن تنفذ بقوة القانون.
الفقرة الثانية: الآثار التنفيذية المترتبة عن فسخ أو بطلان الصلح.
قد يتفق الخصوم على حل النزاع فيما بينهم، سواء عن طريق تقديم اتفاق على الصلح يكون مكتوبا، لتصدق عليه المحكمة، أو عن طريق إجراء الصلح بواسطة المحكمة[143] بحضور المتصالحين مسترشدة بالقوانين الجاري بها العمل وخاصة قانون المسطرة المدنية.
حيث يعمد كلا المتصالحين إلى تنفيذ الالتزامات الواردة في السند التنفيذي للعمل التصالحي، غير أنه قد يتم فسخ هذا العقد أو تقرير بطلانه فتثور مشكلة الأعمال التي نفذت قبل الحكم بفسخ أو بطلان الصلح القضائي.
بداهة العقد الذي تم فسخه والعقد الباطل عدم والعدم لا ينتج إلا العدم، وعلى ذلك فالعقد الباطل والعقد المفسوخ لا يرتب أي أثر بين المتعاقدين باستثناء استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا له،[144] وعلى هذا الأساس فإن قضت المحكمة ببطلان أو فسخ عقد الصلح فإن الطرفين يعودان إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرام هذا العقد وذلك سيرا على القاعدة العامة للبطلان،[145] والقاعدة الخاصة بفسخ عقد الصلح.[146]
ويلاحظ أن رجعية حكم البطلان أو الفسخ لا يثير أية صعوبة في حالة ما إذا تم تقرير هذا الحكم –الفسخ أو البطلان- قبل تنفيذ عقد الصلح، ولكن على العكس من ذلك قد تنشأ صعوبات عملية على الأثر الرجعي للبطلان أو الفسخ في حالة ما إذا قام المتصالحين أو إحداهما بتنفيذ هذا العقد سواء هم هذا التنفيذ العقد ككل أو جزءا منه، فبالرغم من أن المادتان 306 من ق. ل. ع و1115 من ق. ل. ع وجدتا حلا للإشكال بإعادة الأطراف إلى الحالة التي كانا عليها قبل إبرام الصلح، فإن هناك حالات يستعصي فيها الأمر إرجاع الطرفين المتعاقدين إلى ما كانا عليه قبل إنشاء السند التنفيذي لعقد الصلح، بسبب استحالة إرجاع أحد الأطراف أو كلاهما للحقوق المتنازل عند إبرام العقد، والحل في هذه الحالة أورده المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 1115 من قانون الإلتزامات والعقود، حيث نص: "إذا أصبحت مباشرة الحق الذي حصل التنازع عنه متعذرا، وقع الاسترداد على قيمته".
وهذا يعني أنه عندما يتعرض الحق الذي حصل التنازع عنه في الصلح إلى هلاك أو تبديد بعد فسخ –أو بطلان- الصلح، وتعذر استرداده عينا، وأصبحت مباشرة هذا الحق متعذرة وقع الاسترداد على قيمته عوضا عن الحق والجزء بعينه، بمعنى أن الحق المسلم فيه إذا فات بحيث لا يمكن الانتفاع به، كان الرجوع بالقيمة فقط.[147]
إذا كانت الدراسة في المحور الأول قد انصبت على الصلح في المواد المدنية بشكل عام أيا كانت طبيعة المسألة التي تم الصلح بشأنها، فإننا سنعمق البحث قليلا في هذا المستوى من التحليل ونتناول الصلح في قضايا الأسرة نظرا للخصوصية التي يتمتع بها في إطار هذه القضايا. فالعلاقات الأسرية هي على جانب كبير من التعقيد، يغلب عليها طابع التكتم والسرية والحساسية، كما أنها تتميز باختلاف طبائع مكوناتها بحكم اختلاف البيئة التي تربى وترعرع فيها أطرافها، وهو ما يجعل الحياة الأسرية أرضا خصبة لحصول الخلافات التي قد تتطور إلى نزاعات قد تطول فتعصف بكيان الأسرة إذا لم تتم معالجتها بحكمة وروية، خاصة إذا علمنا أن النزاعات الأسرية قد ارتفعت نسبتها في العقود الأخيرة بشكل مخيف،[148] إذ تحتل الرتبة الأولى في عدد القضايا المعروضة على المحاكم بمختلف درجاتها،[149] وأن العديد من هذه النزاعات هو في جوهره بسيط يمكن التغلب عليه بتدخل الأغيار للسداد بين الأطراف، عوض البث فيه قضائيا مع ما يصاحب ذلك من تأجيج للنزاع وبالتالي التعجيل بتفكك الأسرة مع ما يترتب عن ذلك من مآسي اجتماعية عديدة، ولذلك فإن الصلح بين أفراد الأسرة هو الذي يؤدي إلى قطع النزاع كما يؤدي وهو الأهم إلى حفظ وشائج وروابط المحبة والود والقرابة بينهم.
من هنا جاء اهتمام المشرع المغربي بمسألة الصلح؛ حيث جعله التزاما على عاتق المحكمة في دعاوى الطلاق والتطليق والخلع، بحيث لا يجوز لها نظر الدعوى والفصل فيها إلا بعد عرض الصلح على الخصوم، وذلك بمقتضى القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، كما سمح به في بعض الجرائم المتعلقة بالأسرة والمنصوص عليها في القواعد الجنائية.
وسنتناول في (مبحث أول) محاولة الصلح في دعاوى الطلاق والتطليق والخلع، على أن نخصص (المبحث الثاني) لدراسة الصلح في جرائم الأسرة.
المبحث الأول: الصلح في قضايا الطلاق والتطليق والخلع.
نسجل بداية أن مدونة الأسرة الجديدة جاءت بعدة مستجدات في هذا الباب، تتجلى في تقليص إرادة الزوج في إنهاء الرابطة الزوجية وتوسيع مجال هذه الإرادة لفائدة الزوجة، بالإضافة إلى النص على إمكانية اتفاق الزوجين على مبدأ إنهاء الرابطة الزوجية دون شروط أو بشروط لا تتنافى مع أحكام المدونة وهو ما يسمى بالطلاق الاتفاقي تبعا لمقتضيات المادة 114 من المدونة، هذا علاوة على الطلاق المملك (المادة 89)، كذلك فقد وسعت من حالات وأسباب التطليق حيث شملت بالإضافة إلى الحالات الخمس الواردة في مدونة الأحوال الشخصية وهي التطليق للضرر ولعدم الاتفاق وللغيبة وللعيب وللإيلاء والهجر[150]. والتي عرفت بدورها بعض التعديلات، حالة التطليق للشقاق مصداقا لقوله تعالى: }وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما{[151]، وهو –أي الشقاق- إما أن يكون مسطرة تابعة بمعنى أن اللجوء إليه لاحق على مسطرة سابقة،[152] وإما أن يكون مسطرة أصلية يمكن الإلتجاء إليها مباشرة لطلب التطليق،[153] والجدير بالملاحظة أن المدونة لم تعرف الشقاق واكتفت بالإشارة إلى سببه.
هذا دون أن ننسى حالة التطليق بسبب الإخلال بأحد الشروط التي تم الاتفاق عليها في عقد الزواج، حيث نصت المادة 98 على أنه: "للزوجة طلب التطليق بناء على أحد الأسباب الآتية: 1ـ إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج". ونرى أن النص على هذا السبب مجرد تحصيل حاصل وتكرار، اعتبارا لكون طلب التطليق للضرر يشمله لاسيما وأن الفقرة الأولى من المادة 99 اعتبرت الإخلال بالشرط التعاقدي ضررا مبررا لطلب التطليق، ونشير في هذا الصدد أن الضرر المبرر للتطليق هو ذلك الصادر من الزوج على زوجته،[154] وهذا هو مذهب الإمام مالك، حيث ذكر الخرشي في شرحه مختصر الخليل:[155] "وإذا ثبت بالبينة عند القاضي أن الزوج يضار زوجته وهي في عصمته…، وإن شاءت طلقت نفسها بطلقة واحدة بائنة لخبر "لا ضرر ولا ضرار".
إلا أن أهم ما جاءت به المدونة هو إعطاء القضاء صلاحيات واسعة من خلال إخضاع الطلاق لمراقبة قضائية مشددة وذلك منعا لتعسف الزوج في استعمال حقه في الطلاق وحماية لنواة الأسرة من التفكك، وما يؤكد هذا التوجه هو إصرار مشرع المدونة على إلزام المحكمة بالقيام بكل الإجراءات الضرورية لإصلاح ذات البين (المادة 82).
وعليه، فإننا سنتناول في هذا المبحث مضمون التزام المحكمة بعرض الصلح على الزوجين (المطلب الأول)، ثم مسطرة الصلح (مطلب ثان)، ونعرض في (مطلب ثالث) للمؤسسات المرصودة للصلح، لنختم بآثاره في (مطلب رابع).
المطلب الأول: إلزامية مسطرة الصلح.[156]
يعتبر حل عقد الزواج أكبر خطر يتهدد الأسرة بوصفها الخلية الأساسية الأولى للمجتمع بل إنه أبغض الحلال عند الله، لذلك كرس المشرع المغربي الصلح في النزاعات الزوجية سواء تعلق الأمر بدعاوى الطلاق، أكان هذا الطلاق مملكا (الفقرة الثانية من المادة 89)، أو كان اتفاقيا[157] (المادة 114)، أو كان خلعيا (المادة 120)، أو تعلق الأمر بدعاوى التطليق باستثناء حالة التطليق للغيبة طبقا لما نصت عليه المادة 113 من المدونة.
وإذا كان المشرع قد أحسن صنعا باستبعاده التطليق للغيبة[158] من مسطرة الصلح، نظرا لصعوبة العثور على الزوج الغائب واستدعائه بالتالي لحضور جلسة الصلح، خلافا لبعض الآراء التي تقول بإمكانية إجراء التصالح،[159] فإنه جانبه الصواب حين ألزم المحكمة بإجراء محاولة الصلح في حالة التطليق للعيب حيث نعتقد أن ما أقرته المادة 113 – حينما نصت على أنه: "يبث في دعاوى التطليق المؤسسة على أحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 98 أعلاه بعد القيام بمحاولة الإصلاح باستثناء حالة الغيبة"-، فيه نوع من الجزم غير المقبول وفيه إرهاق للزوجة بإجراءات طويلة لا فائدة ترجى منها. فما جدوى قيام القاضي بالإصلاح بين الزوجين في الوقت الذي يكون فيه العيب مستحكما لا يرجى شفاؤه بصريح عبارة المادة 107 من المدونة، كما هو الحال بالنسبة للعيوب المانعة من المعاشرة كالجب والخصاء والإفضاء والجذام[160] وغيرها، وهي حالات يتعين على القاضي أن يستجيب فيها حالا لطلب التطليق.[161]
تأسيسا على ما سبق، فإنه كان على المشرع إخضاع محاولة الصلح في التطليق للعيب للسلطة التقديرية للقاضي.
وعلى أية حال، فالقاضي بعد أن يتأكد من صحة الدعوى شكلا (الفقرة الأولى)، يلتزم بعرض الصلح على الزوجين، وإلا عرض حكمه للنقض (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المحكمة لا تلتزم بعرض الصلح إلا بعد أن تتحقق من شكل الدعوى وقبولها.
يجب على طالب الطلاق –طبقا للمادة 79 من مدونة الأسرة- أن يطلب الإذن بالإشهاد على الطلاق من المحكمة التي يوجد بدائرتها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو محل إقامتها، أو التي أبرم فيها عقد الزواج مع مراعاة الترتيب المذكور،[162] وبعد تقديم طلب الإذن الذي ينبغي أن يكون مطابقا لمقتضيات المادة 80، فإن المحكمة لا تقضي بإنهاء العلاقة الزوجية إلا بعد فشل محاولة الصلح بين الزوجين، وهذا ما أقره المجلس الأعلى في أحد قراراته: "فيما يتعلق بالإصلاح بين الزوجين، فإن المشرع يعتبر إجراءا تفتح به دعوى التطليق…"[163]. لكن هذا لا يكون إلا بعد أن تحسم المحكمة في مسألة الاختصاص بحيث يتعين عليها أن تتأكد أولا –ومن تلقاء نفسها- أنها مختصة بالدعوى اختصاصا نوعيا أو مكانيا، فإذا وجدت أنها غير مختصة فإنها تقضي بعدم الاختصاص وتحيل القضية إلى المحكمة المختصة ولا تقوم بعرض الصلح على الخصوم، كما يجب عليها أن تتحقق من صحة إعلان المدعى عليه بمقال الدعوى وأن يكون قد أعلن لشخصه إعلانا صحيحا مرة واحدة أو أعلن لغير شخصه إعلانين صحيحين مرتين متتاليتين.[164] أما إذا كانت الدعوى غير صحيحة شكلا بأن صدرت من شخص لا صفة أو لا مصلحة له أو أن مقال الدعوى تضمن شخصا غير المدعى عليه، فلا يجوز للمحكمة عرض الصلح إلا بعد تصحيح المسطرة وإذا صححت اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة استنادا إلى مقتضيات المادة الأولى من ق. م. م.
الفقرة الثانية: بطلان الحكم إذا أغفلت المحكمة عرض الصلح.
تعتبر إجراءات التصالح التي نص عليها المشرع المغربي في الفصل 180 من ق. م. م والمادتين 81 و82 من المدونة الجديدة للأسرة –والمحال عليها في كل المواد التي تندرج في هذا الإطار-[165] من النظام العام، وهذه مسألة جد بديهية بالنظر إلى الطبيعة الآمرة لقواعد كلا القانونين، هكذا ذهب المجلس الأعلى إلى أن: "…..إجراء التصالح من النظام العام….".[166]
وبالرغم من أن المشرع نص على مستجد، لم يكن في مدونة الأحوال الشخصية، يهم وجوب إجراء محاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما في حالة وجود أطفال،[167] إلا أنه لم يبين جزاء مخالفة المحكمة لهذا الإلتزام وعدم قيامها بمحاولة التوفيق، وهو الأمر الذي حسم المجلس الأعلى بشأنه واعتبر حكم المحكمة التي قضت بالتطليق دون أن تبذل أي مسعى للتوفيق بين الزوجين حكما مجانبا للصواب.[168] وجاء في قرار آخر للمجلس الأعلى،[169] أنه: "فيما يتعلق بالإصلاح بين الزوجين، فإن المشرع يعتبره إجراء تفتتح به دعوى التطليق، ولهذا فإن المحكمة لما رفضت الدفع بعدم احترام هذا الإجراء بعلة أنه لا يكون ضروريا إلا عند قيام الحجة على الضرر تكون قد خرقت القانون وعرضت قرارها للنقض".
كما أن المجلس الأعلى، أكد هذا الاتجاه في قرار آخر،[170] لما اعتبر أنه "لا يقع التطليق للضرر، إلا إذا عجز القاضي عن الإصلاح بين الزوجين".
وإذا كان الأمر كذلك، فإن سؤالا هاما يطرح بخصوص ما إذا كان إجراء محاولة الصلح يقتصر على المرحلة الإبتدائية؟ أم يمتد كذلك إلى المرحلة الإستئنافية؟
أمام التزام مشرع المدونة الصمت وغموض أحكام المسطرة المدنية وخصوصا الفصل 213 منها،[171] فإن الرأي منقسم بين الفقهاء إلى عدة اتجاهات:
اتجاه يتزعمه القضاء المغربي يذهب إلى ضرورة إجراء الصلح أمام محكمة الإستئناف، فقد نقض المجلس الأعلى الحكم الإستئنافي الذي لم يقم قضاته بمحكمة الإستئناف بمحاولة الصلح بين طرفي دعوى التطليق للضرر حيث اعتبر في قراره بأن "المحكمة عندما أبطلت الحكم الابتدائي وحكمت بالتطليق بين الطرفين من غير أن تشير في حكمها إلى تطبيق الفصل 56 من مدونة الأحوال الشخصية (المادة 82 من المدونة)، مخالفة بذلك التشريع الداخلي للبلاد…" [172].
اتجاه يرى[173] بأنه لا ضرورة لإجراء الصلح من جديد أمام محكمة الإستئناف بعد فشل المحاولة في المحكمة الإبتدائية ومواصلة الدعوى بالبث في جوهرها، وصدور الحكم فيها، خاصة وأن الفصل 213 من ق. م. م لا ينص على إجراء محاولة الصلح عند مرحلة الإستئناف، كما أن نصوص المسطرة لا تشير إلى هذا الإجراء أمام محكمة الإستئناف، وفي هذا الإطار انتقد الأستاذ أحمد الخمليشي أحد قرارات المجلس الأعلى بقوله: "ونعتقد أن ما ورد في هذا القرار لا يتفق مع المادة 56 م. ج. ش (م82 من مدونة الأسرة) ولا مع الفصل 212 من ق. م. م فالصلح مأمور به قبل المرافعات وتفاديا لهذه المرافعات التي تزيد في تعقيد علاقات الزوجين، أما إذا فشل الصلح في البداية، وواصل الطرفان إجراءات التقاضي إلى أن صدر الحكم، فلا تبقى فائدة في عرض محاولة المصالحة من جديد على محكمة الاستئناف…"[174] وهذا الرأي هو المقرر فقها وقضاء في مصر فقد قضت محكمة النقض المصرية "إنه وإن كانت المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 توجب على المحكمة محاولة الإصلاح بين الزوجين قبل الحكم بالتطليق، إلا أنها لا تستلزم القيام بهذه المحاولة في كل مرحلة من مراحل الدعوى… مما لا يكون معه ثمة موجب على محكمة الإستئناف أن تعيد طرح الصلح من جديد…".[175]
وبين هذين الإتجاهين هناك اتجاه يرى[176] بأن الصلح بين الزوجين من مهمات القاضي في كل آن وكلما كان ذلك بالإمكان، وكلما استجد ما يبرره وظهر للمحكمة بأنه سيحقق نتيجة إيجابية سواء كان ذلك أمام المحكمة الإبتدائية أو أمام محكمة الإستئناف خاصة وأن الصلح هدف نبيل حثت عليه نصوص القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية من أجل إعادة الدفء إلى الحياة الزوجية وإنقاذ الأطفال من انعكاسات الطلاق. غير أن هذا الاتجاه لا يجعل من محاولة الصلح أمام محكمة الدرجة الثانية إجراءا إلزاميا يترتب على الإخلال به الحكم ببطلان الحكم الإستئنافي.
ونعتقد أن الإتجاه الثالث هو الأقرب إلى الصواب لعدم وجود أي نص سواء في مدونة الأسرة أو المسطرة المدنية يلزم بإعادة محاولة الصلح أمام محكمة الإستئناف، كما أنه لا فائدة من اجترار هذه المحاولة ما لم يكن قد استجد أمر تبدو معه ضرورة تكرار المحاولة تبعا للسلطة التقديرية لمحكمة الإستئناف، غير أنه لا يجب أن ننسى أن محكمة الدرجة الثانية تكون ملزمة بمسطرة الصلح وذلك في الحالة التي لم تكن المحكمة الإبتدائية قد عرضت الصلح على الخصوم وفصلت في موضوع الدعوى ثم طعن في حكمها بالإستئناف.[177]
المطلب الثاني: مسطرة الصلح.
لقد أخرجت مقتضيات مدونة الأسرة مسطرة الصلح من نصوص المسطرة المدنية، بحيث تم إلغاء الفصلين 179 و212 من قانون المسطرة المدنية، واستبدالهما بمقتضيات واضحة وصريحة تم التنصيص عليها بشكل مفصل في المدونة، وبذلك أزيل التباين الذي كان قائما بين المسطرة ومدونة الأحوال الشخصية خاصة فيما يتعلق بإجبارية القيام بمحاولة الصلح بين الزوجين قبل إيقاع الطلاق،[178] فقد نصت المادة 82 من المدونة الجديدة على أنه: "عند حضور الطرفين، تجري المناقشات بغرفة المشورة بما في ذلك الإستماع إلى الشهود ولمن ترى فائدة في الإستماع إليه. للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات، بما فيها انتداب الحكمين أو مجلس العائلة، أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما، إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة".
يتبين إذن من مقتضيات هذه المادة –والتي تثير عدة خصوصيات نعرض لها في الفقرة الأخيرة من هذا المطلب- أن مسطرة الصلح تبدأ باستدعاء الطرفين لجلسة الصلح (الفقرة الأولى) ثم انتداب الحكمين (الفقرة الثانية) ليتم الإشهاد على الصلح حالة نجاحه (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: ضرورة استدعاء الطرفين لجلسة الصلح.
بعد إيداع طلب الإذن بحل ميثاق الزوجية، الذي يتعين أن يتضمن البيانات التي نصت عليها المادة 80 من المدونة، تقوم المحكمة باستدعاء الزوجين لمحاولة الإصلاح بينهما (الفقرة الأولى من المادة 81)، وينبغي أن يتضمن الإستدعاء تبعا لمقتضيات المادة 36 ق. م. م، هوية الزوجين، موضوع الطلب، المحكمة التي يجب أن تبت فيه، يوم وساعة الحضور والتنبيه إلى وجوب اختيار موطن في مقر المحكمة عند الاقتضاء.
وخروجا عن القواعد العامة المقررة في قانون الشكل حث المشرع على ضرورة توصل الزوجين شخصيا بالاستدعاء.[179] لكن السؤال المطروح يتعلق بالحالة التي يتم فيها التوصل بواسطة الأقارب أو الخدم أو بكل شخص آخر يسكن مع المعني بالأمر؟ الجواب[180] هو تطبيق الأثر المنصوص عليه في المادة 81 من مدونة الأسرة إذا تم التوصل مرتين على الأقل سواء بالنسبة للزوج أو الزوجة.
وفي السياق نفسه، حينما يسلم الإستدعاء تسليما شخصيا صحيحا إلى الشخص المعني، نتساءل أولا عن إمكانية توكيل الأطراف غيرهم لحضور الجلسة؟ ثم ثانيا عن الحل في حالة تخلفهم عن الحضور؟
أولا: مدى اشتراط حضور الطرفين بأنفسهم لجلسة الصلح.
مر بنا القول بأنه يمكن التوكيل في إجراء الصلح في إطار القواعد المنظمة لعقدي الصلح والوكالة بشرط أن تكون الوكالة خاصة (الفصل 894 من ق. ل. ع)، إلا أن الأمر يختلف في دعاوى الأحوال الشخصية، بحكم عدم صراحة نصوص مدونة الأسرة؛ فصياغة المادة 82 في فقرتها الأولى تفيد بأنه: "عند حضور الطرفين تجري المناقشات بغرفة المشورة…."، مما يثير التساؤل عن قصد المشرع بقوله: "حضور الطرفين" فهل يقصد بذلك طرفي عقد الزواج أي الزوج والزوجة، أم يقصد به غيرهما ممن يملك الوكالة عنهما أو عن أحدهما؟ وقد كان لهذا الغموض التشريعي أن ظهر اتجاهين فقهيين متضاربين.
ـ اتجاه أول:[181] يذهب إلى أن إجراءات التصالح بين الزوجين كما تصح من الأطراف شخصيا تصح من نوابهم، ولا مجال للقول بخصوصية قضايا الأحوال الشخصية في هذا المجال لأن المشرع وهو يذكر القضايا التي لا تجوز فيها الوكالة لم يتطرق إلى قضايا الأحوال الشخصية وبالأحرى قضية الصلح بين الزوجين، وقد استند هذا الإتجاه إلى صراحة نص الفصل 180 ق. م. م الذي ينص على أن الجلسة الأولى بعد إحالة القضية على القاضي يحضرها الأطراف شخصيا أو ممثلهم القانوني، وتجري دائما محاولة التصالح مع العلم أن هذه الجلسة الأولى مخصصة لإجراء الصلح بين الزوجين ومع ذلك فإن حضور الممثل القانوني لم يستبعده النص، بل نص على اعتماده صراحة، وهذا بنظره قرينة قاطعة على صحة الوكالة في الصلح بين الزوجين.
ويضيف نفس الإتجاه أن المشرع لو كانت له رغبة في منع الوكالة في هذا المجال أو جعل حضور الزوجين شخصيا لجلسة محاولة الصلح واجبا، لنص على ذلك صراحة ولما ترك للإختلاف مجالا، كما أن منع التصرفات لا يكون إلا بنص، وإلا فالأفعال والتصرفات على طبيعتها في الإباحة إلى أن يتم تقييدها أو منعها تشريعيا وليس اجتهادا، وقد كانت محكمة النقض المصرية تقر بما ذهب إليه هذا الرأي وذلك في حكمها الصادر بتاريخ 5/9/1980 الذي جاء فيه ما يلي: "التفويض في الصلح مفاده أيضا التفويض برفضه، رفض وكيل الزوجة للصلح المفوض فيه يعتبر كافيا لإثبات عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين".[182]
ويذهب الاتجاه الغالب[183] في المغرب –ويسايره القضاء في ذلك- إلى أنه يتعين حضور الزوجين شخصيا الجلسة الصلحية أمام القاضي وذلك لتحقيق الغاية المنشودة وهي التعرف على حقيقة النزاع القائم بينهما والظروف والملابسات المحيطة به، كما أن الحضور الشخصي يساعد القاضي على الإسترشاد بالتفسيرات التي قد يبديها الطرفان والتي لها أهمية خاصة في العملية الصلحية، الأكثر من ذلك أن الصلح في حد ذاته يقتضي تنازلات يقبلها الطرفان، وأن الوكلاء لا يمكنهم التعهد بذلك إلا بالرجوع إلى موكليهم وتؤخر القضية لأكثر من جلسة، مما يتناقض والمسطرة السريعة التي حرص المشرع على توفيرها لمثل هذه القضايا. وقد اعتبر المجلس الأعلى بأن تخلف أحد الزوجين عن الحضور خرقا لمسطرة التصالح يتحمل نتيجته، إذ ذهب إلى القول: "…إن مسطرة التصالح تقتضي أن يبعث القاضي حكمين لينهي الشقاق بين الزوجين، والحكم المطعون فيه أهمل هذه المسطرة،.. لكن حيث أن المحكمة عللت حكمها بكون الطاعن فوت على نفسه فرصة التصالح مع زوجته لما استدعي في المرحلة الإبتدائية لإجراء مسطرة التصالح المنصوص عليها في الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية وتوصل بالدعوة ولم يحضر، الأمر الذي كان ما علل به الحكم صوابا".[184]
ويبدو لنا صواب هذا الإتجاه لسبب بسيط وهو أن المشرع في المادة 81 من المدونة أوجب تسليم الاستدعاء للطرفين شخصيا، فمن باب أولى أن يكون حضور الجلسة –التي سلم من أجلها الاستدعاء- شخصيا.
ثانيا: حضور الزوجين أو تخلفهما عن جلسة الصلح.
تثير مسألة لقاء الزوجين عند القاضي عدة مشاكل، خصوصا إذا بلغ الخلاف بينهما حدا يصعب معه إقناعهما بالحضور، وبما أن الأصل الإبقاء على الزوجين عوض الطلاق الذي يخلف وراءه عدة آثار سلبية، فإن الزوج الذي تخلف عن الحضور دون عذر مقبول، اعتبر غيابه هذا تراجعا عن طلبه الرامي إلى الطلاق، وهذا بخلاف ما كان مقررا في م. أ. ش حيث يتعين توجيه استدعاء ثاني للزوج.[185]
أما إذا توصلت الزوجة شخصيا ولم تحضر ولم تدل للمحكمة بوسائل دفاعها في مذكرة مكتوبة عوض حضورها، فإن المحكمة تشعرها بواسطة النيابة العامة بأن عدم حضورها سيجعل المحكمة تبت في الطلب في غيبتها.
وإذا اتضح من بحث النيابة العامة تعذر معرفة عنوان الزوجة بثت المحكمة في طلب الزوج، لكن إذا ثبت أن الزوج تحايل في تقديم العنوان، بأن أدلى عن قصد بمعلومات خاطئة، أحالت المحكمة الوثائق المتضمنة لتلك البيانات الخاطئة على النيابة العامة لاتخاذ ما تراه مناسبا، علما أن تحريك الدعوى العمومية ومتابعة الزوج جنائيا طبقا لمقتضيات الفصل 361 من القانون الجنائي، يبقى رهينا بطلب الزوجة.[186]
عند حضور الزوجين شخصيا يتم مقابلتهما ومناقشة الموضوع والأسباب والدوافع الرامية إلى طلب الفرقة وذلك في غرفة المشورة، حفاظا على أسرار الأسرة. وللمحكمة كامل الصلاحية في الوقوف على الأسباب والدوافع الحقيقية، بما في ذلك الإستماع للشهود ولكل من ترى فائدة في الإستماع إليه وسلطة المحكمة واسعة في هذا الباب، كل ذلك من أجل الوصول إلى الحقيقة وإعطاء كل ذي حق حقه وتجنيب الأسرة مخاطر الطلاق.[187]
أما إذا تعلق الأمر بوجود أطفال فقد أعطى المشرع إمكانية أخرى للصلح حيث تفصل بينهما وبين المحاولة الأولى مدة لا تقل عن ثلاثين يوما وذلك لتهدئة النفوس ومراجعة الأمر لعل المياه تعود إلى مجاريها،[188] لكن هناك إشكال يتعلق بعدم حضور الزوجان أو أحدهما في جلسة الصلح الثانية؟ في هذه الحالة فإن عدم حضور الزوج لجلسة الصلح الثانية رغم إعلامه ودون عذر مقبول يعتبر تراجعا عن طلبه، وإذا لم تحضر الزوجة لنفس الجلسة رغم إعلامها ودون عذر مقبول فيتم البت في الملف دون سلوك مسطرة الإخطار.[189]
الفقرة الثانية: انتداب الحكمين.
إن بعث الحكمين يجد سنده الشرعي في قوله تعالى: }وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا{[190]، فالله سبحانه وتعالى فتح باب الإصلاح بين الزوجين المتخاصمين من أجل جمع الشمل ورأب الصدع، فعند الخوف من وقوع الشقاق يعرض الأمر على حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة لتقصي الحقائق واستيضاح الأمور حتى تعود الحياة إلى أحسن حال.
وبالنسبة للمدونة فقد أكدت على ضرورة انتداب الحكمين في الفقرة الثانية من المادة 82 سيرا على منهاج الشريعة الإسلامية، إلا أننا نتساءل عن سبب تأخير المشرع الكلام عن مسطرة التحكيم إلى المادتين 95 و96 المتعلقتين بالتطليق للشقاق ولم يفصل الكلام عنها في إطار المادة أعلاه، خاصة وأنه أحال عليها في المادة 94، هل يفهم من هذا أن تعيين الحكمين يكون إلزاميا في التطليق للشقاق واختياريا فيما عدا ذلك؟ أم ماذا؟
وأيا كان الأمر، فإنه يتعين على الحكمين بعد انتهاء مهمتها أن يقدما تقريرا من ثلاث نسخ موقعة من طرفهما ومن الزوجين يتضمن نتائج أشغالها وتحقيقاتهما في النزاع وأسبابه إلى القاضي الذي عينهما، لكن ما مدى تقيد المحكمة بنتائج التقرير (أولا)؟ وما هو الحكم في حالة اختلاف الحكمين في مضمون التقرير؟ (ثانيا).
أولا: مدى تقيد المحكمة بتقرير الحكمين.
إن المشكل لا يطرح إذا نجح الحكمان في مسعاهما للصلح بين الزوجين، بحيث يقومان بتضمين ما اتفق عليه الطرفين في تقريرهما بعد التوقيع عليه إلى المحكمة التي تقوم بالإشهاد على هذا الصلح الذي ينتهي به النزاع.
أما إذا فشلت محاولات الصلح بالنسبة للحكمين، فهل يحق لهما تفريق الزوجين، أم أن المحكمة هي التي تقرر ذلك؟
لقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في المسألة،[191] فالجمهور –مالك والشافعي في أحد قوليه وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين- يرون أن تفريق الحكمين جائز على الزوجين وسواء وافق حكم قاضي البلد أو خالفه، وكلهما الزوجان بذلك أو لم يوكلاهما، ودليلهم في ذلك ما روي عن علي كرم الله وجه، "أنه جاء إليه رجل وامرأة ومعهما فئام –جماعة من الناس- فأمرهم، فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما. فقالت المرأة: رضيت بما في كتاب الله لي وعلي. وقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال: والله لا تنقلب حتى تقر بمثل الذي أقرت به".[192] ومفاد ذلك أن عليا رضي الله عنه أسند للحكمين الرأي في الجمع والتفريق. أما أبو حنيفة وأصحابه وابن حزم ومذهب الإمام الشافعي الجديد فيذهبون إلى أنه لا يجوز للحكمين التفريق إلا بإذن الزوجين، واستدلوا على ذلك بأن الأمر الصادر عن علي رضي الله عنه في الرواية أعلاه هو خطاب يوجه للزوجين بأن يوكلا، والوكيل لا يستقل بالتفريق إلا إذا فوض إليه ذلك.
وبالرجوع إلى المدونة، فإننا نجدها تنص في المادة 97 على أنه "في حالة تعذر الإصلاح واستمرار الشقاق، تثبت المحكمة ذلك في محضر، وتحكم بالتطليق…."، مقررة بذلك ما جاء في مذهب أبو حنيفة ومن معه، بحيث وضعت التفريق بيد المحكمة، وأجازت لها الأخذ أو عدم الأخذ بما جاء في تقرير الحكمين، وبالتالي فالحكمين مجرد شاهدين مهمتهما أن يرفعا الأمر إلى القاضي لينظر في القضية على ضوء تقريرهما.[193]
ثانيا: حكم اختلاف الحكمين في مضمون التقرير.
تنص المادة 96 من المدونة على أنه: "إذا اختلف الحكمان في مضمون التقرير أو في تحديد المسؤولية، أو لم يقدماه خلال الأجل المحدد لهما، أمكن للمحكمة أن تجري بحثا إضافيا بالوسيلة التي تراها ملائمة".
يفهم من مقتضيات هذه المادة أن الحكمان قد لا يتفقان في مضمون التقرير خصوصا موضوع وأسباب النزاع، أو في تحديد مسؤولية كل من الزوجين عن سبب الفراق مما يجعل تقريرهما غير كامل أو غير محرر أصلا، وقد يتأخرا عن تقديم هذا التقرير في الآجال التي حددتها لهما المحكمة، نتيجة نفس الأسباب أو لأسباب أخرى، كعدم نجاحهما في التوصل إلى معرفة حقيقة النزاع أو أنهما لم يتفقا على حل للمشكل، حيث يقترح أحدهما الطلاق بدون خلع ويرى الثاني أنه على الزوجة أن تدفع لزوجها مالا مقابل الطلاق[194]…. وبما أن الأمر يتطلب إما فض النزاع بالصلح وعند تعذره بالتفريق، عوض ترك الزوجين في الانتظار نتيجة تماطل الحكمين أو خلافهما، في هذه الحالة تقوم المحكمة بإجراء بحث إضافي بجميع الوسائل التي تراها ملائمة وسلطتهما في ذلك واسعة كأن تعين غيرهما للتحكيم[195] أو تستدعي خبراء نفسانيين إلى غير ذلك.
الفقرة الثالثة: الإشهاد على الصلح.
نميز بهذا الخصوص بين حالتين، الحالة التي تكون فيها المحاولة الصلحية بمبادرة من المحكمة، والحالة التي يتم فيها تعيين الحكمين.
فبالنسبة للحالة الأولى، إذا نجح القاضي في مسعاه للتوفيق بين الزوجين وإقناعهما بالعدول عن رغبتهما في حل ميثاق الزوجية، فإن كاتب الضبط يقوم بإثبات الصلح الذي اتفق عليه الطرفان في محضر الجلسة ويوقعانه ليتم الإشهاد به من طرف المحكمة وبذلك ينتهي النزاع وتعود الحالة إلى ما كانت عليه سلفا. لكن ما يلاحظ على المدونة في هذا الصدد أنها لم تنص على ضرورة تسليم الزوجين نسختين من محضر الصلح ليكون حجة لهما وعليهما، إذ اكتفت بالنص في الفقرة الأخيرة من المادة 82 على أنه: "إذا تم الإصلاح بين الزوجين حرر به محضر وتم الإشهاد به من طرف المحكمة"، وفي نظرنا فإنه يجب على القاضي بعد الإشهاد على المحضر أن يسلمهما نسخة منه قياسا على مقتضيات المادة 95.
أما بالنسبة للحالة التي يتم فيها انتداب الحكمين ويصلان إلى الإصلاح بين الزوجين ويتفقا هذين الأخيرين على حل للنزاع القائم بينهما أو قبلا الحل الذي اقترحه الحكمان. ففي هذه الحالة يثبت الحكمان ما اتفقا عليه المعنيين بالأمر في تقرير من ثلاث نسخ يتضمن نتائج أشغالهما ويوقعان عليه هما والزوجين ويرفع إلى محكمة الأسرة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة من التقرير المذكور، وتحفظ النسخة الثالثة بالملف، ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة، فقد نصت المادة 95 على أنه: "إذا توصل الحكمان إلى الإصلاح بين الزوجين، حررا مضمونه في تقرير من ثلاث نسخ يوقعها الحكمان والزوجان ويرفعانها إلى المحكمة التي تسلم لكل واحد من الزوجين نسخة منه، وتحفظ الثالثة بالملف ويتم الإشهاد على ذلك من طرف المحكمة".
الفقرة الرابعة: خصوصية المادة 82 من المدونة.
تتضمن المادة 82 أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة الجديدة في مجال إصلاح ذات البين والتي تتجلى فيما يلي:
أ ـ لقد أوجب المشرع على المحكمة أن تقوم بكل ما من شأنه الإصلاح بين الزوجين، فلم يعد كافيا قيام المحكمة بعرض الصلح على الخصوم فقط ودعوتهم إليه، بل يجب عليها أن تبذل جهدا في ذلك بأن تقترح عليهم الحلول وتحاول بقدر الإمكان الوصول إلى حل يرتضيه الطرفان، وهذا الواجب الذي ألزمت به المحكمة يكون في كافة دعاوى الطلاق والتطليق أيا كان سبب الدعوى سواء كان التطليق للضرر أو للشقاق أو للعيب أو لسجن الزوج أو لعدم الإنفاق إلى غير ذلك، لكن نستثني التطليق للغيبة لصعوبة إيجاد الزوج –كما سبق أن وضحنا ذلك- أو كان الطلاق بطلب أحد الزوجين أو باتفاقهما أو بتقديم الزوجة مقابلا للزوج أو بتمليك هذا الأخير الطلاق للأولى، بل إن المشرع قد أحال صراحة في كل الدعاوى المتعلقة بهذه الأسباب على المادة 82، كما هو الشأن بالنسبة للفقرة الثانية من المادة 89 حيث نصت على ما يلي: "تتأكد المحكمة من توفر شروط التمليك المتفق عليها بين الزوجين، وتحاول الإصلاح بينهما طبقا لأحكام المادتين 81 و82 أعلاه".
ب ـ إن المشرع ألزم المحكمة في دعاوى الطلاق والتطليق بين الزوجين الذين لهما أطفال بأن تعرض الصلح عليهما مرتين يفصل بين كل مرة فاصل زمني لا يقل عن ثلاثين يوما،[196] كل ذلك من أجل الحفاظ على العش الأسري والحرص على استدامته جهد المستطاع ويزداد هذا الحرص ويصبح أهلا لبذل مزيد من الجهد ولمعاودة الكرة في القيام بالمحاولة التصالحية إذا كان بين الزوجين ولد، حيث أن مصلحة الولد في دوام الحياة الزوجية، ولذلك فإن أبى أي من الزوجين الصلح في المرة الأولى فقد يفيء إليه في المرة الثانية، ويترتب على ذلك أن المحكمة لا تعتبر قد وفت بالتزامها بعرض الصلح إلا إذا عرضته مرتين متتاليتين مع مراعاة الفاصل الزمني بينهما، فإذا لم تعرض المحكمة الصلح على الخصوم إطلاقا أو عرضته عليهم مرة واحدة، أو مرتين، دون مراعاة الفاصل الزمني الذي نص عليه المشرع فإن حكمها يكون قابلا للطعن فيه.
مما سبق، يتبين أن ما جاءت به المادة 82 هو أقصى ما يتمتع به القاضي من دور إيجابي في إنهاء النزاع والشقاق بين الزوجين.
المطلب الثالث: مؤسسات الصلح.
هناك عدة إمكانيات وآليات تنبسط أمام القاضي الأسري بمناسبة إجراء الصلح في قضايا الطلاق والتطليق، الهدف منها مساعدته في القيام بدوره كمصلح اجتماعي، سعيا إلى التخفيف من ظاهرة التفكك الأسري التي أصبحت تنخر أغلبية الأسر المغربية، هذه المؤسسات تتراوح بين المبادرة الشخصية للقاضي (فقرة أولى)، ومؤسسة الحكمان (الفقرة الثانية)، ثم مجلس العائلة (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: المبادرة الشخصية.
لقد أناط المشرع بالقاضي مهمة الإصلاح بين الزوجين والبحث عن عناصر صالحة لإيجاد حل كفيل بمعالجة المشكل المعروض عليه باعتباره مشكلا اجتماعيا وبشريا يهم الأسرة بأكملها، بحيث يعمد إلى إجراء أبحاث بمكتبه وعقد جلسات سرية بحضور الطرفين شخصيا من أجل معرفة الأسباب الكامنة وراء الرغبة في حل ميثاق الزواج، رغم أن مهمته هذه صعبة، لأن الأسباب تكون في أغلب الأحيان مجهولة أو شخصية يصعب البوح بها أمام القاضي. لذلك فإنه يتعين عليه أن يكون على درجة عالية من اللباقة والفطنة وذا تجربة كبيرة وحنكة واسعة، ويجب اختياره ممن لهم خبرة بمشاكل الأسرة وبأساليب الحوار الذي يتطلب الكثير من المرونة والصبر، ومن جهتهما فلابد للمتنازعين أن تكون ثقتهما في القاضي كبيرة جدا وأن ينظروا إليه نظرتهما للطبيب المعالج، وذلك كله في جو يسوده الهدوء والطمأنينة والثقة.[197]
يتضح إذن ذلك الدور المتميز الذي يلعبه القاضي في الحفاظ على لحمة وتماسك الأسرة، وهكذا وفي الحالة التي تتكلل فيها محاولته بالنجاح فإنه يصدر أمرا بإثبات اتفاق الطرفين وينفذ بقوة القانون ولا يقبل أي طريق من طرق الطعن.[198] أما في حالة العكس فإنه ينتدب حكمين أو مجلس العائلة.
الفقرة الثانية: مؤسسة الحكمان.
نتناول هذه المؤسسة في نقطتين: الأولى نبين فيها الشروط الواجب توفرها في الحكمين على أن نعالج في الثانية المهمة التي أنيطت بهما في إطار المحاولة التصالحية.
أولا: الشروط الواجب توافرها في الحكمين.
نبادر إلى القول بأن المدونة أثناء حديثها عن ضرورة بعث حكمين لإصلاح ذات البين وذلك في المادة 82، لم تحدد أي شرط يمكن أن يشترط في الحكمين وكذا المواصفات التي قد تأخذها المحكمة بعين الإعتبار عند تعيينهما، تاركة ذلك فيما يبدو للسلطة التقديرية للقاضي، وقد تساءل البعض[199] في هذا السياق عن حكم تعيين المحكمة رجل وامرأة أو امرأتين كحكمين؟
عموما، فإن فقهاء الشريعة الإسلامية سطروا الشروط التي يجب مراعاتها في الحكمين؛ فقالوا بضرورة أن يكونا من أهل الزوجين، أحدهما من أهل الزوج والآخر من أهل الزوجة لأن الله سبحانه وتعالى ذكر ذلك في القرآن الكريم، ولأن الأهل أعرف ببواطن الأمور وأقدر على معالجة الموقف من غيرهما، ولكي يكون لكل من الزوجين واحد يعطف عليه ويدافع عنه ويرعى مصالحه،[200] أما إذا تعذر وجودهما من الأهل فيجوز أن يكونا من الأجانب ويندب كونهما من جيران الزوجين، قال ابن حزم[201] "إذا شجر الخلاف بين الرجل وامرأته بعث الحاكم حكما من أهله، وحكما من أهلها".
كما اشترطوا فيهما الذكورة، والعدالة، والرشد، وفهم المقصود من مهمتهما وكيفية أدائها؛ فلا يجوز تحكيم النساء، ولا الصبيان، ولا العبيد، ولا المجانين، ولا الكفار، ولا الفسقة ولا السفهاء، ولا من لا علم له بأحكام النشوز والصلح.
وقد أخذ القانون المصري بهذه الشروط حيث نصت المادة 7 من قانون الأحوال الشخصية على أنه: "يشترط في الحكمين أن يكونا رجلين عدلين من أهل الزوجين، إذا أمكن، وإلا فمن غيرهم ممن له خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما". وسارت محكمة النقض على هذا النهج حيث قالت: "إن ذكورة الحكام شرط لولايتهم، علة ذلك أن المحكمة بعثت حكاما من بينهم امرأة فكان أثره بطلان التقرير المقدم عنهم، واستناد الحكم إلى هذا التقرير في قضائه مؤداه بطلان الحكم".[202]
ثانيا: مهمة الحكمين في مسطرة الصلح.
إن الحكمين ما انتدبا للتحكيم إلا لإصلاح ذات البين بعد أن يعرف كل منهما سبب النزاع من صاحبه، وبعد تحديد الظالم من المظلوم، لذلك يتعين على الحكمين أن يتفهما أسباب الخلاف والشقاق، كما يتعين عليهما أن يسعيا حقيقة إلى إنهاء النزاع وأن يبذلا في سبيل الوصول إلى الصلح كل جهدهما؛ فيجتمعان في هدوء بعيدين عن الانفعالات النفسية والرواسب المعيشية التي كدرت صفوة العلاقات بين الزوجين، طليقين من هذه المؤثرات التي تفسد جو الحياة وتعقد الأمور، راغبين في خير الزوجين ومصلحة أطفالهما واستقرار مؤسستهما، ويقرران فيما بينهما ما يجب اتخاذه لعودة الصفاء والمودة إلى الحياة الزوجية؛ فإن كان الزوج هو الظالم يذكراه بأن الإسلام خاطب الرجل والمرأة معا وسوى بينهما في القيمة الإنسانية، وحمل المرأة المسؤولية كما حملها للرجل، ووضع القواعد والتشريعات التي تكفل لها الحياة الكريمة، وهذا يعني أنها كائن له وجوده واحترامه، وما دام كذلك، فعلى الزوج احترامها. أما إذا كان الظالم هي الزوجة فيذكرانها أيضا بأن الإسلام وضعها في مكانة عالية وأمرها بالتقوى والعفة والحياء وأن زوجها قد وهبه الله سبحانه وتعالى قوة واستعدادا فطريا للقيام بشؤون الأسرة، لذلك وجب عليها طاعته في غير معصية الله ورسوله.[203]
بهذا يتأتى للحكمين إرجاع الزوجين إلى رشدهما وإعادة المياه إلى مجاريها، وإذا ما تم لهما ذلك، فإنهما يحرران تقريرا من ثلاث نسخ ويوقعانه مع الزوجين ويرفع إلى المحكمة، ولعل هذا ما سعت إليه المدونة حين نصت في الفقرة الأولى من المادة 95 على أنه: "يقوم الحكمان أو من في حكمهما باستقصاء أسباب الخلاف بين الزوجين ويبذل جهدهما لإنهاء النزاع".
الفقرة الثالثة: مجلس العائلة.
بالإضافة إلى مؤسسة الحكمين، نجد المشرع وضع أمام القاضي الأسري آلية أخرى لتعزيز دوره في التوفيق، ويتعلق الأمر هاهنا بمجلس العائلة الذي تم تفعيله ليتلاءم والمقتضيات الجديدة للمدونة، وذلك بواسطة المرسوم القديم الذي كان معمولا به في عهد مدونة الأحوال الشخصية، وعليه فإننا سنعرض لمظاهر التجديد التي جاء بها هذا المرسوم رقم 2.04.88 الصادر في 14 يونيو 2004 الذي نسخ المرسوم على مستوى تكوين المجلس (أولا)، وعلى مستوى مهامه (ثانيا).
أولا: تكوين مجلس العائلة.
يتألف مجلس العائلة استنادا إلى مقتضيات المادة الأولى من المرسوم المنظم له مما يلي:
القاضي بصفته رئيسا له عدة سلطات من بينها تعيين أربعة أعضاء في تشكلة المجلس وتغييرهم وتغيير باقي الأعضاء عند الاقتضاء.[204] بالإضافة إلى حقه في دعوة أعضاء المجلس للاجتماع في تاريخ ومكان محدد وذلك بعد بيان موضوع هذا الاجتماع،[205] كما لا يحق للأعضاء إنابة غيرهم عنهم إلا بإذنه.
الأب والأم أو الوصي أو المقدم إلى جانب أربعة أعضاء من بين الأقارب أو الأصهار بالتساوي بين جهة الأب وجهة الأم، أو جهة الزوج وجهة الزوجة حسب الأحوال، وإذا تعذر توفرهم من الجهتين أمكن تكوينه من جهة واحدة. ويراعى عند اختيارهم درجة القرابة ومحل إقامتهم وسنهم ومؤهلاتهم وعلاقتهم بالأسرة ومدى استعدادهم للعناية بشؤونها وحرصهم على مصلحتها، ويشترط فيهم كمال الأهلية.[206]
والملاحظ أن المرسوم لم يستجب لنداءات بعض الفقه[207] بضرورة إدخال الأغيار ممن لهم مؤهلات بإمكانهم الدفع بالمجلس للتوصل لقرارات صائبة ومرتبطة بالواقع كالمحللين النفسانيين والأخصائيين الاجتماعيين والخبراء القانونيين.
ثانيا: وظائف مجلس العائلة.
تم تحديد اختصاصات المجلس في القيام بالتحكيم لإصلاح ذات البين إذا خيف الطلاق أو التطليق، كما له أن يبدي رأيه في كل ما له علاقة بشؤون الأسرة[208]، سواء تعلق الأمر بالزواج أو التعدد أو الحضانة أو الإرث إلى غير ذلك من المسائل التي من شأنها أن تثير الخلاف بين أفراد الأسرة.
ويزاول المجلس مهامه في إطار اجتماعات تعقد بطلب من الأم أو القاصر أو المحجور أو بمبادرة من الرئيس أو بناء على طلب أحد أعضائه الآخرين كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وتدون نتائج أعماله في محضر يحرره كاتب الضبط الذي يحضر هذه الاجتماعات وذلك في سجل خاص ويوقع عليه الرئيس والأعضاء وفي حالة امتناعهم عن التوقيع يشار إلى ذلك في صلب المحضر.
وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 7 من المرسوم على أن القرارات التي يتخذها مجلس العائلة لها طابع استشاري يأخذ بها القاضي على سبيل الإستئناس دون أن تكون ملزمة له بأي حال من الأحوال، وهذا ما جعل الفقه يتساءل عن جدوى وجود هذه المؤسسة وتجديد النصوص المنظمة لها؟ إذ المطلوب هو أن يكون له دور فاعل وتقريري بحيث ينبغي على القاضي أن يعلل لماذا لم يأخذ باقتراحات المجلس خاصة إذا كان هذا الأخير يضم خبراء ومختصين ذوي كفاءات عالية.
المطلب الرابع: آثار الصلح.
بغض النظر عن الآثار القانونية التي يخلفها الصلح، والتي سبق أن أشرنا إليها في الفصل الأول، والتي تتلخص في انقضاء الدعوى واستنفاذ المحكمة لولايتها ونقل الحقوق أو تقريرها، فإن للصلح آثارا اجتماعية هامة وعديدة، إن على الزوجين أو على الأبناء.
فالتوفيق بين الزوجين يمحو آثار الخلافات التي كانت قائمة بينهما ويعيد للحياة الزوجية السكينة والطمأنينة التي يجب أن يكون عليها كل بيت، لأن الهدف من الزواج هو تحقيق ذلك الارتياح النفسي للشخص، يقول الله تعالى: }ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون{[209]، هذا بالإضافة إلى توثيق عرى المحبة والاحترام والتقدير بين الزوجين، فتصبح الزوجة على قدر كبير من الامتنان والاحترام بعدما صفحت وتغاضت من زلات وأخطاء زوجها في حقها، وكذلك الأمر بالنسبة للزوج الذي يقدر زوجته ويعترف لها بوجودها ككائن له احترامه وكرامته، فلا ينظر إليها نظرة الأسد الذي يرى بنظارات الفرعون –كما يقال- فيهينها ويضربها بلا سبب، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".[210] فمتى حصل الوفاق بينهما وسارا على المنهج القويم للحياة الزوجية وتبادلا الإخلاص وعرف كل منهما ما يجب عليه للآخر إلا وعاشا في سعادة لا يخالطها شقاء، وراحة لا يشوبها عناء.
أما بالنسبة لانعكاسات الصلح على الأطفال، فلا يمكن حصرها، حيث أبانت التجربة على أن عيش الأطفال في أسرة سليمة، متماسكة، خالية من النزاعات والمشاحنات يسود بين أفرادها الود والمحبة والاحترام المتبادل، يساعدهم -أي الأطفال- على التحصيل بل والتفوق الدراسي، كما يسهل لهم الاندماج في المجتمع والمساهمة بفاعلية في بنائه وتطويره، وقد أكدت الدراسات أن أطفال الأبوين المطلقين يعانون من مشاكل طوال حياتهم، ويكون أداؤهم في الدراسة أسوأ من أطفال الزوجين المقيمين معا، كما يظهر اضطراب في سلوكهم وهم معرضون أكثر من غيرهم للعقد النفسية ويتسمون بالعدوانية، هذا بالإضافة إلى أن الخلافات الزوجية تفقد الأطفال الرغبة في الحياة وتولد في أنفسهم الكراهية والحقد اتجاه أحد الأبوين أو هما معا.
عموما، لا يخفى ما للصلح من آثار إيجابية على الأسرة ككل حيث يحفظ لها استقرارها ووحدتها، ويصونها من كل الزوابع التي من شأنها أن تعبث بصفوها وتغير ما عهد فيها من هدوء، وبذلك يتحقق السلم العائلي الذي نحن في أمس الحاجة إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع تنامي الاعتبارات المادية على كل مناحي الحياة-بروز الثقافة العجلية على رأي الدكتور فريد الأنصاري- وضعف الوازع الديني والأخلاقي والعبث بالقيم والمثل العليا والأعراف والتقاليد السائدة.
من هنا تكمن الحكمة الربانية في وصف الصلح بالخير في قوله تعالى: }وإن امرأة خافت من بعها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا والصلح خير{[211].
المبحث الثاني: الصلح في جرائم الأسرة.
لم يقف اهتمام المشرع المغربي بالأسرة وحرصه على ديمومتها وتلاحم أفرادها، عند تقريره للصلح في مدونة الأسرة الجديدة، بل تأكد هذا الاهتمام في القواعد الجنائية –سواء القانون الجنائي أو قانون المسطرة الجنائية- وسمح بإمكانية إبرام الصلح بين طرفي الجريمة أي المتضرر والمشتكى به، بالرغم من أن نطاق القواعد الجنائية –من الناحية المبدئية- كله من النظام العام ولا مجال لإرادة الأفراد في تحديد هذا النطاق ولا التأثير فيه، إذ المفروض ألا يؤثر الصلح في الميدان الجنائي، لأن أمن المجتمع واستقراره يهم جميع أفراد ويعلو على المصالح الفردية، لذلك ينبغي ألا يترك للأطراف يتصرفون فيه بالصلح أو غيره إلا فيما يتعلق بحقوقهم المدنية. لكن واعتبارا لمصلحة مؤسسة الأسرة ارتأى المشرع وبصفة استثنائية أن يجيز لأفرادها إبرام مصالحة بشأن الجرائم التي تتضرر منها هذه المؤسسة. غير أن ما يميز الصلح في إطار هذه الجرائم عنه في مدونة الأسرة هو طبيعته الاختيارية؛[212] بحيث لم يتم إلزام الأطراف بمسطرة الصلح بل جعل الفصل 41 من ق. م.ج المبادرة بيد المتضرر والمشتكى به فهما اللذان يقرران سلوك هذه المسطرة من عدمه، ولذلك جاء في الفصل المذكور "يمكن للمتضرر أو المشتكى به…." ويترتب على ذلك أن الدعوى العمومية تبقى صحيحة ولو لم تسبقها مسطرة الصلح.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن معالجة الصلح في مجال جرائم الأسرة يقتضي منا تحديد لائحة بالجرائم التي يجوز فيها الصلح (المطلب الأول)، ثم التعرض لمسطرته وذلك في (مطلب ثاني)، على أن نخصص (المطلب الثالث) لدور كل من النيابة العامة والمحكمة في الصلح، لنختم في (مطلب رابع) لتنفيذه.
المطلب الأول: لائحة الجرائم التي يجوز فيها الصلح.
إن المشرع المغربي لما استحدث آلية الصلح، فإنه لم يطلق العنان للأفراد لتسوية كل نزاعاتهم بطريقة اتفاقية واللجوء إلى المصالحة في كل وقت وحين، بل قيد ذلك وحصره في قضايا محددة على سبيل الحصر، فقد نصت المادة 41 من ق. م. ج على أنه "يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية، وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل أو بغرامة مالية لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم، أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما بمحضر".
بالرجوع إلى القانون الجنائي نجد أن من بين الجرائم التي تستهدف كيان الأسرة والمشمولة بالصلح، جريمة إهمال الأسرة (فقرة أولى)، جريمة الخيانة الزوجية (فقرة ثانية)، وجريمة السرقة بين الأقارب (فقرة ثالثة). وسوف ندرسها بشيء من التركيز على الشكل الآتي:
الفقرة الأولى: جريمة إهمال الأسرة.
إن استقرار الأسرة غاية من الغايات التي حرص عليها المشرع، وعقد الزواج إنما يعقد للدوام والتأبيد ليتسنى للزوجين أن يجعلا من بيت الزوجية مهدا يأويان ويسكنا إليه، يقول الله سبحانه وتعالى: }ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها{[213] لا أن لا يغادراه ويتركا أطفالهما دون رعاية مادية ومعنوية، يقول عز من قائل: }وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها{،[214] ويقول سبحانه: }لينفق ذو سعة من سعته، ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله{[215]. من هنا كانت الحكمة من تجريم فعل الإهمال الذي يطال الأسرة بيت الزوجية، وقد حدد القانون الجنائي المغربي ثلاث صور لهذا الفعل.
ـ الأولى جاء النص عليها في الفصل 479 من المجموعة الجنائية وهي تتحقق بالابتعاد المادي المتواصل عن منزل استقرار الأسرة والتخلي عن شؤونه وعن الإلتزامات التي يفرضها القانون لفائدة ساكنيه سواء كان هذا التخلي جزئيا أو كليا،[216] فالعبرة بمغادرة المنزل دون عذر مقبول لمدة تزيد على شهرين، وصفة الفاعل في هذه الجريمة ضرورية؛ إذ الذي يرتكبها هو الأب أو الأم اللذين يخلان بالتزاماتهما إزاء أطفالهما وكذا الزوج الذي يهجر زوجته وهي حامل، وقد اشترط المشرع ضرورة توافر القصد الجنائي لدى الفاعل المهمل وعندئذ يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 200 إلى 2000 درهم.
ـ أما الثانية فتتجلى في الإهمال المعنوي للأطفال الذي جرمه المشرع الجنائي في الفصل 482، وتقوم هذه الجريمة بإخلال أحد الوالدين بواجب التربية والعناية بالأطفال والوفاء بالتزاماته القانونية اتجاههم أو إلحاق ضرر بالغ بهم جراء سوء المعاملة والتقصير في الإشراف عليهم على نحو يمس بصحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم، وتكون العقوبة هي الحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 200 إلى 500 درهم.
ـ أما الصورة الأخيرة من الإهمال فتتعلق بجريمة التملص من أداء النفقة أو ما يسمى بالإهمال المالي وتم النص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 480 من القانون الجنائي، بحيث تتحقق بامتناع الشخص المحكوم عليه بأداء النفقة بواسطة حكم قضائي قابل للتنفيذ لفائدة المستفيد الذي قد تكون الزوجة أو الأبناء أو الآباء بشرط أن يكون الملزم بالنفقة قادرا على أدائها، أما إذا أثبت وجود سبب قاهر منعه من التنفيذ فلا محل للجريمة.
الفقرة الثانية: جريمة الخيانة الزوجية.
من المعلوم في الدين بالضرورة أن العرض أو النسل من بين الضروريات الخمس التي تولى الإسلام الحفاظ عليها وصيانتها وحرم على الأمور التي تفسدها ورغب فيما فيه سلامتها. والزنا من المنكرات التي تهتك الأعراض وتقضي على الأنسال، بل إن الشارع الحكيم وصفها بأنها فاحشة، يقول عز وجل: }ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا{[217].
وقد تشدد التشريع الإسلامي في عقوبتها اعتبارا لخطرها على الأسر والمجتمع ككل، فتدمر البيوت وتفسد الشباب وتضعف القلوب، يقول الله سبحانه وتعالى: }الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تومنون بالله واليوم الآخر{[218]. كما يقول سبحانه: }واللذان ياتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما{،[219] وقد اشترط فقهاء الشريعة أن يكون الوطء بينا لا شبهة فيه. قال صلى الله عليه وسلم: "ادرؤوا الحدود بالشبهات ما استطعتم".[220]
وفي التشريع الجنائي المغربي فقد عاقب على جريمة الزنا خاصة إذا كان مرتكبها متزوج، وقد اصطلح على تسميتها في هذه الحالة بجريمة الخيانة الزوجية المنصوص عليها في الفصل 491 ق. ج. وهي تتحقق بوطء الرجل المرأة في قبل أو دبر دون أن تربط بينهما علاقة شرعية ويشترط أن يكون أحد طرفي العلاقة الجنسية متزوجا وأن يكون لديه القصد الجنائي بعنصريه الإرادة والاختيار، مع عدم الجهل بالرابطة الزوجية[221]، والعقوبة هي الحبس من سنة إلى سنتين.
الفقرة الثالثة: السرقة بين الأقارب.
السرقة محرمة بالكتاب والسنة، فأما الكتاب يقول سبحانه وتعالــــــى: }والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم، فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم{[222]. وأما السنة قوله عليه الصلاة والسلام: "كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه"[223]. وبخصوص السرقة التي تتم بين الأقارب فقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية بشأن تطبيق الحد على السارق، فالمذهب الظاهري؛ قال بأن القرابة لا أثر لها مطلقا على تطبيق الحد، أما الحنفية فيرون بأن قرابة الرحم أو المصاهرة المحرمة (أي المانعة من الزواج) كلها تعفى من إقامة الحد، أما الجمهور فيقصرون الإعفاء على بعض القرابة دون البعض الآخر.[224]
وإذا ما نحن رجعنا إلى نصوص القانون الجنائي المغربي، نجد أن المشرع تارة يعفي من العقاب في الحالة التي يكون فيها المال المسروق مملوكا لزوج الجاني أو مملوكا لأحد فروعه،[225] وتارة أخرى يقتصر على تقييد حرية النيابة العامة في ممارسة الدعوى العمومية بضرورة تقديم شكوى من المجني عليه في حالة ما إذا كان المال المسروق مملوكا لأحد أصول السارق أو أحد أقربائه أو أصهاره إلى الدرجة الرابعة.[226]
وقد اشترط المشرع للإعفاء من العقوبة توافر ثلاثة شروط: يكمن الأول في ضرورة ارتكاب الجريمة من طرف أحد الزوجين المرتبطين بعقد زواج شرعي أو من طرف أحد أصول المجني عليه مع الإشارة إلى أن الذي يستفيد من الإعفاء هو الأصل الذي له بنوة شرعية على المجنى عليه من جهة الأب، أما بالنسبة للأم فإن العذر تستفيد منه الأم الشرعية والطبيعية وذلك استنادا إلى المادة 146 من مدونة الأسرة التي سوت الأمومة الشرعية بالأمومة الطبيعية. أما بالنسبة للشرط الثاني فهو أن يكون المال المسروق مملوكا للزوج أو الفرع بحيث إذا كان حائزا له حيازة مؤقتة فإن العقوبة تطبق على الجاني، وأخيرا يشترط ألا يكون المسروق المملوك للزوج أو الفرع مرهونا أو محجوزا عليه.[227]
المطلب الثاني: شروط محاولة إجراء الصلح.
خروجا عن القواعد العامة المتعلقة بالنظام العام، فقد عمل المشرع المغربي شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات المقارنة الأخرى على تمديد مسطرة الصلح لما تكتسيه من أهمية للمادة الجنائية. وقد اشترط بهذا الخصوص ضرورة موافقة وكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية وتأشير رئيسها (الفقرة الثالثة) إثر تقديم طلب لإجراء الصلح قبل إقامة الدعوى العمومية (الفقرة الثانية)، وأن يتعلق الأمر بجنحة ضبطية (الفقرة الأولى).
الفقرة الأولى: أن يتعلق الأمر بجنحة ضبطية.
عمل المشرع المغربي على تقسيم الجنح تبعا لعقوبتها إلى جنح تأديبية وأخرى ضبطية، وطبقا لمقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية فقد أفرد الجنح الضبطية وحدها بمحاولة إجراء الصلح، وذلك حينما يتعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين حبسا أو بغرامة لا تتجاوز 5000 درهم، إذ بذلك يكون المشرع قد اقتصر على الجرائم التي تتميز بطابعها البسيط أو تلك التي لها ارتباط بالجوانب الاجتماعية والعائلية ولاقتصار ضررها الظاهر على أطرافها، وهذا ما نلمسه في كل من جرائم الخيانة الزوجية، وإهمال الأسرة وكذا السرقة بين الأقارب. إلا أن هذا لا يعني تساهل المشرع بشأنها، فبالرغم من اعتبار الصلح إجراء اختياريا بالنسبة للأطراف فالنيابة العامة لها الحق في الرفض في كل وقت وحين إذا كان لتلك الجنح ارتباط بجرائم أخرى مخلة بالنظام العام.[228] كما هو الشأن لحالة ارتباط هذه الجنحة بجناية، فهنا لا يجوز إبرام الصلح لأن العقوبة هنا تكون عقوبة الجريمة الأشد.
والحكم ذاته ينطبق على المخالفات بالنظر للعقوبات المخصصة لها، التي لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تتجاوز سقف 5000 درهم.
نعتقد أنه كان على المشرع ألا يتقيد بمقدار العقوبة من أجل إصلاح ذات البين في المادة الجنائية خاصة حينما يبدي الطرفان رغبتهما في التصالح ولا يكون لذلك ضرر ظاهر على مصالح المجتمع، لتمتين أواصر الإخاء والمحبة والسلام، فقد جاء في كتاب الله عز وجل: }فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم{.[229]
الفقرة الثانية: تقديم طلب المصالحة قبل إقامة الدعوى العمومية.
إن تراضي الطرفان بإنهاء النزاع القائم بينهما بالطرق الودية فيما يخص الدعوى العمومية –بالإضافة للشروط الأخرى- رهين بتقديم طلب لدى وكيل الملك بالمحكمة الإبتدائية، إذ يستوي في الحالة أن يتم تقديمه من أحدهما أو هما معا. والمشرع لم يحدد شكلا خاصا لهذا الطلب ولا حتى نوعيته إذ اكتفى بالقول "بناء على طلب" دون أن يضيف عبارة مكتوب أو غيرها. من هنا يمكن القول أنه يسوغ للمتصالحين تقديم هذا الطلب شفويا أو مكتوبا، سواء بأنفسهم أو بواسطة موكليهم.[230] وفي نفس السياق فلا يجب تقديم هذا الطلب إلا بعد الاعتراف بالفعل الإجرامي أمام الضابطة القضائية، على اعتبار أن النيابة العامة من خلال إجراءاتها هذه تحاول إعطاء مصداقية لهذا العمل القضائي، ومن تم تجنب تلك الوشايات وكل الأعمال الكاذبة.
ومن جهة أخرى، فيجب تقديم هذا الطلب قبل إقامة الدعوى العمومية[231] من طرف النيابة العامة التي تمتلك سلطة واسعة لتقدير المتابعة من غيرها، وفي السياق ذاته فإذا ما عملت النيابة العامة على إثارتها فإن زمام الأمر ينفلت من يدها وتصبح عندئذ مقيدة بعدم التنازل عليها لأي سبب من الأسباب باعتبارها ممثلة للحق العام وتتصرف باسم المجتمع.
وأمام هذا الوضع فلا يكون أمام أطراف الخصومة إذا ما أرادوا تسوية نزاعهم بالطرق الحبية سوى تقديم أحدهم لتنازل لكون الصلح لم يعد من حقهم.
الفقرة الثالثة: موافقة وكيل الملك وتأشير رئيس المحكمة.
أعطى المشرع المغربي لوكيل الملك لدى المحكمة الإبتدائية سلطة واسعة لإتمام الصلح من عدمه، فالصلح لا انعقاد له، ولا إلزامية له ولا حجية له إلا بموافقة وكيل الملك[232] باعتباره الممثل القانوني للنيابة العامة، وذلك لفسح المجال لهذه الأخيرة للوقوف على خطورة الأفعال المرتكبة ومدى مصداقية الصلح الوارد بشأنها. فقد يكون الفعل الجنحي داخلا ضمن دائرة العود أو متعلقا بأفعال غير مشروعة، أو يكون عكس ذلك لكنه قد يكتسي طابع الإذعان بلباس الصلح،[233] كأن يشترط الزوج على زوجته التنازل عن نصيبها المحدد في الإرث نظير تصالحه.
من هنا كانت موافقة النيابة العامة ضرورية لمراقبة مدى مطابقة الأفعال الجنحية المتصالح عليها للشروط المحددة في المادة 41 من ق. م. ج.
وبموافقة وكيل الملك هذه يقوم بتحرير محضر يتضمن ما اتفق عليه الطرفان بحضورهما شخصيا ودفاعهما ما لم يكن هناك تنازل مكتوب صادر عن الطرف المتضرر أو حالة عدم وجود مشتك، فهنا تستدعي النيابة العامة المشتكى به أو المشتبه فيه لإجراء صلح معه يتضمن أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله.
ويجب أن يتضمن محضر الصلح البيانات الآتية:
· أن يتضمن ما يشير إلى حضور الطرفين ودفاعهما أو تنازل أيا منهما عن دفاعه.
· أن يتضمن ما اتفق عليه الطرفان بخصوص تسوية النزاع والالتزامات المترتبة عن ذلك، وعند الاقتضاء أداء نصف الغرامة المحددة قانونا.
· أن يتضمن ما يفيد إشعار الطرفين أو دفاعهما بتاريخ جلسة غرفة المشورة.
· أن يتضمن محضر الضابطة القضائية.
· أن يتضمن موجز للوقائع.
· أن يتضمن مقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.
· الإشارة إلى التكيف القانوني للفعل الذي نتج عنه الصلح.
· أن يوقع المحضر المذكور من طرف وكيل الملك رفقة طرفي النزاع.[234]
ويتخذ هذا المحضر صيغته النهائية والتنفيذية بتوقيع رئيس المحكمة الإبتدائية بغرفة المشورة التي تعقد جلساتها برئاسته أو من ينوب عنه بحضور ممثل النيابة العامة، والطرفين أو طرف واحد عندما يتعلق الأمر بالاستثناء المذكور أعلاه[235] بالإضافة إلى كاتب الضبط، لتنهي عملها بإصدار ما اتفق عليه في شكل أمر قضائي غير قابل لأي طعن كيفما كان نوعه.
المطلب الثالث: دور كل من النيابة العامة والمحكمة في الصلح.
من المسلم به في الميدان الجنائي، أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص في إقامة الدعوى العمومية نيابة عن المجتمع، وذلك في إطار مبدأ ملاءمة المتابعة الذي يخول لها الحق المطلق في أن تتخذ قرارا بالمتابعة من عدمه، وذلك على ضوء المعطيات المادية المتوفرة لديها،[236] إلا أنه من شأن الصلح الذي يتفق عليه الطرفان أن يقيد من سلطتها هذه، إذ لا يمكن للنيابة العامة قانونيا أن تتابع المتهم إلا إذا رفض أو ماطل في تنفيذ الشروط المتفق عليها، لكن ما يجب أن نفهمه هو أن الصلح لا يتم إلا تحت مراقبة كل من سلطة المتابعة في شخص وكيل الملك (فقرة أولى)، والقضاء الجالس ممثلا في رئيس المحكمة الإبتدائية (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: دور النيابة العامة في الصلح.
إن من أهم وظائف النيابة العامة هي الحفاظ على مصالح المجتمع بدرء وحل الخلافات والنزاعات التي قد تنشب بين أفراده بكيفية تكفل الإبقاء على الروابط الاجتماعية، ولما كانت الأسرة اللبنة الأساسية لهذا المجتمع وصلاحه بصلاحها، فإنه من الطبيعي أن يتم تعزيز دور مؤسسة الحق العام في حماية نواة الأسرة ولا أدل على ذلك من اعتبارها طرفا أصليا في قضايا الأسرة،[237] وسيرا دائما في اتجاه رأب الصدع والدعوة إلى المودة والتآخي بين أفراد المجتمع والأسرة خاصة، فقد أعطى مشرع مدونة المسطرة الجنائية الجديدة للنيابة العامة سلطة تقديرية واسعة في مسطرة الصلح؛ فهي التي توافق على الصلح من عدمه وهي التي تقترحه في حالة تغيب المتضرر الذي أدلى بتنازل مكتوب. وبالتالي فالصلح لا نفاذ له ولا إلزامية له ولا حجية له إلا بموافقة وكيل الملك وتحرير محضر بذلك،[238] كما أنها هي التي تتمتع بحق إحالة محضر الصلح على رئيس المحكمة الإبتدائية أو من ينوب عنه، هذا بالإضافة إلى إشرافها على تنفيذ الإلتزامات التي التزم بها الطرفان وصادق عليها رئيس المحكمة طبقا لما نصت عليه مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 41 التي تنص على أنه: "يتأكد وكيل الملك من تنفيذ الإلتزامات التي صادق عليها الرئيس".
هكذا يبدو أن اضطلاع النيابة العامة بهذا الدور الإنساني والإجتماعي الجديد[239] يخرجها من دورها التقليدي في المتابعة والمطالبة بالإدانة ليضعها في مصاف الموفق والمشدد والداعية إلى التآخي وإصلاح ذات بين أفراد العائلة خصوصا ليستقيم حال المجتمع عامة.
الفقرة الثانية: دور المحكمة في الصلح.
تنص الفقرة الرابعة من م. 41 ق. م. ج على أنه "يحيل وكيل الملك محضر الصلح على رئيس المحكمة الإبتدائية ليقوم هو أو من ينوب عنه بالتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة… بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن".
يتبين من الفقرة المذكورة أن رئيس المحكمة الإبتدائية يختص بالبث في محاضر الصلح الواردة عليه من طرف وكيل الملك وذلك برفضها أو المصادقة عليها، ويتأتى لرئيس المحكمة من خلال هذه المسطرة الوقوف على أقوال المتضرر والمشتكى به، وما إذا كان هذا الأخير قد اعترف بما نسب إليه، كما تسمح له بالوقوف على التكييف القانوني للفعل ونطاق الصلح، وإذا كان قد وقع بالفعل إبرامه بخصوص الجرائم التي حددت معايير ضبطها المادة 41 ق. م. ج، كما يتأتى له أيضا الاطلاع على موافقة النيابة العامة، بحيث أن هذه العناصر مجتمعة هي التي تنبني عليها المصادقة من عدمها.
وقد لاحظ البعض[240] أن مقتضيات المادة أعلاه أسندت لرئيس المحكمة الإبتدائية أمر البث في قضايا ذات طابع جنحي زجري، أصبح معه قاضي جنحي يتفحص قانون الموضوع والشكل الجنائيين للتأكد من سلامة مسطرة الصلح شكلا وموضوعا، وهذه مسألة لم يحددها رئيس المحكمة بوصفه قاض للمستعجلات يختص فقط بالبث في القضايا التي يخيم عليها الطابع المدني على ضوء قانون المسطرة المدنية.
من هنا نخلص إلى أن دور المحكمة في إطار مسطرة الصلح يسمح بالتوفيق بين مبادئ قانونية متعددة ومتعارضة في نفس الوقت بأسلوب مرن ومحاط بجملة من الضمانات التي تؤمن تحقيق الصلح بين الطرفين.
المطلب الرابع: تنفيذ الصلح.
يحظى مقرر الصلح القضائي المصادق عليه من طرف رئيس المحكمة الإبتدائية بأهمية بالغة، فهو يتضمن التزامات وحقوق المتصالحين المتفق عليها في مجلس الصلح. كما أنه يؤدي إلى وضع حد للنزاع بينها ومن تم وقف ممارسة الدعوى العمومية، من هذا المنطلق فقد تم إسناد مهمة الإشراف على تنفيذه للنيابة العامة، ليتأكد من جديد الدور الفعال الذي تلعبه هذه الأخيرة في مسطرة الصلح.
والسؤال الذي يطرح في هذا الإطار هو: الكيفية التي يصل بها إلى علم النيابة العامة تنفيذ تلك الإلتزامات من عدمها؟
فبالرجوع للمقتضيات الجنائية المسطرية، فليس هناك أي مقتضى قانوني ينظم هاته المسألة، مما يحتم على النيابة العامة بذل مجهودات إضافية لتعقب ومراقبة خطوات المتصالحين للتأكد من مدى وفائهم بالتزاماتهم التصالحية، من هنا فعلى المشرع أن يتدخل لسد هذا الفراغ التشريعي. وإن افترضنا أن الأمر قد وصل إلى علم النيابة العامة –عدم تنفيذ تلك الالتزامات أو بعضها- فهنا لا يمكنها إعمال قواعد التنفيذ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية سواء بالتنفيذ على أموال الملتزم أو الحجز عليها، أو غير ذلك، ولكن فقط ممارسة الدعوى العمومية التي كانت متوقفة.[241] وأمام غياب الجزاء القانوني، فيخشى من هذه المسطرة الإطالة من الإجراءات وتحميل النيابة أعباء أخرى، وهذا ما دفع البعض إلى القول بأن الأمر القضائي لا حجية له، وهذا ما لا نعتقده من جهتنا لأن تنفيذ الأمر القضائي يودي حتما إلى سقوط الدعوى العمومية، أما إذا لم يقع التنفيذ ففي هذه الحالة فنساير ما ذهب إليه الأستاذ مشاقة رشيد بالقول أن الأمر القضائي يصبح هنا هو والعدم سواء، بحيث لا يمكن تجزئة الدعويين: الدعوى العمومية والدعوى المدنية أو التنفيذ المدني لذلك قال إن المشرع ابتكر أثرا خاصا للأمر القضائي، بعيدا كل البعد عن الأثر الطبيعي للأحكام القضائية.[242]
ويمكن أن نتساءل كذلك عن الوسيلة القانونية التي يمكن بواسطتها معرفة مآل ذلك التنفيذ بالنسبة لرئيس المحكمة الإبتدائية بعد مصادقته على الصلح حتى يعتبر الملف منتهيا. فقد ذهب البعض بالقول أن رئيس المحكمة بإمكانه تأخير القضية إلى حين تنفيذ الأطراف للإلتزامات التصالحية، إلا أنه بالرجوع إلى مقتضيات المادة 41 من قانون م. ج، فنجدها تؤكد بصارح العبارة أن تنفيذ الأمر القضائي متصل بالمصادقة "….إذا لم يتم تنفيذ الإلتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة الإبتدائية….". ومن تم فلا يجوز التنفيذ إلا بعد المصادقة وإلا اعتبر الأمر القضائي مفتقرا للسند القانوني.[243].
استنادا لما سبق، فالنيابة العامة في هذه الأحوال تخرج عن طابعها التقليدي المألوف في متابعة الجناة لتقوم بدور ثاني ذي خلفية اجتماعية وبعد إنساني يرمي إلى إصلاح ذات البين أو جبر خاطر الضحية أو تخفيف وطأة الفعل الإجرامي عليه.[244]
خاتمة:
لقد حاولنا قدر الإمكان توضيح ما يعرف بالصلح القضائي والآليات المتحكمة فيه ودوره في تسوية النزاعات التي تنشأ داخل المجتمع، لنخلص بعد ذلك إلى تخصيص الموضوع من خلال تناول الصلح في قضايا الأسرة والذي أشرنا فيه إلى بعض القضايا التي خص بها المشرع المغربي بعناية خاصة لوعيه التام بضرورة تأسيس هذه المؤسسة على أسس متينة وإزالة جميع العراقيل التي قد تعترض تحقيق هذا المبتغى والذي لن يتأتى إلا بسلوك مسطرة الصلح.
إلا أنه بالرغم من الزخم القانوني الذي أفرده المشرع المغربي للعمل التصالحي بصفة عامة والصلح الأسري بصفة خاصة، فهناك مجموعة من العراقيل التي تقف حاجزا أمام ترجمة هذه النصوص القانونية على أرض الواقع، إذ العيب لا يكمن في سن القوانين بل يتعداه إلى دور القضاء في تفعيل مسطرة الصلح وإقناع الأطراف بضرورة الأخذ بها.
فمن جهة أولى، إن انعدام التمييز بين قاضي الحكم وقاضي الصلح يجعل الأطراف يتحفظون بل ويمتنعون عن تقديم بعض التنازلات والبوح ببعض الأسرار خوفا من انعكاس مواقفهم وتصريحاتهم أثناء محاولة الصلح على مراكزهم أثناء المحاكمة بمشاركة نفس قاضي الصلح الذي قد يطلع على أسرار تم البوح بها أملا في الوصول إلى حل اتفاقي مرض لرغبات الطرفين.
وحتى إن افترضنا جدلا بقاء الحال على ما هو عليه –أي عدم التمييز بين قاضي الحكم وقاضي الصلح- فيجب أن تتوفر في هذا الأخير صفة المصلح المحنك الذي قد يحيط بخبايا النزاع بمجرد استماعه لطرفي الخصومة، وأن يتميز بنوع من الذكاء والفطنة وسرعة البديهة والمروءة وكذا القدرة على الإقناع، ولن يتأتى له هذا إلا إذا كان ذا كفاءة وتجربة وتكوين قانوني وعلى علم وإحاطة بتعاليم الدين الإسلامي وخاصة تلك المنظمة لعملية الصلح.
والجدير بالذكر أنه من اللازم على القاضي الذي يتولى مهمة الصلح أن يعمل على تشخيص النزاع وأن يبحث عن الحلول الكفيلة لاستبعاده، لذا يجب عليه تخصيص الوقت الكافي لإنجاح عملية الصلح، وهذا عكس ما نلاحظه في واقع القضاء المغربي، فقضايا الطلاق على سبيل المثال تكون مرهونة ببعض ثواني الصلح التي قد تعصف بمؤسسة الأسرة في حالة فشلها وما لذلك من نتائج سلبية على الزوجين والأبناء.
ومن جهة ثانية، نؤكد على ضرورة نهج الأطراف لمسطرة الصلح ووعيهم بأهميتها مما يقتضي تخليهم عن المواقف المتعارضة ومشاعر الأنانية وعدم التمسك بخلفيات النزاع والتي لن تؤدي سوى إلى تضخيم واستفحال النزاع، الأكثر من هذا أنه على الأطراف المتنازعة أن يسرعوا إلى معالجة النزاع في حداثة نشأته، لأنه كلما طال أمد النزاع إلا وأصبح مستعصيا، كما يجب أن يكون طرفا الخصومة على درجة عالية من الأخلاق وروح وثقافة الحوار التي تشكل لا محالة السبيل الأمثل لحل النزاعات دون اللجوء إلى القضاء الذي لن يرضي حكمه البتة أحد الأطراف.
كما يتطلب لتفعيل مسطرة الصلح أن يتوفر المتخاصمون على استعداد نفسي لترجيح الصلح كحل أولي وبديل لتفادي الخصومة وأن يتحليا بحسن النية قبل وخلال إبرام العقد وإلى غاية تنفيذه.
خلاصة القول إن الرقي بمسطرة الصلح إلى المستوى المرغوب فيه يستوجب الرجوع إلى الدين الإسلامي واعتماد تعاليمه، لأننا –وللأسف- تركنا وتهاونا في الأخذ به وبآدابه وتحولنا شيئا فشيئا نحو الزائف المصطنع من المدنية الغربية وانغمسنا في التطبع بطباع غيرنا مع الاختلاف البين في التاريخ والقومية والدين وكدنا ننسى أصل طبعنا.
لائحة المراجع المعتمدة:
مراجع فقهية:
– لسان العرب لابن منظور. المجلد الأول.
– سنن ابن ماجة. المجلد الأول.
– صحيح البخاري
– صحيح مسلم. المجلد الثالث.
– المحلى لابن حزم.
– تاج العروس للزبيدي الجزء الثاني.
– بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد. م. 3. دار الكتب العلمية
– مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل للحطاب. م: 5. دار الرشاد الحديثة. 1992.
– رياض الصالحين للنووي، دار الفكر. الطبعة الأولى 2003.
– وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته. الجزء الخامس، دار الفكر، دمشق. 1984.
– الحسن العبادي: فقه النوازل في سوس قضايا وأعلام. منشورات كلية الشريعة بأكادير، الطبعة الأولى. 1999.
– محمد محي الدين عبد الحميد: الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية. دار الكتاب العربي، بيروت الطبعة الأولى، 1984
– علي أبو العكيك: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية. مطبعة سجلماسة، 2002.
كتب قانونية:
– الأنصاري حسن النيداني: الصلح القضائي. دراسة تأصيلية لدور المحكمة في الصلح. دار الجامعة الجديدة، طبعة 2001.
– محمد محجوب عبد النور: الصلح وأثره في إنهاء الخصومة. دار الجيل، بيروت. 1987.
– الطاهر كريكري: الصلح بين أفراد الأسرة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي. 1996. (مطبعة غير واردة).
– ياسين يحيى: عقد الصلح بين الشريعة الإسلامية والقانون المدني. دراسة مقارنة. دار الفكر العربي 1978.
– عاشور مبروك: نحو محاولة للتوفيق بين الخصوم، دار النهضة العربية 2002.
– محمود سيد التحيوي: الصلح والتحكيم في المواد المدنية والتجارية، دار الفكر الجامعي، الطبعة الأولى 2003.
– عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، ج: 4-5. (الطبعة والمطبعة غير واردة).
– عبد الكريم شهبون: الشافي في شرح قانون الإلتزامات والعقود المغربي، ج: 4. مكتبة الرشاد 2002.
– أنور طلبة: الوسيط في القانون المدني. ج: 2. دار الفكر العربي، طبعة 1987.
– محيى الدين اسماعيل علم الدين: العقود المدنية الصغيرة، دار النهضة العربية. الطبعة الثالثة.
– محمد عزمي البكري: العقود المدنية الصغيرة: عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة. ج: 1. دار الجامعة الجديدة. 2001.
– محمد الشرقاني: القانون المدني. دار القلم. الرباط. الطبعة الأولى، 2003.
– العبدلاوي إدريس العلوي: الوسيط في شرح المسطرة المدنية. ج: 1. مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 1998.
– طالب عبد الكريم: الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، المطبعة والوراقة الوطنية. الطبعة الثانية، أكتوبر 2003.
– محمد شكري السباعي: نظرية بطلان العقود في القانون المدني المغربي والفقه الإسلامي والقانون المقارن. الطبعة الثانية 1987. (مطبعة غير واردة).
– محمد السماحي: طرق الطعن في الأحكام المدنية والإدارية، مكتبة وراقة الطالب، الطبعة الأولى 1995.
– الطيب بن المقدم: الطعون المدنية في التشريع المغربي، الشركة المغربية للطباعة والنشر. ج: 1. طبعة 1996.
– أحمد ماهر زغلول: مراجعة الأحكام بغير الطعن فيها. طبعة 1993.
– عبد الحميد المنشاوي: السندات التنفيذية. دار الفكر العربي، طبعة 1992.
– أحمد محمد حشيش: نظرية القوة التنفيذية لسند التنفيذ. دار الفكر الجامعي 2002.
– فتحي والي: التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية. مطبعة جامعة القاهرة. 1995.
– عبد الرحيم شميعة: دروس في القانون التجاري. مطبعة سجلماسة، طبعة 2006.
– محمد الكشبور: قانون الأحوال الشخصية: الزواج والطلاق. مطبعة النجاح الجديدة، طبعة 1991.
– محمد ابن معجوز: أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية. ج: 1. مطبعة النجاح الجديدة، 1994.
– أحمد الخمليشي: التعليق على قانون الأحوال الشخصية –الزواج والطلاق- ج: 1. مطبعة المعارف الجديدة. الطبعة الثالثة 1994.
– إدريس الفاخوري: الزواج والطلاق وفقا لآخر التعديلات، دار النشر الجسور، الطبعة السادسة. 1999.
– عبد الرحمان الصابوني: نظام الأسرة وحل مشكلاتها في ضوء الإسلام، (الطبعة والمطبعة غير واردة).
– محمد الأزهر: شرح مدونة الأسرة –أحكام الزواج- مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الأولى.
– أحمد الخمليشي: القانون الجنائي الخاص، ج: 2. مطبعة المعارف الجديدة.
– جعفر العلوي: شرح القانون الجنائي الخاص المغربي، مكتبة المعارف الجامعية.
– نور الدين العمراني: شرح القانون الجنائي الخاص. مطبعة سجلماسة، طبعة 2005.
– رشيد مشقاقة: دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري. مكتبة دار السلام. الطبعة الأولى 2004.
– محمد أحداف: شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد. ج: 1. مكتبة سجلماسة، الطبعة الثانية 2005.
دوريات قانونية:
– جريدة التجديد، عدد 1336، الثلاثاء 7 فبراير 2006.
– ندوة حول الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، نظمت بتعاون بين وزارة العدل وشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس وهيئة المحامين بفاس، يومي 4 و5 أبريل 2003. منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية. سلسلة الندوات والأيام الدراسية. عدد 4. 2004.
– مجلة القصر، عدد 4 يناير 2003.
– مجلة المحامي، العددان 23 و26.
– المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، عدد 5. ماي 2002
– مجلة القضاء والقانون، عدد 133-134.
– مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 24.
– يوم دراسي حول تعديلات مدونة الأحوال الشخصية بظهائر 10/9/1993. حصيلة أولية: نظمته كلية الحقوق بالرباط المشور بسلسلة الندوات، رقم 1. منشورات كلية الحقوق السويسي. 1997.
– مجلة محكمة. صبيحة علمية حول قضاء الأسرة، عدد 2. 2003.
– مجلة قضاء الأسرة، العدد الأول، يوليوز 2005. منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية.
– مجلة الإشعاع. عدد 27. غشت 2003.
– مجلة منبر الجامعة، ندوة علمية حول "مدونة الأسرة المستجدات والأبعاد". منشورات جامعة مولاي اسماعيل، سلسلة منبر الجامعة. عدد 5. 2004.
– مجلة الملف، عدد 3. أبريل 2004.
– المجلة المغربية للقانون، عدد 13. سنة 1987.
– المعهد الوطني للدراسات القضائية، عمل كتابة الضبط بالمحاكم، ندوات كتابة الضبط. 1981-1982. الطبعة الأولى، 1982.
نصوص قانونية:
– القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة.
– المرسوم رقم 2.04.88 بشأن تكوين مجلس العائلة وتحديد مهامه.
– ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 المتعلق بقانون المسطرة المدنية المعدل بموجب قانون رقم 72.03.
– قانون الإلتزامات والعقود.
– القانون الجنائي.
– القانون رقم 22.01 بمثابة قانون المسطرة الجنائية.
الفهرس:
مقدمة…………………………………………………………….. 1
الفصل التمهيدي: ماهية الصلح…………………………………. 3
المبحث الأول: التأصيل التاريخي للصلح………………………….. 4
المبحث الثاني: أهمية الصلح ومشروعيته………………………….. 7
– المطلب الأول: أهمية الصلح………………………………… 7
– المطلب الثاني: مشروعية الصلح…………………………… 10
المبحث الثالث: مفهوم الصلح وتمييزه…………………………….. 12
– المطلب الأول: مفهوم الصلح……………………………….. 12
o الفقرة الأولى: المفهوم اللغوي والشرعي……………….. 12
o الفقرة الثانية: المفهوم القانوني………………………….. 13
– المطلب الثاني: تمييز الصلح عما يشابهه…………………… 15
o الفقرة الأولى: الصلح والحكم……………………………. 16
o الفقرة الثانية: الصلح والتحكيم…………………………… 16
o الفقرة الثالثة: الصلح والتسليم بالحق وترك الإدعاء…….. 17
الفصل الأول: أحكام الصلح القضائي…………………………………. 18
المبحث الأول: أركان الصلح وشروطه…………………………….. 19
المطلب الأول: أركان الصلح………………………………… 19
o الفقرة الأولى: التراضي في الصلح……………………… 20
§ أولا: الوكالة في الصلح……………………………. 22
§ ثانيا: شروط صحة التراضي في الصلح…………. 23
· أ ـ الأهلية المطلوبة في المتصالحين……….. 23
· ب ـ خلو الإرادة من العيوب……………….. 24
§ ثالثا: الإثبات في عقد الصلح………………………. 27
o الفقرة الثانية: المحل في الصلح………………………….. 28
§ أولا: عدم جواز الصلح في المسائل المتعلقة بالنظام
العام……………………………………………….. 28
§ ثانيا: بطلان الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية والأهلية……………………………………………. 31
§ ثالثا: جواز الصلح على المسائل المالية التي تترتب على الحالة الشخصية…………………………………… 32
o الفقرة الثالثة: السبب في الصلح………………………….. 33
– المطلب الثاني: الشروط الواجب توافرها في الصلح حتى يكتسي الصفة القضائية………………………………………………. 34
o الفقرة الأولى: إقرار الطرفان بالصلح أمام المحكمة…….. 35
o الفقرة الثانية: إشهاد القاضي على الصلح ……………….. 35
o الفقرة الثالثة: إثبات الصلح في محضر الجلسة………….. 36
المبحث الثاني: إجراءات الصلح القضائي وآثاره والطعن فيه وتنفيذه 37
المطلب الأول: إجراءات الصلح وآثاره…………………….. 37
o الفقرة الأولى: إجراءات الصلح………………………….. 37
§ أولا: دعوة الأطراف المتنازعة لجلسة الصلح……. 38
§ ثانيا: انعقاد جلسة الصلح………………………….. 38
§ ثالثا: التصديق على عقد الصلح………………….. 40
o الفقرة الثانية: آثار عقد الصلح…………………………… 41
§ أولا: استنفاذ المحكمة لولايتها…………………….. 42
§ ثانيا: تقرير الحقوق أو نقلها………………………. 42
§ ثالثا: عدم جواز رفع دعوى جديدة……………….. 45
– المطلب الثاني: طرق الطعن في الصلح ومراجعته…………. 46
o الفقرة الأولى: طرق الطعن في الصلح………………….. 46
§ أولا: مدى تحصن الصلح ضد طرق الطعن المقررة للحكم……………………………………………… 47
§ ثانيا: جواز رفع دعوى أصلية للمطالبة ببطلان الصلح المصدق عليه……………………………………. 53
o الفقرة الثانية: طرق مراجعة الصلح القضائي…………… 57
§ أولا: تفسير الصلح………………………………… 57
§ ثانيا: تصحيح الخطأ المادي في الصلح…………… 58
– المطلب الثالث: تنفيذ الصلح…………………………………. 60
o الفقرة الأولى:شروط قابلية العمل التصالحي للتنفيذ الجبري61
§ أولا:أن تتوفر فيه مقومات العمل القضائي التصالحي61
§ ثانيا: أن يتضمن إلزام بأداء معين………………… 62
§ ثالثا: أن يكون مذيلا بالصيغة التنفيذية…………… 62
o الفقرة الثانية: الآثار التنفيذية المترتبة على إلغاء أو بطلان الصلح……………………………………………………. 64
الفصل الثاني: الصلح في قضايا الأسرة……………………………… 66
المبحث الأول: الصلح في قضايا الطلاق والتطليق والخلع…………. 68
– المطلب الأول: إلزامية مسطرة الصلح……………………… 70
o الفقرة الأولى: المحكمة لا تلتزم بعرض الصلح إلا بعد أن تتحقق من شكل الدعوى وقبولها………………………………… 71
o الفقرة الثانية: بطلان الحكم إذا أغفلت المحكمة عرض
الصلح…………………………………………………….. 72
– المطلب الثاني: مسطرة الصلح……………………………… 76
o الفقرة الأولى: ضرورة استدعاء الطرفين………………. 77
§ أولا: مدى اشتراط حضور الطرفين بأنفسهم لجلسة الصلح…………………………………………….. 77
§ ثانيا:حضور الزوجين أو تخلفهما عن جلسة الصلح 80
o الفقرة الثانية: انتداب الحكمين……………………………. 81
§ أولا: مدى تقيد المحكمة بتقرير الحكمين…………. 82
§ ثانيا: حكم اختلاف الحكمين في مضمون التقرير… 83
o الفقرة الثالثة: الإشهاد على الصلح……………………….. 84
o الفقرة الرابعة: خصوصية المادة 82 من المدونة……….. 85
– المطلب الثالث: مؤسسات الصلح……………………………. 86
o الفقرة الأولى: المبادرة الشخصية………………………… 87
o الفقرة الثانية: مؤسسة الحكمان…………………………… 87
§ أولا: الشروط الواجب توافرها في الحكمين……… 88
§ ثانيا: مهمة الحكمين في مسطرة الصلح…………. 89
o الفقرة الثالثة: مجلس العائلة………………………………. 90
§ أولا: تكوين مجلس العائلة………………………… 90
§ ثانيا: وظائف مجلس العائلة………………………. 91
– المطلب الرابع: آثار الصلح………………………………….. 92
المبحث الثاني: الصلح في جرائم الأسرة…………………………… 94
– المطلب الأول: لائحة الجرائم التي يجوز فيها الصلح…….. 95
o الفقرة الأولى: جريمة إهمال الأسرة……………………… 95
o الفقرة الثانية: جريمة الخيانة الزوجية……………………. 97
o الفقرة الثالثة: جريمة السرقة بين الأقارب……………….. 98
– المطلب الثاني: شروط محاولة إجراء الصلح………………. 99
o الفقرة الأولى: أن يتعلق الأمر بجنحة ضبطية…………… 99
o الفقرة الثانية: تقديم طلب المصالحة قبل إقامة الدعوى
العمومية…………………………………………………. 100
o الفقرة الثالثة: الحصول على موافقة وكيل الملك وتأشير رئيس المحكمة………………………………………………….. 101
– المطلب الثالث:دور كل من النيابة العامةوالمحكمة في الصلح103
o الفقرة الأولى: دور النيابة العامة في الصلح…………….. 103
o الفقرة الثانية: دور المحكمة في الصلح………………….. 105
– المطلب الرابع: تنفيذ الصلح…………………………………. 106
خاتمة…………………………………………………………….. 108
لائحة المراجع المعتمدة………………………………………….. 110
الفهرس…………………………………………………………… 116
[1] – ذ. إدريس الفاخوري : "الصلح في العمل القضائي. ـ الطلاق نموذجاـ". المجلة المغربية للإقتصاد والقانون ماي 2002. ع: 5.
[2] – ذ. محمد سلام: "أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي المقارن". مجلة القصر، يناير 2003. ع: 4. ص: 46.
[3] – ذ. محمد ناصر متيوي مشكوري وذ. محمد بوزلافة: "الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الأسرية". ندوة حول "الطرق البديلة لتسوية النزاعات". نظمتها شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس، بشراكة مع وزارة العدل وهيئة المحامين بفاس، أيام 4 و6 أبريل 2005. منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ع: 12. 2004.
[4] – صحيح البخاري، باب البيوع.
[5] – الحسن العبادي: "فقه النوازل في سوس قضايا وأعلام". منشورات كلية الشريعة بأكادير. رسائل وأطروحات جامعية، الطبعة الأولى، 1420/1999. ص: 294.
[6] – قرار عدد 32 بتاريخ 10/10/1970. الصادر في الملف 27147. منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى في مادة الأحوال الشخصية، 66 /82. ص: 299.
[7] – نشير في هذا الصدد إلى نتائج المغادرة الطوعية حيث أسفرت عن إحالة عدد كبير من القضاة على التقاعد.
[8] – الطاهر كركري: "الصلح بين أفراد الأسرة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي". الطبعة غير واردة. 1996. ص: 22.
[9] – عاشور مبروك: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". دار النهضة العربية، 2002. ص: 10.
[10] – للمزيد من التفاصيل أنظر الطاهر كركري: "الصلح بين أفراد الأسرة في الفقه الإسلامي والتقنين المغربي". م. س. ص: 23. وعاشور مبروك: "نحو محاولة للتوفيق بين الخصوم". م. س. ص: 11. وإدريس الفاخوري: "الصلح في العمل القضائي". المجلة المغربية للاقتصاد والقانون، عدد 5 ماي 2002. م. س. ص: 8.
[11] – رواه مسلم في صحيحه، كتاب الأقضية، باب الصلح الظاهر واللحن بالحجج. ج: 3/1337 رواه أبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب أخطأ القاضي، ج: 3/301-302.
[12] – ياسين يحيى: "عقد الصلح بين الشريعة الإسلامية والقانون المدني". دراسة مقارنة. دار الفكر العربي. القاهرة، 1978. ص: 24.
[13] – عاشور مبروك: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". مرجع سابق.. ص: 13. هامش: 13.
[14] – وهبة الزحيلي: "الفقه الإسلامي وأدلته". دار الفكر، دمشق. ج: 5. ص: 294.
[15] – سورة الحجرات، الآية: 9-10.
[16] – سورة النساء، الآية: 127.
[17] – سورة النساء، الآية: 35.
[18] – رواه أبو داود في سننه كتاب الأقضية، باب في الصلح، ج: 3. ص: 304.
[19] – رواه أبو داود في كتاب الأدب، باب في إصلاح ذات بين الناس، ج: 4. ص: 280.
[20] – رواه البخاري، كتاب الصلح، باب ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ج: 6. ص: 166.
[21] – أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول الإمام لأصحابه اذهبوا بنا نصلح، ج: 3. ص: 166.
[22] – تجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي قد أخذ بالصلح في القانون المدني بموجب القانون رقم 617/76 بتاريخ 11 يوليوز 1976 المتعلق بتعديل نظام الطلاق، أنظر في هذا الصدد: السعدية بلمير: "الأحوال الشخصية للأجانب في التشريع المغربي". ج: 1. "الروابط العائلية". منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية. 1981. ص: 122.
[23] – ابن منظور: "لسان العرب". م. 1. دار صادر بيروت. ص: 517.
[24] – تاج العروس للزبيدي. ج: 2. فصل الصاد باب الحاء. ص: 182-183.
[25] – د. وهبة الزحيلي: "الفقه الإسلامي وأدلته". مرجع سابق. ص: 293.
[26] – الشيخ عبد السلام التسولي: "البهجة في شرح التحفة". ج: 1. دار المعرفة للطباعة والنشر، الطبعة الثالثة: 1977. ص: 219.
[27] – الحطاب: "مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل". م؟ 5. باب الصلح، دار الرشاد الحديثة، 1992. ص: 80.
[28] – د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة –عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة-". ج: 1. دار الجامعة الجديدة للنشر. 2001.
[29] – وقد اختلف فقهاء الشريعة الإسلامية حول حكم الصلح عن الإنكار والصلح عن السكوت لكنهم اتفقوا على جواز الصلح عن الإقرار، أنظر: د. وهبة الزحيلي: "الفقه الإسلامي وأدلته". مرجع سابق. ص: 295 وما يليها.
[30] – الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". دار الجامعة الجديدة للنشر، ط: 2001. ص: 65.
[31] – المادة 1098 من ق. ل. ع.
[32] – د. أحمد أبو الوفاء: "التحكيم الاختياري والإجباري". ط: 3. 1978. (مطبعة غير واردة). ص: 29.
[33] – ذ. محمد الشرقاني: "القانون المدني". دار القلم، الرباط. الطبعة الأولى، 2003. ص: 39.
[34] – محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة". ج: 1. دار الجامعة الجديدة للنشر 2001. ص: 77-78.
[35] – عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني". ج: 4. الطبعة غير واردة. ص: 522.
[36] -محمد محجوب عبد النور: "الصلح وأثره في إنهاء الخصومة". دار الجيل بيروت. 1987. ص: 122.
[37] – نفس المرجع السابق. ص: 108.
[38] – حسن النيداني الأنصاري: "الصلح القضائي". مرجع سابق. ص: 77-78.
[39] – إذا اقتصر التوكيل العام على أعمال الإدارة فيمكن في هذه الحالة التوكيل بشأنها من أجل إبرام الصلح.
[40] – محمد محجوب عبد النور: "الصلح وأثره في إنهاء الخصومة". مرجع سابق. ص: 90.
[41] -أنظر الفقرة الأولى من المطلب الثاني للفصل الثاني.
[42] – أسباب التحجير وفقا لما جاءت به مدونة الأسرة المغربية نوعان:
· النوع الأول: ينقص الأهلية وهو يضم الصغير المميز (12 سنة) الذي لم يبلغ سن الرشد، السفيه، والمعتوه.
· النوع الثاني: يعدم الأهلية وهو يضم كل من: الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز والمجنون وفاقد العقل.
[43] – مثاله: أن يتصالح المتعاقد مع شخص على حق في الإرث ظنا منه أنه وارث معه ثم يتبين له غير ذلك.
[44] – المادة 1112: "لا يجوز الطعن في الصلح بسبب غلط في القانون ولا يجوز الطعن فيه بسبب الغبن إلا في حالة التدليس".
[45] – عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني". ج: 4. مرجع سابق. ص: 538.
[46] – المادة 1111 لا يجوز الطعن في الصلح: أولا بسبب الإكراه أو التدليس…
[47] – سورة الأحزاب، الآية: 5.
[48] – محمد محجوب عبد النور: "الصلح وأثره في إنهاء الخصومة". مرجع سابق. ص: 104.
[49] – د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة –عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة-". مرجع سابق. ص: 109.
[50] – مادة 1111: يجوز الطعن في الصلح: أولا: بسبب الإكراه أو التدليس…
[51] – عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني". ج: 4. مرجع سابق. ص: 528.
[52] – المادة 404 : "وسائل الإثبات التي يقرها القانون: إقرار الخصم، الحجة الكتابية: شهادة الشهود، القرينة، اليمين والنكول عنها".
[53] – المادة : 1104: "إذا شمل الصلح إنشاء أو نقل أو تعديل حقوق واردة على عقارات أو غيرها من الأشياء التي يجوز رهنها رهنا رسميا وجب إبرامه كتابة ولا يكون له أثر في مواجهة الغير ما لم يسجل بنفس الكيفية التي يسجل بها البيع".
[54] – د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة –عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة-". مرجع سابق. ص: 339.
[55] – نخص بالذكر قضايا الطلاق والتطليق.
[56] – ذ. محمد الكشبور: "قانون الأحوال الشخصية، الزواج والطلاق". مطبعة النجاح الجديدة. طبعة 1991. "قرار غير منشور". ص: 345.
[57] – الآداب العامة: هي مجموعة القواعد الخلقية التي تدين بها الجماعة في بيئة معينة وعصر معين، وبهذا فهي تعتبر الجانب الخلقي لقواعد النظام العام. أنظر محمد عزمي البكري: مرجع سابق. ص: 400.
[58] – عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني". ج: 4. مرجع سابق. ص: 22.
[59] – عبد الكريم شهبون: "الشافي في شرح ق. ل. ع المغربي". ج: 4. مكتبة الرشاد. 2002. ص : 22.
[60] – المادة 1101: "لا يجوز الصلح بين المسلمين على ما لا يجوز شرعا التعاقد عليه بينهم".
[61] – محمد محجوب عبد النور: "الصلح وأثره في إنهاء الخصومة". مرجع سابق. ص: 112.
[62] – نفس المراجع السابق، ص: 110.
[63] – هناك شروط معينة حددها المشرع، إذ بتوافرها يمكن إبرام الصلح حتى في المادة الجنائية. أنظر الفصل الثاني.
[64] – الحالة الشخصية: هي مجموع ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب عليها القانون أثرا قانونيا في حياته الاجتماعية. أنظر د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة –عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة-". مرجع سابق. ص: 401.
[65] – سورة النساء، الآية: 35.
[66] – ينطبق الحكم ذاته على أهلية الوجوب، فلا يجوز للشخص أن يتنازل عليها لأي سبب من الأسباب.
[67] – د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة –عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة-". مرجع سابق. ص: 404.
* المادة 1103: "يجوز تصالح الورثة على حقوقهم في التركة بعد أن يثبت لهم فعلا في مقابل ما يستحقونه فيها شرعا وفقا لما يقضي به القانون بشرط أن يكونوا على بينة من مقدار حقهم فيها".
[68] – نظرة الإجازة: تصرف قانوني انفرادي يؤدي إلى تخليص العقد من الخلل الذي يشوبه ليصح عقدا صحيحا دون اشتراط قبوله من الطرف الآخر أو علمه، ويتم تطبيقها على العقود القابلة للإبطال وليس الباطلة، لأن العقد الباطل معدوما، ولا يمكن أن تخلق من العدم وجود. للمزيد من التفاصيل: أنظر: محمد الشرقاني: "القانون المدني". م. س. ص: 175-176.
[69] – نفس المرجع السابق، ص: 163.
[70] – للمزيد من التفاصيل حول موقف المشرع المغربي في نظرية السبب راجع محمد الشرقاني: نفس المرجع السابق. ونفس الصفحة.
[71] – د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة –عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة-". مرجع سابق. ص: 337.
[72] – نفس المرجع السابق والصفحة.
[73] – من بين الإجراءات التي يجب على القاضي اتخاذها قبل إشهاده على عقد الصلح، التحقق أولا من أهلية المتصالحين، مدى اختصاص المحكمة من أجل إجراء الصلح بالنسبة للنزاع المراد حسمه هل نشأ، إن كان الأمر كذلك لم يتم الحسم فيه من قبل بواسطة صلح أو حكم قضائي…
[74] – إذا تعلق الأمر بمصالح متعلقة بالنظام العام، فلا يمكن له الإشهاد عليها لأن الأمر هنا متعلق بحق المجتمع، وإن قام بالإشهاد عليه بالرغم من هذا فصلحه هذا يعد باطلا.
[75] – تطبيقا لمبدأ القضاء الجماعي.
[76] – الفصول من 36 إلى 41.
[77] – راجع الفصل 279 من قانون المسطرة المدنية.
[78] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 196-197.
[79] – ذ. مبروك عاشور: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". م. س. ص: 306.
[80] – ذ. مبروك عاشور: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". م. س. ص: 143.
[81] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 112.
[82] – ذ. مبروك عاشور: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". م. س. ص: 139 هامش: 45.
[83] – ذ. عبد الكريم شهبون: "الشافي في شرح ق. ل. ع المغربي". مرجع سابق. ص : 28.
[84] – إذا تضمن الصلح حقوقا غير متنازع فيها فهو يكون ذا أثر ناقل للحق لا كاشف له كتنازع شخصان على دار فيتصالحا على أن يختص أحدهما بالدار في نظير أن يعطي للآخر أرضا معينة فهنا الصلح له أثر ناقل أو منشئ بالنسبة للأرض باعتبارها لم تدخل في الحقوق المتنازع عليها.
[85] – ذ. مبروك عاشور: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". م. س. ص: 153. هامش: 11.
[86] – عبد الكريم شهبون: "الشافي في شرح ق. ل. ع المغربي". مرجع سابق. ص : 35.
[87] – عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني". ج. 4. م. س. ص: 574.
[88] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 234.
[89] – ذ. أنور طلبة: "الوسيط في القانون المدني". الجزء الثاني، طبعة 1987. ص: 477.
[90] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 234.
[91] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 235-236.
[92] – ذ. مأمون الكزبري وإدريس العلوي العبدلاوي: "شرح المسطرة المدنية في ضوء القانون المغربي". ج: 1. بيروت. طبعة 1971. ص: 268.
[93] – للمزيد من التفاصيل راجع ذ. محمد السماحي: "طرق الطعن في الأحكام المدنية والإدارية". الطبعة الأولى 1995. مكتبة وراقة دار الطالب.
[94] – للمزيد من التفاصيل راجع: ذ. الطيب بن المقدم: "الطعون المدنية في التشريع المغربي". الجزء الأول، الشركة المغربية للطباعة والنشر، الطبعة 1996.
[95] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 248-249.
[96] – د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة" المجلة الأولى. (عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة). شركة ناس للطباعة، الطبعة 2003. ص: 351.
[97] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 250.
[98] – د. محمد عزمي البكري: "العقود المدنية الصغيرة –عقد الهبة، عقد الصلح، عقد الوكالة-". مرجع سابق. ص: 358.
[99] – ذ. مبروك عاشور: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". م. س. ص: 252-253.
[100] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 251.
[101] – المرجع السابق، نفس الصفحة.
[102] – أنظر الفصلين 1100 و1111 من قانون الالتزامات والعقود.
[103] – أنظر الفصلين 24 و353 من قانون المسطرة المدنية.
[104] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 252-253.
[105] – للمزيد من التفاصيل راجع: ذ. محمد السماحي: "طرق الطعن في الأحكام المدنية والإدارية". الطبعة الأولى 1995.
[106] – ذ. الطالب عبد الكريم: "الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية". المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش. الطبعة الثانية أكتوبر. ص: 304.
[107] – تنص الفقرة الثانية من الفصل 180 من قانون المسطرة المدنية: "إذا تم التصالح أصدر القاضي حالا حكما يثبت الاتفاق وينهي النزاع وينفذ بقوة القانون ولا يقبل أي طعن".
[108] – تنص الفقرة الثانية من الفصل 278 من قانون المسطرة المدنية "إن إثبات الاتفاق بمحضر أو أمر يضع حدا للنزاعات وينفذ بقوة القانون ولا يقبل أي طعن".
[109] – تنص الفقرة الرابعة من الفصل 41 من قانون المسطرة الجنائية "يحيل وكيل الملك محضر الصلح على رئيس المحكمة الابتدائية ليقوم هو أو من ينوب عنه بالتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة والطرفين أو دفاعهما بغرفة المشورة بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن."
للمزيد من التفاصيل حول موضوع الصلح الزجري راجع: لحسن بيهي: "الصلح الزجري". مجلة محكمة. العدد 2. مطبعة دار السلام بالرباط، الطبعة 2003. ص: 60 وما بعدها.
[110] – ذ. عبد الرحيم شميعة: "دروس في القانون التجاري". طبعة 2005-2006. ص: 180.
[111] – راجع الفصول 180 و278 من قانون المسطرة المدنية والفصل 41 من قانون المسطرة الجنائية.
[112] – العبدلاوي إدريس العلوي: "الوسيط في شرح المسطرة المدنية". الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1998. ص: 655.
[113] – من الأمثلة على ذلك:
– ينص الفصل 1100 من ق. ل. ع على: "لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو النظام العام أو حقوق الشخصية الأخرى الخارجة عن دائرة التعامل….".
– ينص الفصل 1101 من ق. ل. ع: على: "لا يجوز الصلح بين المسلمين على ما لا يجوز شرعا التعاقد عليه بينهم….".
– ينص الفصل 1102 من ق. ل. ع على: "لا يجوز الصلح على حق النفقة….".
[114] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 254.
[115] – ذ. عبد الكريم شهبون: "الشافي في شرح ق. ل. ع المغربي". مرجع سابق. ص : 38.
[116] – المرجع السابق. ص: 42-43.
[117] – أنور الطلبة: "الوسيط في القانون المدني". ج: 2. دار الفكر العربي، طبعة 1987. ص: 479.
[118] – عبد الرزاق السنهوري: "الوسيط في شرح القانون المدني". ج: 5. مرجع سابق. ص: 579.
[119] – محيي الدين اسماعيل علم الدين: "العقود المدنية الصغيرة". دار النهضة، الطبعة الثانية. ص: 74.
[120] – ذ. عبد الكريم شهبون: "الشافي في شرح ق. ل. ع المغربي". مرجع سابق. ص : 48.
[121] – المرجع السابق. ص: 32.
[122] – قرار رقم 1188 بتاريخ 3 يونيو 1986، صادر عن الغرفة الجنحية لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، منشور في المجلة المغربية للقانون. العدد 13. سنة 1987. ص: 176-177-178.
[123] – أحمد ماهر زغلول: "مراجعة الأحكام بغير الطعن فيها". طبعة 1993. ص: 152-153.
[124] – المرجع السابق، ص: 152-153.
[125] – ينص الفصل 43 من ق. ل. ع على: "مجرد غلطات الحساب لا تكون سببا للفسخ وإنما يجب تصحيحها".
[126] – تنص المادة 123 من القانون المدني المصري: "لا يؤثر في صحة العقد مجرد الغلط في الحساب ولو غلطات القلم ولكن يجب تصحيح الخطأ". د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 266.
[127] – راجع الفصل 26 و379 من قانون المسطرة المدنية والمادة 565 وما بعدها من قانون المسطرة الجنائية.
[128] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 266.
[129] – المعهد الوطني للدراسات القضائية، عمل كتابة الضبط بالمحاكم، ندوات كتابة الضبط 1981-1982. الطبعة الأولى 1982. ص: 236.
[130] – د. فتحي والي: "التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية". مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي 1995. ص: 4.
[131] – الطيب برادة: "التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق". رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص بجامعة الحسن الثاني، شركة بابل، طبعة 1987. ص: 25.
[132] – د. فتحي والي: "التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية". م. س. ص: 128.
[133] – عبد الحميد المنشاوي: "السندات التنفيذية". دار الفكر العربي، الطبعة 1992. ص: 30.
[134] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 269.
[135] – لحسن بيهي: "الصلح الزجري". م. س. ص: 69.
[136] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 270-271.
[137] – محيي الدين اسماعيل علم الدين: "العقود المدنية الصغيرة". م. س. ص: 62.
[138] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 271.
[139] – أحمد محمد حشيش: "نظرية القوة التنفيذية لسند التنفيذ". دار الفكر الجامعي، 2002. ص: 195.
[140] – ذ. مبروك عاشور: "نحو محاولة التوفيق بين الخصوم". م. س. ص: 270.
[141] – الطيب برادة: "التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق". م. س. ص: 187.
[142] – نفس المرجع السابق ونفس الصفحة.
[143] – د. محمد السيد التحيوي: "الصلح والتحكيم في المواد المدنية والتجارية". دار الفكر الجامعي، الطبعة الأولى 2003. ص: 156.
[144] – ذ. أحمد شكري السباعي: "نظرية بطلان العقود في القانون المدني المغربي والفقه الإسلامي والقانون المقارن". الطبعة الثانية 1987. ص: 317.
[145] – ينص الفصل 306 من قانون الالتزامات والعقود: "الإلتزام الباطل بقوة القانون لا يمكن أن ينتج أي أثر، إلا استرداد ما دفع بغير حق تنفيذا له".
[146] – ينص الفصل 1115 من نفس القانون: "فسخ الصلح يعيد المتعاقدين إلى نفس الحالة القانونية التي كان عليها عند إبرامه ويخول كلا منهما حق استرداد ما أعطاه تنفيذا للصلح، مع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة على وجه صحيح وعلى سبيل المعاوضة من طرف الغير حسني النية".
[147] – عبد الكريم شهبون: "الشافي في شرح ق. ل. ع المغربي". مرجع سابق. ص : 48.
[148] – أكد وزير العدل أن نسبة الطلاق عرفت ارتفاعا، إذ تم تسجيل 29668 رسما سنة 2005 عوض 26914 رسما خلال سنة 2004. كما بلغ مجموع الأحكام الصادرة في التطليق للشقاق 9983 سنة 2005 مقابل 7213 سنة 2004. أنظر جريدة التجديد عدد 1336 الثلاثاء 7 فبراير 2006.
[149] – ذ. محمد ناصر متيوي مشكوري، وذ. محمد بوزلافة: "الوسائل البديلة لتسوية النزاعات الأسرية". م. س. : 188.
[150] – المواد من 53 إلى 58 من مدونة الأحوال الشخصية والتي تقابلها المواد من 99 إلى 212 من المدونة الجديدة للأسرة.
[151] – الآية 35 من سورة النساء.
[152] – كما هو الحال في المادة 45 والمادة 100 من مدونة الأسرة.
[153] – أنظر المواد من 94 إلى 97 من مدونة الأسرة.
[154] – خلافا للمشرع السوري الذي ساوى بين الرجل والمرأة في طلب التطليق للضرر، وذلك في المادة 113 من قانون الأحوال الشخصية بقولها: "إذا ادعى الزوجين إضرارا به بما لا يستطاع معه دوام العشرة، يجوز له أن يطلب من القاضي التفريق"، أنظر د. عبد الرحمان الصابوني: "نظام الأسرة وحل مشكلاتها في ضوء الإسلام". (الطبعة والمطبعة غير واردة). ص: 187.
[155] – شرح الخرشي على الخليل، ص: 149.
[156] – نشير إلى أن إجبارية القيام بمحاولة الصلح كانت مقررة في ظل مدونة الأحوال الشخصية بموجب الفصل 179 من ق. م. م قبل تعديل 2003 إلا أنه طبعها نوع من عدم الانسجام بين كلا القانونين حيث أن الفصل المذكور نص على ضرورة إجراء الصلح قبل الإذن للزوج بإيقاع الطلاق في حين اقتصر الفصل 48 من المدونة على أن الطلاق لا يسجل إلا بحضور الطرفين وبعد إذن القاضي دون إشارة لضرورة إجراء الصلح. أنظر: محمد سلام: "أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي". م. س. ص: 56.
[157] – في القانون الفرنسي إذا كان الطلاق بناءا على اتفاق الزوجين أو بناءا على طلب أحدهما وقبول الآخر، فإن المحكمة غير ملزمة بعرض الصلح على الزوجين فمحاولة التوفيق بينهما في هذا الفرض هي مسألة اختيارية يجوز للقاضي القيام بها أو عدم القيام بها. أنظر: د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س. ص: 303 هامش: 441.
[158] – أضافت المدونة إلى جانب التطليق للغيبة حالة التطليق بسبب سجن الزوج وذلك في م. 106 وأقرت ما كان معمولا به في الاجتهاد القضائي المغربي الذي كان يستند إلى الفصل 56 من م. أ. ش والخاص بالتطليق للضرر، أنظر القرار الصادر عن المجلس الأعلى عدد 594 في الملف الشرعي عدد 5608 بتاريخ 27 يوليوز 1993. منشور بمجلة المحامي. العددان 25 و26 ص: 332 وما بعدها.
[159] – يرى د. إدريس الفاخوري أن "المسطرة الصلحية تجري في جميع الدعاوى التي تتقدم بها الزوجة لإنهاء الرابطة الزوجية سواء تعلق الأمر بالتطليق للضرر أو للعيب أو للغيبة أو عدم الإنفاق أو الإيلاء أو الهجر". "الصلح في العمل القضائي. –الطلاق نموذجا-". منشور بالمجلة المغربية للاقتصاد والقانون، عدد 5. ماي 2002. ص: 15.
[160] -الجب: وهو استئصال العضو التناسلي.
الخصاء: هو من سلت خصيتاه.
الإفضاء: اختلاط مسكلي البول والجماع.
أنظر إدريس الفاخوري" الزواج والطلاق وفقا لآخر التعديلات". دار النشر الجسور، الطبعة السادسة. 99. ص: 260-262.
الجذام: وهو داء يتآكل منه اللحم ويتساقط.
[161] – محمد الأزهر: "شرح مدونة الأسرة. أحكام الزواج". مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الأولى، ص: 183.
[162] – مشروع دليل عملي لمدونة الأسرة، وزارة العدل. مارس 2004.
[163] – قرار المجلس الأعلى، عدد 904 بتاريخ 12/9/1983، منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 133-134. ص: 190.
[164] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 292.
[165] – راجع المادتين 89 و94 من المدونة.
[166] – قرار المجلس الأعلى عدد 50 بتاريخ 24/1/1976، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى. عدد 24.
قرار رقم 164 بتاريخ 15 أبريل 1980 في الملف الاجتماعي تحت عدد 81153 قرار غير منشور أورده د. محمد الكشبور، "قانون الأحوال الشخصية…". مرجع سابق.
[167] – الفقرة الأخيرة من المادة 82 من المدونة.
[168] – قرار المجلس الأعلى عدد 50 بتاريخ 24/1/1976، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 24.
[169] – قرار المجلس الأعلى، الصادر عن الغرفة الاجتماعية، عدد 904 بتاريخ 12/9/1983. منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 133-6134. ص: 130. (سبق ذكره).
[170] – قرار المجلس الأعلى، الصادر عن الغرفة الاجتماعية. عدد 67 بتاريخ فاتح يوليوز 1968. منشور بمجلة القضاء والقانون عدد 94. ص: 120. ذكره عبد المجيد غميجة: "مميزات دعوى الأحوال الشخصية على ضوء تعديلات ظهائر 10/9/1993". منشور بسلسلة الندوات رقم 1. حول تعديلات مدونة أ. ش بظهائر 10/9/1993 حصيلة أولية، منشورات كلية الحقوق، السويسي 1997. ص: 183.
[171] – ينص الفصل 213 من ق. م. م "يقدم الاستئناف إلى محكمة الاستئناف وينظر فيه بغرفة المشورة ويصدر القرار في جلسة علنية".
[172] – قرار المجلس الأعلى، عدد 67. بتاريخ فاتح يوليوز 1968. منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 94. ص: 190.
[173] – ذ. أحمد الخمليشي: "التعليق على قانون الأحوال الشخصية". الجزء الأول، "الزواج والطلاق". الطبعة الثالثة، مطبعة المعارف الجديدة، 1994. ص: 317. وذ. عبد العزيز فتحاوي: "التطليق للضرر في آفاق قضاء الأسرة". منشور بمجلة محكمة، صبيحة علمية حول قضاء الأسرة، ع: 2. 2003. ص: 183.
[174] – ذ. أحمد الخمليشي: "التعليق على ق. أ. ش". ج: 1. م. س. ص: 405.
[175] – نقض 22/11/1983، بموسوعة الأحوال الشخصية، معوض عبد التواب، ج: 1. ص: 564 وما بعدها، أشار إليه د. النيداني حسن الأنصاري: "الصلح القضائي ..". م. س. ص: 251 هامش: 431.
[176] – د. إدريس الفاخوري: "الصلح في العمل القضائي. –الطلاق نموذجا-". م. س. ص: 20-21. وذ. عبد المجيد غميجة: "مميزات دعوى الأحوال الشخصية على ضوء تعديلات ظهائر 10/9/1993". م. س. ص: 139-140.
[177] – د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 292.
[178] – ذ. السيد محمد سلام: "أهمية الصلح في العمل القضائي المغربي المقارن". م. س. ص: 56.
[179] – راجع الفقرة الثانية من المادة 81 من المدونة.
[180] – مجلة قضاء الأسرة، العدد الأول، يوليوز 2005. منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية. ص: 54-55.
[181] – ذ. عبد الله روحمات: "الوكالة في صلح الزوجين بين القانون والواقع العملي". منشور بمجلة الإشعاع، عدد: 27. غشت 2003.
[182] – نقض مصري، بتاريخ 5/3/1980، السنة 31، العدد الأول، ص: 752. أورده: د. الأنصاري حسن النيداني: "الصلح القضائي". م. س ص: 298 هامش: 465.
[183] – أستاذنا إدريس اجويلل: "مستجدات مدونة الأسرة في مجال مسطرة الشقاق بين الزوجين". منشور بمجلة منبر الجامعة، أشغال ندوة علمية حول "مدونة الأسرة المستجدات والأبعاد". منشورات جامعة مولاي اسماعيل سلسلة منبر الجامعة عدد 5. 2004. ص: 78. و د. إدريس الفاخوري: "الطلاق بعد التعديل. حصيلة علمية." م. س. ص: 210. أنظر كذلك لنفس الأستاذ: "الصلح في العمل القضائي. –الطلاق نموذجا-". م. س. ص: 23.
[184] – قرار المجلس الأعلى عدد 1039. بتاريخ 13/9/1988. ملف غرفة الأحوال الشخصية والميراث، رقم 6410. أشار إليه إدريس الفاخوري: "الطلاق بعد التعديل. حصيلة علمية." م. س. ص: 210.
[185] – أنظر الفصل 212 من ق. م. م. قبل تعديل 2003.
[186] – راجع المادة 81 من مدونة الأسرة.
[187] – ذ. إدريس اجويلل: "مستجدات مدونة الأسرة في مجال مسطرة الشقاق بين الزوجين". م. س. ص: 78.
[188] – محمد الأزهر: "شرح مدونة الأسرة. أحكام الزواج". م. س. ص: 138.
[189] – مجلة قضاء الأسرة. العدد الأول، يوليوز 2005. م. س. ص: 55.
[190] – الآية 35 من سورة النساء.
[191] – ذ. الطاهر كركري: "الصلح بين أفراد الأسرة". م. س. ص: 207 وما بعدها. ود. يس يحيى: "عقد الصلح بين الشريعة الإسلامية والقانون المدني". م. س. . ص: 143 وما بعدها.
[192] – الإمام أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي: "بداية المجتهد ونهاية المقتصد". المجلد الثاني، دار الكتب العلمية. ص: 99.
[193] -د.محمد ابن معجوز: "أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية". الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة. 1994. ص: 223.
[194] – المرجع السابق، نفس الصفحة.
[195] – محمد الأزهر: "شرح مدونة الأسرة، أحكام الزواج". م. س. ص: 158.
[196] – المدونة لم تحدد السقف الزمني الذي لا يجب أن تتعداه المدة الفاصلة بين محاولتي الصلح، عكس المشرع المصري الذي حدده في 60 يوما.
[197] -د. إدريس الفاخوري: "الصلح في العمل القضائي الطلاق نموذجا". م. س. ص: 10.
[198] – راجع الفصل 182 من قانون المسطرة المدنية المعدل بموجب القانون رقم 03-72.
[199] – ذ. إدريس اجويلل: "مستجدات مدونة الأسرة في مجال مسطرة الشقاق بين الزوجين". م. س. ص: 79.
[200] – ذ. محمد محيى الدين عبد الحميد: "الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية". دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1989. ص: 303.
[201] – المحلى لابن حزم.
[202] – طعن رقم 6 لسنة 1998. قضية أحوال شخصية، في جلسة 1993/7/87. أشار إليه ذ. إدريس اجويلل: "مستجدات مدونة الأسرة في مجال مسطرة الشقاق بين الزوجين". م. س. ص: 79.
[203] – الطاهر كركري: "الصلح بين أفراد الأسرة". م. س. ص: 206.
[204] – المادة 3 من المرسوم.
[205] – الفقرة الثانية من المادة 4.
[206] – راجع المادة 2 من المرسوم.
[207] – ذ. محمد ناصر متيوي مشكوري: وذ. محمد بوزلافة: "الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الأسرية". م. س. ص: 200.
[208] -المادة 7 من المرسوم.
[209] – سورة الروم، الآية: 20.
[210] – رواه ابن ماجة في كتاب النكاح. باب حسن معاشرة النساء. المجلد 1. ص: 636.
[211] – سورة النساء، الآية: 128.
[212] – رشيد مشقاقة: "دليل النيابة في مسطرة الصلح الزجري". مكتبة دار السلام. الطبعة الأولى 2004. ص: 174.
[213] – سورة الروم، الآية: 20.
[214] – سورة البقرة، الآية: 231.
[215] – سورة الطلاق، الآية: 7.
[216] – ذ. نور الدين العمراني: "شرح القانون الجنائي الخاص". طبعة 2005. سجلماسة، ص: 274
[217] – سورة الإسراء، الآية: 32.
[218] – سورة النور، الآية: 2.
[219] – سورة النساء، الآية: 16.
[220] – أورد الحديث د. علي أبو العكيك. "مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية". ص: 127.
[221] – ذ. جعفر العلوي: "شرح القانون الجنائي الخاص المغربي". مكتبة المعارف الجامعية. ص: 190.
[222] – سورة المائدة، الآيتان: 40-41.
[223] – رواه الترمذي. وقال حديث حسن. أنظر رياض الصالحين للنووي. ص: 60.
[224] – لمزيد من التفاصيل راجع د. أحمد الخمليشي: "القانون الجنائي الخاص". الجزء الثاني، مطبعة المعارف الجديدة. ص: 320 والمراجع الفقهية التي أشار إليها.
[225] – راجع المادة 534 من القانون الجنائي.
[226] – راجع المادة 535 من القانون الجنائي.
[227] – نور الدين العمراني: "شرح القانون الجنائي الخاص": م. س. ص: 30.
[228] – ذ. لحسن بيهي: "الصلح الزجري".م. س. ص: 71.
[229] – سورة المائدة، الآية: 41.
[230] – طبقا لأحكام الوكالة التي تطرقنا لها في الفصل الأول.
[231] – المقصود هنا هو ممارسة الدعوى العمومية وليس تحريكها على اعتبار أن الممارسة تفيد إحالة الملف –ملف القضية- إلى هيئة الحكم وبالتالي فلا يجوز الصلح أو التراجع عن الدعوى. أما التحريك فيتجلى في الإجراءات التي تقوم بها النيابة العامة من أجل التوصل إلى المجرم، ففي هذه الحالة يمكن لهذه الأخيرة –أي النيابة- إجراء الصلح وهذا ما ذهبت إليه بعض الآراء.
أنظر محمد أحذاف: "شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد". ج: 1. طبعة ثانية 2005. مكتبة سجلماسة. ص: 162. عكس آراء أخرى خلطت خلطا فادحا بين الإجرائين، أنظر محمد عبد النباوي: "الصلح دور إنساني واجتماعي جديد للنيابة العامة". منشور بسلسلة الندوات والأيام الدراسية. ع: 4. 2004. ص: 108.
[232] – رشيد مشقاقة: "دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري". مكتبة دار السلام. الرباط. الطبعة الأولى، 2004. ص: 35.
[233] – محمد بن حم: "قضاء الصلح أو غرفة المشورة في ظل قانون المسطرة الجنائية" مقال منشور بمجلة الملف. العدد 3. أبريل 2004. ص: 89.
[234] – محمد بن حم: "قضاء الصلح أو غرفة المشورة في ظل قانون المسطرة الجنائية" مقال منشور بمجلة الملف. العدد 3. أبريل 2004. ص: 87. رشيد مشقاقة: "دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري". مكتبة دار السلام. الرباط. الطبعة الأولى، 2004. ص: 49.
[235] – حالة وجود تنازل مكتوب صادر من الطرف المتضرر أو حالة عدم وجود مشتك.
[236] – محمد أحذاف: "شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد". ج: 1. م. س.. ص: 160.
[237] – راجع المادة 3 من مدونة الأسرة.
[238] – رشيد مشقاقة: "دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري". م. س. ص: 39. و محمد بن حم: "قضاء الصلح أو غرفة المشورة في ظل قانون المسطرة الجنائية". مقال منشور بمجلة الملف. العدد 3. أبريل 2004. ص: 89.
[239] – محمد عبد النباوي: "الصلح دور إنساني واجتماعي جديد للنيابة العامة". عرض ألقي بندوة الطرق البديلة لتسوية النزاعات، نظم بتعاون بين وزارة العدل وشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس، يومي 4 – 5 أبريل 2003، منشورات جمعية نشر المعلومة القضائية والقانونية، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، عدد: 4. 2004.
[240] – رشيد مشقاقة: "دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري". م. س. ص: 41.
[241] – مدة تقادم الدعوى العمومية خمس سنوات.
[242] – رشيد مشقاقة: "دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الزجري". م. س. ص: 47.
[243] – نفس المرجع السابق. ص: 48.
[244] – محمد عبد النباوي: "الصلح دور إنساني واجتماعي جديد للنيابة العامة". م. س. ص: 71.