سلسلة الأبحاث الجامعية و الأكاديمية : العدد 15 الإدارة الجماعية بالمغرب ورهان التحديث
يعد رهان تحديث الإدارة الجماعية أحد أهم المداخل الرئيسية لجعل الإدارة العمومية تساير مختلف التطورات التي يعرفها المجتمع[[1]] ، فبناء الدولة تأسيسا وتكوينا لا يمكن أن يتم إلا بوجود إدارة حديثة كقاعدة أساسية ومحدد رئيسي لتحقيق التنمية الشاملة ، بحيث تعتبر الإدارة الجماعية أحد الركائز الأساسية للدولة الحديثة ، فهي مظهر من مظاهر السيادة وآلية لتنزيل السياسات العمومية والبرامج الحكومية ، كما أنها أداة لتأمين سير المرافق العمومية [[2]].
وتعد الإدارة الجماعية في الوقت الحاضر ، من أهم الآليات الناجعة لتدبير المجال الترابي والتنمية ، على مستوى أبعادها وجوانبها الإجتماعية والإقتصادية والإدارية والثقافية ذلك ؛ لأن الإدارة الجماعية متصلة بالحياة اليومية للسكان ، وتشكل الإطار المؤسساتي الذي تنتظم فيه الحياة الإجتماعية للأفراد في المدن والقرى ، في الخدمات المهيأة للسكان ومختلف التجهيزات الجماعية الموضوعة رهن إشارتهم وكذا المرافق الإدارية والإجتماعية والصحية والمعدة لفائدتهم إنما مصدرها في كثير من الأحيان الإدارة الجماعية[[3]].
إن الرهان على التدبير الإداري الجماعي للمساهمة إلى جانب الدولة والقطاع الخاص ومختلف الفاعلين في عملية تدبير وتنمية المجال ، لا يستقيم إلا بالرهان على التحديث كمفهوم شامل ، تندرج ضمنه الدولة والمجتمع ومختلف القطاعات الضرورية للحياة الجماعية المتفرعة عنهما. فاليوم وفي كل بقاع العالم ؛ في الدول المتطورة كما في البلدان النامية ، أصبح موضوع تحديث الإدارة الجماعية من أجل جودة أفضل في الإنتاج والأداء ، يفرض نفسه كضرورة تاريخية ، فالقواعد التقليدية للتسيير الإداري الجامدة منذ سنوات طويلة ، لم تتكيف مع المتطلبات الجديدة للعصر الحديث ، ذلك أن الإدارة كمجموعة من التدخلات الإنسانية والقانونية والتقنية وغيرها من التدخلات ، تؤثر وتتأثر ببنية محيطها الترابي والوطني بل وحتى الدولي ، إذ لابد للإدارة الجماعية من أن تُواكِبَ التحولات الداخلية والخارجية ، الأمر الذي يستدعي العمل على استخراج منظومة كلية وشاملة لتحديث الإدارة الجماعية[[4]].