بحوث قانونية

عرض حول الوكالة التجاريـة في ضوء الفقه والقضاء من انجاز طلبة ماستر المقاولة و القانون بسطات

 

logo 

مقدمة

الفصل الاول:الطبيعة القانونية للوكالة التجارية

المبحث الاولّ:مفهوم الوكالة التجارية وتميييزها عن باقي العقود المشابهة

المطلب الاول:مفهوم  الوكالة التجارية

المطلب الثاني:تميييز عقد الوكالة التجارية عن باقي العقود المشابهة

المبحث الثاني. تكوين عقد الوكالة التجارية

المطلب الاول: شروط انعقاد الوكالة التجارية

المطلب الثاني: اطراف الوكالة التجارية

الفصل الثاني:اثار وطرق انقضاء الوكالة التجارية

المبحث الاول:اثار الوكالة التجارية

المطلب الاول: اثار الوكالة التجارية تجاه الاطراف

المطلب الثاني: اثار الوكالة التجارية تجاه الغير

المبحث التاني: كيفية انقضاء الوكالة التجارية

المطلب الاول:الاسباب العامة لانقضاء الوكالة التجارية

الفقرة الاولى:انقضاء الوكالة التجارية عن طريق تنفيدها

الفقرة الثانية: انقضاء الوكالة التجارية قبل تنفيدها

المطلب الثاني:انقضاء الوكالة لاسباب خاصة بها

الفقرة الاولى:انقضاء الوكالة التجارية لاسباب ترجع الى الاعتبار الشخصي

الفقرة الثانية: انقضاء الوكالة التجارية بالارادة المنفردة لطرفيها

خاتمة

 

مقدمة

إن الحديث عن ازدهار التجارة في العصر الحديث، يتطلب توافر شروط اقتصادية وتاريخية تتمثل في وجود حجم الإنتاج والمبادلات ونمو العلاقات الدولية وحرية ممارسة التجارة وهذه العوامل لم تتحقق إلا بعد مرور العلاقات التجارية من عدة مراحل إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن.

ونظرا لتزايد النشاط التجاري، واتساع رقعة الخدمات التي يتطلبها هذا الميدان، بات من الصعب أن يتعامل التجار مباشرة مع غيرهم من التجار أو المستهلكين، حيث أصبح من الضروري أن يمر التعامل بين التجار عبر سلسلة من المعاملات[1] ومن هنا ظهرت صور عديدة ومتنوعة من العقود التي تدخل ضمن أعمال الوساطة التجارية، وهذه الأخيرة مرتبطة بقطاع الخدمات التجارية التي تؤدي ممارستها بشكل اعتيادي أو احترافي إلى إضفاء صفة تاجر على مماسها. وتتجلى هذه الأعمال حسب مقتضيات البندين 9 و 13 من المادة 6 من مدونة التجارة في السمسرة والوكالة بالعمولة والوكالة التجارية، ثم مكاتب الأعمال.[2]

إلا أنه يجب التمييز بين الوساطة التجارية وأنواع أخرى من الوساطة، قبل الخوض في الحديث عن ما  يهمنا من أعمال الوساطة التجارية، ولعل ما نبتغيه هنا هو ضرورة الوقوف على مفهوم الوساطة في الاستخدام التي تعتبر ذات أهمية كبرى وقد عرفتها مدونة الشغل بمقتضى المادة 475 كما يلي :” يقصد بالوساطة جميع العمليات الهادفة إلى تسهيل التقاء العرض والطلب في مجال التشغيل وكذا جميع الخدمات المقدمة لطالبي الشغل والمشغلين من أجل إنعاس التشغيل وتسهيل الإدماج المهني” إضافة إلى ما نصت عليها المادة 476 بأنه ” تتم الوساطة في مجال التشغيل عن طريق مصالح تحدث لهذه الغاية من قبل السلطة العمومية المكلفة بالشغل…”.

وانطلاقا من هذه التعاريف، يستوي أن تكون الأجهزة التي تقوم بالوساطة في الاستخدام، إما مكاتب للتشغيل تابعة للدولة أو وكالات تشغيل خصوصية.

لقد اقتصرنا في الحديث عن الوساطة على الوساطة في الاستخدام لكونها أهم أعمال الوساطة ولا يسعنا الحديث عن أنواع الوساطة الأخرى، نظرا لضخامة الموضوع المتعلق بها.

بعد أن تطرقنا للفرق بين الوساطة التجارية والوساطة في الاستخدام، فقد أصبح من الضروري التطرق إلى الوكالة التجارية التي تعتبر أحد أهم أعمال الوساطة التجارية.

لم تكن الوكالة التجارية في المغرب منظمة بأن نص قانوني خاص قبل صدور مدونة لسنة 1996 التي خصصت أحكام القسم الثاني من كتابها الرابع لتنظيم هذا النوع من العقود التجارية مع العلم أن هذه المقتضيات مستقاة في أغلبها من القانون الفرنسي المتعلق بالوكلاء التجاريين الصادر في 25 يونيو 1991،[3]الذي استمد أحكامه بدوره من الأعراف السائدة في فرنسا لعقود طويلة بخصوص الوكلاء التجاريين إضافة إلى مقتضيات التوجه الأوروبي الصادر بتاريخ 18 دجنبر 1986، ناهيك عن خضوع الوكالة التجارية في بعض مقتضياتها لأحكام الوكالة المدنية المنظمة في ظهير الالتزامات والعقود في الفصول من 879 إلى 942، وقد نظمت مدونة التجارة الجديدة عقد الوكالة التجارية وفق قواعد مبنية على أسس متينة وحديثة لتكون أداة فعالة في التنمية الاقتصادية بكيفية تساير التوجهات المعاصرة التي يعرفها عالم المال والأعمال وحددت مجالاتها والتصرفات القانونية التي تقوم عليها واعتبرتها بأنها عملية حلول الوكيل التجاري محل الموكل في القيام بعمل أو بتصرف قانوني كإبرام عقود البيع مثلا أو التفاوض مع تجار آخرين بمناسبة تجارة الموكل الأصيل.

وتبرز الأهمية النظرية لهذا البحث في حداثة تنظيم الوكالة التجارية، وقلة الكتابات المغربية في هذا الموضوع، وتحليل الأحكام القانونية الواردة بشأنها ومقارنها بتلك الواردة في تشريعات عدد من الدول، أما من الناحية العملية فأهمية دراسة الوكالة التجارية تكمن في ضرورة الوقوف عند هذه المؤسسة كعقد تجاري جديد يشكل مظهرا من المظاهر الرئيسية لنشاط التاجر- سواء أكان شخصا طبيعيا أو معنويا- أصبح التعامل به منتشرا بشكل كبير علما أن التجارة بالمغرب تعتمد على عملية الاستيراد التي يلعب فيها الوكلاء التجاريين دور الوسيط بين المنتج والمستهلك،.

من خلال ما سبق يمكننا أن نطرح الإشكال التالي:

إلى أي حد استطاع المشرع المغربي ضبط العلاقة الرابطة بين أطراف عقد الوكالة التجارية؟

ولبسط القول حول هذا الموضوع ارتأينا وضع التصميم التالي:

الفصل الأول: الطبيعة القانونية للوكالة التجارية

الفصل الثاني: آثار وانقضاء الوكالة التجارية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأول:

الطبيعة القانونية للوكالة التجارية.

في كنف القانون التجاري الجديد، تعتبر الوكالة التجارية من أحدث وأهم العقود التي تم تنظيمها مؤخرا، حيث أنها لم تكن منظمة من قبل في القانون التجاري القديم لسنة 1913 الملغى وككل العقود الأخرى سواء كانت تجارية أم غير تجارية، فإن عقد الوكالة يتميز بطبيعة قانونية خاصة، سنحاول الوصول إليها عن طريق التطرق لمفهوم الوكالة التجارية وتحديد خصائصها ثم تمييزها عن باقي العقود المشابهة لها في (المبحث الأول) على أن تعالج تكوين الوكالة التجارية في (المبحث الثاني).

 

المبحث الأول:

مفهوم الوكالة التجارية

لابد بداية من تحديد ماهية الوكالة التجارية في (المطلب الأول) ثم تمييزها عن باقي العقود والمشابهة (المطلب الثاني).

 


المطلب الأول: ماهيــة الوكالة التجارية

سنحاول من خلال هذا المطلب التطرق (أولا) إلى مفهوم الوكالة التجارية، ثم نعرج بعد ذلك لتناول خصائص الوكالة التجارية (ثانيا).

أولا: تعريف الوكالة التجارية.

عرف المشرع المغربي عقد الوكالة التجارية بمقتضى المادة 393 من مدونة التجارة بأنه ” عقد يلتزم بمقتضاه شخص دون أن يكون مرتبطا بعقد عمل بالتفاوض أو التعاقد بصفة معتادة بشأن عمليات تهم أشربة أو بيوعات وبصفة عامة جميع العمليات التجارية باسم ولحساب تاجر أو منتج أو ممثل تجاري آخر يلتزم من جهته بأداء أجرة عن ذلك”.

إن هذا التعريف يحيلنا إلى المادة الأولى من القانون الفرنسي المنظم للوكلاء التجاريين الصادر في تاريخ 25 يونيو 1991،[4] التي تعرف الوكيل التجاري كما يلي:

” الوكيل التجاري هو الذي يتعامل بصفة مهنية مستقلة وبشكل دائم، ودون أن يكون مرتبطا بعقد تأجير الخدمات، ويبرم عقود البيع والشراء والتأجير أو تقديم الخدمات باسم ولحساب المنتجين والصناع والتجار أو وكلاء تجاريين آخرين، قد يكون الوكيل شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا.

لا يدخل في إطار هذا القانون، الوكلاء الذين يمارسون مهمة التمثيل في إطار الأنشطة الاقتصادية والتي تخضع فيما يتعلق بهذه المهمة لأحكام تشريعات خاصة “.[5]

ومن خلال ملامستنا لمقتضيات التشريعين المغربي والفرنسي نلاحظ أن الأول اعتمد في تعريفه للوكالة التجارية على ما أتى به المشرع الفرنسي في تعريف الوكيل التجاري مع بعض الفروق الصغيرة الناتجة عن سوء الترجمة كما هو الحال بالنسبة لعبارة ” ممثل تجاري” التي أدرجها المشرع المغربي ضمن التعريف، في حين أن المشرع الفرنسي لم يستعمل إلا عبارة ” وكيل تجاري” فالممثل التجاري في المغرب منظم بمقتضى مدونة الشغل، إضافة إلى ما سبق فالمشرع الفرنسي وفي معرض تعريفه للوكيل التجاري حدد طبيعة الشخص القائم بالوكالة التجارية حيث قد يكون شخصا طبيعيا كما قد يكون شخصا معنويا، إلا أنه في كل الحالات يتعاقد باسم ولحساب الموكل، من تم فإنه يجوز مباشرة الوكالة التجارية من قبل الشركات، إلا أن المشرع الفرنسي يشترط لإضفاء الصبغة التجارية على الوكالة أن تتم مباشرتها من شركة تتخذ الشكل التجاري.

من خلال التعريف الذي أوردته المادة 393 من م.ت، يتبين أن موضوع الوكالة التجارية هو التفاوض أو التعاقد، وتقتصر مهمة الوكيل على البحث عن المتعاقدين لحساب الموكل، وهذا ما يعتمده غالبية وكالات التأمين.

وبعدما حاولنا تعريف الوكالة التجارية، سنتطرق هنا لخصائص الوكالة التجارية.

ثانيا: خصائص الوكالة التجارية

تتمثل هذه الخصائص في السمات الأساسية التي تجعل من الوكالة التجارية عقدا متميزا عن غيره وهي على التوالي تتمثل في خاصيات الاستقلالية والاعتبار الشخصي ثم الصفة التجارية ثم المصلحة المشتركة وهي على سبيل المثال لا الحصر.

1-الاستقلالية في عقد الوكالة التجارية.

إن هذا المبدأ يمكن الوكيل التجاري الاشتغال مع عدة موكلين غير متنافسين. فالوكيل التجاري وكما حددته المادة 393 من مدونة التجارة، شخص مهني مستقل مكلف بصفة اعتيادية ودون أن يكون مرتبطا بعقد عمل بالتفاوض وعند الاقتضاء بإبرام العقود باسم ولحساب الموكل، وهذا الاستقلال هو ما يميز العلاقة بين الوكيل والموكل حيث أن الأول غير مرتبط بعقد عمل بالثاني بل يمارس عملية باستقلال تام، إضافة إلى ذلك فقد نص المشرع في نفس المادة السابقة على إمكانية تمثيل الوكيل التجاري لعدة موكلين بشرط ألا تكون مقاولات متنافسة وليس هذا إلا تأكيدا على مبدأ الاستقلالية، الذي نص عليه المشرع الفرنسي هو الآخر تعريفه للوكيل التجاري بمقتضى المادة الأولى من قانون 25 يونيو 1991 المنظم للوكلاء التجاريين بإدراجه لعبارة “بصفة مستقلة” ودون أن يكون مرتبطا بعقد تأجير الخدمات”.

وبذلك فإن هذا المبدأ يؤدي إلى ترتيب عدة آثار تتمثل في:

– حق الوكيل في تنظيم أنشطته ومقاولته بالطريقة التي تبدو له أفضل من غيرها ويملك الحرية الكاملة في التصرف في وقته.

– بإمكانه أن يعين أو يشغل بعض العمال ليستعين بهم في ممارسة عمله وهذا التصرف يطلق عليه الوكالة من الباطن.

– ومن حقه كذلك أن يكون وكيلا لعدة موكلين دون أن يلزم بموافقة أي منهم.

– يمكن أن يمارس أعمال تجارية أخرى لمصلحته إلى جانب أشغال الوكالة التجارية وذلك دون أن يفقد صفته كوكيل تجاري.[6]

– كذلك تبرز أهمية الاستقلالية في أداء العمل، كما سنرى لاحقا في التمييز بين الوكيل التجاري والممثل التجاري الذي يتمتع بنفس القدر من الاستقلال لأنه يعتبر لمقتضيات مدونة الشغل، مما يرتب آثارا قانونية مختلفة[7] كما سنرى ذلك.

2-الصفة التجارية لعقد الوكالة التجارية.

لقد نازع بعض الفقه ( أفريد جوفري ) على الصفة التجارية للوكيل لأنه لا يقوم بالأعمال التجارية باسمه ولحسابه، بل لحساب واسم الموكل. والتمثيل في القيام بأعمال لا تدخل ضمن الأعمال التجارية.

وبالرغم من أن المشرع لم ينص صراحة على الوكالة التجارية ضمن الأنشطة التجارية المنصوص عليها في كل من المادتين 6 و 7 من مدونة التجارة إلا أنها وردت ضمنا في الفقرة 9 من المادة 6 وتبعا لذلك فإن الوكيل التجاري الذي يمارس بشكل اعتيادي أو احترافي التفاوض والتعاقد باسم ولحساب غيره من التجار، يكتسب صفة تاجر، على اعتبار أن الوكيل التجاري يمارس أعمال الوساطة شأنه في ذلك شأن السمسار والوكيل بالعمولة.[8]

وانطلاقا من ذلك فإن الخلاف القائم بين الفقه والقضاء في فرنسا، حول ما إذا كانت الوكالات التجارية، تجارية أم لا، ليس له نظير في بلادنا في كنف مدونة التجارة الجديدة، التي حسمت في هذه المسألة باعتبارها الوكالة التجارية بورودها ضمنا ضمن أعمال الوساطة التجارية إضافة إلى تنظيمها في الكتاب الرابع من مدونة التجارة الذي يحكم العقود التجارية مما تكون معه الدلالة واضحة عن تجارية هذا العقد.

وقد قضت محكمة النقض الفرنسية في أحد قراراتها الصادر في 24 أكتوبر 1995، بعدم إضفاء صفة تاجر على الوكيل التجاري ولو احترف هذا الأخير تمثيل التجار في التفاوض بشأن العمليات التجارية وفي إبرام الصفقات الضرورية لذلك، وقد عللت المحكمة ما قضت به في هذا الصدد يكون اكتساب صفة التاجر يقتضي أن تتم ممارسة الأعمال التجارية بشكل مستقل شيء ما في ممارسة عمله، فإنه لا يتوفر في نظرها في الوكيل التجاري، الذي وإن كان مستقلا شيء ما في ممارسة عمله، فإنه لا يقوم بهذا العمل لحسابه الخاص وإنما لحساب موكله طبقا لأحكام الوكالة التي تستوجب انصراف آثار الأعمال التجارية المبرمة من طرف الوكيل إلى الموكل وحده.[9]

فالوكيل التجاري إذا ما هو إلا شخص يقوم بتمثيل الأطراف على وجه الاحتراف بكيفية لا تختلف عن الدور الذي يقوم به في هذا الإطار كل من السمسار والوكيل بالعمولة، طبقا لمقتضيات المادة 623 من القانون التجاري الفرنسي بالتالي فهو يكتسب صفة تاجر كباقي الوسطاء التجاريين المنصوص عليهم قانونيا، حيث يتركز نشاطهم على مزاولة الوساطة التجارية التي تعتبر محور النشاط المزاول من قبل كل من الوكيل التجاري والسمسار والوكيل بالعمولة.[10]

3-المصلحة المشتركة في عقد الوكالة التجارية.

إن النهج الحديث الذي اتبعه المشرع المغربي في سنه لقواعد الوكالة التجارية، كان سببا أساسيا في ترسيخ بعض المبادئ التي تهدف بالأساس إلى حماية أطراف العلاقة التعاقدية، وإن كان مفهوم المصلحة المشتركة من بين أساسيات هذا العقد الحديث، فإن المفهوم ليس حديثا وإنما يعتبر امتدادا للقواعد الأساسية التي يرتكز عليها القانون التجاري، والمتجلية في قواعد الائتمان التي تهدف إلى السرعة في المعاملات التجارية بما يخدم مصلحة التجار بعضهم في مواجهة البعض الآخر، حيث أن مراعاة كل تاجر لمصلحة التاجر الآخر، تكون بمثابة دافع يؤدي إلى تعزيز الثقة في المعاملات التجارية، وهذه الأخيرة هي إحدى أهم مقومات ميدان الأعمال ولعل المشرع المغربي بنصه على مفهوم المصلحة المشتركة يكون قد حدا حدو المشرع الفرنسي الذي نص عليها في المادة 4 في قانون 25 يونيو 1991 المنظم للوكلاء التجاريين.

ويقصد بالمصلحة المشتركة كل وكالة تجارية تتضمن نوعا من التعاون يبن الوكيل التجاري وموكله حيث أن الوكيل يقوم بتنفيذ عمليات الوكالة التجارية بشكل يخدم كلا المصلحتين،[11] ومثال ذلك أنه في عقد البيع تكمن مصلحة الموكل في تنفيذ عملية البيع وبالتالي تصريف منتجاته وتحقيق الربح، أما مصلحة الوكيل التجاري فتكمن في تنفيذ وكالته وتلقيه أجرا عنها وبالتالي تنمية نشاطه ومقاولته.

إن هذا المبدأ الذي نص عليه المشرع المغربي في الفقرة الأولى من المادة 395 في مدونة التجارة، لا يعدو أن يكون حماية للطرف الضعيف في العلاقة وهو الوكيل التجاري، حيث وضع هذا المبدأ نوعا من التوازي بين الطرفين ستترتب آثاره بالنسبة لمستقبل العقد، أي في حالة إنهاء العقد بالإرادة المنفردة للأطراف وهذا ما سنتطرق إليه فيما بعد بخصوص إنهاء عقد الوكالة التجارية.

4- الوكالة التجارية من عقود المدة :

حيث قد يكون محدد المدة أو غير محدد المدة حسب إرادة الطرفين، إذ بمجرد انتهاء المدة ينتهي العقد

5- عدم المنافســة :

يجب على الوكيل التجاري ألا ينافس موكله، بألا يتعاقد مع موكلين منافسين لأن من شأن ذلك ألا يحقق المصلحة المشتركة للطرفين.

6- الحق في العمولـــة :

الوكيل التجاري يستحق العمولة سواء نفذ العقد أم لم ينفذه، إذا كان سبب عدم التنفيذ ناتج عن خطأ الموكل أو عن قوة قاهـرة

7- شرط الحصـر :

قد يتضمن عقد الوكالة التجارية شرط يحدد المنطقة الجغرافية التي يجب على الوكيل العمل فيها.

 

 

المطلب الثاني

تمييز عقد الوكالة التجارية عن بعض الأنظمــة

ينفرد عقد الوكالة التجارية بمجموعة من العناصر التي تجعل منه عقدا فريدا يختلف عن باقي العقود، لا من حيث المراكز القانونية لأطرافه ولا من حيث الآثار التي يرتبها مقارنة بالعقود الأخرى، وتكمن أهمية هذا التمييز في معرفة أمهات الأمور التي تمكننا معرفة عقد الوكالة التجارية بشكل دقيق نجتنب معه الخلط الذي قد يقع بينه وبين بعض الأنظمة الأخرى.

أولا: عقد الوكالة بالعمولة.

وردت الوكالة بالعمولة صراحة في الفقرة 9 من المادة 6 من مدونة التجارة، ضمن أعمال الوساطة التجارية، ونصب موضوعها حول ربط علاقات بين التجار من جهة والموزعين والصناع أو المستهلكين من جهة أخرى، وقد عرفتها المادة 422 من مدونة التجارة بأنها ” عقد يلتزم بموجبه الوكيل بالقيام باسمه الخاص بتصرف قانوني لحساب موكله”، ويكمن وجه الاختلاف بينها وبين الوكالة التجارية من حيث تعاقد الوكيل بالعمولة باسمه الشخصي ولكن لحساب موكله، حيث يعتبر الوكيل بالعمولة طرفا من العقود التي يبرمها، وبالتالي يظهر أمام الغير بمظهر صاحب الشأن الذي يتحمل كافة الالتزامات التي قد تنشأ عن العقد كما يستفيد من الحقوق المترتبة عنه، ويسأل عن نتائج ما يقوم به من تصرفات مع الغير.[12] أما فيما يخص الوكيل التجاري فيتعامل باسم ولحساب موكله ومن تم فإن هذا الأخير هو من يتحمل بالالتزامات والحقوق المترتبة على العقود والتصرفات القانونية التي يجريها الوكيل.

ثانيا: عقد السمسرة.

عرف المشرع المغربي عقد السمسرة في الفقرة الأولى من المادة 405 من مدونة التجارة كما يلي:” السمسرة عقد يكلف بموجبه السمسار من طرف شخص آخر لربط علاقة بينهما قصد إبرام العقد” وانطلاقا من هذه المادة فإن عمل السمسار يقتصر على التقريب والتوفيق بين المتعاقدين مقابل أجر ودون أن يمثل أيا منهم. ويتمثل الأجر عادة في نسبة معينة من قيمة الصفقة المراد إبرامها، ويبقى السمسار بمعزل عن العقود التي يتوسط في إبرامها[13] على عكس الوكيل التجاري الذي يكون طرفا في العقد ولو أنه يبرم باسم ولحساب موكله.

ثالثا: عقد الوكالة المدنية.

يقصد بعقد الوكالة المدنية بمقتضى الفصل 879 من ظهير الالتزامات والعقود ذلك العقد الذي بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه…، فهي إذا تشبه الوكالة التجارية من حيث أن الوكيل يبرم العقد المكلف به باسم ولحساب الموكل، غير أنها تختلف عنها في كون الأولى ذات موضوع مدني والثانية تنصب على عمل تجاري،[14] ثم إن الوكالة المدنية تحكمها قواعد القانون المدني أما الوكالة التجارية فتحكمها قواعد مدونة التجارة إضافة إلى الأعراف والعادات في الميدان التجاري، دون أن نغض الطرف عن القانون المدني الذي يعتبر الشريعة العامة لقوانين الموضوع ما لم يتعارض قواعده مع المبادئ الأساسية للقانون التجاري طبقا لما تقضي به المادة 2 من مدونة التجارة.

رابعا: عقد الشغل.

عرف المشرع المغربي عقد الشغل في الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود بأنه:” إجارة الخدمة أو العمل، عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين، في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له”.

فهذا التعريف يبين لنا مدى التقارب الكبير بين عقد الوكالة وعقد الشغل، إذ في كلا العقدين يقوم شخص بعمل لحساب شخص آخر، رغم أن العمل الذي يقوم به الموكل هو تمثيل الوكيل في تصرفات قانونية، لكن مع ذلك فإن هذين العقدين يختلفان من عدة وجوه ومنها:

*إن محل عقد الوكالة التجارية عمل قانوني، بينما هو في عقد الشغل عمل مادي، بالإضافة إلى أن الأجير لا ينوب عن مشغله خلافا للوكيل التجاري الذي ينوب عن الموكل ويعمل لحسابه.

*يكون العامل تابعا للمشغل الذي له عليه سلطة تأديبية أما الوكيل فلا يعمل حتما تحت إشراف الموكل.

لقد اختلف الفقه حول المعيار المعتمد للتمييز بين عقد الوكالة التجارية وعقد الشغل بحيث انقسم هذا الأخير إلى قسمين، الاتجاه الأول اتخذ طبيعة العمل كمعيار للتمييز بين العقدين فإذا كان العمل تصرفا قانونيا، فإن العقد يكون عقد الوكالة، أما إذا كان العمل المطلوب القيام به عملا ماديا، فإن العقد في هذه الحالة يكون عقد الشغل.

أما الاتجاه الثاني من الفقه، فإنه يذهب إلى القول بأن المعيار الدقيق الذي يمكننا من التمييز بين العقدين هو معيار التبعية، ولا يتناقض هذا مع أن الوكالة تتضمن هي الأخرى معيار التبعية بين الوكيل والموكل، حيث أنها تفترض بدورها خضوع الأول للأوامر والتوجهات التي تصدر من الثاني،[15] لكن رغم ذلك فإن الوكيل يبقى محتفظا بحرية واستقلاله في قيامه بالمهمة الموكول إليه أداؤها، على خلاف ما هو عليه الأمر بالنسبة للأجير فإنه يخضع لرقابة وإشراف وتوجيه الشغل ليس فقط من حيث الإشراف العام وإنما أيضا من حيث تنفيذ العقد.

خامسا: عقد التمثيل التجاري.

عند مقارنتنا للمقتضيات الواردة في مدونة الشغل بالنسبة للممثل التجاري، وبين المقتضيات الواردة في مدونة التجارة بالنسبة للوكيل التجاري نحس بالصعوبات التي تمس إثبات الشروط المميزة لكل عقد عن الآخر. حيث نجد في مدونة شغل الممثل التجاري ارتباطه بمشغله  بالتزامات تحدد طبيعة التمثيل التجاري.[16] وفي عقد الوكيل التجاري يلتزم هذا الأخير بالتفاوض أو بالتعاقد باسم ولحساب تاجر مقابل أجرة على ذلك.[17]

ومن هنا يتأتى لنا استنتاج بعض الفروق رغم صعوبة الأمر، حيث يكمن الفرق الجوهري بين الوكيل التجاري والممثل التجاري في الطبيعة القانونية لهاتين المهنتين، فالوكيل التجاري يكون مستقلا في مزاولة مهامه ولا يكون مرتبطا بعقد عمل، فيرتبط الممثل التجاري بمشغله بواسطة عقد عمل ويترتب على ذلك خضوعه للالتزامات الأجراء ولرابطة التبعية نحو المشغل، كما يستفيد من الحماية من كل التدابير التي تطبق على كل من يحمل عقد عمل،[18] دون أن الاستفادة من الحماية القانونية التي يوفرها قانون الشغل بصفة عامة للأجراء.

ولا يعتبر الممثل التجاري من التجار، حتى إذا احترف نشاط التمثيل التجاري لأنه لا يمارس نشاطا يتحمل عنه المخاطر من جهة، ومن جهة ثانية لكونه يعتبر وسيطا مأجورا يرتكز عمله على زيادة زبناء مشغله المتواجدين بمنطقة جغرافية معينة لعرض منتجات أو خدمات هذا الأخير عليهم وتبليغه أولا بأول بطلبات أو اقتراحات هؤلاء الزبناء.

وبعد أن تطرقنا إلى دراسة مفهوم الوكالة التجارية سنعرج إلى مناقشة كيفية تكوين هدا العقد .

المبحث الثاني:

تكوين عقد الوكالة التجارية

يستلزم عقد الوكالة التجارية لتكوينه ضرورة وجود أطرافها أي الوكيل والموكل على اعتبار أننا بصدد تصرف قانوني يتطلب توفر إرادتين لتكوينه (المطلب الثاني)، بالإضافة إلى وجوب احترام الشروط الموضوعية والشكلية، إلا أن مشرع مدونة التجارة المغربية لم يتطرق إلى الشروط العامة لإنشاء عقد الوكالة التجارية بمقتضى صريح عند تنظيمه لمقتضيات عقد الوكالة التجارية، لكن استنادا إلى المادة 2 من مدونة التجارة والتي أحاله على المصادر الاحتياطية الممكن الرجوع إليها في حالة عدم وجود أحكام خاصة ببعض المسائل التجارية ومن ضمنها قانون الالتزامات والعقود ما لم تتعارض أحكامه مع مبادئ قانون التجارة، حين ينص الفصل 2 من ق.ل.ع على ضرورة توفر كل من الأهلية والرضى والمحل والسبب، ثم ننتقل إلى دراسة الشروط الشكلية (المطلب الأول).

 المطلب الأول : شروط انعقاد الوكالة التجارية.

كسائر العقود فان الوكالة التجارية تتطلب لانعقادها شروط موضوعية (الفقرة الاولى )، بالاضافة الى شروط شكلية (الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى: الشروط الموضوعية لانعقاد الوكالة التجارية.

لم تنص مدونة التجارة على الشروط الموضوعية لانعقاد الوكالة التجارية، إلا أنه بالرجوع إلى الأحكام العامة للعقد المنصوص عليها في الفصل الثاني من ق.ل.ع الذي نص على أركان إنشاء العقد وهي الرضى، الأهليـة، وكذا المحل والسبب. وسوف نتطرق إليها تباعا.

أولا : الرضى.

إن الأصل في العقود أن تتم بتراضي طرفيها أي بصدور إيجاب من شخص يتضمن عرضا يدعوه فيه شخص آخر للتعاقد معه بحيث إذا صدر من هذا الأخير قبول مطابق للإيجاب تم العقد حيث يلاحظ نفس المقتضى نص عليه الفصل 883 من ق.ل.ع الذي جاء فيه:” تتم الوكالة بتراضي الطرفين ويسوغ أن يكون  رضى الموكل صريحا أو ضمنيا…” ويذهب بعض الفقه[19] إلى أنه يجب أن يذهب الإيجاب والقبول على التصرف المطلوب من الوكيل بالضبط وكذا حول الأجر الذي يدفعه الموكل للوكيل، وعلى بعض الشروط الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية استنادا للفصل 19 من ق.ل.ع كما يجب أن يكون الرضى صحيحا أي غير مشوب بعيب من عيوب الإرادة والتي تجعل العقد قابلا للإبطال.

ثانيا:الأهلية.

ينص الفصل 880 من ق.ل.ع على أنه :” يلزم لصحة الوكالة، أن يكون الموكل أهلا لأن يجري بنفسه التصرف الذي يكون محلا لها ولا تلزم نفس الأهلية في الوكيل حيث يكفي أن يكون متمتعا بالتمييز وبقواه العقلية”.

جاءت عبارة هذا الفصل صريحة بخصوص وجوب توفر شخص الموكل على أهلية التصرف، أي بلوغه 18 سنة شمسية كاملة كما هو منصوص عليها في المادة 209 من مدونة الأسرة زيادة على أن لا يكون محكوما عليه بعدم التصرف كما هو الحال بشأن الحكم بغل اليد في مساطر المعالجة من صعوبات المقاولة المادة 619 إذ تقضي بتخلي المدين بقوة القانون عن تسيير أمواله والتصرف فيها.

أما بخصوص أهلية الوكيل فإن المشرع لم يشترط أهلية التصرف فيه، إذ يكفي أن يكون مميزا متمتعا بقواه العقلية وإلا عدت جميع تصرفاته باطلة ومن هنا يمكن للوكيل القيام بتصرفات نيابة عن موكله لا يمكنه القيام بها أصالة عن نفسه.

 

 

ثالثا: محل الوكالة التجارية.

يقصد بمحل الوكالة التجارية كل تصرف قانوني يقوم به الوكيل لحساب الموكل هذه التصرفات التي جاءت في المادة 393 من مدونة التجارة.

وهي التفاوض أو التعاقد بصفة معتادة بشأن عمليات تهم أشرية أو بيوعات. وتجدر الإشارة إلى أن هذه التصرفات جاءت على سبيل المثال لا الحصر ودليلنا على ذلك استعمال المشرع في المادة أعلاه وبصفة عامة جميع العمليات التجارية. حيث يمكن إدخال عمليات مشابهة  من قبيل إبرام عقود البيع والكراء يمكن أن تشكل محلا للوكالة التجارية، وهو ما ذهب إليه القانون الفرنسي في المادة 1/1 من قانون 25 يونيو 1991، حيث حددت محل الوكالة التجارية ” التفاوض وعند لاقتضاء التعاقد بشأن عقود البيع والشراء والكراء وتقديم الخدمات…”.

ويشترط في صحة محل الوكالة التجارية ما يشترط في محل العقود بصفة عامة، أي أن يكون محلها ممكنا لا مستحيلا، ومعينا أو على الأقل قابلا للتعيين وأن يكون مشروعا لا مخالفا للنظام العام أو الأخلاق الحميدة أو القانون (فصل 881 ق.ل.ع).

رابعا: سبب الوكالة التجارية.

يتجلى سبب الوكالة التجارية في الغرض الذي قصده كل من الوكيل والموكل تحقيقه، حيث إن سبب التزام الوكيل هو التزام الموكل بدفع العمولة أو الأجر، أما سبب التزام الموكل فيرجع إلى التزام الوكيل بتنفيذ مقتضيات ما نصت عليه الوكالة.

وكما يشترط في السبب الذي من أجله تحمل الطرفان الالتزامات المتبادلة أن يكون صحيحا ومشروعا حسب مقتضيات الفصول من 62 إلى 65 من ق.ل.ع.

الفقرة الثانية: الشروط الشكلية لانعقاد الوكالة التجارية.

تعتبر الشروط الشكلية ذلك الشكل الذي يجب أن تفرغ فيه اتفاقات الأطراف، بهدف الحفاظ على مبدأ الشفافية واستقرار المعاملات كما تتطلب جل التشريعات أن يكون هذا العقد مكتوبا ومسجلا لدى المصالح المختصة صيانة لمصالح الأطراف خصوصا والأغيار عموما.

أولا: الكتابة.

لم يشترط المشرع المغربي لانعقاد الوكالة التجارية شرط الكتابة وإنما جعلها أداة إثبات وذلك بصريح المادة 397 من مدونة التجارة ” ويثبت عقد الوكالة التجارية، وعند الاقتضاء تعديلاته بالكتابة”.

حيث نستشف حياد المشرع عن المبدأ القاضي بحرية الإثبات في المادة التجارية والمنصوص عليه في المادة 334 من مدونة التجارة.

والملاحظ أن المشرع المغربي قد ساير التوجه الحديث للمشرع الفرنسي والذي كان يستلزم الكتابة كشرط للانعقاد وذلك قبل صدور القانون 25 يونيو 1991، حيث غير من هذا التوجه تطبيقا لتعليمات وتوجيهات المنظومة الأوربية، التي  جعلت المشرع الفرنسي يتراجع عن إمكانية اشتراط الكتابة وجعلها اختياريا، مع ترك الحرية لكل طرف، في المطالبة بأن يكون العقد كتابيا وموقعا ومشار فيه إلى مضمون العقد وتعديلاته[20]، كما يمكن اثبات عقد الوكالة بوثائق تحدد البيوعات التي أجراها الوكيل لفائدة الموكل وهدا ما دهبت عليه المحكمة التجارية بالدار البيضاء [21]

ثانيا: التسجيل.

لم يعمد المشرع المغربي إلى التنصيص على إلزامية التسجيل بالسجل التجاري بالنسبة إلى الوكلاء التجاريين وفق لمقتضيات خاصة، إلا أنه وبالرجوع إلى الأحكام العامة المتعلقة بالتسجيل في السجل التجاري نجدها تقضي بضرورة التسجيل بالنسبة للوكلاء التجاريين، على اعتبار أن التسجيل من الالتزامات الأساسية اكتساب صفة تاجرا سواء أكانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين حسب مقتضيات المادة 37 من مدونة التجارة ووفق نفس المادة نجدها تنص على إلزامية تسجيل كل ممثل تجاري أو وكالة تجارية لدولة أو لجماعات أو لمؤسسات عامة أجنبية كما نصت المادة 41 من مدونة التجارة على المكان الذي يلزم الوكيل بالتسجيل فيه وهو كتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية (السجل التجاري المحلي) التي يمارس بدائرة نفوذها الوكيل التجاري أعماله التجارية.

إلا أن مقتضيات القانون الفرنسي وإن كانت تضفي حمايتها على الوكيل التجاري بفعل تسجيله بالسجل التجاري الخاص فإن التعديل الذي عرفه القانون الفرنسي فيما يخص الوكالة التجارية سنة 1991 جعل من عملية التسجيل إجراء إداريا ليس إلا خاصة وأن التشريع والقضاء الفرنسي اعتبر أن الوكيل التجاري يكتسب صفة تاجر[22]، وهو ما سار عليه المشرع المغربي.

المطلب الثاني : أطراف الوكالة التجارية.

بالرجوع إلى أحكام 393 من م.ت.م يتضح أن طرفي الوكالة التجارية هما الوكيل والموكل، حيث سنتطرق لكل واحد على حدة.

 

أولا: الوكيل

لم يعرف المشرع المغربي الوكيل التجاري إلا أنه باستقرائنا للمادة 393 م.ت في فقرتها الأولى أنه كل شخص لا يكون مرتبطا بعقد عمل[23] يلتزم بالتفاوض أو التعاقد في عمليات تهم أشرية أو بيوعات وبصفة عامة جميع العمليات التجارية على شرط أن تتم باسم ولحساب تاجر أو منتج أو وكيل تجاري آخر[24] يلتزم هذا الأخير من جهته بأدائه أجرة عن ذلك.

والملاحظ أن هذا التعريف أعلاه هو مقتبس من المادة الأولى من القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 25 يونيو 1991،[25] والملاحظ أن هذا التعريف هو ما ذهبت إليه غالبية التشريعات الأوروبية كالتشريع الألماني والإيطالي.

ويتبين أن المشرع لم ينص صراحة على إمكانية اعتبار الوكيل التجاري شخصا معنويا، أما بخصوص اعتبار الشخص الطبيعي فهو أمر لا جدال فيه، إذا جاءت عبارة “شخص” بشكل عام، مما يجعل إمكانية اعتبار الشخص المعنوي وكيلا تجاريا أمرا واردا مادام لا يوجد مقتضى خاص يمنعه من ذلك، وبخصوص هذه النقطة فان  المشرع الفرنسي قد حسم الخلاف بشأنها بعد مخاض طويل  وذلك في مادته الأولى حيث نص على إمكانية اتخاذ الشخص المعنوي صفة وكيل تجاري.[26]

ويبقى لنا أن نتطرق إلى مدى إمكانية إضفاء صفة التاجر على شخص الوكيل التجاري، حيث لا يخلو الأمر من تصورين، فإذا ما فرضنا كون الوكيل التجاري شخص معنوي يتخذ شكل شركة فيعتبر تاجرا بحسب شكله بغض النظر عن الغرض، أما إذا كان الوكيل التجاري شخصا طبيعيا، فقد احتدم الخلاف بين كل من الفقه والقضاء بفرنسا.[27]

وبالرجوع إلى مدونة التجارة المغربية نجدها تنص في فقرتها 9 من المادة 6 على تجارية أعمال الوساطة إذا ما مورست على سبيل الاعتياد[28] ومنه نخلص إلى اعتبار شخص الوكيل التجاري تاجرا وبالتالي يتم إخضاعه إلى الالتزامات التاجر عموما والتسجيل على وجه الخصوص وهو ما سنقوم بالتفصيل بخصوصه عند التطرق إلى الشروط الشكلية.[29]

ثانيا: الموكل.

انطلاقا من الفقرة الأولى من المادة 393 من مدونة التجارة والتي حددت الصفات التي يمكن أن يتخذها الموكل في التجار أو المنتجين أو الوكلاء التجاريين.

ويمكن للوكيل التجاري أن يتخذ صفتين عندما يلجأ  الى إبرام عقد وكالة من الباطن مع وكيل تجاري آخر حيث يعتبر وكيلا تجاريا لموكله الأصلي من جهة ومن جهة أخرى موكلا فرعيا بالنسبة لوكلائه من الباطن.[30]

ومما تجدر الإشارة إليه أن الموكل بدوره يمكن أن يكون شخصا طبيعيا أو شخصا معنويا سواء أكان من أشخاص القانون الخاص أو العام، ذا طابع تجاري أو صناعي.[31]

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الثاني:

أثار وطرق انقضاء الوكالة التجارية

بعد ما تطرقنا لدراسة الطبيعة القانونية للوكالة التجارية،  ثم جانب شروط تكوينها والتي باستفاءها تنعقد الوكالة التجارية صحيحة و بالتالي تنتج أثار قانونية (المبحث الأول) ومن المعلوم أن مآل الالتزامات هو الزوال أي الانقضاء (المبحث الثاني) .

المبحث الأول:

أثار الوكالة التجارية

إن أثار الوكالة التجارية لا تنصرف فقط إلى طرفي العقد (المطلب الأول) بل إلى الغير كذلك (المطلب الثاني) وهو ما سوف تناوله.

المطلب الأول: أثار الوكالة التجارية تجاه  الأطراف

إن مدونة التجارة لم تخالف مقتضيات القانون المدني المتعلقة بالتزامات الأطراف لكنها أخذت بعين الاعتبار خصوصيات عقد الوكالة التجارية الذي يهدف قبل كل شيء إلى تحقيق المصلحة المشتركة لطرفي العقد.

سوف نقسم هذا المطلب إلى فقرتين في الأولى أثار الوكالة التجارية تجاه الوكيل، أما الفقرة الثانية فسوف نتناول أثار الوكالة التجارية تجاه الموكل.

الفقرة الأولى: أثار الوكالة تجاه الوكيل :

إن دراسة التزام الوكيل بتنفيذ مقتضيات عقد الوكالة التجارية تتطلب التطرق لعدة نقط أهمها ثلاثة: وهي: تنفيذ المهمة المكلف بها، ثم تقديم حساب عن العمل المكلف به، بالإضافة إلى التزام بعدم المنافسة وبقواعد الصدق والإعلام .

أولا: تنفيذ المهمة المكلف بها

يعتبر التزام  بتنفيد المهمة المكلف بها أهم التزام يقع على الوكيل حيث يلزم هذا الأخير بالقيام بالتصرفات القانونية والأعمال التجاري، كرجل حرفي كفئ[32].

ولذلك فهو ينظم نشاطه بشكل مستقل عن الموكل، ويعد المعارض والمكاتب اللازمة لعرض المنتوجات والسلع على الجمهور، ويستعين  بوسائل الدعاية والإعلام لترويج منتجات التجار الذين ينوب عنهم، وباختصار فهو يبدل أقصى جهده لإتمام مهمته ولانجاز أكبر عدد ممكن من العقود، وانطلاقا من الاتفاقات الحاصلة بينه وبين الموكل فهو يقوم بالتفاوض، وعند الاقتضاء بإبرام العمليات التجارية التي كلف بها[33]، وهذه الأخيرة تعتبر الأكثر انتشارفي عقود الوكلات التجارية، حيث يتعين  على الوكيل التجاري أن يبرم أكبر عدد ممكن من العقود  في المنطقة التي كلف بها، أي تحديد رقعة جغرافية له، وهو ما يسمى بشرط الحصري أو شرط القصر والذي أشار إليه المشرع المغربي بصفة ضمنية في كل من الفصلين 393 و399 من ق ت وقد اختلف الفقه حول صحة شرط الحصري[34].

وتعليمات الموكل قد تكون أمرة أو بيانية أو اختيارية، أو هكذا تواتر الفقهاء على تقسيمها. لاشك أن القاضي هو الذي يقدر أخر مقدار التزام المقترن بأمر الموكل لوكيله، وبالتالي مدة الحرية التي يعمل الوكيل في نطاقها، على هذا التقسيم الفقهي لا يخلو من فائدة التقريب والإيضاح[35]. وكل اتجاه فقهي يعزز موقفه بحجج[36].

وهنا تطرح في هذا الصدد إشكالية ما مدى إمكانية خروج الوكيل التجاري عن حدود الوكالة؟

في هذا الصدد فإن مدونة التجارة لم تتناول هذه المسألة، لكن بالرجوع إلى القواعد العامة[37] التي أعطت للوكيل إمكانية الخروج عن تعليمات الموكل وذلك مشروط بأن تكون هناك أسباب خطيرة تبرر ذلك . أو أن هناك شروط أفضل للتعاقد من الشروط التي اتفق عليها في العقد.[38]

ونحن نرى أنه لا مانع من التزام الوكيل بتعليمات الموكل ما دامت تعبر عن رغبات ومقاصد الموكل لكن مع ترك هامش من الحرية للوكيل التجاري، أن يبدل جهده في تنفيذ العمل الموكول به، ومنه يطرح الإشكال التالي. هل الوكيل يلتزم بتحقيق نتيجة أم ببدل عناية؟

وبرجوعنا إلى الفصل 908 من ق ل ع والمادة 395 من م.ت، نجد المشرع استعمل عبارة “عناية الرجل المتبصر حي الضمير…” مما يدل على أن الوكيل التجاري يلتزم ببدل العناية ولبس بتحقيق نتيجة أي عناية الرجل العادي متوسط الذكاء. ويراعي في هذا احتراف  الوكيل التجاري فتكون العناية المفروضة هي عناية الوكيل المحترف ومن تم يفرض فيه العلم بحالة السوق، وعليه أن يتحقق من حالة البضاعة ومن سير الشخص الذي تعاقد معه وإلا عد مسؤولا عما يلحق الموكل من ضرر جراء خطئه في تنفيذ مهمة[39].

ويسأل الوكيل من التدليس الصادر عنه  وعن الأخطاء التي يرتكبها في تنفيذ الوكالة. فالوكيل يسأل ليس  باعتباره  نائبا فقط بل اعتباره محترفا أيضا، وبالتالي فإن مسؤولية تكون مشددة على عكس مسؤولية الوكيل المجانب أو العرضي[40] ولا يسأل الوكيل عن عدم تنفيذ الوكالة التي كلف بها إذا كان ذلك يرجع لسبب لا يد له  فيه[41].

ونشير أن هناك التزامات إضافية من بينها شرط ضمان التنفيذ هذه الأخيرة لم يتطرق له المشرع، لكن أوجده العرف التجاري مند القديم[42] وهذا الشرط له مفهومان: مفهوم ضيق وآخر واسع[43] وكيفما كان شرط الضمان فإنه يكون مقترن بعمولة إضافية مرتفعة تتناسب مع المجهود الذي يبدله  الوكيل في تنفيذ تعهده،لأنه يتحمل تبعة عدم تنفيذ الغير لالتزاماته.

وبالجوع إلى مبدأ العقد شريعة العقدين، فإن شرط الضمان يعتبر شرطا صحيحا ويغير من طبيعة التزام الوكيل من مجرد بدل العناية إلى التزام بتحقيق النتيجة اي ضمان تنفيذ الغير المتعاقد معه لالتزاماته تنفيذا كاملا.

ونشير في هذا الصدد أن الفقه اختلف حول تطبيق شرط الضمان في عقد الوكالة التجارية، حيث هناك من اعتباره كفالة[44] واتجاه أخر اعتبره تأميناً[45].

ونرى مع الفقيه علي البارودي[46] أن هناك اختلافا واضحا بين التأمين الذي تعرفه وبين شرط الضمان.

إن دور الوكيل قد لا يقتصر على مجرد  تفاوض  أو إبرام العقد المكلف به، بل قد يضاف إليه التزام إضافي أخر يتجلى في المحافظة على البضائع المسلمة له بشكل دوري لتخزينها إلى حين تسليمها للمشتري في حالة جيدة وملائمة من أجل تفادي التأخير في تسليم السلع إلى الزبناء ويكون بتحقيق نتيجة ولبس ببدل عناية.

ولما كان التزام الوكيل…بالمحافظة على البضائع من قبيل الالتزامات بنتيجة فإنه يعد مسؤولا عن كافة الأضرار التي تلحق البضائع التي يحتفظ بها لحساب موكله منذ تسلمه لها، ولا يعفيه من هذه المسؤولية سواء القوة القاهرة أو لظروف غير اعتيادية مثلا الزلازل والفيضانات والحروب، كذلك إذا كان التلف نتيجة طبيعية البضاعة ذاتها كما هو الحال بالنسبة للفواكه والخضروات والحيوانات التي قد لا تتحمل مشقة الرحلة وتعتبر الطقس فتتلف من تلقاء نفسها دون تقصير من الوكيل[47].

من هنا يمكننا التساؤل حول مدى إلزامية الوكيل بالتأمين على البضائع؟

نعم إذا طلب منه الموكل منه ذلك صراحة أ جرى العرف على التأمين في مثل هذه الحالة (المادة 2 من م ت)، وعندئذ فإن الوكيل، أن يسترد من الموكل قيمة الأقساط التي تدفعها. أما إذا لم يؤمن على البضاعة رغم العرف أو طلب الموكل الصريح، فإنه يكون مسؤولا عن هلاكها إذا تحقق الخطر الذي كان من المفروض أن يؤمن عليها ضده، وفي غيرها هاتين الحالتين يجوز للوكيل أن يقدر ضرورة التأمين على البضاعة[48] ويضيف بعض الفقه[49] أن يجب تأمين على البضاعة إذا كانت طبيعة البضاعة تستلزم ذلك.

هل يجوز للوكيل أن ينوب عنه غيره ؟ لا يجوز، إلا بموافقة الموكل لأنها – الوكالة التجارية – تقوم على اعتبار شخصي.

ثانيا: تقديم حساب عن العمل المكلف به

يعتبر هذا الالتزام ضروريا، وهذا الالتزام لا يمس مبدأ الاستقلالية التي يتمتع بها الوكيل التجاري أثناء القيام بالمهام المنوطة به، ويجب أ يكون هذا الحساب تفصليا عن كل ما أنفقه وما قبضه مؤيدا بالأدلة التي يقتضيها العرف أو طبيعة التعامل وأن يؤدي له كل ما تسلمه نتيجة الوكالة أو بمناسبتها[50]، ويدرج الوكيل في الحساب ما للموكل كثمن ما باعه الوكيل أو أجرة الكراء التي تسلمها من المكتري، أو مبلغ الذين الذي قبضه من المدين مع التعويضات أو الفوائد أو الأرباح إن وجدت…كما يسجل أيضا في حساب النفقات التي يستحق استرجاعها كالمصروفات التي دفعها الوكيل في السفر ومبلغ الضرائب والرسوم القضائية،وعمولة السمسرة التي أعطاها في الصفقة[51] وكل ذلك في حساب واحد يتكون من أصول وخصوم تم الرصيد.

والقاعدة أن الوكيل لا يستخلص لنفسه أي منفعة شخصية خارج العمولة المتفق عليها، حتى لو كانت هذه المنفعة نتيجة مهاراته أو تأثيره أو علاقته الخاصة بالغير المتعاقد، بل وحتى لو كانت هذه المنفعة تتجاوز ما يطلبه الموكل، كما إذا كان قد باع بثمن أعلى من ثمن الذي حدده الموكل أو اشترى، بأقل من الثمن الذي ارتضاه. إذا الفرض أن العمولة التي يدفعها الموكل، هي المقابل الكامل لمهارة الوكيل وتأثيره المحتمل،فلا حق له في تجاوزه، كما أن دوره دور الوسيط، فعليه أن ينقل منافع الصفقة كما هي لصاحب الحق فيها دون أن تمتد إليها يده[52].

قد يعفى الوكيل بتقديم الحساب لأن طبيعة العمل تقتضي ذلك، كتكليفه ببيع البضاعة دون قبض الثمن أو نتيجة العلاقة التي تربط الوكيل بالموكل كعلاقة زوجية أو قرابة أو بنوة أو حالة اتفاق الأطراف على عدم تقديم الحساب.

ثالثا: الالتزام بقواعد الصدق والإعلام وعدم المنافسة

تنص المادة 395 من م ت في فقرتها الثانية “…يلتزم أطراف بصفة متبادلة بمراعاة قواعد الصدق والإعلام…”

انطلاقا من المادة أعلاه نخلص على ضرورة توافر الشفافية والثقة بين الوكيل والموكل، وبحيث لا يمكن للوكيل التجاري أن يكون هو المشتري إذا كان مكلفا بالبيع، آي يجب ألا يتعاقد مع نفسه، ففي هذه الحالة ستتعارض المصالح بين الوكيل والموكل، وبالتالي خرق الفقرة الأولى من المادة 395 من  م ت “يبرم الوكالة التجارية لتحقيق الغاية المشتركة للأطراف…” وبذلك يمنع عل الوكيل التعاقد مع نفسه لأنه يشكل خرقا لمبدأ الإخلاص للموكل.

يلتزم الوكيل التجاري أن يحيط الموكل علما بكل المعلومات الضرورية لتنفيذ العقد، كملاحظات الجمهور على السلعة ومدى إقباله عليها، وأهميتها بالنسبة للسلع المنافسة، وما يجب إدخاله عليها من تعديلات أو تحسينات لإرضاء الجمهور و للرفع من قدر المبيعات[53].

وبالإضافة  إلى ما سبق، فإن منافسة الوكيل لموكله، يعتبر عملا غير لائق ويحمل نوعا من الخيانة وعدم امتثال لقواعد الصدق والمنافسة التي يتعرض لها الموكل قد تتم أثناء سريان عقد الوكالة التجارية أو بعد  انتهاءها فبالنسبة للحالة الأولى فقد بينت حكمها المادة 393 ن م ت التي تنص على عدم إمكانية تمثيل عدة مقالات متنافسة فيما بينها، ويمكن إرجاع هذه الالتزامات إلى مبدأ حسن النية الذي يسود تنفيذ العقود.

وما دام الوكيل يمارس عمله بصورة مستقلة، فإن قواعد المنافسة غير المشروعة تسري في علاقة مع الموكل كما تسري في علاقته مع غيره من التجار، فعلى الوكيل التجاري، باعتباره تاجراً الالتزام بقواعد المنافسة المشروعة، في مواجهة موكله فلا يقوم بأي وسيلة من شأنها جلب عملا موكله للتعامل معه[54].

أما النوع الثاني من المنافسة فقد بينت حكمه، المادة 430 من م ت التي تنص على إمكانية إدراج شرط عدم المنافسة في العقد،، وهنا يلزم الوكيل بعدم منافسة موكله بعد انتهاء عقد الوكالة التجارية إلا أنه في حالة إدراج هذا الشرط فإن المشرع عمد إلى تبيان نطاق هدا الشرط من حيث الزمان والمكان والأشخاص والأموال والخدمات التي يقوم الوكيل بتمثيلها تبعا لاتفاق مدرج في عقد (المادة 403 من م ت).

وهكذا فالمنع المطلق والقطعي  من المنافسة،يعتبر باطلا،لدلك يجب أن تحدد مدة المنع التي يجب أن لا تتجاوز سنتين بعد انتهاء العقد مع إمكانية اتفاق على مدة أقل من المدة المذكورة كما يجب تحديد المنطقة الجغرافية التي يسري بداخلها شرط الالتزام بعدم المنافسة، ويعطي مفهوم مخالف لوقوع الشرط باطلا لمخالفته أحكام المادة أعلاه.

الفقرة الثانية: أثار الوكالة تجاه الموكل

تتجلى هذه الالتزامات في الالتزام بتمكين الوكيل من سبيل انجاز مهمته (أولا) وبدفع أجرة أو العمولة المتفق عليها (ثانيا).

أولا: التزام بتمكين الوكيل من سبل انجاز مهمته:

باعتبار أن المستفيد الأساسي من أعمال الوكالة التجارية هو الموكل فإن هذا الأخير يجب عليه أن يمكن الوكيل التجاري من جميع المعلومات والإيضاحات التي قد تساعده على تنفيذ المهام المكلف بها والمتجلية في جلب الزبناء والتفاوض معهم.

لقد تم تنصيص على هذا الالتزام طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 395 من م ت والفصل 913 من ق ل ع ومنه فإنه يجب على الموكل، أن يقوم بتزويد الوكيل  بكل الوسائل الضرورية لممارسة نشاطه المتمثل بالخصوص في إتمام العمليات المتفق عليها.

وهكذا، يجب على الموكل أن يمكن الوكيل التجاري من كل الوثائق المفيدة والمتعلقة بالبضائع والخدمات التي تشكل محلا للعقد الوكالة التجارية.

ويجب عليه كذلك أن يبلغ الوكيل التجاري بكل المعلومات الضرورية لتنفيذ العقد، كإخطاره بنيته في أجل معقول، في التقليص بشكل واضح من حجم العمليات بالمقارنة مع ما كان ينتظره الوكيل التجاري[55].

يلتزم الموكل في مواجهة الوكيل التجاري برد المصاريف وتسديد المبالغ التي اضطر الوكيل إلى دفعها من أمواله من أجل تنفيذ عقد الوكالة التجارية في حدودها كان لازما لهذا الغرض طبقا للفصل 914 من  ق ل ع.

وتؤدي هذه الصرامة في التأكيد على رد المصروفات التي أنفقها الوكيل إلى تشجيعه على بدل المجهودات والعناية اللازمة لأداء عمله في أحسن وجه حيث في حالة عدم دفعها قد يترتب عنها تفويت فرصة حقيقية تعود بالربح والنفع على الموكل.

وطبقا للفقرة الأخيرة من المادة 399 من م ت نستنتج أن على الموكل أن يحترم شرط الحصر عندما يكلف الوكيل التجاري بمنطقة جغرافية أو بمجموعة معينة من الأشخاص، وبمقتضى هذا الشرط لا يستطيع الموكل أن يوكل شخصا أخر في نفس المنطقة التي يكف بها الوكيل الأول وهذا مظهر من مظاهر حماية الوكيل التجاري.

ثانيا: الالتزام بدفع العمولة المتفق عليها

لقد نظم المشرع المغربي العمولة من حيث تحديدها واستحقاقها طريقة حسابها وكيفية أدائها، وذلك في المواد من 398 إلى 401 من م ت.

وطبقا للمادة 398 من م ت يجب على الموكل دفع الأجرة أو العمولة المتفق عليها للوكيل التجاري عن العمليات التي أبرمها أو قام بالتفاوض بشأنها.

طريقة تحديد العمولة:

لقد جاءت المادة 398 من م ت لتحديد الطرق وهي إما عن طريق الاتفاق أو بمقتضى الأعراف المهنية أو عن طريق المحكمة وبكيفية معقولة وعادلة.

إن عدم تحديد مبلغ العمولة لا يؤدي إلى بطلان عقد الوكالة التجارية رغم  من كونه عنصراً جوهريا، ومن الناحية العملية هناك عدة عناصر يمكن أخذها بعين الاعتبار من أجل تحديد قدر العمولة نذكر منها:

طبيعة وثمن المنتوجات، ووضعية الزبون وحجم المبيعات أو الخدمات المقدمة من طرف الوكيل وغيرها[56].

إن تحديد العمولة مسبقا اختلاف الفقه حول مدى سلطة القاضي في تعديلها حيث ذهب بعض الفقه[57] على أنه يجوز إعادة تقديرها رغم كونها محدد مسبقا في العقد أما الاتجاه الثاني[58] فيذهب إلى عدم تمتع القاضي بسلطة إعادة النظر في العمولة مبرراً موقفه بأن الوكيل التجاري وهو تاجر أي حرفي ويكون أشد الناس حرصا على حقوقه إذ ليس بحاجة إلى حماية القانون.

ونحن بدورنا نميل إلى رأي الاتجاه الثاني نظراً للمبررات التي ساقها بهذا الخصوص، ونظرا لأن المشرع قد حسم الأمر في المادة 399 من م.ت، فهل يجوز للمحكمة تعديل العمولة ؟ برجوعنا إلى المادة 398 الفقرة 2، فإن القضاء غالبا ما يقوم بتخفيض العمولة وليس رفعها.

طريقة احتساب العمولة:

نصت الفقرة الثانية من المادة 398 من م ت على أنه أن العمولة يتكون وعاؤها جزئيا أو كليا من عدد أو قيمة القضايا المتولات من الوكيل ومنه فإن المشرع لا يشترط أن تكون العمولة عبارة عن نسبة مئوية من قيمة الصفقة رغم أن هذه الطريقة هي الأكثر انتشاراً.

وهناك من يرى[59] أن تحدد نسبة العمولة على أساس سعر بيع البضاعة محل الوكالة التجارية إلى الزبناء، وذلك بعد استبعاد المصاريف من ضرائب وغيرها.

  • حالات استحقاق الوكيل التجاري العمولة:

بالرجوع إلى المادتين 399 و400 من م ت نستنتج أن هناك حالتين: الأولى هي عند إنجاز العمليات خلال سريان العقد سواء بفضل تدخله أو بمساعدة أحد من الاغيار م 399 م ت، وتتجلى الحالة الثانية عن العمليات المبرمة  بعد انتهاء عقد الوكالة، وذلك مشروط بأن يتم إبرامها داخل أجل سنة من تاريخ  وقف العقد، معللا المشرع ذلك بالنشاط الذي بذله الوكيل خلال تنفيذ العقد.

  • حالات عدم استحقاق الوكيل التجاري للعمولة :

نصت الفقرة الثالثة من المادة 401 من م ت والفصل 915 ق ل ع أن الوكيل التجاري يفقد حقه في العمولة وإرجاع التسبيقات إذا ثبت أن العقد المبرم بين الزبون والموكل لن ينفذ دون أن يعزى ذلك لهذا الأخير كعدم إذا الثمن من طرف الزبون عن البضائع المسلمة إليه أو أن هناك قوة قاهرة تحول دون تنفيذ التزامات الموكل.

لكن يحق للوكيل أن يطالب بالعمولة إذا كان سبب عدم تنفيذ يرجع إلى الموكل لعدم تسليم البضائع المبيعة للزبون.

  • أداء العمولة:

نصت الفقرة الثانية من المادة 401 من م ت على أن العمولة تؤدي على الأكثر، في اليوم الأخير من الشهر الموالي للأشهر الثلاثة التي استحقت فيها.

المطلب الثاني: أثار الوكالة تجاه الغير

إذا كان عقد الوكالة التجارية يرتب أثارا متبادلة بين أطرافه فإنه يرتب أيضا آثار في مواجهة الغير سواء فيما يتعلق بعلاقة الوكيل بالغير (الفقرة الأولى) أو علاقة الموكل بالغير (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: علاقة الوكيل بالغير

تقتضي طبيعة الأعمال المترتبة عن عقد الوكالة التجارية العمل خارج إطار المقاولة والبحث عن أطراف أخرى للتفاوض معها أو تعاقد بشأن صفقات لحساب الموكل، وأمام هذا الوضع لا توجد أية علاقة قانونية مباشرة بين الوكيل والغير رغم أن الوكيل هو الذي يقوم بالتعاقد وبالتوقيع على العقد.

يلاحظ أن عدم وجود علاقة مباشرة بين الغير والوكيل العقود مشروط بتعاقد هذا الأخير باسم موكله ولحسابه،أما إذا إذا وقع باسمه الشخصي فيختلف الحال ولو كان يتعاقد لحساب الموكل، إذا يصبح الوكيل ملتزما بصفة مباشرة في مواجهة الغير عن تنفيذ العقد[60].

ويسأل الوكيل شخصيا عن الالتزامات التي تعهد بها لفائدته في وقت الذي لا يكون له سلطة إبرام العقد وإنما له سلطة التفاوض فقط ما لم يصادق والموكل على التصرف الذي قام به، كما يمكنه، من جهة أحرى أن يضمن للأغيار الوفاء بما يترتب على الموكل من التزامات ناشئة عن العقد الذي أبرمه[61].

ففي حالة حدوث نزاع مثلا بين الوكيل والغير المتعاقد معه، فإن هذا الأخير من حقه رفع دعوى مباشرة على الموكل، باعتباره هو الأصل في العقد وصاحب الشأن، من تبت بأن الوكيل اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة وأن الخطأ غير صادر عنه .

ويرى بعض الفقه[62] العلاقة المباشرة التي تنشئ بين الزبناء والوكيل تجسدها نظرية الاشتراط لمصلحة الغير لحماية الزبناء حيث يستطيع هذا الأخير أن يرجع على الموكل تطبيق لأحكام العقد المبرم بينهما، أو أن يرجع على الوكيل تطبيقا لنظرية الاشتراط لمصلحة الغير، بل أنه يحق له الرجوع على الوكيل والموكل في نفس الوقت لأننا أمام معاملة تجارية ومنه تضامنا مفترضا.

ونحن بدورنا نتفق مع هذا الطرح لأنه يخدم مصلحة الغير في حالة صعوبة الرجوع على الموكل كبعد المسافة. ويؤكده الواقع العملي وفي هذه الحالة يجب على الوكيل أن يبلغ الموكل بذلك.

الفقرة الثانية: علاقة الموكل بالغير:

تترتب عن الوكالة التجارية علاقات مختلفة فيما بين أطراف العقد وتمتد هذه العلاقات إلى الغير حيث تبرز هنا أهم علاقة في هذا الصدد وهي التي تربط بين الموكل والغير.

بمجرد قيام وكيل العقود بإبرام الصفقة باسم ولحساب موكله تنشأ علاقات مباشرة بين الموكل والغير وكان العقد تم بينهما، فالوكيل التجاري الذي يتعامل في حدود وكالته يصل تصرفه مرتبا لأثار في ذمة  الموكل مباشرة، سواء في ماله من حقوق، أو فيما عليه من التزامات قبل الغير، ودون أن يكون للوكيل أي نفع أو ضرر في ذلك فالموكل يلتزم مباشرة تجاه الغير المتعاقد معه من طرف الوكيل التجاري.

غير أن ذمة الموكل لا يمكن أن تكون دائنة أو مدينة نتيجة الآثار التي يرتبها التصرف المبرم من طرف الوكيل التجاري إلا إذا توافرت الشروط التالية:

أن يتصرف الوكيل التجاري باسم ولحساب موكله و أن يتقيد ببنود العقد الذي يربطه بالموكل حسب ما جاء به الفصل 925 ق ل ع.

وتبعا لذلك فإن الموكل وطبقا لمقتضيات الفصل 927 لا يلتزم بما يجريه الوكيل خارج حدود وكالته ومتجاوزا إياها إلا في حالات:

  • إذا أقره ولو دلالة.
  • إذا استفادة منه
  • إذا أبرم الوكيل التصرف بشروط أفضل متى تضمنه تعليمات الموكل

وحتى إذا أبرم الوكيل التصرف بشروط أفضل مما تضمنته تعليمات الموكل .ما دام الفرق يسير أو كان مما يتسامح معه التجارة أو في مكان إبرام العقد .

المبحث الثاني

كيفية انقضاء الوكالة التجارية.

تتنوع أسباب انقضاء عقد الوكالة التجارية تبعا لطبيعتها الخاصة وتأسيسها على الاعتبار الشخصي، والمصلحة المشتركة لطرفيها، من هنا نخلص أن انقضاء عقد الوكالة التجارية قد يكون راجعا للقواعد العامة المتعلقة بانقضاء الوكالة كما هو منصوص عليها في الفصل 929 من ق.ل.ع، بالإضافة إلى الأحكام الخاصة لانقضائها ولمعالجة كيفية انقضاء الوكالة التجارية يتحتم علينا تقسيمه إلى مطلبين، نتطرق في (المطلب الأول) إلى انقضاء الوكالة التجارية لأسباب ترجع إلى القواعد العامة، فيما نتناول الأسباب الخاصة لانقضاء الوكالة التجارية في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الأسباب العامة لانقضاء الوكالة التجارية

إن عدم تطرق مدونة التجارة المغربية إلى موضوع انقضاء الوكالة التجارية بشكل صريح، عل عكس  التشريع الفرنسي[63] والمصري، مما يحتم علينا الرجوع إلى مقتضيات ق.ل.ع باعتباره الشريعة العامة لقوانين الموضوع، حيث عدد في فصله 928 أسباب انقضاء الوكالة إلا أنه لابد من احترام بعض خصوصيات الوكالة التجارية حيث تنقضي بالطريقة المألوفة لانقضاء العقود بتنفيذها كما قد تنقضي في بعض الأحيان قبل تنفيذها.

الفقرة الأولى: انقضاء الوكالة عن طريق تنفيذها.

تنتهي الوكالة عموما بالقيام بالعمل الذي عقدت من أجله، مع الإشارة إلى أن الوكالة التجارية قد تنقضي بانتهاء أجلها، إذا كانت محددة المدة، أو بتنفيذها حتى ولو كانت غير محددة المدة مع احترام ما جاءت به المادة 396-8 من مدونة التجارة.

بخصوصية إمكانية تمديد العقد ذات المدة المحددة حيث يستمر أطرافه في تنفيذه بعد انصرام مدته، فقد تعقد الوكالة التجارية من أجل القيام بتصرف معين كما لو تم التوكيل من أجل شراء معدات أو بيعها، فتنقضي بتنفيذ هذه التصرفات، إلا أنه قد لا يسعف الوقت من أجل التنفيذ فتمدد مدتها باتفاق أطرافها، أما في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بخصوص التمديد هنا يكون من حق الوكيل الحصول على عمولة في حالة التنفيذ الجزئي للوكالة تتناسب ومقدار العمل الذي تم إنجازه وذلك حسب المادة 398 من مدونة التجارة.

الفقرة الثانية: انقضاء الوكالة قبل تنفيذها.

تنقضي الوكالة التجارية قبل تنفيذها وذلك باستحالة إتمام تنفيذها حيث ينتهي العقد بقوة القانون بفعل القوة القاهرة،[64] كما قد تنتهي في حالة حدوث تغيير في حالة الوكيل أو الموكل من شأنه أن يفقده أهليته مباشرة حقوقه، كما هو الحال في الحجر والإفلاس إلا أنه وإذا ما لحقت هذه الأمور الموكل وجب على الوكيل عندما يكون في التأخير خطر، أن يتمم العمل الذي بدأه في حدود ما هو ضروري حسب الفصل 940 من ق.ل.ع.

كما تنقضي بفسخها وتحقق الشرط الفاسخ.

وإذا كان انقضاء الوكالة التجارية يرجع في غالبيته إلى القواعد العامة، فإن هناك أسباب خاصة لانتهاء الوكالة التجارية وهو ما سنتطرق إليه في المطلب الموالي.

 

 

 

المطلب الثاني

الأسباب الخاصة لانقضاء الوكالة التجارية

تتميز الوكالة التجارية بأنها من العقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي، لذا كان من المنطق انتهاؤها بتخلف هذا الاعتبار، فتنقضي هنا لسبب يلحق طرفيها كالموت.

دون إغفال إمكانية إنهائها بالإرادة المنفردة[65] حيث أجازت مدونة التجارة إنهاء العقد عن طريق إخطار الطرف الآخر، إلا أنه يبقى من حق من تضرر من هذا الإنهاء الرجوع من أجل حقه في التعويض تطبيقا لأوجه قيام الوكالة التجارية على المصلحة المشتركة.

الفقرة الأولى: انقضاء الوكالة التجارية لأسباب ترجع إلى الاعتبار الشخصي.

إن قيام عقد الوكالة التجارية على الاعتبار الشخصي يجعل انقضاءها يقف على زوال هذا الاعتبار، وذلك بموت سواء الوكيل أو الموكل كشخص طبيعي[66] أو حل كل من الشركة الموكلة أو الوكيلة كشخص معنوي، في حالة موت الوكيل يجب على الورثة اتخاذ المبادرة وإعلام الموكل إن كانوا على علم بموضوع الوكالة، كما يجب عليهم الحفاظ على الوثائق وغيرها من المستندات،[67] إلا أن وفاة الموكل ليس بالضرورة أن تؤدي إلى انقضاء الوكالة فتبقى حتى بعد وفاته ويلتزم بها الورثة في حدود التركة.[68] وفي حالة عدم الموافقة على استمرارية الوكالة مع الورثة جاز لهم المطالبة بالتعويض عن هذا الإنهاء طبقا للمادة 402 من مدونة التجارة إلا أ نه لابد من تكييف العقد بكونه وكالة تجارية أم لا، وهدا ما ذهبت إليه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرارها عدد 2009/4276، “حيث قضت انه وخلافا لما تمسكت به الطاعنة فان الفقرة الأولى من المادة 402 من مدونة التجارة التي تجيز للوكيل التجاري المطالبة بتعويض عن الضرر الاحق به من جراء إنهاء العقد ودلك رغم كل شرط مخالف، لا يمكن أن تطبق على هده النازلة لعلة أن العقد الرابط بين طرفين لا يدخل في حكم الوكالة التجارية التي تخول الوكيل أن يتعامل مع الغير باسم ولحساب الموكل مقابل أجرة عن دلك بدليل أن المادة الأولى من العقد نصت على أن الطاعنة لا تتوفر على حق استئثاري في التوزيع والبيع …”[69]

أما بخصوص موت الموكل فتبقى الوكالة سارية المفعول إلى حين علم الوكيل بذلك،[70] وما قيل عن أطراف الوكالة التجارية كأشخاص طبيعيين، ينطبق كذلك حول انقضائها إذا ما تعلق الأمر بأشخاص معنويين حيث تنقضي الوكالة بحل الشركة سواء أكانت في مركز الوكيل أو الموكل، أو بخضوعها لإجراءات التصفية القضائية المنصوص عليها في القسم الثالث من الباب الخامس من مدونة التجارة كما أنه إذا ما تم الحجر على الوكيل فإنه يصبح غير أهل للالتزامات الناشئة عن العقد.

بعد أن تطرقنا لمسألة انقضاء الوكالة التجارية لسبب يعود إلى طرفيها نعالج في الفقرة الثانية، إمكانية إنهاء هذا العقد بالإرادة المنفردة.

الفقرة الثانية: انقضاء الوكالة التجارية بالإرادة المنفردة لطرفيها

تنص القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 230 من ق.ل.ع على أن العقد شريعة المتعاقدين، حيث لا يجوز الإنهاء إلا بتوافق طرفي العقد، وكذا قيام عقد الوكالة التجارية على مفهوم المصلحة المشتركة حيث لا يتيح الإنهاء في حالة ما إذا أعطيت الوكالة في مصلحة الوكيل أو الغير طبقا لما جاء به الفصل 395 من مدونة التجارة، هذا كله إذا لم يثبت ارتكاب خطأ جسيم من قبل الوكيل، أو كان التوقف ناجم عن فعل الوكيل أو في حالة  قيام هذا الأخير بتفويت حقوقه والتزاماته العقدية إلى الغير، باتفاق مع الموكل،[71] ويبقى من حق الوكيل الاستفادة من التعويض وذلك خارج الحالات المشار إليها في المادة 402 من مدونة التجارة، حيث يثبت الحق في التعويض للوكيل في حالة العزل ولو كان العقد محدد المدة اعتبارا لاستفادة الموكل من الزبناء الذين كونهم الوكيل أثناء تنفيذه الوكالة، لكي لا يكون الإنهاء تعسفيا فيجب أن يكون بعذر وفي وقت مناسب[72]

إذا كان بإمكان الموكل إنهاء الوكالة بالإرادة المنفردة عن طريق عزل الوكيل مع حفظ حق هذا الأخير في التعويض، فإنه بإمكان الوكيل إنهاء عقد الوكالة التجارية وذلك بالتنازل عنها،[73] مع إلزامه بإعلام الموكل بهذا التنازل والقيام بجميع ما يلزم من أجل الحفاظ على مصلحة الموكل حتى يتولى أموره بنفسه، مع حفظ حق الموكل في التعويض إذا ما جاء هذا الإنهاء بشكل مفاجئ من شأنه الإضرار بمصالح الموكل، ولمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تقدير قيمة التعويض إذا ما استحق فعلا للموكل،[74] هذا كله إذا ما جاء هذا الإنهاء بسبب خارج عن الأعذار التي خولها المشرع للوكيل بخصوص إنهاء الوكالة التجارية من جانبه،[75] بسبب مرض أو عاهة أو بسبب سنه، هذا وتجدر الإشارة إلى أنه إذا ما تم الإنهاء من جانب الوكيل بالإرادة المنفردة خارج الأسباب المنصوص عليها في الفصل 402 من مرض أو كبر أو عاهة أصابته فإنه يسقط حقه في التعويض، مع إمكانية ترتيب تعويض على عاتقه إذا ما جاء الإنهاء من قبله في وقت غير مناسب أضر بمصالح الموكل، مع الإشارة أنه قلما يلجأ الوكيل إلى إنهاء الوكالة التجارية بإرادته المنفردة باعتبارها مصدر عيشه ورزقه.[76]

 

 

 

من  خلال ما تقدم، نخلص أن للوكالة التجارية عدة فوائد :

– تكوين قوة البيع بتكلفة أقل : إذ يختار الموكل تصريف الخدمة أو المنتوج عن طريق الوكيل فإذا ما أراد فتح فروع، فإن ذلك سيكلفه مصـاريف مهمة.

– التعرف على زبناء جدد : كون الوكلاء التجاريين يتوفرون على حقائب زبناء مما يؤدي إلى تطوير رقم المعاملات بصورة أكيدة.

– فهم السوق : فالوكيل التجاري من خلال قربه من الزبناء يعرف حاجيات السوق وتتاح له إمكانية فهم الوضعية الاقتصادية للسوق ومتطلبات الزبناء.

– المصلحة المشتركة : هذه المصلحة تبدد هاجس الخوف منذ استقلالية الوكيل التجاري لأن الهدف واحد ومشترك.

– الوكيل التجاري هو تاجر مستقل لا يخضع لأي تبعية

إلا أن الأمر الذي يطرح نفسه ونقترح على القضاء أن يتحرى في تكييف الأمر حول ما إذا تعلق الأمر بوكالة تجارية أم بعلاقة شغل مخفية .

ففي الغالب، يعمد الوكيل على تعيين أجراء على أساس أنهم وكلاء قصد اجتناب الحماية المخولة لهم قانونا كالتسجيل في صندوق الضمان الاجتماعي، والتغليط في الاحصائيات، وعلى هذا الأساس نقترح على القضاء الاعتماد على مجموعة مؤشرات لتكييف العقد على أنه عقد شغل :

– من بين التزامات الأجراء هو عدم العمل مع الشركات المنافسة

– الوكيل الصوري يحضر اجتماعات الشركة

– الوكالة التجارية حقيقية تلزم الوكيل تقديم معلومات مفصلة للموكل

– الموكل غير حقيقي يلزم الوكيل بالحضور بشكل دوري

– الوكيل المزعوم لا يتوفر على مشروع خاص به

– مجرد أن الوكيل له مداخيل بصفة دورية فإنه يعتبر أجير.

وكلما توفرت أسباب تكييف العقد على أنه عقد شغل، فإنه يؤدي إلى الاستفادة من الحماية المقررة في قانون الشغل، ك :

– التعويض عند الاعفاء من العمل

– التعويض عن الإخطار

– التعويض عن العطل المؤدى عنها

– التعويض عن الطرد التعسفي

– الاستفادة من قانون الشغل ومن قانون الضمان الاجتماعي

وأخيرا ما يمكننا آن نخرج به من هذا البحث بخصوص الوكالة التجارية ,أنها من أعمال الوساطة مثلها مثل الوكالة بالعمولة وعقد السمسرة، إلا أن كل عمل من هذه الأعمال يختلف عن الآخر.

هذا زيادة على ما تحمله هذه الوكالة من التزامات وضمانات بالنسبة لكل من الوكيل والموكل , لكن حسب ما لمسناه من خلال دراستنا لعقد الوكالة التجارية أنها تبقى ناقصة من حيث النصوص القانونية المنضمة لها , حيث انصب التنظيم القانوني لهذا العقد على كيفية تكوينها وكل ما يتعلق بتنفيذها دون إعطاء أهمية لما يتعلق بالانقضاء أو الفسخ حيث جاءت هذه المقتضيات ناقصة وضيقة , مما يتسبب في وجود الكثير من الثغرات .وبالتالي فان المشرع المغربي يحيلنا  فيما يخص المقتضيات الناقصة إلى قواعد القانون المدني خاصة ما يتعلق بعقد الوكالة المدنية .

إذن لا يسعنا إلا إن نقول بان التشريع الفرنسي كان موفقا إلى حد ما في تنظيم النصوص المتعلقة بالوكالة التجارية , إلا أن المشرع المغربي أثناء عمليات الاقتباس اغفل إدراج بعض المقتضيات القانونية في النصوص المتعلقة بهذه العقود.

 

 

 

  • الكتب:

 

  • خالد بنيس، عقد الوكالة،شركة بابل للطباعة والتوزيع، ط 1997/1998. – كرومي بوشعيب، مداخلة خلال الأيام الدراسية حول قانون الأعمال تتعلق بالوكالة التجارية على ضوء الفصول من 393 إلى 404 من م.س، الحدث القانوني رقم 7 يونيو 1998.
  • سميحة القيلوبي، شرح العقود التجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية، سنة 1996.
  • عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول علاقات الشغل الفردية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2004.
  • علي البارودي، القانون التجاري العقود وعمليات البنوك التجارية، الدار الجامعية لطباعة والنشر سنة 1991.
  • عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، العقود الواردة عن العمل، دار النهضة العربية، سنة 1964.
  • محمد لفروجي، التاجر وقانون التجارة بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى،1999.
  • محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب، الجزء الأول، 2005.
  • مصطفى كمال طه، العقود التجارية وعمليات البنوك،دار المطبوعات الجامعية، الطبعة 2002.
  • فؤاد معلال، شرح القانون التجاري المغربي الجديد، الجزء الاول، الطبعة الثالتة، مطبعة الامنية، الرباط، سنة 2009.

 

  • الرسائل:
  • رضوان عريف،الوكالة التجارية وخصوصياتها في التشريع المقارن رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة الدار البيضاء، سنة 2005-2006 .
  • المقالات:
  • أحمد أحمد الوشلي،التزامات الوكيل في القانون التجاري المغربي واليمني، مجلة القانون المغربي، عدد 3، سنة 2003 .
  • بوعبيد عباسي، الوكالة التجارية، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد38،سنة 2002 .
  • بوعبيد عباسي، مفهوم المصلحة المشتركة في الوكالة التجارية وأثرها على العلاقات بين الوكيل والموكل،المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 31، سنة 1999 .
  • عز الدين الماحي، الوكالة التجارية، مجلة كتابة الضبط، عدد 10، 2002.

[1] – محمد قزمان، الوكالة التجارية في ضوء الفقه والقضاء ص 5.

[2] – محمد لفروجي، التاجر وقانون التجارة بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى،1999،ص 129.

[3] – محمد الفروجي: التاجر وقانون التجارة بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، 1999، ص 135.

[4] – Loi n° 91-593 du 25 juin 1991 relative aux rapports entre les agents commerciaux et leurs montants.

=

= – L’art 1de la loi n 91-593 du 25juin 1991 relatifs aux rapports entre les agents commerciaux et leurs montants.
“L’agent commercial est un mandataire qui, à titre de profession indépendante, sans être lié, par un contrat de louage de services, est chargé, de façon permanent, de négocier et éventuellement de conclure des contrats de vente d’achat, de location ou de prestation de services ,au nom et pour le compte de producteurs, d’industriels de commerçants ou d’autres agents commerciaux il peut être une personne physique ou une personne morale.

Ne relèvent pas de la présente loi les agents dont la mission de représentation s’exerce dans le cadre d’activités économique qui font l’objet en ce qui concerne cette mission, de dispositions législatives particulières

[6] – بوعبيد عباسي، الوكالة التجارية، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد38،سنة 2002،ص 144.

[7] – محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب، الجزء الأول، 2005، ص 601.

[8] – محمد الفروجي، م .س، ص 137.

[9] – cour deconssation française- Arrêt commercial- 25 Octobre 1995- Bulletin civil.

– أورده محمد الفروجي، في التاجر وقانون التجارة بالمغرب، 1999.

[10] – محمد الفروجي، م.س، ص 138.

[11] – بوعبيد عباسي، مفهوم المصلحة المشتركة في الوكالة التجارية وأثرها على العلاقات بين الوكيل والموكل،المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن، العدد 31، سنة 1999،ص 102.

[12] – عز الدين الماحي، الوكالة التجارية، مجلة كتابة الضبط، عدد 10، 2002،ص 54.

[13] – عز الدين الماحي، م. س، ص 55.

[14] – فؤاد معلال، شرح القانون التجاري المغربي الجديد، الجزء الاول، الطبعة الثالتة، مطبعة الامنية، الرباط، سنة 2002، ص 102.

[15] – عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الأول علاقات الشغل الفردية، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2004، ص 397.

[16] – المادة 79 من مدونة الشغل.

[17] – عبد اللطيف الخالفي، م . س، ص 601.

[18] — عبد اللطيف الخالفي، م .س، ص 603.

[19] – خالد بنيس، عقد الوكالة،شركة بابل للطباعة والتوزيع، ط 1997/1998 ص 20.

[20] – كرومي بوشعيب، مداخلة خلال الأيام الدراسية حول قانون الأعمال تتعلق بالوكالة التجارية على ضوء الفصول من 393 إلى 404 من م.س، الحدث القانوني رقم 7 يونيو 1998، ص 10.

[21] – جكم المحمكمة التجارية  بالدار البيضاء رقم 1522 بتاريخ 05/02/2009  ملف رقم 10621/6/2008، غير منشور، انظر الملحق .

[22] – كرومي بوشعيب، م . س، ص 10.

[23] – لقد أسند المشرع المغربي تطبيق مقتضيات مدونة الشغل على الوكيل التجاري حيث لا يمكن اعتباره أجيرا وبالتالي لا يخضع للتبعية الاقتصادية والقانونية للموكل.

[24] – وهنا يمكن الحديث عن عقد الوكالة التجارية من الباطن حيث أنه بإمكان وكيل تجاري أن يوكل وكيلا تجاريا آخر حيث يتحمل الوكيل نفس الحقوق والالتزامات.

[25] – والتي عرفت الوكيل التجاري بأنه وكيل يمارس مهنة مستقلة بدون أن يكون مرتبطا بعقد شغل، ويكلف بصفة مستمرة بالتفاوض وعند الاقتضاء بإبرام عقود البيع والشراء والإيجار أو تقديم الخدمات، باسم ولحساب المنتج أو الصانع أو التاجر أو الوكلاء التجاريين الآخرين، ورد هذا التعريف في رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة تحت عنوان الوكالة التجارية في التشريع المغربي والمقارن لرضوان عريف نوقشت بكلية الحقوق بجامعة الحسن الثاني عين الشق (2005/2004) ص 34.

[26] – السؤال المطروح بهذا الخصوص هو مدى مسؤولية الشخص المعنوي عند اتخاذه صفة وكيل تجاري لمزيد من الإطلاع راجع أحمد شكري السباعي، الجزء الأول الوسيط في الشركات التجاري والمجموعات ذات النفع الاقتصادي.

[27] – راجع سميحة القليوبي، شرح العقود التجارية، مطبعة جامعة القاهرة  والكتاب الجامعي، الطبعة الثانية، سنة 1992، دار النشر النهضة العربية القاهرة، ص 143.

[28] – فصل 393 من مدونة التجارة.

[29] – باعتبار الوكيل التجاري تاجرا فإنه يخضع إلى الأحكام المطبقة على التجار من قبيل التقادم، التضامن الإثبات، وتحديد الاختصاص النوعي، ونظره الميسرة بالاضافة الى خضوعه  لقانون رقم 09/88 المعدل في تاريخ 2006 المتعلق بقانون المحاسبة الواجب على التاجر مسكها .

[30] – رضوان عريفي، م . س، ص 33.

[31] – بوعبيد العباسي،  م. س، ص 143.

[32] -الفقرة الثالثة ممن المادة 395 م م ت.

[33] – بوعبيد عباسي، الوكالة التجارية، المجلة المغربية للاقتصاد والقانون المقارن،عدد 38، سنة 2002، ص157.

[34] – للمزيد من المعلومات أنظر:

– رضوان عريف،الوكالة التجارية وخصوصياتها في التشريع المقارن رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة الدار البيضا، سنة 2005-2006، ص96.

-سميحة القيلوبي، شرح العقود التجارية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية، سنة 1996، ص 138.

[35] – علي البارودي، القانون التجاري العقود وعمليات البنوك التجارية، الدار الجامعية لطباعة والنشر سنة 1991، ص55.

[36] – حيث يذهب بعض الفقه- أحمد أحمد الوشلي-، إلى القول أن تعليمات الموكل بالنسبة لطبيعة المعاملة هي دائما أمرة، فلا يجوز لمن كلف بالبيع أن يشتري،أو أن يؤجر أو يرهن، ومتى تلقى الوكيل تعليمات أمرة، وجب عليه احترامها وتنفيذها.

أما الاتجاه الفقهي الثاني- علي البارودي-، فيرى أنه من النادر في عقد من أن يتنازل تعليمات الموكل الآمرة كالتفصيلات، وإلا فإن حاجته إلى الوكيل … تكون حينئد أقل من حاجته إلى وكيل عادي يأتمر بأوامرة دون حاجة إلى تصرف أو خبرة.

[37] – الفقرة الثانية من الفصل 903 ق ل ع.

[38] – الفصل 896 من ق . ل .ع .

[39] – وهو ما ذهبت إليه المحكمة التجارية بالدار البيضاء حكم بتاريخ 10/03/2010 ملف رقم 1967/6/2010،غير منشور “…الأصل في الوكالة منه الصلاحيات للوكيل لأجراءكل ما تقتضيه مصلحة الموكل (المدعية) وفقا لطبيعة المعاملة وعرف التجارة من قبل قبض ما هو مستحق له ودفع ديونه واتخاذ كل الإجراءات التحفيظية ورفع جعاوى الحيازة وكذا رفع الدعاوى أمام القضاء على المدنيين فإن الإثيان بما يخالف هده القاعدة هو بمثابة المسلك المفضي الى درء المنفعة وجلب المضرة للموكل …وظيفة الوكيل تلزمه ببدل عناية الرجل المتبصر حي الضمير في أدائه المهمة المكلف بها ومن تم فانة مسؤول عن الضرر اللاحق بالموكل نتيجة انتفاء هده العناية والتقاعد عن احراز مصالح الموكل والتقاعس من بدل الجهد لتنفيد خطة العمل وفقا لمقتضيات العقد أجالا ومقدارا وكفاءة …”

[40] – البند الأول من الفصل 904 من ق ل ع.

[41] – بوعبيد عباسي، من س، ص152.

[42] – للمزيد من المعلومات حول التأصيل أنظر

– علي البارودي، م. س، ص61.

– رضوان عريف، م. س، ص93

[43] – شرط الضمان الضيق يقصد به أن يضمن الوكيل التجاري تنفيذ الالتزامات المفروضة على عاتق الزبون أما شرط الضمان الواسع فيعني إضافتا إلى ضمان تنفيذ الوكيل التجار بتنفيد  الغير الالتزاماته ضمان الوكيل حسن تنفيذه وهو للعقد في مواجهة الغير. للمزيد أنظر

– رضوان عريف، م، س، ص93 وما يليها.

[44] – رأي فرناند دويدا، أورده علي البارودي، م، س، ص63. ” عيب على  هذا الرأي مركز الوكيل الضامن  أقسى بكثير من المركز الكفيل، فالوكيل الضامن ليس له حق الدفع بالتجريد،كما أنه لا يستطيع أن يدفع في مواجهة الموكل حتى  بالدفوع التي كان يمكن للغير المتعاقد قد أن يدفع بها دعوى الموكل (فيما عدا فعل الموكل).

ثم إننا نعرف الكفالة لابد أن تستند إلى مدين أصلي لأن الغير المتعاقد لا يعد مدينا للموكل.

[45] – إذ يرى الفقيه مصطفى كمال طه، أن شرط الضمان نوع من التأمين من خطر إعسار الغير المتعاقد  معه وعدم تنفيذه العقد، إذ أن الموكل يحصل بمقتضى هذا الشرط على الأمان والطمأنينة نظير قسط يتمثل في العمولة الخاصة التي يتلقاها الوكيل.

انظر مصطفى كمال طه، م.س، ص 120.

[46] – علي البارودي، م، س، ص64.

– فالمقصود هنا ليس فقط إعسار الغير، وإنما عدم التنفيذ، في كل صورة، حتى  في الحالات التي يكون فيها الغير ممنتنعا دون إعساره والموكل ليس ملزما بإثبات وقوع الخطر المؤمن ضده مقابل كما رأينا وأخيرا فليس من اللازم أي، يطلب الوكيل زيادة في العمولة مقابل شرط الضمان حتى نعتبره قسط تأمين.

ولاشك أن محاولة تفسير عقد الوكالة المقترن بشرط الضمان، على اساس العقود المسمات المعروفة، أمر لا نطمئن إلى صحته طالما أننا لا نجهل أن مصدر شرط الضمان عرفي بحث لم ينشأ حسب قواعد معينة، فيكفي إذن أن نقرر أوجه الشبه التي نلاحظها بينه وبين العقود الأخرى والواقع أن هناك جانبا كبيرا من الصحة  فيما يقوله بعض الفقهاء من أنه إذا لم يكن من الممكن أن نعتبر شرط الضمان تأمينا من الناحية القانونية فانه يعتبر تامينا من الناحية النفسية البحثة.

[47] – سميحة القليوبي، شرح العقود التجارية، دار النهضة العربية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب لجامعي، الطبعة الثانية، سنة 1992، ص73.

[48] – علي البارودي، م. س، ص65.

[49] – مصطفى كمال طه، العقود التجارية وعمليات البنوك،دار المطبوعات الجامعية، الطبعة 2002، ص99.

[50] – الفصل 908 من ق ل ع.

[51] – من وجهة نظرنا نرى أن الوكيل التجاري لو أنه وسيط تجاري يقوم بأعمال الوساطة إلا أنه قد يحتاج لممارسة أعماله في بعض الأحيان إلى وسيط تجاري من نوع أخر وهو السمسار لكي يقوم بتقريبه من تجاز آخرين أو مستهلكين ليبرم معهم الصفقات ودون أن يكون ذلك توكيلا من الباطن وبالتالي فان العملية التجارية ستتم عن طريق نوعين من أعمال الوساطة التجارية.

[52] – علي البارودي، م. س، ص67

[53] – أحمد أحمد الوشلي،التزامات الوكيل في القانون التجاري المغربي واليمني، مجلة القانون المغربي، عدد 3، سنة 2003، ص16

[54] – بوعبيد عباسي، م، س، ص153.

[55] – بوعبيد عباسي، م. س، ص 175

[56] – سميحة القيلوبي، م. س، ص 134-135.

[57] – مصطفى كمال طه، م. س، ص101.

[58] – رضوان عريف، م.س، ص 125

[59] – سميحة القليوبي، م.س، ص 133

[60]– بوعبيد عباسي، م. س، ص 153.

[61]– محمد الكندري، لتوسع انظر رضوان عريف، م . س، ص 116 -117

[62]– سميحة القليوبي، م. س، ص 132

– [63] – تقابل هذا الفصل في القانون الفرنسي المادة 2003 من ق.م.ف والمادة 714 من القانون المدني المصري.

1-الفقرة الأخيرة من المادة396 من مدونة التجارة.

[65] – المادة 396 من مدونة التجارة في فقرتها الثانية.

[66] – الفقرة 5 من الفصل 929 ق.ل.ع .

[67] – الفصل 941 ق.ل.ع.

[68] – عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، العقود الواردة عن العمل، دار النهضة العربية، سنة 1964،ص 656.

[69] – قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، بتاريخ 27/7/2009، قرار رقم 4276/2009، غير منشور، انظر الملحق .

[70] – الفصل 939 من ق.ل.ع

[71] – الفصل 402 من مدونة التجارة.

– لكي تقضي المحكمة باعتبار الإنهاء يجب أن يكون ما يثبت العلاقة بين الوكيل والموكل، أي أن هذه العلاقة  في إطار الوكالة التجارية[72]

أنظر: حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء، رقم 1522 بتاريخ 2009/2/5 ملف تجاري عدد 10621/6/2008، غير منشور

قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، رقم 4276/2009 بتاريخ 2009/7/27، ملف تجاري عدد 5880/2008/14، غير منشور

[73]-الفصلين 929 و 935 ق.ل.ع.

[74] – الفقرة 2 من الفصل 942 ق.ل.ع.

[75] – المادة 402 مدونة التجارة.

[76] – رضوان عريف مرجع سابق ص 149.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى