لجنة النظر في المخالفات الجبائية الولادة العسيرة – بقلم:المختار السريدي
لجنة النظر في المخالفات الجبائية
الولادة العسيرة
بقلم:المختار السريدي
متخصص في المنازعات الضريبية
في زمن استفحل فيه التهرب الضريبي ، وتفاقمت فيه المخالفات الجبائية بشكل بشع ، وتفنَّن فيه المخالفون في تزوير وتزييف الفاتورات والوثائق المحاسبية وإصدارها وتسليمها وتقديمها وبيعها أو إخفائها وإتلافها وتغيير حقائقها وما يرافق ذلك من اختلاسات وتدليسات وتلاعبات واحتيالات ، تركت آثارها واضحة على مالية الدولة وعلى الإقتصاد الوطني ، صار من اللازم على الإدارة صاحبة الشأن أن تبعث الروح في لجنة النظر في المخالفات الجبائيةCommission des infractions fiscales التي تم إحداثها منذ ما يقرب من عقدين من الزمن ، وذلك قصد إيقاف هذا النزيف و الضرب بقوة على يد كل من قد تسول له نفسه التلاعب بالبلاد والعباد والإضرار بالمصلحة العامة والمال العام .
ويقصد بالمخالفة الجبائية حسب ما هو مبين في المادتين 192 و231 من المدونة العامة للضرائب ، كل مخالفة ثبتت أثناء مراقبة ضريبية في حق كل شخص طبيعي ارتكبها أو كل مسؤول ثبت أن المخالفة ارتكبت بموافقته أو بتعليمات منه أو كل من ساهم أو ساعد في ارتكابها أو أرشد الأطراف إلى ذلك ، قصد الإفلات من الخضوع للضريبة أو التملص من أدائها أو استرجاع مبلغها كليا أو جزئيا بغير وجه حق أو تمكين الغير من ذلك ، وذلك باستعمال الوسائل التالية:
– إصدار أو تسليم أو تقديم فاتورات صورية .
– تقديم تقييدات محاسبية مزيفة أو صورية .
– بيع بدون فاتورات بصفة متكررة .
– إخفاء أو إتلاف وثائق المحاسبة المطلوبة قانونيا .
– اختلاس مجموع أو بعض أصول الشركة أو الزيادة بصورة تدليسية في خصومها قصد افتعال إعسارها .
و يتم إثبات هذه المخالفات بموجب محضر قانوني يحرره مأموران محلفان تابعان لإدارة الضرائب من درجة مفتش على الأقل أو ما يعادل ذلك يتم انتذابهما لهذا الغرض ، و يعاقب مرتكب إحدى هذه المخالفات زيادة على الغرامة المحددة من خمسة آلاف(5000) إلى خمسين الف (50000) درهم بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر وفقا للمقتضيات الواردة بالمادة 192 من المدونة العامة للضرائب المتعلقة بالجزاءات الجنائية على المخالفات الضريبية والمادة 231 المتعلقة بالمسطرة المتبعة في تطبيق هذه الجزاءات .
و باسثناء مخالفة ” إصدار فاتورات صورية ” كما هو مشار إليها أعلاه ، فإن باقي المخالفات الأخرى يوجب المشرع الضريبي على وزير المالية أو الشخص المفوض له من طرفه في ذلك أن يعرضها على سبيل الإستشارة إلى لجنة تسمى ” لجنة النظر في المخالفات الضريبية ” ، و هي لجنة استشارية تتألف من خمسة أعضاء يعينون بقرار لرئيس الحكومة و هم :
– قاضي رئيس .
– ممثلين إثنين للإدارة ، يتم اختيارهما من طرف إدارة الضرائب .
– ممثلين إثنين للخاضعين للضريبة، يتم اختيارهما من القوائم التي تقدمها المنظمات المهنية الأكثر تمثيلا .
ويجوز لوزير المالية أو الشخص المفوض له في ذلك بعد تقديم الإستشارة من طرف هذه اللجنة ، أن يحيل محضر المخالفة على وكيل الملك المختص التابع له مكان ارتكابها قصد توقيع الجزاءات الجنائية المنصوص عليها في المادة 192 أعلاه ، باستثناء مخالفات ” إصدار فاتورات صورية ” التي تحال مباشرة – ودون الحاجة إلى استشارة اللجنة – على وكيل الملك المختص مكانيا ، ويجب على هذا الأخير أن يحيل جميع الشكايات المعروضة عليه على قاضي التحقيق قصد استكمال باقي الإجراءات القانونية .
الآن و قد مرَّ ما يقرب من عقدين من الزمن على إحداث هذه اللجنة القديمة الجديدة كما سلف القول ، ولازال لم يصدر بعد أي نص تنظيمي يحدد تنظيمها وتسييرها ، و اكتفاء الإدارة بتوقيع جزاءات جبائية على المخالفين الذين يتم ضبطهم عند كل مراقبة ضريبية ، فإننا نطالب ومع استفحال وتزايد المخالفات من هذا النوع بضرورة إحياء الروح في هذه اللجنة وإصدار قانون تنظيمي يرسم حدود تدخلها وصلاحياتها ،بل أكثر من ذلك فإننا نطالب بأن يتدخل المشرع الجبائي قصد تقوية اختصاصات مفتشي الضرائب المحققين في ضبط المخالفات الجبائية وتحرير محاضر قانونية في شأنها وإحالتها على المحاكم قصد توقيع الجزاءات الجنائية الملائمة لها دونما حاجة إلى وساطة أو استشارة لجنة معينة ، أسوة بالعديد من الموظفين المحلفين الذين يتولون إنجاز محاضر وإحالتها على العدالة لتقول كلمتها فيها كما هو الشأن بالنسبة لمأموري إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ومأموري الوكالة الوطنية للمياه والغابات ومختلف ضباط الشرطة القضائية سواء من ذوي الإختصاص العام أو الإختصاص الخاص الذين يتعاملون مع المحاكم مباشرة كل فيما يخص المهام الموكولة إليه . انتهى