مقالات قانونية

امتدادات المجتمع المدني

 

091815_2328_1.jpg

“امتدادات المجتمع المدني”

الدكتورمحمد البكوري
باحث في الحكامة و المجتمع المدني .

ان المجتمع المدني مافتئ يعرف امتدادات و ظيفية متعددة و اكتساحات مجالية متنوعة و اختراقات فضائية مختلفة، تغني رصيده المعرفي كمفهوم وتنظير، كما تثري بعده الغائي كممارسة وتنظيم .ان كل ذلك ،يرسم وفق اواليات منهجية بالاساس ،معالم نسق شمولي، يمكن تسميته بالغائية الوظيفية ،وهو النسق الجمعي-التجميعي – التركيبي- البنيوي ،القائم على العديد من الاسس التي تمتح تواجداتها من واقع و رهانات هيات و مؤسسات المجتمع المدني ، كما أنه يشكل النسق الاكثر تمظهرا في مختلف المعايير و المؤشرات المعتمدة -الكمية والكيفية- على مستوى تيبولوجية تصنيف الفاعل المدني . اولا: الوظيفة الوسائطية :تمثل الجوهر العميق لوظائف المجتمع المدني . مما يجعل مفهوم المجتمع المدني في حد ذاته مفهوما وسائطيا بامتياز . وعبر ذلك يتسم الانتماء لتنظيمات هذا المجتمع عن سائر أنواع الانتماءات بتوحد الروابط التشغيلية للاليات الوسائطية/التعاقدية و القدرة الفائقة على مواءمة استخدام هذه الروابط وضمان فاعليتها وفعاليتها في التكيف الايجابي مع مختلف الفضاءات التي يعبر من خلالها المجتمع المدني عن وسائطيته :الدولة، المدرسة ،الاسرة ،الشارع … ثانيا: الوظيفة التفسيرية : في اطار تداخل متماهي، يمكن القول أن كل تفسير هو وظيفة و كل وظيفة هي تفسير. وهنا، ينبثق الارهاص التفسيري للمجتمع المدني على مستوى مختلف تجليات و ظواهر الحياة السياسية ،الاجتماعية ،الاقتصادية والثقافية وكذا على مستوى الهويات المتعددة للفاعل المدني : هوية تشاركية ،هوية تابعة، هوية مستقلة. ومن ثم، فالتفسير ينصب على تحليل الابعاد الظاهرة و المضمرة لهذه الهويات وجعلها تخترق هويات منتسبيه وهويات المجتمع الكائن في أحشاءه . ثالثا: الوظيفة التقريرية : أي التمكن من أخذ زمام المبادرات و القدرة على المساهمة في صناعة القرارات وبلورة الاستراتيجيات وصياغة المشروعيات ، في اطار ما يمكن أن نسميه “التصديق المشرعن “لمختلف الخطوات و الاجراءات و الممارسات التي يمكن أن يقوم بها كل عنصر من عناصر الحكامة ،وعلى رأسها الدولة . رابعا: الوظيفة التنبيهية: أو مايمكن أن نطلق عليه و ظيفة “قرص شحمات الاذنأ” و وظيفة “وخز الابر” ، وهي وظيفة تطويرية لادراكات مختلف مكونات الحكامة، فيما يخص مستويات وأحجام ودرجات التحولات و التغييرات المؤثرة في المجتمعات و التحفيز الايجابي على التفكير الاستباقي في ايجاد الاجابات الضرورية للاشكاليات المطروحة، وعبرها الاستجابة الانية و المستمرة للمطالب المجتمعية الملحة . خامسا :الوظيفة الاقتراحية : مع اندحار أو شبه اندحار لمقولات من قبيل “دولة رعاية”،”دولة عناية” ،” الحضور الكثيف للدولة” اضحت مؤسسات المجتمع المدني تعرف غائية اقتراحية قوية ومتطورة ،جعلت منها صمامأ مام للمشاريع و البرامج التنموية ، والمنطلق المرجعي لمعظم مدخلات Out Putsالسياسات العمومية ،و المؤثر الرئيسي في تغذيتهاالارجاعيةFeedback،و المبلور الاساسي لمخرجاتهاInPuts-القرارات- ،مما يجعل الاقتراح أداة طيعة في يد المنظمات المدنية ،لابراز كينونتها الوظيفية في شموليتها . سادسا: الوظيفة التضامنية: و هي الوظيفة التي تعد نتاجا خالصا لتفاعلات مكون المجتمع المدني مع المجتمع ككل، بمختلف شرائحه الاجتماعية وتياراته الفكرية و انتماءاته الفئوية وهو التفاعل ،الذي تفرضه العديد من المحطات و اللحظات التضامنية ،التي تستلزم و بعمق مفعم بالانسنة ،الحرص على تعاضد اللحمة المجتمعية و تماسك البنيان الاجتماعي وخلق روابط انسانية متجذرة في الانسان كانسان . سابعا: الوظيفة التنموية :تعتبر الوظيفة التنموية الجيل الجديد و المتطور لوظائف المجتمع المدني .و هي، وان نشأت و ترعرعت و نضجت نتيجة عدة عوامل – ايديولوجية بالاساس- فهي تبقى مع ذلك ، من أرقى الوظائف الناجمة عن التحولات البشرية ،التي تحتفي بالانسان وتمجد كينونته . فالمجتمع المدني، و عبر هذه الوظيفة ،يؤكد انخراطه الدائم و المستمر ،الريادي و الفعال في الصيرورة التنموية ،التي تضع نصب أعينها كابرز غائياتها ، الارتقاء بمنظومة الفعل الانساني وجعل الفرد يتملك الخيارات الاوسع لتطوير وضمان استمرارية جوهره الذاتي الخلاق . عموما ان بلورة مجمل نطاقات الغائية الوظيفية أو امتدادات المجتمع المدني- الاستخدامات و التوظيفات – ستمكن مفهوم ومكونات المجتمع المدني من الانفتاح الانجع على جملة من المفاهيم القادرة على جعل مفهوم المجتمع المدني مفهوما “مواءما” ، وعلى رأسها المفهوم الاكثر استعمالا و استخداما في الوقت الحالي وهو مفهوم الحكامة.

 



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى