في الواجهةمقالات قانونية

حالة الطوارئ الصحية بين مقتضيات الحفاظ على الصحة العامة والتزام حقوق  الانسان وحرياته الاساسية –   محمد  امجاهدي 

 

عنوان البحث :
حالة الطوارئ الصحية بين مقتضيات الحفاظ على الصحة العامة والتزام حقوق  الانسان وحرياته الاساسية
اسم الباحث :
  محمد  امجاهدي 
 طالب باحث في سلك الدكتوراه، بمختبر الدراسات السياسية والقانونية لدول البحر الأبيض المتوسط.
 
 

مقدمة

إن اصل الدولة أن تعيش في حالة من الإستقرار والسلم العام ، تنظمها وتحكم علاقاتها في هذه الظروف العادية مجموعة من القواعد الدستورية والقانونية، بالإضافة للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تتلاءم مع الظروف العادية التي يعيشها المجتمع ، لكن حياة الدولة لا تسير على وثيرة واحدة دائما وانما تتخللها بين الحين والاخر ظروف استثنائية كالحروب والفتن والكوارث الطبيعية والاوبئة وغيرها .وهذه الظروف الطارئة الغير متوقعة قد تشكل درجة كبيرة من الخطورة للدولة يهدد امنها وسلامة مواطنيها. لذلك تحتاج السلطة التنفيذية باعتبارها المؤسسة المخول إليها دستوريا الحفاظ على الامن العام وسلامة الافراد لاختصاصات وصلاحيات استثنائية لمواجهة الحالة الطارئة الغير متوقعة.

وبما أن السلطات الممنوحة للسلطة الادارية تتأسس في الظروف العادية على القواعد العادية والتي لا تتناسب إلا للأحداث العادية الموضوعة من اجلها ،واذا تم تطبيقها على الاحداث الطارئة من شأنه ان يحث هوة بين القواعد القانونية الموجودة والواقع الطارئ الغير متوقع مما يجعل الامن العام للدولة وسلامة الافراد في خطر كبير ،لذلك كان من اللازم على الدولة ان تتجاوز القواعد العادية التي تتأسس على المشروعية العادية ، الى قواعد استثنائية تتأسس على مشروعية استثنائية فرضتها ظروف طارئة غير متوقعة.

وقد اطلق الفقه على هذه الظروف الاستثنائية ما يسمى ب “نظرية الظروف الاستثنائية” التي تعرف في الواقع عدة تطبيقات من بينها حالة الحصار والحالة الاستثنائية وحالة الطوارئ ، اذ تسمح كلها للدولة بالقيام بكل اجراء واستعمال اي وسيلة تكون كفيلة بإرجاع حالة الدولة الى ما كانت عليه قبل حدوث الظرف الطارئ، ومن خلال هذا التعريف نستقي أن حالة الطوارئ الصحية التي أقرتها المملكة المغربية -وإن لم يتم التنصيص عليها صراحة في الدستور المغربي- إلا أن فكرة المساس بالسلامة المجتمعية للمواطنات والمواطنين، وكذلك المس بالأمن المجتمعي للأمة بصفة عامة، يفضي إلى إعلانها.

وهنا نطرح التساؤلات التالية : ما هو الاساس القانوني لحالة الطوارئ الصحية؟ ماهي اثار حالة الطوارئ الصحية على الحقوق والحريات العامة ؟هل تطبق حالة الطوارئ الصحية على الاطلاق دون قيود ام توجد ضوابط لها من شأنها حماية الحقوق والحريات الاساسية للفرد؟

جميع هذه التساؤلات سيتم الاجابة عنها من خلال هذا البحث .

المبحث الاول : الاساس القانوني لحالة الطوارئ الصحية

لقد نظم المشرع المغربي حالة الطوارئ الصحية بموجب مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020) المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و الاجراءات الاعلان عنها، والمرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19،واستند في ذلك على عدة نصوص تشريعية دولية (المطلب الاول)ووطنية( المطلب الثاني) ­للإضفاء الشرعية عنها.

المطلب الاول : التنظيم القانوني لحالة الطوارئ الصحية على المستوى الدولي

حالة الطوارئ نظام قانوني ، يتقرر بمقتضى نصوص قانونية تتمثل في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية العادية ( الفرع الاول )وفي اللوائح الصحية العالمية (الفرع الثاني)، بحيث تمارس وفق لضوابط نصت عليها هذه القوانين.

الفرع الاول : المعاهدات والاتفاقيات الدولية

مما لا شك فيه أن المعاهدات الدولية أصبحت تنظم الحياة القانونية داخل الدولة وذلك بسبب دخولها في كثير من المجالات التي كانت في وقت سابق حكرا على قواعد القانون الداخلي. فالدول اصبحت ملزمة بالأخذ بهذه الاتفاقيات والمعاهدات بعد المصادقة عليها وتضمينها داخل تشريعاتها الوطنية واكثر من ذلك هي ملزمة بجعلها تسمو على جميع قوانينها الداخلية. وهو ما اخذ به الدستور المغربي لسنة 2011 اذ نجد ان المغرب اخذ بسمو الاتفاقات الدولية على التشريعات الوطنية  حيث نص في تصديره بشكل صريح وواضح على “جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة ، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه  تلك المصادقة”[1].

وبالرجوع للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب نجد انها نصت على مجموعة من المقتضيات التي تهم حالة الطوارئ ومنها الفقرة الاولى من المادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي نصت على انه “في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي”[2].ونص هذا العهد كذلك في الفقرة الثالثة من المادة 12 على انه “لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينص عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد”[3].واقر الاعلان العالمي لحقوق الانسان في الفقرة الثانية من المادة 29 انه “لا يُخضع أيُّ فرد، في ممارسة حقوقه وحرِّياته، إلاَّ للقيود التي يقرِّرها القانونُ…”[4].

ويتبين من خلال النصوص السابقة الذكر ان حالة الطوارئ التي تستوجب على الدولة اتخاذ تدابير من شانها ان تخولها بان لا تتقيد بالالتزامات المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية في وثيقة العهد الدولي ونصوص الاعلان العالمي لحقوق الانسان هي تلك الحالة الاستثنائية الطارئة والتي تبلغ من الخطورة ما يهدد حياة الامة، شريطة ان تكون الاجراءات المتخذة اثناء فرض حالة الطوارئ اجراءات محدودة بقدر ما تفرضها الضرورة الملحة.

وعليه فإن النصوص الدولية المتعلقة بحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية رعت الوضعية الاستثنائية التي تمر منها الدول وحددت كيفية ممارسة الحقوق فيها وسمحت بفرض قيود استثنائية تماشيا مع الطبيعة الاستثنائية التي تطبق فيها.

الفرع الثاني : اللوائح الصحية الدولية

تشكل اللوائح الصحية الدولية إحدى أبرز مظاهر التزام منظمة الصحة العالمية في مكافحة الامراض والمساعدة على مجابهتها. وقد تم إقرارها من قبل جمعية الصحة العالمية في عام 1951 ،وبعدها أقرت جمعية الصحة العالمية الرابعة اللوائح في عام 1969 ،التي عدلت في عام 1973 وفي عام 1981 .ولقد كان ذلك في الاساس من أجل تقليل عدد الامراض الخاضعة للحجر الصحي من ستة أمراض إلى ثالثة أمراض (الحمى الصفراء والطاعون والكوليرا )مع تسجيل استئصال الجدري من العالم[5].

ونظرا للتطورات التي يشهدها العالم فيما يخص حركة السفر عبر العالم وانتعاش التجارة الدولية وظهور العديد من المخاطر الصحية كان من اللازم تنقيح اللوائح الصحية الدولية المعتمدة سنة 1969 تنقيحا جوهريا .وهو ما دعت إليه جمعية الصحة العالمية في مؤتمرها الثامن والاربعون في عام 1990. وفي 23 ماي 2005 ،تم إقرار اللوائح الصحية الدولية (2005 )في جمعية الصحة العالمية الثامنة والخمسين بعد التشاور مع مختلف شركائها وموافقة اعضائها، على أن يبدأ نفاذ هذه اللوائح المنقحة الجديدة في 15 يونيو 2007 بالنسبة إلى جميع الدول الاعضاء.

وعليه اصبحت اللوائح الصحية الدولية لسنة 2005،  اتفاقاً قانونياً دولياً ملزماً، وافق عليه 196 بلداً من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية. وتهدف إلى مساعدة المجتمع الدولي على الوقاية من المخاطر الصحية العمومية المحدقة بها ،التي يمكن ان تنتقل بين الدول وتشكل تهديد للمجتمع الدولي، وعلى الاستجابة لهذه المخاطر. ويتمثل دور اللوائح الصحية الدولية في منع انتشار المرض على المستوى الدولي والحماية منه ومكافحته ومواجهته باتخاذ تدابير في مجال الصحة العمومية على نحو يتناسب مع المخاطر المحتملة المحدقة بها ويقتصر عليها مع تجنب التدخل غير الضروري في حركة المرور الدولي والتجارة الدولية[6].

ولهذا الغرض تعمل الدول الاعضاء داخل منظمة الصحة العالمية على انشاء مراكز اتصال وطني معني باللوائح الصحية الدولية، وتعين السلطات المسؤولة بتنفيذ التدابير الصحية المتخذة بموجب اللوائح الصحية الدولية [7].وتكون هذه المراكز الوطنية ملزمة بتقديم معلومات وتقارير حول اي حدث غير متوقع او غير عادي على اراضيها ،بغض النظر عن منشئه او مصدره ، الذي يمكن ان يشكل طارئة صحية عمومية[8] تثير قلقا دوليا. وأن تستجيب على النحو السليم للتدابير التي توصي بها منظمة الصحة العالمية، وأن تتعاون مع الدول الأطراف الأخرى ومع منظمة الصحة العالمية على تنفيذ هذه اللوائح[9].

وفي حالة اخطار منظمة الصحة العالمية بوقوع حدث يشكل طارئة صحية عمومية تسبب قلقاً دولياً بناءا على معايير محددة[10]، فإن الدول الاعضاء تصبح مطالبة بمقتضى اللوائح الصحية الدولية بأن تستجيب فوراً لمقتضيات هذه الطارئة إذا طلب منها ذلك. وبناءً على التفاصيل المحددة لكل طارئة، يوصي المدير العام للمنظمة بالتدابير التي يتعين أن تنفذها الدولة المتأثرة والدول الأخرى. وهذه التوصيات تكون اما مؤقتة او دائمة تقدم إلى الدول ثم تنشر على الملأ. وبعد ذلك يمكن تعديلها أو إلغاؤها حسب الأدلة[11]. ويراعي الامين العام عند اصدار التوصيات اراء الدول الاطراف المعنية وراي لجنة الطوارئ والقوانين والمعايير الدولية ذات الصلة[12] .

وعليه فإن الإبلاغ عن الأحداث على نحو شفاف وفي الوقت المناسب وتقييم الأحداث بالتعاون بين الدولة المعنية ومنظمة الصحة العالمية ،والتزام الدول بتوصيات المنظمة وتطبيقها بجميع الوسائل بما في ذلك فرض حالة الطوارئ الصحية ، من شانه ان يحد من انتشار الامراض والسيطرة عليها.

المطلب الثاني : التنظيم القانوني لحالة الطوارئ الصحية على المستوى المحلي

ان الحديث عن حالة الطوارئ الصحية مرتبط أساسا بالتزامات المغرب الدولية وفق الاتفاقيات المصادقة عليها ووفق المقتضيات الدستورية من جهة (الفرع الاول)، ومن جهة أخرى فإن القوانين الوطنية ذهبت في اتجاه محاربة الأمراض والأوبئة حفاظا على الصحة العامة ويتجلى ذلك من خلال العديد من النصوص الخاصة والعامة (الفرع الثاني).

الفرع الاول : المقتضيات الدستورية المؤطرة لحالة الطوارئ الصحية

يعتبر قرار اعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب نتيجة تفشي فيروس كورونا ، اجراء استثنائي لم يسبق للمغرب الاعلان عنه، باعتبار ان الحالة الاستثنائية الوحيدة المعلن عنها سنة 1965 تختلف اشد الاختلاف عن حالة الطوارئ الصحية .لذلك خلق هذا الاعلان عدة اشكالات قانونية ، ومنها الاشكال المتعلق بالسند الدستوري لحالة الطوارئ الصحية ؟.

بالرجوع لدستور المملكة الصادر في 29 يوليوز لسنة 2011 نجد ان المغرب اخذ بسمو الاتفاقات الدولية على التشريعات الوطنية  حيث نص في تصديره بشكل صريح وواضح على “جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة ، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه  تلك المصادقة”[13].

فإنخراط المغرب الفعال في المنظومة الدولية ومصادقته وانضمامه للعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما فيها اللوائح الصحية الدولية، وجعلها تسمو على التشريعات الوطنية كان نتيجة ايمانه بكون هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تشكل للمغرب كسبا ديمقراطيا كبيرا وانخراطا فعالا في احترام حقوق الانسان.

وبإعتبار المغرب عضوا داخل منظمة الصحة العالمية، والذي صادق على اللوائح الصحة الدولية بموجب ظهير شريف رقم 1.09.212 صادر في 7 ذي القعدة 1430 (26 أكتوبر 2009)، ونشر بالجريدة الرسمية في 17 ذو القعدة 1430 (05 نونبر2009)،كان لزاما عليه في حالة وجود حالة طوارئ صحية عمومية تثير قلقا دوليا الاخطار بوقوعها واتخاذ الاجراءات من اجل الحد منها او القضاء عليها.

بالإضافة لكون اعلان حالة الطوارئ الصحية قرار جاء بناءا على الوفاء بالالتزامات الدولية للمغرب المصادق عليها وطنيا والمنصوص عليها دستوريا، نجد ان المشرع المغربي استند  في قراره بإعلان حالة الطوارئ الصحية على نصوص دستورية اخرى من قبيل الفصل 21 الذي منح للسلطات العمومية ان تتخذ اجراءات استثنائية من اجل الحفاظ على السلامة الجسدية للسكان وحماية ممتلكاتهم وسلامة التراب الوطني ككل [14]، والفقرة الاخيرة من الفصل 24 التي نصت على ان حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه والخروج منه والعودة اليه مضمونة للجميع الافراد بدون استثناء لكن وفقا للقانون الصادر عن السلطة المعنية[15]. فالإضافة الى هذه الفصول هناك الفصل 90 الذي منح للسلطة الحكومية السلطة التنظيمية والادارية لفرض الاجراءات الحمائية الاستثنائية[16] ، واستعانت السلطة الحكومية كذلك بالفصل 81 ، الذي يخولها صلاحية إصدار مراسيم قوانين، باتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين .الى حين عرضها على البرلمان من اجل المصادقة النهائية عليها[17].

ويمكن الاشارة الى ان حالة الطوارئ الصحية تختلف اشد الاختلاف عن حالة الاستثناء المنصوص عليها في الفصل 59 ، وعن حالة الحصار المنصوص عليها في الفصل 74، سواء من خلال طرق الاعلان عنها او للأثار الناتجة عنها وهو ما سيتم التطرق اليه بتفصيل بعد تبيان الاساس القانوني لحالة الطوارئ الصحية في التشريع العادي.

الفرع الثاني : التشريع العادي لحالة الطوارئ الصحية

يتلخص إعلانُ حالة الطوارئ الصحية في منح صلاحيات استثنائية للسلطات العمومية من اجل حماية الساكنة من مخاطر صحية محدقة بها لذلك تلجأ الحكومة ضمن التدابير الاستثنائية المستعجلة الى استصدار مجموعة من المراسيم والقرارت ولأوامر هدفها الحفاظ على الامن الصحي بالبلاد.

اولا – مرسوم قانون سن احكام حالة الطوارئ الصحية

دخل مشروع مرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها حيز التنفيذ ، بعدما تمت المصادقة عليه من قبل كل من لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، ولجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، ونشره بالجريدة الرسمية يوم 24 مارس 2020،وذلك بناء على الفصول 21 و 24 (الفقرة 4) و 81 من الدستور ، وعلى اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية .

لقد اعلنت الحكومة على مشروع قانون يسن احكام حالة الطوارئ الصحية بناءا على الفصل 81 من الدستور الذي يفيد انه “يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية …”.وبالتالي ونظرا للظروف الاستثنائية المستعجلة كان من اللازم على الحكومة ان تستعجل باتخاذ هذا التدبير لما يشكله من حماية لسلامة السكان وممتلكاتهم، وسلامة التراب الوطني[18].وكذلك كإجراء لفرض الحجر الصحي على المواطنين لما يشكله من حد لحرية التنقل.

وخول هذا المرسوم بقانون الحكومة بإعلان حالة الطوارئ الصحية عندما تقتضي الضرورة ذلك بموجب مرسوم يحدد فيه النطاق الترابي لتطبيقه، ومدة سريان مفعوله، والإجراءات الواجب اتخاذها ،وذلك بناءا على اقتراح كل من وزير الداخلية ووزير الصحة ، حيث تخول للحكومة خلال هذه الفترة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة الحالة الصحية الاستثنائية بموجب مقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات بهدف الحد من الحالة الوبائية للمرض وضمان سلامة الاشخاص وممتلكاتهم شريطة ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين[19].

واعلان عن حالة الطوارئ الصحية  يكون إما بمجموع ربوع المملكة او في جزء منها ، ويمكن ان يتم تمديد حالة الطوارئ الصحية  بمرسوم إذا رأت السلطتين الحكوميتين المكلفتين بالداخلية والصحة ان هذا التمديد ضروري للحفاظ على سلامة وامن السكان[20].

من جهة أخرى،  فقد جرم المرسوم بقانون كل فعل مخالف لقرار من قرارات السلطات العمومية أو أوامرها، وحددت لكل مخالف عقوبة الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة تتراوح بين 300 و1300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد[21].

وهكذا فإن مرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، وضع الاطار القانوني لعمل السلطة التنفيذية اثناء فرض حالة الطوارئ الصحية ،وقيد عملها بمجموعة من الاحكام التي يجب اتباعها في حال حدوث تهديد للأمن الصحي للبلاد ، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.

ثانيا- مرسوم اعلان حالة الطوارئ الصحية

لقد سبق اعلان حالة الطوارئ الصحية بمرسوم رقم 2.20.293 بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا، من طرف الحكومة ، اصدار مرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها ، حيث نص في مادته الثانية على ان اعلان حالة الطوارئ الصحية تتم بمرسوم  باقتراح من السلطتين الحكومتين المكلفتين بالداخلية والصحة ويتخذ  بالمجلس الحكومي ، بإعتبار ان هذا المجلس هو المخول اليه دستوريا حسب الفصل 92 من الدستور، النظر في المراسيم التنظيمية التي يمكن يصدرها رئيس الحكومة او يفوضها لوزرائه اثناء مماستهم للسلطة التنظيمية المخولة اليهم طبق الفصل 90 من الدستور المغربي لسنة 2011.

وينص مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا ،على مجموعة من التدابير للحد من تفشي هذا الوباء ،حيث الزمت المادة الثانية من هذا المرسوم  على عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، طبقا لتوجيهات السلطات الصحية، ومنع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالات الضرورة القصوى، والتي حددها المرسوم في التنقل من محل السكنى الى مقرات العمل المحددة من قبل السلطات الادارية المختصة ،او التنقل لأسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة ،او بهدف الاستشفاء والعلاج ، اومن أجل اقتناء الأدوية والمنتجات والسلع الضرورية للمعيشة .كما منع هذا المرسوم اي تجمع او تجمهر او اجتماع لمجموعة من الناس قد يهدد الصحة العامة ويؤدي الى تفشي الوباء بشكل اكثر. إضافة إلى إغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة[22].

ومن اجل التنفيذ الجيد لبنود مرسوم اعلان حالة الطوارئ الصحية ،و حفظا على النظام العام الصحي أوكل لولاة الجهات وعمال العمالات والاقاليم ، اتخاذ تدابير تنفيذية تستلزمه حالة الطوارئ الصحية المعلنة، كل في حدود اختصاصاته والى غاية انتهاء حالة الطوارئ الصحية المحددة حسب المرسوم في يوم 20 أبريل 2020، على الساعة السادسة مساء، وذلك من أجل مواجهة تفشي فيروس “كورونا”[23].

وتجد الاشارة الى ان بلاغ وزارة الداخلية الذي اعلن من خلاله حالة الطوارئ الصحية ،وتقييد الحركة في البلاد يوم 20 مارس 2020  ابتداء من الساعة السادسة مساءا، بالرغم من كونه تأسس على مرجعية قانونية تمثلت في اللوائح الصحية الدولية[24] ، وعلى المرسوم الملكي رقم 554.65 بمثابة قانون[25]،

لكن  الطريقة التي اعلن من خلالها عن حالة الطوارئ الصحية ، اثارت الكثير من النقاش حيث كان يفترض من الحكومة ونظرا لخطورة الحدث الاستثنائي وما يتبعه من اتخاذ تدابير استثنائية تخالف القواعد القانونية العادية ، ان تضع القرار الاداري التي اعلنت من خلاله عن فرض حالة الطوارئ الصحية في قالب قانوني ، وبالتالي تضفي عليه الشرعية القانونية ،وهو ما تم تداركه بالفعل بمرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.

المبحث الثاني: اثار حالة الطوارئ الصحية على الحقوق والحريات وضمانات حمايتها

إن اتساع نطاق الحريات العامة يصعب من التمييز بين الحريات الفردية والحريات الجماعية، الا أنه رغم ذلك يمكن القول أن الحريات الفردية هي تلك الحريات المتعلقة بشؤون حياة الفرد الخاصة واللصيقة بشخصه وذاته. أما الحريات الجماعية فهي الحريات الخاصة بالفرد في حياته المدنية وعلاقته مع الأفراد الآخرين داخل محيط اجتماعي معين .[26]

وعرفت الحريات العامة تطورا ملحوظا في ظل النصوص المتعددة والمنظمة لها سواء على المستوى الدولي اوالاقليمي او المحلي ، واكدت جميعها على الزامية احترام حقوق وحريات الاشخاص، لكن في المقابل اجازت اغلب المعاهدات والصكوك الدولیة والاقليمية وحتى التشريعات الوطنية، امكانية الانحلال من هذه الالزامية في حالة حدوث ظروف استثنائية ، التي قد تهدد حیاة الأمة . (المطلب الاول).وعدم التقيد بالالتزامات التشريعية المتعلقة بحقوق وحريات الافراد ليس انحلال مطلق بل يتم تحت ضمانات قانونية وقضائية(المطلب الثاني).

المطلب الاول : اثار حالة الطوارئ الصحية على الحقوق والحريات

تعد التدابير المتخذة من قبل السلطات العمومية اثناء حالة الطوارئ الصحية، تدابير تمس بحقوق وحريات الافراد ، وهي التي دائما ما يحرص عليها الفرد ويدافع عنها في كل الأحوال والظروف، لكن  لظروف طارئة تفرض على السلطة تقييد ممارسة بعض هذه الحريات والحقوق، فالتساؤل الذي يطرح بهذا الخصوص معرفة الى اي حد يمكن للمشرع تقييد الحقوق والحريات اثناء حالة الطوارئ الصحية ؟. على أننا في معرض هذا نتطرق إلى عرض أهم تلك الحريات التي لها علاقة مباشرة بمبررات إعلان حالة الطوارئ أو كانت هدفا مباشرا بعد إعلانها. و هي: حرية التجمع و الاجتماع و حرية التنقل.

الفرع الاول : حدود ممارسة  الحقوق والحريات اثناء الظروف الاستثنائية

تناولت اغلب المعاهدات والصكوك الدولیة الخاصة بحالة الطوارئ ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة لسنة 1966 ، التي نصت المادة الرابعة منه ” في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حیاة الأمة والمعلن عن قیامها رسمیاً ، یجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضیق الحدود التي یتطلبها الوضع ، تدابیر لا تتقید بالالتزامات المترتبة علیها بمقتضى هذا العهد شریطة عدم منافاة هذه التدابیر للالتزامات الأخرى المترتبة علیها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمییز یكون مبرره الوحید هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدین أو الأصل الاجتماعي “.[27]

أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان المبرمة في 03 اكتوبر 1969 ودخلت حيز التنفيذ في 18 يناير 1973 نصت في المادة 27 من فقرتها الاولى على انه “يمكن للدولة الطرف في أوقات الحرب أو الخطر العام أو سواهما في الحالات الطارئة التي تهدد استقلال الدولة أو أمنها أن تتخذ من إجراءات تحد من التزامها بموجب الاتفاقية الحالية ولكن فقط بالقدر وخلال المدة التي تقتضيهما ضرورات الوضع الطارئ شريطة ألا تتعارض تلك الإجراءات مع التزاماتها الأخرى بمقتضى القانون الدولي ولا تنطوي على تميز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي…”.

ونصت كذلك الفقرة الاولى من المادة العاشرة من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 على ما یلي: ” في حالة الحرب أو الخطر العام الذي یهدد حیاة الأمة یجوز لكل طرف سام متعاقد أن یتخذ تدابیر تخالف الالتزامات المنصوص علیها في هذا المیثاق في أضیق الحدود التي یتطلبها الوضع وبشرط أن لا تتناقض هذه التدابیر مع بقیة الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي”.[28]

وطبقا للاتفاقيات الثلاث (الاتفاقية الأوربية لحقوق الانسان لعام 1950 ، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، والاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان لعام 1968)،فإن حالة الطوارئ التي تجيز للدول تقييد تطبيق قواعد حماية حقوق الانسان هي التي تشترط ان يكون سبب اعلانها يقوم على ظروف جدية ،وتكون غير عادية في شدتها وخطورتها ، وتؤثر في الامة بأسرها[29].

غير ان المشكلة تكمن في تحديد الحقوق الاساسية التي لا يمكن ان تتملص منها الدول اثناء تطبيق حالة الطوارئ وانعدام وجود معيار يحددها ،.ومع ذلك يمكن القول ان هناك اربع حقوق مشتركة بين الاتفاقيات الثلاث ، تمثل الحد الادنى الذي لا يجوز تحت اي ظرف من الظروف تقييدها حتى في حالة الطوارئ ، وهي الحق في الحياة ، الحق في التحرر من التعذيب ، الحق من الرق والعبودية ، الحق في التحرر من مخاطر تطبيق قوانين العقوبات بأثر رجعي[30].

وبخصوص اعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب فالسلطة التقديرية للدولة في اعلانها ليست مطلقة ، بل مقيدة بالتزام احترام بعض الحقوق الاساسية التي سبق ذكرها ، حتى في حالة الطوارئ. بالإضافة الى ان الدستور اسس لمبدا واضح ورد في مجموعة من فصوله مفاده ان الحقوق والحريات المنصوص عليها دستوريا لا يمكن تقييدها الا بقانون ، نجد ذلك بوضوح في الفصل 24 من الدستور، الذي اكد على ان الحق في التنقل حق مضمون للجميع، بيدا ان هذا الحق يجب ان يتم وفق القانون ، أو الفصل 29 من الدستور الذي جعل من حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي، والاضراب حقا مضمونا للجميع،إلا أن المشرع المغربي اشترط ممارسة هذه الحريات وفق القانون ، وعليه فإن اي إجراء حكومي يفرض قيودا على ممارسة تلك الحريات دون سند قانوني ، يعد إجراء غير شرعي ، وانتهاكا لحقوق وحريات الأفراد المنصوص عليها في المعاهدات والصكوك الدولية والاقليمية وفي الدستور المغربي.

الفرع الثاني : حالات الحقوق والحريات المقيدة اثناء حالة الطوارئ الصحية

ان أغلب الحقوق و الحريات تتأثر بعد إعلان حالة الطوارئ لكن بدرجات متفاوتة، ومنها ما تتأثر مباشرة و لذاتها، و منها ما تتأثر بصفة غير مباشرة. لذلك سنقتصر من خلال هذا الفرع على عرض أهم تلك الحريات التي لها علاقة مباشرة بمبررات إعلان حالة الطوارئ أو كانت هدفا مباشرا بعد إعلانها. و هي: حرية التجمع و الاجتماع و حرية التنقل.

أولا- حرية التنقل في حالة الطوارئ

كغيره من الحقوق و الحريات التي تتدخل الدولة في تنظيم ممارستها أو التمتع بها ، فكذلك حرية التنقل ليست مطلقة ، بل يجوز للدولة أن تنظم ممارسة الأفراد لهذه الحرية بوضع قيود إذا دعت الضرورة لذلك.ومن ذلك رقابة لأهداف صحية أو سياسية، أو لأمن الدولة الداخلي أو الخارجي . ففي هذه الأحوال و غيرها ، فإنه من الممكن للدولة أن تتخذ إجراءات تحد بها على المواطنين دخول بعض المناطق أو المدن، أو اشتراط تصريح خاص.

وبالرجوع إلى المادة الثانية من المرسوم رقم 2.20.293 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ بالمغرب نجدها تنص على : ” … عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، طبقا لتوجيهات السلطات الصحية ،… منع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالات الضرورة القصوى….”.مما يتبين من خلال هذه المادة الأثر المباشر للإجراءات المتخذة أثناء حالة الطوارئ الصحية  على حرية التنقل. ويمكن القول أنها جاءت متوافقة إلى حد ما مع ما نصت عليه نصوص اللوائح الصحية الدولية ، التي سمحت هي الأخرى بوضع قيود على هذه الحرية متى كانت ضرورية لحماية الامن الصحي الوطني والدولي .

وحول موقف القضاء من الحق في التنقل في حالة الطوارئ الصحية ، يوجد حكم مهم للمحكمة الادارية بالرباط رقم 955 الصادر يوم 31 مارس 2020 ، تتلخص وقائع القضية فيه بأن المحكمة الادارية بالرباط اصدرت قرار برفض طلب مواطن مغربي و زوجته للولوج من اسبانيا إلى ارض الوطن عبر ميناء طنجة المتوسطي بواسطته سيارتهما ، بعدما ظل عالقين بالجزيرة الخضراء بعد اعلان حالة الطوارئ .بحيث جاء في تعليل حكم المحكمة ما يلي : ” .. طلب خرق حالة الطوارئ الصحية عن طريق الإذن للطالبين بالدخول للتراب الوطني يبقى غير مرتكز على أساس ، خاصة و أن ما قامت به السلطات المغربية يمثل المشروعية الأنية في ظل الوضع السائد وأن القاضي الاداري الاستعجالي يحمي المشروعية في كل الأحوال ” [31].

يتبن من خلال القرار الصادر عن المحكمة الادارية بالرباط ان السلطة القضائية ، ذهبت في إتجاه تقييد حرية التنقل في ظل حالة الطوارئ الصحية ،وعللت قرارها هذا بكون تقييد حرية التنقل حسب المادة الثانية من مرسوم  2.20.293 يمثل المشروعية الأنية ، في ظل الظروف الاستثنائية التي تعرفها البلاد والمتمثل بإجتياح جائحة وباء كورونا المغرب والعالم بأسره.

 

 

ثانيا: حرية الاجتماع و التجمع في حالة الطوارئ

لم تسلم حرية الاجتماع والتجمع بدورها من تأثير الظروف الاستثنائية على ممارستها، فقد اشارت عدة نصوص داخلية ودولية إلى إمكانية فرض القيود على ممارستها بشكل يجعلها لا تمس بالنظام العام أو الصحة العامة، أو تعرقل سير مؤسسات الدولة ، وهو إستثناء على الأصل.

فيجب أن نسلم نتيجة لذلك أن إتساع سلطة الضبط الاداري أثناء فرض حالة الطوارئ الصحية تحد بشكل كبير من الحرية ،و من ذلك حرية الاجتماع التي اصبحت تعطى لها اهمية قصوى في التشريعات المتعلقة بالظروف الاستثنائية، لأن التساهل أو عدم القدرة على ضبط ممارسة هذه الحرية لا شك انه يهدد النظام العام والصحة العامة[32].

وحسب الفصل الاول من الظهير الشريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية يقصد بهذه الاخيرة: “كل جمع مؤقت مدبر مباح للعموم وتدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محدد من قبل” [33].

من خلال هذا الفصل من ظهير التجمعات العمومية يتبين أن الاجتماع العمومي هو عبارة عن اجتماع مؤقت أي لمدة محددة من الزمن، مدبر في إطار قانوني مشروع موجه لكافة الأشخاص دون أي اعتبار، بحيث يتم تدارس فيه مسائل محددة مسبقا من طرف مدبريه لكن ذلك مشروط ببعض المقتضيات القانونية تتمثل أساسا في تقديم تصريح سابق يبين فيه اليوم والساعة ومكان انعقاد الاجتماع، مع توضيح موضوع الاجتماع، ويذيل التصريح بتوقيع ثلاثة أشخاص يقطنون في العمالة أو الإقليم الذي ينعقد فيه الاجتماع، ويتضمن أسماء الموقعين وصفاتهم وعناوينهم ونسخا مصادقا عليها من بطائق تعريفهم الوطنية. ويسلم هذا التصريح للسلطة الإدارية المحلية المختصة التابعة لمكان انعقاد الاجتماع[34].

و يتمثل تضييق حرية الاجتماع و التجمع غالبا في منع التجمعات التي تمس بالنظام العام أو الصحة العامة، أو تعرقل سير مؤسسات الدولة الذي على الدولة أن تضمنه. و بصرف النظر عن مدى هذا القيد فإن حرية الاجتماع و التجمع لن تلقى أثناء حالة الطوارئ ما تلقاه في الظروف العادية من جانب السلطة التنفيذية وهذا يطرح تساؤلا مفاده: هل كل التجمعات ممنوعة في حالة الطوارئ ؟.[35]

وبالرجوع إلى المادة الثانية من المرسوم رقم 2.20.293 نجدها تنص على : “في إطار حالة الطوارئ الصحية المعلنة طبقا للمادة الأولى أعلاه، تتخذ السلطات العمومية المعنية التدابير اللازمة من أجل:

“… منع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص مهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك، ويستثنى من هذا المنع الاجتماعات التي تعقد لأغراض مهنية مع مراعاة التدابير الوقائية المقررة”.

يتبين من خلال هذه المادة ان المشرع المغربي حنيما منع كل تجمع او تجمهر اثناء حالة الطوارئ الصحية لم يكن منعا مطلقا ، حيث استثنى من ذلك التجمعات المهنية التي تحترم التدابير الوقائية ، وكان هدفه في ذلك عدم إيقاف العجلة الاقتصادية بشكل كلي ، وإنما ضبط التجمعات بما يسمح في حصر الجائحة الطارئة والحيلولة دون انتشارها .

المطلب الثاني :ضمانات تطبيق اجراءات حالة الطوارئ الصحية

من أجل ضمان احترام الحقوق والحريات في ظل الظروف الاستثنائية ، لا ينبغي فقط التنصيص عليها دستوريا ، وتضمينها في القوانين العادية ، بل تتعدها إلى وضع أليات رقابية لكفالة التمتع بممارسة تلك الحقوق و الحريات ، لاسيما في ظل الظروف الاستثنائية.

وتعرف الرقابة بأنها ” النشاط الذي تقوم به الإدارة أو هيئات أخرى لمتابعة العاملين في القيام بعملهم والتأكد من أن الأعمال التي تمت مطابقة للمعدلات الموضوعة لإمكان تنفيذ الأهداف المقررة في الخطة العامة للدولة بدرجة عالية من الكفاية وفي حدود القوانين واللوائح والتعليمات لإمكان اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الانحراف سواء بالإصلاح أو بتوقيع الجزاء المناسب”[36].

وتختلف الرقابة من نظام سياسي إلى أخر، ولهذا فإن الأساليب المتبعة في الرقابة يمكن أن تنقسم إلى رقابة برلمانية (الفرع الاول) وإلى رقابة قضائية (الفرع الثاني).

الفرع الاول : الرقابة البرلمانية على اجراءات حالة الطوارئ الصحية

تعد الرقابة البرلمانية (السياسية) رقابة تمارسها سلطة سياسية تحول دون مخالفة تشريع معين لأحكام الدستور. وبدأت فكرة الرقابة البرلمانية في بادئ الامر ، بفرنسا على يد الفقيه الفرنسي (سييز) حيث نادى بهذه الفكرة غداة نجاح الثورة الفرنسية ، وإنتقلت بعد ذلك إلى مجموعة من الدول ومنها المغرب.[37]

وبشكل عام يمكن تعريف “الرقابة البرلمانية بكونها رقابة الرأي العام على أعمال الإدارة من خلال المجالس النيابية ( البرلمانات) في الدول التي تأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات ، أما في الدول التي تتبع النظام الرئاسي حيث يسود مبدأ الفصل الجامد بين السلطات فأن أثر هذه الرقابة قليل ومحدود حيث تكون مسؤولية الوزراء أمام رئيس الدولة صاحب السلطة الفعلية وليس أمام البرلمانات”[38].

وإنطلاقا مما تقدم يتبين أنه يمكن إخضاع السلطات والصلاحيات المعطاة للسلطة التنفيذية ، للرقابة البرلمانية بإعتبارها ممثلة للشعب ومدافعة عن أراءه. وتتم هذه الرقابة من خلال الرقابة البرلمانية على الأوامر التفويضية  (أولا)والرقابة البرلمانية على مراسيم قوانين (ثانيا).

أولا- الرقابة البرلمانية على المراسيم القوانين

لقد إتخذ المشرع المغربي نفس التوجه الذي أخذت به معظم الدساتير في العالم من خلال منحه للحكومة حق المساهمة في عملية التشريع .، حيث جاء في الفصل 81 من دستور 2011 على أنه يحق للحكومة” أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية ويودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه، وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب “[39].

يتبين من خلال هذا النص أن المشرع الدستوري المغربي ، يذهب إلى تخويل البرلمان سلطة التشريع في الأوقات الطبيعية والعادية وبالمقابل اناطتها للسلطة التنفيذية بصفة استثنائية ، وذلك خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وحدوث ظروف استثنائية تستوجب إتخاذ تدابير لا تحتمل التأجيل ، في ظل عدم قدرة التشريعات النافذة من مواجهة الظروف الطارئة ،حيث تحل بذلك السلطة التنفيذية محل السلطة التشريعية عن طريق إصدار المراسيم بقوانين شريطة عرضها على السلطة التشريعية من اجل بسط رقابتها البرلمانية عليها .

ويندرج مرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها ، ضمن المجال الخاضع للرقابة البرلمانية الملزمة بمقتضى فصول الدستور ، ومن هنا يمكن أن نتساءل حول المسطرة التي يمكن للبرلمان أن يتبعها لبسط رقابته على المرسوم بقانون المتعلق بأحكام وإجراءات الطوارئ الصحية ؟

يمكن القول ان قرار البرلمان بصحة الاجراءات والاحكام المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية شرط ضروري لإستمرار حالة الطوارئ الصحية وإضفاء الشرعية عليها . ولذلك فمن الضروري أن يبدي المجلس قراره في الصور الاتية :

  • مصادقة البرلمان وموافقته على صحة الاجراءات والاحكام المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية ، وتعد هذه الموافقة بمثابة اقرار من طرف البرلمان للسلطة التنفيذية بسلامة سريان حالة الطوارئ الصحية منذ بدايتها ، ومن ثم تصبح جميع الاجراءات والاحكام المعلن عنها او التي سيعلن عنها صحيحة ومنتجة لأثارها مالم يقرر القضاء خلاف ذلك وفق الاجراءات المعمول بها في هذا الشأن.
  • رفض البرلمان للإجراءات والاحكام المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية وعدم مصادقته عليها يفتح الباب أمام أمرين : الأمر الاول هو أن القرار المتخذ من قبل البرلمان برفض المصادقة على مرسوم قانون المحال عليها من قبل الحكومة ، يجعله يقتصر على المستقبل دون أن ينسحب للماضي ودون أن يؤثر على مشروعية الاجراءات والاحكام المتخذة اثناء حالة الطوارئ الصحية ، قبل صدور قرار رفض مرسوم قانون من طرف السلطة التشريعية ، أما الأمر الثاني فيتعلق بكون للبرلمان الصلاحية أن يقرر سريان هذا الالغاء بأثر رجعي ، وفي هذه الحالة تكون جميع الاجراءات التي اتخذت بناءً عليه باطلة وفاقدة للمشروعية القانونية ،وتصبح السلطة التنفيذية مسؤولة عن اخطائها وفق الاجراءات المقررة لذلك[40].

ولتقوية عمل اللجان الدائمة الموكول لها دراسة المراسيم القوانين المحالة عليها بموجب الفصل 81 من الدستور، وجعل الرقابة البرلمانية رقابة تتأسس على أسس تقنية وعلمية ، فقد جعل النظام الداخلي لمجلس النواب في الفقرة من المادة 94 رهن إشارة اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجان الدائمة الوسائل الموضوعة للقيام بعملها، من قبيل إمكانية الاستعانة بخدمات مركز الدراسات البرلمانية ومكاتب الخبرة، وإمكانية التواصل مع مصادر المعلومات في مختلف الجهات المعنية[41].تحقيقا لرقابة برلمانية فعالة هدفها حماية الحقوق والحريات العامة للمواطنين .

 ثانيا- الرقابة البرلمانية على الأوامر التفويضية  

يفترض في التفويض التشريعي وجود برلمان يختص دستوريا بمهمة التشريع ، يفوض السلطة التنفيذية استعمال بعض صلاحياته، فإذا لم يكن هناك مؤسسة تشريعية منصوص عليها دستوريا ، فإن التفويض التشريعي لا يتصور وجوده أصلا . وهو العنصر الأساسي المميز للأوامر التفويضية عن غيرها من الأوامر، ذلك لأنه لا يمكن إصدارها إلا استنادا إلى إذن خاص من البرلمان في إطار قانون التفويض[42].

فالتفويض التشريعي هو منح السلطة التنفيذية جزء من الوظيفة التشريعية في الفترة التي  يكون البرلمان موجودا ومنعقدا . والحاجة إلى منح السلطة التنفيذية سلطة التشريع ووضع القوانين في مجال معين وخلال مدة  محددة ، يعود الى وجود ظرف طارئ قد يستحيل الحد او معالجة هذا الظرف بالطريقة التشريعية العادية نظرت لتعقد وبطء مسترة اعداد القوانين داخل البرلمان .

ولقد أقر المشرع المغربي إمكانية منح السلطة التنفيذية حق المساهمة في عملية التشريع، في الفصل 70 من دستور 2011 الذي نص على :” للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود، ولغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما”.

ويفهم من هذا الفصل أن السلطة التشريعية يمكنها وفق فصول الدستور ، أن تخول إمكانية التشريع للسلطة التنفيذية في المجال المخول إليها التشريع فيه بشكل حصري . شريطة إقناع البرلمان برفع يده عن المجال المراد منح الإذن فيه للحكومة ، من أجل استصدار الاوامر التفويضية. وعرضها على المصادقة البرلمانية بعد انتهاء صلاحية قانون الإذن.

وإذا كان التفويض التشريعي بشكله العام  ( المراسيم بقانون ، مراسيم تدابير ) يرتبط بوجود الإذن القانوني الصادر عن السلطة التشريعية ، أو صدوره أثناء غياب إنعقاد البرلمان خلال الفترة الفاصلة بين الدورات بسبب طارئة غير متوقعة ، فإن هذه النصوص التفويضية تكتسب الصبغة القانونية بمجرد مصادقة البرلمان عنها ، وتصبح بذلك مثلها مثل القوانين التشريعية العادية .

ويبقى الإشكال المطروح فيما يخص الرقابة البرلمانية على الاعمال الحكومية في مجال التشريع ،في اختلاف الفقهاء حول الطبيعة القانونية للمراسيم بقانون والاوامر التفويضية ، بين من يأخذ بالمعيار الشكلي في تحديد طبيعة المراسيم بقانون والأوامر التفويضية ويضفي عليها الصبغة الادارية ويمنح الأحقية للقضاء الاداري للنظر في شرعيتها ، وفي المقابل هناك جانب أخر من الفقهاء يأخذ بالمعيار الموضوعي ، و يؤكد على أن هذه القرارات ذات طبيعة قانونية مثلها مثل القوانين التشريعية العادية الصادرة عن السلطة التشريعية ،وتتخذ هذه المشروعية منذ إصدارها من قبل السلطة الحكومية وبالتالي إلغاء الرقابة الإدارية عنها.

وبالرجوع إلى الفقهاء الدستوريين نجد أن الرأي الغالب حول تحديد الطبيعة القانونية للمراسيم بقانون ، والأوامر التفويضية يتحدد عبر مرحلتين : المرحلة الأولى هي مرحلة قبل عرضها على المصادقة البرلمانية تكون طبيعتها إدارية لكن بقوة القانون ، أي أن في هذه المرحلة يتم الاخذ بالمعيارين الشكلي والموضوعي في تحديد الطبيعة القانونية للمراسيم بقانون والاوامر التفويضية[43].أما المرحلة الثانية وهي المرحلة ما بعد المصادقة البرلمانية تصبح هذه الاعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية ، ذات طبيعة تشريعية[44] صرفة تخضع في مجملها للأحكام القانونية ، التي تخضع لها النصوص التشريعية الصادرة وفق المسطرة التشريعية العادية[45].

ومنه فما يمكن قوله هنا، أن الأوامر الصادرة أثناء الحالة الاستثنائية وفقا لغلبة ازدواجية  المعيار الشكلي والموضوعي ، تعتبر قرارات إدارية تخضع للنظام القانوني للقرارات الإدارية من حيث القابلية للإلغاء والتعويض أمام القضاء الإداري وكذا القابلية للرقابة السياسية[46].

و عليه فإن الرقابة البرلمانية في ظل الظروف الاستثنائية لازمة ، و لا مفر منها لحماية حقوق وحريات المواطنين ، وتحقيق المشروعية الدستورية والتي لا تكتمل إلا بجانب رقابة قضائية فعالة.

الفرع الثاني: الرقابة القضائية على اجراءات حالة الطوارئ الصحية

تعتبر الرقابة القضائية الضامن الاساسي لاحترام الحقوق والحريات لكون النصوص الدستورية والقانونية غير كافية لإحترام الادارة لمبدأ سيادة القانون ،فيجب دائما أن تكون هناك سلطة تتابع تطبيق النصوص الدستوري والقانونية ، وتتولى إلغاء النصوص المخالفة لها.

وتظهر هذه الرقابة جالية من خلال تسميتها كونها تمارس من قبل هيئة قضائية ، وهي تعد رقابة لاحقة على صدور القانون و العمل به و ذلك بإعتماد طريقتين : الطريقة الاولى هي رقابة قضائية على القوانين تتم عن طريق رقابة الإلغاء أو رقابة بواسطة الدفع (أولا)،الطريقة الثانية هي  رقابة قضائية  إدارية على الاعمال الصادرة عن السلطة الحكومية (ثانيا).

أولا- الرقابة القضائية على القوانين

ان الدستور المغربي لسنة 2011 تعرض لموضوع الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الفصل 133 الذي نص على “أن المحكمة الدستورية تختص في النظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوق والحريات التي يتضمنها الدستور”، ويعتبر هذا الفصل كمستجد تشريعي خلت منه الدساتير السابقة حول تنظيم موضوع الرقابة القضائية على دستورية القوانين ، سواء عن طريق الدعوى الاصلية ( دعوى الالغاء ) كطعن مباشر أو عن طريق الدفع ( دعوى الامتناع ) كطعن غير مباشر.

ويمكن تعريف الرقابة عن طريق دعوى الإلغاء بكونها تلك الرقابة التي تكون بموجب دعوى يرفعها من تتوفر فيه المصلحة والصفة أمام المحكمة المختصة ، بهدف إلغاء القانون بحكم أنه يخالف فصول الدستور ، وإذا تقرر إلغاء القانون فعليا من طرف المحكمة الدستورية ، صار القانون كأنه لم يكن موجودا في السابق ، وإنعدام أي أثر له في مواجهة العامة ،أما إذا سكت الدستور عنها ولم ينص على هذه الرقابة بنص صریح في فصل من فصوله  فلا یحق لأي محكمة مهما علت أن تدعي لنفسها هذا الحق . [47].

وبالرجوع للفصل 133 من الدستور يتبين أنه بالرغم من تقرير دستورية حق الفرد بالطعن بإلغاء قانون أمام المحاكم العادية والمختصة ،إلا أن أمر البث فيه يعود للمحكمة الدستورية دون سواها. وهو ما تم التأكيد عليه صراحة في الفقرة 2 من الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه “ولا يجوز للجهات القضائية أن تبت في دستورية القوانين”[48]، وذلك بمقتضى المادة 50 من القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية ، الذي أكد فيه بنسخ مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية ، وإحلال محله المقتضيات الجديد المشار إليها سابقا[49].

وعليه فإن الجهات القضائية ينحصر دورها في إحالة الدفوع بعدم دستورية قانون ما بمناسبة النظر في قضية معروضة عليها من طرف المتقاضي ، على المحكمة الدستورية للبث في مدى دستورية القانون المشكوك في مشروعيته. وبعد الإحالة توقف المحكمة المعروض عليها النزاع أمر النظر في القضية ، إلى حين صدور قرار من طرف المحكمة الدستورية في شأن القانون التشريعي المخالف لأحكام الدستور ، و أمر إلغاء القانون المطعون بعدم دستوريته يعود في النهاية للاختصاص الحصري للمحكمة الدستورية.

وهكذا فإن مساهمة المواطنين بكل فعالية في مثل هذا النوع من الرقابة ، يعتبر وسيلة فعالة لتكريس رقابة الافراد على دستورية القوانين اثناء فرض حالة الطوارئ الصحية ، هدفها ضمان احترام السلطات المعنية

ثانيا الرقابة القضائية على الأعمال الإدارية

تعد مراقبة السلطة القضائية للأعمال الادارية الصادرة عن السلطة التنفيذية اثناء قيامها بالمهام المنوطة بها ، من أقوى نفوذ مبدأ المشروعية وضمان حقوق وحريات الافراد ،لأن القضاء هو حصن الحريات وحاميها لذا كانت أنجح وسيلة لرقابة الاعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية في حالة الطوارئ ، هي رقابة القاضي الاداري على جميع الاجراءات والتدابير المتخذة من قبلها.

وعليه فإن أغلب التشريعات اتفقوا على خضوع الاجراءات والتدابير المتخذة اثناء حالة الظروف الاستثنائية لرقابة القضاء الاداري ، حيت إستقر كل من القضاء الاداري الفرنسي والمصري في مجموعة من قرارتهما[50] ، على أن ما تمارسه السلطة التنفيذية من اعمال في ظل حالة الطوارئ المعلن عنها ، تعد من قبيل الاعمال الادارية تنبسط عليها رقابة القضاء الاداري إلغاءا وتعويضا[51].

إذن ما هي أسس المسؤولية الإدارية التي اعتمدت من قبل القضاء الاداري المقارن للحكم بإلغاء الأعمال الادارية الصادرة عن الادارة او تعويض المتضررين منها  ؟

لقد إستقر موقف قضاء مجلس الدولة الفرنسي ومعه موقف القضاء الاداري المصري ، على اعتبار أن أسس المسؤولية الإدارية للسلطة الادارية عن الأعمال المتخذة خلال حالة الطوارئ ، مسؤولية إدارية تتأسس على الخطأ الجسيم للإدارة .وهنا يجب التفرقة بين المسؤولية الادارية للسلطة الحكومية عن الاعمال الادارية التي تصدرها في ظروف عادية تجعلها كاملة التبصر والفطنة ،وبين المسؤولية الادارية للسلطة الحكومية عن الاعمال الادارية التي تتخذها  في ظروف استثنائية ، تضطرها إلى إتخاذه تدابير وإجراءات بسرعة  تنعدم فيها الفطنة والتبصر كالحرب والفتنة والكوارث والوباء، وتتدرج المسؤولية على هذا الاساس فلا تقوم كاملة ، إلا إذا ارتكبت الادارة خطأ استثنائيا جسيما يرقى إلى درجة التعسف المتعمد المقرون بسوء القصد[52].

ومن خلال هذا البسط الرقابي للقاضي الاداري على الاعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية اثناء حالة الطوارئ نجد انها تتم بطريقتين : عن طريق دعوى الالغاء ثم عن طريق دعوى التعويض.

اولا- دعوى الالغاء:

دعوى الالغاء هي تلك الدعوى التي تعطي الحق للمتقاضي من اجل مطالبة القضاء الاداري بإلغاء قرار من قرارات السلطة الادارية لكونه قرار مشكوك في مشروعيته . ولقد نص الدستور المغربي لسنة 2011 على إمكانية مباشرة الافراد لهذه الدعوى  حيث نص في الفصل 118 على أن “كل قرار اتخذ في المجال الإداري ، سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن  الطعن فيه أمام الهيأة القضائية الإدارية المختصة” . وهذا اعتراف من المشرع المغربي ، بأحقية الافراد الطعن في القرار الاداري ، عن طريق دعوى الالغاء التي تعتبر من اهم الدعاوى القضائية التي يملكها الافراد لحماية حرياتهم ، من جراء الاعمال الادارية الغير مشروعة في ظل الظروف الاستثنائية التي تتخذها السلطة الادارية ، من اجل صيانة النظام العام ،[53].

وعليه فإن القاضي الاداري في حالة الطوارئ يراقب نشاط الادارة لا سيما من حيث السبب القانوني والواقعي لاتخاذ القرار الاداري والغاية التي ترمي اليها الادارة في اتخاذه ويستبعد قواعد الاختصاص والشكل والمحل من رقابة الالغاء[54].

ثانيا – دعوى التعويض:

إن لجوء الادارة إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والتصرفات أثناء حالة الطوارئ ، قد يترتب عليها إلحاق أضرار بالأفراد وهذا ما يؤدي إلى إثارة مسؤولية الادارة عن الاعمال التي تقوم بها .وهذه المسؤولية كقاعد عامة تأسس على أساس الخطأ و إستثناءاً على أساس المسؤولية عن المخاطر الناتجة عن اعمال الادارة.

و تقوم المسؤولية عن الخطأ المؤدي للتعويض الإداري، حينما تخل الإدارة بالتزامها بأداء خدمة كلفها القانون بها. إذا ما نجم عنه ضرر للغير وكانت هناك علاقة سببية بين الخطأ والضرر ، اما المسؤولية عن المخاطر الناتجة عن اعمال الادارة هي مسؤولية احتياطية والتي يلجأ اليها القاضي الاداري بسبب صعوبة اثبات الخطأ ، او في ميادين تفرض فيها مبادئ العدل تعويض الضحية ، وعدم تركها تئن تحت وطأة الاضرار الناتجة عن مخاطر ادارية مع استحالة اثبات خطاء الدولة واقامة المسؤولية الخطئية[55].

وإذا كان الامر كذلك فيما يتعلق بمسؤولية الادارة عن اعمالها الصادرة في ظل الظروف العادية فإن السؤال الذي يطرح هل يمكن مساءلة السلطة الادارية عن الاعمال الصادرة عنها اثناء حالة الطورائ ؟

يرى مجلس الدولة الفرنسي انه يتعين على القاضي الاداري قبل ان يقرر مساءلة الادارة عن التصرفات الصادرة عنها اثناء حالة الطوارئ ، أن يضع في اعتباره طبيعة الخدمات التي تؤديها والظروف الاستثنائية التي تتم فيها اصدار هذه التدابير والصرفات الادارية ، فإذا رأى القاضي الاداري ان الخطأ الصادر عن السلطة الادارية ليس من طبيعتها أن تسأل عنها ، بإعتباره خطأ بسيطا وعاديا ، تعين عليه رفض دعاوى التعويض التي ترفع بسببها ، اما إذا رأى القاضي أن الاخطاء التي وقعت من طرف الادارة ليست اخطاء عادية بل اخطاء استثنائية جسيمة ، هنا يتعين على القاضي الاداري تفعيل المسطرة القضائية والحكم بالتعويض لصالح المتضرر[56].

و هكذا فإن الرقابة القضائية على اعمال السلطة الادارية في ظل الظروف الاستثنائية ، تعتبر الوسيلة الناجعة في ضمان حقوق و حريات الافراد التي قد تكون اكثر عرضة للمساس من جراء ظهور عدة تدابير وتصرفات ادارية مجحفة صادرة عن السلطة صاحبة الاختصاص ، و هذا بحكم السرعة و التسرع التي تملیه هذه الظروف بسبب الاحداث والوقائع التي قد تكون العامل الاساسي في الاعلان عنها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخاتمة

لقد تناولنا في بحثنا حالة الطوارئ الصحية في القانون المحلي والقانون الدولي بشكل عام، واسقطنا أثر هذه الحالة على الحقوق والحريات العامة ، وتطرقنا بعد ذلك للضمانات التي تحد من انتهاك السلطات لحقوق وحريات الافراد وخلصنا في الاخير إلى عدة نتائج وتوصيات:

أولاً: النتائج

  1. إن المعاهدات والاتفاقيات الدولية كانت صاحبة السبق في تناول حالة الطوارئ الصحية، وتفعيل القواعد ووضع المبادئ لتنظيم هذه الحالة.
  2. لقد تناول المشرع المغربي حالة الطوارئ الصحية ضمن قانون ولم يقننه في الدستور.
  3. أعطى المشرع المغربي للسلطة التنفيذية الحق في تقييد الحقوق والحريات العامة كافة في حال مرور البلاد في ظروف غير عادية.
  4. إنُ للسلطات الاستثنائية التي منحت للسلطة التنفيذية الأثر البالغ على الحقوق والحريات العامة المتمثل في تقييدها وعدم إعمالها.

5 . تعتبر نظرية الظروف الاستثنائية استثناءاً على مبدأ سمو الدستور ومبدأ المشروعية.

ثانياً: التوصيات

  1. وضع قيود كافية تحد من تغول السلطة التنفيذية أثناء حالة الطوارئ الصحية، وتضمينها داخل التشريعات العادية والتنصيص عليها دستوريا.
  2. تفعيل الدور الرقابي للسلة التشريعية بشكل فعال ومؤثر أثناء سريان الحالة الاستثنائية،دون ان يؤدي ذلك إلى عرقة العمل الحكومي.
  3. إيجاد ضمانات أكثر وضوحاً وشمولاً لضمان حفظ الحقوق والحريات العامة في الاتفاقيات والإعلانات الدولية.
  4. يجب تشديد اجراءات إعلان حالة الطوارئ الصحية، وعدم جعلها بيد السلطة التنفيذية فقط.

لائحة المراجع

  • أولا- الكتب:
  • رحوي نوال ، اثار الظروف الاستثنائية على الحقوق والحريات الاساسية، مذكرة لنيل شهادة الماستر تخصص القانون العام المعمق، جامعة ابي بكر بلقايد تلمسان الجزائر،سنة 2015-2016.
  • لحرش عبد الرحمان ، حالة الطوارئ في الجزائر : هل مازالت مببررات استمرارها؟،مجلة الحقوق،عدد مج 31.ع1،جامعة الكويت،2007.
  • مولودي جلول ، حماية الحقوق والحريات اثناء حالة الطوارئ في النظام الدستوري الجزائري،مذكرة مكملة لنيل درجة الماجيستير في الحقوق ، السنة الجامعية 2009-2010 .
  • فادي نعيم جميل علاونة ، مبدأ المشروعية في القانون الإداري وضمانات تحقيقه ، اطروحة في القانون العام ،كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ، فلسطين ، سنة 2011.
  • علي محمد كاظم ، اساليب التنظيم التشريعي لحالة الضرورة والرقابة عليها ،ماجستير قانون عام ، السنة الجامعية 2016.
  • ميمونة سعاد ، الطبيعة القانونية للتشريع بأوامر، جامعة ابو بكر بلقايد ، تلمسان ،مذكرة لتيل شهادة الماجستير في الادارة المحلية ، السنة الجامعية 2010-2011 .
  • رزاق حسين ،تشريع الضرورة في دساتير دول المغرب العربي ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في القانون تخص القانون العام ،جامعة امحمد بوقرة بومرداس الجزائر،2015-2016.
  • سحنين احمد ، الحريات العامة في ظل الظروف الاستثنائية في الجزائر، رسالة لنيل شهادة ماجستير في القانون العام، جامعة الجزائر كلية الحقوق ببن عكنون، السنة الجامعية : 2005 -2004.
  • جغلول زغدود ، حالة الطوارئ وحقوق الانسان ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،جامعة بومرداس الجزائر، السنة الجامعية 2004-2005.
  • سديرة محمد علي ، الحالات الاستثنائية في القانون الجزائري ،مذكرة اطروحة دكتوراه ،جامعة الاغواط الجزائر ،السنة الجامعية 2013-2014 .
  • ثانيا- النصوص القانونية :
  • دستور فاتح يوليو 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91، الصادر في 27 من شعبان 1432، الموافق ل 29 يوليو 2011، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، الصادرة في 28 شعبان 1432، الموافق ل 30 يوليو 2011، ص 3600.
  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966.
  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948.
  • مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020 ) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.
  • مرسوم رقم 2.20.293 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020 ) يتعلق باعلان حالة الطوارئ الصحية
  • اللوائح الصحية الدولية كما تم اعتمادها من طرف جمعية الصحة العالمية في دورتها الثامنة والخمسين بتاريخ 23 ماي 2005، وتم نشرها في الجريدة الرسمية للمملكة المغربية عدد 5784 بتاريخ 5 نونبر 2009، بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.09.212 المؤرخ في 26 اكتوبر 2009.
  • المرسوم الملكي رقم 554.65، بمثابة قانون صدر سنة 1967، المتعلق بالتصريح ببعض الأمراض واتخاذ تدابير وقائية للقضاء على هذه الأمراض
  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976.
  • اتفاقية حماية حقوق الإنسان في نطاق مجلس أوروبا ، روما في 4 نوفمبر 1950.
  • قرار رقم 955 ،ملف رقم :667\7101\2020، المحكمة الادارية بالرباط ، القضاء الاستعجالي يوم 31مارس 2020.
  • ظهير شريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2404 بتاريخ 27/11/1958 الصفحة 2853
  • النظام الداخلي لمجلس النواب كما أقرته المحكمة الدستورية بعد صدور قرارها عدد 17/65 بتاريخ 30 أكتوبر 2017
  • الظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) المصادقة على نص قانون المسطرة المدنية.
  • القانون رقم 11.02 المحدث بموجبه محاكم إدارية.

 

 

 

 

 

 

الفهرس

مقدمة……………………………………………………………………………………………………………………1

المبحث الاول : الاساس القانوني لحالة الطوارئ الصحية ……………………………………………………………….2

المطلب الاول : التنظيم القانوني لحالة الطوارئ الصحية على المستوى الدولي……………………………………………2

الفرع الاول : المعاهدات والاتفاقيات الدولية …………………………………………………………………………….2

الفرع الثاني : اللوائح الصحية الدولية……………………………………………………………………………………3

المطلب الثاني : التنظيم القانوني لحالة الطوارئ الصحية على المستوى المحلي ………………………………………….5

الفرع الاول :المقتضيات الدستورية المؤطرة لحالة الطوارئ الصحية…………………………………………………….5

الفرع الثاني : التشريع العادي لحالة الطوارئ الصحية……………………………………………………………………7

المبحث الثاني: اثار حالة الطوارئ الصحية على الحقوق والحريات وضمانات حمايتها………………………………….10

المطلب الاول : اثر حالة الطوارئ الصحية على الحقوق والحريات…………………………………………………….10

الفرع الاول : حدود ممارسة  الحقوق والحريات اثناء الظروف الاستثنائية……………………………………………..11

الفرع الثاني : حالات الحقوق والحريات المقيدة اثناء حالة الطوارئ الصحية……………………………………………12

المطلب الثاني :ضمانات تطبيق اجراءات حالة الطوارئ الصحية………………………………………………………15

الفرع الاول : الرقابة البرلمانية على اجراءات حالة الطوارئ الصحية…………………………………………………16

الفرع الثاني :الرقابة القضائية على اجراءات حالة الطوارئ الصحية…………………………………………………..20

الخاتمة ………………………………………………………………………………………………………………25

لائحة المراجع ……………………………………………………………………………………………………….26

الفهرس………………………………………………………………………………………………………………28

[1]  دستور فاتح يوليو 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91، الصادر في 27 من شعبان 1432، الموافق ل 29 يوليو 2011، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، الصادرة في 28 شعبان 1432، الموافق ل 30 يوليو 2011، ص 3600.

[2]  المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966.

[3]  المادة 12 من نفس المرجع السابق.

[4]  المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948.

[5]  ديباجة اللوائح الصحية العالمية (2005).

[6] المادة الثانية من اللوائح الصحية العالمية (2005).

[7]  المادة الثالثة من اللوائح الصحية العالمية (2005).

[8]  عرّفت ديباجة اللوائح الصحية العالمية الصادرة سنة 2005 اللوائح الطارئة الصحية العمومية التي تسبب قلقاً دولياً على أنها تعني حدثاً استثنائياً يحدد في إطار إجراءات محددة على أنه:

يشكل خطراً محتملاً يحدق بالصحة العمومية في دول أخرى بسبب انتشار المرض وقد يقتضي استجابة دولية منسقة.

[9]  المادة السابعة  من نفس اللوائح السابقة

[10]  تتحدد المعايير التي تؤدي الى اعلان حالة الطوارئ الصحية المعايير التالية:

أن يكون الحدث وخيماً على الصحة العمومية؛

أن يكون الحدث غير عادي وغير متوقع؛

احتمال انتشار الحدث دولياً؛

أن يقتضي الحدث فرض قيود على السفر أو التجارة.

[11]  المادتين 15 و16 من نفس اللوائح

[12]  المادة 17 من نفس اللوائح

[13]  دستور فاتح يوليو 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91، الصادر في 27 من شعبان 1432، الموافق ل 29 يوليو 2011، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، الصادرة في 28 شعبان 1432، الموافق ل 30 يوليو 2011، ص 3600.

[14]  الفصل 21 من دستور 29 يوليوز 2011.

[15]  الفصل 24 من دستور 29 يوليوز 2011.

[16]  الفصل 90 من دستور 29 يوليوز 2011

[17] الفصل 81 من دستور 29 يوليوز 2011

[18]  الفصل 21 من دستور 29 يوليوز 2011.

[19] المادتين 2و3 من مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020 ) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.

[20]  المادة 1 من مرسوم بقانون رقم 2.20.292

[21]  المادة 4 من مرسوم بقانون رقم 2.20.292

[22] المادة الثانية من مرسوم بقانون رقم 2.20.293

[23] المادة الثالثة من مرسوم بقانون رقم 2.20.293

[24]  اللوائح الصحية الدولية كما تم اعتمادها من طرف جمعية الصحة العالمية في دورتها الثامنة والخمسين بتاريخ 23 ماي 2005، وتم نشرها في الجريدة الرسمية للمملكة المغربية عدد 5784 بتاريخ 5 نونبر 2009، بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.09.212 المؤرخ في 26 اكتوبر 2009.

[25]  المرسوم الملكي رقم 554.65، بمثابة قانون صدر سنة 1967، المتعلق بالتصريح ببعض الأمراض واتخاذ تدابير وقائية للقضاء على هذه الأمراض

[26]  نوال رحوي ، اثار الظروف الاستثنائية على الحقوق والحريات الاساسية، مذكرة لنيل شهادة الماستر تخصص القانون العام المعمق،جامعة ابي بكر بلقايد تلمسان الجزائر،سنة 2015-2016،ص:30.

[27]  العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976.

[28]  اتفاقية حماية حقوق الإنسان في نطاق مجلس أوروبا ، روما في 4 نوفمبر 1950.

[29]  عبد الرحمان لحرش ، حالة الطوارئ في الجزائر : هل مازالت مببررات استمرارها؟،مجلة الحقوق،عدد مج 31.ع1،جامعة الكويت،2007، ص:255

[30]  عبد الرحمان لحرش ، حالة الطوارئ في الجزائر : هل مازالت مببررات استمرارها؟،نفس المرجع السابق، ص:266

[31]  قرار رقم 955 ،ملف رقم :667\7101\2020،المحكمة الادارية بالرباط،القضاء الاستعجالي يوم 31مارس 2020.

[32]  جلول مولودي ، حماية الحقوق والحريات اثناء حالة الطوارئ في النظام الدستوري الجزائري،مذكرة مكملة لنيل درجة الماجيستير في الحقوق ، السنة الجامعية 2009-2010 ص :86

[33]  ظهير شريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2404 بتاريخ 27/11/1958 الصفحة  2853

 

[34]  الفصل الاول من ظهير شريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2404 بتاريخ 27/11/1958 الصفحة  2853

[35]  جلول مولودي ، حماية الحقوق والحريات اثناء حالة الطوارئ في النظام الدستوري الجزائري،مذكرة مكملة لنيل درجة الماجيستير في الحقوق ، السنة الجامعية 2009-2010 ص :

[36]  فادي نعيم جميل علاونة ، مبدأ المشروعية في القانون الإداري وضمانات تحقيقه ، اطروحة في القانون العام ،كلية الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ، فلسطين ، سنة 2011،ص : 106.

[37]  علي محمد كاظم ، اساليب التنظيم التشريعي لحالة الضرورة والرقابة عليها ،ماجستير قانون عام ، السنة الجامعية 2016،ص:63

[38] فادي نعيم جميل علاونة ، مبدأ المشروعية في القانون الإداري وضمانات تحقيقه، مرجع سابق ،ص : 109.

[39]  الفصل 81 من دستور 29 يوليوز 2011.

[40]  علي محمد كاظم ، اساليب التنظيم التشريعي لحالة الضرورة والرقابة عليها ،مرجع سابق،ص: 64.65

 

[41]  المادة 94 من النظام الداخلي لمجلس النواب كما أقرته المحكمة الدستورية بعد صدور قرارها عدد 17/65 بتاريخ 30 أكتوبر 2017 نص على :

“يمكن للجان الدائمة أن تشكل لجانا فرعية من بين أعضائها، تكلف بتعميق دراسة جانب من الجوانب المتعلقة بمشاريع أو مقترحات القوانين التي أحيلت إليها أو التعديلات المقدمة بخصوصها.

كما يمكن للجان الفرعية تتبع شروط وظروف تطبيق النصوص التشريعية التي تدخل في اختصاص اللجان الدائمة وتقييم آثارها على المجتمع، وتتبع إصدار المراسيم التطبيقية المتعلقة بالقوانين في الاجال المقررة.

يرأس اللجنة الفرعية رئيس اللجنة الدائمة أو أحد نوابه”.

[42]  سعاد ميمونة ، الطبيعة القانونية للتشريع بأوامر، جامعة ابو بكر بلقايد ، تلمسان ،مذكرة لتيل شهادة الماجستير في الادارة المحلية ، السنة الجامعية 2010-2011 ،ص 45

[43]و هذا ما تم تأكيده من قبل محكمة القضاء الإداري المصرية في الحكم الصادر في 21 يونيو 1952 ، إذ جاء فيه بأن “المرسوم بقانون رقم 64 لسنة 1952 اصدر من السلطة التنفيذية بمقتضى المادة 41 من دستور 1923 ولا شك ان هذا المرسوم بقانون يعد من ناحية مصدره وهي الناحية التي يعتد بها وحدها في تحديد رقابة القضاء قرارا اداريا يخضع لرقابة هذه المحكمة كخضوع سائر القرارات الادارية التنظيمية منها والفردية فاذا كان باطلاً كان على المحكمة ان تقضي بإلغائه واستطردت المحكمة قائلة انه “لا حجة فيما تقوله الحكومة من ان الرقابة على المرسوم بقانون هي رقابة سياسية برلمانية لا مكان فيها لرقابة القضاء فالرقابة البرلمانية تنبسط على ملاءمة التشريع اما الرقابة القضائية فتنبسط على مشروعية القرارات التي لها قوة القانون”.

[44]  أقرت محكمة القضاء الإدارية بمصر في الدعوى رقم 2123 لسنة 35 ق الصادر بجلسة 1981/12/22 وقد جاء في حيثيات الحكم الاتي: “… و من حيث ان القرارين بالقانونين المشار اليهما عرضا على مجلس الشعب خلال المدة المنصوص عليها في المادة 147 من الدستور سالفة الذكر واقرها المجلس وبهذا الاقرار يصبحان قانونين شأنهما شأن القوانين العادية التي يوافق عليها مجلس الشعب طبقا لسلطته الاصلية في التشريع ومن ثم يدخل عملاً بحكم المادة 17 من الدستور والمادة 25 من القانون رقم 48 لسنة 1979 من اختصاص المحكمة الدستورية العليا…..” .

[45]  حسين رزاق ،تشريع الضرورة في دساتير دول المغرب العربي ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في القانون تخص القانون العام ،جامعة امحمد بوقرة بومرداس الجزائر،2015-2016، ص81.

[46]  سعاد ميمونة ، الطبيعة القانونية للتشريع بأوامر، جامعة ابو بكر بلقايد ، تلمسان ،مذكرة لتيل شهادة المجستير في الادارة المحلية ، السنة الجامعية 2010-2011 ،ص 104.

[47]  احمد سحنين ، الحريات العامة في ظل الظروف الاستثنائية في الجزائر، رسالة لنيل شهادة ماجستير في القانون العام، جامعة الجزائر كلية الحقوق ببن عكنون، السنة الجامعية : 2005 -2004،ص 133

[48]  الفصل 25 من الظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) المصادقة على نص قانون المسطرة المدنية.

[49]  المادة 50 من القانون رقم 11.02 المحدث بموجبه محاكم إدارية.

[50]  من بين القرارات الصادرة عن القضاء الاداري الفرنسي في هذا المجال نجد دعوى “مارسيل كوخ” التي طالبت بالغاء قرار حالة الطوارئ بمنطقة “puy-de-dime”بتاريخ 1940\11\13 فقضى مجلس الدولة في حكمه الصادر بتاريخ 1941\05\16 “بانه ولو كان من غير الملزم ان تسبب سلطة الطوارئ قرارتها، ولو ان المجلس  لا يملك مناقشة الباعث على اصدار القرار، الا ان الطعن فيه مع ذلك يدخل في اختصاصه”.

والى جانب القرار السابق هناك قرار صادر عن القضاء الاداري المصري صادر عن مجلس الدولة رقم 568 لسنة 3 قضائية السابق ذكرها “”…الا ان التدابير التي يتخذها القائم على اجراء النظام العرفي سواء كانت تدابير فردية او تنظيمية ليست الا قرارات ادارية يجب ان تتخذ في حدود القانون ويتعين ان تخضع لرقابة القضاء…”.

[51]  جغلول زغدود ، حالة الطوارئ وحقوق الانسان ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،جامعة بومرداس الجزائر، السنة الجامعية 2004-2005،ص149.

[52]  رزاق حسين ،تشريع الضرورة في دساتير دول المغرب العربي ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في القانون تخص القانون العام ،جامعة امحمد بوقرة بومرداس الجزائر،2015-2016، ص99.

[53]  سديرة محمد علي ، الحالات الاستثنائية في القانون الجزائري ،مذكرة اطروحة دكتوراه ،جامعة الاغواط الجزائر ،السنة الجامعية 2013-2014 ص:71

[54]  رزاق حسين ،تشريع الضرورة في دساتير دول المغرب العربي ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في القانون تخص القانون العام ،جامعة امحمد بوقرة بومرداس الجزائر،2015-2016، ص97.

[55]  سديرة محمد علي ، الحالات الاستثنائية في القانون الجزائري ،مذكرة اطروحة دكتوراه ،جامعة الاغواط الجزائر ،السنة الجامعية 2013-2014 ص:83

[56]  جغلول زغدود ، حالة الطوارئ وحقوق الانسان ،مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق ،جامعة بومرداس الجزائر، السنة الجامعية 2004-2005،ص : 153.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى