في الواجهةمقالات قانونية

التوثيق العدلي المغربي: الجسم التقليدي المحنط والمفاتيح الكبرى للتغيير

 

نورالدين الحلاوي

عدل موثق باحث خريج ماستر العقار والتعمير بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي الرباط

التوثيق العدلي المغربي: الجسم التقليدي المحنط والمفاتيح الكبرى للتغيير

بعد أن أمطنا اللثام في إحدى مقالاتنا عن المعيقات التي تجعل التوثيق العدلي متخلفا عن مواكبة الثورة الرقمية والمعلوماتية التي تغزو كل القطاعات ، وأصبح كل من تخلف عن هذا الركب خارج التنمية بل خارج التاريخ، فإنه في هذا المقال نسلط الضوء على مخرجات تحرر مهنة التوثيق العدلي من القيود القانونية التي تقف حائلا دون مسايرة المهنة للركب الحضاري، فالتغيير وعي بمشروع غد، والغد زمان والناس في وجه سيرورته والإحساس به صنفان، إما واع كليا أو جزئيا بحركة الزمن أو غافل عنها خارج التاريخ، فليس هناك واع بالتاريخ غافل عن المستقبل، ولا واع بالمستقبل غافل عن التاريخ مسجل، والمقبل منه تاريخ مؤجل، الأول مصدره العبرة ومجال الخبرة، ونسيج الذاكرة والثاني مساحته الفعل وميدان التنافس ومجال الاستدراك، ومن أهم الاستدراكات التي خلقت هموما لأهل مهنة التوثيق العدلي هو كيفية الخروج من هذا الجسم التقليدي المحنط، والبحث عن المفاتيح الكبرى التي تلج من خلالها لأجل التغيير[1]، ولن يتأتى ذلك إلا بالرفع من سقف تكوين العدول وتحرير الوثيقة العدلية من كل القيود التي تعيق تطورها وتقدمها وتعتريها خلال مراحل ولادتها (المطلب الأول)، ثم إنه لحماية الوثيقة العدلية ومحرريها وجب إعادة النظر في آليات المراقبة والتأديب واقتراح بدائل من شأنها تحقيق الحماية التي ننشدها (المطلب الثاني).

 

 

 

 

المطلب الأول: رهان التكوين وتحرير الوثيقة العدلية من معيقات تطورها

سنتحدث بداية عن تكوين العدول والبحث عن الآليات الممكنة للرفع من سقف التكوين والارتقاء بالمهنة (الفقرة الأولى)، على أن نتحدث عن البدائل الممكنة لتحرير الوثيقة العدلية من القيود التي تعتريها والبحث عن مخرجات استقلالها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التكوين والتكوين المستمر رافعة أساسية للرقى بمهنة التوثيق العدلي

يعتبر التكوين إحدى المحددات الأساسية لتطوير المهنة وتقدمها ومواكبة متغيرات الحياة سواء للعدول المتمرنين من خلال فترة التمرين (أولا) وللسادة العدول الممارسين في حياتهم المهنية (ثانيا).

أولا: ضرورة الرفع من سقف المدة الزمنية المخصصة لتكوين العدول المتمرنين

تحدثنا قبلا عن الحيز الزمني المخصص لتكوين العدول المتمرنين والذي حصره المشرع المغربي في ستة[2] أشهر تهم الجانب النظري وستة (6) أشهر مخصصة للجانب العملي أربعة أشهر منها بالمكاتب العدلية، وقلنا بأن هذه المدة المخصصة للتكوين بالمكاتب العدلية تبقى في نظرنا إحدى معيقات التطور، لذلك لابد من إعادة النظر فيها ورفع السقف الزمني إسوة بالموثق العصري الذي حدد المشرع مدة تكوينه بأحد مكاتب التوثيق ثلاث سنوات[3]، ناهيك على أن بعض المقتضيات يتم تدريسها للموثق ولا يتلقاها نظيره العدل كالمقتضيات المتعلقة بالقانون البنكي والبورصة وقواعد المحاسبة والخبرة[4].

ويوجب المرسوم على المتمرن الموثق أن يشارك تحت مسؤولية الموثق في نشاط المكتب، ويساعده في جميع الإجراءات والحضور معه أثناء تلقي العقود وتحريرها واتخاذ الإجراءات اللازمة لإتمامها، مع وجوب الحضور في الندوات العلمية والأيام الدراسية التي تنظمها الهيئة الوطنية للموثقين لفائدة المتمرنين وإجراء تمرين بصفة مستمرة وبدون انقطاع -إلا لمبرر مقبول- إلى حين النجاح في الامتحان المهني. كما عليه الالتزام أثناء قضاء فترة التمرين بمكتب الموثق، علاوة على قواعد النزاهة والشرف والاستقامة والأمانة والأخلاق الحميدة، والتقيد بالالتزامات الضرورية للقيام بمهمته التي تفرضها وضعيته كمتمرن تحت طائلة العقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادة 72 من قانون الموثقين[5].

والمتمرن لا يعتبر أجيرا لدى الموثق المشرف على التمرين، غير أنه يستحق تعويضات عن المهام التي يقوم بها، ولم يحدد المرسوم ولا غيره هذه التعويضات. ويبدو أن ترك النظام الداخلي التي تضعه الهيئة الوطنية للموثقين طبقا للمادة 99 من قانون التوثيق.

وفيما يتعلق بنظام الاختبارات التي تنظم لهاتين الفئتين من المتمرنين، نص المرسوم على أنه يتم إجراء اختبارات للمتمرنين من الفئتين المذكورتين في نهاية كل سنة من فترة التمرين، ما عدا السنة الأخيرة التي يجري فيها الامتحان المهني والتي للأسف هذه الأمور مغيبة لدى العدول المتمرنين، وأن هذه الاختبارات تنظم من قبل معهد التكوين المهني للتوثيق الذي يعلن مديره عن تاريخها ومكانها.

وتشمل هذه الاختبارات كل سنة على اختبار كتابي في مواضيع مختلفة أهمها المعاملات العقارية والتجارية والعقود الخاصة، وآخر شفوي في مواضيع أهمها تقنيات تلقي العقود واستكمال إجراءاتها والنصوص المنظمة لمهنة التوثيق وقواعد المحاسبة، والقانون البنكي، وقانون الاستثمار وقانون الصرف والقانون الدولي الخاص، وأنظمة التأمين والتنظيم القضائي، والمادة الجبائية، وأن النتائج النهائية للاختبارات تعلن في كل سنة بمقر اجتيازها، ويؤخذ مجموع الدرجات المحصل عليها بعين الاعتبار عند التعيين[6].

وصفوة القول أن على المشرع أن يحدو حدو القانون المنظم لمهنة الموثقين وجعل مدة تكوين العدول المتمرنين 3 سنوات بالمكاتب العدلية وإحداث معهد خاص بالتكوين المهني للموثقين العدول حتى يمكن فتح باب توحيد المهن مستقبلاً. وإذا كان المستعمر قد سلك طريقا لتحقيق أطماعه وإضعاف نظام التوثيق العدلي، والتشكيك في قدراته ومصداقية وطمس هويته، مع استهداف السلوك والثقافة الاجتماعية والحضارية للبلدان في الآن ذاته عن استصدار آلية قانونية جديدة تسمى التوثيق العصري حينما استشعر ضعف الحماية القانونية للمحرر العرفي، فإنه اليوم لا يعقل أن يظل جسم التوثيق المغربي يشتغل برأسين منفصلين[7]، ويؤدي وظيفته بآليتين مختلفتين، وهذا ما يتناقض كليا مع قانون 26 يناير 1965 المتعلق بتوحيد المحاكم ومغربتها وتعربيها، لهذا وجب سد هذا الفراغ التشريعي، والعمل على إصدار مدونة التوثيق على الصعيد الوطني، فيها يتم جمع شتات العدول، وما يسمى بالموثقين العصريين تمهيداً للاندماج والتوحد، وذلك في إطار مقوماتنا الشرعية وخصوصياتنا الحضارية طبقا لمبدأ المغربة ووحدة التشريع[8].

 

ثانيا: ضرورة التأهيل القانوني للعدول الممارسين بالتكوين المستمر

تكوين العدول أصبح يعد من الدعامات الأساسية في إنتاج خدمة تتسم بالجودة العالية، ذلك أن عملية التكوين كما قلنا تعتبر ضرورة من ضرورات العمل التوثيقي لما له من الارتباط بالمستجدات الطارئة في المجال القانوني، وانتظارات المهنة أصبحت تستدعي تكوينا قانونيا مستمرا للسادة العدول بل وحتى المعلوماتي، حيث أضحى هذا التكوين خيارا استراتيجيا وضرورة أملتها طبيعة هذه المهنة وخطورتها وطابعها التقني المتمثل في الشكليات والإجراءات التي تلزم العدل بإتقانها حتى تتسم خدمته بالجودة والتكوين المستمر إذ يضخ الدماء في جسم المهنة لتبقى قوية صامدة أمام المنافسة الشرسة التي تعيشها المهن، فالتكوين المستمر هو مفتاح الإبداع والاجتهاد وهو موطن القوة للسادة العدول، ولعل السبل لتحقيق ذلك هو جعل الخضوع للتكوين المستمر إلى جانب واجب الاشتراك في إعادة تسجيل العدل في جدول العدول شرطان أساسيان، بحيث أن غياب هذين الشرطين أو أحدهما يؤدي حتما إلى السقوط التلقائي لاسم العدل من جدول العدول، فهذا لم ينص عليه، ولكن آمال المهنيين العدول ينتظر تحقيق هذا الهدف[9].

وفي سبيل تحقيق ذلك يقترح الأستاذ الحبيب غازي الكرسيفي وضع خريطة تأهيلية للسادة العدول تتشكل في النقاط الآتية:

  • وضع سياسة للتكوين المستمر للعدول واشتراك القضاة والعدول والمحامين والجامعيين فيه التكوين.
  • مراجعة معايير الدخول إلى المهنة سواء تعلق الأمر بالتخصصات الدراسية، أو وحدة التكوين أو وحدة التدريب، أو مكان قضاء التمرين الذي يجب أن يشمل جميع المؤسسات بما فيها المؤسسات السجنية.
  • تأسيس معاهد للتكوين المستمر جهوية في كل مجلس جهوي الواحد والعشرين تطبق برامج مدروسة لتستجيب لحاجات التكوين والعمل على تنسيق البرامج مع المحافظ العقارية، وإدارة التسجيل، والوكالات الحضرية، وإدارة الأملاك المخزنية.
  • دعم التكوينات الخاصة بالمهن القضائية في كليات الحقوق وتسهيل ولوجها وفتح الشراكة من طرف المجالس الجهوية مع كليات الحقوق، وضمان جودة التكوين[10].

ولن نصل إلى التأهيل القانوني للعدل إلا بالتأهيل الأخلاقي أيضا، لذلك يتعين على العدل أثناء ممارسته لمهمته أن يتحلى بالاستقامة واللباقة والشرف، كما عليه أن يبتعد في حياته الخاصة عن كل عمل أو تصرف من شأنه أن يسيء للمهنة أو ينعكس سلبا عليها، ويحط من جلالها وقدرها وقداستها، وأن يرتفع عن البحث عن الزبناء بأية وسيلة من الوسائل، وأن لا يستعمل الإعلانات والدعاية والإشهار الفردي إلا في حدود ما يسمح به القانون وتقرره أخلاقيات المهنة وطنيا وجهويا.

الفقرة الثانية: مخرجات تحرير الوثيقة العدلية وتحقيق الحماية المنشودة

حتى تشق الوثيقة العدلية طريقها الصحيح نحو أفق التوحيد كان لابد من تجاوز المعيقات التي تعترض سبيلها وذلك بوضع حد لكل المزلقات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف سواء على مستوى مراحل التلقي والتحرير (أولا)، أو على مستوى مرحلتي الخطاب والتضمين (ثانيا).

أولا: على مستوى مرحلتي التلقي والتحرير

لتحقيق الحماية القانونية للوثيقة العدلية اللازمة التي من شأنها مواصلة ركب الحياة والاستجابة لمصالح المواطنين لابد من المخرجات التالي:

  • ضرورة التوسيع من دائرة الاختصاص المكاني وعدم تقيد العدل في ممارسة الخطة بحدود دائرة محكمة الاستئناف المنتصب فيها[11] وجعله يمارس مهامه بمجموع التراب الوطني إسوة بنظيره الموثق[12] وفي ذلك انتصارا لقضية الأمن التوثيقي لما في هذا من مصلحة في الحفاظ على مصالح المواطنين وعدم التقييد من حريتهم في اختيار من يتولى إبرام تعاقداتهم، لأنه تبين بالملموس أن هذه القيود العائدة للاختصاص المكاني سبب في تنفير المواطنين من هذه المهنة العظيمة. لأن في ذلك ضربا لإدارة القرب وقضاء القرب فلا يعقل أن نحمل المتعاقد ما لا يطيق والقيام بإجراءات الإشعار هو في غنى عنها، وهو ما من شأنه أيضا وضع حد لتنازع الاختصاص التي تثيره المادة 15 من القانون المنظم للمهنة[13].

هذا ويجب قطع الصلة بين مسطرة التلقي الثنائي، وبالتالي حان الوقت لسن مسطرة الإشهاد العدلي تستجيب لمتطلبات الحكامة التوثيقية عبر تبني نظام الكاتب بالعدل الذي يعتمد تقنية الإشهاد الفردي كبديل لنظام العدلين الذي يرتكز على التلقي الثنائي، على اعتبار أن هذا لأخير لم يعد يساير التطور الحاصل في المجتمع، علاوة على كونه متجاوزا واقعيا من طرف العدول الموثقين، فما الفائدة إذن من سن مقتضيات غير قابلة للتطبيق والتنزيل على مستوى الواقع والممارسة[14]؟

  • إعادة النظر في المادة 31 من القانون 16.03 المتعلق بالتوثيق العدلي ومرسومه التطبيقي المادة 25 حيث تنصان على ما يلي: “يتعين أن تشمل الشهادة على الهوية الكاملة للمشهود عليه، وحقه في التصرف في المشهود فيه، وكونه يتمتع بالأهلية القانونية لهذا التصرف”، ونصت الفقرة الثالثة من المادة 25 من المرسوم التطبيقي لنفس القانون على ما يلي: “تشمل أيضا على الحالة المدنية الكاملة للمشهود عليهم وجنسيتهم ومهنتهم وعنوانهم الكامل، وكذا رقم بطاقة التعريف الوطنية وتاريخها إن وجدت، أو أي وثيقة إدارية تفيد التعريف”.

يبدو من خلال المادتين أعلاه أن المشرع خص بهذه الأحكام المشهود عليهم دون المشهود لهم وهو في نظر البعض[15] موقف غير سليم أو على الأقل أن المشرع المغربي خانته الدقة اللازمة في صياغة هذه المقتضيات، مما يتعين معه إعادة النظر في هذه المقتضيات في أقرب فرصة متاحة للتعديل والعمل على تمديد هذه الأحكام لتشمل كذلك المشهود لهم. فأطراف الوثيقة مشهود لهم ومشهود عليهم، ولكن من الناحية العملية، فالعدل الموثق يلزم المشهود له والمشهود عليه على حد سواء بالتوقيع معا أسفل الشهادة بمذكرة الحفظ.

  • ضرورة تجاوز الإشكالات المتعلقة بتعدد تواريخ الوثيقة العدلية والتاريخ الذي يتوجب الأخذ به سواء بين المتعاقدين أو الغير وجعل التاريخ الذي يتوجب أخذه بعين الاعتبار في الوثيقة العدلية والاحتجاج به في مواجهة الكافة هو تاريخ تلقي الإشهاد العدلي بمذكرة الحفظ الممسوكة من طرف العدل الموثق وليس غيرها من التواريخ الذي تشتمل عليها الوثيقة العدلية[16].

كما أن تاريخ التلقي يعد بداية لتحديد الآجال الشرعية والقانونية كعدة الطلاق، وبداية أجل أداء رسوم التسجيل والضرائب الواجبة للدولة وتاريخ استيفاء المحافظة العقارية واجباتها، وهو مرجع لتطبيق القانون الجاري به العمل يوم تلقي الشهادة وهو مرجع للاتفاقات التي تقع بين الأطراف حيث يكون بداية التاريخ انطلاقا وانتهاء ما اتفقوا عليه[17].

  • ضرورة التعامل مع الحواسيب وتجاوز الكتابة الورقية، صحيح أن التوثيق العدلي يعتبر حضارة مغربية يجب ألا نفرط فيه ونعمل على دمجه في الحضارة المعاصرة ولكن هذه الطرق التقليدية في منهجه تسبب مشاكل عديدة للقضاء، لذا يجب على الموثقين العدول خصوصا في ظل التحول الرقمي الذي تعرفه بلادنا أن ينخرطوا في التحولات التوثيقية التي يعرفها العالم في المجال التجاري والعقاري وأن يكونوا على علم بأنماط التوثيق المتعددة والصفقات التجارية الكبرى والشركات المتعددة الجنسيات، حتى يساهموا في الحفاظ على هذا النوع من التوثيق وفق مقتضيات العصر من جهة، ومواكبة التحولات التي يعرفها في هذا المجال من جهة ثانية، فيجب إدخال الحواسيب[18] في مجال التوثيق العدلي والتعامل معها، لأن الحواسيب تستطيع أن تعالج أي شيء على الإطلاق طالما يمكن تحويله إلى أعداد، ويمكن برمجة الحواسيب لمعالجة المكالمات والقواعد التوثيقية والعقود المختلفة سواء تعلق الأمر بعقود الأحوال الشخصية أم بعقود المعاملات أو التبرعات أو المختلفات[19].

وهذا من شأنه قطع الصلة مع مذكرة الحفظ وتجاوز المشاكل التي تثيرها ملخص الشهادة.

ثانيا: على مستوى مرحلتي الخطاب والتضمين

تعرف هذه المرحلة مجموعة من المعيقات ولولاها لكانت الوثيقة العدلية بأفضل حال مما هي عليه الآن بسبب هذه القيود والتي لابد لتحريرها من المخرجات التالية:

  • ضرورة رفع خطاب القاضي عن مؤسسة التوثيق هذا القيد الذي أصبح لا أهمية له يساهم فيبطء إنجاز الوثائق العدلية يتطلب ردحا من الزمن قد يصل إلى شهر فأكثر في أحسن الأحوال يبتدئ من تاريخ تلقي الإشهاد العدلي لمذكرة الحفظ لكي تكتسب الوثيقة رسميتها، والواقع أنها ليست في حاجة لهذه الشكلية، فالشهادة العدلية نشأت مستقلة عن القضاء، فالعدول قبل النصف الثاني من القرن السادس الهجري، لم يكونوا مطالبين بتذييل وثائقهم بخطاب القاضي مع ذلك كانت شهادتهم حجة قاطعة في مواجهة الخصوم من المتعاقدين والأغيار[20].

ثم إن رفع الخطاب تقتضيه جملة من الاعتبارات[21] أهمها ما له صلة بالتصرفات العقارية، فتوثيق التصرفات والمعاملات الواردة على العقارات المحفظة يتحكم فيها عنصر الزمن ويؤثر فيها سلبا أو إيجابا بحسب الأحوال، فهي تحتاج في إنجازها وتوثيقها توثيقا سليما إلى عنصر السرعة والفعالية تفاديا لإهدار حقوق المتعاقدين وضياعها عملا بما هو منصوص عليه في الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري[22] الذي عدل وتمم بالقانون 14.07، من حيث إن الأفعال الإجرائية والاتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني، أو نقله إلى الغير أو الإقرار به، أو تغييره أو إسقاطه، لا ينتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري دون الإضرار بما للأطراف من الحقوق في مواجهة بعضهم البعض وكذا إمكانية إقامة الدعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقهم، وعليه، فإن تعليق الرسمية على شكلية الخطاب الذي يتطلب ردحا من الزمن يقضي حتما إلى تعذر تقييدها في الرسم العقاري ولو تقييدا احتياطيا فأحرى تقييدا نهائيا قبل استيفائها للإجراء الشكلي المتعلق بالخطاب، مما قد يؤدي إلى الإضرار بحقوق أحد المتعاقدين وبالتالي زعزعة مبدأ استقرار المعاملات ناهيك عن المنازعات التي قد تنجم عن مثل هذه الوضعيات غير المحسومة العواقب، الشيء الذي يتنافى ودور الوثائق العدلية في تحقيق الأمن التعاقدي وتكريس العدالة الوقائية باعتبارها وسائل إثبات مفترض فيها رفع الخلافات وتسوية النزاعات بدلا من إيقاع الناس فيها[23].

  • ضرورة اعتبار الوثيقة العدلية رسمية قبل الخطاب عليها لاعتبارات كثيرة منها:
  • لأنها صحيحة من الوجهة الشرعية ومن الوجهة القانونية.
  • لأنها محررة من عدلين منتصبين للإشهاد يقومان بخدمة عامة، بعد تأديتهما للقسم وفقا لمقتضيات المادة 10 من القانون رقم 16.03 بالإضافة إلى أنهما من مساعدي القضاء.
  • ولأن اعتبار الوثيقة التي نحن بصددها وثيقة رسمية يقرب -بعض الشيء- هذه الوثيقة من تلك المحررة من الموثقين العصريين.
  • واعتبار الوثيقة العدلية رسمية قبل الخطاب عليها ينسج انسجاما كليا مع مقتضيات المادة 34 من القانون 16.03 وقد جاء فيه أنه “تكتب الشهادة تحت مسؤولية العدلين…”.
  • وأخيرا فما يمكن الاستئناس به في هذا الصدد أن القانون الجنائي المغربي اعتبر ضمنيا الوثيقة العدلية رسمية. وذلك حسب مقتضيات الفصلين 352 و353 من القانون الجنائي المغربي.
  • ضرورة إعادة النظر في الآجال الطويلة التي تقطعها الوثيقة العدلية حتى تكون رسمية، فهي تعتبر عبئا ثقيلا على الوثائق العدلية وعلى المواطنين وتحديدا المتعاقدين الذين يختارون طريق التوثيق العدلي في توثيق معاملاتهم عامة وتصرفاتهم العقارية بشكل خاص. وفي هذا يرى عبد السلام آيت سعيد[24] أن القانون في قسمه الثاني المتعلق بتلقي الشهادات وتحريرها ونسخها وفي مرسومه التطبيقي مازال يعض بالتواجد على الأسلوب القديم والمسطرة التقليدية في إنجاز الوثيقة العدلية. وبالتالي أضحى شعار “عصرنة خطة العدالة” حول إصلاح القضاء، حيث ورد فيه: “يأتي القضاء في طليعة القطاعات ذات الأسبقية في المرحلة المقبلة، فالعدل بقدر ما هو أساس الملك فهو قوام دولة الحق وسيادة القانون والمساواة أمامه ودعامة للتنمية وتشجيع الاستثمار”.

ويطرح سؤالا استنكاريا وهو عن حق: هل مازالت الوثيقة العدلية صالحة لزماننا: زمن “تكنولوجيا المعلومات” و”الثورة المعلوماتية” حيث المحرر الإلكتروني والحاسوب الآلي والشبكة العنكبوتية العالمية، وخدمة التيلنتTelnet؟!

  • ضرورة فك الارتباط بمؤسسة التضمين لكونها لا تنسجم وما جاء في ديباجة القانون 16.03 والتي من بين ما جاء فيها ما يلي: “… واستجابة للبرنامج الإصلاحي الذي تنهجه الدولة المغربية في شتى القطاعات من أجل تخليص الحياة العامة وتحديث الأساليب والمناهج المتبعة في التسيير المهني، وعصرنة المهن الحرة، لمواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تم وضع هذا القانون الذي يتسم بمميزات هامة وحافظ بشكل إجمالي على أصالة خطة العدالة ومكتسباتها ورسخ عدة اجتهادات في مجال التوثيق”[25]. ومن ثم فإنه لا يعقل أن يتم الإبقاء في عصرنا الحالي عصر الحداثة والتكنولوجيا والمعلوميات على مسطرة عتيقة تشكل العقبة الأولى أمام تطور الوثائق العدلية، ناهيك عن الإشكالات العملية التي تطرحها هذه المسطرة والقائمين عليها بسبب التجاوز والخروقات التي يتسبب فيها النساخ بوجه خاص، فكم من وثيقة عدلية تحمل مراجع التضمين على أساس أنها مضمنة فعلا بالسجل المخصص لها، لكن في الواقع تكون غير مدونة في ذلك السجل الذي تحمل مراجعه، فبالرجوع إلى السجل لن تجد لها أثرا، وهو ما تسبب في مشاكل جمة من قبيل عدم إمكانية استخراج نسخة في حالة ضياع الرسم الأصلي فكيف السبيل إلى ذلك والحال أنه لا وجود له من الناحية الواقعية في سجل التضمين؟[26]

المطلب الثاني: سبل تجاوز المعيقات المرتبطة بحماية العدل

صحيح أن مراقبة القاضي المكلف بالتوثيق لممارسي خطة العدالة تعمل على ضمان حسن سيرها، كمرفق عمومي تأكيدا لاستمرار وجودها في المجتمع لحاجة الناس، إلا أن هذه المراقبة اليوم أصبحت غير ذي جدوى ولا أهمية منها في ظل المطالبة بفصل القضاء عن مؤسسة التوثيق العدلي، ناهيك عن العراقيل والإكراهات التي باتت تستدعي أكثر من هذه المؤسسة، فالاستثمار في رؤوس الأموال أيا كان مجال هذا الاستثمار مرتبط بتحقيق العدالة التي لن تتحقق إلا بتحقيق النظام القانوني للتعاقد وتطويره وتحديثه، ومن أهم آليات التحديث في التوثيق العدلي الفصل بين مؤسسة قاضي التوثيق ومؤسسة التوثيق العدلي أو على الأقل اقتراح بدائل للتحقيق منها سواء على مستوى المراقبة والتأديب (الفقرة الأولى) أو على مستوى مسطرة المتابعة التأديبية التي أصبحت تمس بحماية العدل ومعه المهنة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مخرجات تجاوز المعيقات المرتبطة بالرقابة والتأديب

للنهوض بقطاع التوثيق العدلي لابد من إعادة النظر في المقتضيات المتعلقة بالرقابة والتأديب واقتراح بدائل ممكنة لتجاوز ذلك سواء على مستوى الرقابة (أولا)، أو على مستوى التأديب خاصة ما يتعلق بالجزاءات (ثانيا).

أولا: على مستوى المراقبة

رغم تعدد أدوار القاضي في مراقبة العدل وتتبع أشغالهم ومزاولة مهامهم[27]، فإن هذه الرقابة أبانت عن فشلها ولا جدوى من لأسباب وجيهة ذكرناها في باب المعيقات، لكن وجب فصل العلاقة بين القاضي والعدل وجعل هذه الرقابة بيد من لهم دراية بأصول المهنة كالمجالس الجهوية والوطنية للعدول حتى يصبح جسم السادة العدول متراص يصعب المساس به من أي جهة كانت. وإن شاء المشرع وأصر على إبقاء هذه المؤسسة والتي لا نحبذ صراحة هذا الطرح فإنه وجب الأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التالية[28]:

  • اختيار القضاة الذين ستسند لهم مهام التوثيق والقاصرين ممن تخرجوا من كلية الشريعة بجامعة القرويين قسم الدراسات العليا، أو من دار الحديث الحسنية “جنسية الفقه والأصول” لما لهاتين المؤسستين من باع طويل في تدريس قواعد الفقه والتوثيق العدلي، خاصة كلية الشريعة التي تدرس فيها القواعد الفقهية والقانونية المتعلقة بالشهادات والضوابط الفقهية والقانونية المتعلقة بالوثائق العدلية. وكذا فقه “الأحوال الشخصية” والميراث والتبرعات المرتبطة ارتباطا وثيقا بقضاء التوثيق وشؤون القاصرين.
  • إحداث شعبة أو تخصص عام للتوثيق العدلي بالمعهد العالي للقضاء، ليتمكن كل ملحق قضائي من الاطلاع على القواعد العامة لفقه الوثيقة العدلية وشرح ضوابطها، تساعده على القيام بأعباء التوثيق وشؤون القاصرين إن أسندت إليه مستقبلا، وتساعده كذلك على فهم المستندات التي يدلي بها أمام المحكمة فيما إذا كان قاضيا للحكم.
  • تفعيل المنشور الوزيري الصادر بتاريخ 29/9/1959 الذي فصل بين قضاة التوثيق وقضاة الأحكام، والعمل على أن يتفرغ كل منهم لمهام محددة لا يتعداها ولا يتجاوزها.
  • توفير العدد الكافي من القضاة المكلفين بالتوثيق في كل قسم من أقسام التوثيق، ليتأتى لقاضي التوثيق النظر بتأن وروية في كل وثيقة قدمت إليه للخطاب.
  • وأخيرا العمل على مراجعة القواعد المنظمة للولوج المباشر للقضاء وخاصة قضاء التوثيق، وجعل ذلك ممكنا لبعض العدول الذين لهم القدرة على الإبداع والابتكار في الميدان، والذين اكتسبوا تجربة كبيرة في المهنة ومارسوها وأبانوا عن كفاءة علية، ولاسيما حاملي شهادات الدكتوراه أو ما يعادلها.

ثانيا: على مستوى العقوبات التأديبية

يلاحظ غياب تصور واضح حول الدور الذي ينبغي أن تقوم به الهيئة الوطنية للعدول، والمجالس الجهوية في مجال تمثيل الهيأة والدفاع عنها وتنظيمها، والأخطر أن دورهما في مجال التأديب والمراقبة غائبا، فالمادة 41 من القانون المنظم للمهنة تتضمن استئناس النيابة العامة برأي المجلس الجهوي وهي مسألة أشرنا إليها سابقا أو من طرف القاضي المكلف بالتوثيق، ولا يلزم النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف إلا في المرحلة الأولى من البحث التمهيدي[29].

ثم إن هذه المادة هي السوط المسلط على العدول، وهي التي تقض مضجعهم، ولا يدري العدل أيا كانت ثقافته وأمانته وصدقه، متى يثير متعاقد أو متعاقدون شكاية ضده ولو مرت سنون على تلقيه للشهادة ،  لكل هذه الاعتبارات  القاسية والمريرة، وجب الأخذ بمقترحات الهيئة الوطنية للعدول في الجانب الزجري وذلك كالتالي[30]:

  • كل خرق للقوانين المتعلقة بقواعد المهنة، وكل تصرف يمس المهنة وأخلاقياتها يرتكبه العدل، ولو خارج نطاق العمل يستوجب التأديب.

ويمكن لكل متضرر من الشهادة التي تلقاها العدلان أن يثير إجراءات التأديب ضده أمام الهيئة الوطنية للعدول، وفق شروط يحددها النظام الداخلي.

  • نوع العقوبات التأديبية:
  • عقوبات من الدرجة الأولى:
  • الإنذار
  • التوبيخ
  • وديعة مالية لفائدة الهيأة الوطنية للعدول يحددها النظام الداخلي
  • المنع من الترشيح لعضوية هياكل الهيأة، سواء في إطار المجالس الجهوية أو المكتب التنفيذي.
  • عقوبات من الدرجة الثانية:
  • التوقيف عن العمل لمدة أقصاها ستة أشهر
  • العزل

الفقرة الثانية: مخرجات تجاوز معيقات مسطرة المتابعة التأديبية

تعرف مسطرة المتابعة التأديبية جملة من المقتضيات تمس بالأساس بحماية العدل وبالمهنة، صحيح أن التأديب هو وجه من أوجه الحماية القانونية للوثيقة العدلية. لكن حتى ترتقي هذه الحماية وجب إعادة النظر في المعيقات التي تعترضها واقتراح بدائل ممكنة لتجاوز ذلك سواء على مستوى مسألة إيقاف العدل (أولا)، أو على مستوى العقوبات التأديبية والجهة المكلفة بتنزيلها (ثانيا).

أولا: على مستوى مسطرة إيقاف العدل

كيف لدولة تتشبت بمبادئ حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية وتنزيلها على أرض الواقع ضمانا لمحاكمة عادلة أن تقرر التوقيف المؤقت للعدل قبل بدء أي متابعة جنائية خلافا لمبدأ المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

فالمادة 48 من القانون المنظم لخطة العدالة تنص في فقرتها الأولى على ما يلي[31]:

“يمكن للوكيل العام للملك كلما فتحت متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية، ضد عدل أن يوقفه مؤقتا عن عمله بإذن من وزير العدل…”، وهذا ضربا لمبدإ دستوري الذي يتمتع به الشخص العادي خلال أطوار المحاكمة فكيف لعدل وهو مؤتمن من قبل الدولة أن يتم حرمانه من هذا المبدأ قرينة البراءة الذي أقره المشرع لضمان أمن الأشخاص وحماية الحرية الفردية، فالمشتبه فيه أو المتهم الذي يستفيد من قرينة البراءة يتعين أن يخضع لنظام مشابه لذلك الذي يستفيد منه الشخص العادي، وبالتالي فلا يجب حرمانه من حريته خلال سريان البحث والتحقيق والمحاكمة الجنائية، وإذا كان من الضروري إلقاء القبض عليه أو اعتقاله احتياطيا، فيتعين أن تقتضي ضرورات التحقيق والأمن العام ذلك.

إن تطبق مبدأ قرينة البراءة يمكن أن يبعد عن الشخص الذي تمت متابعته وحصل على حكم بالبراءة، كل نظرة اشمئزاز يتلقاها من المواطنين تحمل الإدانة والتشكك.

إن قرينة البراءة أقرها المشرع لمواجهة كل اتهام كاذب أو اقتناع مسبق وكذا لإبعاد احتمال أي خطأ قضائي الذي يبقى حاضرا في جميع مراحل الدعوى الجنائية.

إن هدف قرينة البراءة هو إشهار الحقيقة وإقرار مبدأ المساواة، فالحقوق المضمونة للدفاع تكون غير تامة دون مبدأ مساواة الجرائم والعقوبات التي ترجع حقيقته إلى مبدأ قرينة البراءة المضمون لكل متهم[32].

لكل هذه الاعتبارات وجب على المشرع إعادة النظر في المقتضيات المتعلقة بالجانب التأديبي للعدل فيما يخص المسطرة وجعل العدل يتمتع بقرينة البراءة وعدم إيقافه لما لذلك من آثار وخيمة كما سبق ذكرها خاصة على مهنة حساسة كمهنة التوثيق العدلي التي تعتمد بالدرجة الأولى على أخلاق ونزاهة العدل والذي يبدو من خلال ما تقدم أن المشرع يحاول سلبها وجعل الأصل فيه الاتهام حتى يثبت العكس والحال أن قرينة البراءة حق مشروع دستوريا يجب على العدل أن يتمتع به خلال مراحل أطوار المتابعة حتى وإن ثبت في حقه مخالفة مهنية تستوجب التأديب فآنذاك وجب إنزال أشد العقوبات على العدل وعزله مباشرة من الخطة.

ثانيا: على مستوى العقوبة والجهة المكلفة بإيقاعها

الملاحظ من خلال المتابعات المتعلقة أن البعض منهم اعتاد ارتكاب المخالفات، لذلك من دأب على الوقوع في المحظور وارتكاب المخالفات والإخلالات بواجباته المهنية، ينبغي أن تشدد عليه العقوبة بشكل تصاعدي إلى يعزل من الخطة ولم لا تنزيل عقوبة العزل مباشرة حتى يكون عبرة لغيره لكل من سولت له نفسه المساس بهذه المهنة العريقة، كما ينبغي لغرفة المشورة أن تنزل عقوبة العزل مباشرة على كل عدل حكم عليه بالسجن أو بالحبس النافذ أو موقوف عن التنفيذ، من أجل جريمة ارتكبها، سواء كانت لها علاقة بمهامه وبما يمس بشرف المهنة، أو ليست لها علاقة بذلك، كمطلق الجرائم التي يرتكبها العدل في حياته الخاصة كجريمة الفساد والخيانة الزوجية والسكر العلني وغيرها من الجرائم التي تتنافى شرعا وفقها مع وصفه كعدل شاهد، وذلك لصعوبة الفصل من جهة أولى بين شخص العدل والمهنة التي يزاولها عند ارتكابه لإحدى الجرائم المذكورة، حيث يختلط فيها الجانب الشخصي والجانب المهني في كثير من الأحيان، ويتداخل الجانبان بعضهما مع البعض. ومن جهة ثانية، فإن أهم الشروط التي تشترط في المرشح قبل توليه مهام التوثيق أن يكون ذا مروءة وسلوك حسن، ولا يكون محكوما عليه بحبس منفذ أو موقوف التنفيذ قبل توليه مهنة التوثيق العدلي، فوجب أن يظل العدل متوفرا على هذه الشروط بعد توليه لهذه المهام وطول حياته المهنية، وقد ذكرنا آنفا أن حدوث جرحة في العدل الشاهد أو فقد شرط من الشروط المعتبرة في العدالة، يوجب عزله من المهنة، وأن القضاة كانوا يجددون البحث والسؤال عن العدل في كل ستة أشهر[33].

أما مسطرة تأديب العدل تعرف نوعا من الخصوصية كضمانة في حق العدل سواء على مستوى الجهة أو المحكمة المختصة للبت في المتابعات أو على مستوى التركيبة التي تتألف منها الهيأة والتي تبت في المتابعة، وهكذا تنص المادة 47 من قانون خطة العدالة 16.03 على ما يلي:

“يحيل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف المعين العدل بدائرة نفوذها المتابعة التأديبية إلى محكمة الاستئناف.

تبت محكمة الاستئناف في غرفة المشورة وهي مكونة من خمس أعضاء بعد استدعاء الأطراف المعنية لسماع ملاحظاتهم وتلقي الملتمسات الكتابية للوكيل العام للملك، وتطبق قواعد المسطرة العادية على هذه المتابعة”.

صحيح أن هذه المقتضيات تعتبر ضمانة هامة للعدول، ولكن ستتقوى هذه الضمانات أكثر لو تم أخذ مقترحات الهيئة الوطنية في هذا الباب وعلى مستوى مجلس التأديب وهي كالتالي[34]:

  • يحدث على مستوى الهيئة الوطنية مجلس تأديب يتكون من 4/3 أعضاء الجمعية من بينهم رئيس الهيأة ينتخبهم الجمع العام باقتراح سري، يتوفرون على مواصفات تتسم بالحيادية والصدق والنزاهة، يستمر عملها مدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة وفق شروط يحددها النظام الداخلي.
  • يحال العدل على مجلس التأديب بقرار من الهيأة الوطنية أو بقرار من المجلس الجهوي التابع لها العدل.
  • يحال رئيس الهيأة الوطنية على مجلس التأديب بقرار من ثلاثة أرباع رؤساء المجالس الجهوية دون رئيس الهيأة، أما إذا كان أحد أعضاء المجلس التأديبي غائبا، فيحل محله العدل التابع له في الأصوات.

وكاقتراح بديل إن تم الإبقاء على هذه المسطرة كما هي نتبنى الطرح الذي ذهب إليه الأساتذة[35] بأن يكون القضاة الذين يؤلفون غرفة المشورة في كل محكمة استئناف على دراية تامة بالقواعد التوثيقية والضوابط المراعية في التوثيق العدلي ما أمكن، حتى يستطيعون التفريق بين ارتكاب المخالفات التوثيقية المهنية من عدمه.

 

 

 

 

خاتمة:

 

لقد حاولنا من خلال هذه الدراسة، أن نبين أهم السبل والمخرجات لتجاوز كل  المعيقات التي تعتري مهنة التوثيق العدلي وتحقيق الحماية القانونية الكاملة، لنخلص إلى أن القانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة الذي يعتبر محورا أساسيا في المنظومة القضائية وإن كان أريد من خلال أهدافه سد الثغرات التي عرفها القانون(81.11)، ودمج خطة العدالة في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والرقي بها إلى مصاف المهن القانونية والقضائية المتطورة، وجعلها تواكب التطورات والمستجدات التي يعرفها العصر في شتى المجالات، ومنها مهنة التوثيق الدلي، أملا في تحقيق الحكامة العادلة التي يتوق إليها كل من طلبها، بدءا من إثبات الحجة ونهاية يجعلها أساسا للحكم وغاية في تحقيق العدالة، فإنه من خلال مواده الأربع والثمانين تعتريه مجموعة من الثغرات والنواقص، وطغيان الجانب التنظيمي على حساب الجانب الموضوعي، وذلك بإضفاء الصبغة الرقابية المطلقة على العدول عبر نظرية الأذونات والإشعارات التي أغلقت على العدول جميع منافذ الاستقلالية ورهنتهم رهنا جبريا بالقاضي المكلف بالتوثيق، هذه الرهنية لم تأت لتحسين جودة مواد التوثيق العدلي بقدر ما جاءت لتستجيب لأمزجة رغبات القاضي المكلف بالتوثيق من قبول أو رفض الرسم العدلي والخطاب عليه، وهذا طبعا لا يمكن إلا أن يكون سببا في قصور الحماية القانونية التي يضفيها القانون على الوثيقة العدلية خاصة في حقل التصرفات العقارية التي تتطلب البساطة والسرعة في إنجاز الإجراءات حتى لا تضيع حقوق المتعاقدين، وهذه القيود تجعل الوثيقة العدلية عاجزة عن التطورات والمستجدات التي يعرفها العصر، فلا يعقل أن تظل حقوق الغير معلقة بين هذه العقبات التي قد تتضاعف وقد تتقلص حسب رغبات ومزاج القاضي مما تضيع معه الحقوق، ولعلها مدخل يولد في ذهن المتعاقد تفضيل منتوج الموثق على العدل، فوثيقة الموثق تعتبر الغالب الأمثل للاستجابة لمختلف تطلعات المرتفقين باعتبارها تواكب التطورات التي تعرفها بلادنا، الوثيقة هنا تضفى عليها الرسمية بمجرد توقيع الطرفين عليها ومحررها، بينما هناك تبقى الرسمية هدف يصعب نيله إلا إذا مرت الوثيقة العدلية بمختلف العقبات التي تعيق حماية الوثيقة العدلية ومعها التصرفات العقارية لتكلل في الأخير بخطاب قاضي التوثيق الذي يضفي عليها الصبغة الرسمية بعد أن تهدر الحقوق وتضيع المصالح.

ولم تقف أوجه قصور الحماية القانونية عند هذا الحد، بل إن المشرع أغرق المواد القانونية المضمنة في هذا القانون بمصطلح “يتعين”، وهذا الفعل قد فعل فعله في العدول وأصبح العدل لا يتحرك إلا بإذن من القاضي المكلف بالتوثيق حتى أصبح العدل مجرد خادم حقيقي للقاضي يأتمر بأوامره وينتهي بنواهيه بفعل الوصايا البالية التي تمارس على السادة العدول وكأنهم قاصرين لازالوا لم يصلو لمرحلة النضج حتى تمنح لهم المسؤولية الكاملة، فأي حماية في ظل هذه القيود التي أصبحت سببا مباشرا في عدم تطوير المهنة، ناهيك عن المعيقات التي تعتري الوثيقة العدلية سواء خلال المراحل التي تمر منها أو المعيقات المرتبطة بالجانب التكويني والحمائي للعدل، وما يزيد الأمر تعقيدا فرض المشرع الاقتسام الإجباري للمسؤولية بين العدلين ولاسيما الجنائية منها بناء على قاعدة التلقي الثنائي للعقود والشهادات وهو ما يستوجب بالتبعية تقاسم مسؤولية التحرير بين العدل الأول والعدل الثاني، يجعل هذا الأخير في غير مأمن عن نفسه وهو عرضة في أي لحظة للمساءلة الجنائية بسبب فعل ارتكبه العدل الأول إما عن حسن نية أو عن سوئها في مذكرة الحفظ الممسوكة لديه دون علمه، وهو ما يجعل العدل الثاني يستشعر دائما الإشكالات التي تؤثر بشكل سلبي على المردودية والعطاء والنجاعة المطلوبة في ميدان تحرير العقود العدلية.

وهكذا فالمسؤولية الجنائية المقتسمة بين العدلين بصورة إجبارية في نظام التوثيق العدلي مع ضعف بل غياب الحماية القانونية للعدول بصفة عامة سواء على مستوى قواعد قانون التوثيق العدلي أو على مستوى قواعد القانون الجنائي المغربي يجعل العدلين مقيدين في تصرفاتهما بما يعوق في بعض الأحيان ممارسة الاختصاص والقيام بالمهام على أحسن وجه، كما يمكن لغياب الحماية القانونية كذلك أن يكون عائقا أمام ما تطلبه الممارسة المهنية من سرعة في تنفيد وإنجاز المعاملات.

لكل هذه الاعتبارات ومن أجل ضمان قيام العدول بدورهم الكامل والناجع في ممارسة صناعة التوثيق وفق ما تستلزمه الممارسة العصرية لهذه الصناعة، وفي السهر على تطبيق القوانين المؤطرة لمختلف التصرفات التي تدخل في نطاق اختصاصهم الولائي الواسع والرقي بخدمات التوثيق العدلي وتجاوز الثغرات والمعاييب التي تعتري هذا القانون، وحتى لا يصبح شعار عصرنة التوثيق العدلي أضغاث أحلام، فإنه يتعين على الجميع التجند لتحقيق إصلاح شمولي خاصة السادة العدول وأن يعضوا بالنواجد على المقترحات التالية والتي نتمسك بها ونشترك فيها جميعا من أجل الرقي بالمهنة وازدهارها:

1 ـ إعطاء الاستقلالية التامة للعدول في مجال الممارسة التوثيقية، مع إخضاعهم للرقابة القانونية الصارمة.

2 ـ إلغاء جميع أشكال القيود بشأن الممارسة التوثيقية للعدول، بدءا بخطاب القاضي المكلف بالتوثيق ومرورا بالتضمين اليدوي، وانتهاء بتوقيع العدل العاطف، وذلك في جميع العقود والمحررات الصادرة عن العدول بدون استثناء.

3ـ إقرار إلزامية العدول بتحرير العقود والشهادات تحريرا كاملا تحت طائلة البطلان، مع إلغاء طريقة الاختصار والاقتصار بشأنها على مجرد ملخصات الضرر فيها أكثر من النفع.

4 ـ إقرار إجبارية التحرير المعلوماتي للعقود والمحررات العدلية مع إلغاء إمكانية تحريرها بخط اليد.

5 ـ تقنين الصياغة العصرية للعقود والمحررات العدلية بالتنصيص على إلزامية تحرير العقود من طرف العدول على شكل بنود مرقمة متتابعة في صفحات متعددة بدلا من شكل وحدة الوثيقة وما يقتضيه من إشكالية الإلصاق أسفل الورق.

6 ـ إلغاء العمل بنظام مذكرة الحفظ لكونها لا تبعث على الاطمئنان والأمن بخصوص مضامين الحقوق والعقود المتلقاة فيها لا بالنسبة لمستهلك الخدمة التوثيقية ولا بالنسبة للعدول الماسكين لها.

7 – ضبط اختصاصات العدول في القانون المهني الخاص وذلك بالتنصيص بشكل صريح على صلاحية العدول في تلقي العقود والشهادات بدلا من التنصيص على الشهادات بشكل مجرد كما هو الشأن في القانون الحالي 16.03.

8 – إعادة النظر في التسمية الحالية للعدول وذلك بضبطها وجعلها منسجمة مع الوظيفة الأساسية للعدول في المجتمع عن طريق إقرار تسمية ” العدل الموثق” بدلا من الاقتصار على ” العدل ” فقط.

9 – تقنين إجبارية التكوين القانوني للعدول بشقيه الذاتي والتفاعلي بقصد تطوير اللغة والصياغة القانونية لتحسين وتجويد صياغة العقود والمحررات العدلية المتعلقة بكافة التصرفات العقارية.

10 – إعطاء العدو الصلاحية في إضفاء الصبغة الرسمية على المحررات الصادرة عنهم بواسطة شكلية التوقيع تحت آخر بند من بنودها الأساسية والقانونية.

11 – تقنين مسؤولية العدول المرتبطة بالعمل المهني مع التركيز على وضع وتدقيق الحدود الفاصلة بين الخطأ المهني والخطأ العادي والتزوير الرسمي للمحررات بمقتضيات قانونية واضحة ومدققة.

12 – تقنين مبدأ مسؤولية محرر العقد، وربط المسؤولية بالمحاسبة لإجبار العدول على احترام القوانين المؤطرة لكل العقود والمحررات التي ينجزونها وحثهم على إنتاج وإنجاز الوثائق والعقود النافعة والدالة على الحقوق التي تثبتها.

13 – إعادة النظر في معايير الولوج إلى مهنة التوثيق العدلي، وجعلها موحدة بين جميع المترشحين، مع إقرار نظام المباراة كطريق وحيد لولوج المهنة.

15 – الرفع من المؤهل العلمي المشترط في مباراة الولوج لمهنة التوثيق العدلي مع حصره في دبلوم الماستر في تخصص القانون الخاص والشريعة.

16 – إعادة النظر في مدة تمرين العدول ورفعها إلى أربع سنوات تماشيا مع الموثقين بدلا من سنة واحدة لاتسمن ولا تغني من جوع.

17- إسناد مهام حفظ أصول العقود والشهادات العدلية لمتعلقة بمختلف التصرفات القانونية للعدول.

18 – تنظيم اختصاص تسليم نسخ العقود والشهادات الموثقة من طرف العدول وتطويره، وذلك لضمان الانتقال السلس إلى إسناد الصلاحية للعدول في تسليم نسخ العقود والشهادات العدلية لمستهلك الخدمة التوثيقية.

19 – ضرورة التفكير في توحيد التوثيق الرسمي بالمغرب بشقيه العدلي والعصري في إطار مقومات البلاد الشرعية وخصوصياتها الحضارية، ولن يتأتى ذلك إلا بالتهيئ والاستعداد على مختلف الأصعدة والمستويات والقيام بإجراءات وتدابير عملية وملموسة تمهد السبل والظروف لوحدة نظامي التوثيق وفي مقدمتها إقرار إجبارية رسمية العقود وتوثيق التصرفات العقارية والدفع بإعادة تكوين وتأهيل كل من العدول والموثقين وتوحيد شروط أو الحد من الفوارق الكبيرة بينهما- الانتساب ومواد الاختبار وكذا الجهة المكلفة بالإشراف والمراقبة ومسطرة التأديب- وضمان انخراط المعنين بالأمر وهم العدول والموثقون في كل الجهود والمساعي التي تبدل من أجل بلوغ الهدف المنشود والتأكد من إقناعهم بذلك.

20 – وأخيرا إن حماية المهنة وتدعيم مصداقيتها واستقلاليتها لابد وأن يأتي من داخل صفوف السادة العدول أنفسهم إن على المستوى العلمي أو السلوكي، فما أصاب خطة العدالة مما أصابها ليس بسبب العوامل الخارجية فقط، بل إن السادة العدول يتحملون قسطا من المسؤولية في ذلك وإن أولى خطوات الإصلاح وإعادة البناء يجب أن تنطلق من نقذ الذات بكل موضوعية وشجاعة حتى لاتعاد الكرة من جديد ويخرج قانون مشوه يعجز عن تحقيق طموحات العدول ومستهلك الخدمة التوثيقة على حد سواء، لذلك من هذا المنبر وبه أختم على السادة العدول أن يتضامنوا وأن يشكلوا يدا واحدة صوتا واحدا هدف واحد من أجل غد أفضل وهي فرصة سانحة خاصة ونحن أمام مشروع جديد سيغير وجه التوثيق العدلي بما يخدم طموحات المرأة العدل والرجل العدل وسيشهد التاريخ مرة أخرى على تضحيات رجال صدقوا ما خانوا العهد أحبوا المهنة وأبوا إلا الارتقاء بها فالمسؤولية اليوم عليكم وغدا علينا ولن نرضى للمهنة دلا واحتقارا وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.

 

                لائحة المراجع

 

1-الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”“، مطبعة دار القلم الرباط، الطبعة الأولى 2017..

2-المادة 9 من المرسوم التطبيقي 28 أكتوبر 2008.

3-المادة 9 من المرسوم التطبيقي 8 مارس 2013 بتطبيق القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.

4-المادة 9 من نفس المرسوم.

5-المادة 72 من قانون رقم 32.09 يتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.

6– المادة 17 من المرسوم التطبيقي للقانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق

7-حسن أشهبون، “التوثيق المغربي بين واقع التنوع ورهانات البحث عن الهوية”، ندوة التوثيق المغربي، واقع وآفاق، أشغال الندوة المنظمة من طرف مسلك القانون الخاص بالكلية المتعددة التخصصات بتازة ، جامعة سيدي محمد بن  عبد الله ، يومي 24-25  أبريل 2008 تنسيق عبد المجيد بوكير ، مكتبة دار السلام ، الطبعة الأولى 2010،.

8-من التوصيات المنبثقة عن الندوة الوطنية العلمية التي حملت شعار “التوثيق العدلي: واقع وآفاق” وقد نظمته الهيئة الوطنية للعدول بالمعهد الوطني للدراسات القضائية بتاريخ 13/04/1998.

9-الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م. س.

10-الحبيب غازي الكرسيفي، المرجع نفسه.

11-المادة 14 من القانون 16.03.

12-المادة 12 من القانون 32.09.

13-المادة 15 من القانون 16.03.

14-سليمان أدخول، “الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في نظام السجلات العقارية”، دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتشريع العقاري بالمغرب، مطبعة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط ، الطبعة الثانية 2018، .

15-سليمان أدخول، مرجع نفسه، ص 53-54.

16-سليمان أدخول، الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في نظام السجلات العقارية”، دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتشريع العقاري بالمغرب م، س ، ص 49.

17-الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م. س.

18-تم اختراع الحاسوب سنة 1948 واستخدم فيه ما يسمى بالصمام الإلكتروني كوحدة البناء الرئيسية لتطوير حاسبات ضخمة يقدر وزنها بالأطنان وتشغل الصالات، وتستهلك طاقات كهربائية كبيرة.

19-إدريس اجويلل، “أثر العولمة على نظام التوثيق بالمغرب”، ندوة التوثيق المغربي، واقع وآفاق، م. س.

20-الحبيب غازي الكرسيفي، نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي إشكالاته ومخرجاته، م. س،.

21-راجع الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون 14.07.

22-للتوسع أكثر يراجع: سليمان أدخول، “الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في السجلات العقارية”، م. س، ص 65-74.

23-سليمان أدخول، الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في السجلات العقارية م، س.

24-عبد السلام آيت سعيد، “التوثيق العدلي من منظور الحكامة الجيدة، التشخيص والإصلاح”، ندوة نحو تشريع عقاري جديد، نظمها مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يومي 29 و30 أبريل 2011، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد 38، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 1433هـ/2011م،.

25-سليمان أدخول، “الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في نظام السجلات العقارية”، م. س.

26-مقتطف من ديباجة القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.

27-الفصل 38 من المرسوم التطبيقي رقم 2.08.378 صادر في 28 شوال 1429 (28 أكتوبر 2008) بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.

28-العلمي الحراق، “التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة”، الجزء الأول، مرجع سابق.

29-محمد شنضيض، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط 1432-2011، مجلة التوثيق العدلي، ص 108، بحث حول عمل النيابة العامة في تفعيل مقتضيات المادة 41 من القانون 16.03، مطبعة كان برانت الرباط.

30-الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م. س.

31-المادة 48 من القانون 16.03 يتعلق بخطة العدالة.

32-مداخلة الأستاذ رشيد تاشفين وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسطات خلال الندوة الدولية حول: “الولوج إلى العدالة والحقوق المنعقدة بالمعهد العالي للقضاء يومي 23 و24 نونبر 2009”.

33-العلمي الحراق، “التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة”، الجزء الأول، م، س.

34-الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م.س.

35-العلمي الحراق، “التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة”، الجزء الأولى، مرجع سابق.

 

 

 

[1] الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م. س، ص 272-273.

[2] المادة 9 من المرسوم التطبيقي 28 أكتوبر 2008.

[3] المادة 9 من المرسوم التطبيقي 8 مارس 2013 بتطبيق القانون رقم 32.09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.

[4] المادة 9 من نفس المرسوم.

[5] المادة 72 من قانون رقم 32.09 يتعلق بتنظيم مهنة التوثيق.

[6] – المادة 17 من المرسوم التطبيقي للقانون 32.09 المنظم لمهنة التوثيق

[7] حسن أشهبون، “التوثيق المغربي بين واقع التنوع ورهانات البحث عن الهوية”، ندوة التوثيق المغربي، واقع وآفاق، أشغال الندوة المنظمة من طرف مسلك القانون الخاص بالكلية المتعددة التخصصات بتازة ، جامعة سيدي محمد بن  عبد الله ، يومي 24-25  أبريل 2008 تنسيق عبد المجيد بوكير ، مكتبة دار السلام ، الطبعة الأولى 2010، ص 140.

[8] من التوصيات المنبثقة عن الندوة الوطنية العلمية التي حملت شعار “التوثيق العدلي: واقع وآفاق” وقد نظمته الهيئة الوطنية للعدول بالمعهد الوطني للدراسات القضائية بتاريخ 13/04/1998.

[9] الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م. س، ص 223.

[10] الحبيب غازي الكرسيفي، المرجع نفسه، ص 225.

[11] المادة 14 من القانون 16.03.

[12] المادة 12 من القانون 32.09.

[13] المادة 15 من القانون 16.03.

[14] سليمان أدخول، “الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في نظام السجلات العقارية”، دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتشريع العقاري بالمغرب، مطبعة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط ، الطبعة الثانية 2018، ص 79.

[15] سليمان أدخول، مرجع نفسه، ص 53-54.

[16] سليمان أدخول، الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في نظام السجلات العقارية”، دراسة على ضوء التوثيق العدلي والتشريع العقاري بالمغرب م، س ، ص 49.

[17] الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م. س، ص 202.

[18] تم اختراع الحاسوب سنة 1948 واستخدم فيه ما يسمى بالصمام الإلكتروني كوحدة البناء الرئيسية لتطوير حاسبات ضخمة يقدر وزنها بالأطنان وتشغل الصالات، وتستهلك طاقات كهربائية كبيرة.

[19] إدريس اجويلل، “أثر العولمة على نظام التوثيق بالمغرب”، ندوة التوثيق المغربي، واقع وآفاق، م. س، ص 82.

[20] الحبيب غازي الكرسيفي، نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي إشكالاته ومخرجاته، م. س، ص 189.

[21] راجع الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون 14.07.

[22] للتوسع أكثر يراجع: سليمان أدخول، “الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في السجلات العقارية”، م. س، ص 65-74.

[23] سليمان أدخول، الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في السجلات العقارية م، س، ص 71-72.

[24] عبد السلام آيت سعيد، “التوثيق العدلي من منظور الحكامة الجيدة، التشخيص والإصلاح”، ندوة نحو تشريع عقاري جديد، نظمها مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش يومي 29 و30 أبريل 2011، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، العدد 38، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 1433هـ/2011م، ص 447-448.

[25] سليمان أدخول، “الشرح العملي لمركز الوثائق العدلية في نظام السجلات العقارية”، م. س، ص 94-95.

[26] مقتطف من ديباجة القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.

[27] الفصل 38 من المرسوم التطبيقي رقم 2.08.378 صادر في 28 شوال 1429 (28 أكتوبر 2008) بتطبيق أحكام القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة.

[28] العلمي الحراق، “التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة”، الجزء الأول، مرجع سابق، ص 313.

[29] محمد شنضيض، نائب الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط 1432-2011، مجلة التوثيق العدلي، ص 108، بحث حول عمل النيابة العامة في تفعيل مقتضيات المادة 41 من القانون 16.03، مطبعة كان برانت الرباط.

[30] الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م. س، ص 185-186.

[31] المادة 48 من القانون 16.03 يتعلق بخطة العدالة.

[32] مداخلة الأستاذ رشيد تاشفين وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بسطات خلال الندوة الدولية حول: “الولوج إلى العدالة والحقوق المنعقدة بالمعهد العالي للقضاء يومي 23 و24 نونبر 2009”.

[33] العلمي الحراق، “التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة”، الجزء الأول، م، س، ص 323.

[34] الحبيب غازي الكرسيفي، “نظام التوثيق العدلي في التشريع المغربي، إشكالاته ومخرجاته”، م.س، ص 186.

[35] العلمي الحراق، “التوثيق العدلي بين الفقه المالكي والتقنين المغربي وتطبيقاته في مدونة الأسرة”، الجزء الأولى، مرجع سابق، ص 323.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى