مقال تحت عنوان:
“دور القضاء التجاري في وقاية المقاولة من الصعوبات”
من إعداد: ليلى العمري
طالبة باحثة حاصلة على دبلوم ماستر في القانون المدني و الأعمال
التقديم
لقد عرف العالم المعاصر تحولات عميقة مست مختلف جوانب الحياة سواء الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية فقد برزت للوجود مفاهيم جديدة في مقدمتها مفهوم العولمة و ما يرتبط بها من مفاهيم أخرى كالخوصصة و اقتصاد السوق و رفع الحواجز الجمركية، أسست لمرحلة دولية تقوم على السوق الحر كأداة لوضع قواعد التوازن بين البلدان وانخراط معظم الدول في المنظومة الجديدة [1].
وقد اختار المغرب بدوره خيار الاندماج في النظام العالمي الجديد والتعامل في ضله وعيا بالتأثيرات السلبية للعولمة حيث عمل على تقوية أجهزته ومؤسساته وتأهيل سياساته وتشريعاتها الاقتصادية من أجل حصد ايجابيات هذه المرحلة وتجنب سلبياتها قدر الإمكان والتكيف مع المتغيرات الجديدة ومن ضمن هذه التدابير التعديل والتجديد الذي عرفته الترسانة القانونية المغربية أواخر القرن العشرين،والتي يبقى أهمها تعديل سنة 1996 الذي أعلن عن ميلاد مدونة التجارة بمقتضى القانون رقم 15-95 المتعلق بمدونة التجارة و الذي نسخ بمقتضى القانون رقم 17-73[2]،فالتغير الذي حملته مدونة التجارة جاء كجزء من إصلاح شامل للعلاقات التجارية والنزاعات الناشئة عنها في انسجام مع المتطلبات الاقتصادية،وخير دليل على ذلك القطيعة التي شكلها الكتاب الخامس مع نظام الإفلاس.
ولعل أهم ما يميز نظام صعوبات المقاولة هو الطابع الوقائي حيث جاء بمجموعة من المساطر الوقائية المبنية على السرية وعلى وجوب التدخل السريع للأجهزة الداخلية للشركة أو للتاجر أو رئيس المحكمة الابتدائية التجارية أو المحكمة الابتدائية التجارية من أجل منع تلك الصعوبات من الاستفحال،فهي مساطر ثم وضعها للوقاية من وقوع الصعوبة في حد ذاتها[3]، وبالتالي فإن أهم ما يميز مساطر صعوبات المقاولة هو النظرة الاستباقية من خلال البعد الحمائي الذي يروم المحافظة على المقاولات الاقتصادية ما أمكن وتفادي انهيارها عن طريق الدولة وسلوك أسلوب التعاون والتكافل لاستشعار ورصد بوادر الصعوبات والعوائق قبل أن تحل وتعصف بالموازنة المالية للمقاولة،وهو مقتضى جديد لم يكن له وجود في النظام القديم،حيث يبقى أهم مقتضى تبناه الكتاب الخامس تضمينه لمساطر الوقاية من الصعوبات باعتبارها مجموعة من القواعد القانونية تروم تجنيب المقاولة من الوقوع القبلي في صعوبات التي من شأنها التأثير على السير الطبيعي للمقاولة.
لذا سوف نحاول توضيح مدى تدخل القضاء في كل مسطرة من مساطر الوقاية على حدة والغايات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية من سنها والتنصيص عليها و كذا مدى تحقيقيها للغايات المرجوة من إحداثها من أجل الوقاية من الصعوبات التي تعرفها المقاولة،و ذلك من خلال مبحثين:
- المبحث الأول: صلاحيات رئيس المحكمة التجارية على مستوى مساطر الوقاية الخارجية
- المبحث الثاني: الدور القضائي الجديد من خلال مسطرة الإنقاذ
المبحث الأول: صلاحيات رئيس المحكمة التجارية على مستوى مساطر الوقاية الخارجية
سنتطرق بداية للدور القضائي في مسطرة الوقاية الخارجية(المطلب الأول)ثم لمسطرة المصالحة (المطلب الثاني)
المطلب الأول: دور رئيس المحكمة في مسطرة الوقاية الخارجية
يختص رئيس المحكمة التجارية وحده دون غيره بإثارة وتحريك مسطرة الوقاية الخارجية و ذلك إما تلقائيا أو بناء على طلب(الفقرة الأولى) كما يقوم بتعيين الوكيل الخاص(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: الافتتاح القضائي للمسطرة
نظم المشرع المغربي مسطرة الوقاية الخارجية في فصلين 549 و 550 من مدونة التجارة فعلى خلاف مسطرة الوقاية الداخلية التي تتكفل بتحريكها الأجهزة الداخلية للشركة التجارية فإنه طبقا لمقتضيات المادة 549 من مدونة التجارية فإن رئيس المحكمة التجارية[4] هو الطرف الوحيد المخول له تحريك مسطرة الوقاية الخارجية و ذلك إيمانا من المشرع بالدور الذي يمكن أن يلعبه هذا الأخير في إنجاح المسطرة[5].
حيث مكن المشرع المغربي من خلال المادة 549 رئيس المحكمة التجارية من آلية الفتح التلقائي للمسطرة و ذلك في إطار الدور الجديد للقضاء التجاري للتدخل في مجال المال والأعمال للنهوض بوضعية المقاولات التجارية إذ تشكل هذه الآلية خروجا عن القواعد المسطرية العامة المحددة في قانون المسطرة المدنية و لعل هذا الخروج تبرره اعتبارات النظام العام الاقتصادي الذي تتسم به هذه المساطر بحيث لم يعد دور القضاء ينحصر في الفصل في النزاعات بناء على طلبات الأطراف بل تجاوزه للمساهمة في تحقيق حماية لمختلف المصالح سواء تعلق الأمر بالمقاولة أو بالدائنين أو غير ذلك من المصالح المرتبطة بالمقاولة و بالتالي تجاوز تدخل القضاء التجاري ذلك الاختصاص التقليدي ليشمل تقويم المقاولة اقتصاديا و ماليا و اجتماعيا[6].
و من هذا المنطلق يمكن لرئيس المحكمة التجارية و دون تقديم طلب من الأطراف المعنية أن يعمد إلى فتح مسطرة الوقاية الخارجية كلما تبين له من عقد أو وثيقة أو دعوى رائجة أمامه أن مقاولة ما تعاني من صعوبات تعرقل سيرها العادي و قد تؤدي بها إلى التوقف عن الدفع، فتدخل رئيس المحكمة في هذا الإطار غير مؤسس بالضرورة على إشعار من قبل أجهزة المقاولة سواء من قبل مراقب الحسابات أو رئيس المقاولة أو أي شخص آخر بل يمكن أن يعتمد لفتح هذه المسطرة على مجرد الإشاعة[7].
و يتوفر رئيس المحكمة في هذا الصدد على سلطة تكاد تكون مطلقة فهو يملك حقا كاملا في تحريك هذه المسطرة أو عدم تحريكها، كلما يتبين له من الوثائق و المعلومات المتوفرة لديه أن هذه الصعوبات من شأنها الإخلال باستمرارية النشاط ومن ثم يجب عليه استدعاء رئيس المقاولة، أو أن المقاولة في حالة التوقف عن الدفع مما يفرض عليه إحالة الملف إلى المحكمة التي يمكن لها أن تضع يدها على مسطرة المعالجة تلقائيا أو إلى النيابة العامة التي تملك هي الأخرى حق طلب فتح مسطرة من مساطر المعالجة و تفرض هذه الإحالة على رئيس المحكمة التجارية لكون مسطرة معالجة صعوبات المقاولة هي من اختصاص المحكمة و ليست من اختصاصه على خلاف مساطر الوقاية من الصعوبات[8].
و بالإضافة لآلية الفتح التلقائي يمكن لرئيس المحكمة التجارية افتتاح مسطرة الوقاية الخارجية بناء على طلب أحد الأجهزة الداخلية للمقاولة و التي حددتها المادة 549 من مدونة التجارة حصرا في ثلاث أجهزة رئيسية تتمثل في رئيس المقاولة أو مراقب الحسابات إن وجد و كذا الشريك في الشركة التجارية[9].
كما حدد الحالات التي يمكن إثارة هذه المسطرة خلالها في حالتين أساسيتين الحالة الأولى ما نص المشرع المغربي في المادة 548 من مدونة التجارة أي في حالة عدم تداول الجمعية العامة في الموضوع أو في الحالة إذا لوحظ أن الاستمرارية ما زالت مختلة رغم القرار المتخذ من طرف الجمعية العامة فيتم بالتالي بإخبار رئيس المحكمة بذلك من طرف مراقب الحسابات أو رئيس المقاولة أو أي شريك[10]، بحيث متى تقاعس أو امتنع أحدهم عن ذلك و خاصة رئيس المقاولة تولت الأطراف الأخرى أو أحدهما هذا الإخبار.
الفقرة الثانية: تعيين الوكيل الخاص و تحديد مهمته
أجاز القانون المغربي من خلال المادة 550 م.ت لرئيس المحكمة و بعد استماعه لرئيس المقاولة و جمع المعلومات الكافية حول وضعيتها و تكوين فكرة عن طبيعة و حجم الصعوبات، أن يعين أحد الأغيار أسماه المشرع بالوكيل الخاص كنوع جديد من أنواع الوساطة حيث نصت المادة 550 م.ت على مايلي:” إذا تبين أن صعوبات المقاولة قابلة للتذليل بفعل تدخل أحد الأغيار يكون بمقدوره تخفيف الاعتراضات المحتملة اجتماعية كانت أو بين الشركاء أو تلك الخاصة بالمتعاملين المعتادين مع المقاولة و كل الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية استغلال المقاولة عينه رئيس المحكمة بصفة وكيل خاص[11] وكلفه بمهمة و حدد له أجلا لإنجازها[12]“.
و على الرغم من الصياغة العامة التي جاءت بها المادة 550 م.ت فإن رئيس المحكمة لا يمكنه تعيين الوكيل الخاص إلا إذا تبين له وبوضوح أن ثمة مؤشرات جدية لتذليل الصعوبات التي قادت المقاولة إلى المحكمة و هذا يتطلب من رئيس المحكمة أن يلمس استعدادا جديا من قبل رئيس المقاولة لتصحيح وضعية المقاولة و أن تدخل الوكيل الخاص بهذا الشكل سيساعد على تخفيف الاعتراضات المحتملة و التي تتمحور بشكل عام حول موقف الدائنين من منح آجال جديدة لاستخلاص ديونهم أو التخفيف منها، و كذلك بالمتعاملين مع المقاولة فيما يخص التزويد بالمواد الأولية أو الخدمات أو بالمتعاملين المسوقين لمنتوجات المقاولة و إلا سيكون تعيينه من باب استمرار الوضعية السيئة للمقاولة عبر تحميلها أتعابه و هو ما سيزيد من تفاقم وضعيتها و تعميق أزمتها.
و الملاحظ من خلال المادة السالفة الذكر أن المشرع من خلال التعديل الأخير أضاف مستجدا في هذا الإطار و هو أن يتم هذا التعيين باقتراح من رئيس المقاولة بصندوق المحكمة فورا تحت طائلة صرف النظر عن الإجراءات.
و تتحدد مهمة الوكيل الخاص حسب طبيعة الصعوبات التي تعترض المقاولة و عند مباشرة الوكيل لمهمته هاته فإنه يقتصر على مساعدة رئيس المقاولة على تجاوز صعوباتها دون أن يتدخل في تسييرها، و بحكم أنه يطلع على كل أسرار المقاولة أثناء أدائه لمهمته فإنه يقع عليه واجب المحافظة على السر المهني تحت طائلة المساءلة المدنية والجنائية.
و لم يرتب المشرع لرئيس المحكمة أية قيود سوى قيد واحد يتعلق بضرورة أن يكون الوكيل الخاص من الأغيار و أن يكون تدخله مفيدا في تذليل الصعوبات التي تطرحها المقاولة بحيث لا يمكن لرئيس المحكمة تعيينه من بين الأجهزة الداخلية للمقاولة.
أما شروط تعيينه فكل ما أشارت إليه أن يكون من الاغيار و قد استقر الفقه على أنه يمكن أن يكون من بين رجال القانون كالمحامين و غيرهم أو من بين الخبراء المحاسبين شرط أن لا تربطهم بالمقاولة أية علاقة.
و يمكن القول أن مآل الجهود الذي يقوم بها الوكيل الخاص في تنفيذه للمهمة أو المهام المسندة إليه بمقتضى الأمر القضائي المعين له لا يخرج عن نتيجتين اثنتين، فهو إما أن ينجح في ذلك مما يفيد وضع حد للاعتراضات المحتملة و للصعوبات التي تعاني منها المقاولة، و إما أن يفشل في تنفيذ مهمته المسندة إليه.
هذا و لم تنظم المادة 550 من مدونة التجارة الوضعية الأولى و لا الآثار المترتبة عنها، و نعتقد في هذا الإطار أن تنفيذ الكامل للمهمة الموكولة للوكيل الخاص يؤشر على إيجاد حل للاعتراضات الاجتماعية التي كانت أو تلك التي كانت بين الشركاء أو تلك الخاصة بالمتعاملين مع المقاولة وكل الصعوبات التي كان من شأنها أن تخل باستمرارية استغلال المقاولة[13]، و نظرا للسرية التي تطبع هذه المرحلة من الوساطة فإنه يحرر محضرا بذلك من شاكلته القانونية أن يكون ملزما للمقاولة و الأطراف المتفاوض معها والتي قبلت بما يتضمنه محضر التفاوض، و لا يحتاج هذا المحضر لا إلى مصادقة من رئيس المحكمة ولا إشهار معين وذلك خلافا لمحضر الصلح أو الاتفاق الودي الذي يبرم بين المدين و دائنيه في إطار مسطرة المصالحة.
و قد يحتاج الوكيل الخاص أثناء قيامه بمهامه ومن أجل إنجاح مهمته وقتا أطول أو مهاما أوسع و معه يكون لرئيس المحكمة حسب الفقرة الأخيرة من المادة 550 من مدونة التجارة أن يمدد أجل قيام الوكيل الخاص بمهام، و قد يتطلب الأمر كذلك استبدال الوكيل الخاص، كل ذلك لا يمكن لرئيس المحكمة إقراره إلا بموافقة رئيس المقاولة الذي يبقى هو صاحب المبادرة، كما يجوز لرئيس المقاولة أن يطلب في كل وقت- و لا يمكن لرئيس المحكمة أن يخالفه الرأي- إعفاء الوكيل الخاص من مهامه و وضع حد لهذه المسطرة[14].
أما في حالة عدم نجاح الوكيل الخاص في مهمته فإنه يتعين عليه طبقا للفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 550 م.ت تقديم تقرير بذلك إلى رئيس المحكمة و ذلك بشكل فوري معلنا بذلك انتهاء مهامه.
المطلب الثاني: دور القضاء في تفعيل مسطرة المصالحة
يتدخل رئيس المحكمة التجارية منذ فتح المسطرة للبث في طلب فتحها(الفقرة الأولى) ثم لتعيين المصالح(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: فتح مسطرة المصالحة
تعد مسطرة المصالحة[15]،من مساطر الوقاية الخارجية المحركة من قبل الأجهزة خارجية عن المقاولة وكانت تسمى في الكتاب الخامس المنسوخ من مدونة التجارة المغربية بمسطرة التسوية الودية و قد كان الهدف من وراء استبدال مصطلح “التسوية الودية” بمصطلح “المصالحة” هو رفع اللبس و عدم الخلط بين مسطرة المصالحة و مسطرة التسوية القضائية[16].
و تستهدف مسطرة المصالحة إبرام اتفاق ودي بواسطة المصالح و الذي يتم تعيينه من طرف رئيس المحكمة التجارية لإجراء مفاوضات توفيقية بين رئيس المقاولة و الدائنين من أجل إنقاذ المقاولة من الصعوبات التي تواجهها و توفير الأموال اللازمة التي من شأنها الاستجابة لحاجاتها التمويلية حسب نص المادة 551 من مدونة التجارة[17].
وإستنادا إلى المادة 551 من م ت[18] فإن مسطرة المصالحة لا تفتح إلا من طرف رئيس المحكمة التجارية بناء على طلب من رئيس المقاولة مما يفترض معه وجود رغبة حقيقية لرئيس المقاولة في إنقاذ مقاولته وأن يكون على دراية بالصعوبات التي تعرفها المقاولة.
ويكتسي الدور القضائي لرئيس المحكمة التجارية في فتح مسطرة المصالحة أهمية كبرى بحيث يبقى هو الجهة الوحيدة المختصة للبت في طلب فتحها، فبمجرد توصله بالطلب فإنه يستدعي رئيس المقاولة إلى مكتبه عن طريق كاتب الضبط قصد تلقي شروحاته كما يحق له الاستماع لكل شخص يرى أن أقواله مفيدة.
و عليه فانطلاقا من مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 551 من م.ت فإن المشرع المغربي أعطى حق تقديم طلب فتح مسطرة المصالحة لطرف وحيد و هو رئيس المقاولة، هذا الأخير الذي يمكنه أن يقوم بهذا الإجراء إما لوحده أو بالاستعانة بمحام، و بناء على ذلك فإنه لا يمكن فتح هذه المسطرة بصفة تلقائية أو بناء على طلب أحد الدائنين الذين لهم فقط حق قبولها أو رفضها[19]، إذ يتعين على رئيس المقاولة تقديم طلب مكتوب لإجراء المصالحة إلى رئيس المحكمة التجارية المختصة محليا.
و من هذا المنطلق وضمن هذا السياق القانوني فإن المشرع المغربي و بموجب المادة 551 من قانون 73.17 ينص على أن الطلب الذي يتقدم به رئيس المقاولة يعرض الوضعية المالية و الاقتصادية و الاجتماعية و الحاجيات التمويلية للمقاولة و كذا وسائل مواجهتها[20]، بحيث يتعين أن يتضمن الطلب الذي يتقدم به رئيس المقاولة شرحا مفصلا حول الوضعية المالية و الاقتصادية و الاجتماعية و الحاجيات التمويلية للمقاولة و كذا وسائل مواجهتها و الآجال الجديدة التي يقترحها على الدائنين و تخفيضات الديون التي يرغب في الحصول عليها.
وفي حالة قبول طلب المصالحة يستدعي رئيس المحكمة بعد ذلك رئيس المقاولة إلى مكتبه قصد تلقي شروحاته حول وضعية المقاولة، كما يحدد الأتعاب المناسبة لقيام المصالح بمهمته هذه الأتعاب التي يضعها رئيس المقاولة بصندوق المحكمة فورا تحت طائلة صرف النظر عن طلب تعيين المصالح[21]، و في الحالة المعاكسة يصدر رئيس المحكمة أمرا برفض الطلب المقدم إليه و ذلك متى اتضح له أن المقاولة متوقفة عن الدفع، بحيث يتعين عليه أن يحيل الملف على المحكمة التجارية المختصة طبقا لما هو وارد في الفقرة الأولى من المادة 553 من م.ت أو متى اتضح له أن الصعوبات التي تمر منها المقاولة لا يمكن تجاوزها باللجوء لمسطرة المصالحة أو أن الاقتراحات التي تقدم بها رئيس المقاولة غير كافية من اجل تصحيح وضعية المقاولة، وهذا ما يتضح بمفهوم المخالفة من مقتضيات المادة 553 م.ت.
الفقرة الثانية: تعيين المصالح
جاء في نص المادة 553 من مدونة التجار إذا تبين لرئيس المحكمة، من خلال التحريات التي يقوم بها وفق مقتضيات المادة السابقة أو من خلال عرض رئيس المقاولة المرفق بطلب فتح مسطرة المصالحة، أن الصعوبات التي تعاني منها المقاولة، دون أن تكون في وضعية التوقف عن الدفع يمكن تذليلها عن طريق المصالحة، فتح هذه المسطرة و عين مصالحا لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة بطلب من هذا الأخير.
فبعد أن يتلقى رئيس المحكمة طلبا من رئيس المقاولة طبقا للفقرة الثانية من المادة 551 م.ت يعبر فيه عن رغبته في سلوك مسطرة المصالحة و الاستفادة من أحكامها يقوم الأول بتعيين مصالح حيث جاء في أمر صادر عن السيد المحكمة الابتدائية التجارية بالرباط ما يلي “وحيث يظهر لنا من خلال معطيات الملف وباقي المعلومات المستمدة من وثائقه واستنادا لأحكام المادة 552 من نفس القانون أن المقاولة لا توجد في حالة توقف عن الدفع بل تعاني فقط من الصعوبات مالية و حيث يتعين تبعا لذلك الأمر بفتح مسطرة التسوية الودية في حقها وتعيين مصالح من اجل تسهيل سير المقاولة و إبرام اتفاق ودي مع دائنيها و لاسيما عمال الشركة الذين تقدموا بدعاوي في إطار نزاعات الشغل والمدلى بلائحتهم”[22].
و حتى يتمكن هذا الأخير من النجاح في مهمته يمكنه استصدار أمر يطلب إلى رئيس المحكمة بوقف المتابعات الفردية ضد المدين طبقا لأحكام المادة 555 م.ت،و لا يمكن أن يستمر هذا الوقف لمدة أطول من مدة قيام المصالح بمهمته لأن في ذلك مساس بحقوق الدائنين و الحال أن المصالحة مسطرة غير تنازعية.
و عموما فإن إنعقاد المصالحة إما يشمل جميع الدائنين وإن كان ذلك قلما يحصل في الواقع[23]، فيكون في هذه الحالة رئيس المحكمة ملزما بالمصادقة عليه وإما أن يشمل الاتفاق الدائنين الرئيسيين فقط فتكون المصادقة اختيارية إذ يمكنه الاعتراض عليها إذا ما كانت في غير صالح المقاولة[24]،و في بعض الحالات يكون هناك دائن واحد تراكمت ديونه بشكل كبير على المقاولة حيث يقوم رئيس المحكمة في حالة تصالح المدين مع الدائن الوحيد بالإشهاد على هذا الصلح[25].
و تنص الفقرة الثانية من المادة 558 من مدونة التجارة أنه في حالة عدم تنفيذ الالتزامات الناجمة عن الاتفاق يعاين رئيس المحكمة فسخ هذا الأخير وبسقوط كل آجال الأداء الممنوحة، و المقصود أنه في حالة عدم تنفيذ رئيس المقاولة المدينة للالتزامات الملقاة على عاتقه بمقتضى الاتفاق الودي يتم فسخ العقد و سقوط كل الآجال الممنوحة من قبل الدائنين الموقعين على الاتفاق دون أن يحدد المشرع المغربي مصير التخفيضات المتفق عليها، هل سيكون مصيرها كذلك الزوال و الاندثار؟ و حسب اعتقادنا المتواضع من خلال المادة 558 أنه عند فسخ الاتفاق يترتب عنه سقوط كل آجال الأداء الممنوحة أما التخفيضات الممنوحة في إطار الاتفاق الودي لا تسقط ولا تزول لما يكون فيه من إجحاف في حق الدائنين الذين غامروا بقبول تخفيض الديون علاوة على وقف تنفيذ ما تبقى فيه من الالتزامات، فإن فسخ الاتفاق الودي الموقع بين المدين ودائنيه نتيجة إخلال هذا المدين بالتزام واحد أو أكثر من الالتزامات التي يتحمل فيها بمقتضى الاتفاق المذكور، كما تقضي بذلك الفقرة الثانية من المادة 558 أعلاه فتصبح الديون موضوعها تبعا لذلك حالة الأداء في آجالها الأصلية[26].
المبحث الثاني: الدور القضائي الجديد من خلال مسطرة الإنقاذ
تعتبر مسطرة الإنقاذ من أهم المستجدات التي جاء بها القانون73.17 حيث خصص لها المواد من560 إلى 574 كمسطرة وقائية، قضائية و اختيارية تستهدف المعالجة الاستباقية للمقاولات التي تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها، و من شأنها أن تؤدي بها في أجل قريب إلى التوقف عن الدفع[27]، و تقوم على تحفيز رئيس المقاولة من أجل اختيار الحل الأنسب لمقاولته لمواجهة الصعوبات التي تعترضها.
المطلب الأول: التدخل القضائي في فتح مسطرة الإنقاذ
تعتبر مسطرة الإنقاذ مسطرة وقائية قضائية باعتبار الهيمنة القضائية عليها منذ فتحها(الفقرة الأولى)و كذا تعيين الأجهزة القضائية الساهرة على تسييرها(الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: فتح مسطرة الإنقاذ
يبت رئيس المحكمة التجارية في طلب فتح المسطرة(أولا)ليتخذ بعد ذلك الإجراءات الضرورية السابقة للحكم بفتح المسطرة(ثانيا)
أولا: البت القضائي في طلب فتح مسطرة الإنقاذ
تطبيقا للفقرة الثانية من المادة561 م.ت يودع رئيس المقاولة وحده طلب فتح مسطرة الإنقاذ لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة بخلاف فتح مسطرة المعالجة الذي يتم إما بطلب من رئيس المقاولة أو النيابة العامة أو بمبادرة المحكمة تلقائيا أو بناء على دعوى يقيمها أحد الدائنين لهذا الغرض[28]،وفي هذا الإطار قضت محكمةMELZالفرنسية بتاريخ 17/04/2007 بعدم قبول طلب فتح مسطرة الإنقاذ المقدم من طرف أحد الدائنين[29].
ويجب أن يكون هذا الطلب مكتوبا ما دام يشترط على رئيس المقاولة أن يبين فيه نوعية الصعوبات التي من شأنها أن تخل باستمرارية نشاط المقاولة، و هذا الأمر يضل تقديره متروكا لرئيس المقاولة ومدى قدرته على تحديد هذه الصعوبات من عدمها، إلا أن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد هو الحالة التي لا يبين فيها رئيس المقاولة بشكل واضح الصعوبات التي تعترضه و الحال هنا أنه يمكن للمحكمة تدارك ذلك أثناء إجراءات المسطرة و الاستماع إليه بغرفة المشورة[30].
كما يجب أن يأتي الطلب مرفقا بمجموعة من الوثائق المحددة بمقتضى المادة 577 من مدونة التجارة[31]، و يجب أن تكون هذه الوثائق مؤرخة و مؤشر عليها من طرف رئيس المقاولة ضمانا لصحة هذه الوثائق و مصداقيتها، أما إذا تعذر تقديم إحدى الوثائق أو الإدلاء بها أو إتمام ما نقص منها، فلابد أن يحدد عندئذ رئيس المقاولة أسباب تعذر تقديمها تحت طائلة الحكم بعدم قبول الطلب، و يمكن للمحكمة في هذه الحالة أن تنذره بذلك.
إلا أن ما تجدر الإشارة إليه أن تحديد المشرع للوثائق التي يتعين إرفاقها بطلب فتح مسطرة الإنقاذ لا يعني إيرادها على سبيل الحصر ويمكن لرئيس المقاولة تقديم غيرها،إذ يجوز لهذا الأخير أن يرفق طلبه بكل وثيقة أو وثائق من شأنها تعزيز هذا الطلب و تبين بشكل أوضح طبيعة و نوع الصعوبات التي تعاني منها المقاولة[32].
كما يجب إرفاق هذا الطلب بمشروع مخطط الإنقاذ، و يعتبر احترام هذه الشكلية من الشروط الأساسية لقبول طلب فتح مسطرة الإنقاذ و ذلك وفقا لمقتضيات المادة 562 م.ت، وبالتالي تتولى المحكمة المختصة التأكد من تقديم هذا المشروع أولا قبل البدء في إجراء عمليات التشخيص الكفيلة بتحديد الوضعية الاقتصادية و المالية و الاجتماعية الحقيقية للمقاولة، و نعتقد انه ليس هناك ما يمنع المحكمة في حالة عدم تقديم رئيس المقاولة لهذا المشروع من أن تنذره من أجل القيام بذلك داخل أجل معين ولا تقضي بعدم قبول الطلب إلا في حالة امتناعه أو رفضه تقديم هذا المشروع أو عدم قيامه بإعداده.
بعد تلقي المحكمة لطلب فتح مسطرة الإنقاذ، يبت رئيس المحكمة فيه للنظر في مدى جديته،وكذا للتأكد من استجماع الطلب لكافة الشروط الشكلية والموضوعية الضرورية لقبوله، كما تتأكد من استجماع الملف لكافة الوثائق الضرورية المنصوص عليها قانونا،وفي حالة إغفال رئيس المقاولة أو تعذر عليه تقديم إحدى هذه الوثائق تنذره للإدلاء بها و تحدد لها أجلا معينا لذلك،تحت طائلة عدم قبول الطلب.
و تبت المحكمة في الطلب خلال أجل 15 يوما من رفع الطلب إليها ، ذلك أن هاجس تسريع وضع المحكمة يدها على المقاولة التي يتهددها التوقف عن الدفع أو تلك المتوقفة عن الدفع كان وراء إقرار المشرع أجل قصير جدا لكي تبت المحكمة في الدعوى.
و يتضح من خلاله أن واضع هذه المادة كان على بينة من أمره بخصوص علمه المسبق بصعوبة تحديد دقيق للأجل الواجب على المحكمة احترامه للبت في الدعوى المرفوعة أمامها بخصوص المقاولة التي يتهددها التوقف عن الدفع، فمن جهة أولى وأمام إكراه ضرورة التعجيل بإصدار الحكم القاضي بفتح إحدى المساطر القضائية لما ينتج عنه من آثار قانونية غاية في الأهمية والخطورة، إذ يؤدي إلى وقف جميع المتابعات الفردية ومنع الأداء الذي يهدد استمراريتها وهذا ما يفسر اعتماد صيغة “على الأكثر”مما يوحي بأن المحكمة مجبرة على احترام هذا الأجل دون إمكانية تجاوزه[33].
و من جهة ثانية واستحضارا للصعوبة بل لاستحالة احترام أجل الخمسة عشر يوما من تاريخ رفع الدعوى فإن واضعي هذه الفقرة لم يرتبوا أي جزاء في حالة مخالفته أو تجاوزه، إذ أن إلزام المحكمة باستدعاء رئيس المقاولة في إطار الاستماع الوجوبي، و كذا الانفتاح على إمكانية اللجوء إلى الاستماع الاختياري لباقي الأطراف المعنية، مع ما قد يصاحب ذلك من اللجوء إلى الخبرة، كل هذه الإجراءات تحتاج إلى أجل أطول، بل إن مجرد الاكتفاء بإجراء الاستماع الوجوبي يستغرق أجلا أطول، علما أن المحكمة لا تقضي بفتح المسطرة إلا إذا تأكد لها تحقق واقعة “عدم التوقف عن الدفع” و عدم قدرة المدين على تفادي التوقف عن الدفع بمفرده بخصوص طلب فتح مسطرة الإنقاذ.
و مما يزيد في صعوبة احترام أجل الخمسة عشر يوما أن المحكمة التجارية لا تبت في الموضوع إلا بعد المداولة و تحرير الأحكام بشكل كامل، و يعني ذلك من الناحية العلمية أن نصف مدة المادة 563 م.ت يستغرقها التحرير و ما يتبقى منها لاستدعاء رئيس المقاولة ومثوله أمام غرفة المشورة، و إذا كان لنا أن نتفهم الإحراج الذي وقع فيه واضعوا هذه الفقرة فإننا لا نقبل كيف أنهم لم يفسحوا المجال لتمديد الأجل لمرة أو مرتين[34].
ثانيا: الإجراءات الأولية السابقة لفتح مسطرة الإنقاذ
في إطار بتها في الطلب يمكن للمحكمة أن تكتفي بالاستماع لرئيس المقاولة فقط كإجراء إلزامي و ذلك دون اللجوء إلى الاستعلام عن وضعية المقاولة لدى الأشخاص والهيئات والإدارات أو إلى تعيين خبير لعدم وجود ما يلزم المحكمة بذلك أو إلى القيام بجميع هذه الإجراءات، و ذلك على اعتبار أن المشرع استهل الفقرة الثانية من المادة 563م.ت بعبارة”يمكن”مما يفيد الاختيار فقط، وذلك بحسب حجم و طبيعة المقاولة المعنية بطلب فتح المسطرة فقد ترى المحكمة قيامها بجميع إجراءات التشخيص أو الاقتصار فقط على بعضها أو إحداها وذلك بحسب ما يقتضيه إيجاد توازن بين اعتبارات النظام العام الاقتصادي والاجتماعي التي تفرض المحافظة على كافة المصالح بما فيها مصلحة المقاولة في حد ذاتها و إنقاذها من التدهور السريع و الفجائي لوضعها الصحي الذي يمكن أن يترتب عن كل تأخير غير مبرر في البت في الطلب، أو مصلحة المقاولة في عدم التسرع في إصدار حكم بفتح مسطرة الإنقاذ في مواجهتها دون أن تكون للمحكمة رؤية واضحة و كافية عن وضعيتها الاقتصادية و المالية و الاجتماعية الحقيقية.
حيث تنص المادة563 م.ت على أنه:”تبت المحكمة في طلب فتح مسطرة الإنقاذ بعد استماعها لرئيس المقاولة بغرفة المشورة خلال أجل خمسة عشر يوما من تاريخ تقديمه إليها”، و يتضح من المادة أعلاه أنه يجب على المحكمة وجوبا الاستماع لرئيس المقاولة بغرفة المشورة قبل البث في طلب فتح المسطرة، و ذلك باعتبار أن هذا الإجراء يمكن المحكمة من الوقوف عند الوضعية الحقيقية للمقاولة وبالتالي إصدار الحكم المناسب تبعا لنوعية الصعوبات التي تعاني منها المقاولة[35].
فالاستماع لرئيس المقاولة إجراء ضروري حتى تتضح الوضعية الحقيقية للمقاولة، و تتأكد المحكمة من جدية الطلب، حيث يلعب المدين أو رئيس المقاولة دورا هاما في ذلك باعتباره أدرى الناس بحالة المقاولة وبالصعوبات التي تعاني منها والتي يكون قد وضحها في طلبه[36]،ويرى بعض الفقه أن المعلومات الأساسية التي تحتاجها المحكمة لتكوين قناعتها لفتح مسطرة الإنقاذ هي تلك المدلى بها من طرف رئيس المقاولة الذي يتعين عليه أن يعرض عليها طبيعة الصعوبات التي تعاني منها.
و لا يكفي الاستماع لرئيس المقاولة حتى تستجيب المحكمة لطلب فتح مسطرة الإنقاذ بل قد يتعين عليها أحيانا إضافة إلى ذلك الاستماع لكل شخص يمكن أن يزودها بالمعلومات الأساسية حول وضعية المقاولة، حيث يحق للمحكمة لمعرفة الوضعية المالية طلب المعلومات من الأبناك من أجل الإطلاع على الحسابات البنكية للمقاولة ومعرفة حجم الديون التي تقع على عاتقها وأخذ رأيها في إمكانية استمرار المقاولة،كما يمكنها طلب المعلومات من إدارة الضرائب لمعرفة الوضعية الضريبية للمقاولة،ويمكنها أيضا أن تقوم بجلسات اختيارية مع مجموعة من الأشخاص اللذين تكون لديهم معرفة جيدة بالمقاولة كالخبراء المحاسبين أو مراقبي الحسابات أو الدائنين الرئيسيين للمقاولة.
وطبقا للفقرة للفقرة الثانية من المادة 563 م.ت للمحكمة و قبل النطق بحكم فتح المسطرة القضائية للمعالجة إمكانية الاستعانة بخبير كما يمكنها أن تطلب من كل شخص من ذوي الخبرة إبداء رأيه في نقطة تهم وضعية المقاولة، سواء فيما يخص الجانب المالي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو المحاسباتي أو الإداري وعموما في كل ما يتعلق بأمور المقاولة.
ولا تشترط المادة 563 م.ت في الخبير المعين انتماءه لأي مهنة معينة، فيكفي أن ترى فيه المحكمة القدرة على إبداء رأيه في النقطة أو النقط التي تراها واجبة التوضيح من قبل أهل الاختصاص،لهذا فلها أن تأمر تمهيديا بتعيينه لإجراء الخبرة المطلوبة قبل إصدار الحكم بفتح المسطرة،و ليس هناك ما يمنع أن يتم تعيين الخبير قبل الاستماع الاختياري لغير المدين أو أن يتزامن هذا الاستماع بحضور الخبير المعني.
إلا أنه يتعين على المحكمة أن تكون حذرة في إقرار إمكانية اللجوء إلى الاستماع الاختياري، وكذا إمكانية تعيين الخبير حيث تكون مواجهة بإكراه العامل الزمني للبت في فتح المسطرة[37].
الفقرة الثانية: تعيين الأجهزة القضائية الساهرة على سير المسطرة
يعين في حكم فتح مسطرة الإنقاذ القاضي المنتدب و نائبه(أولا)ثم السنديك(ثانيا)
أولا: تعيين القاضي المنتدب
بمجرد أن تتخذ المحكمة قرارها بفتح المسطرة بعد توفرها على الشروط الواجبة يجب عليها أن تنص في حكمها الفاتح على انتداب أحد قضاتها لتولي مهمة الإشراف على المسطرة و مراقبة سيرها و ذلك بالنظر إلى الصعوبات التي يمكن أن تواجهها المحكمة في حالة الإبقاء على مراقبة سيرها بيدها، لأن تسيير المسطرة ومراقبتها تتطلب من الجهاز المسير اتخاذ قرارات آنية بالإضافة إلى تفرغ الجهاز المكلف بهذا الأمر لحل مختلف المشاكل التي يمكن أن تقع وتتطلب حلولا سريعة، لذلك تم التفكير في فصل سلطة الحكم عن سلطة الوقاية بوضعها بيد قاضي منفرد يمارس مهامه مبدئيا تحت رقابة المحكمة في حدود الصلاحيات المخولة له قانونا وإن كانت بعض التشريعات المقارنة تجيز الجمع بين مهام قاضي الحكم والقاضي المنتدب[38].
و بالرجوع إلى مقتضيات الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق بصعوبات المقاولة كما تم تعديله بموجب القانون73.17 يتبين أن القاضي المنتدب هو فاعل رئيسي لا يمكن الاستغناء عن خدماته في مسطرة الإنقاذ، وتعيينه بند إلزامي يتوجب أن يتضمنه حكم المحكمة القاضي بفتح المسطرة و أن إغفال تعيينه في الحكم يجعل هذا الأخير باطلا و سببا لنقضه باعتبار التعيين جبري ومن النظام العام و بدونه تتعطل المسطرة[39].
وقد كانت الفقرة الثانية من المادة 568 م.ت السابقة تنص أنه تعين المحكمة القاضي المنتدب و السنديك إلا أنه بموجب المادة 670 من القانون 73.17 أصبحت تنص على أن المحكمة تعين فضلا عن ذلك نائبا للقاضي المنتدب تسند إليه نفس المهام إذا عاق مانع هذا الأخير، فالجديد أن المادة 670 أتت بمبدأ جديد يتمثل في لزوم أو ضرورة تعيين المحكمة في الحكم القاضي بفتح المسطرة نائب للقاضي المنتدب[40]، و لعل الحكمة من النص على وجوب تعيين الحكم القاضي بفتح المسطرة نائب للقاضي المنتدب تتمثل في عدم عرقلة المساطر وسيرها الطبيعي بسبب غياب القاضي المنتدب و إمكانية ممارسة المهام المسندة للقاضي المنتدب من طرف نائبه المعين بموجب الحكم القاضي بفتح المسطرة، كما أنه وحسب المادة 765م.ت فالحكم أو القرار القاضي بتعيين أو استبدال القاضي المنتدب لا يقبل أي طعن.
و اعتبارا كون مقتضيات مدونة التجارة لم تكن واضحة فيما يخص اختيار القاضي المنتدب من داخل تشكيلة الهيئة القضائية بفتح المسطرة أو خارجها مما نتج عنه اختلاف في مواقف المحاكم التجارية من ذلك،فإنه يرجح تعيين القاضي المنتدب من طرف المحكمة التجارية المختصة مصدرة الحكم بفتح المسطرة من بين القضاة التابعين لها لتولي مهمة الإشراف على المسطرة و مراقبة سيرها لأن ذلك من شأنه مساعدته في أداء مهامه على أحسن وجه وفي أحسن الظروف على اعتبار أنه تكون له فكرة واضحة على وضعية المقاولة ونوعية الصعوبات التي تعاني منها وعن علاقتها بمختلف الأطراف الأخرى المرتبطة بها لكونه شارك في الحكم الصادر بفتح المسطرة[41].
و ضمانا لحياد القاضي المنتدب نصت المادة 670م.ت على منع إسناد مهمة القاضي المنتدب إلى أقارب رئيس المقاولة أو مسيرها في الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو أصهارهم[42].
وقد أوكل المشرع وفقا للمادة 671 و 672 السالفة الذكر عدة مهام واختصاصات منها ما يدخل في الاختصاص العام ومنها ما يتأطر ضمن الاختصاص الخاص للقاضي المنتدب ونائبه.
بالنسبة للاختصاص العام للقاضي المنتدب ونائبه،أناطت المادة671 م.ت للقاضي المنتدب ونائبه صلاحية السهر على السير السريع للمسطرة،ويعد السهر على السير السريع للمسطرة من أهم الاختصاصات التي نصت بها التشريعات للقاضي المنتدب،ولتحقيق هذه الغاية حري بالقاضي المنتدب ونائبه التأكد من القيام بالإجراءات القانونية في الأجل المعقول بشكل يساهم ما أمكن في تقصير أمد المسطرة،وإذا كان التأكيد على تسريع الإجراءات يعكس إرادة المشرع نحو ضمان السرعة فإن ذلك غالبا ما يواجه بإكراهات عملية وإجرائية تحول دون ذلك[43]،وفضلا عن ذلك خولت المادة 560 من القانون الجديد الاختصاص للقاضي المنتدب في تحديد الغرامة التهديدية وذلك حينما نصت على أنه يتعين على الأغيار الحائزين للوثائق والدفاتر المحاسباتية المتعلقة بالمقاولة ووضعها رهن إشارة السنديك قصد دراستها تحت طائلة غرامة تهديدية يحددها القاضي المنتدب كما نصت المادة 587 من نفس القانون على أنه يمكن للمحكمة في أي وقت أن تأمر بتوقيف المقاولة عن نشاطها جزئيا أو كليا والحكم بتصفيتها قضائيا وذلك بناء على طلب معلل للسنديك أو مراقب أو من رئيس المقاولة أو تلقائيا وبناء على تقرير للقاضي المنتدب.
وطبقا لمقتضيات المادة 594من نفس المدونة فإن القاضي المنتدب يرخص كذلك لرئيس المقاولة أو السنديك تقديم رهن أو رهن رسمي وبالتوصيل إلى صلح أو تراض، ومن خلال مجمل هذه المقتضيات، فالملاحظ أن المشرع خول للقاضي المنتدب اختصاصات متنوعة وموسعة تجسد الدور المحوري للقضاء في تفعيل المساطر القضائية ناهيك عن ما للقاضي المنتدب من أدوار طلائعية في اتخاذ الإجراءات التحفظية الرامية إلى حماية المقاولة.
أما بالنسبة لوظيفة القاضي المنتدب في الإدارة العامة للمسطرة وهي إحدى الأدوار الكلاسيكية التي يلعبها وتتمحور بالأساس حول جانبين أحدهما تحقيقي وإخباري،والآخر تنشيطي ورقابي[44]،حيث أن نظام الصعوبات أضفى صبغة غير مسبوقة على دور القضاء إذ صار هذا الأخير منغمسا في حياة المقاولات وهو ما نتج عنه توسيع في سلطات القضاء فلم يعد قراره يصدر بناء على معطيات قانونية فقط، بل أصبح دوره إيجابيا يتعدى حدود الصياغة القانونية البحتة إلى بعد اقتصادي و اجتماعي.
ولمزاولة صلاحياته المتعددة لابد على القاضي المنتدب أن يستند في حل مبادراته على نظام استعلامي فعال يمكنه من الوصول بيسر إلى مصادر الإعلام دون التمسك بمبدأ حفظ السر المهني في مواجهته وفي إدارته لتداول الإعلام في المسطرة تختلف الأوضاع والمراكز التي يتواجد فيها هذا القاضي إزاء الإخبار فثارة يعلم وثارة أخرى يستعلم وهو ما يفرض عليه لضمان الفعالية اللازمة لأدواره المتباينة هذه أن يربط علاقات مع جهات التي تشكل مصادر لإعلامه سواء المرتبطة منها بالمسطرة أو الأجنبية عنها[45].
وطبقا للفقرة الرابعة من المادة 671 من مدونة التجارة فإن جميع الأوامر الصادرة عن القاضي المنتدب سواء المتعلقة بالطلبات أو الشكاوي الموجهة إليه تكون قابلة للطعن فيها بالاستئناف داخل أجل10أيام من صدورها بالنسبة للسنديك،ومن تاريخ تبليغها بالنسبة لباقي الأطراف.
وبهذا فإن تحديد الاختصاصات المسندة للقاضي المنتدب لم تنحصر عند مادة وحيدة في القانون 73.17 بل جاءت شاملة لجميع مراحل المساطر القضائية لصعوبات المقاولة، ذلك أن المهمة المسندة له المتمثلة في السهر على السير السريع للمسطرة وعلى حماية المصالح القائمة تتجسد من بداية المساطر القضائية وحتى نهايتها وهذا ما دفع بعض الفقه إلى تسمية القاضي المنتدب بالمايسترو الذي يقود الفرقة الموسيقية[46].
لكن رغم هذه الاختصاصات فإن دور القاضي المنتدب في المسطرة نجده دورا محدودا كان على المشرع أن يوسع من دوره في هذه المسطرة خصوصا أن المقاولة ما زالت غير متوقفة عن الدفع وذلك من أجل مساعدة المقاولة على النهوض من جديد قبل أن تتوقف عن الدفع[47].
ثانيا: تعيين السنديك
يعد السنديك بحكم الصلاحيات التي يضطلع بها في مسطرة الإنقاذ أحد أهم الأجهزة القضائية الفاعلة التي تلعب دورا أساسيا و إستراتيجيا في تحريك الآليات القانونية والاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى إنقاذ المقاولة من الوقوع في التوقف عن الدفع،فعند حكم رئيس المحكمة التجارية بفتح مسطرة الإنقاذ فإنه يعين بموجب نفس الحكم السنديك بالإضافة للقاضي المنتدب، و الذي بدوره لا يجب أن يكون من أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية، و يتكلف السنديك بمراقبة مخطط الإنقاذ و مراقبة أعمال التصرف التي يقوم بها رئيس المقاولة ويودع بشأن هذه الأعمال تقارير يرفعها للقاضي المنتدب[48].
وقد ارتبط السنديك بنظام المساطر الجماعية مع بداياتها،فقد كان جهازا أساسيا في نظام الإفلاس حيث كان يمثل كثلة الدائنين،ولا زال دوره متعاظما مع نظام صعوبات المقاولة حيث أضحى يمثل مجموع المصالح التي جاء هذا النظام لحمايتها ومحاولة التوفيق بينها فإذا كانت المحكمة من خلال القاضي المنتدب هي الحارسة القانونية للمقاولة المتعثرة الساعية للضمانة القضائية عبر مسطرة الإنقاذ أو تلك المتوقفة عن الدفع، والضامنة للتوافق بين المصالح الخاصة لأطرافها، و بين المصلحة الاقتصادية العامة المتمثلة في استمرارية نشاط المقاولة، فإن السنديك هو حجر الزاوية والمحرك الأساسي لمساطر التسوية والتصفية القضائية والمراقب لسير تنفيذ مخطط الإنقاذ طبقا للقانون 73.13، لهذا جاء تعيينه متزامنا مع تعيين القاضي المنتدب.
وقد جاءت المقتضيات الجديدة في إطار القانون73-17 بهدف إعادة النظر في كيفية تعين السنديك،إذ أحالت الفقرة الأخيرة من المادة 673م.ت على صدور نص تنظيمي يحدد المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهام السنديك والأتعاب المستحقة عن هذه المهام[49]،وبما أن هذا النص التنظيمي لم يصدر لحد الآن، فإن مهام السنديك تزاول من طرف كاتب الضبط بالمحكمة التجارية، ويمكن للمحكمة عند الاقتضاء أن تسندها للغير كالخبراء المحاسبين[50]، وقد دأبت المحاكم المغربية على تعيين السنادكة من خارج كتابة الضبط[51]،ونعتقد أن هذا التوجه سليم من حيث أن مهمة السنديك في ظل الكتاب الخامس من مدونة التجارة تتجاوز، بل لا تلتقي إلا قليلا مع مهام السنديك في ظل نظام الإفلاس، فبالإضافة إلى أدواره الكلاسيكية المرتبطة بإجراءات التصفية، فإنه أضحى يلعب دورا هاما على مستوى تشخيص دقيق لوضعية المقاولة المتوقفة عن الدفع، و كذلك على مستوى استشراف مستقبلها.
بالإضافة لذلك تمت مراجعة مسطرة استبدال السنديك بحيث يمكن للمحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة مباشرة استبدال السنديك بطلب من النيابة العامة، أو جمعية الدائنين في الحالات التي تشكل فيها طبقا للمادة 606 من مدونة التجارة،أو القاضي المنتدب تلقائيا[52]،أو بناء على تشك لديه من رئيس المقاولة أو أحد الدائنين أو رئيس المقاولة[53]أو من طرف الدائن الذي لم يبث القاضي المنتدب في تشكيه داخل أجل خمسة عشر يوما.
هذا ولم يفت المشرع أن يلزم السنديك الذي أعفي من مهامه بأن يسلم للسنديك الجديد جميع الوثائق المتعلقة بالمسطرة وتقريرا بالحسابات المرتبطة بها داخل أجل عشرة أيام من تاريخ إعفائه من مهامه،كما يظل ملزما بالسر المهني وعدم الإفصاح عن تطورات المسطرة والأمور التي من شأنها التأثير على نجاح المسطرة أو على مصير المقاولة[54].
و فيما يتعلق بمهامه يكلف السنديك في إطار المهام المسندة إليه في مسطرة الإنقاذ بإعداد تقرير تفصيلي عن الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة بمساعدة رئيس المقاولة[55]،و بناء على هذا التقرير تتم المصادقة على مشروع مخطط الإنقاذ أو تعديله أو الحكم بتسوية المقاولة أو تصفيتها[56].
وفي حالة اعتماد مخطط الإنقاذ فإنه يتولى مراقبته وتنفيذه[57]،و يتعين عليه بمناسبة قيامه بمهامه أن يحترم الالتزامات القانونية والتعاقدية المفروضة على رئيس المقاولة ويحق له في إطار السهر على تسيير مسطرة الإنقاذ أن يتخذ كل إجراء لإخبار الدائنين واستشارتهم حول الإجراءات التي يعتزم القيام بها فيما يخص ديونهم[58]، كما يعمل على مراقبة رئيس المقاولة فيما يخص أعمال التصرف من قبيل البيع، الكراء الرهن أو غيرها من التصرفات التي تهم المقاولة[59].
ولما كان رئيس المقاولة خلال مسطرة الإنقاذ يحتفظ بكامل صلاحياته فيما يخص سير المقاولة فإن دور السنديك يقتصر فقط في مراقبته أو مساعدته في ما يخص التسيير خلال فترة الملاحظة التي يتم فيها إعداد مخطط الإنقاذ وله أن يدلي برأيه فيما يتعلق باستمرار العقود الجارية أو توقيفها[60].
بالنسبة للمهام القانونية والإدارية فمنذ فتح المسطرة يقوم باتخاذ جميع الإجراءات التحفظية اللازمة سواء من تلقاء نفسه أو بطلب من رئيس المقاولة وقد يطال أثرها المسيرين إذا ما تعلق الأمر بفتح هذه المسطرة ضد أي شخص معنوي كما يقوم باتخاذ سائر الإجراءات التحفظية لتفادي ضياع أموال المقاولة وخصوصا الحفاظ على حقوقها في مواجهة مدينيها وضمان قدراتها الإنتاجية بالإضافة إلى المطالبة بتمديد المسطرة إلى بعض المسيرين المتورطين في التلاعب بأموال المقاولة أو لارتكابهم أخطاء متعلقة بالتسيير كما يمكنه المطالبة بتمديد المسطرة إلى مقاولات أخرى في حالة تداخل الذمم وثبوت علاقات أو مصالح مالية مشبوهة بينها وإضافة إلى ذلك يقوم السنديك باتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي تبذير أموال المقاولة من طرف المدين سيء النية ومنها وضع الأختام على أموال المقاولة للمحافظة على أصولها وصيانة حقوق المدينين والحيلولة دون العبث بأموال المسطرة ،كما يمكنه أن يقوم بمهمة جرد وإحصاء أموال المقاولة بحضور المدين وذلك حفاظا على أصول المقاولة والمساهمة في تأمين استمرارية النشاط الاقتصادي، ما يمارس السنديك دورا أساسيا في تشخيص وضعية المقاولة وتسييرها وإخبار المحكمة بكافة المعطيات المتعلقة بوضعية المقاولة العالمية والاقتصادية وتعتبر هذه الوظيفة من الوظائف الأكثر خطورة إذ غالبا ما تعتمد المحكمة في اختيارها للحل الملائم لوضعية المقاولة،أما بالنسبة للمهام الاقتصادية والاجتماعية فلقد حاول المشرع تنظيم آليات الوقاية والإنقاذ من الصعوبات المالية والاقتصادية والاجتماعية وآليات معالجتها وفق منظومة تجمع بين الجانب القانوني والإداري[61].
المطلب الثاني:التدخل القضائي في تسيير المقاولة الخاضعة لمسطرة الإنقاذ
لقد أعطى المشرع ضمانات لفائدة المدين والمتمثلة في عدم فقدانه لتسيير مقاولته طيلة المدة التي تسري عليها مقتضيات مسطرة الإنقاذ وخول للسنديك مراقبة أعمال التصرف و تنفيذ مخطط الإنقاذ(الفقرة الأولى) و كذا الرقابة على أموال المقاولة(الفقرة الثانية)
الفقرة الثانية: الرقابة تسيير المقاولة خلال سير مسطرة الإنقاذ
يسهر السنديك خلال مسطرة الإنقاذ على مراقبة أعمال التصرف(أولا)ثم تنفيذ مخطط الإنقاذ(ثانيا)
أولا: رقابة السنديك على أعمال التصرف
يختص رئيس المقاولة وفقا لمقتضيات المادة566من م.ت بعمليات التسيير وبالتالي لا يمكن للحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ أن يسلب التسيير من رئيس المقاولة بحيث يبقى هذا الأخير في جميع الأحوال هو المختص بذلك،وهذا خلافا لمسطرة التسوية القضائية التي يمكن للحكم القاضي بفتحها أن يبقى رئيس المقاولة مكلفا بعمليات التسيير تحت مراقبة السنديك، كما يمكنه أن يكلف السنديك بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير أو في بعضها كما يمكنه أن يكلف السنديك لوحده بالتسيير الكلي والجزئي للمقاولة[62]، و خلافا أيضا لمسطرة التصفية القضائية التي يترتب عنها تخلي المدين بقوة القانون عن تسيير أمواله والتصرف فيها لفائدة السنديك المعين.
وعليه يبقى رئيس المقاولة محتفظا بعمليات التسيير إلا أنه يخضع بخصوص أعمال التصرف و تنفيذ مخطط الإنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقارير بذلك للقاضي المنتدب وبالتالي فإن السنديك يتولى مراقبة جميع أعمال التصرف التي تهم أصول المقاولة ويرفع التقرير بذلك إلى القاضي المنتدب الذي يحق له إجراء عملية ما من هذه العمليات كما له الحق في أن يلتمس من المحكمة فسخ مخطط الإنقاذ في حالة عدم تنفيذ الالتزامات المضمنة فيه وتقرير التسوية أو التصفية القضائية[63]،كما يملك السنديك الصفة للقيام باسم المقاولة بتقييد جميع الرهون الرسمية و الحيازية والامتيازات التي يكون رئيس المقاولة قد أهمل اتخاذها أو تجديدها[64].
ومنعا لاستنزاف الأموال التي تحتاجها المقاولة في هذه الفترة الحرجة، و في إطار حماية حقوق الدائنين الذين نشأت ديونهم قبل صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة الإنقاذ فإن رئيس المقاولة يمنع من القيام بأية مبادرة لاستيفاء ديونهم أو تقوية مركزهم القانوني كالقيام بإقامة دعوى فردية ضد المقاولة[65].
وعموما نظرا لاعتبار مسطرة الإنقاذ آلية إستباقية تحفيزية لرئيس المقاولة للاستفادة من الحصانة القضائية التي تخوله وقف المتابعات الفردية والتنفيذية على أمواله، و نظرا كذلك لكونها مسطرة تتأسس على مشروع الإنقاذ الذي يتقدم به إلى المحكمة فإنه من الطبيعي أن يحظى بثقة المحكمة بخصوص الصلاحيات المعترف بها له فيما يخص تسيير مقاولته[66]، لهذا السبب تنص المادة 566 على أنه يختص رئيس المقاولة بعمليات التسيير ويبقى خاضعا بخصوص أعمال التصرف وتنفيذ مخطط الإنقاذ لمراقبة السنديك الذي يرفع تقرير بذلك للقاضي المنتدب”[67]، و وفقا لهذه القاعدة لا يجوز للمحكمة عندما تقضي بفتح مخطط الإنقاذ أن تحد من صلاحيات رئيس المقاولة و لو جزئيا فيما يخص إحدى عمليات التسيير وتمنحها للسنديك، بل الأكثر من ذلك فهذا الأخير لا يملك حق مراقبة أعمال التسيير لكون التسيير يبقى من صميم اختصاصات رئيس المقاولة، إلا أنه يملك مراقبة أعمال التصرف التي يأتيها رئيس المقاولة وكذا تنفيذ مخطط الإنقاذ بعد إعتماده من طرف المحكمة بموجب حكم قضائي حيث يرفع تقرير بخصوص ذلك إلى القاضي المنتدب[68].
ونعتقد أن المادة 566م ت،من خلال رفع يد السنديك عن مراقبة أعمال التسيير خلال إعداد مشروع مخطط الإنقاذ لن يكون محفزا لانخراط الدائنين في هذا المشروع لأنهم سيفتقدون إلى آلية قضائية مهمة لمراقبة أعمال التسيير خلال هذه المرحلة، فكان الأجدر أن يتم الاعتراف للسنديك بهذه المهمة.
وتحقيقا لنفس الهدف فبالرجوع إلى المادة 702 من القانون 73.17 تنص على أنه يمكن استرداد البضائع إذا كانت عينية كليا أو جزئيا إذا تم فسخ بيعها قبل الحكم بفتح المسطرة سواء بمقرر قضائي أو إثر تحقق شرط فاسخ كما يجب أن يقبل الاسترداد حتى و إن تم الحكم بفسخ البيع أو معاينته بمقرر قضائي لاحق لحكم فتح المسطرة إذا كانت دعوى الاسترداد أو الفسخ فقد أقيمت قبل هذا الحكم من لدن البائع لسبب غير أداء الثمن غير أنه لا يمكن ممارسة استرداد المنقول إلا في أجل الثلاثة أشهر التالية لنشر الحكم القاضي بفتح التسوية أو التصفية القضائية ويسري الأجل بالنسبة للأموال موضوع عقد جار يوم فتح المسطرة ابتداء من تاريخ فسخ هذا العقد أو انتهائه[69].
و في حالة بيع بضائع لم يتم تسليمها بعد للمقاولة المعنية يمكن استرداد البضائع المرسلة إلى المقاولة طالما لم يتم تسليمها في مخازنها أو مخازن الوكيل بالعمولة المكلف بيعها لحساب هذه المقاولة غير أنه لا يقبل هذا الاسترداد إذا كانت البضائع قد بيعت قبل وصولها دون تدليس بناء على فواتير وسندات نقل صحيحة كما يمكن استرداد البضائع المسلمة للمقاولة سواء على وجه الوديعة أو لبيعها لحساب مالكها وذلك وفقا للمادة 704 من مدونة التجارة،ويمكن أيضا استرداد البضائع المبيعة تحت شرط الأداء الكامل للثمن مقابل نقل ملكيتها إذا كانت هذه البضائع موجودة بعينها وقت فتح المسطرة هذا الشرط الذي يمكن أن يرد في محرر ينظم مجموعة من العمليات التجارية المتفق عليها بين الأطراف يجب أن يكون متفقا عليه كتابة على الأكثر حين التسليم.
بالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن أن يمارس الاسترداد العيني وفق الشروط الخاصة بالأموال المنقولة المدمجة في مال منقول آخر إذا كان استردادها لا يشكل ضررا ماديا للأموال المثلثة إذا كانت بين يدي مستثمر للأموال من نفس الصنف ومن الجودة غير أنه وفي جميع الأحوال لا يمكن الاسترداد إذا كان ثمن البيع قد أدي حالا.
ويمكن للقاضي المنتدب أن يمنح برضى من الدائن المطالب بالاسترداد أجل للوفاء ويعتبر أداء الثمن حينئذ بمثابة دين نسبي بشكل صحيح بعد الحكم بفسخ المسطرة،ويمكن للسنديك أن يقبل طلب الاسترداد بموافقة المدين وفي حالة تعذر الموافقة يتم عرض الطلب على أنظار القاضي المنتدب الذي يبث في صحة الاسترداد[70].
ثانيا: الرقابة القضائية على تنفيذ مخطط الإنقاذ
تنص المادة 570 م.ت”تقرر المحكمة اعتماد مخطط الإنقاذ إذا تبين لها توفر إمكانات جدية لإنقاذ المقاولة،وذلك بناء على تقرير السنديك وبعد الاستماع لرئيس المقاولة والمراقبين”،و في إطار السهر على تنفيذ مخطط الإنقاذ خول المشرع للمحكمة صلاحيات متعددة تضمن التنفيذ السليم لهذا المخطط، حيث يصاحب اعتماد مخطط الإنقاذ القيام بمجموعة من الإجراءات التي من شأنها ضمان نجاح المخطط،فباعتماد مخطط الإنقاذ إما أن تستمر المقاولة في نشاطها دون تغيير في هيكلتها أو أن تستمر في نشاطها مع توقيف أو دمج أو تفويت أو إضافة نشاط أو عدة أنشطة تقوم بها المقاولة[71].
وتجدر الإشارة إلى أن مسطرة الإنقاذ لا تقبل التفويت الكلي بخلاف مساطر المعالجة التي يمكن أن تتضمن التفويت الكلي للمقاولة وذلك استنادا إلى المادة 624من م.ت التي تنص على أنه يمكن أن ترفق هذه الاستمرارية بتوقيف أو إضافة أو تفويت بعض قطاعات النشاط إن اقتضى الحال وتخضع التفويتات التي تتم وفق هذه المادة لمقتضيات القسم الثالث ولا ينحصر فقط في مخطط الاستمرارية بل في كل اتفاق استنادا للمادة 570.
كما يمكن للمحكمة أن تأمر بوقف آثار منع إصدار الشيكات الصادر ضد المقاولة عن وقائع سابقة لحكم فتح مسطرة الإنقاذ ويسري هذا الوقف خلال مدة تنفيذ مخطط الإنقاذ وسداد خصوم المقاولة وذلك بناء على مقتضيات المادة625م.ت المحال عليها بموجب المادة 570 من نفس المدونة،غير أن فسخ المخطط يضع حدا لوقف المنع بقوة القانون[72]،وذلك في إطار تشجيع رئيس المقاولة للانخراط في مسلسل إصلاح المقاولة.
وحتى تضمن المحكمة نجاح مخطط الإنقاذ فإنه يمكن لها أن تقرر في الحكم الذي يحصر مخطط الإنقاذ أو يغيره عدم إمكانية تفويت الأموال التي تعتبرها ضرورية لاستمرارية المقاولة دون ترخيص منها وذلك لمدة تحددها،ويتم تقييد عدم إمكانية تفويت الأموال بالسجل التجاري للمقاولة، ويعتبر كل عقد أبرم وهو خارج لقواعد عدم قابلية التفويت قبلا للإبطال[73]،كما أن المحكمة تجد نفسها ملزمة عند حصر مخطط الإنقاذ إلى اعتماد تغييرات في النظام الأساسي من أجل بقاء المقاولة واستمراريتها، ويجب الإشارة إلى هذه التغييرات في مخطط الإنقاذ ويقوم السنديك باستدعاء الجمعية المختصة لتنفيذ التغييرات التي ينص عليها مخطط التفويت[74]،هذا وقررت المادة571من نفس المدونة مدة المخطط في خمس سنوات كحد أقصى.
و مما تجدر الإشارة إليه ان التفويتات التي يتضمنها مخطط الإنقاذ تخضع لمقتضيات القسم الثالث من هذا الكتاب أي نفس مقتضيات التفويت الخاصة بمسطرة المعالجة،إلا أن ما يميز التفويت في مسطرة الإنقاذ هو أنه يكون جزئيا فقط وقد إشترط المشرع في حالة التفويت الجزئي شرطان،أما الأول فهو أن لا يؤدي إلى التفويت الجزئي إلى إنقاص قيمة الأموال غير المفوتة،والهدف من هذا الشرط هو ضمان الحفاظ على القدرة الإنتاجية والقدرة على الاستمرارية في النشاط بشكل طبيعي بالنسبة للقطاعات الغير المفوتة،أما الشرط الثاني فهو وجوب أن يتعلق التفويت الجزئي بمجموع عناصر الإنتاج التي تكون قطاعا أو عدة قطاعات لأوجه النشاط كاملة ومستقلة والهدف من هذا الشرط هو ضمان استمرارية نشاط القطاع المفوت،وتخليص المقاولة من القطاعات التي تحسن سيرها والتي تؤدي بها إلى تراكم الخسائر، وتجدر الإشارة إلى أن كيفية التفويت وآثاره في حالة مسطرة الإنقاذ تخضع لنفس المقتضيات التي تنظم التفويت الخاص بمسطرة المعالجة[75].
كما يشير حكم اعتماد مخطط الإنقاذ وحكم حصر مخطط الاستمرارية إلى الكيفيات التي يتعين إتباعها من أجل تصفية خصوم المقاولة وبالتالي فهو يأتي متضمنا لما يلي:
– إشهاد المحكمة على جميع الآجال والتخفيضات الممنوحة من طرف الدائنين والتي يقترحها السنديك عليهم خلال الاستشارة الفردية أو الجماعية التي يجريها معهم والتي وافقوا عليها صراحة أو ضمنا، كما يمكن للمحكمة ان تخفض هذه الآجال والتخفيضات إن اقتضى الحال ذلك[76].
– فرض المحكمة لآجال موحدة للأداء على باقي الدائنين وذلك مع مراعاة الآجال الأطول تم الاتفاق عليها بين الأطراف قبل فتح المسطرة وذلك فيما يخص الديون المؤجلة، ويمكن أن تزيد هذه الآجل عن مدة تنفيذ مخطط الإنقاذ أو مخطط الاستمرارية لكن يتعين أن يتم السداد الأول داخل سنة من بداية تنفيذ المخطط.
ويجب على السنديك بمجرد تعيينه أن يعمد إلى إعداد تقرير تفصيلي[77] يبين فيه الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة وذلك بمشاركة رئيس المقاولة،وعلى ضوء هذه الموازنة يقترح على المحكمة إما بالمصادقة على مشروع مخطط الإنقاذ والمقدم من طرف رئيس المقاولة وإما تعديله وإما تسوية المقاولة أو تصفيتها قضائيا.
ومن أجل القيام بإعداد هذا التقرير في أحسن الظروف خولت له المادة 597م.ت[78] حق الحصول على جميع المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة وذلك سواء عن طريق مراقب الحسابات إن وجد أو عن طريق بعض الإدارات العمومية كإدارة الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو باقي أشخاص القانون العام أو عن طريق أي جهة أخرى كما لا يمكن أن يواجه بالسر المهني في إطار المهام المسندة إليه بحيث نصت نفس المادة على أنه يحق له الحصول على هذه المعلومات بالرغم من أية مقتضى تشريعي مخالف ويتعين على الغير المتوفر على الوثائق والدفاتر المحاسبتية المتعلقة بالمقاولة وفقا للمقتضيات المادة 568م.ت أن يضعها رهن إشارة السنديك قصد دراستها وذلك تحت طائلة غرامة تهديدية يحددها القاضي المنتدب[79]، وضمانا لسرعة إنجاز هذا التقرير التفصيلي وعرضه على المحكمة من أجل البت فيه، قررت المادة 595 م.ت المحال عليها بواسطة الفقرة الثانية من المادة 569م,ت أنه يجب على السنديك أن يعرض الاقتراحات أعلاه على القاضي المنتدب داخل أجل أقصاه أربعة أشهر على صدور حكم فتح هذه المسطرة ويمكن تمديد الجل المذكور عند الاقتضاء مرة واحدة[80]،من طرف المحكمة بناء على طلب السنديك كما يجب على المحكمة أن تدرج الملف بالجلسة بعد عشرة أيام من تاريخ عرض التقرير على القاضي المنتدب أو من تاريخ انقضاء الأجل المذكور في المقابل منح المشرع الفرنسي المتصرف أو الوكيل القضائي المعين في المسطرة بأجل الحلول للإعداد أو الموازنة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية يمكن أن يصل إلى 18 شهرا بحيث نصت المادة L621-3 من م.ت[81]،وأخيرا في وفاة الشخص الذاتي المدين بعد فتح المسطرة بناء على طلبه فإنه يتعين على ورثته أو من ينوب عنهم وفقا لمقتضيات الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 546م ت أن يختاروا من يمثلهم في إجراءات المسطرة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إشعارهم من طرف السنديك فإذا تعذر الاختيار كلف القاضي المنتدب أحدهم بذلك بطلب من السنديك،و يمكن للقاضي المنتدب تغيير ممثل الورثة من توفر لذلك سبب مشروع[82].
الفقرة الثانية: الرقابة القضائية على أموال المقاولة
إن المقاولة التي تعاني من صعوبات مالية واقتصادية دون أن تصل بها إلى مرحلة التوقف عن الأداء تحتاج إلى الحفاظ قدر الإمكان على أصولها الذاتية وتوفر الحماية اللازمة لها
أولا: إعداد رئيس المقاولة جرد بأموال المقاولة
تعتبر إجراءات الجرد من أهم الآليات التي أعطاها المشرع للسنديك من خلالها يكون فكرة واضحة عن المقاولة عبر انتقالاته إلى محلات المقاولة وتواصله مع العمال إلى غير ذلك[83].
فالمادة 567 م ت ألزمت رئيس المقاولة،بمجرد فتح مسطرة الإنقاذ إعداد جرد لأموال المقالة وللضمانات المثقلة بها، ولعل المشرع ابتغى من وراء هذا الإجراء مساعدة السنديك الذي قد يضع عليه من خلال الوثائق المقدمة إليه الإحاطة بكل أموال المدين مما يجعل عملية الجرد ناقصة وغير مكتملة دائما،وعليه وبمجرد فتح مسطرة الإنقاذ يتعين على المدين القيام بهذا الجرد بحيث يمكن أن يكون ذلك بطلب من المحكمة إلا أن رئيس المقاولة هو من تقع عليه مسؤولية إنجاز هذا الجرد ويمكنه من أجل ذلك الاستعانة بخبير محاسبة[84].
كما يجب أن يرفق هذا الجرد بقائمة مصادق عليها رهن إشارة القاضي المنتدب والسنديك،ويشار فيه إلى الأموال التي من شأنها أن تكون موضوع حق استرداد من قبل الغير[85]،غير أن عدم الإدلاء بالجرد المذكور، لا يحول دون ممارسة دعاوى الاسترداد أو الاستحقاق.
غير أن عملية الجرد تطرح إشكال في حالة الإدلاء بالجرد المذكور حينما تتخذ المحكمة قرار بيع بعض ممتلكات المقاولة لتصفية بعض الديون،فكيف ستحدد المحكمة الأشياء التي ستباع إذا لم تكن محددة بتفصيل في قائمة تسمح بالعلم الشامل بأموال المدين، فعدم الإدلاء بجرد الأموال قد يدفع المدين إلى التصرف بسوء في الأصول الي لا يكون للمحكمة علم بوجودها[86].
ثانيا: ترخيص القاضي المنتدب ببعض التصرفات
لإنجاح فترة إعداد الحل،منع المشرع إتيان بعض التصرفات التي قد تضر بإعداد الحل وبالتالي إضعاف وضعية المقاولة،ومن هذا المنطلق خول المشرع للقاضي المنتدب الترخيص،سواء للسنديك أو رئيس المقاولة للقيام ببعض التصرفات:
1- ترخيص القاضي المنتدب بأداء دين سابق على الحكم لفك الرهن أو لاسترجاع شيء محبوس:
استثناء من القاعدة التي تقضي بعدم الوفاء بالديون الناشئة قبل حكم فتح المسطرة، أعطى المشرع للقاضي المنتدب إمكانية أن يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم،وذلك لفك الرهن أو لاسترجاع شيء محبوس قانونيا إذا كان يستلزمه استمرار نشاط المقاولة، وذلك حسبما نصت عليه المادة 690 م.ت وهو ما يفيد أن القيام بهذه التصرفات لا يمكن أن يتم بدون مراقبة المحكمة في شخص القاضي المنتدب[87].
والملاحظ من هذه المادة أن هذا الإذن يقتصر فقط على السنديك وحده وبصفة مطلقة وليس رئيس المقاولة أو هما معا ولذلك كان على المشرع أن يسمح بأن يتم هذا الترخيص إما لرئيس المقاولة أو للسنديك أو هما بحسب الأحوال[88].
ويشترط لإمكانية منح القاضي المنتدب ترخيص استجماع شرطين حيث ينبغي أن يكون الشيء قد أعطي على سبيل الرهن أو أن يكون محبوسا بصفة قانونية،كما ينبغي بعد ذلك أن يكون فك أو استرجاع هذا الشيء تستلزمه متابعة النشاط، فمن الملاحظ أن المشرع قد وضع في نفس الصف وبصفة مستقلة كلا من الرهن وحق الحبس وعليه ينبغي أن نميز بين حالتين:
- الحالة الأولى:عندما يتعلق الأمر بالرهن ينبغي أن يكون حيازيا أما الرهن بدون انتقال الحيازة لا يستفيد من هذه الإمكانية لأن كلمة “فك” يرجح فكرة انتقال الحيازة.
- الحالة الثانية:عندما يتعلق الأمر بحق الحبس، فإنه ينبغي أن يكون هذا الأخير قانونيا، أي أن يكون الدائن حائزا للشيء بسبب دينه.
ويثير هذا الشرط المتمثل في أن يكون فك الرهن أو استرجاع الشيء المحبوس تستلزمه متابعة النشاط، تساؤلا حول ما إذا كان ينبغي أن يكون هذا الفك أو الاسترجاع لأجل الاستعمال أو لأجل البيع؟
من خلال المادة 690 م. ت يبدوا أن الأمر حينما يتعلق بفك الشيء أو استرجاعه يكون سواء لأجل استعماله أو لأجل بيعه، فعبارة تستلزمه متابعة النشاط، ليس فيها ما يسمح بالقيام بأي تمييز الاسترجاع من أجل الاستعمال، والاسترجاع من أجل البيع،فبيع الشيء هو أيضا في صالح استمرار النشاط عندما يتم البيع بثمن يفوق الدين الحابس سواء أكان مرتهنا أم لا لما يوفره ذلك من سيولة تكون المقاولة المتابع نشاطها بحاجة إليها لا محالة.
وهكذا فإنه يتضح من خلال الفقرة الثانية من المادة 690م ت أعلاه والتي تتعلق بفرضية وجود دائن مرتهن أو مجرد دائن عادي، سابق على الحكم يمارس حق[89]حبس قانوني على شيء ضروري لاستمرار النشاط ولتفادي العرقلة التي يمكن أن يسببها ذلك لاستمرار النشاط، حيث يمكن للقاضي المنتدب أن يتدخل بالترخيص للوفاء بالدين مقابل استرجاع هذا الشيء وذلك بطلب من السنديك الذي عليه أن يقيم الدليل على أن هذا الشيء تستلزمه فعلا متابعة النشاط.[90]
و يظهر لنا من خلال ما سبق أن تأكد القاضي المنتدب من الشروط السابقة في المادة 690 م.ت، وهي حق الحبس أو الرهن لا تدخل في نطاق اختصاص القاضي المنتدب وإنما تدخل في نطاق اختصاص المحكمة، ذلك أن اختصاص القاضي المنتدب يتمثل أساسا في السهر على حسن سير المسطرة وحماية المصالحة القائمة بالمقاولة[91].
2- ترخيص القاضي المنتدب بتقديم الرهن الرسمي:
نصت المادة 594 م.ت:”يرخص القاضي المنتدب لرئيس المقاولة أو للسنديك بتقديم رهن أو رهن رسمي …”،وبذلك فإن المشرع قد منح الإذن بتقديم الرهن أو الرهن الرسمي للسنديك أو لرئيس المقاولة، بخلاف الترخيص بالوفاء بدين ناشئ قبل حكم فتح المسطرة مقابل فك الرهن أو استرجاع الشيء المحبوس بصفة قانونية الذي يقتصر على السنديك وحده.
ويمكن أن يكون الترخيص بتقديم رهن أو رهن رسمي مهما لاستمرارية نشاط المقاولة، غير أن النص يتضمن نوعا من الغموض حيث أنه لم يتضمن طبيعة الديون موضوع الرهن،كما أن اقتصار المشرع على الرهن أو الرهن الرسمي،هو ما يفيد أن النص على استمرارية المقاولة مما يجعل هذا النص فارغا من محتواه ويعكس الغاية التي جاء من أجلها[92].
3- ترخيص القاضي المنتدب لرئيس المقاولة أو للسنديك بالوصول إلى الصلح:
تكمن العلة في إخضاع التوصل إلى الصلح أو التراضي للترخيص المسبق في هذين المتصرفين، وإن كانا في فائدة المقاولة فإنهما يمكن أن يكونا أيضا خطيرين على مصالح الدائنين ومصلحة المقاولة، لذلك فإن احتمال خطورتهما حتم ألا يخضع هذين التصرفين لمحض تقدير رئيس المقاولة أو السنديك[93].
ثالثا: سلطة المحكمة في فسخ مخطط الإنقاذ وآثاره
ما يميز مسطرة الإنقاذ هو أن استمرارية المقاولة خلال الفترة اللاحقة عن صدور حكم بفتحها تكون هشة وغير نهائية مثلما في ذلك مثل الوضعية التي تلي الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية على اعتبار أن المادة 564 من م ت للمحكمة من تبين لها بعد فتح مسطرة الإنقاذ أن المقاولة كانت في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النصف بالحكم القاضي بفتح هذه المسطرة أن نقاش حالة التوقف وتحدد تاريخه وتقضي بتحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية أو تصفية قضائية أي بحسب ما إذا كانت وضعية المقاولة مختلة أو ليست مختلة بشكل لا رجعة فيه[94].
وإذا كانت المادة 564 من م ت لم تحدد الجهات التي يحق لها تقديم طلب المحكمة بتحويل مسطرة الإنقاذ وهو ما يمكن أن يعتبر بأنه يحق لها تلقي هذا الطلب من أية جهة كانت سواء كان السنديك أو النيابة العامة أو حتى من المراقبين، فإن الفقرة الثانية من المادة L621-12 من م ت حددت هذه الجهات في المتصرف القضائي أو الوكيل القضائي أو النيابة العامة وألزمت المحكمة قبل الحكم بتحويل المسطرة بوجوب الاستماع للمدين أو استدعائه قانونيا.
وبهذا يمكن القول أنه في حالة فسخ المخطط والنطق بتحويل المسطرة إما إلى التسوية أو تصفية قضائية في هاته الحالة يجب على الدائنين الخاضعين للمخطط أن يصرحوا بديونهم وضماناتهم كما وردت في المخطط بعد دفع المبالغ التي تم استيفاؤها خلال سريان مسطرة الإنقاذ أو التصفية القضائية على حسب حالة المقاولة الخاضعة لمسطرة الإنقاذ وفي هاته الحالة يجب على الدائنين الخاضعين للمخطط أن يصرحوا بكامل ديونهم وضماناتهم بعد خصم ما تم استيفاؤه أثناء سريان مسطرة الإنقاذ والحك بقفل مسطرة الإنقاذ في الحالة التي تلتزم فيها المقاولة بمضمون مخطط الإنقاذ.
وعموما فإنه في حالة تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية يمكن للمحكمة الإبقاء على نفس أجهزة المسطرة (القاضي المنتدب ونائب القاضي المنتدب والسنديك)مع تكليف السنديك بحسب الحالة إما بمراقبة عمليات التسيير أو بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير أو في بعضها أو بأن يقوم لوحده بالتسيير الكلي أو الجزئي للمقاولة مع إعداد تقرير عن الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة واقتراح الحل الملائم لتصحيح وضعية الشركة كما يمكن للمحكمة تمديد المدة المتبقية من إعداد الحل كلما اقتضت الضرورة ذلك بحيث يقترح السنديك على ضوء هذه الموازنة إما مخططا لتسوية تضمن استمرارية المقاولة أو تفويتها إلى أحد الأغيار أو التصفية القضائية[95].
وتسند المحكمة في مقررها القاضي بالتحويل عن تقرير السنديك المعين بمقتضى حكم فتح مسطرة الإنقاذ والمكلف بإعداد الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة وذلك بمشاركة رئيس المقاولة والمساعدة المحتملة لخبير أو عدة خبراء، وقد قرر المشرع هذه الإمكانية للمحكمة لأنه يتعذر عليها في بعض الأحيان التأكد إلى درجة اليقين عند تقديم طلب فتح هذه المسطرة من عدم توقف المقاولة عن الدفع خاصة متى تم الاقتصار قبل فتحها على الاستماع فقط لرئيس المقاولة دون لجوئها إلى باقي آليات التشخيص التي تكلفها لها الفقرة الثانية من المادة 563 من م ت.
وفيما يتعلق بأثر هذا التحويل على احتفاظ المسير بعمليات التسيير فإن الحكم القاضي بتحويل مسطرة الإنقاذ إلى تسوية قضائية يمكن أن يبقيه مكلفا بالتسيير تحت مراقبة السنديك أو أن يكلف هذا الأخير بمساعدته في جميع الأعمال التي تخص التسيير أو بعضها وأن يكلف السنديك بالتسيير الكلي بدلا عنه أو فقط بالتسيير الجزئي للمقاولة أما متى تم تحويل مسطرة الإنقاذ إلى تصفية قضائية فإن ذلك يؤدي إلى تخلي المدين بقوة القانون عن تسيير أمواله والتصرف فيها بما فيها تلك التي امتلكها بأي وجه كان ما دامت التصفية القضائية لم تقفل بعد وأن السنديك هو من يتولى ممارسة حقوق المدين وإقامة الدعاوى بشأن ذمته المالية طيلة فترة التصفية القضائية[96].
الخاتمة
أخيرا لا يسعنا إلا أن نقول أن القضاء التجاري بمختلف الآليات القانونية التي خولها له المشرع على أهميتها وتنوعها سواء في مدونة التجارة أو من خلال القانون 73-17 فإنه مع ذلك لا يملك عصا سحرية تمكنه من تحقيق الأهداف المرجوة من وراء سن قانون صعوبات المقاولة بل لا بد من تعاون مثمر من لدن جميع الفاعلين الاقتصاديين، وفي مقدمة ذلك لا بد من تغيير ثقافة المقاولة المغربية ودعم ثقتها في القضاء التجاري الذي أصبح بحق شريكا في عملية التنمية الاقتصادية فلا ينبغي أن يكون لجوء رؤساء المقاولات إلى طلب فتح مساطر الوقاية مرده فقط إلى التهرب من الضرائب أو الديون العمومية أو ديون البنوك أو كسب الوقت للتصرف في أصول المقاولة بطريقة تضر بمصالح الدائنين والأجراء بل يجب أن يكون الهدف الأسمى من وراء اللجوء إلى طلب فتح هذه المساطر هو تسوية و إنقاذ المقاولة كما أن موقف الدائنين مهم جدا لإنجاح الدور القضائي الجديد حيث يتعين أن يتحرر هؤلاء الدائنين من عقلياتهم المرتبطة بمصالحهم الخاصة فقط ولو على حساب فرص إنقاذ المقاولة وان يكون تدخلهم في إطار مساطر صعوبات المقاولة المتعثرة يجب أن يكون بصفتهم شركاء،لا بصفتهم خصوصا لها وذلك كله من اجل تحقيق المصلحة العامة والاقتصاد الوطني ككل.
[1] محمد امهيرو،دور رئيس المحكمة التجارية في ميدان صعوبات الاعمال،بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،جامعة عبد المالك السعدي، طنجة،2015-2016،ص1
[2] القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم 15\95 المتعلق بمدونة التجارة فيما يخص مساطر صعوبات المقاولة ونشر بالجريدة الرسمية عدد 6667 بتاريخ 23 ابريل 2018 ص 2345.
[3] علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة،الطبعة الثالثة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط،2019،ص38.
[4] وقد حددت المادة 546 ومن م ت أن المقصود برئيس المحكمة في مدلول الكتاب الخامس هو رئيس المحكمة التجارية أو من ينوب عنه، ويعتبر هدا من بين المستجدات التي جاء بها قانون 73.17 في حين ان كتاب الخامس المنسوخ لم يكن يعرف دلك في المادة 545
[5] نهال اللواح مستجدات القانون 73.17 المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة، مساطر الوقاية من الصعوبات المقاولة نموذجا، ،مقال منشور في مجلة المحامي العدد 71 ،هيئة المحامين، مراكش، 2018 ،ص 74،.
[6] علال فالي،مرجع سابق، ص 192.
[7] في المقابل لم تعد لرئيس المحكمة التجارية أو الإبتدائية في فرنسا هذا الإختصاص وذلك استنادا لقرار صادر عن مجلس الدستوري الفرنسي سنة 2016 قضى بعدم دستورية التدخل التلقائي لرئيس المحكمة وللمحكمة في مساطر صعوبات المقاولة.
[8] احمد شكري السباعي، الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولات ومساطر معالجتها،الجزء الأول مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط سنة 1998،ص 223.
[9] يعتبر هذا المقتضى من مستجدات القانون73-17 الذي نص على حق الشريك بهذا الخصوص صراحة.
[10] المادة 548 من قانون 37.17.
[11] اذا كان تعيين الوكيل الخاص يخضع لمطلق السلطة التقديرية لرئيس المحكمة التجارية بالمغرب فادا هدا التعيين في فرنسا يتوقف على تقديم طلب الى السيد رئيس المحكمة من طرف رئيس المقاولة او ممثلها بمعنى ان رئيس المحكمة لا يحق له اجراء هدا التعيين من تلقاء نفسه وفق ما نصت عليه المادة 611 في فقرتها الثالثة من مدونة التجارة.
[12] ويذهب الراي الراجع الى ان هده الخبرة لا تعتبر قضائية ولا تعدو ان تكون خبرة عادية هدفها اتمام المعلومات التى يتوفر عليها رئيس المحكمة وتمكينه من تقويم مركز المقاولة (راجع احمد شكري السباعي،الجزء الأول،ص236)
[13] علال الفالي، مرجع سابق ، ص 67.
[14] محمد امهيروا ،مرجع سابق، ص39.
[15] كان الكتاب الخامس المنسوخ يسمى هده المسطرة التسوية الودية دون ان يخصص لهها فصلا مستقلا كما هو الحال في الكتاب الخامس الجديد وقد سبقت هدا الاخير في دلك مدونة التجارة الفرنسية بحيث تم بمقتضى الامر رقم 2005_845بتاريخ 26يوليوز 2005 تعديل المادة L-611_4 منها وتم تغيير تسمية هده المسطرة من مسطرة التسوية الودية الى مسطرة المصالحة.
[16] مصطفى بونجة -نهال اللواح، مرجع سابق، ص 86.
[17] يونس الحكيم، مرجع سابق ،ص 42.
[18] جاء في الفقرة من المادة 551 م.ت ما يلي: يتضمن الطلب الذي يقوم به رئيس المقاولة عرضا حول الوضعية المالية والاقتصادية والاجتماعية والحاجيات التمويلية للمقاولة وكذا وسائل مواجهتها.
[19] نهال اللواح، مصطفى ىبونجة،مرجع سابق، ص 92.
[20] المادة 551 من م.ت.
[21] نهال اللواح- مصطفى بونجة، مرجع سابق، ص 93.
[22] الامر صادر عن السيد رئيس المحكمة رئيس التجارية بالرباط بتاريخ 2006.06_05 في الملف رقم 06-02 اورده علال الفالي، مرجع سابق ،ص 77.
[23] خالد بنكيران،دور رئيس المحكمة التجارية في مسطرة التسوية الودية،مقال منشور ضمن أعمال سلسلة الندوات الجهوية بمناسبة الذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس الأعلى ، طنجة 21 و 22 يونيو 2007 ، مطبعة الأمنية، الرباط ، 2007 .ص 96.
[24] عبد اللطيف الشنتوف، مرجع سابق، ص 64.
[25] وكنمودج عن هدا الاشهاد الامر صادر عن رئيس المحكمة التجارية بمراكش عدد 2002\53 ملف التسوية الودية عدد 2002\15\02بتاريخ 2002\04\01 بخصوص ما يلى:” وبناءا على المدكرة التى ادلى بها الاستاد (المحامي الشركة موضوع التسوية الودية ) بتاريخ 13 مارس2002 وقع عليه كل من ….. كممثل الشركة ….والسيد….كممثلين للشركة ….يتضمن ى موافقة شركة …على افراغ المركب السياحي في اخر شهر مارس الجاري ملتمسة الاشهاد غلى الصلح وبناء علي مقتضيات المنضمة لمسطرة التسوية الودية وحيث ان الطرفين توصلاالي ابرام الصلح بينهما شركة التزمت بمقتضاه شركة وحيث ان امام هدا يتعين الاشهاد على الطرفين بهدا الصلح المبرو بينهما لهده الاسباب نصرح بلاشهاد على الطرفين بالصلح الواقع بينهما والصائر مناصفة”،(اورده عبد اللطيف الشنتوف المرجع السابق ص 58)
[26] فاطمة القادري،مرجع سابق ص 142.
[27] حيث جاء في قاعدة حكم صادر عن المحكمة التجارية بمراكش:”من شروط فتح مسطرة الإنقاذ طبقا للمادة561من مدونة التجارة أن تكون المقاولة تعاني من صعوبات ليس بمقدورها تجاوزها دون أن تكون متوقفة عن الدفع”،حكم بتاريخ02-08-2018،في الملف التجاري عدد92-8315-2018،منشور بمجلة الارشاد،العدد السادس،الطبعة الاولى،مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء،2019،ص255.
[28] منال منصور،النظام القانوني لمسطرة الإنقاذ على ضوء مستجدات القانون رقم 73.17 المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة،مقال منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة المستجدات والرهانات العدد الثاني مطبعة الامنية الرباط 2018، ص 29.
[29] علال فالي،التعليق على قانون مساطر صعوبات المقاولة على ضوء 20 سنة من القضاء التجاري، الطبعة الثانية،دار السلام للطباعة و النشر و التوزيع،الرباط، 2015، ص 30.
[30] طارق البختي،قراءة في المستجدات المتعلقة بمساطر معالجة صعوبات المقاولة على ضوء القانون رقم17-73 القاضي بنسخ وتعويض الكتاب الخامس من القانون رقم95-15 المتعلق بمدونة التجارة،منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة المستجدات والرهانات،مرجع سابق، ص 13.
[31] تنص المادة577م.ت “يودع رئيس المقاولة طلبه بكتابة ضبط المحكمة و يشير فيه إلى أسباب التوقف عن الدفع. يجب إرفاق الطلب على الخصوص ما يلي: – القوائم التركيبية لآخر سنة مالية مؤشر عليها من طرف مراقب الحسابات، إن وجد؛ – جرد وتحديد قيمة جميع أموال المقاولة المنقولة والعقارية؛ – قائمة بالمدينين مع الإشارة إلى عناوينهم، و مبلغ مستحقات المقاولة والضمانات الممنوحة لها بتاريخ التوقف عن الدفع؛ – قائمة بالدائنين مع الإشارة إلى عناوينهم و مبلغ ديونهم والضمانات الممنوحة لهم بتاريخ التوقف عن الدفع؛ – جدول التحملات؛ – قائمة الأجراء وممثليهم إن وجدوا؛ – نسخة من النموذج 7 من السجل التجاري؛ – وضعية الموازنة الخاصة بالمقاولة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة”.
[32] جعفر القاسمي،مسطرة الانقاذ ودورها في استمرارية المقاولة المتعثرة،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،جامعة محمد الخامس، الرباط،2018-2019،ص30.
[33] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق، ص 130.
[34] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق، ص 131.
[35] هشام البخاوي،عالي منينو ، مرجع سابق، ص 139.
[36] أنظر الفقرة الثانية والرابعة من المادة 561 من مدونة التجارة الموافق للمادة 621/1 من مدونة التجارة الفرنسية.
[37] عبد الرحيم شميعة،مرجع سابق،ص129.
[38] المهدي شبو،مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة، دراسة مقارنة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة، الطبعة الأولى ، 2006، ص 35-36.
[39]أحمد شكري السباعي ، الجزء الثاني،مرجع سابق،ص 228.
[40] مصطفى بونجة، نهال اللواح، ،مرجع سابق،ص 116.
[41] مصطفى بونجة، نهال اللواح،مرجع سابق، ص 117.
[42] المادة 670 من القانون 73.17 يمنع إسناد مهمة القاضي المنتدب أو السنديك إلى أقارب رئيس المقاولة أو مسيرها في الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو أصهارهم.
[43] فاتحة المشماشي،أزمة معالجة صعوبات المقاولة،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق،كلية الحقوق،أكدال،الرباط،2006-،2007،ص 17.
[44] المهدي شبو، مرجع سابق،ص 237.
[45] محمد قدار، وظيفة القضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة بين القانون و التطبيق على ضوء مستجدات القانون73-17،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،جامعة عبد المالك السعدي،طنجة،2à17-2018،ص 177.
[46] مصطفى بونجة، نهال اللواح،مرجع سابق، ص 118.
[47] فاتحة المشماشي،مرجع سابق، ص 18/19.
[48] جاء في المادة 670 ن القانون 73.17 على أنه يمنع إسناد مهمة القاضي المنتدب أو السنديك إلى رئيس المقاولة أو مسيرها في الدرجة الرابعة بإدخال الغاية.
[49] خلافا لما كان عليه الأمر في السابق، إذ التزمت مدونة التجارة الصمت بشأن الجهة الملزمة بأداء أتعاب السنديك ومعايير احتسابها، مما يمكن أن يفسر بأنها تركت تحديدها للسلطة التقديرية للمحكمة المصدرة لحكم فتح المسطرة.
[50] الشيء الذي تفيد به الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 2 من القانون رقم 73.17.
[51]اذا كان السنديك من الغير،فالحكم القاضي بتعيينه يحدد اتعابه(هذه الأتعاب التي تخصم من ثمن بيع اصول المقاولة قبل توزيع ثمنها على الدائنين)و اذا كانت هذه الاخيرة لا تتناسب مع الجهد الذي سيبدله السنديك،فبإمكانه المطالبة بالزيادة فيها،حيث يرفع الامر الى الجهة التي اصدرت الحكم بفتح المسطرة(سعد بهتي،دعوى رفع اجل السقوط في مساطر صعوبات المقاولة بين الواقع و المأمول،مقال منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة المستجدات و الرهانات،العدد الثاني،مطبعة الأمنية،الرباط،2018،ص263.)
[52] كما في حالة وفاة السنديك أو مرضه أو إستقالته أو عزله كإجراء تأديبي…
[53] يلزم رئيس المقاولة أو الدائن المعني بتقديم طلب الإستبدال مباشرة للقاضي المنتدب وليس المحكمة تحت طائلة عدم القبول.
[54] أنظر الفقرة الأخيرة من المادة 677 من مدونة التجارة.
[55] ويمكن له في سبيل إعداد هذا التقرير أن يطلع على كل الوثائق والدفاتر المحاسباتية المتعلقة بالمقاولة الموجودة لدى الغير قصد دراستها كما له أن يستعين بآراء وملاحظات المراقبين وكذا الحصول على المعلومات التي من شأنها أن تعطيه فكرة صحيحة وواضحة عن المقاولة عن طريق مراقبي الحسابات والخبراء المحاسبين وإدارات الدولة.
[56]المادة 569 من القانون 73.17.
[57] الفقرة الأولى من المادة 673 من نفس القانون.
[58] المادة 576 من القانون 73.17.
[59] المادة 566 من القانون 73.17.
[60] المادة 622-1 من مدونة التجارة الفرنسية.
[61] أمينة رضوان،دور السنديك في مساطر معالجة صعوبات المقاولة،مقال منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة المستجدات والرهانات، العدد الثاني، مرجع سابق،ص265.
[62] استنادا للمادة 592 من مدونة التجارة.
[63] علال فالي، مرجع سابق، ص 113.
[64] انظر المادة 679 من مدونة التجارة.
[65] سواء كانت تهدف إلى الحكم بأداء مبلغ من المال أو فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال وتوقف تبعا لذلك الآجال المحددة تحت طائلة السقوط أو الفسخ (المادة 686 م م ت، أما الدعاوى التي تهدف القيام بعمل أو إمتناع عن عمل أو فسخ عقد لعدم القيام بعمل فإنه لا تشملها قاعدة وقف المتابعات الفردية.)
[66] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق، ص 169.
[67] المادة 566 م م ت.
[68] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق، ص 169.
[69] مصطفى بونجة- نهال اللواح، ، مرجع سابق، ص 325.
[70] مصطفى بونجة- نهال اللواح، مرجع سابق،ص 326.
[71] هشام البخفاوي عالي منينو مرجع سابق 158.
[72] هشام البخفاوي،عالي منينو، مرجع سابق ص 155.
[73] المادة 626 بموجب إحالة المادة 570.
[74] المادة 627 م.ت.
[75] هشام البخفاوي عالي منينو مرجع سابق ، ص 160.
[76] علال فالي،مرجع سابق ص 410.
[77] تعتبر إضافة عبارة تفصيلي من التعديلات التي أدخلها مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من طرف الحكومة وتم قبولها من طرف هذا الأخير وذلك للتأكيد على أنه يجب أن يكون التقرير الذي يكلف السنديك بإعداده مفصلا ينظم جميع الأرقام والبيانات مع تحديده لجميع المسؤوليات انظر في هذا الإطار تقرير لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب رقم 6 حول مشروع قانون 73.17 المقرر محمد الحارثي ما بين دورة أكتوبر 2007، ودورة أبريل 2018 (علال افالي، مرجع سابق، ص 117).
[78] المطبقة على مسطرة الإنقاذ بمقتضى الإحالة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 569 من م.ت.
[79] جاءت بهذه المادة عامة ولم تنص على مسألة طلب السنديك من هذا الغير تسليمه هذه الوثائق والدفاتيرالمحاسبتية كما تنص المادة L622-5 م ت وبالتالي يمكن أن يستنتج منها أن هذا الغير يكون ملزما بذلك ولو لم يتم تقديم طلب له بذلك بحيث يتعين عليها وضعها رهن إشارة السنديك بمجرد علمه بفتح مسطرة الإنقاذ، ونعتقد أنه بالرغم من عدم تنصيص المادة 568 من م ت على تقديم طلب للغير بهذا الخصوص فإنه يكون السنذيك ملزم بتقديم هذا الطلب.
[80] لم يقرر المشرع أي جزاء على تجاوز هذا الأجل، للمزيد من التفاصيل حول هذه النقطة يرجى الإطلاع بخصوص هذا الأجل في الباب الأول من القسم الثاني من هذا المؤلف.
[81] المعدلة بمقتضى المادة 99 من القانون 1547-2016 الصادر بتاريخ نونبر 2016 المتعلق بعصرنة عدالة القرن الواحد والعشرين.
[82] علال فالي، مرجع سابق، ص 113.
[83] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق ص 174.
[84] هشام البخفاوي عالي منينو مرجع سابق ص 148.
[85] الفقرة الأخيرة من المادة 567 م ت
[86] هشام البخفاوي،عالي منينو مرجع سابق ، ص 148.
[87] كمال المفتاحي،الدور القضائي الجديد في المساطر القضائية لصعوبات المقاولة على ضوء القانون رقم17-73،رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون الخاص،جامعة عبد المالك السعدي،طنجة،2018-2019، ص 85.
[88] كمال المفتاحي،مرجع سابق، ص 86.
[89] كمال المفتاحي،مرجع سابق،ص 86.
[90] عبد الحق بوكبيش، استمرارية نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية،مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع ،الرباط، 2007، ص 67.
[91] كمال المفتاحي،مرجع سابق،ص 87.
[92] كمال المفتاحي،مرجع سابق، ص 87.
[93] كمال المفتاحي مرجع سابق، ص 88.
[94] علال فالي، مرجع سابق،ص 114.
[95] علال فالي، مساطر معالجة صعوبات المقاولة،مرجع سابق، ص 115.
[96] المادة 651 من مدونة التجارة.