في الواجهةمقالات قانونية

سياسة التجريم والعقاب في ظل حالة الطوارئ الصحية (دراسة مقارنة بين القانون المغربي ونظيره الفرنسي)

 

سياسة التجريم والعقاب في ظل حالة الطوارئ الصحية

(دراسة مقارنة بين القانون المغربي ونظيره الفرنسي)

يوسف سلموني زرهوني

عضو نادي قضاة المغرب

مقدمــــــــــــــــــــــــة:

شكلت الفترة الفاصلة بين ظهور أول إصابة بفيروس كورونا كوفيد-19 في مدينة ووهان الصينية بتاريخ 12 دجنبر 2019، وظهور أول إصابة بالمغرب بتاريخ 2 مارس 2020 من جهة، وبين إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب بالبلاغ الصادر عن وزارة الداخلية وتاريخ صدور مرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها ، والمرسوم رقم 2.20.293 بإعلانها بسائر أرجاء التراب الوطني  من جهة أخرى، مناسبة لحدوث عدة تغيرات على الصعيد الوطني والدولي لمواجهة هذا الوباء وعلى رأسها تصنيفه من قبل منظمة الصحة العالمية جائحة عالمية.

وقد اتخذت الإجراءات التي تم تبنيها وطنيا منحى تصاعديا بدءا من تعليق بعض الرحلات الجوية إلى الإغلاق التام لجميع منافذ المملكة الجوية والبحرية والبرية أمام تنقل الأشخاص، مرورا بتوقيف الدراسة بالمؤسسات التعليمية بمختلف أصنافها، ثم الحد من ولوج المرتفين إلى مختلف الإدارات والمؤسسات العمومية. إلا أن بروز شبح انتشار الجائحة بشكل لا يمكن السيطرة عليه، فرض على السلطات الحكومية اتخاذ إجراءات تحد من الحقوق والحريات الأساسية وأبرزها فرض عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم إلا في حالات الضرورة القصوى.

وفي ظل تعدد الإجراءات المتخذة يبقى التساؤل الذي يطرحه كلا من المرسوم بقانون 2.20.292   ومرسوم 2.20.293   يتمثل في مدى موازنتهما بين واجب حماية الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وبين حماية حياتهم وسلامتهم من تهديد انتشار الأمراض المعدية أو الوبائية.

ولحصر مختلف جوانب هذا الإشكال يبدو من المناسب الوقوف على أبرز ملامح المقتضيات الزجرية التي وردت في النصوص المذكورة وذلك من خلال الحديث عن جوانب التجريم المقررة بموجب المرسوم بقانون رقم 2.20.292 ومقارنتها بما أفرزته التجربة الفرنسية في هذا الباب (المبحث الأول)، على أن نقف على الآثار المترتبة على إحداث جرائم جديدة (المبحث الثاني) لتكون فرصة للوقوف على بعض التأثيرات العملية لهذه الآثار من خلال مقاربة إحصائية (المبحث الثالث).

المبحث الأول: سياسة التجريم المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية بين المقاربتين المغربية والفرنسية

للوقوف على موقف كل من المشرع المغربي والمشرع الفرنسي بخصوص الأفعال الواجب الحماية من ناحية التجريم خلال فترة الطوارئ الصحية سنتطرق للرؤية المغربية في مجال التجريم من خلال رصد أحكام الجرائم المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 2.20.292 (المطلب الأول) على أن نتطرق للمقاربة التي نهجها المشرع الفرنسي لمواجهة التحديات التي تواجه فرض حالة الطوارئ الصحية فوق التراب الفرنسي (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مظاهر التجريم من خلال المرسوم بقانون بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية

لقد شكلت المادة الرابعة قانون حالة الطوارئ الصحية أساس التجريم، وقد أكدت المادة المذكورة على وجوب التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية المشار إليها في المادة الثالثة من نفس القانون، والتي تشير إلى اتخاذ الحكومة خلال فترة إعلان حالة الطوارئ للتدابير الملائمة التي تقتضيها هذه الحالة بموجب مراسيم ومقررات تنظيمية وإدارية أو بواسطة مناشير وبلاغات.

وتطبيقا لهذه المقتضيات صدر المرسوم رقم 2.20.293 بإعلان حالة الطوارئ بسائر التراب الوطني وتضمنت المادة الثانية منه إلزام الأشخاص بعدم مغادرة محل سكناهم إلا في حالة الضرورة القصوى، الشيء الذي يجعل من أية مخالفة لهذه المقتضيات جريمة قائمة الأركان طبقا للمادة الرابعة من قانون حالة الطوارئ الصحية. وهو الأمر الذي يدعونا إلى رصد صور التجريم التي أقرها القانون المذكور حسب ما سنحاول التفصيل فيه في الفقرات التالية.

الفقرة الأولى: جريمة عدم التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات الحكومية خلال فترة إعلان حالة الطوارئ

باستقراء مختلف التدابير المنصوص عليها في مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني يتضح لنا أن المرسوم حاول الحد من جميع صور الأنشطة التي من شأنها الزيادة في احتمال المساهمة في انتشار الوباء وبالتالي الزيادة في نسبة احتمال تحقق المخاطر، ويمكن رصد أهم التدابير المنصوص عليها في المرسوم المذكور وفق التالي:

أولا: عدم مغادرة محل السكنى وعدم اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة طبقا لتوجيهات السلطات الصحية.

مما يسترعي الانتباه في هذا المقام أن المشرع قرن بين الالتزامين معا، غير أن الربط بين الالتزام بعدم مغادرة محل السكنى والالتزام وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة وإن كانا يفيدان الالتزام بالحجر الصحي وذلك بالمكوث في المنزل طيلة المدة المحددة في مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية فإن ربط الجملتين يحدث لبسا في فهم سياقها العام.

فاتخاذ الاحتياطات اللازمة تتمثل في القيام بأعمال لتفادي التقاط العدوى كالحرص على غسل اليدين واستعمال منديل ورقي أثناء العطس والتخلص منه في مكان مخصص لذلك، وبذلك يتعذر ربط الالتزام الأول الواضح في مقصده مع الالتزام الثاني الذي هو سلوك شخصي وقائي يصعب رصده وبالتالي جعله تحت طائلة المسائلة القانونية. وعليه نعتقد أن هناك صياغة هذا المقتضى يبقى محل انتقاد لما قد يشكله من تداخل في المعنى.

ومما يترتب عن تجريم فعل مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم ما لم تتوفر حالات الضرورة القصوى أن يكون الملتزم بهذا الإجراء مستقرا في سكن. وهكذا يتم استبعاد كل من لا يتوفر على سكن كالمشردين- باستثناء من تم إيوائهم في أحد الأماكن الصالحة للسكن – والأشخاص الذين يتم طردهم من سكنهم في حالة انتزاع عقارهم بالقوة، والأشخاص الذي لم يعد بإمكانهم الإقامة في الفنادق لقلة مواردهم المالية.

ولتحديد طبيعة السكن المقصود من هذا الالتزام فإنه بالإمكان الاستئناس بمقتضيات الفصلين 580 و581 من القانون الجنائي والتي تجعل السكن شاملا لكل مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة أو مأوى ثابت أو متنقل أو باخرة أو سفينة أو متجر أو ورش إذا كانت هذه المحلات مسكونة أو معدة للسكنى، ولذلك فإننا نرى إمكانية الأخذ بهذا التعريف لتحديد مفهوم السكن باعتباره شاملا لمفهوم السكن بالمعنى المتداول.

وهكذا يقع تحت طائلة التجريم مغادرة سفينة سياحية راسية في ميناء مغربي أو في المياه الإقليمية المغربية خارج حالات الضرورة القصوى، وكذا تحرك سيارات السكن المتنقل (Caravanes) خارج المرائب التي كانت تتواجد فيها، وانتقال البدو الرحل بخيامهم خارج مكان استقرارهم المؤقت بعد فرض حالة الطوارئ الصحية بالمكان الذي كانوا يتواجدون به.

والالتزام الملقى على عاتق الأشخاص هو عدم مغادرة محل السكنى، وبالتالي يعد الخروج إلى الفضاء المشترك مخالفة للتدابير الواردة في المرسوم، ومن ذلك الحدائق والمسابح وغيرها من المرافق المتواجدة بالإقامات المغلقة وأسطح العمارات. فالهدف من هذه التدابير هو منع الأشخاص من اختلاط ببعضهم ببعض لمنع تفشي الوباء.

ثانيا: التنقل خارج محل السكن في غير حالات الضرورة القصوى.

الغاية من إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني لمواجهة وباء كوفيد 19 هو فرض عزل صحي منزلي كإجراء وقائي لتفادي نقل العدوى بين الأشخاص، ولذلك تم النص على عدم مغادرة الأشخاص لمنازلهم. إلا أنه تم السماح في بعض الحالات بالخروج من المنزل والتنقل خارجه، وهي الحالات المحددة في المادة الثانية من مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية كما يلي:

  1. التنقل إلى مقرات العمل وخاصة المرافق العمومية الحيوية، والمقاولات الخاصة، والمهن الحرة في القطاعات والمؤسسات الأساسية المحددة بقرارات للسلطات الحكومية المعنية، مع مراعاة الضوابط التي تحددها السلطات الإدارية المعنية من أجل ذلك. إلا أنه لم يصدر لحد الآن أي قرار حكومي يحدد لائحة المرافق والمقاولات والمؤسسات الشيء الذي يجعل من جميعها مشمولة بهذه الإباحة.
  2. من أجل اقتناء المنتجات والسلع الضرورية للمعيشة، بما في ذلك اقتناء الأدوية من الصيدليات.
  3. التنقل من أجل الذهاب إلى العيادات والمصحات والمستشفيات ومختبرات التحاليل الطبية ومراكز الفحص بالأشعة وغيرها من المؤسسات الصحية لأغراض التشخيص والاستشفاء والعلاج.
  4. التنقل لأسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة أو في حاجة إلى الإغاثة.
  5. عدم المشاركة في تجمع أو اجتماع خلال حالة الطوارئ الصحية. فباستثناء الاجتماعات التي تنعقد لأغراض مهنية مع مراعاة التدابير الوقائية المتخذة من قبل السلطات الصحية، أصبح كل تجمع أو تجمهر يخضع لهذا القانون.
  6. فتح المحلات التجارية أو المؤسسات التي تستقبل الجمهور خلال فترة حالة الطوارئ الصحية.
  7. مخالفة التدابير والقرارات المتخذة من قبل ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم.
  8. مخالفة القرارات الصادرة عن السلطات الصحية.

وأعتقد أنه لتجريم مخالفة التدابير والقرارات المتخذة من السلطات العمومية يتعين أن يثبت تبليغها إلى المواطنين، وليس هناك من وسيلة أضمن لتحقيق هذه الغاية من نشرها في الجريدة الرسمية، إلا أنه يكتفى حاليا بنشر بعض القرارات في مواقع إلكترونية رسمية وتوجيهها إلى الإعلام على اعتبار انفتاح الولوج إليه من قبل أغلبية المواطنين كما يمكن إبلاغها إلى العموم عن طريق ما يسمى تقليديا “بالبراح”.

وكإجراء لتفعيل تدابير الخروج من المنازل عن طريق توزيع مطبوع معنون ب”شهادة تنقل استثنائية” لتمكين الأشخاص من التنقل. وتتضمن هذه الشهادة خانات تهم التنقل إلى العمل، واقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي في محيط السكن، والتنقل من أجل العلاج، واقتناء الأدوية، وأخيرا من أجل غاية ملحة والتي أضيفت إليها العبارة التالية “بعد موافقة العون المراقب” دون توضيح المقصود به، وإن كان عمليا يسند توقيعها إلى المقدمين الحضريين والقرويين.

والمصطلحات المضمنة بشهادة التنقل الاستثنائية هي نفس المصطلحات الواردة في بلاغ وزارة الداخلية الصادر بتاريخ 19 مارس 2020، وبالتالي يلاحظ أنها أغفلت الإشارة إلى الحالات الواردة في مرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية، وهي الواجبة التطبيق قانونا، كما أنها أكثر مرونة وتوسعا في حالات الضرورة القصوى. وعلى سبيل المثال تضمن هذا المرسوم بقانون السماح بالتنقل من أجل اقتناء المنتجات والسلع الضرورية للمعيشة دون أن يتم تقييدها بضرورة أن تكون في محيط السكن، فقد يكون محل للبقالة هو الأقرب للسكنى لكن الشخص المعني يرغب في التوجه إلى سوق ممتاز أو مكان آخر به توجد به البضائع التي يرغب في اقتناءها والتي لم يعثر عليها في المحل المتواجد بمحيط سكنه.

وبالإطلاع على مرسوم إعلان حالة الطوارئ، يلاحظ أنه لم يتضمن الإشارة إلى هذه الوثيقة أو طبيعتها أو ضرورة موافقة العون المراقب باستثناء ما تضمنته المادة الثالثة من اتخاذ ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم لجميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي. وهذه الشهادة رغم أن نموذجها أعد ووزع من قبل السلطات المحلية الإدارية فإنه لا يمكن اعتبارها شهادة صادرة عن الإدارة، وتبقى مجرد تصريح لمن يرغب في الخروج من سكناه بصحة المعلومات التي يدلي بها والمطابقة لحالات الضرورة القصوى الواردة في المرسوم. ويمكن تضمين هذا التصريح ولو على ورق عادي يشرح فيه المعني بالأمر أسباب رغبته في مغادرة سكناه والتي ينبغي أن تطابق الاستثناءات الواردة في المرسوم.

أما بالنسبة للموظفين والأعوان والمأجورين العاملين بالإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية أو المؤسسات الخاصة فيتم تمكينهم من قبل رؤسائهم من رخص استثنائية للعمل تحمل أسماءهم، وتعوض التصريح المعمول به إذا كان المعنيون بها يقصدون بتنقلهم التوجه من محل سكناهم إلى محل عملهم أو العكس، إلا أنه لا يعتد به في حالة التوجه لقضاء مآرب شخصية.

 

الفقرة الثانية: جريمة عرقلة تنفيذ قرارات السلطات العمومية وتحريض الغير على مخالفتها

يندرج تحت هذه الجريمة مجموعة من الصور يمكن إيرادها على النحو التالي:

أولا: عرقلة تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة لتطبيق المرسوم بقانون.

تم النص على تجريم كل عرقلة لقرارات السلطات العمومية عن طريق العنف أو التهديد أو التدليس أو الإكراه. وعرقلة تنفيذ هذه القرارات عن باستعمال العنف أو التهديد يجعل الفعل الجرمي المرتكب يشكل جريمة العصيان الواقعة تحت طائلة الفصول 300 وما يليها من القانون الجنائي (4). أما بالنسبة لاستعمال التدليس فهو الصورة الوحيدة المستجدة والتي يمكن ارتكابها عن في التصريح بوجود حالة من حالات الضرورة القصوى ثم يتبين عدم صحتها كالشخص الذي يصرح بأنه سيتوجه إلى صيدلية بينما يثبت أنه توجه لمكان آخر غير ضروري بالنسبة إليه.

وفيما يتعلق بالإكراه فيمكن تصوره من خلال إجبار شخص على مغادرة مكان سكناه المعتاد كطرد صاحب الفندق لنزيل في إقامته بعد أن تقطعت به السبل وتعذر عليه الأداء، أو طرد أب لابنه، وطرد أحد الزوجين للآخر من بيت الزوجية وإن كان هذا الفعل الأخير مجرم بمقتضى الفصل 1-480 من القانون الجنائي (5).

 

   ثانيا: تحريض الغير على مخالفة القرارات المتخذة لتطبيق المرسوم بقانون

يتم ارتكاب التحريض على مخالفة القرارات بإحدى الوسائل التالية:

  1. بواسطة الخطب أو الصياح.
  2. بواسطة التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية.
  3. بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو الصور أو الأشرطة المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الإلكترونية أو بأية وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية.

وهذه الوسائل هي نفسها الواردة في الفقرة الأولى من المادة 72 من القانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر (6). ويمكن متابعة من يقومون بالتحريض على استعمال العنف أو التهديد من أجل المشاركة في جريمة العصيان.

إن الحديث عن المقاربة التي نهجها المشرع المغربي في مجال تجريم خرق حالة الطوارئ الصحية لن تتيح الوقوف على أهميتها إلا من خلال الوقوف على تجربة أخرى ارتأينا أن نعرض لها في المطلب الموالي، وهي التجربة الفرنسية.

المطلب الثاني: التجربة الفرنسية في مجال التجريم المتعلق بخرق حالة الطوارئ الصحية

بعد ظهور فيروس كوفيد-19 بفرنسا صدرت بين 14 مارس 2020 إلى غاية 26 مارس 2020 عدة قوانين ومراسيم وأوامر وقرارات ترمي إلى مواجهة انتشار الوباء عبر فرض عدة إجراءات وتدابير تهدف إلى ضمان الصحة العامة ومواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية للوباء، موزعة كما يلي: قانونين اثنين، عشرون مرسوما، خمسة عشر أمرا وسبعة عشر قرارا بما مجموعه أربعة وخمسون نصا نشرت جميعها في الجريدة الرسمية الفرنسية (7).

غير أنه بالنسبة للمغرب فلم يصدر إلا بقانون إعلان حالة الطوارئ بتاريخ 23 مارس 2020، وثلاثة مراسيم وهي والمرسوم رقم 2.20.269 بتاريخ 16 مارس 2020 بإحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا كوفيد-19 (8)، والمرسوم 2.20.282 بتاريخ 17 مارس بتأجيل الانتخابات الجزئية لملإ ثلاثة مقاعد شاغرة بمجلس المستشارين وأخيرا مرسوم إعلان حالة الطوارئ بتاريخ 24 مارس 2020، (9)،  فضلا عن القرار رقم 20.986 الصادر بتاريخ 16 مارس عن وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار المطهرات الكحولية (10)، بما مجموعه خمسة نصوص.

وهكذا؛ يلاحظ قصور في إصدار قوانين ومراسيم لتنظيم عدة مجالات لمواجهة هذه الآفة، والاقتصار على برقيات موجهة من وزارة الداخلية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، تم في بعض الأحيان تبليغ مضمونها إلى المواطنين عن طريق بلاغات موجهة إلى وسائل الإعلام.

وبالنسبة للمنظومة الفرنسية فإن القانون رقم 2020.290 المتعلق “بتقييد ومنع حركة الأشخاص والمركبات في الأماكن وفي الأوقات التي تحدد بمرسوم الصادر بتاريخ 23 مارس 2020 (11)، والمرسوم الصادر عن الوزير الأول رقم 260-2020 الصادر بتاريخ 16 مارس 2020 كما تم تعديله وتتميه المتعلق ب “منع تنقل الأشخاص خارج منازلهم إلى غاية انتهاء حالة الطوارئ الصحية”(12)، يشكلان أهم النصوص التي تعالج هذه حالة الطوارئ الصحية، وهما النصان اللذين سنعمل على التطرق إليهما في الفقرتين المواليتين.

الفقرة الأولى: التدابير المنصوص عليها بموجب القانون رقم 2020.290 المتعلق “بتقييد ومنع حركة الأشخاص والمركبات في الأماكن وفي الأوقات التي تحدد بمرسوم”.

تضمن هذا القانون النص على تعديل مدونة الصحة العمومية وإضافة مواد تتعلق بإجراءات وتدابير لفرض حالة الطوارئ الصحية مع النص على العقوبات المترتبة عن مخالفتها. وحدد عشر مجالات يسمح فيها للوزير الأول بالتدخل بمرسوم من أجل اتخاذ التدابير التي تحد من الحريات من أجل هدف وحيد وهو ضمان الصحة العامة، وهذه التدابير هي:

  1. الحد أو منع تحركات الأشخاص والمركبات في الأماكن والساعات المحددة بمرسوم.
  2. منع الأشخاص من مغادرة محل سكناهم، مع استثناء حالات الضرورة القصوى لأسباب عائلية أو صحية.
  3. اتخاذ تدابير ترمي إلى الحجر الصحي، بمفهوم المادة 1 من اللوائح الصحية الدولية لعام 2005، للأشخاص المحتمل إصابتهم.
  4. اتخاذ تدابير – بمفهوم المادة 1 – ترمي إلى وضع وعزل الأشخاص المصابين داخل منازلهم أو أي مسكن آخر مناسب.
  5. الأمر بالإغلاق المؤقت لفئة أو عدة فئات من المؤسسات التي تستقبل العموم، وكذا أماكن الاجتماعات، باستثناء المؤسسات التي تقدم السلع أو الخدمات الأساسية.
  6. الحد أو منع التجمهر في الطريق العام وكذا الاجتماعات كيفما كانت طبيعتها.
  7. الأمر بتسخير جميع الممتلكات والخدمات اللازمة لمواجهة الكارثة الصحية، وكذلك أي شخص ضروري لتشغيل هذه الخدمات أو لاستخدام تلك الممتلكات مع خضوع التعويض عن هذا التسخير لقانون الدفاع.
  8. اتخاذ تدابير مؤقتة للتحكم في أسعار بعض المنتجات اللازمة لمنع أو تصحيح التقلبات الملحوظة في السوق لمنتجات معينة، ويتم إعلام المجلس الوطني للمستهلكين بالتدابير المتخذة في هذا الصدد.
  9. اتخاذ جميع التدابير التي تسمح – حسب الحاجة – بتوفير الأدوية المناسبة للمرضى للقضاء على الكارثة الصحية.
  10. اتخاذ أي إجراء تنظيمي آخر بمرسوم – حسب الحاجة – يحد من حرية المبادرة، لغرض وحيد هو إنهاء الكارثة الصحية المنصوص عليها في المادة 3131-12. “

 

 

الفقرة الثانية: التدابير المنصوص عليها المرسوم رقم 2020.260 المتعلق ب”منع تنقل الأشخاص خارج منازلهم إلى غاية انتهاء حالة الطوارئ الصحية”

نص المرسوم رقم 260-2020 الصادر بتاريخ 16 مارس 2020 كما تم تعديله وتتميه على منع تنقل الأشخاص خارج منازلهم إلى غاية انتهاء حالة الطوارئ الصحية مع الاستثناءات التالية:

  1. التنقل من محل السكنى إلى مكان أو أماكن ممارسة النشاط المهني والتنقلات المهنية التي لا يمكن تأجيلها.
  2. التنقل لإجراء المشتريات من الأدوات اللازمة للنشاط المهني، وشراء المواد الأساسية من المؤسسات التي لا تزال أنشطتها مرخصة بقرار من وزير الصحة على أساس أحكام المادة 3131. -1 من قانون الصحة العامة.
  3. التنقل لأسباب صحية.
  4. التنقل لأسباب عائلية ملحة، أو لمساعدة الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة، أو لرعاية الأطفال.
  5. تنقل وجيز على مقربة من المنزل مرتبط بالنشاط البدني الفردي للأشخاص، باستثناء أي ممارسة رياضية جماعية ، وحاجيات الحيوانات الأليفة.
  6. التنقل الناتج عن الالتزام بالتقدم أمام مصالح الشرطة أو الدرك الوطني أو أمام أية مصلحة أخرى تفرضها الشرطة الإدارية أو السلطة القضائية؛
  7. التنقل بسبب استدعاء صادر من محكمة إدارية أو من السلطة القضائية.
  8. التنقل لهدف وحيد وهو المشاركة في مهام ذات منفعة عامة بناء على طلب من السلطة الإدارية وبالشروط التي تحددها.

ويجب أن يكون لدى الأشخاص الذين يرغبون في الاستفادة من أحد هذه الاستثناءات، عندما يتنقلون خارج منازلهم، وثيقة تمكنهم من تبرير أن التنقل يقع في نطاق أحد هذه الاستثناءات.

كما تم تفويض ممثل الدولة في الدائرة المعنية باتخاذ إجراءات أكثر تقييدا فيما يتعلق بتنقلات وتحركات الأشخاص عندما تقتضي الظروف المحلية ذلك.

 

المطلب الثالث: تقييم المقاربتين المغربية والفرنسية

تمكننا مقارنة المقتضيات المضمنة في القانون والمرسوم الفرنسي بنظيريه المغربيين من تسجيل الملاحظات التالية:

  • أن القانونين صدرا في نفس التاريخ (23 مارس 2020) ونشرا في الجريدتين الرسميتين للبلدين في نفس التاريخ كذلك (24 مارس 2020).
  • أن القانون الفرنسي حدد بدقة تدخل السلطة التنفيذية في عشر مجالات، يسمح فيها للوزير الأول باتخاذ التدابير التي تحد من الحريات بمرسوم، من أجل هدف وحيد وهو ضمان الصحة العامة. بينما لم يحدد المرسوم بقانون المغربي هذه المجالات وأجملها في عبارة عامة فضفاضة بالمادة الثالثة منه، وهي اتخاذ التدابير اللازمة التي تقتضيها حالة الطوارئ الصحية، وكذا ما تضمنته المادة الخامسة من المرسوم بقانون من اتخاذ الحكومة بصفة استثنائية لأي إجراء ذو طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي يكتسي صبغة الاستعجال.
  • أن القانون الفرنسي تضمن تدابير لم ترد لا في المرسوم بقانون ولا في المرسوم المغربيين، وهي الحد أو منع تحركات المركبات، والأمر بتسخير الممتلكات والخدمات والأشخاص اللازمين لمواجهة الكارثة الصحية والتعويض عنها، والتحكم في أسعار بعض المنتجات اللازمة لمنع أو تصحيح التقلبات الملحوظة في السوق لمنتجات معينة، مع إعلام المجلس الوطني للمستهلكين بالتدابير المتخذة في هذا الصدد، وأخيرا الحد من حرية المبادرة.
  • أن القانون الفرنسي نص صراحة في المادة 3131-18 على إمكانية اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في التدابير المتخذة تطبيقا لأحكامه، ورغم عدم النص على نفس المقتضيات صراحة في المرسوم بقانون المغربي إلا أنه لا يوجد ما يمنع قانونا من اللجوء إلى القضاء الإداري للطعن في القرارات الإدارية الصادرة تطبيقا له.
  • أن المرسوم الفرنسي تضمن استثناءات للترخيص بالتنقل خارج المنزل وهي رعاية الأطفال، والتنقل الوجيز على مقربة من المنزل المرتبط بالنشاط البدني الفردي للأشخاص باستثناء أي ممارسة رياضية جماعية (وهذا مقتضى جد هام للحفاظ على الصحة البدنية والنفسية للأشخاص)، وحاجيات الحيوانات الأليفة، والتنقل الناتج عن الالتزام بالتقدم أمام مصالح الشرطة أو الدرك الوطني أو أمام أية مصلحة أخرى تفرضها الشرطة الإدارية أو السلطة القضائية، أو بسبب استدعاء صادر من محكمة إدارية أو من السلطة القضائية، والتنقل لهدف المشاركة في مهام ذات منفعة عامة بناء على طلب من السلطة الإدارية.

وبناء على ما ذكر يتضح أن المقاربة الفرنسية كانت أكثر تفصيلا من نظيرتها المغربية.

 

المبحث الثاني: الآثار المترتبة عن إقرار جرائم بشأن مخالفة أحكام حالة الطوارئ الصحية

إن الحديث عن الآثار المتربة عن التجريم لا تتحدد في النظام العقابي الذي أقره واضع النص الجنائي (المطلب الأول) ولكن يمتد ذلك إلى القواعد المرتبطة بالقواعد الإجرائية (المطلب الثاني)

المطلب الأول: العقوبات المقررة في القانون المغربي والفرنسي على مخالفة حالة الطوارئ الصحية:

لقد نحا كل من المشرعين المغربي والفرنسي منحيين مختلفين بشأن المقاربة العقابية عن الجرائم المقترفة ضد نظام التدابير المتخذة في حالة الطوارئ الصحية، ففي الوقت الذي ذهب المشرع الفرنسي إلى التركيز أساسا على العقوبات المالية اعتمد المشرع المغربي مقاربة تزاوج بين العقوبة السالبة للحرية والعقوبة المالية.

تعتبر المادة الرابعة من قانون حالة الطوارئ الصحية الإطار القانوني لنظام العقوبة المعتمد من قبل المشرع المغربي، وقد اعتمد المشرع المغربي نظام العقوبة الموحدة للجرائم الناتجة عن خرق تدابير حالة الطوارئ الصحية فحددها في الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة تتراوح بين 300 و1.300 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، ودون الإخلال بالعقوبة الأشد.

أما بالنسبة للقانون الفرنسي رقم 2020.290، فقد تم تعديل مقتضيات المادة 3136-1 بإضافة خمسة فقرات نصت على عقوبات لمخالفة أحكام قانون الطوارئ الصحية. وقد نصت على المعاقبة بغرامة 135 أورو عن مخالفة التدابير المشار إليها أعلاه، وفي حالة العود يحكم بغرامة تتراوح بين 1.500 و3.000 أورو. أما إذا تكررت المخالفة لأكثر من ثلاث مرات خلال الثلاثين يوما، فتكون العقوبة هي الحبس لمدة ستة أشهر وغرامة 3.750 أورو. ويحكم بعقوبة تكميلية إذا ارتكبت المخالفة باستعمال عربة وذلك بسحب رخصة السياقة لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات. وفي حالة مخالفة الأوامر بالتسخير فتكون العقوبة الحبس لمدة ستة أشهر وغرامة 10.000 أورو.

وقد اعتمدت فرنسا على غرار عدد من الدول الأوربية مقاربة تعتمد على التدرج في العقوبة من الغرامة إلى الرفع منها ثم النص على العقوبة الحبسية كعقوبة مشددة. ونرى أن هذا الاختلاف في المقاربة العقابية يرجع إلى خصوصية البلد، فمن خلال ما تناقلته وسائل الإعلام يتبين أن الفئات الهشة والقاطنة بالأحياء الشعبية لم تمتثل تماما للتدابير المتخذة بعدم مغادرة محل السكن (مع التحفظ أمام غياب إحصائيات رسمية). وقد يكون الوعي المسبق للحكومة بهذه الوضعية هو الذي أدى إلى اعتماد المزاوجة بين العقوبة الحبسية مقرونة بالعقوبة المالية أو تطبيق إحداهما. ومن شأن اعتماد الغرامات المالية لوحدها ألا يسهم في فرض تنزيل إجراءات حالة الطوارئ الصحية على أرض الواقع لعدم قدرة الفئات المستهدفة على أداءها من جهة، ومن جهة أخرى تخول العقوبة الحبسية المنصوص عليها قانونا إمكانية وضع المخالفين لأحكام القانون بمرسوم تحت الحراسة النظرية. ويمكن أن يكون هذا التدبير الأخير كافيا في عدد من الحالات لردع المخالفين.

وإذا كانت خطورة خرق إجراءات الطوارئ الصحية تكمن في احتمال نقل الوباء، فإن وسائل النقل هي التي تمكن الأشخاص عادة من التحرك خارج مجال إقامتهم. فكان حريا أن يتم النص على إضافة عقوبة تكميلية كما أقرها القانون الفرنسي، وإن كنا نعتقد أن الأمر بوضع مركبة المخالف في المحجز لمدة معينة أكثر ردعا من سحب رخصة السياقة.

وفي هذا الصدد يمكن القول بأن قضاء الموضوع هو الذي يبقى محقا في تقرير العقوبة التي يراها مناسبة تبعا لظروف المتهم الاجتماعية وسنه والسبب الذي دفعه إلى خرق التدابير المتخذة. ويصدر بناء على ذلك حكمه إما بعقوبة حبسية نافذة أو موقوفة التنفيذ مقرونة بغرامة مالية، أو يصدر إحدى هاتين العقوبتين فقط. وبالنسب للأحداث فيمكن للمحكمة أن تتخذ التدابير المنصوص عليها في المادة 481 من قانون المسطرة الجنائية.

ومادام أن المتابعة بقانون حالة الطوارئ الصحية لا يمنع من المتابعة من أجل أفعال جرمية أشد، فيمكن رصد بعض الأفعال التي تقع تحت طائلة قانون حالة الطوارئ والقوانين الجنائية الأخرى وهي أفعال قد تكون مقرونة بعقوبات أشد.

وفي هذا الصدد نص مرسوم إعلان حالة الطوارئ على منع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع. وهو ما يتيح الأمر لإمكانية تفعيل النظام العقابي المنصوص عليه في الظهير الشريف 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية عاقب في الفصل 9 على مخالفة المقتضيات المتعلقة بالاجتماعات العمومية بغرامة تتراوح بين 2.000 إلى 5.000 درهم وفي حالة العود بحبس بين شهر واحد وشهرين وبغرامة بين 2.000 درهم إلى 10.000 درهم أو إحدى هاتين العقوبتين. وحددها الفصل 10 في عقوبة بغرامة تتراوح بين 1.200 إلى 5.000 وبحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر أو إحدى هاتين العقوبتين في حالة حمل أسلحة. وبالتالي تكون العقوبة الواردة في الفصل 10 من الظهير الشريف هي الأشد، ويتعين الحكم بها عملا بمقتضيات الفصل 120 من القانون الجنائي.

وزيادة على ذلك فإن المشرع سبق أن أقر جريمة التجمهر وعاقب كل من شارك في تجمع مسلح بعد توجيه إنذار له ودون استعمال أسلحة بالحبس لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة. وإذا لم يتم تفريق التجمهر إلا بالقوة أو بعد استعمال المتجمهرين لأسلحة فتكون العقوبة بالسجن أقصاها خمس سنوات (الفصل 20 من الظهير الشريف) (21) أما في حالة التجمهر غير المسلح ولم يتم تفريقه إلا بعد توجيه الإنذارات الثلاث فالعقوبة هي الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة تتراوح بين 1.200 و5.000 درهم، أما إذا وقع تفريق التجمهر إلا بالقوة فتكون العقوبة لمدة تتراوح بين شهر واحد و ستة أشهر (الفصل 21 من الظهير الشريف (22) ، وبالتالي تكون هذه المقتضيات التي تتضمن العقوبة الأشد هي الواجب التطبيق.

وقد سبقت الإشارة إلى بعض الأفعال المرتكبة في نطاق قانون الطوارئ والمجرمة كذلك طبقا للقانون الجنائي كطرد أحد الزوجين من بيت الزوجية، وانتزاع عقار من حيازة الغير بالقوة وطرده خارج سكناه خلال فترة الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، ففي مثل هذه الحالات متى ما ثبت أن العقوبة أشد من تلك المنصوص عليها في المادة الرابعة من قانون حالة الطوارئ الصحية فإنها تبقى هي الواجبة التطبيق.

إن الحديث عن الآثار المترتبة عن تجريم كل الأفعال لمخالفة للتدابير المتخذة لتنفيذ حالة الطوارئ الصحية لا يقتصر على العقوبات فقط وإنما يمتد ليشمل بعض الآثار الإجرائية وهو ما سيتم الوقوف عليه في المطلب الموالي.

المطلب الثاني: الآثار الإجرائية لتجريم مخالفة تدابير حالة الطوارئ الصحية

في البداية لابد من التأكيد على أن دور النيابة العامة لم يطرأ عليه أي تغيير من حيث صلاحيتها في اتخاذ القرارات المناسبة لأية حالة على حدة.

وفي هذا السياق يمكن القول بأنه أثناء دراسة النيابة العامة للمحاضر المنجزة بشأن الجرائم المرتكبة خلال سريان حالة الطوارئ الصحية تبقى لها صلاحية تقرير ما إذا كانت عناصر الفعل الجرمي مكتملة لتحريك الدعوى العمومية، كما لها صلاحية حفظها لعدم ملاءمة المتابعة، أو المتابعة في حالة اعتقال أو سراح.

 

وإذا كانت القواعد الإجرائية المتعلقة بسريان الدعوى العمومية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية كأصل، فإنه يبقى لنا نثير بعض الملاحظات بخصوص كل من الاختصاص المكاني (الفقرة الأولى) على أن نخصص (الفقرة الثانية) للحديث عن أحكام الزمن في قانون حالة الطوارئ الصحية.

الفقرة الأولى: الاختصاص المكاني لتطبيق مقتضيات قانون حالة الطوارئ الصحية

نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون على تطبيق هذا الأخير مكانيا بسائر أرجاء التراب الوطني. ويفهم من عبارة سائر أرجاء التراب الوطني أن الاختصاص المكاني يمكن أن يمتد إلى السفن المبحرة في المياه الدولية الحاملة للعلم المغربي، وجميع السفن المتواجدة في المياه الوطنية، والطائرات المغربية المسموح لها بالتحليق. كما تشمل السفارات والقنصليات المغربية بالخارج – باعتبارها جزء من التراب الوطني – بالنسبة للتدابير والإجراءات المتخذة بداخل بناياتها.

وكان حريا بمشرع المرسوم رقم 2.20.293 أن يضيف السفراء والقناصلة المعتمدين بالخارج إلى جانب ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم المخول لهم اتخاذ التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ الصحة. أما خارج بناياتها فهم يخضعون للتدابير الصحية الموصى بها من قبل بلد الاعتماد ولو على سبيل المعاملة بالمثل.

وفي هذا السياق فقد أصدرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مذكرة شفوية موجهة إلى البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدة بالمملكة المغربية حول التدابير المتعلقة بالصحة العمومية (13) دعتهم من خلالها إلى ملازمة بيوتهم وعدم مغادرتها إلا في الحالات المنصوص عليها في القرارات والتدابير الجاري بها العمل وهي:

  1. 1. التنقل للعمل بالنسبة للأشخاص الضروري تواجدهم بمقرات العمل.
  2. 2. التنقل من أجل اقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي في محيط مقر السكنى.
  3. 3. التنقل لتلقي العلاجات أو لاقتناء الأدوية الضرورية من الصيدليات.

وقد تمت دعوتهم إلى التقليص إلى أقصى حد، من عدد الموظفين المتواجدين في مقراتها،

وأن يكونوا حاملين لشهادة موقعة ومختومة من طرف رئيس البعثة أو المركز تثبت الحاجة للتنقل للإدلاء بها عند المراقبة من طرف أعوان القوة العمومية. كما تمت دعوتهم إلى الالتزام بالقرارات والتدابير الجاري بها العمل. وبالتالي يمكن متابعة جميع العاملين والمستخدمين في مختلف التمثيليات الديبلوماسية في حالة خرقهم لتدابير حالة الطوارئ الصحية باستثناء المتمتعين بالحصانة الديبلوماسية.

الفقرة الثانية: تطبيق قانون حالة الطوارئ الصحية من حيث الزمان

نصت المادة الأولى من قانون الطوارئ الصحية على سريان العمل بأحكام هذا الأخير تمتد إلى غاية يوم 20 أبريل 2020 على الساعة السادسة مساء، إلا أن اللافت أنه لم يتم تحديد تاريخ بداية العمل به. وهو ما يطرح الإشكال المتعلق بالتاريخ المحتسب لتطبيقه هل من تاريخ صدور بلاغ وزارة الداخلية الصادر بتاريخ 19 مارس 2020 (14) أم من تاريخ نشر القانون بالجريدة الرسمية؟

لقد تضمن البلاغ الصادر عن وزارة الداخلية بشأن الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد أن مفعوله سيبتدئ من يوم الجمعة 20 مارس 2020 على الساعة السادسة مساء لأجل غير مسمى، واتخاذ تدابير استثنائية تستوجب الحد من حركة المواطنين من خلال اشتراط مغادرة مقرات السكن باستصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السلطة وفق الحالات التي تم تحديدها كما يلي:

  1. 1. التنقل للعمل بالنسبة للإدارات والمؤسسات المفتوحة بما فيها الشركات والمصانع والأشغال الفلاحية، المحلات والفضاءات التجارية ذات الارتباط بالمعيش اليومي للمواطن، الصيدليات، القطاع البنكي والمصرفي، محطات التزود بالوقود، المصحات والعيادات الطبية، وكالات شركات الاتصالات، المهن الحرة الضرورية، ومحلات بيع مواد التنظيف.
  2. 2. التأكيد على أن التنقل يقتصر على الأشخاص الضروري تواجدهم بمقرات العمل، شريطة أن يتم تسليمهم شهادة بذلك موقعة ومختومة من طرف رؤسائهم في العمل.
  3. 3. التنقل من أجل اقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي في محيط مقر سكنى المعني بالأمر أو تلقي العلاجات الضرورية أو اقتناء الأدوية من الصيدليات.

واللافت أن الإجراءات الواردة في بلاغ وزارة الداخلية مشابهة في معظمها لما تضمنه المرسوم بقانون، إلا أنها تفتقر إلى صياغة قانونية واضحة ولم تكن شاملة لعدد من الحالات. أما صياغة المرسوم بقانون فأكثر مرونة واكتفت بسرد بعض الأماكن التي يمكن التنقل إليها على سبيل المثال.

والبلاغ الذي صدر عن وزارة الداخلية تم نسخه ضمنا بصدور المرسوم بقانون والذي بدأ سريانه ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية كما نصت على ذلك المادة الخامسة منه حيث نشر بالفعل بتاريخ 24 مارس 2020 أي في اليوم الموالي لصدوره. كما صدر ونشر في نفس اليوم المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19. وبذلك فإن جميع المخالفات للتدابير الواردة في بلاغ وزارة الداخلية لا يمكن المعاقبة عليها طبقا لمقتضى العقوبة الواردة في المرسوم بقانون ما دامت قد ارتكبت قبل دخول القانون المذكور حيز التنفيذ تطبيقا للفصل السادس من الدستور القاضي بأن القانون ليس له أثر رجعي.

وقد يعتبر البعض أن مخالفة التدابير المتخذة ابتداء من تاريخ 20 مارس 2020 تقع تحت طائلة الفصل 308 (15) أو الفصل 609/11 (16) من القانون الجنائي. إلا أن الفصل 308 ينص على مقاومة تنفيذ أشغال (Traveaux) أمرت أو صرحت بها السلطة العامة. غير أن التدابير الواردة في البلاغ ليست بأشغال بل مجموعة من الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة الوباء، واحتراما للمبدأ القانوني بعدم جواز التوسع في تفسير القانون الجنائي فإن الفصل 308 يمكن تطبيقه على مخالفة التدابير الواردة ببلاغ وزارة الداخلية.

وقد يعتبر البعض الآخر أنه بالإمكان تطبيق مقتضيات الفصل 609/11 والذي ينص على معاقبة من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة الإدارية بصورة قانونية إذا لم يكن هذا المرسوم أو القرار لم ينص على عقوبات خاصة لمن يخالف أحكامه.

إن الحديث عن تطبيق مقتضيات الفصل 609/11 يجرنا للبحث عن الوصف القانوني للبلاغ الصادر عن وزارة الداخلية. فمما لاشك فيه أن دستور المملكة لم ينص على حالة إعلان الطوارئ الصحية، وبالنظر لكون التدابير الواردة تنص على إجراءات تحد من بعض الحقوق والحريات الأساسية كالحق في التنقل فإن اختصاص تقييدها يعود إلى مجال القانون طبقا 71 من الدستور (17). ويمكن للحكومة أن تصدر مراسيم بقوانين خلال الفترة الفاصلة بين الدورات طبقا للإجراءات المنصوص عليها في الفصل 81 من الدستور (18)، وهو ما تم اللجوء إليه بإصدار المرسوم بقانون رقم 2.20.292. وبذلك نخلص إلى أن بلاغ وزير الداخلية يعد أوامر داخلية بواسطة برقيات موجهة بالأساس إلى العاملين في الإدارة الترابية، وأن الاكتفاء ببلاغ موجه إلى الصحافة لا يكفي لتحقق عنصر العلم به من قبل المواطنين. وتبعا لذلك فإن مقتضيات المادة 609/11 من القانون الجنائي لا تنطبق بدورها على المخالفات لما تضمنه بلاغ وزير الداخلية في الفترة ما بين 20 و24 مارس 2020.

صحيح أن وقوفنا على أهم المقتضيات والأحكام التي تم التنصيص عليها في القانون المتعلق بحالة الطوارئ له أهميته، غير أنه في مثل هاته الحالات فإن الصدى الذي يمكن أن تتركه تلك القوانين هو الأهم، لذلك وجب عليها رصد وتتبع الإجراءات العملية التي اتخذت تنفيذا لتنفيذ الجوانب الزجرية المتعلقة بقانون حالة الطوارئ.

 

المبحث الثالث: دراسة إحصائية للجوانب المتعلقة بتنفيذ السياسة الجنائية في إطار حالة     الطوارئ الصحية

جاء في بلاغ عن رآسة النيابة العامة (منشور في موقعها الرسمي) أن “النيابات العامة بمحاكم المملكة تابعت منذ دخول المرسوم بقانون المذكور حيز التنفيذ بتاريخ 24 مارس 2020 إلى غاية يوم الخميس 02 أبريل 2020 على الساعة الرابعة زوالا، ما مجموعه 4835 شخصا قاموا بخرق حالة الطوارئ الصحية، من بينهم 334 أحيلوا على المحكمة في حالة اعتقال. كما كانت النيابات العامة قد تابعت 263 شخصا منهم 43 شخصا في حالة اعتقال، من أجل مخالفة بعض مقتضيات القانون الجنائي،منذ إعلان السلطات العمومية لحالة الحجر الصحي بتاريخ 20 مارس وإلى غاية 23 مارس، ليصل بذلك مجموع المتابعين في هذا الإطار إلى 5098 شخصا.”

و بقراءة هذه الإحصائيات الرسمية يتبين أنه خلال مدة عشرة تم تقديم ما مجموعه 4835 شخصا من أجل خرق قانون الطوارئ الصحية بمعدل 483,5 يوميا، وبلغت نسبة المتابعين في حالة اعتقال 6,91%. بينما تم تقديم 593.315 شخصا خلال سنة 2018 بما معدله 1625,5 شخصا يوميا. و إن كان هذا المعدل اليومي للتقديم عن المعدل المسجل خلال سنة 2018، إلا أنه ينبغي الأخذ بعين الإعتبار أنه نتيجة لفرض حالة الطوارئ الصحية فقد انخفض بشكل كبير عدد المقدمين في القضايا الغير المتعلقة بقانون حالة الطوارئ.

كما نشرت وسائل إعلام وطنية (23) بتاريخ 24 مارس 2020 (وهو تاريخ نشر مرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية ومرسوم إعلانه بكافة التراب الوطني) بلاغا للمديرية العامة للأمن الوطني مفاده أن مصالح الأمن بسلا أوقفت 113 راشدا و9 أحداث بعد رفضهم الامتثال لتدابير الطوارئ الصحية. كما أورد موقع إخباري وطني (24) نقلا عن معطيات رسمية (لم يتم التأكد منها) أن الأسبوع الأول أفضى إلى متابعة 1462 شخصا، وأنه خلال الأيام الثلاثة الأولى تمت متابعة 1225 شخصا، فيما لم يتجاوز العدد خلال نهاية نفس الأسبوع الموالي 237 متابعا. وتهم المتابعات المذكورة جرائم العصيان وعدم الامتثال للتدابير المتخذة في إطار حالة الطوارئ الصحية. وقد تم اعتقال ما مجموعه 231 شخصا، فيما تمت متابعة 1231 في حالة سراح في ربوع المملكة. كما تم تسجيل متابعة 531 شخصا خلال أول يوم من دخول المرسوم بقانون حيز التنفيذ من ضمنهم 60 شخصا في حالة اعتقال، لينخفض العدد إلى حوالي 117 متابعا بتاريخ 29 مارس 2020، من ضمنهم 11 شخصا تمت متابعتهم في حالة اعتقال.

وبالقراءة المتأنية لهذه الإحصائيات فإنها تظهر ارتفاعا كبيرا في عدد الموقوفين مقارنة بالأيام العادية، وهو ما سيشكل ضغطا هائلا على مختلف مصالح الشرطة القضائية وعلى القضاء لمعالجة ملفاتهم، ويطرح تحدي إنجاز محاضر قانونية ومحاكمات عادلة تراعي الضمانات القانونية الممنوحة للمتهمين. كما أن تقديم جميع الموقوفين وإصدار عقوبات حبسية قصيرة الأمد في حقهم سيشكل عائقا أمام تنفيذ السياسة الجنائية المرتكزة على أساسا على تقليل الاعتقال الاحتياطي، وعدم إصدار العقوبات الحبسية القصيرة المدة التي لا تجدي نفعا في إصلاح المتهم، والتقليل من تقديم الأشخاص أمام النيابات العامة خاصة في حالة ارتكابهم لجرائم بسيطة كالجنح الضبطية.

إلا ان الظرفية الصحية العصيبة التي يمر بها المغرب والعالم بأسره اقتضت إحداث تغييرات همت ثوابت السياسة الجنائية، وذلك لتحقيق هدف أسمى وهو الحفاظ على الصحة العامة.

وانطلاقا من رصد هذه الوضعية يمكن اقتراح بعض الحلول العملية كما يلي:

1- تفعيل مسطرة الصلح طبقا للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية (25) وذلك بأداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة (650 درهما) مع تقديم التزام مكتوب باحترام تدابير حالة الطوارئ الصحية.

2- إحداث أماكن خاصة لوضع الموقوفين بداخلها كالمؤسسات المدرسية مثلا بعد إعادة تجهيزها، وذلك حفاظا على صحة كل من الموقوفين وعناصر القوة العمومية ومنع اختلاطهم بالموقوفين في جرائم الحق العام.

3- انتقال قاضي النيابة العامة إلى مكان وضع الموقوفين تحت الحراسة النظرية واستنطاقهم بداخله وذلك لمنع انتقالهم مباشرة إلى المحاكم وتفادي أي اختلاط بينهم وبين المعتقلين الاحتياطيين الذين يتم إحضارهم من السجن.

4- تخويل أعوان الشرطة القضائية وضباط القوات المساعدة الصفة الضبطية لتحرير محاضر الإيقاف والمعاينة دون باقي إجراءات البحث التمهيدي الذي يعهد به إلى ضابط للشرطة القضائية.

5- تعديل قانون الطوارئ الصحية بما يمكن من حجز المركبات التي يتم بواسطتها خرق أحكام قانون الطوارئ الصحية.

نشر جميع المقررات التنظيمية والإدارية في الجريدة الرسمية إلى جانب الوسائل المشار إليها في المادة الثالثة من المرسوم

خاتمـــــــــــــــــــة:

إن إثارة الملاحظات بشأن قانون ومرسوم حالة الطوارئ الصحية ومقارنتها بنظيرتها الفرنسية إنما تهدف إلى تحليل تلك المقتضيات وتقريبها للباحث، وطرحها للنقاش. وسيتمكن البرلمان المغربي من مناقشة هذا القانون وتعديله خلال دورته العادية الموالية بما يضمن تحقيق هذا التوازن، وقد تتمكن المحكمة الدستورية من إبداء رأيها فيه إذا أحيل عليها للبت في مدى مطابقته للدستور. كما قد تصدر أحكام وقرارات عن المحاكم الإدارية للنظر في مدى قانونية القرارات الإدارية المتخذة لتطبيق حالة الطوارئ الصحية.

لقد فاجئ تحول وباء كورونا كوفيد-19 من وباء إلى جائحة عالمية عددا من الدول ومن بينها فرنسا والمغرب، الأمر الذي تطلب إصدار قوانين ومراسيم وقرارات عاجلة لفرض حالة الطوارئ الصحية لحماية المواطنين والمقيمين. ولقد شكلت مناسبات عدة إنذارا مسبقا بانتشار أوبئة بالمغرب، كفيروس أيبولا – والذي تم على إثره تأجيل نهائيات كأس أمم إفريقيا-، وفيروس إنفلونزا الخنازير، وفيروس إنفلونزا الطيور. وكان حريا أن يتم بشكل استباقي إعداد منظومة تشريعية لفرض أحكام الطوارئ الصحية بما يوازن بين الحقوق والحريات الأساسية وحماية الصحة العامة للمواطنين من أي خطر.

إن هذه المقتضيات – موضوع الدراسة – وضعت بصفة استثنائية محددة في الزمان والمكان وذلك إلى حين انحسار موجة الجائحة الصحية والتي شكلت تحديا لجميع دول العالم بما في ذلك الدول الأكثر تقدما.

إن المرحلة المفصلية الحالية اقتضت إخراج هذين النصين واتخاذ عدد من القرارات بشكلها الحالي وذلك لمواجهة خطر داهم وحال يهدد ليس فقط سلامة المواطنين بل يهدد حياتهم.

إلا أنه لا ينبغي أن يتم التضحية بثوابت دولة الحق والقانون وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سبيل حماية حق المواطنين من الأوبئة. وقد أصدرت المفوضية لحقوق الإنسان بيانا أكدت فيه “أن احترام كامل حقوق الإنسان بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية أساسي لنجاح خطط التصدي التي تعتمدها الصحة العامة”(26)

نسأل الله تعالى أن تمر هذه الأيام العصيبة وأن يحفظ بلدنا ومواطنيه والبشرية جمعاء من شر هذا الوباء.

الهوامش:

  • الجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 24 مارس 2020.
  • سيشار إليه بمرسوم قانون حالة الطوارئ الصحية.
  • سيشار إليه بمرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية.
  • عرفت المادة 300 من القانون الجنائي جريمة العصيان بأنه “كل هجوم أو مقاومة، بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي أو ممثلي السلطة العامة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو النظم أو أحكام القضاء أو قراراته أو الأوامر القضائية يعتبر عصيانا. والتهديد بالعنف يعتبر مماثلا للعنف نفسه.”
  • الفصل 1-480 “يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2.000 إلى 5.000 درهم، عن الطرد من بيت الزوجية أو الامتناع عن إرجاع الزوج المطرود من بيت الزوجية، وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 53 من مدونة الأسرة، وتضاعف العقوبة في حالة العود.”
  • المادة 72 من قانون الصحافة والنشر الفقرة الأولى“يعاقب “بغرامة من 20.000 إلى 200.000 درهم كل من قام بسوء نية بنشر أو إذاعة أو نقل نبأ زائف أو ادعاءات أو وقائع غير صحيحة أو مستندات مختلقة أو مدلس فيها منسوبة للغير إذا أخلت بالنظام العام أو أثارت الفزع بين الناس، بأية وسيلة من الوسائل ولا سيما بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية و إما بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية و اما بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم، أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الإلكترونية وأية وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية.”
  • https://www.centre-inffo.fr/site-droit-formation/actualites-droit/coronavirus-les-textes-juridiques
  • منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 17 مارس 2020.
  • منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر مرتين بتاريخ 18 مارس 2020
  • منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 17 مارس 2020.
  • https://www.legifrance.gouv.fr/jo_pdf.do?id=JORFTEXT000041746313
  • https://www.legifrance.gouv.fr/affichTexte.do?cidTexte=JORFTEXT000041728476&categorieLien=id
  • الموقع الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية و التعاون الإفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج.
  • نص البلاغ كما نشر على موقع البوابة الوطنية (MAROC.MA):”حفاظا على صحة وسلامة المواطنات والمواطنين، وفي سياق التحلي بحس المسؤولية وروح التضامن الوطني، وبعد تسجيل بعض التطورات بشأن إصابة مواطنين غير وافدين من الخارج بفيروس “كورونا المستجد”، تقرر إعلان “حالة الطوارئ الصحية” وتقييد الحركة في البلاد ابتداء من يوم الجمعة 20 مارس 2020 على الساعة السادسة مساء لأجل غير مسمى، كوسيلة لا محيد عنها لإبقاء هذا الفيروس تحت السيطرة. وأوضح بلاغ لوزارة الداخلية أن حالة الطوارئ الصحية ” لا تعني وقف عجلة الاقتصاد، ولكن اتخاذ تدابير استثنائية تستوجب الحد من حركة المواطنين، من خلال اشتراط مغادرة مقرات السكن باستصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السلطة، وفق حالات معينة. وأضاف البلاغ أن هذه الحالات تم تحديدها في ” التنقل للعمل بالنسبة للإدارات والمؤسسات المفتوحة، بما فيها الشركات والمصانع والأشغال الفلاحية، والمحلات والفضاءات التجارية ذات الارتباط بالمعيش اليومي للمواطن، والصيدليات، والقطاع البنكي والمصرفي، ومحطات التزود بالوقود، والمصحات والعيادات الطبية، ووكالات شركات الاتصالات، والمهن الحرة الضرورية، ومحلات بيع مواد التنظيف”. وأكد المصدر ذاته، في هذا الصدد، أن التنقل سيقتصر على الأشخاص الضروري تواجدهم بمقرات العمل، شريطة أن يتم تسليمهم شهادة بذلك موقعة ومختومة من طرف رؤساءهم في العمل، والتنقل من أجل اقتناء المشتريات الضرورية للمعيش اليومي في محيط مقر سكنى المعني بالأمر، أو تلقي العلاجات الضرورية أو اقتناء الأدوية من الصيدليات. ويتعين على كل مواطنة ومواطن، يضيف البلاغ، التقيد وجوبا بهذه الإجراءات الإجبارية، تحت طائلة توقيع العقوبات المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي، مضيفا أن السلطات المحلية والقوات العمومية، من أمن وطني ودرك ملكي وقوات مساعدة، ستسهر على تفعيل إجراءات المراقبة، بكل حزم ومسؤولية، في حق أي شخص يتواجد بالشارع العام. وإيمانا بضرورة تظافر جهود الجميع، أكد البلاغ على مسؤولية كل مواطن لحماية أسرته وحماية مجتمعه، من خلال الحرص على التزام الجميع بالتدابير الاحترازية والوقائية وقواعد النظافة العامة لمحاصرة وتطويق الفيروس. وجاء في البلاغ أنه و”إذ تؤكد السلطات العمومية أن كل الوسائل متوفرة لضمان إنجاح تنزيل هذه القرارات، فإنها تطمئن المواطن من جديد على أنها اتخذت كل الإجراءات للحفاظ على مستويات التموين بالشكل الكافي، من مواد غذائية وأدوية وجميع المواد الحيوية والمتطلبات التي تحتاجها الحياة اليومية للمواطنات والمواطنين.(و.م ع 19/03/2020)”.
  • الفصل 308 ” كل من قاوم تنفيذ أشغال أمرت بها السلطة العامة أو صرحت بها يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائتي درهم [1]ولا تتجاوز ربع مبلغ التعويضات. أما الأشخاص الذين يعترضون على تنفيذ هذه الأشغال بواسطة التجمهر أو التهديد أو العنف فإنهم يعاقبون بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة المشار إليها في الفقرة السالفة”.
  • الفصل 609/11 من القانون الجنائي تعاقب كل”من خالف مرسوما أو قرارا صدر من السلطة الإدارية بصورة قانونية، إذا كان هذا المرسوم أو القرار لم ينص على عقوبات خاصة لمن يخالف أحكامه”.
  • الفصل 71 من الدستور ” يختص القانون، بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور، بالتشريع في الميادين التالية: الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في التصدير، وفي فصول أخرى من هذا الدستور..”.
  • الفصل 81 من الدستور “يمكن للحكومة أن تصدر، خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين، يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية. يودع مشروع المرسوم بقانون لدى مكتب مجلس النواب، وتناقشه بالتتابع اللجان المعنية في كلا المجلسين، بغية التوصل داخل أجل ستة أيام، إلى قرار مشترك بينهما في شأنه. وإذا لم يحصل هذا الاتفاق، فإن القرار يرجع إلى اللجنة المعنية في مجلس النواب”، و هو ما أشارت إليه المادة السابعة من المرسوم بقانون رقم 2.20.292 بعرضه على البرلمان في دورته العادية الموالية.
  • الفصل 9 من الظهير الشريف 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية “يعاقب عن كل مخالفة لمقتضيات ھذا الكتاب بغرامة يتراوح قدرھا بين 2.000 و5.000 درھم وفي حالة العود يعاقب المخالف بحبس لمدة تتراوح بين شھر واحد وشھرين وبغرامة تتراوح بين 2.000 و10.000 درھم أو بإحدى ھاتين العقوبتين فقط، وذلك بصرف النظر عن العقوبات التي يمكن تطبيقھا بخصوص الجرائم أو الجنح المرتكبة خلال هذه الإجتماعات.”
  • الفصل 10 من الظهير الشريف58.377 “يعاقب بغرامة تتراوح بين 1.200 و5.000 درھم وبحبس لمدة تتراوح بين شھر واحد وثلاثة أشھر أو بإحدى ھاتين العقوبتين فقط ، كل من يحمل أسلحة ظاھرة أو خفية أو أدوات خطيرة على الأمن العمومي وذلك بصرف النظر عن العقوبات المقررة في القانون الجنائي أو في المقتضيات المتعلقة بالزجر عن المخالفات للتشريع الخاص بالأسلحة والعتاد والأدوات المتفجرة. وتطبق نفس العقوبات على كل شخص يحمل سلاحا ظاھرا ويمتنع عن الإمتثال للأمر الصادر له بمغادرة مكان الإجتماع.”
  • الفصل 20 من الظهير الشريف58.377 ” يعاقب كل من شارك في تجمع مسلح كما يلي : أولا: إذا انفض التجمھر بعد توجيه إنذار له ودون استعمال أسلحته تكون العقوبة بالحبس لمدة تتراوح بين ستة أشھر وسنة. ثانيا : إذا وقع التجمھر ليلا تكون العقوبة بالحبس لمدة تتراوح بين سنة وسنتين. ثالثا : إذا لم يتم تفريق التجمھر إلا بالقوة أو بعد استعمال الأسلحة من قبل المتجمھرين تكون العقوبة بالسجن لمدة أقصاھا خمس سنوات . ويمكن في الحالتين المنصوص عليھما في الفقرتين 2 و 3 من المقطع الأول من ھذا الفصل الحكم بالمنع من الإقامة على الأشخاص المثبتة إدانتھم.”
  • الفصل 21 من الظهير الشريف58.377 ” كل تجمھر غير مسلح يقع تفريقه وفق نفس الكيفية المنصوص عليھا في الفصل 19 مع تلاوة العقوبات المنصوص عليھا في الفقرة الثانية من ھذا الفصل . ويعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين شھر واحد وثلاثة أشھر وبغرامة تتراوح بين 1.200 و5.000 درھم أو بإحدى ھاتين العقوبتين فقط كل من شارك في تجمھر غير مسلح ولم ينسحب منه بعد توجيه الإنذار الأول والثاني والثالث . وإذا لم يتأت تفريق التجمھر إلا بالقوة تكون العقوبة بالحبس لمدة تتراوح بين شھر واحد وستة أشھر .”
  • الموقع الرسمي للقناة الثانية 2M على الأنترنيت.
  • مقال بموقع هسبريس الإلكتروني بتاريخ 31 مارس 2020.
  • المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية ” …إذا لم يحضر المتضرر أمام وكيل الملك، وتبين من وثائق الملف وجود تنازل مكتوب صادر عنه، أو في حالة عدم وجود مشتك، يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكى به أو المشتبه فيه صلحاً يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله، وفي حالة موافقته يحرر وكيل الملك محضراً يتضمن ما تم الاتفاق عليه وإشعار المعني بالأمر أو دفاعه بتاريخ جلسة غرفة المشورة، ويوقع وكيل الملك و المعني بالأمر على المحضر. يحيل وكيل الملك المحضر على رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه للتصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة والمعني بالأمر أو دفاعه، بمقتضى أمر قضائي لا يقبل أي طعن. توقف مسطرة الصلح والأمر الذي يتخذه رئيس المحكمة أو من ينوب عنه، في الحالتين المشار إليهما في هذه المادة إقامة الدعوى العمومية. ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح أو في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل الأجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية، ما لم تكن هذه الأخيرة قد تقادمت. يشعر رئيس المحكمة أو من ينوب عنه وكيل الملك فوراً بالأمر الصادر عنه. يتأكد وكيل الملك من تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها الرئيس.”
  • https://www.ohchr.org/AR/NewsEvents/Pages/COVID-19.aspx

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى