آجال الطعن في مقررات اللجان الضريبية”بين تطور المقتضى التشريعي والتصور الاستباقي للاجتهاد القضائي’ الدكتور : عبد اللطيف العاشري أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والسياسيةجامعة الحسن الأول-سطات ‘ –
آجال الطعن في مقررات اللجان الضريبية
”بين تطور المقتضى التشريعي والتصور الاستباقي للاجتهاد القضائي”
The Deadlines for appealing the decisions of the tax committees
”between the évolution of legislative clearing and the proactive portrayal of judicial
?الدكتور : عبد اللطيف العاشري
أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والسياسية
جامعة الحسن الأول-سطات
Summary
summary, in the direction of the administrative judiciary, regarding the beginning of calculating the deadline for appealing the criminal decision and the distinction between the administration and the binding, that the requirements of Article 242 of the General Tax Code, in its current form, represent a time interval for a historical era, the first of which believes in the centrality of the state.
With its unfamiliar means in private law represented in coercion and coercion, and secondly, it believes in the culture of human rights with its philosophy of liberation from the grip of the state as a public authority, and seeking to deal with the matter by the mechanisms of private law, i.e. the equality of legal positions between the binding and the tax administration as well. If it comes to litigation between properties.
The right to appeal in the tax administration is restricted without the obligation, and in certain cases (the committee decides on legal issues), passing through its right to appeal after the collection order is issued, passing through the right to choose between issuing the extraction order and reaching a decision of one of the committees, leading to the unification of the appeal period in sixty days from The two parties to the tax litigation reached the decision of one of the committees. The administrative judiciary was its driver and the real actor in its development, as it did everything in its power to reconcile the public interest with the private interests of the obligated, which by meeting the public interest.
تقديم
اعتبارا لأهمية العلاقة القانونية بين الملزم وإدارة الضرائب، والتي تتسم بخصوصية عن باقي النزاعات الأخرى لكونها تحمي مصلحتين مجتمعيتين، مركزية المال العمومي في أي مقاربة قانونية، بما يعنيه ذلك من إقرار لآليات ووسائل غير مألوفة في العلاقات القانونية بين الخواص، وكونية حقوق الإنسان كقيمة إنسانية سامية، لصيقة بالإنسان الفرد، بغض النظر عن الظروف والأوضاع المحيطة بمركزه القانوني إزاء الدولة والمجتمع.
لذا حرصت مختلف التشريعات على سن قواعد تشريعية واضحة وصريحة، في بيان حقوق والتزامات الملزم، مستهدفة خلق علاقة قانونية متوازنة وهادئة بين طرفي العملية الجبائية، علاقة ترسم ملامح ومضامين الالتزام الضريبي وتحدد آثارا وأحكاما لتجاوز حدود الأحكام التشريعية، انسجاما مع قاعدة لا تكليف جبائي إلا بنص تشريعي.
لكن وككل التزام قانوني قد يخل الملزم بالتزاماته الضريبية، وقد تتعسف الإدارة في إعادة تحديد الأسس الضريبية، بعد تشكيكها في مدى صدقية الإقرار الضريبي، ويكون ذلك التشكيك مبني على معطيات غير موضوعية، هنا تتحرك الآليات التشريعية التي تعنى بفض الخلاف، ومنها في مقالتنا هاته اللجان الضريبية، التي تعتبر آليات وسيطة لفض النزاعات الناشئة بين الملزم والإدارة، والتي تكفل حق الاعتراض المخول قانونا لكل ملزم بالضريبة بعد الحوار الذي يتم بين الطرفين، عن طريق الإعلان الذي تخطر فيه الإدارة الملزم بالأسس التي سوف تعتمدها لفرض الضريبة
ويأتي الطعن أمام اللجن الضريبية في سياق تكريس مبدأ الحوار بين الملزم والإدارة، من أجل إيجاد حل للخلاف الناشئ، عن طريق هيئة تتكون من مختصين في المجال الضريبي.
بناء على ذلك، فإن الطعن اللجاني ينتهي ﺒﺼﺩﻭﺭ مقرر ﻴﻔﺼل ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻲ ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﺽ ﺃﻤﺎم إحدى اللجنتين ، ﺒﻘﺭﺍﺭ ﻗﺩ ﻴﺭﻀﻲ ﺍﻟﻁﺭﻓﻴﻥ ﻭﻴﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ ﺍﻟﻀﺭﻴﺒﻲ، ﻭﻫذه ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﺘﺜﻴﺭ ﺃﻱ إشكال ﻭﻫﻲ ﻨﺎﺩﺭﺓ، ﺃﻭ ﻗﺩ ﻴﺘﻤﺴﻙ كل ﻁﺭﻑ ﺒﻤﻭﻗﻔﻪ، ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻴﺴﺘﻤﺭ ﺍﻟﻨﺯﺍﻉ، ﺒﺤﻴﺙ ﻴﺤﻕ لكل ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻠﺯﻡ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻭﺍء، ﺍﻟﻠﺠﻭء ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻁﻌﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎء.
وتعتبر مرحلة الطعن القضائي مرحلة هامة في سبيل تحقيق العدالة الضريبية، فمهمة القضاء هي حماية النظام القانوني، وبالتالي حماية الحقوق والمراكز القانونية، فقاضي الضريبة يلعب دورا محوريا في العمل على الفصل في القضايا المطروحة عليه ضمن ما يسمى بالقضاء الشامل لذلك فدوره حيوي ودقيق في تحقيق العدالة الضريبية. فالعدالة الضريبية – في مرحلة التقاضي- تمر بعدة مراحل، ولعل من أبرز تجلياتها وخصوصيتها، أن تتولاها سياسة حكومية تشرف على صناعة القرار الضريبي
ولقد أثبت القضاء الإداري أنه قضاء إنشائي يلهم السلطة التشريعية بأحكامه وقراراته فتضمن تلك القواعد في قالب تشريعي.
والخوض في موضوع آجال الطعن القضائي في مقررات اللجان الضريبية أثار إشكالات عملية، تصدى لها القضاء الإداري بمناسبة بته في القضايا المعروضة عليه، لذا سوف نعمل على مقاربة هذا الجانب من خلال رصد تطور الإطار التشريعي لآجال الطعن القضائي في مقررات اللجان (المطلب الأول ) ثم للإشكالات التي أفرزتها الممارسة العملية ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: التطور التشريعي للطعن في مقررات اللجان
إن العلاقة التي تربط الملزم بالإدارة الضريبية هي علاقة من طبيعة متفردة، تختلف عن العلاقات القانونية التي تجمع الخواص بعضهم ببعض، فهي تتعلق بمركزية حماية المال العام في أي مقاربة تشريعية للمادة الضريبية، وبالتالي استعمال وسائل غير مألوفة بين الخواص، وكونية حماية حقوق الملزم بناء على شرعة حقوق الإنسان والدستور النافذ منذ سنة 2011.
الفقرة الأولى: تطور المسار التشريعي للطعن القضائي في مقررات اللجان
كانت التشريعات الضريبية في موضوع آجال الطعن في مقررات اللجان وتحديد بداية احتسابها، تتطور بتطور التوجهات القضائية حيث كانت ترجح كفة الإدارة على كفة الملزم ( اولا) قبل أن تنتهي إلى المساواة بينهما من حيث بداية احتساب أجل الطعن (ثانيا).
أولا: الإطار التشريعي قبل تعديلات قانون المالية لسنة 2011
يمثل القانون الضريبي تجسيدا عمليا لحق مصادرة الأموال، وقد نظمه التشريع الضريبي كوسيلة لتوزيع الأعباء العامة بين الأفراد ولذلك فإن بروز أي خلل في الميدان الضريبي يؤثر على سير الدولة بشكل جدلي، بحيث كلما كان العبء الضريبي عادلا ومنصفا كلما عم الاستقرار المجتمع والرخاء الاقتصاد، وكلما كلف المواطن بأداء الضريبة وأجبر على ذلك بشكل غير عادل ومنصف، كلما استشرى التهرب الضريبي وعمت الفوضى وتضاءلت الثقة بين الدولة والمجتمع
ولقد اتسم المقتضى القانوني المنظم لسلوك طرفي النزاع اللجاني بالغموض، الذي أرخى بظلاله على الممارسة العملية، إذ بدا هناك تضاربا في الأحكام لجهة احتساب نقطة بداية أجل 60 يوما الممنوح للإدارة الضريبية للطعن في مقرر إحدى اللجنتين، هل تنتظر إلى حين الإصدار الضريبي شأنها شأن الخاضع للضريبة، أم هي ملزمة بإيداع مقال الطعن القضائي في غضون 60 يوما ابتداء من تاريخ توصلها بالمقرر موضوع الطعن الضريبي.
فمن المعلوم أن الطعن القضائي في مادة تأسيس الضريبة أو تصفيتها أو تحصيلها يتم إما بناء على:
- قرار صادر عن الإدارة الضريبية برفض مطالبة الخاضع للضريبة أو عدم جوابها على مطالبته داخل الأجل القانوني.
-
أو على إثر صدور مقرر لجاني، وهذه الحالة هي التي تهمنا في هذه المقالة.
و على مستوى النص القانوني، فإنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 46 (الفقرة ما قبل الأخيرة) من قانون الضريبة على القيمة المضافة المعدلة بقانون المالية لسنة 2001، نجدها تنص على ” أن الإدارة يمكنها أن تنازع أمام المحاكم في مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، إذا تبين لها أن هذه الأخيرة بتت بغير حق في مسائل قانونية، وذلك داخل أجل الشهرين التاليين لتاريخ وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ، وعندما لا يترتب على مقرر اللجنة الوطنية إصدار أمر بالتحصيل، فإن الإدارة تمارس الطعن القضائي في المقرر المذكور داخل أجل 60 يوما التالي لتاريخ تبليغ هذا الأخير”.
إذا فبدء سريان أجل الطعن القضائي الذي يهم حالة بت اللجنة في مسائل قانونية – في هذه المرحلة – كان يختلف في حالتين:
الأولى : وهي التي تقرر فيها اللجنة الوطنية تصحيح الأساس الضريبي، فيترتب عن مقررها صدور أمر بالتحصيل من طرف الإدارة، إلا أنه رغم ذلك، قد يتبين للإدارة أن اللجنة المذكورة، قد بتت في مسألة قانونية، فترتئي الطعن فيه أمام المحاكم، ففي هذه الحالة يبدأ سريان أجل الطعن من تاريخ وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ.
أما في الحالة الثانية : وهي الحالة التي تقرر فيها اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة إلغاء مسطرة المراجعة، فالإدارة لن تصدر أمرا بالتحصيل في هذه الحالة، وبالتالي إذا ارتأت ممارسة الطعن القضائي، على أساس أن اللجنة الوطنية بتت بغير حق في مسألة قانونية، فإن أجل الطعن يبدأ من تاريخ تبليغها مقرر اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ، واستمر هذا الوضع إلى حدود سنة 2001 حيث أصبح بإمكان الملزم ممارسة حق الطعن، غير أن جانبا من الباحثين ذهب إلى القول بأن المشرع الجبائي بمقتضى قانون المالية لسنة 2001 منح ضمانة إضافية للخاضع للضريبة وكذا الإدارة، وأنه ينطوي على كفالة حق اللجوء إلى القضاء الإداري من الناحية القانونية والعملية، فالخاضع للضريبة كان قبل التعديل يتمتع بحق ممارسة الطعن القضائي في مقرر اللجنة الوطنية على المستوى القانوني، أما على المستوى العملي فقد كان محروما من ممارسة الحق المذكور، في الحالة التي لا يترتب على مقرر اللجنة الوطنية إصدار أمر بالتحصيل، كالحالة التي تقرر فيها اللجنة الوطنية تخفيض العجز المصرح به أو دين الضريبة على القيمة المضافة، ونفس الشئ بالنسبة للإدارة، حيث كانت محرومة عمليا من ممارسة حق الطعن في الحالة التي تقرر فيها اللجنة الوطنية إلغاء مسطرة المراجعة، وبالتالي عدم إمكانية إصدار الأمر بالتحصيل الذي يشكل نقطة بداية سريان أجل الطعن القضائي . ويضيف أنه ” من باب الإنصاف، نشير إلى أن هذا التعديل كان مسبوقا باجتهاد فريد للقضاء الإداري الذي – كما يقول– عودنا على إيجاد حلول عملية في حالة عدم وجود نص ينظم النازلة المعروضة عليه، فقد ذهبت المحكمة الإدارية بوجدة، فيما يخص الحالة التي لا يترتب على مقرر اللجنة الوطنية إصدار الأمر بالتحصيل، إلى أن الإدارة بإمكانها الطعن في مقرر اللجنة المذكورة إذا بتت في مسألة قانونية، وذلك داخل أجل الطعن القضائي في القرارات الإدارية، أي داخل أجل 60 يوما من تاريخ تبليغ مقرر اللجنة إليها.
ونلاحظ أن المشرع الجبائي من خلال تعديل قانون المالية لسنة 2001 سار في نفس التوجه ، لكن قانون المالية لسنة 2003 سيأتي بتغييرات هامة، إذ عدل الفصل 41 من قانون الضريبة على الشركات 86-24 وخول للإدارة حق الطعن في مقرر اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة بصفة مطلقة، سواء بتت في مسائل واقعية أو قانونية، ترتب عنها صدور أمر بالتحصيل أم لا، كما خول للملزم حق الطعن في مقرر اللجنة الوطنية، متى كان لا يترتب عنه صدور أمر بالتحصيل، وفي الحالة المعاكسة يكون الأمر بالتحصيل هذا هو القابل للطعن في إطار دعوى القضاء الشامل، وقد أدخل تعديل طفيف على هاته المقتضيات بداية من سنة 2005 بموجب كتاب المساطر الجبائية من خلال الفصل 35 منه الذي نص بما معناه، أنه يجوز للخاضع للضريبة أن ينازع عن طريق المحاكم في الضرائب المفروضة على إثر المقررات الصادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، داخل أجل ستين يوما من تاريخ صدور الأمر بالتحصيل أو قائمة الإيرادات أو الأمر بالاستخلاص، وحتى إذا لم يترتب عن المقرر الصادر عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة إصدار أمر بالتحصيل جاز تقديم الطعن القضائي داخل أجل ستين يوما التالية لتاريخ تبليغ قرار اللجنة المذكورة.
كما يمكن للإدارة أن تنازع عن طري ق المحاكم داخل نفس الأجل في المقررات الصادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة سواء تعلقت هذه المقررات بمسائل قانونية أو فعلية.
ثم إنه لئن كانت المدونة العامة للضرائب لسنة 2007 بموجب مادتها 242 قد ساوت بين الإدارة والملزم، وخولت لهما إمكانية الطعن في مقرر اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة مرتبا للأمر بالتحصيل أم لا، متى كانت المصلحة في الطعن قائمة، فإن قانون المالية لسنة 2011 أتى بتعديلات هامة في هذا السياق، إذ قام بتوحيد آجال الطعن بالنسبة للملزم والإدارة الضريبية .
الفقرة الثانية : آجال الطعن القضائي بعد صدور قانون المالية لسنة 2011
أوضحت الدورية رقم 719 بشأن المقتضيات الضريبية لقانون المالية رقم 43.10 بخصوص السنة المالية 2011، أن توحيد آجال الطعن القضائي ضد المقررات النهائية للجان الطعن الضريبي، تمت من أجل توحيد بداية احتساب أجل الطعن القضائي، في مقرراتها عقب مراقبة قضائية، وهي تاريخ تبليغ مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، أو اللجنة المحلية لتقدير الضريبة.
وأنه خلافا لمرحلة ما قبل صدور القانون المالي رقم 43.10 فإن المادة 242 من م ع ض- التي كانت تنص على أن أجل الطعن في المقررات الصادرة على لجان الطعن الضريبي يبتدئ سواء : من تاريخ الشروع في التحصيل أو صدور الأمر بالتحصيل المترتب عن صدور المقررات النهائية للجان الطعن الضريبي،أو من تاريخ تبليغ مقررات تلك اللجان عندما لا يكون هناك إصدار ضريبي- فإن هذا التعديل- كما جاء في الدورية- يهدف إلى تبسيط مسطرة الطعن في مقررات لجان الطعن الضريبي، وتخويل الخاضع للضريبة، إمكانية الطعن بمجرد توصله بمقرر اللجنة المعنية، دون الانتظار إلى غاية صدور الأمر بالتحصيل.
وقد واصل المشرع توجهه المتقدم على درب إنصاف الملزم باعتباره الطرف الأضعف في العلاقة الضريبية من خلال التعديلات الواردة في قانون المالية لسنة 2016.
ومرورا بالتعديلات التي طالت المادة 242 من المدونة العامة للضرائب لسنة 2007، إلى غاية صدور قانون المالية لسنة 2016 حيث أصبح نصها على الشكل التالي :
” – المسطرة القضائية المطبقة على إثر مراقبة الضريبة
يجوز للإدارة وللخاضع للضريبة أن ينازعا عن طريق المحاكم في المقررات النهائية للجان المحلية لتقدير الضريبة أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة وفي المقررات المتضمنة لتصريح اللجان المذكورة بعدم اختصاصها داخل أجل الستين (60) يوما الموالية لتاريخ تبليغ مقررات هذه اللجان.يمكن كذلك للإدارة وللخاضع للضريبة أن ينازعا عن طريق المحاكم داخل الأجل المنصوص عليه أعلاه في المقررات الصادرة على اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، سواء تعلقت هذه المقررات بمسائل قانونية أو واقعية. كما يمكن أن ينازع
عن طريق المحاكم في عمليات تصحيح الضرائب المفروضة في نطاق المساطر المنصوص عليها في المادة 221 أو 224 أعلاه داخل الستين (60) يوما الموالية لتاريخ تبليغ القرار الصادر عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة. وجدير بالذكر أن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، لم تعد درجة ثانية من درجات التقاضي، بل أصبحت القاعدة المعمول بها، أن كل لجنة لها اختصاصات محددة يتم الطعن في مقرراتها مباشرة أمام القضاء. فالمقتضى المذكور جاء في سياق التعديلات التي طالت اختصاص لجان الطعن الضريبي، حيث أصبحت اللجنة المحلية لتقدير الضريبة يطعن في أحكامها مباشرة أمام القضاء. وهذا مايستشف من خلال الفقرة VII من المادة 220 من المدونة العامة للضرائب
لكن مع وجود استثناء وحيد وهو المتعلق بالطعون التي لم تصدر اللجان المحلية لتقدير الضريبة، داخل أجل اثني عشر (12) شهرا مقررات في شأنها”.
الفقرة الثالثة : أثر الطعن في المقرر اللجان خارج الأجل
في ظل المقتضيات القانونية التي كان معمولا بها قبل دخول قانون المالية لسنة 2016 حيز التنفيذ، كانت اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية، تعتبر كدرجة استئنافية تنظر في المقررات الصادرة عن اللجان المحلية لتقدير الضريبة متى لم تكن نهائية، فكان يحق للإدارة وللخاضع للضريبة الطعن في مقرر اللجنة المحلية أمام اللجنة الوطنية داخل أجل (60) يوما من تاريخ تبليغ المقرر وفق الإجراءات القانونية المعمول بها في مجال التبليغ، فيما كانت المادة 220 من المدونة العامة للضرائب تنص في بندها الرابع الفقرة 5 على أنه : ” يعد عدم تقديم الطعن داخل ستين يوما المنصوص عليه أعلاه قبولا ضمنيا لمقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة”. وكانت اللجنة الوطنية تقضي بعدم قبول الطعون المرفوعة إليها والتي لم تراع الأجل القانوني لرفعها، بينما كان الإشكال يطرح في الحالة التي يوجه الخاضع للضريبة طعنه إلى إدارة الضرائب بدل رئيس اللجنة الوطنية في مثل هذه الحالة، كانت اللجنة الوطنية تدفع بعدم القبول لفوات الأجل القانوني للطعن، وقد سايرها القضاء في ذلك فجاء في حيثيات قرار لمحكمة النقض ما يلي: ” وحيث إن الثابت من الإشعار بالاستلام بالبريد المضمون المدلى به من طرف المستأنفة، يتبين أن الطعن الذي قدمته المستأنفة قد وجهته المفتش المحقق للضرائب، ولم توجهه إلى اللجنة الوطنية للنظر في الطعون الضريبية، وبذلك فان القرار الذي اتخذته هذه الأخيرة باستبعاد الطعن الذي قدمته المستأنفة والذي توصلت به بتاريخ 24.04.2002 لفوات الأجل كان في محله، ويكون الحكم المستأنف عندما قضى برفض الطلب واجب التأييد”.
وفي فرضية أخرى قد تقبل اللجنة الوطنية الطعن بالرغم من تقديمه خارج الأجل، فتبت فيه طبقا للإجراءات القانونية المعمول بها، ولذلك لم يكن القضاء يتردد في إلغاء مقرر اللجنة الوطنية، متى ثبت أنه تم الطعن فيه خارج الأجل القانوني، والأخذ بمضمون مقرر اللجنة المحلية الذي يبقى سليما تنزيلا لمقتضيات الفقرة 5 من البند الرابع من المادة 220 من م ع ض، جاء في حكم للمحكمة الإدارية بفاس: ”… وحيث إنه بعد دراسة المحكمة لكافة الوسائل المثارة، وبعد اطلاعها على وثائق الملف ومعطيات القضية، تبين لها حقا وكما جاء في الوسيلة الأولى من أن قرار اللجنة الوطنية موضوع الطعن قد أشار إلى أن قرار اللجنة المحلية قد بلغ للإدارة الجبائية بتاريخ 04/06/2010 وأن هذه الأخيرة طعنت فيه أمام اللجنة الوطنية بتاريخ 08/08/2010 ، مما يدل على أنه مقدم خارج الأجل القانوني المحدد في 60 يوما وفقا لما تنص عليه المادة 220 من المدونة العامة للضرائب، على عكس ما ذهبت إليه اللجنة الوطنية ، إذ أن آخر أجل لقبول طعنها ينقضي بتاريخ 04/08/2010، وبالتالي فغن قرار اللجنة الوطنية يبقى مخالفا للقانون وواجب الإلغاء.
وحيث إن المادة 220 من المدونة العامة للضرائب، في بندها الرابع الفقرة 5 منه تنص على أنه :” يعد عدم تقديم الطعن داخل ستين يوما المنصوص عليه أعلاه قبولا ضمنيا لمقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة”. كما أن عدم الطعن في مقرر اللجنة المحلية داخل الأجل القانوني، يترتب عليه صيرورة هذا الأخير نهائي.
تقديم مقال مقابل: يتصور من الناحية العملية قيام أحد طرفي الخصومة الذي فاته أجل الطعن القضائي في مقرر إحدى اللجنتين (اللجنة المحلية لتقدير الضريبة أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة) بتقديم مقال مضاد أو مقابل ، ففي هذه الفرضية ما هو الجزاء القانوني المترتب عن هذا؟
هل الحكم بعدم قبول المقال المضاد لتقديمه خارج الأجل القانوني ؟ أم قبول الطعن المقابل قياسا على المقالات المضادة في الطعون القضائية التي تتبع في المساطر الكتابية سيما خلال المرحلة الاستئنافية.
نعتقد أن الجزاء القانوني لا يخرج عن فرضيتين : الأولى : وفيها يتم الحكم بقبول المقال المقابل، لكون المسطرة في القضايا الإدارية كتابية، وبالتالي فقيام أحد طرفي النزاع بالطعن داخل الأجل القانوني، يفتح الباب للطرف الذي لم يطعن كي يتقدم بطعنه أمام المحكمة الإدارية المختصة، قياسا على ما يتم عمليا بشأن استئناف الأحكام القضائية، حيث يمكن لمن فاته أجل الطعن بالاستئناف، أن يستفيد من قيام خصمه بتقديم مقال الطعن بالاستئناف، ومن ثم تقديم مقال استئناف فرعي، بحيث لا يواجه بمرور أجل الاستئناف.
الثانية : النظر إلى الآجال الواردة في المادة الضريبية باعتبارها آجال سقوط، بحيث يترتب عن عدم القيام بالإجراء القانوني داخل الحيز الزمني المحدد سقوط الحق بشكل تلقائي، وأيضا انسجاما مع خصوصية المادة الضريبية التي تتميز بأحكام خاصة لا نجد لها مثيلا في باقي المواد القانونية.
وعندي أن الرأي الثاني هو الأسلم – رغم عدم اطلاعي على أي توجه قضائي في هذه الحالة- اعتبارا لطبيعة الآجال في المادة الضريبية، والتي تعتبر آجال سقوط وليست آجال تقادم.
المطلب الثاني : توجهات القضاء بشان آجال الطعن في مقررات اللجان
إن تعاطي القضاء الإداري مع إشكالية آجال الطعن في مقررات لجان الطعن الضريبي، اتسم بالاختلاف والتطور في نفس الآن، بل أحيانا كان متقدما على التشريع بشأن حق الملزم في سلوك طريق الطعن القضائي دون انتظار صدور أمر بالاستخلاص أو التحصيل، وعلى هذا سنحاول استبيان توجهاته تلك من خلال حقبتين تاريخيتين، الأولى تمتد إلى غاية صدور قانون المالية لسنة 2005 (الفقرة الأولى ) والثانية بعد صدور هذا القانون (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: التوجه القضائي قبل صدور قانون المالية لسنة 2005
من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن القضايا التي ينظرها القضاء الإداري في المادة الضريبية تنتمي إلى طائفة القضاء الشامل أي قضاء التعويض، بحيث بعدما تنظر المحكمة الإدارية في المقرر الصادر عن الإدارة الضريبية، فإنها تنتقل بعد ذلك إلى الحكم بالتعويض، ولذا يسمى القضاء الشامل أيضا بقضاء التعويض
كما تجدر الإشارة إلى أن القضاء الإداري من خلال محاكم الدرجة الأولى اعتبر- قبل التعديلات الواضحة والصريحة سنة 2005 مرورا بسنتي 2007 و 2011 وصولا إلى سنة 2016 – أن الطعن القضائي مرتبط بوضع أوامر التحصيل موضع التنفيذ من طرف الإدارة الجبائية، إذ قضى بعدم قبول الدعوى التي يتم رفعها للطعن في قرار اللجنة الوطنية دون أن تكون الجداول المتعلقة بها قد تم عرضها للاستخلاص. إلا أن قضاء الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى- بما له من أثر إنشائي للقواعد الإدارية- آنذاك ( محكمة النقض حاليا) يرى خلاف ذلك إذ ذهب في إحدى تعليلات قرار له إلى أن ” النصوص القانونية المتعلقة سواء بالضريبة العامة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة أو الضريبة على الشركات، وإن كانت تخول الملزم بالضريبة المتنازع فيها (أي في مقررات اللجنة الوطنية) الطعن أمام القضاء خلال شهرين من تاريخ إصدار الأمر بتحصيلها تبعا لمقرر اللجنة الوطنية، الشئ الذي قد يوحي بأن هذا الطعن لا يمكن أن يقدم إلا إذا وضع مقرر اللجنة الوطنية موضع التنفيذ، إلا أن النصوص المذكورة تخول إدارة الضرائب صلاحية الطعن أمام القضاء في مقررات اللجنة الوطنية، إذا بتت بغير حق في مسائل قانونية، مما يستخلص منه أن للملزم كذلك حق الطعن في مقررات اللجنة الوطنية، سواء اقتصرت على البت في مسائل واقعية أو قانونية، إذ الأصل في الطعون هو الإباحة، وقد أوجب المشرع أن تكون مقررات اللجنة الوطنية معللة وأن يتم تبليغها للطرفين برسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم. وأن هدف المشرع هو وضع توازن بين حقوق الإدارة وحقوق الملزم، وتمكين هذا الأخير من عرض مقررات اللجنة الوطنية في جميع الأحوال على مراقبة القضاء، لأن إدارة الضرائب يمكن أن تحول تلك المقررات إلى أوامر قابلة للتنفيذ المعجل بقوة القانون، مما يعني أن المقررات المذكورة تشكل في حد ذاتها تهديدا للملزم بالضريبة ومن مصلحته الطعن فيها، ولا شئ في القانون يلزمه بانتظار تحويل مقرر اللجنة الوطنية إلى أمر بالاستخلاص، وأن الحكم المستأنف عندما أورد في تعليله أن المدعي تقدم بطعنه في مقرر اللجنة الوطنية مباشرة، أي قبل صدور الأمر بالتحصيل المؤسس على مقرر اللجنة المذكورة يكون قد أول الفصل 46 من القانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة تأويلا خاطئا ”.
هكذا إذا، فالغرفة الإدارية بمحكمة النقض، من خلال قرارها أعلاه ترى أنه بإمكان الخاضع للضريبة، الطعن في مقررات اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، حتى قبل وضع بالتحصيل موضع التنفيذ، وهذا الرأي محل نظر” ونرى خلافه يقول بعض من الباحثين ، ذلك أن المادة 43 من قانون الضريبة على القيمة المضافة، قبل التعديل كانت تنص على أنه يمكن للخاضع للضريبة أن ينازع أمام المحاكم داخل أجل الشهرين التالية لتاريخ وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ، وأن الإدارة أيضا يمكنها أن تنازع قضائيا داخل الأجل نفسه.
إذ نرى أن مقتضيات المادة السابقة واضحة وصريحة لا تحتاج إلى تأويل، إذ أن سريان الطعن القضائي يبدأ بعد وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ، وأنه لا يمكن اللجوء مباشرة إلى المحاكم قبل صدور الأمر المذكور.
هذا المقتضى لا يلزم فقط الخاضع للضريبة دون الإدارة الضريبية، كما يتضح من قرار محكمة النقض الآنف الذكر، بل هو ملزم للطرفين معا إذ أن المشرع نص على أن للإدارة تقديم طعنها القضائي داخل نفس الأجل المخول للملزم، أي داخل أجل الشهرين المواليين، لتاريخ وضع الأمر بالتحصيل موضع التنفيذ”.
غير أننا لا نتفق مع هذا التوجه الذي يتمسك بحرفية نص الفصل43 من قانون الضريبة على القيمة المضافة لاعتبارين أساسيين:
الأول: أن مراجعة القرارات الإدارية والطعن فيها أمام القضاء، يعد مبدأ دستوريا وهو يتمثل في الحق في الولوج إلى العدالة، وطلب الحماية القضائية في أي حال من الاحوال، وإن كان هناك فراغا أو إغفالا أو غموضا في النص التشريعي، فإن مقتضيات العدالة تقتضي تفسيره بما يتلائم ومصلحة الخاضع للضريبة، باعتباره الطرف الأضعف في العلاقة الضريبية.
الثاني : تحرير الملزم من هاجس مبادرة الإدارة الضريبية، إلى تقديم طعن قضائي ، وهي تستطيع ذلك من خلال تحويل المقرر اللجاني إلى أمر بالاستخلاص. وبالتالي يعد قرار محكمة النقض ذو طابع تأسيسي يكرس الطبيعة الاجتهادية الإنشائية للقضاء الإداري، بما يعنيه ذلك من كونه يملأ الفراغ الذي ينتاب النص التشريعي من جهة، ومن جهة أخرى يتجاوز القراءة الضيقة للمقتضى القانوني، ويعبر من خلال اجتهاده إلى آفاق أرحب وتفسيرات أوسع تبوؤه مكانة يكون بموجبها عابرا للتشريعات والقوانين، ومنشدا للعدالة والإنصاف.
الفقرة الثانية: التوجه القضائي بعد صدور قانون المالية لسنة 2005
بعد دخول الفصل 35 من كتاب المساطر الجبائية حيز التنفيذ والذي تقابله المادة 242 من المدونة العامة للضرائب، بموجب قانون المالية لسنة 2007 فإن جانبا من القضاء الإداري، بقي وفيا للتوجه الأول أي لا يعتد إلا بصدور الأمر بالتحصيل وليس توصل الإدارة بمقرر اللجنة الوطنية .
فقد ذهب جانب من قضاء الموضوع إلى القول بحق الإدارة في الطعن في المقررات النهائية الصادرة على لجان الطعن الضريبي، داخل أجل 60 يوما من صدور الأمر بالتحصيل، هكذا جاء في قرار للمحكمة الإدارية بمكناس ما يلي: ” حيث إن الطلب قدم على الشكل والصفة المتطلبتين قانونا وداخل أجل الطعن القضائي المنصوص عليه بالفصل 242 من المدونة العامة للضرائب طالما أن قرار اللجنة ترتبت عنه صدور أوامر بالتحصيل، وبالتالي فإن انطلاق أجل الطعن بالنسبة للإدارة هو ستين يوما من تاريخ صدور الأوامر بالتحصيل عملا بالفقرة الثانية من الفصل 242 المشار إليه أعلاه وهو الاتجاه الذي كرسه العمل القضائي على مستوى محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في إطار تفسير مقتضيات المادة المذكورة مما يكون معه الطعن قد استوفى شروط قبوله الشكلية ”.
بيد أن قضاء النقض ذهب إلى أن للملزم والإدارة الاختيار بخصوص الطعن في مقرر اللجنة الوطنية أو اللجنة المحلية، أو في الأمر بالتحصيل الذي تصدره إدارة الضرائب بناء على مقررات اللجان، بل إنه ذهب أكثر من ذلك واعتبر أن الذي يستفيد من أجل 60 يوما بعد صدور الأمر بالتحصيل هو الملزم بينما على الإدارة ممارسة الطعن خلال 60 يوما بعد توصلها بالمقرر اللجاني، فقد ورد في قرار لمحكمة النقض ما يلي: ” حيث يعيب الطالب القرار المطعون فيه بعدم الارتكاز على أساس ذلك أنه بالتأمل في المادة 35 من كتاب المساطر الجبائية يتضح أن الأجل الممنوح للإدارة هو الأجل الممنوح للملزم بالطعن في مقرر اللجنة الوطنية (ستون يوما) أي يجب عدم التمييز بين حق الطرفين في الطعن المذكور وعبارة نفس الأجل تفيد التعميم في الحالتين الواردتين في الفقرتين الأولى والثانية.
لكن حيث إن الطالبة لا تنكر في العريضة توصلها قانونا بمقرر اللجنة الوطنية التي طعنت فيه أمام القضاء، وكانت بذلك المحكمة الإدارية المؤيد حكمها بالقرار المطعون فيه، قد ردت ما تمسكت به الطاعنة ردا سليما موافقا للقانون لما لاحظت أن المادة 35 من كتاب المساطر الجبائية الذي يقرر أجل الطعن أمام الإدارة داخل الستين يوما، وأولت الفصل المذكور، بما مفاده أن الأجل في مقررات اللجنة يسري بالنسبة للخاضع للضريبة من تاريخ صدور الأمر بالتحصيل، خلاف الأجل الممنوح للإدارة الذي يسري من تاريخ التبليغ بالمقرر، وهي إذ نحت المنحى المذكور يكون قرارها معللا، وتكون الوسيلة على غير أساس” .
وواصل قضاء النقض توجهه المتقدم، بشأن بداية احتساب أجل الطعن، حيث أكد أن أجل الطعن في المقرر الصادر عن اللجنة الوطنية لا يسري من تاريخ إصدار الأمر بالتحصيل المترتب عنها، وإنما من تاريخ تبليغ المقرر إلى الإدارة الضريبية.
ورد في تعليلات قرار لمحكمة النقض ما يلي: ” حيث تعيب الطاعنة القرار المطعون فيه بعدم ارتكازه على أساس قانوني وانعدام التعليل بدعوى أن تعليل المحكمة بأن الإدارة المستأنفة قد قدمت طعنها خارج الأجل لأنها بلغت بمقرر اللجنة الوطنية بتاريخ 02/08/2006 وطعنت فيه بتاريخ 07/12/2006، ورتبت على ذلك عدم قبول الطعن فالقرار لم يطبق المقتضيات الصحيحة للمادة 35
من كتاب المساطر الجبائية والمتعلقة بالمسطرة القضائية المطبقة على إثر مراقبته الضريبية جاءت واضحة بشكل لا يتضمن أي فراغ أو تأويل. وإن هناك عدة اجتهادات في هذا الباب والمحكمة ملزمة بقبول الدعوى التي تقدم بها الطاعن ضد مقرر اللجنة الوطنية عملا بمقتضيات المادة 35 من كتاب المساطر الجبائية والفصل 512 من قانون المسطرة المدنية باعتبار أن مقرر اللجنة الوطنية موضوع الطعن ترتب عنه إصدار جداول بتاريخ 31/01/2007 والعارض تقدم بدعواه بتاريخ 03/04/2007 مما يتعين إلغاء القرار المطعون فيه بالنقض لمجانبته الصواب.
لكن وخلافا لما جاء به في الوسيلة فإن الدعوى المتعلقة بالطعن في هذه النازلة مؤسسة على الأجل طبقا للمادة 35 من كتاب المساطر الجبائية فإن أجل الطعن في القرارات الصادرة عن اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة ستون يوما التالية لتاريخ تبليغ قرار اللجنة، والمحكمة مصدرة القرار لما لاحظت أن الطالبة قد قدمت طعنها خارج الأجل السابق لأنها بلغت بمقرر اللجنة الوطنية بتاريخ 02/08/2006 وطعنت فيه بتاريخ 07/12/2006 حسب الوثائق الموجودة بالملف ورتبت على ذلك عدم قبول الطعن تكون قد طبقت الصحيح من القانون وما أثير ناقص عن درجة الاعتبار ”
ملحوظة :
أمام هذا التباين الذي شهده القضاء الإداري سواء على مستوى قضاء الموضوع أو قضاء النقض، فإن المشرع بموجب قانون المالية لسنة 2016، أزال كل غموض ونص صراحة بموجب المادة 242على أن أجل الطعن في مقررات اللجن المحلية لتقدير الضريبة أو اللجنة الوطنية للنظر في الطعون المتعلقة بالضريبة، يحتسب ابتداء من التوصل بالمقرر المتخذ، وليس من تاريخ الإصدار الضريبي.
على مستوى آخر، يحق للملزم تقديم طعنه قبل توصله بمقرر إحدى لجان الطعن الضريبي، فقد أكد الاجتهاد القضائي أنه يقبل مقرر اللجنة الوطنية الطعن القضائي قبل تبليغه أمام قاضي الضريبة.
جاء في قرار لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ما يلي :
” حيث إن الدفع بعدم قبول الدعوى لتقديمها خارج الأجل القانوني يبقى مرتبطا بمدى تحقيق تبليغ المدعي( المستأنف عليه) بمحضر اللجنة الوطنية تبليغا قانونيا، وهو ما لم يثبت في نازلة الحال مما يبقى معه هذا الدفع غير منتج لأثره ”.
ويعتبر أجل الطعن القضائي في مقررات لجان الطعن الضريبي آجالا كاملة لا يحتسب فيها اليوم الأول ولا الأخير وفي هذا جاء في تعليلات قرار لمحكمة النقض ما يلي :
” حيث تعيب المستأنفة الحكم المستأنف بخرقه لمقتضيات المادة 41 من القانون 86.24 ذلك أن طعن إدارة الضرائب قدم خارج أجل الستين يوما المنصوص عليه بهذه المادة.
لكن حيث إن إدارة الضرائب توصلت بمقرر اللجنة الوطنية المطعون فيه بتاريخ 18/7/2003 وتقدمت بمقالها الافتتاحي للطعن في المقرر المذكور سجل بتاريخ 17/9/2003 وباعتبار أن الآجال كاملة ولا يحسب فيها يوم التبليغ واليوم الأخير الذي ينتهي فيه الأجل طبقا للفصل 512 من قانون المسطرة المدنية، فإن الطعن يكون مقدما داخل الأجل القانوني والسبب المثار بهذا الخصوص خلاف الواقع”
خلاصة
وحاصل القول بخصوص توجه القضاء الإداري ، بخصوص نقطة بداية احتساب أجل الطعن في المقرر اللجاني والتمييز في ذلك بين الإدارة والملزم، أن مقتضيات المادة 242 من المدونة العامة للضرائب، بشكلها الحالي تمثل فاصلا زمنيا لحقبة تاريخية، أولاها تؤمن بمركزية الدولة، بما تتوفر عليه من وسائل غير مألوفة في القانون الخاص متمثلة في الجبر والإكراه ، وبين متطلبات حماية حقوق الإنسان بما تحمله من فلسفة للتحرر من هيمنة الدولة كسلطة عمومية، والسعي إلى التعامل مع الأمر بآليات القانون خاص، أي التساوي في المراكز القانونية بين الملزم والإدارة الضريبية كما لو تعلق الأمر بالتقاضي بين الخواص.
فحصر حق الطعن في الإدارة الضريبية دون الملزم، وفي حالات معينة ( بت اللجنة في مسائل قانونية)، مرورا بحق الملزم في الطعن بعد صدور الأمر بالتحصيل، عبورا بحق الاختيار بين صدور الأمر بالاستخلاص والتوصل بمقرر إحدى اللجان، وصولا إلى توحيد أجل الطعن في ستين يوما من توصل طرفي الخصومة الضريبية بمقرر إحدى اللجان، كان محركه والفاعل الحقيقي في تطويره، القضاء الإداري الذي بذل كل ما في وسعه بغية التوفيق بين المصلحة العامة والمصالح الخاصة للملزمين والتي باجتماعها تتحقق المصلحة العامة.
المراجع والمصادر
الكتب :
- عمر أزوكار: المساطر الضريبية بين فقه الإدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء، سنة 2016.
- كريم لحرش والسعدية بورايت : شرح القانون الضريبي المغربي : مكتبة الرشاد- سطات طبعة 2022.
- سفيان ادريوش ورشيدة الصابري : تصحيح الأساس الضريبي ، دراسة مقارنة – دراسة تحليلية ونقدية لمقتضيات قوانين الثلاثية الجبائية وفق آخر التعديلات على ضوء الآراء الفقهية واجتهادات المحاكم المغربية والفرنسية، الطبعة الأولى، 2002.
-
محمد قصري : الحماية القضائية للملزم في مجال المنازعات المتعلقة بفرض وتصحيح الوعاء الضريبي، مطبعة جودة ، سنة 2019.
الرسائل
-
هشام الشاوي المرحلة الإدارية لحل المنازعات الجبائية بالمغرب” دراسة مقارنة”رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتتصادية والاجتماعية أكدال.
المجلات والدوريات
- أناس السبتي: إشكاليات أجل الطعن في المادة الضريبية ( الفصل 242 من المدونة نموذجا) مداخلة بمناسبة انعقاد الندوة الوطنية حول موضوع ” الإشكالات القانونية والعملية في المجال الضريبي، دفاتر المجلس الأعلى، عدد : .16
- هشام مليح : قاضي الضريبة بالمغرب، المبررات، المسارات، والرهانات، مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية دار القلم للطباعة،العدد 42 السنة 2011.
- إسماعيل حلاوة : صيرورة القرار الضريبي إفراز لخصوصية العدالة الضريبية من خلال بلورة السياسة الضريبية سلسلة منشورات مختبر السياسات العمومية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية الطبعة الأولى 2012 .
- عبد العلي بنبريك : المنازعات الجبائية على مستوى فرض الضريبة واحتسابها، مقالة منشورة بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة ” مواضيع الساعة” العدد 4 سنة 1996 .
-
محمد باهي: التمييز بين دعوى القضاء الشامل ودعوى الإلغاء في مجال النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للموظفين، تعليق على قرار منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،الطبعة الأولى السنة 2011 العدد 72 وهو عدد خاص.
الأحكام والقرارات القضائية
- حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد: 109/99 في الملف رقم 25/99 الصادر بتاريخ 29/9/99 اشير إليه في سفيان ادريوش ورشيدة الصابري: تصحيح الأساس الضريبي، دراسة مقارنة – دراسة تحليلية ونقدية لمقتضيات قوانين الثلاثية الجبائية وفق آخر التعديلات على ضوء الآراء الفقهية واجتهادات المحاكم المغربية والفرنسية.
- حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 10/90 بتاريخ 1/1/1999 في الملف رقم 143/98 كذلك حكم المحكمة الإدارية بوجدة 29/99 بتاريخ 17/2/1999 في الملف رقم 75/98 كذلك حكم المحكمة الإدارية بفاس حكم عدد 89 ملف رقم : 120/94 بتاريخ 23/10/95 وفي نفس السياق حكمها عدد : 59 في الملف 124/1995 بتاريخ 28/3/1996 .
- المدونة العامة للضرائب المحدثة بموجب المادة 5 من قانون المالية رقم 06.43 السنة المالية 2007 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 632..06.1 بتاريخ 10 ذي الحجة 1427 الموافق ل 31 ديسمبر 2006.
- قرار محكمة النقض عدد 2385 بتاريخ 28/5/2012 ملف عدد: 355/2011/9
- قرار محكمة النقض عدد: 62/1 بتاريخ 16/1/2014 ملف إداري عدد: 1502/4/1/2011 .
- قرار عدد: 62/1 بتاريخ 16/1/2014 ملف إداري عدد: 1502/4/1/2011.
- قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد: 1114 بتاريخ 19/3/2012 ملف عدد: 330/09/9 مذكور في عمر أزوكار : المساطر الضريبية بين فقه الإدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي.
- قرار محكمة النقض عدد: 484/1 المؤرخ في 23/5/2013 ملف إداري عدد: 411/4/1/2011 ذكره ذكره عمر أزوكار: المساطر الضريبية بين فقه الإدارة الضريبية والعمل القضائي المغربي.
- حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 21/7/2010 ملف رقم 380/6/2009.
-
قرار محكمة النقض عدد: 376 بتاريخ 11/4/2013 ملف رقم 380/6/2009 .
القوانين
- القانون رقم 85.30 المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 347.85.1 الصادر في 7 ربيع الآخر 1406( 20 – ديسمبر 1985).
- القانون رقم 24.86 المنشور بالجريدة الرسمية رقم 38732المؤرخ في28 ربيع الأخر 1407 الموافق ل: 31.يناير 1987. الصادر بموجب الظهير الشريف رقم 239.86.1 المحدث بموجبه الضريبة على الشركات.
- ظهير شريف رقم 116.89.1الصادر في 21 من ربيع الآخر 1410 الموافق ل 21 نونبر1989 بتنفيذ القانون رقم 89.17 المحدث بموجبه ضريبة عامة على الدخل.
-
المدونة العامة لضرائب لمحدثة بموجب المادة 5من قانون المالية 43.06للسنة المالية 2007الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.06.232بتاريخ 10ذي الحجة 1427
( 31ديسمبر )2006.