إشكاليات توثيق التصرفـات العقارية ومتطلبات التنمية : قـراءة في قانـون 44.00
إشكاليات توثيق التصرفـات العقارية ومتطلبات
التنمية : قـراءة في قانـون 44.00
ذ.محمد الخضراوي
قاض بالمحكمة الإبتدائية بأبي الجعد
مقدمــة
منذ ليالي التاريخ الأولى، ارتبط الإنسان فردا وجماعة بالأرض وجودا وإعمارا، حياة وفناءا وبعثا، فسعى إليها حائزا أو مالكا أو غاصبا، مبتدعا في كل ذلك قواعد تنظم له استعمالها واستغلالها والتصرف فيها.
وبتطور الحياة وتضارب المصالح ازدادت أهمية العقار سواء كان أرضا عارية أو بناءا متكاملا أو في طور البناء، وأصبح إلى جانب العنصر البشري محور أي مشروع تنموي مما استلزم تدخل التشريعات بفلسفاتها المختلفة لتنظم مجال التعامل فيه حتى يحقق الأهداف المرسومة له.
والمغرب لم يشذ عن كل هذا حيث عرف حركية تشريعية سعت إلى بناء منظومة قانونية[1]ذات أبعاد وتجليات واسعة تشمل كافة القطاعات المؤثرة وكافة المتدخلين في مجال العقار والبناء قصد تحقيق هدفين أساسين :
-تخليق مجال المعاملات العقارية وتطهيره .
-خلق ديناميكية اقتصادية تستند على خفض التكاليف والنفقات وإنعاش السوق العقارية.
فكان قانون 44.00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز[2]إحدى هذه الآليات التي استند عليها المشرع لسد الفراغ القانوني الذي كان يعرفه واقع الممارسة المتميز بشيوع البيوعات على التصميم vente sur plan أو على الحالة المستقبلية لاستكمال البناء en l’état future d’achèvement
وما نتج عنهما من مآسي اجتماعية ومشاكل اقتصادية ونزاعات قضائية يصعب تكييفها وإثباتها وتنفيذ أحكامها.
ولعل القراءة الأولية البسيطة للفصول الأولى من هذا القانون سيتجلى منها أن هاجس التطهير والإصلاح كان راسخا بذهن واضعيه إذ استهلت كلها بصيغة الأمر والوجوب وكأن المشرع يريد أن يعلن منذ البداية أنه لا مجال للتلاعب أو لاستغلال التفاوت الاقتصادي والاحترافي بين طرفي العقد أو سوء استغلال مبادئ قانونية راسخة كسلطان الإرادة وحرية التعاقد
لقد أعلن المشرع هذه المرة[3] بشكل واضح موقفه من خلال استناده على "الكتابة والتوثيق" كخيار استراتيجي قانوني ذا أبعاد ومضامين اقتصادية واجتماعية مهمة.
هذه الكتابة استدعتها ضرورة قيام العقد وانعقاده صحيحا منتجا لآثاره، يترتب عن إغفالها بالشكل والمضمون المحدد قانونا جزاء وحيد هو البطلان[4].
لقد حدد المشرع الجهات المخول لها تحرير هذا العقد واشترط أن تكون هذه الكتابة مضمنة في محرر رسمي أو عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخول لها قانونها تحرير العقود وألزم الأطراف ومحرريه بتوقيع هذا العقد والتأشير على صفحاته والمصادقة على التوقيعات مع تضمين هذا العقد مجموعة إلزامية من البيانات وإرفاقه بمجموعة من الوثائق والتصاميم والشواهد التي تثبت جدية المشروع وشفافية التعاقد وتخول تحقيق التوازن بين طرفي المعاملة وإعطائها أبعادها الاقتصادية والاجتماعية المرجوة.
إذن يبدو أن المشرع راهن على مجموعة من المكنزمات المتمحورة أساسا على "الكتابة" قصد تحقيق الأمن والشفافية والفائدة الاقتصادية والاجتماعية.
لكن وبقراءة متأنية لهذا القانون من خلال فصوله في علاقتها ببعضها أو في علاقتها مع نصوص قانونية أخرى مؤثرة بشكل مباشر أو غير مباشر في العملية التعاقدية المنصبة على عقار في طور الإنجاز، سيتضح أن هذه الأهداف ستصبح صعبة التحقيق وستخلق مشاكل جديدة قد تقوض بنيان وفلسفة هذا القانون من أساسه نظرا عدم وضوح بعض المقتضيات وغموضها وعدم انسجامها مع محيطها القانوني والاقتصادي والاجتماعي وهشاشة الضمانات التي تخولها لطرفي المعاملة وبناءا عليه سيكون تصميم هذه المداخلة على الشكل التالي:
المحور الأول : إشكاليات توثيق بيع العقار في طور الإنجاز بالنظر إلى محرريه
المحور الثاني : هشاشة الضمانات القانونية والمضامين الاقتصادية لعقد بيع عقار في طور الإنجاز
المحــور الأول: إشكاليات توثيق بيع العقار في طور الإنجاز بالنظر إلى محرريه
المطلب الأول : الجهات المكلفة بتوثيق بيع عقار في طور الإنجاز
فقرة أولى : المحــررالرسمـي[5]
تنص الفقرة الأولى من الفصل 3–618 ق.ل.ع على أنه يجب أن يحرر عقد البيع الابتدائي لعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو بموجب عقد ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي الى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود وذلك ثحت طائلة البطلان…….
والمحرر الرسمي طبقا للفصل 418 ق.ل.ع هو الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد وذلك في الشكل الذي يحدده القانون.
وبعيدا عن جميع النقاشات الفقهية والقضائية المثارة حول عبارة الموظفون العموميون[6] وكذا حول البيانات والوقائع المشمولة بالصفة الرسمية[7],فإن المجمع عليه، أن الشخص المأذون له بكتابة المحرر الرسمي الدال انعقادا وإثباتا على عقد بيع العقار في طور الإنجاز هو الموثق "العصري" والعدلان، وهو ما ذهب إليه أيضا مرسوم 7/6/2004 في مادته الأولى وأكده قبل كل هذا العمل القضائي[8].
لكن الإشكال الأول الذي يطرح نفسه هنا هو : هل الموثق "العصري" يجوز له تحرير العقود المنصبة على بيع عقار في طور الانجاز؟
هذا السؤال يجد مرجعيته في كون قانون 44.00يطبق على العقار غير المحفظ!!
إن القانون المنظم لمهنة التوثيق 24/5/1925 أو حتى مشروع القانون الجديد لا يسعفان للقول بذلك ويستثنيان تحرير العقود المتعلقة بالعقار غير المحفظ من اختصاص الموثق الذي لا ينطلق إلا بعد إيداع مطلب لتحفيظ العقار، بالمقابل نجد أن قانون 44.00 بصيغته العامة وكذا المرسوم التطبيقي المشار إليه، أعلاه أعطيا هذا الاختصاص للموثق .
فكيف يتأتى للموثق القيام بتحرير عقد ابتدائي أو نهائي لبيع عقار في طور الإنجاز وهو غير محفظ ويلف وضعيته المادية والقانونية غموض ولبس وانعدام ثبات, في الوقت الذي سيكون فيه هذا الموثق مسؤولا عن مضمون هذا العقد؟
ومن المشاكل التي نجمت أيضا عن انعدام انسجام قانون 44.00معنصوص قانونية أخرى، نجد ما أثارهمرسوم7/6/04 بتمييزه الجديد للمحررات بين عقد محرر ممن هو مؤهل لذلك بنص القانون وهم العدول والموثقون والمحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى وبين عقد يحرره من يدرج إسمه في لائحة المهن القانونية والمنظمة المقبولة لتحرير العقود التي سيتم حصرها بمقتضى قرار وزيري. في حين يميز قانون 44.00 بين محرر رسمي وآخر ثابت التاريخ.
وترتيبا على هذا الخلاف أصبح المحامي المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى وفقا للمرسوم التطبيقي في مصاف محرري الوثيقة الرسمية، وهذا أمر خارج عن المألوف وعما سطره المشرع نفسه، فالمحامي مهما كانت كفاءته أو خبرته فإنه لن يحرر عقدا رسميا لأنها ليست مهنته الأساسية.
هذا التمييز بين محامي مقبول للترافع امام المجلس الاعلى وغيره من المحامين غير المقبولين يبقى غير قائم على أساس منطقي وهو تخصيص بدون وجود مخصص مادامت الوثيقة المحررة من كليهما تبقى وثيقة عرفية ويتم التصديق على توقيعاتها بكتابة الضبط, هذا فضلا عن أن الأقدمية لا تعني بالضرورة الكفاءة.
فقرة ثانية : المحـرر الثابـت التاريـخ :
لقد أجازت مقتضيات قانون44.00وكذا باقي القوانين العقارية الجديدة 18.00/51.00 للمتعاقدين اللجوء إلى غير الموثق أو العدلين لكتابة دليلهما على البيع، لكن هذا الجواز مقيد بأمرين هما : أن يكون الكاتب مهنيا مأذون له، وأن يخضع المحرر للإجراءات التي ثتبت تاريخه .
1– الكاتب المهني المأذون له بصياغة المحرر ثابت التاريخ :
إذا كان المبدا السائد فيما يمكن تسميته بالمحرر العرفي، أنه يسمح لأي كان ولو تمثل في أحد المتعاقدين بكتابة المحرر بشرط توقيع هذا المحرر من قبل المتعاقدين[9] ،فإن قانون 44.00 اشترط في الكاتب أن يكون ممتهنا لمهنة قانونية وأن تكون هذه المهنة يسمح قانونها بكتابة المحررات التعاقدية.
وترتيبا عليه فأول من سيتم إقصاؤه هم شريحة الكتاب العموميون الذين مافتئت عدة أصوات تنادي بمنعهم من تحرير العقود بعلة أنهم أساس المشاكل والنزاعات.
وهذا التوجه وإن كان مبررا وله نصيبه من الصحة في أحد جوانبه لكنه ينطوي على كثير من التجني على هذه الفئة التي لا يمكن في جميع الأحوال تحميلها كامل المسؤولية ولا يمكن أيضا نفي إيجابياتها وارتباطها بالفئات البسيطةوالفقيرة[10] لذا اعتقد أن المشرع كان عليه أن يفتح نوافذه من أجل إعادة تأهيل هذه الفئة وتكوينها التكوين اللازم لتحرير مثل هذه العقود بدلا من حرمانها من موارد عيشها وعيش أسرتها.
كما أن تطبيق مقتضى (المنظمة بقانون يسمح بكتابة المحررات العقدية) المنصوص عليه في الفصل 3-618 ق.ل.ع سيخرج الكثيرين من جنة المقبولين لكتابة المحرر الثابت التاريخ لأن مهنهم وإن كانت منظمة قانونا، إلا أن قوانينها لا تصرح لهم بإمكانية تحرير هذه العقود[11] .
ومن الفئات التي تم إقصاؤها من عملية التحرير والتوثيق طبقا لهذا المقتضى نجد الأطر التابعين للأبناك خصوصا عندما تكون هذه الأخيرة طرفا في العقود الثلاثية الأطراف -والتي تعرف انتشارا واسعا على مستوى الممارسة- هذا ما دفع العديد من الفقه والممارسين إلى المناداة بضرورة إدماج هذه المؤسسات البنكية في لائحة المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود العقارية الجديدة لما في ذلك من خفض للتكلفة المالية للعقد[12].
أما أوضح القوانين التي تصرح بإمكانية التحرير نجد قانون 10/09/1993 كما غير وتمم القانون لمهنة المحاماة، إذ تنص المادة 30 منه على أنه يمكن للمحامي تحرير كل عقد عرفي كيف ما كان نوعه. ومصطلح محامي هنا جاء عاما ليشمل المتمرن والرسمي سواء كان مساعدا أو شريكا وسواء كان مقبولا أم لا للترافع أمام المجلس الاعلى.
لكن الفصل 3–618 كما أشرت سلفا لم يعتمد كل هؤلاء ككتاب مأذون لهم بصياغة المحرر الثابت التاريخ، إلا المقبولين منهم للترافع أمام المجلس الأعلى الأمر الذي أكده أيضا مرسوم 07/06/04 أما المحامون الآخرون وغيرهم من أصحاب المهن القانونية المنظمة بقانون يسمح بتحرير العقود مثل وكلاء الأعمالمثلا[13] فلا زالوا ينتظرون النص التنظيمي الخاص بلائحة مهنهم ويشروط قبولهموالأكيد من خلال قراءة للمعطيات الواقعية أن صدور هذا النص ما زال متعثرا بسبب التجاذبات والصراعات واللوبيات التي تتفاعل في هذا الإطار ذي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية المهمة.
وموضوع تحرير المحامي المقبول للترافع أمام المجلس الأعلى لمثل هذه العقود وتصحيح إمضاءه بكتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي مهامه بدائرتها يثير عدة تساؤلات وإشكاليات وتناقضات وانتقادات:
Ãفأول تساؤل بسيط يتبادر إلى الذهن ويبدو الجواب عليه بديهيا في الوهلة الأولى هو: متى يكتسب المحامي هذه الصفة؟
لقد حددت المادة 34 من قانون المحاماة الأشخاص الذين يكتسبون هذه الصفة[14]لكن هل تضمين إسم المحامي المتوفر على الشروط باللائحة التي تعدها مجالس الهيئات في أكتوبر من كل سنة ورفعها إلى الرئيس الأول للمجلس الأعلى كاف للترافع أمام هذا المجلس وتحرير العقود بدءا من السنة الموالية لسنة الإعداد والتبليغ؟ أم يجب انتظار نشر اللائحة الكاملة المتعلقة بكل هيئة بالجريدة الرسمية؟ ثم من يطلب نشر هذه اللائحة ومن يتحمل مصاريفه أمام سكوت ظهير 93؟[15]
Ãومن التساؤلات التي يثيرها أيضا الفصل 3–618 نجد مسألة الاختصاص المكانيللمحامي. والمبدأ قانونا هو أن المحامي يقيد بجدول هيئة داخل دائرة استئنافية وليس ابتدائية كما جاء في الفصل المذكور أعلاه. فهل المشرع يحاول وضع قيد مكاني على المحامي عند أدائه لهذه المهمة ومن ثم لا يجوز له تجاوزه و إلاعرض نفسه للمساءلة؟ وهل– في حالة الجواب بالإيجاب– يتأثر العقد نفسه في حالة المخالفة لهذا المقتضى أم يبقى صحيحا منتجا لآثاره؟ أم أن الأمر كله مرتبط فقط"تصحيح الإمضاء" ليس إلا وأن اختصاص المحامي عام سواء بالنسبة لمكان تواجد العقار أو تواجد أطراف العقد؟
وهذا بدوره ستتناسل عنه عدة تساؤلات وفرضيات مما يدل على أن هذا المقتضى كان يجب صياغته بشكل سليم وواضح حتى يسهل تطبيقه ولايكون عرضه لتأويلات مختلفة قد يستغلها ذوي النيات السيئة.
ربما لو أن المشرع جعل"تصحيح الإمضاء" (على علاته) من اختصاص رئيس كتابة ضبط محكمة الاستئناف التي يمارس بدائرتها المحامي محرر العقد لكان أكثر انسجاما على الأقل مع قانون 1993
Ãمن المسائل التي تثير حساسية- وهي في نظري حساسية غير مبررة مبدئيا لمجموعة من الاعتبرات الفلسفية والقانونية والتاريخية- وانتقادات من طرف العديد من المحامين نجد مسألة رقابة القضاء على مهنة المحاماة، فقد ظهرت تجلياتها في النقد الذي وجه للفصل 03–618 بخصوص[16]تصحيح إمضاء المحامي بكتابة الضبط معتبرين أن عملية المصادقة يجب أن تكون شأنا داخليا من إختصاص النقابة على غرار تشريعات عربية مقارنة[17]
وقد ذهب البعض من الفقه[18] أكثر من هذا عندما اعتبر مسألة تصحيح الإمضاء لدى رئيس كتابة ضبط المحكمة الابتدائية مخالفة:
-من جهة أولى: للنصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة لمهام كتابة الضبط وتثير عدة إشكاليات وصعوبات، الكل في غنى عنها (محامون/أطراف/ كتابة الضبط)
-من جهة ثانية : لظهير 25/07/1915 ومقتضيات ظهير 12 غشت 1913.
ويتفرع عن هذا المقتضى إشكال آخر اعتبره البعض محتمل التحقق وهو في حالة رفض رئيس كتابة الضبط تصحيح الإمضاء لأي سبب من الأسباب فهل يعتبر هذا القرار إداريا يمكن الطعن فيه؟ وهل يحق له الاطلاع على مضمون هذه الوثيقة وتفحصها ومراقبتها؟ لقد نفى عنه القضاء الفرنسي هذه الإمكانية نظرا لتحمل المحامي مسؤوليته المهنية كمحرر للعقد[19]
Ãوهل يحق للمحامي الذي حرر العقد أن يترافع عن أحدهما ضد الآخر في حالة وقوع نزاع بينهما؟
لقد ذهب بعض الفقه[20] إلى عدم إجازة مثل هذا السلوك وحصر هذه الإمكانية في حالة وحيدة وهي نيابته عن المشتري ضد اتحاد الملاك المشتركين عند ممارسة هذا الأخير حق الأفضلية لكونه لم يكن طرفا في العقد الذي حرره المحامي.
2/ الإجراءات التي يثبت بها تاريخ المحرر المكتوب من قبل المهني المأذون له :
لم يأت قانون 44.00 بمقتضيات خاصة في هذا الباب حيث لا تختلف هذه الإجراءات بخصوص بيع عقار في طور الإنجاز عن غيره من العقود التي يؤطرها جميعا وبشكل مبدئي الفصل 425 ق.ا.ع الذي جعل على رأس هذه الإجراءات: تسجيل المحرر لدى مصلحة الضرائب المكلفة بالتسجيل والإشهاد على صحة الإمضاء أو بتصحيح التوقيعاتوالإمضاءات[21]
Ãالتسجيل بمكتب التسجيل: وهو إجراء إجباري يخضع له المحرر سواء كان رسميا أو عرفيا[22] ويتوقف عليه مخاطبة قاضي التوثيق عندما يقع البيع على عقار غير محفظ[23] وكذا تقييد العقد بالسجل العقاري، ويترتب عليه حسب المادة الأولى I من قانون واجبات التسجيل اكتساب الاتفاقيات العرفية تاريخا ثابتا عن طريق تسجيلها في سجل يدعى سجل الإيداع، كما يضمن حفظ المحررات.
Ãتصحيح الإمضاءات [24] أو الإشهاد على صحة الإمضاء[25]:
يعرف التوقيع (وهو غير الإمضاء) حسب د/الشيلح بأنه أثر يطبع به الشخص المتعاقد هويته في أسفل المحرر (المكتوب) بخط يده للدلالة على العلم بمضمونه وبالتالي لإمضائه (لإجازته) وهو بهذا المعنى هو الذي يكون موضوع الاشهاد بنسبته إلى صاحبه وليس الإمضاء[26].
والتوقيع يمكن أن يتم مرة واحدة في آخر المحرر العرفي، لكن عندما يكون هذا المحرر عبارة عن كتاب لضمه مجموعة من الصفحات المكتوبة كما هو الشأن بالنسبة لعقد بيع عقار في طور الإنجاز فإنه ولتفادي أي نزاع أو طعن يتم توقيع كافة الصفحـات وهو ما اصطلـح عليه المشـرع "التأشير"paraphé الذي يعرف عادة بكتابة الأحرف الأولى للإسم الشخصي والعائلي أو جزء من توقيع المعنيبالأمر[27]
والجديد في قانون 44.00 أن التوقيع والتأشير لم يعد مقصورا على طرفيه وإنما أيضا محرر العقد الذي أصبح ملزما بذلك طبقا للفصل 3–618.
طبيعة المحرر الثابت التاريخ في قانون 44.00؟
لقد أدت بعض المقتضيات الخاصة المنصوص عليها في قانون 44.00 و18.00 و51.00 المرتبطة بالمحرر الثابت التاريخ إلى انقسام آراء الفقه حول طبيعته القانونية خاصة ذلك المحرر من قبل محامي مقبول للترافع أمام المجلس الأعلى كما سبق أن أوضحنا سابقا، فذهب البعض إلى القول بأنه محرر عرفي خالص انطلاقا من المفاهيم المنصوص عليها في ق.ا.ع. والبعض الآخر يستند على مرجعية المصلحة التي تقتضي القول في نظرهم، بأنه محرر رسمي اعتبارا لتدخل الدولة في تحديد الجهات المكلفة بتحريره وتزكيتها لهم[28]
لكن الغالب من الآراء يتجه نحو القول أنه محرر عرفي من نوع خاص.[29]لكن هذا الحل الوسط لا يؤدي بالضرورة إلى حل مشكلة التكييف التي تطرح عدة تساؤلات ذات أبعاد اقتصادية وقانونية منها:
-هل يؤدى الرسم المفروض على العقود التوثيقية بموجب المادة 21 من قانون المالية لسنة 2006 عن المحرر الثابت التاريخ باعتباره محررا رسميا أم يعفى عنه باعتباره محررا عرفيا؟
هل يمكن للمتعاقدين عندما يكونان معا أميين أو أحدهما، اختيار صيغة المحرر ثابت التاريخ أم لابد من تطبيق الفصل 427 من ق.ا.ع؟
من هنا تتجلى الأهمية القصوى لمسألة التكييف هاته التي تبقى أساسا من صميم عمل القضاء الذي تنتظره مهمة شاقة للوصول إلى رأي حاسم أمام ضبابية النص وعدم انسجامه.
المطلب الثاني : خدمة تحرير العقود بين التقييد والإطلاق
يتجاذب مجال التوثيق وتحرير العقود اتجاهان أساسيان وتعرف ساحته شدا وجذبا ومنافسة شرسة تستعمل مبررات قانونية مختلفة للوصول إلى غايات ذات طبيعة اقتصادية:
Ãالاتجاه الأول: ويستند على الضمانات التي تخولها في نظرهم الوثيقة الرسمية والمشاكل التي تخلقها نظيرتها العرفية للقول بضرورة حصر ووضع قيود وضوابط على مجال التوثيق بحيث لا يكون مستباحا من أي كان بل لا بد من توافر الخبرة والكفاءة في المحررين وخضوعهم للرقابة والمسؤولية المهنية لتطهير مجال المعاملات العقارية وإعطاءه المصداقية والشفافية وهي كلها شروط متوافرة حسب أصحاب هذا الاتجاه في العدول والموثقين[30]
ومن هذا المنطلق فهم يساندون التوجه التشريعي الجديد ليس فقط في قانون 44.00 بل أيضا في قانون 51.00 و18.00 وكذا مشروع التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية، الذي يسير نحو اتجاه تكريس مبدأ رسمية العقود في المجال العقاري مع عدم التنكر لبعض الجهات الأخرى التي تتميز بالكفاءة والخبرة .
Ãالاتجاه الثاني: وبالرغم من إقراره بأن التوجه الجديد ينحو نحو إقرار مبدأ الرسمية إلا أنه ينتقد هذا التوجه لعدة أسباب
-من جهة أولى: فإن العالم يتجه نحو التقليص من أدوار الدولة على المستوى الاقتصادي والقانوني، وأن العولمة تسير في اتجاه فرض النموذج الأنكلوساكسوني الذي يعتبر الخدمات سوقا حقيقية خاضعة للعرض والطلب ولقواعد المنافسة بعيدا عن الاحتكار مستدلا بما ذهب إليه المفوض الأروبي المكلف بالمهن الحرة حيث أعد برنامج عمل لإخضاعها للقانون الأروبي للمنافسة داعيا السلطات الوطنية إلى القيام بتقييم اقتصادي للقواعد المنظمة للدخول إلى المهن وشروط تقديمها للخدمات وإزالة العراقيل التشريعية وغيرها التي تحول دون اعتبارها سوقا خاضعة لقواعد المنافسة، ومبشرا بالنتائج الإيجابية لهذا التوجه كما حدث في استراليا حيث بمنعها لاحتكار تحرير العقود العقارية وتمثيل الأطراف أمام القضاء من قبل بعض المهنيين، خفضت تكلفتها بحوالي 12[31].
-ومن جهة ثانية: فإن النصوص القانونية الجديدة ومنها قانون 44.00 لم تأخذ بعين الاعتبار محيطها الاجتماعي والاقتصادي، حيث إن الكليات والجامعات المغربية تخرج سنويا العديد من القانونيين[32] ومن تمة يمكن أن تشكل هذه المهن المكلفة بتحريرالعقود مجالا خصبا لتشغيل حاملي الشهادات وحل جزء من أزمة بطالة خريجي كليات الحقوق وغيرها من خلال وضع بعض الشروط التي تسمح بإدماجهم في سوق العمل وفي نفس الوقت حماية حقوق المتعاقدين.
وفي اعتقادي أرى أن المشرع وإن كان مسكونا بهاجس تطهير وتخليق مجال المعاملات العقارية فإن ذلك لايبرر بأي حل إقصاء مجموعة من الفئات المكلفة بالتحرير وعدم التفكير في مآلهم خصوصا وأنه في سبيل تحقيق هدفه تخطى عدة معطيات قانونية واقتصادية واجتماعية أرى أنها مهمة :
أولا : القول بسمو المحرر الرسمي على العرفي واعتبار الأول هو الحل الشافي لجميع المشاكل التي تسبب فيها الثاني، هو أمر فيه كثير من التجني وعدم الموضوعية لأن الأول لايختلف كثيرا في علاته عن الثاني حيث نقف فيه ايضا على إجمال ما يستوجب التفصيل وإبهام مايقتضي التعيين والتصريح بما هو حشو وإغفال ما يجب أن يضمن في المتن، ومحرره ليس بمنآى عن المسألة والتأديب والمحاكمة احيانا.
ثانيا : التوجه التشريعي الجديد مخالف لقانون 6/99 المتعلق بحرية المنافسة والأسعار، إذ كان على الحكومة طبقا للمادة 16 من هذا القانون أن تستشير مجلس المنافسة، كما أن تحديد الجهات المكلفة بتحرير هذه العقود وتسعيرتها يعتبر مخالفا للمادة 2 التي تؤكد على أن تحديد أسعار الخدمات يتم عن طريق المنافسة الحرة هذا فضلا عن أن هذا النوع من الخدمات غير منصوص عليه في قائمة المنتجات والخدمات المرفقة بمرسوم17/09/2001 المتعلقة بالمادة83 من قانون 99–6.[33]
ثالثـا: فأنا أرى أيضا أن الأولى كان هو الابتعاد عن منطق الإقصاء والاحتكار وفتح مجال تحرير العقود خصوصا أمام خريجي الكليات بعدما يتم التفكير في خلق شعب خاصة بالثوثيق وتدعيم مقتضيات المسؤولية والرقابة والتأمين وترك السوق يفرز الصالح والطالح
رابعا: الإغراق في الرسمية وفي المبادئ التقليدية للثوثيق من شأنه الحرمان من نتائج وميزات ثورة الاتصال إذ لا مجال في قانون 44.00 للحديث عن المحرر الالكتروني والتوقيع الالكتروني على خلاف القوانين المدنية الجديدة في التشريعات المقارنة[34] التي حاولت تعديل نصوصها بما يتلائم مع المتطلبات الجديدة للسرعة واختصار الوقت والمسافات والتكاليف مع ضمان في نفس الوقت الثقة والشفافية.
هذا الاشكال تفرضه البنية الاقتصادية المغربية التي تعتمد في جزء كبير منها على تحويلات الجالية الموجودة بالخارج والتي اتجهت في السنوات الأخيرة إلى الاستثمار في العقار لما لذلك من دلالات مالية واجتماعية وثقافية لكن الأمر لا يكون دائما إيجابيا فساحات المحاكم لا تخلو من قضايا كان ضحيتها أحد أفراد الجالية الذين يفوضون عادة أحد أقاربهم لتدبير شؤونهم المالية والعقارية ليفاجؤوا بعد ذلك بعملية نصب واحتيال.
ومن ثمة يكون من الأفضل لهم مباشرة تعاقداتهم بصفة شخصية ولو عن بعد من خلال استعمال الأنترنيت والفاكس وغيرها من الأدوات التقنية الحديثة التي لم تجد لها مكانا لحد الآن في التشريع المغربيبشكل واضح وصريح.
المحور الثاني : هشاشة الضمانات القانونية والمضامـــــــــــــين
الاقتصادية لعقد بيع عقار في طور الإنجاز
المطلب الأول : على مستوى الضمانات القانونية
فقــرة أولى : محدودية حماية رضى المشتري
غير خاف أن الوضع السابق لصدور قانون 44.00 جعل الكثيرين يقعون ضحية عمليات نصب نتيجة عدم وجود نصوص تحميهم وتضمن حقوقهم.
ولذلك فقد خطى المشرع خطوة هامة نحو تخليق المعاملات العقارية من خلال إلزامه للبائع بتضمين عدة بيانات تقنية خاصة بالشيء المبيع وتحديد الثمن وآجال التسليم وغيرها من البيانات المنصوص عليها في الفصل 618–3 ق.ا.ع بصلب العقد الذي تحرره جهات محددة وفق شكليات معينة بعدما يتم إرفاق هذا العقد بترسنة من الوثائق إلا أن المشرع لم يصل رغم كل هذا إلى التوسع الذي وصل إليه مثلا المشرع الفرنسي أو الكبيكي في تحديد البيانات الأساسية المتعلقة بحالة البناء أو صلابته أو نوعيته.[35]
هذا التوسع في البيانات يعد من صميم النظرية الحديثة لحماية الرضى التي تتجلى بالخصوص في حق المشتري في الإعلام وحقه في الحصول على البيانات التعاقدية وهي أمور نصت عليها التشريعات المقارنة بشكل صريح[36]
لقد أضحت العلاقات التعاقدية اليوم، في ظل المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية علاقات غير متوازنة بحكم وجود طرف قوي محترف يملي شروط العقد على طرف ضعيف يفتقر إلى القدرة والكفاءة مما يفرض التدخل لحماية رضى هذا الأخير ومن ثمة فإن المفاهيم التقليدية لعيوب الرضى تبقى وحدها غير كافية لتحقيق أهداف المشرع في إنتاج عقد واستمراره في ظروف متوازنة وعادلة كما أنها لا تسعف المشتري في الاستفادة من محل سكني أوتجاري أتعبه الزمن في البحث عنه والتفاوض بشأنه مع ما يترتب على ذلك من إجراءات مكلفة ماديا ومعنويا خصوصا وأنه يجب أن نستحضر بعض المعطيات الواقعية المؤثرة :
*الملف التقني والتصاميم ودفتر التحملات وغيرها من الوثائق المنصوص عليها قانونا يصعب قراءتها وفك رموزها واستيعابها في بعض الأحيان حتى على المهنيين والمختصين فما بالنا بأشخاص عاديين سواء منهم المتمدرسين أو الأميين (وهم الكثر).
*ظروف التعاقد خصوصا مع المقاولات والمؤسسات الكبرى تتم تحت وطأة تأثيرات مختلفة لإعلانات وصور وملحقات جميلة وكبيرة وشقة نموذجية تامة الصنع ومفروشة على أحدث طراز وأجمل ذوق ومئات الوعود من طرف أشخاص اختصاصيين في المبيعات ليجد المشتري نفسه منبهرا بالجنة الصغيرة ومطالبا بالإسراع الى تحقيق حلمه وعدم تفويت هذه الفرصة فيوقع على عقد لم يطلع في الغالب الأعم على بنوده وشروطه أو مرفقاته.
لذا أرى أنه كان من اللازم أولا الانفتاح على المفاهيم الجديدة لنظرية حماية الرضى وثانيا إعطاء فرصة للتروي لفائدة المشتري تمكنه من التراجع عن عقده داخل أجل محدد [37].
ومن الضمانات التي تحمي رضى المشتري والتي أغفلها المشرع ولم يدمجها في منظومته هي عدم منعه لبعض الأشخاص الذين يشكلون خطرا على هذه المؤسسة التعاقدية من إبرام هذا العقد أو التدخل فيه بواسطة، كما فعل المشرع الفرنسي مثلا في قانون 3/1/67 حين منع في مادته 15 الأشخاص الذين صدرت ضدهم أحكام في جرائم السرقة والنصب وإصدار شيكات بدون رصيد والأشخاص الذين يمنع عليهم ممارسة نشاط تجاري طبقا لقانون 30/08/74 أن يباشروا بصفة معتادة لحسابهم او لحساب الغير أية عملية من عمليات بيع عقار في طور الانجاز.
فمن شأن تدبير مثل هذا تطهير مجال البناء من المحتالين وإعطاء مزيد من الثقة في عملية التوثيق، كما أن القضاء المغربي يمكنه تبني المفاهيم الجديدة لعيوب الرضى قصد توفير كافة الضمانات للمتعاقدين على غرار ما قام به القضاء في فرنسا مثلا [38].
الفقرة الثانية : ضعف الضمانات
1-/بالنسبة"للضمانة البنكية أو أية ضمانة أخرى مماثلة"
لقد ألزم المشرع سواء في الفصل 618–3 أو 618–9 البائع بأن يقيم لفائدة المشتري ضمانة بنكية أو أية ضمانة أخرى مماثلة وعند الاقتضاء تامينا[39]وذلك لتمكينه من استرجاع الأقساط المؤداة في حالة عدم تطبيق العقد.
هذه الضمانات التي تبدو في قراءة أولية أنها ستطرح عدة إشكاليات وتساؤلات منها:
*ما معنى"في حالة عدم تطبيق العقد"؟ إن هذه العبارة التشريعية تحمل مضامين متعددة ومنفتحة على تأويلات مختلفة مما تحتاج معه إلى تدقيق وتحديد أكبر لسد الباب أمام ذوي النيات السيئة الذين يتصيدون مثل هذا الغموض للتملص من مسؤولياتهم والتزاماتهم الشيء الذي سيفقد هذه المؤسسة القانونية كل فاعلية وأثر.
*وماذا يقصد المشرع ب"أو أية ضمانة أخرىمماثلة"؟ هل يعني بذلك مماثلة للضمانة البنكية على مستوى الطبيعة القانونية؟ أم يقصد بها أية ضمانة تحقق نفس الغرض الذي ستحققه مبدئيا الضمانة البنكية ألا وهو تمكين المشتري من استرجاع الأقساط المؤداة؟
إن تبني الطرح الأول سوف يحرم المشتري من العديد من الكفالات والضمانات مثل الرهون الرسمية والحيازية والكفالات المقدمة من قبل أحد المساهمين في الشركة البائعة وغيرها.
لذا أن الصياغة التي تبناها المشرع يمكن الاستعاضة عنها بأخرى تخول الانفتاح أمام كافة الضمانات كيفما كانت طبيعتها مادامت سوف تحقق نفس الهدف المنشود كالتنصيص مثلا على حق الامتياز بالنسبة للمشتري[40]
*المجال الحمائي لهذه الضمانات يبقى محدودا جدا، فالمشرع لم يلزم بها البائع قصد ضمان استكمال البناء والالتزام بالمواصفات المضمنة بالعقد أو بدفتر التحملات[41]، أو ضمان نقل ملكية الشيء المبيع وإنما فقط استرجاع أقساط الثمن المدفوعة من طرفه.
إذن لا يوجد ما يلزم البائع بقانون 44.00 بإتمام الأشغال خصوصا وانه يحتفظ بكل صلاحياته باعتباره صاحب مشروع إلى غاية انتهاء الأشغال "618–1" رغم ما قد يطال هذه العملية من عوائق ذات أسباب مختلفة تحول دون إتمام هذه الاشغال[42]
هذا فضلا عن أن هذا الضمان لا يطال التعويضات والجزاءات المنصوص عليها في هذا القانون لفائدة المشتري مما يدل على محدوديته. إن المشتري لا يتعاقد من خلال مراحل وإجراءات طويلة ومكلفة لكي يحصل في الأخير على الأقساط التي سبق أن أداها للبائع وإنما هدفه الحصول على محل سكني أو تجاري أو صناعي…
*لقد اعتبر العديد من الممارسين[43] الضمانة البنكية وغيرها من الضمانات المنصوص عليها في الفصل618–9، كلفة مادية وعبئا إضافيا سوف يثقل كاهل المقاول الذي يكون أصلا مطالبا بتمويل شراء الأرض وأشغال الأساسات والطابق الأرضي فضلا عن الكم الكبير من الوثائق الإدارية والهندسية. هذه الكلفة التي سترتفع حتما عندما ينصب المشروع على عقار غير محفظ حيث إن البنك أو شركة التأمين إذا ما استجابا لطلب المقاول سوف يرفعان من قيمة الأقساط والفوائد مقابل هذه الخدمة وهي كلها أمور من شأنها رفع التكلفة.
وتجدر الإشارة إلى أن ضمانات الإرجاع هاته تطبق بشكل قليل في فرنسا لعدم إقبال الأطراف عليها لمخاطرها الكبيرة التي يصعب تقديرها بالنسبة للأبناك وشركات التأمين ولتكلفتها العالية وطول إجراءاتها المسطرية بالنسبة للمقاولين. هذه المخاطر والتكاليف التي ترتفع مع تزايد كبر المشروع والأقساط المؤداة.
*هل هذه الضمانات على علاتها يخضع لها الجميع؟ إن قراءة الفصل 618–9 لوحده تقول بعمومية النص التي تجعل جميع البائعين بتوفيرها لكن مقتضيات الفصل 618–11 بعده جاءت لاستثناء المؤسسات العمومية والشركات التي يعود مجموع رأسمالها للدولة أو لأي شخص معنوي آخر خاضع للقانون العام من توفير هذه الضمانات. ويبدو أن المشرع اعتبر صفة هذه المؤسسات أكبر ضمانة للمشتري تغنيه عن باقي الضمانات.
هذا التوجه الذي يبدو منطقيا ومستساغا للوهلة الأولى لكنه باعتقادي غيب عدة معطيات :
أولها قانوني محض: ذلك أن حرية المنافسة ومقتضيات الاقتصاد الليبرالي تفرض المساواة بين كافة المتدخلين مهما كانت صفتهم في سوق واحدة بخصوص معاملاتهم التجارية سواء تعلق الأمر بالتكاليف المباشرة أو غير المباشرة، وهو أمر مفتقد في قانون 44–00 الذي خول معاملة تفضيلية لهذه المؤسسات ذات الطابع العمومي وخرق قانون حرية المنافسة
ثانيها واقعي: وهو أن هذه المؤسسات التي تفترض ملاءة ذمتها وقدرتها على تنفيذ التزاماتها، أصبحت ملفاتها بدورها أمام القضاء حيث أصبحت ساحات المحاكم لا تخلو من قضية متورط فيها مسؤول بمؤسسة عمومية أو شبه عمومية كانت إلى وقت قريب غير مشكوك في حسن تسييرها أو مصداقيتها
ولعل استفحال ظاهرة امتناع هذه المؤسسات عن تنفيذ التزاماتها والأحكام الصادرة ضدها هو ما دفع الفقه والقضاء الإداريين إلى ابتداع حلول قانونية جديدة كالحجز على أموال الدولة وتحديد الغرامة التهديدية في مواجهتها قصد إجبارها على التنفيذ وهي أمور كانت مستبعدة جدا قانونا وممارسة.
هذه كلها ملاحظات وتساؤلات من شأنها عدم طمأنة المشتري إلى حين تسلمه مفاتيح المحل مع توفر كافة المواصفات المتعاقد بشأنها.
2-/بالنسبة لضمانتي التأمين والتقييد الاحتياطي
-أ/بالنسبة للتأمين
يبدو أن واضعي قانون44–00كانوا مترددين بين الرغبة في التطهير وتخليق مجال البناء وبين ضغط واقع اقتصادي وبنيوي معقد, فتبنى على خلاف تشريعات عربية وأروبية[44]مبدأ اختيارية التأمين على المسؤولية رغم أن واقع البناء للمغرب مليء بالمآسي الدرامية (العمارة المنهارة بشارع الزرقطوني بمراكش بتاريخ 16/02/1987 قضية المركب التجاري المسمى المغرب العربي الكبير بالناظور…) سواء في قطاع البناء الهامشي أو حتى المهيكل[45]
إن الخيار الذي تبناه المشرع في الفصل 9 –618 جاء في نظري محتشما وقاصرا وغير مواكب للإطار الاقتصادي والاجتماعي والقانوني الداخلي والخارجي حيث إن الاكتفاء بتأمين اختياري (عند الاقتضاء) وبخصوص أقساط الثمن فقط لا غير ليس من شأنه إعطاء الضمانات الكافية للمشتري الذي يرغب أساسا في استمرار المشروع وانتهاءه بنتيجة إيجابية وهي الحصول على محله بالمواصفات المتفق عليها. هذا الاستمرار الذي قد تعترضه عدة عوائق منها إفلاس البائع أو سجنه أو فراره أو موته أو التحجير عليه أو مماطلته أو غشه أو أسباب أخرى خارجة عن إرادته وهي كلها أمور أثبتت الممارسة العملية عبر السنين وقوعها مما يكون معه طلب الحصول على تأمين إجباري وتوسيع مجاله ونطاقه أمرا ملحا لا يقبل الالتفات عليه مهما كانت المبررات
-ب/ بالنسبة للتقييد الاحتياطي :
لقد خول المشرع بمقتضى الفصل10–618 للمشتري إمكانية تقديم طلب إجراء تقييد احتياطي لعقده الابتدائي وذلك للحفاظ مؤقتا على حقوقه. هذه المكنة أو الضمانة تبقى في نظري قاصرة ومحدودة وتطرح بدورها عدة تساؤلات منها :
*هل مشتري عقار غير محفظ أو حتى في طور التحفيظ يمكنه الاستفادة من ضمانات أخرى كالتعرض مثلا أو الحراسة القضائية؟ [46]
إن تخويل مشتري العقار المحفظ لوحده هذه الميزة هو انعكاس للازدواجية التي يعرفها النظام العقاري بالمغرب والتي تعيق مسألة التنمية.
*هل الحالة المنصوص عليها في الفصل 10–618 تعد حالة جديدة تضاف إلى حالات التقييد الاحتياطي المنصوص عليها في القوانين العقارية السابقة يمكن للمشتري استعمالها كلها دون استثناء؟ أم أنها تبقى هي الحالة الوحيدة المخولة له في إطار قانون 44–00 ولا يمكنه مثلا إجراء تقييد احتياطي بناءا على مقال الدعوى أو أمر رئاسي؟
*ثم كيف يمكن تصور حصول المشتري على موافقة البائع كما يشترط ذلك الفصل أعلاه وهو يعلم الآثار المالية والاقتصادية الخطيرة لهذا التقييد على الصك العقاري الأم والمخاوف التي يثيرها، إذ ينبئ بوجود نزاع أو مشاكل مما قد يؤدي إلى عرقلة حرية تصرف المالك في العقار وفي الحصول على قروض أو تأمينات ؟
*ألا يشكل هذا المقتضى مخالفة للتشريع المطبق على العقارات المحفظة ما دام أن هذا التقييد الاحتياطي وضع لضمان حق شخصي وهو التزام البائع بإتمام البناء داخل الآجال وهو ليس من الحقوق المدرجة ضمن اللائحة المسموح تقييدها؟ أم يجب اعتبار هذا الفصل مقتضى خاص واجب التطبيق من قبل المحافظين دون أي تحفظ؟
إن بعض هذه الإشكالات دفعت بعضا من الفقه والممارسين إلى القول بأن هذا الفصل 618–10 ولد ميتا ولا جدوى منه خصوصا وأنه لا يحل المشكل الأساسي في قانون 44–00 ألا وهو ضمان إتمام البناء وإنجاز العقد النهائي من قبل المقاول/البائع[47].
المطلـب الثُانـي : على مستوى المضامين الاقتصادية
فقرة أولى : مسألة التكلفة المالية لقيام العقد :
يعيب العديد من الفاعلين في مجال العقار على القانون الجديد عدم أخده بعين الاعتبار الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يرزح تحتها الجميع، مقاولات وأفراد، فأضاف أعباءا مالية جديدة وعراقيل من شأنها تأخير إنجاز العقد, ويمكن رصدها في النقط التالية :
*تحديد الأشخاص الموكل لهم تحرير العقد، والاتجاه نحو الرسمية سيؤدي حتما إلى رفع ثمن تكلفة إنجاز هذا العقد خصوصا أمام الارتفاع النسبي لأجور وأتعاب العدول والموثقين[48]. هذا الارتفاع سيقع على عاتق المشتري لوحده الذي يتحمل أصلا أعباءا أخرى.
ومن هنا فقد انطلقت بعض الأصوات للمطالبة بفتح الباب أمام بعض الأبناك مثل مجموعة البنك الشعبي أو القرض العقاري والسياحي (CIH) التى تكون طرفا في عقود ثلاثية، لتصبح ضمن المؤهلين لتحرير مثل هذه العقود[49].
ومن جهتهم نادى بعض الموثقين بضرورة حذف الرسم التوثيقي أو خفضه أو إلزام باقي المهنيين به حتى تكون هناك فرصا متساوية للمنافسة[50].
*عندما يتعلق الأمر بمشروع بناء مجموعات سكنية تضم مئات أو آلاف الشقق والمحلات، فإن تطبيق مقتضيات الفصلين الفصل 3–618 و 4–618 يصبح صعبا إذا لم نقل مستحيلا على المستوى اللوجستيكي والمادي حيث يجب توفير آلاف النسخ، بعدد الشقق والمحلات، من دفتر التحملات والتصاميم الهندسية وغيرها من الوثائق الواجب إرفاقها بالعقد وهذا من شأنه رفع التكلفة بالنسبة للمشتري. وكان الأولى في مثل هذه الحالات الاكتفاء بوضعها-الوثائق-لدى محرر العقد سواء كان عدلا أو موثقا أو غيرهما وتخويل المشتري حق الاطلاع عليها.
كما يعيب المختصون في مجال المال والضرائب وجود بعض الجوانب الغامضة والمتناقضة التي تثيرها مؤسسة العقد الابتدائي المنظمة في قانون 00–44 منها مثلا :[51]
-هل العقد الابتدائي سيخضع لرسوم التسجيل الثابت أم الواجب التسجيل النسبي المقدر في 5%؟
الآراء هنا متناقضة وتدخل المشرع لإيضاح المسألة يبقى مطلوبا ومحبذا.
-كيف سيتم تطبيق القواعد الضريبية والمحسباتية سواء في ما يخص الأقساط التي يؤديها المشتري على مراحل أو في ما يخص الحالة التي يتخلى فيها المشتري عن حقوقه لفائدة الغير طبقا للفصل 13–618؟
فقرة ثانية : إشكالية التمويل :
من الأهداف المعلنة لهذا القانون وغير المنازع حولها بين كافة المهتمين هو تخويل المشروع العقاري تمويلا ذاتيا بعيدا عن القروض البنكية وخفض تكلفة البناء وعدم حجز أموال مهمة دفعة واحدة لإنجاز البناء في حين يكون بإمكان المقاول/البائع الحصول على دفعات مالية متوالية تمول له مشروعه بشكل سلس.
هذه الأهداف -التي تتقاسمها المشاريع الكبرى والصغرى على السواء[52]لا تخفى أهميتها ولا تحتاج إلى التدليل حيث أن 85% من البيوع في فرنسا مثلا تتم بواسطة VEFA وأن 15% تعتمد على أموالها الخاصة[53].
لكن هل البناء القانوني لنص 44.00 استطاع إيجاد حل للوصول إلى هذا الهدف مع مزاوجته بهدف تحقيق التوازن بين طرفي العقد وتخليق مجال البناء العقاري؟
يبدو من خلال تفحصي آراء مختلف الفرقاء (مقاولون/بنكيون/موثقون/فقه… ) أن هناك عدة عوائق وتناقضات تجعل هذا الهدف بعيد المنال نحصر بعضها كما يلي :
1-مسألة تقييد إنجاز العقد الابتدائي بوجود أساسات بناء الطابق الأرضي:
إن عم تخويل المقاول/البائع بدء عملية البيع والتسويق مع انطلاق مشروع البناء أو حتى قبله عند اقتناء الأرض، وإلزامه بإنتظار الإنتهاء من أشغال الأساسات وبناء الطابق الأرضي من شأنه :
-من جهة أولى: إفقاد العقد الإبتدائي دوره كوسيلة قبلية مهمة لإختبار عملية التسويق
-من جهة ثانية: فإن إقتناء الأرض في السوق العقارية الوطنية وإنجاز الأشغال الأساسية وبناء الطابق الأرضي خصوصا عندما يتعلق الأمر بمشروع كبير بمميزات متوسطة أو عالية الجودة يستنفذ حسب بعض الإحصائيات الاقتصادية ما يناهز 50% من قيمة المشروع. وهذا يعني أنها تتم بأموال خاصة بالمقاول (Fonds Propre).
هذا المعطى لا يشجع على الإستثمار الأجنبي في العقار خصوصا وأن هذه التكاليف في دول أخرى لا تتجاوز 20%[54].
-ومن جهة ثالثة: يتطلب من الناحية التقنية في المشاريع الكبرى إيجاد معدات كثيرة وممرات ملائمة لمرورها حتى يمكن إنجاز في آن واحد كافة الأساسات والطوابق الأرضية ليتم بعدها بدء عملية البيع ومن ثمة الحصول على التمويل. إذن الأمر يشكل عائقا أمام المقاولات التي تكون مرتبطة مع الدولة باتفاقيات وآجال[55]
2-مسألة إدماج العقار غير المحفظ في بنية هذا القانون: وهي تثير بالإضافة إلى المشاكل القانونية[56] مشاكل أخرى ذات طبيعة اقتصادية تؤثر على فكرة التمويل الذاتي للمشروع وهي كالآتي :
*المرسوم الملكي المؤرخ في 17/12/1968 المتعلق بالقرض العقاري لا يسمح في فصله 9 للأبناك ومؤسسات القرض بمنح قروض إلا إذا كان العقار محفظا أوفي طور التحفيظ.
فكيف سيحصل المستثمر أو المقاول على تمويل لمشروعه أو كفالة بنكية أو حتى تأمين؟
وهذا الأخير(أي التأمين)ألن تكون أقساطه مرتفعة في حال قبول شركة التأمين بالمجازفة وتأمين مثل هذا النوع من العمليات التي ستنصب على عقار غير محفظ تسري في كافة الأذهان -بشكل مبالغ فيه في بعض الأحيان- إنه غير مأمون ويتميز بوضعية غير واضحة ماديا وقانونيا؟
*المشتري بدوره سيعاني من استحالة الحصول على قرض بنكي لأن الأبناك تشترط إجراء رهن رسمي من الدرجة الأولى يسجل بالصك العقاري إذا كان العقار محفظا أو إجراء وعد بالرهن إذا كان في طور التحفيظ، وهي أمور متعذرة عندما تتعلق العملية بعقار غير محفظ.
3-مسألة الطبيعة المبهمة للعقد : إنه بغض النظر عن الملاحظات المثارة حول سبب إدماج هذا القانون في ق.ا.ع وهل يشكل فعلا تطبيقا من تطبيقات بيع السلم أم لا؟ ولماذا منح من ناحية التقنية التشريعية أرقاما متصلة بالفصل618 رغم عدم وجود أية علاقة بين هذا الفصل وقانون44.00؟ [57] فإننا نركز بالخصوص على التناقض الحاصل بين عنوان النص العربي وهو"بيع العقارات في طورالإنجاز" وذلك المضمن بالنص الفرنسي vente en l’état future d’achevement إذ أن هذا الأخير يفترض حسب التجربة الفرنسية أن الملكية تنتقل بشكل تدريجي ومتوالي مع توالي الأداءات والأشغال، لكن النص المغربي في مضمونه جاء واضحا صريحا بأن الملكية لا تنتقل إلا بعد إبرام العقد النهائي أو صدور الحكم النهائي القاضي بذلك وتقييده بالصك العقاري.
فنحن في الحقيقة أمام بيع لأجل دون الإستفادة من مميزات هذا الأخير التي تخول على الأقل نقل الملكية بأثر رجعي. هذا المقتضى الخطير يرتب أن المشتري بمقتضى عقد ابتدائي لا يعد مالكا أو حائزا للشيء المبيع ومن ثمة فإن مسألة القروض تبقى بعيدة المنال عنه لأن الأبناك كما أشرنا سلفا لن تستطيع تقييد أي رهن لفائدتها خاصة أن الفصل 177 من ظهير02/06/1915 كان واضحا في أن الأموال المستقبلية لا يمكن أن تكون موضوع رهن.
4-إشكالية تخلي المشتري عن حقوقه طبقا للفصل 618–13 ق.أ.ع : وتظهر بالخصوص في مشاريع السكن الاجتماعي التي تخول لنوعية معينة من المستفيدين الحصول على شقق للسكن بعدما تتأكد الأبناك بتوافر مجموعة من الشروط، فيقوم هذا المستفيد بالتخلي عن حقوقه للغير الذي قد لا تتوافر فيه الضمانات لتأمين تمويل عملية التعاقد. لهذا فقد اقترح البعض من الفقه والمهنيين أن يكون هذا التخلي مشروطا بإدلاء المتخلى له بما يفيد توفره على ضمانات تخوله أداء أقساط الثمن أو التنصيص على أن المتخلي يبقى ملتزما بالتضامن مع المتخلى له لفائدة البائع.
هذا فضلا عما يفتحه هذا الفصل من باب للمضاربة العقارية حيث يصبح مطية للمضاربين الذين يشوشون على البرامج السكنية خصوصا ذات الطابع الاجتماعي.
خاتمة
إذا كان المشرع قد ارتكز في مقاربته الإصلاحية لمجال حيوي -كالعقود المنصبة على بناء في طور الإنجاز- على "الكتابة" كمؤسسة قانونية متكاملة شكلا ومضمونا إلا أنه لم يواكبها بنصوص جديدة تصلح المؤسسات القانونية الأخرى التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة، والتي من شأنها عرقلة هذا البناء القانوني والحيلولة دون تحقيق الأهداف المرسومة.
ودون إغراق في التشاؤم أو الإفراط في التفاؤل يبقى قانون 44.00 محاولة تشريعية جديرة بالتنويه وطفرة قانونية مهمة من شأنها وضع القطيعة مع بعض الممارسات السائدة في المعاملات العقارية شريطة دعمها بمجموعة من التدابير أوجز بعضها كالآتي :
1-/إصلاح منظومة التوثيق وتجديدها مع الانفتاح على المحرر العرفي بشروط.
2-/إدخال بعض النظريات الحديثة المتعلقة بحماية الرضى والنص عليها صراحة.
3-/إدخال بعض التعديلات على قواعد الإثبات بشكل يجعلها قادرة على استيعاب المؤسسات والمفاهيم الحديثة للكتابة والتوقيع والمحرر
4-/منع الأشخاص المحكوم عليهم من أجل جرائم الأموال من إبرام مثل هذه العقود
5-/منح المشتري حق التروي والتراجع داخل أجل محدد من تاريخ إبرام العقد الابتدائي
6-/النص على إجبارية التأمين في مجال البناء وتمديد نطاقه وكذا الكفالة البنكية ليشملا حتى التعويض عن الأضرار الناتجة عن التأخير والامتناع عن تنفيذ المشروع
7-/تيسير إجراءات التحفيظ وتخفيض كلفتها المالية والزمنية قصد تشجيع الإقبال عليها وتوفير وعاء عقاري مهم، مع منع إبرام عقود قانون 44.00 على عقارات غير محفظة والاقتصار إن اقتضى الحال على العقارات التي في طور التحفيظ وانتهى أجل التعرضات بخصوصها.
وفي انتظار كل هذا يبقى دور القضاء حيويا في تفعيل مقتضيات هذا القانون الجديد وإعطائه الأبعاد المرجوة على غرار ما فعل القضاء الفرنسي بشقيه المدني والإداري حيث وسع في مجال الحماية والضمانات من خلال قرارات تتبنى المفاهيم التي تذهب في اتجاه منح الثقة للمشتري دون إضرار بالبائع[58].
[1] وقد أصدر المشرع بموازاة مع قانون 44.00 كل من قانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار وقانون 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة وقانون 16.04 المتعلق بخطة العدالة وهو منكب على مشروع قانون يتعلق بالتوثيق وآخر بمدونة الحقوق العينية هذا فضلا عن مجموعة من القوانين المرتبطة بشكل أو بآخر بالبناء والعقار للاطلاع على كل هذا انظر الموقع الإلكتروني www. ARMETIS.ma. أو www.MHU.ma
[2] صدر بالجريدة الرسمية عدد 5054 بتاريخ 07/11/2002 ظهير شريف 309.02.1 بتاريخ 03/10/2002. مع الإشارة إلى الاختلافات والأخطاء اللغوية التي شابت النصين العربي والفرنسي لهذا القانون.
[3]لقد أثار من قبل الفصل 489 ق.ل.ع تأويلات قضائية وفقهية مختلفة مما أثر على مجال حيوي وهو بيع العقار للمزيد من الاطلاع انظر مثلا: محمد الكشبور. بيع العقار بين الرضائية والشكلية مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 1997
[4] لقد أثار جزاء البطلان المنصوص عليه في الفصل 618-3 ق.ل.ع العديد من التساؤلات حول طبيعته والإشكاليات التي سوف يثير على المستوى القانوني والواقعي انظر أشغال الندوة الوطنية المنظمة بمراكش تحت عنوان توثيق التصرفات العقارية يومي 11 و12 فبراير 2005.
[5] مصطلح رسمي: ترجمة AUTHENTIQUE هو مصطلح إغريقي يعني المتحرك من تلقاء نفسه وفي اللغة الفرنسية يعني ما هو حقيقي ويمكن القول أن مقابله في اللغة العربية هو مصطلح أصيل انظر مداخلة محمد الشيخ (قراءة ميتودولوجية لصيغةالكراء المفضي الى التملك الربع المبني لغرض السكنى في ضوء القانون رقم 51.00) ألقيت بالندوة العلمية التي نظمها مركزالدراسات القانونية المدنية العقارية بكلية الحقوق بمراكش يومي 11و12 فبراير2005 تحت عنوان "توثيق التصرفات العقارية" والتي صدر بشأنها مؤلف جماعي…….2005.
[6] أنظر مداخلة :ذ محمد هومير:( رسمية المحررات الثو ثيقية الواقع والآفاق) ألقيت بالندوة الوطنية حول ثوثيق التصرفات العقارية. المشار اليها بالمرجع أعلاه.ص 50.
[7] ذ محمد هومير م .س .ص 58 ومايليها .
[8] جاء في قرار للمجلس الأعلى عدد 1874……..الورقة التي يحررها الموثق تعتبر حصة رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور منشور لمجلة المحامي عدد 29 سنة 1996 صفحة 359 حول حجية الشهادة العدلية الصحيحة أقر المجلس الاعلى في قراره عدد 522 لتاريخ 25/7/1982 ما يلي:(…. يعتبر الرسم العدلي من الأوراق الرسمية استنادا إلى الفصل 418 من ق.ا.ع مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31 سنة 1983 صفحة 54.
[9]خلافا لهذا الرأي يذهب ذ/ عبد الكريم الطالب إلى أن التوقيع ليس بيانا إلزاميا وضروريا في كل الوثائق العرفية استنادا الى الفصل 426 ق.ا.ع الذي اعتبره يميز بين الوثيقة العرفية المكتوبة بخط يد الملتزم ولا تحتاج الى توقيع وبين تلك التي كتبت بخط غير الملتزم بها ويتعين في هذه الحالة توقيعها. للمزيد من الاطلاع انظر مداخلته المعنونة "بتوثيق الإيجار المفضي إلى تملكالعقار" منشورة بالمؤلف الجماعي توثيق التصرفات العقارية م. س.ص 154.
[10] محمد بونبات بيع العقار بين حرية اختيار المحرر إلى تقييد هذا الاختيار.ندوة توثيق التصرفات العقارية.م.س ص106.
[11] الدكتور محمد الشيلح م.س.ص132.
[12]Voir : Le nouveau droit de la VEFA point de vue du prometteur Wali Allal Abd Errazak actes de la rencontre nationale organisée à Rabat.25/03/2003publication du CMEJ.page 118
[13]حددت المادة 1 من ظهير 12/01/1945 هذه المهن في : وكيل الأعمال، المستشار القانوني، المستشار الجبائي، الخبير المحاسبي، مراقب الحسابات، الخبير في الشؤون العقارية، المهندس الطبوغرافي.
[14]حصرتهم هذه المادة في : 1-المحامون المقيدون في الجدول منذ 10 سنوات كاملة على الأقل/المحامون الذين تم قبول تسجيلهم في الجدول بعد تقاعدهم واستقالتهم وكانوا مستشارين بصفة نظامية في المجلس الأعلى 3/قدماء أساتذة التعليم العالي المعفيين من شهادة الأهلية المنصوص عليها في المقطع الرابع من المادة 5، من التمرين.
15 انظر بحث الأستاذ بلهاشمي تسولي: مدى استجابة القوانين المتعلقة ببيع العقار في طور الإنجاز والملكية المشتركة والإيجار المفضي إلى تمك العقار لتوسيع مجال عمل المحامي منشور مجلة المعيار ع 35.ص 119.
[16]بلهاشمي تسولي: م.س.ص 108 وما يليها
[17] انظر قانون المحاماة المصري لسنة 21/04/1983 المادتان 35 و 59 وأيضا المادة 51 من قانون المحاماة السوري والمادة 64 من قانون المحاماة اللبناني
[18] انظر مداخلة الدكتور محمد ابن الحاج السلمى م.س.ص 43 وأيضا مداخلة د عبد الكريم الطالب م.س.ص 157 .
[19]انظر مداخلة : ذ الزرداني قراءة في المادة 12 من قانون 18.00 م.س.ص 183
[20] بلهاشمي التسولي م.س.ص113
[21] جاء في القرار الصادر عن محكمة الإستئناف بالرباط بتاريخ 12/12/34 ان:المحرر العرفي يكون ثابت التاريخ وبالتالي دليلا على تاريخه في مواجهة الأغيار بحصول واقعة الإشهاد على نسبة التوقيع لصاحبه.
[22] مدونة التسجيل مادة2.
[23] أنظر قانون 16.03المتعلق بخطة العدالة.
[24]وهو المصطلح المعتمد في قانون 44.00، وكأن الإمضاءات مشوبة بغلط يستوجب التصحيح والمصطلح الصحيح هو الإشهاد على نسبة التوقيعات لأصحابها .
[25] وهو المصطلح المعتمد في الفصل 45 مكرر من قانون 26.95 المتمم لقانون 30.09.76 المتعلق بالتنظيم الجماعي.
[26] محمد الشيلح م.س.ص135 .
[27] وهو مصطلح يبقى في جميع الأحوال غامضا وسيطرح عدة مشاكل خصوصا بالنسبة للمحافظين عند تفحصهم لصحة هذه المحررات الثابتة التاريخ
[28] محمد الشيلح م.س.ص138.
[29] عبد الكريم الطالب م.س.ص155.
[30] انظر مثلا محمد خيري م.س. ومحمد ابن الحاج السلمي م.س.ص104
[31] محمد هومير م.س.ص63
[32] في آخر الإحصائيات لوزارة التربية الوطنية أشارت الى ان عدد الخريجين كل سنة يصل الى 25 الف في حين سوق الشغل لا تستقطب سوى 15% وبعض التقديرات الاخرى اكدت ان عدد الخريجين يصل الى 200الف(جريدة العلم بتاريخ10/02/2005)
[33] ظهير شريف صادر في 05/06/2000 بتنفيد قانون 06/99
[34]انظر القانون الصادر بتاريخ 12/07/1980 المعدل للمادة 1348 من القانون المدني الفرنسي وللمزيد من الاطلاع انظر محمد الخضراوي"إشكالية الإثبات في التعاقد بواسطة وسائل الاتصال الحديثة" مداخلة ألقيت بمناسبة النشاط العلمي لمحكمة الاستئناف بخريبكة 2005..
[35] د علي الرام "بيع العقار في طور البناء في القانون المغربي" أطروحة لنيل الدكتوراه وجدة 2004
[36] المادة 419 قانون مدني مصري والمادة 261-30 قانون مدني فرنسي
[37] حق التروي نص عليه القانون الفرنسي والقوانين المعدلة له أنظر الموقع www.jurismag.net
[38] في هذا الاتجاه مثلا توسعت محكمة النقض الفرنسية في مفهوم التدليس في قرارها المدني الصادر بتاريخ 27/06/2001 انظر الموقع الالكتروني : www.lexinter.net
[39] مع التذكير هنا أن المشرع استعمل صياغتين مختلفتين في الفصلين أعلاه مما سيؤدي إلى إثارة لبس بخصوص مضمونهما
[40].
[41]لم يلزم المشرع البائع بتوقيع دفتر التحملات مما جعل العديد من الفقه ينتقد هذا التوجه الذي يخول للبائع التنصل لما ورد بهذا الدفتر انظر محمد بلحاج السلمي م.س.ص44 .
[42] houda guennouni o.p. cite p95
[43] voir les actes de rencontre nationale organisée à rabat le 25/03/2003
[44] wali allah abd errazak o.p cite p.126
[45] انظر أشغال الندوة التي نظمتها المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية حول موضوع (دولة القانون : إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية من لدن الإدارة) المنشورة بعددها 27 لسنة 1999 ص 110
[46] انظر المادة 94 من قانون التأمين الجزائري المؤرخ في 09/08/80 والمادة 15 من المرسوم التونسي المؤرخ في 10/10/86 وقانون 4-1-78 الفرنسي
[47] انظر أشغال الندوة الوطنية المنظمة بالرباط م.س.
[48] مع الإشارة إلى أن التعريفة التي تم تحديدها بمقتضى مرسوم 27/12/2004 لإبرام العقد الابتدائي اعتبرت من قبل هؤلاء الممارسين لمهنة التوثيق هزيلة وغير مناسبة انظر مقال بلهاشمي تسولي م.س.ص.122.
[49] wali allah abd errazak o.p. cite p 119.
[50] abd elmjid bargach ( differents aspects de la VEFA) o.p.cite p.57
[51] abd elmjid bargach ( differents aspects de la VEFA) o.p.cite p.57-58
[52] من الامور اتي فكرت فيهامجموعةONA سنة 1989لتمويل مشروع بناءTWINCENTER هو عقود البيع للمحلات في طور الإنجاز.
ABID KABADI. Le rôle des redacteurs dans les realisation de la VeFa.op.cit.p103
[53]–HODA GUENNOUNI. LA VEFA : de la pratique à la réglementation o.p cite p.9.
[54] abd elmajid bargach p.59.
[55] wali allah abd errazzak p.123.
[56] انظر محمد الخضراوي"إدماج العقار غير المحفظ في النظام القانوني لبيع العقارات في طور الإنجاز: الغايات والإكراهات" منشورات مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بمراكش ص.101.
[57] انظر محمد ابن لحاج السلمي م.س.ص 37.
[58]-للمزيد من الإطلاع على قرارات محكمة النقض الفرنسية ومحاكم الموضوع انظر على شبكة الانترنيت:
www.jurisprudences.org www.logement.org