الطلاق الاتفاقي للمغاربة في المهجر *وفق مدونة الأسرة* بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة
مقدمة
إن ازدياد الحاجة إلى التعامل بين الدول, وتعذر بقاء المجتمعات الوطنية في مغزل عن بعضها البعض من الناحية الاقتصادية والاجتماعية[1], أدى إلى بروز ثقافة من نوع خاص, ثقافة مجتمع دولي تعرف العلاقات بين عناصره –دولا وأفراد-نوعا من الانسجام والتكامل [2], هذا الانسجام والتكامل أدى بحكم تداخل المصالح وتصادم الرغبات إلى البحث عن نظام يكفل تطبيق مقتضيات القوانين الأجنبية على الأفراد, بناءا على نسق قانوني يعتمد على مجموعة من المفاهيم[3], يتجلى ذلك في اعتماد ما يسمى بقواعد تنازع القوانين, بحيث لا يتأتى للقضاء الوطني الوصول إلى الحلول الوضعية المقررة لمعالجة النزاعات الخاصة الدولية, إلا إذا كان يتوفر على قاعدة إسناد تعين بالنسبة لكل مجموعة من الروابط القانونية, المتوفرة على عنصر أجنبي القانون الواجب تطبيقه, غير أن الأمر ليس بهذه البساطة, لان الأنظمة القانونية غير موحدة في جميع الدول.
ذلك أن الأحوال الشخصية للجالية المغربية في المهجر عموما والطلاق خاصة, يشكل ميدانا خصبا للتنازع بين أنظمة قانونية علمانية وأنظمة قانونية إسلامية [4], فقد يرفض القاضي الأجنبي الكثير من المؤسسات الإسلامية لاعتبارها مخالفة لنظامه العام الذي يقوم على مبادئ العلمانية والحرية والمساواة[5] , كما أن القاضي المغربي لا يتردد بدوره في رفض مفاهيم ومؤسسات القانون الأجنبي لاعتبارها مخالفة للنظام العام المغربي , الأمر الذي يترجم الرهان الدائر بين دولة الإقامة التي تسعى إلى استيعاب المهاجرين المغاربة وبين البلد الأصلي الذي يرغب في الحفاظ على الهوية والثقافة الأصلية لمواطنيه[6].
وقد جسدت الأبحاث والدراسات العلمية, بصورة واضحة, سواء على المستوى الفقهي أو على مستوى العمل القضائي, وضعية عدم الاستقرار التي تعيشها الجالية المغربية في المهجر كلما تعلق الأمر بحماية حقوق المراة وحقوق الطفل عند انحلال الرابطة الزوجية[7], ذلك أن الظروف و الملابسات التي صدرت فيها مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 جعلتها لم تتناول المشاكل الاجتماعية في مجال الأحوال الشخصية بعمق وحكمة[8], كما أن ما ادخل من تعديلات على مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1993 و ما ابرم من اتفاقيات دولية اعتبر غير كاف ولا قادر على ضمان حماية كافية وملائمة, من اجل معالجة المشاكل القانونية للأسرة المغربية في المهجر, فمدونة الأحوال الشخصية وان أخذت صراحة بطلاق التمليك وبالتطليق القضائي وبالخلع وبالطلاق الذي يتم بإرادة الزوج المنفردة, فانه ترتب على انحلال الرابطة الزوجية أثار سيئة لم تمس فقط الزوجة والأولاد الذين تعرضون للتشرد والضياع وإنما مست المجتمع ككل [9] .
فكان لابد من وضع إستراتجية جديدة على المستوى القانوني تأخذ بالاعتبار المتغيرات الجديدة للأسرة المغربية, و ما التزام به المغرب من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وغيرها من المعاهدات التي تتضمن التنصيص على ضرورة احترام حقوق المراة والطفل, خاصة أن هذه الاتفاقيات تفرض على الدولة تكييف قوانينها الداخلية بما ينسجم مع نصوص وروح هذه الاتفاقيات, بناء على مبدأ أسبقية المرجعيات الدولية المصادق عليها على التشريعات الوطنية [10].
ولأن إنهاء الزوجية تترتب عليه نتائج مختلفة, منها ما يتعلق بالمراة ومنها ما يتعلق بالأولاد كان لا بد من تدخل إرادة كل من الزوجين لإنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق[11] والعمل على إدخال تعديلات جوهرية على النظام الأسري, تتم فيها مراعاة وضعية الجالية المغربية, التي حظيت باستمرار باهتمام من قبل أعلى هيئة في البلاد[12], حيث أكد الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية السابعة على ضرورة "تجسيد إرادتنا الملكية, في العناية بأحوال رعايانا الأعزاء, المقيمين بالخارج لرفع أشكال المعانة عنهم"[13].
وبهذا تضمن قانون مدونة الأسرة مقتضيات, تتعامل بمرونة مع زواج المغاربة في المهجر بتبسيط مسطرته, مراعاة لخصوصيات ظروفهم[14] , و تؤكد تأسيس الأسرة على أسس المساواة والتكافؤ والمعاشرة بالمعروف بين الزوجين بناء على التراضي وعلى سبيل الدوام والاستمرار, منفتحة على المرجعية الكونية في تكريس مبدأ المساواة بين الزوجين في رعاية الأسرة, مما يجعل الإخلال بهذه المبادئ أمرا صعبا, يضطر الزوجين إلى اللجوء إلى الطلاق كحل استثنائي.
و الطلاق كما عرفه قانون الأسرة هو "حل ميثاق الزوجية يمارسه الزوج والزوجة كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء وطبقا لأحكام هذه المدونة"م 78, والملاحظ هنا أن المدونة لم تعتبر الطلاق حقا للزوج دون الزوجة, بل جعلته بيد كل منهما حسب الشروط الشرعية, وأخضعته لمراقبة القضاء سعيا إلى تقييده ومنع التعسف فيه, وذلك لان الأصل في الطلاق الحظر, ولا يباح إلا للضرورة[15].
وبالإضافة إلى حالات الطلاق والتطليق التي كانت مقررة في مدونة الأحوال الشخصية [16], تم التنصيص على أحكام جديدة تخص الطلاق بالاتفاق بين الزوجين سواء وفق شروط لا تتنافى مع أحكام مدونة الأسرة أو دون شروط وهذا النوع الجديد من الطلاق رهين بالإرادة المعبر عنها بصفة مشتركة بين الزوجين غير أن المشرع المغربي لم يضع تعريفا للطلاق الاتفاقي, لهذا سنحاول تحديد المقصود بالطلاق الاتفاقي, وتمييزه عن الحالات الأخرى المشابهة له.
لما كان الطلاق في الشريعة الإسلامية هو رفع القيد التابث بالنكاح, ذلك أن عقد الزواج يعتبر قيدا يربط بين الزوجين, فإذا وقع الطلاق انحل ذلك الرباط وارتفع القيد وزال, لان الطلاق شرع لينهي العلاقة الزوجية ويفصل بين الزوجين اللذين ارتباطا بعقد الزواج [17], بعد أن كان غير معترف به لدى بعض التشريعات كوسيلة لإنهاء العلاقة الزوجية[18], يمكن تعريف الطلاق الاتفاقي بأنه عقد يتم بمقتضاه توافق إرادة كل من الزوج والزوجة على الطلاق من خلال الاتفاق فيما بينهما على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية وعلى الآثار المترتبة على انفصال هذه الرابطة الأسرية, وهو يتشابه بذلك مع بعض الحالات التي كانت تنص عليها مدونة الأحوال الشخصية والمستمدة من الشريعة الإسلامية, والتي يتم فيها الفراق بإرادة الزوجين معا وبناء على مشاركتهما في العمل على إنهاء العلاقة الزوجية التي تجمعهما, وهذه الحالات هي :
-عندما يفوض الزوج لزوجته إيقاع الطلاق على نفسها أو يملكها حق تطليق نفسها أو يخيرها بين البقاء معه في حالة الزوجية أو الفراق.
-عندما يتفقان على إنهاء الزوجية عن طريق الخلع [19].
فالطلاق في هذه الحالات يتم بمشاركة الطرفين معا, إذ لم يأت من جانب الزوج وحده وبإرادته المنفردة ولا برغبة الزوجة فقط وطلبها للطلاق, وإنما يقع الطلاق في هذه الحالات بمشاركة الزوجين معا[20], غير أن هذه الحالات التي يتم بمقتضاها إنهاء العلاقة الزوجية تختلف عن الحالة التي نصت عليها مدونة الأسرة في المادة 114, وهي اتفاق الزوجين على إنهاء العلاقة الزوجية بشروط أو بدون شروط[21], حيث أن الطلاق المملك, الزوج هو الذي يملك الحق في إيقاعه ومن يملك حقا يملك الإنابة فيه, وقد أجازت الشريعة الإسلامية للزوج أن يفوض غيره فيه, سواء فوض الزوجة نفسها أو غيرها في الطلاق, وكالة أو تمليكا [22], وقد استدل لجواز تفويض المراة في الطلاق بقوله تعالى "يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ,وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة , فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما"[23] .
ووجه الدلالة من الآية : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خير نساءه بين مفارقته وبين المقام معه فلو لم يكن لاختيارهن الفرقة اثر, لما كان لتخيرهن معنى[24].
وقد أخذت مدونة الأسرة صراحة بالطلاق المملك في المادة 89 عندما نصت على انه "إذا ملك الزوج زوجته حق إيقاع الطلاق, كان لها أن تستعمل الحق عن طريق تقديم طلب إلى المحكمة طبقا لأحكام المادتين 79 و 80 أعلاه…
لا يمكن للزوج أن يغزل زوجته من ممارسة حقها في التمليك الذي ملكها إياه."
وهنا يظهر الاختلاف بينه وبين الطلاق الاتفاقي في كون الأول هو تمليك الزوج لحقه في الطلاق للزوجة, وجاز تمليكه لأنه حق له دون الزوجة, يجوز تمليكه كغيره من التمليكات, بعبارة أخرى تفويض حق الطلاق للزوجة التي لا تملك هذا الحق, وإنما لها الحق في التطليق, بينما الطلاق الاتفاقي هو اتفاق الزوجين على الطلاق, فكما يمنح هذا الأخير الحق للزوج في استعماله, يخول كذلك للزوجة حق إنهاء العلاقة الزوجية بالاتفاق مع الزوج على الطلاق, وهذا الاتفاق يدل على المشاركة والتفاعل من الجانبين على إحداث اثر قانوني لعلاقتهما الزوجية, فلا يجبر إنسان على الدخول في رابطة عقدية لا يردها, ذلك أن الإرادة إذا كانت كافية وحدها لإبرام العقد فهي ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها عند الرغبة في إنهائه[25].
وبهذا نصت مدونة الأسرة على الطلاق الاتفاقي بما انه هو الأصل في إنهاء عقد الزواج, وجعلته يتم تحت مراقبة القضاء لتحقيق المساواة بين الرجل والمراة في اللجوء إليه حيث يمكن لاحدهما أو لكلاهما أن يقدم طلبه إلى المحكمة لتنظر فيه [26].
لتكون بذلك حققت مقاصد الشريعة الإسلامية التي تنبني على الرضي والتشاور في الأمر, لقوله تعالى في محكم آياته" الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان "[27]. أي أن الطلاق المشروع الذي يملك به الزوج الرجعة مرتان وليس بعدهما إلا المعاشرة بالمعروف مع حسن المعاملة أو التسريح بإحسان بالا يظلمها من حقها شيئا ولا يذكرها بسوء ولا ينفر الناس عنها[28], وقوله تعالى في سورة البقرة "فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف " [29] , ولعل أحسن وسيلة يتم بها الطلاق بالمعروف هو أن يتم الاتفاق بين الزوجين على إنهاء هذه الرابطة الزوجية بطريقة ودية , تنم عن الوعي بالحقوق والواجبات الأسرية الملقاة عليهما اتجاه اطفالهما والمجتمع المغربي الإسلامي.
كما أن الطلاق الاتفاقي يعتبر مؤسسة عريقة, عرفتها الحضارات القديمة, و منها الحضارة الرومانية [30], وتم التنصيص عليها في معظم التشريعات الأجنبية ,التي تعتبر اتفاق الزوجين على الطلاق كحالة من حالات انحلال الرابطة الزوجية,تمكن الزوجين من التوافق حول المسائل التي ستكون محل نزاع عند الطلاق خاصة عندما يتعلق الأمر بروابط دولية مختلطة , الأمر الذي يوضح لنا الأهمية النظرية لدراسة ومعالجة موضوع الطلاق الاتفاقي للمغاربة في المهجر, بالنظر إلى أنها مؤسسة تعتمد على إرادة الزوجين كحل لتنظيم كل ما يتعلق بالروابط الأسرية و الدولية الخاصة من ناحية, ومن ناحية أخرى نهج المشرع المغربي لسياسة تشريعية تراهن على خضوع المغاربة فيما يخص أحوالهم الشخصية للقانون المغربي من خلال مؤسسة الطلاق الاتفاقي ذلك أن طلاق المغاربة في المهجر يخضع إلى الأحكام المنصوص عليها في مدونة الأسرة[31], وفقا لمقتضيات المادة الثانية التي تنص على أن "تسري أحكام هذه المدونة على :
1-جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى.
3-العلاقات التي يكون فيها احد الطرفين مغربيا.
-4والعلاقات التي تكون بين مغربيين احدهما مسلم."
إن مقتضيات المدونة هاته تقرر امتياز التطبيق لفائدة قانون معين (وهو القانون المغربي) على حساب قواعد قانون أخر, أو قانون طرف على حساب طرف أخر في الروابط المختلطة, وذلك بشكل آلي يمثل خرقا صريحا لمبادئ وقواعد التحليل التنازعي, التي تفرض احترام القوانين المتنازعة ووضعها في نفس المرتبة, على أن اخذ المدونة بهذه القواعد قد تثير إشكاليات في تطبيق القانون المغربي على طلاق المغاربة في المهجر, حيث أن الفقرة الثالثة والرابعة من هذه المادة تكرس ما يعرف بامتياز الجنسية وامتياز الديانة[32], وهذه الامتيازات غير مقبولة لدى فقه القانون الدولي الخاص, لتعارضها مع مبادئ وأهداف هذا الفرع القانوني[33] .
فاعتماد المشرع المغربي على الجنسية كضابط إسناد بالنسبة للأحوال الشخصية للمغاربة في الخارج, حل أخذت به معظم التشريعات في الدول الأوروبية ولكن بشكل استثنائي فقط, مما يؤدي إلى التعارض بينها وبين ضوابط الإسناد في القانون الدولي الخاص المقارن, ذلك أن قوانين البلدان الأوربية تشدد على ضرورة تطبيق قوانينها الداخلية على جميع الوضعيات والروابط المتصلة بالأحوال الشخصية ذات العلاقة المباشرة بإقليمها أو مجتمعها, اعتمادا على فكرة الجنسية الفعلية, أو الموطن أو الإقامة الاعتيادية, أو القواعد الآمرة, أو حتى باستخدام فكرة النظام العام لاستبعاد أحكام القانون المغربي الداخلي التي تتناقض مع المبادئ والأسس التي يقوم عليها مجتمع دولة القاضي, في حين أن القوانين المغربية تؤكد على وجوب إخضاع رعاييها بما في ذلك النساء, للقانون المغربي بالنسبة لقضايا الأحوال الشخصية استنادا على فكرة تبعيتهم الدائمة للجنسية المغربية, وكون الأجانب يخضعون, فيما يتعلق بهذه القضايا, حسب قواعد التنازع المغربية, داخل التراب المغربي لقوانينهم الوطنية, على أساس مبدأ المعاملة بالمثل[34], على أن اعتماد المشرع المغربي على امتياز الجنسية أو الديانة أصبح متجاوزا لدى القانون الدولي الخاص المقارن فالمشرع التونسي قد تراجع عن الامتياز للقانون الوطني وأخضع الأحوال الشخصية للجالية التونسية للقانون الموطن المشترك للزوجين [35], ويؤدي هذا التوجه التشريعي الجديد والصريح, بالقضاء الأجنبي إلى إيجاد الهفوة القانونية التي سيعتمدها لعدم منح الصيغة التنفيذية للأحكام والقرارات المغربية الصادرة بناء على هذه المقتضيات[36], ذلك انه إذا كان الزوجان من جنسيتين مختلفتين يتعين تطبيق القانونين معا وللقاضي السلطة التقديرية في الملائمة بين القانونين إذا لم يصل إلى التعارض, فإذا لم يتمكن من الملائمة والتقريب بينهما فعليه أن يطبق اقربهما من القانون المغربي [37]. ولما كانت الاحكام المتعلقة بآثار الطلاق الشخصية والمالية, والحق في حضانة الأبناء وحق الرؤية أو الزيارة ليست واحدة, في نظام القانون الدولي الخاص المغربي ونظم القانون الدولي الخاص الأوروبية, فانه قد يعيق تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بشأنها سواء عن المحاكم المغربية أو عن أية محكمة تابعة لأحدى الدول الأوروبية.
فالقضاء في الكثير من الدول الأوروبية, أصبح يعتمد مباشرة مقتضيات الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وباقي الاتفاقيات الدولية لاستبعاد تطبيق مقتضيات القانون المغربي والأحكام والقرارات القضائية التي استندت إليه بناءا على مبدأ المساواة بين الزوجين عند انحلال الرابطة الزوجية,ولان مؤسسة الطلاق الاتفاقي تحقق لنا في ظل مدونة الأسرة نوع من المساواة بين الزوجين عند انحلال الرابطة الزوجية, ولأنها أيضا تعتبر مؤسسة ناجحة لفض النزاعات الأسرية وفقا للحلول المعمول بها داخل الإطار القانوني الدولي الراهن[38], الأمر الذي سيساهم إلى حد ما في تقليص التفاوت بين الأنظمة التشريعية.
وهذا ما تأكد لنا من خلال منشور وزارة العدل عدد 13 س 2 بتاريخ 13 ابريل 2004 الموجه إلى السادة القضاة الملحقين بسفارات المملكة المغربية بالخارج.
الذي راهن على إخضاع طلاق المغاربة في المهجر إلى القانون الوطني المغربي عند انحلال الرابطة الزوجية بلجوء الزوجين إلى مسطرة الطلاق الاتفاقي وهنا تبرز لنا الأهمية العملية لمؤسسة الطلاق الاتفاقي.
وبالنظر إلى وجود أجيال عديدة من الجالية المغربية في البلدان الأوربية الغربية, فإننا سنقتصر في بحتنا على بعض البلدان الغربية التي عرفت الطلاق الاتفاقي كحالة من حالات الطلاق, والتي تتواجد فيها أفراد الجالية المغربية بكثرة و ترتبط مع المغرب بعلاقات صداقة وتعاون على المستوى الدولي الخاص ونقف بالأخص على دراسة كل من القانون البلجيكي, الفرنسي و الإيطالي لتلمس مدى الاختلاف بين النظام المغربي والأجنبي في مادة الطلاق الاتفاقي وتأثير ذلك على الجالية المغربية.
ونطرح الإشكال التالي :
ما مدى إمكانية تجاوز مؤسسة الطلاق الاتفاقي للإشكاليات التي تواجه الجالية المغربية في المهجر والى أي حد استطاع المشرع المغربي التفاعل مع هذه المؤسسة و الرهان على خضوع انحلال الرابطة الزوجية للمغاربة للقانون المغربي ؟
إن محاولة مناقشة هذه الإشكالية, تقتضي اختيار معالجة هذا الموضوع من خلال الدراسة في :
-الفصل الأول :الطلاق الاتفاقي بين قانون الأسرة المغربي والقوانين المقارنة
-الفصل الثاني : أحكام الطلاق الاتفاقي : إشكالية التنفيذ وأفاق التطبيق
الفصل الأول :الطلاق الاتفاقي بين قانون الأسرة والقوانين المقارنة
إذا ما نشأت الرابطة الزوجية صحيحة فانه لا يجوز لأي من الزوجين أن يطلب بانحلالها إن لم يتوفر سبب من الأسباب التي يحددها القانون, على أن معظم القوانين المقارنة تجيز حل الرابطة الزوجية بالاتفاق بين الزوجين على إنهائها.
وقد اعتمد المشرع المغربي نظام التراضي الأسري في مدونة الأسرة, لمنح إرادة الزوجين الحرية في تدبير أمور حياتهما الزوجية, سواء عند عقد الزواج أو عند الرغبة في إنهاء هذه الرابطة, الأمر الذي يعتبر تحديا لسياسة الاستيعاب التي تنتهجها أوروبا من اجل إخضاع أفراد الجالية المغربية لقانونها, باسم قانون الموطن أو الإقامة الاعتيادية تارة, أو باسم قانون إرادة الزوجين, أو ما يعرف بضابط سلطان الإرادة تارة أخرى.
ولأن مؤسسة الطلاق الاتفاقي كمستجد من المستجدات التي أتى بها قانون الأسرة المغربي تمكنهم من إنهاء رابطتهم الزوجية بالاتفاق فيما بينهما مع احترام أحكام المدونة, فان قيام هذه المؤسسة على ميكانيزمات تجد أصولها في التشريعات المقارنة باعتبارها الوسيلة الناجعة لديها لإنهاء الرابطة الزوجية, تحقق ضمانات للزوجين سواء على المستوى الإجرائي أو على مستوى الحقوق والمكتسبات الناتجة عنها.
إلا أن اختلاف المرجعية الثقافية الإسلامية لقانون الأسرة المغربي عن نظيره في القوانين الغربية, ذات المرجعية اللائكية, سيطرح من جديد بعض التحديات أمام المشرع والاجتهاد القضائي المغربي.
مما يستلزم دراسة مؤسسة الطلاق الاتفاقي في القانون المغربي والمقارن للوقوف على نقط الائتلاف والاختلاف بين التشريعين من خلال دراسة الاتفاق على مبدأ إنهاء العلاقة بين الزوجين في( المبحث الأول) على أن نتعرض للاتفاق على الآثار المترتبة على الطلاق في( المبحث الثاني).
المبحث الأول : الاتفاق على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية
جاءت مدونة الأسرة بنظام التراضي بين الزوجين على إنهاء الرابطة الزوجية بينهما, في القسم الخامس, الباب الثاني من المدونة باسم الطلاق بالاتفاق أو بالخلع, من اجل توسع إرادة الزوجين عند الطلاق, وان كان الطلاق الخلعي قد تم التنصيص عليه في مدونة الأحوال الشخصية لسنة1957 إلا أن مدونة الأسرة أدخلت عليه مجموعة من التعديلات في إطار الاعتراف للزوجين بحرية اكبر لتنظيم اتفاقهما في إطار احترام أحكام مدونة الأسرة, حيث منحت للزوجين وسيلتين لإنهاء علاقتهما بالتراضي فيما بينهما : فقد يتفق الزوجين على الطلاق بمقابل مادي تدفعه الزوجة للزوج من أجل حصولها على الطلاق وقد يقتصر الاتفاق على التراضي فقط بينهما على إنهاء العلاقة الزوجية التي بينهما وهو ما يسمى بالطلاق الاتفاقي.
وبهذا يمكن للزوجين الاتفاق على إنهاء العلاقة الزوجية بمقابل مادي تدفعه الزوجة للزوج بعد الاتفاق على ذلك(المطلب الاول)كما يمكن لهما كذلك إنهاء هذه الرابطة بدون مقابل وهو ما أقرته المدونة بتراضي الزوجين على الطلاق (المطلب الثاني)
المطلب الأول: الاتفاق على الطلاق بمقابل
يتم الزواج بإيجاب وقبول من الزوجين والأصل في كل عقد تم بإرادتين أن ينتهي كذلك, إذا ما اتفق المتعاقدان على إنهاء ما تعاقدا عليه, والشريعة الإسلامية وان جعلت الأصل في إنهاء الحياة الزوجية بالطلاق الذي يوقعه الزوج بإرادته المنفردة, فإنها لم تغفل جانب المرأة في هذا الموضوع الخطير الذي يتصل بحياتها, فأعطت لها الحق في الخلع[39].
والخلع يتم بتراضي الزوجين أصلا, فإذا لم يتم التراضي بينهما فللقاضي إلزام الزوج بالخلع, وقد عملت المدونة على تقنين نظام التراضي على الطلاق بين الزوجين من خلال المادة 114 و115 من قانون الأسرة الجديد.
مما يستدعي منا دراسة الاتفاق بين الزوجين على الطلاق بمقابل في الفقه الإسلامي على اعتبار أن المدونة تستمد أحكامها من الشريعة الإسلامية(الفقرة الأولى ) والتشريع الغربي مادام أن الاتفاق على الطلاق يعتبر حالة من حالات الطلاق في التشريعات المقارنة(الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى: الاتفاق على الطلاق في الفقه الإسلامي
للزوجين أن يتراضيا على الطلاق بمقابل، وهو ما يعرف في الشريعة الإسلامية بالطلاق الخلعي [40], والخلع لغة :الإزالة ,يقال خلع الرجل ثوبه خلعا (بفتح الخاء)أي إزالة عن جسده,وخلع الرجل زوجته خلعا(بضم الخاء)أي أزل عصمتها أو هو إنهاء عقد الزواج على بدل تدفعه الزوجة لزوجها.
والخلع شرعا إزالة عقد النكاح المتوقفة على قبولها بلفظ الخلع أو ما في معناه, وقد عرفه الفقهاء بتعريفات شتى نذكر منها:
تعرف خليل من المالكية في مختصره بأنه"الطلاق بعوض"[41], وقال الدردير تعليقا على تعريف خليل "هذا هو الأصل فيه وقد يكون بلا عوض إذا كان بلفظ الخلع بدون عوض والجواب انه تعريف لأحد أنواع الخلع وترك تعريف النوع الأخر لكونه بديهيا", وعرفه ابن حزم من الظاهرية في المحلي : "هو الافتداء, إذا كرهت المرأة زوجها فخافت أن لا توفيه حقه أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها فلها أن تفتدي منه ويطلقها إن رضي هو, والا لم يجبر هو وأجبرت هي وإنما يجوز بتراضيهما على الطلاق[42]. ويتأسس نظام الخلع في القرآن الكريم بقوله تعالى:" ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا، إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به، تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون"[43] .
أي انه لا يحل للزوج أن يأخذ مما دفعه إلى زوجته من المهر شيئا ولو قليلا, إلا أن يخاف الزوجان سوء العشرة, وألا يراعيا حقوق الزوجية التي أمر الله تعالى بها, وأرادت الزوجة أن تختلع بالنزول عن مهرها أو بدفع شيء من المال لزوجها حتى يطلقها فلا إثم على الزوج في أخذه ولا على الزوجة في بذله[44].
وقد جاء في السنة النبوية صحيح البخاري "عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاءت امرأة ثابت ابن قيس ابن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتردين عليه حديقته؟ …. قالت نعم، فردت عليه فأمره ففارقها.
كما أجمع المسلمون على مشروعية الخلع ولم يخالف إلا بكر بن عبد الله المؤني ولكن الإجماع انعقد قبل خلافه[45].
ولا خلاف بين المسلمين على من أراد أن يخالع امرأة على عوض فذلك جائز له, إذا خيف عدم إقامة حدود الله بينهما, أما الخلاف بين الفقهاء فهو حول جواز اخذ المال من الزوجة هل هو مشروط أم غير مشروط؟
" قال بعض الفقهاء أن اخذ المال مشروط بوجود الشقاق بين الزوجين حين الخوف من عدم إقامة حدود الله. وحدود الله بين الزوجين هي ما فرضته الشريعة الإسلامية على كل منهما نحو شريكه الأخر وذلك بقوله تعالى "إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله".
وقال بعضهم أن هذا وان ذكر في القران الكريم ولكن ليس على سبيل الشرط بل على انه الغالب من الأمر.
والذين قالوا يشترط الشقاق اختلفوا فيما بينهم هل هذا يجب أن يكون من احد الزوجين أم من كليهما, حيث قال الجمهور :لو خالع الرجل زوجته والأخلاق ملتئمة[46] صح الخلع ولكن ذلك مكروه ودليل ذلك :
1-قوله تعالى : "فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا "فهذا صريح بإباحة وطيبة اخذ المال من الزوجة إذا كان ذلك برضاها دون أن يكون هناك أي شرط من وجود شقاق أو خلاف أو غيره.
2-وقالوا إذا جاز للزوج أن يأخذ المال من زوجته على طلاقها في حال الشقاق والنزاع وهي غالبا الحالة التي تكون فيها مضطرة للخلاص من زوجها أفلا يجوز للزوج أن يأخذ من مالها لطلاقها وهي في حالة الرضاء والأخلاق ملتئمة أي في حالة الاتفاق فيما بينهما على الطلاق.
وقال الزيدية و الظاهرية والجعفرية :
لا يجوز للزوج اخذ المال إلا بوجود الشقاق, واستدلوا :
1-إن الأصل عدم حل اخذ مال الغير إلا بحق وفي موضوع الخلع حرم الله ذلك وأباحه في وضع معين حيث قال: "إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله" بعد أن ذكر التحريم بقوله : "ولا يحل لكم …"ولم يكتف القران بذلك بل هدد من يخالف هذه الأحكام بقوله : "تلك حدود الله فلا تعتدوها…"
2-وقوله تعالى : "فان خفتم شقاقا بينهما فابعثوا…"اشترط الله أيضا وجود الشقاق بين الزوجين لبعث الحكمين للصلح أو التفريق, فإذا ما فرق فقد يحكم بعوض على الزوجة تدفعه لزوجها ولهذا اشترط الشقاق.
3- أن السنة النبوية بينت أحكام الخلع في حادثة ثابت بن قيس اثر شكوى امرأة زوجها من سوء معاملتها فدل على أن مشروعية الخلع كانت بعد أن وجد الخلاف والشقاق بين الزوجين.
وردوا على حجج الجمهور بقولهم :
1-أما قوله تعالى :فان طبن لكم…فهذا في غير موضوع الخلع فلا علاقة له به, إنما ورد فيما إذا تركت الزوجة مهرها لزوجها بطيبة من نفسها والزوجية قائمة لا حين انفصالهما فالقياس مع الفارق.
2-وأما قولهم انه لما جاز في حال الشقاق اخذ مالها فيجب أن يجوز في حال الرضا بالأولى فغير صحيح, لان الله نص في الخلع على اخذ المال مع الحظر بقوله : ولا يحل لكم…ونص على الإباحة في محل آخر وفي موضوع آخر وهو قوله : فان طبن…
قال الجصاص : فقول القائل لما جاز أن يأخذ مالها بطيبة من نفسها من غير خلع جاز في الخلع, قول مخالف لنص الكتاب[47]".
إن باستعراض اختلاف آراء الفقهاء حول التراضي على الطلاق بمقابل بين جواز اخذ المال من الزوجة عند الطلاق بالخلع (رأي الجمهور)وعدم جواز اخذ المال إلا بوجود الشقاق وعدم التوافق بين الزوجين على الطلاق (رأي الزيدية والظاهرية و الجعفرية) يوضح لنا بجلاء أن الشريعة الاسلامية, شريعة عامة وصالحة لكل زمان ومكان تواكب أحوال الناس وانه كما يمكن للزوجين الاتفاق على الطلاق بمقابل فانه من الممكن أيضا أن يتم الاتفاق على الطلاق بدون مقابل.
ولأن المذهب المتبع عندنا هو المذهب المالكي, وهذا ما أكدته مدونة الأسرة في المادة 400 على انه "كل ما لم يرد به نص في هذه المدونة, يرجع فيه إلى المذهب المالكي", الذي يعتبر طلاق الخلع, طلاق بعوض.يبرز لنا غياب الطلاق الخلعي (بدون مقابل) او ما يمكن تسميته بالاتفاق على الطلاق بدون مقابل.
ذلك انه في فقه النوازل لم يذكر انه ثم التعرض لهذا النوع من الاتفاق وهذا يعود حسب بعض الفقهاء المعاصرين إلى أن الاتفاق بين الزوجين على الطلاق بدون مقابل يمكن الزوج من اللجوء إلى الطلاق, وهذا بالفعل ما تم تأكيده من قبل بعض قضاة التوثيق, في نظام مدونة الأحوال الشخصية, أنه عند الاتفاق بين الزوجين على الطلاق (بدون مقابل) فان الزوج يقوم بالطلاق, على أنهم لا يلجئون إلى الخلع إلا عندما تتنازل الزوجة عن حقوقها الشرعية عند الطلاق أو يتم الاتفاق حول المبلغ الذي ستدفعه الزوجة مقابل طلاق زوجها.
وبهذا يمكن للزوجين, في ظل الشريعة الإسلامية, الاتفاق على الطلاق بينهما واللجوء إلى الطلاق أو الخلع بدون عوض, على انه إذا ما أرادت الزوجة تعويض الزوج عن الضرر الذي من الممكن أن يلحقه جرأ فسخ عقد الطلاق فان لها, وفي إطار الاتفاق دائما, أن تدفع له العوض على الطلاق, حسب القاعدة الشرعية التي تقضي بأنه" لا ضرر ولا ضرار".
وفي هذا الصدد يقول ابن عاشور"فالتخلص قد يكون مرغوبا لكلا الزوجين وهذا لإشكال فيه, وقد يكون مرغوبا لاحدهما ويمتنع منه الأخر فلزم ترجيح احد الجانبين, وهو جانب الزوج لان رغبته في المراة اشد, وإذا كان الطلاق شرع أصالة بيد الرجل, فانه عند الإضرار بالمراة, ورفض الزوج الطلاق يمكنها اللجوء إلى الخلع كحل مقابل دفعها مقدارا معينا من المال لزوجها"[48].
مما يعني أن الشريعة الإسلامية أقرت الطلاق بالاتفاق بين الزوجين, سوءا تعلق الأمر بالطلاق بالاتفاق بدون مقابل والذي يعتبر استثناءا أو الخلع الذي يتم بتراضي الزوجين أصلا, فإذا لم يتم التراضي بينهما, فللقاضي إلزام الزوج بالخلع لان تابتا وزوجته رفعا أمرهما للنبي صلى الله عليه وسلم, والزمه الرسول بان يقبل الحديقة ويطلقها كما تقدم في الحديث, وبهذا نصت مدونة الأسرة في المادة 115 "للزوجين أن يتراضيا على الطلاق بالخلع طبقا لإحكام المادة 114".
إذ للزوجين التراضي على إنهاء العلاقة الزوجية مع أداء الزوجة للزوج مبلغا من المال، أو كل ما صح الالتزام به شرعا، مع مراعاة عدم التعسف والمغالاة في المبلغ الذي تمت المخالعة به, حيت نصت المادة 118 على أن "كل ما صح الالتزام به شرعا, صلح أن يكون بدلا في الخلع, دون تعسف ولا مغالاة". فالخلع لا يتم إلا إذا صدر الإيجاب من الزوجة بالطلاق وفق مقابل تدفعه له وقبول من الزوج, فهو عقد معارضة يمنح فيه الزوج الطلاق الذي يملكه وتمنح الزوجة المقابل المالي، وقد أباح الإسلام, كما سبقت الإشارة, للزوجين إذا اتفقا على أنهاء الحياة الزوجية بينهما أن تدفع الزوجة لزوجها مبلغا من المال لا يتجاوز ما ساقه إليها من المهر.
ولكن هل يمكن اعتبار الطلاق الاتفاقي بأنه نوع من انواع طلاق الخلع وفق مدونة الأسرة؟
إن لاعتبار الطلاق بالتراضي طلاقا خلعا يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:
-أن يكون الخلع بطلب من الزوجة.
-وأن يتم بالتراضي بين الزوجين على المخالعة بأن ترضى الزوجة بدفع البدل ويرضى الزوج بالخلع وبالبدل[49].
-لابد فيه من مقابل تدفعه الزوجة لزوجها والا كان طلاقا [50].
فغياب توفر أحد هذه الشروط السابقة ينزع عن الطلاق الخلعي أو بالمقابل صفته، ويجعله طلاق صرفاوذلك حسب مذهبنا المالكي الذي يعتبر الخلع طلاقا بعوض.
الأمر الذي يدفعنا للقول بأن ما ذهب إليه بعض الفقه, باعتبار الطلاق الاتفاق في صورته المتمثلة في التراضي بين الزوجين نوع من أنواع الطلاق الخلعي، اتجاه غير صحيح، فاعتبار الطلاق الاتفاقي نوع من أنواع طلاق الخلع غير مرتكز على أساس قانوني وذلك لسببين :
–الأول : أن الطلاق الاتفاقي يتم بتوافق إرادتي الزوجين على إنهاء الرابطة الزوجية، وذلك بالتراضي على مبدأ الطلاق وعلى الآثار المترتبة عنه ، بدون طرح فكرة المقابل على الطلاق وإنما الغرض هو إنهاء هذه الرابطة المقدسة بطريقة ودية، يتم من خلالها الفرقة بهدوء وتفاهم تراعى فيها بالأساس ما أمر الله سبحانه وتعالى عباده في قول عز وجل "فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" وان طرح فكرة المقابل سيشنج هذه العلاقة.
-الثاني : أن اتفاق على الطلاق بمقابل وإن كان يتفق مع الطلاق الاتفاقي في أن كلا منهما يعتبر عقدا يجب أن يتوفر فيه شرط التراضي بين الزوجين, إلا أن حرية الزوجين في التراضي تختلف في كلا المؤسستين.
فالمشرع المغربي وإن سمح للزوجين بالتراضي على المقابل، فإنه احتاط لتعسف الزوج في ممارسة حقه في الطلاق والمغالاة في المقابل, فجعل الاتفاق على المقابل بين الزوجين مقيد بشروط, كما وضع معايير يجب على القاضي مراعاتها.
حيث نصت المادة 120 على أنه "إذا اتفق الزوجان على مبدأ الخلع، واختلفا في المقابل… حكمت المحكمة بنفاذ الخلع بعد تقدير مقابله مراعية في ذلك مبلغ الصداق، وفترة الزواج، وأسباب طلب الخلع، و الحالة المادية للزوجة "واحتاط المشرع لحماية الزوجة القاصرة فقام بالنص "على المحكمة أن تراعي مصلحتها عند تقدير بدل الخلع". هذه المعايير يجب مراعاتها من قبل المحكمة حتى بعد الاتفاق على المقابل.
وإذا كانت الزوجة يحق لها أن تتنازل عن كافة حقوقها المالية الشرعية من نفقة ومتعة ومؤخر صداق, فانه لا يمكن لها أن يشمل التنازل, حقوق أطفالها والتخلي عن حضانتهم ونفقتهم وغيرها[51], لأنها ليست حقوقا خاصة بها.وهذا ما نصت عليه المادة 119 إذ "لا يجوز الخلع بشيء تعلق به حق الأطفال أو نفقتهم إذا كانت الأم معسرة, وإذا أعسرت الأم المختلعة بنفقة أطفالها وجبت النفقة على أبيهم دون مساس بحقه في الرجوع عليها"[52] , الأمر الذي يوضح أنه في ظل هذه المقتضيات لا يمكن الحديث عن إرادة حرة في الاتفاق بخلاف الطلاق الاتفاقي، الذي يستلزم أن يكون الاتفاق حر بين الزوجين, وان كانت هذه الحرية نسبية لخضوعها لمراقبة القضاء .
مما يوضح لنا أن المشرع المغربي نص من خلال الفصلين 114 و115 على نظام التراضي على الطلاق، حيث يحق فيه للزوجين التراضي على إنهاء العلاقة الزوجية, بدون مقابل وهو الطلاق الاتفاقي, أو بمقابل, لكن مع احترام المقتضيات التي نصت عليها مدونة الأسرة في أحكام الخلع, ويؤكد كذلك الاختلاف الموجود بين مؤسسة الطلاق الخلعي و الطلاق الاتفاقي من حيث الأهداف والمبادئ التي ينبني عليها كل واحد منهما، وأن اعتبار الطلاق الاتفاقي نوع من أنواع الطلاق الخلعي سيؤدي إلى إفراغ هذه المؤسسة من الهدف المتوخى منها, على أن إحالة مدونة الأسرة في الفصل 115 على أحكام المادة 114 إنما للمسطرة المتبعة في حالة التراضي بين الزوجين على الخلع، إذ يجب على الزوجين أن يقدمان طلب التطليق للمحكمة مرفقا به للإذن بتوثيقه.
الفقرة الثانية: موقف التشريع الغربي من الاتفاق على مقابل الطلاق
إن معظم التشريعات الغربية لم تعتبر الاتفاق على الطلاق بمقابل كحالة من حالات اللجوء إلى مسطرة الطلاق، وإنما تم التنصيص على الطلاق الاتفاقي.
لكن هل يعني هذا انه لا يمكن لهذه الأنظمة الاعتراف بهذا النوع من الاتفاق بين المغاربة في المهجر ؟
باستقرائنا لمقتضيات بعض التشريعات الغربية وعلى الأخص التشريع البلجيكي نجده يمنح حرية مطلقة لإرادة الزوجين في الاتفاق على الطلاق ولا يوجد ما يمنع الطرفين من الاتفاق على المقابل في الطلاق, بل إن القانون المدني البلجيكي يستلزم من الزوجين عند الطلاق تحرير اتفاق مسبق بينهما، يتم فيه التراضي حول كافة النقط التي من الممكن أن تثير نزاعا بينهما ومن بين العناصر التي يجب الاتفاق عليها ما يرتبط بقسمة الأموال والممتلكات المشتركة بينهما[53], وتحديد النسبة المتفق عليها لكل واحد من الزوجين، فقد يتنازل أحد الطرفين عن حصته كاملة أو قد يقبل بحصة أقل من الطرف الآخر، فكل ما يشترطه المشرع البلجيكي هو أن يكون الاتفاق بناءا على الإرادة الحرة للزوجين[54] الأمر الذي يضع موقف القانون الدولي الخاص البلجيكي من الاعتراف بالطلاق بمقابل محل تساؤل؟
لقد عرفت السياسة التشريعية البلجيكية تحولا جذريا في معالجة القضايا المتعلقة بالجالية المسلمة في بلجيكا وخاصة المواطنين المغاربة[55], فمنذ دخول دورية وزارة العدل لسيد wathelet حيز التنفيذ في 27 أبريل 1994[56]، والطلاق يخضع لتقدير النيابة العامة في حالة كون أحد الزوجين بلجيكيا، وكثيرا ما كانت تقبل النيابة العامة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالطلاق الخلعي (طلاق بواسطة عوض) الاعتراف بهذا النوع من الطلاق منذ تسجيله في السجل الخاص, إذ ذهب الاجتهاد الفقهي والقضائي على اعتبار أن قرارات الطلاق الخلعي يمكن استقبالها لما تتأسس عليه من تراضي بين الزوجين , خاصة محكمة بروكسيل Bruxelles التي اتجهت إلى قبول مثل هذا الاتفاق .
كما جرى العمل على قبول النيابة العامة الاعتراف بفعالية الطلاق بواسطة مقابل، هذا الطلاق الذي يكون فيه الطلب مقدم من طرف الزوجة بناءا على التراضي بين الزوجين. وهو ما يعتبر في نظرهم، شبيها بالطلاق الاتفاقي الذي ينص عليه القانون المدني البلجيكي.
إلا أنه وإلى حدود دخول القانون الدولي الخاص البلجيكي حيز التنفيذ في 1 أكتوبر 2004، شهدت المحاكم البلجيكية تراجعا في الاعتراف بالطلاق الخلعي حيث نصت المادة 57 من القانون الدولي الخاص البلجيكي الجديد على رفض أي حالة طلاق تمت بالخارج سواء تعلق الأمر بالطلاق الخلعي أو الطلاق الانفرادي والذي لا يمكن تسجيله في بلجيكا. على أن تطبق هذه المادة على الأشخاص الذين لا يحملون الجنسية البلجيكية [57] .
وهذا ما أكدته الدورية الوزارية لوزارة العدل البلجيكية[58], التي اعتبرت أن الاعتراف بالطلاق لا يمكن أن يتعلق إلا بالوضعيات التي يكون فيها الطلاق أكتسب في دولة أجنبية تعترف بالطلاق الاتفاقي بين مواطنيها، ويملكون جميع الوسائل التي تمكنهم من تنظيم حياتهم المشتركة عند الطلاق، كما لا يمكن أن يسمح لهم بالطلاق بعوض إذا كان أحد الزوجين بلجيكا أو يقيم في بلجيكا.
وقد اعتبر الأستاذ Piron Luc. أن ما تضمنته هذه الدورية هو حل للمشكل المطروح والمتمثل في اختلاف النظام البلجيكي عن نظيره المغربي، هذا الأخير يعترف بالطلاق الخلعي الذي يكرس امتياز الزوج ويعتبرنه يشكل, بالنسبة للنساء المغربيات دونية ونقص لهن، على اعتبار أن هذا الطلاق هو طلاق غير متكافئ يعطي للزوج مزايا كبيرة وان الكثيرات من النساء يؤثرن التنازل عن حقوقهن تجنبا للدخول في إجراءات التطليق.
والمعتاد أن هذا النوع من التفاوض يعني موافقة الزوجة على التنازل عن كل حقوقها, اضطراريا, الأمر الذي يعتبر نتاجا لنظام الطلاق البالغ التمييز للرجل, و يجعل المرأة مضطرة إلى اللجوء لخيارات شبه مستحيلة تكون محل استغلال من قبل الزوج, مما حتم على التشريع البلجيكي منع امتياز الطلاق بمقابل من بطاقة اعترافه [59] .
إن موقف المشرع البلجيكي من الطلاق بمقابل (الطلاق الخلعي) يعتبر تجاهل للخصوصية الثقافية للجالية المغربية ويتعارض مع الاتفاقيات المبرمة بين المغرب وبلجيكا [60], الأمر الذي يمكن تفسيره بمحاولة إدماج المهاجر المغربي في السياسة التشريعية البلجيكية وطمس الهوية الوطنية والثقافية للجالية المغربية في بلجيكا [61],وجعلها تتفاعل مع سياسة الاستيعاب التي انتهجتها أوروبا في السنوات الأخيرة.
مما يستدعي تدخل الأجهزة المختصة من كلا الدولتين وفتح حوار حول هذه الدورية الوزارية والعمل على أن يتم الأخذ بعين الاعتبار ما تضمنته مدونة الأسرة من مستجدات وتعديلات، خاصة بمؤسسة الطلاق الانفرادي والخلع والتي احتاط من خلالها المشرع المغربي إلى صيانة حقوق المرأة في حالة تعسف الزوج أو نتيجة إكراهه لها أو إضراره بها, كما قام بتعزيز حماية مصلحة الطفل وحقوقه في حالة إعسار الأم ولو كان ذلك نتيجة التزامها بإرادتها الحرة حول حقوقها المترتبة على الطلاق.
غير أن المشرع المغربي و في إطار تجاوز الصعوبات التي تواجهها الجالية المغربية في الخارج كلما تعلق الأمر بانحلال الرابطة الزوجية فقد أسس لمؤسسة جديدة تراعي إرادة الزوجين المشتركة عند الرغبة في إنهاء العلاقة الزوجية.
المطلب الثاني: التراضي بين الزوجين على الطلاق
نصت المادة 114 من مدونة الأسرة على الطلاق الاتفاقي حيث : "يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية دون شروط أو بشروط لا تتنافى مع أحكام هذه المدونة, ولا تضر بمصالح الأطفال…"وقد وسعت هذه المادة من حق المرأة في طلب إنهاء العلاقة الزوجية بالاتفاق مع الزوج تحت مراقبة القضاء، وهو ما يعتبر مظهر من مظاهر المساواة بين الزوجين في ممارسة حق الطلاق (الفقرة الأولى) بمنحها لإرادة الزوجين معا، دور أساسي في مجل العلاقات الأسرية عند انحلال الرابطة الزوجية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المساواة بين الزوجين في الطلاق
إن التطور البارز الذي عرفه المغرب في مجال حقوق الإنسان يكمن أساسا في الحرص على تحديد وترشيد الوسائل العملية، لجعل الحقوق الإنسانية المتعرف بها دوليا، أمرا واقعيا ومجسدا بكيفية ملموسة في الأنظمة الداخلية[62].
ولعل ما نص عليه المشرع المغربي من خلال مقتضيات قانون الأسرة يعكس لنا بوضوح الموازنة بين الالتزام بأحكام الشرع مع الاستشهاد بما تقتضيه روح العصر والتطور، التي تجسدت في إيجاد وسيلة تجمع بين منظومة القيم ومنظومة الحقوق، من اجل تكريس التوازن خاصة عند انحلال الرابطة الزوجية.
وبهذا حاول المشرع المغربي تكريس مبدأ المساواة بين الزوجين, الذي أقره ميثاق الأمم المتحدة، وتم التأكيد عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث نصت المادة 16 على ما يلي :
"للرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ, حق التزوج وتأسيس أسرة, دون قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين, وهما معا يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله"[63].
و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, الذي عبر بشكل صريح على المساواة بين الزوجين إذ نصت المادة 23 :
"على تساوي حقوق الزوجين وواجباتهما لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
وفي حالة الانحلال يتوجب اتخاذ تدابير لكفالة الحماية الضرورية للأولاد في حالة وجودهم"[64].
مما يوضح، إقرار الاتفاقية الدولية العامة, لمبدأ المساواة بين الزوجين وعلى ضرورة أن تتوفر حرية الإرادة الكاملة لدى طرفي الزواج, سواء خلال عقد الزواج أو عندما يتعلق الأمر بانحلال الرابطة الزوجية.
غير أن مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة [65], تعتبر نقلة نوعية في إطار الاعتراف بحقوق المرأة خاصة ما تضمنته بنود المادة 16 من الاتفاقية التي من بين ما نصت عليه، ما يلي:
أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
ج- نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه[66].
غير ان تحفظ المغرب على هذه الاتفاقية اعتبرته لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، مخالفا لموضوع الاتفاقية وغير منسجم مع القانون الدولي, ولا يترك أي مجال لتطوير المفاهيم النابعة من الشريعة الإسلامية.
وهذا ما حاول المغرب تجاوزه, ذلك أن أغلب التحفظات والتصريحات التي قدمها بخصوص الاتفاقية وبالأخص ما نصت عليه المادة 16 منها، أضحت دون جدوى, بعد إصلاح قانون الأسرة, و الاتجاه نحو تكريس المساواة التدريجية بين الجنسين اعتمادا على المرجعتين الإسلامية والكونية. مما يستدعي ضرورة إقدام المغرب على رفع التحفظات ومراجعة التصريحات التي أبداها.
فقد تضمنت مدونة الأسرة مقتضيات تعكس رغبة المشرع المغربي في خلق نظام اسري يقوم على احترام حقوق المرأة وصيانة كرامة الرجل وحماية حقوق الطفل.
ولعل ما توفره مؤسسة الطلاق الاتفاقي من ميكانيزمات أقرتها المدونة، تجسد لنا الفلسفة الجديدة التي أطرتها ثقافة المساواة والعلاقة التشاركية بين الزوجين عند انحلال الرابطة الزوجية.
فإذا كانت إرادة الزوجين هي التي أبرمت عقد الزواج بالتراضي فيما بينهما, فإن الأولى أن تحترم هذه الإرادة عند الرغبة في إنهاء هذا العقد، بعد التأكد من استحالة العشرة إعمالا لقوله تعالى "وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما"[67].
ان اتفاق الزوجين على الطلاق وما يحققه من مساواة بينهما, في إطار الروابط الأسرية الدولية، آلية تمكن المغاربة المقيمين في المهجر من تجاوز الإشكاليات العملية التي يطرحها الطلاق بإرادة الزوج المنفردة, دون الزوجة, الأمر الذي يعتبر مخالفا للنظام العام الدولي.
ذلك أن مؤسسة الطلاق الاتفاقي تتأسس على بعض المبادئ التي تم التنصيص عليها في بعض الاتفاقيات الإقليمية والدولية, كالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي تنص على حق الرجل والمرأة في التمتع بنفس الحقوق والواجبات" و البرتوكول 7 الملحق بالاتفاقية الذي نص في المادة 5 على أن "يتمتع الزوجان بالمساواة في الحقوق والالتزامات التي من طابع القانون الخاص، وذلك فيما بينهما، وفي علاقاتهما بأولادهما عند الزواج وأثناء الزواج وعند انحلال الرابطة الزوجية".
وقد كانت هذه الاتفاقية و البرتوكول الملحق بها تعتبر وسيلة يتم من خلالها استبعاد تطبيق القانون المغربي المختص, أو كآلية يلجا إليها القضاء الأجنبي لعدم الاعتراف بالأحكام الصادرة بالمغرب, على اعتبار أن الطلاق الذي يقع في المغرب يخالف النظام العام الدولي الذي يقر بالمساواة بين الزوجين.
غير أن المشرع المغربي وإن سعى إلى تكريس مبدأ المساواة بين الزوجين عند انحلال الرابطة الزوجية فيما بينهما بالاتفاق على الطلاق, مع ايلاء بطبيعة الحال، مصالح الأطفال الاعتبار الأول, إلا أننا نجد أن هذه المساواة تبقى نسبية مقارنة مع ما ذهبت إليه بعض التشريعات العربية.
حيث نص المشرع التونسي في الفصل 31 من المجلة التونسية على انه :
"يحل الطلاق :
-بتراضي الزوجين
-بناء على طلب احد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر
-بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به.. ."
فالمشرع التونسي دأب منذ اليوم الأول للاستقلال يفكر في الوسيلة الناجعة التي من شانها التخفيف من قضايا الطلاق, وان كان ولا بد منه بحكم السنة البشرية وباعتباره ابغض الحلال إلى الله, فليقع تنظيمه وتحديد ما عليه بطريقة سلمية إلى ابعد حد لذلك أول ما بدر به يوم إصدار مجلة الأحوال الشخصية في 13 غشت 1958 هو أن جعل الطلاق لا يقع إلا عن طريق المحكمة (الفصل30من المجلة )[68], ثم حدد الفصل 31 الصور التي يمكن على أساسها الطلاق حيث جعل الحق في الطلاق يمارسه كلا الزوجين سواء عن طريق الاتفاق أو من طرف احد الزوجين مقررا بذلك مساواة تامة بينهما في اللجوء إلى هذه مسطرة.
بخلاف ما تضمنته مدونة الأسرة التي وان جعلت الطلاق يتم تحت مراقبة القضاء وباستدعاء الزوجة للاستماع إليها, فان الطلاق ظل حقا بيد الزوج لا يتطلب سوى الإذن به من طرف القاضي ولا يحق للزوجة اللجوء إليه إلا في حالة الطلاق الاتفاقي أو إذا ملكها الزوج منه.
كما أن مبدأ تقاسم الوالدين المسؤولية المشتركة تجاه أطفالهما من حيث الرعاية والحماية والإعالة عند الطلاق غير معترف به في القانون المغربي، إذ مازالت هناك بعض المقتضيات القانونية التي تولي الاعتبار الأول للأب كالولاية القانونية على أموال الأبناء وسقوط حضانة الأم في حالة زواجها بأجنبي وهو ما يعد انتهاكا مضاعفا لحق الأم في الحضانة وحقها المدني في الزواج[69].
في حين نجد أن المشرع التونسي قد ذهب بعيدا في هذا الإطار حيث سوى حقوق الزوجة بحقوق الزوج، فلكل واحد منهما الحق في طلب الطلاق ومن تعسف في طلبه يعوض الطرف الآخر، كما اتجه إلى إقامة مساواة تامة في الحقوق بين الأم والأب بعد التعديلات التي أدخلت على المجلة سنة 1999.
فعدم وجود مساواة بين الأب والأم في إطار القانون المغربي, يمكن أن يثير تدخل النظام العام الدولي من جديد, القائم على مبدأ المساواة التامة بين الجنسين في جميع الحقوق والواجبات بما فيها السلطة الأبوية.
وكان على المشرع المغربي إقرار المساواة التامة بين الزوجين في ممارسة الحقوق والمسؤوليات المشتركة من خلال المؤسسات القانونية المتصلة بالنيابة الشرعية والقوامة والحضانة وترك الإرادة الحرة للزوجين الحق في تنظيمها تحت مراقبة القضاء, على الأقل عندما يتعلق الأمر بالطلاق الاتفاقي .
الفقرة الثانية : إرادة الزوجين في الطلاق الاتفاقي
أثار موضوع الإرادة في الروابط الأسرية الخاصة، اهتمام فقهي وقضائي تجسد في النقاش, حول إيجاد حل وسطي توفيقي بين القانون الوطني المحافظ على ثقافة البلد الأصلي للمهاجر, الذي يتناقض مع النظام العام الأوربي, وبين قانون الإقامة الاعتيادية الذي يتجاهل هوية المهاجر المسلم.
حيت اقترح الأستاذ جان ايف كارلييه في أطروحته, تبني سلطان الإرادة كحل للمشاكل المتعلقة بالأحوال الشخصية للجالية المسلمة بأوروبا[70], بعد أن كانت الإرادة في إطار القانون الدولي الخاص تمارس أساسا في مجال العقود الدولية[71] ، أضحت ضابط إسناد لدى بعض التشريعات الأوربية لحل المشاكل المرتبطة بالأحوال الشخصية للجالية المغربية والمسلمة بأوربا [72].
إلا أن سلطان الإرادة كضابط إسناد لتنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المقارن يجب أن نميزه عن حرية التعاقد في القانون الداخلي [73].
فإذا كانت الإرادة كضابط إسناد تمنح للأفراد إمكانية اختيار القانون الذي تخضع له الرابطة القانونية محل النزاع، فإنه في ظل التشريع المغربي سواء من خلال ظهير الوضعية المدنية للأجانب 12غشت 1913 أو ما تضمنته مقتضيات المادة 2 من مدونة الأسرة, فانه لا سبيل للحديث عن مبدأ سلطان الإرادة كضابط إسناد في التقنين المغربي.
وكل ما نص عليه المشرع المغربي في قانون الأسرة الجديد هو حرية التعاقد بين الزوجين عند الاتفاق على الطلاق في إطار احترام مقتضيات المدونة ومراعاة مصلحة الطفل عند الاقتضاء, هذا المستجد الذي جاء نتيجة لمطالب المجتمع المدني والسياسي والثقافي[74], الداعي إلى توسيع مجال الشروط في عقد الزواج لتوفير ضمانات اكبر للمرأة والطفل.
وقد نادى الأستاذ عبد الرزاق مولاي الرشيد إلى إدخال مبدأ سلطان الإرادة في ميدان الأحوال الشخصية, في القانون الداخلي المغربي، وأكد على ضرورة تصور نظام أسرة مبنية على فكرة الاختيار يتم فيها إعطاء الأفراد حق التقرير بإرادتهم الحرة في بعض مسائل الأحوال الشخصية الشديدة الحساسية مثل النفقة على بيت الزوجية والتعدد والطلاق باتفاق الطرفين على أن الطلاق بينهما لا يمكن أن يحصل إلا أمام القاضي وان من تعسف فيه يؤدي تعويضا إلى الطرف المتضرر…".
وقد استجابت مدونة الأسرة لهذه المطالب بإدخال مبدأ سلطان الإرادة في مجال الأحوال الشخصية والتوسيع من دائرة حرية الإرادة ليشمل ميدان الطلاق, من خلال الاتفاق على إنهاء العلاقة الزوجية" بشروط أو بدون شروط"وفق ما نص عليه الفصل 114 من المدونة.
وبهذا يتخذ الاتفاق على الطلاق وفق قانون الأسرة المغربي صورتين :
-الصورة الأولى: الاتفاق على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية مع إسناد النظر للمحكمة لتحديد مستحقات الزوجة والأبناء، حيث يتراضي الزوجان على الطلاق دون أن يتم الاتفاق على الآثار المترتبة عنه, تاركين الأمر لما تضمنته المقتضيات القانونية للمدونة وللسلطة التقديرية للقاضي.
– الصورة الثانية : الاتفاق على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية وكذا على الآثار المترتبة عن الطلاق, سواء ما يتعلق بتنظيم العلاقات الشخصية فيما بينهما أو علاقاتهما بالأطفال في حالة وجودهم وهو ما عبرت عنه المدونة على انه «يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية بشروط".
فإقرار المشرع المغربي لمؤسسة الطلاق الاتفاقي كآلية لانحلال الرابطة الزوجية سيمكن أفراد الجالية المغربية من الحصول على الاعتراف بانحلال رابطتهم الزوجية بسهولة أمام القضاء المغربي وذلك في حالة لجوء الزوجين إلى الطلاق الاتفاقي, وهذا يرجع إلى ارتفاع نسبة الاعتراف بطلبات التذييل للأحكام الأجنبية الصادر بالطلاق الاتفاقي[75].
حيث قضت المحكمة الابتدائية بالناضور في حكم رقم 873 بتاريخ 2004.09.20 بتذييل الحكم الأجنبي الصادر عن الحكمة الابتدائية باوتريخت بهولندا بتاريخ :2004.2.18 والقاضي في منطوقة بطلاق الاتفاقي للزوجين "حيث ان الحكم المذكور تأسس على الطلاق الاتفاقي بين طرفي العلاقة الزوجية الثابتة بين الطرفين وحيث ان مدونة الأسرة المغربية تجيز الإشهاد على الطلاق الاتفاقي وتوثيقه بموجب المادة 114 من المدونة…وحيث انه بموجب هذا الجواز الشرعي لا ترى المحكمة فيما شهدت به المحكمة الأجنبية بموجب الحكم الأجنبي المراد تذييله من وقوع الطلاق الاتفاقي بين الطرفين والإشهاد عليهما بذلك لا يتعارض مع النظام العام المغربي[76].
لتكون بذلك مدونة الأسرة أخذت تنسجم مع التطورات التي يعرفها قانون الطلاق في التشريعات المقارنة, وأخص بالذكر التعديل الجديد الذي عرفه قانون الطلاق في فرنسا لسنة 2005[77].
حيث نص المشرع الفرنسي من خلال المادتين 230 و 233 من القانون المدني الفرنسي على إمكانية الاتفاق بين الزوجين على الطلاق.
فبعد أن خولت المادة 230 للزوجين الاتفاق، على الطلاق, الذي يمكن طلبه من قبل الزوجين في حالة الاتفاق على إنهاء الزوجية وكذا الاتفاق على الآثار المترتبة عليه،
و يخضع مشروع الاتفاقية المنظمة لآثار الطلاق لتقدير القاضي, نجد المادة 233 تمنح للزوجين إمكانية طلب الطلاق من طرف أحد الزوجين وقبول من الآخر, أو بطلب الطلاق من الزوجين معا بعد اتفاقهما على مبدأ إنهاء الزوجية دون الآثار.
وبهذا منح كل من القانون المغربي والفرنسي للزوجين حرية الاختيار في حالة الاتفاق على الطلاق، بين الخضوع إلى النظام القانوني لانحلال الرابطة الزوجية وبين اللجوء إلى النظام التعاقدي، بخلاف ما ذهب إليه المشرع البلجيكي في المادة 233 من القانون المدني، حيث استلزم من الزوجين في حالة اللجوء إلى مسطرة الطلاق الاتفاقي تحرير عقد أولي يتم فيه الاتفاق على جميع المسائل المرتبطة بالطلاق وبآثاره.
ولا يمكن قبول هذا الاتفاق من قبل المحكمة إلا بعد توفر الشروط التي وضعها المشرع في حالة الطلاق ومن أهم هذه الشروط, التي قيد بها القانون البلجيكي حرية الراغبين في الطلاق الاتفاقي :
– توفر السن القانوني في الزوجين، وقد حددها الفصل 275 من القانون المدني البلجيكي في 20 سنة كاملة.
–كما نص الفصل 276 من نفس القانون على أن الطلاق الاتفاقي لا يقبل إذا كان الزواج قد ابرم في مدة تقل عن سنتين من تاريخ إيداع الطلب في المحكمة.
غير أن إحاطة إرادة الزوجين في حالة الطلاق بمثل هذه الشروط لا تقتصر على التشريع البلجيكية، بل إن معظم الدول الأوروبية تنص في تشريعاتها على مثل هذه الشروط [78]. مما يمكن اعتبار أن هذه الشروط تعتبر من النظام العام لهذه الدول لا يمكن مخالفتها.
وان كان المشرع المغربي لم يستلزم توفر مثل هذه الشروط, إلا أنه أحاط الاتفاق بضرورة مراعاة الزوجين أحكام المدونة التي لا يمكن مخالفتها حيث نصت المادة 114 من قانون الأسرة "على ألا يتنافى الاتفاق مع أحكام هذه المدونة ولا يضر بمصالح الأطفال" فأخضع الاتفاق على الطلاق لمراقبة القضاء الذي يمارس سلطته التقديرية في مراعاة مدى التزام الزوجين بحماية حقوق أطفالها واحترام أحكام المدونة، إذ يمكن للقاضي رفض الإذن بالطلاق الاتفاقي أو القيام بتعديل الاتفاق إذا استدعت الضرورة ذلك.
مما يجعلنا نتساءل حول مدى إمكانية تراجع أحد الزوجين على الاتفاق, خاصة وانه أصبح يطرح بحدة أمام القضاء المغربي؟
لم يتعرض المشرع المغربي إلى إمكانية الزوجين التراجع بعد الاتفاق على الطلاق بخلاف ما ذهب إليه المشرع الفرنسي في المادة 233 من القانون المدني حين اعتبر أن الاتفاق على الطلاق غير قابل للتراجع عليه ولو بالطعن بالاستئناف الأمر الذي يتطلب الوقوف عند المقصود بالاتفاق في التشريع المغربي.
وباستقرائنا لمقتضيات الطلاق الاتفاقي، سواء القانونية أو التنظيمية، المتمثلة في منشور وزير العدل للسادة القضاة الملحقين بسفارات المملكة المغربية بالخارج، نجد أن المشرع المغربي يعتبر الطلاق الاتفاقي عقد مدني شكلي، فبالإضافة إلى أنه يستلزم الخضوع لمجموعة من الإجراءات القضائية والإدارية، يظل عنصر التراضي بين الزوجين أساسي لإتمامه.
والتراضي كما نص عليه قانون الالتزامات والعقود المغربي في المادة 19 "لا يتم الاتفاق إلا بتراضي الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية".
فإذا وقع التراضي بين الزوجين على بعض الشروط واحتفظ الطرفان صراحة بشروط أخرى معينة لتكون مدار اتفاق لاحق فإن الاتفاق لا يتم والشروط التي تم الاتفاق عليها تبقى نفسها مجردة من أي أثر قانوني حتى لو حرر الزوجين ما تم الاتفاق عليه كتابه[79]، ويحق لأحد الزوجين أو لكليهما التراجع عن الاتفاق, لكن نظرا لخصوصية العلاقة الزوجية, لان أحكام الطلاق هي من النظام العام لا يجوز للزوجين الاتفاق على مخالفتها إلا في ضوء الحدود التي منحها لهما المشرع المغربي, يمكن لأحد الزوجين التراجع عن الاتفاق على الطلاق بعد إذن المحكمة لهما بتوثيقه؟.
أن الإشكال العملي الذي تعرفه تطبيق المادة 114 من طرف القضاء هو تراجع أحد الزوجين –خاصة الزوج – عن توثيق الطلاق الاتفاقي بعد إذن المحكمة به، والاتفاق الزوجين على جميع الآثار المترتبة على الطلاق, فهل يعتبر إذن المحكمة بمثابة حق يخول للزوجة توثيق الطلاق واستكمال باقي الإجراءات الإدارية دون الزوج؟
لقد سار العمل في بعض أقسام قضاء الأسرة إلى اعتبار تراجع الزوج عن توثيق الطلاق سند يخول للزوجة اللجوء إلى مسطرة الشقاق, وأن الزوجة لا يحق لها استكمال باقي الإجراءات الإدارية لطلاق الاتفاقي لتراجع الزوج الذي له الحق وحده في توثيق الطلاق.
هذا الموقف الذي اتجه إليه بعض القضاة يجد سنده فيما اعتبر بعض الفقه من أن تراجع الزوج عن الاتفاق بعد إذن المحكمة به، حق له ما دام أن الطلاق في الأصل بيد الزوج، لم ينتزع منه وإنما يمنع من أن يمارسه ممارسة تعسفية وينبغي عليه أن يقوم بالتعويض إذا تحقق الضرر للزوجة من جراء تراجعه، فهو لم يقم بعمل ممنوع عليه وإنما تعسف في استعماله.
وإجبار الزوج على التوثيق تصور باطل، فلا يجب أن يلتزم بالطلاق لأن الطلاق استثنائي لقول الرسول عليه الصلاة والسلام "إن أبغض الحلال عند الله الطلاق".
وأن الطلاق يعتبر واقعا بالاشهاد عليه من طرف من هم مؤهلون قانونا للاشهاد عليه وتوثيقه.
إن الأدلة التي تمت الاعتماد عليها, سواء بالنسبة لفقه القضاء أو بعض الفقهاء, في حق الزوج التراجع على الطلاق الاتفاقي, وان كانت تعمل على الحفاظ ما أمكن على الأسرة لما تحققه من استقرار نفسي وعاطفي للطرف الثالث في هذه العلاقة وهم الأطفال لأنها الخلية الأساسية في المجتمع المغربي, وهو ما تجسد في الفلسفة التشريعية لمدونة الأسرة, غير انه لا يمكن الأخذ بهذا الاجتهاد في إطار الروابط الأسرية الدولية الخاصة وذلك لأن معظم التشريعات المقارنة لا تجيز للزوجين التراجع عن الطلاق بعد صدور الحكم القضائي وفي ذلك ما نص عليه المشرع الفرنسي في المادة 233.
وان كانت المحاكم المغربية لا تمنح سوى الإذن بالطلاق الاتفاقي ليبقى للزوجين الاشهاد عليه بعد ذلك, فان جمهور الفقهاء يرون أن الطلاق يقع صحيحا من غير الحاجة إلى الإشهاد عليه وان حضور الشهود شرط صحة في إنشاء الزواج وليس شرط صحة في إنهائه.
فكيف يمكن القبول بتراجع الزوج عن الطلاق بعد أن يتم الاتفاق مع الزوجة على كل الآثار المترتبة على الطلاق ويقوم القاضي بإجراء محاولتين للصلح وبعد إصرارهما على الطلاق وتأذن المحكمة به، نقول أنه لم يتم بعد الطلاق؟
إن الأخذ بهذا الاتجاه سيفرغ لا محال مؤسسة الطلاق الاتفاقي من مضمونها وسيؤدي إلى نتائج سلبية على الحياة الأسرية للمغاربة في المهجر كما انه يتنافى مع المبادئ العامة للالتزام.
كما أنه من خلال استقرائنا للدليل العملي التي أعدته وزارة العدل لشرح مدونة الأسرة[80], نجد أن الفصل 114 ينص على أنه" يتم الإشهاد بالطلاق من أذنت له المحكمة به من الزوجين داخل أجل 16 يوما من تاريخ تسليم الإذن" مما يوضح أن الإشهاد على الطلاق الاتفاقي يتوقف فقط على إذن المحكمة عند الاتفاق بين الزوجين ، ومتى حصل الإذن من المحكمة يحق لأحد الزوجين الإشهاد عليه لدى العدليين.
وهذا ما ذهب إليه الاجتهاد القضائي في تونس حيث يجري العمل القضائي حاليا على اعتبار أن دعوى الطلاق بالاتفاق سواء رفعت إلى المحكمة بعريضة مشتركة بين الزوجين حررها عدل منفذ أو بعريضة من أحدهما وقبول من الآخر أمام قاضي الأسرة، تعتبر دعوى رضائية جمعت إرادتين، ولا يمكن بالتالي الرجوع فيها إلا بنفس الشكل، أي أنه لا يمكن ذلك من قبل طرف واحد، بل لابد من الاتفاق بين الطرفين على التراجع فيها وتسجيل ذلك عليهما لدى هيئة قضائية حيث اعتبر فقه القضاء صراحة أن التراجع من جانب واحد غير مقبول وأنه بالتالي لا يقبل التراجع إلا من الزوجين معا حين يخيران مواصلة الحياة الزوجية.
كما قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية أن "توافق الزوجين أمام القاضي الصلحي على إيقاع الطلاق بينهما بالاتفاق لا يسمح لأحدهما بالعدول عنه دون موافقة الطرف الثاني"[81] .
بينما اعتبرت محكمة التعقيب أنه إذا اتفق الزوجان على الطلاق ووقع رفع الدعوى من أجله وتبث إصرارهما عليه بجلسة المصالحة وجلسة الحكم فوقع القضاء به ابتدائيا عملا باتفاقهما فإن ما أظهرته الزوجة بعد ذلك من الندم واستئناف الحكم مدعية الإكراه بشهادة البينة التي سمعتها محكمة الدرجة الثانية ولم تقدر شهادتها، وأقرت الحكم الابتدائي فإن ذلك الحكم صحيح وغير قابل للطعن" [82].
مما يستلزم على القضاء المغربي السير على منوال الاجتهادات القضائية المقارنة واعتبر تراجع أحد الزوجين بعد إذن المحكمة، غير معتد به لأننا أمام حالة طلاق اتفاقي لمغاربة في المهجرلا يقبل منهما التراجع عن الاتفاق إلا قبل صدور الحكم وليس بعده وأن الاعتداد بما يسير به العمل القضائي المغربي حاليا، في حالة تراجع الزوج، بتمكين الزوج من التحلل من الاتفاق وتخويل الزوجة اللجوء إلى مسطرة الشقاق لهو ضرب لروح مؤسسة الطلاق الاتفاقي والغرض من تشريعها، مما سيجعل معاناة الزوجة المهاجرة تستمر، وتعيش وضعية عدم استقرارمن جديد لأنه بالنسبة إلى القضاء الأجنبي الطلاق قد وقع بينهما بمجرد إذن المحكمة به, الأمر الذي يجعلها تلجا إلى حصانة القانون الأجنبي الذي يوفر لها الحماية القانونية من تراجع الزوج عن الطلاق بعد إذن المحكمة والاتفاق على الآثار المترتبة عليه بخلاف التشريع المغربي.
المبحث الثاني: الاتفاق على الآثار المترتبة على الطلاق
بالإضافة إلى إمكانية الزوجين الاتفاق على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية, فقد حرص المشرع المغربي على ايلاء إرادة الزوجين دورا أساسيا في تنظيم جميع العلاقات الناتجة عن هذا التصرف, فخول لهما إمكانية الاتفاق أيضا على الآثار المترتبة على هذه الفرقة. فمنح للزوجين حرية تنظيم علاقاتهما الشخصية عند الطلاق (المطلب الأول) كما سمح لهما أيضا بالاتفاق على مصلحة أطفالهما, وواجباتهما نحوهما بعد الطلاق (المطلب الثاني) في إطار احترام أحكام مدونة الأسرة.
المطلب الأول: اتفاق الزوجين على تدبير علاقاتهما الشخصية
للزوجين التراضي على تنظيم علاقاتهما الشخصية عند الطلاق، والتي تتضمن الاتفاق على العلاقات المالية المشتركة بينهما (الفقرة الأول) وحقوق الزوجة بعد الطلاق (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تنظيم العلاقات المالية بين الزوجين
إن تنظيم العلاقة المالية بين الزوجين عند انحلال الرابطة الزوجية تختلف باختلاف مرجعية النظام القانوني السائد في كل دولة وفلسفتها للرابطة الزوجية، الأمر الذي يجعل العلاقات المالية ذات العنصر الأجنبي محل لتنازع القوانين[83].
ذلك أن المشرع المغربي ورغم المستجد الذي نص عليه في المادة 49 من مدونة الأسرة على أنه يجوز للزوجين في إطار تدبير الأموال التي ستكسب أثناء قيام الزوجية الاتفاق على استثمارها وتوزيعها، بحيث يتراضيان في بداية حياتهما الزوجية على الطريقة التي يروها ناجعة لاستثمار أموالهما, ويحددان أيضا نصيبهما, من الأموال التي تمت اكتسابها خلال الحياة الزوجية أو عند انتهائها بالوفاة أو الطلاق [84].
وتجد هذه المادة سندها فيما يصطلح عليه فقها وقانونا، من تصرفات تدخل في نطاق مبدأ سلطان الإرادة, التي تخول لكل شخص تدبير شؤونه وإدارة أمواله، والتصرف فيها بالشكل الذي يراه ملائما من غير أن يخالف القواعد الآمرة في ذلك.
فانه و رغم ما تضمنته هذه المادة من مقتضيات إلا أنها جاءت لتؤكد من جديد، ما كان عليه الوضع في ظل مدونة الأحوال الشخصية، و أن الذمة المالية لكل واحد من الزوجين تظل مستقلة عن الآخر يتصرف فيها كيف شاء [85].
فالأصل هو استقلال كل شخص بذمته المالية، الأمر الذي يعني أن الزوج المغربي في إطار الطلاق الاتفاقي يقوم بتنفيذ ما التزم به من تدبير لأموال المكتسبة خلال قيام الزوجية وفق مبدأ انفصال الذمة المالية للزوجين، وفي حالة عدم وجود اتفاق مسبق بينهما, فإنهما يخضعان للقواعد العامة في الإثبات حسب ما نصت عليه المادة 49.
على انه في حالة الاتفاق على تدبير أموالهما المشتركة, ليس هناك ما يمنع الطرفين من تنفيذ الاتفاق حول قسمة الأموال التي اكتسبت أثناء قيام الزوجية أو إعادة قسمتها، ما دام أن المشرع المغربي عمل على توسيع مجال الإرادة في مدونة الأسرة, وإن كانت المادة 49 من مدونة الأسرة لم تعترف بحق الزوجة في الكد والسعاية كما نادى به العديد من فقهاء المالكية في المغرب [86] .
ذلك أن المشرع المغربي كل ما سمح به هو إمكانية الزوجين، إبرام عقد مستقل بينهما، يتوافقان فيه على الطريقة التي سيتم بها تدبير الأموال التي سيتم اكتسابها.
والواقع أنه سمح بتصرف هو أصلا مباح شرعا وقانونا ويجوز القيام به من غير التنصيص عليه مادامت هذه التصرفات لا تمس النظام العام المغربي ولا مقاصد وغايات عقد الزواج وليس من الشروط المنافية له[87].
كما أن هذا التصرف ينبثق من استقلال كل واحد من الزوجين بذمته المالية، وهذا على خلاف ما ذهب إليه المشرع التونسي الذي أجاز للزوجين اختيار نظام الاشتراك في الأملاك عند إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لاحق.
وهو نظام اختياري يهدف إلى جعل عقار أو جملة من العقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة بل ذهب أبعد من ذلك عندما نص في الفصل 2 انه إذا صرح الزوجان بأنهما يختاران نظام الاشتراك في الأملاك فإنهما يخضعان إلى أحكام هذا القانون[88], كما يحق لهما الاتفاق على توسيع نطاق الاشتراك بشرط التنصيص على ذلك صراحة بالعقد.
وبهذا منح القانون التونسي للزوجين الحرية التامة في اختيار النظام المالي الذي يرغبان في الخضوع إليه, واعتبر الزواج المبرم دون تنصيص على رأي الزوجين في نظام الأملاك الزوجية, بمثابة اختيار لنظام التفرقة في الأملاك. [89].
وإن كان الأشكال يطرح في حالة كون الزوجين يحملان معا الجنسية المغربية واختار الخضوع إلى قانون الموطن المشترك، أو في الحالة التي يكون أحد الزوجين أجنبيا، أو يتوفران على ازدواجية في الجنسية[90]. لأن النظام السائد في الدول الغربية هو مبدأ شيوع الأموال بين الزوجين ما لم يتفق الأطراف على استعباده، فالقانون الفرنسي يترك حرية للزوجين في الاختيار بين :
-نظام الفصل في الأموال الذي يقوم على الفصل الاتفاقي للأموال[91]، وان كان الزوجين يشتركان في واجب المساعدة والنفقة وما تتطلبه مصروفات البيت وما يتم اقتناؤه, بعد الزواج مما يستلزم عند إنهاء العلاقة الزوجية تنظيم العلاقة المالية على أساس أنها قائمة على الاشتراك في الأموال فيما اقتناه الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية.[92]
-نظام الاشتراك في الأموال وهو إما نظام اشتراك قانوني، المتبع فيما لم يختر الزوجان نظام آخر في العقد أو الاشتراك الاتفاقي إذ يتم الاتفاق على تعديل نظام الاشتراك القانوني وتمديده ليشمل كل الأموال المنقولة والعقارية التي يملكانها من تاريخ إبرام الزواج.
كما أن القانون البلجيكي يستلزم من الزوجين في حالة الطلاق الاتفاقي، القيام بالتسوية الاتفاقية، وتوزيع جميع الممتلكات المشتركة وتوثيق هذه الحقوق المتفق عليها بشكل دقيق في متن الاتفاق الأولي أو في عقد مستقل، وقد منح المشرع البلجيكي الحرية لإرادة الزوجين فيما يقررانه، مما سيسمح للمغاربة المقيمين في بلجيكا, اختيار القانون الوطني المغربي في ما يخص تدبير أموالهما المشتركة.
إلا أن الضمانات التي يقررها التقنين البلجيكي للزوجين مقارنة مع التشريع المغربي تجعل الزوجين يرغبان في الخضوع للقانون البلجيكي الذي يوجب علهما في حالة وجود عقارات مشتركة اللجوء إلى جرد الممتلكات, من قبل الموثق, الذي يجب عليه القيام باتخاذ جميع الإجراءات التي ينص عليها القانون.
وإن كان قانون وجود العقارات يتدخل من أجل الحد من اتفاق الأطراف وحماية الطرف المتضرر، فإن الأمر لا يثير اشكالا إذا كان موقع هذه الممتلكات في موطنها المشترك.
وعلى خلاف ذلك عندما يكون موقع بعض الممتلكات في المغرب، فقد يلجأ أحد الزوجين إلى التدليس أو الغبن, خاصة وأن المشرع المغربي لا يعترف بحق المرأة في أن تمتلك حصة من الممتلكات مساوية لحصة الزوج عند انتهاء الرابطة الزوجية، وحتى عندما تكون هذه الحقوق القانونية ثابتة للمرأة باتفاق مسبق، وتقوم المحاكم بإنفاذها، فإن الرجل هو الذي يدير الممتلكات التي تملكها المرأة أثناء الزواج أو عند الطلاق[93].
و أمام غياب نص تشريعي في القانون المغربي يوفر لها هذه الحماية, نجد أن التشريع البلجيكي يفرض للنظام المالي في قانون الطلاق حماية خاصة، إذ يتعرض طرف العلاقة الزوجية الذي تحايل على القانون, في شخص الخبير العقاري في حالة تعيينه أو الموثق, بإخفاء بعض الممتلكات عن الآخر إلى عقوبات جنائية سالبة للحرية، أو مادية بالإضافة إلى العقوبات المدنية كحرمانه من الأموال التي قام بإخفائها.
أما في حالة غياب اتفاق مسبق بين الزوجين خلال الحياة الزوجية، فإنه حسب المادة 49 من قانون الأسرة يكون التركيز موجها بدرجة أكبر عند تقسيم ممتلكات الزوجية إلى المساهمات المالية في الملكية المكتسبة أثناء الزواج، بينما ينتقص من قدر الإسهامات الأخرى، مثل تربية الأطفال ورعاية الأقرباء وأداء الواجبات المنزلية، وهذه الإسهامات ذات الطابع غير مالي التي تقدمها الزوجة، كثيرا ما تمكن الزوج من كسب الدخل ومن زيادة الأصول المالية، الأمر الذي يجعل المرأة المغربية تفضل اختيار الخضوع لقانون الإقامة على القانون الوطني المغربي.
مما يستوجب من المشرع المغربي القيام بتدارك النقص التشريعي وحماية الأموال المكتسبة أثناء الحياة الزوجية, وإعطاء الإسهامات المالية وغير المالية نفس الوزن، عند غياب اتفاق مسبق بين الزوجين، والعمل على توفير النصوص القانونية، التي تضمن الحماية من التدليس أو التحايل الذي يقوم به أحد طرفي العلاقة الزوجية والإقتداء بالنهج الذي سار عليه التشريع البلجيكي من خلال فرض عقوبات مدنية وجنائية عند الاقتضاء.
الفقرة الثانية : الاتفاق على حقوق الزوجة بعد الطلاق
قبل الحديث عن إمكانية اتفاق الزوجين على حقوق الزوجة بعد الطلاق يجب أولا أن نقوم بتحديد الحقوق التي تستحقها الزوجة عند الطلاق والتي تشمل وفق ما نصت عليه مدونة الأسرة في المادة 84 : "الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة والمتعة التي يراعى في تقديرها فترة الزواج والوضعية المالية للزوج، وأسباب الطلاق ومدى تعسف الزوج في توقيعه.
وتسكن الزوجة خلال العدة في بيت الزوجية أو للضرورة في مسكن ملائم لها وللوضعية المادية للزوج، وإذا تعذر ذلك تحدد المحكمة تكاليف السكن في مبلغ يودع كذلك ضمن المستحقات بكتابة ضبط المحكمة".
ومن خلال هذا الفصل تتضح أن الحقوق التي يجب للزوجة على زوجها بمناسبة إنهاء العلاقة الزوجية تشمل :
1-المتعة :
وهي ما يعطيه الزوج لزوجته عند الطلاق جبرا لخاطرها وتعويضا لها مما يمكن أن يلحقها من الضرر، وقد أشار إليها القرآن الكريم في قوله تعالى "لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتدر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين" [94].
وليست كل مطلقة تستحق المتعة بل لاستحقاقها يجب أن تتوفر الشروط الآتية:
-يجب ألا يكون الطلاق قد وقع قبل الدخول وبعد تسمية الصداق، إذا في هذه الحالة تستحق المطلقة نصف الصداق.
-يجب أن يكون الشخص الذي أوقع الطلاق هو الزوج، لأن النص القانوني ينص على أنه يلزم كل "مطلق" وهو الزوج [95] لذلك فلا تحصل المرأة على أي تمتيع في حالة التطليق القضائي، وفي حالة التمليك، وكذلك في حالة الخلع.
ولكن في حالة الطلاق الاتفاقي هل تستحق الزوجة المتعة؟
يذهب جانب من الفقه المغربي [96] إلى أنه يجب أن يكون طلاق الزوج اختياريا وبرغبته المنفردة حتى تستحق الزوجة المتعة, غير أنه ليس هناك ما يمنع الزوجين من الاتفاق على المتعة أو إسقاطها، مادام المشرع منح للزوجين حرية الاتفاق على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجية بشروط قد تمتد إلى أجرة الرضاع، إذا كانت المطلقة ترضع ولدها، وأجرة الحضانة نظرا للأعمال التي تقوم بها نحو الأطفال.
2-إقامة الزوجة أثناء دعوى الطلاق
وهي من التدبير المؤقتة التي نص عليها المشرع المغربي في المادة 121 من مدونة الأسرة ذلك انه" في حالة عرض النزاع على القضاء, وتعذر المساكنة بينهما, للمحكمة أن تتخذ التدابير المؤقتة التي تراها مناسبة بالنسبة للزوجة والأطفال تلقائيا أو بناء على طلب, وذلك في انتظار صدور الحكم في الموضوع, بما فيها اختيار السكن مع احد الأقارب, أو أقارب الزوج, وتنفذ تلك التدابير فورا على الأصل عن طريق النيابة العامة"
فعندما يحدث النزاع بين الزوجين، وتتعذر المساكنة بينهما أثناء جريان الدعوى، يكون من مصلحة الزوجين أن يتم الاتفاق على تعين المكان الذي تقيم فيه الزوجة أثناء سريان الدعوى, وعند الاقتضاء النفقة, لأن الزوج ملزم بأن ينفق على زوجته أثناء الدعوى سواء كانت تقيم معه أو تقيم عند أحد أقاربها [97].
3-سكنى ونفقة الزوجة المطلقة
أخذ المشرع بمبدأ اعتداد المرأة ببيت الزوجية، حيث تمكث فيه حتى تنتهي عدتها، ولما كان الطلاق الاتفاقي وفق مقتضيات مدونة الأسرة طلاقا بائنا حيث نصت في المادة 123 على أن "كل طلاق أوقعه الزوج, فهو رجعي,إلا المكمل للثلاث والطلاق قبل البناء والطلاق بالاتفاق والخلع والمملك".
فإن للزوجة المطلقة بائنا الحق في: السكنى والنفقة إذا كانت حاملا إلى حين وضع حملها وإذا لم تكن حاملا السكنى دون النفقة خلال فترة عدتها [98].
وبهذا يمكن للزوجين الاتفاق على مسكن الزوجة ومبلغ النفقة عند العدة، وإن كانت إقامتها خلال مدة العدة في غير بيت الزوجية لا يعني أن تستقر الزوجة المطلقة في أي مكان، بل يجب أن يكون هذا البيت ملائم للمرأة ويترجم الوضعية المالية للزوج. وإذا تعذر تهيئ هذا السكن للزوجة بالاتفاق[99], فإن المحكمة تتدخل لتحديد تكاليف السكن في مبلغ يعكس الوضعية المالية للزوج، وفي جميع الحالات فإن المشرع لم يميز بين العدة في الطلاق الرجعي أو البائن في مسألة سكنى المعتد، حيث يطبق نفس الأحكام[100].
وكما يحق للمرأة أن تبرأ الزوج من النفقة بعد اتفاقهما فإنه يمكن أن يتفقا على نفقة الزوجة المطلقة على زوجها السابق، مادام أن المشرع المغربي يكرس فلسفة المساواة بين الزوجين في قانون الأسرة، وانسجاما مع بعض التشريعات الغربية التي تقرر اتفاق الزوجين على إعطاء أحد الزوجين للآخر بعد الطلاق نفقة شهرية, إذا كان هذا الأخير في وضعية لا يتوفر فيها على مورد معيشي وذلك من باب التكافل الاجتماعي، مما يحقق لنا مساواة فعلية بين الزوجين عند انحلال الرابطة الزوجية, وبالتالي منح لإرادة الزوجين الحق في الاتفاق حول كل ما يتعلق بهما، ما عدا إذا تعلق الأمر بمصلحة الطفل الفضلى.
وان كان القانوني البلجيكي يلزم الزوجين على أن يتم النص في متن الاتفاق الأولي إلى كيفية دفع التكاليف وحدد مشتملات تكلفة المسطرة[101], ويشتمل عقد الاتفاق لزاما تنظيما دقيقا للآثار المرتبطة بشخص الزوجين.
ولأن النفقة بين الأزواج من أكثر الآثار حساسية وإثارة للمشاكل عقب الطلاق لذلك تولى لهذه النقطة أهمية كبيرة في متن الاتفاق حيث يتراضى الطرفين على كيفية النفقة ومقدارها وكيفية أدائها. خاصة في الحالات التي لا يتوفر فيها أحد الطرفين على أي دخل قار كما قد يتفق الطرفين على ألا يستحق أي منهما أي نفقة تجاه الآخر وهذا هو الملاحظ في أغلب الاتفاقات.
و تحظى الحقوق الإرثية[102], بنصيبها من التنظيم إذ يتفق الطرفين على نصيب كل منهما في حالة موت أحدهما أثناء سريان المسطرة، ويمكنها الاتفاق على ألا يرث أحدهما الآخر وإن كان غالبا ما يتم الاتفاق على الحل الأخير الذي يبدأ في السريان بمجرد إيداع الاتفاق, وهو نتيجة منطقية لانفصال الرابطة الزوجية فتعود حقوق المتوفى لأبنائه أو الأشخاص المعنيين في وصيته.
كما ينص القانون على ضرورة تعيين محل إقامتهما في متن الاتفاق ليتسنى للمحكمة استدعائهما ولكي يظلا منفصلين خلال سريان المسطرة، وفي حالة تغيير محل الإقامة فلابد من إعلام المحكمة بمقر الإقامة الجديد ذلك أن الطرفين لازال في حكم الزوجين إلى ما قبل صدور الحكم, فيكون من حق كل طرف معرفة محل إقامة الطرف الآخر.
حيث يعكس الاتفاق الأولي المبرم بين الزوجين إرادتهما المشتركة في تنظيم الآثار المترتبة عن طلاقهما بعد اقتناعهما المتبادل باستحالة الاستمرار في علاقة زوجية عادية، فيعملان بذلك على تأطير الآثار المرتبطة بهما كزوجين مطلقين كذا بأطفالهما عند الاقتضاء.
يتضح إذا أن المشرع البلجيكي نظم وبشكل دقيق الطلاق الاتفاقي فمنح حرية مطلقة للزوجين في اتفاقهما، وإن كانت حريتهما تبقى مقيدة بمدى مراعاة الاتفاق لمصالح الأطفال في حال وجودهما.
المطلب الثاني : الاتفاق على مصلحة الطفل بعد الطلاق
من القرارات التي يجب على الزوجين اتخاذها عند إنهاء الرابطة الزوجية بالاتفاق فيما بينهما، ما يتعلق بمسؤوليتهما وواجباتهما نحو أطفالهما.
وإن كان المشرع المغربي منح حرية للزوجين في تدبير كل ما يتعلق بحقوق أطفالها, فإن التزام الدولة المغربية باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال وضمان حقوقهم ورعايتها طبقا للقانون، فرضت عليه جعل الاتفاق المبرم بين الزوجين يخضع لمراقبة القضاء.
لهذا سنحاول أن نتناول في (الفقرة الأول) تنظيم المسؤولية الأبوية المشتركة على أن نتطرق في (الفقرة الثانية) إلى دور القضاء في حماية مصلحة الطفل.
الفقرة الأولى : تنظيم المسؤولية الأبوية المشتركة بين الزوجين
إن وعي المشرع المغربي بأهمية إيلاء الأطفال عناية خاصة باعتبارهم عنصرا أساسيا من العناصر المكونة للأسرة, جعله يفرد لهم مادة خاصة بالحقوق الواجب القيام بها من طرف أبويهما أثناء قيام الحياة الزوجية، على أن تتوزع فيما بينهما في حالة الانفصال, ومن أبرز الحقوق التي تطرح بشكل حاد عند الطلاق، حق الطفل في النفقة والحضانة.
فللأبوين الاتفاق على من سيتحمل واجب الحضانة [103], من خلال التشاور والتوافق، وقد رغب القرآن الكريم في التشاور والتراضي بين الأبوين بعد طلاقهما في شأن فصام ولدهما "فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما"[104], لذلك يكون التشاور أولى عندما يتعلق الأمر بالحضانة، وهكذا للام ان تتنازل عن حقها في الحضانة لفائدة الأب، ويستثنى من ذلك ما إذا تبين أن تنازل الأم عن حضانة ولدها في غير مصلحته، على اعتبار أن الحضانة حق مشترك بين الحاضن والمحضون.
كذلك إذا التزم الأب بأن لا يطالب بسقوط حضانة مطلقته ولو تزوجت أو سافرت فإن ذلك يلزمه ولا يبقى له الحق في أن يطلب الحكم بسقوط حضانة الأم. مع ضرورة مراعاة مصلحة الطفل وقد اعتبر الفقهاء هذه المعاملة من قبيل الصلح [105].
ومن أجل تفعيل مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل اقرت مدونة الأسرة المساواة بين المحضون سواء كان ذكرا أو أنثى عند انتهاء مدة الحضانة التي تستمر إلى بلوغ سن الرشد القانوني، ومنح للطفل المحضون حرية التعبير، عند اختيار من يحضنه من الأبوين بعد بلوغه سن الخامسة عشر وذلك من أجل تكوين شخصية منسجمة النمو ومكتملة التفتح والتي لن تكتمل إلا باحترام علاقاته الشخصية مع أقاربه, وحقه في زيادة الأقارب من جهة الوالدين معا.
فهذا الحق يحد من ممارسة الأبوين لسلطتهما على أبنائهما، لوجود عاملين أساسيين يبرران هذه المقاربة وهما:
-ظاهرة استبعاد الأطفال من محيطهم العائلي، وهذا ضد احتياجاتهم إلى محيط عائلي، ثقافي، اجتماعي يشعرون من خلاله بانتمائهم إلى ثقافتين لهم حقوق وعليهم التزامات نحوها وبالتالي حقهم في الرعاية والتنشئة في هاتين الثقافتين المختلفتين.
-احترام علاقة الطفل بالآخرين خاصة الجد والجدة [106].
لان تنظيم حق الزيارة بين الزوجين يعتبر من أهم الحقوق التي تضمن للطفل الارتباط بمحيطه العائلي والحفاظ على هويته وروابطه الخاصة مع أبويه, وإن كان إنهاء العلاقة الزوجية أمر لابد منه فيجب ألا ينعكس ذلك على وضعية الطفل وحقه في أن يبقى له اتصالات مباشرة مع أبويه معا.
وقد سعت مدونة الأسرة لتفعيل حق الطفل في زيارة أقاربه, بعد أن سمحت للزوجين تنظيم زيارة المحضون باتفاق بينهما، حيث نصت المادة 180 على حق غير الحاضن من الأبوين في زيارة واستزارة المحضون وللأبوين الاتفاق الحبي بينهما على تنظيم هذه الزيارة عن طريق تبليغ هذا الاتفاق الى المحكمة لتضمينه في مقرر إسنادها وتسجيل مضمونه.
وأقرت للمحضون صلة الرحم بأصوله التي يجب أن تستمر حتى بعد وفاة أحد والديه، بحلول جد وجدة المحضون من جهة أي والدي المتوفي في الاستفادة من حق الزيارة.
و يعتبر هذا مظهر حضاري يتم عن وعي كبير بروح المسؤولية وعن بعد النظرالوالدين وحمايتهما لمصلحة الأطفال، حيث يكون المحضون بالأساس هو المستفيد الأول من تلك الزيارة نظرا لآثارها النفسية على سلوكه، فتحديد الزيارة عن طريق الاتفاق بين الزوجين المطلقين يجب أن يكون أصلا، ولا يمكن أن يطالب ذلك التحديد من القضاء إلا بكيفية استثنائية، وفي حالة تعذر الوصول إلى مثل ذلك الاتفاق، انطلاقا من أن الأبوين أحن على الطفل وأحرص على مصلحته من غيرهما [107].
ومن ضمن الالتزامات التي يجب الاتفاق عليها ما يتعلق بتمدرس الأطفال الذين يوجدون تحت الحضانة، فقد تم التنصيص على هذا الالتزام في الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل، وفي المادة 54 من مدونة الأسرة، إضافة إلى ما تضمنه القسم الخاص بأحكام الحضانة، وإن كانت المقتضيات الخاصة بالحضانة لم تتطرق للمقابل المادي للحضانة، فإن المشرع قد اعتبر التعليم للأولاد عنصرا من عناصر النفقة عندما نص أن النفقة تشمل التعليم للأولاد مع مراعاة المادة 168 مما يخضعها مبدئيا لما تخضع له هذه الأخيرة من أحكام خاصة ما يلي:
تحدد المحكمة وسائل تنفيذ الحكم القاضي بالنفقة بما في ذلك الاقتطاع من المنبع وتقرر عند الاقتضاء الضمانات الكفيلة باستمرار أداء النفقة.
-لا يقبل طلب الزيادة في النفقة المتفق عليها أو المحكوم بها قبل مرور سنة إلا في ظروف استثنائية [108].
وإن كان حق الطفل في النفقة لا يقل أهمية عن حقه في الحضانة فقد أحاط المشرع المغربي اتفاق الزوجين على النفقة، بمعايير تهدف إلى حماية حقوق المستفيد من النفقة هذه الحماية تتجلى في تقدير النفقة وإعطائها صفة دين ممتاز إذ نصت المادة 189 من مدونة الأسرة تشمل النفقة الغذاء والكسوة والعلاج وما يعتبر من الضروريات، بالإضافة إلى تكاليف التعليم للأولاد.
ويجب الأخذ أثناء تحديد النفقة الواجبة المعايير التي قررها المشرع والمتمثلة في مراعاة التوسط عند تقديرها ودخل الملزم بها ارتفاعا وانخفاضا، وحال مستحقها ومستوى الأسعار والتقلبات التي تعتريها والأعراف والعادات السائد ة في الوسط الذي تفرض فيه النفقة تحقيقا للغاية من سنها ورعيا لمبدأ لا ضرر ولا ضرار, وذلك من خلال اعتبار تكاليف سكن المحضون من واجبات النفقة وإن كانت مستقلة في تقديرها عن النفقة وأجرة الحضانة.
إن وضع هذه المعايير العامة ستمكن من استيعاب ظروف النفقة، ووضعيتها في دول المهجر واستقبال هذه المقتضيات من قبل القضاء الأجنبي. خاصة بعد أن منحها القانون المغربي صفة دين ممتاز، فسواء تعلق الأمر بنفقة الزوجة أو الأطفال، فقد منح لها صفة دي ممتاز على المنقولات المملوكة للمدين بالنفقة[109].
ومن خلال ما سبق يتضح الطفرة النوعية التي حققها قانون الأسرة المغربي في مجال الاعتراف بحقوق الطفل وذلك على مستوى القوانين العربية التي تعرف غياب الاهتمام بوضعية الطفل سواء أثناء قيام العلاقة الزوجية أو عند انحلالها.
إذ لا نجد في التشريعات العربية أية إجراءات خاصة لصالح الأطفال سواء عند الطلاق عن طريق الاتفاق أو بحكم قضائي، فحتى القانون التونسي الذي يفرض للمطلقة جراية "على قدر ما اعتادته من العيش في ظل الحياة الزوجية لم يتضمن أية أحكام تضمن المصالح المادية والمعنوية للطفل.
والملاحظ أن المشرع المغربي قد واكب ما سارت عليه التشريعات المقارنة في جعل حماية حقوق الأطفال ضابطا على إرادة الزوجين عند الاتفاق على الطلاق مع الأخذ بالاعتبار الوضعية التي يعشها الأطفال الناتجين عن الزواج المختلط في حالة الانفصال.
حيث نص المشرع الايطالي في الفصل 155 من القانون المدني على أن ينظم الطرفين في الاتفاق بشكل واضح الحضانة الممنوح لأحدهم وحق الزيارة الممنوح للطرف الآخر مع إمكانية النص في هذا الاتفاق على منع السفر بالطفل إلى خارج إيطاليا إلا بموافقة الزوجين معا حفاظا على المصلحة الفضلى للطفل في الاحتفاظ بصلات قوية بأبويه طبقا للمادة 9 من الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
وتنظيم كيفية استفادة الأطفال من الأموال الممنوحة من قبل المؤسسات الحكومية كالإعلانات الاجتماعية أو التعويضات العائلية، حيث يمكن تحويلها إما لحساب الطرف الذي له حق الحضانة وفي حالة كون الطفل راشدا يتم تحويل المبالغ إلى حسابه (المادة 156 من قانون 1970) [110].
فمن المعلوم أن الآثار المترتبة عن الطلاق تكون منظمة من طرف الزوجين بحيث لا يمكن للقاضي أن يغير أو يتمم الاتفاق الحاصل بين الزوجين على مبدأ التطليق ولكن يمكن له أن يرفض المصادقة على هذا الاتفاق إذا تبين له أن هذا الاتفاق لا يضمن بصفة جدية مصالح الأطفال وحقوقهم كما هي مقررة في المواثيق الدولية والقانون الداخلي وفي مقدمتها :
-نفقة الأولاد التي تشمل التغذية والسكن أو الإقامة وواجبات التعليم مع الأخذ بعين الاعتبار حاجات الطفل المتجددة والمتطورة ومستواه التعليمي ونوع التعليم الذي يتلقاه.
وأن التأخير في أداء النفقة قد يؤدي إلى متابعة الزوج أو الزوجة بجريمة إهمال الأسرة طبقا للقانون الجنائي الإيطالي [111] .
الفقرة الثانية : دور القضاء في حماية مصلحة الطفل
لقد أسند المشرع المغربي للقضاء دور تفعيل مقتضيات مدونة الأسرة وجعلها تتلاءم مع الأهداف المتوخاة منها،فقد فرض قانون الأسرة رقابة لمحكمة على الاتفاق المبرم بين الزوجين، كلما تعلق الأمر بمصلحة الطفل، سواء عند انحلال الرابطة الزوجية أو بعد الطلاق.
حيث نصت المادة 184 من قانون الأسرة أن للمحكمة في جميع الأحوال أن تعيد النظر في إسناد الحضانة إذا رأت مصلحة المحضون تتنافى مع ما تم الاتفاق عليه بالاعتماد على الآليات التي تراها مناسبة لاتخاذ هذا القرار.
ولأن النيابة العامة تعتبر طرفا أصليا في جميع القضايا, فقد منحها المشرع حق تحريك هذه المسطرة إذا تبين لها أن مصلحة المحضون تستدعي ذلك، حرصا على ضمان الاستقرار المعنوي والمادي للطفل بعد الطلاق.
فأقرت بذلك مدونة الأسرة للمحكمة، مراقبة سكن المحضون، الذي يجب أن يفرد له تكاليف مستقلة عن واجبات النفقة وليكون تقديرها لمستوى السكن مستندا على مبررات سليمة، وفي الحالة التي لا تتوفر للمحكمة العناصر الكافية، يمكنها أن تستعين بتقرير يتم إعداده من طرف المساعدين الاجتماعيين حيث نصت المادة 172 "أن المحكمة الاستعانة بمساعدة اجتماعية في إنجاز تقرير عن سكن الحاضن وما يوفره للمحضون من الحاجات الضرورية المادية والمعنوية.
وأمام هذه الرقابة التي تمارسها المحكمة من أجل منح الإذن بالطلاق الاتفاقي بين الزوجين، نجدها تمارس كذلك رقابة بعدية لإلزام الطرفين بتنفيذ اتفاقهما، أو تعديل الاتفاق إذا استدعت الضرورة ذلك، وبهذا ألزم القانون بالإضافة إلى الأب والأم، الأقارب من جهة الأبوين معا وغيرهم بإبلاغ النيابة العامة بكل ما يتعرض له المحضون أو يتهدده من أضرار عند حاضنه, لترفع الأمر إلى المحكمة لاتخاذ الإجراء الملائم بما في ذلك إمكانية إسقاط الحضانة عمن يمارسها.
كما أنه في الحالة التي تستجد فيها ظروف يصبح معها المبلغ المتفق عليه في النفقة أو أجرة الحضانة غير كاف لتلبية حاجيات المحضون [112]. أو أن نظام الزيارة المقررة باتفاق الأبوين ضارا بأحد الطرفين أو بالمحضون، أمكن للمتضرر المطالبة بمراجعة نظام الزيارة بما يتلاءم والظروف الجديدة وللمحكمة كامل الصلاحية لاتخاذ ما تراه ملائما من الإجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة وإسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل من طرف أحد الزوجين في تنفيذ الاتفاق.
وبهذا يتضح أن المشرع المغربي يضع عبئا كبيرا على عاتق القضاء, يتمثل أساسا في حماية مصلحة الطفل الأمر الذي يتطلب وجود قضاء فعال وعصري متشبع بثقافة حقوق الإنسان وحقوق الطفل خاصة.
وان كان ما ذهبت إليه محكمة الناظور قسم قضاء الأسرة بتاريخ 26 يناير 2004 يخالف فلسفة مدونة الأسرة التي من بين ما تقوم عليه مصلحة الطفل المحضون[113].
عندما قامت بإسقاط حضانة الطفل عن أمه وتسلمه لوالده تحت طائلة غرامة تهديديه عن كل يوم تأخير عن التنفيذ دون مراعاة مصلحة الطفل المحضون في إسقاط الحضانة، إذ اعتبرت أن زواج الأم الحاضنة بأجنبي غير محرم الثابت بمقتضى رسم الزواج الموثق لدى القنصلية العامة بأمستردام ليسقط حضانة المدعى عليها، تطبيقا للمقتضيات القانونية.
إلا أن ما ذهبت إليه المحكمة في حيثياتها بعد أن توفرت لها القرائن التي تبتت زواج الحاضنة الأم وأن المحضون يتجاوز الأثنى عشر سنة كما أنها ليست النائبة الشرعية للمحضون، مما يعني عدم توفر الحالات التي تنص عليها المادة 175 من أجل احتفاظ الأم بالحضانة، تكون قد خرقت مقتضيات المادة 186 "تراعي المحكمة مصلحة المحضون في تطبيق أحكام الحضانة" فهذه المادة تقرر قاعدة أساسية تتمثل في أن تكون مصلحة المحضون فوق كل اعتبار وكان يجب مراعاتها من طرف المحكمة[114].
وبالرجوع إلى حيثيات المحكمة نجد ها لم تولي أي اعتبار لمصلحة المحضون ومدى رغبته في الاستمرار مع أمه، بل إن تجاوز الطفل لسن 12 يستدعي بالضرورة الأخذ برأيه ولو على سبيل الاستئناس.
إذ كان على المحكمة أن تبني قرارها بناءا على مراعاتها لمصلحة المحضون وليس لزواج الحاضنة بأجنبي غير محرم مما يجعل قرارها غير قابل للاعتراف به من طرف القضاء الأجنبي لأنه يتعارض مع مبدأ المساواة بين الزوجين عند الطلاق الذي ترتكز عليه إسناد السلطة الأبوية في التشريعات المقارنة بعد حماية مصلحة الطفل التي يولها القضاء الاعتبار الأول.
فإذا كان القضاء البلجيكي لا يتدخل من أجل مراقبة اتفاق الزوجين إذا تعلق الأمر بتنظيم علاقاتها الشخصية فإن الأمر عكس ذلك عندما يرتبط الاتفاق بحقوق الطفل التي تعتبر حدا للزوجين على الاتفاق، حيث يقف عندها القضاء لبسط رقابته على البنود المتعلقة بالطفل وتعديلها كلما تبين له أن الاتفاق يمس بمصالح الطفل بل إن الحكم بالطلاق الاتفاقي لا يتم إلا بعد تأكد القاضي من صيانة حقوق الطفل على الوجه الأكمل في الاتفاق.
كما أن المحاكم العائلية الألمانية تؤكد انه من مصلحة الطفل أن يحتفظ بعلاقته مع والده وعلى كلا الوالدين أن لا يقوما بأي شيء قد يؤدي إلى إفساد هذه العلاقة أو عرقلة تربية الطفل إذ للمحكمة العائلية سلطة توقيف أو إلغاء حقوق الزيارة في الحالات التي تتضح فيها أن الطفل سيتعرض لأخطار فعلية وفي بعض الحالات الأخرى يمكن للمحكمة أن تصدر قرارا يسند حق الزيارة طالما كانت هذه الزيارة مراقبة من قبلها.
وتسعى المحاكم الألمانية خلال الجلسات للوصول إلى توافق الآراء بين الوالدين والى تحذير هما بان استمرار الخلافات بينهما يؤثر بصفة سلبية على تنشئة وتربية الطفل وعلى أن يتم تنظيم مسؤوليتهما ووجباتهما بالتساوي فيما بينهما[115].
رغم التعديلات التي عرفتها مدونة الأسرة, في إطار تكريس فلسفة المساواة بين الزوجين في الطلاق من خلال مؤسسة الطلاق الاتفاقي, يظل تضارب القواعد المعتمدة في القانون الوطني المغربي للجالية المغربية و القوانين الأجنبية المقارنة, يبرز لنا الصعوبات التي تثار على صعيد الروابط الدولية الخاصة, ذلك أن سيادة مبادئ المساواة والحرية في القانون المقارنة بشكل مطلق وعدم تكريسها التام في القانون المغربي و الذي ينظر إلى المساواة بمنظار التكافؤ في الحقوق والواجبات, يضع من جديد المغاربة المقيمين في المهجر أمام إشكالية التنفيذ.
الفصل الثاني : أحكام الطلاق الاتفاقي:
إشكالية التنفيذ وآفاق التطبيق
إن أحكام الطلاق الاتفاقي للمغاربة في المهجر تثير عدة إشكاليات على المستوى الدولي ومن ذلك مشكلة تنازع الاختصاص القضائي, التي تقع في نطاق بحث ما تتمتع به الجالية المغربية في المهجر من حقوق.
ومن بين هذه الحقوق الحق في التقاضي, أي الحق في اللجوء إلى محاكم دولة الإقامة, فقد يقضي اعتبار المحافظة على السلامة العامة في الدولة وحماية مصلحة المتقاضين إلى عقد الاختصاص لمحاكمها للنظر في طلب المغاربة المقيمين في إقليمها, لإنهاء رابطتهم الزوجية.
ومتى تبث للجالية المغربية هذا الحق تلاه حق بحث أخر, و هو هل محاكم هذه الدولة مختصة دوليا بدعوى الطلاق الاتفاقي, إن على مستوى قواعد الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم الوطنية المغربية أو على مستوى قواعد الاختصاص لدولة الإقامة؟وما هي الإجراءات التي يتعين إتباعها في الطلاق الاتفاقي , للنظر والفصل فيها ؟
ولما كان تعيين المحكمة المختصة يسبق تعين القانون الواجب التطبيق, ومادام هذا القانون يتوقف على ما يقضي به قانون القاضي في تكييف العلاقة القانونية وفي الإسناد وفي الإحالة, فان هذه المسائل جميعها قد تختلف من دولة إلى أخرى, و أمكن تصور اختلاف القانون الواجب التطبيق عند المحاكم الأجنبية عنه عند المحاكم الوطنية المغربية.
الأمر الذي يطرح إشكالية التنفيذ أمام القضاء الوطني والأجنبي حول القانون الواجب التطبيق طبقا لقاعدة الإسناد الوطنية, و المحكمة المختصة للنظر في الدعوى, فقد يقضي قانون المحاكم الوطنية بإسناد مسائل الأحوال الشخصية إلى قانون الجنسية بينما يقضى قانون المحاكم الأجنبية بإسنادها إلى قانون الموطن, على أن القاضي الوطني والأجنبي قد يرفض الاعتراف بالحكم الصادر بالطلاق الاتفاقي بين مغاربة, متى تبين أن الحكم الصادر عن المحكمة يتعارض مع النظام العام في دولته, سواء عندما يكون أطراف الدعوى من أفراد الجالية المغربية فقط أو أن الأمر يتعلق بإنهاء رابطة أسرية دولية مختلطة.
و هذا ما سنحاول التعرض إليه من خلال دراسة تنازع الاختصاص القضائي الدولي للطلاق الاتفاقي (المبحث الأول)و إلى إشكالية التنفيذ هذه الأحكام وآثارها على الجالية المغربية في المهجر (المبحث الثاني).
المبحث الأول: تنازع الاختصاص القضائي الدولي للطلاق الاتفاقي
إذا كان المشرع الوطني بامكانه أن يتخلى عن تطبيق القانون الوطني, فانه يصعب عليه أن يتخلى عن سيادة القضاء الوطني, لان أداء ولاية القضاء هو مظهر فعلي للسيادة على إقليم الدولة وأداء لأحدى وظائفها, فلا تقبل في شان رسم حدودها أمرا من المشرع الأجنبي ولا يملك أن يتصدى لتحديد ولاية القضاء لدولة أجنبية.
ولأن التنازع القضائي يخضع لقواعد الاختصاص القضائي والمسطرة حسب قانون المسطرة المدنية المغربية والتشريعات المقارنة, فان المسطرة المتبعة أمام المحاكم تخضع بدورها لقاعدة قانون القاضي لهذا سنتناول دراسة الاختصاص القضائي الدولي في الطلاق (المطلب الأول) على أن نقف على خضوع إجراءات الطلاق الاتفاقي إلى قانون القاضي (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الاختصاص القضائي الدولي في مادة الطلاق
إن هاجس المشرع أو القاضي عند تحديده لاختصاص المحكمة هو تقريب القضاء من المتقاضين وتمكين هؤلاء من فض نزاعاتهم في أقرب وقت ممكن بالوسائل الأقل تكلفة في إطار الاحترام التام لسيادة دولة القاضي أو المشرع الذي ينفرد بتحديد الاختصاص القضائي لمحاكمه الوطنية.
ونظرا للدور الذي أصبح يلعبه مبدأ سلطان الإرادة في الروابط الدولية الأسرية الخاصة, فان المشرع المغربي منح حرية للزوجين في تنظيم كل ما يرتبط بالطلاق الاتفاقي, ولكن هل يمكن الحديث في إطار قواعد الاختصاص القضائي المغربي على إمكانية الاتفاق بين الزوجين علىإسناد الاختصاص لغير المحاكم المغربية؟
الأمر يستدعي دراسة تحديد اختصاص المحاكم المغربية بقضايا الطلاق الاتفاقي على المستوىالروابط الأسرية الدولية الخاصة (الفقرة الأولى) ومدى إمكانية تجاوز هذا الاختصاص بالاتفاق بين الزوجين (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تحديد الاختصاص الدولي للمحاكم المغربية
إن تحديد اختصاص المحاكم المغربية في الروابط الأسرية الدولية لم تنل اهتمام المشرع المغربي، ذلك أن قانون المسطرة المدنية لم يتضمن قواعد الاختصاص القضائي الدولي [116] للمحاكم المغربية.
والنص الوحيد الذي يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد هو ما تضمنته الفقرة الأخيرة من الفصل 27 الذي يشير إلى أنه في حالة عدم توفر المدعى عليه لا على موطن ولا على محل إقامة بالمغرب فإن الدعوى ترفع ضده أمام محكمة المدعي أو واحد من المدعين إذا تعددوا شريطة توفرهم على موطن أو محل إقامة بالمغرب [117].
إن سكوت المشرع المغربي عن تحديد الاختصاص الدولي للمحاكم المغربية يقتضي من القضاء المغربي القيام بنقل قواعد الاختصاص المحلي المنصوص عليها في الفصل 27 وما يليه من قانون المسطرة المدنية إلى الصعيد الدولي ويطبقها على النزاعات الدولية الخاصة.
ذلك أن تمديد قواعد الاختصاص الترابي إلى الصعيد الدولي من المبادئ المتعارف عليها في القانون الدولي الخاص المقارن [118] كما أن القانون المغربي لا يتضمن الا بعض المقتضيات المتعلقة بالاختصاص الدولي للمحاكم المغربية، وهذا ما حتم كما هو الأمر في الأنظمة الأخرى الرجوع بصفة عامة للقواعد الداخلية للاختصاص الإقليمي [119] للنظر في اختصاص المحاكم الوطنية بدعاوى الطلاق.
وبهذا نجد أن المادة 79 من قانون الأسرة المغربي تقضي أنه يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالأشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية أو موطن الزوجة، أو محل إقامتها التي أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب.
وبالرجوع إلى الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية نجده ينص على أنه "يقدم وفقا للإجراءات العادية مقال التطليق إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها بيت الزوجية أو موطن الزوجة أو التي أبرم بها عقد الزواج" [120]
مما يوضح أن المشرع المغربي قام بوضع ضوابط جديدة[121], لإسناد الاختصاص للقضاء الوطني في دعاوى الطلاق. وتتجلى هذه الضوابط في:
v بيت الزوجية : أو ما يمكن اعتباره بالموطن المشترك للزوجين وهو ضابط أساسي، ومعتمد في القانون الدولي الخاص المقارن.
فالقانون الإنجليزي ينص على اختصاص المحاكم الإنجليزية بدعوى التطليق متى كان موطن الزوجية في انجلترا، وقت رفع الدعوى كما يختص بها استثناء متى كان الزوج قد هجر زوجته أو ابعد عن انجلترا وقت رفع الدعوى بشرط أن يكون في هذه الحالة متوطنا في إنجلترا قبل الهجر أو الأبعاد[122].
واعتماد القانون المغربي للمسطرة المدنية على معيار الموطن المشترك لإسناد الاختصاص للمحاكم الوطنية، ينسجم مع ما سار به العمل في القانون الدولي الخاص المقارن و يأخذ بما نصت عليه المادة 5 من اتفاقية لاهاي الخاصة بالتطليق [123] التي تقضي بأن يرفع دعوى التطليق أو الانفصال لدى القضاء المختص وفقا للقانون الوطني للزوجين أو لدى القضاء المختص في المكان الذي اتخذ فيه الزوجان موطنهما, وإذا لم يكن لهما موطن وفقا لقانونهما الوطني, ترفع الدعوى لدى محكمة موطن المدعى عليه، وفي حالة الهجر أو تغيير الموطن بعد قيام سبب التطليق أو الانفصال يمكن رفع الدعوى لدى قضاء آخر موطن مشترك للزوجين".
v موطن الزوجة وقت رفع الدعوى سواء كانت متوطنة في المغرب من الأصل قبل رفع الدعوى أو أنها كانت مقيمة في الخارج ثم عادت للإقامة في المغرب وقت رفعها، ويرجع إسناد الاختصاص وفقا لموطن الزوجة لاعتبارين التاليين:
-الاعتبارالأول : كون القانون الواجب التطبيق في الدعوى هو القانون الوطني وإن كان المشرع المغربي لم ينص على الجنسية كعنصر للخضوع للقضاء المغربي في إطار الاختصاص القضائي الدولي [124] فإذا كانت الزوجة تحمل الجنسية المغربية فالأولى لها أن تتقاضى أمام القضاء الوطني المغربي.
-الاعتبارالثاني: أن عنصر الموطن، كضابط شخصي إقليمي لإسناد الاختصاص للمحاكم الوطنية، يوفر الرعاية للمدعية باعتبار أن توطن الزوجة في المغرب، يكون عنصرا هاما من عناصر الاختصاص القضائي الوطني والمقارن.
v الموطن الذي أبرم به عقد الزواج: إن إسناد الاختصاص للمحاكم المغربية لنظر في دعاوى الطلاق بناءا على محل إقامة التي ابرم فيها عقد الزواج دون التخصيص بأن يكون إبرام العقد ثم بالمغرب، يوضح لنا قبول المشرع المغربي فكرة إسناد الاختصاص لغير المحاكم الوطنية بالرغم أن أطراف العلاقة يحملون الجنسية المغربية, إذا تم الزواج وفق ما نصت عليه المادة 14 من قانون الأسرة المغربي، التي خولت للمغاربة إبرام عقود زواجهم وفقا للإجراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم.
يتضح مما سبق أن إسناد الاختصاص القضائي الدولي لمحاكمنا بناءا على العناصر السابقة، قاعدة موضوعية ومنطقية من شأنها أن تساعد على الاعتراف بأحكامنا بالخارج، لأنها مكرسة في معظم الأنظمة القانونية الأجنبية.
فقد نصت المادة 570 من التقنين القضائي البلجيكي على أن القاضي الأجنبي لا يمكن أن يكون مختص فقط من خلال الجنسيةالمتقاضين.
كما أن القانون [125] الذي اعتمده مجلس الاتحاد الأوروبي والمسمى بقواعد بروكسيلII عدلت قاعدتين أساسيتين في القانون الدولي الخاص البلجيكي عند انحلال الرابطة الزوجية أو الانفصال بين الأزواج ويتعلق الأمر:
-بالاختصاص الدولي لقاضي الطلاق.
-والفعالية الأوروبية لقرارات الطلاق المتخذة من طرفها.
حيث نصت اتفاقية بروكسيل في المادة 2 على أن تنظيم الاختصاص لنظر في الدعوى يستند للضوابط التالية:
ضابط الجنسية, إذ يمكن للدول الأطراف إسناد الاختصاص لمحاكمها بناء على جنسية رعاياها، والموطن المشترك للزوجين أو الإقامة الاعتيادية في حالة توافر شروطها.
فالمبدأ انه في حالة عدم اتفاق الزوجين على المحكمة المختصة للنظر في طلب الطلاق, ووقوع النزاع حول المحكمة المختصة للنظر في انحلال الزواج أو بطلانه في بلجيكا فإن إسناد الاختصاص يكون فقط وفق هذه المعايير السابقة, والتي وضعت في نفس الدرجة، الاختصاص القضائي البلجيكي بناءا على الإقامة الاعتيادية أوآخر إقامة اعتيادية للزوجين،و الجنسية والموطن المشترك للزوجين.
وإن كانت قواعد بروكسيل لم تتعرض لحالات التنازع الإيجابي للجنسيات[126] فإن السؤال الذي يثار في هذا الصدد هو مسألة الإسناد الاتفاقي للاختصاص على الصعيد الدولي ما دمنا أمام حالة طلاق اتفاقي؟.
الفقرة الثانية: الإسناد الاتفاقي للاختصاص القضائي:
يفرض التقنين القضائي البلجيكي في الفقرة الثانية من المادة 2822 على الزوجين الراغبين في اللجوء إلى مسطرة الطلاق الاتفاقي، أن يتفقا وجوبا في متن الاتفاقية الأولية على المحكمة التي يرغبان عرض طلب الطلاق الاتفاقي على أنظرها.
فمن شأن الزوجين الاتفاق على إسناد الاختصاص للمحاكم البلجيكية أو إخراج الدعوى، باتفاق الزوجين، من اختصاص محاكم الدولة المختصة بها أصلا (وإن كانت المحاكم البلجيكية هي المختصة) وإدخالها في اختصاص محاكم دولة أخرى (المحاكم المغربية).
فهل يجوز الاتفاق على إسناد الاختصاص إلى غير المحكمة المختصة دوليا حسب قواعد الاختصاص المغربية مع العلم أن من شروط تذييل الحكم الأجنبي في المغرب صدوره من محكمة مختصة؟
إن الإجابة على هذا التساؤل تستدعي منا النظر إلى قواعد الاختصاص القضائي المغربي بمنظار القوانين المقارنة.
فالمشرع الفرنسي وإن اتخذ من الجنسية الفرنسية وحدها أداة لتحديد الاختصاص القضائي الدولي، فإن القضاء الفرنسي اتخذ أدوات لتحديد الاختصاص القضائي الدولي، ومن ذلك موطن المدعى عليه ومحل إبرام العقد، والخضوع الإرادي.
فأجاز قبول اختصاص المحاكم الفرنسية [127] كما أجاز التنازل عن اختصاصها وقبول اختصاص محكمة أجنبية إذ نص القانون الفرنسي على أنه يجوز للفرنسي بوصفه مدعيا أن يتنازل عن اختصاص المحاكم الفرنسية المقرر لصالحه في المادة 14 من القانون المدني ويقبل باختصاص المحكمة الأجنبية، ويتم هذا التنازل بإرادته وحده لأن هذا الاختصاص امتياز مقرر له، فالاختصاص المقرر فيها هو عند القضاء من قبيل الاختصاص المحلي وهذا يجوز التنازل عنه.
كذلك يجوز التنازل عن الاختصاص المقرر في المادة 15 [128] من القانون المدني الفرنسي, ولكن هذا التنازل لا يتم إلا بالاتفاق بين المدعي والمدعى عليه لأن الاختصاص مقرر لصالح الاثنين فلا يكفي في شأن التنازل عنه إرادة الواحد منها.
كما أنه في الدعاوى فيما بين الأجانب يجوز التنازل عن عدم اختصاص المحاكم الفرنسية وقد جرى القضاء الفرنسي على أن الدفع بعدم اختصاص هذه المحاكم يتعين التمسك به قبل الدخول في موضوع الدعوى وإلا سقط الحق فيه, على خلاف المشرع المغربي الذي لم يتضمن أي مقتضى ينص على إمكانية منح الزوجين الاتفاق على إسناد الاختصاص لغير المحاكم الوطنية.
وأمام سكوت المشرع، "يبدو أن الاجتهاد القضائي المغربي يميل إلى تحريم الخروج عن قواعد الاختصاص الدولي للمحاكم المغربية ويذكر الأستاذ عبد الله درميش، في قرار صدر بتاريخ 28/2/1974 تحت عدد 615 في الملف عدد 25576، مما جاء فيه أن قضية الاختصاص الدولي تمس بالنظام العام الدولي المغربي وللمحكمة أن تثيرها تلقائيا. وقد علق الأستاذ العياشي المسعودي على هذا الموقف، "إن موقف المحكمة المغربية التي أصدرت الحكم المشار إليه, غير صحيح في نظرنا لأنه ليس إجباريا أن تثير المحكمة قضية الاختصاص الدولي لكن يجوز لها فقط القيام بذلك في الحالات التي تكون فيها قاعدة الاختصاص الدولي آمرة لا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها كما في نزاعات الحالة والأهلية"[129].
إننا نتفق مع أستاذنا العياشي المسعودي في نتيجة أنه ليس إجباريا أن تثير المحكمة قضية الاختصاص الدولي، وإن كنا نرى أنه لا يمكن اعتبار أن نزاعات الحالة والأهلية من قواعد الاختصاص الدولي الآمرة ولا يجوز للأطراف الاتفاق على مخالفتها، وذلك لسببين:
-أن المشرع المغربي ورغم التعديل الذي أدخله على قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 بمقتضى قانون رقم 03-72 لم يتخذ الجنسية كعنصر شخصي لإسناد الاختصاص للمحاكم الوطنية من جهة ومن جهة ثانية التوجه الجديد الذي أصبحت تنهجه السياسة التشريعية المغربية والتي من بينها, المستجدات التي عرفها قانون الأسرة المغربي وتعامله بشكل إيجابي إلى حد ما مع أوضاع الجالية المغربية بالمهجر.
– كما أن ما تضمنته المادة 212 من قانون المسطرة المدنية يؤكد إمكانية إسناد الاختصاص لغير المحاكم المغربية[130] وهذا ما سعى منشور وزير العدل إلى السادة القضاة الإشادة به و الذي ورد فيه "يجب تنبيه المعنيين بالطلاق الاتفاقي، إلى أن بعض الدول الأوربية تفرض لقبول الأحكام الصادرة بالتطليق في الدول الأجنبية، مراعاتها لقواعد الاختصاص ذي الصلة بالسكن الاعتيادي الفعلي للزوجين".
مما يجعلنا نرى بأنه ليس هناك ما يمنع الزوجين من الاتفاق على إسناد الاختصاص لغير المحاكم الوطنية ما دامت أن هناك عناصر, شخصية و موضوعية, تعزز تحديد المحكمة المختصة للنظر في طلب الطلاق.
فمشكلة الاختصاص القضائي كما ذهب إلى ذلك الأستاذ نيبواييه يجب أن تحل على أساس قاعدة عامة هي أن تختص محاكم الدولة بما يرفع إليها من دعاوى متى كانت هذه الدعاوى ترجع إلى وقائع نشأت أو أشخاص موجودين في الدولة ولا يقصد به التعبير عن إقليمية القضاء, لأن هذه الإقليمية ليست محل شك وإنما يقصد به بيان إقليمية الأسس[131] التي يتحدد عليها اختصاص محاكم الدولة فأداء العدالة هي خدمة عامة تدخل في عداد الخدمات العامة اللازمة لكفالة الأمن المدني داخل إقليم الدولة.
وهذه القاعدة العامة المبنية على اعتبارات قانونية ترد عليها استثناءات مبنية على اعتبار الملائمة, وهو ما يتحقق لنا باتفاق الخصوم على إسناد الاختصاص القضائي للدولة التي تتوفر لهم فيها روابط موضوعية.
ولعل هذا ما تضمنته المادة 2 من قانون المرافعات الإيطالي, التي بعد أن وضعت قاعدة عامة في عدم جواز التنازل عن اختصاص المحاكم الإيطالية المرسوم لها في القانون الإيطالي, نصت على استثناء حالة ما يكون الالتزام بين أجنبين أو ما بين أجنبي وإيطالي غير مقيم وغير متوطن في إيطاليا واتفق كتابة على الخروج من ولاية القضاء الإيطالي [132].
الأمر الذي يؤكد على ضرورة منح الزوجين في إطار الطلاق الاتفاقي إسناد الاختصاص للمحكمة التي تمكنهما من فض نزاعاتهما في اقرب وقت ممكن بالوسائل الأقل تكلفة على غرار ما سارت عليه التشريعات المقارنة.
المطلب الثاني: خضوع إجراءات الطلاق الاتفاقي لقانون القاضي
يعتبر مبدأ اختصاص قانون القاضي المرفوع أمامه النزاع في ميدان الإجراءات من المبادئ الأكثر شيوعا في القانون الخاص المقارن, بعد أن كان هذا المبدأ غائبا في القانون المغربي بمقتضى الفصل 394 من قانون المسطرة المدنية، غير ان التعديلات التي عرفها قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 وإن كانت لم تنص صراحة عن مبدأ اختصاص القانون المغربي، فإن المجلس الأعلى لم يتغافل التجديد ولم يغب عنه الإصلاح إذ لم يتردد في الإعلان في قراره الصادر بتاريخ 8 أبريل 1983 على التصريح بأن الإجراءات الواجب تطبيقها هي المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية دون سواه[133].
وبهذا فإن انحلال الرابطة الزوجية بالاتفاق في اطار الرابطة الأسرية الدولية، تجعل المسطرة المتبعة في دعوة الطلاق الاتفاقي هي مسطرة قانون القاضي (الفقرة الأولى) غير أن معرفة نطاق تطبيق المسطرة المدنية في ميدان التطليق تظل قائمة, لأن ذلك يتوقف على التمييز بدقة بين جوهر قواعد الطلاق والإجراءات المتبعة بشأنها الواجب إخضاعها لقانون القاضي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : صعوبة تكييف إجراءات الطلاق
ان تكييف القاضي للقاعدة المسطرة ليس بالأمر السهل, فالقاضي يلعب دور أساسي من أجل إخضاع المسطرة للتحليلات الدقيقة, تجمع بين قانون القاضي ومؤسسة الطلاق الاتفاقي عند انحلال الربطة الأسرية الدولية الخاصة.
كما أن التمييز بين المسطرة والجوهر في مؤسسة الطلاق الاتفاقي كثيرا ما يكون عويصا نظرا للروابط التي تجمع بينهما في ميدان الأحوال الشخصية وخاصة في مجال الطلاق.
فصعوبة التكييف يمكن أن تبرز عند تطبيق القانون المغربي الذي يخضع له الطلاق الاتفاقي من حيث الموضوع، إذ يصبح القاضي الأجنبي مضطرا للبحث عن المعنى الحقيقي لبعض المقتضيات المسطرية في القانون المغربي.
إن القاضي الأجنبي يتعين عليه أن يلجأ إلى التكييف حتى يمكنه أن يقرر تطبيق تلك المقتضيات أو يقضي برفضها، وعندما يتعلق الأمر بقواعد مسطرية مغربية، فإنها لن تضاف إلى مسطرة القاضي فيستبعدها القاضي من نطاق الدعوى.
وفي المقابل عندما تحلل مقتضيات القانون المغربي على أنها قواعد جوهرية، عندئذ تنقل هذه القواعد إلى قانون القاضي[134] فيصبح من اللازم إتباعها اعتبارا لأن طلاق المغاربة وفقا لقانونهم الوطني يخضع لها.
وتأتي الصعوبة بالنسبة للطلاق الاتفاقي من كون بعض القواعد المسطرية ظاهريا والواردة في القانون المغربي تكون مرتبطة بجوهر القانون، وبصرف النظر عن كونها مجرد قواعد توجيهية في الدعوى، تتميز بأنها، تعبر عن المتطلبات الجوهرية المرتبطة بمفهوم الطلاق نفسه في القانون المغربي[135].
وأخص بالذكر مسطرة الصلح التي اعتبرها المشرع المغربي إجراء جوهري يجب على المحكمة قبل الإذن بالطلاق القيام بإجراء محاولة صلح بين الزوجين, ومحاولة الصلح إجراء مفروض في دعاوي الطلاق والتطليق وفي كل الدعاوي الأخرى الرامية إلى إنهاء الرابطة الزوجية ويجرى كذلك في دعوى الطلاق الاتفاقي.
وقد سبق للمجلس الأعلى أن نقض الحكم الذي لم يجري محاولة الصلح بين الزوجين[136].و أكد على ضرورة إجراء محاولة الصلح رغم أن الزوج كان قد التزم في حكم سابق بجعل الطلاق بيد الزوجة, على اعتبار أن محاولة الصلح إجراء جوهري ملزم حتى أمام محكمة الاستئناف.
وبالمقابل تطرح صعوبة تكييف مسطرة الطلاق الاتفاقي أمام القضاء المغربي، على اعتبار أن هذه المسطرة في الدول الأوروبية تخضع لمجموعة من الشروط سوءا تعلق الأمر بالشروط الشكلية أو بالشروط الموضوعية التي تتطلبها مسطرة الطلاق الاتفاقي.
فبالنسبة إلى الشروط الشكلية، تستلزم التشريعات الأوروبية تحرير اتفاق أولي يتم الاتفاق فيه على كل المسائل التي يمكن أن تثير نزاعا بين الزوجين على أن يتم تأكيد هذا الاتفاق بعد إتمام باقي الإجراءات وعقد الاتفاقية النهائية.
أما الشروط الموضوعية فتتمثل في السن الذي حدده المشرع للزوجين والذي يختلف في بعض التشريعات الأوروبيةوفي المدة التي يجب أن تكون قد مضت على الزواج و التي غالبا ما تحدد في سنتين.
هذه الشروط منظمة بدقة في التشريعات الغربية وهي ترجع إلى طبيعة مؤسسة الطلاق الاتفاقي حيث تشكل جزءا من بنية المؤسسة نفسها ومن أولويات ميكانيزماتها بمعنى أن القانون يشترطها حتى يكون الطلاق الاتفاقي قائما على توافق حقيقي.
وبناءا على هذا إذا عزم القاضي المغربي على ألا يتبع غير مقتضيات قانون المسطرة المدنية المغربية، والتي لا تعترف بمثل هذه الشروط، ويصرف النظر بصورة نهائية عن كل الضمانات التي يتطلبها القانون الأجنبي بدعوى أنها قواعد مسطرية، فإن الحكم الصادر عن القضاء المغربي لن يقبل تنفيذه أمام القضاء الأجنبي وسيكون مآله ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية في قرارها بتاريخ 20 يناير 1987 التي رفضت بمقتضاه الاعتراف بالحكم الصادر في المغرب لمخالفته النظام العام الفرنسي [137].
وبالتالي ليس هناك أي امتياز كما ذهب إلى ذلك الأستاذ جان ديبري يفرض تطبيق قانون القاضي على كل ما يتعلق بإجراءات الدعوى.
بل على العكس من ذلك أن كل عنصر يساهم في إعطاء مؤسسة الطلاق الاتفاقي شكلها الحقيقي الذي يدخل في جوهر القانون رغم أن دخول هذا العنصر في سير الدعوى لا يغير في شيء من ذلك.
ومع هذا يحاول كل قاضي وطني تسير الدعوى حسب قانونه الوطني، دون اعتبار لجنسية المتقاضين، لأن مبدأ إقليمية المسطرة المعترف بها دوليا تدفعه إلى السير على هذا النهج[138] الحافل بالصعوبات إن لم نقل المجازفة التي تنجم عن التكييف الذي من هذا القبيل,فالمسطرة ليست سوى وسيلة يتعين ألا تنطلق إلى حد يناقض القواعد الجوهرية التي تهدف إلى ضمان احترامها.
الفقرة الثانية: مسطرة الطلاق الاتفاقي
حاول المشرع المغربي من خلال مقتضيات مدونة الأسرة إلى تقريب نظام الأسرة المغربي من نظيره في الأنظمة المقارنة وذلك باجرأة انحلال الرابطة الزوجية وجعل الطلاق يتم بعد إذن المحكمة به من أجل توفير ضمانة قانونية لأطراف النزاع، خاصة الزوجة والأطفال.
ولأن الأسرة هي الوحدة الطبيعية في المجتمع المغربي فقد حرص القانون الجديد للأسرة على تفعيل مسطرة الصلح في دعاوى انحلال الرابطة الزوجية حيث تستدعي المحكمة الزوجين لمحاولة الصلح بينهما (المادة 81) وتجري المناقشات في غرفة المشورة بما في ذلك الاستماع إلى الشهود وكل ما تراه المحكمة فائدة في الاستماع إليه لإنهاء النزاع بالصلح، وتقوم المحكمة من أجل الوصول إلى هذه الغاية بكل الإجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين.
وفي حالة وجود الأطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن 30 يوما (المادة 82).
ولأن محالة الصلح إجراء جوهري فانه لا يمكن إنجازه في غياب الزوجين المعنيين، حيث أوجب المشرع المغربي حضورهما الشخصي، في جلسة المصالحة.
ويعتبر هذا المقتضى مجحف بالنسبة للزوجين ويشكل عائق بالنسبة للجالية المغربية في المهجر [139],ذلك انه لم يراعي وضعية هذه الأخيرة، خاصة في حالة اختلف موطن الزوجين المشترك, او أن أحد طرفي العلاقة يقيم في المغرب،وهو الأمر الذي طرح بحدة على رئيس قسم قضاء الأسرة بالدار البيضاء .
وبهذا تساءلت الأستاذة زهور الحر عن" كيف يمكن لنا أن نقوم بإجبار أو إقناع شخص في وضعية ليست بعد قانونية أو منتظمة بالرجوع إلى المغرب من أجل تطبيق هذه المسطرة؟"[140] .
فمن قبل كانت المسطرة شفوية، عدم المصالحة تثبت من قبل السلطات القنصلية المغربية في الخارج، حيث كان يسمع لهما بالقيام بمحاولات الصلح أمام قاضي التوثيق بالقنصلية بناء على الفصل 179 من قانون المسطرة المدنية، وتعتبر مستند يمكن الزوجين بتأكيد طلبهما بالطلاق[141].
كما أن بعض الأزواج لا يرغبون في العودة إلى المغرب ويلجئون إلى إعطاء توكيل لأحد الأقارب من اجل القيام بشكليات الطلاق.
والوكالة في الطلاق من أهم المواضيع التي تثير الكثير من الإشكاليات العملية بالنسبة لأفراد الجالية المغربية بالخارج، فإذا كانت المدونة قد نصت صراحة على الوكالة في الزواج، فإنها لم تتضمن مقتضيات صريحة في خصوص الوكالة عند انحلال ميثاق الزواج [142].
وإذا كان الطلاق بالوكالة مطروحا بإلحاح بالنسبة للجالية المغربية بالخارج، فإن اللجنة المكلفة بإعداد الدليل العملي للمدونة ناقشت هذا الأمر بإسهاب، لكن الرأي الغالب سار في اتجاه جوازها [143].
وأصبح الزوجين ملزمين في ظل مدونة الأسرة بالحضور الشخصي أمام القاضي[144], ولقد انتبه منشور وزارة العدل إلى هذه الأوضاع ونبه القضاة بضرورة توجيه أفراد الجالية المغربية إلى سلوك مسطرة الطلاق الاتفاقي لما يوفره من سهولة ويسر في الإجراءات. مع تحرير الاتفاق بإشهاد عدلي يتم التأكيد فيه على أنه لابد من سلوك المسطرة القضائية للإذن بتوثيق الطلاق.
ويمكن للطرفين حسب ما ورد في المنشور طلب الإعفاء من مسطرة الصلح والإشارة فيه إلى عنوان أقرب قنصلية لإمكانية انتدابها لإجراء محاولة الصلح بينهما إذا ارتأت المحكمة ذلك.
والملاحظ أن مسطرة الطلاق الاتفاقي في القانون المغربي لا تختلف كثيرا عن نظيرتها في القوانين الغربية حيث ينص القانون البلجيكي 1 أكتوبر 1994 على أن الزوجين، بعد تحرير الاتفاق الأولي الذي يجب أن يشمل البنود التي تنظم كل الآثار المترتبة على الطلاق الحضور إلى مكتب القاضي مرتين اثنين يفصل تاريخ الثانية عن الأولى مدة ثلاثة أشهر[145].
غير أن دور القاضي يبقى محدودا جدا أثناء النظر في طلب التطليق برضى الزوجين، فالقانون الإيطالي [146] يحصر دور القاضي في مراقبة اتفاق الزوجين عندما يتعلق الأمر بمصلحة الطفل ومحاولة الصلح بينهما عن طريق إعطاء الزوجين مهلة للتفكير، يمكن أثناءها التراجع عن قراريهما أو الإصرار عن الاتفاق النهائي على الطلاق.
وإن كانت القوانين الغربية تلزم على الزوجين أن يتضمن طلب التطليق في طياته مشروعين الأول يتعلق بتنظيم حياة الزوجين والأسرة ريثما يتم المصادقة على طلب التطليق والمشروع الثاني يتعلق بتنظيم جميع آثار التطليق من قبيل حقوق الأطفال، وكيفية اقتسام الأموال المشتركة وغيرها من الأمور التي من الممكن أن تكون محل نزاع فيما بينهما, ليتسنى بعد ذلك للقاضي، ممارسة رقابته على الاتفاق وإصدار الحكم بالطلاق.
غيران تنازع القواعد المادية الموضوعية للاختصاص القضائي الدولي في مجال الطلاق من شانه أن يطرح بعض العوائق لاستقرار الأسرة المغربية في المهجر ومن ذلك إشكالية التنفيذ.
المبحث الثاني :إشكالية التنفيذ وآفاق التطبيق
إن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية والقاضية بالطلاق الاتفاقي بين مغاربة مقيمين بالمهجر, لا تنفذ في المغرب إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه و لمكان التنفيذ عند عدم وجودهما.
غير أن المحكمة وقبل أن تقوم بمنح الصيغة التنفيذية لأحكام الطلاق الاتفاقي يجب أن تتأكد من مجموعة من الشروط تم تنصيص عليها في قانون المسطرة المدنية, هذه الشروط تشكل عائقا أمام تنفيذ بعض الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية (المطلب الثاني) وهذا يرجع إلى أن القاضي الأجنبي قد يرفض تطبيق القانون المغربي على المغاربة إذا ما تبين له أن تطبيق هذا الأخير قد يؤدي إلى مخالفة النظام العام لدولته كما أن الأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية إذا ما رأى القضاء الأجنبي أنها غير مقيدة بالشروط الواجب توفرها في الحكم الأجنبي فانه لا يعترف بها الأمر الذي ينعكس سلبا على أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج (المطلب الأول).
المطلب الأول: استقبال أحكام الطلاق الاتفاقي أمام القضاء الأجنبي:
قد تشير قاعدة الإسناد الأجنبية بتطبيق القانون المغربي على الطلاق الاتفاقي للمغاربة، فيطرح التساؤل عن السلطة التي يتمتع بها القاضي الأجنبي في تعامله مع القانون المغربي (الفقرة الأولى) على انه إذا ما تعارض مع النظام العام لقانون القاضي فانه يتم استبعاد تطبيق القانون المغربي من قبل القاضي الأجنبي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: وضعية القانون المغربي للطلاق أمام القضاء الأجنبي
إن السؤال الذي يطرح هو مدى التزام القاضي الأجنبي بتطبيق القانون المغربي، الذي تشير قاعدة الإسناد الأجنبية باختصاصه في مسألة الطلاق الاتفاقي؟ وللإجابة عن هذا التساؤل سنحاول دراسة القانون الدولي الخاص البلجيكي باعتباره يتضمن آخر التعديلات التي يعرفها القانون الدولي الخاص المقارن.
لقد نصت المادة 3 من القانون الدولي الخاص البلجيكي ل1أكتوبر 2004 على خضوع الأشخاص فيما يخص حالتهم إلى قانون الدولة التي يحملون جنسيتها وفي حالة تنازع الجنسيات، فإن القانون الواجب التطبيق هو القانون البلجيكي.
غير أن المادة 4 من نفس القانون عادة من جديد ونصت على أن الأجانب يخضعون فيما يخص حالتهم الشخصية إلى قانون الإقامة الاعتيادية[147] , فهل يمكن اعتبار أن المشرع البلجيكي قد تراجع عن إخضاع المغاربة لقانونهم الوطني؟
إن الملاحظ أن المشرع البلجيكي حاول إعطاء القانونين, نفس فرص التطبيق وذلك من خلال منح الزوجين حرية الاختيار بين الخضوع للقانون الوطني أو قانون الإقامة الاعتيادية, على انه في حالة تعارض مقتضيات القانون المغربي مع بلد الاقامة فان القاضي يقوم بتطبيق قانونه.
وفي هذا الإطار نصت المادة 57 من القانون الدولي البلجيكي على أنه في حالة الطلاق فإن على الزوجين الاختيار بين القانون الوطني المشترك أو القانون البلجيكي في أول جلسة لهما وفي حالة النزاع أو عدم الاختيار فإن قانون الإقامة الاعتيادية المشترك للزوجين، رهين باختيار الزوجين له [148].
و اعتمدت على مبدأ سلطان إرادة الزوجين في اختيار القانون الواجب التطبيق كحل للمشاكل التي من الممكن أن تطرح في حالة تطبيق القانون الوطني للزوجين, أو لاحدهما باعتباره القانون المختص,وهو ما سارت عليه بعض التشريعات المقارنة كالتشريع الهولندي[149], في تعامله مع الاحوال الشخصية للجالية المغربية.
وبهذا يتضح أن قاعدة التنازع البلجيكية، التي تعين القانون المغربي، كقانون مختص لحل النزاع المعروض على القضاء ليست من النظام العام، فالمادة 3 من القانون الدولي الخاص البلجيكي، يمكن للزوجين الاتفاق على مخالفتها والخضوع إلى القانون البلجيكي باعتبار قانون الإقامة الاعتيادية أو قانون الموطن[150].
مما يعني أن القانون الذي يسند إليه الاختصاص يظل مجرد واقع ولا يقع على القاضي عبء تطبيقه من تلقاء نفسه، وإنما يجب على الزوجين إذا رغبا في الخضوع إليه التمسك بأحكام القانون المغربي أمام محاكم الموضوع في أول جلسة لهما [151]ويكون لمحكمة الموضوع التي تختص بالنظر في الدعوى، سلطة تقديرية واسعة في عدم التمسك بتطبيق هذا القانون ورجوعها إلى القانون البلجيكي الداخلي لتنظيم الطلاق الاتفاقي للمغاربة.
غير أنه يمكن تقديم بعض العناصر والتي من خلالها يمكن أن نحدد الموقف المحتمل للقضاء الأجنبي من قانون الطلاق المغربي, فالمدونة الجديدة عرفت تعديلات جوهرية مست هذه المؤسسة وذلك لضمان حقوق جميع أفرادها.
ومن ذلك تحديث أغلب مقتضيات مدونة الأسرة, خاصة تكريس مبدأ المساواة بين الزوجين عند انحلال الرابطة الزوجية حيث نصت المادة 78 على أن "الطلاق حل لميثاق الزوجية يمارسه الزوج والزوجة، كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء، طبقا لأحكام هذه المدونة" و" يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالأشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية…"م 79.
فقانون الأسرة الجديد يتميز بإقراره لأحكام تشريعية تهدف إلى تكريس الحماية القضائية والقانونية والإدارية لمؤسسة الأسرة بمختلف مكوناتها من خلال إسناد البث في قضايا الأسرة لمحاكم متخصصة [152] وقام بإدخال النيابة العامة كطرف أصلي في الدعاوى المتعلقة بالأسرة وقيد عدد من التصرفات والتي من بينها الطلاق الاتفاقي بالإذن القضائي وإخضاعها للمراقبة القضائية، وجعل السلطة القضائية كذلك مقيدة، عند البث في قضايا الأسرة بعدد من الضوابط والمعايير التي يتعين الاستناد إليها قبل اتخاذ أي قرار[153].
بالإضافة إلى انه وضع منظومة من الإجراءات الإدارية والقضائية المبسطة لحماية الزوج والزوجة من كل تعسف لكل واحد منهما على الآخر لتحقيق الاطمئنان والاستقرار الأسري ومن ذلك إقرار مسطرة إدارية مبسطة لإبرام عقود الزواج المتعلقة بالمغاربة المقيمين بالخارج وإجراءات إدارية وقضائية الخاصة بالطلاق, ومن اجل حماية حقوق الطفل فقد اقر مسطرة إثبات البنوة, وإجراءات أداء النفقة, وإجراءات إثبات الحجز ومسطرة تعيين النائب الشرعي ومراقبة تدبير أموال القاصر.
كما قام بإدراج المقتضيات المتعلقة بحقوق الطفل تجاه أبويه والواردة في اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب، وأقر مسؤوليته عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال طبقا للقانون وإسناد مهمة مراقبة تنفيذ هذه المقتضيات للنيابة العامة.
وبهذا أخضع مسطرة الطلاق والتطليق لشروط وإجراءات قضائية جديدة تحمي الزوجة من تعسف زوجها في ممارسة حق الطلاق باعتباره إجراءا استثنائيا من خلال إخضاعه لمراقبة قضائية تقوم على إجراءات وشروط صارمة منها استدعاء الزوجة بكيفية رسمية قبل الإذن القضائي بالطلاق واستنفاذ جميع مساعي إصلاح ذات البين والوساطة بين الزوجين.
أما في حالة تعذر الإصلاح وجب الأداء المسبق لمستحقات الزوجة والأطفال خلال أجل شهر قبل الإذن بالطلاق واتخذ المحكمة لذلك التدابير المناسبة من أجل سكن الزوجة والأبناء في حالة النزاع وقبل إيقاع الطلاق.
وأمام هذه التعديلات التي مست قانون الأسرة المغربي، فإن القاضي الأجنبي سيكون مطالب بأخذ نتائج هذا الإصلاح من أجل تغيير سلوك الرفض الذي انتهجه نحو القانون المغربي عامة وأحكام الطلاق خاصة.
لكن للأسف أن المدونة لم تحظى بتأويل من قبل المحامين من اجل توضيح مضامين هذه المقتضيات أمام القضاء الأجنبي فمسألة التعويض حسب المادة 1382 من قانون المدني الفرنسي تطرح للقاضي الفرنسي ثلاثة فرضيات للتعويض : التعويض للضرر المعنوي والتعويض للضرر الناتج عن انحلال ميثاق الزوجية وحالة التمكين من التعويض لكل طرف, حسب المادة 270 من القانون المدني وهذا بخلاف مدونة الأسرة التي أشارت فقط إلى التعويض بصفة عامة وتركت للقضاء مهمة تفسيره.
حيث انه في قرار لمحكمة الاستئناف بباريس بتاريخ 17 فبراير 2005 أعطت المحكمة تعويضا للزوج المغربي عند انحلال الرابطة الزوجية, وقد ذهب القاضي إلى رفض تطبيق القانون المغربي بناءا على أن القانون المغربي وان أشار إلى التعويض في مدونة الأسرة الجديدة غير انه لم يوضح المفهوم المقصود بالتعويض في القانون المغربي, حسب الحالة المعروضة عليه والظروف الخاصة لهذا الطلاق.
غير انه في قرار أخر لنفس المحكمة بتاريخ 31 مارس 2005 قامت محكمة الاستئناف بباريس بتطبيق القانون المغربي رغم أن زوجة طلبت بالتعويض طبقا للقانون الفرنسي إلا أن القاضي رفض تطبيق القانون الفرنسي على اعتبار أن القانون المغربي هو الواجب التطبيق بناءا على الاتفاقية المغربية الفرنسية لسنة 1981[154].
الأمر الذي يبرهن لنا أن هناك مجموعة من الصعوبات تعترض استقبال المدونة في المهجر فإلى جانب إشكالية فهم المدونة من قبل أفراد الجالية المغربية والتطبيق القضائي لها نجد عائق تنازع الجنسيات، وهو المشكل المطروح بحدة أمام القضاء الأجنبي ذلك أن أفراد الجالية المغربية من الجيل الثالث، يحملون جنسية بلد الاستقبال بالإضافة إلى الجنسية المغربية, ولعل تعدد الجنسيات لشخص الواحد يؤدي إلى تداخل ما بين آفاق متعددة.
وبالتالي يجب أن تتم قراءة المدونة لمقاربة النقط التي تحتاج إلى معالجة ماسة لها من أجل ضمان نوع من الملائمة والتعايش، على أن يتم العمل على تجاوز صدام الحضارات [155] , فهو قائم بإمكاننا تملكه, فهناك أوضاع متعددة بخصوص الطلاق والحضانة والنسب والإرث … لكن أي مقاربة يمكن أن تتيح لنا هذا النقاش.
فلقد اعتبرت الأستاذة [156] Maria claire أن بإمكان القانون الدولي الخاص البلجيكي إدماج مدونة الأسرة على المستوى المتوسط وذلك بتجاوز هذا الوضع عن طريق تطبيق مقتضيات المادة 48 من مدونة الأسرة التي تنص على أن"الشروط التي تحقق فائدة مشروعة لمشترطها تكون صحيحة وملزمة لمن التزم بها من الزوجين و إذا طرأت ظروف أو وقائع أصبح معها التنفيذ العيني للشرط مرهقا أمكن للملتزم به أن يطلب من المحكمة إعفاءه منه أو تعديله مادامت تلك الظروف أو الوقائع قائمة".
إن اللجوء إلى هذا الوضع القانوني يمكن أن يعتبر تغيرا لنظام الزواج ويبقى للزوجان حرية الاختيارإلى أي نظام سيخضعان له، لأن المشرع البلجيكي لجأ لنفس الحل بنفس المادة 48 من القانون المدني البلجيكي.
وهنا تطرح مسألة إمكانية أن تتقاطع أو تتكامل هذه المادة مع مدونة الأسرة فالطلاق حسب القانون البلجيكي يتم كما تمت الإشارة من خلال الاختيار بين الخضوع لقانون بلد الإقامة أو البلد الأصلي بينما مدونة الأسرة منحت للزوجين فقط إمكانية الاتفاق في إطار احترام أحكام المدونة ومصلحة الطفل عند الاقتضاء(المادة 114).
الأمر الذي يطرح مدى ثقة أفراد الجالية المغربية في القانون المغربي؟
إن الحل الامثل للتعارض المحتمل بين القانون المغربي والقانون الأجنبي يكمن في للجوء الزوجين إلى اختيار القانون المغربي لحكم انحلال رابطتهما الزوجية بالاتفاق على ذلك, وهذا لن يتأتى إلا من خلال الثقة في أن القانون المغربي سيوفر لهما الحماية اللازمة لحقوقهما عند انحلال الرابطة الزوجية وخاصة النساء المغربيات[157].
فمبدئيا, يمكن أن يتم طلاق المهاجرين المغاربة وفقا للقانون المغربي إذا اختاره الزوجان أو بوصفه القانون الوطني المشترك, أو طبقا للقانون الأجنبي كقانون الإرادة أو قانون بلد الإقامة, غير أن ما يحدث عمليا هو تطبيق القضاء الأجنبي ومن ذلك القاضي الهولندي, لقانونه على طلاق المغاربة إما بناء على اختيار الزوجة إيمانا منها أن قانون الإقامة سيوفر لها من الضمانات والحقوق التي لا يوفرها لها قانون بلدها الأصلي وإما أن القاضي الهولندي لا يستحسن تطبيق القانون المغربي لأنه يمس بمبدأ الحرية والمساواة بين الرجل والمرأة فيما يخص أسباب الطلاق وإجراءاته أو لان تطبيق هذا القانون يتطلب منه بذل مجهودات كبيرة ودقيقة للوقوف على مضمون القانون المغربي وتقدير الحجج التي قد تدلي بها الإطراف المعنية[158],الأمر الذي يحتاج إلى الثقة في تطبيق القانون المغربي.
هذه الثقة لن تتوفر لديهم إلا بعد أن تتوفر لهم المعلومات الكافية عن أحكام مدونة الأسرة، وذلك من اجل خلق جوى من الثقة إزاء القانون المغربي، فهناك ضرورة ملحة لتوفير الفرص للتعريف بمدونة الأسرة والاجتهادات الخاصة بها لإزالة كل ظروف الخطر التي تمت الإشارة إليها فهناك حلول تقوم بها السلطات الأجنبية في العديد من البلدان الأوروبية، تحت ضغط المجتمع المدني المغربي في أوربا.
ومن ذلك ما قمت به السلطات البلجيكية من خلق "لجنة للحوار الثقافي" [159] ووضع لبنات التعاون بين المجتمع المدني البلجيكي والمغربي بتنظيم ندوات لتعريف بالمدونة وتأليف كتب خاصة للإجابة على التساؤلات التي يمكن أن تطرحها المرأة حول قانون الأسرة[160].
فمن المفيد أن تستثمر الجهود من أجل تفعيل هذه القوانين فالقوانين موجودة وعلينا قرأتها بما يتلاءم مع أوضاع الجالية المغربية بالخارج و التعامل بمرونة مع مقتضيات مدونة الأسرة والنظام العام المغربي و إلا فسيظل سلح النظام العام يهدد استقرار الروابط الشخصية لهذه الفئة[161].
الفقرة الثانية: استبعاد القانون المغربي من قبل القضاء الأجنبي
عندما ينتقل إلى تطبيق القانون المغربي فإن القاضي الأجنبي إما يعترف ويقر بالقوانين المغربية من خلال الاعتراف بالقرارات الصادرة عن المحاكم المغربية، إذ يتم الاعتراف بقانونية النظام والقرارات الصادرة عن المحاكم المغربية، أو يتم استبعادها لمخالفتها للنظام العام لقانون القاضي.
وقد نصت المادة 570 من التقنين القضائي البلجيكي على أن القرارات الأجنبية لا يمكن أن تتعارض مع مبادئ النظام العام الدولي البلجيكي، ومن ذلك الزواج, الذي لا يمكن التحلل منه من خلال اللجوء إلى الطلاق الانفرادي باعتبار أن الطلاق الانفرادي يخالف النظام العام البلجيكي, و حتى في حالة كون الزوج البلجيكي يحمل أيضا جنسية أخرى تسمح له بالطلاق الانفرادي فإنه لا يمكن القبول بهذا الطلاق في بلجيكا[162].
وتعتبر حالات تعدد الزوجات والطلاق الانفرادي من أكثر النماذج العملية الدالة على تدخل النظام العام الأوروبي لإقصاء القانون المغربي أو لدحر الأحكام القضائية المغربية عن التنفيذ[163].
فبالرغم من الإصلاحات الجوهرية التي عرفتها مدونة الأسرة المغربية، فقد صدرت خمس قرارات عن محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 17 فبراير 2004 نصت على أنه لا يمكن أن يكون هناك أي اعتراف بالتطليق إذا كان متعارض مع النظام العام الدولي, ومن بينهم قرارين صدر في نفس اليوم, للزوجين مغربيين انفصلا وفقا للقانون المغربي لقيام الزوج بالطلاق الانفرادي أمام المحاكم المغربية , و رفضت الاعتراف بآثار هذا الحكم لمخالفته النظام العام الدولي الفرنسي الذي يتأسس على مبدأ المساواة بين الجنسين .
فمحكمة النقض الفرنسية ومن خلال القرارين السابقين يتبين في الحقيقة أنها اعتمدت على مبدأين أساسيين.
*مبدأ النظام العام والذي يرى أن هناك اختراق له في حالة ما إذا تبنى مبادئ إسلامية لأن القاضي المغربي ينطلق من مرجعية دينية وأخلاقية وهو ما يتداخل مع النظام القانوني الخاص للدولة الفرنسية التي يتكون نظامها العام من نوعين من المبادئ:
-النوع الأول: هي تلك التي تم الإعلان عنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 والتي تعتمدها محكمة النقض الفرنسية كحق طبيعي من أجل تحقيق العدالة العالمية ومنع الاستعباد والتمييز بالإضافة إلى التزاماتها الدولية و الاقليمية[164].
-النوع الثاني : المبادئ التي تخص المجتمع الفرنسي وهي الأسس السياسية والأخلاقية والمعنوية للمجتمع الفرنسي والأسس السياسة التشريعية الفرنسية خاصة مجال الأحوال الشخصية والتي لا تسمح لأنظمة قانونية أجنبية ذات مرجعية دينية أن تتدخل وتؤثر في نظامها القانوني الخاص [165].
*ومبدأ المساواة بين الزوجين التي التزمت فرنسا به من خلال المادة 5 من البرتوكول رقم7 ل 22 نوفمبر 1984 والملحق بالاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان, فبالرغم من أن المدونة أعطت للمرأة مجموعة من الحقوق والتي تجسدت في هذا الاجتهاد القضائي الذي كان محل نقض من طرف محكمة النقض الفرنسية, فإن المدونة وحسب ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية لم تحترم بشكل قاطع مبدأ المساواة ما بين الزوجين مما يشكل خرقا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والبرتوكول الملحق بها وبالتالي مخالفته للنظام العام الدولي الفرنسي.
إن الدفع بالنظام العام الدولي الفرنسي الفرنسية [166]استنادا إلى الاتفاقية الأوروبية ليس بالتعليل الكافي من اجل تنفيذ اتفاقياتها الثنائية المبرمة مع بعض الدول العربية و مادام أن المغرب ملتزم كذلك مع فرنسا بالاتفاقية الفرنسية المغربية لسنة 1981[167].
مما دفع بعض الفقه القضائي, الأستاذ Patrick Matet والأستاذة Anne pascal إلى البحث عن معيار آخر عن طريق استخدام مبدأ القرب فالزوجين حسب هذا الاتجاه القضائي يقطنان في التراب الفرنسي واندمجا إلى حد ما مع المجتمع الفرنسي الأمر الذي يستدعي أن تصرفاتهما يجب أن تكون منسجمة مع النظام الفرنسي وأن انحلال الرابطة الزوجية بينهما وفقا للقانون المغربي الذي لا يقر مبدأ المساواة بين الزوجين بشكل تام يشكل إخلالا بالنظام العام الفرنسي يستلزم عدم إلاعتراف به.
لكن بالنسبة للحالات الأخرى التي يحصل فيها حل الزواج بالاتفاق على الطلاق أو من خلال مؤسسة الطلاق الاتفاقي فإن الأستاذة Anne Pascal [168] صرحت بأن هناك دورية من اجل العمل على التطبيق اليومي لمدونة الأسرة فمحكمة النقض الفرنسية لازالت حريصة على تأكيد المحاكم الفرنسية على ضرورة التطبيق للاتفاقية الفرنسية المغربية إلا إذا عرضت النظام العام الدولي الفرنسي.
وفي هذا الصدد ذهبت محكمة الاستئناف بباريس بتاريخ 19 فبراير 2004 إلى تطبيق القانون المغربي" على اعتبار أن الزوجة تحمل الجنسية المغربية, و أن التعديلات التي عرفها قانون الأسرة المغربي والتي من بينها إذن المحكمة بالطلاق وضمان مستحقات الزوجة والأطفال, فان القانون الواجب التطبيق هو القانون المغربي".
ورغم أن الزوجة قد طلبت بتطبيق القانون الفرنسي على النزاع, فان القاضي الفرنسي رأى أن النزاع حول إنهاء الرابطة الزوجية يشكل إحدى حالات التطليق لعنف الزوج, وهي خاصية للتطليق للضرر في القانون المغربي وصرح بالطلاق وفقا للقانون المغربي.
وفي قرار آخر لمحكمة الاستئناف بباريس بتاريخ 26 ماي 2005 رفضت المحكمة تطبيق القانون الفرنسي بعد أن طالبت الزوجة بتطبيقه عندما رفع الزوج دعوى انحلال الرابطة الزوجية وطالب بتطبيق القانون المغربي, وقد اعتبرت المحكمة أن القانون المختص هو القانون المغربي[169].
مما يوضح أن كل ما يهم التشريعات الغربية, أن تؤسس قوانين الأحوال الشخصية مساواة تامة في الحقوق والواجبات للزوجين معا, لكي يتم الاعتراف بالأحكام الصادرة عن المحاكم المغربية.
ولان مدونة الأسرة المغربية لازالت لم تعترف بعد بالمساواة التامة بين الزوجين كما تنص على ذلك القوانين الغربية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان, و لان هذه المقاربة غير ممكنة في ظل قوانين الأسرة تنبثق من مرجعية دينية إسلامية تعتبر أن المساواة الحقة في تعادل وتكافؤ الحقوق والواجبات عند الجنسين[170].
ورغم التعديلات التي عرفتها المدونة الجديدة, نجد إصرار المحاكم الأجنبية على الحديث على الطلاق الانفرادي بأنه لازال قائما, مع العلم أن محكمة النقض إذا كانت ترفض هذا النوع من الطلاق في ظل قانون الأحوال الشخصية[171].
فإن مدونة الأسرة أقرت :
-الطلاق تحت مراقبة القضاء
-حضور الزوجة
-حقوق الدفاع مضمونة
-الطلاق يصدر في شكل حكم كما أن نفس الحق تمارسه الزوجة لإنهاء الرابطة الزوجية عن طريق الشقاق.
يبقى أن دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ بالموازنة مع قانون الطلاق الفرنسي الجديد يعكس لنا التقاء للرؤى واحترام الأحوال الشخصية للمغاربة في فرنسا, و ذلك في حالة للجوء الزوجين إلى مؤسسة الطلاق الاتفاقي, لما توفر هذه الأخيرة من بعض أوجه المساواة بين الزوج والزوجة في حق الطلاق باعتباره حق يمارسه كل واحد منهما كما نصت على ذلك معظم التشريعات المقارنة.
فمسالة تجاوز إشكالية التنفيذ أمام المحاكم الأجنبية هي مسالة تتعلق بقراءة مدونة الأسرة سواء من طرف محكمة النقض الفرنسية أو القضاء الأجنبي وتلمس الآثار الايجابية للقانون الجديد خاصة في حالة الطلاق.
على انه بقدر ما نحاول الاقتراب من القوانين الأجنبية نلاحظ تقصير في فهم قوانيننا وتبقى للإرادة السياسية دورا هاما من اجل التقارب بين النظامين, لكن قبل أن نطلب من القضاء الأجنبي أن يحترم روح المقتضيات القانونية لمدونة الأسرة يجب أولا أن تطبق التطبيق السليم من طرف قضائنا الوطني وتمكين القضاة الأجانب من الاجتهادات القضائية التي تتم في المغرب بالنسبة للمادة 128 من مدونة الأسرة.
المطلب الثاني: أحكام الطلاق الاتفاقي أمام القضاء المغربي
تنص المادة 128 أن "المقررات القضائية الصادرة بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ طبقا لأحكام هذا الكتاب, تكون غير قابلة لأي طعن في جزئها القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية.
الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ تكون قابلة للتنفيذ إذا صدرت عن محكمة مختصة وأسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها المدونة لإنهاء العلاقة القانونية "
مما يعني أن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية والقاضية بالطلاق الاتفاقي بين الزوجين لا تنفذ بالمغرب إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية طبقا للمادتين 430 و 431 من قانون المسطرة المدنية.
غير أن الحكم المراد تذييله لا يمكن الاعتراف به أمام القضاء المغربي إذا ما خرق الاتفاق في مقتضياته النظام العام المغربي (الفقرة الأولى) أو تأسس على أسباب تتنافى مع التي قررتها مدونة الأسرة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: عدم مخالفة الاتفاق للنظام العام المغربي:
إن الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق لا يمكن قبولها بالمغرب إلا بعد سلوك مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية المنصوص عليها في المادة 430 وما بعدها من قانون المسطرة المدنية والتي تشترط لإمكانية تنفيذ هذا الحكم الصادر بالخارج أمام القضاء المغربي، ألا يتعارض مع النظام العام.
ويعرف فقهاء القانون الدولي الخاص النظام العام بأنه مجموع القيم الحضارية والمبادئ والأفكار السياسية والقانونية السائدة في بلد القاضي والتي يؤدي تطبيق قانون أو حكم أجنبي مخالفين لها إلى صدم الشعور الجماعي في ذلك البلد [172].
ولأن النظام العام، نظام مرن ونسبي، فإنه يتعين على القاضي أن يقرر مقتضيات النظام العام المغربي بالنظر إلى الوقت الذي يفصل فيه النزاع, فالسلطة التقديرية للقاضي تتدخل بشكل جلي لفحص كل حالة على حدة فيما إذا كان هناك إمكانية التنفيذ لأحكام الطلاق الاتفاقي أم أنها تخالف النظام العام المغربي.
ومن بين الأحكام التي صدرت عن القضاء المغربي بخصوص منح الصيغة التنفيذية لأحكام الطلاق الاتفاقي نجد :
حكم للمحكمة الابتدائية بفاس قسم قضاء الأسرة عدد 789 بتاريخ 16/28/ 2004 والقاضي بتذييل الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بروطردام بهولندا بالصيغة التنفيذية وقد اعتمدت المحكمة على حيثيات التالية:
"حيث التمست النيابة العامة تطبيق القانون
وحيث عزز المدعي طلبه بنسخه رسمية من الحكم الأجنبي المراد تذييله بالصيغة التنفيذية وبشهادة تسجيل هذا الحكم بسجلات الحالة المدنية بلاهاي هولندا. وكذا بشهادة صيرورة هذا الحكم نهائيا مع ترجمة لهذه الوثائق إلى اللغة العربية لدى ترجمان محلف.
وحيث أن المحكمة بإطلاعها على مضمون الحكم الأجنبي تبين لها أنه ليس فيه مساس بالنظام العام المغربي لكون الطرفين قد تراضيا على الطلاق وهذا ما يطلق عليه في مدونة الأسرة بالطلاق الاتفاقي.
وحيث أنه الطلب قدم وفقا لمقتضيات المادتين 430 و 431 من قانون المسطرة المدنية لذا ينبغي الاستجابة به له"[173].
فالمقتضيات التي نصت عليها المادة 128 من مدونة الأسرة عملت إلى حد ما على تبسيط مسطرة الاعتراف بالطلاق الذي ثم بالمهجر وفي هذا الصدد ذهبت المحكمة الابتدائية بالناظور قسم فضاء الأسرة في حكم رقم 04.545 بتاريخ 07-06-2004 بتذييل الحكم الأجنبي الصادر عن المحكمة الإقليمية ببريدا هولندا القاضي بطلاق المدعية من زوجها "حيث عززت المدعية طلبها بنسخة رسمية من الحكم.
وحيث أنه بعد تفحص لمحتويات الحكم المذكور تبين لها أنه صدر عن محكمة مختصة وأسس على كون العلاقة الزوجية بين الطرفين لم تعد قائمة وهو سبب يخول للمرأة المتزوجة طلب التطليق، وفق مقتضيات المادة 128 من مدونة الأسرة.
وحيث أن الحكم الأجنبي موضوع الطلب لا يمس في شيء النظام العام المغربي وحيث استنادا لكل ما ذكر فإن الطلب مؤسس قانونا وواقعا يتعين الاستجابة له تطبيقا لمقتضيات المادة 128 من مدونة الأسرة والمادتين 430 و 431 من قانون المسطرة المدينة" [174].
إن التوجه الجديد للقضاء المغربي نحو الاعتراف بالأحكام الأجنبية الصادر في الخارج يرجع إلى فكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص المغربي بعد التعديلات التي أدخلت على مدونة الأسرة المغربية, هذا النظام التي أصبح يستند إلى المبادئ الأساسية التي ورد التصريح بها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية التي التزام بها في مجال حقوق الإنسان و كرسها في الدستور المغربي بالانسجام مع مقتضيات الشريعة الاسلامية.
ومن أجل بلورة نظام عام مغربي مرن أسند المشرع المغربي للقضاء دورا أساسيا في معالجة قضايا الأسرة وطوقه بمسؤولية كبيرة تتجلى في سلطة القاضي في تطويع النص عن طريق الاجتهاد في التأويل والتفسير.
ولعل الاجتهادات القضائية التي اعتمدتها بعض أقسام قضاء الأسرة، توضح لنا خطورة الدور المسند للقضاء من أجل تفعيل أحكام المدونة,وفي هذا الصدد رفضت محكمة الناظور قسم فضاء الأسرة في حكم عدد 17 بتاريخ 05/02/2004 منع الصيغة التنفيذية لحكم قضى بالطلاق بين زوجين مغربيان على اعتبار أن المدعية أدلت بعقد زواج مدني أبرم بينها وبين المدعي عليه أمام موظف الحالة المدنية في مدينة اسن الألمانية.
"وحيث أن العقد المذكور باطل من وجهة القانون المغربي باعتبار أن طرفي من المغاربة المسلمين، والذين لا ينعقد الزواج بينهما بصفة صحيحة إلا بحضور شاهدين عدلين سامعين في مجلس واحد إيجاب وقبول الزوجين.
وحيث أن حكم التطليق الصادر بين الطرفين بناء على عقد الزواج المذكور مخالف للنظام المغربي فإن الطلب غير ذي أساس قانوني ويتعين التصريح برفضه" [175].
وإذا كان المشرع المغربي أجاز للمغاربة المقيمين في المهجر، أن يبرموا عقود زواجهم وفقا للإجراءات الإدارية المحلية لبلد إقامتهم والهدف هو مراعاة ظروف الجالية المغربية المقيمة بالخارج وتسهيل مأموريتهم في عقد زواجهم فإن ما تضمنته الفقرة 2 من المادة 14 من ضرورة توفر الشروط الموضوعية والشكلية، من حضور شاهدين المسلمين، فيه إفراغ لمحتوى المقتضى الأول الذي يهدف إلى تيسر الأمور على الجالية المغربية بالمهجر، بإخضاع زواجهم للإجراءات الإدارية المحلية لبلد الإقامة كما هو مكرس في اتفاقية لاهاي لعام 1976 حول إبرام الزواج والاعتراف بصحته في مادتها الثانية، والتي تنسجم مع القاعدة المقررة في مبادئ القانون الدولي الخاص المقارن و تقضي بخضوع شكل التصرف لمحل إبرامه.
فالزواج الذي أبرم أمام ضابط الحالة المدنية، لمدينة اسن الألمانية، والتي قوانينها لا تنص على شكلية حضور شاهدين مسلمين، بل تتعارض مع هذا المقتضى المرتكز على أساس ديني, كيف يمكن تكييفه مع القانون المغربي؟
إن هذه المقتضيات تطرح عدة إشكاليات على السفارات والقنصليات المغربية بالخارج، تتعلق بمدى قبول إيداع نسخ من عقود الزواج المبرمة محليا، والتي لم تحترم هذه القواعد أو لم يظهر من نصها، استحضارها، فالأحكام الأجنبية ستقر بصحتها وصحة آثارها في حالة حدوث النزاع أو كما هو الأمر في هذا الحكم القاضي بالطلاق الاتفاقي ذلك أن المحكمة الأجنبية صرحت بالطلاق بين الزوجين خلافا للمحاكم المغربية التي لا تعترف بهذا الزواج ولا بآثاره [176].
إن عدم التعامل مع المقتضيات الجديدة الواردة في المادتين 14 و 16 بشيء من المرونة خصوصا عندما يتعلق الأمر بأفراد الجالية المغربية بالخارج سينعكس لا محالة سلبا على الاعتراف بالكثير من عقود زواجهم بشكل يكون له تأثير على الاعتراف بآثارا الزواج على الأسرة والطفل [177].
وهل يندرج هذا المقتضى ضمن الحالات التي يمكن تدارك النقص المتعلق بها وفق منشور وزارة العدل؟ أم أن هناك حاجة إلى تدخل القضاء وأي قضاء له هذه الصلاحية قضاء المهجر أم القضاء المغربي؟
وقد سبق وسارت في ذات الاتجاه محكمة الدار البيضاء قسم قضاء الأسرة في حكم عدد 138 بتاريخ 26-01-04 حيث رفضت منح الصيغة التنفيذية لحكم أجنبي قضي بطلاق اتفاقي للمدعية من زوجها، وحيث أنه بعد إطلاع المحكمة على الحكم تبين لها من وقائعه أن المعنيين بالأمر تزوجا بعقد مدني بتاريخ 28/12/1992 أمام ضابط الحالة المدنية لجماعة كمبير بدون عقد زواج، وهو ما يعتبر مخالفا لمدونة الأحوال الشخصية التي تشترط لانعقاد الزواج حضور شاهدين عدلين سامعين للإيجاب والقبول من طرف الزوجين في مجلس واحد، زيادة على ما ذكر فإن الحكم المذكور قضى بقسمة ومنافع الملكية للطرفين وهو ما يعتبر كذلك مخالفا للمدونة باعتبار أن ذمة كل زوج مستقلة عن ذمة الزوج الآخر.
وحيث إن الحكم الأجنبي الذي قضى بقسمة الأموال المشتركة والذي قضى بتطليق المدعية من المدعى عليه بناءا على عقد زواج مدني يكون مخالفا للنظام العام المغربي باعتبار أن طرفي الدعوى من المغاربة المسلمين، فإن الطلب غير ذي أساس ويتعين التصريح برفضه" [178].
وفي حكم آخر لنفس المحكمة عدد 840 بتاريخ 07-06-2004 رفضت المحكمة تذييل حكم أجنبي بالصيغة التنفيذية بعد أن تبين لها انه قضى بالطلاق بين المدعية وزجها كما قضى بنفقة الزوج على زوجته بملغ 229 خالدة شهريا ابتدءا من تاريخ تسجيل الحكم بالطلاق.
وحيث أن الحكم المذكور بإلزامه للزوج بأدائه نفقة الزوجة رغم أنه قضى بإنهاء العلاقة الزوجية بينهما يكون مخالفا للنظام العام المغربي، ذلك لأن الزوجة إنما تستحق نفقتها الواجبة على زوجها مادام أن العلاقة الزوجية قائمة بينهما.
وحيث طالما أن الحكم الأجنبي المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية مخالف للنظام العام المغربي فإن الطلب غير ذي أساس ويتعين التصريح برفضه".[179]
وأمام هذا التوجه الذي يسلكه القضاء المغربي إزاء الأحكام الصادر عن القضاء الأجنبي بشان طلاق المغاربة, والذي لم تطبق عليه مقتضيات القانون المغربي يؤدي إلى طرح مشاكل جد عويصة للأسرة المغربية في المهجر وتبقى الزوجة المغربية في وضعية جد صعبة، ومن جملة هاته المشاكل مفاجأة الزوجة المغربية بدعوى الرجوع إلى بيت الزوجية وإمكانية متابعتها جنائيا بالخيانة الزوجية في حالة زواجها بزوج آخر وذلك بمجرد عودتها إلى بلدها الأصلي، وعدم إمكانية إبرامها زواج ثاني في المغرب اوأمام القنصلية المغربية الأجنبية[180].
الفقرة الثانية :عدم تنافي الطلاق مع مدونة الأسرة
إذا كان المشرع المغربي أدرج في المادة 128 مقتضيات يتبين منها استحضار الإشكاليات العملية التي تواجه المغاربة في المهجر فان مقتضياتها تثير الكثير من الملاحظات.
فقد ورد في هذا النص أن "الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ, تكون قابلة للتنفيذ إذا ما صدرت عن محكمة مختصة, وأسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها هذه المدونة لإنهاء العلاقة الزوجية, وكذا العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين, بعد استيفاء الإجراءات القانونية بالتذييل بالصيغة التنفيذية طبقا لأحكام المواد 430و431و432 من قانون المسطرة المدنية ".
لو اقتصر المشرع في المدونة الجديدة على الفقرة الأولى من هذا النص, لقيل بأن هناك جديد ورد في هذه المادة, يهدف إلى تبسيط مسطرة الاعتراف بالطلاق الذي تم بالمهجر, كما هو محبذ من قبل الكثير من أفراد الجالية المغربية وكذا الجهات المغربية المحتكة بالمهجر وبمشاكلهم اليومية.
فإدراج مقتضيات الفقرة الثانية, التي تؤكد على ما رد في قانون المسطرة المدنية عقد وصعب من مأمورية أفراد الجالية المغربية, وكذا الممثلين القنصلين والقضاة الملحقون بالبعثات الدبلوماسية, بحيث كان المأمول بالنسبة للجميع هو السهر على تبسيط إجراءات الاعتراف بهذا الطلاق بالمغرب, لما فيه من تخفيف للجهد والوقت والمصاريف, وصرامة التشريعات الأوروبية فيما يخص الحصول على بعض المستندات[181].
إذ ينبغي على الطرف الذي يتقدم بطلب إعطاء الصيغة التنفيذية للطلاق الاتفاقي التقييد بالقواعد المسطرية المقررة في القانون المغربي الداخلي أي قانون المسطرة المدنية وهكذا يجب الإدلاء بعدد من الوثائق تحت طائلة عدم القبول ومنها نسخة رسمية من الحكم, واصل وثيقة التبليغ أو أية وثيقة أخرى تقوم مقامها وشهادة من كتابة الضبط المختصة تشهد فيها بعدم التعرض أو الاستئناف آو الطعن بالنقض, وعند الاقتضاء ترجمة إلى اللغة العربية للمستندات المذكورة (المادة 431 من قانون المسطرة المدنية)
ذلك أن الإشكال الذي يواجه أفراد الجالية المغربية في هذا الصدد هو انه في إطار الطلاق الاتفاقي يقوم القاضي الأجنبي فقط بالمصادقة على الاتفاق المبرم بين الزوجين مما يطرح بالنسبة اليهما صعوبة الحصول على شهادة تتبث عدم الطعن.
فالاتفاق على الطلاق المصادق عليه من قبل القضاء يتمتع بقوة الشيء المقضي به والقوة التنفيذية فوق إقليم البلد الأجنبي الذي صادق عليه ولا يخول لهما الحصول على شهادة من كتابة الضبط تتبث عدم الطعن مما يعرض طلب الإذن بالصيغة التنفيذية لعدم القبول.
وقد ذهبت المحكمة الابتدائية بالناضور[182] قسم قضاء الأسرة بتاريخ 01/03/2004 إلى التصريح بعدم قبول الدعوى على حالتها حيت تهدف المدعية من الدعوى إصدار أمر بتذييل الحكم الأجنبي الذي قضى بتطليقها اتفاقيا من زوجها بالصيغة التنفيذية" لكن وحيث انه طبقا للفصل 430 من ق المسطرة المدنية فانه من شروط تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية بالمغرب الإدلاء بنسخة رسمية منها.
وحيث أن المدعية أرفقت مقالها بصورة شمسية عادية للحكم الذي قضى بطلاقها من زوجها إلا أنها تخلفت عن ذلك.
وحيت بناءا على ما ذكر فانه يتعين التصريح بعدم قبول الدعوى على حالتها تطبيقا للفصل 430 من ق م م".[183]
بعد أن كان التطبيق العملي قبل المدونة سائرا في اتجاه التعامل بيسر في إجراءات التذييل بالصيغة التنفيذية خصوصا أمام فراغ نصوص المدونة من نص صريح في هذا الصدد كما أن هذا الأمر ثم تكريسه في بعض الاتفاقيات الثنائية, كما هو الحال بالنسبة للاتفاقية الفرنسية المغربية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة, المبرمة سنة 1981 والتي ورد في المادة 14 إمكانية تسجيل الأحكام المتعلقة بالأشخاص في سجلات الحالة المدنية دونما حاجة إلى تذييلها بالصيغة التنفيذية.
لكن النص على هذا الأمر في مدونة الأسرة سيعقد الأمور أكثر مما سيرتب عليه عدة آثار جانبية, من قبيل ترتيب آثار الطلاق, و الإقبال على زواج أخر فيما بعد, واعتبار الطلاق ساريا بالنسبة لمحاكم وسلطات المهجر, وغير معترف به في المغرب ولا حجية له أمام المحاكم والسلطات المغربية.
وبالرجوع إلى منشور وزارة العدل السالف الذكر فانه اقتصر على تأكيد إجراء الصيغة التنفيذية, لتكون للطلاق المصرح به من طرف محاكم أجنبية حجية داخل المغرب, مع الاقتصار على مطالبة القضاة بالمهجر, "بالقيام بحملة تحسيسية في أوساط أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج ", وإخبارهم بإمكانية "تكليف من يقوم بهذا الإجراء بالمغرب ", والعمل على "مساعدتهم بتحرير ملتمس إلى النيابة العامة قصد تقديم الطلب من اجل التذييل…" كما أن الإشارة إلى "أسباب لا تتنافى مع التي قررتها المدونة", تثير استفهاما حول مدى الإطلاع على مضمون القوانين الأوروبية في هذا المجال.
وقد لجاءت معظم أقسام الأسرة في المملكة المغربية إلى رفض منح الصيغة التنفيذية لان الأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ تكون قابلة للتنفيذ إذا صدرت عن محكمة مختصة وأسست على أسباب لا تتنافى مع التي قررتها مدونة الأسرة لإنهاء العلاقة الزوجية (الفصل 128 من مدونة الأسرة).
وحيث انه بالرجوع إلى الحكم الأجنبي المراد تذييله بالصيغة التنفيذية من خلال ترجمته إلى اللغة العربية يتبين أن هذا الأخير لم يبين الأسباب التي اعتمد عليها للحكم بالتطليق حتى تتمكن المحكمة مما إذا كانت هذه الأسباب تتنافى مع تلك التي قررتها المدونة أم لا, وحيث انه تبعا لكل ذلك تكون دعوى المدعية غير مؤسسة ويتعين التصريح برفضها".[184]
إن أسباب الطلاق في المهجر الأوربي تكرس المساواة بين الرجل والمرأة, فكيف يمكن ضمان أنها لا تتنافى مع التي قررتها المدونة؟
وهنا يبرز دور القاضي في تأويل القاعدة القانونية و ليس فقط مسؤوليته في تطبيق هذا التشريع وإنما مسؤوليته في التشريع, إن الأمر يحتاج لمفهوم متطور للتشريع, من حق القضاء أن يخلق القاعدة القانونية إذ يمكن له أن يكون ايجابيا فيما يخص تفسير القاعدة والبحت عن الأجواء التي تعطي لإفراد الجالية المغربية في المهجر نوعا من الاستقرار والثقة في التشريع والقضاء المغربي.
وبالتالي الحاجة إلى ضرورة وجود إبداع في المسطرة وفي القانون, فإحداث أقسام قضاء الأسرة كان له بعد فلسفي فلا يمكن أن ينصرف فقط إلى بعد جغرافي أو البحث عن إطار للقضايا الأسرية ولا حتى مجرد خلق تخصص وإنما الغاية أن يكون في قسم قضاء الأسرة قضاء متميز لا من حيث المسطرة المتبعة ولا من حيث تفسير القاعدة القانونية وليس التمسك بالتطبيق الحرفي للنص القانوني فالتحدي البارز للقضاء الأسري المغربي يتجلى في تعامله مع كل ما له علاقة بالجالية المغربية بالخارج بالفهم السليم والمرونة في التطبيق.
إذ من الضروري تواجد قضاة مختصين بأحوال الأسرة في العلاقات عبر الحدودية, وتحديد عدد القضاة المسؤلين عن هذه القضايا لتهين تدريبهم وتهيئ الوسائل المادية والبشرية من اجل الاحاطة بكل ما يرتبط بقضايا المغاربة في المهجر خاصة القوانين الأجنبية والاجتهادات القضائية الخاصة بمنح الصيغة التنفيذية للأحكام الصادرة في المغرب وتمكين هؤلاء القضاة ذو الخبرة الواسعة من معالجة هذه المسائل الصعبة بصفة فعالة.
خاتمة
إن الطلاق الاتفاقي كآلية تمكن الجالية المغربية في المهجر من اختيار اللجوء إلى القانون الوطني والخضوع إلى مقتضيات مدونة الأسرة, تبقى عاجزة حاليا عن مواكبة التطورات التي عرفتها هذه المؤسسة في القوانين الغربية في إطار منح مساواة تامة بين الزوجين لتنظيم كل ما يرتبط بانحلال الرابطة الزوجية إن على مستوى الداخلي أي في العلاقة بين مواطنيها أو على المستوى الدولي الخاص كلما تعلق الأمر بوجود عنصر أجنبي في العلاقة, الأمر المفتقد في مؤسسة الطلاق الاتفاقي وفق قانون مدونة الأسرة المغربية.
لتظل إلى حد ما إشكالية تنفيذ الأحكام الصادرة سواء عن المحاكم المغربية أو الأجنبية تهدد من جديد استقرار الجالية المغربية في المهجر, الأمر الذي يتطلب ضرورة تقوية التشريع التعاقدي الدولي و اعتماد على الاتفاقيات بصورة خاصة لوضع قواعد لحل مشكلة تذييل الأحكام المغربية والأجنبية بالصيغة التنفيذية والتوافق حول الصيغ العملية لذلك, وفي جميع الأحوال التأكيد على ضرورة انفتاح القاضي المغربي في تعامله مع الأحكام الأجنبية كلما أمكن التقريب أو التقارب بين مفاهيم متشابهة ولو اختلف أسسها كحالة الاتفاق على الطلاق وقسمة الأموال المشتركة مناصفة الذي يصرح به القاضي الأجنبي بناء على فكرة شيوع الأموال المشتركة بين الزوجين والذي يمكن تذييله في المغرب بالصيغة التنفيذية المعتمدة على فكر الالتزام والاتفاق بين الزوجين كعقد مدني.
ولان الإشكال الرئيسي المطروح يتمثل في قواعد حل تنازع القوانين, فان ضرورة مراجعة الاتفاقيات الحالية وتأسيس المقبلة على فكرة أولية مفادها تجنب اعتماد نظام قاعدة الإسناد في تحديد القانون الواجب التطبيق واستبدالها بنظام القواعد الموضوعية المادية المنظمة بصفة مباشرة للوضعية القانونية للأسرة المغربية في المهجر أي وضع حلول قانونية واضحة لمختلف الأوضاع القانونية التي توجد عليها, بما فيها توسيع إرادة الأطراف أكثر عند الطلاق الاتفاقي.
أو توحيد مدلول قاعدة الإسناد بين المغرب الذي يعتبرها من النظام العام وبلدان أوربا, خاصة فرنسا التي تعتبرها قاعدة واقع, ومراجعة تحديد مفهوم النظام العام بصورة تحول دون اعتماده كمانع من تطبيق القانون الوطني في حالة التنازع.
وبهذا يجب أن تتجه الجهود من طرف السلطة المغربية نحو دعم فكرة اللجان المختلطة المحدثة بين المغرب وبعض دول أوروبا التي لا تربطها بها اتفاقيات ثنائية والتي تستقبل جاليات مغربية كبيرة كبلجيكا وهولندا, والتفكير في إحداث وتكوين لجان مغربية مشتركة تضم الوزارات المعنية بالموضوع مع مكونات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان وجمعيات المغاربة باعتبارها قوة ضغط أصبحت تشهدها الساحة الأوروبية من اجل تنمية الثقافات في بلاد المهجر, إن رصد آفاق مؤسسة الطلاق الاتفاقي ترتبط بمعرفة آليات العمل القضائي ووسائله وكيفية وماهية النظم الجديدة الواجب العمل بها وكذا الطرق والمساطر الواجب إتباعها من اجل تفعيل المؤسسات المستحدثة وكل ذلك يرتبط بمدى تفعيل مدونة الأسرة الجديدة بالاجتهادات القضائية, الأمر الذي لن يتأتى إلا بتوفير الموارد المادية والبشرية من اجل التطبيق السليم لمدونة الأسرة.
[1] -محمد التغدويني"الوسيط في القانون الدولي الخاص" الطبعة الأولى 2005 مطبعة فاس بريس ص 224.
[2] -محمد المرابط" تقييم الاتفاقية الثنائية المغربية الفرنسية –الجانب القانوني والقضائي-"الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء سلسلة "لنكسر الصمت "العدد 3 ص 141
[3] – يستخدم القانون الدولي الخاص, الذي ينظم الروابط القانونية المتصلة بأكثر من دولة, أسلوب متميزا لمعالجة التنازع الذي يمكن أن يطرح في حالة التعارض بين القوانين لتنظيم الروابط الدولية الخاصة.
[4] – انظر في هذا الصدد جميلة أوحيدة "تنازع قوانين الطلاق بين المغرب وهولندا" سلسلة الندوات "النساء ودولة الحق والقانون "رقم 1 ,2004 ص 119
[5] -Eige Ddawy »Relation entre systèmes confessionnels et la laïque en Droit international privé .Dalloz .paris .1972. Volume 4.p
[6] -Carlier Jean Yves « quelques principes généraux du droit international privé belge de la famille au regard des projets de conventions entre la Belgique et le Maroc »in de wenselijikheid van een bilaterral verdrag tussen marokk en netherland over conflicten dangaand het internatinal familiercht. Bijdrgenaan de studie day van 21 februari 1992 en de reactie van het NCB utrecht. Juli 1992 p 30 à 37
[7] -Deprez Jean »Droit international privé et conflits de civilisation .aspects méthodologiques. Les relations entre systèmes d’Europe occidentale et systèmes islamiques en matière de statut personnel R.C.A.D.I ; T 211 ; 1988 ; P 152-372
[8] -احمد الخمليشي وعبد الرزاق مولاي أرشيد "مدونة الأحوال الشخصية بعد خمسة عشر سنة من صدورها"المجلة المغربية للقانون والاقتصاد, عدد 10 ,1981 , ص 45 .
[9] –Moulay Rchid abderrazak « la condition de la femme au Maroc »thèse de doctorat d’état, ed.De faculté de droit, Rabat .1995, p 607
[10]– وقد نصت على هذا المبدأ صراحة المادة 27 من اتفاقية فينا حول قانون المعاهدات لعام 1969, بتأكيد على أن "الدول الأطراف لا يمكنهم التذرع بالقانون الداخلي لتبرير عدم تنفي معاهدة صادقوا عليها "راجع في هذا الصدد سعيد الصديقي "حقوق الإنسان وحدود السيادة الوطنية "المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية, عدد 50, ماي يونيو 2003
[11] – لقد تزايدت المطالب من قبل المؤسسات النسوية ومراكز حقوق الإنسان بضرورة تعديل قوانين الأحوال الشخصية المطبقة والأخذ بالمعايير الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان وبشكل خاص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المراة الصادرة في ديسمبر 1979 وما تنص عليه من تحقيق المساواة بين المراة والرجل وإلغاء مظاهر الإجحاف والتميز تجاهها خاصة عندما يتعلق الأمر بإنهاء الرابطة الزوجية.فالطلاق تصرف فردي يترتب عليه أثارا قانونية على الزوجين وهو بذلك يختلف عن الزواج في أن الزواج يتم بإرادة طرفين بالغين وليس بإرادة طرف واحد , ولا تترتب عليه أثارا سوى على طرفيه المتعاقدين ,لذلك لو نظرنا إلى الأمر بهذا المنظور لو جدنا أن الطلاق بين الزوجين وبسبب ما يرتبه من أثار قانونية يجب أن يتم بإرادة طرفيه واتفاقهما لما سيترتب على كل منهما من التزامات نحو انفسهما ونحو الآخرين,ومن هنا نرى أن مبدأ المساواة وعدم التمييز بين الزوجين في العلاقات العائلية هو المبدأ الأول الذي يجب أن يسود هذه العلاقات كما نصت في ذلك الاتفاقيات الخاصة فيما يتعلق بفسخ الزواج أو إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق.
[12] -.راجع أيضا في هذا الصدد, هشام اصنيب "ضابط الإرادة في الأحوال الشخصية وأثاره على الجالية المغربية بأوروبا الغربية " بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة, جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الحقوق فاس, 2003, ص 3.
[13]– الخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى للبرلمان في 10 أكتوبر 2003
[14] -خالد البرجاوي "مدى استجابة مدونة الأسرة لمطالب المجتمع المدني والسياسي المغربي"دار القلم 2004 ص 15.
[15] -سعاد الاخريسي "من مدونة الأحوال الشخصية إلى مدونة الأسرة "مطبعة النجاح, الطبعة الأولى 2005 ص 187.
[16] –لقد كان الطلاق في ظل مدونة الأحوال الشخصية بيد الزوج, يوقعه عندما يريد إنهاء الرابطة الزوجية التي تربطه بزوجته وفق مقتضيات الشريعة الإسلامية غير أن الإسلام لم يحرم الزوجة من حق إنهاء الرابطة الزوجية فيما إذا رغبت في ذلك وان كان لا يعطيها هذا الحق لتستعمله في جميع الحالات, وكلما رغبت في ذلك كما فعل بالنسبة للرجل وإنما قيد حقها في الحصول على الطلاق بقيدين, أن يكون لديها سبب معين من الأسباب المحصورة التي تبيح لها طلب الطلاق وان ترفع الأمر إلى القضاء لتحصل على الطلاق عن طريقه, بعد إثبات السبب الذي تستند عليه, لكن المراة قد ترغب في الحصول على الطلاق حتى فيما إذا لم يكن لديها سبب من الأسباب التي تبيح لها الحصول على الطلاق ! لم يسد الإسلام الباب في وجه المراة حتى في هذه الحالة, وإنما أعطاها فرصة للحصول على الطلاق وذلك عن طريق الخلع أي الاتفاق مع الزوج على أن يطلقها مقابل عوض تدفعه له.
[17] -و حكمة مشروعيته أن الزواج يربط بين رجل وامراة ليعيشا حياة سعيدة هادئة تحت سقف واحد, ويقوم كل واحد منهما بواجبه في تحمل أعباء الأسرة وإسعاد أفرادها, إلا انه قد يتبين أن اجتماع الزوجين لا يحقق الأهداف المتواخاة من الزواج ولا يوفر للزوجين ما كانا يؤملانه من ارتباطهما فلو فرض عليهما أن يدوما على هذا الحال وان يستمرا مترابطين برباط الزوجية لكان في ذلك اعناتهما وللحقهما من ذلك حرج كبير ومشقة عظيمة , والله لم يكلف المسلمين بما فيه عسر ومشقة لقوله تعالى "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"الآية 185 من سورة البقرة. راجع في هذا الصدد محمد بن "أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية"الجزء الأول، مطبعة النجاح الطبعة الثانية سنة 1990. ص 195.
[18] -لقد كان الطلاق محرما بموجب التعاليم الكاثوليكية التي كان معمولا بها في البلدان الغربية, من بين هذه البلدان اسبانيا, التي لم تعرف الطلاق إلا بعد صدور دستور 1978 متاترة بذلك بتجربة الدول الغربية الليبرالية بخصوص عدد من القضايا الأساسية مثل ضمان حرية العقيدة. والذي جاء ينص في مجال الروابط الزوجية على مبادئ ليبرالية حيث قضت المادة 14 بالمساواة بين الزوجين دون تميز بسبب الجنس ومنحت الفقرة الأولى من المادة 32 لكلا الزوجين حق إبرام عقد الزواج على قدم المساواة بينهما كما نصت المادة 32 على صدور قانون يتولى تنظيم الأحكام الخاصة بالانفصال الجسماني وفسخ عقد الزواج. وبالفعل صدر قانون 7يوليوز 1981 الذي نص على الالتزام بأحكام القانون المدني حين يتعلق الأمر بالطلاق حتى ولو ثم الزواج أمام الكنيسة, كما نص القانون المدني الاسباني على أن المطالبة بحق الطلاق من طرف احد الزوجين يجب أن يسبقه حدوث انفصال جسماني, وفق اتفاق الطرفين أو بطلب احد الزوجين. راجع في هذا الصدد ملخص لعرض الأستاذ بلس خسوس امبرودا."تطور قانون الطلاق في اسبانيا "مجلة الميادين العدد 3 سنة 1988.
[19] -و لأهمية دراسة الفرق بين طلاق الخلع والطلاق الاتفاقي فانه سيتم توضيح ذلك في متن الموضوع.
[20] -محمد بن المعجوز ج 1 مرجع سابق ص 241.
[21] –Omar Mounir « la moudawana »Mar Sam 2004 p :63
[22] -إن التمليك والتوكيل كلاهما إنابة أي سلطة يتنازل عنها المنوب عنه –الزوج- للنائب التي قد تكون الزوجة أو غيرها لإيقاع الطلاق, وتجد السلطة المتنازل عنها مصدرها المباشر في القانون (نيابة قانونية )أو في القضاء (نيابة قضائية ) أو في الاتفاق (نيابة اتفاقية ).راجع في هذا الصدد محمد شيلح "مرشد الحيران إلى الفهم المحمود بفك القيود عن نكت أحكام البيع المنضود في القانون المغربي للالتزامات والعقود " انفو_برانت, الطبعة الثانية 1999 ص 55.
غير انهما يختلفان في حقيقتهما.فالتوكيل هو أن يقيم الزوج شخصا آخر غيره مقام نفسه في تطليق زوجته, وهو لا يكون عادة إلا للغير, وان كان المذهب المالكي يسمح به للزوجة.أما التمليك أو التفويض فهو يكون للزوجة عادة ولو استعمل بصدده لفظ التوكيل وليس التفويض وقد جمعت مقتضيات الفصل 44 من مدونة الأحوال الشخصية الأشخاص الذين يحق لهم توقيع الطلاق بقولها "الطلاق هو حل عقد النكاح بإيقاع الزوج أو وكيله أو من فوض له في ذلك أو الزوجة إن ملكت هذا الحق " راجع في هذا الصدد محمد الكشبور "الوسيط في قانون الأحوال الشخصية"مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الخامسة1424 ه -2000م ص 303 وقد تم حذف هذا الفصل بمقتضى قانون مدونة الأسرة رقم 03-70 ج.ر عدد 5184 بتاريخ 1 فبراير 2004 ص 418
[23] – سورة الاخزاب الآيتان 29,28 .
[24] – محمد سمارة "أحكام وآثار الزوجية شرح مقارن لقانون الأحوال الشخصية "الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع عمان, الطبعة الأولى 2002 ص 286.
[25] -احمد حسن البرعي "نظرية الالتزام في القانون المغربي, العقد"دار الثقافة, مطبعة النجاح الجديدة, الطبعة الأولى 1401-1981 ص 28.
[26] -يقول الأستاذ الخمليشي في هذا الصدد "نعتقد انه في ظل الشريعة الإسلامية لا مانع من حيث المبدأ من إسناد الطلاق إلى القضاء إذا كان الهدف من ذلك هو السعي إلى تطبيقه في حدود الشريعة والحيلولة دون التعسف في استعماله, ودفع =الضرر –قبل حدوته- عن الزوجة أو الأولاد الذين يتضررون من الطلاق غير الشرعي" احمد الخمليشي "التعليق على قانون الأحوال الشخصية 'الجزء الأول الزواج والطلاق الطبعة الثانية 1987 ص 282.
[27] – سورة البقرة الآية 227.
[28] – محمد الصابوني "صفوة التفاسير"المجلد الاول, دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع, القاهرة, الطبعة التاسعة(بدون ذكر سنة الطبع)
ص 136. راجع في هذا الصدد أيضا, تفسير ابن كثير, الجزء الأول مؤسسة الكتب الثقافية بيروت, الطبعة السادسة 1419ه_1998م ص 261 و 262
[29] – سورة البقرة الآية 229.
[30] – لقد عرف الطلاق الاتفاقي لدى الرومان في عصر الإمبراطورية السفلى فبعد أن طرأت تعديلات هامة تحت تأثير الكنيسة, أدت إلى عدم إباحة الطلاق, فانه كان في جميع الحالات يجوز الطلاق باتفاق الزوجين, حتى جاء جوستيان فألغى الطلاق بالاتفاق عام 542, وحين خلفه الإمبراطور جوستيان الثاني أجازه من جديد سنة 566.
راجع في هذا الصدد عبد الرحمن الصابوني "مدى حرية الزوجين في الطلاق " مرجع سابق ص 649 انظر كذلك "الطلاق باتفاق الزوجين عند المسيحية", نفس المرجع ص 642.
[31] – و قد كانت قاعدة التنازع في هذا المجال لا تستند إلى نص تشريعي, وإنما هي من إنشاء القضاء, فإذا كان الزوجان أو احدهما من جنسية مغربية بصرف النظر عن موطن أو محل إقامة الزوجين فان القانون الواجب التطبيق هو القانون المغربي, الامر الذي يترتب على ذلك تمتع الرجل المغربي بالحق في إنهاء ارتباطه بزوجته المغربية, بإرادته المنفردة, عن طريق الطلاق حتى في البلدان الأجنبية, أما المراة المغربية فلا تتمتع بحق الطلاق ولكن النظام العام في مختلف الدول الأوروبية لا يجيز الطلاق بمفهوم مدونة الأحوال الشخصية.
[32] -انظر في هذا الصدد خالد البرجاوي "نظام الأحوال الشخصية للجالية المغربية في دول المغرب العربي «دبلوم الدراسات العليا جامعة محمد الخامس كلية الحقوق اكدال 1993-1994.
[33] – جرى العمل في القانون الدولي الخاص المقارن بخصوص حلول الروابط الدولية الخاصة, على وضع القوانين المتنازعة في نفس المرتبة وإعطائها فرص أكثر للتطبيق, ثم ترجيح احدها على الأخرى بناء على معايير منطقية وموضوعية, وفقا للتحليل التنازعي الذي يعتبر في الوقت الحالي الوسيلة الفنية السليمة لحل المنازعات الدولية الخاصة بشكل منصف لهذه القوانين, بعيدا عن أي نزعة وطنية ودينية, ويفترض التحليل التنازعي السليم تزاحم القوانين أو أكثر =لحكم علاقة دولية خاصة معينة, واختيار أكثر القوانين ملائمة بفضل قاعدة إسناد موضوعية وغير متحيزة, واعتماد على ضابط إسناد وضعي هو الجنسية.
[34] -أما بعض التشريعات العربية كالقانون المصري والسوري والليبي والكويتي فقد نصت بشكل صريح على أن التطليق تسري عليه أحكام الدولة التي ينتمي إليها الزوج في جميع الحالات وقت رفع الدعوى وهذا على خلاف ما ذهبت إليه القوانين الانجلوسكسونية التي تخضع التطليق بصفة عامة إلى قانون دولة القاضي.راجع في هذا الصدد محمد التغدويني "الوسيط في القانون الدولي الخاص" مرجع سابق ص 433.
[35] – JamilaOuhida » la reforme du code de la famille :nouveau acquis pour la communauté marocaine en Europe » colloque International sur les relations familiales en migration : quelle compréhension et quelle pratique ?Les 25 ,26 février 2005
ET Mohamed el arbi hachem « le code tunisien de droit international privé »R.C.D.I.P .88 (2) avril juin 1999 p 227 à 244.
[36] – Khalid de Barjawi " l’évolution le code de la famille dans le droit international privé" colloque sur les relations familiales organise par la cour suprême. Rabat. Les 10 et 11 novembre 2005 .a la cour suprême
[37] -ناصر المتيوي مشكوري "مبادئ في القانون الدولي الخاص مكتبة المعارف الجامعية 2003 ص 128
[38]– إن الطلاق الاتفاقي يشكل معظم حالات الطلاق التي تكون في بلجيكا بحيث أن ثلاث حالات طلاق على أربعة هي نتيجة طلاق باتفاق الزوجين. Institut national de statistique, Statistique et information économique, SPf Economie. belge
[39] – يقول ابن رشد "والفقه أن الفداء (الخلع) إنما جعل للمرأة في مقابل ما بيد الرجل من الطلاق, فانه لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا فرك المرأة جعل الخلع بيد المرأة إذا فركت الرجل".أبي الوليد :ابن رشد الحفيد "بداية المجتهد ونهاية المقتصد".دار الحديث القاهرة ج 2, سنة الطبع 1425ه- 2004م ص 68. والفرك :العراك, البغض, وقيل لا يستعمل إلا في تباغض الزوجين خاصة.
[40] – الخلع: بذل المرأة العوض على طلاقها. إلا أن اسم الخلع يختص ببذلها له جميع ما أعطاها والصلح ببعضه والفدية بأكثره والمباراة بإسقاطها عنه حقا لها عليه .حاشية الدسوقي الجزء 2 ص 349, انظر أيضا محمد الكشبور. الوسيط في قانون الأحوال الشخصية مطبعة النجاح, الطبعة الخامسة 1412 – 2000 ص 310.
[41] -حاشية الدسوقي. الجزء الثاني ص 406
[42] – نقلا عن عبد الرحمان الصابوني" مدى حرية الزوجين في الطلاق في الشريعة الإسلامية " أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق, مطبعة جامعة دمشق 1382 هـ – 1962 م ص 489 ,506.
[43]– سورة البقرة الآية 229, راجع في تفسير هذه الآية, تفسير ابن كثير, الجزء الأول مؤسسة الكتب الثقافية بيروت, الطبعة السادسة 1419ه _1998 م ص 261 و 262
[44] -محمد الصابوني "صفوة التفاسير"المجلد الأول, دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع, القاهرة, الطبعة التاسعة(بدون ذكر سنة الطبع)ص 146
[45]– العمراني الكد"فقه الأسرة المسلمة في المهجر هولندا نموذجا"رسالة دكتوراه, جامعة محمد الأول, شعبة الدراسات الإسلامية, 2002-2003 الجزء الأول ص 19
[46] -وهو ما يتحقق لدينا باتفاق الزوجين على الطلاق .
[47] -نقلا عن عبد الرحمان الصابوني "مدى حرية الزوجين في الطلاق" مرجع سابق ص 570-571.
[48] -hppt//www.islamonline.net/arabic/adam
[49] -إذا اتفق الزوجان على الفرقة في مقابل مقدار معين من المال تعطيه الزوجة لزوجها وطلقها بناء على ذلك فان هذا يعتبر يمينا من جانب الزوج, لأنه علق طلاقها على قبول المال, والتعليق يسمى يمينا في اصطلاح الفقهاء ويعتبر معاوضة من جانب الزوجة, لأنها التزمت بالمال في مقابل افتداء نفسها وخلاصها من الزوج.زكي الدين شعبان "الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية "منشورة الجامعة الليبية كلية الحقوق, الطبعة الرابعة 1398 ه-1978 م ص 460
[50] – عمد المشرع المغربي إلى النص على أحكام الخلع وفقا لما قررته الشريعة الإسلامية ولعل ذلك سيحقق منافع لطرفي العلاقة الزوجية إذ بموجبه يسترد الزوج ما دفعه لزوجته من مقدم صداق ويرفع عن كاهله عبء أداء أي من الحقوق المالية الشرعية للزوجة من نفقة وعدة ومتعة ومؤخر صداق فيزول عنه بذلك أي ضرر مما يجعل إمساكه لزوجة بعد أن تقرر مخا لعته إضرارا خالصا بها.
[51] وفي حاشية الدسوقي على مختصر خليل تعليقا على جواز الخلع بالتنازل عن الحضانة "هذا مقيد بان لا يخشى على المحضون ضررا إما بعلوق قلبه بأمه, أو لكون الأب غير حصين والا فلا تسقط الحضانة حينئذ, اتفاقا ويقع الطلاق.حاشية الدسوقي ج2 ص 349.
[52]– قال مالك "ومن الحق أن يكلف الرجل نفقة ولده وان اشترط على أمه نفقته, وإذا لم يكن لها ما تنفق عليه"أبو عبد الله القرطبي "الجامع لأحكام القران"دار إحياء التراث العربي الطبعة الأولى الجزء الثالث ص 143..
[53] -1الفقرة الثانية من الفصل 1287 من التقنين القضائي البلجيكي
[54] Http// www. Notaire. be – info – divorces
[55] – Catheline Hamesse “deux réforces vers plus d’égalité pour le statut juridique des femmes marocaines en Belgique » colloque du 16 novembre 2004. http. www. Alter. Be /modawana- 16 Nov 04 – catheline Hamesse.
[56] – publiée au moniteur belge au 19 mai 1994.
[57] -ولقد كان الاعتراف بالطلاق الخلعي محل مناقشة في الأعمال التحضيرية للقانون الدولي الخاص البلجيكي الجديد. على أساس أن هذا النوع من الطلاق يجعل المرأة تشتري حريتها, أنظر في هذا الصدد.
–Marie claire FOBLETS, Jean Yves Carlier, le code marocain de la famille incidences au regard du droit international privé. Bruylant Bruxelles. 2005 p 69,70.
[58] – Publiée au moniteur belge du 28 septembre 2004.
[59] – Texte de Luc Piron. Colloque Modawana . op.cit
[60] – لقد وقع المغرب مع بلجيكا على مجموعة من الاتفاقيات في هذا المجال إلا أنها لم تحظ إلى وقتنا الحالي بالمصادقة وهذه الاتفاقيات كالتالي:
-يرتوكول اتفاقي إداري حول القواعد التي تحكم حالة الأشخاص في سنة 1979
-اتفاقية للتعاون القضائي وبرتوكول اتفاق حول إنشاء لجنة استشارية مختلطة في سنة 1981.
– ثلاث اتفاقيات بشأن القانون المطبق على الاعتراف بالزواج وانحلاله وتنفيذ الأحكام القضائية في مادة النفقة والحضانة وحق الزيارة في يوليوز 1991.
[61] – راجع في هذا الصدد هشام أضيب ضابط الإرادة في الأحوال الشخصية وآثاره على الجالية المغربية بأوروبا الغربية. بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ,جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية 2002. 2003 ص 51.
[62] – يوسف الفاسي الفهري، تطبيق الاتفاقية الدولية بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في الأنظمة الداخلية، مجلة الاقتصاد والقانون العدد 16 ,1999 ص 21.
[63] – صدر بتاريخ 10/12/1948
[64] – صدر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 16 دجنبر 1966.
[65] – والتي صادق عليها المغرب بمقتضى الظهير الشريف رقم 1-93-361 الصادر في 29 من رمضان 1421 (26 ديسمبر 2000) ثم نشر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز ضد المرأة المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 1979.
[66] – لقد نحفظ المغرب على مقتضيات هذه المادة، خاصة ما يتعلق منها بالتساوي بين الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه وذلك لكون مساواة من هذا القبيل تعتبر منافية للشريعة الإسلامية التي تضمن لكل من الزوجين حقوقا ومسؤوليات في إطار من التوازن والتكامل وذلك حفاظا على الرباط المقدس للزواج "فأحكام الشريعة تلزم الزوج بأداء الصداق عند الزواج وبإعالة أسرته في حين … المرأة ملزمة بمقتضى القانون كما أنه عند فسح عقد الزواج، فإن الزوج ملزم بأداء النفقة وعلى عكس ذلك تتمتع الزوجة وكامل الحرية في التصرف في مالها أثناء الزواج وعند فسخه. دون رقابة الزوج إذ لا ولاية للزوج على مال زوجته، وكان على الحكومة المغربية أن تتحفظ باسم القانون الداخلي كما فعلت كل من تونس والجزائر وليس باسم الشريعة الإسلامية الأمر الذي فسره البعض بأن تراجع المغرب عن تحفظه على هذه المادة هو تراجع عن الشريعة الإسلامية.
كما أن منظمة العفو الدولية انتقدت أيضا التحفظات التي أدخلتها المملكة المغربية لتناقضها وروح الاتفاقية والاستناد إلى تعارضها مع قوانين الشريعة، مع أن دولا أخرى في الإقليم (تونس) لم تبدي التحفظات نفسها بما يدل على أن ثمة تأويلات مختلفة للشريعة الإسلامية منظمة العفو الدولية المكتبة / رقم الوثيقة 2004 / 009 IOR51 / بتاريخ 3 نونبر 2004. http:/ara.amnestsy.org/autonailes/app.nsf.
[67] – سورة النساء الآية 36.
[68] – الطيب اللومي "الجديد في مجلة الاحوال الشخصية "المجلة القانونية التونسية 1983.ص70
[69] – إدريس الفاخوري بعض مظاهر قيم حقوق الإنسان في مدونة الأسرة الجديدة. سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية وزارة العدل لمعهد العالي للقضاء مكتبة السلام / الرباط شتنبر 2004 ص 159.
[70] – للمزيد من الإيضاح راجع خالد البرجاوي" إشكالية الأصالة والمعاصرة في تقنين الأحوال الشخصية بالمغرب وضعية المراة نموذجا"أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص, جامعة محمد الخامس, كلية الحقوق اكدال 2002-2003 ص 255.
– وجميلة أو حيدة الأحوال الشخصية للجالية المغربية بالأراضي المنخفضة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص جامعة محمد الخامس كلية أكدال سنة 1994-1995 ص 107.
[71] – 1ناصر متيوي مشكوري ومحمد بوزلافة"دور القاضي في العقود الدولية"مجلة القانون والاقتصادعدد19لسنة2002 ص 163
[72] – Jean Yves carlier. Autonomie de la volonté et statut personnel cahier des droits maghrebiens. Vol 1. N° 1 Janvier. Juin 1995 .
[73] –Pierre Gannagé, la pénétration de l’autonomie de la volonté dans le droit international privé. Rev.crit. dr. Internat prive 81 (3) juillet sept 1992 p 439.
[74] – انظر في هذا الصدد خالد البرجاوي"إشكالية الاصالة والمعاصرة" مرجع سابق ص 212.
[75] –rapport annuel sur l’application du code de la famille. liGue démocratiques pour les droits des femmes.
Http//.www. mediterraneas.org/forum.php
[76] – حكم غير منشور
[77] – LOI N° 2004 – 439 du 26 mai 2004 art 2 Journal officiel du 27 mai 2004 entrer en vigueur le 1er janvier 2005.
[78] – وكمثال على ذلك القانون الإيطالي رقم 1898 المتعلق بانحلال الزواج والمعدل بالقانون الصادر في 6 مارس 1987 والذي يتضمن شكلين للطلاق الاتفاقي: – الطلاق بناء على طلب مشترك للزوجين والطلاق بناء على طلب مقدم من أحد الزوجين وقبول من الزوج الآخر. المادة 151 من قانون 1975. غير أن التطليق بناء على طلب مشترك للزوجين يستلزم توفر شروط نصت عليها المادة 150 من نفس القانون "أن طلب التطليق المتفق عليه يجب أن تمر عليه على الأقل خمس سنوات على الزواج" حسب تعديل 6 مارس 1987.
كما يجب أن يتمتع كل من الزوجين بالأهلية القانونية لممارسة الحقوق ويجب أن يكون رضاهما غير مشوب بعيب من عيوب الإرادة. وان يقوما الزوجين بتنظيم تطليقهما عن طريق اتفاق مكتوب.
[79] – راجع في هذا الصدد مامون الكزبري. نظرية الالتزامات والعقود، الجزء الأول بيروت 1972 ص 64.
انظر أيضا ه الشيلح محمد "سلطان الإرادة في قانون الالتزامات والعقود المغربي,أسسه ومبادئه"رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا,قانون خاص كلية الحقوق بالرباط 1983
[80] – ومن خلال الحوار الذي أجرينه مع رئيس قسم مساعدي القضاة بوزارة العدل وبعض المسؤلين.
[81] – قرار استثنائي مدني (تونس) عدد 30572 مؤرخ في 8 جويلية. 1971 منشور بمجلة القضاء والتشريع عدد 4 و 5 لسنة 1972 ص 51. تونس.
[82] – قرار تعقيبي مدني عدد 6170 مؤرخ في 12 جانفي 1982. سلسلة الميزان التشريعي، مجلة الأحوال الشخصية طبعة الثانية 1994 جمع وتعليق محمد الحسين الشريف دار الميزان للنشر والتوزيع ص 78.
[83] -موسى عبود "الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي"طبعة 1994, ص 19
1- استجابت هذه المادة للواقع المعيش للأسرة المغربية و عالجت مسألة حق استفادة الزوجة من الأموال المكونة خلال الحياة الزوجية والتي ساهمت في تكوينها، عند وقوع الطلاق، معتمدة في ذلك علة مقاصد الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي، الذي تبلور في عدة فتاوي ونوازل حكم فيها القضاء عملا بقواعد الإنصاف والعدالة والقسط، حيث ساير العمل القضائي الحديث هذا التراث الفقهي في العديد من الأحكام الصادرة من مختلف درجات المحاكم المغربية ففي قرار صادر بتاريخ 28-11-1987 تحت عدد 44. للمجلس الأعلى اعتبر أن "الاستفادة التي تحصل للزوجة إذا تبت أ ن ما استفاد له ناتج عن عملهما المشترك، تجعل الكد والسعاية ثابتين للزوجة وتستحق بذلك نسبة من الثروة خلال الحياة الزوجية.
انظر في هذا الصدد زهور الحر حق الزوجة في المستفاد من الثروة، مداخلة في إطار الندوة الخاصة بمدونة الأسرة التي نظمها المعهد العالي للقضاء بمدينتي إفران ومراكش 23 – 26 فبراير 2004.
[85] -وهو ما يتعارض مع القانون الدولي الخاص المقارن الذي يخضع العلاقات المالية للقانون الذي يختاره الزوجين صراحة أو ضمنا,"ففي قضية متعلقة بالنظام المالي بين زوجين من كاني( Ganey)ذكر ديمولان بأنه يتعين اعتبار النظام المالي للزوجين كعقد ضمني بينهما وان الزوجين قررا إخضاع هذا العقد لقانون أول موطن لهما لذا يتعين تطبيق القواعد العرفية لباريس على مجموع أموال الزوجين أينما كان محل وجودها نظرا لان باريس كانت موطن الزوجين خلال فترة الزواج" ناصر متيوي مشكوري"مبادئ في القانون الدولي الخاص مكتبة المعارف الجامعية طبعة 2003 ص 13.
[86] – يمكن القول أن فتوى ابن عرضون الصادرة في القرن السادس تضمنت رؤيا رائدة ومتقدمة، فقد قال ابن عرضون لما سئل عن الزوجة التي تقدم عملها للزوج وهي غير ملزمة بذلك هل تشاركه في الأموال التي تعود عليه في ذلك أم لا؟ فأجاب "أن للزوجة الحق في اقتسام الثروة مع زوجها على التساوي فلها النصف في ثروته عند الطلاق. ولها النصف من تركته عند الوفاة غير نصيبها في الإرث جزاء لها عما قامت به من أعمال لا تلزمها أو جزاء لها عما بذلته من جهد أثناء الحياة الزوجية.
انظر في هذا الصدد : عبد الكبير العلوي المدغري، المرأة بين أحكام الفقه والدعوة إلى التغيير سنة 1999 ص 197.
[87] – إدريس الفاخوري مرجع سابق ص 16.
[88] – قانون عدد 91 لسنة 1998 مؤرخ في 9 نوفمبر 1998 يتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين.
[89] – الفصل 7 من نفس القانون.
[90]– فان مصير الحكم الصادر بناءا على اختيار نظام غير النظام المغربي في تقسيم الأموال المشتركة بين الزوجين عدم الاعتراف به أمام القضاء المغربي وفي ذلك ذهبت المحكمة الابتدائية بالناضور قسم قضاء الاسرة في حكم عدد :503بتاريخ 24/05/2004 رفض الطلب الذي تقدمت به المدعية لمنح الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي الصادر عن القضاء البلجيكي بتاريخ 24/10/2000 في الملف عدد السجل العام A/3681/97 والقاضي بالطلاق الاتفاقي بين الزوجين "حيث أن الحكم الأجنبي صدر في دعوى أطرفها زوجان مغربيان تزوجا وفق القانون المغربي وان من جملة ما قضى به الحكم بعد الطلاق بين الطرفين قسمة وكذلك تصفية وتوزيع الاموال المشتركة بينهما نتيجة فسخ الرابطة الزوجية…
وحيث انه ليس في القانون المغربي ما يعرف بالأموال المشتركة بين الزوجين ما لم يكن اتفاق مسبق بينهما وحيث انه واستنادا الى ما ذكر يكون الحكم الأجنبي المطلوب تذييله, عندما فصل في مسالة الأموال المشتركة بين الزوجان المدعيان نتيجة فسخ الرابطة الزوجية بينهما قد جاء مخالفا للنظام العام المغربي مما يتعين معه التصريح برفضه. حكم غير منشور
[91] – راجع في هذا الصدد, رعد مقداد محمود الحمداني، النظام المالي للزوجين، الطبعة الأولى 2003 ص 65.
[92] – إن هذا النوع من الاتفاق على تدبير الأموال بين الزوجين بعد الزواج يتوافق مع ما نص عليه المشرع المغربي في المادة 49 من قانون الأسرة.
[93]– وفي كثير من الدول، بما فيها تلك الدول التي يوجد فيها نظام الملكية المشتركة ليس ثمة حكم قانوني يشترط استشارة المرأة عند بيع الممتلكات التي كان يملكها الطرفان أثناء الزواج أو عند التصرف في تلك الممتلكات بشكل آخر. وهذا يقيد قدرة المرأة على مراقبة التصرف في الممتلكات أو الدخل المتحصل عليه مما يتطلب توفير حماية قانونية لها في هذا الإطار.
[94] – الآية 236 من سورة البقرة.
[95] – عبد الكبير العلوي المدغري، المرأة بين أحكام النفقة والدعوة إلى التغيير 1420 – 1999 ص 192.
[96] راجع في هذا الصدد احمد الخمليشي "التعليق على قانون الأحوال الشخصية 'الجزء الأول الزواج والطلاق الطبعة الثانية 1987 و إدريس الفاخوري" الأحوال الشخصية الزواج والطلاق" مرجع سابق ص 284.
[97] – محمد بن المعجوز أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية وفق مدونة الأحوال الشخصية، مطبعة النجاح الطبعة الثانية سنة 1990 ص 299.
[98] – محمد الكشور، أحكام الحضانة دراسة في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة، الطبعة الأولى 2004 ص 140.
[99] – كان هذا الموضوع يطرح أهم المشاكل الناتجة عن انفصام الرابطة الزوجية في ظل غياب نص قانوني منظم لسكن المطلقة الحاضنة، في مدونة الأحوال الشخصية، وإذا كلن بقاء المطلقة رجعيا، أثناء فترة عدتها في مسكن الزوجية لم يكن يثير أي أشكال باعتباره من حقوقها الشرعية، فإن استمرار الحاضنة رفقة محضونها في شغل بيت الزوجية بعد العدة، كان يشكل معاناة للمرأة المغربية وقد استجابت مدونة الأسرة لمطالب المجتمع المدني والسياسي و اعتبرت تكاليف سكنى المحضون مستقلة في تقديرها عن النفقة كما نصت على عدم إفراغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكنى المحضون م 168.
[100] – محمد الأزهر، شرح مدونة الأسرة، أحكام الزواج، منشورات فضاءات قانونية 2004 ص 143.
[101] – والتي يندرج في إطارها :
1-مصاريف تحرير الاتفاق عند الموثق، يضاف إليها مصاريف تعيين الخبير العقاري الذي يقوم بجرد وتقييم ممتلكات الزوجين في حالة الاتفاق على الاستعانة به.
2-مصاريف تكميلية وتشمل الطوابع البريدية وتسجيل الاتفاق ومختلف الوثائق الإضافية كعقود الحالة المدنية…
3-مصاريف إيداع الاتفاق في المحكمة.
4-مصاريف تختلف حسب الحالات كترجمة الوثائق أو عقد الزواج في حالة إبرامه خارج بلجيكا.
[102] – للإشارة أنه لا مجال للحديث عن الحقوق الإرثية عند الطلاق الاتفاقي بين المغاربة لأنه يتعارض وبشكل مطلق مع النظام العام المغربي الإسلامي.
[103] – احتفظت مدونة الأسرة بتعريف المدونتين السابقتين للحضانة، بأنها حفظ الولد مما قد يضره والقيام بتربيته ومصالحه، وهو تعريف يجمع بين ما تقتضيه الحضانة من رعاية وتغذية ولباس وفراش ونظافة المحضون، وبين الولاية على نفسه بتربيته وتأديبه وتعليمه، إذ كان يصعب في العديد من الأحوال وضع حد فاصل بين موضوع الحضانة وموضوع الولاية على النفس، فهذان النظامان يقتربان عن بعضهما بل ويتداخلان بشكل غريب لدرجة أن بعض الفقه يخلط بينهما خلطا بينا.
أنظر في هذا الصدد محمد الكشبور "الوسيط في شرح مدونة الأحوال الشخصية" مرجع سابق ص 465.
[104] – الآية 233 من سورة البقرة.
[105] – محمد بن المعجوز. مرجع سابق ص 83.
[106] – Nicole Roy. L'autorité parentale et l'obligation alimentaire des parents envers leur enfant : deux institutions proposant une conception de l'intérêt de l'enfant et de la famille. Revue du Barreau. Tome 61 printemps 2001. p 83.
[107] -محمد الكشبور، أحكام الحضانة. مرجع سابق ص 127.
[108] – نفس المرجع ص 159 – 160.
[109] – عبد المنعم الفلوس، أحكام الأسرة للجالية المغربية بإسبانيا رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي – الرباط – 1995 – 1996 ص 219.
[110] – كما نصت الفقرة الثالثة من الفصل 1288 من قانون الفضائي البلجيكي على أن يتضمن الاتفاق الإشارة وبشكل دقيق ومفصل للقرارات المرتبطة بالأطفال في حالة وجودهم السلطة الأبوية ولإدارة أموال الطفل والحق في العلاقات الشخصية مع الإسهام في نفقة الطفل وفقا لمقتضات المادة 203 من القانون المدني البلجيكي. والتي تخضع هذا الاتفاق لمراقبة القضاء.
[111] – جعفر الفضلي، انقضاء الزواج في القانون الأوربي، مجلة الحقوق الكونية العدد 43 سنة 1997.
[112] – ذهب قسم قضاء الأسرة بالناظور في حكم رقم 1061 بتاريخ 8 نوفمبر 2004 على مراجعة أجرة الحضانة وسكنى المحضون بعد أن تقدمت المدعية بطلب مراجعة أجرة الرضاع وتحديد تكاليف سكنى المحضون وأجرة الحضانة. اذ اعتبرت المحكمة "….أن طلب الزيادة في أجرة الرضاع غير مرتكز على أي سند قانوني طالما أن الفصل 192 من مدونة الأسرة لا يتحدث إلا عن الزيادة في أجرة النفقة مما ينبغي معه التصريح يرفض الطلب بهذا الخصوص
..وحيث أن أجرة الحضانة على المكلف بنفقة المحضون وهي غير أجرة الإرضاع والنفقة وتستحق ابتداء من تاريخ انتهاء العدة. وحيث أن تكاليف سكنى المحضون على المكلف تحدديها عن النفقة وأجرة الحضانة وغيرها.
وحيث أنه يراعي في تقدير أجرة الرضاع والسكنى حال الطرفين والظروف الاقتصادية وعوائد أهل البلد مع اعتبار التوسط. لهذا تكون المحكمة على صواب في مراجعتها أجرة الحضانة وأجرة سكنى المحضونة بناء على حال الطرفين والظروف الاقتصادية وعوائد أهل البلد" حكم غير منشور.
[113] – حكم غير منشور.
[114] غير أن المسار الذي اعتمدته محكمة الدار البيضاء في التعامل مع قضايا الجالية المغربية في الخارج تتسم بنوع من المرونة حيث ذهب الاجتهاد القضائي إلى محاولة تجاوز الإشكاليات العملية عند تطبيق المدونة من خلال مواكبتها لتطلعات القضاء أجنبي لمقتضيات المدونة.فقد ذهبت المحكمة الابتدائية بالبيضاء قسم قضاء الأسرة الفداء في حكم رقم 1075بتاريخ2004.11.8 الى تخيير الولد بين حضانة آمه أو أبيه وذلك بعد اطلاع هيئة المحكمة على عقد ازدياد الولد وثبت لها بأنه تجاوز الخامسة عشر من عمره. فإنها نظرت إلى اختيار الولد وهل بالفعل يحقق مصلحته رغم أن المدونة تمنح له هذا الحق فان المحكمة اعتمدت في حيثياتها على أن مصلحة المحضون تستدعي الاستمرار مع أمه "وحيث انه باطلاع هيئة المحكمة على عقد ازدياد الولد ثبت لها بأنه تجاوز الخامسة عشر من عمره وحيث انه بعد تخيير الولد مجلسا من قبل هيئة المحكمة اختار العيش مع والدته. وحيث أن المدعى عليه لم يعارض في اختيار الطفل وحيث أن مصلحة المحضون تقتضي استمرار الحضانة للام طبقا للمادة 186 من المدونة.حكم غير منشور
[115] -ابرهارد كارل "حماية الطفل الدولية"رسالة القضاة الاخبارية لمؤتمر مالطة القضائي بشان المسائل عبر الحدودية المتعلقة بقانون الاسرة في الدول المنتمية وغير المنتمية الى اتفاقية لاهي لسنة1980 "سجل خاص", منشور مؤتمر لاهي للقانون الدولي الخاص الجزء الثامن, خريف 2004 ص 15.
[116][116] – المقصود بالاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المغربية:" بيان الحدود التي تباشر فيها الدولة سلطاتها القضائية بالمقابلة للحدود التي تباشر فيها الدول الأخرى سلطاتها القضائية. ولما كانت الدولة المغربية تباشر سلطاتها القضائية بواسطة محاكمها، كان معنى الاختصاص القضائي الدولي هو بيان الحدود التي تباشر فيها المحاكم المغربية وظيفة القضاء بالمقابلة للحدود التي تباشر فيها محاكم الدول الأجنبية هذه الوظيفة" أنظرفي هذا الصدد عبد الله عز الدين" القانون الدولي الخاص" مصر, دار النهضة العربية الطبعة السادسة الجزء الثاني.1969 ص667.
[117] – العياشي المسعودي محاولة تقييم قانون المسطرة المدنية الحالي من زاوية القانون الدولي الخاص مجلة القانون والاقتصاد عدد 6. 1990 ص 164.
[118] – لقد كانت هذه الفكرة محل انتقاد في البداية من طرف الفقهاء الفرنسيين وعلى رأسهم Bartinو Fraceslaris ، فبالنسبة لهؤلاء الفقهاء ليس من المنطقي القيام بحل مشكل الاختصاص الدولي للمحاكم بواسطة قواعد الاختصاص الإقليمي لأن الأول تحدده طبيعة النزاع في حين أن الثاني تتحكم فيه عناصر أخرى عارضة تتعلق بالمكان وبالوضعية الخاصة لأحد أطراف النزاع وبالتالي فإن الاختصاص الدولي هو في حقيقته اختصاص نوعي لا يمكن حكمه بقواعد الاختصاص الترابي؛ راجع في هذا الصدد العياشي المسعودي محاضرات في القانون الدولي الخاص. جامعة سيد محمد بن عبد الله فاس 1992 ص 165.
[119] -وهذا بالفعل ما سار عليه الاجتهاد القضائي الفرنسي والاجتهاد القضائي لعدد من الدول وهذا هو المنحى الذي ينهجه القضاء المغربي, ناصر متيوي المشكوري، مبادئ في القانون الدولي الخاص مكتبة المعارف الجامعية 2003. ص 34. 36
[120] – باب المساطر المتعلقة بالأحوال الشخصية في, الفرع السادس "التطليق" من القانون رقم 03 – 72 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 23 – 04 – 01 بتاريخ 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) ج.ر عدد 5184 بتاريخ 05/02/2004 ص 453. ولقد صدر بالموازاة مع القانون رقم 03 – 70 المتعلق بمدونة الأسرة.
[121] – للإشارة إن هذه المقتضيات لم يتم التنصيص عليها في قانون المسطرة المدنية لسنة 1974 وإنما هي من المستجدات المسطرية التي رافقت تطبيق مدونة الأسرة بمقتضى قانون 03-72
[122] – عز الدين عبد الله، مرجع سابق ص 690.
[123] – المنعقدة في 12 يونيو سنة 1902.
[124] – إن المشرع المغربي لم يؤسس الاختصاص الدولي للمحاكم المغربية على الجنسية المغربية حتى في النزاعات بين المغاربة فليس من المقبول ألا يتقاضى المغربي أمام محاكمه الوطنية في الحالات التي لا يتوفر فيها لا على موطن ولا على محل إقامة بالمغرب ولا يكون فيها النزاع مرتبطا بالمغرب وكان على المشرع المغربي بعد التعديلات التي أدخلها على قانون المسطرة المدنية أن ينص صراحة على إمكانية وليس إلزامية اختصاص المحاكم المغربية بالنظر في الدعاوي المرفوعة ضد أو من طرف مغربي أينما كان موطنه وحتى في غياب عنصر ألارتباط ألموضعي. راجع في هذا الصدد العياشي المسعودي محاولة تقييم قانون المسطرة المدنية الحالي من زاوية القانون الدولي الخاص مجلة القانون والاقتصاد عدد 6. 1990 ص 194.
[125] – القانون رقم 2000 / 1347 الذي جاء لتكميل اتفاقية بروكسيل بتاريخ 27 ديسمبر 1968 المتعلقة بالاختصاص القضائي والاعتراف بتنفيذ القرارات في المادة المدنية والتجارية، وقد دخل هذا القانون حيز التنفيذ في 1 مارس 2001.
[126] – Journal des tribunaux, les nouvelles règles de conflits de juridictions en matière de désunion des époux le règlement communautaire « Bruxelles II » 28 avril 2001. 120e année N° 6009, p. 372
[127] – تحول القضاء الفرنسي من تقرير عدم اختصاصه بالدعاوي فيما يخص الأجانب بصفة مطلقة إلى تقرير اختصاصه بهذه الدعاوي، اختصاصا اتسع نطاقه فشمل دعاوي الحالة والدعاوي الشخصية متى كان للمدعى عليه موطن في فرنسا واستعان القضاء في تقرير هذه القواعد بنصوص قانون الإجراءات المدنية الخاصة بالاختصاص المحلي (المادتين 59 و 420) راجع عبد الله عز الدين مرجع سابق : ص 612.
[128] – وتنص المادة 15 من نفس القانون بأنه يمكن مقاضاة الفرنسي أمام محكمة فرنسية من اجل الالتزامات التي عقدها في بلد أجنبي ولو مع أجني "راجع عبد الله عز الدين، مرجع سابق ص 609.
[129] – العياشي المسعودي. تقييم قانون المسطرة المدنية الحالي، مرجع سابق ص 195.
[130] – كما سبقت الإشارة إلى ذلك
[131] – عز الدين عبد الله، مرجع سابق ص 658.
[132] – نفس المرجع ص 628.
[133] – راجع في هذا الصدد العياشي المسعودي، تقييم قانون المسطرة المدنية، مرجع سابق ص 179.
[134] – جان ديبري، القانون الدولي الخاص وإصلاح التنظيم القضائي والمسطرة في المغرب. مجلة القضاء والتشريع التونسية عدد 144 سنة 1993 ص 59.
[135] – نفس المرجع ص 60.
[136] – قرار المجلس الاعلى عدد 47251 بتاريخ 16/06/1975 غير منشور.
وإن كان بعض الفقه يرى أن إجراء محاولة الصلح من جديد أمام محكمة الاستئناف، غير ضروري وذلك يعد فشل المحاولة أمام المحكمة الابتدائية وهو ما يجري به العمل في مصر, أحمد الخمليشي التعليق على قانون الأحوال الشخصية" ج 1 مرجع سابق ص 383.
[137] – حيث يتجلى من القرار التأييدي المطعون فيه، الصادر بتاريخ 13 يونيو 1984 عن محكمة الاستئناف بتولوز، أن الزوجين شومون وتورين الفرنسيي الجنسية، القاطنين بالمغرب، تقدما للقاضي المغربي بطلب رام إلى التطليق بناء على مقال مقدم من طرفهما معا طبقا لمقتضات القانون الفرنسي، وأنه بعد المصادقة على الاتفاقية المؤقتة، قامت المحكمة المغربية بعد ذلك ورغم تعرض الزوجة, بالتصريح بالطلاق بناء على المقال النهائي للزوج.
قام الزوج بإشهار الحكم القاضي بالطلاق وتزوج، وتقدمت السيدة شومون للمحكمة الفرنسية بطلب يرمي إلى التصريح بأن الحكم الصادر في المغرب بتاريخ 27 فبراير 1979 غير ساري المفعول في فرنسا. وبالتالي فإنها طلبت التصريح ببطلان الزواج الثاني للسيد شومون.
حول الوسيلتين الثانية والثالثة مجتمعين :
حيث أن السيد شومون يعيب على القرار المطعون فيه كونه صرح بأن الحكم القاضي بالطلاق مخالف للنظام العام الفرنسي بسبب عدم اتفاق الزوجين على مبدإ الطلاق، ونظرا للاخلال بقواعد مسطرة تعتبر من النظام العام ومن شأنها أن تضمن استمرار الاتفاق حول مبدإ الطلاق. في حين أن يجدر التذكير أول الأمر بأن القاضي الأجنبي يتوفر على صلاحية تقدير اتفاق الطرفين. وله في ذلك سلطة مطلقة ليس للقاضي الفرنسي حق إعادة النظر فيها عن طريق مراقبة قانونية الحكم. وأنه في هذه النازلة، قامت محكمة الاستئناف بتحريف الحكم وتجاوزت سلطاتها وخرقت مقتضيات الفصل 3 و 230 إلى 232 و 301 من القانون المدني. وأنه من جهة ثانية، فإنه تطبيقا "لبنود الاتفاقيات الفرنسية – المغربية"، فإن على القاضي أن يطبق قواعده الوطنية للمسطرة، ومن جهة ثالثة فإن محكمة الدرجة الثانية لم تجب على مذكرات السيد شومون التي ورد فيها بأن السيدة شومون أشعرت بتاريخ الحكم الذي سيصدر وبكون محامييها تخلوا عن الدفاع عنها. وختاما لكون سقوط الحق في ممارسة طرق الطعن المستمدة من تطبيق قانون أجنبي لا تخالف النظام العام الفرنسي.
لكن، حيث دون إمكانية التسليم بوجود اتفاق الزوجة على الطلاق، فإن القاضي المغربي أشار إلى أن السيدة شومون عارضت في هذا الطلاق، لكنه اعتبر أن سبب معارضتها لم يكن مستندا على أساس. وهكذا، فإن محكمة الاستئناف لم تقم لا بتحريف ولا بخرق النصوص المشار إليها في وسيلة النقض، بل أتها عاينت أن القاضي الأجنبي عند اعتماده =على الفصل 232 من القانون المدني، صرح بطلاق الزوجين شومون رغم أن الاتفاق الحر للزوجين لم يبق قائما. واعتبرت محكمة الاستئناف عن حق أن حكم القاضي الأجنبي مخالف للمبدإ الفرنسي للنظام العام الدولي. وهذا يشكل سببا لرفض الاعتراف بالحكم كما هو منصوص على ذلك في الفصل 16د من الاتفاقية الفرنسية – المغربية المؤرخة في 5 أكتوبر 1957، وأن هذا الحكم بالتالي منعدم الأثر في فرنسا.
أنظر التعليق على هذا القرار ب فرانسواز مونيجي، المجلة المغربية للقانون ع 13 يونيو يوليوز غشت مطبعة النجاح، ص 159.
[138] – جان ديبري، مرجع سابق ص 62 – 63.
[139] – Fatima –Fatna Sahrane « la répudiation quels obstacles pour les marocains résidant en France ? colloque international sur ‘le code de la famille en migration : Quelles compréhension et quelle pratique le 25 et 26 Février 2005. faculté de droit Agdal. Rabat.
[140] – حوار أجريناه مع الأستاذة زهور الحر رئيسة قسم قضاء الأسرة الفداء.
[141] -وعلى سبيل المثال فان المسطرة التي كانت متبعة في مراكز القنصلية المغربية بهولندا فيما يتعلق بقضايا الطلاق هي الاحتكام إلى إنهاء العلاقة الزوجية بالتراضي بين الطرفين بحضور هما إلى مركز القنصلية ويسهر على اقوالهما العدلان , غير أن سلوك هذا الطريق يبقى رهينا باتفاق الزوجين على حل الزواج.راجع في هذا الصدد جميلة اوحيدة "تنازع قوانين الطلاق بين المغرب وهولندا"مرجع سابق ص123
[142] – وهناك طلبات ملحة في هذا المجال في الواقع العملي تسير في اتجاه السماح بالوكالة في الطلاق بالنسبة لأفراد الجالية المغربية بالخارج لصعوبة التنقل الناتجة عن البعد أو عدم القدرة المادية وإن كان بعض الفقه يرفض فكرة الوكالة في الطلاق.
[143]– Khalid de Barjawi " l’évolution le code de la famille dans le droit international privé" colloque sur les relations familiales organise par la cour suprême. Rabat. Les 10 et 11 novembre 2005 .a la cour suprême غير منشور
[145] – يلعب الموتق في هذه المرحلة من المسطرة دور رئيسي بوصفه الشخص المؤهل قانونا لتحرير الاتفاق الأولي في صيغته النهائية بعد توفر رضائية الطرفين على بنوده ليودعه بعد ذلك بكتابة ضبط المحكمة المختارة من قبلهما بموجب الاتفاق حيث يتكلف الزوجان بأداء مصاريف الإيداع حسب الطريقة المتفق عليها. ثم بعد ذلك يقوم ممثل الحق العام في المحكمة مطالبا بالأداء برأيه في بنود الاتفاق ومدى قانونيتها. ليقوم القاضي باستدعاء الطرفين إلى الجلسة الأولى والتي يكتفي خلالها بالإنصات إلى الزوجين وتأكيد اتفاقهما، كما يقوم بمراقبة البنود المتعلقة بالأطفال ويمكنه في حالة تبين له الإضرار بهذه المصلحة المطالبة بتعديل الاتفاق.
[146] – قانون رقم 898 الصادر في 1 دجنبر 1970 والمعدل بقانون 6 مارس 1987.
[147] -في إطار الاجتهاد القضائي البلجيكي يعتبر هذا المبدأ أكثر تطبيقا وفعالية من قانون الموطن الأمر الذي أدى إلى ظاهرة انتشار إبرام عقود الزواج والطلاق السرية بالمساجد بهولندا
Mohammed Ben Maimoun, en principal, membre du comité central de la gauche verte. Pays Bas. Colloque international le code de la famille. غير منشور
[148] – France Blannailland op.cite
[149] .-راجع في هذا الصدد جميلة اوحيدة "الاحوال الشخصية للجالية المغربية بالاراضي المنخفضة"رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص,جامعة محمد الخامس,كلية الحقوق اكدال سنة 1994-1995
[150] – تنص المادة 57 من القانون الدولي الخاص البلجيكي على أن الطلاق يخضع لقانون الإقامة الاعتيادية للزوجين – أخر موطن مشترك – الجنسية المشتركة – أو الاختيار بين القانون الوطني المشترك أو القانون البلجيكي وقد وضعت هذه الضوابط في نفس الدرجة.
[151] – ولا يجوز لهم التمسك بالقانون الوطني المغربي لأول مرة أمام محكمة النقض كما لا تقوم هذه الأخيرة بمراقبة محاكم الموضوع في حالة صدور قرار أو حكم يخرق القانون المغربي.انظر في هذا الصدد جميلة اوحيدة , مرجع سابق ص30,31
[152] – إن قضاء الأسرة هو فرع من فروع القانون على اعتبار أن المحاكم الابتدائية تشمل عدة أقسام فهناك قسم متعلق بالأحوال الشخصية والميراث بمعنى أن قبل دخول هذا القانون، قضاء الأسرة حيز التطبيق كانت غرف الأحوال الشخصية والميراث هي المكلفة بالقضايا المتعلقة بالزواج والطلاق… لكن ونتيجة للتطور الحاصل في المجتمع وما تعرفه قضايا الأحوال الشخصية من تراكم واكتظاظ من حيث القضايا المطروحة على المحاكم في مجموع التراب المغربي وتعثرا في التنفيذ سواء فيما يتعلق بدعاوى التطليق أو النفقة… استدعى إنشاء محاكم متخصصة في مجال الأسرة وذلك لخصوصية هذه المشكلات ولدور الأسرة كلبنة من لبنات المجتمع فافراد للأسرة محكمة تقوم على شؤون أعضائها وتتفهم النواحي الاجتماعية والنفسية وتعي الدور الاقتصادي للأسرة حتى تصدر حكمها على بينة ودراية وتمرس أمر كان مفتقد مع النظام القضائي السابق.
وقد كان السبق في إطار التشريعات العربية للقانون المصري,بمقتضى قانون 1 لسنة 2000وعن التجربة المصرية يقول الدكتور الجندي حول فلسفة قانون محكمة الأسرة أن ميزة إنشاء محكمة للأسرة سيحقق عدالة ناجزة تمنع التضارب في الأحكام وتختصر الوقت المطلوب للفصل في قضايا الأحوال الشخصية، كما تؤدي إلى استقرار أوضاع الأسرة وسرعة الفصل في القضايا ووفرة التكلفة برفع دعوى واحدة في محكمة واحدة بدلا من رفع دعاوى كثيرة أمام محاكم عديدة، بالإضافة إلى أن هذه المحكمة مكونة ومشكلة من عناصر قضائية وخبير اجتماعي ونفسي ورجل دين، مما سيحفظ للأسرة خصوصياتها … إلا أن هذا التشكيل إذا ما جاء في إطار وجود نيابة متخصصة للأحوال الشخصية أو وجود نيابة عليا للأحوال الشخصية يكون لها كواردها الكاملة ويؤدي هذا التكامل في تحقيق العدالة في محكمة الأسرة رشيد مشتاقة" قضاء الأسرة في التشريع المغربي" ندوة خاصة بمدونة الأسرة نظمها المعهد العالي للقضاء بمدينتي افران ومراكش أيام 23-26فبراير2004
[153] – كعناصر تقدير النفقة، معايير الحضانة، عناصر تقدير الضرر عند النظر في طلب التطليق الذي ترفعه المرأة.
[154] – Patrick matet « la dissolution du mariage »colloque sur les relations familiales les 10,11 novembre 2005 a la cour suprême. conseiller a la cour d’appel de paris .غير منشور
[155] – إن صدام الحضارات نتيجة عن اختلاف المرجعيات، فالمرجعية الثقافية الإسلامية للقانون المغربي تختلف عن نظيرتها الغربية. وهو ما دفع الفقيه جان ديبري إلى التصريح بأنه"في مجال مثل الأحوال الشخصية, وخاصة عندما يتعلق الأمر بعلاقات بين بلد إسلامي وأخر من العالم الخارجي, فان تنازع القوانين ينبغي أن يفهم بالا حرى على انه تصادم بين حضارتين (مدنيتين)بين ثقافتين قبل أن يكون اختلافا بين القوانين أو بين الأنظمة"موحى أو لحسن"وضعية الأسرة المغربية في ضوء تطورات ضوابط الإسناد "الملف عدد 4 شتنبر 2004 ص 122
[156] – Maria claire Foblets. " le nouveau code de la famille quelle application en Belgique. Le cas des ressortissants marocains à l’étranger"colloque international »le code de la famille en migration : quelle compréhension et quelle pratique ?les 25, 26 février 2005.غير منشور
[157] -باعتبار أن المراة المغربية كانت أكثر تضررا من نصوص مدونة الأحوال الشخصية .
[158] -جميلة أوحيدة "نظام الأحوال الشخصية للجالية المغربية بهولندا"مرجع سابق ص 60
[159] – تقوم هذه اللجنة بجرد للأعمال المنجزة وما تم تحقيقه من أجل تحليل قضية الهوية في بلجيكا وتحديات المواطنة واندماج المرأة في التنمية وسوف تقدم هذه اللجنة اقتراحاتها إلى الحكومة البلجيكية.
[160] – Fatiha saidi « La réforme de la moudawana entre pragmatisme politique et réalités féminines en contexte d’immigration » colloque international « le code de la famille en migration ». le code de la famille en migration : quelle compréhension et quelle pratique ?les 25 ,26 février 2005, députée au parlement de Bruxelles.
[161] -ومن ذلك مصادقة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع لمجلس الشيوخ البلجيكي على تقرير حول مشروع إصلاح مدونة الأسرة في بدايتها وكان سفير المغرب لدى مملكة في بلجيكا ودوقية اللوكمبورغ قد قدم في نفس الشهر أمام اللجنة البرلمانية البلجيكية توضيحات حول مضامين مدونة الأسرة.
[162] – صرحت الأستاذة Marie claire بأن لم يصدر عن القضاء البلجيكي لحد الآنما يتبث تفاعله سواء بشكل إيجابي أو سلبي مع المدونة الأسرة الأمر الذي استعصى علينا الحصول على قرارات من المحاكم البلجيكية باستثناء القضاء الفرنسي.
[163] – Ibrahim Fadlallah « vers la reconnaissance de la répudiation musulmane par le juge français ? »R.CDIP année 1981 n’ 1 p : 17 et
– Francoise monéger « vers l afin de la reconnaissance des répudiations musulmanes par le juge français JDI année 1989 N’ :2 P :721
[164] –Pierre mayer « la CONVENTION Européenne DES DROIT l’homme et l’application des normes étrangères »RCDIP .N :4 .1991. P :661
[165] – Hocine sadok, « la confrontation du code de la famille à l’ordre public international françois » colloque international. Rabat. Op. Cite
[166]– Roula El-husseini « le droit international privé français et la répudiation islamique »RCDI .N ’88 .juillet septembre 1999
[167]-Lena gannage «contrariété a l’ordre public international l’arrêt du 17 février 2004 »JDI. T :4. P : 1201
-Francoise manéger « la convention franco-marocaine du 10 août 1981 relative au statut des personnes et de la famille et a la coopération judiciaire »RCDIP…1984 p : 29
-Paul Decroux « la convention franco-marocaine du 10 août 1981 relative au statut des personnes et de la famille et a la coopération judiciaire »JDI. 1985. T/1. P/49
[168] – مستشارة في الغرفة الأولى مدنية بمحكمة النقض الفرنسية
[169] -patrick matet conseiller a la cour d’appel de paris « la dissolution du mariage »colloque sur les relations familiales les 10,11 novembre 2005 a la cour suprêmeغير منشور
[170] – امحمد طلابي "العدل الأسري مساواة أم تكافىء؟"مجلة الفرقان ,العدد,50 ,1425/2004 ص5.
انظر أيضا محمد البعدوي"وضعية الزوجة في الأسرة والمجتمع "أطروحة الدكتوراه في الحقوق, جامعة محمد الخامس الرباط, 2000, ص 180
AZAMI HASSAN « le Maroc face aux défis de l’internationalisation du droit de la famille » diplôme d’études supérieures approfondies en droit prive .2002 .p 13 .14
[171]-دأبت المحاكم الفرنسية على عدم الاعتراف بالطلاق الذي يوقعه الزوج المسلم بإرادته المنفردة زاعمة في بعض الأحيان أن الطلاق من هذا القبيل مخالف للنظام العام الفرنسي الذي لا يبيح إيقاع الطلاق على الزوجة التي لم تخصص لها ضمانات مالية للتعويض عن الضرر اللاحق بها من جراء الطلاق ولان الطلاق المحصل عليه من قبل الزوج لم تحترم فيه الإجراءات السليمة لإيقاعه إذ يتم توقيعه دون حضور الزوجة أو دون تكليفها بالحضور لإبداء دفاعها.انظر احمد زوكاغي "حصيلة الاتفاقية الفرنسية المغربية" ,مجلة المناهج ,عدد2 ,2002 ,ص 62
[172] – العياشي المسعودي، محاضرات في القانون الدولي الخاص، مرجع سابق ص 216.
[173] -حكم غير منشور.
[174] -حكم غير منشور.
[175] – حكم غير منشور
[176] – KHalid Elbarjawi « l’évolution de code de la famille dans le droit international prive » colloque sur les relations familiales les 10,11 novembre 2005 a la cour suprême
[177] – في الوقت التي تجد المقتضيات الجديدة الخاصة بالنسب الواردة في باب الولادة ونتائجها تتميز باب الولادة ونتائجها تتميز بالمرونة, والرغبة في تجاوز سلبيات الماضي بفتح المجال للاعتراف للكثير من الأطفال بنسبهم خلافا لما كان سائدا في النصوص السابقة، فإنه في الكثير من الأحيان يمر وقت كبير ما بين الإبرام الواقعي لهذا الزواج والتصريح به أمام السلطات القنصلية المغربية في الخارج وما قد يترتب على ذلك من آثار الزواج كما هو الشأن في الاعتراف بنسب الأبناء.
وفي إطار دائما إمكانية تدارك النقص العالق بالموانع، يمكن أن نشير إلى الزواج الثاني الذي يبرمه مغربي أو مغربية، بعد زواج مدني أول أو زواج أول وفق قواعد القانون المغربي،و لم يتم تذييل الحكم القاضي بانحلاله بالصيغة التنفيذية أمام القضاء المغربي وفقا للمادة 128.
هذه الحالة ترتبط بالمنع الواردة في الفقرة 6 من المادة 39 المتعلق بوجود المرأة في علاقة زواج أو بقواعد التعدد بالنسبة للرجل، فمثل هذه الحالة تحصل في الكثير من الأحيان من الناحية العملية في المهجر، انظر في هذا الصدد خالد البرجاوي. مرجع سابق.
[178] – حكم غير منشور.
[179] – حكم غير منشور.
[180] – جميلة أو حيدة مرجع سابق ص 57.انظر كذلك :"مشاكل المراة المغربية مع القانون"الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء .سلسلة "لنكسر الصمت" العدد3
[181] Khalid Barjawi « l’évolution de code de la famille dans le droit international prive ».op, cite
[182] – فالحصول على شهادة عدم التعرض من ابرز المشاكل التي تعاني منها الجالية المغربية والتي عرضت على الجهة المختصة بوزارة العدل من اجل البحث عن السبل التي من خلاله يتم تجاوز هذا الإشكال.
حيث ذهبت محكمة الدار البيضاء في حكم عدد بتاريخ 15/03/2004 إلى عدم قبول الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 431 من قانون المسطرة المدنية. حكم غير منشور
[183]– حكم غير منشور.
[184] حكم عدد 415 بتاريخ 19/04/2004 صادر عن قسم قضاء الأسرة بالناظور.غير منشور
=انظر في نفس الإطار حكم لمحكمة الدار البيضاء عدد 414 بتاريخ 18/03/2004 غير منشور