أحمد محمد المصطفى أحمد المختار ــــ طالب بسلك الدكتوراه ــــ قانون خاص ـــــ مختبر البحث قانون الأعمال ــــــ كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـــــ سطات
العـقـد والنـظام العـام والآداب العامــة
يجب القول ابتداء بأن المجتمع يعيش ضمن نظام اختطه لنفسه عبر التجارب التي مر
بها والتراث الثقافي و الأخلاقي والسياسي والاقتصادي المتكون عبر الأجيال فيشكل
مجموعه نظاما عاما يرعى الحياة الاجتماعية وما العقد إلا إحدى وسائل التعامل بين
أفراد المجتمع تتنظم ضمنه معاملاتهم المالية وحقوقهم ، مما يجعله جزء من النظام العام الاجتماعي والاقتصادي السائد في مجتمع معين فيخضع بالتالي كسائر الأجزاء
لهذا النظام مع ما يتضمنه من مبادئ موجهة ومعايير سلوكية وأخلاقية واقتصادية وقانونية .
من هذه الزاوية يقتضي النظر إلى العقد كجزء من النظام العام الاجتماعي وإلى الضوابط المفروضة عليه باسم النظام العام الذي ينشأ و ينفذ في ظله .
نبدأ بدراسة النظام العام فنحدد مفهومه ومصادره (مبحث أول) ثم نبحث خصائصه وتصنيفه (مبحث ثاني)
المبحث الأول : مفهوم النظام العام ومصادره
تعددت مفاهيم النظام العام و مصادره بتعدد مفاهيمه فقها واجتهادا كما تعددت
الآراء، حول مصادره لذلك سنتناول مفهوم النظام العام (المطلب الأول) ثم نستعرض مصادره (المطلب الثاني)
المطلب الأول: مفهوم النظام العام
تعددت مفاهيم النظام العام بتعدد مفاهيمه فقها و اجتهادا فتعددت آراء الفقهاء في
تعريفه ، كما تعددت اجتهادات المحاكم لتحديد مفهومه وبناء , عليه سنبدأ بالمفهوم الفقهي (فقرة أولى)، ثم نبحث المفهوم الاجتهادي (فقرة ثانية)
الفقرة الأولى :مفهوم النظام العام فقها
تعددت مفاهيم النظام العام بتعدد الفقهاء الذين تناولوا هذا الموضوع ،إلا انها تدور كلها حول محور أساسي هو حماية المصلحة العامة التي تعلو عل مصلحة الأفراد لأنها تتعلق بالمبادئ الأساسية التي ترعى نظاما اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا واخلاقيا .[1]
حاول الأستاذ مالورى أن يجمع طائفة من التعريفات الفقهية للنظام العام فذكر في كتابه النظام العام والعقد [2] بعضا منها نذكر من بينها:
: النظام العام هو مجموعة المؤسسات والقواعد الهادفة capitant
في بلد معين إلى المحافظة على حسن أداء المرافق العامة ،والآداب العامة في المعاملات بين الأفراد والتي لا يمكن مبدئيا لهؤلاء استبعادها في معاملاتهم .
النظام العام هو النظام في الدولة أي تنظيم المؤسسات والقواعد التي لا غنى عنها في ممارسة الدولة لوظائفها والأعمال التي تقوم بها .
: يتألف النظام العام من الأفكار التي كونها المجتمع مستبعدا الحريةDemougue
بشأنها لأنه يعتقد بأن هذه الأفكار تشكل الحقيقة.
:لايمكن أن يكون النظام العام سوى المصلحة الاجتماعية مهما كان مفهومهاDuguit
: قواعد النظام العام هي تلك الموضوعة لحماية المصالح ،Esmien
حتى الفردية منها والتي تعتبر أساسية للمحافظة عل سلام وازدهار المجموعة الاجتماعية (groupe Social)
Heimard: النظام العام هو مجموعة القواعد الموضوعة من قبل المشرع لحماية المصالح الحيوية في المجتمع.
Depage:القانون المتصف بالنظام العام هو المتعلق بالمصالح الأساسية للدولة أو المجموعة والذي يحدد ضمن إطار القانون المدني ،الأسس القانونية الأساسية التي يقوم عليها النظام الاقتصادي والأخلاقي في مجتمع معين .
أما مالوري نفسه في كتابه الحديث [3] فإنه يعطي مفهوما مرنا للنظام العام حسبما نظر إليه من الزاوية التقليدية او الحديثة .
اما من الزاوية التقليدية يعتبر النظام العام حاميا لأركان المجتمع وتنظيمه تجاه التصرفات الفردية ، فيحافظ على القيم الأساسية في المجتمع ،وفي زمن معين ،ولاسيما حرية التعاقد.
أما الزاوية الحديثة ، فيتوزع النظام العام بين نظام عام اقتصادي واجتماعي ومهني ويكون مصدره تشريعيا، إذ يعود للمشرع تحديد هذا النظام ،بينما في النظام العام التقليدي يعود للقاضي تحديده ،فالمشرع الحديث أصبح يحدد بدلات الإيجار والرواتب وشروط العمل ومنع الشروط التعسفية في العقود.
ويمكن تلخيص المفهوم الفرنسي للنظام العام وفقا لما جاء في مؤلفات الفقهاء الفرنسيين[4] بأنه مجموع ما يعتبر مهما نوعا ما في مجتمع وزمن معينين كي يتصف الإلزامية ولو حصل ذلك خلافا لإرادة الأفراد.
الفقرة الثانية :مفهوم النظام العام اجتهادا
في الواقع إن عدم تحديد المشرع للنظام العام بنص تشريعي ،وكان على حق في ذلك بالنظر إلى اتساع ومرونة مضمونه ،ترك المجال أمام اجتهاد المحاكم لتحديد هذا المفهوم آخذة في الاعتبار ظروف المكان والزمان وضرورات حماية المصلحة العامة واحترام القوانين .
إلا ان الاجتهاد لم يخرج عن الإطار الفقهي الذي بيناه سابقا .
اعتبرت محكمة التمييز اللبنانية [5] أن النظام العام يتكون من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المجتمع اللبناني والتي يحميها القانون باسم المحافظة على هذا النظام .
يقتضي الملاحظة أن الحماية لا تقتصر عل المصالح التي ورد بشأنها نص قانوني ،بل إن كل مصلحة عامة قابلة للحماية فيما إذا اعتبر المساس بها إخلالا بالمبادئ الأساسية المعتمدة في المجتمع [6] .
وكانت إحدى المحاكم الابتدائية اللبنانية اعتبرت في حكم صادر في 5/11/1973 ” ان القواعد القانونية التي تعتبر من النظام العام هي قواعد يقصد بها تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية او اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصلحة الأفراد الذين يجب عليهم مراعاة هذه المصلحة وتحقيقها ولايجوز ان يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى ولو حققت هذه الاتفاقات لهم مصالح فردية ،وذلك لأن المصالح الفردية لا تقوم أمام المصلحة العامة “.
وهكذا أيضا كان موقف المحكمة الفيدرالية السويسرية في قرار لها صادر 1957معتبرة أن النظام العام هو مجموعة القوانين والمراسيم والقرارات التي تشكل قانون الدولة الوضعي ، مما يعني أن مصدر النظام العام هو القوانين والأنظمة .
ولم يلق هذا الرأي قبولا في الفقه إذ يعتبر أن مصادر النظام العام لا تقتصر فقط على التشريع بل يتعداها إلى كل ما يعتبر متصلا بالمصلحة العليا للمجتمع التي يقوم عليها ،ما سنراه فيما يلي .
المطلب الثاني : مصادر النظام العام
تعددت الآراء حول مصادر النظام العام ،فاعتقد البعض أن مصدره القانون مستندا في ذلك إلى ما ورد في المادة 6 من القانون المدني الفرنسي و نصها :”لا يمكن للاتفاقات الفردية الخروج عن القوانين المتعلقة بالنظام العام والآداب الحميدة ” ،وهذا النهج سارت عليه محكمة التمييز البلجيكية في قرارها الصادر5 دجمبر 1948 معتبرة أن لا نظام عام سوى القانون المتعلق بالمصالح الأساسية للدولة أو المجتمع أو الذي يحدد في القانون المدني الأسس القانونية التي يقوم عليها النظام الاقتصادي والأخلاقي في المجتمع [7].
ولكن في قرارات حديثة لها اعتبرت أن النظام العام يتألف من الأسس القانونية الأساسية في المجتمع[8] (Les bases juridique fodementales de la sociètè) فتكون قد ابتعدت عن المفهوم الضيق الذي يعتبر أن القانون هو المصدر للنظام العام لتعتمد مفهوما أوسع يضم المقومات الأساسية للمجتمع [9] .
وسار الاجتهاد الفرنسي على هذا المنوال إذ صدقت محكمة التمييز الفرنسية في قرار لها صادر بتاريخ 4 دجمبر 1929 [10]،قرار صادرا عن محكمة استئناف ورد فيه أنه يتبين من نص المادة 1133 من القانون المدني أن السبب يعتبر غير مشروع عندما يخالف النظام العام دون أن يكون حتما ممنوعا بوجب القانون .
وبالتالي اعتبرت أن موضوع النزاع المتعلق باستغلال المرضى من خلال اللجوء إلى دعاية مكثفة للتأثير على الجمهور ،باطل لأنه مخالف للنظام العام.
ويشير الأستاذ Esmein في تعلقه على هذا القرار ان المحاكم أصدرت قرارات عديدة تبطل بموجبها عقودا لمخالفتها النظام العام دون وجود نص تشريعي بشأنها [11].
ومن المسلم به أن مصدر النظام العام ليس فقط النص التشريعي بدليل ان المادة 1133 من القانون المدني الفرنسي اعتبرت أن السبب غير المشروع او كان مخالفا للآداب العامة أو النظام العام ،يقابله نص المادة 81 من قانون الالتزامات والعقود الموريتاني الذ أعتبر ان السبب غير المشروع هوا لذي يخالف النظام العام والآداب العامة ،مما يفيد أن النظام العام غير منصهر حتما ضمن احكام القانون بل يشكل مفهوما قائما بذاته وإن انصهر أحيانا ضمن نص تشريعي .
وطالما أن الأمر كذلك أصبح من الواجب على القاضي أن يبحث عن مصدر النظام العام وان يحدد مفهومه فينظر أولا في القوانين التي يصفها المشرع بأنها تتعلق بالنظام العام ليقرر ما إذا كان بإمكانه أن يصفها بهذه الصفة بالنظر إلى المصلحة التي تحميها أو النظام الذي تقرره.
ومن ثم إذا لم يكن هناك من نص متصف بالنظام العام أو من الممكن وصفه بهذه الصفة ،يبحث عن المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون الوضعي والتي يمكن وصفها بأنها تتعلق بالنظام العام بالنظر إلى أهميتها في المحافظة على المصلحة العامة والفردية ،أكانت مصلحة اجتماعية ام أخلاقية او سياسية أو اقتصادية أو مالية أومعنوية.
فالقاضي لا يخترع النظام العام بل يبحث عنه ويستخرجه من مجموعة المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون الوضعي ،ويظهره إلى حيز الوجود من خلال إبطال العقود والالتزامات المخالفة له.، وهذا ما جعل Ghestin يقول أنه بجانب النظام العام التشريعي الذي يقوم على نظام عام تقديري ومضمر Virtue[12] يصار إلى الاستعانة به ،في غياب النص التشريعي للقول ما إذا كانت العقود المطعون فيها متوافقة أم مخالفة له[13] .
فالقاضي ليس حرا إذا في تحيد مفهومه للنظام العام بل عليه أن يبحث عنه في مجموع المبادئ العامة التي تسود نظاما قانونيا واجتماعيا معينا .
ولاشك أن للرأي العام السائد في مجتمع معين تأثيره عل مفهوم النظام العام ولابد للقاضي أن يتأثر به أيضا لأنه مرآة لمجتمعه [14].
وبما أن تحيد مفهوم النظام العام يشكل مسألة قانونية ،فهو يقع تحت رقابة المحكمة العليا[15]،وهذا أمر طبيعي لأن المحكمة العليا قيمة على احترام وحماية المبادئ العامة التي يقو معليها النظام القانوني الوضعي .
المبحث الثاني : خصائص النظام العام وتصنيفاته
يتصف النظام العام بعدة خصائص ،كما ان له تصنيفات حددها الفقه والاجتهاد وميز بينها ،وللحديث عن هذه الخصائص والتصنيفات سنبدأ بعرض الخصائص (مطلب أول ) ثم نبين التصنيفات (مطلب ثان )
المطلب الأول : خصائص النظام العام
يتصف النظام العام بعدة خصائص أهمها :
أولا :أنه مفهوم نسبي ،متحرك متغير مع الزمن والأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يقوم عليها مجتمع معين في زمن معين .
فطالما أنه يلجأ إليه لحماية هذه الأنظمة ، فإن حمايته تتكيف مع تغير هذه الأنظمة .
وبالتالي ما كان محظورا في الماضي يمكن أن يصبح مباحا اليوم والعكس صحيح .
ويرى البعض أيضا [16] أن النظام العام يتغير مع المفاهيم العامة للآداب العامة والأخلاق العامة .
ثانيا : أنه قابل للتدرج من المطلق إلى النسبي حسب الموضوع الذي يقع عليه ودرجة مساسه بالمصلحة العامة وأهمية هذه المصلحة في حياة المجتمع ونظامه السياسي أو الاجتماعي او الاقتصادي [17].
المثال على ذلك ،ما قررته محكمة التمييز الفرنسية [18] بأن الاتفاقات حول الدفع بعملة أجنبية غير مشروعة إلا في العقود الدولية .
فالمحافظة على القوة الإبرائية للنقد الوطني امر يتعلق بالنظام العام وبالتالي يقتضي اعتبار الاتفاقات التي تستبعده من دائرة التعاقد باطلة لمساسها بالنظام العام النقدي .
لكن في معاملات التجارة الدولية ومتطلباتها لابد من تلطيف هذه القاعدة تجاوبا مع الأعراف الدولية وتسهيلا للتبادل التجاري الدولي اذ تعذر أحيانا فرض عملة معينة على بائع أجنبي مثلا بما يؤدي إلى القول بأن الاتفاق على عملة غير العملة الوطنية لا يشكل مخالفة للنظام النقدي لأنه لا يمس بقوة النقد الوطني .
يقتضي بالتالي التمييز بين مفهوم مطلق للنظام العام متعلق مباشرة بالأسس التي يقوم عليها المجتمع أو تقوم عليها الأنظمة الاقتصادية والتي يشكل المساس بها اضطرابا غير متسامح به ،وبين مفهوم نسبي وملطف للنظام العام ومتصف بالمرونة بحيث يشكل تجاوزه خطورة على الأنظمة والمؤسسات القائمة.[19]
هذا التمييز اقرته محكمة التمييز الفرنسية في قرار لها [20] اعتبرت بموجبه أنه عندما يقتضي إعطاء مفعول في فرنسا لحقوق اكتسبت بصورة قانونية في الخارج ، لا يتدخل النظام العام إلا بصورته الملطفة ويكون اقل تطلب فيما لو تم اكتساب الحقوق نفسها في فرنسا.
ثالثا: أن مفهوم النظام يتأثر بالرأي العام السائد في مجتمع وزمن معين على ما صارت الإشارة إليه سابقا .
وبالفعل إن هذه الصفة المميزة له وردت في قرارات لمحكمة التميز الفرنسية تشير إليها صراحة [21].
والرأي العام كما هو معلوم يتألف من مجموعة مفاهيم ومعايير تتكون مع الوقت متأثرة بالتراث الثقافي والأخلاقي والديني وبالأنظمة القائمة في مجتمع معين وتؤثر في السلوك العاك للأفراد [22].
رابعا : يتأثر مفهوم النظام العام بالأنظمة السياسية والاقتصادية وبدرجة انفتاح المجتمع وانغلاقه على مفاهيم الحرية وتبعية المواطن للدولة ودور الدولة في التدخل بشؤون الأفراد وتنظيم علاقاتهم بين بعضهم وبينهم وبين الدولة .
المطلب الثاني : تصنيفات النظام العام
انطلاقا من خصائص النظام العام كما صار تحديدها آنفا وكذلك المفهوم المطلق والنسبي له ميز الفقه ،وتبعه الاجتهاد ،بين النظام العام التوجيهي والنظام العام الحامي ،معتبرا الأول نظاما عاما مطلقا والثاني نظاما عاما نسبيا
أولا :النظام العام التوجيهي
يتعلق النظام العام التوجيهي بالأسس التي يقوم عليها النظام العام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والأخلاقي ، فتؤدى مخالفته إلى البطلان المطلق .
فالنظام العام التوجيهي يوجه المواطن نحو احترام هذه الأنظمة وعدم مخالفتها فهو حام للمصلحة العامة التي تعلو على مصلحة الأفراد [23].
يمكن تحديد الأنظمة المحمية بموجب النظام العام التوجيهي كما يلي :
1 ـ النظام الاجتماعي بما فيه نظام العائلة ،كالزواج ،والبنوة والأهلية والجنسية والإرث .
2 ـ النظام السياسي المتجسد القوانين الدستورية والتشريعية والإدارية والقضائية والسياسية والحريات العامة ووظائف المؤسسات العامة .
3 ـ النظام الاقتصادي وقوامه القوانين المنظمة للملكية الفردية والملك العام وبعض العمليات الاقتصادية التي تتدخل الدولة في تنظيمها وضبطها حماية للمستهلك أو صاحب المهنة أو الامتياز ،وكذلك القوانين الخاصة بانتقال الملكية والهبات والوصايا.
مع العلم أن تدخل المشرع بموجب قواعد آمرة ،أي متصفة بالنظام العام ،أصبح أمرا ملحوظا في النظام العام الاقتصادي المعاصر.
4 ـ النظام الأخلاقي وقوامه المبادئ السلوكية في مجتمع معين والتي تعتبر ضمانة أخلاقية للفرد والجماعة .
5 ـ الإجراءات القضائية والمحاكمات الحامية لحقوق الإنسان والتنظيم القضائي وعمل المحاكم بقدر ما تكون المصالحة العامة ومصلحة الأفراد هي محور هذا العمل .
فكل اتفاق أو عقد يجرى من قبل يمس بهذه الأنظمة يكون مصيره البطلان المطلق لأنه يشكل تعديا على مصلحة عليا أحاطها المشرع بسياج من الحماية الصارمة لا يجوز خرقه بالنظر إلى الخلل الذي يمكن أن يحدثه مثل هذا الخرق في الحماية العامة [24].
وبما أن البطلان المطلق وضع للمصلحة العامة ،فإنه يحق لكل فرد له صفة أو مصلحة طلب إبطال العقد المخالف للنظام العام التوجيهي وكذلك يحق للقاضي إثارة البطلان .
ثانيا : النظام العام الحامي
مقابل النظام العام التوجيهي أوجد المشرع نظاما خاصا لحماية الأفراد من تصرف الغير نحوهم أو حتى من تصرفهم نحو أنفسهم ،كوضع المجنون والقاصر غير المميز.
وقد اعتبرت بعض القوانين الفرنسية موافقة المستهلك على بعض العقود باطلة كعقد الدراسة بالمراسلة أو القرض العقاري ، إذا حصلت قبل انقضاء أسبوع أو عشرة أيام على استلام العرض وذلك حماية للمستهلك من تسرعه في الموافقة دون تفكير كاف بنتائجها وشروطها ،ونفس المقتضى الذي نص عليه القانون المغربي 08ـ31 المتعلق بتدابير حماية المستهلك فيما يخص القروض الاستهلاكية والعقارية في المواد 74ـ 104.
هذا النظام عرف بالنظام العام الحامي ، وتبعا لموضوع الحماية يكون الجزاء إما بطلانا مطلقا ،كانعدام الأعمال التي يجريها عديم الأهلية ،وإما بطلانا نسبيا متروك حق المطالبة بإعلانه لمن وضع لحمايته [25].
وتقتضي الملاحظة أن هذا التمييز بين نوعي النظام العام لا يعني قيام انفصال بينهما ، غذ في حالات كثيرة يكون أحدهما ذا مفعول توجيهي وحام في آن معا .
فمتى حميت المصلحة العامة حميت أحيانا معها مصلحة الأفراد إن حصل ذلك بصورة غير مباشرة والعكس صحيح .
ومن ثم فإن النظام العام الحامي يوفر الحد الأدنى من الحماية لمن وضع لمصلحته فإذا شاء الفرقاء الخروج عن القاعدة الحامية لمصلحة الشخص الذي تحميه، اعتبر هذا الخروج مشروعا إذا كان لمصلحته.
وقد نصت المادة 43 من قانون العمل اللبناني أن الأجور يجب أن تدفع العملة الرسمية ،اعتبرت مجالس العمل التحكيمية في لبنان وأيدتها محكمة التمييز[26]،أن تحديد الأجر بالعملة الأجنبية ،بعد تدهور قيمة النقد الوطني ،أمر مشروع لأنه يحفظ للأجير قوة راتبه الشرائية ويكون متفقا مع احكام المادة المذكورة آنفا .
ففي هذا الوضع إن القاعدة الآمرة التي وضعت أصلا لحماية العامل وبصورة غير مباشرة لحماية النقد الوطني كعملة رسمية انكسفت تجاه مصلحة العامل بأن يتقاضى أجره بالعملة الأجنبية التي تحفظ له حقوقه أكثر من القاعدة الآمرة .
كما أنه في ظل نظام نقدي حر لم تعتبر المحاكم أن التعامل بالعملة الأجنبية فيه مساس بالنظام العام الاقتصادي مما جعل الاتفاقات المعقودة بالعملة الأجنبية مشروعة .
وكانت محكمة التمييز اللبنانية في إحدى قراراتها [27] قد ميزت بين النظام العام الحامي والنظام العام التوجيهي معتبرة أن الأول يرمي إلى حماية مصالح الأفراد الذين عناهم ويعود إليهم أمر إثارة تدبير الحماية الموضوع لمصلحتهم والثاني يعنى بحماية مصالح عامة كالمصلحة الاقتصادية أو الوطنية أو الاجتماعية .
وكأمثلة على تطبيق النظام العام عمليا ،نستعرض أمثلة مستخرجة من القضايا التي عرضت على المحاكم وما صدر بشأنها من أحكام
ــ صدر عن محكمة استئناف مدنية لبنانية قرارا اعتبرت بموجبه المحكمة أنه إذا كان سند الدين التعهد بعدم منافسة انتخابية ، فإنه يعد باطلا لأن الحقوق السياسية وما يتفرع عنها من الحرية الانتخابية تتعلق بالنظام العام ،فكل عقد يمس بأسسها يعتبر مخالفا لهذا النظام وغير مباح و بالتالي باطلا بمقتضى المادتين 192 و196 من قانون الموجبات والعقود[28].
ـ اعتبرت محكمة استئناف مدنية [29] أن شراء أصوات الناخبين مغاير للقانون والآداب العامة ومن شأنه أن يجعل سبب السند المنازع فيه غير مشروع ما يوجب
إبطاله .
ـ يمنع الاتفاق على القيام بحملة صحفية بصدد قضية عالقة أمام القانون لأن ذلك مخالف للنظام العام[30].
ـ تمنع وتبطل الاتفاقات التي تخل بمبدأ المساواة بين الدائنين لأنها تمس بالنظام العام ،وقد اعتبرت محمة التمييز الفرنسية في قرارها الصادر بتاريخ 19/04/1985 أن بند زيادة قيمة موجبات الدين الواردة في العقد ،عند التصفية القضائية يمس بقاعدة النظام العام الخاصة بالمساواة بين الدائنين و لا يمكن أن يكون لها مفعول [31] .
اعتبرت محكمة استئناف باريس أن عقد إيجار هاتف التزم به المستأجر دون تحديد لأجل ودن تمكنه من فسخ العقد هو باطل ، وقدر فضت محكمة التمييز هذا الطلب [32]
ولكن الاجتهاد يعتبر أن حل العقد من قبل طرف واحد يفترض أن يحصل دون تعسف ونية الإضرار بالغير .
ـ اعتبر الاجتهاد القضائي أن الاتفاق مع مضيفة على أن لا تتزوج طالما بقيت في الخدمة افاق باطل لأنه يمس بالنظام العام الحامي للحرية الشخصية [33].
ـ كما ابطل الاجتهاد القضائي أيضا أن تعهد موظف بأن يبقى عازبا طيلة مدة خدمته لأن هذا التعهد يعتبر خرقا للنظام العام الحامي للحرية الشخصية[34] .
هذه نماذج على الحالات التي نظرت فيها المحاكم وأبطلت الاتفاقات أو البنود المخالفة للنظام العام الحامي للمصالح العامة و الخاصة الحريص على ممارسة الإنسان لحقوقه تامة دون انتقاص أو إكراه أو وافق على ذلك لأن حماية الحريات العامة تعلو على أي اعتبار آخر.
الآداب العامـــــــة
بعد أن حددنا مفهوم ومواصفات النظام العام يقتضي الانتقال إلى تحديد مفهوم الآداب العامة مع الإشارة إلى انه أحيانا يحصل تلازم بين النظام العام و الآداب العامة بحيث أن أي مخلفة تقع على النظام العام يمكن أن تمس الآداب العامة و العكس صحيح.
لذلك نلاحظ في بعض الأحكام جمعا بين الإثنين كسبب لإبطال الاتفاقات المخلة بهما سويا , ولذا يعتبر البعض أن الآداب العامة ليست سوى الوجه الأخلاقي للنظام العام ولا تنفصل عنه[35].
ولكن في حالات أخرى ينفصل مفهوم الآداب العامة عن النظام العام دون أن يؤثر ذلك في بطلان الاتفاقات المخلة بها.
مفهوم الآداب العامة
تتكون الآداب العامة من مجموع المعايير السلوكية المعتمدة في مجتمع وزمن معين والتي يعتبرها هذا المجتمع أساسية في حفظ أخلاقية أفراده والتزامهم بها في علاقاتهم بحيث تبقى هذه العلاقات سليمة ومرتفعة عما يحط من كرامة الانسان وسمعته[36]. هذه المعايير السلوكية هي حصيلة التراث الأخلاقي والمدني الذي يلتف حوله الضمير الجماعي في مجتمع معين .
فإذا حصل خروج على هذا التراث اعتبر مساسا بسلامة المجتمع وبالتالي مستوجبا ردة فعل ترمي الى هدم آثار هذا التصرف ،بحيث يعود الاستقرار والهدوء إلى الضمير الجماعي الذي تحرك دفاعا عن القيم الإنسانية والأخلاقية الروحية التي يؤمن بها .
وإذا كان التراث متطورا دوما مع العوامل والمستجدات التي تؤثر فيه فيتغير على مر الزمن مبيحا أحيانا ما كان محرما بالأمس أو محرما ما كان مباحا إلا أنه تبقى دائما نواة حية تتمسك بها المجتمعات الإنسانية مع اختلاف ثقافتها لأنها مشتركة بين الناس أجمعين .
وبما أن المساس بالآداب العامة يشكل أحيانا مساسا بالنظام العام عندما يكون المعيار الأخلاقي مختصا بمصلحة عامة لذلك نلاحظ أن ابطال العقود يتم الاستناد لكليهما وهذا ما حمل البعض على القول بأن الآداب العامة ليست سوى الوجه الآخر للنظام العام[37].
لم يحدد المشرع الآداب العامة وليس باستطاعته تحديدها لأنها حسب ما أشرنا إلى ذلك مفهوم متحرك متطور ومتغير مع الزمن والمفاهيم السائدة والطارئة على مجتمع معين فتؤثر في مفاهيم الناس للسلوك والأخلاق وما يقره الضمير الجماعي من نماذج سلوكية متوافقة مع تراثه.
لذلك يتعين على القاضي استخلاص مفهوم الآداب العامة من المعايير الأخلاقية والسلوكية والدينية السائدة في مجتمعه فيحدد مضمونه.
فالقاضي لا يخترع الآداب العامة بل يبحث عنها في مجتمعه ، ويظهرها في أحكامه ،ولكن هذا لا يمنع من أن يتأثر مفهوم الآداب العامة ،بنظرته هو أيضا ،حتى قيل أحيانا أن الآداب العامة هي عبارة عن مفهوم القضاة لها[38].
بالفعل لا يمكن للقاضي أن يتحرر كليا من مفاهيمه السلوكية ليكرس بصورة موضوعية هذه المفاهيم ،فهو يتأثر بالمفاهيم السائدة في مجتمعه .
ولكن من خلال قضائه يؤثر فيها أيضا بتكريس بعض منها واستبعاد البعض الآخر وفرض بعد من تقديره الشخصي عليها بحيث تأتى مزدوجا من المفاهيم الاجتماعية حسب التكييف الموضوعي والشخصي الذي يسد له القاضي عليها .
وكأنه في قضائه هذا يوصل معا إلى المجتمع صدى الضمير الجماعي وصدى ضميره الشخصي كقيم على أخلاقية التعامل بين الناس وسلامة المفاهيم السائدة بين الأسوياء منهم [39].
تحرص بعض المحاكم أحيانا على إظهار دور القاضي كقيم على أخلاقية وسلامة المجتمع ، كما فعلت المحكمة الابتدائية في باريس في حكمها الصادر 8 نوفمبر 1973 ،حيث اعتبرت أن اتفاقية مع امرأة لتظهر شبه عارية باطلة لأنها تمس الآداب العامة معتبرة أن رسالة القضاة هي في الحفاظ على سلامة المجتمع والمبادئ الأخلاقية الأساسية السائدة بين الأسوياء[40] .
ولأن البحث عن الوقائع التي تمس بالآداب العامة مسألة واقع ،فإنه بصورة مبدئية لا يخضع لرقابة المحكمة العليا ،فمسألة الواقع يختص بها قاضي الأساس الاستناد إلى سلطانه المطلق في التحقق منه[41]، ولكن يجب أن نميز بين البحث عن الواقع ،وهو ما يختص به قاضي الأساس وبين الوصف القانوني المعطى لهذه الوقائع .
والمحمة العليا تمارس رقابة على مشروعية الأعمال والاتفاقات من خلال النظر فيما إذا كانت تخالف النظام العام والآداب العامة مما يملي عليها تحديد مفهومها ،فتبقى إذا المسألة مسألة قانونية وليست مجرد مسألة واقع .
ولاشك أن المحكمة العليا تأخذ بعين الاعتبار مفاهيم ومعايير الضمير الجماعي ، أي أن الرأي العام السائد في مجتمع وزمن معينين ،كما تفعل ذلك عند تحديدها لمفهوم النظام العام [42].
إذا يمكن القول أن محاكم الأساس عند إجراء الوصف القانوني للوقائع التي تشكل برأيها مساسا بالآداب العامة تخضع لرقابة المحكمة العليا كما يخضع مفهوم النظام العام لرقابتها ، وقد رأينا أن النظام العام لا يستمد مفهومه فقط من النصوص القانونية ،بل من مجموع القواعد والمبادئ التي يقوم عليها النظام القانوني الوضعي ،والآداب العامة جزء من هذه القواعد والمبادئ لأن للقاعدة القانونية بعدها الأخلاقي والاجتماعي[43].
قائمة المراجع
ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع ،بيروت.
ـ مصطفى العوجي ،القاعدة القانونية في القانون المدني ،مؤسسة بحسون ،بيروت ،1992.
المراجع باللغة الفرنسية
ــJ.Ghestin .Droit civil .Le contrat .Formation .LGDJ .1988.
ــ Christian Larroument .Droit civil.T.III .Les obligations.
Le contrat .2 edition Economica.1990.
- ـEcylopedie Dalloz v . L ordre public et Bonne mœurs.
- N 2 .
- Droit civil T II .Vol .I .P.96 .N 118.
- Carbonnier .Droit civil .8 éditions .T .5.N 332.
- Philippe Malaurie et Laurent ayes ,cours de droit civil,
- Les obligatios ,Editions cajas.1990 .
Philippe Malaurie,L ordre public et Le contrat ,Editions Matot- braine ,Reims,1953.
[1] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، مؤسسة بحسون للنشر والتوزيع،بيروت،ص401.
[2] ـ Philippe Malaurie,L ordre public et Le contrat,Editions Matot- braine ,Reims,1953
[3] ـ ـ Philippe Malaurie et Laurent ayes,cours de droit civil,Les obligatios,Editions cajas.1990.P.286.
[4] ـEcylopedie Dalloz v .ordre public et Bonne Mœurs .N 2 .
Mazeaud. Droit civil T II .Vol .I .P.96 .N 118.
Carbonnier .Droit civil .8 éditions .T .5.N 332.
[5] ـ تمييز لبنانية ،الغرفة الول قرار 1 تاريخ 9 آذار 1982 ،مجلة العدل سنة 1981 ،صفحة 5,
[6] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد،م س،ص 404.
[7] ـCitè par Malaurie ,L ordre public et le contrat ,Editions Matot – Braine ,Reims, 1953 .
[8] – Cassation belge.11mai 1977 et 11 Aout 1978 ()
[9] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد،م س،ص 405.
[10] ـ Cass .civ.dèc 1929 .S.1931.1.49.
[11] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد،م س ،ص 406.
[12]ـ J . Ghestin .Le contrat .Formation .1988 .N 728 .
[13] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص 407.
[14] ـph. Malaurie. L ordre public et l office du juge .note sous cass .civ.18 mars 1955.D.1956.
[15] ـ J . Ghestin .opc .N 102.
[16] ـChristian Larroument .Droit civil.T.III .Les obligations. Le contrat .2 édition Economica.1990 .P.358 .N 397.
[17] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص 408.
[18] ـ Cass .civ.22 mars 1966 .D.1944.2.145
[19]ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص 408.
[20] ـ Cass .civ.22 mars 1944 .D. 1944.2.145.
[21] ـ Cass .civ. 22 mars 1944 .D.1944.2.145.
Cass .civ .10 mai 1960.D.1960.2.548.
[22] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص 409.
[23] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص 410.
[24] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص 411.
[25] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص 412.
[26] ـ محكمة التمييز اللبنانية ،الغرفة الثانية قرار رقم 93/25 صادر بتاريخ 13/04/1993 .
[27] ـ محكمة التمييز اللبنانية، قرار رقم 54/94 صادر بتاريخ 28/06/1995.
[28] ـ استئناف مدني ،قرار صادر بتاريخ 02/11/1954 ،النشرة القضائية سنة 1955 صفحة 177 ،أورده مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص414.
[29] ـ.قرار رقم 52 صادر بتاريخ 28/12/1949 ،النشرة القضائية سنة1950 ،ص212، أورده مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص414.
[30] ـ قرار صادر بتاريخ 16/07/1970 ،النشرة القضائية سنة 1970 ،صفحة 1311، أورده مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص414.
[31] ـCass.com.19 avril.1985.D.1986 . 9. Obs. Derrida .416.
[32] ـ Cass.com.19avril.1985 .JCP .1989 .I. 79 et RTDC.1989 .534.obs Mesrte.
[33] ـ P aris 30 avril 1963. JCP.1963.bis et RTDC .1963 .1963.570.obs cornu .422.
[34] ـ Cass.soc. 10 juin 1982 .D.1982.IR.357.
[35] ـJ.Ghestin .Droit civil .Le contrat .Formation .LGDJ .1988.P.104.
[36] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص424.
[37] ـ مصطفى العوجي ،القانون المدني ،الجزء الأول ،العقد، م س ،ص425.
[38] ـ ـJ.Ghestin .Droit civil .Le contrat .Formation .opc.P.106.
[39] ـ مصطفى العوجي ، القانون المني ،الجزء الأول ، العقد ،م س ،ص 426.
[40] ـ Tribe Gr._instance de paris 8nov.1973.D.1975.401.
[41] ـ Phiippe Malaurie,L ordre public et Le contrat.Opc p.113.
[42] ـCass .civ.10 mai 1960 .D .1960.2.548.
[43] ـ مصطفى العوجي ،القاعدة القانونية في القانون المدني ،مؤسسة بحسون ،بيروت ،1992،ص 29 ومايليها.