الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية
الباحث : بدر الحيمودي باحث بسلك الدكتوراه في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والإقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول وجدة
الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو إقتصادية
Separation for technological, structural or economic reasons
الباحث : بدر الحيمودي?
باحث بسلك الدكتوراه في القانون الخاص
كلية العلوم القانونية والإقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول وجدة
ملخص المقال:
إن المشرع المغربي نص في إطار مقتضيات الفصل 66 وما يليه من مدونة الشغل على مجموعة من الإجراءات التي ينبغي احترامها لفصل الأجراء لأسباب اقتصادية أو هيكلية أو تكنولوجية، لاسيما وأن هذا الفصل قد أصبح منتشرا بشكل كبير ويتم استغلاله من قبل المشغلين، خاصة وأن أزمة كورنا وما خلفته من آثار جعل العديد من المقاولات تتضرع بالصعوبات الاقتصادية وبمرض كوفيد، وبالتالي العمل عن بعد والاستغناء عن الأجراء والاتجاه نحو تطبيق مقتضيات الفصل 66 وما يليه من مدونة الشغل، وبالتالي التضرع بالإجراءات المسطرية المنصوص عليها في الفصول السابقة الذكر، مما يجعل الدور الكبير للقضاء ليبين ويفصل في هذه الخروقات التي أصبحت متعارف عليها في الوسط المقاولاتي.
Article Summary :
The Moroccan legislator stipulated, within the framework of the provisions of Article 66 and the following of the Labor Code, a set of procedures that should be respected for the separation of employees for economic, structural or technological reasons, especially since this chapter has become widely spread and exploited by employers, especially since the Corona crisis and what Its effects have made many companies plead with economic difficulties and Covid disease, and thus work remotely, dispense with wages, and move towards implementing the requirements of Chapter 66 and the following of the Labor Code, and thus invoking the procedures stipulated in the previous chapters, which makes the great role of the judiciary to clarify and separate In these violations, which have become commonplace in the entrepreneurial community.
مــــقــــدمــــة:
يشكل عقد الشغل لكل فرد مطلبا لا غنى عنه داخل المجتمع خاصة وأنه يعتبر وسيلة كبرى لتحقيق الكرامة، على اعتبار أنه يعمل على توفير المتطلبات اليومية التي تسعى إلى تحقيق الكرامة الإنسانية، فمنذ دخول المغرب لعهد الحماية عمل المشرع المغربي على إصدار مجموعة من النصوص القانونية الهادفة لتنظيم علاقات الشغل، هذه الأخيرة التي تميزت بالشتات والتفريق إلى غاية صدور القانون65.99 المتعلق بمدونة الشغل جاء استجابة لرهانات التنمية ورفع تحديات العمولة والتنافسية، ولفتح المجال أمام الاستثمار الوطني والأجنبي بالقطاع الخاص لأهمية الدور المنوط به لبناء اقتصاد عصري.
فإذا كان من بين الأهداف الأساسية لمدونة الشغل دعم استقرار الشغل، فإن المشغل قد تواجهه مجموعة من الظروف الاقتصادية أو المالية أو التكنولوجية والتي قد تفرض عليه العمل على فصل بعض العمال لإعادة التوازن للمقاولة.
بالإضافة إلى فصل الأجراء لأسباب اقتصادية أو هيكلية، فقد يلجأ المشغل إلى إدخال وسائل عملية متطورة، وبالتالي يلجأ إلى إعادة النظر في هيكلة مقاولته.
فطبيعة هذه الوسائل السابق ذكرها تفرض مواكبة التطورات التكنولوجية والاقتصادية الحديثة الناتجة عن العمولة وبالتالي أضحت تفرض لزاما على كل من يريد الاستمرار ومواكبة التطور، والمنافسة الخارجية والانسجام مع أوضاع متطلبات السوق، والزيادة في عائد الإنتاج العمل بها.
وبالتالي فإنه من غير المنطقي أن ندعي في الظرفية الراهنة أن المشغل الطرف القوي اقتصاديا، كما أنه من غير المعقول ان نقول ان مدونة الشغل قد تحمي الطرف الضعيف في عقد العمل ألا وهو الأجير، ذلك على اعتبار أن التوجه الحالي يسعى إلى الحفاظ على راهنية استمرارية المقاولة، فبدون هذه الأخيرة لن يكون هناك عمل، وبالتالي لا يكون هناك أجراء، وعليه فإن مبدأ المساواة وحماية الاقتصاد الوطني والبحث عن توافق اجتماعي يجعلنا في مأمن لضمان استمرارية المقاولة في عملها وهو الركيزة الأساسية في خضم هذه المعادلة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المشرع المغربي لم يخرج عن هذا الإطار حيث نظم المقتضيات الخاصة بالفصل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية او هيكلية في مدونة الشغل، وحدد ضوابطها كما وسع من حيث المقاولات والمؤسسات التي تخاطبها مدونة الشغل، هذا إضافة إلى توسيع مجال الفصل بإضافة أسباب أخرى اقتصادية وهي الأسباب التكنولوجية والهيكلية ولكي تكون هناك رقابة فعالة، كان لابد من نهج رقابة قبلية تمارسها أجهزة إدارية ورقابة بعدية تمارسها أجهزة قضائية، كي لا تزيغ سلطة المشغل.
e أهــمـية الــمـوضــوع :
إن هذا الموضوع يكتسي أهمية كبرى على اعتبار أنه ينبغي تحديد المفاهيم الأساسية للفصل لأسباب اقتصادية وتكنولوجية او هيكلية، وتحديد أنواعه وآثاره أمام إغفال المشرع تحديدها، على اعتبار أن العمل يشكل القوت اليومي للأجراء، وبالتالي فإن فصل لهم غير مبرر لأي سبب كان حتى ولو كانت أسباب مذكورة في مدونة الشغل دون تبرير لها يجعل الأمر مجحف في حق فئة عريضة من المجتمع، ألا وهي فئة الأجراء، هذه الأخيرة التي تساهم بشكل كبير في تحريك العجلة الاقتصادية داخل المجتمع، كما تبرز لنا أهمية هذا الموضوع من خلال مدى مواكبة المشرع المغربي للتطورات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية الحاصلة في المجتمع.
e اشــكــالـيـة الــمــوضـــوع :
لمعاجلة هذا الموضوع الذي يعتبر غاية في الأهمية سيتم طرح إشكالية تتعلق أساسا بمدى توفق المشرع المغربي في تنظيمه لأحكام الفصل عن العمل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية ؟
ويتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الآتية :
فماهي الأحكام المنظمة للفصل في الأسباب الاقتصادية والتكنولوجية أو هيكلية ؟
وماهي الجهات المكلفة بالرقابة على انهاء عقد الشغل لأسباب تكنولوجية واقتصادية أو هيكلية ؟
وما هي الآثار المترتبة عن الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية ؟
e مــنـهــج الـبـحــث :
لمعاجلة هذا الموضوع سيتم الاعتماد على المنهج التحليلي الوصفي، وذلك قصد بيان الإطار المفاهيمي لهذا الموضوع، وكذا إبراز رقابة الممارسة على الفصل لأسباب تكنولوجية هيكلية أو اقتصادية.
e خــطــة الــبحـــث :
للإجابة على الإشكالية السالف ذكرها سيتم الاعتماد على خطة البحث التالية :
المبحث الأول: الضوابط القانونية المؤطرة للفصل لأسباب اقتصادية وتكنولوجية أو هيكلية
المبحث الثاني : آلية الرقابة لممارسة الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وآثارها
المبحث الأول : الضوابط القانونية المؤطرة للفصل لأسباب اقتصادية وتكنولوجية أو هيكلية
من خلال هذا المبحث سيتم إبراز المفاهيم الأساسية للفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية من خلال تعريفها بأنواعها وتمييزها عن ما يشابهها، وعليه فإنه سيتم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، حيث سيتم التطرق في (المطلب الأول) لماهية الفصل لأسباب اقتصادية وتكنولوجية أو هيكلية، أما فيما يخص (المطلب الثاني) فسيتم تخصيصه للحديث عن شروط الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية.
المطلب الأول: ماهية الفصل عن العمل لأسباب تكنولوجية هيكلية واقتصادية
إن الإنهاء للفصل لأسباب اقتصادية او هيكلية أو تكنولوجية لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال عشوائي دون تنظيم قانون يحكمه وينظمه وفقا لضوابط وشروط تجعله مبررا وقانونيا لكي لا تضيع حقوق الأجراء ولا تزيغ سلطة المشغل وتصبح جائرة، ولأجل كل ما سبق ذكره فإنه سيتم التطرق في هذا المطلب لبيان المقصود بالفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية، وذلك تمييزها عن ما يشابهها.
الفقرة الأولـى : تعريف الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية
إن المشرع المغربي ينص من خلال مقتضيات مدونة الشغل وتحديدا من خلال الفصل 66 وما يليه من قانون الإطار 65.99 على أنه من بين الأسباب التي يمكن أن تؤدي الى فصل الأجير، بصرف النظر عن اقترافه لأي خطأ، وبدون أن يوصف بأنه فصلا تعسفيا، وفقا لإجراءات مسطرية معينة، فإنه من الملاحظ أنه لم يعمل على تحديد ماهية الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية، وبالتالي جعل ذلك من اختصاص الفقه وهو ما سيتم تناوله في هذا المطلب.
أولا تعريف الفقهي للفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية
إن الفصل لأسباب تكنولوجية عرفه جانب من الفقه المغربي[1]، أن الأسباب التكنولوجية يقصد بها ما قد تعرفه أدوات وآليات العمل، بل أساليبه من تطور نتيجة الطفرة العلمية التي يعرفها العالم والتي قد يصعب على بعض الأجراء استيعابها أو مجاراتها.
بالإضافة إلى أنه قد تم تعريف السبب الهيكلي بكونه، ذلك الاثر الناتج إما عن إجراءات مجسدة لإدارة المشغل في تغيير نشاط المقاولة، وإما لتهيئة الوسائل التي تمكن من قدرة التكيف وظروفه المنافسة الاقتصادية أو عن طريق زيادة العائد الاقتصادي من خلال الأعباء التي تتحملها المؤسسة.
بالإضافة إلى السبب الوارد أعلاه فإنه يمكن أن يتم كذلك فصل الأجير لأسباب راجعة لصعوبات اقتصادية، تجعل المقاولة غير قادرة على مواجهة وضعيتها وبالتالي تعمل عن طريق التقليص من نفقاتها بواسطة إعفاء كل أو بعض من أجرائها، حتى تتمكن من مواصلة نشاطها وتقوية وضعها المالي الاقتصادي وتجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تمر منها.
ثانيا: التعريف التشريعي للفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية
من خلال مقتضيات المادة [2]66 من مدونة الشغل يتبين أن المشرع المغربي عمل على توضيح الإطار المفاهيمي المنظم للفصل لأسباب تكنولوجية أو اقتصادية أو هيكلية.
من خلال الفصل المشار إليه أعلاه يتضح بشكل جلي أن المشرع وضع بموجب هذا النص التشريعي أحكام موضوعية إلى جانب أخرى إجرائية تخص الفصل الجماعي.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المشرع المغربي من الناحية الموضوعية عمل على بيان نطاق تطبيق هذا الفصل، من حيث المؤسسات والمتمثلة في المقاولات الصناعية والتجارية واستغلاليات الفلاحية أو الغابوية ومقاولات الصناعة التقليدية والتي تشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر، كما حدد أسباب فصل الأجراء كلا او بعضا لأسباب تكنولوجية أو هيكلية او اقتصادية وإغلاق المقاولات.
ومما يستنتج معه من خلال ما سبق ذكره أعلاه أن المشرع لم يعمل على تحديد تعريف دقيق للأسباب التكنولوجية أو الهيكلية أو الاقتصادية والتي تعامل معها بنوع من العمومية مما يدخل العديد من الأسباب ضمن خانتها ،ولعل هذا الأمر راجع الى عدم ثبات هذه الأسباب، نظرا لما قد يتعرض المقاولة المشغلة من تحولات.
ثالـثـا : تمييز الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية عن ما يشابهها
لتميز الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية عن باقي المصطلحات المشابهة له سيتم التطرق إلى ما يلي :
1 ـ الفصل والفسخ: على الرغم من أن الفصل والفسخ يؤديان إلى انتقاء العلاقة الشغلية، فهما يختلفان من حيث الأساس الفني الذي تقوم عليه أحكامها القانونية، فهما نظامان قانونيان للجزاء لا تجمعهما وحدة الطبيعة.
فالفسخ يعد نظاما قانونيا تنتهي به العلاقة العقدية نتيجة لإخلال أحد أطرافها بتنفيذ الالتزامات المتولدة عنها، في حين أن الفصل يعد عقوبة يوقعها المؤاجر على الاجير المخل، وهو بذلك ــ الفصل ــ يعتبر جزاء يوقع على الأجير ويقصد به شخصه ،وإن أدى ذلك الى انقضاء علاقة العمل كأثر قانوني لها، أما الفسخ كجزاء قانوني، فهو يهدف الى انتقاء العقد مصدر علاقة العمل ذاته[3].
2 ـ الفصل والانهاء والانتهاء :يقصد بالإنهاء وضع حد للعلاقة الشغيلة بين المشغل والأجير نهائيا بمبادرة من أحد طرفي العقد، لسبب راجع لأحدهما، والانهاء من جانب المشغل يعتبر فصخا لعقد الشغل اما الانهاء من جانب الأجير فيعتبر استقالة من الشغل.
أما الانتهاء فمعناه وضع حد لعلاقة الاجير المشغل نتيجة أسباب خارجة عن ارادتي المشغل والاجير بشكل نهائي، والفرق بين “الانتهاء” و”الفصل” أن الاول يكون نتيجة أسباب خارجية عن ارادة المشغل والأجير بعكس الفصل، وإن كان الانتهاء يتشابه مع الاعفاء في كون اسبابهما خارجة عن ارادتي الأجير إلا أن الفرق بين الانهاء والاعفاء يتجلى في أن الانتهاء يكون نهائيا، أما الاعفاء فقد يكون نهائيا وقد يكون مؤقتا[4].
الفقرة الثانية: أنواع الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية
سيتم التطرق في هذه الفقرة إلى بيان أنواع الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وهي كالآتي :
أولا : الفصل لأسباب تكنولوجية
يقصد بالفصل لأسباب تكنولوجية ما قد تعرفه أدوات وآليات العمل بل وأساليبه من تطور نتيجة الطفرة العملية التي يعرفها العالم التي يصعب على بعض الاجراء استيعابها او مجاراتها، مما قد يقتضي الاستغناء عنهم، طالما ثبت عجزهم عن مواكبة التطور التكنولوجي الذي تعرفه المؤسسة أو المقاولة المشغلة سواء على مستوى ادواتها او معداتها او على مستوى أساليب وتقنيات عملها[5].
ومما تجدر الإشارة إليه أن المادة 66 من مدونة الشغل لم تعتمد أي تعريف للتحولات التكنولوجية كسبب من أسباب الفصل، وبالتالي فيمكن إعطاء تعريف للتحولات التكنولوجية كونها كل الوسائل والأساليب الجديدة التي يتم إدخالها الى المؤسسة سواء فيما يتعلق بطرق الإنتاج او التسيير او التدبير.
ثـانـيـا : الفصل لأسباب هيكلية
ان التطور التكنولوجي الذي قد تعيشها المؤسسة أو المقاولة قد يدفعها إلى تغييرات عميقة على مستوى هيكلتها وذلك بهدف تطوير مردودتها وبالتالي ادخال تغييرات جذرية في مختلف مرافقها لدرجة أن بعض المرافق قد تضيق عن استيعاب جانب من الاجراء، أو يصير هؤلاء غير لازمين لتشغيل المرافق الجديدة أو يصبح عددهم يفوق الحد المتطلب لتسييرها، مما تكون معه المؤسسة المشغلة مضطرة إلى التقليص من عددهم أو اعفائهم جميعا وذلك حسب ظروف ومتطلبات هيكلتها، وهي أسباب لم تكن تتضمنها مقتضيات المرسوم الملكي المؤرخ في 14 غشت 1967 الملغى[6] .
هذا وقد اعتبر المشرع المغربي أن إعادة هيكلة المؤسسة سببا اقتصاديا للإعفاء، يفرض معه تحقق إعمال المقتضيات القانونية الخاصة بالإعفاء إلا أنه لم يحدد المقصود بالإعفاء.
ثالـثـا : الفصل لأسباب اقتصادية
تتمثل في الصعوبات الاقتصادية التي تمر منها المقاولة المشغلة بكيفية طارئة فتوثر على نشاطها العادي وتجعلها غير قادر على مواجهة وضعها إلا بالتقليص من نفقاتها وأعبائها، ومن ضمن ذلك اعفاء كل او بعض اجرائها حتى تتمكن من تقويم وضعها المالي والاقتصادي وتجاوز ازمتها وبالتالي مواصلة نشاطها.[7]
ومما تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يعرف السبب الاقتصادي للفصل كما ان الفقه كذلك لم يوليه عناية خاصة إضافة الى ذلك أن القضاء لم يهتم بطبيعة الاعفاء بقدر ما اولى الجهد بالانشغال بالأثار القانونية المترتبة عن هذا الفصل.
المطلب الثاني : شروط الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية
من خلال هذا المطلب سيتم التطرق إلى الشروط الجوهرية (الفقرة الأولى) والشروط الشكلية (الفقرة الثانية) .
الفقرة الأولى : الشروط الجوهرية
من خلال مقتضيات المادتين 66 و 67 من مدونة الشغل يتبين أنها نصت على شروط جوهرية للفصل لأسباب اقتصادية، تكنولوجية وهيكلية، أولها يتعلق بمجال التطبيق، وثانيها يتعلق بعدد الأجراء، أما ثالتها فيتعلق بالطلب.
1 ـ الشرط المتعلق بمجال التطبيق:
إن المادة 66 من مدونة الشغل بينت بشكل واضح الفئات المحمية من طرف مدونة الشغل في حالة الفصل لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية او هيكلية ولم تعد الحماية مقتصرة عن القطاعين الصناعي والتجاري فقط، وهو ما يحسب للمشرع المغربي، حيث توسعت هذه الحماية لتشمل باقي القطاعات، وهذا المقتضى في توسيع استفادة الفئات المحمية من هذا التطبيق ماهو إلا تكريس للطابع الحمائي الذي يهدف من ورائه المشرع إلى ضمان حقوق بعض الفئات التي كانت محل جدل لإدماجها في ظل حماية مدونة الشغل، وبالتالي فإن الحماية القانونية امتدت لتشمل قطاع الاستغلاليات الفلاحية الغابوية وتوابعها، وكمثال على ذلك تربية الدواجن أو العمل بالمشاتل ثم مقاولات الصناعة التقليدية، إذن كلما تعلق الأمر بإحدى هذه الفئات، فعلى المشغل الذي يعتزم فصل الأجراء كلا أو بعضا لأسباب اقتصادية تكنولوجية او هيكلية التقيد بالشروط وسلوك الإجراءات التي اوجبتها مدونة الشغل لهذه الغاية.[8]
بالإضافة إلى ذلك أنه يندرج ضمن نطاق تطبيق هذه المقتضيات الخاصة بالفصل لأسباب اقتصادية تكنولوجية وهيكلية ، المؤسسات والمقاولات التي تشتغل بالمهن الحرة، وكذلك المؤسسات والمقاولات العمومية التابعة للدولة والجماعات المحلية التي تبقى خاضعة لأنظمتها الخاصة.
2 ـ الشرط المتعلق بعدد الأجراء:
إن المادة [9]66 من مدونة الشغل يتبين من خلال مقتضياتها على أن المشرع اشترط على المشغل المشغل قبل سلوكه مسطرة الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية او ما يماثلها أو أسباب اقتصادية ان يتوفر على شرط العدد وهو عشرة أجراء فما فوق .
3 ـ الشرط المتعلق بالطلب:
من بين الشروط الذي يجب أن تتوفر في الطلب التي يقدمه المشغل للحصول على إذن بالفصل، أن يكون مصحوبا بجميع وسائل الاثبات الخاصة بالسبب المبرر للفصل او الاغلاق، وبالإضافة الى نسخة من المحضر المنجز في إطار الفقرة الأخيرة من المادة 66 من مدونة الشغل والمتضمن لنتائج المشاورات والمفاوضات التي أجريت بين الطرفين.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه كلما تعلق الامر بفصل الأجراء أو الإغلاق لأسباب ذات طبيعة اقتصادية فيجب أن يصطحب الطلب ببيانات أخرى تتمثل فيما يلي :
- تقرير يتضمن الأسباب الاقتصادية التي تستدعي تطبيق مسطرة الفصل.
- بيان حول الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة.
- تقرير يضعه خبير المحاسبة أو مراقب الحسابات.
الفقرة الثانية : الشروط الشكلية
إن المادة 67 من مدونة الشغل[10] والتي من خلال مقتضيات تنص على أنه: يتوقف فصل الأجراء العاملين في المقاولات المشار إليها في المادة 66 اعلاه، كلا أو بعضا لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصاديه على إذن يجب أن يسلمه عامل العمالة أو الاقليم، من أجل اقصاه شهران من تاريخ تقديم طلب من طرف المشغل إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل.
ويكون طلب الإذن مرفقا بجميع الإثباتات الضرورية وبمحضر المشاورات والتفاوض مع ممثلي الأجراء المنصوص عليه في المادة 66 اعلاه.
في حالة الفصل لأسباب اقتصادية يكون الطلب مرفقا، علاوة على الوثائق المذكورة أعلاه، بالإثباتات التالية :
- تقرير يتضمن الأسباب الاقتصادية التي تستدعي تطبيق مسطرة الفصل،
- بيان حول الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة،
- تقرير يضعه خبير في المحاسبة أو مراقب في الحسابات.
يجب على المندوب الإقليمي المكلف بالشغل أن يجري كل الأبحاث التي يعتبرها ضرورية وأن يوجه الملف داخل أجل لا يتعدى شهرا واحدا من تاريخ توصله بالطلب إلى اعضاء لجنة اقليمية يرأسها عامل العمالة أو الإقليم لدراستها والبث فيها في الأجل المحدد أعلاه.
يجب أن يكون قرار عامل العمالة أو الإقليم معللا ومبنيا على الخلاصات والاقتراحات التي توصلت إليها اللجنة المذكورة.
وبالتالي تعتبر من الشروط الشكلية للفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية استصدار إذن من عامل العمالة أو الإقليم داخل الاجل المحدد في المادة أعلاه وذلك بتقديم طلب بهذا الخصوص مع ارفاق الطالب بمجموعة من الوثائق والاثباتات الضرورية.
كما أن تقديم هذا الطلب الذي لم يحدد المشرع كيفيته يتم بأية وسيلة مقبولة قانونا، بما في ذلك الكتابة مع أن العرف الإداري يقضي بأن جميع الطلبات التي تقدم إلى الإدارة تكون مكتوبة.
المبحث الثاني : آلية الرقابة لممارسة الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية
أو اقتصادية وآثارها
من المعمول أن العمل يعتبر حقا من الحقوق الواجب صيانتها، وبالتالي يخضع الحرمان من هذا الحق لرقابة قضائية وادارية وهو ما سيتم التعرف عليه في (المطلب الأول)، وذلك لما له من آثار سلبية على استقرار حياة الاجير كطرف ضعيف في العلاقة الشغيلة ( المطلب الثاني).
المطلب الأول: الرقابة الممارسة على الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلي
أو اقتصادية
سيتم التطرق في هذا المطلب للرقابة الإدارية (الفقرة الاولى) على أساس سيتم التطرق للرقابة القضائية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الرقابة الإدارية ودورها في حماية الأجراء
إن المشرع المغربي في خضم مدونة الشغل وانطلاقا وبالتحديد ضمن الفرع السادس منها المتعلق بالفصل لأسباب اقتصادية أو هيكلية او تكنولوجية وإغلاق المقاولات، من خلال الفصول 66 إلى 71المتعلق بخصوصيات هذا الفصل وشروطه وإجراءاته، ومن أهم ما يميز هذا الفصل أن المشرع المغربي أسس هيئات خاصها بمراقبة هذا الفصل ومدى مشروعيته، خصوصا أثره على الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية والضمانات المخولة له في إطار هذا المقتضى.
وبالرجوع الى قانون 99. 65 المتعلق بمدونة الشغل، يتبين أن المشرع المغربي ينص في الفصل 66 على هيئات يعهد إليها بممارسة ما يسمى بالرقابة الإدارية على استعمال المشغل لسلطته في الفصل، والتحقق من مشروعيته، والمحاولة من التخفيف من آثاره أو تفاديه، وهذه المؤسسات أو الهيئات هي :
أولا: مندوب الأجراء
إن المشرع المغربي ينص على هذا الجهاز في القسم الثاني من الباب الأول من مدونة الشغل[11]، وقد خص لهم مجموعة من المهام ومنها تقديم الشكايات الفردية المتعلقة بظروف الشغل الناتجة عن تطبيق تشريع العمل، أو عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية إلى المشغل وفي حالة عدم استجابتها يتم إحالتها على العون المكلف بتفتيش الشغل في حالة استمرار الخلاف بشأنها.
أما في ما يتعلق بتحديد عدد مندوبي الأجراء فقد حددته المادة 433، إلا أنه لابد لنا من الإشارة الى مسألة مهمة تتعلق بكيفية انتخاب مندوبي الأجراء كما هو مشار إليه في الباب الثاني من الفرع الاول، حيث نصت المادة 434 على أنه يتم تحديد طريقة انتخاب مندوبي الأجراء بمقتضى نص تنظيمي[12].
ومما تجدر الإشارة إليه أن مهمة مندوبي الأجراء هي مهمة ذات طابع مهم في إطار المادة الاجتماعية، وذلك يتجلى بصورة أكثر في إطار التنظيم القانوني لهذه الهيئة وخصوصياتها في المادة الاجتماعية سواء من حيث وجودها أو طريقة انتخابها واشتغالها من حيث انقضاء مهامها[13].
ثانيا : لـجنـة المقـاولة
إن المشرع المغربي ينص على هذه المؤسسة في إطار القسم الثالث من مدونة الشغل من خلال مقتضيات المادة 464 .
ومما يلاحظ أن المشرع المغربي لم ينط بلجنة المقاولة اختصاصات فعلية بل اقتصر دورها على النطاق الاستشاري، بالرغم من أهميتها خصوصا بالرجوع إلى المهام المنوطة بها[14]، وتجتمع لجنة المقاولة مرة كل ستة أشهر وكلما دعت الضرورة إلى ذلك، مع إمكانية دعوتها للمشاركة في أشغالها وكل شخص ينتمي إلى المقاولة يتوفر على الكفاءة والخبرة في مجال اختصاصها كما أنه تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن لجنة المقاولة ملزمة بالحفظ على السر المهني[15].
من الملاحظ أن المشرع المغربي حماية لحقوق الأجراء وتقييدا لسلطته في الفصل خص مجموعة من الاجهزة الإدارية بالرقابة على سلطة المشغل في الفصل ، فلجنة المقاولة رغم دورها الاستشاري في التغيرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة، ووضع مشاريع اجتماعية لفائدة الأجراء والسهر على تنفيذها إلا أن المشغل ملزم بتقديم جميع البيانات والوثائق الضرورية لتمكينهم من القيام بالمهام الموكولة إليهم، وذلك كله حماية لحقوق الأجراء داخل المقاولة وخارجها، وقد عاقب المشرع المغربي على مخالفة هذه المقتضيات بغرامة تترواح من 10000إلى 20000 درهم.
ثالثا : الممثلون النقابيون داخل المقاولة
إن المشرع المغربي أسس لهذه الهيئة في القسم الرابع من مدونة الشغل، حيث يحق للنقابة الأكثر ثمثيلية والتي حصلت على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المهنية داخل المقاولة، أن تعين من بين أعضاء المكتب النقابي بالمقاولة أو المؤسسة ممثلا أو ممثلين نقابين لها[16]، ومن المهام التي أسندها المشرع المغربي للممثل النقابي ، الدفاع عن المطالب الجماعية وإجراء المفاوضات حولها ، بالإضافة إلى مجموعة من الامتيازات التي خص بها المشرع المغربي هذا الجهاز لما له من دور فعال في حماية الأجراء ، ومراقبة السلطة المخولة للمشغل في الفصل طبقا لمقتضيات المادتين 472و473 من مدونة الشغل، وعاقب المشرع المغربي المخالف لهذه المقتضيات بغرامة مالية تتراوح ما بين 25.000 إلى 30.000 درهم.
رابعا: عامل العمالة أو الإقليم
إن مدونة الشغل عملت على بيان هذه الرقابة المتعلقة بممارسة عامل العمالة أو الإقليم، وكذا الرقابة الممارسة على أعمال اللجنة الاقليمية المحددة بمقتضى نص تنظيمي[17] نصت مدونة الشغل في مادتها 67 على أنه يتوقف فصل الأجراء العاملين في المقاولات المشار إليها من المادة 66 كلا أو بعضا لأسباب اقتصادية أو هيكلية أو تكنولوجية أو ما يماثلها ، أو لأسباب اقتصادية، على إذن يسلمه عامل العمالة أو الإقليم، في أجل أقصاه شهران من تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب الإقليمي للشغل، بالإضافة إلى أن يكون الطلب مرفقا بالوثائق وجميع الإثباتات الضرورية، وبمحضر المشاورات والتفاوض مع ممثلي الأجراء ، علاوة علي ذلك يجب إرفاق الطلب بمجموعة من الوثائق منها بيان حول الوضعية المالية للمقاولة إلى جانب مجموعة من البيانات الإلزامية المنصوص عليها في المادة 67 في فقرتها الثالثة.
يتبين من خلال ما سبق أن قرار العامل يجب أن ينبني على التأكد من مشروعية القرار الإداري ،وذلك بالتشدد في الجانب التعليلي وكفايته ، أي ما مدى مشروعية القرار واستناده إلى الحجج والبراهين تثبت أن وضعية المقاولة متأزمة لأسباب اقتصادية يثبتها تقرير الخبير المحاسباتي ، أو مراقب الحسابات إلى جانب حجة الإثباتات الخاصة بالسبب المبرر للفصل او الاغلاق، بالإضافة إلى المحضر المنجز في إطار الفقرة الأخيرة من المادة 6 ، والمتضمن لنتائج المشاورات والمفاوضات التي أجريت بين الطرفين متى تعلق الأمر بفصل الأجراء.
أما بالنسبة للرقابة الممارسة من طرف اللجنة الاقليمية، فإن لها دور حاسم في مسطرة الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية، على اعتبار أن الخلاصات والاستنتاجات التي تتوصل إليها هي المحدد الأساسي لمضمون الفصل أو القرار الذي سيصدر باسم عامل العمالة أو الإقليم.
وصفوة القول فالمشغل الذي يريد فصل أجرائه لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية ، إذا لم يحترم مسطرة الفصل تحت رقابة إدارية وقضائية، فسيعتبر الفصل غير مشروع ، وسوف ينتج آثار بين الأجير والمشغل ، وهذا ما أكده قرار المجلس الاعلى في أحد قراراته الذي جاء فيه لكن حيث أن المحكمة بعد أن ثبت لها أن الطرد تم قبل الحصول على الإذن من طرف السلطة المحلية المختصة بمنحه، استنتجت عن صواب أن الطرد الواقع على تلك الكيفية طردا تعسفيا. .[18]
وجاء في قرار آخر :لا يجوز لرب العمل أن يقدم على إغلاق المعمل إلا بموافقة السلطة المحلية.[19]
ومن خلال هاذين القرارين يتبين أن الفصل الجماعي للأجراء يعد فصلا تعسفيا في حالة عدم الحصول على إذن من السلطة المختصة بمنحه، وذلك على اعتبار أن خرقه يعد من صميم النظام العام .
الفقرة الثانية : الرقابة القـــضـــائــيــة
إن ممارسة القضاء لرقابته على هذا الفصل لابد من التأكد أولا من أن المشغل سلك جميع الإجراءات التي تجعل من هذا الفصل فصلا مشروعا ومتوفرا على جميع الشروط القانونية المتطلبة للفصل الجماعي للأجراء.
وتأتي بعد ذلك مرحلة المحكمة المختصة بالنظر في نزاعات الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية، فإذا كان فصل الاجراء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية يتوقف على قرار السلطة الإدارية المتمثلة في عامل العمالة أو الإقليم، فعدم الاستجابة لطلب المتضرر من طرف السلطة الإدارية ــ أي عامل العمالة أو الإقليم ــ يرتب الحق في الطعن في القرار أمام المحكمة الادارية التي تعتبر صاحبة الاختصاص بالنظر في دعاوى الإلغاء.
إلا أن هناك اتجاه يرى أن القضاء العادي له الحق في النظر في الطعون الموجهة ضد قرار عامل العمالة أو الإقليم لأسباب تكنولوجية أو هيكلية او اقتصادية، وذلك لعدة اعتبارات منها أن النزاع اجتماعي بالدرجة الاولى وكذلك الطرف المعني بالقرار طرف اجتماعي كذلك.[20]
كما الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية قد نص في فقرته الأخيرة على أنه : “لا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد القرارات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعنيهم الامر المطالبة بحقوقهم أمام المحاكم العادية.
المطلب الثاني: الآثار المترتبة عن الإعفاء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية
سيتم التطرق في هذا المطلب إلى فقرتين في (الفقرة الأولى) سيتم تناول الآثار المترتبة عن الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية على الأجير، أما في (الفقرة الثانية) فسيتم تخصيصها للآثار القانونية المترتبة عن الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية على المشغل.
الفقرة الأولى: الآثار المترتبة عن الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية على الأجير :
في حالة فصل الأجير لأسباب اقتصادية أو هيكلية أو تكنولوجية بشكل تعسفي فإنه يترتب عن ذلك مجموعة من التعويضات، هذه الأخيرة الذي سيتم بيانه فيما يلي :
أولا: التعويض عن الفصل
إن التعويض عن الفصل يجد سنده في إطار كل من المواد 52و 53 من مدونة الشغل، حيث نصت المادة 53 من مدونة الشغل على أن تلك التعويضات التي تحتسب على أساس السنة أو جزء من السنة من الشغل الفعلي .
كما أنه من الملاحظ أنه يمكن أن يتضمن عقد الشغل أو النظام الداخلي، أو اتفاقيات الشغل الجماعية مقتضيات أكثر فائدة للأجير كما نصت على ذلك مدونة الشغل مع تقليصها للسلطة التقديرية للقاضي في تحديد مقدار التعويض عن الفصل، وأصبح من السهل على المحكمة تحديد التعويض انطلاقا من المدة التي قضاها من الشغل الفعلي .
ثانيا : التعويض عن الاخطار وفقدان الشغل
إن الأجراء المفصولين لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية يستفيدون من مهلة الاخطار مع التزام الطرفين باحترام مدة الشغل .[21]
وفي حالة عدم احترام هذا المقتضى يستحق الأجير تعويضا عن عدم إخطاره، وذلك طبقا لمقتضيات المادة 70من مدونة الشغل، يستفيد الأجراء عند فصلهم في حالة حصول المشغل عن الإذن أو عدمه طبقا للمواد 66.67.69 من تعويض عن مهلة الإخطار.
وبالرجوع إلى المادة 43من مدونة الشغل نجدها حددت مدة الاخطار في 8 أيام، يبدأ سريانها من اليوم الموالي لتاريخ قرار الإعفاء أو الفصل.
ثالثا: التعويض عن فقدان الشغل
إن هذا التعويض تم إحداثه بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 53من مدونة الشغل، إذ أنه يستحقه الأجير في حالة فقدانه للشغل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية، والملاحظ أن هذا التعويض لم تحدده مدونة الشغل، بل تركت الأمر إلى السلطة التقديرية للقاضي.
ومما تجدر الإشارة إليه أنه وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 66من مدونة الشغل نجدها تنص على حق الأجراء في استشارتهم من أجل تدارس الحلول والإجراءات التي من شأنها أن تحول دون الفصل أو التخفيف من آثاره، بما فيها إعادة الإدماج في مناصب شغل أخرى إن أمكن ذلك، وذلك لما للعمل من طابع اجتماعي وتفاديا لأي اضطراب ، ومن أجل تحقيق السلم الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك من بين الاثار تسليم شهادة الاجر والأسبقية في التشغيل ، حيث ألزم القانون المشغل بإعطاء الأولية في التشغيل للأجراء الذين فقدوا عملهم .
وفي حالة عدم استفادة الأجير من هذه المقتضيات المنصوص عليها في هذا الصدد يحق له رفع دعوى استعجالية أمام الغرفة الاجتماعية داخل أجل 6أشهر من تاريخ الإعفاء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية، أو اللجوء إلى محاولة الصلح التمهيدي طبقا للمادة 41من مدونة الشغل.
الفقرة الثانية : الآثار القانونية المترتبة عن الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية على المشغل
إن المشرع المغربي قد ألزم المشغل في حالة ما إذا أراد اعفاء أجرائه لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية على سلوك مسطرة قانونية خاصة تكون في إطار ما نص عليه الفصل 66 وما يليه من مدونة الشغل ،إذ يتطلب الأمر الحصول على الإذن من عامل العمالة أو الإقليم.
وفي حالة عدم احترام هذه المسطرة يعد الفصل بمثابة فصل تعسفي يترتب عنه مجموعة من التعويضات ما لم يتم ارجاع الأجراء إلى عملهم مع احتفاظهم بحقوقهم كاملة، فمدونة الشغل ألزمت المشغل بإعادة تشغيل الأجراء المفصولين أو الأولوية في إعادة تشغيلهم رغم الجدل الفقهي والقضائي في هذه المسألة بين مؤيد ومعارض، فالمؤيد يقوم على فكرة استقرار العمل خاصة في ظروف البطالة وهشاشة العلاقات الشغيلة السائدة داخل المقاولة، وحماية الأجير من تعسف المشغل في استعمال سلطته في الفصل وبين معارض يستند حجته على أساس ارجاع الأجير إلى الشغل يعرض سلطة المشغل إلى الضعف والاحتقار[22].
خــــــــــــاتـــــــــــــــمـــــــــــة
من خلال سبق يتبين أن المشرع المغربي نص في إطار مقتضيات الفصل 66 وما يليه من مدونة الشغل على مجموعة من الإجراءات التي ينبغي احترامها لفصل الأجراء لأسباب اقتصادية أو هيكلية أو تكنولوجية، لاسيما وأن هذا الفصل قد أصبح منتشرا بشكل كبير ويتم استغلاله من قبل المشغلين، خاصة وأن أزمة كورنا وما خلفته من آثار جعل العديد من المقاولات تتضرع بالصعوبات الاقتصادية وبمرض كوفيد، وبالتالي العمل عن بعد والاستغناء عن الأجراء والاتجاه نحو تطبيق مقتضيات الفصل 66 وما يليه من مدونة الشغل، وبالتالي التضرع بالإجراءات المسطرية المنصوص عليها في الفصول السابقة الذكر، مما يجعل الدور الكبير للقضاء ليبين ويفصل في هذه الخروقات التي أصبحت متعارف عليها في الوسط المقاولاتي.
المراجع والمصادر
e الـكـــتــــــب :
P محمد خالفي : الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الاول، علاقات الشغل الفردية، مطبعة الوراقة الوطنية، الطبعة الأولى سنة 2004
P محمد الكشبور : إنهاء عقد الشغل مع تحليل مفصل لأحكام الفصل التعسفي للأجير ، طبعة 2008.
e الأطــروحــات والــــرســـائـــل :
P فاطمة حداد : الإعفاء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وإغلاق المقاولات، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني عين الشق ، كلية الحقوق ، الدار البيضاء 2005/2004.
P عبد القادر بوبكري : خصوصيات القواعد المسطرية لنزاعات الشغل الفردية، دراسة مقارنة رسالة لنيل د.د.ع في القانون الخاص، كلية الحقوق وجدة 2005/2004 .
e الندوات والمجلات
P مليكة بن زهير : ندوة حول موضوع مدونة الشغل بعد سنتين، من التطبيق سلسلة ندوات واللقاءات والايام الدراسية العدد 9سنة 2007 .
P مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 40سنة 1987 .
[1] ـ عبد اللطيف خلفي : “الوسيط في مدونة الشغل، مطبعة الوراقة الوطنية، زنقة أبو عبيدة الحي المحمدي ـ مراكش ـ الطبعة الأولى، ص 486.
[2] ـ يجب على المشغل في المقاولة التجارية أو الصناعية أو في الاستغلاليات الفلاحية أو الغابوية وتوابعها أو في المقاولات الصناعة التقليدية الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر، والذي يعتزم فصل الأجير، كلا أو بعضا لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها، أو لأسباب اقتصادية، أن يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء أو الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد.
[3] ـ فاطمة حداد : “الإعفاء لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية وإغلاق المقاولات”، أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني (عين الشق، كلية الحقوق، الدار البيضاء 2004)، ص 27.
[4] ـ إدريس فجر : المساهمة في دراسة نظرية الأسباب لانقضاء عقد العمل، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني عين الشق ـ كلية الحقوق الدار البيضاء، 1998/1999، ص 13.
[5] ـ محمد خالفي، م,س، ص 486.
[6] ـ محمد خالفي، م.س، ص 487.
[7] ـ محمد خالفي، م.س، ص 87.
[8] ـ مليكة بن زاهر : “ندوة حول موضوع : مدونة الشغل بعد سنتين من التطبيق”، سلسلة الندوات واللقاءات والأيام الدراسية، العدد التاسع، سنة 2007، ص 236.
[9] ـ تنص المادة 66 من مدونة الشغل على أنه ” “يجب على المشغل في المقاولات التجارية، أو الصناعية، أو في الاستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها، أو في مقاولات الصناعة التقليدية الذي يشغل اعتياديا عشرة أجراء أو أكثر، والذي يعتزم فصل الأجراء، كلا او بعضا لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو ما يماثلها أو لأسباب اقتصادية ان يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم.”
[10] ـ ظهير شريف رقم 1.03.194 الصادر في 14 من رجب 1424 هـ (الموافق لـ 11 سبتمبر 2003 م)، بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل.
[11] ـ تنص المادة 430 من مدونة الشغل على أنه : “يجب أن ينتخب بالشروط المنصوص عليها في هذا القانون، مندوبون عن الأجراء في جميع المؤسسات التي تشغل ما لا يقل عن عشرة أجراء دائمين”.
[12] ـ تنص المادة 334 من مدونة الشغل : “ينتخب مندوبو الأجراء لمدة يتم تحديدها بمقتضى نص تنظيمي.
- ينتخب مندوبو الأجراء لمؤسسات ذات نشاط الموسمي لمدة الموسم.
- ويجب أن يجرى انتخابهم في ما بين اليوم السادس والخمسين واليوم الستين من افتتاح الموسم.
- تكون مدة انتداب مندوبي الأجراء قابلة للتجديد”.
[13] ـ تنص المادة 435 من مدونة الشغل على أنه : “تنتهي مهام مندوبو الأجراء بوفاته أو بسحب الثقة منه أو باستقالته أو ببلوغه السن القانوني للتقاعد، أو بإنهاء عقد شغله، أو بصدور حكم عليه من الأحكام المشار إليها من المادة 432 أدناه”.
[14] ـ تنص المادة 464 على أنه : “في إطار المهام الاستشارية للجنة المقاولة يعاد إليها بالمسائل التالية :
- الاستراتيجية الانتاجية للمقاولة ووسائل رفع المردودية
- وضع مشاريع اجتماعية لفائدة الأجراء والسهر على تنفيذها.
[15] ـ المادة 468 من مدونة الشغل .
[16] ـ تنص المادة 470 من مدونة الشغل على أنه : “يجب للنقابة أكثر تمثيلا والتي حصلت على أكبر عدد من الأصوات للانتخابات المهنية الأخيرة داخل المقاولة أو المؤسسة أن تعين، من بين أعضاء المكتب النقابي للمقاولة أو المؤسسة ممثلا أو ممثلين نقابيين لها حسب الجدول المبين أعلاه.
[17] ـ مرسوم 2.04.514 الصادر بتاريخ 16 ذي القعدة 1425 هـ (الموافق لـ 29 ديسمبر 2004 م) بتحديد أعضاء اللجنة الإقليمية المكلفة بالدراسة والبث في ملفات فصل الأجراء وفي الإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولات أو الاستغلالات، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5279 بتاريخ 3 يناير 2005.
[18] ـ قرار اجتماعي صادر في 28 فبراير 1983، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 32، ص 96 وما بعدها.
[19] ـ قرار اجتماعي في 9 مارس 1987 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 40، ص 191 وما بعدها.
[20] ـ عبد القادر بوبكري : خصوصيات القواعد المسطرية نزاعات الشغل الفردية، رسالة لنيل دبلوم الماستر، القانون الخاص، كلية الحقوق وجدة، 2004/2005، ص 63.
[21] ـ تنص المادة 48 من مدونة الشغل على أنه : “يستفيد الأجير أثناء أجل الإخطار من رخص التغيب قصد البحث عن شغل آخر على أن يؤدي له عنها الأجر الذي يتقاضاه عن أوقات شغله الفعلي أي كانت طريقة أدائه”.
[22] ـ محمد الكشبور : إنهاء عقد الشغل مع تحرير مفصل لأحكام الفصل التعسفي للأجير، الطبعة 2008، ص 130.