بحوث قانونية

نطاق تطبيق مدونة الشغل

مقدمة

من المعلوم أنه إذا ما تكونت القاعدة القانونية، وصدرت عن السلطة التي تخولها المقتضيات الدستورية هذا الحق، فإنها تجد طريقها إلى التطبيق، وإذا كان الأمر كذلك، فإن أول ما يعرض عند تطبيق هذه القاعدة، هو وجوب تحديد نطاق تطبيقها وذلك برسم المدى الذي يبلغه سريان القاعدة القانونية، والذي يتحدد بالنظر إلى ثلاث أبعاد، تتمثل في تحديد المكان الذي تسري فيه القاعدة القانونية، وفي تحديد زمانها، وكذلك في تحديد القطاعات والأشخاص المخاطبين بأحكامها.

وبخصوص مدونة الشغل، وبالنظر إلى الطابع الحمائي الذي تتميز به قواعدها -رغم اقتناعنا بمحدوديته-، فإنه من المهم تحديد القطاعات والأجراء المخاطبين بأحكامها، طالما أن المشمولين بنطاقها هم وحدهم الذين يطالبون ويطالبون بتطبيق أحكامها، فتحديد نطاق تطبيق مدونة الشغل على قدر كبير من الأهمية، لأن تحديده هو في ذات الوقت تحديد لنطاق الحماية الإجتماعية للأجراء، ووضع حد لأي اجتهاد أو تأويل قد يستهدف إبعاد مجال من مجالات الشغل التابع، أو فئة من الفئات التي تمارسه.

والملاحظ أن المشرع لجأ إلى أسلوب السرد والتعداد لتحديد نطاق تطبيق مدونة الشغل، وهي طريقة انتقدها الفقه مطالبا بالإكتفاء بمجرد توافر علاقة الشغل بشروحها من عدمه[1]، أي أن مدونة الشغل تطبق على جميع الأجراء الذين يؤدون نظير أجر عملا لحساب الغير، تحت مراقبته أو إشرافه أو توجيهه وذلك أيا كانت طبيعة أو نوع العمل الذي يؤدونه، سواء لتحديد الأجراء المستفيدين أو تحديد المؤسسات الخاضعة له، حقيقة أن هذه المدونة حاولت تفادي الإنتقاد الفقهي لأسلوب التعداد الحصري للقطاعات والأشخاص الخاضعين لها، كما كان الشأن في ظل المقتضيات القانونية السابقة، وذلك حينما نصت بمقتضى مادتها الأولى على أن أحكامها تسري على الأشخاص المرتبطين بعقد شغل أيا كانت طرق تنفيذه وطبيعة الأجر المقرر فيه وكيفية أدائه، وأيا كان نوع المقاولة التي ينفذ العقد داخلها، لكنه يلاحظ عليها عودتها إلى أسلوب التعداد لتحديد القطاعات والأشخاص الذين يخضعون وتسري عليهم أحكام مدونة الشغل الجديدة، سواء في نفس المادة الأولى أو في المواد 2، 3 و5، وإن كانت أكدت في آخر المادة الأولى. وبعد إعطاء أمثلة للنشاطات الخاضعة لها، على أنها تسري بشكل عام على الأشخاص الذين ارتبطوا بعقد شغل، ويدخل شغلهم في نطاق أي نشاط من النشاطات التي أشارت إليها، هذا من جهة. ومن جهة ثانية نلاحظ أن مدونة الشغل على غرار المقتضيات القانونية السابقة على صدورها، اكتفت في بعض الحالات على مدى توافر التبعية الاقتصادية لتمديد أحكامها إلى بعض الأشخاص كما هو الشأن بالنسبة لأجراء المنازل. ومن جهة ثالثة وتكريسا لبعض الأوضاع القانونية السابقة عن مدونة الشغل، عملت هذه الأخيرة على إخراج بعض الفئات من الأجراء من الخضوع لأحكامها، وذلك رغم توافر أسباب تطبيقها عليهم، كما هو الشأن بالنسبة لأجراء القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف وبخدم البيوت، بل يمكن القول أ، مدونة الشغل أخرجت حتى فئة بوابي العمارات من مجال تطبيقها، حيث أحالتهم على نظامهم الخاص الذي يشكله ظهير 8 أكتوبر 1978.[2]

وإذا كانت المدونة الجديدة للشغل أقدمت على إخراج بعض الفئات التي تؤدي عملا تابعا مأجورا، من الخضوع لأحكامها، فإنها بالمقابل قامت بإدخال فئات جديدة لتستفيد من أحكامها وهي فئة الصحافيين المهنيين وأجراء الصناعة السينمائية. كما أشارت المدونة صراحة إلى سريان أحكامها على المؤسسات والمقاولات العمومية التي تتمتع بأنظمة خاصة بها، والمستفيدين من التدرج أو التدريب المهني.

إن موضوع نطاق تطبيق أحكام مدونة الشغل يطرح العديد من الإشكالات وأهمها يدور حول مجال تطبيق هذه المدونة أي من هم الأشخاص الذين يخضعون لأحكامها، ومن هم الأشخاص الغير المستفيدين من أحكامها، ومن هم الأشخاص الذين يخضعون احتياطيا أو استثنائيا لمقتضيات هذه المدونة. وإلى أي حد نجح المشرع المغربي في تمديد أو توسيع مجال تطبيق هذه المدونة، وهل توفق فعلا أم خفق؟

كل هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإجابة عنها، بتناولنا في المبحث الأول القطاعات والأشخاص الخاضعون لقانون الشغل، ونعرض في المبحث الثاني الأشخاص الخاضعون احتياطيا وغير الخاضعون لقانون الشغل.

 

المبحث الأول:

القطاعات والأشخاص الخاضعون لقانون الشغل

بالرجوع إلى القسم الأول من الكتاب التمهيدي لمدونة الشغل الجديد (وخاصة المواد من 1إلى 5) يمكننا تحديد نطاق تطبيق قانون الشغل من خلال تحديد القطاعات (المطلب الأول) والأشخاص الذين يخضعون لمقتضيات قانون الشغل (المطلب الثاني).

المطلب الأول: المقاولات والمؤسسات الخاضعة للقانون الاجتماعي

تتعدد المقاولات والمؤسسات التي تطبق فيها مقتضيات القانون الاجتماعي لتشمل جل القطاعات الاقتصادية تقريبا، لأن القانون الاجتماعي ظهر في أول الأمر في الصناعة، ثم امتد بعد ذلك إلى التجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي وأيضا القطاع العمومي بالنسبة للأعوان المتعاقدين مع الإدارة، وتشكل المؤسسات الصناعية والتجارية والاستغلالات الفلاحية والغابوية والمرافق التابعة لها ومختلف المهن الحرة والخدمات وكذا المقاولات العاملة في قطاع الصناعة التقليدية، والسينمائية والتعاونيات والشركات المدنية والمجموعات والنقابات وكذا المؤسسات التابعة للدولة أو للجماعات المحلية أهم هذه المجالات.

الفقرة الأولى: المؤسسات الصناعية والتجارية

كان من نتائج نمو الصناعة بأوربا ونشوء مؤسسات ومصانع كبرى عملت على تشغيل أعداد كبيرة من الأجراء ضرورة التفكير في وضع قواعد وقوانين تحكم نشاط هذه المؤسسات وتحد من المخاطر المحدقة بالأجراء نتيجة تطور التقنية واستعمال الآلات الحديثة في الإنتاج.

وفعلا، عملت جل التشريعات المقارنة، ومن ضمنها التشريع المغربي، على سن القواعد الأولى في مجال من أهم مجالات تطبيق القانون الإجتماعي (المجال الصناعي) حماية للأجراء والاقتصاد الوطني. وإذا كانت المؤسسات الصناعية تعتبر النواة الأولى التي نشأ فيها قانون الشغل، فإن قواعد هذا الأخير ما لبثت أن امتدت لتشمل المؤسسات التجارية، نظرا للإرتباط الوثيق بين المؤسسات الصناعية ونظيرتها التجارية التي تقوم بتصريف هذه المواد وبيعها فقد كان طبيعيا أن يتم تمديد مقتضيات القانون الاجتماعي الحمائية لتشمل الأجراء في المقاولات التجارية ضمانا لاستفادتهم من نفس الحقوق والمزايا التي تخولها.[3] كما أنه يصعب في كثير من الأحيان، ومن الناحية القانونية على وجه الخصوص، فصل المؤسسات التجارية عن المؤسسات الصناعية، فهذه الأخيرة، وفي غالبية الأحيان تتصف بكونها تجارية. لهذا نجد أن المؤسسات الصناعية والمؤسسات التجارية تخضع لنفس المقتضيات القانونية، الشيء الذي أدى إلى صدور قوانين خاصة بالمؤسسات الصناعية والتجارية فقط، كما كان الشأن في ظل المرسوم الملكي رقم 314.66 بتاريخ 14 غشت 1967 المتعلق بالإبقاء على نشاط المؤسسات الصناعية والتجارية وبإعفاء مستخدميها.[4]

الفقرة الثانية: مقاولات الاستغلال الفلاحي والغابوي والمرافق التابعة لها

على غرار مقتضيات الفصل الأول من ظهير 24 أبريل 1973 الذي كان ينظم شروط تشغيل العمال الفلاحين وأداء أجورهم، يتضح أن المشرع المغربي ما زال انطلاقا من المادة الأولى من مدونة الشغل لايعتبر الاستغلالات الغابوية داخل ضمن الأنشطة الفلاحية، وذلك نظرا للاختلاف الموجود بينهما في كيفية الاستغلال ونوعية الإنتاج وغيرها من الفوارق. سنتطرق للاستغلالات الفلاحية في الفقرة أولا، فيما سنخصص ثانيا للاستغلالات الغابوية، ثم نختم هذا المطلب بالمرافق التابعة لها.

 

أولا: مؤسسات الإستغلال الفلاحي

تثمينا للمكانة الهامة التي تلعبها الفلاحة في المغرب كأول قطاع مشغل لليد العاملة (وخاصة القروية) باعتبار المغرب بلدا فلاحيا بالأساس،وإشادة بالدور الكبير الذي قام به الفلاحون في معركة التحرير الوطني مدد المشرع المغربي ظهير 24 أبريل 1973 (الملغى)، وكذا مدونة الشغل الجديدة أحكام ومقتضيات القانون الاجتماعي على مجموع المؤسسات والمقاولات الفلاحية التي يمارس فيها الأجزاء عملا تابعا ومأجورا لحساب الغير وتحت إشرافه وتبعيته، شأنها في ذلك شأن المؤسسات الصناعية والتجارية، خصوصا وأن المؤسسات الفلاحية تهدف هي الأخرى إلى تحقيق الربح وهذا يتم على حساب الأجراء الفلاحين.[5]

ولعل الحكمة من وراء هذا التمديد ظاهرة وتتمثل في إقرار المزيد من الحماية لفئة من الأجراء كانت تعاني الأمرين من جراء الإستغلال الإستعماري، كما كانت محرومة من كل الحقوق والإمتيازات التي كانت تمنحها القوانين الصادرة في عهد الحماية والتي كانت قاصرة على العمال الفرنسيين والأجانب بالمغرب.[6]

ثانيا: مؤسسة الإستغلال الغابوية

يتميز المجال الغابوي بالمغرب بشساعته وتنوعه ويشكل مصدر رزق لفئة عريضة من اليد العاملة المغربية، حيث يشتغل فيها عدد كبير من العمال لحساب صاحب الإمتياز الإستغلالي الغابوي والذين يعملون تحت إشرافه وتبعيته، والذين يقومون بقطع الأشجار وأغصانها، وجرها أو حملها باليدين داخل الغابة، كما يقومون بتقطيع الخشب وصنعه، أو تحويله إلى فحم، وكذلك تعتبر من قبيل الأعمال الداخلة في إطار الإستغلال الغابوي، الأعمال الخاصة باستغلال الفلين إذا تعلقت بنزع القشرة الأولى وكذلك الأشغال المتعلقة بترتيبه وجعله حزما إذا بوشرت هذه الأشغال بالمساحة التي تقطع أشجارها أو بمحلات الإستداع المعدة لذلك[7]، إلى غير ذلك من الأشغال المنصبة على استغلال الغابة.

وأساس تمديد أحكام مدونة الشغل لتطبق على هؤلاء الأجراء الذين يعملون لحساب مستغلي الغابة هو سلطة المراقبة والإشراف التي يمارسها المستغلون على العمال ضمانا لحماية هؤلاء وحفاظا عن حقوقهم.

ثالثا: المرافق التابعة لمقاولات الإستغلال الفلاحي والغابوي

عادة ما يخصص مستغلوا الغابة مخازن ومستودعات للقيام بأشغال استغلال الغابة، حيث يتم داخلها قطع الأشجار التي يتم تجميعها من الغابة أو خزنها قبل القيام ببيعها.

يلاحظ أن الأعمال التي تقوم بها مؤسسات الاستغلال الفلاحي أو الغابوي تنقسم إلى أعمال أصلية وأخرى تابعة لها، يتم إنجازها في مرافق تابعة للمؤسسة، ولقد أثير الجدل حول الأعمال المنجزة في المرافق التابعة، حول مدى خضوعها لمقتضيات قانون الشغل، وبالتالي يستفيد منجزوها من حماية المقتضيات القانونية الشغلية أم لا تخضع له. ومن تم لايخضع الأجراء في هذه المرافق إلى قانون الشغل، إلى أن حسم المشرع المغربي الموضوع بنصه صراحة على إخضاع المرافق التابعة للمؤسسات الفلاحية أو الغابوية إلى قانون الشغل، وذلك إدراكا منه لارتباط هذه الأنشطة التابعة بالنشاط الأصلي المتمثل في استغلال الغابة، وهذا ما كرسته مدونة الشغل بمقتضى المادة الأولى منه.

وهكذا جعل المشرع المغربي المكاتب ومستودعات الآلات والمخازن، من المرافق التابعة لمؤسسات الاستغلال الفلاحي والغابوي، كما اعتبر بموجب المادة الأولى من المدونة الأشخاص الذين يشتغلون بها خاضعين لمقتضياتها، ومستفيدين من حمايتها[8] ضمانا لحمايتهم وإقرارا للمساواة بينهم وبين رفاقهم المشتغلين كأجراء في الغابات والضيعات الفلاحية.

الفقرة الثالثة: المهن الحرة والخدمات

من المعلوم أن قانون الشغل هو ذلك الفرع من فروع القانون الخاص الذي يعنى بتنظيم العمل الخاص التابع المأجور، أي ذلك العمل الذي يقوم المدين به تحت إشراف أو مراقبة أو توجيه كل من يؤدى لحسابه، وانطلاقا من ذلك قد يبدو لأول وهلة أن أصحاب المهن الحرة، وخاصة الفنية منها، كالأطباء والمهندسين والمحاسبين وغيرهم لايخضعون كأصل عام لأحكام القانون الاجتماعي لأن أصحابها يمارسون عملهم باستقلال تام ودون خضوع أو تبعية لأحد، لأنها مهن قائمة على الشخصية المتميزة لمن يمارسها، وهو ما ينفي وجودهم في مركز التبعية والخضوع ،وبالتالي استبعادهم من مجال تطبيق قواعد مدونة الشغل لانتفاء ارتباطهم بمقتضى عقد شغل.[9]

إلا أن هذه القاعدة العامة أو المبدأ العام ترد عليها استثناءات تجعلها محل مراجعة خصوصا عندما يمارس أصحاب هذه المهن الحرة أنشطتهم في إطار من التبعية الإدارية أو التنظيمية، إذ في مثل هذه الحالات يصبح هؤلاء الممارسون خاضعين لمقتضيات القانون الإجتماعي، رغم احتفاظهم بالاستقلال التام على المستوى الفني في ممارستهم للنشاط محل عقد الشغل.[10]

ونفس الحكم ينطبق على الأشخاص الذين يتكلفون بتقديم خدمات للجمهور تطبيقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة الأولى من المدونة الجديدة التي نصت على أنه "كما تسري أحكام هذا القانون على المشغلين الذين يزاولون مهنة حرة وعلى قطاع الخدمات".

وهكذا فمدونة الشغل لاتطبق فقط على المؤسسات الصناعية والتجارية ومؤسسات الاستغلال الفلاحية والغابوية، وإنما تمتد إلى المهن الحرة وقطاع الخدمات، فصار على الطبيب وعلى المهندس وعلى المحاسب احترام مقتضياتها متى تعلق بوجود عقد شغل ينظم علاقات الشغل.

الفقرة الرابعة: مقاولات الصناعة التقليدية

بعد عقود من الغياب وعدم التنظيم القانوني لعلاقات الشغل في قطاع الصناعة التقليدية، وأمام استفحال مظاهر الظلم والحيف الذي لحق مجموعة من الأجراء (حيث سن الشغل منخفض والأجور هزيلة، وساعات الشغل طويلة ومرهقة. والضمان الاجتماعي منعدم – والحد الأدنى للأجر غير مطبق ومخاطر الشغل وأمراضه لايتم التعويض عنها) ونتيجة لمناداة الفقه القانوني وعموم المهتمين بشؤون الصناعة التقليدية بضرورة تدخل المشرع لوقف حد للفوضى العارمة التي يتخبط فيها القطاع خصوصا وأنه يشغل أعداد كبيرة من الأجراء ويساهم بشكل إيجابي في تزويد قطاع اقتصادي أساسي (السياحة) بأهم مستلزماته من المواد والسلع ارتأى المشرع الاجتماعي بمقتضى مدونة الشغل الجديدة جعل مقاولات الصناعة التقليدية خاضعة لمقتضياتها حيث نصت على ذلك في المادة الأولى من المدونة بقوله "تسري أحكام هذا القانون على …ومقاولات الصناعة التقليدية، إلا أن هذا التمديد رغم أهميته وضرورته للقضاء على مظاهر الظلم التي تلحق بأعداد كبيرة من أجراء الصناعة التقليدية، إلا أنه استثنى من الخضوع لأحكام مدونة الشغل القطاعات التي اعتبرها ذات طابع تقليدي صرف، حيث جاء في المادة الرابعة من المدونة بمعيار دقيق لتحديد هذه القطاعات نص عليها بقوله: "يحدد قانون خاص العلاقات بين المشغلين والأجراء وشروط الشغل في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف.

وعرف قانون الشغل الجديد المشغل في القطاع الذي يتميز بطابع تقليدي صرف بأنه هو "كل شخص طبيعي يزاول حرفة يدوية بمساعدة زوجة وأصوله وفروعه وبمعية خمسة مساعدين على الأكثر، ويتعاطى حرفته، إما في منزله أو في مكان يشتغل به، وذلك قصد صنع المنتوجات التقليدية التي يهيئها للاتجار فيها.

كما يشترط المشرع أن لايتجاوز دخله السنوي خمس مرات الحصة المعفية من الضريبة على الدخل.

والملاحظ على هذا الإستثناء أنه يمس فئات واسعة من أجراء الصناعة التقليدية والتي تعيش أوضاعا مزرية خصوصا أمام تراجع مبيعات هذا القطاع نتيجة ارتفاع أسعار المواد الأولية وتأجج المنافسة الأجنبية وتحول أذواق المستهلكين.[11]

المطلب الثاني: الأشخاص الخاضعون لقانون الشغل

طبقا للمادة الأولى من القانون المتعلق بمدونة الشغل، فإن أحكام هذا القانون تسري على الأشخاص الذين ارتبطوا بعقد شغل العاملين في مقاولة كيفما كان نوعها وخاصة المقاولات الصناعية، التجارية، ومقاولات الصناعة التقليدية، والاستغلالات الفلاحية والغابوية وتوابعها وأيضا تسري على المؤسسات التابعة للدولة والجماعات المحلية، إذا كانت تكتسب طابعا صناعيا أو تجاريا أو فلاحيا وعلى التعاونيات والشركات المدنية والنقابات والجمعيات والمجموعات على اختلاف أنواعها.

فعند إبرام عقد الشغل على النحو الذي أوردته المادة الأولى من المدونة، فإن تطبيق مقتضياتها على المشغلون والأجراء الذين ارتبطوا بعقد شغل أيا كانت طرق تنفيذه، وطبيعة الأجر المقرر فيه، وكيفية أدائه، وأيا كان نوع المقاولة التي ينفذ العقد داخلها.

الفقرة الأولى: المشغلون الخاضعون لقانون الشغل

عرفت الفقرة 2 من المادة 6 من مدونة الشغل المشغل بكونه "كل شخص طبيعي أو اعتباري، خاصا كان أو عاما، يستأجر خدمات شخص ذاتي واحد أو أكثر".

هذا المشغل تسري عليه أحكام قانون الشغل طبقا للفقرة الأخيرة من المادة الأولى من المدونة ما دام يرتبط بعقد شغل سواء كان النشاط المزاول من طرفه يتعلق بالنشاطات المعددة في الفقرة 1 من المادة الأولى، أو كان لايتعلق بأي نشاط من هذه الأنشطة.

كما يخضع لأحكام قانون الشغل طبقا للفقرة 2 من المادة 1 من المدونة، المشغلون الذين يزاولون المهن الحرة، أو يمارسون نشاطهم في قطاع الخدمات.[12]

الفقرة الثالثة: الأجراء الخاضعون لقانون الشغل

تسري أحكام مدونة الشغل حسب المادة الأولى منها على الأشخاص المرتبطين بعقد الشغل أيا كانت طرق تنفيذه محدد أو غير محدد المدة، وطبيعة الأجر المقرر عنه نقدا أو عينا، وكيفية أدائه شهريا، أو أسبوعيا أو بالساعة.

ونصت المادة 2 من مدونة الشغل عن أنه تسري أحكام هذا القانون على الأشخاص الذين يضعون أنفسهم في مقاولة ما، رهن إشارة الزبناء لكي يقدموا إليهم مختلف الخدمات، سواء كان ذلك بتكليف من رئيس المقاولة أو برضاه، والأشخاص الذين عهدت إليهم مقاولة واحدة بمباشرة مختلف البيوعات وبتلقي مختلف الطلبات، إذا كانوا يزاولون عملهم في محل مسلم لهم من طرف المقاولة مع التقيد بالشروط والأثمنة التي تفرضها تلك المقاولة.

وإلى جانب هؤلاء الأشخاص تسري أحكام هذا القانون كذلك على الأجراء المشتغلين بمنازلهم.

وباستقراء المادة 8 من مدونة الشغل يمكننا أن نخلص إلى أن جميع الأجراء الذين يكلفون بإنجاز أشغال مقابل أجر لفائدة المقاولات إما بصفة مباشرة أو بواسطة الغير وسواء أكانوا يشتغلون بكيفية فردية أو بمساعدة أحد أقاربهم الغير المأجورين يعتبرون خاضعين لمقتضيات مدونة الشغل.[13]

فإذا توافر الشرطان المنصوص عليهم في المادة 8، اعتبر الشخص أجيرا مشتغلا بمنزله، خاضعا ومستفيدا من مدونة الشغل، وذلك بصرف النظر عن وجود أو انتفاء علاقة تبعية قانونية تربطهم بمشغلهم، ولكن كونهم يشتغلون أو لا يشتغلون مباشرة واعتيادا[14] تحت إشراف مشغلهم، ولا عن كون المحل الذين يعملون فيه، والمعدات التي يستعملونها ملكا لهم أم لا، ولا عن كونهم يقدمون إلى جانب شغلهم كلا أو بعضا من المواد الأولية التي يشغلون بها، إذا كانوا يشترون تلك المواد من طالب الشغل ثم يبيعونه الشيء المصنوع، أو يتسلمونها من مورد يعينه طالب الشغل ويفرض عليهم التزود منه، ولا عن كونهم يحصلون بأنفسهم على المواد الإضافية أو لا يحصلون.[15]

علاوة على ذلك، نصت المادة 3 من مدونة الشغل على فئات تسري عليهم أحكام هذا القانون في كل ما يرد النص عليه في الأنظمة الأساسية المطبقة عليها وهم أجراء المقاولات والمؤسسات العمومية التابعة للدولة والجماعات المحلية، والبحارة، وأجراء المقاولات المنجمية، والصحفيون المهنيون، وأجراء الصناعة السينمائية، والبوابون في البنايات المعدة للسكنى، غير أن أجراء القطاع العام الذين لا يسري عليهم أي قانون، لايخضعون في الأصل لأحكام مدونة الشغل، وإنما تسري عليهم المقتضيات الواردة في الأنظمة الأساسية المطبقة عليها، والتي لايمكن أن تكون الحقوق أو الامتيازات المضمنة بها أقل من تلك التي تخولها لهم مواد مدونة الشغل.[16]

وطبقا للمادة 5 من القانون المتعلق بمدونة الشغل، فإن المستفيدين من التدريب من أجل الإدماج المهني، والمستفيد من التدرج المهني، تسري عليهم كذلك الأحكام الواردة في هذا القانون خاصة تلك المتعلقة بمدة الشغل، والراحة الأسبوعية،والعطلة السنوية المؤدى عنها، وأيام الراحة والأعياد والتقادم، إلى جانب المقتضيات المتعلقة بالتعويض عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.[17]

 

 

المبحث الثاني:الأشخاص الخاضعون احتياطيا والأشخاص غير الخاضعين المدونة الشغل

المطلب الأول: الأشخاص الخاضعون احتياطيا لمدونة الشغل

الفقرة الأولى: أجراء المقاولات العمومية التابعة للدولة وأجراء  الجماعات المحلية

حسب المادة الثالثة من مدونة الشغل فإن هؤلاء الأجراء يخضعون للمقتضيات القانونية الواردة في هذه المدونة في حالة انعدام نصوص منظمة لأحوالهم داخل الأنظمة الأساسية المتعلقة بهم.

ففيما يخص النظام الأساسي لمستخدمي المقاولات فقد تم تعديله بمقتضى القانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، ولقد نصت المادة 24 من هذا القانون على أنه يظل العمل جاريا بالأنظمة الأساسية والقواعد الخاضع لها مستخدموا المؤسسات العامة وشركات الدولة والشركات التابعة العامة والمطبقة في تاريخ نشر هذا القانون إلى أن يتم تعويضها  وفقا لأحكامه.[18]

ويمكن القول بأن سياسة الخوصصة بعد تمكينها للقطاع الخاص بالإستثمار في بعض القطاعات العامة، جعل المشرع إضافة إلى إحداثه لأنظمة خاصة بالأجراء العاملين بهذه القطاعات، تمديد تطبيق أحكام مدونة الشغل على هؤلاء الأجراء.

أما أجراء الجماعات المحلية، فبحكم إعتبار أعمال الجماعات المحلية أنشطة تجارية أو صناعية، فهم يخضعون لأحكام مدونة الشغل في حالة غياب ما ينظم أمورهم في النظام الأساسي المتعلق بهم "الميثاق الجماعي".[19]

 

الفقرة الثانية: البحارة وأجراء المقاولات المنجمية

حسب المادة 166 من ظهير 31 مارس 1919 المتعلق بالقانون البحري فإنا لبحار هو كل شخص ذكرا أو أنثى، يقوم بأشغال على ظهر إحدى البواخر المتجولة في البحر.

ولقد حددت المادة 165 طرفي العقد المتمثلين في أحد مجهزي البواخر أو ممثله، وبين البحار للقيام بإنجاز عمل على ظهر باخرة مجهزة تحت الراية المغربية.

وبالنسبة للأجراء المقاولات المنجمية، فحسب الفصل الأول من ظهير 24 دجنبر 1960 المتعلق بالنظام الأساسي لمستخدمي المقاولات المعدنية، فإن هذا النظام يطبق على المقاولات التي تستغل منجما ضمن الشروط المقررة في ظهير 16 أبريل 1951 بشأن سن نظام للمعادن من العاملين في هذا الاستغلال، أو القائمين بأعمال تضاف إليه إذا كان عدد الأجراء يفوق 300 أجير، على أنه يمكن تطبيق هذا النظام في المقاولات المنجمية التي تضم 100 أجير وذلك بموجب قرار يصدره الوزير المكلف بالمناجم.

وبالمقارنة مع ما تضمنه هذا القانون مع مقتضيات مدونة الشغل، نجد هذه الأخيرة في بعض النقط تتضمن مقتضيات أفضل كما هو الشأن في الزيادة في الأجرة بناء على الأقدمية، حيث تصل في مدونة الشغل إلى %25 بينما في ظهير 24 دجنبر 1960 تصل فقط إلى %20، مما ينبغي معه ضرورة احترام هذا المقتضى من منطلق المادة 11 من مدونة الشغل التي تؤكد على أن المدونة من النظام العام.[20]

الفقرة الثالثة: أجراء الصناعة السينمائية

تطرق ظهير 15 فبراير 2001 بتنفيذ القانون رقم 20.99 المتعلق بتنظيم الصناعة السينماتوغرافية إلى عدة شروط لمزاولة نشاط إنتاج الأشرطة السينماتوغرافية، إلا أنه لم يتطرق إلى مقتضيات خاصة بأجراء الصناعة السينمائية كما كان الأمر في ظهير 20 مارس 1959 المنسوخ، الذي تطرق إلى مقتضيات تتعلق بإنهاء عقد شغل الأجير المشتغل بمقاولة سينماتوغرافية، والخصائص التي يتميز بها، لاسيما في مجال المدة.

وحسب البعض، فإن المشرع قد أخطأ عندما أشار في المادة الثالثة من مدونة الشغل إلى أن أجراء الصناعة السينمائية يخضعون لأحكام نظامهم الأساسي، في حين أن هذا الأجير لم يتطرق إليهم بتاتا.

المطلب الثاني: الأشخاص غير الخاضعين لمدونة الشغل

الفقرة الأولى: خدم البيوت

إن مصطلح خدم البيوت يثير صعوبة تحديد مفهومه القانوني بشكل دقيق، فقد اعتبر البعض[21] أن خدم البيوت يقصد بهم طائفة الأشخاص الذين يقومون بأعمال تتصل بالأسرة، ومن شأن معايشتها الدائمة لأفراد هذه الأسرة الإضطلاع على أسرارهم المنزلية والشخصية. وهذا المفهوم الواسع يشمل كل من يمارس مهنة مرتبطة بالمنزل والأسرة حتى ولو كانت هذه المهنة ذات طبيعة خاصة، كالتمريض والحراسة الخاصة والشخصية والبستنة في حديقة المسكن.

في حين اعتبر البعض الآخر[22]، أن الخدمة المنزلية هي كل ما يتعلق بالأعمال المادية المتصلة بالمنزل وبالشخص صاحب المنزل، حيث أن المحدد لصفة الخادم أو من يدخل في حكمه هو طبيعة الأعمال المقدمة من قبلهم حيث كلما كان العمل ماديا اعتبر ذلك الشخص خادما.

وبالنسبة للطبيعة القانونية للخدمة المنزلية، فاعتمادا على الفصل 723 من قانونا لالتزامات والعقود الذي ينص على ما يلي: "إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له ".

انطلاقا من هذا النص ولكي نكون إزاء عقد عمل لابد من توفر 3 أركان أساسية وهي العمل وهو محل التزام الأجير أو العامل، والأجر وهو محل التزام المشغل أو المؤاجر. وأخيرا علاقة التبعية وتتمثل في خضوع الأجير لرقابة وإشراف رب العمل.

وبالنظر لعقد الخدمة المنزلية، فإن الخادمة تؤدي عملا قوامه العناية بشؤون العائلة والبيت، وهذا العمل محل التزام الخادمة، وهي تؤديه بمقابل يمثل محل التزام المؤاجر، كما تقوم الخادمة بهذا العمل تحت إشراف ورقابة صاحبة المنزل. وبالنظر أيضا إلى المادة السادسة من مدونة الشغل التي تنص على ما يلي:"يعد أجيرا كل شخص التزم ببذل نشاطه المهني تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين لقاء أجر أيا كان نوعه وطريقة أدائه. يعد مشغلا كل شخص طبيعي أو اعتباري خاصا كان أو عاما، يستأجر خدمات شخص ذاتي واحد أو أكثر".

فالخادم أو الخادمة هما الأجير، والزوج أو الزوجة هما المشغل لأن الخادم أو الخادمة يؤديان عملا تحت إمرة وتبعية المشغل لقاء أجر معين، ولأن المشغل يستأجر خدمات الخادم أو الخادمة.[23]

استنادا إلى كل هذه العناصر المستقاة من الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود ومن المادة السادسة من مدونة الشغل، فمن المفروض أن يخضع خدم البيوت للمقتضيات القانونية المتضمنة في مدونة الشغل، لكن القضاء والمشرع المغربيين سارا عكس ذلك، فالمجلس الأعلى سبق له قبل صدور مدونة الشغل أن اعتبر الخادمات غير خاضعات للحماية القانونية لقانون الشغل، وقد اعتمد في ذلك على أساس أن الخدمات لسن بعاملات ورش أو مؤسسة، وأن الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود المحدد لتعريف عقد الشغل يتطلب أن يكون مؤجر الخدمات إما اختصاصيا أو فنيا أو مؤهل للقيام بعمل معين – القرار رقم 34 بتاريخ 10 فبراير 1986.[24]

أما المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء فقد اعتمدت في حكم لها تحت رقم 648 بتاريخ دجنبر 1986 في استبعادها لخدم البيوت على أساس أن طبيعة البيت وحرمته تتنافى مع مبادئ تشريع الشغل التي تنص على زيارة المفتش. ونفس الاتجاه سارت عليه محكمة الاستئناف بالقنيطرة.[25]

ولقد اعتمدت محكمة الاستئناف على التوجه التشريعي المتمثل في المادة الرابعة من مدونة الشغل التي تنص على أنه سيتم تحديد قانون خاص بشروط التشغيل والشغل المتعلقة بخدم البيوت الذين تربطهم علاقة شغل بصاحب البيت، وبالتالي فإن خدم البيوت حاليا يبقون خارج مقتضيات مدونة الشغل.

الفقرة الثانية: أجراء بالقطاعات التي تتميز بطابق تقليدي صرف

نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من مدونة الشغل على أنه يحدد قانون خاص العلاقات بين المشغلين والأجراء وشروط الشغل في القطاعات التي تتميز بطابع تقليدي صرف، فهذا الصنف لاتسري عليه أحكام هذه المدونة.

ويقصد بالقطاع التقليدي الصرف حسب نفس المادة كل شخص طبيعي يزاول حرفة يدوية بمساعدة زوجته أو أصوله أو فروعه وبمعية خمسة مساعدين على الأكثر، ويتعاطى حرفته في منزله أو في مكان صنع يشتغل به، وذلك قصد صنع المنتوجات التقليدية التي يهيئها للاتجار فيها.[26]

ويتضح من هذه الفئة من المشغلين التي تعترض وجود قانون خاص خارج مدونة الشغل ينبغي أن تعمل في إطار:

1-حرفة يدوية، ونعتقد أن إمكانية الاستعانة ببعض الآلات البسيطة التي لاينبغي أن تتجاوز طبقا للتعريف الوارد أعلاه بشأن الصانع التقليدي عشرة أحصنة تجارية أمرا يجعل العمل دائما ضمن الصناعة التقليدية الصرفة.

2-إمكانية العمل بمساعدة الزوج والأصول والفروع، وذلك دون تحديد للعدد، أي زوجة أو أكثر وأبوين وجدين أو أكثر، وعدد من الأولاد غير محدد كذلك. ولهذا فإن عدد المساعدين قد يتجاوز الخمسة عشر أو العشرين شخصا مثلا.

3-خمس مساعدين على الأكثر، وهذا عنصر محدد للتمييز بين قطاع الصناعات التقليدية الصرفة ومقاولات الصناعة التقليدية التي تطبق عليها مدونة الشغل.

4-تعاطي الحرفة بالمنزل أو في مكان يشتغل فيها لمشغل، وإذا كان الأمر بشأن المنزل لايطرح إشكالية من حيث الفهم، فإن الإشارة إلى المكان الذي يشتغل فيه المشغل، يجعلنا نرى بأن هذا العنصر يقتضي من المشغل أن يكون مشتغلا مع أفراد أسرته ومساعديه.

5-صنع المنتوجات التقليدية وتهييئها للاتجار فيها، فالأمر إذن يتعلق بالاتجار في المنتوج التقليدي، يدخل في إطار الصناعة التقليدية، أي في سلع تعتبر عرفا من أعمال الصناعة التقليدية، وذلك حتى يتم التمييز بين هذه الأخيرة وبين ما قد يصنع من طرف الأجير المشتغل بمنزله حيث إمكانية الاستعانة، طبقا للمادة 8 من مدونة الشغل بمساعد واحد وزوجه أو أبنائه غيرالمأجورين.

إننا إذن أمام قطاع صناعة تقليدية تسري عليه أحكام مدونة الشغل، وقطاع يتميز بطابع تقليدي صرف قد يتمتع بقانون خاص، لكن في غياب صدور هذا الأخير يكون القضاء أمام ضرورة اعتماد العناصر المشار إليها أعلاه للتمييز بين القطاعين.[27]

خاتمة

إذا كانت من سمات القاعدة القانونية العمومية والتجريد، فإن المشرع من خلال مدونة الشغل حاول تحديد وحصر الفئات المشمولة بحماية هذه المدونة، وفي نفس الوقت عمل على استبعاد فئات أخرى.

لكن ما يلاحظ في هذا الصدد كله، هو وقوع المشرع في نوع من الارتباك تارة في كثرة النصوص القانونية المنظمة لوضعية واحدة وما يثيره من إشكالية التقاطع بين أحكام مدونة الشغل والأحكام الخاصة بالنظام الأساسي لكل قطاع. وتارة أخرى نجد المشرع يضرب بعرض الحائط الفلسفة التي جاءت بها المدونة لحماية الأجير، وذلك حينما استبعد المشرع خضوع خدم البيوت لهذه المدونة بداعي انتظار صدور قانون خاص يحمي هذه الفئة، لهذا ندعو إما :

-التعجيل بإخراج هذا القانون

-إخضاع هذه الفئة للأحكام مدونة الشغل إلى حين صدور القانون الخاص بهم.

-جعل هذه الفئة تستفيد من ضمانات مدونة الشغل حتى في حالة صدور القانون الخاص بها.

 

 

 

لائحة المراجع

 

– ذ. المصطفى شنضيض : "نظام الشغل" الطبعة الأولى 2006، مطبعة الفضالة.

 

– د. عبداللطيف خالفي "الوسيط في مدونة الشغل" الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية ، الطبعة الأولى 2004،   المطبعة والوراقة الوطنية.

 

– د. بلال العشيري "المدخل لدراسة القانون الإجتماعي" سنة 2006.

 

– د. عبداللطيف خالفي "الوسيط في مدونة الشغل" الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية ، الطبعة الأولى 2004، مطبعة الوراقة الوطنية.

 

– محمد سعيد بناني "قانون الشغل المغرب"، الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية، 1981.

 

– د. محمد بنحساين، "شروح في القانون المتعلق بمدونة الشغل"، الطبعة الثانية 2007.

 

– محمد سعيد بنانني – قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل – الجزء الأول، مطبعة 2005.

 

– دة. بهيجة فردوس – الحماية القانونية لخادمات البيوت في مدونة الشغل – مقال منشور بمجلة طنجيس للقانون والاقتصاد – العدد 8-2009.

 

– بزاوي الصديق، قانون الشغل ومبدأ استقرار علاقات العمل ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص من جامعة الحسن الثاني، الدارالبيضاء – السنة الجامعية 2004-2005.

– الفصل الثاني من ظهير 24 مارس 1931 المتعلق بتمديد مقتضيات 25 يونيو 1927 الخاص بحوادث الشغل، إلى القطاع الغابوي الجريدة الرسمية عدد 936 بتاريخ 10 أبريل 1931.

 

– أ.ذ. محمد بنحساين – خدم البيوت: القضاء مصر على استبعادكم من حماية قانون الشغل – تعليق على قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة بتاريخ 27 دجنبر 2004 – منشور بالمجلة المغربية وقانون الأعمال والمقاولات – عدد 16 ماي 2009.

 

– يلاحظ أنه إذا كانت مقتضيات المادة 8 من مدونة الشغل لاتشترط في عمل الأجير المنزلي أن يمارس بكيفية اعتيادية، فإن الفصل 8 من ظهير 6 فبراير 1963 الخاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية يستلزم لإضفاء صفة أجير على العامل المنزلي أن يؤدي عمله بكيفية اعتيادية.

 

 


[1] -ذ. المصطفى شنضيض : "نظام الشغل" الطبعة الأولى 2006، مطبعة الفضالة، ص 27.

[2] – د. عبداللطيف خالفي "الوسيط في مدونة الشغل" الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية ، الطبعة الأولى 2004، المطبعة والوراقة الوطنية. ص 95.

[3] – د. بلال العشيري "المدخل لدراسة القانون الإجتماعي" سنة 2006، ص 54 و 55..

[4] – د. عبداللطيف خالفي "الوسيط في مدونة الشغل" الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية ، الطبعة الأولى 2004، مطبعة الوراقة الوطنية، ص 99.

[5] – محمد سعيد بناني "قانون الشغل المغرب"، الجزء الأول، علاقات الشغل الفردية، 1981، ص 174

[6] – بلال العشيري "المدخل لدراسة القانون الإجتماعي" ، م.س.، ص 54 و 55.

[7] – الفصل الثاني من ظهير 24 مارس 1931 المتعلق بتمديد مقتضيات 25 يونيو 1927 الخاص بحوادث الشغل، إلى القطاع الغابوي الجريدة الرسمية عدد 936 بتاريخ 10 أبريل 1931، ص 674.

[8] – عبداللطيف خالفي، المرجع السابق، ص 102

[9] – عبداللطيف خالفي، المرجع السابق، ص 103

[10] – بلال العشيري، المرجع السابق، ص 55

[11] – بلال العشيري، المرجع السابق، ص 56 و 57

[12] – د. محمد بنحساين، "شروح في القانون المتعلق بمدونة الشغل"، الطبعة الثانية 2007، ص 27

[13] – د. بلال العشيري. المرجع السابق. ص 63

[14] – يلاحظ أنه إذا كانت مقتضيات المادة 8 من مدونة الشغل لاتشترط في عمل الأجير المنزلي أن يمارس بكيفية اعتيادية، فإن الفصل 8 من ظهير 6 فبراير 1963 الخاص بحوادث الشغل والأمراض المهنية يستلزم لإضفاء صفة أجير على العامل المنزلي أن يؤدي عمله بكيفية اعتيادية.

[15] – د. عبداللطيف خالفي. المرجع السابق. ص 118

[16] – د. بلال العشيري. المرجع السابق. ص 57

[17] – د. محمد بنحساين. "شروح في القانون المتعلق بمدونة الشغل"، الطبعة الثانية 2007، ص 28

[18] – محمد سعيد بنانني – قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل – الجزء الأول، مطبعة   2005، ص 575 – 576

[19] – محمد سعيد بناني، المرجع السابق، ص 577

[20] – محمد سعيد بناني، المرجع السابق، ص 581

[21] – بزاوي الصديق، قانون الشغل ومبدأ استقرار علاقات العمل ، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص من جامعة الحسن الثاني، الدارالبيضاء – السنة الجامعية 2004-2005، ص 45.

[22] – دة. بهيجة فردوس – الحماية القانونية لخادمات البيوت في مدونة الشغل – مقال منشور بمجلة طنجيس للقانون والاقتصاد – العدد 8-2009، ص 141.

[23] –  دة. بهيجة فردوس – مصدر سابق – ص 142

[24] – أ.ذ. محمد بنحساين – خدم البيوت: القضاء مصر على استبعادكم من حماية قانون الشغل – تعليق على قرار محكمة الاستئناف بالقنيطرة بتاريخ 27 دجنبر 2004 – منشور بالمجلة المغربية وقانون الأعمال والمقاولات – عدد 16 ماي 2009 – ص 131.

[25] – أذ. محمد بنحساين – صدر سابق – ص 132

[26] – أذ. محمد بنحساين – صدر سابق – ص 30

[27] – د. محمد سعيد بناني – صدر سابق – ص 639 – 640

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى