في الواجهةمقالات قانونية

التعويض عن الضرر الطبي المعنوي الناتج عن الخطأ الطبي في التشريع والقضاء المغربي والمقارن – الباحث : محمد عيرو تحت اشراف ذة. النية بشرى

التعويض عن الضرر الطبي المعنوي الناتج عن الخطأ الطبي

في التشريع والقضاء المغربي والمقارن

Compensation for Medical Moral Damage Resulting from Medical Fault in Moroccan Legislation, Judiciary, and Comparative Law

الباحث : محمد عيرو

باحث بسلك الدكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – أكدال جامعة محمد الخامس – الرباط

تحت اشراف ذة. النية بشرى

أستاذة التعليم العالي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – أكدال

هذا البحث منشور في مجلة القانون والأعمال الدولية الإصدار رقم 60 الخاص بشهر أكتوبر/ نونبر 2025
رابط تسجيل الاصدار في DOI


https://doi.org/10.63585/EJTM3163

للنشر و الاستعلام
mforki22@gmail.com
الواتساب 00212687407665

 

التعويض عن الضرر الطبي المعنوي الناتج عن الخطأ الطبي

في التشريع والقضاء المغربي والمقارن

Compensation for Medical Moral Damage Resulting from Medical Fault in Moroccan Legislation, Judiciary, and Comparative Law

الباحث : محمد عيرو

باحث بسلك الدكتوراه كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – أكدال جامعة محمد الخامس – الرباط

تحت اشراف ذة. النية بشرى

أستاذة التعليم العالي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – أكدال

المستخلص:

يتناول هذا المقال موضوع التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية في القانون المغربي، في ظل غياب تشريع خاص ينظم المسؤولية الطبية. ويعتمد القضاء المغربي – في هذا الإطار- على القواعد العامة للمسؤولية المدنية وفقًا للفصلين 77 و78 من قانون الالتزامات والعقود، حيث يُعرف الضرر المعنوي بأنه الأذى النفسي أو الاعتداء على الكرامة أو السمعة، ويتجلى في عدة صور منها الألم النفسي، والحرمان من متع الحياة. ويرى الاجتهاد القضائي المغربي إمكانية تعويض هذا النوع من الضرر بمقابل مالي أو معنوي، إذ للقاضي سلطة تقديرية واسعة في تحديد مدى الضرر وتقدير قيمته، غير أن غياب معايير موضوعية يثير تفاوتًا في الأحكام القضائية، خصوصا في بعض القضايا المتشابهة. ويوصي المقال بضرورة إصدار قانون خاص بالمسؤولية الطبية لتوحيد المعايير وضمان الإنصاف.

الكلمات المفتاحية: الضرر المعنوي – الخطأ الطبي – المسؤولية المدنية – التعويض – السلطة التقديرية .

Abstract :

This article explores compensation for moral (non-pecuniary) damage resulting from medical errors in Moroccan law, in the absence of a specific legal framework governing medical liability. Relying on the general rules of civil liability under Articles 77 and 78 of the Moroccan Code of Obligations and Contracts, the study defines moral damage as emotional or psychological harm, including harm to dignity or reputation. Such damage may appear through psychological suffering or deprivation of life’s pleasures. Moroccan courts recognize compensation for moral damage, usually in the form of monetary awards, based on the judge’s discretionary power. However, the lack of standardized criteria causes disparities in court rulings. The paper recommends enacting a specific medical liability code to ensure fairness and consistency.

Keywords: Moral damage – Medical error – Civil liability – Compensation ––– Judicial discretion.

مقدمة

في مجال العلاقات الإنسانية والخدمات الطبية، تُعتبر العلاقة بين الطبيب والمريض علاقة نبيلة وإنسانية، تهدف أساسًا إلى تخفيف الألم والسعي نحو شفاء المرضى. غير أن الواقع العملي وفي إطار الممارسة اليومية، قد يشهد أخطاءً طبية تُخلّف أضرارًا جسدية أو معنوية، من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على حياة المريض وذويه.

في المغرب، يظل موضوع التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية من القضايا التي تثير نقاشًا قانونيًا واسعًا، لا سيما في ظل الفراغ التشريعي المتعلق بتحديد المسؤولية الطبية. وفي غياب نصوص خاصة، يعتمد القضاء المغربي على القواعد العامة للمسؤولية المدنية، حيث نص المشرّع في الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: “كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح به القانون، فأحدث ضررًا ماديًا أو معنويًا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر”.

كما أن دستور المملكة المغربية لسنة 2011[1] أولى اهتمامًا بالغًا لحقوق الإنسان الأساسية، حيث نص في الفصل 22 منه على عدم جواز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، مما يُضفي بُعدًا حقوقيًا عامًا يُكرّس حماية المرضى ويضمن لهم الحق في جبر الضرر عند المساس بسلامتهم.

وتتجلى أهمية دراسة هذا الموضوع، من خلال بعدين اثنين:

  • من الناحية الواقعية، يعرف المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الدعاوى القضائية المرتبطة بالأخطاء الطبية[2].
  • أما من الناحية القانونية، فهناك فراغ تشريعي يتمثل في غياب قانون خاص بالمسؤولية الطبية ، يحدد حقوق المرضى وواجبات الأطباء عند ارتكاب الخطأ.

وتتمحور الإشكالية الرئيسية لهذه الدراسة حول:

مدى كفاية الإطار القانوني والقضائي المغربي، لتحقيق مبادئ العدالة والإنصاف لفائدة المتضررين معنويًا من الأخطاء الطبية؟

وتتفرع عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات فرعية:

  • ما هو مفهوم الضرر المعنوي في المجال الطبي؟
  • ما هي معايير تقدير هذا الضرر؟
  • ما هو الأساس القانوني والقضائي للتعويض؟
  • وما هي التحديات العملية التي تعيق تفعيل الحق في التعويض عن الضرر المعنوي؟

وسنحاول معالجة هذه الإشكالية والإجابة عن التساؤلات من خلال التقسيم التالي:

المبحث الأول: ماهية التعويض عن الضرر الطبي المعنوي

المبحث الثاني: الإطار القانوني والقضائي للتعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية في المغرب

المبحث الأول: ماهية التعويض عن الضرر الطبي المعنوي

يُعد الضرر سواء كان ماديًا أو معنويًا ركنًا أساسيًا لقيام المسؤولية الطبية، إذ لا يكفي لتحقق المسؤولية المدنية وقوع الخطأ فحسب، بل لابد من وجود ضرر يكون نتيجة مباشرة لذلك الخطأ. وفي هذه الدراسة.

ونظرًا لأهمية ركن الضرر المعنوي في المجال الطبي، سيتم أولًا بحث مفهومه وصوره في (المطلب الأول)، ثم بيان مفهوم التعويض باعتباره الأثر القانوني المترتب عنه في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مفهوم الضرر الطبي المعنوي وصوره

شهدت السنوات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في الأخطاء الطبية التي يرتكبها بعض الأطباء أثناء مزاولتهم لمهنتهم، والتي قد تُخلّف أضرارًا معنوية جسيمة. وسنتناول في هذا المطلب تعريف الضرر المعنوي (الفقرة الأولى)، ثم بيان أبرز صوره (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعريف الضرر المعنوي

يُطلق عليه أيضًا “الضرر الأدبي” (le préjudice moral)، ويعرفه بعض الفقه بأنه الضرر الذي يلحق بالشخص في غير حقوقه المالية[3]، أي ما يمس عاطفته وشعوره[4] وكرامته الإنسانية. بعبارة أخرى، هو الأذى الذي يلحق بالمشاعر الداخلية للإنسان ويُسبب له ألمًا نفسيًا لا يشعر به إلا المضرور[5].

وقد ذهب أغلب الفقهاء[6] إلى تعريفه بأنه “الضرر الذي يصيب الشخص في قيمة غير مالية، كالاعتداء على السمعة أو الشرف أو التشهير أو السب أو القذف، أو المساس بالشعور الناتج عن إهانة أو حبس دون وجه حق. كما يُعد ضررًا معنويًا الألم الجسدي الناتج عن إصابة أو حروق أو تشوهات، وكذا الحزن الناتج عن وفاة أحد الأقارب”. بعبارة أخىى، هو الضرر الذي يصيب الجانب غير المالي في ذمة المضرور، أي الجانب المعنوي منها[7]. وفي المجال الطبي، يتمثل الضرر المعنوي في الأذى الذي يلحق بجسم المريض نتيجة خطأ طبي، ويظهر ذلك في الآلام النفسية والجمالية أو العجز في الوظائف الجسدية[8]، ويختلف تقدير هذا الضرر من شخص لآخر حسب السن، الجنس، الوضعية الاجتماعية والمهنية.

ويمكن القول، أن الضرر المعنوي يرتبط أساسًا بالأذى الذي يمس الكيان المعنوي للإنسان، سواء في جانبه الاجتماعي كالشرف والسمعة، أو في جانبه العاطفي كالشعور بالحزن والأسى.

الفقرة الثانية: صور الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية

تتنوع صور الضرر المعنوي بحسب طبيعة الخطأ المرتكب، وظروف المريض الذاتية، ومدى تأثير الضرر في حياته النفسية والاجتماعية. ويمكن تصنيف أبرز مظاهر هذا الضرر إلى الضرر النفسي المرتبط بما يلحق بالمريض من آلام جسدية أو بما يمس حياته الخاصة وسمعته، بالإضافة إلى ضرر الحرمان من مباهج الحياة.

أولا: الضرر المعنوي النفسي المرتبط بالآلام الجسدية والحياة الخاصة للمريض

يعد الضرر النفسي من أبرز صور الضرر المعنوي التي قد تنشأ عن الخطأ الطبي، حيث لا يقتصر تأثيره على الجانب الجسدي للمريض، بل يمتد ليطال كيانه النفسي، العاطفي وحياته الخاصة. ويتخذ هذا الضرر مظاهر متعددة، ترتبط إما بالألم الناتج عن الإصابة الجسدية، أو بانتهاك خصوصية المريض وكرامته داخل محيطه الاجتماعي أو المهني، ويتخذ ذلك أحد المظهرين التاليين:

أ. الضرر المعنوي النفسي الناتج عن الآلام الجسدية.

هو ذلك الضرر الذي يصيب شعور المضرور نتيجة تعرض جسده لواقعة مادية معينة، سواء كانت ناشئة عن مسؤولية تقصيرية أو عقدية، كالكسر، أو الجرح، أو التشوه، أو الخطأ في التشخيص أو الوصف العلاجي الخاطئ، أو التأخر في الفحص، أو إجراء عملية جراحية، أو عدم احترام إرادة المريض في قبول العلاج أو رفضه، مما يترتب عليه إصابة جسدية أو تدهور حالة المضرور صحياً، وما يعانيه من آلام جراء ذلك الخطأ الطبي[9]. ومثال ذلك: ما اتجهت إليه محكمة باريس إلى مسألة طبيب لم يُبد أي اهتمام لصراخ وآلام المريض المجبرة قدمه، وذلك عندما قام الطبيب بوضع الجبس على قدم المريض بشكل غير طبيعي ألحق به ضرر مما جعله يشعر بآلام، مما أدى إلى بتر قدمه وقررت المحكمة أن البتر جاء نتيجة لفعل الطبيب بالامتناع عن بذل العناية المطلوبة في إسعافه”[10].

ب. الضرر المعنوي المرتبط بالحياة الخاصة وسمعة المريض.

تنص معظم الدساتير[11] على حماية كرامة الإنسان وخصوصيته وشرفه. ولا يجوز التعرض على نحو تعسفي لخصوصيات أحد أو شرفه أو لسمعته[12]. لذا قد تخلف الإصابة الجسدية ضرراً من نوع آخر ينال من سمعة المضرور بين أقرانه، أو محيط عمله، أو في المجتمع الذي يقطن فيه. فقد يتعرض الشخص لإصابة جسدية، إلا أن الأضرار المعنوية التي تخلفها هذه الإصابة لا تقف عند حد الإصابة أو التشوية الناجم عنها[13]، بل يمتد ليطال الحياة الخاصة للمريض وأقارب المريض. ومن الأمثلة البارزة على ذلك: قضية الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران، حيث قام طبيبه الخاص بنشر كتاب بعنوان “السر الكبير” كشف فيه تفاصيل[14]مرض الرئيس دون إذنه، مما ألحق ضررًا معنويًا بعائلته التي رفعت دعوى قضائية ضد الطبيب، فقضت المحكمة بتعويضهم.[15]

ثانيا: ضرر الحرمان من مباهج الحياة

يقصد بهذا النوع من الضرر حرمان المصاب من متع الحياة ومباهجها[16]، أي حرمان المصاب من القدرة على ممارسة بعض الأنشطة الخاصة ذات الطابع الرياضي أو الثقافي والتي وصل فيها إلى مستوى احترافي متقدم، كأن يكون بطلاً في رياضة كرة القدم أو غيرها، أو كانت لديه هواية يمارسها كركوب الخيل أو السباحة أو الصيد، أو موهبة معينة يتعهد برعايتها، كالعزف على إحدى الآلات الموسيقية أو الرسم أو غيرها من الهوايات والمواهب، أو كان يقوم ببعض الأعمال المنزلية[17]، كما هو الحال في دعوى مقامة من متضرر من خطأ طبي ضد مؤسسة طبية مسؤولة عن ذلك الخطأ، التعويض عن فقده رخصة ممارسة هواية الطيران عندما وصفت الأضرار المعنوية بأنها “تتمثل فيما ألم به وبأسرته من حزن وأسى جراء ما أصابه من مضاعفات مع استمرار مسلسل الحزن انتظارا للمجهول الذي لا يبشر بخير حسب إفادة الطبيب المعالج المعلنة والمصرح بها[18]“. وعليه، فإن ضرر الحرمان من مباهج الحياة يُعد من الأضرار المعنوية التي تستوجب التعويض، لما ينطوي عليه من تقييد للحرية الشخصية والتمتع بالحياة بشكل طبيعي.

المطلب الثاني: مفهوم التعويض في مجال المسؤولية الطبية

تنطلق فلسفة قضاء التعويض من فكرة “الجبر” أو “الإصلاح ” (la réparation)، حيث يسعى المتضرر (المدعي) من خلال دعوى التعويض إلى الحصول على حكم قضائي يُلزم المسؤول بأداء مقابل لجبر الضرر[19] الحاصل. وفي هذا الإطار، سيتم تناول تعريف التعويض في مجال المسؤولية الطبية في (الفقرة الأولى)، ثم التطرق إلى طبيعة هذا التعويض في (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تعريف التعويض في مجال المسؤولية الطبية

يُطلق على التعويض في الفقه الإسلامي مصطلح “الضمان”، ويُقصد به لغة: الالتزام. فيقال: ضمّنته المال، أي ألزمته به. أما اصطلاحًا، عرفه بعض الفقهاء بأنه: “حق ثابت في ذمة الغير، أو إحضار من هو عليه، أو عين مضمونة”، ويُطلق هذا الوصف أيضًا على العقد[20] الذي يتحقق به هذا الالتزام. أما المفهوم العام للتعويض، فيقصد به جبر الضرر الذي لحق بالمضرور، وهو بذلك يختلف عن العقوبة، حيث تهدف هذه الأخيرة إلى معاقبة الجاني وردع غيره، بينما يرمي التعويض إلى إعادة التوازن إلى مركز المتضرر قدر الإمكان، وبذلك يُقدّر التعويض وفقًا لحجم الضرر لا وفقًا لخطأ الفاعل[21].

أما المفهوم الخاص للتعويض، فيتمثل في: “تصحيح التوازن الذي اختل، وأهدر نتيجة وقوع الضرر إلى ما كان عليه بإعادة المضرور على حساب المسؤول إلى الحالة التي كان مفروضا أو متوقعا أن يكون عليها لو لم يقع الفعل الضار”[22].

وفي المجال الطبي، يُعرّف التعويض بأنه ذلك البدل الذي يلزم الطبيب الذي قامت في حقه المسؤولية المدنية بآدائه للمريض المتضرر[23]. وفي هذا الإطار، يلجأ المتضرر إلى القضاء للحصول على التعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء النشاط الطبي، فإصلاح الضرر المعنوي أو التخفيف منه على الأقل بالنسبة للمتضرر، يتمثل في الحصول على تعويض مناسب يشفي غليله نتيجة ما لحقه من معاناة، وذلك عن طريق القضاء بواسطة دعوى التعويض[24]. وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي نص في الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود على أن “كل من سبب ضررًا للغير، يلزم بتعويض هذا الضرر”، وهو ما ينطبق أيضًا على مسؤولية الدولة عن الأضرار الناتجة عن المرافق الصحية العمومية، حيث تتحمل الدولة التعويض متى ثبتت مسؤوليتها وفقا للفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود.

أما في التشريعات المقارنة نجد أن القانون المدني الفرنسي قد نص صراحة على ذلك في المادة رقم (1240)[25] والتي جاء فيها بأن كل فعل سبب ضررًا للغير عن طريق الخطأ يلزم من ارتكبه بإصلاحه[26]، وكذلك ما جاء في المادة رقم (1241)[27] من نفس القانون على أن كل إنسان مسؤول عن الضرر الذي يسببه ليس فقط الناجم عن فعله، بل أيضًا الناجم عن إهماله ورعونته وعدم تحرزه. أما التشريع المصري فقد نص على ذلك صراحة في المادة رقم (163) من القانون المدني، والتي نصت على أن: “كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض”[28].

الفقرة الثانية: طبيعة التعويض عن الضرر المعنوي الطبي

يكتسي تحديد طبيعة التعويض المستحق لفائدة المتضرر أهمية كبيرة حيث يسعى المتضرر إلى جبر الضرر، وبالتالي يطرح التساؤل حول طبيعة التعويض الذي يسمح بجبر ضرر المتضرر؟ وهل أي تعويض سيؤدي بالضرورة إلى جبر هذا الضرر؟[29].

إن التعويض في فلسفته العامة، يرمي إلى إزالة الضرر أو التخفيف من آثاره، وليس إلى محوه كليًا، فهو إذن يسعى إلى إعادة التوازن (compensation) للمضرور[30]، سواء كان ذلك بتعويض عيني أو بمقابل مالي. ويُقصد بالتعويض العيني إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، أي إزالة آثار الفعل الضار كأن لم يقع. ويُعد هذا النوع من التعويض الأصل في الشريعة الإسلامية التي تُقر بأنه في حال إتلاف الأشياء المثلية، يُلزم الفاعل برد مثله، عكس المجال الطبي الذي لا يمكن فيه ارجاع الحالة الى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر.

أما التعويض بمقابل، فيتم غالبًا في شكل مبلغ مالي، لكنه قد يتخذ كذلك أشكالًا غير نقدية، حسب نوع الضرر ووسيلة جبره المناسبة. وفي حالة الضرر المعنوي، فإن مبلغ التعويض يُحدد تقديريًا بناءً على جسامة الألم النفسي وطبيعة الأذى المعنوي الذي لحق بالمضرور.

وعليه، فإن طبيعة التعويض لا ينبغي أن تُفهم على أنها فقط تعويض مالي، بل قد تكون أيضًا معنوية أو رمزية، بحسب طبيعة الضرر وحجمه، وبما يضمن تحقيق العدالة ورد الاعتبار للمتضرر.

بذلك يعد الضرر المعنوي أحد أركان المسؤولية الطبية، ويقصد به الأذى الذي يصيب الجانب غير المالي للشخص، كالآلام النفسية الناتجة عن الإصابة الجسدية أو المساس بالكرامة أو الحياة الخاصة. ويهدف التعويض في هذا السياق إلى جبر الضرر وإعادة التوازن إلى مركز المضرور، سواء بمقابل مالي أو معنوي، وفقًا لطبيعة الضرر وجسامته.

بعد الوقوف على مفهوم الضرر المعنوي، وصوره، وبيان أسس التعويض عنه في المجال الطبي، يبرز من الأهمية بمكان الانتقال إلى دراسة الإطار القانوني والقضائي المنظم لهذا النوع من الضرر في التشريع المغربي، مع الوقوف على التحديات العملية التي تواجه تفعيل مبدأ التعويض في الواقع القضائي، وهو ما يشكل محور المبحث الثاني.

المبحث الثاني: الإطار القانوني والقضائي للتعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية في التشريع المغربي

في ظل غياب نص قانوني خاص ينظم المسؤولية الطبية، اعتمد المشرع المغربي على القواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، بينما اضطلع القضاء بدور محوري في تفعيل هذه القواعد وتكييفها مع خصوصيات المجال الطبي، من خلال تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وضمانات المهنيين، وسنحاول من خلال هذا المبحث الوقوف على الأساس القانوني و القضائي في المجال الطبي، ثم تسليط الضوء على التحديات التي تواجه القضاء أثناء تحديد المسؤولية وتقدير التعويض عن الضرر المعنوي.

المطلب الأول: الإطار القانوني و القضائي للتعويض عن الضرر المعنوي في التشريع المغربي

يشكل التعويض عن الضرر المعنوي في مجال الأخطاء الطبية أحد الإشكالات القانونية الدقيقة التي عالجها التشريع المغربي من خلال القواعد العامة للمسؤولية المدنية المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، لاسيما في غياب نص خاص ينظم المسؤولية الطبية بشكل مفصل. وقد اضطلع القضاء بدور أساسي في تكييف هذه القواعد مع خصوصيات العلاقة بين المريض والطبيب، من خلال اجتهادات قضائية كرّست مبدأ جبر الضرر المعنوي متى ثبت الخطأ والضرر وعلاقة السببية. وسنتناول في هذا السياق الإطار القانوني المنظم للتعويض (في الفقرة الأولى)، ثم ننتقل إلى تحليل موقف القضاء المغربي من خلال بعض التطبيقات العملية (في الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الإطار القانوني للتعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الخطأ الطبي في التشريع المغربي

يُعد قانون الالتزامات والعقود المغربي الإطار المرجعي العام للمسؤولية المدنية، بما في ذلك تعويض الأضرار الناتجة عن الأخطاء الطبية. فقد نص المشرّع المغربي بشكل عام في الفصل 77 من ق.ل.ع على أن: “كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررًا ماديًا أو معنويًا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر…”. كما نص الفصل 78 من القانون ذاته على أن: “كل شخص مسؤول عن الضرر المعنوي أو المادي الذي أحدثه، لا بفعله فقط ولكن بخطئه أيضًا، وذلك عندما يثبت أن هذا الخطأ هو السبب المباشر في ذلك الضرر”. من خلال هذين الفصلين يتضح أن المسؤولية المدنية للطبيب عن أخطائه المهنية تخضع للقواعد العامة للمسؤولية التقصيرية، والتي تقوم على عناصر الخطأ والضرر والعلاقة السببية، ويشمل هذا الضرر الجانب المعنوي أيضًا. وفي إطار المسؤولية الطبية، قد يتمثل الخطأ في الإهمال أو التقصير أو الإخلال بالتزام قانوني أو تعاقدي أثناء مزاولة المهنة.

ورغم أن قانون الالتزامات والعقود يُقر بإمكانية التعويض عن الضرر المعنوي، إلا أنه لا يتضمن تعريفًا دقيقًا لهذا الضرر أو معايير ومقاييس واضحة لتقديره، مما يجعل مسألة التكييف والتقييم موكولة للاجتهاد الفقهي والقضائي.

وهناك أيضا نصوص متفرقة[31] تُنظم ممارسة المهن الطبية وتؤطر حقوق المرضى، من أبرزها القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب[32]، حيث تنص المادة 2 منه على ضرورة احترام حقوق المرضى وكرامتهم أثناء العلاج، بما يفيد ضمنيًا عدم جواز إلحاق أضرار مادية أو معنوية بهم. كما تنص المادة 43 من القانون ذاته[33] على إلزام الطبيب بالتأمين عن المسؤولية المدنية المهنية، ووضع نسخة من عقد التأمين لدى المجلس الجهوي للهيئة التابع لها، ما يُشكل ضمانة لأداء التعويضات المحكوم بها لفائدة المرضى، بما فيها تلك المتعلقة بالضرر المعنوي.

إضافة إلى ما سبق، يكرّس دستور المملكة المغربية لسنة 2011، من خلال الفصل 22، حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأفراد، ما يعني أن أي مساس بهذه السلامة نتيجة خطأ طبي، يترتب عنه وجوب جبر الضرر. وعليه، ورغم غياب قانون خاص بالمسؤولية الطبية، فإن المنظومة القانونية المغربية تعترف بمبدأ التعويض عن الضرر المعنوي وتُفعّله عبر القواعد العامة. غير أن تحديد عناصر الضرر وتقدير التعويض الملائم يظل رهينًا بالاجتهاد القضائي، مما يستدعي الانتقال إلى دراسة موقف القضاء المغربي في الفقرة الثانية.

الفقرة الثانية: موقف القضاء المغربي من التعويض عن الضرر المعنوي

اضطلع القضاء المغربي بدور هام ومحوري في تكريس حق المتضررين من الأخطاء الطبية في الحصول على تعويضات مناسبة عن الأضرار المعنوية، مستندًا إلى القواعد العامة. ويتوزع هذا القضاء بين القضاء المدني والقضاء الإداري حسب الجهة المسؤولة عن الخطأ الطبي.

أولًا: على مستوى القضاء المدني

تعالج المحاكم الابتدائية والاستئنافية ومحكمة النقض قضايا الأخطاء الطبية في إطار قواعد المسؤولية التقصيرية، ويشترط في هذا السياق تحقق ثلاثة عناصر[34]:

  1. إثبات الخطأ الطبي من قبل المتضرر أو ذويه؛
  2. تحقق ضرر معنوي؛
  3. وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر.

بمجرد تحقق هذه الشروط، يصدر حكم لصالح المريض المتضرر بالتعويض عن كافة عناصر الضرر، بما في ذلك الضرر المعنوي المتمثل في الآلام النفسية، المعاناة، فقدان متعة الحياة أو الحزن الناتج عن فقدان شخص عزيز.

كما يمكن للطبيب أن يتحمل المسؤولية الجنائية في حالة ارتكابه خطأ جسيمًا أدى إلى وفاة المريض أو إصابته بضرر جسيم طبقا للفصول 432 و433 من القانون الجنائي المغربي، حيث يساءل الطبيب عن الأخطاء التي قد تصل إلى مستوى الجريمة. ويُلاحظ أن دعوى التعويض المدني تبقى مستقلة عن الدعوى الجنائية، ولا يشترط صدور حكم بالإدانة الجنائية للحكم بالتعويض المدن، إذ يمكن للمتضرر رفع دعوى مدنية مباشرة للمطالبة بالتعويض.

وقد أرست محاكم المملكة عدة قرارات قضت بالتعويض عن الضرر المعنوي، نذكر منها:

– قرار المجلس الأعلى الغرفة المدنية القسم الخامس القرار عدد 2940 المؤرخ في 2004/10/20 ملف مدني عدد 2002/5/1/3784[35]، “تقدير التعويض للمحكمة حق اللجوء إلى سلطتها في تقدير التعويض؛ إلا أنها ملزمة بتعليل ذلك وبيان العناصر المعتمدة في التقدير بما يكفي في تبرير ما قضت به”.

– محكمة الاستئناف بالبيضاء الغرفة المدنية الأولى قرار رقم 1/1888 صدر بتاريخ 06/05/04 ملف رقم 194/1/05[36]، “سلطة المحكمة في تقدير التعويض تشمل عناصر هذا التعويض حالة الصحية وسنه وقدراته وما كان يزاوله من نشاط. وباعتباره من مواليد 1945 فقد كان سنه وقت العملية وهو 25 سنة أي لا يزال شابا في مقتبل العمر وان من شأن بتر رجله بالشكل الذي يظهر في الصور الفوتوغرافية المدرجة بالملف أن يحرمه من ممارسة عدة أنشطة سواء منها الرياضة أو حتى الخاصة بالكسب أو غيرها بسبب النقص الظاهر في قدراته الصحية البادي جليا على حالته”.

– محكمة الاستئناف بخريبكة الغرفة المدنية قرار رقم 281/2006 بتاريخ 24/07/06 في الملف رقم 169/2004[37]، “للمحكمة سلطة تقديرية في تحديد التعويض”.

عمومًا، يُلاحظ أن التعويض عن الضرر المعنوي يُمنح غالبًا في شكل مبلغ مالي، يُقدّره القاضي على سبيل الانصاف بناءً على سلطته التقديرية مراعيًا ظروف كل قضية، كعمر المتضرر، مهنته، وضعه الاجتماعي والنفسي.

ثانيًا: على مستوى القضاء الإداري

عند رفع دعوى ضد مرفق صحي عمومي أو وزارة الصحة، يسير القضاء الإداري على نفس النهج العام، مع مراعاة بعض الخصوصيات المرتبطة بقواعد المسؤولية الإدارية.

وقد انتقل القضاء الإداري المغربي متأثرًا بالتطور الذي شهده نظيره الفرنسي إلى الاعتراف بإمكانية التعويض عن الضرر المعنوي ولو لم يقترن بضرر مادي، شريطة تحقق شروط معينة، منها:

  • أن يكون الضرر المعنوي محققًا، مباشرًا وشخصيًا؛
  • أن يصيب مصلحة مشروعة قابلة للتقييم المالي؛
  • أن يكون طالب التعويض هو الشخص المتضرر مباشرة أو أحد ذوي الحقوق.[38]

ويمثل هذا التحول تأكيدًا على التوجه القضائي نحو ضمان حماية شاملة للمتضررين من الأخطاء الطبية، سواء في الشق المدني أو الإداري، بما في ذلك الأضرار ذات الطبيعة المعنوية.

من خلال استقراء المقتضيات القانونية والاجتهادات القضائية يتضح أن التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية يحظى باعتراف ضمني وصريح داخل المنظومة القانونية المغربية، رغم غياب قانون خاص ينظم المسؤولية الطبية بشكل دقيق. وقد تكفلت القواعد العامة للمسؤولية المدنية المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود، مدعومة ببعض النصوص الخاصة مثل القانون رقم 131.13 المنظم لمهنة الطب، لملء هذا الفراغ التشريعي.
وقد كان للاجتهاد القضائي المدني والإداري الدور الأبرز في تطوير هذا المجال، من خلال تكريس مبدأ جبر الضرر المعنوي، وتقدير التعويض على أساس سلطة القاضي التقديرية، ووفقًا لظروف كل نازلة على حدة، بما ينسجم مع المبادئ العامة للعدالة والإنصاف.
ومع ذلك، فإن الممارسة القضائية لا تزال تواجه صعوبات حقيقية على مستوى تحديد نطاق الضرر المعنوي، وإثباته، وتقدير قيمته المالية، مما يستدعي دراسة هذه التحديات في إطار المطلب التالي.

المطلب الثاني: سلطة القاضي في تقدير التعويض عن الضرر الطبي المعنوي والتحديات القانونية والعملية في تقدير هذا التعويض

شكل تقدير التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية إحدى الإشكالات الدقيقة التي يواجهها القضاء، بالنظر إلى الطبيعة غير المادية لهذا النوع من الأضرار، وصعوبة ضبط معاييره بشكل موضوعي ومحدد. وفي غياب نصوص قانونية صريحة تُحدد كيفية احتساب هذا التعويض أو سقفه، تُناط مهمة التقدير لسلطة القاضي الذي يُفترض فيه الموازنة بين تحقيق العدالة للمتضرر وعدم تحميل المسؤول عبئًا يفوق خطأه.

ويتجلى دور القاضي أساسًا من خلال سلطته التقديرية، في التحقق من عناصر المسؤولية المدنية، وعلى رأسها تحقق الضرر المعنوي، ومدى ارتباطه بالخطأ الطبي. كما تُعد الخبرة الطبية أداة مساعدة مهمة في هذا الإطار، تساعد القاضي على فهم الجوانب التقنية التي تتجاوز تخصصه القانوني. غير أن هذه السلطة التقديرية، ورغم مرونتها، تصطدم في كثير من الأحيان بعدة تحديات، سواء على مستوى إثبات الضرر المعنوي لطبيعته النفسية، أو على صعيد تقييمه ماليًا بطريقة عادلة ومنصفة، في ظل غياب معايير مرجعية واضحة وموحدة في التشريع المغربي.

وعليه، سنحاول في هذا المطلب التطرق أولًا إلى سلطة القاضي في تقدير التعويض عن الضرر الطبي المعنوي (الفقرة الأولى)، ثم الوقوف على التحديات القانونية والعملية في إثبات هذا الضرر وتقديره (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: سلطة القاضي في تقدير التعويض عن الضرر الطبي المعنوي

للمضرور الحق في التعويض العيني كلما كان ذلك ممكنا، وبما أن صحة وعافية المريض يستحيل أن تعوض، فيبقى للمحكمة تعويضه نقدا. ويشمل التعويض الضرر الجسدي والأدبي[39]، حيث أن لقاضي الموضوع سلطة واسعة في تقدير قيمة التعويض، من خلال تقديره لجميع أركان المسؤولية : (الخطأ، الضرر، والعلاقة السببية) وكذا تقديره للخبرة كوسيلة من وسائل الإثبات.

والأصل أن مسؤولية الطبيب المدنية لا تقوم إلا بتوافر ركن الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما، لذا يتعيّن على المريض (أو ذويه) إثبات أن الطبيب ارتكب خطأ طبيًا خلال ممارسته لمهنته، وأن هذا الخطأ هو الذي سبّب الضرر المعنوي المدعى به.

وتجدر الإشارة إلى أن الطبيب والمريض يرتبطان بعلاقتين متلازمتين أولهما: واجبة والثانية تعاقدية، الأولى يتعارف عليها بكلمة إنسانية تنشأ بمجرد حضور المريض إلى عيادة الطبيب للحصول على خدمات علاجية، والثانية هي مجموعة من الضوابط والشروط التي تجعل العلاقة الأولى في النطاق العادل لكلا الطرفين دون إفراط أو تفريط، ودون الخلط بين العلاقتين[40].

والقاعدة العامة، هي أن التعويض عبارة عن مبلغ مالي تقدره المحكمة بناء على طلب المريض المتضرر لما أصابه من خسارة وما فاته من كسب بسبب عدم قيام الطبيب بالتزامه تجاهه، وعدم وفائه بقواعد بذل العناية أو تحقيق النتيجة التي وعده بها في مختلف مراحل العلاج[41]. ويعتبر القضاء المغربي أن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة، إلا في بعض الحالات الخاصة منها : العمليات التجميلية، نقل الدم ومشتقاته، إلا أنه أوجب على الطبيب أيضًا احترام واجب إعلام المريض وتبصيره بالمخاطر قبل إجراء أي تدخل طبي.

ونظرًا للطبيعة التقنية للممارسة الطبية، غالبًا ما يلجأ القاضي إلى الخبرة الطبية للتحقق مما إذا كان تصرّف الطبيب مشوبًا بإهمال أو تقصير مقارنة بما يمليه العلم والأصول الطبية المتعارف عليها. لذلك يتم إلقاء عبء الإثبات على عاتق المريض، فهو الملزم بإثبات تسبب خطأ الطبيب بإحداث الضرر، كما لو أن نسي الطبيب الضمادات في الجسم، حينها نجد ان القضاء يستعين بأهل الخبرة باعتبارهم الأقدر على فك رموز أسرار الممارسات الطبية، والكشف عن مكامن الخطأ الطبي في العمليات الجراحية ذات الطبيعة الاحتمالية التي قد تكون السبب في حرمان المريض من فرصة حقيقية للشفاء[42].

وإلى جانب وقوع الخطأ، يشترط إثبات الضرر كنتيجة مباشرة لذلك الخطأ. والضرر المعنوي في نطاق الأخطاء الطبية قد يصيب المريض ذاته، أو ذويه في حالة وفاته، أو تعرضه لعجز خطير. غير أنه وإن كان الضرر ركنا أساسيا ولازما لاستحقاق التعويض، فإن هذا ليس معناه أنه يتقرر التعويض عند حدوث الضرر المعنوي، مهما كانت درجته وحجمه، وإنما المتفق عليه فقها والمسلم به قضاءً أن هناك مجموعة من الشروط يجب توافرها قصد إقرار التعويض عنه[43].

وتشترط المحاكم المغربية[44] في الضرر – بوجه عام – أن يكون ضررًا محققًا وليس محتملًا أو افتراضيًا، أي أن تكون معاناة المضرور النفسية أو المعنوية قد وقعت فعلاً أو ستقع حتمًا في المستقبل، لا مجرد احتمال زواله دون تحقق. وعادةً ما يُستدل على الضرر المعنوي الواقع على المريض، من طبيعة الإصابة وخطورتها. فكلما تعرض المريض لألم جسدي أو عجز مستديم أو تشوه خلقي بفعل الخطأ الطبي، فإن ذلك في ذاته ينبئ عن تعرضه لآلام نفسية ومعاناة معنوية يستحق عنها التعويض. وهذا ما أكدته حيثيات حكم جنحي صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط[45]“…حيث إن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في تقدير التعويض، ومراعاة منها سن الضحية ومكان إصابتها ومدة العجز المؤقت ونسبة العجز الجزئي الدائم، وبقية العناصر، ارتأت الحكم للضحية بتعويض إجمالي قدره 300.000 ألف درهم من جراء بتر رجل الضحية إثر عملية تجبيس”[46]. وجدير بالذكر، أن لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية واسعة في تقرير وجود الضرر المعنوي من عدمه، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك طالما كان استخلاصها معقولًا. وعليه فإن للقاضي سلطة تقدير الظروف الخاصة بكل حالة وتقدير التعويض المناسب لجبر الضرر المعنوي شريطة تعليل الحكم القضائي.

الفقرة الثانية: التحديات القانونية والعملية في إثبات الضرر المعنوي وتقييمه

يعد أبرز تحدٍّ يواجه الضحايا أمام المحاكم هو إثبات الضرر المعنوي، بالنظر لطبيعته غير المحسوسة. فالضرر المادي يمكن إثباته بمستندات كالفواتير والخسائر المالية والأضرار الجسدية الواضحة للعيان، على خلاف الضرر المعنوي، فإثباته يتوقف على اقتناع وجدان القاضي واستنتاجه بحقيقة ما عاناه المضرور من الألم النفسي من ظروف الواقعة.

وقد أثارت مسألة التعويض عن الضرر المعنوي منذ زمن نقاشا بين الفقهاء[47] حول صعوبة تقييم الضرر المعنوي بالنقود، إلا أن القضاء الحديث تجاوز هذا التردد وأقر بأن التعويض المالي لا يمنح للمتضرر لإزالة الضرر، ولكن كوسيلة للتخفيف من آثاره[48].

لذلك استقر الاجتهاد القضائي المغربي على تعويض الضرر المعنوي مثلما يُعوض الضرر المادي، فمثلًا، الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط (20 مارس 2012)” لما عللت المحكمة التعويض الذي قدرته بما آلت إليه الوضعية الصحية للطفل بسبب الإهمال وما يتطلب ذلك من معاينة طبية وعلاجية والاستعانة بشخص ثالث مدى الحياة وحجم الضرر الذي أصاب والديه، تكون قد استعملت السلطة المخولة لها قانونا في تقدير قيمة حجج الأطراف وفي تقدير قيمة التعويض”[49].

ومن التحديات أيضًا، تحديد مقدار التعويض الملائم، فالقانون المغربي لا يضع معايير ومقاييس واضحة ومحددة لمبلغ جبر الضرر المعنوي، مما يترك الأمر لاجتهاد القضائي حيث يمنح القاضي الحرية الواسعة في تقدير التعويض أخذا بعين الاعتبار خطورة الخطأ، وجسامة الضرر، وظروف كل قضية. وقد أفرز هذا النهج وجود فوارق كبيرة بين أحكام المحاكم في تقدير التعويضات عن الأخطاء الطبية، وإلى تباين في مبالغ التعويضات المحكوم بها في قضايا متشابهة.

يتضح أن المنظومة القانونية المغربية، رغم افتقارها لقانون خاص بالمسؤولية الطبية، قد اعتمدت على القواعد العامة لقانون الالتزامات والعقود لتقنين التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية. وقد اضطلع القضاء المغربي، سواء المدني أو الإداري، بدور محوري في تفعيل هذه القواعد وتكييفها مع خصوصيات المجال الطبي، من خلال اجتهادات تؤكد حق المتضرر في التعويض متى ثبت الخطأ والضرر والعلاقة السببية.

كما يتمتع القاضي بسلطة تقديرية واسعة في تقدير التعويض عن الضرر المعنوي، رغم صعوبة إثبات هذا الضرر من الناحية العملية، في ظل طبيعته النفسية وغياب معايير قانونية دقيقة لتقييمه. وهو ما يخلق تحديات حقيقية تتمثل في التفاوت بين الأحكام القضائية، ويفرض الحاجة لتقنين أكثر دقة ووضوحًا لضمان توحيد المعايير وتحقيق العدالة لكافة الأطراف.

خاتمة:

يعتبر التعويض عن الضرر المعنوي الناتج عن الأخطاء الطبية أحد أبرز الإشكالات القانونية التي تواجه المنظومة القضائية والطبية في المغرب، نظرًا لطبيعة هذا الضرر غير المادية، وصعوبة إثباته وتقديره. حيث أظهرت الدراسة أن التشريع المغربي، رغم اعترافه ضمنيا بالحق في التعويض عن الضرر المعنوي من خلال القواعد العامة للمسؤولية في قانون الالتزامات والعقود، لا يوفر إطارًا قانونيًا خاصًا ومنسجمًا يُنظم المسؤولية الطبية ويُحدد معايير واضحة لجبر الأضرار المعنوية التي قد يتعرض لها المرضى وذووهم.

وقد كان للاجتهاد القضائي دورًا محوريًا في سدّ هذا الفراغ، عبر تأويل النصوص القانونية بروح منفتحة، ترتكز على مبادئ العدالة والإنصاف، وعلى التفسير الموسّع لمفهوم الضرر ليشمل الجانب النفسي والعاطفي. ومع ذلك، لا يزال القضاء المغربي يواجه عدة تحديات، أبرزها: صعوبة إثبات الضرر المعنوي بالنظر إلى طبيعته اللامادية، وغياب معايير موحدة لتقدير مبلغ التعويض، مما يؤدي إلى تفاوت الأحكام القضائية واختلال مبدأ المساواة بين المتقاضين في حالات متشابهة وهذا ما يطرح تساؤلا عريضا حول احترام المبدأ الدستوري المنصوص في الفصل 110 القاضي بالتطبيق العادل للقانون من الدستور المغربي.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن الإطار القانوني المغربي الحالي، وإن كان يتيح إمكانية تعويض الضرر المعنوي، يظل غير كافٍ لتحقيق الحماية القانونية والإنصاف الكامل لفائدة المتضررين من الأخطاء الطبية، مما يستدعي من المشرّع المغربي التفكير في سنّ مدوّنة خاصة بالمسؤولية الطبية تُحدّد بدقة ضوابط الخطأ الطبي، وأنواع الأضرار القابلة للتعويض، وآليات إثباتها وتقديرها، بما يضمن التوازن بين حقوق المرضى من جهة، وضمان الأمن القانوني لمهنيي الصحة من جهة أخرى.

لائحة المراجع المعتمدة

أولًا: النصوص القانونية

1. قانون الالتزامات والعقود المغربي، الظهير الشريف الصادر بتاريخ 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913).

2. القانون الجنائي المغربي، الظهير الشريف رقم 1.59.413 بتاريخ 26 نونبر 1962.

3. دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011.

4. القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.26 بتاريخ 19 فبراير 2015، الجريدة الرسمية عدد 6344.

ثانيا : المراجع العربية

1. بركات عماد الدين، التعويض عن الضرر الطبي والتأمين من مسؤولية الأطباء المدنية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2017.

2. بركات عماد الدين، النظام القانوني للتجارب الطبية على جسم الإنسان والمسؤولية المدنية المترتبة عنها – دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2022.

3. الشيخ أحمد عبد العزيز، التأمين الإجباري عن الأضرار الطبية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2022.

4. بحماوي الشريف، التعويض عن الأخطاء الطبية العلاجية – دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2019.

5. شكير عباس علي، تعويض الضرر المستقبل، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2020.

6. رياض حنا منير النظرية العامة للمسؤولية الطبية في التشريعات المدنية ودعوى التعويض الناشئة عنها، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2011.

7. العوضي السيد عبد الناصر، المسؤولية المدنية للطبيب عن بُعد – دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2023.

8. الساري القاضي إياد أحمد سعيد، الضرر المتغير: مفاهيمه ومعالجته – دراسة مقارنة في ضوء القوانين العربية والأجنبية، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2019.

9. إدريوش أحمد، مصنف المسؤولية الطبية – الجزء الثاني: مسؤولية مرافق الصحة العمومية – دراسة وتحليل لاجتهاد القضاء المغربي، منشورات سلسلة المعرفة القانونية، مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى، 2024.

10. بوكوطيس محند، مسؤولية الدولة في المجال الطبي – مقاربة قانونية تحليلية على ضوء القضاء الإداري، منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد 3، 2014. 11. أحيد أسماء، مسؤولية الطبيب الجراح من خلال قرارات محكمة النقض – دراسة مقارنة، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى، 2022.

12. خالد علامي وعبد الغاني بامو، التوجهات الحديثة لمحكمة النقض في مسؤولية المرفق العام الطبي، الغرفة الإدارية، دار الوفاق للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2017.

ثالثا : المراجع الأجنبية

-Claude Gubler et Michel Gonod, Le Grand Secret, Paris, Éditions Plon, 1996.

ثالثا : رسالة ماجستير

مها آل ثاني، التعويض عن الضرر المعنوي الناشئ عن الأضرار الجسدية (دراسة مقارنة في القانون القطري)، رسالة الماجستير في القانون الخاص، جامعة قطر كلية القانون، السنة الجامعية 2018.

رابعا : المصادر الإلكترونية

1- شاكري مصطفي، الأخطاء الطبية بالمغرب… جرائم صامتة تتزايد في صمت، هسبريس.

https://www.hespress.com/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d8%b7%d8%a7%d8%a1%d8%a7%d9%84%d8%b7%d8%a8%d9%8a%d8%a9%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ba%d8%b1%d8%a8%d8%ac%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%85%d9%8f%d8%b5%d8%a7%d9%85%d8%aa%d8%a9-%d8%aa-1177949.html

صدر بتاريخ 28 ماي 2023 على الساعة 17:00، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2025/07/06 على الساعة 18:45.

2- الشيظمي مريم، الأخطاء الطبية في القانون المغربي، موقع HC Avocat.

https://hcavocat.ma/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9%D9%81%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A/

لم يتم ذكر تاريخ الإصدار، تم الاطلاع عليه بتاريخ 2025/06/25 على الساعة 20:27.

  1. بركات عماد الدين، التعويض عن الضرر الطبي والتأمين من مسؤولية الأطباء المدنية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2017، ص 34.
  2. أحمد عبد العزيز الشيخ، التأمين الإجباري عن الأضرار الطبية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2022، ص 75.
  3. بحماوى الشريف، التعويض عن الأخطاء الطبية العلاجية دراسة مقاربة، دار الجامعة الجديدة للنشر-الأزاريطة الإسكندرية، 2019، ص 109
  4. عبد الرزاق السنهوري في كتابه الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الأول المتعلق بمصادر الالتزام، والفقه الفرنسيMazeaud et Tunc في كتابهم Traité théorique et pratique de la responsabilité civile.
  5. عباس علي شكير، تعويض الضرر المستقبل، دار الجامعة الجديدة للنشر- الأزاريطة الإسكندرية، 2020، ص 106-107.
  6. بركات عماد الدين، النظام القانوني للتجارب الطبية على جسم الإنسان والمسؤولية المدنية المترتبة عنها دراسة مقارنة، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2022، ص 146.
  7. أحمد عبد العزيز الشيخ، التأمين الإجباري عن الأضرار الطبية، مرجع سابق، ص 76.
  8.  ورد هذا الحكم عند منير رياض حنا، المسؤولية المدنية للأطباء والجراحين في ضوء القضاء والفقه الفرنسي والمصري، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ط 2007، ص 161. لم يتم ذكر مرجع هذا الحكم.
  9. – الدستور المغربي لسنة 2011 في الفصل 22 “لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة، خاصة أو عامة، مهما كانت الأسباب.، وكذا الفصل 24 “لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة.”-الدستور التونسي لسنة 2014 في الفصل 23 “تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد، وتمنع التعذيب المعنوي والمادي.”
  10. القاضي أياد أحمد سعيد الساري، الضرر المتغير مفاهيمه ومعالجته (دراسة مقارنة في ضوء القوانين العربية والأجنبية)، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى 2019، ص 84.
  11. مها آل ثاني، التعويض عن الضرر المعنوي الناشئ عن الأضرار الجسدية (دراسة مقارنة في القانون القطري)، رسالة الماجستير في القانون الخاص، جامعة قطر كلية القانون، السنة الجامعية 2018، ص 46.
  12. Claude Gubler et Michel Gonod, Le Grand Secret, Paris, Éditions Plon, 1996, P 178.- تحدث عن مرض الرئيس بسرطان البروستات وعن كل تفاصيل العلاج المقدمة للرئيس كما ذكر أن الرئيس طلب منه تحرير شهادة مزوره تفيد بأنه قادر على ممارسة مهام الرئاسة.
  13. Cour de cassation, 1re chambre civile, 23 octobre 1996, n°94-19.885.
  14. القاضي أياد أحمد سعيد الساري، الضرر المتغير مفاهيمه ومعالجته (دراسة مقارنة في ضوء القوانين العربية والأجنبية)، مرجع سابق،ص 77.
  15. مها آل ثاني، التعويض عن الضرر المعنوي الناشئ عن الأضرار الجسدية (دراسة مقارنة في القانون القطري)، مرجع سابق، ص 47.
  16. نفس المرجع، ص 49.
  17. محند بوكوطيس، مسؤولية الدولة في المجال الطبي –مقاربة قانونية تحليلية على ضوء القضاء الإداري، منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد 3، سنة 2014، ص 154.
  18. عباس علي شكير، تعويض الضرر المستقبل، دار الجامعة الجديدة-الإسكندرية-، طبعة 2020، ص 132.
  19. منير رياض حنا، النظرية العامة للمسؤولية الطبية في التشريعات المدنية ودعوى التعويض الناشئة عنها، دار الفكر الجامعي-الإسكندرية، الطبعة الأولى سنة 2011، ص 775، بتصرف.
  20. السيد عبد الناصر العوضي، المسؤولية المدنية للطبيب عن بعد –دراسة مقارنة-، دار الفكر الجامعي -30 شارع سوتير الإسكندرية، الطبعة الأولى 2023، ص 263.
  21. السيد عبد الناصر العوضي، نفس المرجع.
  22. محند بوكوطيس، مسؤولية الدولة في المجال الطبي –مقاربة قانونية تحليلية على ضوء القضاء الإداري، منشورات مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، العدد 3، ط 2014، ص 154.
  23. Article 1240 « Tout fait quelconque de l’homme, qui cause à autrui un dommage, oblige celui par la faute duquel il est arrivé à le réparer. »
  24. السيد عبد الناصر العوضي، مرجع سابق، ص 263.
  25. Article 1241 « Chacun est responsable du dommage qu’il a causé non seulement par son fait, mais encore par sa négligence ou par son imprudence. »
  26. السيد عبد الناصر العوضي، مرجع سابق، ص 264.
  27. محند بوكوطيس، مرجع سابق، ص 156.
  28. المرجع السابق، ص 157.
  29. مثل: مدونة أخلاقيات مهنة الطب والقوانين المنظمة للمستشفيات تلزم الأطباء باتباع الأصول العلمية والإجرائية الواجبة، ومخالفة ذلك قد تشكل خطأ يرتب المسؤولية.
  30. ظهير شريف رقم 1.15.26 ‏صادر في 29 من ربيع الآخر 1436 (19 ‏فبراير 2015‏) بتنفيذ القانون رقم 131.13 ‏المتعلق بمزاولة مهنة الطب.
  31. المادة 43 “..يجب على الطبيب التأمين عن المسؤولية المدنية المهنية ووضع نسخة من عقد التأمين بمجرد إبرامه لدى المجلس الجهوي للهيئة التابع لها وكلما تم تجديده”.
  32. الأخطاء الطبية في القانون المغربي، راجع الرابط التالي:https://hcavocat.ma/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D8%A9

    تم الاطلاع عليه بتاريخ 2025/06/25 على الساعة 20:27.

  33. أحمد ادريوش، مصنف المسؤولية الطبية؛ الجزء الثاني: مسؤولية مرافق الصحة العمومية: دراسة وتحليل وتوثيق لاجتهاد القضاء المغربي، منشورات سلسلة المعرفة القانونية، سلسلة: مائة سنة من القانون الخاص المغربي 1913-2013، الطبعة الأولى 2024، ص 243.
  34. أحمد ادريوش، مرجع سابق، ص 244.
  35. أحمد ادريوش، المرجع السابق.
  36. قرار عدد 39/2 بتاريخ 2014/1/16 في ملف اداري 1959/4/2/2012، منشور عند خالد علامي وعبد الغاني بامو، التوجهات الحديثة لمحكمة النقض في مسؤولية المرفق العام الطبي، الغرفة الإدارية، دار الوفاق للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2017، ص 106. إذ في حكم للمحكمة الإدارية بوجدة جاء فيه “أن بتر ذراعها الأيمن كما تبين ذلك بجلاء الصورة الفوتوغرافية المرفقة بمذكرة المطالب بعد الخبرة يؤثر بشكل دائم على نفسية الضحية ويجعلها عالة على والديها إذ يتطلب منها بدل مجهود كبير للعناية بها كما أنها قد تكون طيلة حياتها في حاجة إلى شخص ثان لرعايتها”.هذا الحكم تم تأييده من قبل محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط تحت قرار قم 2270 بتاريخ 2011/06/30 في الملف رقم 6/08/608، إلا أن الوكيل القضائي للمملكة تقدم بمقال طعن بالنقض فيه رفضته محكمة النقض 3، بانية تعليلها على مايلي “وأنه بالرجوع إلى الخبرة يلفى أن الخبير حدد العجز المؤقت في 04 أشهر والدائم في 90 % و الألم الجسماني في كونه مهما جدا هو الضرر الجمالي إضافة إلى احتياجها للغير في القيام بأنشطتها اليومية كما أن ضررا مهما جدا لحق بها على المستوى الدراسي و المهني وهي معطيات تبرز حجم الضرر والتعويض عنه مما يجعل القرار معللا تعليلا سليما و النوع من الوسيلة على غير أساس!.
  37. أسماء أحيد، مسؤولية الطبيب الجراح من خلال قرارات محكمة النقض –دراسة مقارنة، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، ط 2022،ص 286-287.
  38. أسماء أحيد، مرجع سابق، ص 288.
  39. أسماء أحيد، المرجع السابق.
  40. أسماء أحيد، مرجع سابق، ص 162.
  41. أحمد ابراهيمي، سلطة القضاء الإداري في تقدير التعويض عن الضرر المعنوي، ص 174.
  42. جاء في قرار المجلس الأعلى بالغرفة الإدارية “أن المحكمة أغفلت البت في التعويضات عن الآلام الجسدية والنفسية والمصاريف الطبية والحرمان من المتعة الجنسية، مما يتعين معه في إطار الأثر الناشر للاستئناف، رفعها إلى الحد المناسب للضرر، وأن التعويضات المتعلقة بالآلام الجسدية وغيرها التي حكم بها يستغرق جبريا الأضرار الأخرى، فقضى المجلس الأعلى بتأييد الحكم الابتدائي ورفع التعويض. قرار المجلس الأعلى، رقم 458، بتاريخ 2006/6/7، ملف إداري تحت عدد 03/2522، غير منشور.
  43. أسماء أحيد، مرجع سابق، ص 287-288.
  44. قرار المجلس الأعلى عدد 3551، المؤرخ في 29 نونبر 2006، ملف مدني عدد 465/1/2005، غير منشور.
  45. هناك من الفقهاء من يعارض التعويض عن الضرر المعنوي منهم :- محمود زكي شمس، المسؤولية التقصيرية للأطباء في التشريعات العربية المدنية والجزائية، مؤسسة غابور للطباعة، دمشق، ط الأولى،

    س 1999، ص 248.

    – حسن علي الذنون، المبسوط في شرح القانون المدني، الجزء الأول الضرر، دار وائل للنشر، الأردن، ط الأولى، س 2006، ص 283.

    في حين هناك من الفقهاء من يؤيد التعويض عن الضرر المعنوي منهم :

    – محمد رايس، المسؤولية المدنية للأطباء في ضوء القانون الجزائري، دار هومة للنشر، الجزائر، س 2007، ص 280.

  46. بركات عماد الدين، التعويض عن الضرر الطبي والتأمين من المسؤولية الأطباء المدنية، مرجع سابق، ص 35.
  47. القرار عدد 1474، الصادر بتاريخ 20 مارس 2012، الملف المدني عدد 4098/1/3/2010، منشور بالمجلة المغربية في الفقه والقضاء، المسؤولية القانونية للأطباء ( المدنية – الإدارية – الجنائية ) على ضوء الاتجاهات الحديثة في قضاء محكمة النقض، الطبعة الأولى، مطبعة الأمنية – الرباط، ص 162.
  48. الفصل 19 من ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011 بتنفيذ نص الدستور.
  49. نعيمة بوزيان، “واقع حقوق المرأة في ظل انعكاس اتفاقية سيداو على تشريعات الاسرة المغاربية”، مجلة الدراسات القانونية المقارنة، العدد 2 السنة 2020، ص. 524.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى