مقدمة
أدت التحولات الاقتصادية و المؤسساتية و ما واكبها من ثورة في تكنولوجيا الاتصال و الإعلام إلى إحداث زعزعة في جذور المجتمعات المعاصرة ، مما أدى إلى انعكاسات خطيرة لا تحتاج إلى بيان على المستوى الاجتماعي و بالخصوص على مستوى التشغيل ، الشيء الذي أثر بشكل مباشر على قواعد قانون الشغل، و انعكست تداعياته على مواقف التشريعات الشغلية بشأن إعطاء مفهوم محدد لنزاعات الشغل الجماعية [1]. فالغالبية من التشريعات تميز في خلافات الشغل بين تلك ذات الطبيعة الفردية و بين تلك ذات الطبيعة الجماعية، فإن استقراءا سريعا لها يجعلنا نقف على أن العديد منها قد أغفل -وعن قصد- تحديد مفهوم النزاع الجماعي تاركة أمر ذلك إلى قرارات التحكيم سواع تلك الصادرة عن هيئات التحكيم أو تلك الصادرة عن المحكمة العليا للتحكيم ، و كذلك إلى الفقه ، هذا الأخير الذي انعكست الاختلافات التي تميز اراءه عادة على مفهوم النزاع الجماعي و عناصره[2].
ففي قانون مدونة الشغل، تعرف نزاعات الشغل الجماعية بكونها كل الخلافات الناشئة بسبب الشغل و التي يكون أحد أطرافها منظمة نقابية أو جماعية من الأجراء، و يكون هدفها الدفاع عن مصالح جماعية مهنية لهؤلاء الأجراء، كما تعد نزاعات الشغل الجماعية كل الخلافات الناشئة بسبب الشغل و التي يكون أحد أطرافها مشغل واحد أو عدة مشغلين أو منظمة مهنية للمشغلين و يكون هدفها الدفاع عن مصالح المشغل أو المشغلين أو المنظمة المهنية للمشغلين المعنيين[3].
يتم تسوية هاته النزاعات وفقا لمسطرة التصالح و التحكيم المنصوص عليهما في مدونة الشغل، و يمكن تكميل هاتين الصيغتين من طرف الفرقاء الاجتماعيين بإنشاء اليات اتفاقية لتسوية النزاعات الجماعية، و من بين هاته الاليات، نجد الوساطة، و هذا ما أشار إليه جلالة الملك الخطاب السامي الذي وجهه إلى الأمة بتاريخ 20 غشت 2011 بمناسبة الذكرى 56 لثورة الملك و الشعب لإطلاق الإصلاح الشامل و العميق للقضاء إصلاح يريد جلالته أن يكون جوهريا لا يقتصر على قطاع القضاء و إنما يمتد بعمقه و شموليته لنظام العدالة . و من بين محاور الإصلاح التي أطلقها جلالة الملك في خطابه السامي نجد محور تطوير الطرق القضائية البديلة لفض النزاعات حيث ذكر جلالته “…و بموازاة ذلك، يتعين تطوير الطرق القضائية البديلة كالوساطة و التحكيم و الصلح …”[4].
و قد أضحت الوساطة كوسيلة بديلة لفض النزاعات أحدث وسيلة من بين الوسائل المعروفة لحد الان[5]، و تعتمد الوساطة في حلها للنزاع على تدخل شخص ثالث يسمى الوسيط، يملك من الخبرة و النزاهة ما يمكنه من تقريب وجهات النظر بين الأطراف و السعي على تشجيعهم في إيجاد حلول للنزاع القائم بينهم[6].
تتمثل الغاية الأولى للوساطة في تطوير العلاقات المهنية على قاعدة الحوار في إطار مهيكل، حيث يحدد الطرفان بصفة مشتركة حلولا مفيدة لهما معا و ذلك بمساعدة الوسيط، كما تتمثل غايتها أيضا في تيسير استعادة الروابط الاجتماعية التي غالبا ما تضر بها النزاعات إن لم تؤدي إلى قطعها.
و إن تنبني هذه الآلية الجديدة لتسوية النزاعات من طرف مجمل الفرقاء الاجتماعيين الأكثر تمثيلية ، إنما يدل على عزمهم على النهوض بثقافة الحوار و التشاور و رفع تحديات التنافسية و الارتقاء الاجتماعي.
إن آلية الوساطة لا تهدف بأي حال من الأحوال إلى تعويض مع تسوية النزاعات الجاري بها العمل حاليا، و إنما تسعى إلى تكملتها أخذا بالاعتبار واقع المقاولة و تطلعات الفرقاء الاجتماعيين.
هذا الدليل يروم تقديم عرض لآلية الوساطة و دورها في حل نزاعات الشغل الجماعية الذي يطرح إشكالية محورية تتجلى في مدى توفق التشريع المغربي في ضبط المقتضيات المنظمة لمسطرة الوساطة على المستوى المسطري و الموضوعي .
و تتفرع هاته الإشكالية إلى مجموعة من التساؤلات و هي : ما هي القواعد الموضوعية التي تؤطر الوساطة ؟ ما هي أحكام الوساطة في قانون 05-08 ؟ ما مشروعية الوساطة الاتفاقية و نطاق تطبيقها و ما شروطها ؟ ما هي خصوصيات الإجراءات المسطرية للوساطة ؟ ما هي الآثار المترتبة عن هذه المسطرة ؟ و كذا مدى إمكانية الطعن في مقرر الوساطة ؟
وللإجابة على هذه الإشكالية، و تحليل الموضوع، ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين: المبحث الأول: القواعد الموضوعية للوساطة في نزاعات الشغل الجماعية المطلب الأول: أحكام الوساطة في قانون 05-08 المطلب الثاني: الوساطة الاتفاقية في مجال نزاعات الشغل الجماعية المبحث الثاني: القواعد المسطرية للوساطة في نزاعات الشغل الجماعية المطلب الأول: إجراءات الوساطة المطلب الثاني: ختام جلسات الوساطة
المبحث الأول : القواعد الموضوعية للوساطة في نزاعات الشغل الجماعية
في هذا الإطار، أصدر المشرع المغربي القانون رقم 05-08 المتعلق بالتحكيم و الوساطة الاتفاقية التي استجاب لهذه الظرفية التي تتجه نحو الأخذ بالطرق البديلة لفض المنازعات [7]. و باستقراء المقتضيات القانونية التي جاء بها القانون رقم 05-08 و خاصة الفرع الثالث منه، نلاحظ أن المشرع قد نظم من خلاله الجانب الموضوعي لنظام الوساطة الاتفاقية[8]، بحيث جعل منها تلك الضمانات التي تنعقد عليها الوساطة و تجعل منها نظاما فعالا و محققا لأهدافه، غير أنه لم يدخل في بعض التفاصيل كتعريفها و إبراز خصائصها بشكل واضح.
و عليه، و انطلاقا مما سبق تحتاج منا دراسة مستلزمات الوساطة الاتفاقية من خلال هذا المبحث تسليط الضوء على أحكام الوساطة في قانون 05-08 (المطلب الأول) من خلال تعريفها و إبراز خصائصها و كذا تمييزها عن بعض الأنظمة المشابهة لها و كذا صورها، و كذلك التطرق للوساطة الاتفاقية في مجال نزاعات الشغل الجماعية (المطلب الثاني) من خلال تحديد مشروعيتها و نطاق تطبيقها، الوساطة بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب و الفدرالية الديمقراطية للشغل، إضافة إلى شروط الوساطة الاتفاقية.
المطلب الأول : أحكام الوساطة في قانون رقم 05–08
إن تبيان أحكام الوساطة كما حاول المشرع المغربي معالجتها في ظل قانون 05-08، يقتضي منا التطرق لتعريفها و أبرز صورها (الفقرة الأولى) و كذلك مشروعية هذه الوسيلة ثم التعرض لنطاق تطبيقها مع بيان أهم شروطها(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : مفهوم الوساطة
ينبغي قبل التعرف على النظام القانوني للوساطة، كوسيلة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية، أن نتناول تعريف الوساطة مع بيان أهم خصائصها (أولا) ، و كذا أوجه التشابه و الخلاف بينها و بين وسائل التسوية الأخرى (ثانيا).
أولا: تعريف الوساطة و خصائصها
الوساطة في اللغة مأخودة من كلمة وسط، و يقال وسط الشيء ما بين طرفيه كقوله قبضت وسط الجبل. و بالرجوع إلى لسان العرب، نجد أن لكلمة وساطة دلالات لغوية كثيرة، إذ تعني الوسط و التوسط بمعنى الاعتدال في القول و الفعل و الفكر و واسط الشيء أفضله و خياره، و الوسيط في القول حسبهم[9].
و قد تعددت التعاريف و التصورات الفقهية حول الوساطة، بحيث إن كل تعريف حاول جمع الأركان الأساسية لهذه المسطرة و إعطائها التصور الفقهي المناسب أمام الحياد الإيجابي للمشرع المغربي الذي لم يتدخل بتعريف تشريعي للوساطة خلاف ما قام به بالنسبة لعقد الوساطة و شرطها[10].
إذ عرف الفقه المغربي نظام الوساطة كالآتي: و هي المساعي التي يقوم بها وسيط محايد بين طرفي النزاع، و تتمثل في تقديم المساعدة لهما معا حتى يتمكن كل منهما من تقييم مركزه القانوني و الواقعي في النزاع، و يكون على بينة من المكاسب و الأضرار الكامنة وراء استمرار النزاع[11].
و عليه، فإن الوساطة تتميز بمجموعة من الخصائص التي تسهل اتفاق الأطراف على تبني الحلول الودية، و تتمثل أهمها : أن الوساطة هي رد على حاجة ملحة و عاجلة للتوصل إلى تسوية عاجلة، و بأنها مدخل مفتوح و متاح أمام أي من الفرقاء المتنازعين، و أن إجراءاتها تتسم بالمرونة و السرعة و السرية، فهي مرنة لأنها غير مقيدة بإجراءات و شكليات و تعقيدات، و هي سريعة لأنها يجب أن تنجز خلال مهلة قصيرة أي ثلاثة أشهر، و هي سرية بحيث لا يمكن الادلاء بأي تصريحات أو اقتراحات تمت أمام الوسيط، و لا يمكن استعمالها لاحقا خصوصا في أية إجراءات قضائية أو تحكيمية. كما يلتزم كل من يشارك في الوساطة بما في ذلك الوسيط و الفرقاء و ممثليهم و المستشارين و الخبراء و كل من يحضر أثناء الاجتماعات بعدم إفشاء ما يطلع عليه من معلومات أو الاحتفاظ بنسخ عن المستندات المقدمة[12].
و أخيرا، تتميز الوساطة في سيطرة الفرقاء على النزاع في كل مراحل تسويته، بحيث يمكنهم التخلي عن الوساطة في أي وقت دون أن يكون في وسع أي منهم التمسك برأي أداه أو اقتراح طرحه أثناء الوساطة[13].
ثانيا : تمييز الوساطة عن بعض الأنظمة المشابهة لها
إذا كانت الوساطة تشترك مع الوسائل الأخرى البديلة في الهدف الموحد هو حسم النزاع بعيدا عن المحاكم القضائية، و بالتالي تخفيف العبء عن القضاء فإنها تختلف عنها في العديد من الخصائص و المميزات.
أ-تمييز الوساطة عن التحكيم :
الوساطة تختلف عن التحكيم في بساطة إجراءاتها مقارنة بإجراءات التحكيم، كما أن الوسيط يلعب دورا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين للتوصل إلى تسوية، على خلاف التحكيم الذي لا يمارس هذا الدور غالبا، كما أن الوسيط لا يتمتع بإصدار أحكام في النزاع المعروض عليه، و إنما يقدم اقتراحات الحل، عكس المحكم الذي يصدر حكما[14]. كما أنه إذا كان التحكيم يقوم على رد الحق إلى أصحابه، فإن الوساطة يهمها في المقام الأول المحافظة على المصالح المهنية للفرقاء.
ب-تمييز الوساطة عن الصلح:
الوساطة تجوز في كل ما يجوز فيه الصلح، و ما لا يجوز فيه الصلح لا يمكن أن يكون محلا للوساطة ، و كذلك الوسيط يقدم اقتراحات و يحاول ما أمكن تقريب وجهات نظر أطراف النزاع ، غير أن المصالح دوره أكثر تحفظا و احتشاما كون الصلح قد يباشره قاض يكون ملزم قانونا باحترام مرجعيته و الضوابط التي تحكم عمله القضائي عكس الوسيط الذي هو شخص متحرر من كل القيود باستثناء السرية و المرونة.
ج-تمييز الوساطة عن إدارة الدعوى:
إن إدارة الدعوى لا تبدأ إلا من تاريخ تقييد مقال الدعوى أمام المحكمة، بينما الوساطة قد تتم قبل حدوث النزاع بناءا على عقد الوساطة الذي يتفق الأطراف بموجبه على تعيين وسيط يقوم بإجراءات تسهيل الوصول إلى صلح لإنهاء النزاع الذي نشأ أو قد ينشأ فيما بعد[15].
د-تمييز الوساطة عن التقييم المحايد المبكر:
التقييم المحايد المبكر للدعوى هو نوع من الاستشارة القانونية، الغاية الأساسية منه هو استقراء رأي القضاء في النزاع بشكل غير رسمي، و تجنب الإجراءات الشكلية المعقدة و الوصول إلى الحل بشكل أسرع، فالشخص المقيم يشترط فيه نفس شروط الوسيط، غير أن تعيينه يتم من طرف المحكمة و ليس الأطراف بعدما يكون قد حصل على تزكية من طرفها من أجل تضمينه في لائحة الأشخاص المحايدين الذين تسند إليهم مهمة التقييم المحايد المبكر و عمله يكون غالبا مجانيا و تطوعيا.
الفقرة الثانية : صور الوساطة في قانون 05-08
ما يجب الإشارة إليه في البداية، أن المشرع قد أعنى بتنظيم الوساطة الاتفاقية من خلال قانون 05-08(أولا)، في غياب شبه تام للوساطة القضائية أو الإجبارية(ثانيا)، رغم أن في أغلب التشريعات المقارنة تقوم على الصورتين معا .
أولا : الوساطة الاتفاقية أو الاختيارية
عرف المشرع المغربي في الفصل 56-327 من قانون 05-08 على النحو التالي: “العقد الذي يتفق الأطراف بموجبه على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام الصلح لإنهاء نزاع نشأ أو قد ينشأ فيما بعد”.
إذ نظم المشرع المغربي الوساطة الاتفاقية تقريبا بنفس الكيفية التي نظم بها التحكيم، و فيما يخص الوساطة الاتفاقية التي يمكن أن تكون شرط الوساطة التي عرفها المشرع المغربي في الفصل 61-327 من نفس القانون أعلاه “شرط الوساطة هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد بأن يعرضوا على الوساطة النزاعات التي قد تنشأ عن العقد المذكور”. كما يمكن أن تكون الوساطة الاتفاقية عقد الوساطة الذي عرفه المشرع المغربي في الفصل 59-327 من نفس القانون أعلاه، “عقد الوساطة هو الاتفاق الذي يلتزم فيه أطراف نزاع ناشئ بعرض هذا النزاع على الوسيط”.
ثانيا : الوساطة القضائية أو الإجبارية
إن الوساطة القضائية منصوص عليها في القانون بشكل صريح من خلال مجموعة من القضايا سواء من قبيل المادة 433 من قانون 59-15 بمثابة مدونة التجارة، المواد 555،554،553 من مدونة التجارة، المواد من 511 إلى 581 من مدونة الشغل، المادتين 81 و 82 من مدونة الأسرة، المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية، الفصل 31 من قانون التحفيظ العقاري، المادة 29 من قانون المحاماة، الفصول من 27 إلى 32 من ظهير 1955 المنظم للكراء التجاري و غيرها من القوانين…
و تبرز في الحالة التي يكون فيها القضاء هو الذي يحيل الأطراف على وسيط معين من ضمن قائمة الوسطاء المعتمدين لدى المحاكم، و الذين غالبا ما يعملون في القطاع الخاص، و هم إما محامون قدماء يتفرغون للوساطة أو قضاة متقاعدون أو خبراء في ميادينهم. فالوساطة القضائية تتم بالمجان و لا يؤدي الأطراف أي أجور لهؤلاء الوسطاء[16].
المطلب الثاني : الوساطة الاتفاقية في مجال نزاعات الشغل الجماعية
و يتطلب التطرق للوساطة الاتفاقية كوسيلة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية ، من خلال التعرف على مشروعية هذه الوسيلة و تحديد نطاق تطبيقها (الفقرة الأولى)، ثم التعرض للشروط المتطلبة فيها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : مشروعية الوساطة الاتفاقية و نطاق تطبيقها
أولا : مشروعية الوساطة الاتفاقية
يعد المغرب من تلك البلدان التي تبنت سياسة الحلول البديلة لفض المنازعات من خلال تنظيمه لمجموعة من تلك البدائل، و قد تدخل المشرع المغربي أخيرا بموجب قانون 05-08 ليقضي بنسخ و تعويض الباب 8 بالقسم الخامس من قانون المسطرة المدنية وفق الفصول من 55-327 إلى 69-327 .
و من خلال استقراء هاته المقتضيات القانونية، تبين أن المشرع المغربي نظم لأول مرة نظام الوساطة، و اقتصر على نظام الوساطة الاتفاقية فقط دون الوساطة القضائية و هذا التوجه يجعل الوساطة في التشريع المغربي أرضية ملائمة لبناء تجربة مغربية صلبة في مجال اعتماد الوسائل البديلة لحل المنازعات.
ثانيا : نطاق تطبيق الوساطة الاتفاقية
نظرا لأهمية الوساطة الاتفاقية كتقنية بديلة لحل النزاعات، يعد من الضروري معرفة المنازعات القابلة للحل عن طريق الوساطة الاتفاقية وفق ما أقره المشرع المغربي في قانون رقم 05-08.
بناءا على المبدأ الذي تقوم عليه من أنها تجوز في كل ما يجوز فيه الصلح، و لا تجوز فيما لا يجوز فيه الصلح. حيث ينبغي الإشارة إلى أن القضاء التي جوز فيها المشرع الصلح متعددة و مختلفة باختلاف الاهتمامات الاجتماعية و الاقتصادية و منها قضايا الأسرة، القضايا التجارية، القضايا الاجتماعية…الخ[17]. و بالتالي يهم نزاعات الشغل الجماعية.
ثالثا : الوساطة الاتفاقية بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب و الفدرالية الديمقراطية للشغل
وقعت الفدرالية الديمقراطية للشغل مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب كأكبر تجمع لأصحاب المقاولات و الشركات و المصانع بالمغرب بمقر الفدرالية بالدارالبيضاء يوم الثلاثاء 26 مارس 2016 إطارا توافقيا لنظام الوساطة الاجتماعية[18].
و تنص الاتفاقية على إحداث لجنة مشتركة للوساطة الاجتماعية، و تتكون اللجنة من 4 أعضاء: ممثلان عن نقابة الأجراء الموقعة على الاتفاق، و ممثلان عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، و تشرف المنظمة النقابية على رئاسة اللجنة فيما يتكلف الاتحاد العام لمقاولات المغرب بكتابتها العامة.
و تتكلف اللجنة بمهمة: – اقتراح لائحة الوسطاء و المصادقة عليها – اقتراح عملية الوساطة لمرحلة ما قبل النزاع و لمرحلة ما بعد النزاع و المصادقة عليهما – إعداد حصيلة للنزاعات الاجتماعية التي تمت معالجتها – اقتراح كل مبادرة من شأنها تحسين المعالجة التوافقية للنزاعات.
و بخصوص مجال اختصاصها، فإن اللجوء إلى الوساطة الاجتماعية مقترح أمام كافة المقاولات الأعضاء في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، و أعضاء الفدراليات المهنية المنتسبة إليه، و كذا الفرقاء الاجتماعيين المنخرطين في المنظمة النقابية الموقعة على “الإطار التوافقي للوساطة الاجتماعية”.
و تعقد لجنة القيادة و هي مكونة من رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب و من الأمين العام للنقابة الموقعة على الاتفاق، اجتماعا واحدا كل ستة أشهر بغرض القيام بجرد للإنجازات المحققة و إجراء تتبع مدى تقدم آلية الوساطة و مختلف الالتزامات ذات الصلة.
و بخصوص صيغ سير الوساطة الاجتماعية، يتم طلب الوساطة بشكل فردي أو مشترك، يتطلب الالتماس موافقة الطرف الثاني، و يجب أن يتضمن الطلب المعلومات عن الطرفين و عرض موجز للوقائع. كما تخبر كتابة اللجنة الطرف الآخر و تمنحه عشرة أيام كأجل لقبول مسطرة الوساطة أو رفضها. و في حال اتفاق الطرفان يقترح وسيط معتمد في غضون عشرة أيام[19].
الفقرة الثانية : شروط الوساطة الاتفاقية
اللجوء إلى اتفاق الوساطة حسب الفصل 56-327 يتم عن طريق اتفاق الطرفين اللذان يرغبان في حل المنازعة التي نشأت أو ستنشأ بينهما. و هذا الاتفاق يتخذ إحدى الصورتين، إما على شكل عقد وساطة، أو على شكل شرط وساطة. و اشترط فيهما المشرع على حد سواء مجموعة من الشروط منها ما هو شكلي (أولا) و منها ما هو موضوعي (ثانيا).
أولا : الشروط الشكلية للوساطة الاتفاقية
حرص المشرع في تنظيم الوساطة الاتفاقية على إدراج مجموعة من الشروط الشكلية التي لا بد من توفرها و المتمثلة في أن يبرم اتفاق الوساطة كتابة، و أن يحترم الوسيط آجال الوساطة المحدد في 3 أشهر التي يمكن للأطراف باتفاقهم تمديدها لنفس المدة مرة واحدة، و أن يتقيد الوسيط بأحكام السر المهني أثناء سير مسطرة الوساطة . و سنركز على شرط الكتابة نظرا لأهميته.
فطبقا لنص الفصل 58-327 من القانون رقم 05-08 “يجب أن يبرم اتفاق الوساطة كتابة إما بعقد رسمي أو عرفي أو بمحضر يحرر أمام المحكمة”، و قد تساهل المشرع المغربي في هذا الشأن مع الأطراف و ذلك بتوسيع دائرة الكتابة، حيث اعتبر شرط الكتابة إذا ورد في وثيقة موقعة من الأطراف أو في رسائل متبادلة أو اتصال بالتلكس أو برقيات أو أية وسيلة أخرى من وسائل الاتصال، حيث أن هذا التوسع في مفهوم الكتابة يتوافق مع ما جاء به القانون المتعلق بتبادل المعطيات الإلكترونية.
ثانيا : الشروط الموضوعية للوساطة الاتفاقية
إضافة إلى الشروط الشكلية التي استوجبها المشرع المغربي للقول بصحة اتفاق الوساطة، اشترط كذلك ضرورة توافر هذا الاتفاق على شروط موضوعية تتعلق أساسا ببعض البيانات الواجب توافرها في شرط الوساطة أو عقد الوساطة.
فبخصوص البيانات الواجب توفرها في عقد الوساطة، فطبقا للفصل 60-327 من قانون 05-08 “باعتبار اتفاق الوساطة يبرم بعد نشوء النزاع بين طرفيه ، ألزم المشرع الأطراف أن يحددوا في العقد موضوع النزاع و تعيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه تحت طائلة البطلان”. أما بخصوص البيانات الواجب توفرها في شرط الوساطة، فبالإضافة إلى شرط الكتابة، و تضمين شرط الوساطة في العقد الأصلي أو في وثيقة تحيل عليه بشكل لا لبس فيه، يجب أن يتضمن تعيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه[20].
المبحث الثاني : القواعد المسطرية للوساطة في نزاعات الشغل الجماعية
تتم الوساطة بمناسبة عرض النزاع على القضاء، و هي بالتالي آلية للتصالح بين طرفين متنازعين تتم تحت إشراف شخص محايد في اجتماع سري يحضره من الأطراف من له سلطة اتخاد القرار بالإضافة إلى محامي كل طرف، و لما كان الهدف من هذه الآلية هو إجراء الصلح بين الطرفين، فلا يمكن أن يكون اللجوء إليها إلا اختياريا لأن الصلح يتوقف على الرضا و الاختيار.
و قد جاء قانون التحكيم و الوساطة الاتفاقية رقم 05-08 بمستجدات عدة لسد الفراغ الذي كانت تعرفه قانون المسطرة المدنية في هذا الباب بوضع أحكام و قاعدة عامة. و من هذا المنطلق، سنتطرق لإجراءات الوساطة (المطلب الأول) ثم ختام جلسات الوساطة (المطلب الثاني).
المطلب الأول : إجراءات الوساطة
إن مهمة الوساطة كوسيلة بديلة لحل نزاعات الشغل الجماعية، لا تناط في معظم الأحيان بهيئة مكونة من عدة أعضاء، و إنما تناط بشخص واحد، شخص تلعب شخصيته و تكوينه و مدى العلاقة التي تربطه بطرفي النزاع و الثقة التي يتمتع بها، لديهما دورا هاما إن لم نقل حاسما في نتيجة الوساطة و في التوصل إلى تسوية النزاع.
و بتحريكها فإن دور الوسيط لا يقتصر على تقريب وجهات نظر طرفي النزاع، و إنما يتجاوز هذه الحدود ليمتد إلى البحث و التحقيق و تقديم المقترحات التي تساعد على حل النزاع مع المحافظة في ذات الوقت على العلاقة الطيبة بين طرفيه (الفقرة الأولى)، و ذلك باحترام الوسيط للمراحل المحددة للوساطة و وفق المبادئ المؤطرة لها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : الجهة القائمة على الوساطة
يمثل الوسيط جوهر عملية الوساطة كوسيلة بديلة لحل نزاعات الشغل الجماعية، إذ يعمل على تقريب وجهات نظر أطراف النزاع، و في حالة تعذر ذلك يتعين أن يقدم توصية مكتوبة تتضمن اقتراحاته. و من ثم يقتضي التطرق للجهة القائمة على الوساطة بشكل مفصل (أولا) مع بيان أهم صلاحياته و التزاماته (ثانيا).
أولا : اختيار الوسيط و تعيينه
أوجب المشرع المغربي ضرورة التنصيص على موضوع النزاع في عقد الوساطة إضافة إلى ضرورة تعيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه[21]. و التعيين الذي يقصده المشرع يتمثل في ضرورة تعيين الوسيط باسمه، إلا أنه وجب التمييز بين الوساطة المؤسساتية و تلك التي يقوم بها أفراد طبيعيون، ما دام أن الوساطة قد يقوم بها شخص طبيعي أو معنوي طبقا لما نص عليه الفصل 67-327 من قانون 05-08.
فبالنسبة للوساطة المؤسساتية، فإذا انصب اختيار الأطراف، فلا تثير أي صعوبات إذ يبقى في الغالب تعيين الوسطاء من اختصاص المؤسسة أو المركز الذي لجأ إليه الأطراف و هذا ما يسري كذلك على التحكيم المؤسساتي[22].
أما إذا كان الوسيط أو الوسطاء أشخاصا طبيعيين، فإن تعيين هؤلاء يتم من خلال تعيينهم بأسمائهم كقول الأطراف مثلا: و قد وقع اختيارنا على فلان كوسيط لحل هذا النزاع، و ليس هناك مانع من ذكر صفتهم إذا كانت لهم صفة كرئيس الغرفة الاجتماعية، و قد يتم تعيين أحد الوسطاء باسمه و الآخر بصفته[23].
إلا أنه ليكون التعيين صحيحا، يجب ألا تظل شخصية الوسيط مجهولة، إذ لا يتم التعرف عليها كأن يقول الأطراف مثلا، و يعين قاضي المحكمة الابتدائية بمكناس كوسيط لحل أي نزاع قد ينتج عن هذا العقد، فالتعيين هنا غير دقيق، فأي قاض، يقصد الأطراف؟
و المشرع المغربي قد رتب نتيجة حتمية عن عدم تعيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه، إذ أن العقد يصبح باطلا بطلانا مطلقا مع ما يرتبه هذا البطلان من آثار سواء بالنسبة للعقد نفسه أو الأطراف، و قد أحسن المشرع في هذا التوجه و ذلك تفاديا لكل نزاع بين الطرفين حول شخصية الوسيط أو طريقة تعيينه.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يحدد الحد الأدنى لعدد الوسطاء الذين يجب أن ينظروا في النزاع كونه خاضع لحرية الأطراف و لطبيعة النزاع القائم بين الطرفين ، إذ هناك نزاعات الشغل الجماعية العويصة التي تستلزم أكثر من وسيط، و أخرى لا تستلزم إلا وسيط ولحد أو اثنين.
ثانيا : صلاحيات الوسيط و التزاماته
باعتبار الوساطة وسيلة بديلة لتسوية نزاعات الشغل الجماعية و عملية تقنية يلعب فيها الوسيط دورا أساسيا يتمتع خلالها بمجموعة من الصلاحيات، كما أنه يكون ملزما بمجموعة من الالتزامات
أ-صلاحيات الوسيط :
بالاطلاع على الفقرة الثالثة من الفصل 67-327 و الفصل 68-327 في فقراته الأولى، الثانية و الثالثة من قانون 05-08 ، نجد أن المشرع قد منح للوسيط مجموعة من الصلاحيات:
أولهم تتمثل في الاستماع إلى الأطراف، إذ يجوز للوسيط أن يستمع إلى طرفي النزاع إما مجتمعين أو أن ستمع إلى كل واحد منهم على انفراد، و يقارن بين أقوالهم و تصريحاتهم[24]، و ذلك لتمكينه من معرفة أسباب النزاع الحقيقية و يمكنه الاستماع إليهم في أي وقت يختاره و في أي مكان مع مراعاة سكناهما. و خلال الاستماع إليهم، يجب أن يمنح لهم كامل الصلاحية للتعبير عن آرائهم و بسط مواقفهم بكل حرية و توفير المناخ الملائم لهم لعرض اقتراحاتهم و الحلول التي ترضيهم، في حين يجب على الأطراف تزويده بكل الوثائق و البيانات التي تساعده على أداء مهمته[25].
و ثانيهم تتمثل في الاستماع إلى الأغيار و المقصود بهم الشهود من خلال الفصل 68-327 في فقرته الثانية[26]، إذ يستدعيهم الوسيط للاستماع لهم و ذلك بعد موافقة الأطراف، حيث رخص لهم المشرع قبول أو عدم قبول أداء الشهادة.
و إضافة إلى ما سبق، يمكن للوسيط الاستعانة بخبراء حسب ما ينص عليه الفصل 68-327 في فقرته الثالثة من نفس القانون أعلاه، و يمكن تعريف الخبرة بالقول إلى أنها هي كل إجراء للتحقيق يعهد به الوسيط إلى شخص مختص – ينعت بالخبير-للقيام بمهمة محددة تتعلق بواقعة أو وقائع مادية يستلزم بحثها أو إبداء رأي فيها علما أو فنا لا يتوفر في الوسيط أو في الشخص العادي عامة[27]. و قد قيد المشرع هذا الإجراء بضرورة الحصول على موافقة مسبقة من قبل الأطراف. و إذا كان الوسيط يتمتع ببعض الصلاحيات، فإن المشرع فرض عليه بعض الالتزامات و التي قد تصل إلى المسؤولية في حالة الإخلال بها إلى حد المسؤولية الجنائية.
ب-التزامات الوسيط :
ألزم المشرع المغربي الوسيط من خلال الفصل 66-327 من قانون 05-08 بكتمان السر المهني بالنسبة للغير أي الحفاظ على سرية المعلومات المتبادلة أثناء إجراءات و مراحل الوساطة، و ذلك من خلال إجباره للأطراف منذ اللقاء الأول أن كل ما سيجري أثناء مراحل الوساطة من حوارات و تبادل للمعلومات و الوثائق تبقى محاطة بالسرية التامة. إلا أن واجب الالتزام بالسرية، التي تسري لا على الوسيط فقط بل على الأطراف جميعا بحكم أن رغبة الأطراف في التوصل إلى حل يبقى مرتبطا كذلك برغبتهم في الحفاظ على أسرارهم الشخصية و العائلية و المهنية…إلا أن هذا الالتزام يبقى نسبيا بين جميع أطراف الوساطة، و مبدأ حسن النية و تحلي الأطراف المعنية بالأخلاق التعاقدية و الشفافية لهو الكفيل بحفظ أسرار الغير و عدم إفشائها[28].
إضافة إلى هذا، فقد أوجب المشرع من خلال الفقرة الثانية من الفصل 27-327 من نفس القانون أعلاه[29]، على الوسيط إخبار الأطراف بقبوله للمهمة المسندة إليه بمجرد قبولها، و ذلك من خلال إعلام الطرفين للاستعداد لبدء إجراءات الوساطة و تهييء كل طرف لنفسه و استجماع الوثائق و الحجج و كل ما يراه مفيدا أثناء جلسات الاستماع الأولى، و قد استلزم المشرع ضرورة تبليغ الأطراف برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بواسطة مفوض قضائي، إذ أن هاتين الطريقتين تعدان الأنجع من بين طرق التبليغ بصفة عامة لما توفره من اليقين على تبليغ الشخص المعني بالأمر.
و تمتد التزامات الوسيط إلى التزام هذا الأخير بعدم التخلي عن مهمته في العمل على التوفيق بين أطراف النزاع و وجهات نظرهم حول موضوع النزاع، و قد أورد المشرع بعض الاستثناءات التي يجوز فيها للوسيط التخلي عن مهمته و التي تتلخص في:
- إعفاء الأطراف للوسيط من مهمته .
- انصرام آجال الوساطة – 3 أشهر – دون التوصل إلى حل.
- إذن القاضي بذلك طبقا للحالات التي أوردها المشرع في الفصل 64-327 المحال عليه في الفصل 67-327 من القانون رقم 05-08.
الفقرة الثانية : مباشرة عملية الوساطة الاتفاقية
لا يمكن للوسيط الوصول إلى حل النزاع إلا باحترام المراحل المسطرة لها (أولا)، و وفق مبادئ مؤطرة لها (ثانيا)، حتى يتم القيام بإجراءاتها بشكل سليم.
أولا : مراحل مسطرة الوساطة الاتفاقية
نظم المشرع المغربي في الفصل 68-327 من قانون المسطرة المدنية، الإجراءات المحددة لمسطرة الوساطة الاتفاقية، و التي يمكن القول بأنها تنقسم إلى 3 مراحل انطلاقا من الفصل و هي: مرحلة الاستماع للأطراف و مرحلة التحقيق في النزاع ثم مرحلة الاتفاق و التسوية. غير أنه لا يوجد عدد محدد للمراحل التي تمر منها مسطرة الوساطة فقد يقل أو يزيد عدد المراحل بحسب طبيعة النزاع و دور الوسيط و مدى استعداد الأطراف. فغالبا ما يتم إجمال هذه المراحل في 4 و تتمثل في :
أ-مرحلة المقدمة و الإعداد للوساطة:
عملا بالفقرة الثانية من الفصل 67-327 من قانون رقم 05-08، يتعين على الوسيط بمجرد قبوله للمهمة المسندة إليه، إخبار الأطراف بذلك و اطلاعهم على تاريخ بدء عملية الوساطة الاتفاقية. ففي هذه المرحلة، يتم التعارف و ربط الاتصال الأولي، و هي تعد مرحلة حاسمة في مصير الوساطة الاتفاقية، فيما إذا كان سينتهي بها الأمر بالاستمرار فيها أو إلغائها. إذ من المحتمل جدا أن يكون لدى الأطراف في البداية نوع من التشكك و الانزعاج حيال مسطرة الوساطة الاتفاقية و التي ترتكز بدورها في نجاحها إلى حد كبير على الطرفين و كذا على خبرة و نباهة الوسيط.
و تشمل هاته المرحلة ثلاث نقاط أساسية: تتمثل الأولى في شرح مسار الوساطة و التزامات كل من الوسيط و الأطراف، و تحديد الأهداف و بيان القواعد التي تحكم سير جلسات الوساطة، بينما تتعلق الثانية بتقييم مدى قابلية النزاع للحل عن طريق الوساطة و وضع الأرضية الأساسية للعمل، و تحديد دور كل طرف في النزاع، أما الثالثة فتنصب حول شرح آلية الوساطة من دور و مهمة الوسيط فيها، و قراءة المذكرات و الحجج الداعمة لكل طرف، و تحديد مكان و زمان الأشغال التحضيرية للوساطة و الاجتماعات التمهيدية و توفير المناخ المناسب للتفاوض[30].
إلا أنه يجب على الوسيط قبل إنهائه للقاء الأول مع الأطراف، أن يسألهم إذا ما كانوا يرغبون، في استمرار الوساطة أم لا.
ب-مرحلة افتتاح الوساطة و الشروع فيها:
تشمل هاته المرحلة استقبال الأطراف، و توفير قاعات للاجتماع المنفرد و الجماعي بهم، حيث هناك جلستان يقوم بها الوسيط و هما:
1-جلسة أولى مشتركة يحضرها جميع الأطراف و محاسبهم، و يستهلها الوسيط بتقديم فكرة عن مهمته، و يحث الطرفين على التزام الموضوعية و الجدية و الصراحة في بسط وجهات نظرهم، و اغتنام الفرصة للتوصل إلى حل متفق عليه للنزاع. ثم يطلب من الفريق المدعي إعطاء بيان مختصر عن وقائع الدعوى و الوثائق التي يستند إليهان و ما هي الحقوق التي يطالب بها، و بعد ذلك بطلب من المدعى عليه تقديم جواب أو وجهة نظره في النزاع[31].
2-جلسة ثانية يعقدها الوسيط منفردة مع كل طرف على حدة، و يبدؤها مع المدعي و محاميه و التي لا تتجاوز مدتها ربع ساعة أو نصف ساعة على الأكثر[32]. و يطلب منهما حصر الطلبات النهائية التي سيعرضها على المدعى عليه و محاميه في جلسة منفردة يستمع فيها لردهما أو بالأحرى عرضهما المقترح لحل النزاع، و بعدها يبلغها للمدعي من جديد. في هذه المرحلة، الوسيط يستمع فقط لوجهات النظر المتباينة للأطراف، و يسعى إلى تحديد نقط الاتفاق و الاختلاف.
ج-مرحلة دراسة النزاع و التفاوض:
تعتبر هذه المرحلة من المراحل الأساسية للوساطة حيث يتجلى فيها الدور الكبير للوسيط، يتم خلالها توفير أرضية مناسبة لحل النزاع من خلال عقد اجتماعات سواء فردية أو جماعية، يتم فيها التطرق لمواضيع النزاع إما جميعها أو تجزئتها إلى نقاط و التعامل مع كل واحدة تلو الأخرى، إذ يعمل الوسيط بعد أخذه موافقة الأطراف و طبقا للصلاحيات المخولة له[33]، الاستماع إلى الأغيار الذين يقبلون ذلك. فدور الوسيط يكتفي بتشجيع الأطراف على تسوية موضوع النزاع بينهما بأي طريقة يراها مناسبة دون أن يكون له أي سلطة لفرض تسوية على الطرفين.
و في آخرها، يجب أن يكون الوسيط قد حدد طلباته و مواقفه لينتقل إلى مرحلة حاسمة ألا و هي تحفيز الأطراف لاستحداث بعض الخيارات و تقديم بعض الاقتراحات كحلول للنزاع.
د-مرحلة الاتفاق و تسوية النزاع:
هي المرحلة النهائية التي يتم فيها النطق بالحل سواء نجاح أو فشل الوساطة، إذ يعقد الوسيط أولا جلسة يستعرض فيها نتائج مهمته، فإذا ما انتهت المهمة باتفاق الطرفين على حل حبي، فإن هذه الجلسة تخصص للتوقيع على وثيقة صلح كتابية تحرر لهذه الغاية من طرف الوسيط فورا، تتضمن وقائع النزاع و كيفية حله و ما توصل إليه و ما اتفق عليه الأطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم و يتفق مع القانون المنظم للوساطة، و يتسلم كل طرف صورة منها ثم يتم تبادل التهاني و عبارات التقدير.
أما في الحالة الأخرى، التي تكون فيها النتيجة سلبية و يتعذر الوصول إلى حل حبي للنزاع، فالوسيط يقوم بتسليم وثيقة عدم وقوع صلح التي تحمل توقيعه للأطراف، مع تأكيده على سرية كل ما راج في كافة مراحل الوساطة، و عدم إمكانية التمسك به أمام المحكمة، في حالة لجوء الأطراف إلى الوساطة[34].
ثانيا : المبادئ المؤطرة لسير الوساطة الاتفاقية
إن الوساطة تبقى غير ناجعة، ما لم تحترم مجموعة من المبادئ، و التي لم ينص عليها المشرع، إنما تستمد شرعيتها من تلك المبادئ المتعارف عليها في التقاضي و المكرسة لحقوق الأطراف المتنازعة، فالوسيط يجب عليه:
أ-احترام حقوق الدفاع:
و يقصد بحقوق الدفاع عامة مختلف الضمانات المقررة في قانون النظام القضائي و قوانين المسطرة لصالح المتقاضين لعرض ادعاءاتهم و مزاعمهم أمام القضاء، و باعتبار الوساطة عدالة رضائية[35] تتم خارج أسوار القضاء ، فإن احترام حقوق الدفاع يبقى أمرا ضروريا، إذ يمكن لأي طرف الاستعانة بمحام أو أي خبير، و دور المحامي هنا يقتصر على مساعدة الطرف المعني من أجل التوصل إلى حل.
ب-احترام مبدأ الوجاهية:
وهذا المبدأ يعرض على الوسيط ضرورة إعطاء الفرصة لكل طرف من أطراف النزاع للاطلاع على جميع الوثائق و المستندات التي يستند إليها الطرف الآخر، إضافة إلى أن كل بحث أو إجراء تحقيق يقوم به الوسيط إلا و يجب أن يكون خاضعا للمناقشة بين جميع الأطراف إذ أن أي خرق لمبدأ الوجاهية يؤدي إلى بطلان مسطرة الوساطة.
ج-احترام مبدأ الحضورية:
هذا المبدأ يروم إلى اشتراط حضور الخصوم جلسات الوساطة كل على حدة على خلاف ما يتم خلال مسطرة الصلح القضائي، لذا فرض المشرع على الوسيط ضرورة إخبار الأطراف بمجرد قبوله للمهمة المسندة إليه، و أن يتضمن هذا الإخبار تاريخ و مكان الجلسات، غير أن هذا المبدأ لا يقتصر على الأطراف فقط بل يمكن كذلك حضور محامي كل من الطرفين و كذا الاستعانة بخبير.
المطلب الثاني : ختام جلسات الوساطة
بعد احترام المبادئ المؤطرة للوساطة الاتفاقية، و الوصول إلى المرحلة الأخيرة من مراحل سيرها، قد تتوج هذه المرحلة بنتيجة، هاته الأخيرة قد تكون إيجابية “نجاح الوساطة” أو سلبية “فشل الوساطة” (الفقرة الأولى)، هنا يلتزم الوسيط بقواعد محددة، أما بخصوص نجاح الوساطة فهو رهين بنقطتين أساسيتين، تتعلق الأولى بوجود ترسانة قانونية متكاملة، تنظم آلية الوساطة و لا تقبل التفسير أو التأويل الخاطئ، أما الثانية فتتعلق بمدى حجية و نفاذ الحل الناتج عن الوساطة بين الأطراف باعتبار عملية نفاذ اتفاق الصلح يسمح بفتح المجال للمزيد من الاستثمارات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : نتائج الوساطة
قد تنتهي الوساطة بالوصول إلى حل توافقي للنزاع (أولا)، كما قد تنتهي بفشل الأطراف في التوصل إلى حل بينهم (ثانيا).
أولا : فشل الوساطة
إن فشل الوساطة يتم عندما لا يتمكن الوسيط من تسوية النزاع كليا أو جزئيا خلال المدة القانونية بسبب وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، لا يمكن معها للأطراف الاستمرار في النقاش نظرا لعدم تقارب وجهات نظرهم حول النزاع، أو بسبب تغيب الخصوم و عدم متابعتهم لإجراءات الوساطة…إذ أن الوسيط في هذه الحالة يخبر الأطراف بهذا الفشل[36]. في هذه الحالة، يسلم الوسيط للأطراف وثيقة عدم الصلح. إلا أن السؤال الذي يطرح، ما الغاية من تسليم هذه الوثيقة ما دام لم يتوصل الأطراف إلى صلح و ما دام لا يمكن التمسك بما جرى أمام الوسيط من نقاشات أو تبادل للحجج أمام جهة أخرى؟ لذا يمكن القول أن هذا الإجراء لا فائدة منه، و يمكن اعتباره تكليفا للوسيط و إجراءا لا طائل له يستحسن إلغاؤه في أول فرصة تتاح للمشرع، تكريسا لخاصية المرونة و السرعة التي تتميز بها هاته الوساطة.
و أخيرا، ففشل الوساطة لا يمنع من اللجوء إلى القضاء و إحالة النزاع إليه.
ثانيا : نجاح الوساطة
تتوج الوساطة بالنجاح من خلال اتفاق الأطراف حول نقط الخلاف، و يتحقق هذا بانخراط كل طرف في المفاوضات بشكل جدي باستماعه للطرف الآخر و استعداده للتنازل عن بعض حقوقه ليتأتى التوافق فيما بينهم. و هذا الاتفاق قد يكون كليا من خلال اتفاق الأطراف على جميع النقط التي كانت محل خلاف بينهم. و قد يكون جزئيا باتفاقهم على بعض النقط، و اختلافهم على بعضها، و قد نص المشرع في الفقرة الخامسة من الفصل 68-327 من القانون رقم 05-08 أنه تحرر وثيقة الصلح التي وجب تضمينها وقائع النزاع و كيفية حله و ما توصل إليه و ما اتفق عليه الأطراف على الشكل الذي يضع حدا للنزاع القائم بينهم، كما نص المشرع المغربي في الفقرة الأخيرة من الفصل 68-327 من نفس القانون أعلاه على أن الصلح الذي توصل إليه الأطراف يخضع للقسم التاسع من الكتاب الثاني لقانون التزامات و عقود المنظم للصلح.
و كذلك نص المشرع المغربي على أن يوقع الوسيط وثيقة الصلح الذي توصل إليه، إضافة إلى أنه و حسب الفصل 69-327 من نفس القانون أعلاه، يكتسي الصلح بين الأطراف قوة الشيء المقضي به، و يمكن أن يذيل بالصيغة التنفيذية.
و من خلال الرجوع للفصل 1110 من القسم التاسع من الكتاب الثاني من ق.ا.ع. ، نجد أنه يعطي لكل طرف من طرفي الصلح التحلل من التزامه إذا لم يقم الطرف الآخر بتنفيذ التزامه مع حفظ حق الطرف الأول في طلب التعويض و هذا يسري على الوساطة أخذا بمفهوم الموافقة، كما أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه من قبل الطرفين، لا يمكن نسخه استنادا إلى اكتشاف بعض المستندات التي كانت مجهولة طبقا للفصل 1113 من ق.ا.ع.
الفقرة الثانية : حجية مقرر الوساطة الاتفاقية
إن اتفاق الصلح الناتج عن الوساطة متى حاز قوة الشيء المقضي به، فإنه يحول دون قيام الأطراف برفع دعوى أمام القضاء، للنظر في نفس النزاع الذي فصلت فيه الوساطة.
و عليه، فموضوع حجية مقرر الوساطة مرتبط بثلاث نقاط أساسية: أولها تتعلق بالقوة الإلزامية (أولا) ثانيها يتعلق بدور القضاء في مراقبة اتفاق التسوية الناتج عن الوساطة (ثانيا)، و أخيرا الطعن في مقرر الوساطة (ثالثا).
أولا : القوة الإلزامية للوساطة الاتفاقية
إن معرفة القوة الإلزامية للوساطة، يتطلب منا الوقوف على تبيان الشروط المتطلبة في وثيقة الصلح و كذا على طبيعة هذه الوثيقة.
أ-الشروط المتطلبة في وثيقة الصلح:
هدف الوساطة هو توصل الأطراف لحل نزاعهم بمساعدة الوسيط، و هذا الحل يتوج بوثيقة تدعى وثيقة الصلح أو عقد الصلح[37] يحررها الوسيط، و يجب أن يتضمن هذه الوثيقة تحت طائلة البطلان:
- وقائع النزاع مع بيان كيفية حل هذا النزاع و ما اتفق عليه الأطراف بالتفصيل أي بيان من سيقوم بتطبيق هذا الحل؟ و متى سيتم تطبيقه؟ و كيف سيتم تطبيقه؟ مع وضع جدول زمني لتنفيذ الحل.
- توقيع الأطراف و الوسيط على هذه الوثيقة، لذا المشرع المغربي افترض في هذه الوثيقة أن تكون مكتوبة و استبعاده لكل اتفاق صلح قد يتم شفاهيا.
- كما يجب على الوسيط أثناء صياغته لوثيقة الصلح، تجنب الوقوع في أخطاء مادية قد تلحق ضررا بالأطراف، و لتفادي حصول هذا فقد ألزم المشرع المغربي من خلال قانون 05-08 الوسطاء بتأمين مسؤوليتهم المدنية الناجمة عن الأخطاء التي قد ترتكب من جانبهم أثناء أدائهم لمهامهم قد تلحق ضررا، مهما كانت طبيعته بأحد أطراف الوساطة.
ب-طبيعة وثيقة الصلح:
بالرجوع إلى الفصل 68-327 من قانون المسطرة المدنية، نجد أن المشرع قد كيف اتفاق التسوية الذي ينجح الوسيط و معه أطراف النزاع في الوصول إليه بأنه صلحن و أخضعه من حيث صحته و آثاره لمقتضيات ظهير التزامات وعقود، و خاصة القسم 9 المتعلق بالصلح من الكتاب الثاني المنظم لمختلف العقود المسماة و أشباه العقود، و هي المقتضيات المتعلقة بالفصول من 1098 إلى 1116.
و بما أن الاتفاق الذي يوقعه طرفا الوساطة بحضور الوسيط، يعتبر عقد صلح، فغنه يتعين أن يتوفر على الأركان و الشروط العامة الواجب توفرها لصحة العقد، كتوفر الأهلية و محل للعقد و سبب مشروع يحمل عليه، و قد عرف الفقه الصلح بأنه ترك حق أو دعوى مقابل عوض لقطع نزاع أو خوف وقوعه. و منه يتضح أن عقد الصلح هو عقد رضائي، عقد ملزم لجانبين من عقود المعاوضة و أنه عقد فوري[38].
كما ينص الفصل 69-327 من قانون 05-08 على أن هذا الاتفاق هو عقد صلح يكتسي قوة الشيء المقضي به أي اتفاق التسوية يتمتع بقوة إلزامية ذاتية بخصوص ما تضمنته كافة عناصره سيما مما جاء به الاتفاق، إذ لا يمكن الرجوع فيه أو العدول عنه، و هي قوة تثبت له بمجرد صدوره.
كذلك يلاحظ أن الصيغة التي جاء بها الفصل السابق أي الفصل 69-327 الخاصة بتذييل اتفاق الصلح بالصيغة التنفيذية جعلت من إجراء التذييل مجرد إمكانية بدل أن يكون إجراءا مفروضا، فرغم اكتساب اتفاق الصلح قوة الشيء المقضي به إلا أنه لا يجعله يرقى إلى مستوى الحكم القضائي الذي يحظى بالتنفيذ، لذا وجب أن يذيل هذا الاتفاق الصلح بالصيغة التنفيذية.
ثانيا : دور القضاء في مراقبة اتفاق التسوية الناتج عن الوساطة
يلعب القضاء دورا هاما في تفعيل نظام الوساطة و الرقي به، يتجلى هذا الدور في كل من تشجيع – و لو بشكل ضمني – القضاء على سلوك مسطرة الوساطة، و كذلك بتذييله لاتفاق الصلح بالصيغة التنفيذية.
أ-دور القضاء قبل الوساطة:
*في حالة اللجوء إلى القضاء أثناء سريان مسطرة الوساطة: هنا يجب على المحكمة المحال عليها نزاع في مسألة أبرم الأطراف في شأنها اتفاق وساطة، أن تصرح بعدم قبول الدعوى إلى حين استئناف مسطرة الوساطة أو بطلان اتفاق الوساطة، و يتعين أن يثير الطرف المعني الدفعبعدم القبول، و لا يجوز للمحكمة أن تصرح بعدم القبول نهائيا[39].
و هذا ما اعتبره المشرع المغربي في الفصل 67-327 من قانون المسطرة المدنية، الدفع بوجود اتفاق الوساطة دفعا بعدم القبول[40].
*في حالة اللجوء إلى القضاء قبل عرض النزاع على الوساطة: إذا كان النزاع لم يعرض بعد على الوسيط و رغم ذلك تم رفع القضية إلى القضاء، فإنه يجب على المحكمة أيضا أن تصرح بعدم قبول الدعوى. هذا ما لم يثبت للمحكمة كون اتفاق الوساطة باطلا بطلانا واضحا. فإنها تستمر آنذاك في نظر الدعوى لانعدام موجب عدم القبول.
و في هذه الحالة الثانية، يتعين كذلك أن يثير الطرف المعني الدفع بعدم القبول، و لا يجوز للمحكمة أن تصرح بعدم القبول من تلقاء نفسها. كما أنه يجوز للمحكمة أن تحدد بطلب من الطرف الذي رفع الأمر إليها، الأجل الأقصى الذي يجب أن تبدأ فيه الوساطة تحت طائلة بطلان الاتفاق و ذلك تلافيا لتماطل الأطراف في أعمال اتفاق الوساطة.
← و كما سلف بيانه، فغنه لا يجوز للمحكمة في كلتا الحالتين المذكورتين أعلاه، أن تصرح تلقائيا بعدم القبول. و تجدر الإشارة إلى أن المحكمة تحظى بوظيفة إدارية تتمثل في تحرير محضر اتفاق الوساطة أمام المحكمة إذا كان النزاع جاريا أمامها، و ما يجب الانتباه إليه هو أن الوظيفة التي أعطيت للمحكمة لا يمكن اعتبارها وساطة قضائية[41].
ب-دور القضاء بعد مسطرة الوساطة :
بمجرد استيفاء اتفاق الصلح لجميع عناصره من تحرير وثيقة الصلح و التوقيع عليها، تصبح هذه الوثيقة قائمة بذاتها، وتكتسب قوة الشيء المقضي به بمجرد صدورها إلا أنه لا يمكن تنفيذها جبرا إلا بمقتضى أمر بتخويل الصيغة التنفيذية لها.
و عليه فقد أسند المشرع المغربي في الفقرة الثانية من الفصل 69-327 من قانون المسطرة المدنية مهمة النظر في طلبات تذييل اتفاق الصلح الناتج عن الوساطة بالصيغة التنفيذية إلى رئيس المحكمة المختصة محليا للبث في موضوع النزاع . إذا ما علمنا أن النص القانوني لا يسعف عن ذلك بحيث أنه لم يتح لنواب رئيس المحكمة مباشرة هذه المسطرة، فلو كانت إرادة المشرع تنصرف إلى قبول هذه النيابة لنص في المقطع الثاني من الفصل المذكور أعلاه على ما يلي: “…فإن رئيس المحكمة أو من ينوب عنه ما لم يرد خلاف ذلك”.
وبالرغم من وجود هذه الثغرة القانونية، فإن أحد الاجتهادات القضائية الصادرة عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة (رغم أنها خاصة بالتحكيم إلا أنه يمكن القياس عليها بالنسبة للوساطة). قد ذهبت إلى قبول الأوامر القضائية المتعلقة بالتنفيذ التي تصدر عن القضاة نيابة عن الرئيس بصفتهم هذه، و هذا ما يؤخذ من الحيثية التالية: “…العبرة برئيس الحكمة المخول له سلطة الأمر بتذييل حكم المحكمين بالصيغة التنفيذية ليس فقط لمن هو معين على رأس المحكمة، بل تمتد هذه السلطة لمن ينوب عنه…”.
و عليه فإن هذه الجهة القضائية المختصة بالنظر في طلبات تذييل اتفاق الصلح بالصيغة التنفيذية لا تنظر فيما يخص المقال إلا في الجوانب الشكلية دون المساس بالموضوع.
و من هنا نجد أن تدخل القضاء لمراقبة سلامة الاتفاقات و التسويات موضوع الوساطة الاتفاقية من خلال إضفاء الصيغة التنفيذية على الاتفاق، و التأكد من عدم مخالفته للقانون و للنظام العام، من شأنه أن يحقق الهدف من اللجوء إلى الوساطة و هو تجاوز المشاكل التي يطرحها تنفيذ الأحكام القضائية لأن التسوية هي عمل إداري و تنفيذها يبقى خاضعا لإرادة الأطراف لأنها من صنعهم.
و تجدر الإشارة إلى أن التذييل بالصيغة التنفيذية يخول ضمان مباشرة إجراءات التنفيذ الجبري، و بهذا يختلف الصلح المعقود بين الأطراف في إطار عادي عن الصلح الذي يتم عبر وسيط طبقا للمقتضيات القانونية الخاصة بالوساطة الاتفاقية، حيث يمكن للصلح المبرم في هذا الإطار أن يذيل بالصيغة التنفيذية، و هو ما لا يتيحه الصلح المبرم في إطار عادي بين الطرفين تلقائيا و دون تدخل وسيط[42].
الفقرة الثالثة : الطعن في مقرر الوساطة
إذا كان الصلح الاتفاقي الذي يتم أمام الوسيط، و هو ليس بهيئة قضائية عقدا، فإنه لا يمكن الطعن فيه إلا بطرق الطعن المقررة للعقود بصفة عامة، أما الصلح القضائي فيمكن الطعن فيه بطرق الطعن المقررة للعقود عن طريق رفع دعوى البطلان إذا ما انتفت أهلية أحد طرفيه مثلا، أو دعوى الإبطال إذا ما شابها عيب من عيوب الرضى، مثلما يكون قابلا للطعن فيه بطرق الطعن المقررة قانونا ضد الأحكام القضائية وفق ما هو منصوص عليه في قانون المسطرة المدنية[43].
و يلاحظ أن صياغة الفصل 327 في فقرته 66 من قانون التحكيم و الوساطة الاتفاقية وردت معيبة، إذ نصت على أنه “يكتسي الصلح فيما بين الأطراف قوة الشيء المقضي به انتهائيا، و يمكن أن يذيل بصيغة التنفيذ”، فيلاحظ أن عبارة التذييل وردت لاحقة على عبارة قوة الشيء المقضي به، في حين أن عقد الصلح الاتفاقي، كما هو الحال بالنسبة للصلح المبرم أمام الوسيط، لا يكتسب حجية إلا في حدود ما تم التعاقد عليه و التصالح بشأنه، و لا يكتسب حجية مطلقة و يصبح سندا تنفيذيا إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية، لذلك كان الصواب في الصياغة أن تأتي كما يلي “يكتسي الصلح فيما بين الأطراف، متى تم تذييله بالصيغة التنفيذية، قوة الشيء المقضي به انتهائيا”.
و يطرح في هذا الصدد، التساؤل حول الحل المستساغ قانونا في الحالة التي تثور فيها مشاكل تتعلق بشروط و ظروف تنفيذ الصلح الموقع في الوساطة، و ترجع في مصدرها إلى خطأ ارتكبه الوسيط عند صياغة نص الاتفاق، و ترتب عنه ضرر لطرف و كسب للطرف الآخر، فهل يجب الرجوع إلى الوسيط على غرار ما هو منصوص عليه في الفصل 26 من قانون المسطرة المدنية بالنسبة للأحكام لإصلاح الخطأ المادي، أم الاحتكام إلى القضاء لهذه الغاية ، أم رفع دعوى المسؤولية المدنية ضد الوسيط على أساس المطالبة في مواجهته بالتعويض عن الضرر الذي أحدثه فعل التقصير المرتكب من جانبه. ومن هنا تثور مسألة ضرورة إجبار الوسطاء بتأمين مسؤوليتهم المدنية الناجمة عن الأخطاء التي قد ترتكب من جانبهم أثناء أداء مهامهم، و التي قد تلحق ضررا، مهما كانت طبيعته، بأحد أطراف الوساطة[44].
خاتمة
على الرغم من كل الإيجابيات التي تتميز بها الوساطة الاتفاقية‘ إلا أنها لم تحقق لحد الآن سوى نتائج جد ضعيفة، أجمع الكل على محدوديتها و تواضع حصيلتها نظرا لمجموعة من الصعوبات التي حالت دون وصول هذه المؤسسة إلى نتائج مرضية على مستوى الواقع العملي.
فعلى الرغم من كون نظام الوساطة عبارة عن نسق نظامي أو مقاربة متعددة الأنظمة من نوع خاص، تستقل بخصائص و مميزات تكسبها قوة التلاؤم مع أي نزاع يعرض عليها لحله كيفما كانت طبيعته و موضوعه أو أطرافه، فإن هناك غموض في النصوص القانونية المنظمة لإجراءاتها و كيفية تسيير جلساتها.
و باستقرائنا للنظام القانوني للوساطة الاتفاقية، نجد أنه تعتريه بعض مظاهر المحدودية و القصور و التي من شأنها أن تعرقل التطبيق العادي و السليم لنصوصه.
و لعل أهم مظاهر المحدودية تتجلى في غموض بعض النصوص القانونية المنظمة للوساطة سواء من حيث مسطرة إجراءات الوساطة خصوصا التصريح بعدم القبول حيث كان يجب على المشرع أن يجعل المحكمة تصرح تلقائيا بعدم القبول في كل الحالات م عدا إذا كان عقد أو شرط الوساطة باطلا بطلانا مطلقا كما نص على ذلك قانون 05-08، أو في حالة وجود اتفاق مغاير أو شرط مخالف لما سبق و أن اتفق عليه يقضي فسخ عقد الوساطة أو يلغي شرط الوساطة. و كذلك طريقة التبليغ التي لم يحددها المشرع حيث اكتفى فقط بإلزام الطرف المراد سلوك مسطرة الوساطة إخبار الطرف الآخر. إضافة إلى أن المشرع جعل إجراءات التحقيق التي يمكن للوسيط اللجوء إليها تقتصرعلى الخبرة فقط، و هذا لا يتماشى مع التشجيع باللجوء إليها، إذ كان من المفترض على المشرع أن يمكن الوسيط من اللجوء إلى غالبية إجراءات التحقيق إلا التي لا يمكن توفر شروطها إلا أمام جهة قضائية. و كذا عدم تطرق المشرع لأي مقتضى يشير إلى دور المحامي في تفعيل الإجراءات المسطرية لتسوية النزاع عن طريق الوساطة. سواء من حيث تنفيذها فيما يخص تذييل اتفاق الصلح بالصيغة التنفيذية إذ أن النص 69-327 من قانون 05-08 جاء معيبا لاعتبارين، أولهما أن عبارة التذييل بالصيغة التنفيذية وردت لاحقة على عبارة قوة الشيء المقضي به في حين أن عقد الصلح لا يكتسي حجية إلا في حدود ما تم التعاقد عليه و التصالح بشأنه و لا يكتسب حجية مطلقة و يصبح سندا تنفيذيا إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية.
و إلى جانب قصور النظام القانوني، لازال نظام الوساطة في التشريع المغربي يعاني من هشاشة الإطار المؤسساتي لتفعيلها و إنجاحها، لذلك فإن نجاح الوساطة بحاجة إلى تكاتف العديد من المؤسسات الاجتماعية و الحكومية، و بحاجة أيضا إلى وجود مؤسسات متخصصة بإجراء الوساطة تطبق برامج خاصة بحسب نوعية النزاعات المعروضة عليها.
و غني عن البيان أن الوساطة أصبحت مطلبا ملحا، و إدماجها في النظام القانوني و القضائي المغربي خيار منطقي، و تبرره الضرورة و ينادي به حوار الحضارات و لغة التقدم نحو عدالة أيسر و ألين.
و سعيا لتحقيق ذلك ، سنقدم بعض الاقتراحات للنهوض بهده الآلية آملين أن تجد الاستجابة و التطبيق، و تتلخص فيما يلي :
- التنصيص على الوساطة القضائية من خلال عدم قبول الدعوى في النزاعات إلا بعد عرضه على الوساطة و الانتهاء من إجراءاتها.
- قيام المحامين بنصح موكليهم بضرورة و أهمية اللجوء إلى الوساطة .
- نشر الوعي القانوني بأهمية الوساطة و الدور الذي تلعبه في تسوية النزاعات.
- تمكين الجهاز القضائي من آليات الرقابة و الإشراف على مسطرة الوساطة.
- إقرار تشريعات تتيح ترخيص لمؤسسات مستقلة و خاصة تعنى بالوساطة عن طريق تكوين و تدريب الوسطاء و الإشراف على مسطرتها.
- التعجيل بإصدار نص تنظيمي يعتمد الوسطاء،ـ و يحدد معايير أهليتهم و مقارهم، و كذا تعيين القطاعات المهنية الحرة المؤهلة للقيام بالوساطة.
- المبادرة إلى إصلاح تشريعي يرقى إلى تطلعات الفاعلين الاقتصاديين و ملائمته مع المبادئ العامة و تكريس الاستفادة من التجارب الدولية.[45]
لائحة المراجع
المراجع باللغة العربية
المراجع العامة:
– ذ.عبد اللطيف الخالفي، الوسيط في علاقات الشغل الجماعية، دراسة مقارنة في ضوء أحكامي التشريع و القضاء و آراء الفقه، الطبعة 1، 1999.
– الميلودي العابد العمراني، الوساطة في التشريع المغربي و المقارن، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، السنة الجامعية 2011-2012.
– محمد بابا، التحكيم الدولي في منازعات الملكية الصناعية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة، جامعة محمد الخامس، السويسي، الرباط سنة 2004.
المراجع الخاصة:
– بنسالم أوديجا، الوساطة كوسيلة بديلة لفض المنازعات، دار القلم الرباط الطبعة 1، 2009 .
– ذ.محمد أطويف، الطرق البديلة لفض نزاعات الشغل، دار النشر المعرفة.
– عبد الحميد صبري، اليات تفعيل نظام الوساطة الاتفاقية في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم ماستر القانون و المقاولة في القانون الخاص، السنة الجامعية 2014-2015.
– الغزواني الصابر، الحلول السلمية لفض نزاعات الشغل الجماعية –دراسة مقارنة- رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بسطات، السنة الجامعية 2015-2016.
– ذ.محمد أطويف، مقال الوساطة الاتفاقية في نزاعات الشغل، مجلة الحقوق، العدد 18 السنة 10 دار الآفاق المغربية، السنة 2015.
– ذ.محمد أطويف، دور القضاء في عملية الوساطة، مجلة القضاء المدني، العدد 13، السنة 7، شتاء ربيع 2017 .
– الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تقرير حول الوساطة الاجتماعية و طرق تسوية النزاعات الجماعية، لجنة التشغيل و العلاقات العامة.
– قانون المسطرة المدنية.
– قانون 05-08.
– ذ. مصطفى الفوركي، مقال حول نزاعات الشغل الجماعية بين الواقع و القانون، تحت عدد . www.alkanounia.com 192 ، منشور بالموقع
– كريم الرود، مقال حول الوساطة الاتفاقية في قانو 05-08، منشوربالموقع www.maghress.com/hesspress/339182
– محمد الدين القيسي، الوساطة و المصالحة و المفاوضات، وسائل بديلة لحل الخلافات التجارية، بحث مقدم في الملتقى الأول العربي للتحكيم و الوسائل البديلة لتسوية المنازعات المنعقد ببيروت .www.ccib.org منشور بالموقع
www.arablaw.org – موقع
المراجع باللغة الفرنسية
- Noureddine Toujgani, Maroc et l’accès au droit et à la justice, travaux au collègue organisée par le département de droit privé de la faculté FSJES à Fes en colloboration avec la ministère de la justice et l’ordre des avocats de Fes le 4 et 5 avril 2003.
- Processus de la médiation, article publiée dans le site web : fr.wikimediation.com .
1- الغزواني الصابر، الحلول السلمية لفض نزاعات الشغل الجماعية-دراسة مقارنة- رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، جامعة الحسن الأول كلية العلوم القانونية و الاج و الاق بسطات ، السنة الجامعية 2015-2016 ، ص13-14.
2- ذ. عبد اللطيف الخالفي، الوسيط في علاقات الشغل الجماعية-دراسة مقارنة في ضوء أحكامي التشريع و القضاء و اراء الفقه ، الطبعة1، 1999 ص 13.
3- ذ. مصطفى الفوركي، مقال حول نزاعات الشغل الجماعية بين الواقع و القانون، تحت عدد 192 منشور بالموقع
www.alkanounia.com
4- عبد الحميد صبري، اليت تفعيل الوساطة الاتفاقية في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم ماستر القانون و المقاولة في القانون الخاص السنة الجامعية 2014-2015، ص1.
5- الملودي العابد العمراني ، الوساطة في التشريع المغربي و المقارن ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، السنة الجامعية 2011-2012 ،
6- الملودي العابد العمراني، م.س.، ص5.
7- عبد الحميد صبري، م.س. ، ص 11.
8- و نقول الوساطة الاتفاقية فقط على أساس أن المشرع المغربي و من خلال الفصل 327 في فقراته من 55 إلى 69 ، اقتصر على تنظيم الوساطة الاتفاقية فقط دون القضائية رغم أنه في الأنظمة المقارنة تقوم على الصورتين معا.
9- عبد الحميد صبري، م.س.، ص14.
10- ذ. محمد أطويف ، الطرق البديلة لتسوية نزاعات الشغل ، دار النشر المعرفة، ص144.
11- ذ. محمد أطويف ، الكتاب ،م.س. ، ص146.
12- ذ محمد أطويف ، الكتاب ، م.س. ، ص147.
13- محمد الدين القيسي، الوساطة و المصالحة و المفاوضات ، وسائل بديلة لحل الخلافات التجارية، بحث مقدم في الملتفى الأول العربي للتحكيم و الوسائل البديلة لتسوية المنازعات المنعقد في بيروت منشور بالموقع الإلكتروني http //www.ccib.org/lb/pdf
14- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س. ، ص 149.
15- الفصل 56-327 من قانون المسطرة المدنية .
16- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س. ، ص 161.
17- كريم الرود، مقال حول الوساطة الاتفاقية في قانون 05-08، منشور بالموقع الإلكتروني http//www.maghress.com/hespress/339182 .
18- ذ. محمد أطويف، مقال الوساطة الاتفاقية في نزاعات الشغل، مجلة الحقوق، العدد 18، السنة العاشرة، دار الآفاق المغربية ، السنة 1436-2015، ص 106.
19- الاتحاد العام لمقاولات المغرب، تقرير حول الوساطة الاجتماعية و طرق تسوية النزاعات الجماعية، لجنة التشغيل و العلاقات العامة ، ص 17-18 .
21- فقد جاء في الفصل 60-327 من قانون 05-08 على أنه : ” يجب أن يتضمن عقد الوساطة تحت طائلة البطلان: أ- تحديد موضوع النزاع/ ب- تعيين الوسيط أو التنصيص على طريقة تعيينه و إذا رفض الوسيط المعني القيام بالمهمة المسندة إليه جاز للأطراف الاتفاق على اسم وسيط آخر , إلا اعتبر العقد لاغيا.
22- محمد بابا، التحكيم الدولي في منازعات الملكية الصناعية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط سنة 2004، ص 37.
23- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س. ، ص 336.
24- ينص الفصل 68-327 من قانون 05-08 على أنه: “يجوز للوسيط أن يستمع إلى الأطراف , أن يقارن بين وجهات نظرهم أجل تمكينهم من إيجاد حل للنزاع القائم بينهم”.
www.arablaw.org 25- موقع
26- حيث جاء فيها: “يجوز له بعد موافقة الأطراف و لما تستلزمه الوساطة الاستماع إلى الأغيار الذين يقبلون ذلك”.
27- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س.ن ص 340.
28- ذ. محمد أطويف، الكتاب،م.س. ، ص 341-342-343.
29- حيث جاء فيها “يجب على الوسيط فور قبوله المهمة المسندة إليه أن يخبر بذلك الأطراف في رسالة مضمونة الوصول مع إشعار بالتوصل أو بواسطة مفوض قضائي”.
30- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س.، ص 346-347.
31- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س. ، ص 347.
Processus de la médiation , article publiée dans le site web : http//fr.wikimediation.org-32
33- في كل من الفقرتين 2 و 3 من الفصل 68-327 من قانون 05-08.
34- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س. ، ص 349-350.
Noureddine Toujgani , Maroc et l’accès au droit et à la justice , travaux au collegue organisé par le -35 département de droit privé de la faculté des FSJES à fes en colloboration avec le ministère de la justice et l’ordre des avocats de Fes, le 4 et 5 avril 2003,page3.
36- إذ نص المشرع في ف7 من الفصل 68-327 من القانون رقم 05-08 على أنه ” في حالة عدم وقوع الصلح لأي سبب من الأسباب فإن الوسيط يسلم وثيقة عدم وقوع الصلح التي تحمل توقيعه للأطراف”.
37- عرف الفصل 1098 من ق.ا.ع. الصلح بأنه:” عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه و ذلك بتنازل كا منهما للآخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو بإعطائم مالا معينا أو حقا”
38- ذ. محمد أطويف ، الكتاب، م.س. ص358-359.
39- ذ. محمد أطويف، الكتاب م.س.، ص 361.
40- ذ. محمد أطويف، دور القضاء في عملية الوساطة-مجلة القضاء المدني العدد 13- السنة 7 شتاء ربيع 2016، ص 62.
41- ذ.محمد أطويف، الكتاب، م.س. ص 361-362.
42- ذ. محمد أطويف، الكتاب، م.س. ص 362-363-364.
43- بنسالم أوديجا، الوساطة كوسيلة بديلة لفض المنازعات، مطبعة دار القلم الرباط، الطبعة الأولى 2009، ص 336.