محمد برهان الدين
طالب باحث بسلك الدكتوراه
القضاء الاستعجالي في المادة التجارية
مقدمة
اذا كان القضاء قديما يمتازا بالفعالية والنجاعة، والسرعة والعجلة في إصدار الأحكام وتنفيذها، والسهولة والمرونة في الإجراءات المسطرية، فإن هذه السرعة بدأت تتضاءل حيث إننا اليوم في عصر السرعة التي شملت مختلف ميادين الحياة، إلا أن القضاء أصبح يتسم بالبطء وتنوع الإجراءات وتشعبها وتعقدها، فبقدر ما تزداد الحضارة الإنسانية تطورا تتباطأ خطى القضاء، مما دفع برجال القانون إلى البحث عن السبل الكفيلة لاستنباط الطرق الإجرائية لتحقيق الانسجام بين سير القضاء وسير المعاملات، فظهرت مسطرة التحكيم لفض النزاعات دات الطابع التجاري ، وهي مسطرة تمتاز بالسرعة والبساطة كأحسن بديل لمسطرة القضاء العادي التي يرى البعض أنها لم تعد تناسب هذا النوع من النزاعات[1].
وفي نفس هذا الإطاار ظهرت الحاجة أيضا إلى خلق قضاء من نوع آخر اسمه “القضاء المستعجل” وهي آلية فرضتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية لحماية الحقوق. ولئن ظهرت هذه الآلية فهي تحمي الحقوق بصقة مؤقتة فقط وبمقتضى مسطرة استثنائية،
وقد عرف القضاء المستعجل لأول مرة في باريس سنة 1685، وأضحى ينمو ويتطور بوثيرة سريعة خلال القرن 19، وذلك بفضل الاجتهادات القضائية خصوصا تلك الصادرة عن رئيس المحكمة الابتدائية بباريس.
ومن تم بدأ هذا القضاء المستعجل ينتشر في ربوع العالم، فأخذت به جل التشريعات العربية ومن ضمنها المغرب.[2] فالقضاء الاستعجالي إذن هو نوع من القضاء يبت قي القضايا و المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت, أو من خطر عاجل يتهددها و ذلك وفق مسطرة و شروط خاصة.
و إذا كان هناك اختلاف بين الفقه المقارن حول تحديد القواعد الموضوعية العامة للقضاء المستعجل، فإن نظيره في المغرب يرى أن شروط اختصاص هذا النوع من القضاء تتلخص في شرطين هما: الاستعجال، وعدم المساس بالموضوع. فهذان الشرطان لازمان لذلك الاختصاص، فلا يتوافر أحدهما دون الآخر.
كما أن المشرع المغربي عمد إلى توسيع نطاق اختصاص القاضي الاستعجالي التجاري دون اعتبار لعنصر الاستعجال وعدم المساس بالموضوع، حسب مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 21 التي تنص على أنه: “يمكن لرئيس المحكمة التجارية ضمن نفس النطاق – رغم وجود منازعة جدية- أن يأمر بكل التدابير التحفظية أو بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لدرء ضرر حال أو وضع حد لاضطراب ثبت جليا أنه غير مشروع”.
وهذا معناه أن القضاء الاستعجالي في المادة التجارية قد جاء مغايرا للقضاء الاستعجالي في المادة المدنية، ذلك أن ألفاظ وصياغة المادة 21 من ق.م.ت قد تضمنت أسلوبا مغايرا بتنصيصها على ما يلي: “يمكن لرئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة أن يأمر بكل التدابير التي لا تمس أية منازعة جدية…
ونشير هنا أن مصطلح (يمكن) الذي استعمله المشرع بمعنى الاختيار لا يفيد الغرض الذي من أجله أحدثت مؤسسة القضاء الاستعجالي التجاري خلافا للفصل 149 من ق.م.م الذي استعمل مصطلح (يختص) بمعنى الإلزام.
و تظهر اهمية القضاء الاستعجالي في كونه وسيلة فعالة اوجدها المشرع لحماية الحقوق من الاخطار المحدقة بها و التي لا تتطلب طبيعتها انتظار احكام قضاء الموضوع.
و عليه كيف تعامل المشرع المغربي مع اختصاصات رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي الأمور المستعجلة ؟
للاحاطة بمختلف جوانب الموضوع حاولنا تقسيم الاشكالية الى مبحثين نتناول في المبحث الاول شروط رفع الدعوى الاستعجالية على ان نتناول مجالات تدخل رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي المستعجلات في المبحث الثاني
المبحث الأول: شروط رفع الدعوى الاستعجالية
منح المشرع المغربي لرئيس المحكمة التجارية الاختصاصات التي يمارسها رئيس المحكمة الابتدائية بموجب قانون المسطرة المدنية و كذا الاختصاصات المخولة له في المادة التجارية [3]
فمسطرة رفع الدعوى الاستعجالية كأصل عام تخضع لنفس القواعد التي أوردها المشرع بخصوص المسطرة المتبعة أمام المحاكم الابتدائية،
و بذلك فإن رفع الدعوى الاستعجالية يخضع لشروط شكلية (المطلب الأول) وموضوعية (المطلب الثاني)
المطلب الأول: الشروط الشكلية لرفع الدعوى الاستعجالية
من خلال هذا المطلب سنتطرق الى الطلب الاستعجالي و شكلياته في الفقرة الأولى و طرق التبليغ في القضايا الاستعجالية في الفقرة الثانية
الفقرة الأولى: شكليات الطلب الاستعجالي
بالرجوع الى نص 13 من القانون المحدث للمحاكم التجارية2 , نلاحظ أن المشرع المغربي حسم في شكليات الطلبات المقدمة امام المحاكم التجارية بمعنى انه استغنى عن الشكليات المنصوص عليها في الفصل 31 من ق م م بخصوص امكانية تقديم المقال الافتتاحي عن طريق التصريح الشفوي فقط و عليه لكي يكون هذا الطلب مقبولا شكلا يجب ان يتضمن مجموعة البيانات المنصوص عليها في الفصل 32 من ق م م, كما ان المشرع المغربي من خلال الفصل 150 من ق م م جاء بخصوصية مرتبطة بساعات العمل حيث نص على امكانية تقديم الطلب في غير الايام و الساعات المعينة للقضاء المستعجل و نص في الفقرة الاخيرة من نفس الفصل على امكانية البت في الطلب المستعجل حتى في ايام الاحاد و ايام العطل , و ينظر في الدعوى الاستعجالية رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي الامور المستعجلة كما يمكن ان ينظر في ذات الدعوى المقدمة اذا عاق الرئيس مانع اقدم القضاة, لكن يبقى امر تعيين ساعات و ايام و جلسات القضاء المستعجل من اختصاص رئيس المحكمة3 .
1- بيان الوقائع والوسائل المثارة في الدعوى الاستعجالية التجارية
يقصد بالوقائع الأحداث المادية والتصرفات التي أدت إلى نشوء النزاع ويقصد بالوسائل المثارة المستندات والأسس القانونية والنصوص التشريعية والأدلة والتعليلات التي يراها المدعي مناسبة لتأييد طلبه المستعجل، وليس بالضرورة ذكر النصوص التشريعية وإنما الاكتفاء بذكر الأسس القانونية التي تنبني عليها الدعوى الاستعجالية ويفيد بيان الوقائع والوسائل المثارة من تمكين المدعي عليه من إعداد دفاعه على أساس تلك الوقائع والوسائل[4].
2- إرفاق الطلب الاستعجالي بالمستندات
طبقاً لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 32 من ق.م.م يتضح بأن جدية الطلب لا تظهر إلا إذا كان الطلب مدعما بالمستندات و الحجج الخطية وذلك بغية تمكين قاضي الأمور المستعجلة (في المادة التجارية) من الفصل في الدعوى بما يتناسب و حالة الاستعجال.
و يلاحظ أن المشرع استعمل عبارة المستندات و هي شاملة للمستندات الرسمية أو العرفية، تاركاً بذلك السلطة التقديرية للقاضي في مدى حجيتها أو مدى كفايتها أو عدم كفايتها لتدعيم الأسباب التي يرتكز عليها المدعي في طلبه.
الفقرة الثانية: استدعاء أطراف الدعوى المستعجلة.
تستهدف عملية الاستدعاء إحاطة المدعى عليه علما بأن الدعوى رفعت أمام المحكمة التجارية، و أنه يتعين عليه الحضور أمامها في تاريخ و ساعة معينين، فإذا كانت طريقة استدعاء المدعي في إطار الدعوى المستعجلة لا تثير إشكالا ما دام يعلم بتاريخ الجلسة أثناء تقديمه للطلب إما إلى كتابة الضبط أو إلى قاضي المستعجلات بمكتبه أو بمحل سكناه ذلك حسب مقتضيات الفصل 150 من ق.م.م و في فقرته الأخيرة نص على أن القاضي يعين فوراً اليوم و الساعة التي ينظر فيها الطلب، كما أن الفصل 149 من ق.م.م صرح بأنه يتم تعيين أيام و ساعات جلسات القضاء المستعجل من طرف الرئيس (المحكمة التجارية) ذلك أنه يستدعي منا توضيح طرق استدعاء المدعى عليه، فقد نص الفصل 151 من ق.م.م على أن القاضي يأمر باستدعاء الطرف المدعى عليه طبقاً للشروط المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39. مع استثناء الحالة التي تتوفر فيها حالة الاستعجال القصوى و هي حالة متروكة لتقدير القاضي حسب ظروف كل قضية و ملابساتها حيث يبث على وجه السرعة دون إجراءات أي دون استدعاء طرفي الدعوى , و مما تجدر الاشارة اليه انه خصوصية المسطرة في المادة التجارية تلقي بضلالها على مجموعة من الاجراءات و منها اجراءات التبليغ أو الاستدعاء لحضور الجلسات امام المحاكم التجارية إذ نجد المشرع المغربي حدد مسبقا المؤسسة المكلفة بالتبليغ في المادة التجارية[5] و هي مؤسسة المفوضين القضائيين [6]
المطلب الثاني: الشروط الموضوعية لرفع الدعوى الاستعجالية
جاء في مطلع الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية: “يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحدة بالبث بصفته قاضياً للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال…” وقضى الفصل 152 من نفس القانون بأنه ” لا تبث الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر…”
فمن خلال هذين الفصلين يتضح أن اختصاص القاضي الاستعجالي منوط بتوفر شرطين: أولهما ضرورة توافر الاستعجال في المنازعة المطروحة أمامه(الفقرة الأولى) ، و ثانيهما عدم المساس بجوهر الحق (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى : توفر عنصر الاستعجال
إذا كان المشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة لم يضع أي تعريف لهذا العنصر الأساسي سواء في المادة21 من ق.م.ت أو في الفصل 149 من ق.م.م والذي اكتفى فيه بإبراز عنصر الاستعجال كشرط لانعقاد اختصاص قاضي الأمور المستعجلة، فإن الفقه[7] والقضاء[8] حاولا سد الثغرة بإيجاد التعريف المناسب حيث وقع الاتفاق على أن الاستعجال هو الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد المحافظة عليه والذي يلزم درؤه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده.
والاستعجال مبدأ مرن وغير محدد، وهو بذلك يسمح للقاضي أن يقدر في وصفه للواقعة ظروف كل دعوى على حدة، كما أن مرونة المبدأ ذاته وعدم تحديده يتنافيان مع أي شيء من كل ذلك، ويتنافران مع أي تعريف منطقي لأن الاستعجال ليس مبدأ ثابتا، بل هو حالة تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان وتتلاءم مع التطور الاجتماعي في الأوساط والأزمنة المختلفة[9]، ويستشفه قاضي المستعجلات من ظروف وقائع الدعوى الواردة في المقال الافتتاحي، ومناقشة الطرفين بالجلسة ويستنبطه من عناصر الملف فلا يمكن أن يكون الاستعجال من مجرد رغبة أحد الطرفين في الحصول على حكم في الدعوى بأسرع ما يمكن.
وفي هذا السياق، يطرح السؤال حول إمكانية تقديم طلب إثبات حال بواسطة خبير أمام القضاء الاستعجالي في إطار مسطرة تواجهية طبقا لمقتضيات الفصل 149 ق م م، وما هي الآثار التي يمكن أن تترتب على ذلك؟
وجوابا عن ذلك، نشير إلى نازلة تتعلق بكون المكري تقدم بطلب ضد المكتري على إثر قيامه بتغطية الساحة التي يتوفر عليها المحل المكترى، وإدخاله تغييرات جذرية عليه دون استئذانه، والتمس تعيين خبير مختص في الأمور العقارية لأجل الوقوف على عين المكان وتقديم وصف شامل وكامل للعقار وبالخصوص لساحته والتأكد من التغييرات بما يراه من وبعد جواب المدعى عليهم أصدر رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للمستعجلات أمرا برفض الطلب في غيبة الأطراف ودون استدعائهم. وبعد الطعن بالاستئناف من طرف المكري قضت محكمة الاستئناف التجارية[10]بعدم قبول الاستئناف شكلا بعلة ” أن الإطار القانوني للطلب يندرج فـي إطار الأوامر المبنية على الطلب والمعاينات، وأنـه حسب الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية يكون الأمر الذي يصدره رئيس المحكمة في حالة الرفض قابل للاستئناف داخل أجل 15 يوما من يوم النطق به عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال، وبما أن الأمر يرمي إلى إجراء خبرة يكون غير قابل للاستئناف…”.
غير أن محكمة النقض[11] كان لها موقفا آخر من هذا الاتجاه، حيث اعتبرت الأمر الذي يصدره رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة في إطار الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية يكون قابلا للاستئناف في حالة الرفض، والأمر الصادر عنه بناء على طلب استعجالي يتم بعد استدعاء الأطراف وجوبا وإن كان صادرا في إطار الحالات المشار إليها في الفصل 148 من نفس القانون، إذ أن إثبات حال ليس قاصرا على الفصل المذكور وإنما يمكن تقديمه في إطار الفصل 149 من نفس القانون وعليه فإن الجهة المصدرة له لا يمكنها تجاهل استدعاء الأطراف.
يتعين أن يتوافر الاستعجال من وقت رفع الدعوى حتى وقت الحكم فيها، فإذا تخلف في أي مرحلة من مراحلها ينتفي أحد شرطي اختصاص القضاء المستعجل، ويتعين القضاء بعدم اختصاصه بنظر الدعوى.
وتوافر الاستعجال شرط لازم في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية، ومن تم فإن زوال الاستعجال في المرحلة الاستئنافية يؤدي إلى القضاء بعدم اختصاص القضاء المستعجل حتى ولو كان متوافرا في المرحلة الابتدائية[12].
وهذا ما أكده العمل القضائي معتبرا أن “توافر الاستعجال شرط لازم سواء أمام محكمة الدرجة الأولى أو أمام محكمة الاستئناف ومن تم فإن زوال الاستعجال أمام المحكمة الاستئنافية برغم توافره أمام محكمة الدرجة الأولى يؤدي إلى القضاء بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر النزاع[13]
الفقرة الثانية: عدم المساس بالموضوع
من الشروط التقليدية لاختصاص القضاء الاستعجالي إلى جانب الاستعجال اشتراط عدم المساس بالموضوع[14] وهذا القيد تضمنته التشريعات العربية كذلك وغالبيتها تبنت نفس الاصطلاح، وقد أكد القانون المغربي ذلك بقوله لا تمس الأوامر الاستعجالية بما يمكن أن يقضى به في الجوهر ( الفصل 152 ) ويعني عدم المساس بالجوهر عدم اتخاذ ما يمكنه التأثير على الحق، أي عدم تجاوز الاختصاص في اتخاذ الإجراء التحفظي لحماية الحق والبث في ذاته إيجابا أو سلبا، و معنى أصل الحق هو كل ما يتعلق به وجودا أو عدما فيدخل في ذلك ما يمس صحته أو يؤثر في كيانه أو يغير فيه، أو في الآثار القانونية التي رتبها له القانون أو التي قصدها المتعاقدان، فأصل الحق هو صميم النزاع الموضوعي[15].
و على هذا إذا رفعت الدعوى بطلبات موضوعية فإنها تكون خارجة عن اختصاص القاضي الاستعجالي الذي يشترط لاختصاصه بنظر المسائل المستعجلة طبقا للمادة 152 من ق.م.م أن لا يكون لحكمه مساس بما يمكن أن يقضي به في موضوع الدعوى و جوهرها.
أما إذا استبان للقاضي الاستعجالي أن المنازعة القائمة بين الطرفين منازعة موضوعية بحيث لم يعد أصل الحق واضحا أمامه وضوحا يتطلب الحماية المؤقتة، أو تبين له عند بحث دفاع الخصوم و حجههم أنه لا يستطيع أن يصدر أمره دون المساس بالموضوع أو كان الخلاف القائم بين الطرفين يستلزم تفسير الاتفاقات المبرمة بينهما، فإنه في هذه الحالات ينبغي عليه أن يتخلى عن الفصل في الطلب المطروح أمامه ويقضي فيه بعدم الاختصاص لمساس الفصل فيه أصل الحق[16]
و يضيف الفصل 153 ق م م أن الاوامر الاستعجالية تكون مشمولة بالنفاذ المعجل إذ جاء في أمر استعجالي لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء أن[17] ” الحكم الابتدائي الصادر في دعوى الطعن في إجراءات الإنذار العقاري يكون مشمولا بالتنفيذ المعجل رغم كل تعرض أو استئناف طبقا للفصلين 483 و484 من ق.م.م، وتبعا لذلك فإن مجرد صدور الحكم في دعوى الطعن في إجراءات الحجز التنفيذي يترتب عنه مواصلة إجراءات التنفيذ متى قررت المحكمة عدم الاستجابة لطلب الطعن في الإجراءات…”.
وفي هذا الإطار قررت محكمة النقض[18] أن الأحكام ولئن كانت مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون لا تقبل إيقاف التنفيذ من طرف قضاء الموضوع، فإنه لا يوجد ما يمنع من تأجيل تنفيذها عن طريق إثارة الصعوبة بشأنها سواء أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف عادية كانت أم متخصصة، عندما يكون استئناف موضوع النزاع معروضا على محكمته وتتوافر في الطلب المعروض عليه شروط التمسك بوجود صعوبة “.
المبحث الثاني : مجالات تدخل رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي المستعجلات
إذا كان الفصل149[19] من ق م م حدد الحالات التي يبث فيها رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات فإن المادة 21[20] من القانون المحدث للمحاكم التجارية أضافت اختصاصات اخرى يمارسها رئيس المحكمة التجارية في اطار القضاء الاستعجالي و عليه سنتناول اختصاصات رئيس المحكمة التجارية الواردة في قانون المسطرة المدنية في مطلب لأول على أن نتناول الاختصاص الاستعجالي لرئيس المحكمة التجارية بموجب قانون احداث المحاكم التجارية في مطلب ثان
المطلب الأول : الاختصاص الاستعجالي لرئيس المحكمة التجارية وفق قانون المسطرة المدنية
اعتمادا علة مقتضيات المادة 20 من قانون 53-95 يمكن القول بان قاضي المستعجلات لدى المحكمة التجارية لا يختلف عن نظيره لدى المحكمة الابتدائية الا من حيث التخصص. و عليه سنتطرق الى التدابير التحفظية التي تدخل في ولاية رئيس المحكمة التجارية حسب الاحالة الصريحة للمادة 20 من قانون 53-95 على الفصل 149 من ق م م و ذلك عبر التطرق الى الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيد في الفقرة الأولى و الحراسة القضائية في الفقرة الثانية
الفقرة الأولى : الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ .
يقصد بالصعوبة في التنفيذ تلك الوسيلة القانونية التي بواسطتها يلجأ ذو المصلحة الى القضاء ليعرض عليه وجهة نظره حول جواز أو عدم جواز التنفيذ, أو حول بطلان اجراء من اجراءاته أو حول ايقافه أو الاستمرار فيه [21]
و جاء في أمر استعجالي لرئيس المحكمة التجارية بالرباط , أن الصعوبة بمفهومها القانوني تعني الاشكالات التي تطرأ بعد صدور الحكم و التي تشكل حجرة عثرة تحول دون تنفيده[22].
فالمنازعات الوقتية هي من صميم اختصاص رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للمستعجلات باصدار أمر استعجالي يقضي بالاستجابة للطلب أو رفضه من خلال المستندات و الوثائق المعززة للطلب . فمقدم الطلب اذا لم يثبت واقعة الصعوبة في التنفيذ , فإن قاضي المستعجلات يصرح برفض الطلب .
و اذا كان المشرع المغربي نص في الفصل 149 ق م م على ان اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية – المحكمة التجارية- للبت في الصعوبة المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ يتطلب توافر عنصر الاستعجال .فإن الفقه و القضاء يجمع على أن شرط الاستعجال يكون مفترضا في هذه الحالة, إذ يكفي اثبات وجود الصعوبة لان اثباتها يعد اثبات لحالة الاستعجال , فالصعوبة تفترض وجود استعجال لانها تكتسي بطبيعتها صفة استعجالية.فكلما تبثت صعوبة في التنفيذ الا و يكون قاضي المستعجلات مختصا بالبت فيها[23]. ثم يجب أن تكون الصعوبة في التنفيذ التي يختص بها رئيس المحكمة التجارية مرتبطة باحكام صادرة عن المحاكم التجارية و ذلك في نطاق النزاعات التي تدخل ضمن اختصاص هذه الاخيرة و فقا لما هو منصوص عليه في القانون المحدث للمحاكم التجارية.
و إذا كان المشرع المغربي اسند اختصاص البت في صعوبة التنفيذ لرئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي للامور المستعجلة, فإنه لم يسلك نفس توجه المشرع الفرنسي الذي منح اختصاص البت في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ الاحكام القضائية او السندات القابلة للتنفيذ لقاضي التنفيذ .
الفقرة الثانية : الحراسة القضائية
لم يعرف المشرع المغربي الحراسة القضائية تعريفا شاملا، بل اقتصر على قوله في الفصل 818 من ظ.ع.ل “إيداع الشيء المتنازع عليه بين يدي الغير يسمى حراسة…” وأخضعها بذلك لأحكام الوديعة الاختيارية، ولبعض أحكام الوكالة، ولبعض المقتضيات الخاصة سواء المنصوص عليها في نصوص متفرقة في ق.ع.ل أو في قانون المسطرة المدنية خصوصا في الباب المتعلق بقضاء الاستعجال في الفصل 149 من ق.م.م.
فلئن كانت الحراسة القضائية تشابه الوديعة والوكالة في بعض أحكامها، فإنها تختلف عنهما من وجوه أخرى مما يجعلها ذات طبيعة خاصة، ذلك أنها تعتبر نيابة قانونية وقضائية، على اعتبار أن القانون هو الذي يحدد نطاقها، والقضاء الذي يحدد مهمة الحارس القضائي حسب ما يسمح به القانون.
أما عن شروط الحراسة القضائية، فإنها غير واردة في نص خاص، وإنما يمكن استباطها من نصوص قانونية متفرقة، ذلك أن الفصل 818 من ق.ع.ل نص على أن الحراسة هي “إيداع شيء متنازع عليه بين يدي أحد من الغير”، وتحدث الفصل 149 من ق.م.م عن الحراسة القضائية عند تحديد اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضي المستعجلات حيث جعل الأمر بها من اختصاص هذه الجهة القضائية، شريطة توفر عنصر الاستعجال، كما تحدث الفصل 152 من نفس القانون عن الأوامر الاستعجالية بصفة عامة، حيث أعطاها صبغة “الوقتية” وعدم المساس “بجوهر الحق”.[24]
وفي هذا المعنى أصدر المجلس الأعلى)محكمة النقض) قرارا بتاريخ 30/07/1980 في الملف المدني رقم 78851 جاء فيه: “إن الحراسة القضائية إجراء مؤقت وتحفظي، يرجع الأمر في تقدير ظروفها إلى السلطة المخولة لقضاء الاستعجال.
و عموما حتى يستجيب رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للامور المستعجلة للطلب الرامي الى الأمر بالحراسة القضائية يقتضي ذلك توفر الشروط التالية [25]
- وجود نزاع : يعتبر هذا الشرط لازما للاستجابة لطلب الامر بالحراسة القضائية , و قد نص عليه المشرع المغربي صراحة في الفصل 818 ظ ل ع [26] و لا يكفي وجود النزاع, بل يجب أن يكون هذا النزاع جديا و مبينا على اساس من الصحة تؤكده المستندات و ظروف الحال .
- توفر عنصر الاستعجال :هذا الشرط المتطلب للامر بالحراسة القضائية هو نفسه المتطلب لانعقاد الاختصاص لرئيس المحكمة التجارية للتدخل كقاضي للامور المستعجلة , و هو من المسائل التي يستقل قاضي المستعجلات بتقديرها و لا يخضع في ذلك لرقابة محكمة النقض[27]
- أن تكون الحراسة القضائية هي الوسيلة الضرورية والوحيدة للمحافظة على الشيء:
لقد أظهر العمل القضائي خطورة الحراسة القضائية كإجراء سمح به القانون، واعتبارا لما يترتب عن هذه الخطورة من نتائج وخيمة سواء على مصلحة الأطراف المتنازعة أو على المصلحة العامة في بعض الأحيان، فإن القضاء بدأ يشترط لقبول الحراسة القضائية، أن تكون هي الوسيلة الوحيدة والضرورية للمحافظة على الشيء من الضياع، ويمكن تصور هذه الخطورة من عدة زوايا، بحيث أن الحراسة القضائية في حد ذاتها تقيد من حرية التملك للفرد، وتغل يده على التصرف في أمواله بعد أن يتم وضعها تحت حيازة الغير وهو الحارس القضائي الذي قد يعبث بها، ويسيء إدارته لها، فتضيع مصلحة صاحب المال ويهدر حقه، كما تضيع مصلحة طالب هذا الإجراء الذي يجني منه شيئا بعد فساد ما كان يرجو إصلاحه وتصبح بذلك الغاية التي من أجلها اتخذ هذا الإجراء، وهو حفظ الشيء وإدراته، منعدمة الأساس وغير منسجمة مع الواقع.[28]
فقد جاء في قرار محكمة الاستئناف بالرباط الصادر بتاريخ 06/08/1968 في الملف رقم 40501 “أن الأمر بوضع الشيء تحت نظام الحراسة القضائية إجرا ء خطير يجب أن لا يتخذ إلا في حالة الضرورة الحقيقية، كما ورد في أمر استعجالي صادر عن السيد رئيس المحكمة الابتدائية بالمحمدية بتاريخ 03/05/1980 في القضية الاستعجالية رقم 36/84 أنه “يجب أن تكون الحراسة القضائية هي الوسيلة الوحيدة للمحافظة على الشيء”[29].
و من أمثلة النزاعات التي يمكن طلب الحراسة القضائية بشأنها نورد مثال لشركة المساهمة حيث أن شركة المساهمة التي تتأسس بين عدة مساهمين لا يعرف بعضهم البعض قد تنشأ داخلها خلافات تتعلق بالتسيير الأمر الذي يدفع المساهمين الى وضع الاسهم تحت الحراسة القضائية لوجود نزاع في ملكيتها.
لكن الاشكال المطروح هنا هو هل يمكن للحارس القضائي أن يمارس الحق في التصويت داخل الجمعيات العامة ؟ خاصة و ان المشرع لم يشر الى هذه الحالة في قانون شركة المساهمة و إنما تطرق للحالة التي تكون فيها الاسهم محلا للرهن الحيازي [30]
- قابلية الشيئ للوضع تحت الحراسة القضائية :
يتطلب لكي يامر قاضي المستعجلات بوضع الشيئ تحت المراقبة القضائية ان يكون مشتركا و ان تكون طبيعته تقبل الوضع تحت الحراسة و بهذا الخصوص فهل يمكن وضع شركة مساهمة تحت الحراسة القضائية ؟
نعلم أن شركة المساهمة تختلف عن شركات الاشخاص لكونها تقوم على الاعتبار المالي, بحيث يكون الشريك في شركة المساهمة مساهما و لا يتولى ادارة الشركة التي تبقى من اختصاص مجلس الادارة تحث إشراف الجمعية العامة.[31] و هكذا لا يجوز وضع شركة المساهمة تحت الحراسة القضائية الا إذا استحال على مجلس الادارة الاستمرار في ادارتها حيت تعين المحكمة مسيرا موقتا لها .
المطلب الثاني : الاختصاص الاستعجالي لرئيس المحكمة التجارية وفق قانون 53-95
إن دراسة اختصاص رئيس المحكمة التجارية تقتض بالضرورة الوقوف على الصلاحيات التي خولته له المادة 21 من القانون المحدث للمحاكم التجارية (فقرة أولى) على ان نرجئ الحديث عن الاختصاصات الاستعجالية في نصوص خاصة (فقرة ثانية)
الفقرة الأولى : الاختصاص الاستعجالي لرئيس المحكمة التجارية بموجب المادة 21 من قانون احداث المحاكم التجارية
تنص مقتضيات المادة 21 من القانون المحدث للمحاكم التجارية أنه يمكن لرئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للامور المستعجلة و في حدود اختصاص المحكمة ان تامر بكل التدابير التي لا تمس أي منازعة جدية و أضافت الفقرة الثالثة ان لرئيس المحكمة التجارية – رغم وجود منازعة جدية- أن يامر بكل التدابير التحفظية أو بارجاع الحالة الى ما كانت عليه لدرء ضرر حال أو لوضع حد لاضطراب تبت جليا انه غير مشروع .
فالملاحظ من خلال الفقة 3 من المادة 21 أن المشرع المغربي هجر التعامل الصلب مع عناصر القضاء الاستعجالي في اتجاه الاستجابة لمتطلبات التجارة و المعاملات التجارية التي تتسم بالسرعة , حيث أصبح قاضي المستعجلات التجاري يتدخل رغم وجود منازعة جدية تدابير تحفظية أو بارجاع الحالة الى ما كانت عليه لدرء ضرر حال و بالثالي أمكن القول أن الفقرة 3 تؤسس لقضاء استعجالي مستقل و هي مقتبسة من المادة 873/3 من قانون المسطرة المدنية الفرنسية[32].
و عليه سنتناول هذه الاختصاصات كما يلي :
1- الامر باتخاد التدابير التحفظية :
يقصد بالتدابير التحفظية كل الاجراءات الوقتية التي يتخدها قاضي المستعجلات لدرء ضرر حال يهدد الحق موضوع الطلب .
و يظهر من خلال الفقرة 3 من المادة 21 من القانون المحدت للمحاكم التجارية
أن المشرع لم يعط تفسيرا لعبارة الاضطراب غير المشروع و لا عبارة الضرر الحال لكن يرى البعض أن الضرر الحال هو الضرر الذي لم يتحقق بعد لكنه على وشك الحدوث لو استمرت الوضعية على ما هي عليه و يتعين درؤه بالاجراء الوقائي المناسب [33].
و تجدر الاشارة أن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية ليست له الصلاحية باتخاد التدابير التحفظية ما دامت الفقرة 3 من المادة 21 من قانون احداث المحاكم التجارية لم تشر الى ذلك صراحة.
2-الأمر بارجاع الحالة الى ما كانت عليه:
منح المشرع المغربي لرئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للامور المستعجلة استنادا الى الفقرة 3 من المادة 21 صلاحية الأمر بارجاع الحالة الى ما كانت عليه لدرء ضرر حال أو لوضع حد لاضطراب تبت جليا أنه غير مشروع حيث يتحقق قاضي المستعجلات من توفر عنصر الضررة الاضطراب غير المشروع و من أمثلة ارجاع الحالة الى ما كانت عليه طرد محتل لمحل تجاري بدون وجه حق أو سند[34].
لكن يطرح اشكال بخصوص مدى صلاحية قاضي المستعجلات بالمحكمة التجارية من البت في الطلبات الاستعجالية التي يرفعها المشغلون لاخلاء العمال المضربين المعتصمين بالمقاولة بمناسبة اضراب تطبيقا للمادة 21 من قانون احداث المحاكم التجارية؟
على مستوي القضاء الفرنسي نجده منح الاختصاص لقاضي المستعجلات للنظر في طلبات طرد العمال المضربين المحتلين لمقرات العمل [35].
و هو نفس التوجه سار عليه القضاء المغربي حيث نجد القرار الصادر عن رئيس محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء يقضي بإخلاء مقرات العمل من طرف العمال المضربين[36].
الفقرة الثانية : الاختصاص الاستعجالي لرئيس المحكمة التجارية بموجب نصوص خاصة
لقد نص المشرع المغربي على حالات محددة يبت فيها رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للمستعجلات و ذلك وفق نصوص خاصة. دون أن يتحرى مدى توافر شروط انعقاد اختصاصه المتعارف عليها قانونا و فقها و قضاءا لان المشرع حسم ان البت في هذه الطلبات يرجع الى رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي للمستعجلات .
و الاختصاصات الاستعجالية كتيرة و متعددة يصعب الاحاطة بها جميعا و بالتالي سنقتصر على اهمها
1 –اختصاص قاضي المستعجلات التجاري في اطار مدونة التجارة
- في مجال الأصل التجاري : يعتبر الاصل التجاري ملكية تجارية يمكن التصرف فيه بجميع أنواع التصرفات, غير أنه أثناء هذه التصرفات قد تتار مشاكل قانونية تستدعي تدخل القضاء. ففي حالة بيع الأصل التجاري قد يتم التعرض على هذا البيع من طرف دائني صاحب الاصل التجاري فانه لا يمكن الاحتجاج بنقل ثمن البيع اتجاه الدائنين المتعرضين داخل الاجل القانوني[37], و في هذه الحالة لا يبقى امام البائع سوى اللجوء الى رئيس المحكمة التجارية للحصول على أمر استعجالي قصد تمكينه من قبض الثمنت رغم التعرض, خاصة و أن الامر يتعلق بانتقال الاصل التجاري و هي عملية تهم عدة أطراف مع مراعاة الشروط الواردة بعده في المادة 85 و 88 من مدونة التجارة, وتضيف المادة 124 ان مشتري الاصل التجاري يصبح هو الحارس القانوني و أنه لا يجوز لكل ذي مصلحة أن يطلب من رئيس المحكمة التجارية تعيين حارس قضائي, غير أن الامر يقتضي توافر شروط الحراسة القضائية المنصوص عليها قانونا[38].
- في مجال العقود التجارية : يختص رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي الامور المستعجلة في اطار العقود التجارية بالبت فيما يتعلق بعقد رهن أدوات و معدات التجهيز حيت منحته المادة 370 من م ت أن يبت في النزاعات الناشئة عن الديون المرهونة و أن يصدر امرا يسمح بموجبه للدائن المرتهن بتتبع حالة معداته المرهونة و طلب استحقاقها حسب شروط المادة 373 من م ت.
كما اسندت المادة 435 م ت الاختصاص لقاضي المستعجلات مهمة ارجاع العقار بعد معاينة واقعة عدم الاداء و ذلك في حالة عدم تنفيذ للمكتري لالتزاماته التعاقدية المتعلقة باداء المستحقات الناجمة عن عقد الإئتمان الإيجاري شريطة استنفاد الاجراءات الودية المنصوص عليها في المادة 433 من م ت, و تضيف المادة 435 من م ت أن هذه المسطرة تخص فقط الائتمان الايجاري للعقار دون المنقول.
- في قانون الملكية الصناعية : منح المشرع المغربي لرئيس المحكمة التجارية امكانية اصدار الأمر باجراء الحجز أو أي شكل من اشكال التحفظ على الادوات و المواد و جميع الوتائق التي تساعد على اثبات التزييف سواء على شكل أصول او نسخ, و كدا بالمعاينة و بجميع الوسائل المفيدة للوصول الى أصل المخالفة و طبيعتها و مداها[39]
كما ينص الفصل 203 من قانون الملكية الصناعية أنه يمكن لرئيس المحكمة التجارية أن يصدر امرا استعجاليا بوقف الاعمال غير المشروعة بصفة مؤقتة الى حين انتظار صدور حكم عن محكمة الموضوع.
و هكذا اصبحت الاجراءات الوقتية و التحفظية لها اهمية قصوى في قانون الملكية الصناعية و ذلك من خلال الدور الهام الذي يقوم به رئيس المحكمة التجارية[40]
خاتمة
لقد أنشا المشرع المغربي القضاء الاستعجالي الى جانب القضاء العادي بعدما ظهر ان الاكتفاء بالالتجاء الى القضاء العادي و ضرورة اجراءاته قد يكون غير منتج في بعض الحالات الخاصة التي تستلزم الفصل فيها بسرعة, و يخشى عليها من فوات الوقت’ فيحصل بذلك ضررا لا يمكن تلافيه.
فالقضاء الاستعجالي يتولى اتخاد اجراءات وقتية سريعة لصيانة مصالح الناس دون التعرض لاصل الحقوق المتنازع عليها و يميزه عن القضاء العادي ميزتين اولهما ضرورة توفر عنصر الاستعجال و تانيهما أن حكمه مؤقت لا يمس الموضوع و لا يؤتر في اصل الحق, فمتى تحقق هذان العنصران كان القاشي الاستعجالي مختص للبت في النزاع المعروض عليه و لكن المشرع المغربي نظرا للخصوصيات التي تمتاز بها المادة التجارية اعطى لرئيس المحكمة التجارية صلاحيات واسعة أطرتها المادة 2 من القانون 53-95.
لا ئـــــــحــــة الــــــــمـــــراجــــــــع
- الكتب العامة
– الطيب الفصايلي , الوجيز في القانون القضائي الخاص ج 2 الطبعة الثانية نونبر 1999 المطبعة و الوراقة الوطني –مراكش
-حسن الرميلي مؤسسة الرئيس الاختصاص و المساطر الخاصة بالاستعجال و مسطرة الأمر بالأداء الطبعة الأولى سنة 1999
– عبد العزيز توفيق , موسوعة ق م م و التنظيم القضائي ج 2 مطبعة النجاح الجديدة –الدارالبيضاء- طبعة 3- 2001
-محمادي لمعكشاوي , الوجيز في المساطر الخاصة بالاستعجال على ضوء ق م م , مطبعة دار الافاق المغربية –الدارالبيضاء- ط الاولى 2011
-محمد علي رشدي – قاضي الأمور المستعجلة (دون ذكر دار النشر )- ط 1998
- الرسائل و الاطروحات
-ايت فارس لحسن .اختصاص رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للامور المستعجلة. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة – جامعة محمد الخامس اكدال- الرباط السنة الجامعية 2000-2001
-خليفي عبد الاله, القضاء المستعجل التجاري بالمغرب رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص . جامعة محمد الخامس, السويسي –الرباط- السنة الجامعية 2009/2010
-زوقا عبد الله –الحماية القضائية لحقوق الملكية الصناعية العلامات نموذجا- اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص , جامعة الحسن الأول , سطات السنة الجامعية 2014/2015 ص
- المجلات
-مجلة رسالة المحماة العدد العد 6 فبراير 2016
-مجلة القسطاس العدد الأول أكتوبر 1997
-مجلة المتوسط للدراسات القانونية و القضائية عدد 1 يونيو 2016
الـــــــــفـــــــــــــــــــهــــــــــــــــــــرس
|
1 عرض قدم اليوم الدراسي الذي نظمته محكمة الاستئناف بالرباط في إطار انشطتها الثقافية حول موضوع “محكمة الرئيس” وذلك يوم 24/06/2002 بالمعهد الوطني للدراسات القضائية.
[2] مقال الدكتور محمد السماحي حول: “موقع القضاء المستعجل من القضاء بصفة عامة”، منشور في ندوة القضاء المستعجل المنظمة من طرف مجلس وزراء العدل العرب سنة 1986، ص: 91.
[3] المادة 20 من القانون المحدث للمحاكم التجارية .
2 ترففع الدعوى امام المحاكم التجارية بمقال مكتوب يوقعه محام مسجل في هيئة من هيئات المحامين بالمغرب ……
3 الفصل 149 من ق م م
[4] الطيب الفصايلي , الوجيز في القانون القضائي الخاص ج 2 الطبعة الثانية نونبر 1999 المطبعة و الوراقة الوطني -مراكش-
المادة 15 من القانون المحدث للمحاكم التجارية [5]
[6] ظهير شريف رقم 23-06-1 صادر في 15 محرم 1427 الموافق ل 14 فبراير 2016 بتنفيذ القانون رقم 03-81 المنظم لمهنة المفوضين القضائيين , جريدة رسمية رقم 5400 الصادرة بتاريخ 2 مارس 2006
محمد علي راتب ومن معه – في قضاء الأمور المستعجلة – ط 7- 1985 – ج 1 – ص 26.[7]
أورده محمد علي رشدي -قاضي الأمور المستعجلة- ص 48 (دون ذكر دار النسر )ط 1998.[8]
[9] محمد علي رشدي – قاضي الأمور المستعجلة –ص 51(دون ذكر دار النشر )- ط 1998
[10] قرار عدد 5955/2009 الصادر بتاريخ 8/12/2009 عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء في الملف عدد 4074/2009 غير منشور
[11] القرار عدد 420 الصادر بتاريخ 24 مارس 2011 في الملف التجاري عدد 574/3/2/2010 منشور بالعدد 11 من مجلة النشرة المتخصصة لمحكمة النقض الذي جاء في معرض حيثياته ما يلي:
” … حيث إن الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية ينص “يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده للبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو… بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات…”، وأن محكمة الاستئناف قضت بعدم قبول استئناف الطالب شكلا بعلة ” أن الإطار القانوني للطلب يندرج في إطار الأوامر المبنية على الطلب والمعاينات وأنه حسب الفصل 148 يكون الأمر الذي يصدره رئيس المحكمة في حالة الرفض قابلا الاستئناف عدا إذا تعلق الأمر بإثبات حال، وبما أن الأمر يرمي إلى إجراء خبرة يكون غير قابل الاستئناف “، مع أن الأمر المستأنف صدر بناء على طلب استعجالي يرمي إلى إجراء خبرة في إطار الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية بعد استدعاء الأطراف وأجوبتهم، والذي يعطي لرئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات البت بالإضافة إلى ما أشير إليه فيه إلى أنه يختص أيضا في الحالات المشار إليها في الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية وليس في إطار هذا الأخير، وفي غيبة الأطراف فإثبات حال ليس قاصرا على الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية كما جاء في تعليل القرار، مما جعله يتسم بسوء التعليل الموازي لانعدامه جعله عرضة للنقض “.
[12] عبد العزيز توفيق , موسوعة ق م م و التنظيم القضائي ج 2 مطبعة النجاح الجديدة –الدارالبيضاء- طبعة 3 2001 ص 497
[13] قرار مستأنف مستعجل القاهرة بمصر رقم 2061/1081 أشار إليه مصطفى مجدي هرجه – أحكام وآراء في القضاء المستعجل – ط 1989 – ص14
[14] – رسالة المحاماة تصدرها هيئة المحاماة بالرباط أبريل 1988 العدد 5 ص 31
[15] محمادي لمعكشاوي , الوجيز في المساطر الخاصة بالاستعجال على ضوء ق م م , مطبعة دار الافاق المغربية –الدارالبيضاء- ط الاولى 2011 29 و ما بعدها ص
[16] – مؤسسة الرئيس الاختصاص و المساطر الخاصة بالاستعجال و مسطرة الأمر بالأداء لحسن الرميلي الطبعة الأولى سنة 1999
[17] أمر استعجالي بتاريخ 12/9/2011 في الملف رقم 4092/11/1 تحت رقم 3541/11 غير منشور
[18] القرار عدد 691 الصادر بتاريخ 28 يونيو 2012 في الملف التجاري عدد 1469/3/1/2011 منشور بالعدد 11 من النشرة المتخصصة لمحكمة النقض الذي جاء في معرض حيثياته ما يلي:
حيث ولئن كانت الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون لا تقبل إيقاف التنفيذ من طرف قضاء الموضوع حسبما تقضي به الفقرة الأخيرة للفصل 147 من ق.م.م، فإنه لا يوجد ما يمنع من تأجيل تنفيذ الأحكام المذكورة عن طريق إثارة الصعوبة بشأنها أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف عادية كانت أم متخصصة، لما يكون استئناف موضوع النزاع معروضا على محكمته وتتوافر في الطلب المعروض عليه شروط التمسك بوجود صعوبة، عملا بالفصل 149 من ق.م.م المطبق حتى أمام المحاكم التجارية بصريح نص المادة 19 من قانون إحداثها، التي تجعل قواعد المسطرة المدنية مطبقة أمامها ما لم ينص على خلاف ذلك (أي الفصل 149 من ق.م.م)، والذي ينص على اختصاص رئيس المحكمة ورئيس محكمة الاستئناف لما يكون نزاع الموضوع معروضا عليه، وكلما توفر عنصر الاستعجال، بالبت في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ، غير أن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف التجارية وهو يبت في طلب تأجيل التنفيذ لوجود صعوبة تتجلى في مقال الاستئناف المعروض على قضاة الموضوع لمحكمته، بشأن استئناف الحكم القاضي برفض طلب الطعن في إجراءات الحجز العقاري المشمول بالنفاذ المعجل بمقتضى الفصل 483 من ق.م.م، اعتبر ” أن طعن الطالبة في الإنذار الموجه إليها صدر فيه حكم بعدم قبول الطلب، فيترتب على ذلك مواصلة إجراءات التنفيذ —–بقوة القانون، وبالتالي يكون طلب تأجيل التنفيذ غير مرتكز على أساس قانوني”، دون تبيان وجه عدم ارتكاز الطلب على أساس رغم ما تقضي به الفصول 3 و149 و483 من ق.م.م فاتسم الأمر المطعون فيه بنقص التعليل المعتبر بمثابة انعدامه مما يعرضه للنقض
[19] ينص الفصل 149 ق م م “يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توافر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ, أو الامر بالحراسة القضائية , أو اي اجراء اخر تحفظي , سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا ,بالاضافة الى الحالات المشار اليها في الفصل السابق و التي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات “…
[20] تنص المادة 21 من القانون رقم 53-95 يمكن لريئس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للامور المستعجلة و في حدود اختصاص المحكمة أن يامر بكل التدابير التي لا تمس أي منازعة جدية …
[21] ايت فارس لحسن .اختصاص رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للامور المستعجلة. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة – جامعة محمد الخامس اكدال- الرباط السنة الجامعية 2000-2001 ص 44
[22] أمر استعجالي رقم 174 صادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط في الملف عدد 3/2005/57 بتاريخ 31/01/2005 أورده لبشوكي رضوان , اختصاصات رئيس المحكمة التجارية –ؤحث نهاية تمرين الملحقين القضائيين بالمعهد العالي للقضاء بالرباط سنة 2009/2011 ص 68
[23] أيت فارس لحسن م س , ص 46
[24] مصطفى التراب , نظرات حول القضاء المستعجل, مقال منشور بمجلة رسالة المحماة العدد العد 6 فبراير 2016 ص 15
[25] حدد هذه الشروط الأمر الاستعجالي رقم 220 الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط في الملف عدد 3/182/89 بتاريخ 19/11/1989 أورده رشيد وهاب و عبد اللطيف امسارد – القضاء الرئاسي و قضاء الامور المستعجلة بالمغرب خلال 84 سنة – مطبعة النجاح الدارالبيضاء , الطبعة الثانية 2014 ص 211.
[26] ينص الفصل 818 ظ ل ع ايداع الشيئ المتنازع عليه بين يدي الغير يسمى حراسة …
[27] أم كلثوم العطار –خصوصية القضاء الاستعجالي التجاري – مقال منشور بمجلة المتوسط للدراسات القانونية و القضائية عدد 1 يونيو 2016 ص 260
[28] مصطفى التراب م س ص 19
[29] منشور مجلة رابطة القضاة، العددان: 12و13 ص: 78
[30] تنص المادة 129 من القانون 17-95 في الفقرة الثانية ” في حالة رهن الاسهم رهنا حيازيا يمارس مالكها حق التصويت و يجب على الدائن المرتهن رهنا حيازيا ايداع الاسهم المرهونة اذا طلب منه ذلك المدين و تحمل المصاريف
[31] بلمحجوب ادريس. دور رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي للمستعجلات في شركة المساهمة مقال منشور بمجلة القسطاس العدد الأول أكتوبر 1997 ص 9
[32] المجدوبي الادريسي محمد, المحاكم التجارية بالمغرب و اشكاليات التطبيق و افاق التجربة (دون ذكر لدار النشر و سنة النشر ) ص 202
[33] خليفي عبد الاله, القضاء المستعجل التجاري بالمغرب رسالة لنيل دبلوك الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص . جامعة محمد الخامس, السويسي –الرباط- السنة الجامعية 2009/2010 ص 52
[34] أم كلثوم العطار م س ص 263
[35] خليفي عبد الاله م س ص 74
[36] قرار رقم 4973/98 صادر هن محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء بتاريخ 15/06/1989 اورده بحار عبد الرحيم –الاجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية . مطبعة البت سلا طبعة 2009 ص 231-232
[37] المادة 84 من مدونة التجارة
[38] الفصل 149 ق م م
[39] الفقرة الثالتة من الفصل 222 من القانون 23-13 المعدل لقانون الملكية الصناعية عدد 17-97.
[40] زوقا عبد الله –الحماية القضائية لحقوق الملكية الصناعية العلامات نموذجا- اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص , جامعة الحسن الأول , سطات السنة الجامعية 2014/2015 ص 52