في الواجهةمقالات قانونية

العقود في ظل جائحة كورونا أي واقع وأية حماية؟

 

نورالدين لكحل طالب باحث في سلك الدكتوراه القانون الخاص كلية الحقوق بفاس

العقود في ظل جائحة كورونا أي واقع وأية حماية؟

مقدمة :

جائحة كورونا[1]   أو ما يعرف بكوفيد 19، الفيروس الفتاك الذي ظهر في أواخر شهر سبتمبر من سنة 2019 بمدينة ووهان الصينية، وأودى بحياة الكثير من الناس لينتشر في معظم دول العالم، ليصل بدوره إلى المغرب في الثاني من شهر مارس سنة 2020، حيث تم تسجيل أول حالة إصابة بهذا الفيروس القاتل وهي لمهاجر مغربي قادم من الديار الإيطالية، حيث طرح هذا الوباء إشكالات عديدة، اجتماعية واقتصادية على المستوى العالمي، وأثر بشكل سلبي على الحياة العامة ومعها المعاملات التجارية والعقارية والسياحية بمجموعة من الدول من بينها المغرب، وفي ظل عدم استقرار الحالة الوبائية دفع هذا الأخير إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية وسن أحكاما لها، حيث عمدت الحكومة المغربية تحت التوجيهات السامية لصاحب الجلالة محمد السادس لاتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات الاحترازية[2] لحماية المواطنين من المخاطر الصحية لهذا الفيروس حفظا للصحة العامة.

ويجد مفهوم الجائحة أصله في الشرع الإسلامي ومعناه اللغوي الإهلاك والإتلاف لمال أو نفس، ولا يختلف مفهومها في اللغة عن المعنى الاصطلاحي الفقهي فعرفها ابن عرفة ” ما أتلف من معجوز عن دفعه عادة  قدرا من ثمر أو نبات بعد بيعه”[3]

وقد خلف هذا الفيروس، ومعه إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول وفرض الحجر الصحي، ركودا على مستوى الاقتصاد العالمي ومنها الوطني وفاقم الأزمات الاجتماعية، كون أن أغلب الأنشطة الاقتصادية عرفت توقفا تاما عن العمل وبما أن هناك من الأشخاص المرتبطين بعقود مع المقاولات والشركات المشغلة أو عقود ذات طابع عقاري وتجاري، فإن ذلك أثار مجموعة من التساؤلات  حول مصير هذه العقود في ظل جائحة كورونا؟

ونظرا لكثرة العقود وتنوعها سنركز في هذا المقال على عقود الشغل وعقود المعاملات العقارية، لما لها من أهمية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، ولكونها الأكثر تضررا في هذه الجائحة.

هذا وقد أرخى – فيروس كورونا – بظلاله على فئة من الأجراء الذي مافتئ المشرع المغربي يسعى إلى حماية هؤلاء باعتبارهم الفئة الضعيفة في العلاقة الشغلية من خلال مدونة الشغل، حيث خلف ذلك نزاعات شغل فردية.

ومن بين المجالات التي تضررت كذلك بشكل كبير خلال هذه الفترة الاستثنائية هو قطاع العقار، والعقود المرتبطة به، حيث تراجع حجم المعاملات العقارية خلال الفصل الأول من سنة 2020 بنسبة 31.2%  ، إلا أن هذا التراجع لا يطرح إشكالات قانونية كثيرة، لا سيما وأنها عقود فورية الأثر[4] لكن التأثير السلبي للجائحة كان له الأثر الأكبر على مستوى تنفيذ العقود الزمنية[5] في مجال المعاملات العقارية، نجد المعاملات ذات الطابع المعيشي كالأكرية والقروض السكنية مثلا، إضافة إلى ذلك المعاملات العقارية ذات الطابع التجاري كالكراء التجاري، مما يطرح التساؤل حول مصير العقود العقارية في ظل هذه الجائحة؟

ويكتسي هذا الموضوع أهمية بالغة لكون فيروس كورونا متعدد التكييفات فهناك من يعتبره حالة من حالات القوة القاهرة وهناك من ينفي عنه هذه الصفة، لهذا سنحاول معالجة هذا الاختلاف في التكييف القانوني لجائحة كورونا، قبل الخوض في التطرق لعقود الشغل وعقود المعاملات العقارية.

وتأسيسا على ما سبق فإن هذا الموضوع يطرح إشكالية جوهرية مفادها: مدى تأثير جائحة كورونا – كوفيد 19 – على عقود الشغل وعقود المعاملات العقارية في ظل واقع المتغيرات الاقتصادية والانعكاسات الاجتماعية للجائحة على المتعاملين بهذه العقود في ضوء النصوص القانونية المنظمة لها من جهة، والتدابير والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لحمايتهم وللتخفيف من تداعيات الجائحة من جهة أخرى؟

كما يمكننا أن نطرح بعض التساؤلات الفرعية المهمة لمناقشة هذا الموضوع بشكل دقيق: هل تتوفر في جائحة كورونا شروط القوة القاهرة أم لا؟ وما مصير عقود الشغل وعقود المعاملات العقارية في ظل هذه الجائحة؟ وما هي الآليات الحمائية التي اتخذتها الدولة لحماية هذه العقود والمتعاملين بها؟

ولمناقشة هذا الموضوع ومحاولة مقاربة الإشكالية أعلاه، نرتئي أن نعالجه وفق التصميم الآتي:

المحور الأول: التكييف القانوني للظرف الاستثنائي الناتج عن جائحة كورونا وتأثيره عل تنفيذ العقود المبرمة.

المحور الثاني: مصير العقود في ظل جائحة كورونا ( عقود الشغل وعقود المعاملات العقارية).

المحور الأول: التكييف القانوني للظرف الاستثنائي الناتج عن جائحة كورونا وتأثيره عل تنفيذ العقود المبرمة.

ألقت جائحة “كورونا” التي تضرب العالم بظلالها على الالتزامات التعاقدية سواء بين الأفراد أو الشركات، وللحوادث الطارئة والظروف القاهرة أثر مباشر عليها، فعندما يحدث أمر طارئ غير متوقع يجعل من تنفيذ أحد الأطراف لالتزاماته أمرا صعبا، أو تحل قوة قاهرة تجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلا، هنا تتدخل التشريعات وتضع الآليات القانونية لرد الالتزامات إلى حالتها المتعادلة وتحقيق التوازن الاقتصادي للعقد.

واستحضارا للآثار التي خلفتها جائحة كورونا – الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية – حيث لم تقف عند هذا الحد، بل أصبحت لها آثار عديدة على كافة العلاقات القانونية والالتزامات التعاقدية، حيث جعل هذا الوباء من الوفاء بالالتزامات التعاقدية مرهقة ( صعبة) أو مستحيلة. وبذلك سيؤدي الأمر إلى نشوب نزاعات بين الأطراف المتعاقدة بسبب الآثار التي خلفها الفيروس، بما في ذلك التأخير أو صعوبة التسليم في الأجل المتفق عليه أو تعذر التسليم أساسا، وبالتالي عدم تنفيذ مجموعة الالتزامات التعاقدية[6].

يعتبر تحليل الوقائع والتصرفات القانونية من الضرورة بمكان لإعطائها وصفا قانونيا معينا ووصفها في المكان المناسب لها، ومن هنا تظهر لنا ضرورة التكييف القانوني لفيروس كورونا المستجد باعتبارها واقعة طبيعية ومنه استجلاء ما مدى إمكانية اعتبار فيروس كورونا المستجد ضمن حالات القوة القاهرة والحادث الفجائي؟

ومن هنا سنحال التطرق للتكييف القانوني لجائحة كورونا كظرف استثنائي ( الفقرة الأولى)، وكقوة قاهرة وحادث فجائي ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : التكييف القانوني لجائحة كورونا كظرف استثنائي.

لقد اختلف الفقهاء في تحديد مدلول  الظروف الاستثنائية هناك من عرفها ” بأنها تلك الحالة من الحظر الجسيم التي تهدد السلامة العامة والأمن العام والنظام في البلاد وتعرض كيان الدولة للزوال[7].

ولكي يكون أمام ظروف استثنائية لابد من توفر شروط كقيام ظروف استثنائية، وأن تلك الظروف تشكل تهديدا على سلامة وأمن الدولة، استحالة مواجهة التهديد بالطرق العادية.

وتعتبر مرحلة تكوين العقد وهي المرحلة الجوهرية التي تفرغ فيها إرادة الأطراف في صورتها الواقعية الملموسة، بعد أن كان مجرد أفكار غير منزلة بشكل ظاهري، وحتى يقوم العقد صحيحا وينتج كافة آثاره ، لابد من أن يتوفر على شروط الانعقاد وشروط الصحة، وشروط الانعقاد هي الشروط اللازم توافرها لوجود العقد ونشأته، بحيث إنه إذا تخلف شرط منها فإن العقد يعتبر غير موجود، ويكون الجزاء المدني هو بطلانه بطلانا مطلقا[8]، وهذه الشروط يصطلح عليها بأركان العقد وهي العاقدين، والمحل والسبب وركن الشكل وركن التسليم، أما شروط الصحة فهي الشروط اللازم توافرها ليكون العقد صحيحا، وهي أن يكون كل من طرفيه متمتعا بالأهلية الكافية اللازمة لعقده، وإن تكون إرادة كل منها سليمة خالية من عيوب الإرادة من غلط وإكراه وتدليس وغبن، ولقد أوردها المشرع على سبيل الحصر، بالإضافة إلى هذه العيوب نص قانون على حالات المرض والحالات الأخرى المشابهة وإذا كانت إرادة أحد الأطراف معيبة يمكن المطالبة بإبطال العقد.

ومن هنا يمكن اعتبار “كوفيد-19″ ظرفا طارئا، وذلك بالوقوف على مجموعة من الإشارات الدالة على ذلك. فعدم إمكان النيل من القوة الملزمة للعقد الذي نشأ صحيحا، فنشأ معه قوته الملزمة التي تفرض تنفيذه لما ورد فيه.

بحيث لا يمكن تعديله أو نقضه إلا بإرادة الطرفين معا أو الأسباب التي يقررها القانون واستحضارا للحوادث الاستثنائية كالأوبئة مثلا، يصبح تنفيذ الالتزام العقدي شديد الصعوبة وليس بمبرر لفسخ العقد.

وفي هذه الحالة قد يبرم المريض ” بكوفيد-19″ ويغبن فيه غبنا فاحشا، ولا يستطيع القاضي إبطال هذا العقد للإكراه أو الغبن لعدم توفر شروطهما، وبالرجوع لمقتضيات قانون الالتزامات والعقود، نجد المشرع نص في الفصل 54 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه:” أسباب الإبطال المبنية على حالة المرض والحالات الأخرى المشابهة متروكة لتقدير القضاة”.

فيما يخص نظرية الظروف الطارئة تفترض أن عقدا قد تم إبرامه في ظل ظروف طبيعية، لكن حوادث طارئة غير متوقعة أدت إلى تغير الأحوال الاقتصادية التي كانت أساس توازن العقد عند تكوينه وذلك بشكل فجائي لم يكن في الحسبان، فيؤدي هذا التغيير في الظروف التي يتم فيها تنفيذ العقد إلى أن يصبح تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين ويهدده بخسارة فادحة، رغم كونه غير مستحيل[9].

الفقرة الثانية: تكييف الجائحة كقوة قاهرة وحادث الفجائي.

اعتبر المشرع القوة القاهرة والحادث الفجائي من أسباب نفي المسؤولية المدنية حسب الفصل 95 من قانون الالتزامات والعقود[10] وبالرجوع إلى الفصل 269 من ق ل ع نجده ينص على أن: ” القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية ( الفيضانات والجفاف والعواصف والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة، ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا”.

فالقوة القاهرة هي كل حدث أو أمر ينشأ مستقلا عن إرادة الإنسان، غير متوقع حصوله، ولا يمكن تجنبه، يدفع الشخص إلى الإخلال بالالتزام، ويجعل تنفيذه مستحيلا[11].

ويستشف من الفصل 269 ق ل ع وعند ربط مضامينه بالآثار التي خلفها ” كوفيد – 19″ يتضح جليا إرهاق المدين، والأكثر من ذلك يجعل من هذا الأخير في وضعية يستحيل معها تنفيذ التزامه العقدي، ونتيجة تحقق شروط القوة القاهرة تلقائيا تؤدي إلى انفساخ العقد من تلقاء نفسه، وبتوافر هذه الشروط تكون سببا لإعفاء المدين من المسؤولية وهي كالتالي : عدم إمكان توقع انتشار هذا الوباء واستحالة دفعه عند تحققه، ثم عدم صدور خطأ من جانب المدين يكون سببا في عدم تنفيذ الالتزام التعاقدي وإثبات المطل في حقه، فيصير بذلك مسؤولا عن القوة القاهرة والحادث الفجائي طبقا للفصل 269 ق ل ع.

و تبعا لذلك فهل يمكن اعتبار فيروس كورونا قوة قاهرة؟

هناك فرضيتين :

الفرضية 1: إذا سلمنا  بأن الأصل هو اعتبار الأمراض والأوبئة قوة قاهرة، وبالتالي فهي تقوم كسبب معفي من المسؤولية، فإننا سوف نصطدم بالإجماع الفقهي الذي ذهب إلى القول بعدم إضفاء عليها هذه الصفة، وهو ذات الاتجاه الذي تبناه القضاء الفرنسي حينما لم يجعل من سنة 2009 من فيروس H1.H2  قوة قاهرة، بتعليل أنه تم الإعلان عنه والتعريف به، وتوفر الوقت من أجل اتخاذ الاحتياطات اللازمة مسبقا للتصدي له، وهو نفس التوجه الذي تبناه من خلال محكمة الاستئناف Bass-terre في قرارها عدد 17/00739 بتاريخ 17 دجنبر 2018[12].

ومن خلال هذين القرارين يتضح بأن القضاء الفرنسي يتعامل مع كل فيروس على حدة، بناء على خطورته والظروف الملابسة له، مما يجعل من أمر إسقاط تلك الأحكام أو الاستدلال بها على جائحة فيروس كورونا أمرا مجانبا للصواب، و ذلك لعدة اعتبارات، من قبيل خطورته، و سرعة انتشاره من جهة، وذلك لعدة اعتبارات ، من قبيل خطورته وسرعة انتشاره من جهة، ومن قبيل الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها لمواجهته من جهة أخرى، كما أنه بالرجوع إلى العبارات التي استهل بها المشرع المغربي الفصل 269 من ق ل ع بقوله : – كالظواهر الطبيعية… .يدل على أنه نص على سبيل المثال لا الحصر، مما يجعل من أمر القياس على تلك الحالات أمرا مقبولا ووجيها، ولعل الفيروس التاجي والذي من وجهة نظرنا صورة حية للقوة القاهرة، حيث تتوفر فيه كل شروطها، من عدم التوقع واستحالة دفعه، هذا نظريا، لكن هل يستقيم القول بتطبيق نظرية القوة القاهرة على جميع الإلتزامات؟ أعتقد أن الأمر لا يستقيم بالنظر إلى طبيعة المعاملات والحيثيات والواقع التي أفرزتها هذه الجائحة وما خلفته من تبعات التي لم ولن تكون على ذات الدرجة من الدرجة من التأثير بالنسبة لكل الالتزامات، الأمر الذي يستدعي معه ومن أجل تطبيق هذه النظرية تتوافر مجموعة من الشروط التي بدورها تخضع لمجموعة من الضوابط والأحكام الأخرى.

ولما كان من بين الآثار المترتبة عن القوة القاهرة بالنسبة للعقد: استحالة تنفيذ الالتزام استحالة مطلقة بالنسبة للمدين، وإعفائه أيضا من أداء أي تعويض، فهل الأمر ينسحب الأمر ينسحب على هذه الجائحة؟ أم أن الأمر ليس كذلك؟ بمأن هذه الجائحة ( قوة قاهرة) والظروف المحيطة بها هي مؤقتة وغير ممتدة في الزمن ، فإنه لا يمكن إعفاء المدين من تنفيذ التزاماته وتبرئته بشكل نهائي، بل ومن باب التوازن العقدي والحفاظ على الحقوق المكتسبة للطرفين وعدم الإضرار بأي طرف تطبيقا لقاعدة ” لا ضرر ولا ضرار” يتعين تعليقه إلى فترة لاحقة.

مما يفيد أن الأخذ بنظرية القوة القاهرة فيه مرونة كبيرة لأن من شأن أخذها بحذافيرها، وكما التنصيص عليها في القانون المدني وفي هذه الظروف الصعبة أن يلحق ضررا فادحا بالدائن، بل سوف يهدد مبدأ استقرار المعاملات وسوف يؤدي إلى انفساخ العديد من العقود كرد فعل من قبل الدائن، وبالتالي خسارة للطرفين و لليد العاملة وبالتالي تأثير على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.

أما الفرضية الثانية فبالرجوع إلى الحالات التي عددها المشرع في الفصل 269 ق ل ع نجده أورد مصطلح ” فعل السلطة” واعتبرها من حالات القوة القاهرة، ولمواجهة الظروف الاستثنائية أصدرت الحكومة المغربية بصفة السلطات العمومية مرسومين بقانون، مرسوم قانون رقم : 2.292.20 الصادر بتاريخ 28 رجب 1441 الموافق 23 مارس 2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، ثم مرسوم قانون رقم: 2.293.20 بإعلان حالة الطوارئ الصحية، وما رافقه من إجراءات مثلا منع مغادرة المنازل إلا للضرورة القصوى، إغلاق المقاهي والمسارح ورخص التنقل الاستثنائية … وغيرها من الإجراءات، والتي تشكل عائقا أمام المدين لتنفيذ التزاماته التعاقدية والتي تفرض عليه الانتقال إلى مكان الوفاء، وهذا الأمر غير وارد نظرا لفرض حالة الطوارئ الصحية، مما يمكن الجزم معه أن هذه الأعمال الصادرة عن السلطات العمومية تعتبر قوة قاهرة بنص القانون، وبالرجوع إلى المادة السادسة من مرسوم حالة الطوارئ، نجد أن أنه أوقف سريان جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص القانونية والتنظيمية من بينها آجال التقادم، آجال الشفعة ، آجال التقييد الاحتياطي…إلخ.

وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن القضاء الفرنسي اعتبر كوفيد -19 قوة قاهرة، وذلك من خلال قرار صادر عن الغرفة 6 لمحكمة الاستئناف ” كولمار ” الصادر بتاريخ 12 مارس 2020 عدد 20/010998 ، ونحن لا نستبعد أن يسر القضاء المغربي على نفس المنوال عموما ويعتبر جائحة كورونا قوة قاهرة.

المحور الثاني: مصير العقود في ظل جائحة كورونا ( عقود الشغل وعقود المعاملات العقارية).

لقد خلف هذا الفيروس ركودا عل مستوى الاقتصاد العالمي والوطني وفاقم الأزمات الاجتماعية، وأرخى بظلاله على فئة من الأجراء، حيث كان لهذا الوضع الاستثنائي الأثر الكبير على علاقات الشغل بين المشغلين والأجراء فيما يخص عقود الشغل ( الفقرة الأولى)، ومن بين القطاعات التي تضررت بشكل كبير كذلك خلال هذه الفترة قطاع العقار، الذي طرح إشكالات عديدة فيما يخص العقود المرتبطة به ( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: مصير عقود الشغل في ظل جائحة كورونا.

في ظل هذه الظروف الخاصة التي يعيشها المغرب، فقد تخللتها نشوب عدة نزاعات قانونية في مختلف المواد القانونية، وعلى رأسها منازعات الشغل خصوصا الفردية منها حيث تعرضت مجموعة من المقاولات إلى الإغلاق بسبب تفشي جائحة كورونا وفرض حالة الطوارئ الصحية، مما أدى معه إلى تسريح العديد من الأجراء إما مؤقتا وإما بصفة نهائية من خلال إنهاء عقود شغلهم.

وكما هو معلوم وحسب منظمة الصحة العالمية في تقرير أولي لها حول مرض ” كوفيد – 19″ في تأثير هذا المرض على مجال العمل في العالم حيث أن آثاره ستكون بعيد المدى، وأن وباء فيروس ” كورونا” ليس مجرد أزمة طبية فقط، بل اجتماعية واقتصادية أيضا.

وبالتالي فالتزامات أطراف العلاقة الشغلية، لم تسلم من آثار جائحة كورونا، حيث يتولد عن عقد الشغل عدة التزامات متبادلة،بين الأجير والمشغل، نابعة من قواعد قانونية من النظام العام، ورغم أن قواعد قانون الشغل تعد آمرة، إلا أنها قائمة على التبادل.

فالأجير يلتزم أساسا بوضع عمله، وطاقته تحت تبعية المشغل، حيث تكون حريته تابعة لسلطة المشغل، ويبقى خاضع لها، وفي حالة الخطأ قد يتعرض إلى عقوبة تأديبية ، وفي ظل هذه الوضعية فعلى الأجير أن يبقى واضعا لعمله تحت تبعية المشغل، حيث يمكن للمشغل والأجير الاتفاق على الاشتغال عن بعد بالإضافة إلى أنه يمكن التقليص من مدة العمل حسب المادة 185 من مدونة الشغل.

أما أهم التزام يقع على عاتق المشغل هو أداء الأجر، وهو الذي قد يكون تأثر فعلا في إطار جائحة كورونا، حيث أنه في ظل الأزمة الحالية فإن جل المقاولات يصعب عليها تنفيذ الالتزامات الواقعة عليها[13].

لهذا فقد تم تخصيص تعويض للأجراء من صندوق المخصص لجائحة كورونا.

ونشير هنا إلى أن التعويضات التي منحها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للأجراء الذين توقفوا عن الشغل، نتيجة مرور مقاولتهم بظروف صعبة بسبب فيروس كورونا، تختلف تماما عن التعويضات التي يمنحها ذات الصندوق للأجراء الذين فقدوا و ظائفهم[14].

أما فيما يخص مدى مساهمة كورونا في إنهاء عقود الشغل؟

فمن الناحية القانونية يمكن اعتبار أن جائحة كورونا سبب مباشر أو غير مباشر في إنهاء عقود الشغل بين الأجير والمشغل، وفي هذا الإطار يلزم التمييز بين عقد الشغل المحدد المدة وغير المحدد المدة ، ففي ما يخص عقد الشغل غير المحدد المدة، إذا أصيب الأجير بفيروس كورونا مثلا فإنه مبدئيا يتوقف عقد الشغل ولا ينتهي غير أنه في حالة تجاوز مدة التوقف 180 يوما فإن الأجير بصفة تلقائية يعتبر مستقيلا عن العمل، وبالتالي تنتهي العلاقة الشغلية، أما فيما يخص عقد الشغل المحدد المدة فإن الفقرة الثانية من المادة 33 من مدونة الشغل نصت على أنه ” يستوجب قيام أحد الطرفين بإنهاء عقد الشغل المحدد المدة، قبل حلول أجله، تعويضا للطرف الآخر، ما لم يكن الإنهاء مبررا، بصدور خطأ جسيم عن الطرف الآخر، أو ناشئا عن قوة قاهرة”.

فمن خلال مقتضيات المادة أعلاه يتضح لنا أنه يمكن أن يكون هناك مبرر لعقد الشغل المحدد المدة وبدون أي تعويض في حالة صدور خطأ جسيم من طرف الأجير أو إذا كان ناشئا عن قوة قاهرة.

أما فيما يخص الأجر فطبقا لمقتضيات المادة 32 من مدونة الشغل التي تنص على أنه : ” يتوقف عقد الشغل مؤقتا أثناء… تغيب الأجير لمرض أو إصابة يثبتها الطبيب إثباتا قانونيا”، وبذلك فإن عقود الشغل غي محددة المدة التي كانت سارية وتوقفت نتيجة إصابة الأجير بوباء كورونا فإنها ستعود للاستئناف بمجرد تعافي الأجير شريطة عدم تجاوز مدة المرض مائة وثمانين يوما متوالية كما تم التنصيص على ذلك بمقتضى المادة 272 من مدونة الشغل، ولا يتحمل المشغل مسؤولية أداء الأجر عن الغياب ما لم ينص عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي على خلاف ذلك وهذا ما تمت الإشارة إليه في المادة 273 من مدونة الشغل، وهنا يبقى الأجير مشمول بالحماية التي يوفرها نظام الضمان الاجتماعي أثناء المرض.

إن مسألة الأجر خلال هذه الأزمة يجب النظر إليه من زاويتين، أولا حماية الأجير، وثانيا عدم إلحاق بالمشغل أضرار فادحة من شأنها إثقال كاهله بما لا يطيق وبالتالي إعلان المقاولة إفلاسها.

الفقرة الثانية : مصير عقود المعاملات العقارية في ظل جائحة كورونا.

نظرا للظروف الاستثنائية التي فرضتها تدابير حالة الطوارئ الصحية، فإن العديد من المتعاملين الملتزمين في ميدان المعاملات العقارية، أضحوا أمام هذه الإكراهات غير قادرين على تنفيذ التزاماتهم المستمرة الناشئة عن المعاملات العقارية التي أبرموها قبل الجائحة. سواء فيما يخص القروض السكنية العقارية، أو الأكرية العقارية السكنية وكذلك الالتزامات الناشئة عن المعاملات العقارية ذات الطابع التجاري.

  • عقود القروض السكنية:

فيما يخص القروض السكنية العقارية، فكما هو معلوم في الغالب فإن أغلبية الأسر المغربية تعتمد عليها من أجل اقتناء عقار للسكن، إلا أن مخاطر ذلك على المصالح الاقتصادية للمستهلك لا يمكن تجاهلها، فهو قبل ذلك عقد إذعان بكل المقاييس[15].

وهذا له تأثير على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لاسيما في ظل جائحة كورونا وبعدما جاءت تداعيات هذا الفيروس على مجال التشغيل، ترتب عنه فقدان دخل شريحة كبيرة، ليجدوا أنفسهم عاجزين عن تسديد هذه القروض.

ولذلك وأمام هذه الوضعية فقد أعلنت لجنة اليقضة الاقتصادية[16] مع الجمعية المهنية لبنوك المغرب ، عن تأجيل سداد القروض العقارية و الاستهلاكية المستحقة بعد تقديم طلب كتابي.

وعموما كما يقول أحد الباحثين[17] فإن ذلك يأتي في إطار تقرير تدابير وبشروط تحقق مزايا أفضل بالاعتماد على الإمهال القضائي الذي كرسه القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك.

  • الأكرية السكنية:

أما فيما يخص الأكرية السكنية هي من بين المعاملات العقارية التي حصل فيها خلل كبير بسبب التأثيرات لجائحة “كورونا” على القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بحكم أن العديد من المكترين تضررت مداخيلهم وتوقفت مواردهم المالية ومناصب شغلهم. ليجدوا أنفسهم من غير دخل ولم يعودوا قادرين على تسديد الوجيبة الكرائية.

والمشرع المغربي قد نظم معاملات كراء العقارات للاستعمال السكني بمقتضى القانون رقم 67.12 [18] ومن بين أهم الالتزامات التي يرتبها عقد الكراء السكني طبقا للمادة 12[19] من هذا القانون هو الالتزام بأداء الوجيبة الكرائية في الأجل الذي يحدده العقد، وعند عدم الأداء فإن المادة 23 [20] من نفس القانون تحدد المسطرة التي يتبعها المكري في مواجهة المكتري في حالة مطل وهذه مسطرة ضرورية.

لكن فيما يخص الوضعية في حالة ” كورونا” فهي تطرح تساؤلات عديدة أنه في حالة سلوك المساطر التي تخول للمكري إنذار المكتري تم وضعه في حالة مطل، ومنه سلوك مسطرة الإفراغ وإنهاء العلاقة الكرائية وبذلك سيجد المكتري نفسه وعائلته بدون سكن، ليجد نفسه معرضا للمرض بسبب عدم تسديد الوجيبة الكرائية اضطرارا وليس اختيارا بحكم حالة الطوارئ العامة للبلاد.

لكن فيما يتضح باستقراء الفصل 440 من قانون المسطرة المدنية[21]، مناطه أن عندما يبلغ عون التنفيذ للطرف المحكوم عليه الأمر الاستعجالي قصد تنفيذه، فأعطى للمحكوم عليه إمكانية أن يطلب من عون التنفيذ إخبار رئيس المحكمة من أجل منحه آجالا لتأجيل التنفيذ.

وبخصوص تشبث المكتري بالفصل 269 ق ل ع المتعلق بنظرية القوة القاهرة والإعفاء من المسؤولية فهذه الحالة لا تحيل على الحالة الأخيرة لأن من شروطها أن يكون الحادث غير متوقع ويستحيل دفعه ولا يد لفعل المكتري فيه، والحال أن إمكانية الدفع ليست مستحيلة.

لكن هنا يمكن القول أن للمكتري أن يتشبث بالقوة القاهرة لكن ليس من جانب التأثر من جائحة كورونا، بل من جانب التمسك بدفع حالة الطوارئ التي أعلنها المغرب.

وعليه يمكن القول أن على المشرع أن ينتبه في قانون 67.12 لسن مقتضيات حمائية خلال فترات الجوائح والأزمات العامة.

_ عقود كراء العقارات المخصصة للاستعمال التجاري:

إن كراء العقارات المخصصة للاستعمال التجاري بدورها تطرح إشكالا عريضا حول جدلية التوازن العقدي بين الملكية العقارية والملكية التجارية خلال زمن وباء كورونا المستجد.

في هذه الحالة سنركز على كل ما له علاقة بجائحة “كورونا” فقط، وارتباطا بإشكال التوازن العقدي، وما دامت الجائحة مازالت متواجدة وتتمدد، فنفترض من جهة المكري صاحب الملكية العقارية أنه قد يعزز موقفه بأنه مدين بقروض وأن الملكية العقارية مثقلة برهون وأن السومة الكرائية هي التي كان معولا عليها لتغطية هذه القروض…، ويطلب من المحكمة إلزام المكتري بأداء ما عليه من سومة كرائية.

أما من جهة المكتري صاحب الملكية التجارية، فقد يتقدم بدوره بدفوعات وطلبات مقابلة، كأن يدفع بتطبيق الفقرة 2 من المادة 4 من القانون رقم 49.16 ، حيث أنه عمل على أداء ثمن الكراء مدة سنتين لكي يكتسب الحق في تجديد عقد الكراء[22].

كما يفترض أن يكون المكتري صاحب الملكية التجارية، يستغل الملكية العقارية في أنشطة تتعلق مثلا بالمأكولات الخفيفة أو صالون الحلاقة أو مقهى… والمعلوم أن هاته الأنواع من الأنشطة قد شملها الحظر ضمن المحلات الموقوفة بمقتضى المرسوم بقانون 2.20.293 [23] ويرى أحد الباحثين[24] أن المكتري من أجل تفادي الأضرار خلال الجائحة أن يعمد إلى تغيير النشاط الاقتصادي.

لكن ومع رأي الباحث فإن البند الثالث من المادة 8 من قانون 49.16 نجد المشرع اشترط في حالة تغيير المكتري لنشاط أصله التجاري ضرورة موافقة المكري عن هذا التغيير، ماعدا في حالة إذا عبر عن نيته في إرجاع الحال لما كان عليه.

لكن ماذا بعد فترة كورنا وخصوصا أنها ستكون لها تداعيات وأزمات متعددة المستويات، هل سيتم إنقاص السومة الكرائية؟ إلا أنه ما يستجد هنا كحل ترقيعي لإعادة التوازن بين الملكيتين العقارية والتجارية، في ظل الجائحة، هو تقدم أحد الفرق البرلمانية بمقترح قانون لتعديل المادة 30 مكرر من القانون المذكور، وبذلك بتقرير عدم الأداء خلال فترة الطوارئ كدين عادي[25].

 

 

 

خاتمة:

ختاما إن هذا الموضوع له من الأهمية الكبرى وذي شجون للبحث والتعمق فيه أكثر، فيبقى للجائحة تأثيرات متعددة المستويات، القانوني والاقتصادي والاجتماعي، وخصوصا أنها مازالت متواجدة وتعصف بالعديد من القطاعات الحيوية على المستوى العالمي والوطني، وفرض حالة الطوارئ التي ما زالت تؤثر على تنفيذ مجموعة من العقود المهمة، من خلال التأثير السلبي للدخل على الطبقة الشغيلة، وهذا له تداعيات كبرى على المعاملات العقارية كذلك بمختلف العقود المبرمة قبل وأثناء وبعد هذه الجائحة.

إلا أن المقاربة السوسيوقانونية والمقاربة السوسيواقتصادية للموضوع قد حتمت علينا تسليط الضوء عل العقود في ظل جائحة كورونا بين الواقع والحماية القانونية وتأثيرها عليها، من خلال استقراء النصوص القانونية المنظمة لهذه العلاقات وقياس مدى احتوائها لمثل هذه الأزمات من جهة ومن جهة مدى ملاءمة التدابير المتخذة في حماية الأطراف الضعيفة المبرمة لهذه العقود، لهذا وجب على المشرع أن يتنبه للفراغ القانوني ويجد النصوص القانونية الملائمة لمثل هذه الأزمات، ومواجهة المخاطر القانونية والاقتصادي والاجتماعية.

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع المعتمدة:

1 – موقع منظمة الصحة العالمية

https : //www.who.int/ar/health-topics/coronavirus

2 – محمد بن يعيش، ” الالتزامات التعاقدية بين الأحكام الحمائية وتأثير مرض كوفيد 19″، مقال منشور في منشورات مركز تكامل للدراسات والأبحاث، سنة 2020.

3 – عبدالرحمان الشرقاوي، القانون المدني – دراسة حديثة للنظرية العامة للإلتزام على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي – مصادر الإلتزام، الجزء الأول الطبعة الرابعة، مطبعة المعارف الجديدة بالرباط، السنة 2017.

4 – سفيان الرزاقي، جائحة كورونا وموقعها ضمن نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة، www.ar.hibapress.com .

5 – رأفت دسوقي، ” هيمنة السلطة التنفيذية على أعمال البرلمان” ،منشأة المعارف الاسكندرية سنة 2006.

6 – نزهة الخلدي، ” الموجز في النظرية العامة للالتزامات مصدر الالتزام الكتاب الأول”، الطبعة الثانية 2015 مطبعة تطوان .

7 – حسبو الفزازي، أثر الظروف الطارئة على الالتزام العقدي في القانون المقارن”، مطبعة الجيزة، الاسكندرية.

8 – اوتزكي: ” إنهاء عقود الشغل… أي مصير في ظل تفشي كورونا”، مقال منشور في جريدة الصباح، www.assabah.ma  .

9 – ياسين أيت السايح، التدخلات الاقتصادية للحكومة المغربية خلال حالة الطوارئ الصحية سؤال الفعالية، مقال منشور في منشورات مركز تكامل للدراسات والأبحاث، سنة 2020.

10 – عبدالمهيمن حمزة، تأجيل قروض السكن والاستهلاك بسبب فقدان الدخل على إثر جائحة كورونا ، مقال منشور بمجلة مغرب القانون، سلسلة إحياء علوم القانون، عدد خاص بعنوان الدولة والقانون في زمن جائحة كورونا، توزيع مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط .

11 – عبدالإله المحبوب، “إشكالية التوازن العقدي بين الملكية العقارية والملكية التجارية في ظل جائحة كورونا على ضوء القانون 49.16، ندوة عن بعد، نظمها ماستر العقار والمعاملات الائتمانية ، كلية الحقوق تطوان، جامعة عبدالمالك السعدي، يومه 13 يونيو.

 

[1]  – كورونا هي فصيلة فيروسات واسعة الانتشار يعرف أنها تسبب أمراضا تتراوح من نزلات البرد الشائعة إلى الأمراض الأشد حدة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ( MERS ) ومتلازمة الإلتهاب الرئوي الحاد الوخيم ( السارس )، وفيروس كورونا المستجد (  n COV) هو سلالة جديدة من الفيروسات لم يسبق اكتشافها لدى البشر – من موقع منظمة الصحة العالمية بتاريخ 01 شتنبر 2020 على الساعة 11:30 .

https : //www.who.int/ar/health-topics/coronavirus.

[2]  – اتخذت الحكومة المغربة إبان حالة الطوارئ العالمية العديد من التدابير والإجراءات الاحترازية لحماية المواطنين من هذا الوباء الفتاك حيث اتخذت قرار إغلاق المنافذ والحدود البرية والجوية والبحرية لتفادي انتشار الفيروس إلى التراب الوطني، وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وتعليق الجلسات بمختلف محاكم المملكة، والإغلاق المؤقت للمساجد… كما تجاوزت الحكومة القصور التشريعي في مجال إقرار حالة الطوارئ الصحية ومواجهة تداعياتها من الناحية الأمنية والاقتصادية فتدخلت بإصدار عدة مراسيم قوانين :

– مرسوم رقم 2- 20 – 269 الصادر بتاريخ 16/03/2020 بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل إسم ” الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد – 19 ، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 2020/03/17 .

– مرسوم رقم 2-20- 292 الصادر بتاريخ 16/03/2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر بتاريخ 32/03/2020 .

– مرسزم رقم 2- 20- 293 الصادر بتاريخ 24/03/2020 ، بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد – 19، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6867 مكرر الصادر بتاريخ 24/03/2020 ص : 1783.

[3]  – محمد بن يعيش، ” الالتزامات التعاقدية بين الأحكام الحمائية وتأثير مرض كوفيد 19″، مقال منشور في منشورات مركز تكامل للدراسات والأبحاث، سنة 2020، ص1126.

[4]  – يميز الفقه بين العقود الفورية والعقود الزمنية، والمقصود بالأولى بأنها العقود التي تنتج آثارها القانونية لحظة إبرامها، بالرغم من تأخر التنفيذ في بعضها، ما دام أن الزمن ليس عنصرا أساسيا فيها، ومن أبرز الأمثلة على ذلك عقد البيع الذي يعتبر عقدا فوريا سواء كان موضوعه بيع منقول أو عقار وسواء أكان تسليمه يتم فورا أو يتطلب وقتا معينا لحاجة البائع إلى مدة معينة لإعداد الوثائق اللازمة لتسجيله بالمحافظة العقارية… بخلاف العقود الزمنية فهي التي يكون فيها لعامل الزمن دور أساسي لقيام هذا النوع، كعقود الكراء…

للتفصيل أكثر يراجع، عبدالرحمان الشرقاوي، القانون المدني – دراسة حديثة للنظرية العامة للإلتزام على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي – مصادر الإلتزام، الجزء الأول الطبعة الرابعة، مطبعة المعارف الجديدة بالرباط، السنة 2017 ، ص : 76/77/78 .

[5]  – ونشير هنا على أن هذه المعاملات هي نماذج منتقاة حسب معيار التأثر الأكبر بتداعيات الجائحة، باعتبار أنه توجد معاملات عقارية أخرى ذات طابع زمني واقفة على آجال، من قبيل، وعود البيع والشراء / العقود الابتدائية/ بيع العقار في طور الإنجاز/ الكراء المفضي إلى التملك… والتي ارتبط تنفيذها بأجل صادف حلوله فترة الجائحة ويقول جانب من الفقه هنا بأنه: “… انقضى الإلتزام بأجل بفعل القوة القاهرة ووجب على الواعدين بعد زوال الجائحة أن يوجهوا إنذارات متضمنة لآجال معقولة لانطلاق التزام المدينين بها. ” محمد بنيعيش، كوفيد 19 وأثره على الالتزامات التعاقدية، مقال منشور في مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية، عدد خاص بعنوان، آثار جائحة كورونا على المنظومة القانونية، يونيو 2020، ص36.

[6]  – سفيان الرزاقي، جائحة كورونا وموقعها ضمن نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة، www.ar.hibapress.com ، بتاريخ 22/09/2020 على الساعة 12:14.

[7]  –  رأفت دسوقي، ” هيمنة السلطة التنفيذية على أعمال البرلمان” ،منشأة المعارف الاسكندرية سنة 2006 ، ص187.

[8]  – نزهة الخلدي، ” الموجز في النظرية العامة للالتزامات مصدر الالتزام الكتاب الأول”، الطبعة الثانية 2015 مطبعة تطوان  ص 38.

[9]  – حسبو الفزازي، أثر الظروف الطارئة على الالتزام العقدي في القانون المقارن”، مطبعة الجيزة، الاسكندرية، ص 13.

[10]  – الفصل 95 ق ل ع: ” لا محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي أو إذا كان الضرر قد نتج عن حدث فجائي أو قوة قاهرة لم يسبقها أو يصحبها فعل يؤاخذ به المدعي”.

[11]  – نزهو الخلدي، مرجع سابق، ص 113.

[12]  – حين جاء فيه: ” فيما يتعلق بفيروس الشيكونغونيا، ورغم توفره على الخصائص التالية ( آلام المفاصل، الحمى، الصداع…) وانتشاره في جزر الهند الغربية، خاصة في جزيرة سانت بارت يملي ما بين 2013 و 2014 فإن هذا الحادث لا يمكن اعتباره وباء قوة قاهرة بالمعنى المقصود في المادة 1148 من القانون المدني بحيث لا يمكن اعتباره وباء غير متوقع ولا يمكن مقاومته مادام أنه مرض يمكن التخفيف من حدته بالمسكنات وفي كل الأحوال مقاومته”.

[13]  – اوتزكي: ” إنهاء عقود الشغل… أي مصير في ظل تفشي كورونا”، مقال منشور في جريدة الصباح، www.assabah.ma   ، 25/09/2020 ، الساعة 11:02.

[14]  – ياسين أيت السايح، التدخلات الاقتصادية للحكومة المغربية خلال حالة الطوارئ الصحية سؤال الفعالية، مقال منشور في منشورات مركز تكامل للدراسات والأبحاث، سنة 2020.

 

[15]  – ويرى هنا الأستاذ بنيعيش بأنه :”… أما عقود الإذعان في خدمات المرافق العامة ومنها الأبناك بالنسبة إلى القروض فإن الحد من شطط أصحاب الامتياز فيها، يعالج القانون مسألته بتشريع خاص هو قانون حماية المستهلك ويتولى القضاء تطبيقه ولا يتوقف هذا التطبيق على إثارته من الطرف المحمي”، محمد بنيعيش ، كوفيد 19 و أثره على الالتزامات التعاقدية، مقال منشور في مجلة عدالة للدراسات القانونية والقضائية ، عدد خاص بعنوان ، آثار جائحة كورونا على المنظومة القانونية، ص 20.

[16]  – تم إنشاء هذه اللجنة على مستوى وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة بعضوية مجموعة من الوزارات والجمعيات المهنية – من بينها الجمعية المهنية لبنوك المغرب – الأخرى كإجراء استباقي نهجته الحكومة المغربية لمواجهة الانعكاسات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لوباء كورونا من خلال مراقبة آنية للوضعية الاقتصادية الوطنية ومواكبة القطاعات الأكثر عرضة للصدمات الاقتصادية الناجمة عن هذه الجائحة.

[17]  – عبدالمهيمن حمزة، تأجيل قروض السكن والاستهلاك بسبب فقدان الدخل على إثر جائحة كورونا ، مقال منشور بمجلة مغرب القانون، سلسلة إحياء علوم القانون، عدد خاص بعنوان الدولة والقانون في زمن جائحة كورونا، توزيع مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط، ص 349/350 .

[18]  – ظهير شريف رقم 1.13.111 صادر في 15 من محرم 1435 (19 نوفمبر 2013) بتنفيذ القانون رقم 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6208 الصادرة بتاريخ 24 محرم 1435 (28 نوفمبر 2013)، ص 7328.

[19]  – تنص المادة 12 من القانون رقم 67.12 على أنه :” يلتزم المكتري بأداء الوجيبة الكرائية في الأجل الذي يحدده العقد، وعند الاقتضاء جميع التكاليف الكرائية التي يتحملها بمقتضى العقد بموجب القوانين الجاري بها العمل. تدخل في حساب التكاليف الكرائية، المبالغ التابعة للوجيبة الكرائية مقابل الخدمات اللازمة لاستعمال مختلف أجزاء محل الكراء”.

[20]  – تنص المادة 23 من القانون رقم 67.12 على أنه : ” يمكن للمكري في حالة عدم أداء وجيبة الكراء والتكاليف التابعة لها المستحقة، أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية الإذن له بتوجيه إنذار بالأداء إلى المكتري”.

[21]  – ينص الفصل 440 من ق.م.معلى أنه :” يبلغ عون التنفيذ إلى الطرف المحكوم عليه ، الحكم المكلف بتنفيذه ويعذره بأن يفي بما قضى به الحكم حالا أو بتعريفه بنواياه وذلك خلال أجل لا يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ.

إذا طلب المدين آجالا أخبر العون الرئيس الذي يأذن بأمر بحجز أموال المدين تحفظيا إذا بدا ذلك ضروريا للمحافظة على حقوق المستفيد من الحكم.

إذا رفض المدين الوفاء أو صرح بعجزه عن ذلك اتخذ عون التنفيذ الإجراءات المقررة في الباب المتعلق بطرق التنفيذ”.

[22]  – عبدالإله المحبوب، “إشكالية التوازن العقدي بين الملكية العقارية والملكية التجارية في ظل جائحة كورونا على ضوء القانون 49.16، ندوة عن بعد، نظمها ماستر العقار والمعاملات الائتمانية ، كلية الحقوق تطوان، جامعة عبدالمالك السعدي، يومه 13 يونيو.

[23]  – يراجع البند (د) من مرسوم قانون 2.20.293 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد-19.

[24]  – عبدالإله المحبوب، مرجع سابق.

[25]  – وذلك حسب الصيغة التالية : ” استثناء من أي مقتضيات مخالفة ، تعد المبالغ الكرائية العالقة بذمة المكتري عن الفترة المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية دينا عاديا يستوفى بالمساطر القانونية المعمول بها دون اعتبار ذلك تماطلا موجبا للإفراغ دون تعويض”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى